Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 54

‫أ‪.

‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫محاضرات مقياس نظرية العالقات الدولية ‪.‬للسنة اولى ماستر عالقات دولية وقاون‬
‫دولي‬
‫المحور االول ‪:‬ماهية النظرية في العالقات الدولية‬
‫‪/1‬تعريف النظرية في العالقات الدولية‬
‫‪/2‬تصنيف النظريات في عالقات الدولية‬
‫‪/3‬وحدات ومستويات التنظير في العالقات الدلية‬
‫المحور الثاني ‪:‬النظريات التفسيرية ‪/‬الوضعية والحوارين االول والثاني في التنظير‬
‫للعالقات الدولية‬
‫‪/1‬المدرسة المثالية‬
‫‪/2‬النظرية الواقعية والواقعية الجديدة في العالقات الدولية‬
‫‪/3‬المدرسة السلوكية‬
‫‪/4‬النظرية الماركسية والماركسية الجديدة في العالقات الدولية‬
‫‪/5‬النظرية اللبرالية واللب ارلية الجديدة في العالقات الدولية‬
‫ولحوار النظري الثالت في‬ ‫المحور الثالث‪:‬النظريات التكوينية ‪/‬ما بعد الوضعية‬
‫التنظير للعالقات الدولية‬
‫‪/1‬النظرية النقدية‬
‫‪/2‬النظرية البنائية‬
‫‪/3‬النظرية ما بعد الحداثية‬
‫‪/4‬االتجاه النسوي‬
‫المحور الرابع‪:‬ازمة التنظير في العالقات الدولية‬

‫‪1‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المحور االول ‪:‬ماهية النظرية في العالقات الدولية‬


‫‪/1‬تعريف النظرية في العالقات الدولية‬
‫‪/2‬تصنيف النظريات في عالقات الدولية‬
‫‪/3‬وحدات ومستويات التنظير في العالقات الدلية‬

‫‪2‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المحور االول ‪:‬ماهية النظرية في العالقات الدولية‬


‫المحاضرة االولى‬
‫‪/1‬تعريف النظرية في العالقات الدولية ‪:‬‬
‫يعرف "ستيفن وسبي " النظرية السياسية على انها " منظومة من التعميمات‬
‫المبنية على اساس نتائج تجريبية او يمكن اختبارها تجريبيا ‪ ،‬اذ ان النظرية السياسية‬
‫تبنى على اساس مراقبة الوقائع السياسية واكتشاف الترابط الجدلي فيما بينها ثم انتظام‬
‫سياقها"‪.1‬‬
‫كما يقدم "كينيث والتز ‪"K. Waltz‬في كتابـه "نظريـة السياسـة الدوليـة"تعريفان‬
‫للنظرية‪ ،‬األول يركز على "مجموعة من القوانين المتعلقة بسلوك ظاهرة معينة"‪ ،‬والثاني يشدد‬
‫على إن "النظريات ليست القـوانين نفسـها‪،‬وانما هي تحاول تفسير هذه القوانين"‪ ،‬ويشرح ذلك‬
‫بـالقول "النظريـات تختلف كيفيا عن القوانين‪ ،‬حيث عن طريق القوانين يتم التعـرف علـى‬
‫عالقات وارتباطات‪ ،‬والنظريات تظهـر لمـاذا تسـود تلـك العالقـات واالرتباطات" ‪.2‬‬

‫وعرفها الدكتور "عبد الباسط دمحم حسن" في كتابه "اصول البحث االجتماعي "‬
‫بانها‪":‬مجموعة مترابطة من المفاهيم والتعريفات والقضايا التي تكون رؤية منظمة للظواهر‬
‫والتنبؤ بمستقبلها"‪.3‬‬

‫التعريفين السابقين رك از على الجانب المفهوماتي والوظائفي للنظرية في العالقات الدولية‬


‫‪،‬وهناك من يعرف النظرية كاداة تحليل ومعالجة لكل االشكاليات التي تطرحها الظاهرة محل‬
‫الدراسة ‪.‬‬

‫‪ _1‬عبد الصمد سعدون الشمري‪،‬النظرية السياسية الحديثة ‪،‬عمان ‪:/‬دار الحامد للنشر والتوزيع ‪ ،2112،‬ص‪31‬‬
‫‪ _2‬انور دمحم فرج‪،‬نظرية الواقعية في العالقات الدولية دراسة نقدية مقارنة في ضوء النظريات المعاصرة‪.‬السليمانية ‪:‬مركز‬
‫كردستان للدراسات االستراتيجية ‪،2112،‬ص‪01‬‬
‫‪3‬‬
‫_عبد الناصر جندلي ‪.‬التنظير في العالقات الدولية بين االتجاهات التفسيرية والنظريات التكوينية ‪.‬القبة ‪:‬دار الخلدونية‬
‫للنشر ‪,2112.‬ص‪15‬‬

‫‪3‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫وهناك من يعرف النظرية بانها "مجموعة البيانات او التصريحات حول السلوكية العقالنية‬
‫‪ ،‬مبنية على حوافز مهيمنة كالقوة ‪،‬مثال ذلك نظرية القوة عد "هانس مورغانتو "‪.1‬‬

‫وتعرف النظرية ايضا بانها"مجموعة القيم وقواعد السلوك والمبادئ التي تدل على ما يجب‬
‫ان ان تكون عليه سلوكية االطراف السياسية وتدخل في ذلك دراسة العالقات الدولية من‬
‫منظور ما يفترض ان تكون عليه اخالقيا‪.2‬‬

‫من خالل التعريفين السابقين نجد ان االتجاهين مختلفين في تعريف النظرية في العالقات‬
‫الدولية ‪ ،‬فالتعريف االول يفسر العالقات الدولية تفسي ار واقعيا ‪ ،‬اما الثاني فيفسر هذه‬
‫الظاهرة تفسي ار اخالقيا مثاليا ‪.‬‬

‫‪ ‬خصائص النظرية‪ :‬تتميز النظرية بعدة خصائص من خالل ‪:‬‬


‫_ النظرية منتجة ‪ :‬تزودنا بطرق لترتيب الحقائق ‪،‬وتحويلها الى معلومات من خالل‬
‫المنهج والفرضيات ‪.‬‬
‫_القدرة على التصحيح الذاتي وقابليها التنموية ‪.‬‬
‫_ النظرية مخطط عقلي يستنبط المعاني من هذا العلم ‪ ،‬حيث يرى "إبراهيم البشير‬
‫عثمان" إن "النظرية جهد عقلي تركيبـي يعنـى باالرتباط الموضوعي بين الحقائق‬
‫البديهية والمسلمات الجزئية‪ ،‬ونسـجها على منوال موحد ‪ ..‬ولما كانت المحدودية هي‬
‫إحدى خصـائص اإلدراك البشري فان النظرية تشترك مع القوانين العلمية في كونها‬
‫نسبية وتقريبية‪ ،‬إال إنها في الوقت نفسه اقل تأكدا من القوانين‪ ،‬لذا ينظر إليها علـى‬
‫إنهـا فرض من الدرجة الثانية‪ .‬ويزداد يقين العلماء بالنظريـات كلمـا أيـدتها التجارب‬
‫من ناحية‪ ،‬وكلما فسرت أكبر عدد من الظواهر والقـوانين مـن ناحية اخرى" ‪.3‬‬

‫‪_1‬عبد الناصر جندلي ‪،‬المرجع نفسه ‪،‬ص‪25‬‬


‫‪2‬‬
‫_عبد الناصر جندلي ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬نفس الصفحة‬
‫‪ _3‬انور دمحم فرج‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪01‬‬

‫‪4‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪ ‬عناصر النظرية ‪:‬‬


‫يحدد الدكتور انور دمحم فرج عناصر النظرية في ‪:1‬‬
‫اوال ‪/‬التعريفات ‪:‬تحتوي النظرية على "جمل ‪"sentences‬تقـدم تعريفـات للمصطلحات‬
‫التي تشـير إلـى "المفـاهيم األساسـة‪."basic concepts‬والتعريفات تبين كيف يستعمل‬
‫الباحث تعابير أساسية‪ ،‬يتضـمن اختيـاراوتجريدا على درجة من األهمية ‪.‬‬
‫ثانيا‪/‬الفرضيات ‪ :‬العبارات النظرية التي يمكن مالحظتها وفحصها تسمى الفرضيات‪.‬‬
‫أي افتراض وجود قواعد معينة في الموضوع قيد التحليـل‪ ،‬وتلعب الفرضيات دو ار كبي ار‬
‫في بناء النظريات وينظر إلى الفـرض على إنه أداة تعمل على كشف حقائق وعالقات‬
‫البحث‪.‬‬ ‫لترتيبوتوجيه‬ ‫أداة‬ ‫إنه‬ ‫كما‬ ‫جديدة‪،‬‬
‫ثالثا‪/‬الوصف ‪:Description‬وهو عرض حول أجزاء أو عالقات لشـيءمعين ويمكن‬
‫والتحديد‪.‬‬ ‫والتعريف‬ ‫بالتصنيف‬ ‫يربط‬ ‫أن‬
‫رابعا ‪/‬التحليل ‪:Analysis‬وهو التجزئة وتفتيت الكل إلى أجزائه األساسـية‪.‬‬
‫خامسا ‪ /‬التركيب ‪ :Synthesis‬وهو تجميع األجزاء في شـكل الكـل‪ ،‬مـن األفكار‬
‫والقوى المختلفة إلى تركيب معقد متماسك متصل‪.‬‬
‫‪ ‬وظائف النظرية‬
‫تجيب النظرية في دراسة العالقات الدولية على االسئلة التالية ‪:‬‬
‫_ ماذا حدث ؟‬
‫الواقع الدولي الممكن (السياسة فن‬ ‫اذ تجيب النظرية في العالقات الدولية على بعد‬
‫الممكن)‪ ،‬وذلك من خالل الوصف ‪.‬وعملية الوصف"في نظريات العالقات الدولية‬
‫تتعلق بتحديد طبيعة الظاهرة الدولية موضوع الدراسة والتحليل بغرض معرفة ماهيتها‬

‫‪ _1‬انور دمحم فرج ‪ ،‬المرجع نفسه‪،‬ص ص‪02،03‬‬

‫‪5‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫وكينونيتها‪ ،‬وبعبارة اخرى فان وظيفة الوصف هي اجابة واضحة عن سؤال ‪:‬ماذا‬
‫نبحث؟"‪.1‬‬
‫_ لماذا حدث؟ وماذا سيحدث ؟‬
‫وتجيب النظرية في العالقات الدولية على بعد الواقع الدولي المحتمل ‪ ،‬من خالل‬
‫تفسير الواقائع وفقا لما حدث وما يمكن حدوثه ‪ ،‬وهذا وفقا لمستويي التفسير والتنبؤ‬
‫للنظرية‬
‫ماذا يجب ان يكون ؟‬
‫على بعد الواقع الدولي المرغوب ‪ ،‬من خالل‬ ‫وتجيب النظرية في العالقات الدولية‬
‫تفسير الواقائع وفقا لما حدث وما يراد حدوثه ‪ ،‬وهذا وفقا لمستويي التفسير والتنبؤ‪.‬‬
‫اذا يمكن تصنيف ‪ 4‬ابعاد للواقع الدولي المراد دراسته من خالل النظرية في‬
‫العالقات الدولية ‪:‬‬
‫‪ ‬بعد حقيقي ‪....‬وصف‬
‫‪ ‬بعد ممكن ‪....‬االدراك‬
‫‪ ‬بعد محتمل ‪....‬امكانية حدوث الشي‬
‫‪ ‬بعد مرغوب ‪....‬مايجب ان يكون‬

‫‪1‬‬
‫_ عبد الناصر جندلي ‪ ،‬اثر الحرب الباردة على االتجاهات الكبرى والنظام الدولي‪.‬القاهرة‪:‬مكتبة مدبولي ‪،2111،‬ص‪53‬‬

‫‪6‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المحاضرة الثانية‬
‫‪/2‬تصنيف النظريات ‪:‬هناك عدة معايير لتنصيف النظريات ‪:‬‬
‫نظريات وفقا للهدف ‪ ،‬نظريات موجهة من اجل الفعل‪.‬‬
‫ا‪/‬نظريات وفقا للهدف‬
‫‪ ‬نظريات تجريبية (سببية)‬
‫‪ ‬نظريات فلسفية‬
‫النظريات التجريبية السببية موجهة لدراسة الظواهر الواقعية ‪ ،‬مثال خلق المنظمات‬
‫الدولية التي تؤدي الى تلطيف الجو الدولي (يمكن التاكدمنه)‬
‫النظريات الفلسفية معيارية تقوم على اسس اخالقية موجهة لتحقيق دراسة مثالية ‪،‬‬
‫مثال نظرية السلم الديمقراطي ‪ ،‬منطلق مثالي اي ان الدول الديمقراطية ال تدخل في‬
‫حروب فيما بينها والعالقة فيما بينها تقوم على اساس تعاوني‬
‫ب‪/‬نظريات موجهة من اجل الفعل ‪:‬‬
‫دراسة الواقع من اجل فهم كيفية العمل ‪،‬ماذا يمكن ان نعمل (نظريات استرشادية من‬
‫اجل تحقيق الممكن والمرغوب ) لتحقيق االهداف ‪.‬‬
‫مثال االستراتيجيات العسكرية‬
‫ج‪/‬تصنيف ستانلي هوفمان ‪:‬يصنف هوفمان النظريات في العالقات الدولية من‬
‫خالل ثنائيت متقابلة‬
‫نظريات تجريبية‬ ‫نظريات فلسفية‬
‫نظريات جزئية (وسيطة)‬ ‫نظريات عامة‬
‫نظريات استقرائية‬ ‫نظريات استنتاجية‬
‫‪ ‬النظريات العامة تنطلق من خالل مفهوم معين وتسقطه على فهم مختلف الظواهر‬
‫الدولية ‪(.‬المدرسة الواقعية)‬

