Professional Documents
Culture Documents
القصيدة الثالثة والتسعون
القصيدة الثالثة والتسعون
القصيدة الثالثة والتسعون
بتمامهـــــــا
الموافق 10ديسمبر 1987م الخميس 18ربيع ثانى 1408هـ عدد أبياتها ()21
ـ مناسبتها لما قبلها :فى البيتين التاليين من القصيدة (:)92
15ـ وذلك القــــــــول قد فصلت مجمله *** وقاية من فتــــــون أورثت جدًال
16ـ مفرقــــــات نلقيهـــــــــــــا أحبتنا *** ليأمنوا جهل خواض إذا جهــــل
وقد أشار فيهما سيدى فخر الدين بأداة اإلشارة (ذلك) للبعيد حيث أن القول المشار اليه يحتوى على سر وصف قصائد ديوان شراب
الوصل الذى (تم تفصيل مجمله) على مدى ثالثة أعوام وأربعة أشهر وتسعة أيام حيث بدأ فى القصيدة ( )32المؤرخة بتاريخ /22
7/1984قوله رضى هللا عنه:
ختامًا بدأت القـــــول أنعت آيتى *** وحق عليها أن تلى من يلونهــــا
فمن هو فى شوق يبيت لوصلها *** ألصبح يجنى سرها من بطونهــا
يقلب فيها طرفــــــــــــه ثم قلبه *** لينسج منهــــــــــا حلة ترتدونها
حتى البيت العاشر:
كتاب كريم جدها من أب لهــــــا *** وموئلها من بطنه تشرحونهـــــا
وهنا يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه(وذلك القول قد فصلت مجمله وقاية من فتون أورثت جدًال) حيث أتيت بكلمات مفرقات تحمل
معانى ماأقول عن الذى أرمى الى معناه أو إثباته ,لُن لقيها أحبتنا وقد قلت فى أول قصائد الديوان :
وأكشف لألحباب عن علمى الذى *** جواهره فى كل صدر كمينـــــــة 1 /234
بقر الغيوب وكشف مكنوناتهـــــا *** شأنى وحاشا الوصف بالنسيان 2 /32
ولى من سرها كشف الخبايـــــــا *** ودون الكل قد وضع الخمـــــــار 31 /19
ـ الفكرة التى تدور حولها القصيدة :فى البيت ( )20الذى يقول:
إذا نحن إبتغينا فتق رتق *** فما تفصيلها وهى النواة ؟
بمعنى إذا أردنا (فتق رتق) أى شرح وتفصيل ما أجملته النواة (الذات) التى تحتوى على (حقيقة أول الخلق فى إطالقه ألفًا ـ ألف أول
الخلق فى أزل اآلزال) إبتداءًا من نقطة الباء التى هى(نقطة البدء والتمكين) التى فيها الرمز واإلعجاز أجمعه ,فهى التى ال يستطيع
أحد فض ختامها لكونها لم تتنزل لمرتبة الواصفين والناعتين لما بها ,لكن هداها ومضة بشهابها ,ولذلك فهى حقيقة ال تدرك وال
توصف ,إذ أن جميع األشياء كانت مندرجة فيها كإندراج الشجرة فى النواة ,لذلك قال رضى هللا عنه (فما تفصيلها وهى النواة ؟)
فالذات مثل النواة ,والعلم فيها هو الكتاب المبين مرآة للذات ,والذات هى أم الكتاب ,فيكون العلم هو أول ما تعين به الذات ,والكتاب
المبين من الحقائق اإللهية ,باعتبار تفصيل ما اندرج فى الذات فيها ,وظهور ما كمن فيها ,إذ جميع االشياء فيها كانت مندرجة
كاندراج الشجرة فى النواة .
ثم يقول سيدى فخر الدين بين ذات الحق وذات اإلنسان الكامل المشار اليه بأول الخلق فى إطالقه فيه مضاهاة .
ـ (ولكن إن تفتق ما أكنت فإن الجمع منا للشتات) واذا تقرر هذا فلنرجع الى ما كنا بسبيله ونقول كما أن بين ذات الحق وذات االنسان
الكامل وعلم الحق وعلمه مضاهاة ,وأن كل ما فيها مجمل ,فهو فيه مجمل ,وكل ما فيها مفصل فهو فيه مفصل ,فكذلك بين القلم
وروح االنسان الكامل ,وبين اللوح وقلب االنسان ,وبين الكرسى ونفس االنسان مضاهاة ,وكل واحد منهما مرآة لما يضاهيه ,وكل
ما فى القلم مجمل ,فهو فى روحه مجمل ,وكل ما فى اللوح مفصل,فهو فى قلبه مفصل,وكل ما فى العرش مجمل ,فهو فى نفسه
مفصل ,واالنسان كتاب جامع لجميع الكتب اإللهية والكونية,وكما قلنا فى حق الحق أن علمه بذاته مستلزم بعلمه لجميع االشياء,وأنه
يعلم جميع األشياء من علمه بذاته ألنه هو جميع األشياء إجماًال وتفصيًال,فمن عرف نفسه فقد عرف ربه وعرف جميع االشياء.
(تبرئة الذمة ص )287
-------------------------------------------------------------------------------------
جاء فى الناموس األعظم والقاموس األقدم فى معرفة قدره صلى هللا عليه وسلم تبرئة الذمة ص:40
أخبرنا ترجمان األزل فى مشهده المنن ,عن العلل ,أن صفات هللا األسنى وأسمائه الحسنى ,تقابلت فى معانى الكماالت ,إلظهار
حقائق الذات ,فأظهرت كل صفة ما يخصها من الجمال والجالل ,وأبرز كل إسم ما يقتضى معناه من الكمال ,وبقيت الذات اإللهية
على ماهى عليه من البطون ,على حقيقة الكنزية فى الكمون ,فاجتمعت حقائق تلك األسماء والصفات ,حيث ال أين فى مشهد معنوى
للذات ,يقول كل منها أنا وإن أظهرنا هذا الكمال ,وأبرزنا هذا الجمال والجالل ,فانما أخبرنا عن قطرة من بحر ,وحدثنا عن ذرة فى
قفر ,وهيهات هيهات ,أين منا ما حوته الذات ,فكيف السبيل الى ظهور الشؤون اإللهية الذاتية ,المتعالية عن الحقائق األسمائية
والصفاتية .وهنا يبدأ سيدى فخر الدين رضى هللا عنه القصيدة بقوله :
1ـ علوم الذات دون الِس تِر وهـــــم *** لها ُسُبحات وجه مهلكات
2ـ فمـــــا للــــذات إن حققـت ذات *** تحيط بما لديها فهـى ذات
3ـ وما الٌسُبحات إال محض نـــور *** كنار كان منها البينــــــات
معانى المفردات:
الذات الصرف :غنى عن الصفات واألسماء واألفعال .
