‫اﻟﺒﻨﻴﺔ واﻟﺘﺠﺮﻳﺐ ﻓﻲ أﺣﻼم ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ‬

‫د‪ .‬ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻀﺒﻊ‬

‫و ﻛ ﺎﻧ ﺖ أﻗ ﺪ م اﻻ ﻋ ﺘ ﻘ ﺎد ات ﺑ ﺸ ﺄن اﻟ ﺤ ﻠ ﻢ ﻣ ﻊ‬ ‫ﻳ ﻌ ﺪ ا ﻟ ﺤ ﻠ ﻢ ) ر ؤ ﻳ ﺎ ا ﻟ ﻤ ﻨ ﺎ م ( أﺣ ﺪ اﻟﺘﻘ ﻨﻴﺎت اﻟﺘﻲ‬

‫اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺮواﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻈﺮت إﻟﻰ اﻷﺣﻼم ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ‬ ‫اﻋﺘﻤﺪﻫﺎ اﻷدب ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺎﺗﻪ اﻟﻨﺼﻴﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ‬
‫ﻣﻦ ﻓﻌﻞ اﻵﻟﻬﺔ أو اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ وﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‬ ‫اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻬﺎ ﺳﻮاء ﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﻣﺎ ﻳﺘﻴﺤﻪ‬
‫ﻣﻦ اﺳﺘﺸﺮاف ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ أو ﺗﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ‪ ،‬وﻣﻊ ﺗﻄﻮر‬ ‫ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺒﺮر ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى‬
‫اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺧﻄﻮة ﻟﻸﻣﺎم ﻧﻈﺮت اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻷرﺳﻄﻴﺔ‬ ‫اﻷﺑﻨﻴﺔ اﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ واﻟﻤﻜﺎﻧﻴﺔ وﻣﺴﺎرات اﻟﺴﺮد )ﻓﻲ‬
‫ﻟﻸﺣﻼم ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ واﻋﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ أو اﻟﺴﺮدﻳﺔ(‪ ،‬أو ﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﻓﺘﺢ‬
‫اﻟﻤﺤﺴﻮس اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﻠﻢ ﺑﺎﻟﻠﺬة أو‬ ‫أﻓ ﻖ ﺑﺎب اﻟﺘﺄو ﻳﻞ ‪ /‬اﻟﺘﺄو ﻳﻼ ت اﻟﻤ ﺘﻌ ﺪ د ة اﻟﺘﻲ ﻳ ﺘ ﻴ ﺤ ﻬ ﺎ‬
‫ﺑﺎﻷﻟﻢ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻨﻮم ﻫﻮ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺤﺪوﺛﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻠﻘﻲ وﻗﺮاءة اﻟﻨﺺ اﻹﺑﺪاﻋﻲ‪ ،‬أو ﻓﻲ‬
‫و اﻧ ﺸ ﻐ ﺎل اﻟ ﻌ ﻘ ﻞ ﻋ ﻨ ﻬ ﻤ ﺎ ﺑ ﺤ ﻴ ﺎ ة ﺻ ﺎ ﺣ ﺒ ﻪ أ ﺛ ﻨ ﺎ ء ﻳ ﻘ ﻈ ﺘ ﻪ ‪.‬‬ ‫ﺳﻴﺎق اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻤﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫و ﺟ ﺎء ﻓ ﺮ و ﻳ ﺪ ﻟﻴ ﻌ ﻤ ﻖ اﻷ ﻣ ﺮ أ ﻛ ﺜ ﺮ و ﻳ ﻜ ﺸ ﻒ أن ﻫ ﻨ ﺎك‬ ‫اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻳﺨﻠﻘﻪ اﻟﺴﻴﺎق اﻷدﺑﻲ‪.‬‬
‫ﻋ ﻘ ﻼ آﺧ ﺮ ﻏ ﻴﺮ اﻟﻌ ﻘ ﻞ اﻟﻮ اﻋ ﻲ ﻫ ﻮ ﻋ ﻘ ﻞ اﻟﻼ ﺷ ﻌ ﻮ ر ‪ ،‬و ﻫ ﻮ‬ ‫ﺗﻘﻨﻴﺔ اﻟﺤﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة إﻟﻰ اﻷدب‪:‬‬
‫ا ﻟ ﻤ ﺴ ﺆ و ل ﻋ ﻦ ﺣ ﺪ و ث ا ﻟ ﺤ ﻠ ﻢ ‪ ،‬و ﻫ ﻨ ﺎ ﺻ ﺎر اﻟﺤ ﻠ ﻢ ﻟﻴ ﺲ‬
‫ﻳﺘﺰاﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺤﻠﻢ ﻣﻊ ﺗﺎرﻳﺦ‬
‫ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻞ وإﻧﻤﺎ ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ اﻟﻼﺷﻌﻮر‪،‬‬
‫اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻢ‪ ،‬و ﻳﺮﺟﺢ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻧﺜﺮ ﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ أن‬
‫وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻔﺴﺮا ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺻﺎﺣﺒﻪ وﻛﺎﺷﻔﺎ ﻋﻦ‬
‫اﻟﺤﻠﻢ ﻛﺎن ﺑﺪا ﻳﺔ اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﻔﻄﺮي ﻟﻠﺒﺸﺮ‪ ،‬ﻧﻈﺮا ﻟﻤﺎ‬
‫ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻬﺎ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻳ ﺘ ﺴ ﻢ ﺑ ﻪ ذ ﻟ ﻚ اﻟﺤ ﻠﻢ ﻣ ﻦ ﺗﻮ اﺻ ﻞ ﻣ ﻊ اﻟﻐ ﻴﺒﻴﺎت‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﻬﺬا اﻹﻧﺠﺎز اﻟﺒﺸﺮي ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ أن‬
‫واﺳﺘﺤﻀﺎر ﻟﻠﻤﻮﺗﻰ اﻟﺬﻳﻦ رﺣﻠﻮا‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﺗﻘﻨﻴﺔ‬
‫اﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة إﻟﻰ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ إﻟﻰ اﻷدب اﻟﺬي ﻳﻌﺪ‬
‫ﺑﺪاﺋﻴﺔ وﺑﺬرة أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻨﺸﺄة اﻷدب )ﺑﻤﻔﻬﻮم اﻟﻨﺸﺎط‬
‫ﻗﻤﺔ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻓﻲ اﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻪ ﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺤﻴﺎة‬
‫اﻟﻔﻜﺮي اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ إﻧﺘﺎﺟﻴﺎﺗﻪ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ(‪.‬‬
‫وﻧﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮي ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺞ ﻋﻘﻠﻲ ﻣﺘﺨﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ‬
‫و ﻗ ﺪ ﺷ ﻐ ﻞ اﻟ ﺤ ﻠ ﻢ ﻣ ﺴ ﺎﺣ ﺘ ﻪ ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﺤ ﺚ اﻟﻌ ﻠ ﻤ ﻲ‬
‫ﺗﺼﻮره اﻷﻋﻤﺎل اﻷدﺑﻴﺔ ﺑﺪءا ﻣﻦ أﻗﺪم أﺷﻜﺎل اﻷدب‬
‫اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺪءا ﻣﻦ ﻋﺼﻮر اﻟﻨﻬﻀﺔ وﻣﺎ ﺗﻼﻫﺎ‪ ،‬وﺗﻨﻮﻋﺖ‬
‫اﻟﻌ ﺎﻟﻤ ﻴﺔ و اﻟﻌ ﺮ ﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋ ﺒﺮت ﻋ ﻦ ﻓ ﻠﺴ ﻔ ﺔ أﺻ ﺤ ﺎﺑﻬ ﺎ‬
‫اﻟﻌ ﻠﻮ م اﻟﺘﻲ ﺑﺤ ﺜﺘﻪ ﺑﻴﻦ ﻋ ﻠﻢ اﻟﻨﻔ ﺲ و ﻋ ﻠﻢ اﻻ ﺟ ﺘﻤ ﺎع‬
‫ورؤ ﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠﺤﻴﺎة وﺗﺼﻮرﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﻢ‪،‬‬
‫واﻷدﻳﺎن وﻋﻠﻮم اﻷدب وﻏﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬وﺗﻌﺪدت ـ ﻛﺬﻟﻚ ـ‬
‫وﺣﺘﻰ أﺣﺪث ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل ﻓﻲ ﺗﺪاﺧﻠﻬﺎ وﻋﺒﻮرﻫﺎ‬
‫ﻣﺪاﺧﻞ وﺗﺄو ﻳﻼت ﺑﺤﺜﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ رد‬
‫ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ واﺳﺘﻌﺎرﺗﻬﺎ ﻟﺘﻘﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن‬
‫ﻓﻌﻞ ﻷﺣﺪاث اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ‪ ،‬وﺑﻴﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ‬
‫اﻷﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻟﺴﺮدﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻨﻴﻤﺎ واﻟﻤﺴﺮح‬
‫اﻟﺒ ﺸ ﺮ ﻳ ﺔ‬ ‫اﻟ ﻨ ﻔ ﺲ‬ ‫و ﻛ ﻮ اﻣ ﻦ‬ ‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ‬ ‫اﻟﻼ ﺷ ﻌ ﻮ ر‬
‫اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻲ واﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﺼﻮ ﻳﺮﻳﺔ اﻟﻤﻜﺎﻧﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ‪.‬‬
‫واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺣﺮة ﻟﻨﻮازع اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺒﺎﻃﻦ‪ ،‬واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ‬
‫اﻟﺮ ﻏ ﺒﺎت اﻟﺪ اﺧ ﻠﻴﺔ اﻟﻌ ﻤ ﻴﻘ ﺔ ﻟﻠﺒﺸ ﺮ ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ﻗﻄﻌﺔ أدﺑﻴﺔ ﺗﺴﺠﻞ ﻟﻠﺒﺸﺮ أﺳﺮارﻫﻢ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫اﻟﺤﻠﻢ ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ اﻟﻮﻋﻲ‪:‬‬
‫ﻻ ﻳﻘ ﺪ ر و ن ﻋ ﻠﻴ ﻬ ﺎ ﺑﺄﻧﻔ ﺴ ﻬ ﻢ ‪.‬‬
‫أن ﻧﺤ ﻠﻢ ﻣ ﻌ ﻨﺎه أﻧﻨﺎ ﻧﻔ ﻜ ﺮ ‪ ،‬أﻧﻨﺎ ﻧﻤ ﺘﻠﻚ ﻋ ﻘ ﻼ‬
‫وﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﻠﻢ ﺗﻌﺒﻴﺮا ﺻﺎدﻗﺎ ﻋﻦ اﻟﻮﻋﻲ‬
‫و اﻋ ﻴ ﺎ ﻣ ﺪ ر ﻛ ﺎ ﻟﻠ ﻮ اﻗ ﻊ ‪ ،‬أ و ﻟ ﻤ ﺎ ﻧ ﺘ ﻮ ﻫ ﻢ أ ﻧ ﻪ ا ﻟ ﻮ ا ﻗ ﻊ ‪،‬‬
‫ودﻻﻟﺔ واﺿﺤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﻠﻢ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻨﻄﻖ‬
‫ﻓﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻧﺮاه وﻧﺤﺲ ﺑﻪ ﻫﻮ ﻟﻴﺲ اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫ﻫ ﻮ ﻧﺘﺎج اﻟﻮ ﻋ ﻲ و اﻟﺘﻔ ﻜ ﻴﺮ ‪ ،‬و ﻫ ﻮ ﻣ ﺎ ﻳ ﻤ ﺜ ﻞ ﻣ ﺪ ﺧ ﻞ‬
‫اﻟﻔﻌﻠﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ وإﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺟﻤﻠﺔ اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺘﻲ‬
‫ﻗﺮاءﺗﻨﺎ ﻷﺣﻼم ﻓﺘﺮة اﻟﻨﻘﺎﻫﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻧﺠﻴﺐ‬
‫ارﺗﻀﺎﻫﺎ إﻧﺴﺎن أو ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ واﻗﻊ‪ ،‬ور ﺑﻤﺎ‬
‫ﻣﺤﻔﻮظ ﻛﺂﺧﺮ ﻋﻤﻞ ﺧﺘﻢ ﺑﻪ ﺣﻴﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻛﺮﺳﺎﺋﻞ ﻣﺘﻌﺪدة‬
‫ﻳ ﻜ ﻮ ن ا ﻟ ﻮ ا ﻗ ﻊ ا ﻟ ﻤ ﺎ د ي ا ﻟ ﻤ ﺤ ﻴ ﻂ ﻫ ﻮ أ ﺑ ﺴ ﻂ أﺷ ﻜ ﺎل‬
‫اﻟﻘﺮاءات ﻟﺨﻼﺻﺔ ﺣﻴﺎة اﻣﺘﺪت ﻋﺒﺮ ﺣﻴﻮات‬
‫اﻟﻮاﻗﻊ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻵراء‪ ،‬ﻏﻴﺮ أﻧﻪ‬
‫ﺷﺨﺼﻴﺎت ﻧﺴﺠﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻪ وﻗﺼﺼﻪ وروا ﻳﺎﺗﻪ‬
‫ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺴﺘﻮ ﻳﺎت أﺧﺮى ﻟﻠﻮاﻗﻊ ﺗﺰداد ﺗﻌﻘﻴﺪا ﻛﻠﻤﺎ‬
‫وﻋﻮاﻟﻤﻪ اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻪ‪.‬‬
‫ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻮي واﻟﺮوﺣﻲ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻠﻤﻮس‪ ،‬ﻓﻬﻨﺎ‬
‫أﺣﻼم ﻓﺘﺮة اﻟﻨﻘﺎﻫﺔ )‪ ،(1‬اﻟﺘﻜﻮ ﻳﻦ واﻟﺒﻨﺎء‪:‬‬ ‫ﻳﺘﺤﻜﻢ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻔﺮدي ﻓﻲ إدراك ﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ وﻓﻲ‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﻼف اﻵراء وﺗﺒﺎﻳﻨﻬﺎ ﺣﻮل‬ ‫ﺗﺼﻮره وﺗﺼﻮ ﻳﺮه‪ ،‬ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻋﺎش اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ‬

