2011 مبادئ و حماية الحقوق و الحريات الأساسية ٍ (-1

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 33

‫ماستر الحقوق اإلنسانیة في الق انون الدولي والتشریع الوطني‬

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫دستور ‪ 1122‬و مبادئ و حمایة الحقوق و الحریات األساسیة‬


‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫من إعداد الطلبة ‪:‬‬

‫االستاذ ‪ :‬فقيهي دمحم‬ ‫يوسف مغلي‬


‫دمحم امزيان‬
‫انوار العمراوي‬
‫إلياس جموس‬
‫عثمان بوكلفان‬
‫عادل نعمان‬

‫السنة الجامعية‬
‫‪61020-6102‬م‬
‫التصمیم ‪:‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬دسترة الحقوق و الحريات األساسية‬
‫المطلب األول ‪ :‬فلسفة دسترة الحقوق و الحريات األساسية‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬دسترة الحقوق و الحريات في المغرب‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الضمانات الدستورية و للحقوق و الحريات األساسية‬
‫المطلب األول ‪ :‬الضمانات التشريعية و المؤسساتية‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الحماية القضائية للحقوق و الحريات األساسية‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫إ ن تأسيس دولة الحق والقانون التي تزدهر فيها حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫لألفراد‪ ،‬يتطلب بذل جهود متواصلة والقيام بإصالحات تشريعية ومؤسساتية مهمة من أجل‬
‫إعطاء أكبر ضمانة حقيقية لعملية التطور نحو إرساء قواعد حقوق اإلنسان وحرياته العامة‪.‬‬
‫فبعد استقالل المغرب صدرت عدة نصوص تتعلق بالحريات العامة للمواطنين‬
‫المغاربة‪ ،‬أخذت أحيانا طابعا تشريعيا وأحيانا أخرى طابعا تصريحيا إلى غاية إصدار‬
‫دستور ‪ 1962‬الذي كرس الحقوق والحريات المعترف بها‪ ،‬مانحا إياها إطارا قانونيا أعلى‪.‬‬
‫ولقد صدرت خالل الفترة االنتقالية (‪ )1962-1958‬عدة خطابات ووعود ملكية‬
‫وظهائر تضمن حقوق وحريات المواطنين‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬العهد الملكي بتاريخ ‪ 8‬مايو ‪ 1958‬الذي يحدد نظام الملكية الدستورية ويضمن‬
‫حرية التعبير والنشر واالجتماع وتكوين الجمعيات وتم تقييد هذه الحريات بما‬
‫يفرضه احترام النظام الملكي وحفظ كيان الدولة ومقتضيات الصالح العام )‪ .(1‬ولقد‬
‫صدر العهد الملكي في شكل خطاب وجهه دمحم الخامس إلى األمة يوم ‪ 8‬مايو ‪1958‬‬
‫وأكد فيه ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬االستقالل ليس غاية وإنما هو وسيلة لتحقيق اصالحات جوهرية وتزويد البالد بأنظمة‬
‫ومؤسسات سياسية ودستورية سليمة‪.‬‬
‫‪ -‬أفضل حكم ينبغي أن تعيش في ظله بالد تتمتع بسيادتها وتمارس شؤونها بنفسها هو‬
‫الحكم الديمقراطي‪.‬‬
‫‪ -‬التمييز بين السلطتين التشريعية والتنفيذية‪.‬‬
‫‪ -‬إقرار مبدأ حقوق االنسان والحريات العامة بالقانون‪.‬‬
‫‪ -‬وحرصا منا على ممارسة رعايانا الحريات السياسية وتمتعهم بحقوق االنسان‪ ،‬فإننا‬
‫سنضمن لهم حرية التعبير والنشر واالجتماع وتكوين الجمعيات‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫عبد الحليم العربي ‪ ،‬محاضرات حول "حقوق اإلنسان والحريات العامة " ‪ ،‬السنة الجامعية ‪2012-2012‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ ‬وفي ‪ 15‬نونبر من نفس السنة صدرت ثالثة ظهائر تتعلق بتنظيم ممارسة بعض‬
‫الحقوق والحريات الجماعية‪ ،‬التي جاءت في خطاب ‪ 1958‬السابق الذكر‪ ،‬وتخص‬
‫حرية تكوين الجمعيات وحريات التجمعات العمومية وحريات الصحافة‪ .‬هذا‬
‫باالضافة إلى صدور ظهير ‪ 16‬يوليوز ‪ 1957‬المتعلق بالحرية النقابية‪.‬‬
‫‪ ‬وندرج في نفس السياق إصدار القانون األساسي للمملكة بتاريخ ‪ 2‬يونيو ‪ 1961‬والذي‬
‫يشكل مرجعية قانونية للحقوق والحريات العامة لما يتضمنه من مبادئ عامة تتمثل في إقرار‬
‫هذا القانون لمساواة المواطنين في الحقوق والواجبات والتزام الدولة بصيانة كرامة‬
‫األشخاص وكفالة الحريات الخاصة والعامة وفصل السلط واستقالل القضاء لضمان العدل‬
‫)‪.(1‬‬
‫ولقد تضمن هذا القانون مجموعة من الحقوق المعترف بها للمواطنين ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬المساواة في الحقوق والواجبات‬
‫‪ -‬واجب الدولة في صيانة كرامة األفراد وضمان الحريات العامة والخاصة‪.‬‬
‫‪ -‬حق اللجوء إلى المحاكم وضمان العدالة‪.‬‬
‫‪ -‬واجب الدولة في حماية األفراد ضد أعمال السلطة الغير المشروعة‪.‬‬
‫‪ -‬إقرار نظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق العدالة الجماعية وتنمية اإلنتاج وتحسين المستوى‬
‫المعيشي للمواطن وتأميم الثروات الوطنية‪.‬‬
‫إن مجرد اإلعالن عن الحقوق والحريات العامة رغم ال يكفي لتأمين ممارستها‪،‬‬
‫فالحريات المعلن عنها يجب أن تترسخ في الوسط اإلجتماعي والسياسي عن طريق تحديد‬
‫)‪(2‬‬
‫كي يتسنى نقلها إلى حريات‬ ‫صحيح لمضمونها ومعناها‪ ،‬وتعيين شروط لممارستها‬
‫معترف بها في قوانين الدولة ‪ ،‬وهذا االنتقال قد يتم بواسطة السلطات التأسيسية أو التشريعية‬
‫)‪(3‬‬
‫‪ .‬وهذا المفهوم يتطابق مع تعريفنا للحريات العامة بكونها تلك الحريات‬ ‫أو التنفيذية‬
‫المعترف بها من قبل الدولة لألفراد والمنظمة قانونيا بواسطة النصوص الوطنية والدستورية‬
‫والتشريعية أو التنظيمية وكذا الدولية‪ ،‬مما يجعلها تخضع لحماية قانونية فعلية‪ ،‬وهذا ما‬
‫)‪(1‬‬
‫دمحم ظريف ‪ " :‬حقوق االنسان بالمغرب"‪ -‬دراسة في القانون العام المغربي‪ .‬منشورات المجلة المغربية لعلم االجتماع السياسي‪،‬‬
‫مطبعة المعاريف الجديدة الرباط‪ ،1992-‬ص ‪.11‬‬
‫)‪ (2‬عبد الحليم العربي ‪ ،‬مرجع سابق‬
‫)‪(3‬‬
‫رقية مصدق " الحريات العامة وحقوق االنسان " ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ 1999 ،‬ص ‪.99‬‬

‫‪3‬‬
‫تأتى عندما عملت الدولة المغربية على دسترة الحقوق والحريات العامة في أول دستور‬
‫صدر سنة ‪ 1962‬ثم توالت بعده دساتير سنة ‪ -1996-1992-1972-1970‬أخرى لتؤكد‬
‫تشبث المغرب وتعهده باحترام الحقوق والحريات على المستوى الوطني وكما هي متعارف‬
‫عليها دوليا‪ ،‬وصوال إلى دستور ‪ 2011‬الذي عمل على ترسيخ حماية حقوق اإلنسان‬
‫والحريات العامة‪ ،‬وكان هذا بمثابة إعالن على إدراجها ضمن الثوابت األساسية التي يقوم‬
‫عليها النظام السياسي كما هو الشأن بالنسبة للدعامات األخرى كاإلسالم والملكية الدستورية‬
‫والوحدة الترابية‪ .‬فاإلقرار بالتشبث بحماية حقوق اإلنسان هي متعارف عليها في ديباجة‬
‫أسمى قانون في البالد هو تعبير حقيقي على اإلرادة السياسية للدولة في توطيد احترام‬
‫الحقوق والحريات للمواطن‪،‬‬
‫إن مرجعية الدستور تمثل في حد ذاتها دعامة أساسية لحماية حقوق اإلنسان على‬
‫المستوى الوطني‪ ،‬وتشكل تعبيرا قويا عن الطابع العالمي والبعد الكوني لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫ألن الدولة تتعهد وتضع على عاتقها التزامات دولية مرتبطة بضمان االحترام العالمي‬
‫لحقوق اإلنسان واالعتراف بالكائن البشري كمحور للحقوق المتساوية للصيقة بالكرامة‬
‫اإلنسانية ‪. 1‬‬
‫ويمكن القول أن الدسترة اليوم أصبحت سمة األنظمة الحالية ‪ ،‬حيث دولت الدساتير‬
‫وأصبحت الحاملة لإلديولوجية الحديثة لدولة القانون ‪ ،‬كما يمكن التأكيد على أن معنى‬
‫الدسترة ينصب على آثارها التي تحدثها ‪ ،‬فهي األكثر بروزا‪ ،‬فلم يستفد هذا المفهوم من أي‬
‫تعريف نظري أو مذهبي‪ ،‬فعادة ما يستعمل بدون تحديد معناه‪ ،‬ويبدو كمسلمة ينطلق منها ال‬
‫تحتاج إلى اساس أو تأسيس‪ ،‬وقد أسهمت دسترة الحقوق والحريات وضمانها في جعل دولة‬
‫القانون أكثر فعالية ‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق ‪ ،‬فإن الحديث عن الحقوق و الحريات األساسية الواردة في دستور‬
‫‪ 1122‬تثير إشكاليات كثير سواء على المستوى النظري أو على مستوى الممارسة ‪ ،‬الشيء‬
‫الذي سنحاول مالمسته من خالل اإلجابة على اإلشكالية التالية ‪ :‬إلى أي مدى استطاع‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬يوسف البحيري ‪ ،‬حقوق اإلنسان و الحريات العامة جدلية الكونية و الخصوصية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2012 ،‬ص ‪. 93‬‬

‫‪2‬‬
‫المشرع الدستوري المغربي ضمان الحقوق و الحريات األساسية من خالل الوثيقة‬
‫الدستورية ؟‬
‫و في خضم اإلجابة عن اإلشكالية المحورية ‪ ،‬سنطرح األسئلة الفرعية التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬ما المقصود بالدسترة ؟‬
‫‪ -‬لماذا دسترة الحقوق و الحريات األساسية ؟‬
‫‪ -‬وهل دسترة الحقوق و الحريات تعني حمايتها ؟‬
‫وذلك من خالل التصميم التالي ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬دسترة الحقوق و الحريات األساسية‬


‫المبحث الثاني ‪ :‬الضمانات الدستورية و للحقوق و الحريات األساسية‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬دسترة الحقوق و الحريات األساسية‬