الصفات :أول ظهور من الذات ,والذات اتصفت بالصفات ,ومن الصفات ظهرت األسماء ,من األسماء ظهر الوجود اللى هو مرتبة
األفعال ,مش من الذات الصرف.
األسماء اإللهية :هى العدة التى ظهرت بها أعيان الوجود كلها .
اإلسم هللا :اإلسم الرئيس وكل األسماء مربوطة به ,ومنه اإليجاد واإلمداد للوجود .
وكل إسم هو وجه لإلسم هللا (كل شىء هالك إال وجهه) (كل من عليها فان) كل ما ظهر من الوجود هالك فانى واإلسم هللا حكمه البقاء
.
علوم الذات :تتحدث عن السر المضمر فى طى سروتنا .
الستر :هوالستارالذى يحجب األشياء ,ودون الستر :إماطة الستر عن األشياء ,تجعلها واضحة .
ُسُبحات وجه مهلكات ُ :سُب حات بضم السين والباء :تعنى األنوار والجالل والعظمة ,والحديث لسيدنا جبريل قال إن هلل دون العرش
سبعين حجابًا لودنونا من أحدهما ألحرقتنا ,وقال ابن ُشَمْي ل :حجابه النور والنار ,لو كشفه ألحرقت ُسُب حات وجه هللا كل شىء أبصره ,
ٌسُب حات وجه هللا :جالله وعظمته ,وُسُب حات الوجه محاسنه ,ألنك إذا رأيت حسن الوجه قلت :سبحان هللا ,وقيل سبحات وجه كالم
معترض بين الفعل والمفعول :أى لو كشفها ألحرقت كل شىء أبصره(.ل.ع )1915
الوهم :هو التخيل الذى يحتاج تبيينه ,البينات :مفردها البينة أى الحجة الواضحة ,والحجة القائمة هى الشيخ المربى الذى هو حجة
قائمة ال يستطيع المريد انكارها عند الحساب .
------------------------------------------------------------------------------------
الشرح والتفصيل:
علوم الذات دون الستر وهم *** لها ُسُبحات وجه مهلكات
إذا كان الحديث عن الذات الصرف يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن الذات الصرف غنى عن الصفات وبالتالى هى فى غنى عن
األسماء واألفعال ,وقد عرفناك فى أوائل كتاب تبرئة الذمة أن األنبياء عليهم الصالة والسالم خلقوا من األسماء الذاتية فهى محاتدهم ,
واألولياء خلقوا من األسماء الصفاتية فهى محاتدهم ,وبقية الموجودات مخلوقة من األسماء الفعلية فهى محاتدهم ,ورسول هللا صلى
هللا عليه وسلم مخلوق من ذاته فمحتده الذات ,لذا فعلوم الذات دون الستر وهم أى من الخيال حيث أن الوهم تجانبه الحقيقة ,فللذات
ُسُب حات وجهه مهلكات لكل من يقترب منها ,فهى دائرة مغلقة ما فيها مطمع لبشرإن كان وما ممكن الوصول اليها ,ويَؤ كد ذلك قوله
رضى هللا عنه :
فما للذات إن حققت ذات تحيط بما لديها من علوم وغيرها ,فهى ذات وبس .
ويقول أيضًا :أن السبحات لها نور محض يهدى اليها كل مهتد ,ويشبه ذلك النور نار مهلكات لكل ضال ومضٌل بوهمه وجهله بمعرفة
حقيقتها ,فمن شأنها أن تولى كل منكٌر ومكذٌب بهالكهم فال تبقى منهم أحدًا ,مثلهم كمثل قوم عاد وثمود وغيرهم .
وعليه فالذات هنا :ذات أول موجود أول شىء خلقه هللا قبل األشياء فى أزل اآلزال ,وليست ذات البارى التى هى الذات الصرف .
يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه إن التحدث عن حقيقة علوم ذات الذى هو أول الخلق المبينة بسورة الرحمن والمشار اليها فى
القصيدة النونية:
فلتسمعوا قولى صحيحًا مسندًا *** إن البيان بسورة الرحمن
سبحان من خلق الحقيقــة أوًال *** نور النبى معلــــم القرآن
دون الستر وهم :أى أن الحديث عن الذات الصرف ليس لنا فيها كالم ,ألن لها ُسُب حات وجه مهلكات ,أما الحديث عن حقيقة ذات
الذى هو أول الخلق من غير حجاب يحتاج لصلة وثيقة بصاحب الحقيقة للمعرفة به حيث أنه غنى وعلمه بنفسه غير علمنا وال علم
غيرنا المبنى على الجهل ,والحديث من وراء الحجاب يحتاج الى وميض نور يبين أسرار تلك العلوم التى سورت عجبًا تنوع فى
المرائى ُيشبه الحلل .
والستر جمعه أستار ,واألستار توضع على األشياء الثمينة (المنازل) والمنازل هى منازل قدرت للذكر أجمعه ,وإماطة تلك األستار عن
المنازل التى ينزل بها السائرين معجز ,لذا يقول رضى هللا عنه فى القصيدة (:)72
إماطة أستار المنازل معجـز *** بداية عبد يجهل الجمع بدءهـــا
بداية فتق المرتقات وفصلها *** عطية رب الجود والبدء والبها
أى أن رفع األستار عن تلك المنازل هو بداية ذلك العبد الذى يجهل الجمع بدءها ,فهذا العبد هو اإلنسان المشار اليه فى القصيدة
األحدية بالقول:
من حبا شيخك شيخًا واصًال *** يا مريدى قل هو هللا أحـــــد
إنه إنسان عين شاهـــــــدت *** نوره فى حضرة البر الصمد
وبداية فتق مرتقات الحقيقة وفصلها عطية رب الجود صاحب البدء والبها .
لها ُسُب حات وجه مهلكات ,أى لها نور فيه الهدى للسائرين ,ونار مهلكات للقواعد المنكرين ,فلو دنوا منها ألحرقتهم ,فهى لو
كشفت ألحرقت كل شىء أبصرها .
والذات هنا هى الذات المحمدية اللطيفة األحدية ,شمس سماء األسرار التى يقول عنها سيدى فخر الدين رضى هللا عنه :
فذاتى شمس لو تجلت ألحرقت *** ولكن بفضل هللا أضحت مضيئة 1 /24
صواعقها لوال العناية أحرقــت *** وكل كتاب جل يحمــــــل نصها 72 /14
من أجل ذلك يقول رضى هللا عنه (وإنى وابراهيم فى األصل واحد) فكلمة ذاتى هى ذاته وهو اإلنسان المشار اليه بإنسان عين شاهدت
نوره فى حضرة البر الصمد .