‫ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﺘﺴﻜﻴﻦ‬ ‫ﻣﺤﺪود وﻗﻞ ﻧﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ‬

‫اﻟﻨﻮﻋﻲ‪ ،‬ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺮا ﻳﺎ‪ ،‬ورأ ﻳﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮى اﻟﻨﺎﺋﻢ‪،‬‬ ‫اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻛﻠﻤﺎ ﺿﺎق أﻓﻖ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺸﻪ ﻓﺮدا ﻓﻲ‬

‫وأﺻﺪاء اﻟﺴﻴﺮة اﻟﺬاﺗﻴﺔ‪ ،‬وأﺣﻼم ﻓﺘﺮة اﻟﻨﻘﺎﻫﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬ ‫ﺳﻴﺎق اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻛﻠﻤﺎ زاد اﻟﻨﺼﻴﺐ ﻣﻦ‬

‫ﻳﺼﻌﺐ ﻧﺴﺒﺔ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل إﻟﻰ ﺟﻨﺲ اﻟﺮوا ﻳﺔ أو‬ ‫اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ زاد اﺗﺴﺎع اﻷﻓﻖ واﺗﺴﻊ‬

‫اﻟﻘﺼﺔ أو اﻟﻨﺜﺮ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺮﻓﻴﻊ ـ إن ﺟﺎز ﻟﻨﺎ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮـ‪،‬‬ ‫اﻟﻮاﻗﻊ وﺗﻌﺪدت أﺷﻜﺎﻟﻪ‪.‬‬

‫وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺗﻈﻞ » أﺣﻼم ﻓﺘﺮة اﻟﻨﻘﺎﻫﺔ«‬ ‫ﻫﻨﺎ ﻳﺄﺗﻲ دور اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻤﺪرك ﻓﻲ ﺗﺠﻠﻲ ﻗﺪراﺗﻪ‬

‫ﻫ ﻲ اﻟﻌ ﻤ ﻞ اﻷ ﻛ ﺜﺮ اﻟﺘﺒﺎﺳ ﺎ ﻣ ﻦ ﺑﻴﻦ ﻫ ﺬ ه اﻷ ﻋ ﻤ ﺎل إذ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪد ﻗﺮاءﺗﻪ‪ /‬ﻗﺮاءاﺗﻪ ﻟﻠﻮاﻗﻊ واﺗﺴﺎع أﻓﻘﻪ‬

‫ﻳﺮاه اﻟﺒﻌﺾ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق أﻋﻤﺎل ﻣﺤﻔﻮظ ﻣﻦ‬ ‫وﺗﻌﺪد ﺗﺄو ﻳﻠﻪ ‪ /‬ﺗﺄو ﻳﻼﺗﻪ‪.‬‬

‫ﺣﻴﺚ اﻟﻨﻮع ) اﻟﺮوا ﻳﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺼﺔ‪ ،‬اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ (‪ ،‬و ﻳﺮاه‬ ‫وﻫﻨﺎ ﺗﺘﻌﻤﻖ درﺟﺔ اﻟﻮﻋﻲ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﺤﻠﻢ وﻓﻲ‬

‫اﻟﺒﻌﺾ ﻛﺘﺎﺑﺔ أدﺑﻴﺔ رﻓﻴﻌﺔ‪ ،‬وﻧﺮاه ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻨﻔﺮدا ﻣﻦ‬ ‫ﺑﻨﺎﺋﻪ وﻓﻲ ﻓﻚ رﻣﻮزه‪ ،‬وﺗﺼﻴﺮ اﻷﺣﻼم ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﻨﻮم‬

‫أﻧﻮاع اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ﻳﺠﺐ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﻪ واﻋﺘﻤﺎده ﻣﻦ‬ ‫ﻓﻘﻂ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻴﻘﻈﺔ وﻓﻲ ﺗﺼﻮر اﻟﺤﻴﺎة ذاﺗﻬﺎ‪،‬‬

‫ﺑﻴﻦ أﻧﻮاع أدﺑﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﻃﺮﺣﺘﻬﺎ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺘﻄﻮر‬ ‫وﻟﻴﺴﺖ ـ ﻛﺬﻟﻚ ـ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ اﻟﺸﺨﺼﻲ واﻟﺘﻨﻔﻴﺚ ﻋﻦ‬

‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻜﻮن ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ‪ ،‬واﻟﻘﺼﺔ‬ ‫اﻟﻜﻮاﺑﺖ اﻟﺬاﺗﻴﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻳﺼﻴﺮ اﻟﺤﻠﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻐﻴﺮ‪،‬‬

‫اﻟﻘﺼﻴﺮة ﺟﺪا‪ ،‬واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻨﺼﻮﺻﻴﺔ‪ ،‬وﻛﻠﻬﺎ أﺷﻜﺎل‬ ‫ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻴﺲ أدل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ أن ﻛﻞ‬

‫ﺗﻘﺎرب ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻌﺮي واﻟﺴﺮدي واﻟﺴﻴﻨﻴﻤﺎﺋﻲ‬ ‫ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﺤﻀﺮ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺧﻀﻌﺖ ﻟﻠﺤﻠﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ـ ﻓﻲ‬

‫واﻟﻤﺴﺮﺣﻲ‪.‬‬ ‫اﻟﻴﻘﻈﺔ أم ﻓﻲ اﻟﻨﻮم ـ اﻟﺤﻠﻢ ﺑﺎﻻﺧﺘﺮاع ﻟﺤﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ أو‬