‫إن الحديث عن صيرورة دسترة الحقوق و الحريات في المغرب (المطلب‬


‫الثاني) ‪ ،‬ال يمكن أن يستقيم دون الحديث عن مفهوم و تطور الدسترة في حد ذاتها‬
‫وذلك من خالل الحديث عن فلسفتها (المطلب األول) ‪،‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬فلسفة دسرتة احلقوق و احلريات األساسية‬

‫أصبحت الدسترة سمة األنظمة الحالية ‪ ،‬حيث دولت الدساتير و أصبحت‬


‫الحاملة لأليديولوجية الحديثة لدولة القانون و حيث أنه ‪ " :‬ال يمكننا القيام بتعريف‬
‫جديد إال بواسطة مفاهيم سبق شرحها صراحة " كما ذكر ‪ pfersmann‬فقد تطور‬
‫الدسترة ‪ constitutionnalisme‬الذي ارتبط بمفهوم الدستور في المرحلة الولى‬
‫‪ ،‬فالتعاريف لمفهوم الدستور تنطلق من معيارين أساسيين (مفهمين) ‪ ،‬فأما المفهوم‬
‫المادي ‪ ،‬يتعلق بكونه " مجموع القواعد المتعلقة بتنظيم الدولة "‪ ،‬و تطور إلى أن‬
‫يكون موضوعه تنظيم السلطات العمومية للدولة ‪ ،‬و أما مفهوم الشكلي ‪ ،‬فيعرفه بأنه‬
‫باقي المعايير ‪ ،‬التي تشكل األساس‬ ‫" مجموعة المعايير التي تسمى قيمتها‬
‫لسالمتها ‪.‬‬
‫فقد تك ثف معناه ‪ ،‬ليعرف تعريفا يدرج أبعاده الجديدة المبرزة لتوسع مفهومه‬
‫ووظائفه ف ‪ :‬الدستور هو عمل محكومين و الدستور هو عمل حي ‪ ،‬و الدستور‬
‫عمل يهم المجتمع ‪.‬‬
‫فقد ترتب عن ذلك إبراز المواطن وتزكيته الممثل و أدى إلى جعل موضوعة أكثر‬
‫اتساعا ليخلق حريات و حقوقا ‪ ،‬تستجيب و يتكيف مع التطورات االقتصادية و‬
‫االجتماعية ‪.‬‬
‫وهكذا فإن ‪ :‬القانون الدستوري الذي يعد قانون دولة ‪ ،‬فأصبح أيضا قانون‬
‫المجتمع ‪ .‬و أصبحت الدسترة تتطابق مع دولة القانون و تتساوق مع الديمقراطية‬
‫وخاصة بفضل القضاء الدستوري ‪.‬‬
‫أدى هذا التطور إلى فتح الطريق إلى تكريس تعبير جديد و هو الدسترة فيما‬
‫يسمى باللغة الفرنسية ‪ constitutionnalisme :‬فهو تعبير حديث في فرنسا‬
‫‪ constitutionalism‬السائد في الواليات المتحدة‬ ‫يستعمل بموجبه مصطلح‬
‫‪9‬‬
‫األمريكية و كذا ما يقابله النظام األلماني و اإليطالي و الذي يعني سمو الدستور‬
‫على كل معيار أخر على المستوى السياسي الذي يجعله تصرفا ناتجا عن توافق‬
‫اجتماعي ‪ ،‬حيث استعماله بين جميع الفاعلين ‪ .‬و الذي يجد ضمانة قانونية لحمايته ‪.‬‬
‫وتجسد هذا البعد القانوني في إقامة رقابة دستورية التي تضمن حماية الدستور ‪،‬‬
‫في سموه ‪ .‬و بذلك تحول الدستور من تصرف على هامش الحياة السياسية و‬
‫القانونية و االجتماعية ‪ .‬ليبعث من جديد إلى الحياة السياسية و االجتماعية و‬
‫القانونية بعد التساؤالت التي طرحت حوله ليستقر الدستور في معناه القانوني فلم‬
‫يعد مجرد ميثاق سياسي بدون اثر ‪ .‬بل اكتسب الطبيعة المعيارية القانونية ‪ .‬بتحوله‬
‫إلى قاعدة القانونية ترتب الجزاء على مخالفتها ‪ .‬بواسطة الرقابة الدستورية ‪،‬‬
‫أحدثت أثارا قانونية همها الدسترة العمودية و األفقية أي ما يتعلق بتعريف الدسترة‬
‫في حد ذاتها و في تأثيره على مختلف الميادين القانون حيث كان المطلوب أن‬
‫يصبح الدستور مقررا ‪ .‬لقد كرس تعاريف قضائي للدستور بفعل اجتهاد المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي تجسد في خلق الطائفة الدستورية الذي وسع من المكونات‬
‫الدستورية حيث إضافة إلى المواد الدستورية و كذا ديباجة الدستور ‪ 2‬أكتوبر‬
‫‪ ،1921‬و ما أحال إليه من إعالن حقوق اإلنسان و المواطن سنة ‪ 1119‬و ديباجة‬
‫الدستور ‪ 1929‬و المبادئ األساسية المعترف بها من قوانين الجمهورية‪.‬‬

‫إنجر عن ذلك التوسيع بأن أصبح المجلس الدستوري حاميا للحقوق و الحريات‬
‫مما رتب تغييرا مس مجاله توسيعا و كذا طبيعة هذا المجال ‪ .‬فلم يعد الدستور‬
‫المنظم للسلطات العمومية السياسية فقط ‪.‬كما في التصور التقليدي القائم على الفصل‬
‫بين السلطات ‪ .‬فقط كما في التصور التقليدي ‪ ،‬القائم على الفصل بين السلطات ‪.‬‬
‫و هكذا و بتأثير من المجلس الدستوري ‪ ،‬فقد أصبحت مصادر القانون و الحريات و‬
‫الحقوق خ اضعة للمعايير الدستورية ‪ ،‬فقد تحولنا من مفهوم الشرعية إلى مفهوم‬
‫الدسترة ‪ ،‬حيث كان ‪ favoreu‬قد رصد ذلك ‪ " :‬فاألشياء تتغير مع إحداث‬
‫المجلس الدستوري ‪ .‬فإن الشرعية العادية أصبحت تابعة للشرعية الدستورية ‪.‬‬
‫و قد أسهمت دسترة الحقوق و الحريات و ضمانها في جعل دولة القانون أكثر‬
‫فعلية وكما كتب رائد هذه الدسترة الحديثة ‪ favoreau l.‬فكرة تحقيق دولة القانون‬
‫تهيمن على القانون الدستوري فجميع الهيئات بما فيها البرلمان خاضعة الحترام‬
‫قواعد القانون و خاصة تلك التي تحمي حقوق األساسية‪.‬‬

‫حيث أنه بفضل دولة القانون أصبح هناك قانونا دستوريا حقيقيا ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وهكذا فإن مفهوم الدستور أصبح ثالثي المكونات ‪ ،‬و هي الهيئات المعايير و‬
‫الحريات ‪ .‬كان هذا التحول في مفهوم الدستور من توسيع لمجاله و كذا من حيث‬
‫طبيعته متسامين مع انطالق مسار دسترة القانون عموما و الذي أدى إلى أن يمتد‬
‫إلى جميع فروع القانون حيث أصبح مألوفا إثارة دراسة األسس الدستورية لكل‬
‫فروع القانون والذي تمثل في البحث عن ربط كل القانون بأسس النص الدستوري‬
‫أطلق ذلك مسارا للدسترة نتيجة لألخذ للمعايير الدستورية سواء في التشريع أو‬
‫القضاء خصوصا من حيث تكريسها و ترتب الجزاء على مخالفتها المكرس‬
‫بتأسيس الرقابة الدستورية أنتجت هده الرقابة اجتهادا كثيفا م قبل المجلس الدستوري‬
‫‪ ،‬و خاصة ما تعلق بمجال حماية الحقوق و الحريات ‪ ،‬و تأثير ذلك على المعايير‬
‫القانونية و الذي كان بفضل كثرة اإلخطار الناتجة عن تعديل الدستور ‪ 1912‬و‬
‫الذي سمح له بسلطة اإلخطار ل ‪ 90‬عضوا سواء من الجمعية الوطنية والغرفة‬
‫العليا ‪.‬‬
‫و الحقيقة أن مجال الدسترة مس فمعظم فروع القانون و إن كانت بدرجة‬
‫متفاوتة و قد رصد األستاذ فافورو مظاهر ذلك فيما يتعلق بالقانون العام ‪.‬‬
‫وكان اجتهاد المجلس الدستوري هو المغذي الحقيقي للدسترة ‪.‬‬
‫و الحقيقة أن وجود تلك القرارات و االجتهادات الدستورية ال يعني وجود‬
‫الدسترة فال يكفي الوجود مهما كانت كميته أو نوعيته للحكم بدسترة أي ميدان أو‬
‫مفهوم فيجب التمييز بينهما أي بين وجود المعايير الدستورية الناتجة عن االجتهاد‬
‫الدستوري و تأثيرها فاستخالص دسترة القانون انطالقا من قرارات المجلس‬
‫الدستوري يعني الخلط بين نقطة االنطالق المصدر مع النتيجة أي بين مصدر‬
‫الدسترة و نتيجتها وأثارها و لذلك فقد أشار فافورو إى ضرورة التمييز لضبط‬
‫مفهوم الدسترة فهو قد الحظ أن البعض اعتبر أن هناك تطابق بين وجود أسس‬
‫دستورية ودسترة القانون فإذا كان التطابق يحدث بين الوضعيتين غالبا فاألمر ليس‬
‫كذلك دائما فهما ظاهرتان متمايزتان ‪.‬‬
‫والحقيقة أن دسترة القانون التي شرحها و فسرها فافورو وكان أول مرة‬
‫رصدها ‪ .‬قد اعتبر أنه من األكيد أنه بدون قضاء دستوري ما كان لمسار الدسترة‬
‫أن يكون ‪ .‬تمر الدسترة حسب فافورو من مرحلتين ‪ :‬المرحلة األولى تتمثل في‬
‫مرحلة تراكم لمعايير و أما الثانية فتتمثل في انتشار تلك المعايير فهذا المسار‬
‫المندمج هو المحرك لدسترة القانون عموما و انتشار لكامل فروع القانون ‪ ،‬فتراكم‬
‫المعايير الدستورية أحدثته بالخصوص اجتهادات المجلس الدستوري أساسا ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫و أما عن االنتشار فيرى أنه يؤدي إلى تمثل النظام القانوني للمعايير القانونية‬
‫و الذي أمكن تحقيقه بفضل اعتبار الدستور كقاعدة قانونية ‪ .‬فمعيارية الدستور‬
‫أصبحت أمرا مقبوال لدى شريحة واسعة من رجال القانون ‪.‬‬
‫ويمكن التأكيد على هذا المعنى الدسترة ينصب على أثرها التي تحدثها فهي‬
‫أكثر بروزا التي تعد المعنى المستعمل في هذه الرسالة فلم يستفد هذا المفهوم من أي‬
‫تعريف نظري أو مذهبي فعادة ما يستعمل بدون تعديد معناه و يبدو كمسلمة ينطلق‬
‫منها ال تحتاج ألساس و تأسيس ‪.‬‬
‫و هكذا فإن الدسترة التي مست الهيئات الدستورية استفادت من دسترة قانونية ‪.‬‬
‫حيث تحول الدستور من وثيقة سياسية إلى نص قانوني بفضل اجتهاد المجلس‬
‫الدستوري في فرنسا مما عزز من معياريته ‪.‬‬
‫و أما الدسترة كترقية ‪ .‬فهي التي مست مصادر القانون ‪ .‬فقد حدد الدستور‬
‫صالحيات السلطات العمومية‪ .‬وسهر على احترام التوزيع الذي أصبح دستوريا ‪.‬‬
‫ويسهر المجلس الدستوري على احترامه وذلك من باب الحرص على الدستورية ‪.‬‬
‫التي قد يتهددها التفسير الواسع الختصاصات كل سلطة عمومية‪ .‬سواء كانت‬
‫تشريعية أو تنظيمية ‪.‬‬
‫و أما الدسترة كتحول فتتعلق أساس بدسترة الحقوق و الحريات التي أدت إلى‬
‫التأثير الشديد على مختلف فروع القانون ‪.‬فهذا النمط من الدسترة األكثر استعماال و‬
‫هو المقصود في الدراسة عندما نتناول دسترة قانون معين‪.1‬‬
‫نستخلص على ضوء ذلك تعريفا للدسترة فهي مسار إلطفاء الطابع الدستوري‬
‫على المعايير القانونية للنظام القانوني يتمثل في ترقية المعايير في الهرمية‬
‫الدستورية التي أدى تأثيرها إلى تحول الدستور في فروع القانون المختلفة‪.‬‬
‫يمكننا التأكيد على إن ظاهرة الدسترة التي امتدت إلى نظم دستورية نتيجة للتأثر‬
‫بالنموذج األلماني المستند إلى نظرية الحقوق األساسية وتعاظم تأثيرها مع انتشار‬
‫هذا النوع من الدسترة و خاصة في دول أوروبا الشرقية و الدول العربية و كذا‬
‫الدول اإلفريقية فيما بعد ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أحمد دخينيسة‪ ،‬دسترة القانون اإلداري‪ ،‬أطرحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬فرع القانون العام‪ ،‬جامعة الجزائرـ‪-2012‬‬
‫‪.2019‬‬

