Professional Documents
Culture Documents
خصوصية الإيجاب الإلكتروني
خصوصية الإيجاب الإلكتروني
مقدمة:
تعترب العقود أىم مصادر ذبميع األموال والثروات،فقد مت االعتماد عليها منذ األزل حيث
ارتبطت بوجود اإلنسان أساسا،وتوسعت رقعة االعتماد عليها فكان لزاما عليها أن تتطور لكي تسهل
ربقيق مآرب األفراد واجملتمعات و اىتماماهتم ،ومع ظهور ما يسمى بادلعلوماتية واحلواسيب
اإللكًتونية فقد حنت العقود منحى آخر ،إذ أصبح معظمها ذو طابع إلكًتوين.وباعتبار الصيغة أىم
أركان العقد فقد تأثرت ىي األخرى بالثورة ادلعلوماتية فصارت صيغة إلكًتونية.
يعد اإلجياب اإللكًتوين اإلرادة األوىل يف العقود اإللكًتونية بو تنقل إرادة ادلوجب إىل الطرف
الثاين .يعرب عنو بوسائط رقمية عكس ما كانت عليو قبل ظهور ادلعلوماتية لكن اإلشكال الذي
يطرحو ذاتو يف ىذا ادلقال ىو مدى القول خبصوصية اإلجياب اإللكًتوين يف ظل التعبَت عنو يف وسط
افًتاضي؟دبعٌت آخر ىل خصوصية الوسائط ادلعتمد عليها يف التعبَت عن إرادة ادلوجب تقتضي منا
القول خبصوصية اإلجياب اإللكًتوين بالتبعية شلا يلزمنا باستحداث قواعد جديدة تتبلمم مع ىذا النو
من العقود؟
المبحث األول :مفهوم اإليجاب اإللكتروني
يعترب مفهوم اإلجياب اإللكًتوين من بُت أىم ادلفاىيم القانونية اليت كانت زلل جدل وذلك من
أو خبلل تعريفو و خصائصو وكذا اختبلطو دبا يشاهبو من مفاىيم كالدعوة إىل التعاقد
التفاوض واإلعبلن .
المطلب األول:تعريف اإليجاب اإللكتروني وخصائصو
تعددت التعاريف خبصوص اإلجياب اإللكًتوين باعتبار سبامو بوسائط تقنية مستحدثة كاالنًتنيت
واذلاتف والفاكس .سبخضت عن ىذه التعاريف رلموعة من اخلصائص وادلعطيات.
نظرا للمسؤولية اليت ديكن أن يتحملها صاحب العرض فإنو يف العديد من األحيان حيرص
()04
على أن يقرن عرضو بتحفظات فإما أن يكون ىذا العرض إعبلن أو رلرد دعوة إىل التعاقد.
ثانيا :معيار الفارق الوظيفي
يرى أصحاب ىذا االذباه أن وجو االختبلف بُت اإلجياب اإللكًتوين والدعوة إىل التفاوض
يكمن يف الوظيفة ادلقصودة منو ،فاإلجياب اإللكًتوين ىو عرض بات يقصد منو إنشام مشرو واضح
العامل بغية ترتيب اآلثار القانونية وادلتمثلة يف االلتزامات ادلًتتبة عن ىذا اإلجياب ،يف حُت أن الدعوة
إىل التعاقد يقصد منها اكتشاف كل من يرغب يف التعاقد ،ضف إىل ىذا فحسب ىذا ادلعيار فإن
اإلجياب اإللكًتوين حيوي مقومات ال تتوفر غالبا يف الدعوة إىل التعاقد وقبول مضمون اإلعبلن ال
()05
يًتتب عنو انعقاد العقد بل ىو قبول للتفاوض ال غَت.
ذبدر اإلشارة إىل أن ادلشر األردين تبٌت ىذا ادلعيار من خبلل ما أورده يف نص ادلادة 94من
القانون ادلدين واليت تنص على ":يعترب عرض البضائع مع بيان شبنها إجيابا ،"...ما يفهم من مضمون
الفقرة األوىل من ادلادة 94أن عرض البضائع مع بيان مقومات ىذا العرض كثمن البضاعة اعتربه
ادلشر األردين إجيابا هنائيا وباتا سوام أكان ىذا العرض موجها إىل اجلمهور أو إىل أشخاص معينُت
وبالتايل مىت اقًتن اإلجياب بالقبول فليس للموجب أن يرجع عن إجيابو وينعقد العقد ،كما أشارت
ادلادة 74من اتفاقية األمم ادلتحدة بشأن عقود البيع الدويل للبضائع لعام 7982إىل أن العرض
إلبرام عقد يعترب إجيابا وإن مل يكن موجها إىل شخص معُت طادلا تضمن العرض تعبَتا صرحيا
لصاحبو عن نيتو يف التعاقد مع الشخص القابل ىذا بالنسبة للفقرة األوىل من ىذه ادلادة ،أما الفقرة
الثانية فقد اعتربت العرض رلرد دعوة للتفاوض إذا وجو إىل أشخاص غَت زلددين إال إذا عرب صاحبو
()06
صراحة بأنو إجياب.