‫ﻟﺘﻄﻮ ﻳﺮ ﻣﻨﺘﺞ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬اﻟﺤﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮﺻﻞ ﻟﻌﻘﺎر ﻳﺰﻳﻞ‬
‫اﻋﺘﻤﺪ ﻣﺤﻔﻮظ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻨﻴﺔ اﻟﺤﻠﻢ وﻫﻮ ﻋﻠﻰ‬
‫أﻻم اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬اﻟﺤﻠﻢ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻣﺠﺘﻤﻊ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﻮﻃﻦ‪،‬‬
‫وﻋﻲ ﺷﺪﻳﺪ ـ ﻛﻤﺎ ﺗﻜﺸﻒ ﻗﺮاءة أﺣﻼﻣﻪ ـ ﺑﺎﻟﻤﻨﺠﺰ‬
‫اﻟﺤﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﻀﺎل ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻐﻴﺮ‪ ،‬اﻟﺤﻠﻢ ﻓﻲ وﺿﻊ‬
‫اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺬي ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻋﺒﺮ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ‬
‫ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺗﻔﺴﺮ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻜﻮن‪ ،‬اﻟﺤﻠﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ‬
‫‪26‬‬
 ‫و ﻣ ﺴ ﺘ ﻘ ﺒ ﻠ ﻪ‪.‬‬
‫وﺗﺒﻌﺎ ﻟﺘﻮﺻﻴﻒ ﻟﻴﺴﻨﻎ ﻓﺈن اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ‬
‫)اﻷدب‪ ،‬اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ‪ ،‬اﻟﺸﻌﺮ ‪ .. . .‬إﻟﺦ( ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺘﻌﺎﻗﺐ ﻓﻰ اﻟﺰﻣﺎن‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ اﻷﻓﻌﺎل‬
‫اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻓﻰ ﺗﺘﺎﺑﻌﺎت زﻣﻨﻴﺔ‪ ،‬وإن ﻛﺎن اﻷدب –‬
‫وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻨﻮن اﻟﺴﺮد – ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ إﻟﺰام ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ‬
‫ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻌﺎل أو اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ‪ ،‬ﻳﻘﻮل‬
‫ﻣﻨﺪﻻو ﻋﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺮوا ﻳﺔ‪ ":‬وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ وﺣﺪة‬
‫ﺳﻮاء أ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻌﻼ أو ﻓﻘﺮة‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻔﻰ‬
‫ﺑﺄﻋﺮاف ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻠﺘﺘﺎﺑﻊ‪ ،‬ﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎت ﻓﻰ‬
‫اﻟﻌ ﻼ ﻗ ﺎت اﻟﻨﺤ ﻮ ﻳﺔ و اﻟﺴ ﻴﺎﻗ ﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻜ ﻠﻤ ﺔ و اﻷ ﺧ ﺮى‬
‫و ﺣ ﺴ ﺐ ‪ ،‬ﺑﻞ أ ﻳﻀ ﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴ ﺒﺔ ﻟﺴ ﻴﺮ اﻷ ﺣ ﺪ اث واﻟﻤ ﺸ ﺎﻋ ﺮ‬
‫واﻷﻓﻜﺎر ﺿﻤﻦ ﺣﺪود ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺣﺪة ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻜﻦ‬
‫ﺻﻐﻴﺮة")‪.(3‬‬
‫ﻫﺬا اﻟﺘﺘﺎﺑﻊ واﻟﺘﺮاﺗﺐ ﻳﺤﻜﻤﻪ اﻟﻨﺴﻖ اﻟﺬي‬
‫ﻳ ﻌ ﻤ ﺪ إ ﻟ ﻴ ﻪ ا ﻟ ﻤ ﺆ ﻟ ﻒ ‪ ،‬و ﻫ ﻮ اﻟﺬ ي ﻳ ﺤ ﺪ د ﻣ ﺴ ﺎر و اﺗ ﺠ ﺎه‬
‫اﻟﻘﺮاءة واﻟﺘﻠﻘﻲ‪ ،‬ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻤﺪي‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺪاﺧﻞ ﺣﺪود اﻟﺰﻣﻦ واﻟﺨﻠﻂ ﺑﻴﻦ‬
‫اﻟﻤ ﺎﺿ ﻲ و اﻟﺤ ﺎﺿ ﺮ و اﻟﻤ ﺴ ﺘﻘ ﺒﻞ ‪ ،‬ﻳ ﻘ ﻮ ل ﻫ ﺎ ﻧ ﺰ ﻣ ﻴ ﺮ ﻫ ﻮ ف ‪:‬‬
‫" إن اﻻ ﻣ ﺘ ﺪ اد اﻟ ﺰ ﻣ ﻨ ﻰ اﻟ ﺪ اﺋ ﻢ ﻋ ﺒ ﺮ اﻟ ﺤ ﺎ ﺿ ﺮ ﻳ ﺸ ﺘ ﻤ ﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﻦ اﻟﺬا ﻛﺮة واﻟﺘﻮﻗﻊ‪ ،‬وﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻓﻰ‬
‫ﺗﺬﻛﺮﻫﺎ وﺗﻮﻗﻌﻬﺎ ﺗﺄﺗﻠﻒ ﻓﻰ ﺗﺠﺮ ﺑﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮ اﻟﺨﺪاع‪،‬‬
‫و ﻫ ﺬ ا اﻻ ﻣ ﺘ ﺪ اد ﻳ ﻨ ﻘ ﻞ إﻟﻴ ﻨ ﺎ ﺑﻌ ﺾ اﻟﻤ ﻔ ﺎﻫ ﻴ ﻢ اﻟﻤ ﺒ ﻬ ﻤ ﺔ‬
‫ﻋ ﻦ " اﻟﻤ ﺎﻗ ﺒﻞ " و " اﻟﻤ ﺎﺑﻌ ﺪ " ‪ " ،‬اﻟﺴ ﺎﺑﻖ " و " اﻟﻼ ﺣ ﻖ " ‪،‬‬
‫" اﻟﻤﺎﺿﻰ" و "اﻟﺤﺎﺿﺮ"‪ ،‬وﻫﻰ أﻟﻔﺎظ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ‬
‫ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻤﻜـﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻷدب ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﺰﻣﻦ واﺗﺠﺎه ﻣﺴﺎره"‬
‫ﺳﻴﺎق اﻧﺘﻤﺎﺋﻪ إﻟﻰ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﻧﺼﺎ أدﺑﻴﺎ ـ‬
‫واﻟﺬا ﻛﺮة واﻟﺘﻮﻗﻊ – ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺴﺎﺑﻖ –‬
‫ﺗﺸﻜﻼن أﺳﺎﺳﺎ أوﻟﻴﺎ ﻓﻰ اﻷدب ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ اﻷﺣﺪاث‬
‫ا ﻟ ﺘ ﻰ ﺗ ﺪ ﻋ ﻰ " ﺳ ﺎ ﺑ ﻘ ﺔ " أى اﻟ ﻤ ﺎ ﺿ ﻰ ‪ ،‬و ا ﻷ ﺣ ﺪ ا ث ا ﻟ ﺘ ﻰ‬
‫ﺗ ﺪ ﻋ ﻰ " ﻻ ﺣ ﻘ ﺔ " أى اﻟ ﻤ ﺴ ﺘ ﻘ ﺒ ﻞ ‪ ،‬و إ ن ﻛ ﺎ ﻧ ﺖ ﻫ ﺬ ه‬
‫اﻟﺘﻤﻴﻴﺰات ﻻ ﺗﻜﻔﻰ ﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﻣﻮﺿﻮﻋﻰ ﻳﺼﻨﻒ اﻟﺰﻣﻦ‬
‫‪27‬‬
‫ﺑﺸﺄن اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ‪ ،‬واﻟﺬي‬
‫أﺷﻴﺮ إﻟﻴﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻓﻲ ﺗﻄﻮر وﻋﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﺤﻠﻢ ﻣﻦ‬
‫ر ﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ إﻟﻲ ر ﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ إﻟﻲ ر ﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﻼﺷﻌﻮر‬
‫) اﻟ ﻌ ﻘ ﻞ اﻟ ﺒ ﺎ ﻃ ﻦ ( ‪.‬‬
‫وﻋﻤﺪ ﻣﺤﻔﻮظ إﻟﻰ ﺗﻘﻨﻴﺔ اﻟﺤﻠﻢ ﻟﺘﺤﻘﻖ ﻟﻪ‬
‫ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ واﻟﺤﻴﻞ اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ‬
‫ﺑﻬﺎ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺴﺮد اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬
‫ـ ﻗ ﺎﻧ ﻮ ن اﻟ ﺴ ﺒ ﺒ ﻴ ﺔ و اﻟﺰ ﻣ ﻦ ‪.‬‬
‫ـ ﻗ ﺎﻧ ﻮ ن اﻟ ﻤ ﻜ ﺎن و اﻻ ﻧﺘ ﻘ ﺎل و اﻟﺘ ﻌ ﺪ د ﻳ ﺔ ‪.‬‬
‫ـ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺗﺤﻮﻻﺗﻬﺎ‪.‬‬
‫ـ ﻗ ﺎﻧ ﻮ ن اﻟ ﺤ ﺪ ث ‪ /‬اﻷ ﺣ ﺪ اث ‪.‬‬
‫ـ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺪﻻﻟﻲ‪.‬‬
‫ـ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ واﻟﺰﻣﻦ )‪:(2‬‬
‫اﻟﺰ ﻣ ﻦ ﺟ ﺰ ء ﻣ ﻦ اﻹ ﻧﺴ ﺎن ‪ ،‬و ﻣ ﻜ ﻮ ن ﻃ ﺒ ﻴ ﻌ ﻲ ﻣ ﻦ‬
‫ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ و ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ‬
‫إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻏﻴﺒﺔ اﻟﺰﻣﻦ‪ ،‬واﻹﻧﺴﺎن ﺑﻄﺒﻌﻪ‬
‫ﻣﻔﻄﻮر ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺳﺘﻲ اﻟﺬا ﻛﺮة واﻟﺘﻮﻗﻊ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻳﻨﻈﻢ‬
‫ﺣ ﻴ ﺎ ﺗ ﻪ ﺑ ﺸ ﻜ ﻞ ﻋ ﺎ م د ا ﺧ ﻞ ﺷ ﺒ ﻜ ﺔ ﻧﺴ ﻴ ﺠ ﻬ ﺎ ا ﻟ ﻤ ﺎ ﺿ ﻰ‬
‫واﻟﺤﺎﺿﺮ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ .‬وﻛﻤﺎ ا ﻛﺘﺸﻒ ﺑﺮﺟﺴﻮن أن‬
‫ﺗﺼﻮر اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻰ ﻳﻬﺪم ﻣﺎ ﺣﺴﺒﻪ أﻧﻪ أ ﻛﺜﺮ‬
‫ﺻﻔﺎت اﻟﺰﻣﻦ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻓﻰ اﻟﺨﺒﺮة وﻋﻼﻗﺔ ﻫﺬه‬
‫اﻟﺼ ﻔ ﺎت ﺑﺎﻹ ﻧﺴ ﺎن ‪.‬‬
‫ﻣ ﻬ ﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻧﻮ ﻋ ﻪ ـ ﻳ ﻤ ﻜ ﻦ ﻟ ﻪ أ ن ﻳ ﻨ ﻔ ﺼ ﻞ أو أن ﻳﻜ ﻮ ن‬
‫ﺧﻠﻮا ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨﺼﻮص اﻷدﺑﻴﺔ ﺗﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ رﺻﺪ‬
‫ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن وﻣﻔﺮدات اﻟﻜﻮن ﻣﻦ‬
‫ﺣﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻋﺒﺮ ﻣﺎ ﺗﻔﺮزه اﻟﺬا ﻛﺮة ﻣﻦ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﻟﻸﺣﺪاث‬
‫وﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻜﻮن اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻪ وﺣﺎﺿﺮه‬
‫ﻛﺒﻴﺮ‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﺤﻔﻮظ ﻓﻲ ﻛﻞ أﺣﻼﻣﻪ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺑﻠﻐﺖ ‪ 239‬ﺣﻠﻤﺎ ﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻨﺎو ﻳﻦ داﻟﺔ‪ ،‬وإن ﻛﺎن‬
‫ﻳﺠﻤﻌﻬﺎ اﻟﻌﻨﻮان اﻷﻛﺒﺮ " أﺣﻼم ﻓﺘﺮة اﻟﻨﻘﺎﻫﺔ" وﻣﺎ‬
‫ﻳﺴﺘﺪﻋﻴﻪ ﻫﺬا اﻟﻌﻨﻮان ﻣﻦ دﻻﻻت ﻋﺪة ﺗﺮﺗﺒﻂ‬
‫ﺑﺎﻟﺴﺆال ﺣﻮل اﻟﻨﻘﺎﻫﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻨﻴﻬﺎ ﻣﺤﻔﻮظ‪ :‬ﻫﻞ‬
‫اﻟﻨﻘﺎﻫﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﺮض؟ أم اﻟﻨﻘﺎﻫﺔ ﺑﻌﺪ رﺣﻠﺔ اﻟﺘﻴﻪ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ وﺗﺴﺎؤﻻت اﻟﺤﻴﺎة؟‬
‫أم اﻟﻨﻘ ﺎﻫ ﺔ ﺑﻌ ﺪ اﻧﺘﻬ ﺎء اﻟﻤ ﺸ ﺮ و ع اﻹ ﺑﺪ اﻋ ﻲ اﻟﺬ ي ﺑﻠﻎ‬
‫ﺧ ﻤ ﺴ ﺎ وﺧ ﻤ ﺴ ﻴﻦ ﻋ ﻤ ﻼ ﺑﻴﻦ ﻗ ﺼ ﺔ وروا ﻳﺔ ﺑﺨ ﻼ ف‬
‫ﻛ ﺘ ﺎﺑﺔ اﻟ ﺴ ﻴ ﻨ ﺎر ﻳ ﻮ ؟ أ م ا ﻟ ﻨ ﻘ ﺎ ﻫ ﺔ ﺑ ﻌ ﺪ ﻋ ﻤ ﺮ ﻣ ﺪ ﻳ ﺪ ﻗ ﻀ ﺎ ه‬
‫ﻣﺘﺄﻣﻼ ﻟﺤﻴﺎﺗﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة واﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ وﻫﻤﺎ‬
‫ﻣﺪﻳﻨﺘﺎن ﺗﻤﺜﻼن ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺣﻀﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﺬ أﻗﺪم‬
‫ﺷ ﻮ ار ﻋ ﻬ ﻤ ﺎ‬ ‫وﺗﺤﺘﻀﻦ‬ ‫أﺣ ﺪ ﺛﻬ ﺎ‬ ‫و ﺣ ﺘﻰ‬
‫و ﻣ ﻘ ﺎﻫ ﻴ ﻬ ﻤ ﺎ ﺷ ﺨ ﺼ ﻴ ﺎت ﺗ ﻨ ﺘ ﻤ ﻲ ﻟ ﻜ ﺎ ﻓ ﺔ ا ﻷ ﻗ ﺎ ﻟ ﻴ ﻢ‬
‫اﻟﺜﻘ ﺎﻓ ﻴﺔ ﻟﻤ ﺼ ﺮ و ﻟﻠﻌ ﺎﻟﻢ ؟ ‪.‬‬
‫ﻟﻌ ﻞ ﺑﻌ ﺾ ذﻟﻚ أو ﺟ ﻤ ﻴﻌ ﻪ ﻫ ﻮ ﻣ ﺎ ﺟ ﻌ ﻞ‬
‫ﻣﺤﻔﻮظ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ اﻟﺤﻠﻢ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ‬
‫ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮق ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻬﺬه اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺳﻤﺢ اﻟﺤﻠﻢ ﻟﻨﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﺑﺄن ﻳﻬﺪم ﻣﻔﻬﻮم‬
‫اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺰﻣﻨﻲ واﻟﺘﺮاﺗﺐ اﻟﺴﺒﺒﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻻﻧﺘﻘﺎل ﺑﻴﻦ‬
‫ا ﻟ ﺤ ﺪ ث و ا ﻟ ﺤ ﺪ ث ا ﻵ ﺧ ﺮ ‪ ،‬و ﻛ ﺬ ﻟ ﻚ اﻟﺘ ﺤ ﻮ ل ﻣ ﻦ ﺻ ﻴ ﻐ ﺔ‬
‫وﺷﻜﻞ وﻫﻴﺌﺔ إﻟﻰ ﺣﺎﻻت أﺧﺮى‪ ،‬ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﺘﺎح ﻓﻲ‬
‫اﻟﺤﻠﻢ وﻓﻲ ﺑﻨﻴﺘﻪ اﻟﺴﺮدﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻔﻲ اﻟﺤﻠﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺴﺘﻮن‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ‬
‫اﻟﻤ ﺜﺎل ‪ ،‬ﻳﻘ ﻮ ل ‪:‬‬
‫" أﺧﻴﺮا ﻋﺜﺮت ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮرة اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﻌﺰﻳﺰة‬
‫ﺑﻴﻦ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻓﺮﺣﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﻢ‪ ،‬إذ‬
‫ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻲ أن اﻟﺼﻮرة ﺗﻬﺮأت ﺑﻤﺮور اﻟﺰﻣﻦ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻃﻤﺴﺖ ﻣﻼﻣﺢ اﻷﻋﺰاء ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻘﻴﺔ‬
‫ﺗﺬ ﻛﺮ‪.‬‬
‫وﺑﻘﺪرة ﻗﺎدرة وﺟﺪت ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺑﻬﻮ ﻣﺼﻠﺤﺔ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ وﺑﻴﺪي ﻣﻠﻒ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﻮﻇﻒ ﻳﺘﺘﺒﻊ ﺧﻄﺎي‬
‫ض وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ؛ ذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﺗﻮﺟﺪ داﺋﻤﺎ ﻓﻰ‬‫إﻟﻰ ﻣﺎ ٍ‬
‫اﻟﻄ ﺒﻴﻌ ﺔ و اﻟﺘﺎر ﻳﺦ ﺳ ﻠﺴ ﻠﺔ زﻣ ﻨﻴﺔ ﻟﻸ ﺣ ﺪ اث ‪ ،‬ﺗ ﺴ ﺘ ﻘ ﻞ‬
‫ﻋﻦ ﺧﺒﺮﺗﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ‪ ،‬وﻫﻰ ﺗﺨﺎﻟﻒ ـ ﻓﻰ اﻟﻐﺎﻟﺐ ـ اﻟﺬا ﻛﺮة‬
‫واﻟﺘﻮﻗﻊ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻳﻜﺘﺴﺐ اﻟﺘﺮﺗﻴﺐ اﻟﺰﻣﻨﻰ‬
‫ﺻﻔﺔ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ‬
‫ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﻤﺒﺪأ اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺘﻰ أ ﻛﺪ ﻛﺎﻧﻂ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺿﺮورﺗﻬﺎ ﻟﻠﺘﺮﺗﻴﺐ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻰ ﻟﻸﺣﺪاث ﻓﻰ اﻟﺰﻣﻦ)‪.(5‬‬
‫ﻓﺎﻟﻨﺺ اﻷدﺑﻲ اﻟﺴﺮدي ﻳﻘﻴﻢ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺒﺒﻴﺔ ﺑﻴﻦ‬
‫اﻷﺣﺪاث ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺮاﺗﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﺔ واﻟﻤﻌﻠﻮل‪،‬‬
‫ﻓﻠﻜﻞ ﺳﺒﺐ ﻣﺴﺒﺐ‪ ،‬وﻟﻜﻞ ﺳﺒﺐ ﻧﺘﻴﺠﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ‬
‫اﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﻤﺎ ﻓﻌﻞ‪ .‬وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﺰﻣﻦ‬
‫ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻰ اﺗﺠﺎه واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻖ إﻟﻰ اﻟﻼﺣﻖ‪ ،‬أى‬
‫أﺷ ﻜ ﺎﻟﻬ ﺎ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺿﻰ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬وﺳﻬﻢ اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻰ‬
‫اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻳﺘﺤﺮك ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻼﻣﻌﻜﻮﺳﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺴﺮد ﻳﺮﺗﺒﻂ اﻟﺴﺒﺐ ﺑﺎﻟﻤﺴﺒﺐ ﻓﺎﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‬
‫ﻻ ﺑﺪ ﻟﻬ ﺎ ﻣ ﻦ أ ﺳ ﺒ ﺎب ‪ ،‬و اﻟ ﻤ ﺴ ﺒ ﺒ ﺎت ﻻ ﺑ ﺪ ﻟ ﻬ ﺎ ﻣ ﻦ ﻧﺘ ﺎﺋ ﺞ ‪،‬‬
‫وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻔﻲ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ‪ ،‬اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻓﻲ‬
‫اﻷﺳﺎس ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺮ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ واﻹﻳﻬﺎم‬
‫واﻻﻧﺤﺮاﻓﺎت اﻟﺪﻻﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﺗﺒﻨﻲ‬
‫اﻟﻐﻤﻮض اﻟﻜﻠﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻟﺪى أﺻﺤﺎب ﻫﺬا‬
‫اﻻﺗﺠﺎه ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺷﻌﺮ اﻟﻠﻐﺎت اﻷﺧﺮى‪.‬‬
‫و ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺮد ﺳﻴﻼن اﻟﺰﻣﺎن‬
‫ﻓﻠﻜﻞ ﺳﺮد ﻗﺎﻧﻮﻧﻪ اﻟﺰﻣﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﺤﻜﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺪء‬
‫ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﺤﺎﺿﺮ‪ ،‬أو ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺿﺮ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬أو ﺑﺎﺳﺘﺸﺮاف اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬أو اﻟﺘﻨﻘﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻮاز أو ﺑﻤﻨﻄﻖ ﻳﺤﻜﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺮاﺗﺐ‪.‬‬
‫ﻓﻤﺎ اﻟﺬي وﺟﺪه ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﺎت‬
‫زﻣﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﻨﻴﺔ اﻟﺤﻠﻢ ﺗﻔﺮﻗﻪ ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ أﻧﻮاع اﻟﺴﺮد‬
‫)اﻟﻘﺼﺔ‪ ،‬اﻟﺮوا ﻳﺔ‪ ،‬اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ(‪ ،‬وﺟﻌﻠﻪ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻰ ﻫﺬا‬
‫اﻟﺸ ﻜ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻜ ﺘﺎﺑﺔ ؟‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ﻳﺘﻬﺸﻢ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ‬
‫‪28‬‬
‫و ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻲ اﻹﻣﻜﺎن ﺗﻔﻜﻴﻜﻪ وﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻧﻈﺎﻣﻪ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‬ ‫و ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻹﻧﺼﺎف‪ ،‬وأدرﻛﺖ ﺑﺨﺒﺮﺗﻲ أن اﻟﻤﻮﺿﻮع‬
‫اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﺰﻣﺎﻧﻲ ﻟﻴﺲ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺗﺐ‪،‬‬ ‫ﻣﻦ اﺧﺘﺼﺎص إدارة اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﻴﻦ‪.‬‬
‫وإﻧﻤﺎ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻠﻮﺣﺪة اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﺼﻐﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻒ‬ ‫وﺑﺤﺜﺖ ﻓﻠﻢ أﺟﺪ ﻟﻬﺎ أﺛﺮا وﻓﻴﻤﺎ أﻣﺮ ﻣﻦ أﻣﺎم‬
‫ﺣﺪﺛﺎ وﻻ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﺒﺮر ﻟﻼﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ ﺣﺪث آﺧﺮ‪،‬‬ ‫ﺣﺠﺮة اﻟﻤﺨﺎزن ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب وﺧﺮج ﻣﻨﻪ زﻣﻴﻞ ﺗﻮﻓﺎه‬
‫ﻣ ﺜﻠﻤ ﺎ ﺗﻜ ﺸ ﻒ ﻋ ﺒﺮ ﻣ ﺘﺎﺑﻌ ﺔ أﺣ ﺪ اث اﻟﺤ ﻠﻢ اﻟﺴ ﺎﺑﻖ ‪.‬‬ ‫ﷲ ﻣﻨﺬ ﺷﻬﺮ‪ ،‬ﺧﻄﻒ اﻟﻤﻠﻒ ﻣﻦ ﻳﺪي ورﺟﻊ إﻟﻰ‬
‫ـ ﻗ ﺎﻧ ﻮ ن اﻟ ﻤ ﻜ ﺎن و اﻻ ﻧﺘ ﻘ ﺎل و اﻟﺘ ﻌ ﺪ د ﻳ ﺔ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺨﺎزن وﻫﻮ ﻳﺆﻛﺪ أن اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻣﻦ اﺧﺘﺼﺎﺻﻪ‪،‬‬
‫وأﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻈﻬﺮه اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻐﻠﻨﻲ"ص‪53‬‬
‫وﻫﻮ ﻣﺮﺗﺒﻂ أ ﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺒﻪ ﺑﻘﻮاﻧﻴﻦ‬
‫اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺗﺐ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻳﺘﻌﺪد اﻻﻧﺘﻘﺎل ﺑﻴﻦ اﻷﻣﺎﻛﻦ‬ ‫اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻫﻨﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺪث واﻵﺧﺮ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺴﺮد‪ ،‬وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﺮوا ﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻈﻞ ﻣﺤﻜﻮﻣﺎ‬ ‫ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﻐﻴﺮ اﻟﻤﺤﺘﻤﻞ‪ ،‬ﻓﺤﺪث وﺟﻮده ﻓﻲ‬
‫ﺑ ﺎ ﻻ ﻧ ﺘ ﻘ ﺎ ل ا ﻟ ﻤ ﻨ ﻄ ﻘ ﻲ أو اﻟﺴ ﺒﺒﻲ ﺑ ﻴ ﻦ ﻣ ﻜ ﺎ ن و آ ﺧ ﺮ ‪،‬‬ ‫ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﺑﻴﺪه ﻣﻠﻒ ﻣﻮﻇﻒ‪ ،‬ﻻ ﻳﺘﺮﺗﺐ وﻻ‬
‫وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺑﻴﻦ زﻣﺎن وآﺧﺮ‪ ،‬أﻣﺎ أن ﺗﺤﺪث اﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ آن‬ ‫ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺼﻴﻐﺔ ﺳﺒﺒﻴﺔ ﺑﺤﺪث ﻋﺜﻮره ﻋﻠﻰ ﺻﻮرة‬
‫واﺣﺪ‪ ،‬وﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﺘﻌﺪدة ودون ارﺗﺒﺎط ﺳﺒﺒﻲ أو‬ ‫ﻗ ﺪ ﻳ ﻤ ﺔ ﺑﻴ ﻦ ﻣ ﺎ ﻳ ﻮ ﺣ ﻲ ﺑﺄﺷ ﻴ ﺎﺋ ﻪ اﻟﺨ ﺎﺻ ﺔ ‪ ،‬و ﻛ ﻼ اﻟ ﺤ ﺪ ﺛ ﻴ ﻦ‬
‫ﻣ ﺒ ﺮ ر ﻣ ﻨ ﻄ ﻘ ﻲ ؛ ﻓ ﺬ ﻟ ﻚ ﻣ ﺎ ﻳ ﺴ ﻤ ﺢ ﺑﻪ اﻟﺤ ﻠ ﻢ ‪ ،‬و ﻫ ﻮ ﻣ ﺎ‬ ‫ﻻ ﻳﺮﺗﺒﻂ – ﻛﺬﻟﻚ‪ -‬ﺑﺤﺪث ﺧﺮوج اﻟﻤﻮﻇﻒ اﻟﻘﺪﻳﻢ‬
‫ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﻪ ﻋﺒﺮ ﻗﺮاءة أﺣﻼم ﻣﺤﻔﻮظ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻣﻦ ﺣﺠﺮة ﻟﻴﺨﻄﻒ اﻟﻤﻠﻒ‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﺳﺒﺒﻴﺔ‬
‫ﻳﺘﻌﺪد ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﻜﺎن‪ ،‬ورﺻﺪ آﻟﻴﺎت ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل‬ ‫ﻓﻲ ﻛﻮن ﻫﺬا اﻟﻤﻮﻇﻒ ﻣﻴﺘﺎ ﻣﻨﺬ ﺷﻬﺮ ﻣﻀﻰ‪.‬‬
‫وﺧﺮوﺟﻪ ﻋﻦ اﻟﻤﺄﻟﻮف واﻟﻤﻌﺘﺎد إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ وﻏﻴﺮ‬ ‫إن ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ أﻧﻪ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺋﻪ‬
‫ا ﻟ ﻤ ﻤ ﻜ ﻦ ‪ ،‬و ﻳ ﻜ ﻮ ن اﻟﻤ ﺒ ﺮ ر اﻟﻮ ﺣ ﻴ ﺪ ﻟﻬ ﺬ ا اﻟﺨ ﺮ و ج ﻫ ﻮ‬ ‫اﻟﺴﺮدي اﻟﻌﺎم ﻋﻦ اﻟﻘﺼﺔ واﻟﺮوا ﻳﺔ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻬﻤﺎ وﻫﻢ‬
‫اﻻﺣﺘﻜﺎم ﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﺤﻠﻢ‪ ،‬اﻟﺬي ﺳﻴﻜﻮن ﻣﺒﺮرا‬ ‫اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻠﺘﻘﺮﻳﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻜﺮوﻧﻮﻟﻮﺟﻰ‬
‫ﻻ ﺳ ﺘ ﻘ ﺒ ﺎ ل ﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﺳ ﻴ ﻘ ﺎ ل ﻋ ﺒ ﺮ اﻟ ﺤ ﻠ ﻢ ﺑ ﺎ ﻟ ﻤ ﻨ ﻄ ﻖ اﻟ ﺬ ي‬ ‫واﻟﺰﻣﻦ اﻟﻘﺼﺼﻰ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺨﺮج اﻟﻘﺺ ﻓﻰ ﺗﻄﺎﺑﻘﻪ‬
‫ﺻ ﻨﻌ ﻪ اﻟﺤ ﻠﻢ ‪.‬‬ ‫ﻣ ﻊ اﻟﺤ ﻴﺎة ﻋ ﻦ ‪ :‬اﻟﻤ ﺴ ﺘﺤ ﻴﻞ أو اﻟﻤ ﻤ ﻜ ﻦ أو اﻟﻤ ﺤ ﺘﻤ ﻞ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ‪ ،18‬ﻳﻘﻮل ﻣﺤﻔﻮظ‪:‬‬ ‫أو ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺤﺘﻤﻞ‪ .‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺰﻣﻦ ﻣﺘﺮاﺗﺒﺎ‬
‫ﻣﺘﺴﻠﺴﻼ )ﺷﺊ ﻳﺄﺗﻰ ﺑﻌﺪ ﺷﺊ آﺧﺮ ﻣﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ‪،‬‬
‫"وﺗﻢ ﻣﺠﻠﺴﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺎرب اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬
‫ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﻓﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺒﺐ وﻧﺘﻴﺠﺔ‪ ،‬أو ﻋﻠﺔ وﻣﻌﻠﻮل(‬
‫ﺑﺪا ﻛﻞ واﺣ ﺪ وﺣ ﺪه ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻵﺧ ﺮ ﻳﻦ ‪ ،‬و ﺟ ﺎ ء‬
‫ﻣﻦ ﺣﺪث اﻟﺒﺪا ﻳﺔ إﻟﻰ ﺣﺪث اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻣﻊ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﻤﻼح ودار اﻟﻤﻮﺗﻮر‪ .‬اﻟﻤﻼح ﻓﺘﺎة ﺟﻤﻴﻠﺔ‪ ،‬ارﺗﻌﺶ‬
‫اﻟﺘﺠﺎوز ﻷﺣﺪاث‪ ،‬إﻻ أن ﺑﻨﻴﺔ اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻰ اﻟﻘﺺ ﺗﻈﻞ‬
‫ﻟﻤﺮآﻫﺎ ﻗﻠﺒﻲ‪ .‬أﻃﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻓﺬة وأﻧﺎ واﻗﻒ ﺗﺤﺖ‬
‫ﻣﺘﺮاﺑﻄﺔ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ؛ إذ إﻧﻬﺎ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺻﻮرة‬
‫اﻟﺸﺠﺮة وﻛﺎن اﻟﻮﻗﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﺒﺎ وﻣﻄﻠﻊ اﻟﺸﺒﺎب‪،‬‬
‫ا ﻟ ﺤ ﻴ ﺎ ة و ﻛ ﺄ ﻧ ﻬ ﺎ ﺗ ﺘ ﺄ ﻟ ﻒ ﻣ ﻦ ﺳ ﻠ ﺴ ﻠ ﺔ ﻣ ﻦ اﻷ ﻓ ﻌ ﺎل‬
‫ورﻛﺰت ﻋﻴﻨﻲ ﻓﻲ رأﺳﻬﺎ اﻟﻨﺒﻴﻞ وﻫﻲ ﺗﻤﺮق ﺑﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺮ‬
‫و اﻟ ﻮ ﻗ ﺎﺋ ﻊ اﻟ ﻤ ﺘ ﺴ ﺎو ﻗ ﺔ ‪ ،‬و اﻟﺘ ﻰ ﻳ ﻨ ﻈ ﻤ ﻬ ﺎ ﺗ ﻄ ﺒ ﻴ ﻖ ﺻ ﺎر م‬
‫وﺗﺘﻨﺎﻏﻢ ﺧﻔﻘﺎت ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻊ دﻓﻘﺎت اﻟﻨﺴﻴﻢ وﻓﻜﺮت أن‬
‫ﻟﻤﺒﺪأ اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ‪ ،‬أى ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻌﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻠﻮل ﻓﻰ ﺗﺮاﺗﺒﻬﺎ‬
‫أﺳﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻷرى ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮن اﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻬﺎ ﻟﻲ‪.‬‬
‫اﻟﺰ ﻣ ﻨﻰ ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻨﻲ وﺟﺪت ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺷﺎرع ﺷﻌﺒﻲ ﻟﻌﻠﻪ‬
‫ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﺤﻠﻢ اﻟﺴﺮدﻳﺔ‬