‫‪7‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪ ‬نظرية جزئية ‪:‬تتناول جانب معين من الظواهر الدولية واعطاء تفسيرات حوله‪.‬‬
‫مثال‪:‬نظرية النظم ‪،‬نظرية صناعة القرار (المدرسة السلوكية)‬
‫‪ ‬النظريات االستنتاجية والنظريات االستقرائية‬
‫‪ ‬النظرية االستنتاجية تسعى الى بناء بناء نماذج مجردة وتنطلق منمسلمات معينة (عام‬
‫الى الخاص) فالنظرية االستنتاجية تنطلق م االستدالل العقلي ‪.‬‬
‫‪ ‬النظريات االستقرائية تنطلق من واقع محدد وحاالت معينة وتحاول ابراز السمات‬
‫العامة ثم التوصل الحكام عامة حولها ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫)‪ (Michael Sullivan‬فيعتبر أنه من الضروري التفرقة بين‬ ‫أما مايكل سوليفان‬
‫عدة أنواع من النظريات‪:‬‬
‫‪_1‬النظريات المعيارية )‪ (normative‬و هي تلك التي تحاول تحديد ما يجب أن‬
‫يكون عليه اإلنسان و ما يجب أن تكون عليه األشياء‪ ،‬و عادة ما يكون ذلك طبقا‬
‫لمعايير أخالقية‪ .‬فعلى الناس احترام قوانين معينة ألن ذلك السلوك "صحيح )‪" (just‬‬
‫أو "حق)‪ ،" (right‬فالنظام الديمقراطي هو أحسن نظام سياسي ألنه يفسح المجال‬
‫أمام االختيار الشخصي و يقف في وجه استبداد أقلية معينة و هذا "جيد ‪" (good).‬‬
‫على الدول أن تعتمد على نظام ميزان القوة لموازنة القوى األخرى و ذلك بهدف منع‬
‫هيمنة دولة واحدة‪ .‬فباعتمادها على مسلمات تعتبرها معقولة تجريبيا فإن النظرية‬
‫المعيارية رغم ذلك تقوم على وصف ما يجب أن يكون‪(what ought to be)..‬‬
‫‪_2‬النظريات الحدسية )‪ (intuitive‬و تعتمد على اإلحساس العام حول قضية معينة‪.‬‬
‫معظم الناس لهم نظرياتهم المفضلة حول أسباب الجريمة مثل "كل سارق يفعل ذلك‬

‫‪1‬‬
‫_ التصنيف منقول من محاضرة لالستاذ يخلف عبر الموقع ‪www.freewebs.com/ikhlef‬‬

‫‪8‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫ألنه شرير‪ ،‬هذه نظريتي" و لكنهم ال يلجئون إلى التحقق من نظرياتهم الحدسية‬
‫باالحتكام إلى الواقع‪.‬‬
‫‪_3‬النظرية السببية )‪ (causal‬و هي تجريبية )‪ (empirical‬و ترى أن كل ظاهرة‬
‫نتاج ظاهرة أخرى و بالتالي فإنها تسبب ظهورها‪ .‬كل النظريات في الواقع سببية و‬
‫لكن النظرية السببية التجريبية ال تكتفي بتقديم فكرة معينة بل تتعدى ذلك إلى التأكد‬
‫من صحتها بمقارنتها بالواقع‪ .‬فمفهوم السياسة الذي قدمه جيمس كابورازو ‪(James‬‬
‫)‪Caporaso‬و آلن بيلوفسكي )‪ (Alan Pelowski‬يبين هذا جيدا ألن عالم‬
‫السياسة يعد بمثابة المخبر لألحداث‪ ،‬فوراء كل عملية تشريع أو عملية تغيير أوخطة‬
‫سياسية (و هنا تأتي الخطة السياسية الدولية) هناك تكهن "فرضية )‪" (hypothesis‬‬
‫بالنتائج التي سوف تؤدي إليها‪ .‬أي تغير في (أ) يؤدي إلى تغيير (ب)‪ ،‬أي مثال كل‬
‫تغير في شكل نظام الحكومة المحلية يؤدي إلى القضاء على الرشوة‪ .‬إن خلق‬
‫منظمات دولية مثل عصبة األمم أو هيئة األمم المتحدة سوف يؤدي إلى التقليل من‬
‫عدد الحروب في العالقات الدولية‪.‬‬
‫وعلى العموم ‪،‬هناك نظريات عامة ونظريات جزئية في العالقات الدولية ‪ ،‬مثل ماهو‬
‫موضح في الشكل ادناه ‪:‬‬

‫‪9‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫شكل يوضح النظريات العامة والجزئية في العالقات الدولية‬

‫ظاهرةالعالقات الدولية‬

‫فهم وتفسير جوانب جزئية ضمن ظاهرة‬ ‫فهم وتفسير العالقات الدولية كظاهرة كلية‬
‫العالقات الدولية‬
‫النظرايت العامة‬
‫النظريات الجزئية‬
‫النظرية الواقعية ‪،‬النظرية املثالية‬
‫نظرية صنع القرار في السياسة‬
‫الخارجية‬ ‫‪،‬املدرسة القانونية ‪،‬الليربالية ‪،‬املاركية‬
‫نظرية الردع ‪،‬نظرية المباريات‬ ‫‪ ،‬نظرية التظم ‪،‬نظرايت التكامل‬
‫‪،‬نظرية االحتواء ‪....‬‬
‫‪،‬نظرايت الصراع‬

‫المصدر‪:‬عبد الناصر جندلي ‪،‬اثر الحرب الباردة على االتجاهات الكبرى والنظام‬
‫الدولي ‪.‬القاهرة ‪:‬مكتبة مدبولي ‪،2111،‬ص‪(51‬بتصرف)‬
‫‪ /3‬وحدات ومستويات التنظير‪:‬‬
‫أ‪/‬وحدة التحليل‪:‬‬
‫تتنوع وحدات التحليل وفقا لرؤية كل نظرية للفاعل ونطاق البحث ‪ ،‬فتصنف وحدات‬
‫التحليل الى الدولة‪ ،‬والمنظمات الدولية ‪ ،‬والفرد او بمعنى اخر‪ ،‬وحدات تحت الدولة‬
‫‪،‬الدولة ‪ ،‬ووحدات فوق الدولة‪ ،‬وتعتمد كل نظرية في العالقات الدولية نوع واحد او‬
‫عدة انواع من وحدات التحليل ‪ ،‬وه ما سنكتشفه في المحاضرات الالحقة‪.‬‬
‫ب‪/‬مستويات التحليل ‪:‬‬

‫‪10‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫عرف "مستوى التحليل" ‪ -‬لدى بعض الباحثين‪ -‬باعتباره يتعلق" بكيفية تحديد‬
‫األنماط المختلفة للمواقع أو المناطق )‪ (locations‬التي قد تكمن فيها (أو تنبثق‬
‫منها) مصادر تفسير الظواهر التي يمكن مالحظتها‪ ،‬وكيفية التعامل البحثي معها‪"1‬‬
‫ويبرز تصنيف شائع يشير إلى ثالثة مستويات من التحليل‪ :‬الدولي‪ ،‬والداخلي‪،‬‬
‫والفردي‪ .‬على أي مستوى يتعين على التحليل أن يركز؟ من ناحية‪ ،‬الجواب البديهي‬
‫هو دراسة العالقات الدولية‪ .‬فيتمثل منتدى الحوار في الحلبة الدولية التي تؤدي فيها‬
‫الدول دور الالعبين الرئيسين‪ .‬ولكن ليس ضروريا أن تكون الدولة المستوى المناسب‬
‫الذي يرتكز عليه التحليل‪ .‬فخير تفسير يمكن التوصل إليه حول تصرف الدول على‬
‫الحلبة الدولية هو القول إنه ثمرة عمليات سياسية داخلية بين مجموعات أو منظمات‬
‫في داخل الدول‪ ،‬أو ثمرة تصرف أفراد معينين يؤلفون جزءا من هذه المجموعات أو‬
‫المنظمات‪.‬‬
‫في كتاب "االنسان والدولة والحرب " يحاجج والتز (‪)1050‬بان الدراسات المتعلقة‬
‫بموضوع مستوى التحليل كشفت عن ثالث مستويات مختلفة للتحليل (او ثالث‬
‫‪2‬‬
‫صور) وهي‪:‬‬
‫أ‪.‬الطبيعة البشرية ‪،‬ب‪.‬بنية النظم السياسية ‪،‬ج‪.‬طبيعة النظام الدولي ‪.‬‬
‫وقد فسر والتز موضوع الحرب وفقا للمستويات الثالث السابقة الذكر كما و موضح‬
‫في الجدول التالي ‪:‬‬

‫‪ _1‬أماني صالح ‪" .‬األمة‪ ،‬كمستوى للتحليل في العالقات الدولية"‪.‬مجلة المسلم المعاصر ‪ .‬العدد ‪.131 / 131‬ص‪101‬‬

‫‪_2‬نظريات العالقات الدولية ‪،‬سكوت بوريتشل‪،‬ريتشارد ديفيتاك واخرون ‪(.‬تر‪:‬دمحم صفار)‪.‬القاهرة‪:‬المركز القومي للترجمة‬
‫‪،2114.‬ص‪33‬‬

‫‪11‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫جدول يوضح تفيسر موضوع الحرب لدى النظريات الواقعية واللبرالية والماركسية‬
‫حسب مستتويات التحليل الثالث‪:‬‬
‫التحليل‬ ‫مستوى التحليل االول ‪+‬مستوى التحليل الثاني مستوى‬
‫الثالث‬ ‫الفرد ‪+‬بنية النظم السياسية(الدولة)‬
‫النظام الدولي‬
‫العدوانية‬ ‫الطبيعة‬ ‫نتاج‬ ‫‪ ‬الحرب‬ ‫الواقعيون‬
‫لالجناس البشرية‬
‫‪ ‬الحرب نتاج الحكم االوتوقراطي‬ ‫اللبراليون‬
‫‪ ‬يمكن تفادي الحرب عن طريق بناء‬
‫انظمة حكم ليبرالية‬
‫‪ ‬الحرب نتاج للراسمالية‬ ‫الماركسيون‬
‫‪ ‬يمكن تفادي الحرب عن طريق بناء‬
‫انظمة حكم اشتراكية‬
‫ديفيتاك واخرون‬ ‫المصدر ‪ :‬نظريات العالقات الدولية ‪،‬سكوت بوريتشل‪،‬ريتشارد‬
‫‪(.‬تر‪:‬دمحم صفار)‪.‬القاهرة‪:‬المركز القومي للترجمة ‪،2114.‬ص‪(32_33‬بتصرف)‬

‫‪12‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المحور الثاني ‪:‬النظريات التفسيرية ‪/‬الوضعية‬


‫‪/1‬المدرسة المثالية‬
‫‪/2‬النظرية الواقعية والواقعية الجديدة في العالقات الدولية‬
‫‪/3‬المدرسة السلوكية‬
‫‪/4‬النظرية الماركسية والماركسية الجديدة في العالقات الدولية‬
‫‪/5‬النظرية اللبرالية واللبرالية الجديدة في العالقات الدولية‬

‫‪13‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المحاضرة الثالثة‬
‫المحور الثاني ‪:‬الحوارين النظريين االول والثاني‬
‫‪/1‬المدرسة المثالية ‪The Idealist School‬‬
‫‪ ‬تعريف المدرسة المثالية ‪.......................................................:‬‬
‫هي كل تفكير مبني على تصور رغبوي أو تمنيات ذاتية تتغلب فيه النزعة الفلسفية‬
‫واألخالقية واإلنسانية وهو غير مؤسس على معطيات وحقائق واقعية رغم موضوعيته‬
‫ومنطقيته وسالمة تفكيره ونبل أهدافه‪.1‬‬
‫إذا التفكير المثالي يقوم على استخدام مقاييس الصواب والخطأ في إطار من القيم‬
‫األدبيةواألخالقية التي تعكس األوضاع الحقيقية للمجتمع الدولي واالبتعاد به عن حالة‬
‫الفوضى و الصراع‪.‬‬
‫أطلق على التيار المثالي وصف ʺالغائي والطوباوي ʺ‪ ،‬فهو غائي ألنه يريد تحقيق‬
‫هدف معين‪ ،‬وهو السالم ‪.‬وانشغاله بهذا الهدف يفوق اهتمامه بفهم الواقع‪.‬ووصفه ب‬
‫الطوباوي ألنه يهدف إلى تحقيق أهداف خيالية ‪ ،2‬من خالل اهتمام المدرسة المثالية‬
‫بدراسة وتحليل الظواهر الدولية ليست كما هي موجودة في الواقع الدولي المعيش وانما‬
‫كما يجب ان تكون ‪ ،‬انطالقا من تفسيرها للنظام الدولي المرغوب وليس النظام الدولي‬
‫القائم‪.3‬خاصة ما تعلق بتحقيق سالم شامل و إقامة حكومة عالمية‪ ،‬وهذه الصفة تقود‬
‫إلى األصل الفكري للتيار المثالي‪،‬والمنطلق أساسا من مبادئ األخالق والدين والقانون‪.‬‬

‫‪ _1‬عمار بن سلطان‪ ،‬مداخل نظرية لتحليل العالقات الدولية‪.‬الجزائر‪:‬طاكسيج‪.‬كوم‪2111،،‬ص‪132‬‬


‫‪ _2‬عالء أبو عامر ‪،‬العالقات الدولية‪:‬الظاهرة والعلم _الدبلوماسية واإلستراتيجية ‪.‬عمان ‪:‬دار الشروق للنشر‬
‫والتوزيع‪2114،‬ص‪121‬‬
‫‪ _3‬عبد الناصر جندلي ‪ ،‬اثر الحرب الباردة على االتجاهات الكبرى والنظام الدولي ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪131‬‬

