Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 24

‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫موقف الواليات المتحدة األمريكية من حصار برلين ‪1949–1948‬م‬


‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬حسين عبدالقادر محيي التميمي‬
‫كلية اآلداب‪ /‬جامعة البصرة‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫اتبعت الواليات المتحدة وحلفاءها الغربيين سياسة خاصة في القسم الغربي من المانيا كان الهدف منها تقويته من‬
‫اجل ان يكون سدًا منيعا بوجه المعسكر الشرقي وقد حظيت تلك االجراءات الى بالقبول والتأييد من السكان هناك‪ ،‬وهو‬
‫ما نتج عنه سد أبواب المنطقة الغربية بوجه النفوذ الشيوعي‪ ،‬االمر الذي ادى الى تعميق شقة الخالف بين المعسكرين‬
‫الغ ربي والش رقي وه و م ا نتج عن ه قي ام الس وفيت بمحاص رة ب رلين إلح راج موق ف الحلف اء الغرب يين وذل ك من خالل‬
‫استغالل الحصار في إثارة سكان المنطقة الغربية ضد الواليات المتحدة وحلفائها الغربيين‪.‬‬
‫وعليه وكمحاولة من قبل الحلفاء إلفشال ذلك الحصار تم إنشاء جسر جوي إلمداد المنطقة المحاصرة بما تحتاج‬
‫الي ه من أغذي ة واحتياج ات ض رورية‪ ،‬وهك ذا اس تخدمت الوالي ات المس اعدات االقتص ادية كوس يلة من وس ائل مواجه ة‬
‫االتحاد السوفيتي‪ ،‬إذ كان من ابرز النتائج التي تمخض عنها حصار برلين والجسر الجوي هو االنتصار المعنوي الذي‬
‫حققه الحلفاء الذي تمثل باستمالة سكان المنطقة الغربية الى جانب الحلفاء في الوقت الذي تم سد أبواب المنطقة الم ذكورة‬
‫بوجه االتحاد السوفيتي‪ .‬هو ما سنبينه في ثنايا البحث‪.‬‬

‫‪ -1‬عوامل قيام حصار برلين‪:‬‬


‫منطقتي احتاللهما‪ ،‬ألغ راض اقتص ادية‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫قاَم األمريكيون والبريطانيون في األول من كانون الثاني عام‪ 1947‬بدمج‬
‫في منطقة واحدة أطلق عليها بيزونيا (‪ Bizonia)2‬وسرعان ما انضمت إليها المنطقة الفرنسية‪ ،‬وفي المنطقة الم ذكورة تم‬
‫دعم أصحاب األراضي من قبل الدول الثالث من خالل سن القوانين التي وضعت األساس للتموين الرئيسية لكل مقاطعة كما جعلت‬
‫‪.)3( 1948‬‬ ‫البنوك التجارية المركزية مع تأسيس بنك احتياطي للبنوك التسعة في مطلع عام‬
‫يتضح أن الواليات المتحدة أرادت من وراء تلك اإلجراءات تقوية موقفها السياسي واالقتصادي في ألمانيا معتمدة‬
‫على ق درات منطقته ا والمنطق تين الغربي تين وذل ك لمواجه ة االتح اد الس وفيتي ولجع ل المنطق ة الغربي ة في ألماني ا تتف وق‬
‫اقتص اديًا وسياس يًا على المنطق ة الش رقية وذل ك للحيلول ة دون التج ائهم إلى الس وفيت ومن ثم ف ان النتيج ة النهائي ة تك ون‬
‫إضعاف الموقف السوفيتي والحد من انتشار الشيوعية في ألمانيا‪.‬‬
‫وفي الس ياق نفس ه عم ل األمريكي ون في الس ابع من ك انون الث اني ع ام ‪ 1948‬على تغي ير تركيب ة ق وى المجلس‬
‫االقتص ادي األلم اني في بيزوني ا من اج ل خل ق ن واة الحكوم ة األلماني ة المس تقبلية‪ ,‬إذ نص ((إعالن فرانكف ورت))‬

‫(?) كان بيرنز‪ ،‬وزير الخارجية األمريكية‪ ،‬ق د ع رض مس الة دمج المنطق ة األمريكي ة م ع أي ة منطق ة أخ رى ت رغب‬ ‫‪1‬‬

‫بالتعامل مع ألمانيا كوحدة اقتصادية ووفقًا لمقررات بوتسدام‪:‬‬


‫‪Ann Deghton, The Impossible Peace: Britain the division of Germany and the origins of the‬‬
‫‪cold war, Oxford University, New York , 1990,pp: 105-108.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?)Douglas Botting, From the Ruins of the Reich Germany 1945-1949, New American‬‬
‫‪Library, New York, 1985,p: 1.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Charles F. Penuachio, The East Germany Communist and the Origins of Berlin‬‬
‫‪Blockade crisis: East European Quarterly, Vol. , 29, No. 3, Fall, 1990,p: 1.‬‬