‫‪29‬‬
‫ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺎ اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺘﻲ أرى ﻓﻲ إﺣﺪى ﺷﺮﻓﺎﺗﻬﺎ‬ ‫اﻟﻐﻮرﻳﺔ وﻫﻮ ﻣﻜﺘﻆ ﺑﺎﻟﺨﻠﻖ ﻓﻲ ﻣﻮﻟﺪ اﻟﺤﺴﻴﻦ‬
‫اﻟﺴ ﻴﺪ ة اﻷ ﻧﻴﻘ ﺔ ﺑﺼ ﺤ ﺒﺔ زو ﺟ ﻬ ﺎ و أﺑﻨﺎﺋﻬ ﺎ اﻟﺸ ﺒﺎن ‪ ،‬ﻓ ﻠ ﻤ ﺎ‬ ‫أﺣ ﺪ‬ ‫ﻋﻨﺪ‬ ‫ﺑﺼ ﻌﻮﺑﺔ‬ ‫ﻃ ﺮ ﻳﻘﻬﺎ‬ ‫ﺗﺸ ﻖ‬ ‫وﻟﻤﺤ ﺘﻬﺎ‬
‫ﻓ ﺘ ﺮ اﻟﻬ ﺪ ف ذ اب اﻟ ﻤ ﻨ ﻈ ﺮ ذ و ﺑﺎﻧﺎ ﺳ ﺤ ﺮ ﻳ ﺎ ﻧﺎﻋ ﻤ ﺎ ﺣ ﺘ ﻰ‬ ‫اﻟﻤﻨﻌﻄﻔﺎت ﻓﺼﻤﻤﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺤﺎق ﺑﻬﺎ ‪..‬‬
‫اﺧ ﺘﻔ ﻰ و ﺣ ﻞ ﻣ ﺤ ﻠﻪ ﺷ ﺎرع اﻟﻌ ﺒﺎﺳ ﻴﺔ ‪ ،‬و ﻣ ﺎ ز ﻟ ﺖ أﺳ ﻴﺮ‬ ‫و ﺣ ﻴ ﺎ ﻓ ﺮ ﻳ ﻖ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﻨ ﺸ ﺪ ﻳ ﻦ اﻟﺤ ﺴ ﻴ ﻦ اﻟ ﺸ ﻬ ﻴ ﺪ ‪.‬‬
‫ﻧﺤﻮ اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺎﻟﻌﻨﻲ ﻣﻦ إﺣﺪى‬
‫وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ رﺟﻌﺖ إﻟﻰ ﻣﺠﻠﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎرب وﻛﺎن‬
‫ﻧ ﻮ ا ﻓ ﺬ ﻫ ﺎ ا ﻟ ﻔ ﺘ ﺎ ة ا ﻟ ﺘ ﻲ ﻻ ﺗ ﻨ ﺴ ﻰ‪ ،‬و ﻟ ﻜ ﻨ ﻲ و ﺟ ﺪ ت اﻟﻨ ﺎﻓ ﺬ ة‬
‫ﻗﺪ ﺗﻮﻏﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺮ ﺷﻮﻃﺎ ﻃﻮ ﻳﻼ‪ .‬وﻧﻈﺮت إﻟﻰ ﻣﻜﺎن‬
‫ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻓﻘﺮرت اﻻﻧﺘﻈﺎر ﻛﺎﻟﻌﺎدة ﻓﻲ ﻣﺤﻄﺔ اﻟﺘﺮام‪،‬‬
‫اﻟﻘﻴﺎدة ﻓﺮأ ﻳﺖ ﻣﻼﺣﺎ ﻋﺠﻮزا ﻣﺘﺠﻬﻢ اﻟﻮﺟﻪ‪ ،‬وﻧﻈﺮت‬
‫وﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ أﺟﺪ ﻟﻠﻤﺤﻄﺔ أﺛﺮا وﻻ ﻟﻘﻀﺒﺎن اﻟﺘﺮام أﺛﺮا‬
‫ﺣﻮﻟﻲ ﻷﺳﺄل ﻋﻦ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ وﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ أر إﻻ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﻟﺸﺎرع‪ ".‬ص ‪83‬‬
‫ﻣ ﻘ ﺎﻋ ﺪ ﺧ ﺎﻟﻴﺔ ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﺑﻴﻦ اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ واﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‬
‫وﻗﻤﺖ ﻷﺳﺄل اﻟﻌﺠﻮز ﻋﻦ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ‪".‬‬
‫وﻣﺤﻄﺎت اﻟﺘﺮام اﻟﺘﻲ أﻟﻐﻴﺖ ﻣﻦ زﻣﻦ ﻃﻮ ﻳﻞ‪ ،‬ﻫﺬا‬
‫ص‪19‬‬
‫اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻻ ﻳﺒﺮره ﺳﻮى ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺤﻠﻢ اﻟﺬي ﺳﻤﺢ‬
‫ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻌﺪد واﻻﻧﺘﻘﺎل ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﻘﺒﻮﻻ‬ ‫ﻓﺎﻟﻮﺟﻮد اﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ اﻟﻘﺎرب وﺣﻀﻮر ﻣﻜﺎن‬