‫‪14‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪ ‬األصول الفكرية للمدرسة المثالية ‪..............................................‬‬


‫تعود األصول الفكرية للمدرسة المثالية إلى األفكار الدينية التي هيمنة على العالقات‬
‫الدولية في القرون الوسطى وتبلورت في إطار منظم وممنهج بفضل نخبة من المفكرين‬
‫دوبوا‪، DEBOA‬ويليام بان ‪WHLLIAM‬‬ ‫والفالسفة في عصر النهضة وأبرزهم‪:‬‬
‫‪، BEN‬جيرمان بنتهام‪ ، J.BINTHAM ،‬وهذا األخير فسر في كتابه ʺحرروا‬
‫مستعمراتكم ʺالصادر عام‪1838‬حالة الحرب بأنها بسبب التنافس من اجل المستعمرات‪،‬‬
‫وهو السبب المباشر في جميع المشاكل الدولية ‪.‬ودعا فيه الحكومات إلى تحرير‬
‫مستعمراتهم‪،‬ألن تحريرها سوف يؤدي إلى زوال الص ارعات والحروب الدولية‪.1‬‬
‫باإلضافة إلى" ايمانويل كونت" الذي دعا إلى فكرة السالم الدائم عام‬
‫‪.1795‬و ودرو ويلسون*ويعتبر أبرز رواد الفكر المثالي في القرن العشرين‪ ،‬واشتهر‬
‫بالمبادئ األربعة عشر التي حاول من خاللها تنظيم العالقات بين الدول في إطار قيمي‬
‫ومعياري من خالل فكرتي السالم الدائم والحكومة العالمية‪.2‬‬
‫‪ ‬المنطلقات الفكرية للمدرسة المثالية‬
‫_ تستمد المثالية أساس رؤيتها من األديان السماوية والفلسفات اإلنسانية التي تهتم‬
‫بوضع الضوابط والمعايير األخالقية العامة للسلوك اإلنسـاني‪.‬واألسس المرجعية للفكر‬
‫المثالي في العالقات الدولية تعود إلى أكثر مـن منبع‪ ،‬فهي تعود إلى حركة التنوير‬
‫المتفائلة في القرن الثامن عشر‪ ،‬كمـاتعود إلى ليبرالية القرن التاسع عشر والمثالية‬
‫‪3‬‬
‫الويلسـونية فـي القـرن العشرين‪.‬‬

‫‪ _1‬عمار بن سلطان‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪121‬‬


‫* وهو الرئيس الثامن والعشرين للواليات المتحدة األمريكية عاش مابين ‪1153‬و‪1024‬م‬
‫‪ __2‬جون بيليس‪ ،‬ستيف سميث‪ ،‬عولمة السياسة العالمية‪) .‬ترجمة‪ ،‬مركز الخليج لألبحاث(‪ .‬دبي‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪،‬‬
‫ط‪1، 2114،‬ص‪322‬‬
‫‪_3‬دمحم انور فرج ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪131‬‬

‫‪15‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫كما ينطلق رواد المثالية من مرتكزات أساسية في تحليلهم للعالقات الدولية وهي‪:1‬‬
‫_ اعتبار الضمير اإلنساني بمثابة الحكم األعلى في القضايا األخالقية‪.‬‬
‫_ اعتبار المصير اإلنساني في تطابق مع العقل والحكمة‪ ،‬كما يقول "جيرمي بنتهام‬
‫"والذي يعرف الخير بأنهʺإعطاء اكبر درجة من السيادة ألكبر عدد من الناس‪".‬‬
‫_ الدعوة إلى إقامة نظم ديمقراطية‪ ،‬وابرز من نادى بذلك "روسو" " وكانت" ‪.‬الن‬
‫األمراء يشنون‬
‫حروبا لمصلحتهم الذاتية وليس من اجل مصلحة شعوبهم‪.‬‬
‫_ التركيز على أولوية األخالق على السياسة واالقتصاد واإليديولوجية‪،‬عكس المدرسة‬
‫الواقعية ‪.‬‬
‫_ التركيز على مسلمة انسجام المصالح‪The harmony of interstes‬‬
‫_االلتزام بمبدأ عدم االعتداء‪The non aggrission‬‬
‫_االلتزام بمبدأ عدم التدخل‪The non intervention‬‬
‫_مبدأ المساواة بين األمم‪.‬‬
‫‪ ‬خصائص المدرسة المثالية ‪:‬‬
‫_ تعتمد المدرسة المثالية على منهج "ما يجب ان يكون" وان تناقض مع منهج" ماهو‬
‫كائن " ‪.،‬اي انها تعتمد على "كيف يجب ان يتصرف السياسيون في العالقات الدولية ؟‬
‫ال على اساس "كيف يتصرف هؤالء فعال؟"‬
‫_تزودنا المثالية بافكار تمكننا من استيعاب الواقع الدولي واالستشراف له ‪.‬‬
‫_ تقوم المثالية على تصورات في تفسير العالقات الدولية باالعتماد على القانون‬
‫الدولي واالستناد الى سلطة التنظيم وااللتزام بالمواثيق الدولية ‪.‬‬

‫‪ __1‬عمار بن سلطان‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪121‬‬

‫‪16‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫_ تبدأ المثالية باالعتقاد بأن الطبيعة اإلنسـانية تقـوم علـى اإلحسـان والمساواة بين الناس‬
‫والدول بوصفهم العبين في السياسة الدوليـة‪ .‬إنهـات‪ĉ‬عي بأن الدول هي امتداد لإلنسان‬
‫وتسعى من أجـل تحقيـق اإلنسـان المثالي‪ ،‬إنها تركز على الناس أكثر من الدول وان‬
‫اهتمامها الرئيس ينص على أن التشابه بين الالعبين الدوليين ـ األفراد والدول ـ هو من‬
‫‪1‬‬
‫أجـل تعزيز المثاليات اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ ‬اهداف المثالية‬
‫‪ ‬تهدف المدرسة المثالية الى تحقيق كل ماهو اخالقي ينقل العالم الى ماو هو افضل‬
‫من خالل تحقيق االهداف التالية ‪:‬‬
‫_الحكومة العالمية ‪ :‬حيث تعتبرها المدرسة المثالية انها النموذج العالمي للبنى‬
‫والعمليات الخاصة بتوجيه وحل الصراعات ووضع القواعد وتطبيقها ‪ ،‬وضمن هذه‬
‫الصورة للعالم تذوب كل الفوارق بين مكونات المجتمع الدولي‬
‫_ تحقيق السالم الدائم ‪ ،‬وهو من اسمى االهداف التي دعى لها رواد المدرسة‬
‫المثالية وذلك انطالقا من طبيعة البشرية الخيرة والتعاونية ‪ ، ،‬وفكرة السالم الدائم ال‬
‫تتوفر اال بوجود الدول الديمقراطية التي تقود العالم للسالم (ويلسون وكانط)‪.‬‬
‫_ تحقيق المصلحة العالمية المشتركة ‪.‬‬

‫‪/2‬النظرية الواقعية في العالقات الدولية‬


‫‪ ‬تعريف الواقعية الكالسيكية‬
‫هي نظرية تقوم أساسا على نبذ كل فكر مؤسس على المثالية والعاطفية واألخالقية‬

‫‪_1‬دمحم انور فرج ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪130‬‬

‫‪17‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫والقيم الدينية‪.‬وترتكز على كل ماله عالقة بالواقع والمالحظات الملموسة التي تشاهد‬
‫وتمارس في الواقع العملي بين األفراد والجماعات‪ ،‬أو بين وحدات المجتمع الدولي من‬
‫دول ومؤسسات‪.‬وهي تمثل االتجاه الليبرالي العلماني في تفكيره والمادي في ممارسته ‪،‬و‬
‫تشير من الناحية السياسية الى تلك العالقات المؤسسة على القوة والمصالح المادية بين‬
‫الفاعلين السياسيين‪.1‬‬
‫‪ ‬األصول الفكرية للواقعية الكالسيكية‬
‫تعود أصول الواقعية الكالسيكية إلى عقود ما قبل الميالد باعتبارها قائمة على فكرة‬
‫القوة‪ ،‬إذ يعتبر كوتيليا )‪) (kotilia312_203‬ق‪.‬م(بالهند أول كتاب الواقعية السياسية‬
‫في العالقات الدولية‪.‬فقد كتب عندما كان وزي ار لدى اإلمبراطور الهندي حول الحرب‬
‫والتحالف ‪،‬ودور العوامل الجغرافية ومفهوم القوة‪.‬والوظائف التي تقوم بها الدولة ومفهوم‬
‫القوة ونظام توازن القوى‪.2‬‬
‫يمكن القول ان الواقعية الكالسيكية قديمة وظهرت بظهور االنسان‪ ،‬النها تعتمد اساسا‬
‫على مفهوم القوة‪ ،‬والقوة كانت وال زالت الشغل الشاغل لالفراد والجماعات والدول‪ ،‬الن‬
‫الطبيعة االنسانية تميل الى العنف والصراع والبحث عن القوة وتحقيق المصلحة الذاتية‪،‬‬
‫وعدم إعطاء أي أهمية لآلخرين‪.‬‬
‫وابرز منظري الفكر الواقعي الكالسيكي في العالقات الدولية في القرن السادس‬
‫عشر نيكوالي ميكيافلي الذي ركز على فكرة القوة في كتابهʺاألمير ʺالذي عرض فيه‬
‫دور القوة في المحافظة على الملك وتوسيع نطاقه ودور الحصون في حماية‬
‫اإلمارة‪.‬باإلضافة إلى ميكيافليي‪،‬توماس هوبز الذي أكد على أن القوة عامل حاسم في‬
‫السلوك اإلنساني‪ ،‬ومن رواد هذه النظرية كذلك نجد كال من كوينسي‬

‫‪ _1‬ناصيف حتى يوسف‪ ،‬النظرية في العالقات الدولية‪ .‬بيروت‪:‬دار الكتاب العربي‪1015،،‬ص‪10‬‬


‫‪2‬‬
‫‪_griffiths Martin,International Relations Theory for the Twenty-First Century, New‬‬
‫‪York:Routledge,2007.P‬‬

‫‪18‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫رايت)(‪1810_1180‬وهانس مورغانتو‪ ،‬وستانلي هوفمان‪.‬‬


‫يجمع رواد النظرية الواقعية على أهمية متغير القوة في العالقات بين الدول والمجتمعات‬
‫‪،‬سواء تعلق االمر بالسعي الكتسابها أو لزيادتها أو لتحقيق الهيمنة‪.‬‬
‫‪ ‬المنطلقات الفكرية للنظرية الواقعية الكالسيكية‬
‫يمكن اجمال أهم مرتكزات الواقعية الكالسيكية في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪_1‬جوهر السياسة الدولية يتمثل في الصراع من اجل القوة او الصراع من الجل‬
‫السلطة ‪.1‬‬
‫‪_2‬العالم هو عالم المصالح المتناقضة ‪.‬فالحل هو إذ انه المكانة لتطبيق األخالق كلية‬
‫ولكن االقتراب منها بأفضل شكل عبر التوازن المؤقت دائما للمصالح‪.‬والحل المؤقت‬
‫دائما للنزاعات‪ ،‬كما يؤكد ذلك مورغانتو‪.2‬‬
‫إذا الواقعية ال تهدف الى الحل النهائي للصراعات وذلك لثبات المصالح المتناقضة‬
‫واستم ارريتها حتى وان كانت في تناقص أو تزايد‪.‬‬
‫‪_3‬علم السياسة الخارجي هو علم غياب السلطة المركزية أو علم تعدد السلطات‪،‬بينما‬
‫علم السياسة الداخلي هو علم بنيات السيطرة‪3٤،‬وهنا يؤكد الواقعيو ن على مفهوم‬
‫الفوضى* في العالقات الدولية‪.‬‬
‫‪_4‬اإليمان بفضائل التوازن واإلشادة بمنظومة بسمارك ومترنيخ‪.4‬‬
‫‪_5‬االهتمام بدراسة ما هو قائم وتحليله بدال من االهتمام بما يجب أن يكون علية الواقع‬
‫الدولي‪.‬‬

‫‪ __1‬مبروك غضبان ‪ ،‬المدخل للعالقات الدولية‪،‬الجزائر‪:‬شركة باتنيت‪2115، ،‬ص‪٤٤‬‬


‫‪ _2‬مبروك غضبان‪،‬المرجع نفسه‪،‬نفس الصفحة‬
‫‪ __3‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالستغراف‪ ،‬النظريات المتضاربة في العالقات الدولية‪) ،‬ترجمة‪ :‬وليد عبد‬
‫الحي(‪.‬الكويت‪:‬كاظمة للنشر والتوزيع‪1015، ،‬ص‪٦٦‬‬
‫* الفوضى في العالقات الدولية ‪:‬غياب دولة لها سلطة مركزية لها صفة القهرية تخضع لها جميع الدول ‪.‬‬
‫‪ __4‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالستغراف‪،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪٤٧‬‬