ـ فما للذات إن حققت ودققت ذات تحيط بما لديها ,أى أن الذات الصرفة غنية عن المعرفة فال يحاط بما لديها فهى ذات ,والذات هى
الحقيقة التى سرها مضمر فى طى سروتنا هو المصطفى للجمع التى تشير اليه القصيدة (:)35
وجدى المصطفى للجمع يقدمهم ***وسره مضمر فى طى سروتنا
وما تلك السبحات إال محض نور كنار كان منها البينات أى الحجة القائمة على الذين جحدوا حقيقة العبد واإلنسان الذى شاهدت نوره
فى حضرة البر الصمد ,بصفته الكتاب الجامع (خاتم األولياء)خليفة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (خاتم األنبياء) الكتاب المشار اليه
فى القصيدة (:)87
ماكتاب هللا إال جمعنا *** إنما األحباب آيات به
والذى أشارت اليه سورة البينة التى يقول فيها الحق تبارك وتعالى :
{وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إال من بعد ما جاءتهم البينة} الكتاب فى اآلية على العموم القرآن الكريم كتاب هللا المنزل وعلى
الخصوص الكتاب المنزل من وراء الحجاب أو من خلف الحجاب ليبين الحقيقة التى يقول عنها سيدى فخر الدين (فإن سناها من سنا
األحدية) والبينة التى جاءتهم هو ديوان شراب الوصل الذى يبين حقيقة الذى جاء من أجله وبعد رجائه الحديث ,وإشارة هذا الكتاب
جاءت به سورة البقرة بقوله سبحانه {ألم ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى للمتقين} ومن تفسير سيدى فخر الدين لذلك األلف (الكتاب الذى
ال ريب فيه هدى للمتقين) هو الخلق من حيث هو أول شىء خلقه الحق فى أزل اآلزال ,
4ـ لها فى الخلق شأن أى شأن *** توليهم فال يبقى الفتات
أى أن علوم الذات تلك ,هى الحقائق الحقية التى تتحدث عن هذا الكتاب ,كتاب األلف الذى فيه الهدى والنور ,وهذا الكتاب كتاب جامع
من مسمياته (كتاب هللا جمعنا) وحضرة قاب قوسيها الهدى ال ينتهى ,من أجل ذلك قال رضى هللا عنه :
ماكتاب هللا إال جمعنــا *** إنما األحبــــــــــاب آيات به 87 /1
ماكتاب هللا إال حضرة *** قاب قوسيها الهدى ال ينتهى 87 /2
لها فى الخلق (شأن أى شأن) :علوم الذات من معانيها (الحقية) قول الحق سبحانه{الحاقة ,ما الحاقة ,وما أدراك ما الحاقة ,كذبت
ثمود وعاد بالقارعة ,فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ,وأماعاد فأهلكوا بريح صرصرعاتية ,سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسومًا
فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ,فهل ترى لهم من باقية} وهذا المعنى أتى به اإلمام ابن عجيبة فى كتابه البحر
المديد فى تفسير القرآن المجيد:
الحاقة هى تجلى الحقيقة األحدية لقلوب العارفين ,ألنها تحق الحق وتزهق الباطل حيث تظهر ما بها من حقائق األشياء على ماهى
عليه فى األصل ,وقال الورتجى الحاقة يوم تحق حقائق األمور عيانًا ,ال يبقى فيها ريب أهل الظنون ,ينكشف الحق ألهل الحق ,
ويتبين للجاهلين أعالم الوالية العارفين (ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة) فال يدريها إال أهل الكمال .
(لها فى الخلق شأن أى توليهم فال يبقى الفتات) أى تهلكهم فال يبقى منهم أحدًا ,والتى توليهم هم المنكرون والمكذبون لها ,فمثلهم
مثل عاد وثمود فتهلكهم فى مهاوى الفروقات برجفة الوسواس والخواطر ,أو إرسال رياح الفتن الباطنية والظاهرية ,التى سخرها
عليهم سبع ليال بعدد الجوارح السبعة ,وثمانية أيام قال فيهم االمام القشيرى :
هم أيام كاشفات لسبع صفات طبيعية وهى (الغضب والشهوة والحقد والحسد والبخل والجبن والعجب والَش َر ْه ) حسوما أى تحسم
وتقطع أمور الحق وأحكامه من الخيرات ,وكل من جاء بعدهم على منوال فرعون والمؤتفكات بالخاطئة .
5ـ على التحقيق ـ العلمًا سمعنا ـ *** رأينا ما تدوم به الحيـــــاة
6ـ شربناها كؤوسًا مدهقــــــــات *** فهــن المحكمات المنزالت
فالماء عامة هو ما تدوم به الحياة ,ولكن على التحقيق يسمى ماء الغيب (ماء غيب بدى ونحن الورود) فلما كشف لنا عن هذا الماء
المعين الذى فيه السر واالسرار التى أودعت غيبًا خفيًا ,فكنا الذين وردوه وبذلك رأينا السر الذى تدوم به الحياة ,ولمعرفة هذا السر
فلنقرأ قوله:
أودع السر والسرائر غيبًا *** كاظم علمه ونعم الكظيم 12 /12
من رآنى لديه فاز بســـرى *** فى جنى جنتيه سر كتيم 12 /13
إذن ماهو سر األسرارالذى أودع (غيبًا)؟ ومن هو كاظم علمه ونعم الكظيم ؟ المشار اليه بقوله (كاظم علمه) هو غيب وسره أيضًا
غيب ,فهو طلسم غيب الغيب سر الهوية ,المذكور فى توسل السادة البرهانية (الهى بكنز الذات ذى األحدية ,بطلسم غيب الغيب سر