‫ﺑﻤﻨﻄﻖ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻤﻔﺘﺎح "رأ ﻳﺘﻨﻲ" اﻟﺘﻲ ﺗﺆدى ﻣﻌﻨﻰ‬ ‫ﻳﻨﺘﻤ ﻲ ﻟﻮﻗﺖ اﻟﺼ ﺒﺎ ﻣ ﻦ ﺧ ﻼ ل وﺟ ﻪ اﻟﻔ ﺘﺎة ‪ ،‬ﺛﻢ‬

‫اﻟﻤﺨﺎﻳﻠﺔ‪ ،‬وﺗﻔﻜﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪا ﻳﺔ ﻗﺎﻧﻮن اﻻﺣﺘﻜﺎم إﻟﻰ‬ ‫اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﺸﺎرع اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻛﺄﻧﻪ اﻟﻐﻮرﻳﺔ‪ ،‬واﻧﺘﻘﺎل‬
‫اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻓﻲ ﺧﺒﺮاﺗﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬وﺗﺒﺪﻳﻠﻪ ﺑﻘﺎﻧﻮن‬ ‫اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﻤﻼح ﻣﻌﻪ وﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ أﺣﺪ‬

‫ﻣﺎ وراء اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ ﺧﻔﺔ ﺗﺘﺠﺎوز ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺰﻣﻦ‬ ‫اﻟﻤﻨﻌﻄﻔﺎت‪ ،‬واﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺎرب واﻟﺘﻮﻏﻞ‬

‫واﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺸﻒ ﻋﻦ ذﻟﻚ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺮ‪ ،‬ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﺒﺮره ﺳﻮى ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺤﻠﻢ وﻫﺪم‬

‫ﻟﻨﺎ إ ﻳﺘﺎﻟﻮ ﻛﺎﻟﻔﻴﻨﻮ ﻓﻲ "ﺳﺖ وﺻﺎﻳﺎ ﻟﻸﻟﻔﻴﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ "‪.‬‬ ‫ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺘﺮاﺗﺐ واﻟﺴﺒﺒﻴﺔ‪.‬‬

‫و ﺑﻬ ﺬ ا اﻟ ﻤ ﻌ ﻨ ﻰ ﻳ ﺨ ﺎﻟ ﻒ اﻟ ﺤ ﻠ ﻢ ﻗ ﻮ اﻧﻴ ﻦ اﻟ ﻄ ﺒ ﻴ ﻌ ﺔ‬ ‫ﻓ ﻤ ﻨ ﻄ ﻖ اﻟﺤ ﻠ ﻢ ﻫ ﻮ اﻟﺬ ي ﻳ ﺴ ﻮ غ أن اﻟﺤ ﺮ ﻛ ﺔ‬

‫ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﻣﻦ ﻃﻮل وﻋﺮض وارﺗﻔﺎع وزﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ‬ ‫ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻗﺪم‪ ،‬أو ﻣﺠﺮد اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ‬

‫ﻣﺎ دﻟﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﻠﻢ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ اﻟﻤﻜﺎن‪.‬‬ ‫اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﺰﻣﺎﻧﻲ واﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻴﻞ داﺧﻞ اﻟﻘﺎرب‬
‫إﻟﻰ اﻟﺸﺎرع اﻟﻘﺪﻳﻢ إﻟﻰ اﻟﻐﻮرﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻲ اﻟﺤﺴﻴﻦ إﻟﻰ‬
‫ـ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺗﺒﺪﻻﺗﻬﺎ‪.‬‬
‫اﻟﻌﻮدة ﻓﻲ اﻟﻘﺎرب ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﺳﺮع ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺬي‬
‫ﻓﻲ اﻟﺴﺮد ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺷﺨﺼﻴﺔ واﺿﺤﺔ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ‬ ‫ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻐﺮﻗﻪ وﻗﻮع اﻷﺣﺪاث ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻋﻘﻞ‬
‫واﻷﺑﻌﺎد‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺗﻄﻮر اﻟﺴﺮد وﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ اﻟﻘﻮاﻋﺪ‬ ‫اﻟﻴﻘﻈﺔ‪ .‬إذ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻘﻞ أﺳﺮع واﻟﻮﻋﻲ‬
‫اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وأﺷﻜﺎل ﺣﻀﻮرﻫﺎ‬ ‫أﺳﺮع وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﻤﻜﺎﻧﻲ واﻟﺰﻣﺎﻧﻲ أﺳﺮع ﻋﻠﻰ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻈﻞ ﻓﻲ اﻹﻣﻜﺎن رﺻﺪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت‬ ‫ﻧﺤﻮ ﻳﻔﻮق ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ رﺻﺪﻫﺎ ﻟﺴﺮﻋﺔ‬
‫وﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ﺑﻤﻨﻄﻖ اﻟﺤﺒﻜﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ وﻧﺴﺠﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ‬ ‫اﻟﺼ ﻮ ت و اﻟﻀ ﻮ ء ‪.‬‬
‫اﻟﻤ ﺤ ﻴﻂ ﺑﻬ ﺎ ﻣ ﻦ ﺧ ﻼ ل ﺣ ﺮ ﻛ ﺔ ﻫ ﺬ ه اﻟﺸ ﺨ ﺼ ﻴﺎت‬
‫وﻛﺬﻟﻚ اﻷﻣﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ‪،121‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮل‪:‬‬
‫)اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ( وﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ‬
‫"رأ ﻳﺘﻨﻲ أﺳﻴﺮ ﻓﻲ ﺷﺎرع ﻛﻮرﻧﻴﺶ اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ‬
‫ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ أﺣﺪاث ﺗﺰﻳﺪ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮم وﻣﻼﻣﺢ‬

‫‪30‬‬
‫ﺗﺘﺤﻮل ﻟﻤﺮاﻗﺼﺔ اﻷﺳﻄﻰ ﻓﻲ ﺣﻴﻮ ﻳﺔ‪ ،‬ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺪل ﻓﻲ‬
‫اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻻﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺴﺮد إﻻ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻗﺮﻳﻨﺔ واﻗﻌﻴﺔ ﺗﺮ ﺑﻄﻪ‪ ،‬وﻟﻦ‬
‫ﻳﻮﻓﺮ ﻫﺬه اﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺳﻮى اﻟﺤﻠﻢ‪ ،‬ﻓﺤﺘﻰ اﻟﺴﺮد ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﻳﻌ ﻤ ﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻠﺠ ﺄ ﻟﺘﺼ ﻮ ﻳﺮ اﻟﺸ ﺨ ﺼ ﻴﺔ وﻫ ﻲ‬
‫واﻗﻌﺔ ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻣﺨﺪر أو ﻓﻲ ﺣﻠﻢ‪.‬‬
‫ـ ﻗ ﺎﻧ ﻮ ن اﻟ ﺤ ﺪ ث ‪ /‬اﻷ ﺣ ﺪ اث ‪.‬‬
‫اﻟﺸ ﺨ ﺼ ﻴﺔ اﻟﻔ ﺎﻋ ﻠﺔ ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ﻓﺘﺘﻌﺪد ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺗﻠﺘﺒﺲ‬
‫أ ﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺘﻀﺢ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺳﺎردة‬
‫ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪدة اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ أو اﻷﺑﻌﺎد‪ ،‬وﺷﺨﺼﻴﺎت أﺧﺮى‬
‫ﻣﺮﺋﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻔﻬﺎ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﺪورﻫﺎ ﻓﻲ اﻷﺣﺪاث‪،‬‬
‫وﺷﺨﺼﻴﺎت ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺋﻴﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﺎﺿﺮة ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﻬﺎ‪ ،‬أو‬
‫ﻣﻠﺘﺒﺴﺔ )ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺸﺒﻪ ﻛﺬا أو ﻛﺬا أو ﻛﺬا(‬