‫‪19‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪_3‬توزيع أهداف السياسة الدولية على ثالثة أقسام ‪:‬الحفاظ على القوة‪ ،‬الزيادة في القوة و‬
‫الهيمنة‪.1‬‬
‫‪ _2‬ضرورة توظيف المعلومات التاريخية لتفحص األعمال السياسية وما يترتب عنها‪.2‬‬
‫‪/ ‬مبادئ الواقعية الكالسيكية‪:‬‬
‫يمكن تلخيص مبادئ الواقعية الكالسيكية في النقاط التالية ‪:3‬‬
‫_ العالقات الدولية تحكمها قواعد قانونية موضوعيةكامنة في الطبيعة البشرية ‪.‬‬
‫_القائد السياسي يجب ان يفكر ويتصرف طبقا للمصلحة القومية ‪.‬‬
‫_على االمم ذات السيادة الكاملة ان تحقق امن بقائها وهو ادنى مصالحها الوطنية في‬
‫سياستها الخارجية ‪.‬‬
‫_ رفض تطبيق المبادئ االخالقية على سلوكيات الدول وانشطتها‪.‬‬
‫_تتحدد قوة او ضعف دولة معينة من خالل تحقيقها للمصلحة الوطنية لها في سياستها‬
‫الخارجية ‪.‬‬
‫_ المصلحة القومية تتمحور حول ‪:‬‬
‫أ‪/‬الحفاظ على القوة (سياسة الحفاظ على الوضع القائم )‪.‬‬
‫ب‪/‬زيادة القوة (سياسة التوسع وتحقيق الهيمنة)‬
‫ج‪/‬اظهار القوة (سياسة تحقيق الهيبة)‬
‫_ استقاللية الظاهرة السياسية‪ ،‬وعدم التداخل بين العالقات الدولية والعلوم األخرى‪،‬كما‬
‫يؤكد ذلك مورغانتو في قوله‪ʺ...‬والسياسي الواقعي يسأل ‪:‬كيف تؤثر هذه السياسة على‬

‫‪__1‬مبروك غضبان‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪٤٧‬‬


‫‪ __2‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالستغراف‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪٤٧‬‬
‫‪_3‬عبد الناصر جندلي ‪،‬اثر الحرب الباردة على االتجاهات الكبرى والنظام الدولي ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪131،131‬‬

‫‪20‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫قوة الدولة ʺ‪1،‬هو يعني بذلك أن السياسة الدولية تعنى بتحقيق القوة‪ ،‬وهذه العملية‬
‫مستقلة عن الجوانب االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬
‫‪/3‬مجاالت النقاش الواقعي _المثالي( الحوار النظري االول)‬
‫يعتبر هذا النقاش األول من نوعه في مجال التنظير للعالقات الدولية‪ ،‬حيث بعد‬
‫الحرب العالمية األولى برز الفكر المثالي لتحقيق السالم واالستقرار الدوليين‪ ،‬لكن‬
‫اندالع الحرب العالمية الثانية أدى بالمفكرين بالبحث عن نظرية تعالج الواقع الدولي‬
‫بمختلف تناقضاته واكتسح الفكر الواقعي مجال التنظير في العالقات الدولية ما نتج عنه‬
‫هذا النقاش المو ضحة معالمه في الجدول التالي‪ ،‬والتي سنتناولها بالتفصيل في‬
‫المطالب التي تليه‪،‬‬
‫الملحق رقم ‪٧:‬جدول يلخص أهم االفتراضات التي تناولها الحوار األول بين الواقعية‬
‫والمثالية‪.‬‬
‫أ‪/‬المجال القيمي الفلسفي ‪:‬‬
‫‪ .1‬النقاش حول القيم واألخالق واستقالليتها عن السياسة‪:‬‬
‫يرى ʺكار ʺان التشديد المفرط على المبادئ المجردة التي ينتهجه المثاليون ساهم في‬
‫عدم القدرة ال سيما في العالم االنجلوساكسوني على فهم األحداث الدولية والسيطرة عليها‬
‫خالل فترة الحربين العالميتين‪،‬وهو السبب المباشر لفشل المثاليين في تجنيب العالم حربا‬
‫عالمية ثانية‪ 2 .‬كما أن الواقعيين لم يؤمنوا بالمبادئ واألخالق‪ ،‬وذهبوا إلى بناء العالقات‬
‫الدولية على أساس المصلحة الوطنية‪ ،‬والتي يفسرها ʺكارʺبأنها انعكاسات ال شعورية‬
‫للسياسات القومية التي تقوم على أساس تفسير معين للمصلحة القومية في وقت‬

‫‪ _1‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالستغراف‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪٤٧‬‬


‫‪ _2‬أنور دمحم فرج‪ ،‬نظرية الواقعية في العالقات الدولية ‪:‬دراسة مقارنة في ضوء النظريات المعاصرة‪.‬السليمانية ‪:‬مركز‬
‫كردستان للدراسات اإلستراتيجية‪2112،.‬ص‪٧٤٦‬‬

‫‪21‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫معين‪.‬وذهب "فريدريك شومان" إلى انه على صانع القرار أن ينظر في النتائج ألي قضية‬
‫موضع خالف ال على أساس البعد األخالقي وانما على أساس مقارنة اثر مختلف البدائل‬
‫على ميزان القوى‪ ،‬أما المبادئ األخالقية فهي ذات قيمة عدائية أو هي مقبولة إذا‬
‫تطابقت مع بناء القوة ‪.1‬‬
‫إذا تتناقض رؤى كل من المثاليين والواقعيين حول مسألة إدراج المبادئ واألخالق ضمن‬
‫معادلة العالقات الدولية‪ ،‬بحيث نجد المثاليين يعتمدون عليها بشكل أساسي ‪،‬أما‬
‫الواقعيون فيستبعدون األخالق والقيم من هذه المعادلة‪.‬‬
‫‪.2‬النقاش حول مسالة التاريخ وعالقته بالتنظير‪.‬‬
‫يعتبر التاريخ من أهم النقاط التي أثارت النقاش بين الواقعيين والمثاليين‪ .‬فالمثاليون‬
‫يتجاهلون دروس التاريخ ويوجهون اهتمامهم نحو المستقبل‪ ،‬باعتبار أن األحداث‬
‫التاريخية هي منفصلة و فجائية وال عالقة لإلنسان بها‪ ،‬كما أن الواقع معطى ويجب أن‬
‫تتعايش فيه الشعوب وفقا لالحترام والحرية والديمقراطية ‪ ،‬بعيدا عن الحروب‪ .‬أما‬
‫الواقعيون فيعتبرون التاريخ مخب ار ألبحاثهم‪ ،‬وفي هذا اإلطار يقول "هانس مورغانتو انه‬
‫ʺفي التنظير للسياسة الدولية من الضروري أن نوظف المعلومات التاريخية لتفحص‬
‫األعمال السياسية و نتائجها ‪.ʺ2‬‬
‫‪.3‬النقاش حول األهداف‬
‫تتناقض أهداف المثاليين والواقعيين وذلك وفقا للمنطلقات التي تركز عليها كل نظرية‪،‬‬
‫فالمثالية تهدف إلى حكومة عالمية وفقا لنظام امن جماعي وانسجام المصالح ‪.‬أما‬
‫الواقعية فهدفها الوحيد هو تعظيم القوة وفق نظام تو ازن القوى‪.‬‬
‫فالمثاليون يرون العالم في حالة انسجام مصالح ما يسمح بإنشاء حكومة عالمية ‪ ،‬وهذا‬
‫المشروع يمكن أن يتحقق من خالل تنازل الدول عن جزء من سيادتها لكيان دولي اشمل‬

‫‪ _1‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالستغراف‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪٦٦‬‬


‫‪ _2‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالستغراف‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪٦٧‬‬

‫‪22‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫والذي سموه حكومة عالمية‪ ،‬نظ ار لعدم تعارض المصالح بين الدول‪1،‬وهو ما ينشأ عنه‬
‫مفهوم التراتبية في النظام الدولي ‪.‬أما الواقعيون فيرون أن القائد السياسي يفكر ويتصرف‬
‫طبقا للمصلحة المتمثلة في القوة‪ ،‬ويوضح مورغانتو مفهوم المصلحة القومية بالقول ʺإن‬
‫مفهوم المصلحة القومية ال يفترض التناسق الطبيعي أو السالم العالمي وال حتمية الحرب‬
‫كنتيجة لسعي كل الدول لتحقيق مصالحها ‪...‬بل تفترض صراعا مستم ار وتهديدا مستم ار‬
‫بالحرب يساهم العمل الدبلوماسي في تقليل احتماالته من خالل التسوية المستمرة‬
‫للمصالح المتعارض‪ ʺ.2‬وهنا يبين مورغانتو مدى التأصيل لمفهوم المصلحة الوطنية في‬
‫الفكر الواقعي‪،‬والذي من خالله تتسم عالقات الدول بالصراع المستمر‪.‬‬
‫‪:.4‬النقاش حول طبيعة العالقات الدولية‪.‬‬
‫يرى المثاليون ان الدول في حالة تعاون وانسجام في المصالح انطالقا من الطبيعة الخيرة‬
‫للبشرية ‪ ،‬وهذا التعاون فطري وهو حالة طبيعية ‪.‬اما الصراع فهو حالة عارضة وليست‬
‫طبيعية ‪،‬وهذا التعاون يساهم بشكل كبير في تحقيق هدف الحكومة العالمية‪.‬كما يرى‬
‫‪3‬‬
‫المثاليون ان المجتمعات الجيدة والمتماثلة والمتعاونة يمكنها الوصول الى مجتمع دولي‬
‫وهذا عكس الطرح الواقعي الذي ينطلق من أن الطبيعة الشريرة للبشرية تؤدي الى حدو‬
‫ث الصراع بينهم ‪ ،‬وهذا ينطبق كذالك على الدول باعتبارها متكونة من مجتمعات مختلفة‬
‫ومتناقضة‪ ،‬وهو ما يعطي صفة الطبيعة للصراع حسب الواقعيين‪.‬‬
‫ب‪/‬المجال التحليلي‪.‬‬
‫وفي هذا المجال سنحاول إبراز أهم نقاط االختالف التي دار حولها النقاش الواقعي‬
‫_المثالي في تحليلهما للواقع الدولي والعالقات الدولية‪.‬‬

‫‪_ Bell,Political Duncan Thought and International Relations,New York:Oxford University_1‬‬


‫‪Press,2008.P224‬‬
‫‪ _2‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالستغراف‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪٦٧‬‬
‫‪3‬‬
‫‪_ Cynthia Weber, International Relations theory, A critical introduction;E2.new‬‬
‫‪york.2005,P46‬‬

‫‪23‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪.1‬النقاش حول النظرية السياسية‪.‬‬


‫تعتمد النظرية المثالية النظرية السياسية كمعيار للممارسة السياسية‪،‬وذلك من خالل‬
‫االنطالق من القيم والمعايير األخالقية‪ 1‬ا ما الواقعية فتعتبر النظرية السياسية مجر د‬
‫وصف وتصنيف وأنها تنتج عن طريق الممارسة السياسية وهي بالتالي تعمل على تحليل‬
‫وفهم التجارب التاريخية ‪.2‬‬
‫إن نظرة المثاليين للنظرية السياسية على أنها معيار للممارسة السياسية هو في األصل‬
‫انطالقا من منهج دراسة ما يجب أن يكون وليس ما هو كائن‪،‬و بالتالي ال تعطي للنظرية‬
‫أي دور في الممارسة السياسية باعتبار هذه األخيرة مستقلة عن القيم والمعايير ‪.‬أما‬
‫الواقعيون فهم يناقضون المثاليون في هذا الطرح‪ ،‬إذ يهتمون بدراسة ما هو كائن‪،‬‬
‫ويعتبرون النظرية السياسية ما هي إال وصف وتفسير للممارسة السياسية‪.‬‬
‫‪.2‬النقاش حول وحدة التحليل‬
‫إن من أهم النقاط التي أثرت النقاش الواقعي _المثالي هي مسألة تحديد وحدة التحليل أي‬
‫من هي الفواعل في العالقات الدولية‪.‬‬
‫فالمثاليون ال يعترفون بالدولة كفاعل رئيسي ووحيد في العالقات الدولية‪ ،‬ويعطون‬
‫األولوية للمنظمات الدولية التي لها دور فاعل في إحالل السلم واألمن الدوليين ‪،‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪،‬يؤكدون على تأثير النظام الدولي على الدول‪،‬ويدعون إلى تجاوز‬
‫مفهوم الدولة إلى مفهوم الحكومة العالمية‪.‬أما الواقعيون فهم يصرون على أن الدولة هي‬
‫الفاعل الوحيد في العالقات الدولية‪ ،‬نظ ار لما تتميز به من خصائص قهرية تمنحها هذه‬

‫‪ _1‬مبروك غضبان‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪٤٧‬‬


‫‪ _2‬مبروك غضبان‪،‬المرجع نفسه‪،‬نفس الصفحة‬

‫‪24‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫األحقية‪ . 1‬وان المنظمات الدولية ال يمكن أن تؤثر في النظام الدولي مثل تأثير الدولة‬
‫عليه‪.‬‬

‫كما يمكن تلخيص النقاش الواقعي_المثالي مثل ما تم تناوله سابقا في الجدول ادناه‪:‬‬

‫المحاضرة الخامسة‬

‫‪ _1‬دمحم منذر‪ ،‬مبادئ في العالقات الدولية‪:‬من النظريات إلى العولمة‪.‬بيروت‪:‬مجد المؤسسة الجامعية للنشر‬
‫والتوزيع‪2112،،‬ص‪٧٧‬‬

‫‪25‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪ /4‬نظرية الواقعية الجديدة‬

‫تعرف النظرية الواقعية الجديدة (البنيوية)بانها تلك الطريقة المنهجية العلمية للتفكير‬
‫لفهم النظام الدول واستمرايته وديناميكيته ‪.1‬من ابرز رواد هذه النظرية نجد كل من‬
‫‪:‬كينيث وولتز ‪،‬روبرت جيلين‪،‬باري بوزان ‪ ،‬جاك سنايدر ‪ ،‬ستيفن فان ايفرا‪ ،‬جون‬
‫ميرشايمر‪ ،‬مايكل ماستانديمو‪.‬‬