الهوية) فمن رآنى لديه هو الفائز بتلك الجائزة وهى (المعرفة) بسرالعطاء الكامل وكل من عرف ذلك السر يصبح كامًال ويحق له ابالغ
غيره بقوله رضى هللا عنه:
من كمال العطاء من فيض وهب *** أيها الناس جاءكم ابراهيم
فإسألوه النجـــــــاة من يوم حشر *** يوم ال يسأل الحميم حميـم
فالمعرفة بهذا السر فيها الشراب الذى تحيا به األرواح وتدوم به الحياة وقد سماه صاحبه رضى هللا عنه (شراب الوصل) الذى يتحدث
عن الحقيقة التى أشارت اليها التائية بقوله رضى هللا عنه:
أنا فى أنا إنــى وإنــى فى أنا *** رحيقى مختوم بمسك الحقيقة 1 /1
وأنى حق والحقيقة أودعـــت *** غيابة جب يوسفى بفطنــــــة 1 /56
وكان أبو العينين وارد مائهـا *** فأدلى بدلو قال تلك بشــارتى 1 /57
وجىء بهــا مصرا وبيعت رخصية *** وذا عجب أن يذهدوا فى البشــارة 1 /58
أنا الحق فى الدنيا أنا الحق فى اللقـا *** إذا األرض مدت والسموات حقت 1 /184
وما الجب اال جب مـــــا كان قبلهـا *** وما الماء اال ما بــه األرض مدت 1 /185
وما يوسفى غيرهـــــــــــــا لجمالها *** وما هى فى التحقيق اال طريقتـــى 1 /186
وفى هذه األبيات يبين سيدى فخر الدين أن تلك الحقيقة المشاراليها (بالحقيقة أوًال) هى رحيقى المختوم بالمسك التى تتحدث
عن(طريقة مسك الختام)التى سرها أودع عبرالزمان غيابة جب يوسفى بفطنة ,وأن الذى أخرجها من ُج بها وارد مائها سيدى أبو
العينين القائل تلك بشارتى ,وجاء بها الى مصر وبيعت بثمن بخس دراهم معدودة ,وعدد تلك الدراهم تعادل تسعة قروش والعجب كل
العجب فى أن القروش التسعة هم بعدد حروف إسم موالنا الشيخ (م ح م د ع ث م ا ن) القائل أنا الحق فى الدنيا هنا وكذلك هناك فى
اللقا ,أى أنا مظهر ما كان فى حيز الكتمان ,من العلوم التى انفطرت بها سماء عالم األمر وهو أحد عالمان (عالم األمرـ عالم الخلق)
حيث تفجرت تلك العلوم (ياقوتة حمراء)انشقت بعد ذلك عنها السماء فأصبحت (درة بيضاء) وأمدت السماوات األرض بمائها (ماء
الغيب) الذى أتى من عالم األمر الى عالم الخلق ,ومن تلك الحقيقة تنزلت علوم على سيدنا آدم فأعجزت الخالئق ,وظلت فى ُج بها
حتى ظهور زمن سيدى أبو العينين الذى أخرجها ليمد الكون بها على لسان من قال أنا مظهر ما كان فى الكتمان (الُج ب) ليعلم أهل
التحقيق بأنها الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية التى أوصى بها سيدى فخر الدين بنيه من بعده قائًال:
أوصيك برهانية فإسمع لها *** مسك الختام وبغية للواصلين 7 /10
ثم يقول رضى هللا عنه :
وإشرب بماء من منابـــــع سرنـــــا *** إذ كل مـــاء ليس بالمـــــاء المهين 7 /15
ودع الذى مات الغــــــــرام بصدره *** وبدا صريع الهجر ذا غـــــل دفين 7 /16
واعلم ُبَن ُى بأن قولــــــــــــى صادق *** فأنا وآلى بالحقــــــــــــائق ناطقين 7 /17
يا بنى إضرب بسيف العزم كل مهمة ,بمعنى اعلن وال تحسب مالمة غيرنا بأن الطريقة البرهانية هى أصل الطرائق كلها ,ولكن اجعل
كالمك لينًا فى حضور الصالحين ألنهم يعلمون ذلك فهم على معرفة بقدرها حيث أنها من علوم الكتم وهم مأخوذ عليهم بالكتم حتى
يأتى زمانها ووقت ظهورها وهو زمن سيدى أبو العينين ,واعلم بنى بأنها شراب جئنا به من منابع سره لنسقى أحبتنا ,ودع عدونا
الذى مات الغرام بصدره وأصبح من أهل الهجر الذى هجرناه فبدى صريع الهجر ذا غل دفين ,وعليك أن تعلم بأن قولى هذا صادق
مصدوق فنحن أهل الحقائق الذين أنطقنا الحق بكتاب الحق الذى لدينا (ولدينا كتاب ينطق بالحق) فأنا وآلى بالحقائق ناطقين .
وشراب الوصل هو ماء الغيب الذى تدوم به الحياة ,وخصصته بقصيدة كاملة وهى القصيدة (:)56
شراب الوصل مختوم وسرى *** شفــــــــاء ال شربتم غيرمنا 56 /1
بيوت الفيض فى العلياء مألى *** حديد القلب بالتقــــــوى ألًن ا 56 /4
عيون الفيض مفتوحـــــات مٍد *** بطيب العيش واإلمداد طبنا 56 /5
وأستار أميطت عن علـــــــوم *** بفضل هللا لإلرفـــــاد ُح سنا 56 /6
ـ ويقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه أن علوم تلك الحقيقة شربناها كؤوسًا مدهقات ,عندما تجلى علينا صاحب السر{بدر الهداية ,
مصب ينابيع العلوم بأثرها} فُك شف لنا السر الذى سرى بالسر فى كل ذرة ,ومن أجله أنشأت توسًال أسميته (توسل السادة البرهانية)
حيث تفردت به دون غيرى من أهل الطرق جميعًا ,توسلت فيه قائًال :بسر التدانى والتدلى وُأنسه ,وقدس شهود والوصال َو ُو صلِة ,
أنلنى شهود الحسن فى حضرة الرضا ,وأشرق شموس القرب فى أفق مهجتى ,ووال كؤوس الحب فى حانة الصفا ,وألبسنى من
نعماك أبهج حلة .