‫‪9‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬دسرتة احلقوق و احلريات يف املغرب‬

‫تمت دسترة أهم الحقوق والحريات العامة المعترف بها للمواطن المغربي ابتداء من‬
‫دستور ‪ ،1962‬وبعد ذلك في دساتير ‪( 1996-1992-1972-1970‬الفقرة األولى) ‪،‬‬
‫وصوال إلى دستور‪( 2011‬الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الحقوق والحريات العامة المكرسة في دساتير ‪1996-1992-1972-‬‬

‫‪1970-1962‬‬
‫نصت الدساتير المغربية المتعاقبة )‪ )1996-1992-1972-1970‬كلها بشكل متقارب‬
‫في بابها األول على الحقوق والحريات للمواطنين المغاربة‪ .‬وقد أراد المشرع من خالل هذه‬
‫الدسترة رفع مستوى بعض النصوص ذات الطبيعة التشريعية مثل قانون الحريات لسنة‬
‫‪ 1958‬والقانون األساسي للملكة لسنة ‪ 1961‬إلى درجة نصوص دستورية أسمى‪.‬‬
‫ولقد توات رت هذه الحقوق والحريات في الدساتير المتوالية منذ سنة ‪ ،1962‬إلى أن تمت‬
‫مراجعة دستوري ‪ 1996-1992‬مما ساهم في إغناء حقوق اإلنسان من خالل التأكيد في‬
‫ديباجة هذه الدساتير على تشبث المغرب بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا ‪ ،‬إال‬
‫أنه ال يكفي تكريس الحقوق والحريات العامة في الدستور بل يجب توفير الوسائل الالزمة‬
‫من أجل تحقيق تطبيقها في الواقع العملي‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم الحقوق والحريات العامة الواردة في الباب األول من الدساتير المغربية إلى‬
‫نوعين ‪ :‬منها ما يدخل في إطار الحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬وأخرى تدخل في إطار الحقوق‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬ومن المالحظ أن نفس التمييز اعتمدته األمم المتحدة عند‬
‫‪ .1966/10/16‬فاألول خاص بالحقوق المدنية‬ ‫إقرارها للعهدين الدوليين في تاريخ‬
‫‪1‬‬
‫والسياسية وأما الثاني فهو خاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫اوال ‪ :‬الحقوق المدنیة والسیاسیة قبل دستور ‪2011‬‬

‫أهم الحقوق المدنية والسياسية الواردة في الباب األول من الدساتير ‪:‬‬


‫‪ -‬تساوي الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق السياسية ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد الحليم العربي ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -‬لكل مواطن ذكرا كان أم أنثى الحق في أن يكون ناخبا إذا بلغ سن الرشد‪.‬‬
‫كما ضمنت أيضا هذه الدساتير لجميع المواطنين ‪:‬‬
‫‪ -‬حرية التجول بجميع أنحاء المملكة ( الفصل التاسع الفقرة األولى )‬
‫‪ -‬حرية الرأي والتعبير بجميع أشكاله وحرية االجتماع ( الفصل التاسع الفقرة الثانية )‬
‫‪ -‬حرية تأسيس الجمعيات وحرية االنخراط في أية منظمة نقابية وسياسية (الفصل التاسع‬
‫الفقرة الثالثة )‬
‫‪ -‬ال يلقى القبض على أحد وال يعتقل وال يعاقب إال وفق الشروط المنصوص عليها في‬
‫القانون ( الفصل العاشر )‬
‫‪ -‬سرية المراسالت ( الفصل الحادي عشر)‬
‫ثانیا ‪ :‬الحقوق االقتصادیة واالجتماعیة والثق افیة قبل دستور ‪2011‬‬

‫وتتلخص هذه الحقوق على ضوء الدساتير المغربية السابقة فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬مساواة جميع المواطنين في تقلد المناصب والوظائف العمومية ( الفصل الثاني عشر)‪.‬‬
‫‪ -‬الحق في التربية والشغل ( الفصل الثالث عشر) واإلضراب ( الفصل الرابع عشر)‬
‫‪ -‬ضمان حق الملكية وحرية المبادرة الخاصة ( الفصل الخامس عشر) ‪.‬‬
‫وإذا كانت الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية تقتضي تدخال من الدولة لتوفير‬
‫العناصر المادية الالزمة لممارستها‪ ،‬والتي تتمثل في إنشاء المرافق العامة الضرورية‪،‬‬
‫فالحقوق المدنية والسياسية ال تستلزم تدخال من الدولة‪ ،‬فهي تفترض وجود مجال متروك‬
‫للفرد يستطيع التصرف في حدوده دون أن تتدخل الدولة إليقافه‪ .‬هذا وتعد الحقوق الحقوق‬
‫ضئيلة بالمقارنة مع الحريات‪. 1‬‬
‫الدساتير المغربية المتعاقبة وفرت مجمال نفس الحقوق والحريات التي نجدها في‬
‫الدساتير األوروبية العريقة‪ .‬لكن ما يهم ليس هو وفرة أو قلة الحقوق والحريات من خالل‬
‫هذا التنصيص الذي تتداخل فيه وبدرجة متفاوتة الحقوق المدنية والسياسية والحقوق‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪ ،‬فالحقوق كما قال ‪ R. BADINTER‬ال تتطور إال في‬
‫حالة ضمان تفعيلها وتطبيقها في الواقع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ذة‪ .‬رقية مصدق ‪ " :‬حقوق اإلنسان والحريات العامة" م‪،‬س‪.‬ص ‪10‬‬

‫‪11‬‬
‫ولقد أدت التغيرات التي طرأت على المجتمع المغربي في التسعينات ورغبته في بناء‬
‫دولة الحق والقانون إلى تعزيز االعتراف بحقوق اإلنسان في ديباجة دساتير ‪1996-1992‬‬
‫التي تضمنت التزام المغرب بما ينجم عن مواثيق المنظمات الدولية التي هو عضو نشط فيها‬
‫" من مبادئ وحقوق وواجبات " كما يؤكد تشبثه بحقوق اإلنسان كما هو متعارف عليها‬
‫دوليا )‪.(1‬‬
‫ولهذه العبارة داللة مهمة فيما يتعلق باعتراف المغرب باالتفاقيات الدولية المتعلقة‬
‫بحقوق اإلنسان التي صادق عليها‪ ،‬خاصة عندما نعلم بأنه صادق على عدد مهم من‬
‫المعاهدات الدولية لحقوق اإلنسان ‪:‬‬
‫‪ -‬كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬
‫‪ -‬العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫‪ -‬معاهدة القضاء على كل أشكال التمييز المرأة ‪.‬‬
‫‪ -‬معاهدة مناهضة التعذيب وغيره من المعامالت والعقوبات القاسية ‪.‬‬
‫‪ -‬معاهدة حماية العمال المهاجرين وأفراد عائالتهم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬دستور ‪6100‬‬

‫لقد جاء دستور ‪ 1122‬في سياق وطني و دولي متميز ‪ ،‬حيث عرفت المنطقة‬
‫العربية انتشار احتجاجات و تحوالت واسعة النطاق ‪ ،‬همت العديد من الدول العربية‬
‫في إطار ما أصبح يعرف بالربيع العربي ‪ ،‬و قد امتدت هذه التحوالت أيضا للمغرب‬
‫الذي عرف بدوره حركة احتجاجية هامة قادتها حركة ‪ 11‬فبراير ‪.‬‬
‫وقد أدى هذا الوضع إلى تسريع وثيرة اإلصالح الدستوري و السياسي بالمغرب‬
‫‪ ،‬إلى جانب عدة عوامل أخرى من أهمها اإلرادة الملكية و انخراط المؤسسة الملكية‬
‫في مسار اإلصالح ‪ ،‬و وعي األحزاب السياسية بأهمية و حساسية المرحلة ‪ ،‬زيادة‬
‫على وجود تراكم في المغرب بفضل نضاالت أحزاب الحركة الوطنية و القوى‬
‫الديمقراطية بالمغرب ‪.1‬‬

‫)‪(1‬‬
‫خالفا للتعهد األول الذي يعتبر تقليديا في الدساتير المغربية الخمس‪ ،‬فإن الفقرة المتعلقة باحترام حقوق االنسان كما هو متعارف‬
‫عليها دوليا أدمجت ألول مرة في الدستور المعدل سنة ‪ 1992‬واحتفظ بها في الدستور المعدل الحالي لسنة ‪. 1999‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬أحمد مفيد ‪ ،‬الحقوق و الحريات األساسية في الدساتير المغربية ‪ ،‬منشورات الجمعية المغربية للقانون الدستوري ‪ ،2013 ،‬ص ‪20‬‬

‫‪12‬‬
‫وقد جاء دستور ‪ 1122‬ليتوج هذه االصالحات ‪ ،‬حيث تمت بلورته كميثاق وطني‬
‫حقيقي أسمى لحقوق اإلنسان ‪ ،‬فقد مكنت دسترة حقوق اإلنسان من الضمان‬
‫الدستوري لطابعها النهائي ‪ ،‬و من ترسيخها كمكتسبات استراتيجية لألمة ‪.1‬‬