‫تتفرع النظرية الواقعية الجديدة الى واقعية هجومية وواقعية دفاعية فالدفاعيون كمايكل‬
‫ماستناديمو ‪ ،‬وجوزيف جريكو ‪ ،‬وجاك سنايدر ‪ ،‬وكينث وولتز ‪،‬يرون انه ليس من‬
‫الحكمة للدول ان تحاول زيادة حصتها من القوة العالمية الى اقصى حد ‪ ،‬الن النظام‬
‫سيعاقبها اذا ما حاولتالحصول على قدر اكبر من الالزم من القوة‪ ،‬وان السعي وراء‬
‫الهيمنة هو امر طائش الى حد كبير ‪.2‬اذ ان اذا قوت اي دولة بشكل زائد عن اللزوم‬
‫فان عدم التوازن سيظهر ‪،‬ستعاظم القوى العظمى االخرى جيوشها العسكرية وتعززها‬
‫وستشكل تحالفا توازنيا يترك الدولة التي تطمح الى الهيمنة في وضع اقل امنا او حتى‬
‫انه قد يدمرها‪.‬‬

‫اما الواقعيون الهجوميون ك"روبرت كيبلين" ‪ ،‬و"جون ميرشايمر" ‪ ،‬يرون انه من‬
‫المنطقي استراتيجيا ان تحصل الدول على ما امكنها من القوة وان سنحت لها الظروف‬
‫ان تسعى الى نحو الهيمنة ‪ ،‬والحجة هنا ليست ان السيادة اوالسيطرة جيدة في حد ذاتها‬
‫‪ ،‬وانما ان الحصول على قوة هائلة هو افضل طريقة تضمن فيها الدولة بقاءها‪ .3‬ينبغي‬
‫للدول ان تسعى وتبحث دوما عن الفرص للحصول على قوة اكبر وعليها ان تقوم بذلك‬

‫‪ _1‬عبد الناصر جندلي ‪،‬اثر الحرب الباردة على االتجاهات الكبرى والنظام الدولي ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪112‬‬
‫‪ _2‬تيم دان واخرون‪ ،‬نظريات العالقات الدولية التنوع واتخصص‪( .‬ترـدينا الخضرا)‪.‬الدوحة‪:‬المركز العربي لالبحاث ودراسة‬
‫السياسات ‪، 2113،‬ص ‪2113‬‬
‫‪ _3‬عبد الناصر جندلي ‪ ،‬اثر الحرب الباردة على االتجاهات الكبرى والنظام الدولي ‪،‬مرجع سابق‪212 ،‬‬

‫‪26‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫متى رات ذلك مجديا ‪ ،‬بانه ينبغي للدول ان تحقق الحد االقصى من القوة ‪ ،‬كما ينبغي‬
‫للدول ان يكون الهدف النهائي هو الهيمنة الن هذا افضل طريقة للبقاء ‪.‬‬

‫‪ ‬المنطلقات الفكرية للنظرية الواقعية الجديدة ‪:‬‬

‫_ يرى الواقعيون الجدد ان للطبيعة البشرية عالقة ضيئلة بالسبب الذي من اجله تريد‬
‫الدول امتالك القوة‪.‬‬

‫في حين ان بنية النظام الدولي او التصميم البنائي له ‪ ،‬هي التي تجبر الدولة على‬
‫السعي الى الحصول على القوة‪.1‬‬

‫_عالج الواقعيون الجدد مفهوم النظام الدولي ومميزاته البنيوية باستخدام المنهج‬
‫االستنباطي والمنهج االستقرائي ‪ ،‬فالمنهج االستنباطي طبق من طرف كينث وولتز على‬
‫النظام الدولي لتفسير سلوكيات الدول من خالل عالقاتها وتفاعالتها مع بعضها البعض‬
‫‪...‬اما المنهج االستقرائي فقد طبق من طرف روبرت كوبلن في دراسته وتحليله لمواقف‬
‫الدول منفردة ‪.2‬‬

‫_تهمل الواقعية الجديدة االختالفات الثقافية بين الدول ‪ ،‬وكذلك االختالفات في انواع‬
‫انظمة الحكم‪.‬وذلك مبدئيا ‪ ،‬الن النظام الدولي يخلق الحوافز االساسية نفسها للقوى‬
‫العظمى جميعها‪ ،‬وسواء اكانت الدولة ديمقراطية ام اتوقراطية استبدادية ‪ ،‬فان ذلك قليل‬
‫االهمية نسبيا عندما يتعلق االمر بالطريقة التي تتصرف بها الدولة تجاه دول اخرى ‪.3‬‬

‫‪ _1‬تيم دان واخرون‪ ،‬نظريات العالقات الدولية التنوع واتخصص‪( .‬ترـدينا الخضرا)‪.‬الدوحة‪:‬المركز العربي لالبحاث ودراسة‬
‫السياسات‪،2113،‬ص‪212،‬‬
‫‪ _2‬عبد الناصر جندلي ‪،‬اثر الحرب الباردة على االتجاهات الكبرى والنظام الدولي ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪112‬‬
‫‪ _3‬سكوت بروتشيل واخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪143‬‬

‫‪27‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫_ ال يمكـن إثبات أو دحض التحليالت المبنية على الطبيعة البشرية‪ .‬ويعتقد "والتز" أن‬
‫نظريته عن العالقات الدولية يمكن إثباتها أو عدم إثباتها باعتبارها أكثـر قوة وعلمية من‬
‫أعمال الواقعيين التقليديين‪.1‬‬

‫‪ ‬مبادئ النظرية الواقعية الجديدة ‪:‬‬

‫تنطلق النظرية الواقعية الجديدة من عدة مبادئ اهمها‪:‬‬

‫‪ ‬القوى العظمى هي الجهات الفاعلة في السياسة الدولية وهي تعمل ضمن منظومة‬
‫فوضوية ‪.‬‬
‫‪ ‬تفسير السياسـات الدولية يكون على أساس بنية النظام وحدها دون أي اعتبـار‬
‫علـى اإلطـالق للطابع الداخلي لالمم المكونة له‪.2‬‬
‫‪ ‬يجادل "والتز" واستنادا إلى "أميل دوركايم ‪"Emil Durkheim،‬بـأن أي هيكل‬
‫سياسي‪ ،‬في أي مستوى للتحليل‪ ،‬يتم تعريفـه مـن خـالل ثالثـة عناصر‪ ،‬وهي‪:3‬‬
‫أ‪ .‬المبادئ المنظمة لترتيب الوحدات التي تتعايش في نظام ال مركـزي سمته‬
‫الفوضى‪.‬‬
‫ب‪ .‬طبيعة الوحدات ووظائفها‪ ،‬فالدول ستبقى األساس في التفاعل داخـل‪.‬‬
‫ج‪ .‬توزيع عناصر القوة‪ ،‬أي القدرات التي تتمتع بهـا الوحـدات داخـل النظام‪.‬‬
‫‪ ‬جميع الدول تمتلك قدرة عسكرية هجومية معينة ‪ ،‬اي ان كل دولة لديها القدرة‬
‫على الحاق االذى بجاراتها ‪ ،‬وتختلف هذه القدرة من دولة الى اخرى بالطبع ‪.‬كما‬
‫انها تتغير من وقت الى اخر بالنسبة الى اي دولة كانت ‪.4‬‬

‫‪ _1‬دمحم انور فرج ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪333‬‬


‫‪ _2‬تيم دان واخرون ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪215‬‬
‫‪_3‬دمحم انور فرج ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪332‬‬
‫‪ _4‬تيم دان واخرون ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪215‬‬

‫‪28‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪ ‬الهدف الرئيس للدول هو البقاء وتحقيق االمن ‪.‬‬


‫‪ ‬القوة ليست هدفا مثل ما يدعي الواقعيو الكالسيكيون ‪ ،‬وانما هي وسيلة لتحقيق‬
‫االمن والبقاء‪.‬‬
‫‪ ‬الدول هي اطراف فاعلة وعقالنية ‪ ،‬وهذا يعني انها قادرة على ابتكار استراتيجيات‬
‫سلمية تضخم من احتماالت بقائها‪.‬‬

‫اهم االختالفات بين الواقية الكالسيكية والواقعية الجديدة‪: 1‬‬

‫‪ ‬القوة عند الواقعيين الجدد هي وسيلة وليست غاية بينما هي وسيلة وغاية في‬
‫ان واحد عند الواقعييون الكالسيكيون ‪.‬‬
‫‪ ‬هدف الواقعيون الجدد هو تحقيق اقصى ما يمكن من االمن وليس القوة وانما‬
‫توازنها وفي هذا يقول والتز‪":‬ان االهتمام االخير للدول ليس من اجل القوة‬
‫وانما من اجل االمن "‪.‬‬
‫‪ ‬الصراع الدولي عند الواقعيين الجدد هو نتيجة حتمية للبيئة الدولية الفوضوية‬
‫وغير االمنة وبينما الصراع عند الكالسيكيين هو من طبيعة العالقات الدولية‬
‫التي هي صراع القوة ومن اجل القوة‪.‬‬
‫‪ ‬يختلف الواقعيون الجدد مع الكالسيكيين في طبيعة النظام الدولي وبنيته‪.‬‬
‫فالواقعيون الجدد يقرون بافضلية نظام الثنائية القطبية على نظام التعددية‬
‫القطبية النه اكثر مالئمة وتكيفا مع نظرية توازن القوى واكثر وضوحا‬
‫فيما يسمى بسوء التقدير او الخطأ‬ ‫وبساطة‪...‬بينما في النظام التعددي‬
‫االدراكي وما ينجم عنها من نتائج وخيمة ‪.‬‬

‫‪_1‬عبد الناصر جندلي ‪ ،‬اثر الحرب الباردة على االتجاهات الكبرى والنظام الدولي ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ص ‪113‬‬

‫‪29‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪/5‬المدرسة السلوكية‬
‫أ‪ /‬ظهور المدرسة السلوكية‪ :‬ظهرت المدرسة السلوكية في عقد الخمسينيات من القرن‬
‫الماضي‪ ،‬بهدف إيجاد نظرية تنبؤية باعتمادها على قواعد ومناهج بحث ‪،‬تقوم بمجملها على‬
‫القياس الكمي للمتغيرات الواقعية في العالقات الدولية ‪.‬وتنطلق من منهج دراسة تأثير عدد‬
‫قليل من المتغيرات على اكبر عدد ممكن من الحاالت بشكل منتظم الستخراج أوجه وأنماط‬
‫التشابه والتكرار الضرورية لبناء نظرية سياسية ‪.1‬‬
‫كما تبلورت هذه النظرية في بحر الستينيات من القرن الماضي ‪،‬وحاولت إيجاد روابط بين‬
‫المفاهيم والنظريات الجديدة المختلفة‪،‬ويعتبر دافيد ايستن‪ DAVID ESTAN‬من ابرز رواد‬
‫النظرية السلوكية من خالل استعماله لعناصر دقيقة في عملية البحث‪.2‬‬
‫ب‪/‬خصائص النظرية السلوكية‪:‬‬
‫تميزت النظرية السلوكية عن غيرها من النظريات في مجال العالقات الدولية بعدة خصائص‬
‫أهمها ‪:3‬‬
‫_ اهتمت باستعمال المناهج العلمية واعتمدت على علم النفس االجتماعي الدولي‪ ،‬وكذلك‬
‫االنتروبولوجيا االجتماعية لدراسة وفهم الظواهر الدولية‪.‬‬
‫_ اهتم السلوكيون باألنماط المتكررة ‪ ،‬وأهملوا الحاالت الفردية في بحوثهم‪.‬‬
‫_ النظرية السلوكية حسب ايستون‪ ،‬نظرية تحليلية وعامة وليست خاصة وتفسيرية‪ ،‬وليست‬
‫معيارية‪ ،‬تهتم بدراسة سلوك الفرد والقادة المتميزين‪.‬‬
‫_ تلجأ السلوكية الثبات قدرتها على التعميم واطالق االحكام العامة ‪ ،‬واستعمال الحاسب‬
‫االلكتروني والرياضيات‪.‬‬
‫ج‪/‬مرتكزات النظرية السلوكية‪:‬‬

‫‪ __1‬دمحم منذر‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪٧٧‬‬


‫‪ _2‬مبروك غضبان‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪٤٧‬‬
‫‪ _3‬دمحم منذر‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪٧٧‬‬

‫‪30‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫استعمل السلوكيون وعلى رأسهم دافيد ايستون عدة مرتكزات في تحليلهم للظاهرة السياسية‪،‬‬
‫باستخدامهم لالطر التقنية والكمية في مجاالت البحث ‪،‬واهم هذه المرتكزات ‪:1‬‬
‫_مظاهر التماثل ‪REGULARRITIE‬والتي تعبر عنها بالتعميمات هو بالنظريات ذات‬
‫األهمية التفسيرية والتنبؤية‪.‬‬
‫_إمكانية االختبار ‪VERIFICATION‬وتعني التحقق من صحة التعميمات أوالنظريات من‬
‫خالل مدى تطابقها مع السلوكية الوثيقة الصلة بالظاهرة محل الدراسة والتحليل‪.‬‬
‫_استخدام األسلوب الكمي ‪QUONTIFICATION‬من اجل الحصول على معلومات‬
‫وبيانات دقيقة ومضبوطة على غرار الوسائل واألدوات التي تمكن الباحث من الوصول إلى‬
‫نتائج علمية دقيقة بشأن موضوع بحثه‪.‬‬
‫_الفصل والتمييز بين االفتراضات المتعلقة بالتقييم األخالقي‪NORMATIVE‬‬
‫‪) (EVALUATION‬وتلك المتصلة بالتفسير االمبريقي ‪EMPRICAL‬‬
‫‪.EXPLATION‬‬
‫_إضفاء طابع النظامية ‪SYSTEMATIZATION‬على البحث ‪،‬وتعني النظامية اعتبار كل‬
‫من النظرية والبحث كأجزاء متماسكة ومتناسقة لجسد مترابط منطقيا في نسق موحد ومنظم‬
‫ومرتب للمعرفة السياسية‪.‬‬
‫_االهتمام بالعلم التجريدي البحث‪ PUR SCIENCE‬في مفهوم السلوك اإلنساني وتفسيره‬
‫قبل الجنوح نحو استخدام المعرفة العلمية السياسية من اجل التعامل مع مشكالت المجتمع‬
‫القائمة بغرض إيجاد حلول مناسبة لها‪.‬‬
‫_التكامل واالندماج ‪INTEGRATION‬بين البحث السياسي والبحوث العلمية األخرى في‬
‫مختلف فروع العلوم االجتماعية واإلنسانية‪.‬‬