فكانت تلك كؤوس للحب وكؤوس للمودة وكؤوس للغرام بالوصل ,فهى كؤوس أدهقتها المشارب ,فهن وعاء للمحكمات المنزالت من
الحضرة األحمدية التى :
يعيش لديها العبد والعز سرمد *** تحف به أسرارهــا والمواهب 91 /18
هنالك يفنى عن صفات وإنمـا *** ينال بقـاء فهو إذ ذاك صاحب 91 /19
فإن لديها يسلب اإلسم والكنى *** فتلك كؤوس أدهقتها المشارب 91 /20
فى األبيات الثالثة الوصف التفصيلى لحياة العبد فيها حيث يعيش العبد فى عزة سرمدية ,حيث تحف به أسرارها والمواهب ,وفيها
نوال البقاء بعد الفناء عن الصفات ,ويعيش العبد بصحبة العزيز وللمعيشة فيها ُيسَلب العبد اإلسم والكنى ,من أجل ذلك يقول سيدى
فخر الدين واصفًا حال العبد :
سما فتسمى فى الحضيرات بإسمها *** لذلك أضحى واحد الواحدية 1 /408
7ـ فلوال أننا فيهـــــــــا إحتمينا *** ألفنت حيث ال تغنى الصفات
وحول الحماية يقول سيدى فخر الدين رضى هللا عنه :
آل بيت المصطفى أهــــل الحمى *** لو دعى الداعى الى شىء نكر 13 /17
ماغير ابراهــــيم عبد ذو حمـــى *** هو مجتبى حتى يقوم مقامــــى 15 /3
وله رجــــاء عندنا ومكانـــــــــة *** وبه يلــوذ المحتمى والرامـــــى 15 /4
إذا ُح ًم القضــــاء وكان أمـــــــر *** هنالك ال حمًى إال حمانـــــــــــا 89 /18
ومن يرجوا الحماية من خطوب *** فأركان الحماية فى حمــــــــاها 29 /26
والمقصود هنا أننا نحن آل بيت المصطفى أهل الحمى ,والمنكر فضلنا هو كل من إدعى غيرذلك ,فصاحب الحمى هو جدى (حظى
ورزقى)المصطفى المشار اليه فى القصيدة (:)35
وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا 35 /28
فإذا ُح ًم القضاء ونفذ أمر هللا فينا ,هنالك فال حمًى وال ملجأ وال منجا وال مالذ إال اليه ,فصاحب االسم الشريف ابراهيم بيت الحمى
الذى يلوذ به المحتمى والرامى ,والمعرفة بذاته فيها الحماية من نوائب الدهر ,لذلك جاء قول موالنا الشيخ فلوال أننا فيها إحتمينا ,
لكنا فى فناء حيث ال تغنى الصفات ,وحول (ال تغنى الصفات):
يقول سيدى فخر الدين أن الذات غنى عن الصفات أى أن إتصال الصفة بالنسبة للذات العلية مثل واو الهو بالنسبة للهو ,مامحتاج
ليُه الذات تبارك وتعالى ,ألن أول مراتب الظهور من الذات العلية هو مرتبة الصفات ,حيث الذات إتصفت بصفات ,من الصفات
ظهرت األسماء ومن األسماء ظهر الوجود ,فالصفة ال موصول بالموصوف وال مفترق منه ,حيث ضرب موالنا مثال افترض (أنا
نجار ,النجارة هى الصفة اللى أنا محترفها ,صفة متصف بيها ,يعنى فى ذاتى حاجة إسمه نجار).
ثم يوضح سيدى فخر الدين العملية بالكامل بالجزء األول من سلسلة علموا عنى اعتبارًا من ص 90الدرس الثالث من الجزء األول .
{من محض الفضل ظهر الوجود من األسماء ,ولوال وجود األسماء لما كان وجود الوجود ,ولوال وجود الصفات لما كان وجود
األسماء ,ولوال وجود الذات فممن تتصف الصفات ؟ فالبد من ذات واجب الوجود ,وبعد ده كله موطن العزة أعجب وأعجب ,العزيز
يعنى آيه ؟ منيع الحمى ,محدش يقدر يروح فى حلته ,معناه بالصغيركده ,إذا واحد راح حًلِته العزة انتفت ,فعليه العزة حاجة ذاتية
إلهية ,والغنى صفة إلهية قديمة ,كل أسماء المولى تبارك وتعالى قديمة والصفات قديمة .......قدم الذات ,لكن مافى صفة أصًال
تفارق الذات وال هى موصلة بالذات ,بتظهر الصفة عند إرادة الفعل من البشر ,من المولى تبارك وتعالى ,من الصفة يظهر اإلسم ,
من اإلسم يظهر الفعل ,فيكون معناه اإلسم اإللهى زى الذات بالنسبة لغيره ,علشان احنا بنعمل بذاتنا كلها ,
واحد عايز يتوضأ راح يتوضى بجسمه كله ,عايز يصلى يصلى بجسمه كله ,فكان الصفة هى الذات عندنا ,الذات ,الذات عند غير هللا
زى اإلسم بالنسبة هلل ,اإلسم اإللهى يعمل لوحده ,يعنى فيه كل لوازمه ,الحى من شأنه يقوم بمادة اإلحياء على اإلطالق ,ومافى
موجود أبدًا على اإلطالق (الملك وال نبى وال صحابى وال ولى ال أيًا ماكان من الوجود) ما موجود إال هللا ,فمن كده تأكد أن ذات البارى
تبارك وتعالى فى مرتبته األوالنية حى ,بعدين عليم ,بعدين متكلم ,الصفات الثالثة دول عند الصوفية مفاتيح الغيب ,بعد كده العزة ,
مع العزة الغنى ,فالصفات دول صفات ذاتية إلهية قديمة ,ما ممكن اإلنتفاء عنها ,فلذلك المولى تبارك وتعالى ما محتاج ألى شىء ,
من محض الفضل زى ما قلت لكم ,أصلها الُهو ُهَو هاء عليها ضمة عملوا الواو فيها لإلشباع ,ما محتاجة ليها الهاء أبدًا ,
إلظهارالضمة عملوا الواو مع الُه و كما وأنه فى اإلشارة لغيب األحدية عملوا فى ياء إنى ,إنى كناية عن غيب األحدية ,يقولوا
الرؤساء (ما ياء إنى غير واو الُه و) مضافة ساكت ,فربنا جل وعال غنى مطلقًا ,عزيز جدًا}
8ـ ليبقى للعزيز حجاب عـــــــز *** فيفنى المؤمنون وهم سمــات
وبعد قول سيدى فخر الدين لو ظن ظان بأن الذات محتاجة للصفات انتفى الغنى (حيث ال ُت غنى الصفات) أى لو حد قال الذات محتاجة
للصفات ,انتفت الغنى ,معناه ما غنى ,علشان آيه؟ وضرب مثل بنفسه رضى هللا عنه :علشان الصفة ظهر منه إسم ,واإلسم ظهر
منه محمد عثمان ,فى الحال ده مش فيه افتقار ؟ فى الحالة دى نقول الذات انتفى منها الغنى ,فلما لم يفهم احد قال نقول تانى مثًال أنا
