Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 43

‫وتحديدا‬

‫ً‬ ‫هذا الكتاب هو إهداء لجميع مدمنني اإلباحية‬


‫ألولئك الذين بذلوا جهودا كبرية يف التعايف ولكن ال يزالون‬
‫عالقني يف هذا اإلدمان ومستمرين يف الوقوع فيه‬

‫‪ ..‬هذا الكتاب تم كتابته خصيصا لكم ‪..‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة مهمة‬
‫في هذا الكتاب‪ ،‬سأقدم نظرة مختلفة عن إدمان اإلباحية‪ ،‬وسأضع‬
‫التركيز على حلول فعالة للتغلب عليه‪ ،‬دون التطرق إلى أضرار اإلباحية‬
‫ومشاكلها التي ال تنتهي‪ .‬ألنه باعتقادي أن املدمن الذي بحث عن هذا‬
‫الكتاب هو بالفعل يعلم بأنه لديه مشكلة ويرغب في إيجاد حل لها‪.‬‬

‫أحد األسباب التي جعلت كثيرا من مدمنين اإلباحية يتأخرون في‬


‫رحلة تعافيهم هو اعتقادهم بأن العلم هو السبيل الوحيد للتخلص‬
‫من هذا اإلدمان ‪ ..‬فاملدمن يعتقد بأنه كلما قرأ وتعلم أكثر كلما زاد‬
‫قربه من التعافي وهذا غير صحيح‪ ،‬بل في الحقيقة كلما قرأ املدمن‬
‫أكثر عن أضرار اإلباحية ومشاكلها كلما زاد انغماسه فيها ‪ ..‬والسبب‬
‫هو أنه مستمر في البحث عن الحلول النهائية للتعافي دون أن يدرك‬
‫أنه بالفعل يمتلك جميع الحلول املطلوبة منذ بداية معرفته حول‬
‫هذا اإلدمان‪.‬‬

‫فإذا ّ‬
‫تمسك املدمن بالكتب التي يقرأها واملقاطع التي يشاهدها‬
‫بإستمرار دون أن يطبق مضمونها‪ ،‬فرحلته في التعافي حتما سوف‬
‫تتأخر بغض النظر عن مستوى تعلمه وثقافته حول هذا اإلدمان‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ولهذا تم إنشاء هذا الكتاب حتى يختصر على املدمن رحلته في التعافي‬
‫ويتجنب ايضا أي أخطاء أو انتكاسات مستقبلية‪.‬‬

‫«هــذا الكتــاب هــو كتــاب عملــي ‪ ..‬جميــع القواعــد داخــل هــذا الكتــاب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يجــب أن تقــرأ وتفهــم جيــدا قبــل أن يبــدأ املدمــن فــي تطبيقهــا»‬

‫***‬

‫‪3‬‬
‫القاعدة االولى‬
‫ّ‬
‫حول اإلباحية املجانية إلى مادة‬
‫مدفوعة باهظة الثمن‬

‫‪4‬‬
‫أحد أبرز األسباب التي أدت إلى تعرض معظم األشخاص لإلباحية‬
‫واإلدمان عليها هو توفرها في كل مكان وزمان وبشكل مجاني وسهل‪ .‬فهي‬
‫ليست بمحل ممنوع وسري يذهب املدمن متخفيا لشرائها‪ ،‬وليست‬
‫أيضا باملادة النادرة التي يبحث عنها لساعات وأيام حتى يجدها ‪ ..‬بل‬
‫ً‬
‫كل ما يتطلب األمر هو نقرة واحدة أو اثنتان‪ ،‬وسوف ُيفتح له عاملا‬
‫كامال من املقاطع واألفالم‪ .‬ولهذا يستمر دماغ املدمن في االعتماد على‬
‫اإلباحية في كل جانب من جوانب الحياة‪ ،‬ولذلك ترى املدمن في كثير‬
‫من األحيان ‪:‬‬
‫عندما يشعر بالفراغ أو الوحدة يلجأ إلى اإلباحية ‪..‬‬
‫وعندما يشعر باالكتئاب والقلق يلجأ إلى اإلباحية ‪..‬‬
‫وعندما يشعر بأي نوع من الضغوطات يلجأ إلى اإلباحية ‪..‬‬
‫يتعرض له املدمن يدفعه فورا ملمارسة عادته‬ ‫أي شعور سلبي أو إيجابي َ‬
‫املدللة الذي تربى عليها دون أي تردد‪ ،‬والسبب؟‬
‫هو توفرها دون أي مقابل!!‬
‫فبالرغم من أن اإلباحية لديها سلبيات عديدة وضارة على حياة‬
‫اإلنسان إال أن الدماغ لألسف ال يفهم هذا األمر إطالقا ‪ ..‬ال يفهم‬
‫بأن اإلباحية تسلب الوقت والحياة واملستقبل وتدمر الدماغ ووظائفه‬
‫العقلية ‪ ..‬الدماغ ال يستطيع فهم هذه األضرار؛ ألنه أوال مدمن على‬
‫هذه املادة الضارة ‪ ..‬وثانيا ألن هذه األضرار ال تحدث إال بعد زمن طويل‬
‫وليس لها أي تأثير ملموس في الوقت الحاضر‪..‬‬

‫‪5‬‬
‫فدماغ اإلنسان فقط يكون متعاونا مع األمور التي تتسبب بأضرار‬
‫مباشرة ‪ ..‬على سبيل املثال إذا وضع اإلنسان إصبعه على النار فسوف‬
‫ُيلسع ويبعد يده فورا ولن يكرر هذا الفعل مرة اخرى وكله بفضل‬
‫الدماغ الذي أمره بفعل ذلك ‪ ..‬فيه حين أن لسعة اإلباحية ضررها أكبر‬
‫بكثير من لسعة النار ولكن ألن هذه اللسعة ال تظهر إال في املستقبل‬
‫فبالتالي الدماغ ال يعطي أي اهتمام لها‪.‬‬

‫ولهذا يعاني كثيرا من مدمنين اإلباحية ويتأخرون في رحلتهم للتعافي‬


‫بالرغم من معرفتهم الكاملة حول جميع االضرار التي قد تلحق أدمغتهم‬
‫ومستقبلهم ‪ ..‬ولكن هذه املعاناة سوف تتوقف اآلن مع تطبيق القاعدة‬
‫األولى في هذا الكتاب‪ ،‬والتي تقول ّ‬
‫«حول اإلباحية املجانية إلى مادة‬
‫مدفوعة باهظة الثمن»‬

‫تطبيق هذه القاعدة سهل وبسيط جدا ‪ ..‬وهو باختصار تحديد عقاب‬
‫يتم تطبيقه مباشرة بعد االنتكاسة ‪ ..‬العقاب هو الحل الذي سوف‬
‫يجعل الدماغ يدرك مع األيام أن االنتكاسات لم تصبح مجانية كما‬
‫كانت في السابق ‪ ..‬االنتكاسات اآلن أصبحت مدفوعة وقيمة هذه‬
‫االنتكاسات هي العقاب الذي سوف يختاره املدمن لنفسه‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وبعض األمثلة على العقوبات التي يمكن تطبيقها هي ‪:‬‬
‫‪ -‬الصيام‬
‫بحيث كل انتكاسة ينتكسها املدمن يصوم بعدها ‪ 10‬أيام مباشرة ويبدأ‬
‫هــذا الرقــم يــزداد مــع ازديــاد االنتكاســات حتــى تــزداد صعوبــة العقــاب‬
‫وبالتالــي تقــل رغبــة الدمــاغ للرجــوع الــى اإلباحيــة ‪ ..‬فمثــا بــدال مــن صيــام‬
‫ً‬
‫‪ 10‬أيــام تصبــح ‪ 15‬يومــا أو ‪ 20‬أو حتــى شــهر كامــل لوجــه هللا ســبحانه‬
‫وتعالــى ‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة القرآن‬
‫كل انتكاســة ينتكســها املدمــن يقـرأ بعدهــا ‪ 100‬صفحــة مــن القـرآن بمعنــى‬
‫كل انتكاسة اآلن أصبحت تعادل ‪ 100‬صفحة من القران وإذا تم تطبيق‬
‫هــذا العقــاب ملــدة شــهر ولــم ينجــح بالشــكل املطلــوب فســوف يقــوم املدمــن‬
‫بزيــادة عــدد الصفحــات بإســتمرار حتــى يصــل ملرحلــة يجعــل االنتكاســة‬
‫الواحــدة تعــادل ختمــة كاملــة للقـرآن الكريــم فــي يــوم واحــد فقــط!‬

‫وغيرهــا مــن العقوبــات التــي يجــد املدمــن صعوبــة فــي تنفيذهــا بشــرط أن ال‬
‫ً‬ ‫يتســبب هــذا العقــاب فــي أي أذى لــه‪ ،‬بــل ّ‬
‫يفضــل أن يكــون العقــاب فعــا‬
‫مرتبطا بالدين حتى يزيده درجة في االخرة ويغيظ الشيطان الذي تسبب‬
‫لــه فــي االنتكاســة ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ويفضل أيضا أن يتم تطبيق هذه القاعدة على الهفوات‪ ،‬حتى يفهم‬‫ّ‬
‫الدماغ أن اإلباحية اآلن أصبح لها ً‬
‫تأثيرا سريعا مثلها مثل النار التي‬
‫تلسع جلد اإلنسان إذا المسته ‪ ..‬وبذلك أصبح لإلباحية ثمن اآلن!‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫«تطبيق هذه القاعدة والقواعد املستقبلية يتطلب التزاما وانضباطا‬
‫ً‬
‫تامــا فمدمــن اإلباحيــة يريــد التعافــي مــن أحــد أكثــراإلدمانــات تعقيــدا فــي‬
‫ـودا لتحقيق ذلك»‬ ‫هــذا العالــم؛ وبالتالــي يجــب أن يبــذل جهـ ً‬

‫***‬

‫‪8‬‬
‫القاعدة الثانية‬
‫أغلق أبواب اإلباحية بالكامل‬

‫‪9‬‬
‫تحويل اإلباحية املجانية إلى مادة مدفوعة ليس ً‬
‫كافيا للسيطرة عليها‪،‬‬
‫إذ ال يزال بإمكان املدمن الوصول إليها واستعراضها دون الحاجة‬
‫لشرائها‪.‬‬

‫ولهذا السبب‪ ،‬فإن القاعدة الثانية تؤكد على أهمية إغالق جميع‬
‫األبواب وسد كل الثغرات املحتملة التي يمكن أن تؤدي إلى الوقوع في‬
‫هذه املادة مرة أخرى ‪ .‬ألنه في حالة ترك األبواب غير ُمغلقة‪ ،‬سوف‬
‫يصاب املدمن بحاالت تشتت متكررة ستعيق تركيزه وأداءه خالل‬
‫رحلته‪ .‬صحيح رغبته للعودة لن تكون كما كانت في السابق بسبب‬
‫العقاب الذي وضعه‪ ،‬ولكن من املمكن أن يحاوره حضرة الدماغ حول‬
‫العودة مجددا‪ ،‬ويبدأ يتفاوض معه في هذا األمر‪.‬‬

‫واإلغالق هذا يجب أن يكون إما من خالل برامج حماية ال يستطيع‬


‫املدمن التحكم بها أو الوصول إليها بعد تثبيتها على أجهزته‪ ،‬أو من‬
‫خالل صديق يثق به‪ ،‬أو من خالل التخلص من أجهزته اإللكترونية‬
‫لفترة من الزمن‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ولتحقيــق القاعــدة الثانيــة بالشــكل الصحيــح‪ ،‬يتوجــب علــى املدمــن فــي‬
‫البدايــة االلت ـزام بثــاث خطــوات أساســية ‪:‬‬
‫‪ -‬حذف مواقع التواصل االجتماعي بأكملها‪.‬‬
‫‪ -‬تفعيل فالتر غير قابلة لإلزالة على املتصفحات لحظر اإلباحية‪.‬‬
‫‪ -‬تقييــد مــدة االســتخدام لألجهــزة اإللكترونيــة بحيــث يصبــح االســتخدام‬
‫لهــا محــدود ولســاعات معينــة يســتطيع املدمــن إنجــاز فيهــا أعمالــه املهنيــة‬
‫أو واجباتــه الدراســية (ألن التصفــح العشــوائي يســبب الف ـراغ ‪ ..‬والف ـراغ‬
‫يســبب االنتكاســات)‬

‫معظــم هــذه األمــور يســتطيع املدمــن تفعيلهــا مــن خــال برامــج الرقابــة‬
‫االبوية ‪ ..‬كل ما على املدمن فعله هو البحث عن هذه البرامج باستخدام‬
‫مصطلــح “‪ ”Parental Control‬وســوف يظهــر لــه بعدهــا العديــد مــن‬
‫البرامــج املجانيــة واملدفوعــة التــي يســتطيع اســتخدامها فــي رحلتــه‪.‬‬

‫«هذه القاعدة هدفها ليس تقييد حركة املدمن في هذه الحياة‪ ،‬وهي‬
‫ليست بسجن جديد سوف ُيفرض عليه‪ ،‬هذه القاعدة هدفها تحرير‬
‫املدمن من اإلباحية إلى األبد‪» .‬‬

‫***‬

‫‪11‬‬
‫القاعدة الثالثة‬
‫توقف عن تغذية إدمانك‬

‫‪12‬‬
‫يظن الكثير من املدمنين أنهم يتعافون في رحلتهم إال أنهم في الحقيقة‬
‫واع بين الحين واآلخر‪.‬‬
‫مستمرين في تلبية رغبات إدمانهم بشكل غير ٍ‬
‫فاملدمن لديه مفهوم خاطئ حول التعافي فهو يعتقد أن ّ‬
‫عداد األيام‬
‫هو املؤشر الحقيقي للتعافي ‪ ..‬ولكن ما فائدة هذا ّ‬
‫العداد إذا كان‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫املدمن مستمرا في تغذية إدمانه؟ سيتم إعادة ضبط هذا العداد على‬
‫نحو مستمر إذا لم يتبع املدمن املقياس الحقيقي للتعافي وهو السمع‬
‫والبصر‪.‬‬

‫السمع والبصر هي منافذ مهمة لدى اإلنسان التي من خاللها يتم‬


‫تحديد فيها شخصيته وحياته ومستقبله وحتى آخرته‪ ،‬فعندما خلق هللا‬
‫سبحانه وتعالى اإلنسان وأراد أن يختبره ويمتحنه ماذا فعل به؟ كيف‬
‫استطاع امتحانه؟ جعله سميعا بصيرا ‪..‬‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫‪ُ ۡ َّ ٗٔ ۡ َ ُ َ ۡ َ ۡ َّ َ ّ ٞ‬‬ ‫َ ۡ َ َ ٰ َ َ ۡ َٰ‬
‫ٱإۡلنسـ ِـن ِحَيــن ِمــن ٱلدهـ ِـرلــم يكــن شي ــا مذكــورا (‪ِ )1‬إنــا‬
‫ِ‬ ‫﴿ هــل أتــى علــى‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬
‫َ َ َ ُ َ َۢ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ ۡ َ َّ ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ ۡ َٰ‬
‫ـاج نبت ِليـ ِـه فجعلنــه سـ ِـميعا ب ِصيــرا (‪﴾ )2‬‬ ‫ٱإۡلنســن ِمــن نطفـ ٍـة أمشـ ٖ‬
‫خلقنــا ِ‬
‫[ ســورة اإلنســان ]‬

‫وهذه املنافذ هي أكثر أهمية لدى املدمن ألنها املنافذ التي يتعاطى من‬
‫خاللها مادته اإلدمانية وهي أيضا املسبب األول للفكرة امللحة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وحديثا عن الفكرة امللحة هناك مفهوم غير صحيح منتشر بين‬
‫املدمنين وهو تسمية الفكرة امللحة بالشهوة امللحة! هذا املفهوم خطير‬
‫جدا‪ ،‬وقد يجعل املدمن مع مرور الوقت يتجاهل وجود اإلدمان في‬
‫حياته‪ ،‬ويبدأ يشعر بأنه يتعامل مع شهوة وغريزة طبيعية يجب تلبيتها!!‬
‫ألن الشهوة امللحة في األساس ال تأتي إال لألشخاص الطبيعيين الغير‬
‫مدمنين على اإلباحية‪.‬‬

‫أما مدمن اإلباحية ال يختلف حاله عن حال أي مدمن في هذا العالم‬


‫فهو ال يتعامل مع شهوة ملحة طبيعية ‪ ..‬بل مع فكرة ملحة مجنونة‬
‫ترغمه على الذهاب والبدء في تصفح آالف املقاطع والصور لساعات‬
‫طويلة‪ ،‬وهذا ليس باألمر الطبيعي إطالقا‪.‬‬

‫فوفقا للقاعدة الثالثة‪ ،‬يجب على املدمن الحفاظ على سالمة سمعه‬ ‫ً‬
‫وبصره والبدء في تغذيتهما بالعبادات واألمور النافعة ‪ ..‬ألن النظرات‬
‫الخاطفة هي أحد أكبر املحفزات إلدمان اإلباحية‪ ،‬باإلضافة الى األلحان‬
‫املوسيقية التي تلعب بمشاعر االنسان والتي باستطاعتها أن تحوله من‬
‫إنسان سعيد الى حزين‪ ،‬ومن إنسان هادئ الى كئيب في لحظات قصيرة‪،‬‬
‫هذا أيضا نوع من األنواع املحفزات الخارقة التي تساهم في خلق األفكار‬
‫امللحة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫جميع هذه املحفزات تتسبب بندبات جافة وجروح مغلقة في دماغ‬
‫املدمن دون أن يدرك‪ ،‬كل صورة يطلق عليه املدمن بصره سوف‬
‫حدث تغيير في مشاعره سوف‬ ‫ُتحسب عليه ندبة ‪ ..‬كل لحن يسمعه ُ‬
‫وي‬
‫ِ‬
‫يتسبب بجرح إضافي‪ .‬وبالرغم من جفاف هذه الندبات والجروح‪ ،‬إال‬
‫أنها إذا نزفت فسوف تنزف في آن واحد وحينها يفقد املدمن السيطرة‬
‫على نفسه ويبدأ يذهب الى املادة اإلدمانية من جديد كالروبوت اآللي ‪..‬‬
‫ً‬
‫فلهذا يجب على املدمن أن يغض بصره ويحفظ سمعه ويكون حذرا‬
‫ألي خطر قد يتسلسل الى منافذه‪.‬‬
‫ً‬
‫قــد تكــون تطبيــق هــذه القاعــدة شــاقا علــى األشــخاص الذيــن يعيشــون فــي‬
‫املجتمعــات الغربيــة‪ ،‬ولكــن عليهــم أن يســتمروا فــي املحاولــة حتــى يتمكنــوا‬
‫مــن تثبيــت هــذه العبــادة العظيمــة‪.‬‬

‫وهنالــك طريقــة مــن املمكــن أن تســاعد هــؤالء األشــخاص وهــو تحــدي‬


‫يومــي يطلقــه املدمــن بينــه وبيــن نفســه بشــكل مســتمر مــع وضــع جائــزة‬
‫ومكافئــة لنفســه إذا نجــح فــي هــذا التحــدي وقــام بغــض بصــره لفتــرة مــن‬
‫الزمــن مثــا ألســبوع أو لشــهر‪ ،‬هــذه الجائــزة تكــون مثــا ش ـراء ســماعة‬
‫يســمع مــن خاللهــا املدمــن الق ـرآن والكتــب املســموعة ويبــدأ يلهــي نفســه‬
‫ّ‬
‫التجمعــات‪ ،‬أو يقــوم بشـراء ســاعة‬ ‫وهــو فــي األماكــن التــي تحــدث فيهــا هــذه‬
‫مثــا أو أي مكافئــة أخــرى يريدهــا‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫املدمــن حتمــا ســوف ينجــح بغــض بصــره بــإذن هلل إذا كانــت نيتــه صادقــة‬
‫ً‬
‫ولكــن هنالــك أم ـرا آخــر مــن املمكــن أن يواجــه صعوبــة فــي إدارتــه وهــو‬
‫التخيــل‪ ،‬فــإذا غــض املدمــن بصــره وأغلــق األبــواب علــى نفســه ســوف يبقــى‬
‫دائمــا بــاب واحــدا مفتوحــا أمامــه وهــو دماغــه ‪ ..‬فالدمــاغ أداة تســتطيع‬ ‫ً‬
‫توليــد مشــاهد وصــور وخيــاالت مــن تلقــاء نفســها‪ ،‬وهــذه املشــاهد حتمــا‬
‫ســوف يتأثــر بهــا املدمــن إذا اســتجاب لهــا ‪ ..‬فتأثيرهــا ال يختلــف كثيـرا عــن‬
‫املشــاهد اإلباحيــة التــي يشــاهدها املدمــن مــن خــال شاشــته فكالهمــا‬
‫مشــاهد وهميــة قــادرة علــى خــداع الدمــاغ وإرغامــه فــي االنغمــاس باإلدمــان‬
‫مجــددا‪.‬‬

‫وحــل مشــكلة هــذه املشــاهد والتخيــات هــو ببســاطة عــدم التجــاوب معهــا‬
‫والبــدء فــي تغييرهــا مباشــرة أو التصــدي لهــا مــن خــال صــورة مضــادة‬
‫يصنعهــا املدمــن فــي دماغــه أيضــا‪ ،‬هــذه الصــور املضــادة مــن املمكــن أن‬
‫تكــون مثــا شاشــة بيضــاء ســاطعة تحتــوي علــى بعــض اآليــات القرآنيــة‬
‫التــي يرتــاح لهــا ويبــدأ بالترتيــل معهــا‪.‬‬

‫«مصطلــح الجــروح املغلقــة والندبــات الجافــة املســتخدمة فــي هــذا‬


‫الكتــاب هــو تعبيــر مجــازي وليــس حرفــي يختصــرالتفاعــات والتغييــرات‬
‫املعقــدة التــي تحــدث فــي دمــاغ املدمــن إذا تعـ ّـرض لإلباحيــة »‬

‫***‬
‫‪16‬‬
‫القاعدة الرابعة‬
‫ّ‬
‫تحكم بمشاعرك أو تخلص منها‬

‫‪17‬‬
‫يســتمر املدمــن بمواجهــة تحديــات وظــروف متعــددة خــال يومــه وهــذا‬
‫أمــر طبيعــي ويحــدث مــع الجميــع ‪ ..‬فالحيــاة مليئــة باللحظــات الصعبــة التــي‬
‫يتعـ ّـرض إليهــا اإلنســان بشــكل مســتمر ‪.‬‬

‫ولكــن هــذه اللحظــات يتأثــر بهــا املدمــن بطريقــة تختلــف عــن اإلنســان‬
‫الطبيعــي ‪ ..‬فمثــا اإلنســان العــادي إذا واجــه بعــض املشــاكل خــال‬
‫يومــه فهــو يتعامــل معهــا ويقــوم باختيــار الحــل األنســب لهــا ‪ ..‬فــي حيــن أن‬
‫املدمــن غالبــا لــن تكــون لديــه القــدرة علــى إيجــاد الحلــول املناســبة ملشــاكله‬
‫اليوميــة؛ ألنــه فــي األســاس ال يوجــد إال حــل واحــد فقــط فــي دماغــه وهــو‬
‫العــودة مجــددا لإلدمــان‪.‬‬

‫فاملدمــن دائمــا بحاجــة ملحــة إلــى أي مبـ ّـرر ي ـراه مناسـ ًـبا أو غيــر مناســب‬
‫للعــودة إلــى اإلباحيــة‪ ،‬حتــى لــو كان هــذا املبـ ّـرر مشــكلة تافهــة تعـ ّـرض لهــا‬
‫خــال يومــه مثــل زحمــة مروريــة فــي الشــوارع أو تأخيــر فــي طلــب طعامــه أو‬
‫أي مشــكلة ســخيفة مشــابهة‪.‬‬

‫فلذلــك املدمــن بحاجــة لتفريــغ األحــداث التــي تحــدث خــال يومــه علــى نحو‬
‫مســتمر‪ ،‬حتى يســتطيع تلقي مشــاكل ومشــاعر جديدة في يومه القادم‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وإذا لــم يقــم املدمــن فــي هــذا التفريــغ فســوف تتراكــم املشــاعر واملشــاكل‬
‫عليــه وتبــدأ تتسـ ّـبب لــه أيضــا بندبــات جافــة وجــروح مغلقــة كمــا وضحنــا‬
‫سابقا‪ ،‬وهذه الندبات سوف تستمر بالظهور الى أن تبدأ تنزف في الوقت‬
‫نفســه ويبــدأ املدمــن بعدهــا دخــول مرحلــة التخديــر التــي ال يطيقهــا‪.‬‬

‫لهذا يجب على املدمن أن يبدأ في تثبيت عادة يومية بالغة األهمية وهي‬
‫كتابة اليوميات ‪ ..‬هذه العادة سوف تخفف من معاناة املدمن وسوف‬
‫تمنحه فرصة الكتشاف ذاته من خاللها‪.‬‬

‫كل ما على املدمن فعله هو بعد نهاية كل يوم يلتقط هاتفه أو قلمه‪،‬‬
‫ويبدأ يكتب كل ما حدث معه خالل يومه من أحداث سلبية وايجابية‬
‫ثم يبدأ يحتفظ بعد ذلك بهذه الكتابات‪.‬‬

‫«قيمــة الوقــت القصيــر الــذي ســوف يقضيــه املدمــن مــع نفســه فــي‬
‫كتاباته اليومية يعادل قيمة الجلسات الباهظة مع طبيب نف�سي التي‬
‫يتشـ ّـوق املدمــن لحضورهــا ولكــن إمــا يشــعرباإلحــراج للذهــاب إليهــا‪ ،‬أو‬
‫يجــد صعوبــة فــي تحمــل تكاليفهــا»‬

‫***‬

‫‪19‬‬
‫القاعدة الخامسة‬
‫طور عالقتك مع هللا‬

‫‪20‬‬
‫يحتاج اإلنسان في رحلته في هذه الحياة إلى هللا في كل جوانب حياته؛‬
‫ألن اإلنسان فقير هلل سبحانه وتعالى فهو بحاجة لهذا الخالق الذي‬
‫بإرادته خلقه وبإرادته سوف يميته ‪ ..‬واإلنسان ال حول وال قوة له‬
‫في هذا األمر‪ ،‬كل ما يستطيع فعله هو فقط التضرع لهذا الخالق‬
‫حتى ير�ضى عنه ويجعله مباركا في هذه الدنيا ومن الخالدين في الجنة‬
‫باآلخرة‪.‬‬

‫فاإلنسان مخلوق فقير هلل عز وجل واملدمن يجب أن يكون أشد‬


‫ً‬
‫فقرا وحاجة هلل ‪ ..‬ألن التعافي من اإلباحية هو أمر صعب جدا‪ ،‬وهذه‬
‫حقيقة وأنا ال أقولها إلحباط املدمن بل من أجل تعزيز الجدية وااللتزام‬
‫في موضوع رحلته حتى يبدأ يعلم حقا ما هو اإلدمان وما هو التعافي‬
‫ويستوعب ً‬
‫اخيرا بأنه في رحلة يحاول من خاللها إنقاذ حياته بأكملها‪.‬‬

‫من االستحالة أن يخوض املدمن هذه الرحلة بمفرده‪ ،‬ولو أنه خاضها‬
‫بمفرده فإنه يضيع وقته دون أي جدوى تذكر ‪ ..‬هذه الرحلة هي أكبر‬
‫من املدمن بل إنها تفوق قدرات اإلنسان الطبيعي ‪ ..‬لذلك هذه الرحلة‬
‫يجب أن تدار من خالل قوة أعظم من قوة اإلنسان ‪ ..‬هذه الرحلة‬
‫يجب أن تدار من خالق اإلنسان نفسه وهو هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬فاهلل‬
‫وحده من يستطيع تخليص املدمن من معاناته‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فاملدمن يجب أن يتوقف ً‬
‫فورا عن املحاولة في التعافي بقوته وإرادته‪،‬‬
‫ً‬
‫وبدال من ذلك يبدأ في االعتماد بشكل تام على قوة هللا وحده ويتوكل‬
‫عليه ‪ ..‬وهذا األمر لن يحدث إال من خالل تطوير عالقته مع هللا‪.‬‬
‫ً‬
‫مستعدا للتعافي‬ ‫فاهلل وحده هو من سوف يقرر ما إذا كان املدمن‬
‫ً‬
‫ومستحقا للعصمة أم ال‪.‬‬

‫«كلما زاد قرب املدمن من هللا زادت نسبة نجاته»‬

‫***‬

‫‪22‬‬
‫القاعدة السادسة‬
‫تخلص من األفكار امللحة من‬
‫خالل االستعانة باهلل‬

‫‪23‬‬
‫مــاذا لــو طبــق املدمــن كل القواعــد الســابقة ومــع ذلــك هاجمتــه األفــكار‬
‫امللحــة؟ مــاذا يفعــل؟‬

‫مــن املمكــن أن يحــدث هــذا األمــر‪ ،‬ولكــن األفــكار نفســها لــن تكــون ملحــة‬
‫كمــا كانــت فــي الســابق بــل ســوف تصبــح مجــرد أفــكار عاديــة مــن املمكــن‬
‫الســيطرة عليهــا بمشــيئة هللا ‪ ..‬ألن األفــكار تكــون ملحــة وشــديدة فقــط‬
‫إذا تهــاون املدمــن فــي رحلتــه‪ ،‬أمــا إذا التــزم فهــو فــي وضــع آمــن بــإذن هلل ‪..‬‬
‫وبنـ ًـاء علــى ذلــك يمكــن أن نســتنتج أنــه فقــط املدمــن مــن يملــك القــدرة علــى‬
‫التحكــم بشــدة أفــكاره ‪ ،‬فشــدة األفــكار تــزداد كلمــا زادت الجــروح املغلقــة‬
‫التــي شــرحناها ســابقا‪.‬‬

‫فــإذا تســبب املدمــن بجــرح واحــد أو اثنيــن مــن املمكــن أن يعالجهــم ويمنــع‬
‫نزيفهــم ولكــن هــذا ليــس باألمــر األكيــد‪ ،‬فصحيــح املدمــن يســتطيع أن‬
‫يتحكــم بشــدة األفــكار امللحــة ولكنــه مــن الصعــب التحكــم بهــا عنــد‬
‫مهاجمتهــا‪.‬‬

‫ولذلك املدمن بحاجة إلى االستعانة بالقاعدة رقم ‪ 5‬وهي االستعانة باهلل‬
‫ســبحانه تعالــى ‪ ..‬يجــب علــى املدمــن أن يتعلــم بــأن هللا هــو أول ملجــأ يذهــب‬
‫إليــه عنــد هجــوم األفــكار امللحــة عليــه‪ ،‬هــذه القناعــة يجــب أن تكــون ثابتــة‬
‫فــي عقلــه ‪ ..‬ألن الــدواء والشــفاء والتعافــي بأكملــه موجــود بيــن يــدي هللا‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وهــذا التوجــه يجــب أن يكــون علــى النحــو اآلتــي ‪ ..‬يذهــب املدمــن للوضــوء‬
‫ثــم ملقابلــة ربــه مــن خــال ركعتيــن يدعــي فيهــم عــن حالتــه وضعفــه والســوء‬
‫الــذي هــو عليــه‪.‬‬

‫وبعــد ذلــك يتوجــه ملمارســة أي نشــاط مفيــد ويفضــل أن يكــون امل�شــي‬


‫ألنــه مــن األنشــطة الصحيــة التــي تســاعد علــى تدفــق الــدم الــى الدمــاغ ممــا‬
‫يســاهم فــي عــودة الوعــي والتفكيــر لــدى املدمــن وبالتالــي يســتطيع إعــادة‬
‫النظــر حــول قراراتــه مــن جديــد‪.‬‬

‫مالحظــة مهمــة ‪ :‬يجــب أن تكــون جميــع القواعــد مطبقــة بشــكل صحيــح‬


‫بحيــث إذا عــاد املدمــن الــى منزلــه ال ت ـزال األبــواب مغلقــة لديــه؛ وبذلــك‬
‫يســتطيع أن يق�ضــي بقيــة يومــه بأمــان‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ماذا عن األعراض االنسحابية؟‬
‫هــذا املصطلــح أيضــا مســتمر املدمــن فــي قراءتــه وســماعه حتــى تحـ ّـول فيمــا‬
‫بعــد إلــى كابــوس بالنســبة لــه‪ .‬ولكــن فــي الحقيقــة األع ـراض االنســحابية‬
‫ليســت باألمــر ال�ســيء واملخيــف كمــا يعتقــد البعــض ‪ ..‬هــي مــن املمكــن‬
‫أن تصبــح ســيئة فقــط إذا ســاء فهــم املدمــن لهــا وبــدأ يخــاف منهــا قبــل‬
‫وصولهــا‪ .‬ألنــه بشــكل عــام األعـراض االنســحابية هــي أعـراض بســيطة جــدا‬
‫مــن املمكــن أن ال يشــعر بهــا املدمــن أصــا إذا لــم يفكــر فيهــا ‪ ..‬هــي صحيــح‬
‫تختلــف شــدتها مــن شــخص آلخــر‪ ،‬ولكــن لــو افترضنــا أنهــا أتــت شــديدة‬
‫جــدا فهــي لــن تبقــى إال لبضعــة أيــام وتختفــي‪.‬‬

‫«يجب على املدمن أن يعطي اهتمامه األكبر لقواعد التعافي ال‬


‫لألعراض االنسحابية التي غالبا سوف يتعامل معها إذا أتت‪،‬‬
‫ويتذكر دائما أنه ال خالص من األفكارامللحة إال من‬
‫خالل االستعانة باهلل»‬

‫***‬

‫‪26‬‬
‫القاعدة السابعة‬
‫أصلح شخصيتك وقم‬
‫بتغييرها لألفضل‬

‫‪27‬‬
‫مــا زال الحديــث يــدور حــول الجــروح املغلقــة‪ ،‬ولكــن هــذه املــرة ســوف أذكــر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مســببا جديــدا لهــا وهــي الصفــات الســلبية املوجــودة فــي شــخصية املدمــن‬
‫مثــل الحقــد والغــرور والكــذب وســوء الظــن والنميميــة والغيبــة وغيرهــا‬
‫مــن الصفــات التــي أيضــا تتســبب فــي وقــوع املدمــن‪.‬‬

‫وكأن هللا حقــا ابتلــى هــؤالء املدمنيــن حتــى يصححــوا أخطاءهــم ويســعون‬
‫لتطويــر شــخصياتهم ليصلــون إلــى أعلــى املراتــب فــي الدنيــا واآلخــرة ‪ ..‬وكأن‬
‫هــذا االبتــاء أتــى لصالحهــم!!‬

‫تكونت أيضا بسبب اإلدمان‪،‬‬ ‫هذه الصفات السلبية من املمكن أن تكون ّ‬


‫فمــن الطبيعــي جــدا أن يتســبب هــذا اإلدمــان بأض ـرار فكريــة وســلوكية‬
‫فــي شــخصية املدمــن ‪ ..‬فلهــذا يجــب علــى املدمــن البــدء بإصــاح شــخصيته‬
‫واملحاولــة فــي تغيرهــا لألفضــل‪.‬‬

‫والطريقــة األفضــل لتطبيــق هــذا التغييــر هــو مــن خــال االقتــداء بأفضــل‬
‫الخلــق نبينــا محمــد صلــى هللا عليــه وســلم والبــدء فــي تعلــم ســنته بالكامــل‬
‫التــي اتبعهــا الصحابــة وكل مــن نجــى فــي هــذه الحيــاة‪.‬‬

‫«اإلدمان أداة مراقبة هدفها رصد أفعال و أقوال املدمنين بشكل‬


‫مستمرملعاقبتهم باالنتكاس في كل مرة يرتكبون فيها خطأ»‬

‫***‬
‫‪28‬‬
‫القاعدة الثامنة‬
‫قم بنشر رسالة التعافي وساهم‬
‫في مساعدة اآلخرين‬

‫‪29‬‬
‫رحلة التعافي ال تقتصر فقط على جهود املدمن الفردية بتغيير نفسه‬
‫بشكل منعزل عن العالم‪ .‬بل العكس تماما‪ ،‬االندماج في املجتمع‬
‫والتواصل مع اآلخرين هو ايضا جزء أسا�سي من عملية التعافي‬
‫من هذا اإلدمان ‪ ..‬ألن العزلة والوحدة تزيد من خطر العودة إلى‬
‫االدمان‪.‬‬
‫ً‬
‫صحيح ذكرنا سابقا بأن هللا سبحانه وتعالى سوف يكون متواجدا مع‬
‫املدمنين في رحلتهم طاملا لم يتخلو عنه‪ ،‬ولكن هللا أيضا يريد منهم أن‬
‫يحملو هذه الرسالة وينشروها إلخوانهم الذين لم يدركوا بعد بأنهم في‬
‫مشكلة حقيقية‪.‬‬

‫باإلضافة أن هذه املساعدات املستمرة تثبت في عقل املدمن بأن هذا‬


‫ً‬
‫اإلدمان ال يزال حيا وال يزال الكثيرون يعانون منه‪ ،‬وبذلك تزداد أهمية‬
‫التعافي لديه في كل مرة يساعد فيها مدمنا آخر‪.‬‬

‫«يجب أن تستمر هذه املساعدات حتى بعد تحقيق التعافي لضمان‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫عدم نسيان املتعافي لحقيقة أنه كان مدمنا سابقا و أنه قد يعود من‬
‫جديد إذا تهاون في هذه القواعد»‬

‫***‬

‫‪30‬‬
‫القاعدة التاسعة‬
‫أصنع حياة جديدة‬

‫‪31‬‬
‫إنــه مــن املســتبعد ً‬
‫تمامــا أن يكــون املدمــن عــاش حيــاة هادئــة فــي الســابق‬
‫قبــل أن ينغمــس فــي إدمانــه‪ .‬فبالتأكيــد كانــت هنــاك ظــروف عديــدة هــي مــن‬
‫شــجعته نحــو اإلدمــان‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬ال يمكــن القــول بــأن الظــروف هــي مــن‬
‫تســببت فــي الحيــاة التــي يعيشــها املدمــن اليــوم ‪ ..‬ألنــه فــي الحقيقــة املدمــن‬
‫نفسه هو من تسبب في ذلك من خالل تعامله الخاطئ مع هذه الظروف‪،‬‬
‫بمعنــى أســلوب الحيــاة الــذي اعتــاد املدمــن علــى عيشــه فــي الســابق هــو‬
‫مــن جعلــه مدمنــا ‪ ..‬فجميــع الســلوكيات والعــادات التــي كان يقــوم بفعلهــا‬
‫والقـرارات التــي كان يتخذهــا هــي مــن تســببت بإدمانــه فــي األصــل‪.‬‬

‫ولذلــك املدمــن ال يســتطيع أن يتعافــى مــن اإلدمــان ومســتمر فــي العيــش‬


‫بنفس النمط والطريقة التي كان يعيش بها سابقا ‪ ..‬يجب أن يصنع حياة‬
‫جديــدة ثــم يتعافــى مــن خاللهــا ‪ ..‬وهــذه الحيــاة الجديــدة تتطلــب محيــط‬
‫جديــد ‪ ،‬عــادات جديــدة وتفكيــر جديــد بحيــث يقنــع املدمــن دماغــه بأنــه‬
‫انتقــل الــى حيــاة وظــروف جديــدة االن وكل �شــيء تغيــر مــا عــدا �شــيء واحــد‬
‫وهــو مشــاهدة اإلباحيــة‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫دماغ املدمن سوف يفهم أخيرا بأنه في موقف صعب مع هذه الظروف‬
‫ُ‬
‫الصحية الجديدة التي أنشأت أمامه فبالتالي سوف يرضخ الدماغ‬
‫ويستسلم لهذه الظروف الجديدة ويبدأ بقبول عملية التعافي كما‬
‫استسلم في السابق للظروف القديمة التي تسببت في اإلدمان لدى‬
‫املدمن ‪ ..‬ولكن هذا االستسالم الجديد سيكون من صالح املدمن‬
‫وسوف يتسبب بتعافيه بإذن هلل‪.‬‬

‫بالطبع لن يستسلم الدماغ بهذه السهولة فسوف يستمر في العناد‬


‫لفترة قد تمتد أليام أو أسابيع أو شهور أو لفترات من الزمن ولكنه‬
‫ً‬
‫سوف يستسلم في نهاية املطاف خاصة إذا استمر املدمن بتغيير عاداته‬
‫وقناعاته لألفضل‪.‬‬

‫«يحتاج املدمن إلى بناء حياة جديدة تكون مليئة باألنشطة املفيدة‬
‫واملثمرة مثل االلتزام بممارسة التمارين الرياضية‪ ،‬استغالل الوقت‬
‫ّ‬
‫التفرغ لألعمال اإلضافية التي‬ ‫بشكل إيجابي في تعلم مهارات جديدة‪،‬‬
‫سوف تزيد من دخله املادي وغيرها من األمورالنافعة التي ستحل‬
‫مكان اإلباحية في حياته املستقبلية»‬

‫***‬

‫‪33‬‬
‫القاعدة العاشرة واالخيرة‬
‫املدمن مختلف عن االخرين‬

‫‪34‬‬
‫بعــد تطبيــق املدمــن لهــذه القواعــد علــى أكمــل وجــه ســوف يصــل بالتأكيــد‬
‫ً‬
‫الــى ‪ 90‬يومــا مــن التعافــي وســوف يصــل الــى ‪ 180‬يــوم بــل إنــه ســوف يكمــل‬
‫ســنة كاملــة بــإذن هلل‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكــن هنالــك أم ـرا يجــب أن يصبــح قناعــة ثابتــة لــدى املدمــن وهــو «بأنــه‬
‫مختلــف عــن االخريــن» ‪ ..‬إذا كان املدمــن حقــا يريــد التعافــي وعــدم تضيعــة‬
‫وقتــه فيجــب عليــه االلت ـزام بهــذه القواعــد طــوال حياتــه ‪ ..‬ألنــه املدمــن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حساســا تجــاه اإلباحيــة حتــى ولــو أصبــح متعافيــا لســنين‬ ‫ســوف يبقــى‬
‫عديــدة ‪ ..‬صحيــح هــذه الحساســية ســوف تقــل مــع مــرور الوقــت ولكــن مــن‬
‫الصعــب أن تختفــي بالكامــل‪.‬‬

‫ســأروي لكــم قصــة عــن صديــق لــي اســتطاع التعافــي ملــدة ســنة ونصــف‬
‫بفضــل هللا ســبحانه وتعالــى ولكــن صديقــي رأى بعــد ذلــك أن هــذا الرقــم‬
‫الــذي حققــه كافيــا لرحلــة التعافــي ‪ ..‬فبــدأ يتهــاون فــي قواعــد التعافــي ً‬
‫ظنــا‬
‫بأنــه حــان الوقــت ليبــدأ يعيــش حيــاة عاديــة مثلــه مثــل أي شــخص فــي هــذه‬
‫الحيــاة ‪ ..‬فبــدأ يطلــق بصــره وبــدأ يذهــب ألماكــن فيــه ّ‬
‫تجمعــات للنســاء‬
‫وقــام بإعــادة تحميــل تطبيقــات التواصــل االجتماعــي ملشــاهدة صفحاتــه‬
‫املفضلــة كمــا كان يفعــل فــي الســابق ‪ ..‬فــي تلــك اللحظــة كان صديقــي يشــعر‬
‫بنشــوة خارقــة بســبب أفعالــه هــذه ‪ ..‬كان يقــول وكأنهــا نشــوة الحريــة‬
‫والعــودة لإلنســان الطبيعــي مــرة اخــرى‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫ولكــن لألســف لــم يعلــم حينهــا بــأن هــذه النشــوة التــي شــعر بهــا هــي بســبب‬
‫ـددا التــي بــدأت تدغــدغ دماغــه قليــا قبــل أن‬ ‫عــودة الجــروح املغلقــة مجـ ً‬
‫تنفجــر وتغرقــه فــي بحــر مــن الدمــاء الهائــج‪.‬‬

‫وهــذا الــذي حــدث حقــا اســتمر علــى هــذه الســلوكيات واألفعــال ملــدة‬
‫أســبوع بالكامــل‪ ،‬حتــى نزفــت هــذه الجــروح جميعــا ثــم انتكــس بعــد ذلــك‬
‫مباشــرة دون أي تــردد ‪ ..‬حــاول النهــوض ولكــن اســتمرت انتكاســاته بعدهــا‬
‫حتــى عــادا مدمنــا مــن جديــد‪.‬‬

‫لألســف صديقــي بتصرفاتــه وأفعالــه هــذه خالــف جميــع قواعــد التعافــي‬


‫ولهــذا الســبب عــادا مــرة أخــرى الــى اإلدمــان‪ ،‬اشــتاق إلــى الرجــوع لحياتــه‬
‫الســابقة غيــر مــدركا بــأن حياتــه الســابقة هــي مــن جعلتــه مدمنــا فــي االســاس‬
‫فهــو ذهــب ليحــاول العيــش كمدمــن مجـ ً‬
‫ـددا وليــس كمتعافــي‪.‬‬

‫ولكــن بحمــد هلل اســتيقظ مــن ســكرته التــي تســببت لــه انتكاســاته األخيــرة‬
‫وعاد الى رحلة التعافي مرة اخرى ‪ ..‬ألنه كان يعلم بأهمية التعافي وبخطورة‬
‫هذا اإلدمان الذي يســتهدف أهم عضو في جســم اإلنســان وهو الدماغ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫فالــذي يجــب فهمــه مــن هــذه القصــة هــو أن التعافــي ليســت عمليــة مؤقتــة‬
‫تمــارس لبضعــة مــن الزمــن ثــم يســتطيع املتعافــي التوقــف بعدهــا للرجــوع‬
‫الــى ســلوكياته الســيئة التــي كان يفعلهــا ســابقا‪.‬‬

‫التعافــي هــو عمليــة بنــاء حصــن يقــوم بــه املدمــن لالحتمــاء داخلــه لبقيــة‬
‫رحلتــه فــي هــذه الحيــاة‪.‬‬

‫مــن املمكــن أن البعــض عنــد قراءتــه لهــذا الــكالم ســوف يعتقــد بأنــه يجــب‬
‫تكريــس الحيــاة والوقــت بالكامــل تجــاه التعافــي وهــذا غيــر صحيــح علــى‬
‫اإلطــاق ‪ ..‬بــل إن املدمــن لــو فعــل ذلــك ألصبــح مدمنــا علــى التعافــي وليــس‬
‫بمتعافــي‪.‬‬

‫كل مــا علــى املدمــن فعلــه هــو فقــط االلتـزام بهــذه القواعــد وتطبيقهــا جيــدا‬
‫ثــم إكمــال رحلتــه فــي هــذا الحيــاة ‪ ..‬بمعنــى ســوف يكمــل حياتــه ولكــن مــع‬
‫أخــذ الحــذر مــن فعــل األمــور التــي تحدثــت عنهــا القواعــد‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫مثــا فلنفتــرض أن هنــاك مجموعــة مــن األشــخاص يســيرون علــى الطريــق‬
‫بهــدف الوصــول الــى محطتهــم املنتظــرة ‪ ..‬علــى جانبــي الطريــق َ‬
‫يوجــد بســاتين‬
‫وحدائــق تبــدو جميلــة بشــكل الفــت‪ ،‬إال أنهــا فــي الحقيقــة فاســدة وجميــع‬
‫األشــجار والــورود التــي بداخلهــا ســامة جــدا ‪ ..‬هــؤالء األشــخاص كل مــا‬
‫عليهــم فعلــه هــو فقــط االســتمرار فــي امل�شــي بطريقهــم واالبتعــاد عــن تلــك‬
‫اإلغـراءات املتمثلــة فــي تلــك األشــجار والــورود املحيطــة بهــم‪.‬‬

‫هــذا تحديــدا مــا يجــب علــى املدمــن فعلــه‪ ،‬هــو إكمــال رحلتــه وطريقــه فــي‬
‫هــذه الحيــاة دون التقــرب مــن تلــك الــورود الســامة ‪ ..‬فالــورود الســامة هــي‬
‫نفســها اإلباحيــة‪ ،‬واملحطــة املنتظــرة هــي الحيــاة التــي ســوف يحقــق املتعافــي‬
‫مــن خاللهــا أهدافــه ورغباتــه الحقيقيــة بــإذن هلل‪.‬‬

‫واملدمــن الــذي توقــف عنــد تلــك الــورود الســامة غالبــا لــن يصــل للمحطــة‬
‫التــي يريدهــا‪ ،‬حتــى وإن وصــل فصحتــه الجســدية والنفســية ســوف تكــون‬
‫متدهــورة بســبب توقفــه املســتمر عنــد تلــك الــورود ‪ ..‬فبالتالــي تضــرر منهــا‬
‫وأصبــح يعانــي مــن االكتئــاب والقلــق والوســاوس القهريــة وغيرهــا مــن‬
‫األم ـراض النفســية أو حتــى الجســدية‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫وبذلــك يجــب أن يتذكــر املدمــن أنــه مهمــا ظهــر مــن مقاطــع إباحيــة جديــدة‬
‫أو ظهــرت ممثــات إباحيــة بأحجــام وأشــكال مختلفــة فــإن جميعهــا ســتبقى‬
‫مــواد ضــارة كالــورود الســامة التــي لــم تصبــح ســامة إال بســبب تركيبتهــا‬
‫الكيميائيــة بغــض النظــر عــن مظهرهــا الجمالــي وألوانهــا الزاهيــة ‪ ..‬وهــذا‬
‫األمــر ينطبــق أيضــا علــى اإلباحيــة ألن الدمــاغ بتركيبتــه الكيميائيــة غيــر‬
‫ً‬
‫ُم َه َّيــأ إطالقــا لهــذا الكــم الهائــل مــن املشــاهد اإلباحيــة التــي يتعــرض لهــا ‪..‬‬
‫َّ‬
‫فالــذي خلــق الدمــاغ وهــو هللا ســبحانه وتعالــى قــام بتصميمــه بطريقــة‬
‫يرتــاح فيهــا صاحبــه نفســيا وروحيــا وجســديا إذا غــض بصــره ويتعــذب إذا‬
‫أطلــق بصــره وهــذه قوانيــن إلهيــة ثابتــة أتــت مــن صانــع الدمــاغ نفســه ولــن‬
‫تتغيــر أبــدا‪.‬‬

‫«التعافي هو الهروب من السم ال من اللذة أو املتعة»‬

‫***‬

‫‪39‬‬
‫في الختام‬

‫االلتزام بقواعد التعافي هو أمر ضروري جدا بل إنه الحل الوحيد‬


‫إلدمــان اإلباحيــة ‪ ..‬صحيــح أن كل شــخص لــه أســلوبه وطريقتــه فــي‬
‫التعافــي ولكــن األمــر املشــترك بيــن املتعافيــن جميعــا هــو تطبيقهــم‬
‫لهــذه القواعــد وااللت ـزام بهــا ‪ ..‬ألن مشــكلة املدمــن هــي أنــه يعتقــد‬
‫ً‬
‫بــأن التعافــي ســوف يأتــي بشــكل مفاجــئ متســلاًل إلــى حياتــه ‪ ..‬فهــو‬
‫مســتمر فــي محاوالتــه للتعافــي داعيــا هلل عــز وجــل أن تكــون هــذه‬
‫املــرة األخيــرة التــي ينتكــس فيهــا دون أن يطبــق أو يلتــزم بــأي قاعــدة‬
‫مــن قواعــد التعافــي!! فــي املــرة القادمــة يجــب علــى املدمــن أن ّ‬
‫يغيــر‬
‫مــن صيغــة ســؤاله هلل ســبحانه وتعالــى ويبــدأ يســأله بــأن يعينــه‬
‫فــي رحلتــه ويعينــه أيضــا بااللت ـزام بتطبيــق هــذه القواعــد وعــدم‬
‫نســيانها أو الغفلــة عنهــا‪.‬‬

‫والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫‪40‬‬
‫زاهر‬
zaher7k@gmail.com

41

You might also like