‫ومقارنة مع الدساتير المغربية السابقة ‪ ،‬يمكن القول بأن دستور ‪ 1122‬يشكل‬


‫بداية جديدة في تاريخ الحماية الدستورية للحقوق و الحريات ‪ .‬فالدساتير السابقة لم‬
‫تكن تنص على العديد من الحقوق المدنية و السياسية ‪ ،‬كما لم تتطرق بشكل نهائي‬
‫ألهم الحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية ‪ ،‬و ال تتضمن أية مقتضيات تتعلق‬
‫بحقوق التضامن ‪ ،‬كما أنها لم تكن تتضمن النص على المساواة بين الرجال و النساء‬
‫في سائر الحقوق ‪ ،‬وهذا ما خلق وضعية الالمساواة بين الجنسين ‪.‬‬
‫وبالرجوع لمقتضيات دستور ‪ ، 1122‬يتبين بجالء بأن مسألة الحقوق و الحريات‬
‫األساسية حظيت بعناية كبيرة ‪ ،‬على مستوى الديباجة و كذلك على مستوى مجموعة‬
‫من األبواب والفصول ‪ .‬فالدستور الجديد يتضمن العديد من األحكام العامة ‪ ،‬التي‬
‫تشكل أساسا لممارسة سليمة و صحيحة للحقوق و الحريات ‪ .‬وهذه األحكام تحترم‬
‫المرتكزات األساسية للحقوق و الحريات المتعارف عليها عالميا ‪ ،‬و المتجلية أساسا‬
‫في "شمولية و كونية حقوق اإلنسان " من جهة ‪ ،‬و "عدم قابليتها للتجزئة "من جهة‬
‫ثانية ‪ ،‬و في " سمو المقتضيات القانونية الدولية على التشريعات الوطنية " من جهة‬
‫ثالثة‪. 2‬‬

‫وفي هذا الصدد نص المشرع الدستوري إلى جانب األحكام العامة الواردة في‬
‫التصدير ‪ ،‬على مجموعة من الحقوق و الحريات األساسية المعترف بها للمواطن‬
‫المغربي ‪ ،‬التي يمكن تقسيمها إلى حقوق مدنية و سياسية و حقوق إقتصادية و‬
‫اجتماعية و ثقافية ‪ ،‬و هو ما سنتناوله في هذه الفقرة ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬األحكام العامة‬

‫ففي تصدير الدستور – و الذي أصبح جزءا من الدستور ‪ –3‬تم التنصيص‬


‫على أن الدستور "‪ ...‬المملكة المغربية ‪ ،‬العضو النشيط في المنظمات الدولية‪ ،‬تتعدد‬
‫بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات‪ ،‬وتؤكد تشبثها بحقوق اإلنسان‬
‫كما هي متعارف عليها دوليا‪ ،‬كما تؤكد عزمها على مواصلة العمل للمحافظة على‬
‫السلم واألمن في العالم"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عمر هالل ‪ ،‬حقوق اإلنسان خيار وطني ال رجعة فيه و التزام دولي ال محيد عنه ‪ ،‬محاضرات االستاذ عبد الحق عزوزي ‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ، 2012-2013‬مع تصرف من الطلبة ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أحمد مفيد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪22-21 :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الفقرة األخيرة من تصدير دستور ‪.2011‬‬

‫‪13‬‬
‫كما جاء في تصدير الدستور التأكيد على التزام المغرب بالعمل على " ‪...‬‬
‫حماية منظومتي حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني والنهوض بهما واإلسهام‬
‫في تطويرهما‪ ،‬مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق‪ ،‬وعدم قابليتها للتجزيء‪.‬‬
‫حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بين الجنس أو اللون أو المعتقدات أو الثقافة‬
‫أو االنتماء اإلجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو اإلعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان‪.‬‬
‫جعل االتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب‪ ،‬وفي نطاق أحكام الدستور‪،‬‬
‫وقوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة‪ ،‬تسمو فور نشرها‪ ،‬علة التشريعات‬
‫الوطنية‪ ،‬والعمل على مالءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة "‪.‬‬
‫رغم أهمية هذه المقتضيات فإن بعضها ال يخلو من عدة ثغرات وتعد مدخال‬
‫لعدم احترام وضمان ما ترتبط به من حقوق وحريات ‪ ،‬حيث أن ربط سمو االتفاقيات‬
‫الدولية على التشريعات الوطنية بكيفية مصادقة المغرب عليها وبضرورة توافقها‬
‫على أحكام الدستور وقوانين المملكة والحرية الوطنية ‪ ،‬كل ذلك يؤدي إلى طابع‬
‫الخصوصية على حقوق اإلنسان بالمغرب وهذا يتنافى مع الطابع الكوني لحقوق‬
‫اإلنسان ويجعل المقتضيات السابقة مجرد إعالن نوايا وشعارات تعترضها العديد من‬
‫الصعوبات على مستوى التطبيق والممارسة ‪.1‬‬

‫ثانیا ‪:‬األحكام الخاصة‬

‫إلى جانب هذه األحكام العامة ‪ ،‬فقد تضمن الدستور المغربي الجديد العديد‬
‫من المقتضيات الخاصة المؤطرة و المنظمة للحقوق الدستورية ‪ ،‬فقد تم التنصيص‬
‫على حرية تأسيس األحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجمعيات المدنية والفصل‬
‫‪ 7‬منه ينص على أن ‪ ... ":‬األحزاب وتمارس أنشطتها بكل حرية وفي نطاق احترام‬
‫الدستور والقانون‪ "...‬وينص الفصل ‪ 21‬من الدستور على أن تؤسس جمعيات‬
‫المجتمع المدنية والمنظمات غير الحكومية وتمارس أنشطتها بحرية في نطاق احترام‬
‫الدستور والقانون‪.‬‬
‫وقد نص الدستور النص على عدم إمكانية حل أو توقيف كل من األحزاب السياسية‬
‫والمنظمات النقابية ومنظمات المجتمع المدني إال بمقتضى مقرر قضائي ‪ ،‬وهذا من‬
‫شأنه إيقاف كل التعسفات اإلدارية التي كانت تمس هذه الحريات المخالفة للقانون‬
‫الدولي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أحمد مفيد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬

‫‪12‬‬
‫وينص الفصل ‪ 21‬من الدستور على أنه " تعمل المملكة المغربية على حماية الحقوق‬
‫والمصالح المشروعة للمواطنين والمواطنات المغاربة المقيمين في الخارج ‪ ،‬في‬
‫إطار احترام القانون الدولي‪ ،‬والقوانين الجاري بها العمل في بلدان االستقبال‪، "...‬‬
‫وينص الفصل ‪ 27‬من الدستور على أنه " يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق‬
‫المواطنة كاملة ‪ ،‬بما فيها حق التصويت والترشيح في االنتخابات‪."...‬‬
‫زيادة على كل ما سبق ‪ ،‬فإن من أهم مستجدات الدستور الجديد ‪ ،‬هو تخصيصه باب‬
‫خاص بالحقوق و الحريات األساسية ‪ ،‬و التي همت مختلف مجاالت حقوق اإلنسان‬
‫المدنية و السياسية ‪ ،‬و الحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية و البيئية ‪ . 1‬و‬
‫يالحظ في هذا اإلطار اتساع دائرة الحقوق و الحريات المعنية بالحماية الدستورية في‬
‫‪2‬‬
‫وثيقة ‪ 1122‬التي تتضمن ‪ 12‬فصال مقارنة مع دستور ‪ 2991‬الذي أورد ‪ 22‬فصال‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬الحقوق و الحريات المدنية و السياسية ‪:‬‬

‫وفي هذا المجال نص الدستور على العديد من الحقوق والحريات المدنية‬


‫والسياسية و على كيفية ممارستها ‪ ،‬كما يحيل إلى القانون لتنظيمها ووضع تدابير‬
‫زجرية تطبق على كل من ينتهكها ‪ ،‬ومن هذه الحقوق نذكر ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -2‬الحق في المساواة ‪ ،‬بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية والبيئية(الفصل ‪.)29‬‬
‫‪ -1‬الحق في الحياة( الفصل ‪.)11‬‬
‫‪ -3‬حق كل شخص في سالمة شخصه وأقربائه ‪ ،‬وحماية ممتلكاته(الفصل ‪.)12‬‬
‫‪ -4‬حق كل شخص في السالمة الجسدية أو المعنوية( الفقرة ‪2‬الفصل ‪.)11‬‬
‫‪ -5‬الحق في المعاملة االنسانية( الفقرة ‪1‬الفصل ‪.)11‬‬
‫‪ -1‬تجريم التعذيب ( الفقرة ‪ 3‬الفصل ‪.)11‬‬
‫‪ -7‬عدم جواز اعتقال أي شخص أو متابعته أو إدانته إال طبقا للقانون‬
‫(الفقرة‪2‬الفصل ‪. )13‬‬
‫‪ -8‬تجريم االعتقال التعسفي أو السري واالختفاء القسري (الفقرة‪2‬الفصل ‪.)13‬‬
‫‪ -9‬حق كل شخص معتقل في معرفة أسباب اعتقاله باللغة التي يفهمها وحقه في‬
‫اتخاد االجراءات التي يضمنها له الدستور والقوانين المعمول بها (الفقرة‪1‬الفصل ‪)13‬‬
‫‪ -21‬قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة (الفقرة‪3‬الفصل ‪.)13‬‬
‫‪ -22‬حق كل شخص معتقل بحقوق أساسية‪ ،‬وبظروف اعتقال إنسانية‪ .‬ويمكنه أن‬
‫يستفيد من برامج للتكوين وإعادة اإلدماج (الفقرة‪4‬الفصل ‪.)13‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬أحمد مفيد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬يوسف البحيري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -21‬يُح َ‬
‫ظر كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف (الفقرة‪5‬الفصل‬
‫‪.)13‬‬
‫‪ -23‬يُعاقب القانون على جريمة اإلبادة وغيرها من الجرائم ضد اإلنسانية ‪،‬‬
‫وجرائم الحرب ‪ ،‬وكافة االنتهاكات الجسيمة و الممنهجة لحقوق اإلنسان (الفقرة‬
‫االخيرة الفصل ‪. )13‬‬
‫‪ -24‬الحق في حماية احياة الخاصة لألشخاص(الفقرة األولى الفصل‪. )14‬‬
‫‪ -25‬حرمة المنزل (الفقرة‪ 1‬الفصل ‪.)14‬‬
‫‪ -21‬االتصاالت الشخصية ‪ ،‬كيفما كان شكلها (الفقرة ‪ 3‬الفصل ‪.)14‬‬
‫‪ -27‬حرية التنقل عبر التراب الوطني واالستقرار فيه ‪ ،‬والخروج منه ‪ ،‬والعودة‬
‫إليه ‪ ،‬مضمونة للجميع وفق القانون (الفقرة األخيرة الفصل ‪.)14‬‬
‫‪ -28‬حرية الفكر والرأي والتعبير (الفصل ‪.)15‬‬
‫‪ -29‬الحق في الحصول على المعلومة (الفصل‪.)17‬‬
‫‪ -11‬حرية الصحافة (الفصل ‪.)18‬‬
‫‪ -12‬حريات االجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي ‪ ،‬وتأسيس الجمعيات ‪،‬‬
‫واالنتماء النقابي والسياسي مضمونة‪ .‬ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات‬
‫(الفقرة ‪ 19‬الفصل‪.)19‬‬
‫‪ -11‬الحق في االضراب (الفقرة ‪1‬الفصل ‪.)19‬‬
‫‪ -13‬الحق في التصويت والترشيح (الفصل ‪.)35‬‬
‫‪ -14‬الحق في الملكية الفردية (الفقرة‪ 3‬الفصي ‪. )3‬‬
‫‪ ‬الحقوق للحقوق والحريات االقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪:‬‬

