‫تعريف المدرسة البنيوية‬

‫وتتطور نظرة اﻹنسان إلى الفنّ‬

‫ّ‬ ‫سنّة الطبيعة؛ لذلك فقد تتغيّر‬
‫ستمر هو ُ‬
‫ّ‬ ‫التطور بشكل ُم‬
‫ﱡ‬ ‫من المعروف أنﱠ‬
‫تطور اﻹبداعات اﻷدبيّة بأنواعها كافّة‪،‬‬‫والجمال؛ وذلك يعود ﻷسباب عدّة‪ ،‬ومن مظاهر التغيﱡر في نظرته ﱡ‬
‫اﻷدبي‪ ،‬ومنها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التطور في أساليبها وتحليﻼتها‪ ،‬وهكذا حتى ظهرت المناهج اﻷدبيّة التي تتبنى العمل‬ ‫ّ‬ ‫مع‬
‫المدرسة البنيويّة‪ ،‬ولتوضيح تعريف المدرسة البنيويّة‪ ،‬ﻻ بُد من الوقوف على دﻻلتها اللغويّة‪ ،‬فعلى‬
‫اللغوي تنحدر لفظة البنيويّة من الجذر‪" :‬بنى ‪ -‬يبني ‪ -‬بنا ًء‬
‫ّ‬ ‫صعيد‬
‫أ ّما على الصعيد اﻻصطﻼحي للمعنى؛ "ال ّ‬
‫الداخلي لﻸعمال اﻷدبيّة‪ ،‬ويشمل ذلك‬
‫ّ‬ ‫فيمكن تعريف المدرسة البنيويّة بأنّها النظر في البناء والتصميم‬
‫كثيرا من الرموز والدﻻﻻت‪ ،‬بحيث يمكن ﻷي عنصر أن يتبع عنصر آخر]‪ ،[٢‬والبنيوية ذات صلة مرتبطة‬ ‫ً‬
‫بشكل وثيق بالحداثة‪ ،‬فقد أفادت من منجزات دي سوسير في اللغة من حيث طريقة بحثها في العﻼقات‬
‫الوظيفي له‬
‫ّ‬ ‫النص اﻷدبي ّوالبناء‬
‫ّ‬ ‫ومحاولتها في اكتشاف القوانين التي يخضع لها‬
‫نشأة المدرسة البنيوية‬

‫اللغوي إلى منتصف القرن‬

‫ّ‬ ‫اﻷدبي‬
‫ّ‬ ‫البنيوي في النقد‬
‫ّ‬ ‫أين ظهرت المدرسة البنيويّة؟ تعود بداية المنهج‬
‫العشرين‪ ،‬وكان ظهوره بالتحديد في فرنسا في الستينيّات من القرن العشرين‪ ،‬وذلك عند قيام "تودوروف"‬
‫ب بعنوان "نظرية‬ ‫الروس إلى اللغة الفرنسيّة‪ ،‬وقد ظهر ذلك بكتا ٍ‬
‫بترجمة اﻷعمال الخاصة بالشكﻼنيّين ّ‬
‫اﻷدب‪ ،‬نصوص الشكﻼنيين الروس"‪ ،‬فكانت حركة الشكﻼنيّين التي ظهرت في روسيا بين عا َم ْي ‪1915‬‬
‫النص من الداخل؛ ﻷنﱠ اﻷدب بنظهرهم يع ّد‬
‫ّ‬ ‫أول مصادر البنيوية وأه ّمها‪ ،‬وقد عُنيت بقراءة‬
‫و‪1930‬م‪ ،‬هي ّ‬
‫سا لهُ؛ ولذلك قاموا باستبعاد عﻼقة اﻷدب بالفلسفة واﻷفكار والتاريخ‬ ‫نظا ًما ألسُنيا للواقع وليس انعكا ً‬

‫أ ّما عن ثاني مصادر البنيويّة فهو النقد الجديد الذي ظهر في اﻷربعينيّات من القرن العشرين‪ ،‬ورأى أتباعه‬
‫الشعري‪ .‬ولع ّل أهم مصادر‬
‫ّ‬ ‫أنّ الشعر هو نوع من الرياضيات ﻻ حاجة فيه للمضمون‪ ،‬إنّما اﻷه ّم هو القالب‬
‫الخاص بدي سوسير الذي يع ّد رائد‬
‫ّ‬ ‫البنيويّة التي ساعدت في نشوئها هو ذيوع صيت علم اللسان ّيات‬
‫اﻷلسنيّة البنيويّة ومن قام على تعريف المدرسة البنيوية‪ ،‬فبالرغم من عدم استعماله لكلمة "بنية" ّإﻻ أنّهُ‬
‫وفرق بين اللغة والكﻼم‪ ،‬وكما اتّفق العديد من الدارسين؛ فإن العوامل التي‬ ‫اﻷدبي ّ‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫قد م ّهد ﻻستقال‬
‫سلف ذكرها كانت من أهم عوامل نشوء المدرسة البنيويّة‬

‫مبادئ المدرسة البنيوية‬

‫لماذا صنّفت البنيوية أنّها إحدى المناهج الماديّة اﻹلحاديّة؟‬

‫تﻼقت المواقف البنيويّة عند مبادئ عا ّمة اشتركت عند المفكرين الغربيّين‪ ،‬في شتّى تطبيقاتهم العمليّة‪،‬‬
‫صﻼت اﻵتية‪[٤]:‬‬ ‫والتي تكاد أن تندرج في ال ُمح ّ‬
‫ّ‬
‫يسعى المنهج البنيوي دائ ًما لحل مشكلة التنوذع والتشتت‪ ،‬وذلك من خﻼل توصله لثوابت معينة في كل‬
‫سسة بشريّة‪ .‬من أه ّم مبادئ المدرسة البنيوية أنّ أساسها هي فكرة الكليّة أو المجموع المنتظم‬ ‫مؤ ّ‬
‫كبيرا حتى ‪.‬‬
‫ً‬ ‫إذا ما سارت البنيويّة في خطوطٍ ُمتصاعدة منذ بداية النشأة‪ ،‬وبذل عُلماء اللغة بذلك ُجهدًا‬
‫يت ّم اعتمادها كأساس ثابت في قضايا ا ﱡللغة؛ فإنّهم يتوصلوا من خﻼلها إلى المنهج الصحيح الذي يؤدّي‬
‫إلى الحقائق الثابتة‬
‫صا في دراسة اﻷدب‪ ،‬يتل ّخص بأنﱠ اﻻنفعاﻻت واﻷحكام الوجدانيّة تعجز ‪.‬‬ ‫ينحى النقد البنيوي اتجاهًا خا ً‬
‫عن تحقيق ما يت ّم إنجازه عند دراسة العناصر اﻷساسية المكونة لهذا اﻷثر‪ ،‬لذلك يجدر تف ﱡحصه في ذاته‬
‫العضوي‬
‫ّ‬ ‫سياق والترابط‬‫ﻷي ‪.‬من أجل المضمون وال ِ ّ‬
‫أي اهتمام لﻸسس العقديّة والفكريّة ّ‬ ‫لم ت ُولي البنيويّة ّ‬
‫ّ‬
‫ظاهرة‪ ،‬سواء كانت إنسانيّة أم أخﻼقيّة أما جتماعيّة‪ ،‬ويمكن تصنيفها بذلك أنها مع المناهج الماديّة‬
‫‪.‬اﻹلحاديّة‬