محمد عثمان قاعد كده ساكت ,محتاج لكرسى ,محتاج لتربيزة ,ما تقولوا أيوه ياال ...رسميًا ما تفارق الموصوف ,لكن ما متباينة
فيه ,مع إنها ما تفارق الموصوف ,ما متباينة فيه ,وبعدين تبارك هللا رب العالمين ,ربنا غنى حتى عن األسماء والصفات ,ثم يقول
والعلم اإللهى ما معناه زى علمنا وال زى علم غيرنا ,كان جاهل بشىء وتعلمه ,أل ,علمه بنفسه هو نفس علمه بغيره ,بعدين الصفة
أصًال ال تفارق الموصوف ,وال متباينة فى الموصوف ,اتصال الصفات بالنسبة للذات العلية زى واو الُهو بالنسبة للُهو ,فما محتاج
ليُه الذات تبارك وتعالى ,ثم يقول رضى هللا عنه لوال وجود الذات الصفات تتصف بمن ؟ فال بد من ذات واجب الوجود ,وبعد ده كله
موطن العزة أعجب وأعجب ,وفى موطن العزة يبقى للعزيز حجاب عز ,العزيز يعنى منيع الحمى ,محدش يقدر يروح فى حلته ,
معناه إذا واحد قدر(يروح حلة العزيز) العزة انتفت (فعليه العزة حاجة ذاتية إلهية)(والغنى صفة إلهية قديمة) كل االسماء قديمة
والصفات قديمة بقدم الذات ,لكن مافى صفة أصًال تفارق الذات وال هى موصولة بالذات ,
بتظهر الصفة عند ارادة الفعل من البشر ,من المولى تبارك وتعالى ,من الصفة يظهر اإلسم ,من اإلسم يظهر الفعل ,فيكون ما معناه
األسم اإللهى زى الذات بالنسبة لغيره ,علشان احنا بنعمل بذاتنا كلها (وضرب مثل للمتوضىء والمصلى بيعمل كله بجسمه) فمن
البشر يكون المؤمنون الذين يقول عنهم سيدى فخر الدين بعد الترحل فى األسماء واحد بعد واحد حتى ينتهى السير فى هللا ,ثم الترحل
فى الصفات :
ليبقى للعزيز حجاب عز *** فيفنى المؤمنون وهم سمات
9ـ فصرنا بعدمــــا ذقنا صدورًا *** ُتلقيها العلوم الُم لِقيــــــــــــات
فترحلنا بين المراتب حتى وصولنا الى موطن العزة الذى فيه العجب كل العجب حيث ذقنا شراب الوصل بكؤوسَا مدهقات ,وصرنا
صدورًا ُتَلِقيها المالئكة الملقيات علومها الملقيات,
10ـ رياح تنزع االغيـــــار عنا *** أجل والِس ْت َر ُتبقى النازعــات
كما تأتى علينا مالئكة النازعات بالرياح التى تنزع عنا األغيار ,واالغيار(كل ما سوى هللا) ,وتضع علينا سترها (حجابها) الذى يمنع
األغيار من التسلل الى قلوبنا ,وبها تثبت األقدام حيث المزالق فال يبقى فى قلوبنا سوى المعصوم والبارى .
11ـ فُتلِقى الروح من أمر علينا *** فنحن لها العروش الباقيات
وفى نهاية السير يتم الوصول الى العرش حيث ذو العرش ويتحقق معنى اآلية ( )15من سورة غافر {رفيع الدرجات ذو العرش يلقى
الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التالق} فرفيع الدرجات ذو العرش المجيد هوالذى يلقى الروح من أمره علينا
فتكون قلوبنا له العروش الباقيات ,ويتم ذلك في يوم التالقى:
كذلك يلقى الروح من أمره على *** فؤاد عبيد فى مرائى جليـــــة 1 /412
حسرة يوم اللقـــــــا فى ساحتـى *** ونذير يـــوم ال تغنــى النــذر 13 /22
ما من عبيد يرتجيـــــــــــه وآله *** إال رجـــا يوم اللقـــــــا يلقــاه 19 /5
فكل قطب من األقطاب أو ملك *** يزفنا حيث وفينــــا أهلتنـــــــا 35 /26
ويوم حان اللقـــــا جمعًا رأيتهم *** مواكبًا يمموا أخرى مقامتنــــا 35 /27
وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا 35 /28
ويوم الفصل ميقات التالقــــــى *** وبالقسطاس نحكـــــــم عادلينا 57 /10
12ـ لنحمل ما تحًم لنا سخـــــاًء *** ونشكر حين تدركنا الهبات
ولطالما نحن العروش الباقيات فنحمل كل ما نتلقاه سخاءًا من عطايا المنعم المتفضل صاحب نعمة اإليجاد واإلمداد ,كما أننا نقدم
الشكر على الهبات حين تدركنا ,وذلك من كمال العطاء من فيض وهب (الوهاب) الذى جاءت اإلشارة اليه بالقصيدة العطية :
من كمال العطاء من فيض وهب *** أيها الناس جاءكم ابراهيم
النذير الذى (ينذريوم التالق) المشارإليه فى القصيدة (:)79
إ نذيرًا قد جعلنا قبــــــل هـذ/ا*** ولكن عن كالمى تصرفون
بر فسلم يا بنى وال تكــــــا/بـر *** وإن الموثقين لكاذبــــــــون
ا أراهم كلما خلصوا نجيــــ/ا *** وإنى مظهر ما يكتمــــــون
هـ ألن اإلفك قد درجوا عليــ/ه *** وإنى مبطل ما يأفكـــــــون
يـ ويظلم بعضهم أبناء عهد/ى *** وإنى ناصر من يظلمــــون
اسم موالنا الشيخ ابراهيم(النذير) من اآلية لينذر يوم التالق. م فيا أبناء عهدى إن سألتـــ/م *** سلونى ليتكم لو تسألــــــون
13ـ فإن الحى قيوم عليــــــــنا *** فال نوم بذاك وال سنــــــات
فهو الحى القائم على أهل حضرة الجمع التى ليس فيها نوم وال سنات من النوم ,فكل من فيها فى حياة رغدة ويقظة تامة حيث أنها
موطن مشاهدة .
14ـ إذا ما مرة طلعت علينــــا *** ُيغيبنا الحياُء فال التفـــــــات
فإذا طلعت علينا شمس ذاته بحسنها الخالب غيبتنا حيث إنطمست عيوننا وجعلتنا ال نستطيع اإللتفات لغيرها .
15ـ إذا هى أوثقتنا فى حماهــا *** بمحض عطائها نحن الثقات
فإذا هى أوثقتنا فى حماها وثبتت أقدامنا بالمعرفة التى فيها النجاة من المزالق ويكون ذلك بعطائها المحض وشرابها الصافى المبرد
الذى كل من يشربه يوقى النفاق وما له تقتير فيكون الحجة القائمة على حقيقة علومها ويصبح من ثقاتها .