‫‪198‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫‪ -Frankfurt Declaration‬الذي تقدم به كل من الحاكمين العسكري األمريكي والبريطاني‪ -‬على زيادة قوة المجلس‬
‫االقتص ادي األلم اني(‪ .)1‬إال أن ذل ك اإلعالن قوب ل بالمعارض ة من قب ل االتح اد الس وفيتي ال ذي ع ده إعالن ًا ذا ط ابع اقتص ادي‬
‫وليس له أي بعد أو مغزى سياسي(‪.)2‬‬
‫وخالل المدة مابين الثالث والعشرين من شباط إلى السادس من آذار عام ‪َ 1948‬ع قدت الواليات المتحدة باالشتراك‬
‫مع حليفتيها الغربيتين بريطانيا وفرنسا‪ ,‬مؤتمرًا في لندن لوضع معاهدة صلح نهائية مع ألمانيا بعد فشل كل المساعي‬
‫الدبلوماسية التي ُبذلت من اجل إقناع الس وفيت في التوص ل إلى اتف اق بش ان ألماني ا(‪ ،)3‬إال أن المجتمعين لم يتوص لوا إلى‬
‫اتفاق نهائي فتوقفت أعمال المؤتمر ولم ُتستأنف إال في الثاني من نيسان من العام نفسه إذ اتفق الحلفاء حينه ا على أن ُت دعى‬
‫الجمعية التأسيسية في ألمانيا في األول من أيلول عام ‪ ،1949‬وكذلك اتفقوا على تشكيل حكومة فدرالية في ألمانيا‪ ،‬كما‬
‫قرروا اتخاذ عدد من التدابير‪ ،‬إذ وافقت الدول المشتركة في المؤتمر على استمرار االحتالل في ألمانيا ألطول مدة ممكنة‪،‬‬
‫كم ا اتفقوا على عدم االنسحاب منه ا إال بعد التشاور فيم ا يينهم‪ ،‬وخالل الم ؤتمر ك رر ممث ل الوالي ات المتحدة التأكيد‬
‫ال ذي أعطت ه الحكوم ة األمريكي ة ال ذي تض من بق اء ق وات االحتالل األم ريكي في ألماني ا ح تى ض مان الس الم في أورب ا‪،‬‬
‫وفض ًال عن ذل ك اتف ق الحلف اء على التش اور فيم ا بينهم في ح ال اعت بر أي واح د منهم ان هن اك خط رًا من انبع اث الق وة‬
‫(‪.)4‬‬ ‫العسكرية األلمانية أو اذا ثبت لديه ان ألمانيا تتبع سياسة عدوانية‬
‫هذا وقد قرر الحلفاء ان تكون بأيديهم سلطات االحتالل العلي ا في ألماني ا‪ ،‬ومن المقررات األخرى التي اقروها‪،‬‬
‫هي تجريد ألمانيا من الصفة العسكرية وقيامهم بنزع سالحها مع التأكيد على ضرورة تحديد مستوى الصناعة ال تي يجب‬
‫ان تق وم فيه ا وتأكي د وج وه البحث العلمي‪ ،‬وفيم ا يخص إقليم ال رور فق د وافق وا على التوص يات الس ابقة ال تي اتخ ذتها‬
‫حكوم ات الحلف اء ال تي تتض من فص ل ال رور سياس يًا عن ألماني ا وتش كيل لجن ة دولي ة ألدارت ه وتض م ممثلين من دول‬
‫الحلفاء‪ ،‬ولكي يضمن األخيران تنفيذ تلك القرارات فقد اتخذوا قرارًا بأن يقوم الحكام العسكريون بتأسيس (مجلس األمن‬
‫العسكري) يتولى مهمة اإلشراف على تطبيق إجراءات تجريد ألمانيا من السالح ومن الص فة العس كرية(‪ ،)5‬وه ذا المجلس‬
‫سوف يتكون من أعضاء القوات المسلحة والخبراء الصناعيين لقوات االحتالل الغربية الثالث‪ ،‬وهؤالء سيتم ترشيحهم من‬
‫قبل الحكام العسكريين وسيكونون مسؤولين أمامهم‪ ،‬وباإلضافة الى ما تقدم اعترفت فرنسا باالستقالل الذاتي إلقليم الس ار‬
‫وأعلنت قرارها بتعيين مفوض سامي فرنسي في اإلقليم المذكور (‪.)6‬‬

‫=‬ ‫(?) لإلطالع على إعالن فرانكفورت ينظر‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Telegram from the Secretary of State to the French Ambassador (Bonnet),January,= 17,1948, Cited‬‬
‫‪in: F. R. U. S. , (Germany and Austria),Vol. ,11, 1948, Washington , 1973,pp: 34-35‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) Adrian Webb, Op, Cit. ,p: 13.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Security against Germany, March 11,1948, Cited in: F. R. U. S,Vol. 11, 1948,p: 60-63.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Paper Agreed Upon by the London Conference on Germany, London, May 26, 1948, Cited in:‬‬
‫‪F. R. U. S. , Vol. ,11,1948,p: 291.‬‬
‫(?)اعتق د ل ويس دوغالس ‪ ,Lewis Douglas‬الس فير األم ريكي في بريطاني ا ورئيس الوف د األم ريكي إلى م ؤتمر لن دن ب ان‬ ‫‪5‬‬

‫طمأنة الفرنسيين حول قضية األمن العامة كانت المفتاح لصنع مستقبل التقدم في ألمانيا وهكذا كان قرار تشكيل مجلس األمن‬
‫يصب في ذلك االتجاه‪ ,‬ينظر‪:‬‬
‫‪Telegram from the Ambassador in the United Kingdom (Douglas) to the Secretary of State, March,‬‬
‫‪2,1948, Cited in: F. R. U. S,Vol. ,11, 1948, , pp: 110-111.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪(?) Paper Agreed Upon by the London Conference on Germany, London, May 26, 1948, Cited in:‬‬
‫‪F. R. U. S. , Vol. ,11,1948,pp: 292-294.‬‬