ما يفهم من خبلل ىذا العرض أن ىذه االتفاقية أضفت صفة اإلجياب اإللكًتوين على
العرض ادلقدم إىل اجلمهور يف حالتُت:
الحالة األولى :وفيها ينظر إىل نية صاحب العرض ،فإذا كانت لديو نية حقيقية يف التعاقد فهنا
يكون العرض إجيابا.
الحالة الثانية :وفيها ينظر إىل تعبَت أو تصريح صاحب العرض ،فإذا صرح ىذا األخَت بأنو إجياب
فإنو يكسب ىذه الصفة على أساس التعبَت الصريح على اإلرادة.
الفرع الثاني:اإليجاب اإللكتروني واإلعالن
يعرف اإلعبلن بأنو":كل شكل من أشكال االتصال يف إطار نشاط ذباري أو صناعي أو فٍت
()07
هبدف الدعاية لتوريد أشيام أو خدمات".
كما عرف على أنو":جذب االنتباه إىل إعطام معلومات عامة عن ادلميزات ادلدعى هبا".
اإلعبلن ىو النشاط أو الفن الذي يؤثر على اجلمهور لتحقيق أىداف ذبارية حبيث يعترب
رلموعة من الوسائل يستخدمها التاجر بقصد تكوين وتنمية العمبلم.
ففي العديد من األحيان تعرض على شبكات الويب رلموعة من العروض التجارية
الستقطاب اجلمهور إليها ولفت االنتباه دبا يتضمنها من سلع وخدمات ،هتدف أوال وأخَتا إىل
صرفها لطالبيها دبقابل ولعل ىذا األخَت ىو وجو الشبو بُت اإلعبلن واإلجياب ادلفضي إىل التعاقد.
غَت أن اإلعبلن وكما ىو معلوم يكون عادة موجها إىل كافة اجلمهور وزبتل فيو عناصر
اإلجياب وىنا يكمن موطن اخللل ،فهل يعترب كل إعبلن إجيابا إلكًتونيا أم ىو رلرد دعوة للتعاقد؟
اختلفت االذباىات وتعددت اآلرام يف إضفام صفة اإلجياب اإللكًتوين على اإلعبلنات
ادلطروحة على شبكة اإلنًتنيت ،فمنهم من اعتربىا إجيابا ومنهم من أنكر عليو ىذه الصفة.
و عليو فسوف حناول يف ىذا ادلقال عرض أىم اآلرام الواردة يف ىذا ادلوضو .
أوال:نفي صفة اإليجاب اإللكتروني عن اإلعالن
نظرا لعدم ربديد الشخص ادلوجو لو اإلجياب وطغيان صفة اإلغرام على العروض واإلعبلنات
ادلوجودة على شبكة االنًتنيت ،فإن مضمون ىذا اإلعبلن ال ديكن أن يكون إجيابا بكل ادلعايَت فهو
()08
ال يتعدى أن يكون دعوة التعاقد.
حيث أن ىذه العروض وإن حوت مقومات اإلجياب من بيان دلواصفات السلع
أو اخلدمات مع بيان شبنها وكيفية التسديد وغَتىا من النقاط فإهنا ال تعد إجيابا ،وأن ضغط
الشخص على الزر للدخول إىل موقع ىذا اإلعبلن إاما يعترب إجيابا موجها إىل ادلنتج حبيث يتوقف
على قبول ىذا األخَت من عدمو(، )09إذ يرى أصحاب ىذا االذباه أن ىذا احلكم يتوافق مع طبيعة
التجارة اإللكًتونية ،إذ أن ادلنتج قد تفاجأ بعدد غَت معقول من األشخاص القابلُت للعرض ادلتواجد
على ادلوقع ،يف حُت يعجز عن توفَت السلع أو اخلدمات ذلذا الكم اذلائل من األشخاص وبالتايل
يتكبد خسارة غَت متوقعة إذا اعترب اإلعبلن إجيابا ملزما لصاحبو يًتتب عنو انعقاد العقد يف حال
()32
اقًتانو بالقبول ادلطابق
وقد أيد ىذا االذباه قرار زلكمة النقض ادلصرية الصادر بناما على النقض ادلدين رقم 798يف
اجللسة ادلنعقدة يوم 7976/23/70والذي جام فيو":طرح مناقصات التوريد ال يعترب إجيابا ،إاما
()37
رلرد دعوة إىل التفاوض".