‫‪ _1‬عبد الناصر جندلي‪،‬مرجع سابق‪،،‬ص‪٨٦٦‬‬

‫‪31‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المحاضرة السادسة‬
‫‪/6‬مجاالت النقاش السلوكي_ الواقعي‬
‫يعتبر هذا النقاش من أهم النقاشات في مجال العالقات الدولية ‪،‬فبعد الحرب العالمية الثانية‬
‫برز التيار السلوكي في العلوم االجتماعية بشكل عام ‪ ،‬ومجال التنظير في العالقات الدولية‬
‫بشكل خاص ما نتج عنه هذا النقاش الموضحة معالمه في الجدول التالي‪ ،‬والتي سنتناولها‬
‫بالتفصيل في المطالب التي تليه‪.‬‬
‫أ‪ /‬المجال المعرفي‪:‬‬
‫تناول "هيدل بول" عام ‪٧٧٦٦‬مدخالن لدراسة نظرية العالقات الدولية واعتبر أن معظم‬
‫الدراسات التي سبقت ذلك التاريخ تنتمي إلى المدخل التقليدي مثلما تطرق إلى ذلك كل من‬
‫ادوارد كار‪ ،‬هانس مورغانتو‪ ،‬ريمون ارون ومارتن وايت ‪.‬واعتبر بول أن المدخل التقليدي‬
‫يعتمد على الفلسفة والتاريخ والقانون في التنظير وصياغة الحجج‪ ،‬وذلك ما يوضح أن‬
‫العلماء الذين اهتموا بدراسة موضوع العالقات الدولية أكثر من منهجها تبنوا المدخل‬
‫التقليدي‪ .‬أما الذين اهتموا بالمنهج‪METHOD‬أكثر من الموضوع قد تبنوا المدخل العلمي او‬
‫السلوكي‪.1‬‬
‫الفرع األول‪:‬النقاش حول طبيعة علم العالقات الدولية واستقالليتها‬

‫يرى السلوكيون ان علم العالقات الدولية ذو طبيعة شمولية ومرن‪ ،‬يستفيد من العلوم‬
‫األخرى عكس الواقعيين الذين يرون أن حقل العالقات الدولية هو علم مستقل عن بقية‬
‫العلوم األخرى ومتميز عنها‪ ،‬وال يمكن أن نستعين بالعلوم األخرى في هذا الحقل ‪.‬‬

‫ويؤكد السلوكيون كذلك على ضرورة ربط علم السياسة _وضمنه علم العالقات‬
‫الدولية_من خالل تقنيات البحث السلوكي ومقترباته بالميوالت السلوكية الواسعة في العلوم‬

‫‪ _1‬أنور دمحم فرج‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪٧٤٧‬‬

‫‪32‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫االجتماعية ‪ 1‬من حيث اعتماده على علم النفس االجتماعي وعلم النفس السياسي‬
‫واالنتروبولوجيا‪ ،‬باعتبار ان سلوكات الدول هي باالساس نتاج سلوكات األفراد مثل ما‬
‫يوضحه الشكل التالي‪:‬‬

‫ب‪/‬التاريخ بين الواقعية والسلوكية ‪:‬على عكس الواقعيون الذين يعتبرون التار يخ مخب ار‬
‫ألبحاثهم ودراساتهم‪ ،‬وأـن النظرية السياسية نتاجا للتجارب التاريخية ودراسة التاريخ والممارسة‬
‫السياسية‪2،‬فإن السلوكيون يحذرون من الخلط بين التاريخ والنظرية‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول‬
‫سبيكمان ʺعلى الرغم من أن التاريخ يقدم المادة الرئيسية لمعرفة المجتمع الدولي‪،‬إال أن‬
‫اهتمام المؤرخ يختلف كثي ار عن اهتمام المنظر‪ ،‬فالتاريخ يركز على حالة محددة ‪ ،‬أما‬
‫النظرية العلمية فإنها تبحث عن ما هو مشترك لحاالت مختلفة أي أنها تبحث عن قانون ‪ʺ.3‬‬
‫وهذا التناقض يعود إلى نظرة كل من السلوكية والواقعية إلى الظاهرة السياسية‪ ،‬فالسلوكية‬
‫تسعى إلى تعميم النتائج من خالل التجربة العلمية ومسح اكبر عدد ممكن من الحاالت‬
‫للوصول إلى نتائج اشمل‪ ،‬أما الواقعية فهي تكتفي بحاالت قليلة في دراساتها‪ .‬أما السلوكيون‬

‫‪_1‬جندلي عبد الناصر‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪٨٤٦‬‬


‫‪_2‬جندلي عبد الناص‪ ،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪٧٤٧‬‬
‫‪ _3‬انور دمحم فرج‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪٧٧١‬‬

‫‪33‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫فيحذرون من الخلط بين التاريخ و النظرية وفي هذا التصور يقول سبيكمان على الرغم من‬
‫أن التاريخ المادة الرئيسية لمعرفة المجتمع الدولي إال أن اهتمام المؤرخ يختلف كثي ار عن‬
‫اهتمام المنظر فالتاريخ يركز على حالة محددة أما النظرية العلمية فإنها تبحث‬

‫عن ماهو مشترك لحاالت مختلفة أي أنها تبحث عن قانون‪. 1‬‬


‫هذه الدعوة إلى القطيعة مع التاريخ في التنظير العالقات الدولية يعتبر أول تعارض مع‬
‫منطلق أساسي لدى السلوكيون نفسهم أال وهو الدعوة إلى االستفادة من العلوم األخرى‬
‫وبالتالي فصل التاريخ عن النظرية ينتقص من شمولية وظيفتها باعتبار أن النظرية تهدف‬
‫إلى الوصف والتفسير والتنبؤ فكيف ألي منظر أن يفسر ألظاهرة دون الرجوع إلى حاالتها‬
‫القبلية والتي تندرج ضمن تاريخها‪.‬‬

‫ج‪/‬المجال التحليلي‬
‫‪.1‬النقاش حول وحدة التحليل‬
‫يصر الواقعيون على أن الدولة هي الفاعل الرئيس و الوحيد في العالقات الدولية وهم بذلك‬
‫ال يعيرون االهتمام إلى تأثير األفراد والجماعات وحتى المنظمات الدولية وذلك انطالقا من‬
‫أن المتغير األساسي في دراسة العالقات الدولية هو القوة و بالتالي من خالل القوة تتحدد‬
‫المتغيرات األخرى كالمصلحة الوطنية ‪ ......‬وعليه فان القوة شيء مقدس وبالتالي ال يمكن‬
‫تحقيقها على مستوى األفراد وهم بذلك يقرون بأن القوة اليمكن أن تكون إال عند الدولة‪.‬‬
‫أما السلوكيون فهم على نقيض الواقعيون يركزون على سلوك الفرد كوحدة تحليل أساسية‬
‫فهم يحاولون الدنو من الظاهرة السياسية عبر السلوك للتوصل إلى اإلحاطة بالجوانب‬
‫االمبريقية للحياة السياسية معتبرين أن اإلنسان هو جوهر النشاط السياسي ‪.‬‬

‫‪ __1‬انور دمحم فرج‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪٧٧٧‬‬

‫‪34‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪ .2‬النقاش حول المنهج و أدوات التحليل‬


‫يقارن دافيد سينغر بين منهج البحث التقليدي والمنهج العلمي بشكل عام‪ ،‬فيرى أن التقليدين‬
‫يقللون من عدد الحاالت المدروسة ويز يدون من عدد المتغيرات ‪،‬كما يبرز فرادة األحداث‬
‫وخصوصيتها بشكل يعيق عملية بناء نظرية عامة‪ ،‬عكس رواد المدرسة السلوكية فهم‬
‫يحاولون دراسة تأثير عدد قليل نسبيا من المتغيرات على اكبر عدد ممكن من الحاالت بشكل‬
‫منتظم الستخراج أوجه التشابه و التكرار الضرورية لبناء نظرية سياسية و ابرز أنواع التقنيات‬
‫والمناهج المستعملة في البحث و جمع البيانات لدى السلوكيون التحليل المقارن التحليل‬
‫الكمي تحليل المضمون تحليل العامل المسح العام )المحاكاة (اإلحصاء ‪ ،‬فمادة التحليل‬
‫السياسي لدى أصحاب االتجاه السلوكي هي النشاط السياسي وذلك في مواجهة المعرفة‬
‫السياسية التقليدية والتي تتمثل في المؤسسات السياسية الرسمية في كيانها المحدد لها في‬
‫الدساتير )كنظرة قانونية(‪ .‬ومنهج تحليل علمي) تجريبي‪ /‬سلوكي( في مواجهة المنهج‬
‫)الفلسفي‪ /‬القانوني( ‪. 1‬‬
‫يعتبر موضوع المنهج وأدوات التحليل أهم مجاالت النقاش الثاني بين الواقعية و السلوكية‬
‫فبعد أن اعتمدت الواقعية المقاربة العقالنية المشددة على المالحظة المنفردة فقط والمعتمدة‬
‫على التاريخ‪ ،‬مستعينة بأدوات ذهنية )نماذج –مفاهيم (نجد السلوكيون ينتفضون حالة‬
‫اإلفالس المنهجي للواقعية الكالسيكية ويتبنون استخدام مناهج العلوم التي تقوم بمجملها على‬
‫القياس الكمي للمتغيرات‪ ،‬ويكون ذلك باختيار حاالت للدراسة ليس بشكل عشوائي أو‬
‫انطباعي بل على أساس تمثيلها لما يود دراسته ودراسة كل متغير على حدة وتأثيره االنفرادي‬
‫في حالة محدد من الزمن‪.‬‬

‫جدول يوضح مجاالت النقاش الواقعي السلوكي‪:‬‬

‫‪_1‬عادل فتحي ثابت‪ ،‬النظرية السياسية المعاصرة‪ ،‬القاهرة‪:‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪٧٧٧٤ ،‬ص‪٧٨١. ،‬‬

‫‪35‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المصدر‪:‬اعداد الباحث‬

‫‪36‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المحاضرة السابعة‬

‫‪37‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪38‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المحور الثالث‪ :‬النظريات التكوينية في العالقات الدولية‬


‫المحاضرة الثامنة‬
‫‪ ‬المنطلقات العامة للنظريات التكوينية‬

‫أ‪.‬النظرية النقدية ‪:‬أهم روادها روبرت كوكس‪ ،‬مارك هوفمان‪ ،‬واندرو‪ ،‬يجمعون على‬
‫أن معرفة العالم االجتماعي يجب ان يفهم على ضوء المصالح المتصارعة لألفراد‬
‫والمنظمات الموجودين في سياق اجتماعي مدروس‪،‬وان النظرية دائما مكرسة لخدمة‬
‫بعض السياسات واألشخاص وتحقيق بعض االهداف‪1،‬وبهذا الخصوص يقول روربت‬
‫كوكس»ان النظرية دائما لشخص ما ولهدف معين « ‪2،‬وبهذا يؤكد كوكس العالئقية‬
‫بين النظرية وأطرها الزمانية والمكانية ‪،‬عكس رواد النظريات التفسيرية الذين يصرون‬
‫على االستقاللية بين النظرية والواقع‪ .‬والنظرية والذات ‪.‬‬
‫كما يصر النقديون على رفض ثالث منطلقات أساسية للنظريات التفسيرية وقاموا‬
‫بصياغة مشروع نظري في هذا اإلطار مبني على فكرة المعرفة المتصلة بكرامة‬
‫اإلنسان وتحريره حيث دعت إلى تفعيل اإلجراءات التالية‪:3‬‬
‫أ‪/‬اقتراح عالقة جدلية تفاعلية بين البنية التحتية والبنية الفوقية تبتعد عن الفكرة‬
‫التجزيئية التي نادى بها رواد النظريات التفسيرية‪.‬‬
‫ب‪/‬عدم النظر للمعرفة كعنصر محايد عن الجانب األخالقي السياسي واإليديولوجي‬
‫لإلنسان‪ ،‬فالمعرفة مرتبطة بجميع الجوانب وهي انعكاس للمعتقدات ورغبات‬
‫اإلنسان‪،‬وليس هناك معرفة موضوعية‪.‬‬
‫ج ‪/‬إضافة البعد العمودي للسلطة موازاة مع البعد األفقي المتصل بالصراع بين‬

‫‪1‬‬
‫‪_.Boniface E.S. Mgonja and Iddi A.M. Makombe, Debating international relations and its‬‬
‫‪relevance to the third world;P33‬‬
‫‪2‬‬
‫‪_Boniface E.S. Mgonja and Iddi A.M. Makombe.ibidem‬‬
‫‪ _3‬جندلي عبد الناصر ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‬

‫‪39‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫مؤسسات الدولة أي عالقة الدولة السلطة بالمجتمع‪.‬‬