‫‪199‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫يتض ح من ذل ك ان الحلف اء الغرب يين وعلى ال رغم من قي امهم بت دمير الق وة العس كرية األلماني ة إال إنهم اتخ ذوا من‬
‫مسألة انبعاث تلك القوة ذريعة لتمديد فترة بقائهم في ألمانيا‪ ،‬ويمكن ان نضيف سببًا أخر ويتمثل برغبة الحلفاء الغربيين‬
‫بإبقاء قوات عسكرية في ألمانيا خشية من ان يقوم السوفيت بعمل عسكري ضد أي من الدول األوربية الواقعة في غرب‬
‫أوربا على غرار ما قاموا به في تشيكوسلوفاكيا(‪ ،)1‬وفض ًال عن ذل ك ف أن م ا يالح ظ على تل ك المق ررات ان ه لم ي رد أي‬
‫ذكر لإلتحاد السوفيتي في الموضوع على الرغم من انه كان حليف ًا لهم في الحرب ضد دول المحور األمر الذي يمكن‬
‫عده بمثابة تكريس للحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي‪ ،‬ودفع االتحاد السوفيتي الى اتخاذ إجراءات كانت‬
‫رد فعل على مقررات المؤتمر المذكور‪.‬‬
‫لقد جاء رد الفعل السوفيتي على تلك الخطوات شديدًا فمن الناحية السياسية أرسلت الحكومة السوفيتية في السابع‬
‫عش ر من ش باط والس ادس من آذار والراب ع عش ر من نيس ان ع ام ‪ ،1948‬ثالث ة احتجاج ات اتهمت فيه ا ال دول الغربي ة‬
‫بمخالفة اتفاقية بوتسدام وعارضت مسألة قيام تلك الدول بمحادثات مستقلة حول شؤون ألمانيا‪ ،‬وقد أدت تلك التطورات‬
‫إلى انسحاب القائد السوفيتي األعلى من مجلس المراقبة في برلين احتجاج ًا على امتناع الدول الحليفة من تقديم بيان بما‬
‫جرى في محادثات لندن(‪.)2‬‬
‫لم يؤثر الموقف السوفيتي المذكور على السياسة األمريكية في ألمانيا‪ ،‬إذ ألقى األمريكيون وحلفاؤهم الغربيون على‬
‫ع اتق ألماني ا الجزء األك بر من المسؤولية اإلداري ة في (بيزوني ا)‪ ,‬وبص ورة أدق إلى مجلس اقتص ادي منتخب مؤل ف من‬
‫اثنين وخمسين ألمانيًا كانوا تحت إشراف الحلفاء الغربيين وقد أضطلع المجلس المذكور بمهمة البناء االقتصادي(‪.)3‬‬
‫وهك ذا أدت ص عوبة التوص ل إلى اتف اق ح ول نظ ام اقتص ادي موح د في ألماني ا بس بب التن اقض بين االي دولوجيا‬
‫الرأس مالية والش يوعية إلى اتف اق ال دول الغربي ة الثالث على توحي د سياس اتها االقتص ادية في ألماني ا‪ ،‬وفي ال وقت نفس ه‬
‫لتج نيب ألماني ا من الوق وع تحت الهيمن ة الس وفيتية‪ ،‬وباإلض افة إلى ذل ك أرادت الوالي ات المتح دة األمريكي ة وحليفتاه ا‬
‫الغربيتان إقامة استقالل سياسي واقتصادي أللمانيا الغربية وبرلين الغربية ويبدو من ذلك أن الحلفاء الغربيين أرادوا أن‬
‫يبعثوا رسالة إلى السوفيت مفادها أن مناطقهم لن تقوم بتنفيذ أي التزام اقتصادي للجانب السوفيتي نظرًا لعدم التوصل‬
‫إلى تسوية نهائية بشأن ألمانيا‪.‬‬
‫ومن الطبيعي أن يعارض السوفيت تلك التدابير بشدة ألنهم رأوا فيها والدة دولة ألمانية تقع في قلب المنطقة التي‬
‫يسيطر عليها التحاد السوفيتي(‪ ،)4‬لذا فأن السوفيت‪ -‬وكرد فعل على اإلجراءات التي اتخذها الحلف اء الغربي ون –عمل وا على‬
‫ولكن‬ ‫(‪)5‬‬
‫خنق القطاعات الغربية في برلين متجاهلين كل االتفاقيات المتعلق ة بتس هيل حرك ة الم رور في المدين ة الم ذكورة‬

‫(?) ق ام الس وفيت بالس يطرة على تشيكوس لوفاكيا في ش باط ع ام ‪ 1948‬في ال وقت ال ذي ك ان في ه الحلف اء الغربي ون يعق دون‬ ‫‪1‬‬

‫مؤتمرهم في لندن‪ .‬ينظر‪:‬‬


‫‪Edward H. Judge and John W. Langdon, Op,Cit. ,p: 43.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) James McAllister, Op, Cit. ,pp: 150-153.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Telegram from US Adviser for German (Murphy) to the Secretary of State, Berlin, April 1‬‬
‫‪,1948, Cited in: F. R. U. S. , Vol. ,11,1948,p: 157; Douglas Botting, Op, Cit. ,p: 1.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Derek W. Urwin, Western Europe Since 1945 A short political History, second edition‬‬
‫‪London ,1972, p: 61.‬‬
‫(?) ك ان ل برلين من ذ البداي ة وض ع خ اص في ألماني ا المحتل ة الن احتالل األخ يرة من قب ل ال دول األرب ع وإ ش رافهم عليه ا تم‬ ‫‪5‬‬