‫اﻷﺣﺪاث ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﻓﻲ وﺟﻮدﻫﺎ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت‪،‬‬ ‫ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻳﺴﻤﺢ اﻟﺤﻠﻢ ﺑﺘﻌﺪد ﻣﻼﻣﺢ‬
‫إ ذ ﺗ ﻤ ﺜ ﻞ ا ﻷ ﻓ ﻌ ﺎ ل و اﻟ ﻤ ﺸ ﺎﻫ ﺪ ات و اﻷ ﻋ ﻤ ﺎل اﻟﺘ ﻲ‬ ‫وأﺷﻜﺎل وﺗﺤﻮﻻت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻣﻦ إﻧﺴﺎن‬
‫ﺗﺆدﻳﻬﺎ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻣﻤﺎ ﻳﺆدى ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻟﻰ إﺣﺪاث‬ ‫ﻷ ﻧ ﺎ س آ ﺧ ﺮ ﻳ ﻦ ‪ ،‬و ﻣ ﻦ إﻧ ﺴ ﺎن ﻟﻄ ﺎﺋ ﺮ ﻟﺤ ﻴ ﻮ ان ﻷ ي ﻛ ﺎﺋ ﻦ‬
‫ﺻﺮاع ـ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاﻋﻪ ـ ﺑﻴﻦ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت‪.‬‬ ‫آﺧﺮ‪ ،‬وذﻟﻚ دون اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺒﺮر ﺳﺒﺒﻲ أو إ ﻳﺠﺎد‬
‫وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻷﺣﺪاث‬ ‫ﻋ ﻼ ﻗ ﺔ ﻣ ﻜ ﺎﻧﻴﺔ ﻣ ﻨﻄ ﻘ ﻴﺔ ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﺗﺤﻜﻰ‬ ‫وﺗﺘﻌﺪد ﻓﻲ أﺣﻼم ﻣﺤﻔﻮظ ﺗﺒﺪﻻت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺑﻴﻦ‬
‫ﺑﺎﻻﺳﺘﺮﺟﺎع‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﻟﺘﻄﻮر اﻷدﺑﻰ وﺳﻴﻄﺮة‬ ‫ﻛﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ‪18‬‬
‫اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺠﻤﺎﻟﻰ اﻟﻔﺮدي ﻓﺈن اﻟﻤﺒﺪع أﺻﺒﺢ ﻳﻠﻐﻰ‬ ‫ﻣﻊ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﻤﻼح اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮد‬
‫ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺴﺒﻘﺔ ﺑﺎﻷﺣﺪاث‪ ،‬و ﻳﺤﻞ ﺑﺬﻟﻚ‬ ‫اﻟﻘ ﺎرب ﺛﻢ ﺗﺤ ﻮ ﻟﺖ ﻟﺸ ﺨ ﺼ ﻴﺔ اﻟﻌ ﺠ ﻮ ز اﻟﻤ ﺘﺠ ﻬ ﻢ ‪.‬‬
‫اﻟﻨ ﺺ‬ ‫اﻟﺤﺪث اﻟﺬى ﻳﺘﻜﺸﻒ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى‬
‫وﻣﻨﻪ ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ‪ ،105‬ﻳﻘﻮل ﻣﺤﻔﻮظ‪:‬‬
‫و ﺑﺘ ﻘ ﺪ ﻣ ﻪ ‪ ،‬و ﻣ ﻌ ﻨ ﻰ ذ ﻟ ﻚ أن اﻟﺤ ﺪ ث ﻫ ﻮ اﻟﻮ ﺣ ﺪ ة‬
‫"ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ ﺣﻴﻨﺎ ﻳﺤﻠﻘﻮن رءوﺳﻬﻢ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ ﻗﻠﺖ اﻷﺣﺪاث أم‬
‫ﺻ ﺎﻟﻮ ن ﻋ ﻢ ﻋ ﺒﺪ ه اﻧﺠ ﺬ اﺑﺎ ﻟﻠﺤ ﺴ ﻨﺎء اﻟﺠ ﺎﻟﺴ ﺔ ﺧ ﻠﻒ‬
‫ﻛﺜﺮت‪ ،‬وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺘﺮاﺗﺐ‬
‫ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﻮد‪ ،‬وﺗﻤﻨﻴﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ أن ﺗﺘﺤﺴﻦ ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ‬
‫واﻟﺴﺒﺒﻴﺔ واﻟﻌﻠﺔ واﻟﻤﻌﻠﻮل‪ ،‬وإﻻ ﺻﺎر اﻟﺴﺮد ﻓﺎﻗﺪا‬
‫اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻨﺤﻠﻖ ذﻗﻮﻧﻨﺎ ﻛﻞ ﺻﺒﺎح ﻓﻲ رﺣﺎب اﻟﺠﻤﺎل‪،‬‬
‫ﻟﺤ ﺒﻜ ﺘﻪ ﺑﻤ ﻔ ﻬﻮ ﻣ ﻬﺎ اﻟﻔ ﻨﻲ ‪.‬‬
‫وذات ﻳﻮم وﺟﺪﺗﻨﻲ أﺳﻴﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺘﺄﻟﻖ اﻟﺠﻤﺎل‬
‫ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻔﺮﺿﻪ ﻗﺎﻧﻮن اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ اﻟﺴﺮد‪ ،‬أﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫و اﻟﻨ ﻘ ﺎء ‪ ،‬و اذ ا اﻟ ﺤ ﺴ ﻨ ﺎء ﻣ ﻘ ﺒ ﻠ ﺔ ﻧ ﺤ ﻮ ي ﻣ ﻦ ﺑ ﻌ ﺪ ﻗ ﺮ ﻳ ﺐ‬
‫اﻟﺤﻠﻢ ﻓﺎﻟﺤﺪث ﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻴﺘﺤﻘﻖ‪،‬‬
‫ﺣﺘﻲ اذا ﺣﺎذﺗﻨﻲ اﻟﺘﻔﺘﺖ اﻟﻲ ﻓﺠﺄة وأﺧﺮﺟﺖ ﻟﻲ‬
‫وإﻧﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻌﻠﻦ ﻫﻮ ﻋﻦ وﺟﻮده وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ وﻗﻮﻋﻪ‬
‫ﻟﺴﺎﻧﻬﺎ‪ ،‬وﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ ﺗﺤﻮل وﺟﻬﻬﺎ اﻟﻲ ﻛﺘﻠﺔ‬
‫ﻣﻨﻔﺮدا وﺑﺬاﺗﻪ ﻫﻮ‪ ،‬وﻻ ﻳﺤﺘﺎج اﻟﺤﺪث إﻟﻰ ﻣﺒﺮر‬
‫ﺧﺸﺒﻴﺔ ﺳﻤﻴﻜﺔ ﻓﺬﻋﺮت وﺳﺎرﻋﺖ ﻣﺒﺘﻌﺪا‪ ،‬ﻏﻴﺮ أن‬
‫ﻟﻴﺮ ﺑﻄﻪ ﺑﻤﺎ ﻗﺒﻠﻪ أو ﺑﻤﺎ ﺑﻌﺪه‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﻫﻮ ﺑﺪور‬
‫ﺗﺮاﻣﻲ اﻟﻲ ﺻﻮت ﺿﺤﻚ ﻓﻨﻈﺮت ﻧﺎﺣﻴﺘﻪ ﻓﺮأ ﻳﺖ‬
‫ﻣﺘﻌﺪد اﻟﺪﻻﻻت ﺗﺤﺘﻤﻞ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﺘﺄو ﻳﻞ‪،‬‬
‫اﻟﺤﺴﻨﺎء ﺗﺮاﻗﺺ اﻷﺳﻄﻲ وﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺤﻴﻮ ﻳﺔ‬
‫وﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺤﻠﻢ ﺑﺄ ﻛﻤﻠﻪ ﻳﺘﻢ اﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‬
‫واﻟﻤﺮح"‪ .‬ص‪. 78 ،77‬‬
‫رﻣ ﻮز ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻬﺎ اﻟﺒﺸ ﺮ ﻟﻜ ﺸ ﻒ اﻟﻤ ﺴ ﺘﻮر أو ﺗﻮﻗﻊ‬
‫ﻓ ﺸ ﺨ ﺼ ﻴ ﺔ اﻟﺤ ﺴ ﻨ ﺎء ﺗ ﺘ ﺤ ﻮ ل ﻟﻜ ﺘ ﻠ ﺔ أﺳ ﻤ ﻨ ﺘ ﻴ ﺔ ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ أو ﻓﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻌﻰ ﻣﺪرﺳﺔ‬

‫‪31‬‬
‫ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻳﺪﺧﻠﻮن ﺟﻤﻴﻌﺎ اﻟﺤﺎﻛﻲ واﻟﻤﺤﻜﻲ‬ ‫ﻓ ﺮ و ﻳ ﺪ‪.‬‬
‫ﻟﻬﻢ ﻓﻲ أﺣﺪاث اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻫﻮ أﻣﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮل ﻓﻲ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻳﻘﻮل ﻣﺤﻔﻮظ‪:‬‬
‫ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺴﺮد ﻋﻤﻮﻣﺎ‪ ،‬إذ أن اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻓﻲ اﻟﺴﺮد ﻻﺑﺪ‬
‫"ﺟﻤﻌﺘﻨﺎ اﻟﺼﺪاﻗﺔ واﻟﻨﺸﺄة وﺗﻮاﻋﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ‬
‫أن ﻳﺘﻢ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﻮاﻗﻊ وﺑﻮﺳﺎﺋﻂ ﻳﺪرﻛﻬﺎ اﻟﻌﻘﻞ‬
‫اﻟﺤﺎرة وذﻳﻮل اﻟﻠﻴﻞ ﺗﻬﺒﻂ‪ .‬وﻻ ﻫﺪف ﻟﻨﺎ إﻻ اﻻﻧﺸﺮاح‬
‫و ﻳ ﺆ ﻣ ﻦ ﺑ ﻮ ا ﻗ ﻌ ﻴ ﺘ ﻬ ﺎ ‪ ،‬و ﻫ ﻮ ﻣ ﺎ ﻳ ﺨ ﺎﻟﻔ ﻪ اﻟﺤ ﻠ ﻢ ﺗ ﻤ ﺎﻣ ﺎ ﻫ ﻨ ﺎ ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻠﻘﺎء واﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻠﻤﺰاح واﻟﻀﺤﻚ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ‬
‫وﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ‪ ،37‬ﻳﻘﺪم ﻣﺤﻔﻮظ ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﺛﺎﻧﻴﺎ ﻟﺤﺮﻛﺔ‬ ‫اﻟﻘ ﺎﻓ ﻴﺔ ‪.‬‬
‫اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ‪ ،‬ﻳﻘﻮل‪:‬‬
‫وﺗﺒﺎدﻟﻨﺎ اﻟﻨﻜﺎت وأﺧﺬﻧﺎ ﻧﺘﺤﻮل إﻟﻰ أﺷﺒﺎح ﻓﻲ‬
‫" اﻟﻤ ﺤ ﻤ ﻞ ﻳ ﺘ ﻤ ﺎ ﻳ ﻞ ﻓ ﻮ ق ا ﻟ ﺠ ﻤ ﻞ ا ﻟ ﻤ ﺰ ﻳ ﻦ ﺑ ﺎ ﻷ ﻟ ﻮ ا ن‬ ‫اﻟﻈﻼم وﺗﻌﺎرﻓﻨﺎ ﺑﺄﺻﻮاﺗﻨﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﻧﻜﻒ ﻋﻦ اﻟﻤﺰاح‬
‫واﻟﻮرود‪ .‬أﻣﺎﻣﻪ رﺟﻞ ﻳﻐﺮس ﻓﻰ ﻓﻴﻪ ﻋﺎﻣﻮدا ذا رأس‬ ‫واﻟﻘﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬واﻧﻄﻠﻘﺖ ﻗﻬﻘﻬﺎﺗﻨﺎ ﺗﺮج اﻟﺠﺪران وﺗﻮﻗﻆ‬
‫ﺗﺪﻟﻰ ﻣﻨﻪ ﺷﺮاﺷﻴﺐ‪ ،‬ورأس اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻰ ﻣﺴﺘﻮى أول‬ ‫اﻟﻨﻴﺎم ‪.‬‬
‫ﻃﺎﺑﻖ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ أﻃﻞ أﻧﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﻓﺬﺗﻪ وﺗﻼﻗﺖ ﻋﻴﻨﻰ‬
‫اﻟﺤﺎرة ﻣﺘﻌﺮﺟﺔ وﻧﺤﻦ ﻧﺘﻘﺎرب ﺣﺘﻰ ﻻﻧﺬوب ﻓﻲ‬
‫ﻣﻊ ﻋﻴﻦ اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻘﺮأت ﻓﻴﻬﺎ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ وﻏﻤﺰة وﺣﻠﺖ‬
‫اﻟﻈﻠﻤﺔ‪ ،‬وﻛﻠﻤﺎ ﺗﻤﺎدﻳﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺮة ﻏﺎﻟﻴﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻀﺤﻚ‬
‫ﻟﻰ اﻟﺒﺮﻛﺔ ﻓﻄﺮت ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻌﻰ وراء اﻟﻨﺎﻓﺬة‪ ،‬ودرت‬
‫وﺑﺪأﻧﺎ ﻧﺘﺴﺎءل ﺣﺘﻰ ﻧﺠﺪ ﺧﻼﺻﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻴﺪان أو ﺷﺎرع‬
‫ﺣﻮل رأس اﻟﺠﻤﻞ ﺑﺠﻠﺒﺎﺑﻰ وﺷﻌﺮى اﻟﻤﻨﻔﻮش‪ ،‬وﻛﺒﺮ‬
‫ﻛ ﺒ ﻴ ﺮ‪.‬‬
‫اﻟﻨﺎس وﻫﻠﻠﻮا وذﻫﻠﻮا ﻟﻮﻗﻮع اﻟﻤﻌﺠﺰة‪ ،‬وﺗﻤﺎدﻳﺖ أﻧﺎ‬
‫ﻓﺎرﺗﻔﻌﺖ ﻓﻰ اﻟﺠﻮ وﺗﺮاﺟﻌﺖ ﻧﺤﻮ ﺳﻄﺢ ﺑﻴﺘﻰ‬ ‫وذﻛﺮﻧﺎ أﺣﺪ ﺑﺎﻟﻤﻠﻜﺔ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ أرادت‬