‫ويوضح مارك هوفمان هذه الفكرة بقوله‪:‬النظرية النقدية تسعى لخلق مجتمع يقوم على‬
‫أسس معيارية أخالقية‪،‬معتب ار أن الحركات االجتماعية النقدية تعتبر كفواعل أساسية‬
‫في تغيير الحدود السياسية من خالل تحديها للمسارات االقصائية‪ ،‬وابرز مثال على‬
‫ذلك ‪،‬الصراع بين شطري السودان الذي انتهى باالنقسام إلى دولة الشمال ودول‬
‫الجنوب‪.‬‬
‫‪/٢‬النظرية البنائية‪:‬‬
‫اعتمدها مجموعة من المفكرين‪ ،‬وتعتبر جس ار رابطا بين النظريات التفسيرية‬
‫والتكوينية‪،‬اهم روادها الكسندر وونت والذي حددا مرتكزات أساسية لمنهج العالقات‬
‫الدولية‪:‬‬
‫‪/1‬الدول هي الوحدات األساسية للتحليل وهي ليست ظاهرة سياسية فقط‪.‬‬
‫‪/2‬ذاتية البنى األساسية للنظام القائم على الدول‪،‬وتفاعل اإلبعاد معرفية في ما بينها‬
‫وبين بنية النظام الدولي‪.‬‬
‫‪/3‬تشكل هويات ومصالح الدول في إطار نسق مترابط بفعل البنى االجتماعية ضمن‬
‫النظام‬
‫‪/4‬يعترف وونت بأهمية المناظرة بين الواقعيين الجدد والليبراليين الجدد من خالل‬
‫طرح اإلشكالية التالية ‪:‬هل الدولة تتأثر بتفاعل ببنية النظام الدولي ا وان الدولة تتأثر‬
‫بتفاعل البنى ‪.‬‬
‫‪/5‬تركيز النظرية االجتماعية على الكيفية التي تؤدى بها الممارسات بين األطراف‬
‫الفاعلين إلى هويات ومصالح تتشكل في عمليات التفاعل بدال من أن توجد قبل‬
‫التفاعل‪.‬‬
‫‪/3‬إذا تغيرت الممارسات فكذلك تتغير المعرفة الذاتية بين األطراف الفاعلة‪.‬‬

‫‪40‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪/2‬بنية النظام ال تتحدد فقط وفقا للبنية المادية وانما ينظر لها كأفكار وخطابات‬
‫وممارسات‪.‬‬
‫‪.3‬نظرية مابعد الحداثة‪:‬‬

‫هي في األساس نقد ابستيمولوجي للنظريات الحداثية في الجانب المتعلق بالجانب‬


‫الوضعي للمعرفة‪،‬ظهرت في أواخر الثمانينات من القرن الماضي‪ ،‬عرفها جون فرانسوا‬
‫ليوتار‪،‬في احد مقاالته‪ »،‬مابعد الحداثة هي عدم التصديق بما وراء النصوص السردية ‪،‬يعني‬
‫رفض الوثوق بأي فكرة ‪...‬تدعي الوصو ل للحقيقة‪«.‬‬
‫واكتسبت نظرية ما بعد الحداثة أهمية قصوى ألنها تبحث في اإلجابة عن السؤال التالي‬
‫‪:‬ماذا يمكن أن نعرف؟‪? what Can we know‬باإلضافة إلى أنها انتقلت بالدراسة من‬
‫النظام الدولي إلى المعرفة والفرد‪،‬وهي نظرية أكثر إنسانية (‪)1‬‬
‫أهم منطلقات مابعد الحداثية‪:‬‬
‫يجب التشكيك في ما يطرح في السياسة الدولية‪.‬‬
‫يجب أن نأخذ ماهو ابعد من النصوص‪ ،‬النصوص والخطب ال يمكن الوثوق بها‪ ،‬وانما‬
‫يجب قراءة وفهم مابين النصوص‪.‬‬
‫يجب تفكيك النصوص بشكل مخالف للقراءة العادية أي قراءة ما بين السطور في‬
‫النصوص‪،‬‬
‫وفقا لـ ـ ـ ـ ـ‬
‫‪ )1‬القراءة المزدوجة الن للنص الواحد أكثر من قراءة وفهم‪.‬‬
‫‪ )2‬طريقة التفكيك‪ ،‬وتعني أن المفاهيم ليست مستقرة بل هي مصطنعة ومتغيرة ومتضاربة‬
‫االهتمام بما يسمى باألصوات المهشمة والصامتة التي تجاهلتها النظريات التفسيرية‬
‫خصوصا ما تعلق بإدراج مسألة الهوية في اهتمامات العالقات الدولية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪_ Ole R. Holsti, Theories of International Relations essay‬‬

‫‪41‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪.4‬النظرية النسوية ‪:‬جاءت النظرية النسوية كانتقاد حاد للنظريات التفسيرية وبالخصوص‬
‫الواقعية التي اعتبرتها نظرية رجولي ّة‪،‬وتتجلى هذه الفكرة حسبهم في المفاهيم المعتمدة في‬
‫التحليل كمفهوم الفوضى والصراع‪،‬معتبرين أن هذه المفاهيم سيطرة على مجال التحليل‬
‫وانعكست عليها نتيجة للطبيعة التي يتميز بها الرجال كالخشونة والصراع‪،‬ودعوا إلى ضرورة‬
‫إشراك النساء في الحياة السياسية وصناعة القرار الدوليين‪.‬‬
‫ودعت ʺتكنر ʺإلى االستفادة من حنكة النساء في إحالل السالم واالستقرار‬
‫الدوليين‪،‬بعدما تبين فشل الرجال في تحقيقها نظ ار لسيطرة الرجال على إدارة السياسة الدولية‬
‫لمدة عقود وظهور الصراعات والحروب‪.1‬‬
‫كما تتناول النظرية النسوية ضعف وعدم فعالية دور النساء في العالم الثالث مقارنة بمكانة‬
‫النساء في العالم الغربي المتقدم‪ ،‬حيث نجد غياب دور المرأة ف العالم الثالث سياسيا خاصة‬
‫في مجال صناعة القر ار نظ ار للنظرة الدونية التي تنظر إليها بها‪ ،‬واعتبار أن مجالها‬
‫الطبيعي هو المنزل فقط ‪،‬عكس المرأة الغربية التي تبوأت مكانة رفيعة على المستوى‬
‫السياسي ) الخصوص نالحظ تزايد المطالب من اجل تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية‬
‫في الداخل بشكل يجعلها تساهم في بلورة السياسة الدولية‪ ،‬وهنا نجد أن من ابرز األمثلة‬
‫ʺكوندالي از رايس ʺو ʺهيالري كلينتون ʺاللتان تبوأتا مراكز مرموقة في الحياة السياسية‬
‫للواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وتسييرهما ألهم و ازرة وهي و ازرة الخارجية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الفرضيات المشتركة للنظريات التكوينية‬
‫تعتبر النظريات التكوينية أن نظرياتنا تساعد فعال على بناء العلم‪)2‬فمع نهاية الثمانينات‬
‫وبداية التسعينيات من القرن الماضي بدأت تتعالى األصوات النقدية لتجاوز األطروحات‬
‫التقليدية بخصوص التنظير للعالقات الدولية‪ ،‬وبذلك ظهرت النظريات التكوينية المناهضة‬
‫للتفسيرية‪ ،‬وتشمل هذه النظريات كل من‪ :‬النظرية النقديةاالجتماعية‪ ،‬النظرية البنائية ‪،‬ما بعد‬

‫‪1‬‬
‫‪- Martin Griffiths,FIFTY KEY THINKERS IN INTERNATIONAL RELATIONS;P216‬‬
‫‪ _2‬بيليس‪ ،‬جون و سميث‪،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪٧٧٧‬‬

‫‪42‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫الحداثية والنظرية النسوية ‪.‬‬


‫تتبنى النظريات التكوينية عدم اعتبار الواقع االجتماعي‪/‬الدولي شيئا طبيعيا اومعطى مسبقا‪،‬‬
‫بل تعتبره يبنى باستمرار بفضل اإلرادة اإلنسانية‪ ،‬وال يمكن فهمه وتفسيره بناء على نظرة‬
‫موضوعية ‪Objective‬بحتة‪ ،‬بل يتطلب األمر نظرة تاذاتانية ‪Inter-Subjective‬للواقع ‪.‬‬
‫وبالتالي تتبنى نزعة ما بعد وضعية ‪post-positivist‬كخيار ابستيمولوجي‪ ،‬مبني على‬
‫فلسفة النفي وفي هذا اإلطار يقول ʺهابر ماس‪ʺ:‬المعرفة ليست حيادية بل هي نتاج سياق‬
‫تاريخي واجتماعي ونمط حضاري إذ ال تنفصل هوية العارف عن الموضوع المراد معرفته‬
‫وهدف النظريات التكوينية ليس فقط مجرد فهم الواقع ولكن محاولة تكوينه وتغييره ووضع‬
‫واقتراح اطر بديلة عنه تقوم أساسا على إعادة االعتبار للقيم والهويات في حقل العالقات‬
‫‪1‬‬
‫الدولية(‬
‫إذا النظريات التكوينية تنطلق من نظرة ابستيمولوجية تعتبر أن العالم سيشهد مرحلة جديدة‬
‫تقتضي أط ار ومنظورات معرفية جديدة تتجاوز النظريات المهيمنة في حقل العالقات الدولية‬
‫والهدف هو بناء براديغمات جديدة قائمة على إحداث قطيعة مع المنهج التقليدي السائد في‬
‫مجال العالقات الدولية‪.‬‬
‫فاالبستيمولوجيا ما بعد الوضعية للتكوينيين تسعى إلى دفع منظري العالقات الدولية إلى‬
‫فهم كيف أن المعايير المحددة لطبيعة وآليات وأهداف المعرفة ليست من وحي الطبيعة‪ ،‬وانما‬
‫هي من وحي اإلنسان‪ ،‬وكيف أن هذه المعايير ال تعطى ولكنها تصنع‪ ،‬وكيف أنها ال‬
‫تفرض من خالل الطبيعة ولكن يتم تبنيها باالتفاق بين أعضاء المجموعة المعرفية‪ ،‬كما‬
‫يسعى المشروع االبستمولوجي للتكوينيين إلى تحرير اإلدراك من التفكير القائم على المنطق‬
‫الثنائي‪ logic، binary‬الذي يعد عنص ار أساسيا في الفلسفة الحداثية والذي يقر بوجود أزواج‬
‫ثنائية من المواقف المتسمة بالتعارض واإلقصاء المتبادل‪ ،‬حيث يتم بالضرورة تفضيل‬

‫‪ _1‬جندلي عبد الناصر‪،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫‪43‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫أحدهما وبالتالي تهميش اآلخر؛ نجد من بين هذه الثنائيات‪ ،‬الحقائق‪/‬القيم األنا‪/‬اآلخر‬
‫‪،‬العقل‪/‬المادة‪ ،‬الذات‪/‬الموضوع‪ ،،‬الذكر‪/‬األنثى‪ ...،‬إن تحرير اإلدراك من هذا التفكير‬
‫اإلزدواجي يعني بالنسبة لما بعد الوضعيين االنتقال من التفكير القائم على التعارض إلى‬
‫التفكير القائم على العالئقية ‪relational thinking‬ب ‪1‬اإلضافة إلى تركيز النظريات‬
‫التكوينية على اللغة التي‬
‫نستعملها والى المفاهيم التي نكونها كعوامل تساعدنا على بناء تلك الحقائق أو إعادة‬
‫بنائها‪.‬كما يسعى التكوينيون إلى إيجاد حل لمشكلة العالقة بين الفاعل والبنية ‪،‬فالبنائيون‬
‫يرون ان الفاعل والبنية غير قابلين للفصل بينهما عكس الواقعيون الذين يفصلون بينهما ‪،‬‬
‫ومن هنا تم توظيف مفهومي المعايير والمصالح‪،‬بالنظر لدور الوعي اإلنساني في السياسة‬
‫الدولية‪.‬‬

‫المحاضرة التاسعة‬

‫النقاش االبستيمولوجي بين التفسيريين والتكوينيين‬


‫أ ‪:‬المرجعية االبستيمولوجية للنظريات التفسيرية‬
‫تعود المرجعية االبستيمولوجية للنظر يات التفسيرية إلى تطورات عديدة شهدها الفكر الغربي‪،‬‬
‫السيما في عصر التنوير ‪ ،‬وبشكل خاص الفكر الحداثي الذي عمل على تطويره المفكر‬
‫الفرنسي اوغستين كونت‪،‬حيث صنف مراحل تطور التفكير العلمي في قانون الحاالت‬
‫الثالث‪: 2‬‬
‫‪/1‬المرحلة الالهوتية‬
‫‪/2‬المرحلة الميتافيزيقة‬

‫‪1‬‬
‫‪) .Boniface E.S. Mgonja and Iddi A.M. Makombe,op.cit;P33‬‬
‫‪ _2‬عبد الناصر جندلي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬

‫‪44‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪/3‬المرحلة الوضعية‬
‫ففي المرحلة الالهوتية‪،‬كانت تفسر وتستوعب طبيعة الظواهر من خالل الدور الذ ي كانت‬
‫تضطلع به اآللهة‪،‬أما المرحلة الميتافيزيقية كانت تنسب الوقائع لقوى خفية غامضة‪ ،‬أما‬
‫المرحلة الوضعية فقد تميزت باعتماد التفسيرية العلمية للظواهر باالعتماد على العقل‬
‫والتجريب‪.‬‬
‫وقد انعكست المرحلة الوضعية بشكل جلي على النظريات التفسيرية‪،‬فهذه األخيرة تنظر إلى‬
‫العالم بوصفه شيئايقع خارج نظر ياتنا‪ ) .(speculative‬تتقاسم هذه النظريات‬
‫الواقعية‪،‬التعددية‪/‬الليبرالية‪،‬الماركسية‪/‬البنيوية‪/‬الشمولية( عدة افتراضات أساسية من بينها ‪:‬‬
‫أنها تتبنى النزعة الموضوعية العلمية المعتمدة على فكرة الحيادية‪،‬أي تناول الواقع‬
‫بعيدا عن التأثيرات الذاتية للباحث ومحاولة تفسيره بناء على مبدأ السببية في إطار فلسفي‬
‫وضعي‪ ،‬باإلضافة إلى اعتماد التجريبية كاختيار منهجي‪ .‬وترى هذه النظريات أن مهمة‬
‫النظرية هي وصف العالم الخارج عن نطاق نظرياتنا‪ ،‬وتهتم بكشف األنماط المنتظمة في‬
‫السلوك اإلنساني و هي بذلك تفسر العالم االجتماعي مثلما ُيفسر عالم الطبيعة و العالم‬
‫الفيزيائي‪.‬‬

‫تتقاسم النظريات التفسيرية عدة فرضيات مشتركة بخصوص بناء المعرفة(‪:1‬‬


‫‪ _1‬االعتقاد بوحدة العلم‪،‬أي أن المنهجيات نفسها يمكن تطبيقها في كل من العوالم العلمية‬
‫وغير العلمية‪.‬‬
‫‪_2‬أن هناك فرقا بين الحقائق والقيم ‪،‬فالحقائق حيادية بين النظريات المختلفة‪.‬‬
‫‪_3‬العالم االجتماعي شأنه في ذلك شأن العالم الطبيعي يحتوي على أنماط منتظمة يمكن‬
‫اكتشافها بواسطة نظرياتنا بطريقة العالم نفسها في بحثه عن األنماط المنتظمة في الطبيعة‪.‬‬

‫_ بيليس‪ ،‬جون‪ ،‬سميث ستيف‪ .‬عولمة السياسة العالمية‪) .‬ترجمة‪ ،‬مركز الخليج لألبحاث(‪ .‬دبي‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪،‬‬
‫‪1‬ط‪1، 2114.‬ص‪٧٧٦‬‬

‫‪45‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪_4‬تحديد حقيقة الموضوعات يتم عن طريق العودة إلى هذه الحقائق الحيادية‪.‬‬
‫إذا النظريات التفسيرية‪/‬الوضعية تعتمد أساسا على فكرة أن النظريات االجتماعية يمكنها أن‬
‫تستخدم المنهجيات واألدوات الخاصة بنظريات العلوم الطبيعية‪،‬وأن الحقائق المحايدة يمكن‬
‫أن تقوم بدور الحكم بين اإلدعاءات المتنافسة عن الحقيقة‪،‬ومن هذا المنطلق أهملت‬
‫النظريات التفسيرية ميوالت األفراد‪،‬وفهم الخطاب ‪ ،‬دور الهويات في توجيه أفعال الدول‬
‫وبالتالي التأثير على النظام الدولي ككل‪.‬‬
‫ب‪ .‬المرجعية االبستيمولوجية للنظريات التكوينية‬
‫تتبنى النظريات التكوينية عدم اعتبار الواقع االجتماعي‪/‬الدولي شيئا طبيعيا اومعطى مسبقا‪،‬‬
‫بل تعتبره يبنى باستمرار بفضل اإلرادة اإلنسانية‪ ،‬وال يمكن فهمه وتفسيره بناء على نظرة‬
‫موضوعية ‪Objective‬بحتة‪ ،‬بل يتطلب األمر نظرة تاذاتانية ‪Inter-Subjective‬للواقع ‪.‬‬
‫وبالتالي تتبنى نزعة مابعد وضعية ‪post-positivist‬كخيار ابتسمولوجي‪ ،‬مبني على فلسفة‬
‫النفي وفي هذا االطار يقول ʺهابر ماس»‪ʺ:‬المعرفة ليست حيادية بل هي نتاج سياق‬
‫تاريخي واجتماعي ونمط حضاري اذ ال تنفصل هوية العارف عن الموضوع المراد معرفته‪.‬‬

‫وهدف النظريات التكوينية ليس فقط مجرد فهم الواقع ولكن محاولة تكوينه وتغييره ووضع‬
‫واقتراح اطر بديلة عنه تقوم اساسا على اعادة االعتبار للقيم والهويات في حقل‬
‫‪1‬‬
‫العالقات الدولية«‪).‬‬

‫فاالبستملوجيا ما بعد الوضعية للتكوينيين تسعى إلى دفع منظري العالقات الدولية إلى‬
‫فهم كيف أن المعايير المحددة لطبيعة وآليات وأهداف المعرفة ليست من وحي الطبيعة‪ ،‬وانما‬
‫هي من وحي اإلنسان‪ ،‬وكيف أن هذه المعايير ال تعطى ولكنها تصنع‪ ،‬وكيف أنها ال‬
‫تفرض من خالل الطبيعة ولكن يتم تبنيها باالتفاق بين أعضاء المجموعة المعرفية‪،‬‬
‫كما يسعى المشروع‪ binary‬االبستمولوجي للتكوينيين إلى تحرير اإلدراك من التفكير القائم‬

‫‪ _1‬جندلي عبد الناصر‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪31 -‬‬

‫‪46‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫‪ logic،‬الذي يعد عنص ار أساسيا في الفلسفة الحداثية والذي‬ ‫على المنطق الثنائي‬
‫يقر بوجود أزواج ثنائية من المواقف المتسمة بالتعارض واإلقصاء المتبادل‪ ،‬حيث‬
‫يتم بالضرورة تفضيل أحدهما وبالتالي تهميش اآلخر؛ نجد من بين هذه الثنائيات‪،‬‬
‫الحقائق‪/‬القيم األنا‪/‬اآلخر‪،‬العقل‪/‬المادة‪ ،‬الذات‪/‬الموضوع‪ ،،‬الذكر‪/‬األنثى‪، ...،‬إن تحرير‬
‫اإلدراك من هذا التفكير اإلزدواجي يعني بالنسبة لما بعد الوضعيين االنتقال من التفكير‬
‫القائم على التعارض إلى التفكير القائم على العالئقية‬

‫على اللغة التي‬ ‫‪ .relational thinking‬باإلضافة إلى تركيز النظريات التكوينية‬


‫نستعملها والى المفاهيم التي نكونها كعوامل تساعدنا على بناء تلك الحقائق أو إعادة بنائها‪.‬‬

‫إذا النظريات التكوينية تنطلق من نظرة ابستيمولوجيةتعتبر أن العالم سيشهد مرحلة‬


‫جديدة تقتضي أط ار ومنظورات معرفية جديدة تتجاوز النظريات المهيمنة في حقل‬
‫العالقات الدولية والهدف هو بناء براديغمات جديدة قائمة على إحداث قطيعة مع المنهج‬
‫التقليدي السائد في مجال العالقات الدولية‪.‬‬

‫كما يسعى التكوينيين إلى إيجاد حل لمشكلة العالقة بين الفاعل والبنية ‪،‬فالبنائيون يرون‬
‫ان الفاعل والبنية غير قابلين للفصل بينهما عكس الواقعيون الذين يفصلون بينهما‬
‫تم توظيف مفهومي المعايير والمصالح‪،‬بالنظر لدور الوعي اإلنساني في‬ ‫هنا‬ ‫‪،‬ومن‬
‫السياسة الدولية‪.‬‬

‫‪47‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫جدول يلخص أهم االفتراضات التي تناولها الحوار الثالث بين االتجاهات التفسيرية‬
‫والنظريات التكوينية‪:‬‬

‫‪48‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المحور الرابع ‪ :‬ازمة التنظير في العالقات الدولية‬

‫المحاضرة العاشرة‬

‫‪49‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫إذا يعتبر ارتباط التنظير في العالقات الدولية بالتحوالت المستمرة للواقع الدولي وتبلور‬
‫وحدات جديدة‬

‫ومفاهيم أخرى متجددة‪ ،‬وفقا لتك التحوالت ‪ ،‬المحرك األساسي لتبلور النظرية في العالقات‬
‫الدولية‬

‫وفقا للزمان والمكان المنطلقة منه‪،‬والظروف الناشئة فيها‪ .‬وهذا ما شجع ظهور نظريات‬
‫مختلفة ومتناقضة‬

‫في كثير من األحيان ‪،‬وهذا التناقض يعود باألساس إلى المرجعيات الفكرية االبستيمولوجية‬
‫واالنطولوجية‬

‫والميتودولو جية لكل نظرية على حدا‪ ،‬وهو ما ظهر بشكل جلي في المحاورات الثالث‬
‫الكبرى‪،‬الواقعية‬

‫في مواجهة المثالية ‪ ،‬السلوكية في مواجهة الواقعية‪ ،‬وفي االخير النظريات‬


‫التكوينية في مواجهة‬

‫بشكل مفصل‬ ‫االتجاهات التفسيرية‪.‬وكل محاورة من هذه المحاورات التي تناولناها‬


‫في الفصول‬

‫الالسابقة الهدف االساسي لها هو محاولة بلورة نظرية عامة تقوم بالثالوث الوظائفي للنظرية‬
‫بشكل عام ‪،‬‬

‫‪50‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫النظريات التفسيرية‪،‬وحاولت‬ ‫عجزت عنه كل‬ ‫وهو ما‬ ‫والتنبؤ‪،‬‬ ‫الوصف االتفسير‬
‫النظريات التكوينية‬

‫تفسير الواقع انطالقا من الذات والهويات والنوع‪ ،‬باالضافة الى ربط عالقة وثيقة بين‬
‫المعرفة والقوة‬

‫ِ‬
‫التنب بمستقبل العالقات الدولية‪،‬خاصة في االونة‬ ‫‪،‬فهل ستنجح النظريات التكوينية في‬
‫االخيرة والتي‬

‫يشهد العالم فيها تغي ار واضح اثر تداعيات الربيع العربي‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫المراجع‬

‫اوال‪:‬المراجع والمصادر باللغة العربية‪:‬‬

‫أ‪.‬الكتب‪:‬‬

‫‪ _1‬أبو عامر عالء‪ ،‬العالقات الدولية‪:‬الظاهرة والعلم _الديبلوماسية واالستراتيجية ‪.‬عمان‬


‫‪:‬داشر‬

‫الشروق للنشر والتوزيع ‪2114،‬‬

‫العالقات‬ ‫لتحليل‬ ‫نظرية‬ ‫‪،‬مداخل‬ ‫)عمار(‬ ‫سلطان‬ ‫_ ‪٨‬بن‬


‫الدولية‪.‬الجزائر‪:‬طاكسيج‪.‬كوم‪2111،‬‬

‫سميث )ستيف( ‪،‬عولمة السياسة العالمية‪) .‬ترجمة‪ ،‬مركز‬ ‫_ ‪٧‬بيليس )جون(‪، ،‬‬
‫الخليج‬

‫لألبحاث(‪ .‬دبي‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪ ،‬ط‪1، 2114‬‬

‫_ ‪ ٤‬جندلي)عبد الناصر(‪،‬التنظير في العالقات الدولية بين االتجاهات التفسيرية‬


‫والنظريات‬

‫التكوينية‪ .‬الجزائر‪ :‬دار الخلدونية‪2112 ،‬‬

‫_ ‪٧‬حتى يوسف )ناصيف(‪ ،‬النظرية في العالقات الدولية‪ .‬بيروت‪:‬دار الكتاب‬


‫العربي‪1015،‬‬

‫‪52‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫أ‪.‬عريب الدمي دمحم‬ ‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل[‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

‫_ ‪ ٦‬دورتي )جيمس(‪،‬بالستغراف )روبرت(‪ ،‬النظريات المتضاربة في العالقات الدولية‪،‬‬


‫)ترجمة ‪:‬‬

‫وليد عبد الحي(‪.‬الكويت‪:‬كاظمة للنشر والتوزيع‪1015 ،‬‬

‫‪ _ 7‬غضبان )مبروك(‪ ،‬المدخل للعالقات الدولية‪،‬الجزائر‪:‬شركة باتنيت‪2115 ،‬‬

‫‪ _ 8‬دمحم فرج )أنور( ‪،‬نظريةالواقعية في العالقات الدولية ‪:‬دراسة مقارنة في ضوء النظريات‬

‫المعاصرة‪.‬السليمانية ‪:‬مركز كردستان للدراسات االستراتيجية‪2112.‬‬

‫الى‬ ‫النظريات‬ ‫الدولية‪:‬من‬ ‫العالقات‬ ‫في‬ ‫‪،‬مبادئ‬ ‫دمحم(‬ ‫)‬ ‫‪ _ 9‬منذر‬


‫العولمة‪.‬بيروت‪:‬مجد‬

‫المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع‪2112،‬‬

‫ب_الدوريات والمجالت‪:‬‬

‫متنافسةʺ‪،‬مجلة‬ ‫ونظريات‬ ‫واحد‬ ‫عالم‬ ‫الدولية‬ ‫سنايدر‪ʺ،‬العالقات‬ ‫‪ _ 10‬جاك‬


‫الدولية‪.‬العدد‬

‫الرابع‪2111،‬ص‪11‬‬

‫ثانيا ‪.‬المراجع والمصادر باللغة االنجليزية‪:‬‬

‫أ‪ -‬الكتب ‪:‬‬

‫‪11_ Duncan Bell,Political Thought and International‬‬

‫‪Relations,New York:Oxford University Press,2008.‬‬

‫‪12_ Griffiths Martin,Fifty key thinkers in International‬‬

‫‪53‬‬ ‫قسم العلوم السياسية ‪ /‬املركز اجلامعي متنراست_____‪1029/1028‬‬


‫عريب الدمي دمحم‬.‫أ‬ [‫سنة اوىل ماسرت عالقات دولية وقانون دويل‬ ‫]حماضرات مقياس نظرية العالقات الدولية‬

Relations, london : Routledge,1999.

13 ,‫ ـ ـ ـ ـ ــ‬. ‫ـ ـ ـ ـ ـ‬International Relations Theory for the TwentyFirst Century,


New York:Routledge,2007.

‫ الدوريات والمجالت‬-‫ب‬

14_ Boniface E.S, Mgonja and Iddi A.M. Makombe,ʺ

Debating

international relations and its relevance to the third

worldʺ, African Journal of Political Science and

International Relations Vol. 3N˚1, January 2009. Available

at

www.academicjournals.org/ajpsir/pdf/Pdf2009/Jan/Mgonja

21%and%20Makombe.pdf

‫انتهى‬

‫بالتوفيق للجميع‬

‫عربي الدمي دمحم‬.‫أ‬

54 1029/1028_____‫ املركز اجلامعي متنراست‬/ ‫قسم العلوم السياسية‬

You might also like