‫بم وجب االتف اقيتين المتعلق تين بالمراقب ة الحليف ة المعق ودتين في أيل ول ع ام ‪ 1944‬وأي ار ع ام ‪ 1945‬والل تين ألحقت ا بع دد من‬
‫االتفاقيات الرباعي ة ال تي نصت على تس هيل الم رور لل دول الغربي ة المحتلة ع بر القطاع الس وفيتي إلى األج زاء التابع ة له ا من‬

‫‪200‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫على ال رغم من تل ك المعارض ة الس وفيتية إال أن الوالي ات المتح دة اس تمرت في سياس تها الرامي ة إلى تنفي ذ خططه ا في‬
‫منطقة احتاللها في ألمانيا بغض النظر عن رأي السوفيت في ذلك(‪.)1‬‬
‫يظهر من خالل ما تقدم أن هناك تصعيدًا كان قد حدث بين الجانبين األمريكي والسوفيتي بخصوص ألمانيا فكما‬
‫يالحظ انه كلما قامت إحدى الدولتين بعمل ما في ألمانيا نالحظ أن الدولة األخرى تحاول أما االعتراض أو القيام بعمل‬
‫مضاد لعمل الدولة األولى مما يدفعنا إلى القول أن الحرب الباردة قد تطورت أكثر من السابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وعلى الرغم مما تقدم‪ ،‬فقد اتفقت الوالي ات األمريكي ة وبريطاني ا وفرنس ا وع دد من ال دول األوربي ة األخ رى ‪ ،‬على‬
‫‪ 1949‬وكان الشرط‬ ‫خطة إلنشاء دولة ألمانيا الغربية التي سوف تتمتع بدرجة محددة من السيادة وذلك بحلول عام‬
‫األساس ي للدول ة المس تقلة ه و اس تعادة نش اطها االقتص ادي والس يطرة على األس عار‪ ,‬وال رواتب‪ ,‬والغ ذاء‪ ,‬والبض ائع‬
‫األساسية(‪ ،)3‬السيما أن االقتصاد النشيط الوحيد الذي كان سائدًا في منطقة االحتالل الغربية كان السوق السوداء ال ذي ك ان‬
‫يجب تدميره بحسب رأي الحلفاء آنذاك‪ ,‬وانه يمكن القيام بذلك من خالل أصالح أو تجديد العملة عن طريق استبدال م ارك‬
‫الرايخ الذي ال قيمة له بعملة جديدة وهي الم ارك األلم اني ذو القيم ة الثابت ة والمقبول ة عالمي ًا (‪ ،)4‬وبالفع ل فق د أص در‬
‫(‪ ،)5‬الن‬ ‫الحلفاء الغربيون نظامًا نقديًا ُطّبَق في برلين الغربية وقد تمت تلك العملي ة‪ ,‬أي تجدي د العمل ة‪ ،‬بس رية تام ة‬
‫(‪)6‬‬
‫خطيرة‪.‬‬ ‫أي تسرب قد يؤدي إلى مضاعفات دولية‬
‫يالح ظ ان ه لم يكن مغ زى تغي ير العمل ة األلماني ة مقتص رًا على المس الة االقتص ادية ال تي أراد الحلف اء من خالله ا‬
‫تحسين االقتصاد األلماني‪ ,‬إنما كان هناك دافع أساسي وهو الدافع السياسي الذي يكمن في محاولة الحلفاء محو احد أثار‬
‫النازية من خالل تغيير بشكل كامل إذ لو كان األمر مقتصرًا على الجانب االقتصادي لكان باإلمكان دعم العملة ذاتها‬
‫واالستفادة من جوانب أخرى في دعم االقتصاد األلماني‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬تخفيض التعويضات بشكل معتدل وتحسين‬
‫مستوى اإلنتاج األلماني واستثمار الثروة االقتصادية األلمانية‪.‬‬

‫برلين‪ .‬لإلطالع ينظر‪.Daniel J. Nelson, Op, Cit. , pp: 63-70 :‬‬


‫‪1‬‬
‫‪(?) Derek W. Urwin, Op,Cit. , p: 61;James McAllister ,Op, Cit. ,pp: 153-155; Jean Edward‬‬
‫‪Smith, Lucius D. Clay: An American Life, New York, 1990,pp: 494-500.‬‬
‫(?) في األول من حزي ران ع ام‪ 1948‬انتهى م ؤتمر لن دن ال ذي اش تركت في ه س ت دول هي الوالي ات المتح دة األمريكي ة‬ ‫‪2‬‬

‫وبريطانيا وبلجيكا وهولندا وفرنسا ولكسمبورغ‪ ,‬باالتفاق على تأسيس دولة ألمانية غربية فدرالية‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫‪Adrian Webb, Op, Cit. ,p: 13; James McAllister ,Op, Cit. ,p: 23.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Daniel F. Havrington, The Berlin Blockade Revisited, New York, 1984,pp: 88-102.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Telegram from the Ambassador in the United Kingdom (Douglas) to the Secretary of State,‬‬
‫;‪April,27,1948, Cited in: F. R. U. S,Vol. ,11, 1948, p: 159;David Thomson, Op, Cit,, p: 842‬‬
‫‪Herbert Peacock, Op, Cit. ,p: 369; Melvyn P. Leffler, The Specter of Communism the United‬‬
‫‪States and the Origins of the cold war 1917-1953, United States of America, 1994,p: 73.‬‬
‫(?) كان فرانك سي غيبل ‪ Frank C. Gabell‬الذي شغل منصب الرئيس المدني لبنك العمل ة األم ريكي في فرانكف ورت من‬ ‫‪5‬‬