‫إضافة للحقوق المدنية و السياسة السابقة الذكر ‪ ،‬يتضمن الدستور النص على‬
‫العديد من الحقوق والحريات االقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪ ،‬و لكن تجدر اإلشارة‬
‫إلى أن المشرع المغربي جعل هذا النوع من الحقوق مجرد أهداف ستعمل الدولة من‬
‫أجل تحقيقها وليس التزامات تقع على مسؤولية الدولة لصيانتها ‪ ،‬لهذا وردت في‬
‫الفصل ‪ 32‬من الدستور عبارة ‪ "..‬تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات‬
‫الترابية ‪ ،‬على تعبئة كل الوسائل المتاحة ‪ ،‬لتيسير أسباب استفادة المواطنين‬
‫والمواطنات ‪ ،‬على قدم المساواة ‪ ،‬من الحق في ‪:‬‬
‫‪ -‬العالج والعناية الصحية ;‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية والتغطية الصحية ‪ ،‬والتضامن التعاضدي أو المنظم من‬
‫لدن الدولة ;‬
‫‪ -‬الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة ;‬
‫‪19‬‬
‫‪ -‬التنشئة على التشبث بالهوية المغربية ‪ ،‬والثوابت الوطنية الراسخة ;‬
‫‪ -‬التكوين المهني واالستفادة من التربية البدنية والفنية ;‬
‫‪ -‬السكن الالئق ;‬
‫‪ -‬الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل‪ ،‬أو‬
‫في التشغيل الذاتي ;‬
‫‪ -‬ولوج الوظائف العمومية حسب االستحقاق ;‬
‫‪ -‬الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة ;‬
‫‪1‬‬
‫"‪.‬‬ ‫‪ -‬التنمية المستدامة‬
‫كما نص الفصل ‪ 15‬فقرة ‪ 1‬على أن ‪ " :‬حرية اإلبداع والنشر والعرض في‬
‫مجاالت اإلبداع األدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة "‪ ،‬وتضمن الفصل‬
‫‪ " 11‬تُدعم السلطات العمومية بالوسائل المالئمة ‪ ،‬تنمية اإلبداع الثقافي والفني ‪،‬‬
‫والبحث العلمي والتقني والنهوض بالرياضة‪ .‬كما تسعى لتطوير تلك المجاالت‬
‫وتنظيمها ‪ ،‬بكيفية مستقلة ‪ ،‬وعلى أسس ديمقراطية ومهنية مضبوطة "‪ ،‬ونص‬
‫الفصل ‪ 19‬على أن " الحق في اإلضراب مضمون ‪ ،‬ويحدد قانون تنظيمي شروط و‬
‫كيفيات ممارسته ‪".‬‬
‫وقد نص الفصل ‪ 31‬على توفير الحماية الحقوقية واالجتماعية واالقتصادية‬
‫لألسرة ‪ ،‬بمقتضى القانون ‪ ،‬بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها ‪،‬‬
‫وتوفير الحماية القانونية لجميع األطفال ‪ ،‬بكيفية متساوية ‪ ،‬بصرف النظر عن‬
‫وضعيتهم العائلية ‪ ،‬وعلى أن التعليم األساسي حق للطفل وواجب على األسرة‬
‫والدولة‪.‬‬
‫كما نص الفصل ‪ 34‬من الدستور ‪ " :‬تقوم السلطات العمومية بوضع و تفعيل‬
‫سياسات موجهة إلى األشخاص والفئات من ذوي االحتياجات الخاصة‪ .‬ولهذا‬
‫الغرض ‪ ،‬تسهر خصوصا على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬معالجة األوضاع الهشة لفئات من النساء واألمهات ‪ ،‬ولألطفال واألشخاص‬
‫المسنين والوقاية منها ;‬
‫‪ -‬إعادة تأهيل األشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية ‪ ،‬أو حسية حركية ‪،‬‬
‫أو عقلية ‪ ،‬وإدماجهم في الحياة االجتماعية والمدنية ‪ ،‬وتيسير تمتعهم بالحقوق‬
‫والحريات المعترف بها للجميع "‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أحمد مفيد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪11‬‬
‫ونصت الفقرة األخيرة من الفصل ‪ " : 35‬تسهر الدولة على ضمان تكافؤ‬
‫الفرص للجميع ‪ ،‬والرعاية الخاصة للفئات االجتماعية األقل حظا "‪.‬‬
‫و لكن بالرغم من دسترة العديد من الحقوق و الحريات في دستور ‪، 1122‬‬
‫فإنه يبقى التساؤل المطروح عن ماهية الضمانات التي أقرها المشرع الدستوري‬
‫بهدف حمايتها ؟ و ما مدى انعكاس ذلك على مستوى الممارسة العملية ؟ و هذا هو ما‬
‫سيكون محور حديثا في المبحث الثاني ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الضمانات الدستورية و للحقوق و‬


‫الحريات األساسية‬
‫إن النص على الحقوق و الحريات في مقتضيات الوثائق الدستورية ‪ ،‬ال يعتبر‬
‫ذو قيمة و أهمية ما لم يتم إرفاق ذلك بالنص على مجموعة من الضمانات الضرورية‬
‫لحمايتها على مستوى الممارسة ‪ ،‬ومن بين أهم الضمانات المتعارف عليها في ظل‬
‫الدول الديمقراطية ‪ ،‬الضمانات التشريعية و المؤسساتية (المطلب األول) ‪ ،‬و كذا‬
‫القضائية (المطلب الثاني )‬
‫املطلب األول‪ :‬الضمانات التشريعية و املؤسساتية للحقوق و‬
‫احلريات األساسية‬

‫سنحاول في هذا المطلب الحديث عن الضمانات التشريعية لحماية الحقوق و‬


‫الحريات األساسية في (الفقرة األولى) على أن نخصص (الفقرة الثانية ) للحديث عن‬
‫الضمانات المؤسساتية ‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الضمانات التشريعية لحماية الحقوق والحريات األساسية‬

‫نص الدستور ‪ 1122‬على مجموعة من الضمانات لحماية و ضمان ممارسة‬


‫سليمة للحقوق و الحريات األساسية ‪ ،‬حيث أن الدساتير السابقة كانت تتميز بالضعف‬
‫أو باألحرى غياب الضمانات واآلليات التي تكفل حماية فعلية لهذه الحقوق و‬
‫الحريات ‪ ،‬الشيء الذي ساهم بشكل كبير في وقوع العديد من االنتهاكات ومساس‬
‫كبير بهذه الحقوق والحريات ولتجاوز ذلك تضمن دستور ‪ 1122‬العديد من‬
‫الضمانات من أهمها الضمانات التشريعية ‪.‬‬
‫و نذكر من بين مظاهر هذه الضمانات التشريعية إسناد البرلمان سلطة‬
‫التشريع في كل ما يتعلق بالحقوق و الحريات ‪ ،‬حيث ينص الفصل ‪ 72‬من الدستور‬
‫على اختصاص القانون بالتشريع في "الحقوق و الحريات األساسية المنصوص عليها‬

‫‪11‬‬
‫في التصدير‪ ،‬وفي فصول أخرى من هذا الدستور‪ ،"..‬وذلك باإلضافة إلى‬
‫االختصاصات المسندة إليه بفصول أخرى ‪ ،‬و ربط الدستور ممارسة العديد من‬
‫الحقوق و الحريات بإصدار قوانين تنظيمية أو قوانين عادية ‪ ،‬كما هو الحال في‬
‫القانون المتعلق باألمازيغية ‪ ،‬و القانون التنظيمي المتعلق بتقديم ملتمسات في مجال‬
‫التشريع ‪ ،‬و القانون التنظيمي المتعلق بالحق في تقديم عرائض إلى السلطات‬
‫العمومية ‪ ،‬والقانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات ‪ ،‬و القانون‬
‫التنظيمي المتعلق بالحق في ممارسة اإلضراب ‪ ،‬و أيضا المتعلق بالجهات و‬
‫الجماعات الترابية الذي سيحدد شروط تقديم العرائض من قبل المواطنين‬
‫والمواطنات والجمعيات لمطالبة المجالس الجهوية بإدراج نقطة تدخل ضمن‬
‫اختصاصاتها في جدول أعمالها طبقا للفصل ‪ 239‬من الدستور ‪ ،‬و تأتي أهمية‬
‫الضمانات التشريعية من قيمة القوانين والتشريعات التي تصدر عن البرلمان و كذا‬
‫القوانين التنظيمية حيث تعتبر هذه األخيرة مكملة و مفسرة لمقتضيات الدستور‬
‫وتصدر بناءا على فصول دستورية صريحة و تخضع في ذلك لمساطر معقدة في‬
‫سنها و للرقابة اإللزامية على مدى دستورية بنودها ‪.1‬‬

‫و تعتبر القوانين العادية هي األخرى ذات أهمية لكونها تجسد تعبيرا عن إرادة‬
‫األمة و تخضع في سنها للعديد من اإلجراءات ‪ ،‬كما تساهم السلطة التشريعية في‬
‫حماية الحقوق والحريات من خالل الدور الرقابي الذي تقوم به على العمل الحكومي‬
‫اعتمادا على مختلف اآلليات و الوسائل التي يتيحها الدستور للبرلمان في هذا الصدد‪،‬‬
‫بما في ذلك تكوين لجان تقصي الحقائق ‪ ،‬و تقديم ملتمسات رقابية ‪ ،‬و تقديم األسئلة ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وتقييم السياسات العمومية بما في ذلك السياسات الحقوقية ‪..‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الضمانات المؤسساتية‬
‫لقد حرص نص الدستور الجديد لسنة ‪ 1122‬على تكريس حماية حقوق‬
‫اإلنسان والنهوض بها وحماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية‬
‫والمستدامة والديمقراطية التشاركية ‪ ،‬وذلك من خالل إحداث و دسترة عدد من‬
‫المؤسسات الوطنية‪.‬‬
‫و هكذا أحدث الدستور الجديد عبر فصوله الممتدة من الفصل ‪ 212‬إلى‬
‫الفصل‪ 271‬كل من الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز والمجلس‬
‫األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي والمجلس االستشاري لألسرة والطفولة‬
‫والمجلس االستشاري للشباب والعمل الجمعوي ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ذ‪.‬أحمد مفيد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪29‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ذ أحمد مفيد ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪21‬‬

‫‪19‬‬
‫كما أقر القانون األسمى للبالد دسترة كل من المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‬
‫ومؤسسة "الوسيط" ومجلس الجالية المغربية بالخارج والهيئة العليا لالتصال السمعي‬
‫البصري ومجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ‪.1‬‬

‫‪ ‬المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‬


‫جاء في نص الدستور أن المجلس الوطني لحقوق اإلنسان "مؤسسة وطنية‬
‫تعددية ومستقلة ‪ ،‬تتولى النظر في القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق اإلنسان‬
‫والحريات وحمايتها ‪ ،‬وبضمان ممارستها الكاملة ‪ ،‬والنهوض بها وبصيانة كرامة‬
‫وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين ‪ ،‬أفرادا وجماعات‪ ،‬وذلك في نطاق‬
‫الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال" ‪. 2‬‬

‫‪ ‬الوسيط‬
‫فقد نص الدستور على أنها "مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة‪ ،‬مهمتها الدفاع‬
‫عن الحقوق في نطاق العالقات بين اإلدارة والمرتفقين‪ ،‬واإلسهام في ترسيخ سيادة‬
‫القانون‪ ،‬وإشاعة مبادئ العدل واإلنصاف‪ ،‬وقيم التخليق والشفافية في تدبير اإلدارات‬
‫والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صالحيات السلطة‬
‫‪3‬‬
‫العمومية‪".‬‬

