Professional Documents
Culture Documents
آليات اشتغال الذاكرة
آليات اشتغال الذاكرة
آليات اشتغال الذاكرة
استقبال المعلومات :سيرورة وآلية ،من خاللها يتم التقاط املثيرات الخارجية عبر ▪
الحواس وحفظها في السجالت الحسية ملدة وجيزة بعد إخضاعها لعملية االنتباه الذي يتم
التمييز فيه بين نوعين .االنتباه االنتقائي يتجه نحو مثير محدد بغض النظر عن املثيرات األخرى
التي توجد في نفس الوقت ،أما االنتباه املوزع يتوزع بين العديد من املثيرات .فكلما كان االنتباه
انتقائيا ،كلما كانت املعالجة املعرفية للمثيرات موجهة وعميقة.
الترميز :سيرورة ،تحول املستقبالت الحسية إلى تمثالت ذهنية مؤقتة أو دائمة، ▪
فعمليات الترميز عبارة عن مصفاة معقدة تستقبل املثيرات القادمة من املحيط وتدخل عليها
التنظيم والضبط الالزمين وتخضع للمراقبة اآللية من قبل عاداتنا االجتماعية
والفرديةوحوافزنا ،كما تخضع للمراقبة الواعية من قبل مشاريعنا وتوجهات سلوكاتنا
الواعية ، Tiberghien 1991فأمام تعدد مصادر املعلومات التي يتلقاها نظامنا الذاكري ،وقع
سجال بين الباحثين منذ عقود ،حيث اعتبر كل من أتكنسون وشيفرين ( Atkinson et
)Shiffrin ,1968بأن املعلومات ترمز صوتيا Phonétiqueفي الذاكرة القصيرة املدى ،اما بادلي
( )1986فيشير بإمكانية ترميزها صوتيا أو لسانيا أو بصريا-مكانيا في الذاكرة العاملة وهذا ما
يفض ي إلى وجود أنواع من الترميزات :الترميز البصري وفيه يتم تمثيل األشياء من حيث الحجم
والشكل واللون والتموقع ،الترميز الصوتي وفيه يتم تمثيل سمات الصوت من حيث شدته
ودرجة تردده ،الترميز الحركي وفيه يتم تمثيل تتابع الحركات ،الترميز اللفظي وفيه يتمميز تر
املعلومات من خالل الكلمات.
أما )1972( Craik et Lockhartيعتبران بأن طبيعة املعالجة هي التي تحدد طبيعة الترميز
"فعمق املعالجة هي التي تحدد طبيعة الترميز الذي سيحتفظ به على شكل تمثل في الذاكرة ،كما
يحدد ديمومة الذكرى"( .)Mercier, D & Doré, P., 1992حيث يميزان بين مستويات متعددة
من املعالجة عند مرور املعلومات من الذاكرة القصيرة املدى إلى الذاكرة البعيدة املدى،
فاملعالجة السطحية تكمن في التحليل البسيط للخصائص املادية ،في حين تمكن املعالجة
العميقة من التعرف على شكل املثير او داللته .فعمق املعالجة هي التي تحدد طبيعة الترميز
والتمثل الذي سيحتفظ به في الذاكرة كما يحدد ديمومة الذكرى ،فاملعالجة العميقة تدوم اكثر
من املعالجة السطحية ألنها تنتج ذكرى تتكون من عدة إسنادات ،ألن هذه األخيرة اي املعالجة
السطحية ال توفر الخصائص التي تسمح بمرور املعطيات إلى الذاكرة البعيدة املدى (زغبوش
بنعيس ى .)2008ويمكن تصنيف الترميز عموما إلى ثالثة أصناف :الرموز الحسية ،الرموز
املختلطة (املعجمية والتصويرية) ،الرموز الداللية.)Alain, L., 1993( .