‫األشخاص القالئل في القيادة األوربية الذين كانوا على معرفة سابقة بالعملية‪ ،‬وقد تحمل غيبل مسؤولية توجيه شحن وتوزيع‬
‫العملة الجديدة في مناطق االحتالل الغربية‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫‪Telegram from the United States Military Governor for Germany(Clay) to the Department of the‬‬
‫‪Army, Berlin, May,2, 1948,Cited in: F. R. U. S,Vol. ,11,pp: . 903. 904.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit, p: 1.‬‬

‫‪201‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫وبعد استكمال طبع العملة الجديدة وصل إلى فرانكفورت عشرون ألف صندوق من تلك العملة الورقية الجديدة من‬
‫الواليات المتحدة األمريكية حيث تم طبعها‪ ,‬وكان كل صندوق يحمل اسم ‪ Bird dogs‬أي الكلب المدرب على المساعدة‬
‫في ص يد الطي ور وه و اس م ش فرة العملي ة ال تي ال يع رف به ا س وى خمس ة أش خاص باإلض افة إلى غيب ل ‪ ،‬وبخص وص‬
‫الموضوع ذاته فقد أشار األخير قائًال‪(( :‬أن بعض الجنود الذين عملوا في تحميل صناديق األموال كانوا يعتقدون بأنها‬
‫طعام للكالب بينما اعتقد البعض اآلخر إنها قنابل ذرية إال أنها كانت في الواقع أموال وضعناها في شاحنات نقل‪)) . . .‬‬
‫(‪ ، )1‬وفي الثامن عشر من حزيران أعلنت العملة الجديدة للعالم وقد استمرت عملية توزيعها أحد عشر يومًا(‪.)2‬‬
‫بع د معرف ة الس وفيت بعملي ة إص دار العمل ة الجدي دة بمنطق ة االحتالل الغربي ة ج اء رد الفع ل الس وفيتي س لبيًا ألنهم‬
‫أدركوا‪ ،‬آنذاك‪ ،‬أن تلك التدابير األمريكية قد جاءت بمعزل عن السوفيت وهي بحد ذاتها كانت بمثابة الخطوة األولى في‬
‫تنفيذ السياسة األمريكية الرامية إلى تحقيق إنعاش االقتصاد واالستقالل في المناطق الغربية‪ ،‬األمر الذي عده السوفيت‬
‫موجه ًا إلى قلب سياس تهم في منطق ة احتاللهم(‪ ،)3‬بمع نى أن اإلج راءات ال تي اتخ ذها الحلف اء الغربي ون بقي ادة الوالي ات‬
‫المتحدة في مناطق احتاللهم من الممكن آن تؤدي إلى إثارة السكان األلمان‪-‬الذين سيطالبون بإجراءات مماثلة‪ -‬في منطقة‬
‫االحتالل السوفيتية وهو ما سيؤدي إلى إحراج السوفيت هناك‪.‬‬
‫وفي إطار ذلك أرسل روبرت مورفي ‪ , Robert Murphy‬المستشار السياسي للجنرال كالي ‪،General Clay‬‬
‫القائد األمريكي في ألمانيا‪ ،‬تقريرًا إلى واشنطن يحتوي على معلومات حول األوضاع في برلين‪ ,‬وبّين فيه أن السوفيت‬
‫يسعون إلى إخراج القوى األوربية بالقوة من برلين‪ ،‬كما أشار مورفي أيضًا إلى انه قد قام هو والجنرال كالي بلقاء ع دد‬
‫من البريط انيين والفرنس يين وق د وض عوا برنامج ًا لدراس ة الترتيب ات بين الحكوم ات العس كرية في ألماني ا‪ ,‬وتحس ين‬
‫األوضاع االقتصادية في منطقة بيزونيا(‪.)4‬‬
‫يالحظ أن مورفي في تقريره أعاله‪ ,‬أراد إبالغ حكومته بان السوفيت كانت خطوتهم األولى هي عبارة عن عملية‬
‫جس لنبض الوالي ات المتح دة األمريكي ة وحلفائه ا ومعرف ة م دى ردة الفع ل تج اه التص ريحات الس وفيتية وفي ح ال ع دم‬
‫اتخاذ إجراء ما تجاه السوفيت كان هناك إجراءات أو تصريحات لربما سيكون فيها عواقب وخيمة على وضع الحلفاء‬
‫في برلين‪.‬‬
‫وفضًال عما تقدم أعرب دوكالس ‪ Douglas‬السفير األمريكي في بريطانيا‪ ،‬عن مخاوفه من السياسة السوفيتية في‬
‫ألمانيا عندما قال أن التطورات السياسية في ألمانيا قد تسبب كارثة بالنسبة لسياستنا فيها‪ ،‬وفي إطار ذلك أوضح دوكالس‬
‫أن مورفي قد بّين أن خطوة السوفيت الثانية هي تقديم طلب رسمي بانسحاب القوى الغربية من برلين وإ ذا ما رفضت‬
‫تلك القوى ذلك الطلب عندها ستكون الخطوة الثالثة هي تطبيق إجراءات وتكتيكات ضغط تجعل من الصعب على القوى‬
‫الغربية البقاء في برلين‪ ,‬مثل التدخل مع خطوط االتصال بين برلين والمناطق الغربية(‪.)5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) Ibid, p: 1.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) James McAllister ,Op, Cit. ,pp: 153.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Kenneth W. Condit, The Joint Chiefs of Staff and National Policy 1947-1949, New York,‬‬
‫‪1979,pp: 128-135.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Telegram from the United States Political Adviser for Germany (Murphy) to the Secretary of‬‬
‫‪State, Berlin, March 20, 1948, Cited in: F. R. U. S, Vol. ,11, 1948, pp: 148-149.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(?) Telegram from (Douglas) the Ambassador in the United King Dom to the Secretary of‬‬
‫‪States ,May, 21, 1948, Cited in: F. R. U. S, Vol. ,11,1948,p: 269.‬‬