‫‪ ‬مجلس الجالية المغربية بالخارج‬


‫وفي مجال صيانة حقوق المغاربة بالخارج‪ ،‬أقر الدستور دسترة مجلس الجالية‬
‫المغربية بالخارج كمؤسسة تتولى‪ ،‬على الخصوص‪" ،‬إبداء الرأي حول توجهات‬
‫السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على‬
‫عالقات متينة مع هويتهم المغربية‪ ،‬وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم‪ ،‬وكذا‬
‫المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه" ‪.4‬‬

‫‪ ‬الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز‬


‫تم بموجب الدستور الجديد‪ ،‬إحداث الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع‬
‫أشكال التمييز‪ ،‬تسهر على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في نفس‬
‫الفصل ‪ 29‬من الدستور الذي يؤكد على تمتع "الرجل والمرأة‪ ،‬على قدم المساواة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬انظر موقع المجلس الوطني ‪http://www.cndh.ma/ar/bulletin-d-information/lmwsst-lmny-bhqwq-lnsn- :‬‬
‫‪ lty-tm-hdthh-w-dstrh-bmwjb-ldstwr-ljdyd‬تاريخ الزيارة‪ 10/05/2017‬الساعة‪8: 32‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 191‬من الدستور‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪. 192‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪193‬‬

‫‪20‬‬
‫بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫والبيئية‪،‬الواردة في هذا الباب من الدستور‪ ،‬وفي مقتضياته األخرى‪ ،‬وكذا في‬
‫االتفاقيات والمواثيق الدولية‪ ،‬كما صادق عليها المغرب‪ ،‬وكل ذلك في نطاق أحكام‬
‫الدستور وثوابت المملكة وقوانينها" ‪ ،‬مع مراعاة االختصاصات المسندة للمجلس‬
‫الوطني لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫وزيادة على المجالس والهيئات الحقوقية السابقة الذكر‪ ،‬فقد نص الدستور على‬
‫إحداث العديد من الهيئات والمجالس ذات االرتباط الوثيق بمجال حماية الحقوق‬
‫والحريات األساسية‪ ،‬ومن بين هذه الهيئات‪:‬‬

‫‪ ‬الهيئة العليا لالتصال السمعي البصري‬


‫وفي يتصل بهيئات الحكامة الجيدة والتقنين‪ ،‬أكد الدستور على أن الهيئة العليا‬
‫لالتصال السمعي البصري تتولى السهر على احترام التعبير التعددي لتيارات الرأي‬
‫والفكر‪ ،‬والحق في المعلومة في الميدان السمعي البصري‪ ،‬وذلك في إطار احترام‬
‫القيم الحضارية األساسية وقوانين المملكة‪.‬‬

‫‪ ‬مجلس المنافسة‬
‫أما مجلس المنافسة فقد نص القانون األسمى على أنه هيئة مستقلة‪" ،‬مكلفة في‬
‫إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة بضمان الشفافية واإلنصاف في العالقات‬
‫االقتصادية‪ ،‬خاصة من خالل تحليل وضبط وضعية المنافسة في األسواق‪ ،‬ومراقبة‬
‫الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز‬
‫االقتصادي واالحتكار"‪.‬‬

‫‪ ‬الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‪ ،‬أكد الدستور على أن هذه‬
‫الهيئة تتولى‪ ،‬على الخصوص‪" ،‬مهام المبادرة والتنسيق واإلشراف وضمان تتبع‬
‫تنفيذ سياسات محاربة الفساد‪ ،‬وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال‪ ،‬والمساهمة في‬
‫تخليق الحياة العامة‪ ،‬وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة‪ ،‬وثقافة المرفق العام‪ ،‬وقيم‬
‫المواطنة المسؤولة"‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬المجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلم‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪191‬‬

‫‪21‬‬
‫وفي مجال هيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية‪،‬‬
‫تم بموجب الدستور الجديد إحداث مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلم‪ ،‬وهو‬
‫"هيئة استشارية‪ ،‬مهمتها إبداء اآلراء حول كل السياسات العمومية‪ ،‬والقضايا الوطنية‬
‫التي تهم التعليم والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬وكذا حول أهداف المرافق العمومية‬
‫المكلفة بهذه الميادين وتسييرها‪ .‬كما يساهم في تقييم السياسات والبرامج العمومية في‬
‫هذا المجال" ‪.1‬‬

‫‪ ‬المجلس االستشاري لألسرة والطفولة‬


‫كما أحدث الدستور المجلس االستشاري لألسرة والطفولة‪ ،‬ليضطلع بمهمة "تأمين‬
‫تتبع وضعية األسرة والطفولة‪ ،‬وإبداء آراء حول المخططات الوطنية المتعلقة بهذه‬
‫الميادين‪ ،‬وتنشيط النقاش العمومي حول السياسة العمومية في مجال األسرة‪ ،‬وضمان‬
‫تتبع وإنجاز البرامج الوطنية‪ ،‬المقدمة من قبل مختلف القطاعات‪ ،‬والهياكل واألجهزة‬
‫المختصة"‪.2‬‬

‫‪ ‬المجلس االستشاري للشباب والعمل الجمعوي‬


‫وأخيرا أحدث النص الدستوري المجلس االستشاري للشباب والعمل الجمعوي كهيئة‬
‫استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية‪ .‬وهو مكلف‬
‫"بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين‪ ،‬وتقديم اقتراحات حول كل موضوع‬
‫اقتصادي واجتماعي وثقافي‪ ،‬يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل‬
‫الجمعوي‪ ،‬وتنمية طاقاتهم اإلبداعية‪ ،‬وتحفيزهم على االنخراط في الحياة الوطنية‪،‬‬
‫بروح المواطنة المسؤولة" ‪.3‬‬
‫ويترجم إحداث هذه المؤسسات انخراط المغرب‪ ،‬غير الرجعي‪ ،‬في مسار‬
‫تعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها في كونيتها و وترابطها وعدم قابليتها للتجزيء‪.‬كما‬
‫ان المؤسسات المعنية بحماية حوق االنسان الاتتصر على الموسسات السالفة الذكر‬
‫حيث ان هناك مجموعة من الهيئات و المؤسسات االخرى المهتمة بحماية حقوق‬
‫االنسان مثل الوزارات داخل الحكومة المغربي‪،‬المجلس االستشاري لحقوق‬
‫اإلنسان‪،‬المجلس االستشاري لمتابعة الحوار االجتماعي‪،‬ديوان المظالم –‬
‫البرلمان‪،‬مؤسسات غير حكومية‪،‬العصبة المغربية للدفاع عن حقوق اإلنسان‪،‬المنظمة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز لعروسي التشريع المغربي المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية التشريع المغربي اإلتفاقيات الدولية لحقوق‬
‫اإلنسان ‪:‬مالءمات قانونية و دستورية العدد ‪ 11‬سنة ‪ 2012‬الصفحة ‪323‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الفصلين ‪ 32‬و ‪199‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الفصلين ‪ 33‬و ‪110‬‬

‫‪22‬‬
‫المغربية لحقوق اإلنسان‪،‬الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان ‪،‬الهالل األحمر المغربي‪،‬‬
‫األحزاب والجمعيات ‪.1‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬احلماية القضائية للحقوق و احلريات األساسية‬

‫تقوم السلطة القضائية بدور بارز في حماية الحقوق والحريات و إرساء كيان‬
‫الدولة و تثبيت نظامها االجتماعي و السياسي و االقتصادي‪ ،2‬ولقد عرف الدستور‬
‫المغربي لسنة ‪ 1122‬وظيفة القاضي حيث نص الفصل ‪ 227‬على أن‪":‬يتولى‬
‫القاضي حماية حقوق األشخاص و الجماعات و حرياتهم و أمنهم القضائي و تطبيق‬
‫القانون "‪.‬‬
‫إن النصوص التشريعية مهما بلغت جودتها ستظل غير كافية لوحدها لضمان‬
‫حماية فعلية للحقوق و الحريات من أي انتهاكات قد تعترضها ‪،‬ومن هنا تأتي أهمية‬
‫الرقابة القضائية في ضمان هذه الحقوق باالستناد لمبدأ المشروعية الذي يتضمن‬
‫خضوع الجميع بمن فيها اإلدارة ألحكام القانون وال يتم هذا التطبيق العملي إال من‬
‫‪3‬‬
‫خالل األجهزة القضائية‪.‬‬
‫فما هو دور القضاء في ضمان حماية الحقوق و الحريات من تجاوزات السلطة‬
‫التشريعية والتنفيذية ومن األفراد (الفقرة األولى) و أين تتجلى مظاهر هذه الحماية‬
‫القضائية ( الفقرة الثانية )‬
‫الفقرة األولى ‪:‬دور القضاء في حماية الحقوق و الحريات األساسية من التجاوزات‬

‫سنتطرق لدور القضاء في ضمان حماية الحقوق و الحريات األساسية من‬


‫تجاوز السلطة التشريعية (أوال) والتنفيذية (ثانيا) ومن تجاوز األفراد (ثالثا)‬

‫أوال ‪:‬دور القضاء في حمایة الحقوق و الحریات األساسیة من تجاوز السلطة التشریعیة‬

‫إن أهم ما تضطلع به الدساتير و تهدف إليه هو ضمان الحقوق و الحريات و ال‬
‫يتأتى ذلك إال بواسطة سلطا عليا تتولى الرقابة و الحفاظ على المبادئ الدستورية و‬
‫حسن تطبيقها بحيث يمنع المشرع العادي عن انتهاك تلك المبادئ أثناء سنه للقوانين‬
‫و لهذا تم إنشاء مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين وعدم جواز إصدار أي‬
‫قانون يخالف أحكام وقواعد الدستور ألن هذه األخيرة تسمو على ما سواها من‬
‫القواعد القانونية العادية ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز لعروسي ‪ ،‬مرجع السابق ‪ ،‬ص ‪177‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد العالي العبودي‪،‬مقالة بعنوان المجلس األعلى كمؤسسة لتعقيب األحكام‪،‬مجلة القانون و االقتصاد عدد ‪ 1‬سنة‪،1991‬صفحة ‪129‬‬
‫‪3‬‬
‫ساسي سالم الحاج‪،‬المفاهيم القانونية لحقوق اإلنسان عبر الزمان و المكان‪،‬لبنان‪،1991،‬الطبعة الثانية‪،‬ص‪221‬‬

‫‪23‬‬
‫ولقد أوكل الدستور الفرنسي لسنة ‪ 2958‬مهمة الرقابة على دستورية القوانين قبل‬
‫إصدارها إلى المجلس الدستوري وكذلك الحال في المغرب حيث منح دستور سنة‬
‫‪ 1122‬هذه المهمة إلى المحكمة الدستورية (الباب الثامن من الدستور) ‪ ،‬وهناك‬
‫طريقتان لممارسة الرقابة القضائية على دستورية القوانين ‪:‬‬
‫‪-0‬الرقابة القضائية عن طريق الدعوى األصلية (رقابة إلغاء)‬