16ـ إذا ما أطلعتنـــــــا فإجتناٌء *** وإن نحن اًط لعنا فالُفتـــــات
ويقول سيدى فخر الدين أنها إذا ما أطلعتنا على ما بها من األسرار يكون ذلك هو اإلجتناء الذى فيه معرفة سر النجاة (السر الكتيم)
الذى نجنيه من جنتيه ومن جنى النونية التى يقول فيها رضى هللا عنه:
هذا عطاء هللا من عليائــــــــــــه *** هذا إصطفاء السيد البرهــــانى 2 /1
ما كل من كتم الشهادة آثــــــــــم *** او كل من وأد البريئة جـــــانى 2 /2
يجنى األحبة ســـرها وسرورها *** وبطائن األســــــــــرار متكآتى 26 /2
فمن هو فى شوق يبيت لوصلها *** ألصبح يجنى سرها من بطونها 32 /2
فكل مشتاق مكدًا مواصال ليل نهاره فى طلب الحصول على معرفة السر الكتيم فى بطون الهوية حيث وجده فى القصيدة العطية التى
يقول فيها سيدى فخر الدين:
أودع السر والسرائر غيبًا *** كاظم علمة ونعم الكظيم 12 /12
من رآنى لديه فـاز بسرى *** فى جنى جنتيه سـركتيم 12 /13
ثم يكمل موالنا البيت قائًال وإن نحن إطلعنا على ما لديها من أسرار فال نجنى منها سوى الفتات .
17ـ إذا نحن إجتهدنا ما ثبتنــــا *** وإن هى ثبتتنا فالًث بـــــات
ثم يقول ان الوصول الى تلك الحقيقة يحتاج الى اإلجتهاد فى التحصيل للوصول الى معرفة ما بها من األسرار فإذا نحن إجتهدنا فى
السعى الى حماها ما وصلنا وإن وصلنا ما ثبتنا ,وإن هى أوثقتنا وثبتتنا فيكون ذلك هو الثبات .
18ـ إذا يومًا أطعنا ما إستطعنا *** وإن هى طًو عتنا فالنجــاة
وإن ذات يوم من األيام إجتهدنا فى كل ما يوصل اليها من خيراألعمال طاعة من عند أنفسنا ما إستطعنا الوصول اليها ,وإن هى التى
طوعتنا للوصول اليها فيكون ذلك هو النجاة التى يتحدث عنها سيدى فخر الدين فى القصيدة العطية فى قوله رضى هللا عنه :
من كمال العطاء من فيض وهب *** أيها الناس جاءكم ابراهيم
فإسألوه النجاة من يوم حشـــــــر *** يوم ال يسأل الحميم حميم
فالنبيون والمالئك جمعــــــــــــًا *** أمهم جدنا الرؤوف الرحيم
سوف يكفيك ما تخــــــاف إلهى *** يا مريدى هو السميع العليم
أى أن سيدى فخر الدين يبلغ الناس جميعًا وليس أبناء الطريقة فقط قائًال أن كمال عطاء الحق من فيض وهب الوهاب هو مجىء
سيدى الشيخ ابراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى ,ثم يقول ها هو أمامكم يا أهل الزمان فاسألوه النجاة الحقيقية من هول يوم
المحشر ,حيث أن فى مثل هذا اليوم سيكون الكل مشغول بنفسه وال يسأل الحميم حميم ,وأراد سيدى الشيخ ابراهيم أن يطمئن الناس
على مدى األيام لما ُس ئل عن معنى كلمة (إسألوه) قال رضى هللا عنه (حبوه).
فهو متقدم الجماعة يوم قيام الساعة وهوالمقصود بقول سيدى فخر الدين :
وجدى المصطفى للجمع يقدمهم *** وسره مضمر فى طى سروتنا 35 /28
وإشارة يوم الحشر تظهر من الحروف التالية (ا)المصطفى (لـ) للجمع (يـ) يقدمهم (و) وسره (م)مضمر = اليــــــــــوم فهذا اليوم يوم
لقائه ,فالنبيون والمالئكة يجتمعون فيه وهو الذى يؤمهم فى حضرة هذا الجمع ,وسوف يكفيك يا مريدى كل ما تخاف منه فهو
السميع العليم .
19ـ إذا عنها روينا ما رأينــــا *** وإن هى لًق نتنا فالــــــٌر واة
إذا عنها روينا مارأينا فماذا نقول :
معشر الثقالن آه لو رأيتـــــــم *** مارأينا ماثنــــــــــاكم عنه ثانى 65 /14د
أو نزلتم فى مقــــــام مثل هذا *** فى التقـــارب ما طفقتم تشركان 65 /15
أو بلغتم من معانى ما شهدنــا *** بعض شىء ما رضيتم بالتوانى 65 /16
فإعقلوها ما إستطعتم إن فيها *** جلوتى حق بغيث تجريـــــــــان 65 /17
فإذا كان ذلك قولنا فكيف يكون تلقينها أسرار مابها ,فإذا هى لقنتنا نكون نحن الرواة عنها وليس غيرنا ,من أجل ذلك يقول سيدى
فخر الدين :
رويت عن المحبوب ما قد رأيته *** وسر أبى العينين متن روايتى 1 /17
أال فخذوا عنى اآلحاد معنعنًا *** أصح روايات الحديث روايتى 1 /18
رأيت عيانا ما رويت لعاشق *** تروى فهامت روحة بالروية 1 /128
فخذوا كتابى مثلما الراوى روى *** عضوا عليه تلقنــوا اإللهـام 68 /17
دين الـى أجـــــــــل مسمى بيننا *** بشهادة الراوى ليكتب عقدها 78 /22
لسانى أصبح الراوى عليـــــــه *** أمينًا ليتكـــم لو تعقلـــــــــون 79 /19
وسرى آمن الراوى عليـــــــــه *** يقينًا فوق ما تتخيلـــــــــوه 79 /20
كالم قاله الراوى كالمـــــــــى *** وتلقينى وأنتم تجهلـــــــــون 79 /26
20ـ إذا نحن ابتغينــا فتق رتق *** فما تفصيلها وهى الًن واة ؟
بمعنى إذا أردنا (فتق رتق) أى شرح وتفصيل ما أجملته النواة (الذات) التى تحتوى على(حقيقة أول الخلق فى إطالقه ألفًا ـ ألف أول
الخلق فى أزل اآلزال) إعتبارًا من نقطة الباء التى هى (نقطة البدء والتمكين) التى فيها الرمز واإلعجاز أجمعه ,فهى التى ال يستطيع
أحد فض ختامها لكونها لم تتنزل لمرتبة الواصفين والناعتين لما بها ,حيث أن هداها ومضة بشهابها ,ولذلك فهى حقيقة ال تدرك وال
توصف ,إذ أن جميع األشياء كانت مندرجة فيها كإندراج الشجرة فى النواة ,لذلك قال رضى هللا عنه (فما تفصيلها وهى النواة ؟)
ولقد جاء ذلك التفصيل من خالل ما جاء على لسان سيدى على زين العابدين فى ما أسماه (مرآة العارفين فى ملتمس زين العابدين)
ص 286و 287من كتاب تبرئة الذمة .