التخزين: ▪
يعد أهم مرحلة في االشتغال الذاكري ولكن ليس كل ما يتم ترميزه يخزن في الذاكرة ،إذ
أن مصدر الجزء األكبر من التمثالت هو التالش ي واالختفاء ،فنحن ال نخزن في الذاكرة سوى
1%من املعلومات .فإذا كانت الذاكرة القصيرة املدى تخزن املعلومات من خالل آلية التكرار
الذهني ،فإن الذاكرة البعيدة املدى تخزن املعلومات الواردة إليها من خالل آلية التدعيم .ويمكن
أن "ينتج التدعيم عن توافق عال مع املحتوى السابق للذاكرة Signore,J.I( 1991,. ".حيث يتم
إدماج التمثالت الجديدة في التمثالت القديمة بسهولة .ويتخذ التخزين مدد زمنية متباينة قد
تمتد من بضع ثواني إلى مدى الحياة ،فالذكريات املخزنة في الذاكرة البعيدة املدى تدوم سنوات
حتى لو تعرضت للتالش ي أو عوضت بمعلومات جديدة ،بينما تدوم في الذاكرة القصيرة املدى
فقط لبضع ثوان ،فنظرا للسعة املحدودة لهذه الذاكرة ،فإذا لم تتم معالجة املعلومات فيها
بتفعيل آلية التكرار الذهني سيصيبها التلف وستعوض بمعلومات جديدة
االسترجاع: ▪
حسب مرسيي ودوري ،يعتبر " سيرورة تسمح بالنفاذ إلى املعلومات في الذاكرة البعيدة األمد في
الوقت املالئم ،لتوفيرها في الذاكرة العاملة بهدف معالجة املعطيات املستقاة من املحيط"
()Mercier & Doré., 1992
ويكون االسترجاع ناجعا إذا كان سياقه أشبه بسياق تكون الذكرى ،وهذا ما يسميه "تولفينغ"
باسم "مبدأ خصوصية الترميز" ،فعدم استرجاع املعلومات يكون في الغالب بسبب وجود الفرد
في سياقات معرفية وجدانية مختلفة عن تلك التي بنيت فيها .واسترجاع املعلومات يتم من خالل
سيرورتي:
ـ التذكر :الذي يسمح باسترجاع املعلومات املخزنة في الذاكرة البعيدة املدى وتوفيرها للذاكرة
العاملة ،وهو ال يفترض وجود اتصال إدراكي بين املثير والفرد ،حيث يسمح باسترجاع املعلومات
في غياب املوضوع ،فإذا كان اإلنسان قادرا على تذكر ماض ليست له فيه تجربة شخصية
مباشرة ،ماض نقل إليه من قبل األجيال السالفة حسب تعبير ،)1978(Vygotskyفهذه
العملية (التذكر) مرتبطة في جزء مهم منها باللغة (زغبوش بنعيس ى .)2008فاسترجاع املاض ي
يتم من خالل اللغة (الفاظ ،حركات ،صور ذهنية .)...ويتخذ التذكر اشكاال متعددة نوجزها
فيما يلي" :التذكر الحر ويقص د به تذكر الشخص للمعلومة كما تتبادر له في الذاكرة ،التذكر
الفوري هو تذكر الشخص فورا للمعلومة عند تقديم آخر عنصر لقائمة من العناصر ،التذكر
املؤجل يتم بعد تنفيذ املهمة تسمى مهمة وسيطة ،التذكر بمؤشر يتم بمساعدة عناصر على
استرجاع املعلومات ،والتذكر التسلسلي يفرض تذكر املعلومة حسب الترتيب الذي قدمت فيه
هذه املعلومة" (.)Godefroid, J.O., 2008
ــ التعرف :يحيل التعرف على اإلحساس الذي يكون عند الشخص حول معلومة مدركة
حديثا ،والتي تم تخزينها سابقا .ويعتبر التعرف أكثر تعقيدا من التذكر ،إذ يمكننا أن نتعرف على
معلومة ال نستطيع تذكرها ،إن أهم ميدان عرف نشاطا مكثفا في دراسة آلية التعرف ،هو
ميدان التعرف على الوجوه بسبب املتغيرات الهائلة التي توظفها هذه العملية ،وكمية املعلومات
التي تستدعيها من الذاكرة (اسم الشخص ،طوله ،عنوانه ،صوته ،أصدقاؤه ،تاريخه .)...وتكمن
أهمية التعرف وتفضيله عن التذكر حسب Tiberghien, 1991في أنه ينشط أكثر من آلية في
اشتغاله "هذا التفضيل ناتج عن الضبط الكبير للمفتاح الذي منحته الوضعية السياقية أثناء
عملية التعرف" (زغبوش بنعيس ى .)2008 ،ويرجع عمق التعرف إلى اعتماده على سيرورتين
مختلفتين :سيرورة ذهنية نازلة تسمح بالتعرف على األشياء وفق مانعتقده حول هذه األشياء،
وسيرورة ذهنية صاعدة تقوم على التعرف على األشياء كما هي بشكل مباشر.
التذكر والتعرف إذن سيرورتان تسمحان بالنفاذ إلى الذاكرة السترجاع املعلومة (التذكر) أو
إلدراك معلومة كانت مخزنة سابقا (التعرف) .فالتذكر والتعرف هما آليتان السترجاع املعلومات
املخزنة في الذاكرة ،وذلك بعد أن يتم ترميزها.