‫الهدف من الدعوى األصلية هو إلغاء و إبطال القانون المفترض أنه غير‬


‫دستوري ولقد أخذ الدستور المغربي بالطعن على عدم دستورية القوانين قبل‬
‫إصدارها عن طريق الدعوى األصلية على غرار المشرع الدستوري الفرنسي‬
‫(المجلس الدستوري )‪،‬أي أخذه بنظرية اإللغاء السابقة (وقائية و قبلية) على إصدار‬
‫القوانين ‪ ،‬وبالتالي ال مجال لممارسة الرقابة القضائية من طرف المحاكم على‬
‫دستورية القوانين عن طريق الدعوى األصلية بحيث أوكل دستور ‪ 1122‬هذه المهمة‬
‫للمحكمة الدستورية (الباب الثامن) بحيث تتولى رقابة وجوبية على القوانين التنظيمية‬
‫قبل إصدار األمر بتنفيذها و األنظمة الداخلية لمجلس النواب و المستشارين قبل‬
‫الشروع في تطبيقها للبث في مطابقتها للدستور ‪ ،‬و يمكن للملك ‪ ،‬وكذا لكل من رئيس‬
‫الحكومة أو رئيس مجلس مجلس النواب‪،‬أو رئيس مجلس أو ربع أعضاء من مجلس‬
‫النواب المستشارين أو أربعين عضو من أعضاء مجلس المستشارين أن يحيلوا‬
‫القوانين قبل اإلصدار األمر بتنفيذها إلى المحكمة الدستورية لتبث في مطابقتها‬
‫للدستور‪.‬‬
‫‪-6‬الرقابة القضائية عن طريق الدفع بعدم الدستورية‬

‫إن هذا النوع من الرقابة يمارس بمناسبة نظر المحكمة في دعوى معروضة‬
‫عليها قد تكون محكمة مدنية أو جنائية أو تجارية أو إدارية بحيث يتقدم للمدعي أو‬
‫المدعى عليه للمطالبة بعدم دستورية القانون المراد تطبيقه عليه ‪ ،‬وأهم صورة‬
‫لتطبيق هذا الدفع نجده في النموذج األمريكي حيت يحق لكل مواطن الدفع بعدم‬
‫الدستورية أمام جميع المحاكم (محاكم الواليات‪،‬المحاكم الفدرالية ) ورغم أن الدستور‬
‫األمريكي لم ينص صراحة على هذا الدفع فأن المحكمة الفدرالية العليا قررت فحص‬
‫دستورية القوانين في حكمها الشهير في قضية ‪ MARBURY‬ضد‬
‫‪ MADISON‬برئاسة القاضي ‪ MARSHALL‬سنة ‪.12813‬‬

‫ولقد أخذ المشرع الدستوري الفرنسي بالرقابة عن طريق الدفع بالتعديل‬


‫الدستوري لسنة ‪ 1118‬حيث نصت المادة ‪ 2-12‬على "إذا ثبت أثناء النظر في‬

‫‪1‬‬
‫شكيب المستتر‪،‬محاضرات في القانون الدستوري‪،‬كلية الحقوق بفاس ‪،‬السنة ‪،1991-1991‬صفحة ‪22‬‬

‫‪22‬‬
‫دعوى أمام جهة قضائية أن نصا تشريعيا يمثل اعتداء على الحقوق و الحريات التي‬
‫يكفلها الدستور جاز إشعار المجلس الدستوري‪-‬بناء على إحالة من مجلس الدولة أو‬
‫محكمة النقض التي يفصل فبها في أجل محدد"‬
‫أما على الصعيد الوطني فقد نص الفصل ‪ 233‬من دستور ‪ 1122‬على أن‬
‫المحكمة الدستورية هي المختصة بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون‪،‬‬
‫أثير أثناء النظر في القضية‪،‬وذلك إذا دفع أحد األطراف بأن القانون الذي سيطبق في‬
‫النزاع يمس بالحقوق و الحريات التي يضمنها الدستور ‪ ،‬ومازال لم يصدر إال اآلن‬
‫القانون التنظيمي الذي يحدد شروط و إجراءات تطبيق هذا الفصل‪.‬‬
‫وفي حالة تصريح المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون فإنه ال يطبق فقط بل‬
‫‪1‬‬
‫يكون مصيره النسخ‬

‫ثانیا ‪ :‬دور القضاء في حمایة الحقوق و الحریات األساسیة من تجاوز السلطة التنفیذیة‬

‫في مقابل سلطات اإلدارة هناك حقوق لألفراد تقرها القوانين و التنظيمات ‪،‬‬
‫وأحيانا تتعرض هذه الحقوق لالنتهاك و الخرق وأمام هذه العالقة الجدلية نشأ ما‬
‫يسميه علم القانون اإلداري بالمنازعات اإلدارية ويسمى القضاء الذي يختص بحل‬
‫هذه المنازعات بالقضاء اإلداري و هو ينقسم إلى شقين ‪:‬‬

‫‪ ‬قضاء التعويض الذي يطالب فيه األفراد بتعويض الضرر الذي لحقهم من‬
‫جراء عمل إداري‬
‫‪ ‬قضاء اإللغاء الذي يطالب فيه األفراد بإلغاء قرار إداري مشوب بأحد عيوب‬
‫الشرعية‬
‫فالرقابة القضائية على أعمال اإلدارة تختلف من بلد آلخر فهناك النمط‬
‫األنجلوساكسوني وهو يسمى بالقضاء الموحد ثم النمط الفرانكفوني أو القضاء‬
‫المزدوج‪.‬‬
‫في المغرب تم إحداث المحاكم اإلدارية بموجب قانون رقم ‪ 42.91‬الصادر سنة‬
‫‪ 2993‬التي تختص بالبث في طلبات إلغاء قرارات السلطة اإلدارية بسبب تجاوز‬
‫السلطة وفي النزاعات المتعلقة بالعقود اإلدارية و دعاوى التعويض عن األضرار‬
‫التي تسببها أعمال و نشاطات أشخاص القانون العام و تختص كذلك بفحص شرعية‬
‫القرارات اإلدارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الفصل ‪ 132‬من دستور ‪ 29‬يوليوز ‪،2011‬جريدة رسمية عدد ‪ 2992‬مكررالصادرة في ‪ 30‬يوليوز ‪2011‬‬

‫‪22‬‬
‫وتتميز هذه المحاكم بوجود مفوض ملكي للدفاع عن الحق و القانون و هو‬
‫جهاز محايد يشبه مفوض الحكومة قي فرنسا حيث أن أهم قرارات مجلس الدولة‬
‫الفرنسي كانت مرتبطة بأسماء المعة من مفوضي الحكومة مثل‬
‫‪1‬‬
‫روميو‪،‬أوكوك‪،‬ريفي‬

‫ثالثا‪ :‬دور القضاء في حمایة الحقوق و الحریات األساسیة من تجاوز األفراد‬

‫يشمل القضاء العادي الذي يضمن ممارسة المواطنين للحقوق و الحريات‬


‫األساسية و ينظر في االنتهاكات التي يتعرض لها اإلنسان‪ ،‬فيطبق القانون على‬
‫منتهكي هذه الحقوق ويقرر ألفعالهم العقوبات المحددة في القوانين‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مظاهر الحماية القضائية للحقوق و الحريات األساسية‬
‫لقد أوجب المشرع الدستوري على القضاة االلتزام بتطبيق القانون بصفة عادلة‬
‫(الفصل ‪، )221‬وأن حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه و عن‬
‫مصالحه التي يحميه القانون (الفصل‪،)228‬فالقضاء هو الحامي و الضامن للحقوق و‬
‫الحريات من االنتهاكات التي تهددها‪ ،‬ويمكن االطالع على أبرز االجتهادات‬
‫القضائية في هذا المجال من مختلف أنواع القضاء سواء منه القضاء المتخصص‬
‫(أوال) أو القضاء العادي (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬القضاء المتخصص‬

‫سنتطرق للقضاء الدستوري ثم للقضاء اإلداري‬


‫‪ ‬القضاء الدستوري‬

‫إلى جانب االختصاصات التي كان للمجلس الدستوري يضطلع بها ‪ ،‬والتي حافظت‬
‫عليها المحكمة الدستورية من قبيل الرقابة القبلية على القوانين التنظيمية و القوانين‬
‫العادية و األنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان و البت في المنازعات المتعلقة‬
‫باالنتخابات التشريعية ‪ ،‬فإن دستور ‪ 1122‬أضاف اختصاصا قضائيا لها المتعلق‬
‫بالدفع بعدم دستورية قانون من طرف األفراد يمس بالحقوق و الحريات التي يضمنها‬
‫الدستور(الفصل ‪ )233‬ولكن حتى اآلن لم بصدر القانون التنظيمي المنظم لشروط و‬
‫إجراءات الدفع بعدم الدستورية ‪،‬وعموما القضاء الدستوري رغم تجربته الحديثة في‬
‫‪2‬‬
‫هذا المجال قام بحماية العديد من الحقوق و الحريات نذكر منها‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد هللا حداد‪ ،‬القضاء اإلداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم اإلدارية‪،‬صفحة ‪11‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد مفيد‪،‬دمحم الهيني‪،‬الحماية القضائية للحقوق و الحريات األساسية‪،‬جمعية عدالة‪،‬صفحة‪22‬‬

‫‪29‬‬
‫أ‪-‬حق الدفاع ‪:‬‬

‫يتفرع الحق الدفاع كأصل عام عن مبدأ قرينة البراءة ‪،‬ويفيد هذا الحق منح المتهم‬
‫الحق في أن يكوم مؤازرا بدفاعه الذي له الحق في االطالع على ملف موكله وأخذ‬
‫نسخ من المحاضر و باقي الوثائق ‪ ،‬وهكذا أكد المجلس الدستوري على أن حق‬
‫الدفاع أساسيا في المحاكمة العادلة و استند على مبدأ توازن األسلحة بين النيابة العامة‬
‫و دفاع المتهم‪.1‬‬

‫ب‪-‬الحقوق المرتبطة باإلعالم و حرية التعبير ومنها حق التقاط القنوات الفضائية‬

‫من أكثر القرارات إثارة للجدل للمجلس الدستوري قراره الصادر بتاريخ ‪23‬‬
‫غشت ‪ 2994‬عندما قرر عدم دستورية القانون رقم ‪ 33-93‬المتعلق بفرض ضريبة‬
‫على الحق في استخدام الهوائيات المقعرة رغم أنه استند في قراره لعيوب شكلية‬
‫المرتبطة بعدم احترام الحكومة للفصل ‪ 54‬من الدستور (‪ )2991‬من خالل عدم‬
‫عرضها للمشروع على أول دورة عادية موالية للبرلمان‪،‬إذ وضع في الفترة الفاصلة‬
‫بين الدورات‪.‬‬
‫ج‪-‬حرية االنتماء الحزبي و السياسي‬

‫قرار المجلس الدستوري بمناسبة مراقبة القانون التنظيمي رقم ‪11-11‬‬


‫القاضي بتغيير القانون المتعلق بمجلس النواب ‪ ،‬الذي أحاله الوزير األول على‬
‫األمانة العامة للمجلس الدستوري في ‪ 22‬يونيو ‪ 1111‬الذي صرح فيه بأن الفصل ‪9‬‬
‫من الدستور (‪ )2991‬يضمن للمواطنين حرية االنخراط في أي منظمة نقابية و‬
‫سياسية حسب اختيارهم‪.‬‬
‫د‪-‬حرية التصويت‬

‫بمناسبة مراقبة القانون التنظيمي رقم ‪ 11-11‬القاضي بتغيير قانون مجلس‬


‫النواب الذي أحاله الوزير األول على األمانة العامة للمجلس الدستوري بتاريخ ‪22‬‬
‫يونيو ‪ 1111‬صرح المجلس الدستوري بأن أسلوب الذي يجعل الناخب يصوت‬
‫بورقة تصويت واحدة بشكل مستقل عن الئحتين مختلفتين قد يحد من حرية التصويت‬
‫وال يؤسس بالضرورة اختيار الناخب على إرادته الحرة‬
‫‪ ‬القضاء اإلداري‬

‫‪1‬‬
‫قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 921/13‬بتاريخ ‪ 13‬غشت ‪،2013‬منشور بموقع المجلس الدستوري المغربي(سابقا)‬

‫‪21‬‬
‫إن الغاية من إحداث المحاكم اإلدارية بالمغرب سنة‪ 2993‬هي تعزيز مسار‬
‫الحماية القضائية للحقوق و الحريات األساسية‪ ،‬وبالفعل فقد كان لقراراتها و أحكامها‬
‫بالغ األثر في النهوض بحماية هذه الحقوق نذكر منها‪:‬‬
‫أ‪-‬حماية حرية المبادرة الخاصة و االستثمار‬

‫ينص الفصل ‪ 35‬من الدستور على أنه تضمن الدولة حرية المبادرة و المقاولة‬
‫و التنافس الحر وفي هذا اإلطار أصدرت المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ‬
‫‪ 1123/13/12‬لفائدة الطاعن الذي رفضت الجماعة القروية العرجات مده‬
‫بالترخيص بإحداث مشروع اقتصادي بدون سبب مشروع يشكل إخالال منها بحرية‬
‫المبادرة و المقاولة و التنافس الحر حتى ولو كان المقاول أجنبيا فال فرق في الحماية‬
‫الدستورية‬
‫ب‪-‬حرية التجول و التنقل‬

‫تعتبر حرية التجول أو التنقل من الحريات األساسية التي كفلتها جميع الدساتير‬
‫المغربية وأنه ال يمكن وضع حد لممارسة هذه الحرية إال بمقتضى القانون وحيث أن‬
‫عامل طنجة رفض طلب الطاعن بتجديد جواز السفر دون وجود مانع قانوني يكون‬
‫قراره المطعون فيه مستوجبا لإللغاء‪. 1‬‬

‫ج‪-‬الحق في التعليم‬

‫يعتبر الحق في التعليم من الحقوق األساسية التي جميع المواثيق و المعاهدات‬


‫الدولية و اإلقليمية‪ ،‬وفد جاء في حكم المحكمة اإلدارية بالرباط‪":‬وحيث إن رفض‬
‫اإلدارة تسجيل الطاعن استنادا إلى أسباب غير ثابتة يشكل إهدارا لحق مكفول‬
‫بمقتضى الدستور و االتفاقيات الدولية مما يجعل قرارها متسما بعيب مخالفة القانون‬
‫‪.2‬‬

‫د‪-‬الحق في الصحة‬

‫تقع فكرة وجوب تلبية االحتياجات الصحية لألفراد في قلب الدفاع عن حقوق‬
‫اإلنسان‪،‬وهي تشمل الحق في البقاء و الحياة دون التعرض لمعاناة يمكن تالفيها‪،‬وأن‬
‫السماح للمريض بالمغادرة و عدم إخضاعه ألي عالج عادي أو استعجالي وعدم‬
‫استقباله بالمستشفى و توفير الخدمات العالجية له بعين المكان مما يرتب عنه بصفة‬

‫‪1‬‬
‫قرار محكمة النقض بتاريخ ‪1912/02/11‬‬
‫‪2‬‬
‫حكم المحكمة اإلدارية بالرباط موضوع ملف رقم‪ 2012-2-221‬بتاريخ‪2013-2-2‬‬

‫‪21‬‬
‫آلية مسؤولية المرفق عن اإلهمال الخطير و التقصير الواضح في منظومة العالج‬
‫‪1‬‬
‫والذي تسبب في وفاة الضحية الهالك‬
‫ه‪-‬الحق في الملكية‬

‫األصل أن حق الملكية مضمون وال يمكن االعتداء عليه أو تقييد حرية صاحبه‬
‫في التصرف فيه‪،‬إال أنه قد تضطر السلطة نزع الملكية للمنفعة العامة شريطة احترام‬
‫مجموعة من اإلجراءات تتبلور من خالل مرحلتين‪ :‬إدارية و قضائية‪ ،‬واالتجاه‬
‫الحديث في القضاء اإلداري هو الموازنة بين الفوائد التي سيحققها المشروع المزمع‬
‫إنشاؤه و المصالح الخاصة التي تمس أصحاب الملكية ‪ ،‬بحيث يمكن تقييم قرار‬
‫نزع الملكية على ضوء مزاياه و سلبياته و المقارنة بين المصالح المتعارضة لإلدارة‬
‫و الخواص في نطاق المشروعية المخولة لقاضي اإللغاء عن طريق إجراء من‬
‫‪2‬‬
‫إجراءات التحقيق‪،‬الخبرة مثال‪.‬‬

‫و‪-‬حماية األجانب‬

‫يقوم القاضي اإلداري بإلغاء الصادر في مواجهة األجنبي متى كان مخالفا‬
‫للقانون‪،‬أو استند إلى أسباب غير واقعية و غير جدية‪ ،‬ويمكن في ذلك االستشهاد بأمر‬
‫رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط بصفته قاضي المستعجالت ملف رقم‬
‫‪ 3111/7212/1121‬أمر رقم ‪ 1927‬بتاريخ‪ 1121/8/5‬بإلغاء قرار مدير اإلدارة‬
‫العامة لألمن الوطني الذي رفض فيه تجديد سند إقامة الطاعنة مارطا باتريسا‬
‫الحاملة للجنسية المكسيكية باالدعاء بوجود األجنبي بمثابة تهديد النظام العام دون‬
‫اإلدالء بإثبات الوقائع التي استند إليها للقول بتحقق التهديد المذكور يجعل قرار‬
‫االستبعاد مفتقدا للسبب المبرر له المتمثل في العناصر الواقعة و القانونية التي شكلت‬
‫أساسا التخاذه‬

‫ثانیا‪ :‬القضاء العادي‬

‫سنتطرق للقضاء الجنائي والقضاء االجتماعي وقضاء األسرة و القضاء‬


‫المدني و التجاري‬
‫‪ ‬القضاء الجنائي‬
‫تعتبر العدالة الجنائية أهم مجال يمكن أن يستشرف منه دور القضاء في حماية‬
‫الحقوق و الحريات مثل‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫حكم المحكمة اإلدارية بتاريخ‪ 2013/1/22‬ملف رقم ‪2010/12/212‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض عدد‪ 200‬بتاريخ ‪ 1991/2/1‬ملف إداري عدد ‪92/93‬‬

‫‪29‬‬
‫أ‪-‬قرينة البراءة‬
‫األصل هو البراءة إلى حين إثبات العكس و أن عبئ إثبات عناصر الدعوى‬
‫‪1‬‬
‫العمومية يرجع إلى الطرف المثير للدعوى و تفسير الشك لمصلحة المتهم‬
‫ب حجية محاضر الضابطة القضائية و ضمانات المحاكمة العادلة‬
‫أغلبية القرارات الصادرة عن محكمة النقض تعتبر أن المحاضر التي يحررها‬
‫ضباط الشرطة و المكلفين اآلخرين لها ل حجية وال يطعن فيها إال بالزور وقد ذهب‬
‫إلى عدم إبطال محاضر الضابطة القضائية رغم حدوث خروقات في احترام شكليات‬
‫‪2‬‬
‫الحراسة النظرية ما لم تتسم هذه المحاضر بعيوب في الجوهر‬
‫ج‪-‬احترام حقوق الدفاع‬
‫يحتل مبدأ ضمان حقوق الدفاع مكانة بالغة في مادة اإلجراءات فمن حق كل‬
‫شخص بأن يعرف التهم الموجهة إليه و الحق في التزام الصمت و الحق في محاكمة‬
‫عادلة و علنية و الحق في الطعن‪ ،‬أن عدم تمكين الطاعن من إثبات عكس ما ورد‬
‫بمحضر الضابطة القضائية ومن جهة ثانية نقصانا في التعليل بعدم الجواب و مناقشة‬
‫‪3‬‬
‫دفوع الطاعن مما يستوجب النقض‪.‬‬

‫‪ ‬القضاء االجتماعي‬
‫يعتبر القضاء االجتماعي دعامة أساسية لحماية حقوق اإلنسان في الشغل و‬
‫العمل النقابي و الحق في اإلضراب و احترام ساعات العمل و الحق في األجر‬
‫أ‪-‬حماية الحق في اإلضراب‬
‫حق اإلضراب مضمون بحسب الفصل ‪ 19‬من دستور‪ 1122‬وما زال الشعب‬
‫ينتظر خروج القانون التنظيمي لتحديد شروط و كيفية ممارسته منذ عقود‪ ،‬ورغم‬
‫ذلك فقد صدر حكم المحكمة اإلدارية بالرباط سنة ‪ 1123‬جاء فيه لئن كان حق‬
‫اإلضراب مضمونا دستوريا و بأن عدم إدالء اإلدارة بما يفيد توجيه االستفسار إلى‬
‫الموظف المعني و احترام المسطرة القانونية المقررة في حالة اللجوء إلى االقتطاع‬
‫من أجر الموظف رغم المنازعة في هذا اإلجراء الشكلي الجوهري المستمد من حق‬

‫‪1‬‬
‫حكم المحكمة اإلبتدائية ابن مسيك بتاريخ‪ 2001/2/19‬في الملف عدد ‪00/2203‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض بتاريخ ‪ 1912/9/12‬في القضية ‪39021‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 901‬بتاريخ ‪21‬شتنبر ‪ 2011‬في الملف الجنائي عدد‪9012/9/10/2011‬‬

‫‪30‬‬
‫الدفاع المكرس دستوريا القرار ثبوت عيب الشكل و إلغاء القرار المطعون فيه نعم‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد نشير إلى قرار المجلس الدستوري الفرنسي في قضية الحق في‬
‫اإلضراب في اإلعالم المرئي و المسموع لعام ‪ 2979‬حيث رأى في قراره رقم‬
‫‪ D215‬بتاريخ‪ 2979/7/15‬أن الحق في اإلضراب رغم أنه دستوري فإنه ليس‬
‫مطلقا وأنه ال ينبغي التضحية بالحق في اإلضراب من أجل استمرارية المرفق العام‬
‫و ال التضحية باستمرارية المرفق العام من أجل الحق في اإلضراب‬
‫ب‪-‬حماية األجر‬
‫انتصرت محكمة النقض في أحد قراراتها لحماية األجر و الحق في أجر‬
‫‪2‬‬
‫مساو‬
‫‪ ‬قضاء األسرة‬
‫هناك عدة قرارات و أحكام في حماية األسرة من خالل حماية المحضون‬
‫وحماية حق الطفل في االنتساب ألبيه الطبيعي و حماية حقوق المرأة من طالق و‬
‫نفقة و متعة‪.‬‬
‫‪ ‬القضاء المدني و التجاري‬
‫لقد لعب القضاء دورا مهما في حماية الملكية الفكرية و حماية الحقوق‬
‫المرتبطة بالمحالت المعدة للتجارة أو لالستعمال السكني و المهني وكذلك حماية‬
‫الحق في بيئة سليمة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬حكم المحكمة اإلدارية بالرباط رقم‪ 3112‬بتاريخ ‪ 2013/11/21‬ملف رقم ‪2013/2/329‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 192‬المؤرخ في ‪ 2012/02/02‬في الملف االجتماعي عدد‪2010/2/1012‬‬

‫‪31‬‬
32

You might also like