‫وﻫﺒﻄ ﺖ ‪.‬‬ ‫اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﻮا زوﺟﻬﺎ‪ ،‬دﻋﺘﻬﻢ إﻟﻰ‬

‫ﻣﻜﺎن ﻳﺸﺒﻪ ﻫﺬا اﻟﺬي ﻳﺘﺨﺒﻄﻮن ﻓﻴﻪ‪ ،‬وﺳﻠﻄﺖ‬
‫و ﺑ ﻌ ﺪ ﻣ ﺮ و ر اﻟ ﻤ ﺤ ﻤ ﻞ ﺗ ﺠ ﻤ ﻊ اﻟﻨ ﺎس أ ﻣ ﺎ م ا ﻟ ﺒ ﻴ ﺖ‬
‫ﻋ ﻠ ﻴ ﻬ ﻢ ا ﻟ ﻤ ﻴ ﺎ ه ‪ ،‬و ﻣ ﺎ ﻛ ﺎد ﻳ ﻔ ﺮ غ ﻣ ﻦ ﺣ ﻜ ﺎﻳ ﺘ ﻪ ﺣ ﺘ ﻰ‬
‫ﻳ ﺮ ﻳ ﺪ و ن ﻣ ﺸ ﺎ ﻫ ﺪ ة ا ﻹﻧﺴ ﺎن اﻟﻄ ﺎﺋﺮ ‪ ،‬و إذ ا ﺑ ﻬ ﻢ ﻳ ﺘ ﺤ ﻮ ﻟ ﻮ ن‬
‫ﻫﻄﻠﺖ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻘﻮة ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻬﻮدة وأﺳﻜﺘﻨﺎ‬
‫ﻓﺠﺄة ﻣﻦ اﻹﻋﺠﺎب إﻟﻰ اﻟﺨﻮف واﻟﺤﺬر‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا إن‬
‫اﻟﺮﻋﺪ‪ ،‬وﻣﻀﺖ اﻟﻤﻴﺎه ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺣﺘﻰ ﻏﻄﺖ أﻗﺪاﻣﻨﺎ‪،‬‬
‫روﺣﺎ ﺷﺮﻳﺮة ﺣﻠﺖ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ اﻟﻄﺎﺋﺮ وأن ﻃﻴﺮاﻧﻪ‬
‫وزﺣﻔﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﻘﺎﻧﻨﺎ وﺷﻌﺮﻧﺎ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧﻐﺮق ﺗﺤﺖ‬
‫ﺣﻮل رأس اﻟﺠﻤﻞ ﻧﺬﻳﺮ ﺷﺆم ﻟﻠﻨﺎس ﺟﻤﻴﻌﺎ‪ ،‬وأﻧﻪ‬
‫اﻟﻤﻄﺮ ﻓﻲ ﻇﻠﻢ اﻟﻠﻴﻞ وﻧﺴﻴﻨﺎ ﻧﻜﺎﺗﻨﺎ وﺿﺤﻜﺎﺗﻨﺎ وﻟﻢ‬
‫ﻳﺠﺐ أن ﻳﺒﺮأ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﺑﺠﻠﺪه ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻄﻬﺮ‬
‫ﻳﻌﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ أﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺨﻼص إﻻ أن ﻧﻄﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء "‬
‫ﺗﻤﺎﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا رﻓﺾ اﻟﺪواء ﻋﺮض ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻌﻘﺎب‬
‫ص ‪.13 ،12‬‬
‫اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ وﻫﻮ اﻟﻘﺘﻞ‪ ،‬ورﻛﺐ اﻟﺮﻋﺐ اﻟﺸﺎب وأﺳﺮﺗﻪ‬
‫واﺳﺘﻨﺠﺪت اﻷﺳﺮة ﺑﺎﻟﺸﺮﻃﺔ‪ ،‬واﺷﺘﺮط اﻟﻤﺄﻣﻮر أن‬ ‫ﻓﺤﺪث اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻤﺒﻬﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺎرة ﻳﺨﺘﻠﻂ ﻓﻴﻪ‬

‫ﻳﺮى اﻟﻤﻌﺠﺰة وﻫﻰ ﺗﺤﺪث أﻣﺎم ﻋﻴﻨﻴﻪ‪ ،‬وذﻫﺐ إﻟﻰ‬ ‫اﻷﻣﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻌﻲ واﻟﻼواﻗﻌﻲ وﺗﻘﺘﺮب ﺣﺮﻛﺘﻬﻢ ﻣﻦ‬

‫اﻟﺒﻴﺖ ورأى اﻟﻤﻌﺠﺰة وﺑﻬﺮ ﺑﻬﺎ ﺣﻘﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ وﺟﺪ‬ ‫ﺣ ﺮ ﻛ ﺔ ا ﻷ ﺷ ﺒ ﺎ ح ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﻧﺪ ر ي إن ﻛ ﺎﻧﻮ ا أﺻ ﺤ ﺎﺑﺎ ﻣ ﻦ‬

‫ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻴﻦ رأ ﻳﻴﻦ‪ ،‬اﻷﺳﺮة ﺗﻘﻮل إﻧﻬﺎ ﻛﺮاﻣﺎت اﻷوﻟﻴﺎء‪،‬‬ ‫اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻌﺎﺑﺚ ﻳﻨﺸﺪون اﻟﻤﺘﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ أم ﻛﺎﻧﺖ‬

‫واﻟﻨﺎس ﺗﺆﻛﺪ أﻧﻪ ﻋﺒﺚ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن وﻧﺬﻳﺮ ﺷﺮ‪.‬‬ ‫اﻟﺤ ﺮ ﻛ ﺔ ﻋ ﻘ ﻠﻴﺔ ﻹ ﻧﺴ ﺎن ﻳﻨﺸ ﺪ اﻟﺨ ﻼ ص ‪ ،‬و ﺣ ﺪ ث‬
‫اﻟﺤﻜﻲ ﻋﻦ‪ ،‬اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻮل ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎل إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ إذ‬
‫وأﺧﻴﺮا ﻗﺮر اﻟﻤﺄﻣﻮر أن ﻳﻀﻊ اﻟﺸﺎب ﻓﻰ اﻟﺴﺠﻦ‬