ثانيا:اإلعالن الدقيق إيجاب إلكتروني
يرى أصحاب ىذا االذباه أن العرض ادلوجو إىل اجلمهور يكتسب صفة اإلجياب اإللكًتوين
مىت كان ىذا اإلعبلن دقيقا حبيث ربدد السلعة ربديدا نافيا للجهالة مع وجوب ربديد الثمن
والعناصر األساسية للتعاقد وإن انعدمت ىذه العناصر فإن العرض ال يعدو أن يكون دعوة للتعاقد،
إذ جيب أن يعرب اإلجياب عن إرادة باتة وهنائية يف التعاقد وأيضا وجوب خلوه من اللبس والغموض.
()30
إن أىم ما دييز اإلجياب عرب ىذه الشبكة أنو يكون موجها لكافة اجلمهور ،فبل يكون مقصورا
على أشخاص زلددين ،ضف إىل ىذا فإنو ما يتحدد بنفاذ الكمية أو معلق على أجل معقول يصدر
القبول خبللو ولعل ىذا ما يقودنا إىل طرح السؤالُت اآلتيُت:
7ـ ما مدى التزام القابل بالعقد وما يًتتب عنو نتيجة التعبَت عن ىذه اإلرادة؟
()44
-0ما مدى التزام ادلوجب بإجيابو يف حالة العرض ادلوجو إىل اجلمهور؟
إن اإلجابة على ىذين السؤالُت تتمخض عن اخلوض دبستجدات البيئة اإللكًتونية اليت وفرت
وسائل جديدة للدفع سبكن ادلنتج مسبقا من معرفة الرصيد ادلايل للمتعامل معو ومدى التزامو بالعقد،
ويف نفس الوقت تقوم كأداة إلثبات االلتزام بدفع الثمن ،ضف إىل ىذا فإن أغلب العارضُت يلجأون
إىل التخفيف من التزامهم بوضع عبارة"إىل حُت نفاذ ادلخزون" أو اإلشارة إىل أن العرض ىو رلرد
دعوة التعاقد،واإلجياب ىنا إما أن يكون صرحيا ،أو ضمنيا يفهم من ظروف احلال أو من طبيعة
ادلعاملة ،ويف ىذه احلالة يصبح ادلطلع على العرض ىو ادلوجب ،وادلنتج أو صاحب العرض ىو
القابل ،وىذا ما يتوافق مع نص ادلادة 66من القانون ادلدين اجلزائري اليت تنص على ":ال يعترب
()45
القبول الذي يغَت اإلجياب إال إجيابا جديدا".
الفرع الثالث:اإليجاب عبر المحادثة اإللكترونية والمشاىدة عبر اإلنترنيت
يستطيع ادلتعامل بأن يرى ادلتصل معو على شبكة االنًتنيت ،بأن يرى ادلتصل معو على شبكة
االنًتنيت وأن يتحدث معو وذلك عن طريق كامَتا خاصة توصل جبهاز الكمبيوتر لدى الطرفُت،
فتصور صدور اإلجياب من أحد الطرفُت الذي يصادفو قبول الطرف اآلخر ،فينعقد العقد ،فنكون
()46
بصدد التعاقد بُت حاضرين حكما.
خاتمة:
بعد القيام بدراسة شاملة لئلجياب اإللكًتوين من خبلل بيان تعريفو وخصائصو وسبييزه عن
يف سلتلف ادلفاىيم ادلشاهبة لو كالدعوة إىل التعاقد واإلعبلن ،بعد التطرق إىل أحكامو ادلتمثلة
الشروط الواجب توافرىا وصور التعبَت عنو توصلنا إىل وجود اختبلفات واضحة بُت اإلجياب
اإللكًتوين واإلجياب التقليدي ،ىذه االختبلفات تنبع من خصوصية اإلجياب ادلنشأ عرب الوسائط
اإللكًتونية ،فاإلجياب اإللكًتوين تعبَت يتم عن بعد إذ أن الفارق الزماين وادلكاين جلي يف ىذا النو
من العقود ،وهبذا فإنو يتخذ صفة الدولية ،ومن خبلل سبامو عرب الوسائط اإللكًتونية فهو يطرح
العديد من اإلشكاالت أمهها إفتقاره لليقُت القانوين حيث أن البيانات تكون عرضة للتعديل
والتحريف من طرف قراصنة اإلعبلم اآليل،وعليو فإن ىذه اخلصوصية اليت ديتاز هبا اإلجياب اإللكًتوين
تفرض إستحداث قواعد جديدة ومستحدثة من أجل مواكبة التطور احلاصل على ىذه العقود وذلك
من أجل ضباية إرادة ادلوجب من التزييف والتعديل من جهة ،وضباية أىم مصادر اإللتزام أال وىي
العقود وضمان إستقرار ادلعامبلت من جهة أخرى.
الهوامش: