Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

‫فوائد المخطوطات‬

‫(تـ‪879‬هـ‪1474/‬م)‬

‫‪1‬‬
‫ﭑﭒﭓﭔ‬
‫أما بعد حمد لله على نواله‪ ،‬والصلاة على النبي وآله‪:‬‬

‫فهذا الذي ننشره ها هنا من جملة سلسلة‪" :‬فوائد المخطوطات"‪ ،‬والتي الغرض‬

‫منها نشر جملة من الفوائد الواردة في المخطوطات الأصلية‪ ،‬مع ترك ذكر بعض‬

‫المعلومات عنها أو بعض التعليقات الخادمة للنص؛ لأن الغرض ليس النشر‬

‫العلمي بتحقيق النص‪ ،‬وكذا أن جملة من هذه النصوص ستنشر لاحق ًا نشر ًا‬

‫علميًا مطبوعًا‪ ،‬فلذا لا نذكر جملة من الأمور اللازمة حفظًا لحقوقنا في ذلك‪.‬‬

‫وهذا النص الذي نحن بسبيل نشره‪ ،‬هو لـ محمد بن سليمان الرومي الكافيجي‬

‫الحنفي‪ ،‬وهو مقالة من رسالته الموسومة بـ فرائد بحر الفوائد‪ ،‬وهي رسالة‬

‫صغيرة تقع في ثلاث مقالات وخاتمة‪ ،‬في ضمن ‪ 4‬أوراق من مجموع بخط من‬

‫خطوط القرن التاسع‪ ،‬فقد جاء في ختم هذه الرسالة‪" :‬قال ذلك المؤلف –‬

‫فسح الله في مدته‪ ،-‬وذلك بعاشر شهر رمضان المبارك‪ ،‬سنة إحدى وسبعين‬

‫وثمانمائة"‪.‬‬

‫وقد قصد المصنف في هذه المقالة بيان مسألة انقلاب الحقائق‪ ،‬وهي من‬

‫مستشكلات المسائل كما قاله الفخر الرازي (تـ‪606‬هـ)‪ ،‬والكافيجي يختار‬

‫استحالة انقلاب الحقائق بإطلاق‪ ،‬وأن ذلك من قضاء العقل والشرع‪،‬‬

‫وينسب ذلك للكل! ولـكنه أحد أقوال ثلاثة في المسألة‪ ،‬وقول المصنف هو‬

‫القول المنسوب للطبائعيين‪ .‬وثاني الأقوال القول المنسوب الأشعر ية‪ ،‬وهم وإن‬

‫‪2‬‬
‫وقع في كلام جماعة منهم المنع إلا أن تحقيق مذهبهم عند الفخر الرازي جواز‬

‫ذلك بإطلاق!‬

‫ومن يختار هذا القول من الأشعر ية ليسوا في تقريره على وجه واحد‪ ،‬بل لهم‬

‫أقوال في تقريره لعلها ثلاثة أقوال‪ ،‬كما لا يخفى المستقصي‪.‬‬

‫وثالث الأقوال في المسألة‪ :‬تجويز ذلك في بعض الحقائق دون بعض‪ ،‬وهو‬

‫القول المنسوب للمعتزلة‪.‬‬

‫وأصحاب القول الأول –ومنهم الكافيجي‪ -‬يحتجون بـ‪ :‬أنه إذا جاز انقلاب‬

‫الحقائق ارتفع الوثوق بالقضايا العقلية الضرور ية؛ فإنا لا نستريب في أن‬

‫الواجب ما لا يقبل العدم لذاته‪ ،‬وأن الواحد –الفرد‪ -‬ليس الاثنين –الذي‬

‫هو زوج‪ -‬بالضرورة‪ ،‬ونرتب على ذلك أحكام ًا كثيرة‪ ،‬فلو جاز انقلاب‬

‫الواجب ممتنع ًا أو ممكنًا‪ ،‬والواحد اثنين؛ لصار ما لا يقبل العدم يقبل العدم!‬

‫وما لا يقبل الانقسام إلى متساو يين ‪-‬بغير كسر‪ ،-‬يقبل الانقسام إلى‬

‫متساو يين وغير ذلك من الأحكام اللاحقة للواحد!‬

‫لـكن المتشرع من هؤلاء معارض بالأحرف الإلهية والكلم النبو ية المشتملة على‬

‫تجويز ذلك‪ ،‬كانقلاب الجماد حيوان ًا! ومنه انقلاب العصا حية تسعى‪،‬‬

‫وانقلاب الجوهر عرضًا! ومنه انقلاب الموت كبشًا‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬فلا بد لهم‬

‫من جواب‪ ،‬ولا ريب أن جوابهم هو التأو يل‪ ،‬لـكن المنازع يقول‪ :‬التأو يل‬

‫ممنوع في هذه الموارد لعدم الصارف‪ ،‬ولما فيه من إبطال حقائق الآيات‬

‫والمعجزات‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وأما من يجوزه مطلق ًا‪ ،‬فإن كان من المتكلمين؛ فيفرعه على القول بالفاعل‬

‫المختار‪ ،‬وإن كان من الصوفية فعلى القول بوحدة الوجود‪.‬‬

‫وهذا كله نقرره بحسب المشهور‪ ،‬ولا أجري فيه على ما تحقق عندي؛ فإن‬

‫هذا يستدعي بسطًا ليس هذا موضعه‪ ،‬و بالجملة فالمسألة طو يلة صعبة‪ ،‬وهي من‬

‫الأصول العقلية التي يتفرع عليها مباحث الخلق في سائر العلوم والمعارف‪.‬‬

‫وكتب‪ :‬فارس بن عامر العجمي‬

‫‪1440/9/15‬هـ‬

‫الر ياض‬

‫‪4‬‬
‫صورة المخطوط‬

‫‪5‬‬
‫÷النص×‬

‫‪6‬‬
‫[‪/1‬ظ]‬

‫‪/‬‬

‫هل يجوز قلب الحقائق؟‬

‫قلت‪ :‬لا يجوز شرعًا ولا عقلًا بضرورة العقل والدين؛ للاحتراز عن‬

‫القول بارتفاع الأمان عن الضرور يات‪ ،‬وبارتفاع الوثوق في الأمور‬


‫[‪/2‬و]‬ ‫الكلية؛ وإلا لانقلب الواجب غيره‪ / ،‬وبالعكس‪ ،‬وذلك باطل عند‬

‫الكل‪.‬‬

‫فإن قلت ‪ :‬أليست المعجزات من هذا القبيل؟ نحو انقلاب العصا‬

‫حية‪.‬‬

‫قلت‪ :‬لا‪ ،‬ومصداقه قول الله ‪-‬تعالى‪ { :-‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ‬

‫ﮜ ﮝ ﮞ } [سورة طه‪ ،]21:‬فتكون العصا منقلبة عن الصورة‬

‫الجمادية إلى الصورة الحيوانية‪ ،‬ثم تكون عائدة من سيرتها الثانية إلى‬

‫سيرتها الأولى‪ ،‬وتوضيح ذلك‪ :‬قولك "كان زيد غنيًا فصار فقير ًا ثم‬

‫صار غنيًا"‪ ،‬وقولك "صار التراب طينًا" وله نظائر لا تعد ولا تستقصى‪،‬‬

‫فيكون هذا من قبيل حصول صورة بعد أن لم تكن فيما قبل‪ ،‬بزوال‬

‫صورة قد كانت قبل‪ ،‬فيكون انقلاب الجماد حيوان ًا؛ معجزًا خارقًا‬

‫‪7‬‬
‫[‪/2‬ظ]‬
‫للعادة‪ ،‬بخلاف انقلاب ‪ /‬التراب طينًا؛ لـكونه غير خارق للعادة‪،‬‬

‫لـكنه ليس من قبيل انقلاب الحقائق؛ فإنه محال عند الكل‪ ،‬وهو محل‬

‫البحث‪ ،‬وذلك كون الواحد اثنين وبالعكس‪ ،‬وكون زيد غير عمرو‬

‫وبالعكس‪.‬‬

‫فيكون الانقلاب مقول ًا على المعنيين‪ :‬الممتنع والممكن‪ ،‬فليسم الأول‪:‬‬

‫(تكررت) الانخلاع العيني‪ ،‬وليسم الثاني‪ :‬الانقلاب الصوري‬

‫والوصفي‪ ،‬فظهر الفرق بينهما ظهور ًا تام ًا‪ ،‬فلا تكن في مرية من ذلك‬

‫حتى لا تكون في أودية الضلالة والبوار حيران‪ ،‬والحمد لله على هذه‬

‫النعم الجسام‪ ،‬والصلاة على رسوله سيد الأنام‪.‬‬

‫[‪/3‬ظ]‬
‫‪ /‬خاتمة الكتاب ‪ ،،‬بختام المسك‬ ‫‪...‬‬

‫لو أوصى بثلث ماله للعقلاء‪ ،‬يصرف للعلماء الزاهدين؛ فإنهم العاقلون‬

‫في الحقيقة‪.‬‬

‫بعد نشاط وطرب‬ ‫تم بجهــــد وطلب‬

‫ولو بوادٍ من ذهب‬ ‫فلا يبـع ولا يهب‬

‫والحمد لله رب العالمين‬

‫‪8‬‬

You might also like