‫‪202‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫وحذر مورفي حكومته من أن موقف الواليات المتحدة في برلين دقيق وصعب وان االنسحاب من برلين سيؤدي‬
‫إلى مضاعفات من الممكن أن تمتد إلى ابعد من برلين وحتى ألمانيا في تلك المرحلة الحاسمة في الوضع األوربي(‪.)1‬‬
‫وهكذا أدت الخالفات األمريكي ة الس وفيتية‪ ،‬ومعاه دة بروس لز(‪ - Treaty Brussels )2‬ال تي ع دها الس وفيت موجه ة‬
‫ضدهم‪-‬فضًال عن عملية إصدار العملة األلمانية الجديدة‪ ،‬إلى إثارة السوفيت‪ ،‬ففي العشرين من حزيران عام‪ 1948‬وفي‬
‫اجتماع مجلس سيطرة التحالف للقوى األربع في برلين قام المارشال سوكولوفسكي ‪ Marshal Sokolovsky‬بشجب‬
‫وإ دانة الخطط األمريكية والبريطانية رسميًا وذلك لقيامهم بالدمج االقتصادي لمناطق احتاللهم‪ ،‬وعبر سوكولوفسكي عن‬
‫مخاوفه موضحًا أن (بيزونيا) قد تصل إلى تأسيس دولة انفصالية في غرب ألمانيا‪ ،‬األمر الذي يعتبر تطبيق ًا لتقسيم‬
‫ألماني ا‪ ،‬كم ا ح ذر ب ان االتح اد الس وفيتي س وف يعم ل على حماي ة اقتص اد منطق ة احتالل ه معت برًا ب رلين ج زءًا من منطق ة‬
‫السوفيتية‪.)3‬‬
‫(‬
‫االحتالل‬
‫يبدو أن مخاوف السوفيت لم تكن نابعة من فراغ بل أن تلك المخاوف نشأت من إدراك السوفيت من أن ذلك الدمج‬
‫االقتص ادي وعملي ة إص دار العمل ة الجدي دة وم ا يرافق ه من تحس ن األوض اع االقتص ادية والسياس ية في منطق ة االحتالل‬
‫الغربية سينعكس سلبًا على المنطقة السوفيتية خاصة وان السوفيت كانوا قد استغلوا معظم م وارد منطقتهم كتعويضات‬
‫لهم‪ ،‬وهذا بالتأكيد سيؤثر على موضوع تطوير منطقة االحتالل السوفيتية األمر الذي سيؤدي إلى عدم قدرة تلك المنطقة‬
‫على مواكب ة التط ور الحاص ل في منطق ة االحتالل الغربي ة‪ ،‬كم ا ان ه من المؤك د س يكون هن اك ردود فع ل ل دى الش عب‬
‫األلماني الذي سوف يتجه إلى الحلفاء الغربيين أكثر من السوفيت‪.‬‬
‫ح اول الج انبين األم ريكي والس وفيتي ح ل الخالف الس ابق ال ذكر خالل اجتماع ات مجلس الس يطرة في ب رلين‪ ,‬إذ‬
‫ُب ذلت جهود حثيثة للتوصل إلى اتفاق مشترك بخصوص العملة الجديدة‪ ،‬إال أن تلك الجهود باءت بالفشل ولم يتم التوصل‬
‫إلى أية نتيجة بهذا الخصوص‪ ،‬بل على العكس من ذلك فقد تأزم الوضع‪ ،‬مما دفع المارشال سوكولوفسكي إلى التصريح‬
‫بان مجلس السيطرة في برلين لم يعد له وجود بوصفه أداة للحكم(‪.)4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) Telegram from the United States Political Adviser for Germany (Murphy) to the‬‬
‫‪Secretary of State, Berlin, March 31, 1948, Cited in: F. R. U. S, Vol. ,11, 1948,p: 155.‬‬
‫(?) معاه دة بروس لز‪ :‬لق د أدت س يطرة الس وفيت على تشيكوس لوفاكيا في ش باط ع ام ‪1948‬الى إس راع بعض ال دول‬ ‫‪2‬‬