‫‪32‬‬
‫ﺑﻨﻴﺔ ﻣﺪﻟﻮﻻت اﻟﺴﺮد وﻓﺘﺢ آﻓﺎق ﺗﺄو ﻳﻠﻬﺎ ﻟﺘﺴﻤﺢ‬
‫ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺮاءات ﻣﺘﻌﺪدة وﻟﻴﺴﺖ ﻗﺮاءة واﺣﺪة‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ‪ 179‬ﻳﻘﻮل ﻣﺤﻔﻮظ‪:‬‬
‫"ﺑﻴﻮﺗﻨﺎ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﺼﺤﺮاء‪ ،‬وﻛﻞ ﺑﻴﺖ ﻟﻪ‬
‫ﻓﻨﺎء‪ ،‬ﻧﻀﻊ ﻓﻴﻪ زﻳﺮا ﻟﻠﻤﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ ﻓﻴﺪﺧﻞ اﻟﻌﻄﺸﺎن‬
‫ﻳ ﺮ و ي ﻇ ﻤ ﺄ ه و ﻳ ﺪ ﻋ ﻮ ﻟ ﻨ ﺎ ‪ ،‬و ﻳﻮ ﻣ ﺎ اﻧﺪ ﺳ ﺖ ﻋ ﺼ ﺎﺑﺔ ﺑﻴ ﻦ‬
‫اﻟﺪاﺧﻠﻴﻦ وﻫﺎﺟﻤﺖ ﺑﻴﺘﺎ ﻓﻘﺘﻠﺖ وﺳﺮﻗﺖ وﻫﺮ ﺑﺖ‪،‬‬
‫ﻓ ﺄﻏ ﻠ ﻘ ﻨ ﺎ اﻷ ﺑ ﻮ اب و ﻟ ﻜ ﻦ ﻋ ﻠ ﻤ ﻨ ﺎ أ ﻧ ﻬ ﻢ ﻳ ﺤ ﻔ ﺮ و ن ﻧ ﻔ ﻘ ﺎ‬
‫ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻴﻨﺎ‪ ،‬وﻋﻨﺪ إﺣﺪى اﻟﺤﻔﺮﻳﺎت ﺗﻔﺠﺮ ﻳﻨﺒﻮع‬
‫ﻣﺎء وﺗﺪﻓﻖ ﺣﺘﻰ ﻏﻄﻰ اﻟﺼﺤﺮاء وﺑﺸﺮ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ‬
‫ا ﻟ ﻌ ﻤ ﻴ ﻢ ‪ ،‬و ﻫ ﺘ ﻒ ﺣ ﻜ ﻴ ﻢ ﺑﻴ ﻨ ﻨ ﺎ أن اﻓ ﺘ ﺤ ﻮ ا اﻷ ﺑﻮ اب‬
‫واﻧﻌﻤﻮا ﺑﺤﺴﻦ اﻟﺠﻮار"‪ .‬ص‪115‬‬
‫ﻓﻬﺬا اﻟﺤﻠﻢ ﺗﺘﻌﺪد إﻣﻜﺎﻧﺎت ﻗﺮاءﺗﻪ ﺑﻴﻦ‬
‫و اﻟﻔ ﻜ ﺮي‬ ‫و اﻻ ﺟ ﺘﻤ ﺎﻋ ﻲ‬ ‫و اﻟﺪ ﻳﻨﻲ‬ ‫اﻟﺴ ﻴﺎﺳ ﻲ‬
‫واﻟﻔﻠﺴﻔﻲ‪ ،‬ﺑﺪءا ﻣﻦ ﺗﺄو ﻳﻞ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺼﺤﺮاء‬
‫وارﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﻤﻜﺎن ﻣﺘﻮاﺟﺪ ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﺑﻘﻌﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺑﻘﺎع‬
‫اﻷرض‪ ،‬وﻣﺮورا ﺑﺘﺄو ﻳﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻂ‬
‫ﺑ ﻤ ﻨ ﻄ ﻘ ﺘ ﻨ ﺎ ‪ . .‬ﺑ ﺒ ﻠ ﺪ ﻧ ﺎ ‪ . .‬ﺑ ﺒ ﻼ د ﻧ ﺎ ‪ . .‬إ ﻟ ﺦ ‪ ،‬و ﻟﻴ ﺲ اﻧﺘ ﻬ ﺎء‬
‫ﺑﺘﺄو ﻳﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺻﺤﺮاء اﻟﺮوح وﻧﻬﺎﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎن‪.‬‬
‫ﺗﻘﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﺮد إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻌﺪد اﻟﻘﺮاءت ﻗﻴﺎﺳﺎ إﻟﻰ‬
‫وﺗﺄو ﻳﻞ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ أﻧﻪ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﻧﻌﺮﻓﻪ‪،‬‬
‫أم اﻟﺨ ﻴﺮ اﻟﺬ ي ﻧﺤ ﻤ ﻠﻪ ﺳ ﻮ اء أ ﻛ ﻨﺎ ﻧﻌ ﻨﻲ أﻧﻔ ﺴ ﻨﺎ أم‬
‫ﺟ ﻤ ﺎﻋ ﺘﻨﺎ أم ﺑﻼ دﻧﺎ أم اﻟﺠ ﻤ ﺎﻋ ﺔ اﻟﻤ ﻨﺘﻤ ﻴﻦ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻜ ﺮ ﻳﺎ‬
‫) ﻃ ﺎ ﺋ ﻔ ﺔ – ﺣ ﺰب – ﺗﻮﺟ ﻪ ﻓﻜ ﺮي ( ‪.‬‬
‫وﺗﺄو ﻳﻞ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﺼﺎﺑﺔ اﻟﻤﻨﺪﺳﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ‬
‫اﻟﻌ ﺪ و ‪ ،‬أو اﻹ رﻫ ﺎب ‪ ،‬أو اﻟﺪ و ل اﻟﻄ ﺎﻣ ﻌ ﺔ ‪ ،‬أو اﻵ ﺧ ﺮ‬
‫اﻟﻐﺮﻳﺐ اﻟﺬي ﺗﺘﻮﺟﺲ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻓﻄﺮي‪.‬‬
‫وﺗﺄو ﻳﻞ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻨﻔﻖ اﻟﺬي ﺗﺪﻓﻖ ﻣﺎء ﻓﻌﻢ‬
‫اﻟﺨﻴﺮ‪ ،‬ﻓﻲ ﺳﻴﺎق واﺣﺪ ﻣﻦ ﺗﺄو ﻳﻼت اﻟﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﺗﻌﻤﻴﻖ‬
‫وإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﺗﺘﻌﺪد ﻗﺮاءة اﻟﺤﻠﻢ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‬
‫‪33‬‬
‫ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺴﻰ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺑﺮﻣﺘﻪ" ص‪.36‬‬
‫ﻓﺎﻷﺣﺪاث ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪو ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ‬
‫اﻟﺘﺴﻠﺴﻞ واﻟﺤﺒﻜﺔ اﻟﻤﺘﺮاﺑﻄﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪو ﻏﻴﺮ‬
‫ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻃﺎر اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﻫﻮ اﻟﺮاوي‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﺗﺤﻮل إﻟﻰ آﺧﺮ ﻣﺤﻜﻲ ﻋﻨﻪ ﻫﻮ اﻟﺸﺎب‪ ،‬واﻧﺘﻘﻞ‬
‫اﻟﺤﺪث إﻟﻰ ﺟﻬﻞ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺛﻢ إﻟﻰ ﺣﺪث ﺣﻜﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن‪،‬‬
‫وذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ أﺣﺪاث اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﻢ‬
‫واﻟﺠﻬﻞ ﻓﻲ واﻗﻌﻨﺎ اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺸﻪ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻷﺣﺪاث ﻫﻨﺎ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﻣﻨﻄﻘﻴﺎ إﻟﻰ أﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﺘﺮاث‪،‬‬
‫وﻧﺠﺪ اﻟﺼﺪى اﻷﻛﺒﺮ ﻟﻔﻜﺮة ﻃﻴﺮان اﻹﻧﺴﺎن واﻧﺘﻘﺎﻟﻪ‬
‫اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺮاﻣﺎت‬
‫اﻷوﻟﻴﺎء‪ ،‬وﻟﻜﻨﻬﺎ أ ﻳﻀﺎ ﺗﻨﺘﻤﻲ واﻗﻌﻴﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة‬
‫اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل رﻣﻮز اﻟﺸﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻘﻒ‬
‫ﻓ ﻴ ﻬ ﺎ اﻟ ﻄ ﻔ ﻞ ‪ ،‬و ﻣ ﺄﻣ ﻮ ر اﻟﻘ ﺴ ﻢ اﻟﺬ ي ﺣ ﻀ ﺮ ﺑﻨ ﻔ ﺴ ﻪ‬
‫ﻟﻴﺮى اﻟﻤﻌﺠﺰة‪ ،‬ﻓﻬﻨﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﺣﺪث اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﻊ ﺣﺪث‬
‫اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺒﺎس ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺮﻛﻴﺒﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺮد ﻛﻤﺎ‬
‫ﻳﺴ ﻤ ﺢ ﺑﻪ اﻟﺤ ﻠﻢ‪.‬‬
‫ـ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺪﻻﻟﻲ‬
‫اﻟﺸﻌﺮ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺰداد اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﻴﻦ اﻟﺪال واﻟﻤﺪﻟﻮل‪،‬‬
‫ﻓﻼ ﻳﻌﻤﺪ اﻟﺴﺮد ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺴﻊ إﻟﻰ اﻻﻧﺤﺮاﻓﺎت‬
‫اﻟﺪﻻﻟﻴﺔ واﻟﺨﺮوج ﻋﻦ اﻟﻤﺄﻟﻮف اﻟﺪﻻﻟﻲ ) اﻟﺨﻂ‬
‫اﻟﻤﺤﻮرى ( اﻟﻤﻤﺜﻞ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪام اﻟﻌﺎدى ﻟﻠﻐﺔ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻤﺠﺎزﻳﺔ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺪود ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻪ اﻟﺴﺮد‬
‫وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺪﻟﻴﻞ‬
‫واﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬اﻟﺬي ﻳﻮﺳﻊ ﻣﻦ ﺑﻨﻴﺔ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﺠﺎز‪ ،‬إذ‬
‫إﻧﻪ ﺧﺼﻴﺼﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺗﻔﺮﻗﻪ ﻋﻤﺎ ﺳﻮاه‪.‬‬
‫و ﻫ ﻨ ﺎ ﻳ ﻜ ﺘ ﺴ ﺐ اﻟﺤ ﻠ ﻢ ﻫ ﺬ ه اﻟﺨ ﺼ ﻴ ﺼ ﺔ اﻟ ﺸ ﻌ ﺮ ﻳ ﺔ‬
‫ﻟﻴﻨﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﺮد‪ ،‬ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺻﻮرﻫﺎ اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ‬
‫اﻟﺤﻠﻢ ‪ ،100‬اﻟﺬي ﻳﻄﻠﻘﻪ ﻣﺤﻔﻮظ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺻﺮﺧﺔ ﻋﻦ‬ ‫واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ودﻳﻨﻴﺎ وﻓﻠﺴﻔﻴﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى‬
‫اﻟﺤ ﺎل اﻟﺴ ﻴﺎﺳ ﻲ و اﻻ ﺟ ﺘﻤ ﺎﻋ ﻲ ﻟﻺ ﻧﺴ ﺎن اﻟﻤ ﻮ اﻃ ﻦ‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ –ﻣﺜﻼ‪ -‬ﻳﻤﻜﻦ ﻗﺮاءﺗﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ‬
‫اﻟﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﻳﻘﻮل‪:‬‬ ‫ﻫ ﺠ ﻮ م ا ﻵ ﺧ ﺮ ﻋ ﻠ ﻴ ﻨ ﺎ ‪ ،‬و ا ﻛ ﺘ ﻔ ﺎﺋ ﻪ ﻓ ﻴ ﻤ ﺎ ﺑ ﻌ ﺪ ﺗ ﺪ ﻓ ﻖ اﻟ ﺨ ﻴ ﺮ‬

‫" ﻫ ﺬ ه ﻣ ﺤ ﻜ ﻤ ﺔ و ﻫ ﺬ ه ﻣ ﻨ ﻀ ﺪ ة ﻳ ﺠ ﻠ ﺲ ﻋ ﻠ ﻴ ﻬ ﺎ ﻗ ﺎض‬ ‫ﻓﻲ ﺻﺤﺮاﺋﻪ‪ ،‬أو ﻗﺮاءﺗﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺗﺎرﻳﺦ‬

‫واﺣﺪ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﻮﺿﻊ اﻻﺗﻬﺎم ﻳﺠﻠﺲ ﻓﻴﻪ ﻧﻔﺮ ﻣﻦ‬ ‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻟﻮﻃﻨﻨﺎ‪ ،‬أو ﻗﺮاءﺗﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻌﺪو‬

‫ا ﻟ ﺰ ﻋ ﻤ ﺎ ء ‪ ،‬و ﻫ ﺬ ه ﻗ ﺎﻋ ﺔ اﻟﺠ ﻠ ﺴ ﺔ ‪ ،‬ﺣ ﻴ ﺚ ﺟ ﻠ ﺴ ﺖ أﻧﺎ‬ ‫اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ اﻟﺪاﺋﻢ‪.‬‬

‫ﻣﺘﺸﻮﻗﺎ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺴﺌﻮل ﻋﻤﺎ ﺣﺎق ﺑﻨﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ‬ ‫وﻫﻜﺬا ﺗﺘﻌﺪد إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﻘﺮاءة واﻟﺘﺄو ﻳﻼت ﻟﻠﺤﻠﻢ‬
‫أﺣ ﺒﻄ ﺖ ﻋ ﻨﺪ ﻣ ﺎ د ار اﻟﺤ ﺪ ﻳﺚ ﺑﻴﻦ اﻟﻘ ﺎﺿ ﻲ و اﻟﺰ ﻋ ﻤ ﺎء‬ ‫ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻴﺰه ﻋﻦ اﻟﺴﺮد اﻟﺬي ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻌﺪدت ﺗﺄوﻻﺗﻪ‬
‫ﺑﻠﻐﺔ ﻟﻢ أﺳﻤﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ ،‬ﺣﺘﻲ اﻋﺘﺪل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ‬ ‫ﻓ ﺈ ﻧ ﻬ ﺎ ﻻ ﺗ ﺼ ﻞ ﻟ ﻤ ﺴ ﺘ ﻮ ى ﻣ ﺎ ﻳ ﺴ ﻤ ﺢ ﺑ ﻪ اﻟ ﺤ ﻠ ﻢ ‪.‬‬
‫ﺟ ﻠ ﺴ ﺘ ﻪ ا ﺳ ﺘ ﻌ ﺪ ا د ا ﻹﻋ ﻼ ن اﻟﺤ ﻜ ﻢ ﺑﺎﻟﻠﻐ ﺔ اﻟﻌ ﺮ ﺑﻴﺔ ‪،‬‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﺮاءة أﺣﻼم ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ‬
‫ﻓﺎﺳﺘﺮددت ﻟﻸﻣﺎم‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺷﺎر إﻟﻲ أﻧﺎ‬ ‫ﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﺗﺄو ﻳﻞ ﻛﻮﻧﻬﺎ إﺷﺎرات واﻋﻴﺔ ورﺳﺎﺋﻞ‬
‫وﻧﻄﻖ ﺑﺤﻜﻢ اﻹﻋﺪام‪ ،‬ﻓﺼﺮﺧﺖ ﻣﻨﺒﻬﺎ إ ﻳﺎه ﺑﺄﻧﻨﻲ‬ ‫ﻣﺸﺘﺒﻜﺔ ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‬
‫ﺧﺎرج اﻟﻘﻀﻴﺔ‪ ،‬وإﻧﻲ ﺟﺌﺖ ﺑﻤﺤﺾ اﺧﺘﻴﺎري ﻷﻛﻮن‬ ‫واﻟﻔﻜﺮي ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺤﻴﻂ ﺑﻨﺎ‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ‬
‫ﻣﺠﺮد ﻣﺘﻔﺮج‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺒﺄ أﺣﺪ ﺑﺼﺮاﺧﻲ‪ ".‬ص ‪،75‬‬ ‫اﻟﻜ ﺸ ﻒ ﻋ ﻨﻪ ﻣ ﻦ ﺧ ﻼ ل ر ﺑﻂ رﻣ ﻮ ز اﻟﺤ ﻠﻢ ﺑﻜ ﻞ ﻫ ﺬ ا‬
‫‪.76‬‬ ‫ا ﻟ ﻮ ا ﻗ ﻊ ‪ ،‬و ﻫ ﻮ ﻣ ﺎ ﺗ ﺪ ﻟﻞ ﻋ ﻠ ﻴ ﻪ ﻛ ﺜ ﻴ ﺮ ﻣ ﻦ ا ﻷ ﺣ ﻼ م ‪ ،‬ﻣ ﺜ ﻞ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اﻟﻬ ﻮ اﻣ ﺶ ‪:‬‬
‫‪ .1‬ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ‪ :‬أﺣﻼم ﻓﺘﺮة اﻟﻨﻘﺎﻫﺔ – دار اﻟﺸﺮوق – اﻟﻘﺎﻫﺮة – ط‪2013 - 5‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻌﻮدة ﻓﻲ ذﻟﻚ إﻟﻰ‪ :‬أ‪.‬أ‪ .‬ﻣﻨﺪﻻو‪ :‬اﻟﺰﻣﻦ واﻟﺮوا ﻳﺔ – ﺗﺮﺟﻤﺔ‪ :‬ﺑﻜﺮ ﻋﺒﺎس – دار ﺻﺎدر – ﺑﻴﺮوت – ط‪-1‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬اﻟﺴﺎﺑﻖ‪.33 :‬‬
‫‪ .4‬ﻫﺎﻧﺰ ﻣﻴﺮﻫﻮف‪ :‬اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻲ اﻷدب – ﺗﺮﺟﻤﺔ‪ :‬أﺳﻌﺪ ﻣﺮزوق– ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺳﺠﻞ اﻟﻌﺮب– اﻟﻘﺎﻫﺮة – ‪-1972‬‬
‫ص‪.17‬‬
‫‪ .5‬اﻟﺴﺎﺑﻖ‪.25 :‬‬

‫‪34‬‬