أن العالم عالمان ,عالم األمر وعالم الخلق ,وكل واحد منهما كتاب هللا تعالى ,ولكل كتاب فاتحة ,وجميع ما فى الكتاب مفصل فى
الفاتحة بحمد ,وباعتبار اجمال ما فصل فى الكتاب فيها سميت بأم الكتاب ,وباعتبار تفصيل ما اجمل فيها ,وفيما يلى مرتبتها ,سمى
مرتبة التفصيل بالكتاب المبين ,وكل موجود فى العالم حرف باعتبار ,وكلمة باعتبار ,وصورة باعتبار ,ومفرد باعتبار ,ومركب
باعتبار ,ألننا إذا نظرنا فى ذات كل موجود من غير أن ننظر الى وجهها وخواصها وعوارضها ولوازمها ,وجدناها مجردة عن الكل ,
وباعتبارتجردها عن الكل سميناها حرفا ,واذا نظرنا الى وجهها وخواصها وعوارضها ولوازمها واضافاتها اليها ,فباعتبار اضافة
الكل اليها سميناها كلمة ,وباعتبار كل موجود من المضافات المنسوبات وعدم تمييز بعضها عن البعض بل تداخل بعضها فى البعض
فسميت ألفاظًا مركبة ,باعتبار تميز كليات المراتب بعضها عن البعض ووقوع كل موجود فى المرتبة سميت سورة .
واذا فهمت هذا فاعلم أيضًا أن الحق مبدأ الكل ومعاده (واليه يرجع االمر كله) والى هللا تعالى عاقبة االمور ,فالبد أن يكون الكل فيه
قبل كونه ,والبد أن يكون فى الكل هو ,واذا ثبت هذا ثبت أنه كان وال شىء معه ,وهو اآلن كما كان ,فذات الحق سبحانه وتعالى
باعتبار اندراج الكل فيها هى أم الكتاب ,وعلمه هو الكتاب المبين ,باعتبار تفصيل ما اندرج فى الذات التى قلنا فيها ,وظهور ما كمن
فيها ,فعلمه بذاته مستلزم لعلمه بجميع األشياء ,اذ جميع االشياء فيها كانت مندرجة كاندراج الشجرة فى النواة ,
فالعلم الذى قلنا أنه هو الكتاب المبين مرآة للذات ,فالذات التى قلنا فيها أنها أم الكتاب ,فالذات ظاهر فيها ألن العلم هو أول ما تعين
به الذات ,فالذات هى أم الكتاب من الحقائق األزلية ,والعلم هو الكتاب المبين من الحقائق اإللهية ,كما أن القلم هو أم الكتاب من
الحقائق الكونية ,واللوح المحفوظ هو الكتاب المبين من الحقائق الكونية ,فبين الذات والقلم مضاهاه من جهة اإلجمال والكل ,وتكون
األشياء فيهما على الوجه الكلى ,وكذلك بين القلم واللوح مشابهة من جهة التفصيل ومن جهة ظهور األشياء فيهما على الوجه
الجزئى ,فالقلم من هذا الوجه فى المرتبة الكونية مرآة الذات ,فما فى الذات مندرج على الوجه الكلى واالجمال ,فهو فى القلم موزع
على الوجه الكلى واالجمال واللوح وأيضًا من هذا الوجه فى المرتبة الكونية مرآة للعلم ,فما فى العلم ظاهر على الوجه الجزئى
والتفصيلى ,فهو فى اللوح ظاهرعلى الوجه الجزئى والتفصيلى .
فكما علمت أن لعالم األمر كتابًا مجمًال ملقبًا بام الكتاب ,وكتابًا مفصًال موسومًا بالكتاب المبين ,والكتاب المجمل هو العقل ,والكتاب
المبين هو النفس ,فاعلم بذلك أن لعالم الملك كتابًا مجمًال هو العرش ,وكتابًا مفصًال هو الكرسى ,فباعتبار اندراج ما يريد أن يفصل
فى الكرسى ما كان فى العرش يقال له ام الكتاب ,وباعتبار تفصيل ما كان فى العرش ,مجمًال فى الكرسى يقال له الكتاب المبين ,فبيت
القلم والعرش مضاهاة من جهة االجمال ,وتكون االشياء فيهما على الوجه الكلى ,وكذلك ما بين اللوح والكرسى مناسبة من جهة
مظهريتهما للتفصيل ومن جهة تقسيم األمر الواحد فيهما بالقسمين ,من جهة ظهور االشياء فيهما على الوجه الجزئى والتفصيلى ,
فالعرش من هذا الوجه فى المرتبة الحسية مرآة القلم وما فى القلم مندرج على الوجة الكلى واالجمالى ,فهو العرش مندرج على
الوجه الكلى واالجمالى ,والكرسى أيضًا من هذا الوجه فى المرتبة الحسية مرآة اللوح ,فما فى اللوح ثابت على الوجه الجزئى
والتفصيلى ,وهو فى الكرسى ثابت على الوجه الجزئى والتفصيلى .
21ـ ولكن إن تفتق مــــا أكنت *** فإن الجمع منــــــا للشتات
ثم يقول سيدى فخر الدين عن ذات الحق وذات اإلنسان الكامل المشار اليه بأول الخلق (ولكن إن تفتق ما أكنت فإن الجمع منا للشتات)
واذا تقرر هذا فلنرجع الى ما كنا بسبيله ونقول كما أن بين ذات الحق وذات االنسان الكامل وعلم الحق وعلمه مضاهاة ,وأن كل ما
فيها مجمل فهو فيه مجمل وكل ما فيها مفصل فهو فيه مفصل ,فكذلك بين القلم وروح االنسان الكامل ,وبين اللوح وقلب االنسان ,
وبين الكرسى ونفس االنسان مضاهاة ,وكل واحد منهما مرآة لما يضاهية ,وكل ما فى القلم مجمل فهو فى روحه مجمل ,وكل ما فى
اللوح مفصل فهو فى قلبه مفصل ,وكل ما فى العرش مجمل فهو فى نفسه مفصل ,واالنسان كتاب جامع لجميع الكتب اإللهية
والكونية ,وكما قلنا فى حق الحق أن علمه بذاته مستلزم بعلمه لجميع االشياء ,وأنه يعلم جميع األشياء من علمه بذاته ألنه هو جميع
األشياء إجماًال وتفصيًال ,فمن عرف نفسه فقد عرف ربه وعرف جميع االشياء .