‫الواقع ة في غ رب أورب ا إلى التوقي ع على عق د تح الف عس كري – اقتص ادي مض اد للس وفيت‪ ،‬ففي الس ابع عش ر من‬
‫آذار من العام نفسه وقعت خمس دول وهي(بلجيكا‪ ،‬هولندا‪ ،‬لوكسمبورغ‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬وفرنسا) على معاهدة في مدينة‬
‫بروس لز‪ ،‬تعه دوا فيه ا على التش اور والتع اون المتب ادل ض د أي ع دوان يوج ه ض د أي منهم فض ًال عن التع اون م ع‬
‫مشروع مارشال‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك اتفقوا على تحقيق التعاون االقتصادي وإ نهاء الصراع االقتصادي فيما بينهم‪،‬‬
‫وقد حددت مدة المعاهدة بخمسين عامًا‪ ،‬وكانت بمثابة مشروع للدفاع األوربي‪ .‬للتفصيل ينظر‪:‬‬
‫‪Edward H. Judge and John W. Langdon, Op,Cit. ,pp: 43-44; Stephen J. Lee, Aspects of‬‬
‫‪British political history 1914-1995, Britain, 1996, p: 286.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) The Establishment of the Berlin Blockade, Cited in: F. R. U. S, Vol. ,11,1948,pp:‬‬
‫;‪909-910;Adam B. Ulam, Op,Cit. ,p: 687‬‬
‫عب د المنعم ألس بكي‪ ،‬مش كلة ن زع الس الح‪ ،‬المجل ة المص رية للعل وم السياس ية‪ ،‬الع دد الخ امس والعش رين‪ ،‬الق اهرة‪ ،‬نيس ان‬
‫‪ ،1963‬ص‪.123‬‬

‫‪203‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫وبذلك فقد انتهى االجتماع المذكور‪ ,‬األمر الذي أدى إلى توقف جميع الهيئات الرباعية باستثناء الهيأة المش رفة على‬
‫إدارة برلين(‪ ،)1‬كما فرضت السلطات السوفيتية حصارًا تامًا حول المناطق الغربية من برلين واس تمر ه ذا الحص ار لم دة‬
‫س نة تقريب ًا(‪ ،)2‬إال أن الج نرال كالي ‪ ،Clay‬القائ د األم ريكي في ألماني ا‪ ،‬أعتق د ان ه على ال رغم من الموق ف الس وفيتي‬
‫الس لبي إال ان الس وفيت س وف ي تراجعون عن م وقفهم ه ذا ويرفع ون الحص ار ال ذي فرض وه على ب رلين وذل ك ألنهم ال‬
‫يريدون خوض حرب مع الواليات المتحدة وحلفائها في ذلك الوقت(‪.)3‬‬
‫يبدو أن سوكولوفسكي‪ ,‬ومن وراءه القيادة السياسية السوفيتية‪ ,‬قد هدف الى ممارسة نوع من الضغط على القوى‬
‫الغربي ة في ألماني ا وإ ش عارها ب ان أي عم ل منف رد من جانبه ا ق د يواجه ه رد فع ل ق وي من الج انب الس وفيتي وال ذي من‬
‫الممكن أن يتطور إلى عمل عسكري‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وهكذا تطور رد الفعل السوفيتي من مجرد احتجاج الى إحداث فوضى في الطرق ووسائل االتص االت في ب رلين‬
‫‪ ,‬فقد بدأ ضغط السوفيت يزداد خالل شهر حزيران واستخدموا في ذلك سيطرتهم على المناطق المتاخمة لبرلين ولم‬
‫يقتصر ذلك على تموين المواد الغذائية فقط‪ ,‬وإ نما شمل ذلك الوقود والمواد الخام الالزمة لتشغيل صناعاتها‪ ,‬لذا‬
‫الطرق‪ )5‬سيؤدي إلى إيقاف دوالب الصناعة ويزيد من نسبة البطالة إلى حٍد كبير(‪.)6‬‬
‫(‬
‫فان إغالق‬
‫يب دو أن الس وفيت ك انوا يعتق دون أن سياس تهم الرامي ة إلى إح داث انهي ار اقتص ادي في ب رلين س وف يك ون ال دافع‬
‫األول الرتماء أهل برلين في أحضان الشيوعية‪ ،‬إال أن ذلك االعتقاد وكما يظهر غير دقيق وربما تنقصه الحكمة ألن‬
‫السوفيت اتبع وا سياس ة هي في حقيقته ا قد أحدثت فجوة بين الشعب األلم اني وممثلي الس وفيت في ألماني ا كك ل إال وهي‬
‫نسبة التعويضات التي كان يطالب بها االتحاد السوفيتي من ألمانيا وعملية تفكيك المصانع ونقلها إلى موسكو وهذا بدوره‬
‫ساعد على تدمير البنية التحتية األلمانية‪ ،‬كما أن ذلك أدى إلى إحداث نوع من التباعد والنفور من الشعب األلماني‪.‬‬
‫وفي الث الث والعشرين من حزيران ق امت وكالة األنب اء السوفيتية ب إبالغ الصحف في ب رلين الرئيسية ب أن االتحاد‬
‫السوفيتي سيوقف الم رور من والى ب رلين ب دءًا من ص باح الي وم الت الي بس بب ص عوبات فني ة(‪ ،)7‬وبالفع ل تم إغالق كاف ة‬
‫الطرق البرية المؤدي ة إلى منطقة برلين الغربية ‪ ،‬كما شمل ذلك السكك الحديد ‪ ،‬وفي الطريق األلم اني السريع في نقطة‬

‫‪4‬‬
‫‪(?) The Establishment of the Berlin Blockade, Cited in: F. R. U. S, Vol. ,11, 1948, pp:‬‬
‫‪909-910.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪(?) Douglas Botting,Op,Cit. ,p: 2‬‬
‫(?) رغد فيصل عبد الوهاب نفاوة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪310 .‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪(?) Robert. D. Murphy, Diplomat Amory Warriors, New York, 1964, pp: 314-317.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Telegram from the Secretary of State (Marshall) to the Embassy in the Soviet Union,‬‬
‫‪June 25,1948, Cited in: F. R. U. S. ,Vol. ,11,1948,p: 916.‬‬
‫(?) من الج دير بال ذكر ان المم ر ال بري للمنطق ة ال تي يحتله ا الحلف اء الغربي ون في ب رلين يق ع في منطق ة االحتالل‬ ‫‪5‬‬

‫الس وفيتية وه و األم ر ال ذي مكن الس وفيت من ف رض الحص ار على منطق ة االحتالل الغربي ة‪ .‬ينظ ر‪ :‬حس ين ف وزي‬
‫النجار‪ ،‬أمريكا والعالم‪ ،‬القاهرة‪ ،1986 ،‬ص‪.291‬‬
‫‪6‬‬
‫‪(?) Adrian Webb,Op, Cit. ,p: 186; Walter Bedell Smith, My three Years in Moscow, New‬‬
‫‪York, 1950,pp: 230-233.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪(?) John Nichol, Op,Cit, p: 11; Navy Wings over Berlin, Cited in: http: //www. history‬‬
‫‪navy. mil/download/wings, pp: . 1-5.‬‬

‫‪204‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫تفتيش هيلمستد ‪ Helmsted‬ق ام الحراس السوفيت بإرجاع كل المركب ات‪ ،‬كم ا أعيدت كل القطارات التي تحمل ركاب ًا‬
‫ألمانًا(‪.)1‬‬
‫وفي غضون ذلك تمت زي ادة قوة الدوريات الس وفيتية على طوال الخط الحدودي للمنطقة الس وفيتية‪ ،‬وفض ًال عن‬
‫ذلك عمد السوفيت الى القيام بإعم ال أخ رى ش ملت قط ع التي ار الكهرب ائي وبش كل مس تمر(‪ ،)2‬كم ا ق اموا بإيق اف قط ار‬
‫ولم تقتصر اإلجراءات‬
‫عسكري أمريكي كان متوجهًا الى برلين‪ ،‬وإ ضافة الى ذلك منع السوفيت من توريد الفحم إلى برلين‪،‬‬
‫السوفيتية على ذلك بل تعدى األمر إلى غلق نظام الصرف الصحي‪ ،‬مما زاد األوضاع العامة سوءًا في برلين(‪.)3‬‬
‫أدت تلك التدابير السوفيتية الى قيام الحلفاء الغربيين باإلعالن أن وضع برلين أصبح من الصعوبة السيطرة عليه‬
‫من قبل الحكومات العسكرية للواليات المتحدة وبريطانيا وفرنسا(‪.)4‬‬
‫لق د أدت تل ك التط ورات الى تف اقم الوض ع في من اطق احتالل الق وى الغربي ة‪ ،‬إذ ك ان أك ثر من ملي وني ش خص في‬
‫تلك المناطق يعتمدون وبدرجة كبيرة على إمدادات الطعام من المناطق الغربية لبرلين‪ ،‬وهكذا كان قيام السوفيت بعزل‬
‫تل ك المن اطق ين ذر بمش كالت (خط يرة)‪ ،‬مم ا دف ع الج نرال كالي‪ ،‬القائ د األم ريكي الع ام في ألماني ا الى التص ريح ب أن‬
‫اإلجراءات السوفيتية في برلين من الممكن أن تؤدي الى حدوث المجاعة(‪.)5‬‬
‫ويشير الباحث دوكالس بوتنج‪ ،‬أن الحلفاء الغربيين كان بإمكانهم االستسالم أمام الضغوط السوفيتية ومن ثم سحب‬
‫ق واتهم من ب رلين والتخلي عن سكانها الذين ك ان العدي د منهم معارضين للشيوعية‪ ،‬غير أن هذا الخي ار لم يكن مرغوب ًا‬
‫فيه من لدن القوى الغربية ألسباب سياسية وأخرى إنسانية(‪.)6‬‬
‫على الرغم من محاولة السوفيت إحراج موقف الحلفاء الغربيين في برلين من خالل قطع اإلمدادات الرئيسة عنها‬
‫نج د أن االنس حاب لم يكن واردًا في حس ابات الحلف اء‪ -‬الس يما م ع ازدي اد ح دة الح رب الب اردة‪ -‬لم ا ينط وي علي ه من‬
‫مشكالت‪ ،‬فمن جهة أن االنسحاب من برلين سيؤدي بطبيعة الحال الى فتح الباب على مصراعيه أمام النفوذ السوفيتي‬
‫(الشيوعي) وه و األم ر ال ذي لم يكن مقب وًال من الحلف اء وعلى رأسهم الوالي ات المتحدة‪ ،‬ومن جه ة ثاني ة ف أن االنس حاب‬
‫سيجعل سكان برلين يعيشون في ظل ظروف اقتصادية سيئة بسبب الحصار الذي فرضه السوفيت عليهم‪.‬‬
‫وفي إطار ذلك حذر الجنرال كالي حكومته من أن عدم تعامل الواليات المتحدة مع تلك األزمة بشكل جدي من‬
‫الممكن أن ي ؤدي الى خس ارة ب رلين وب ذلك تتك رر الحال ة التشيكوس لوفاكية(‪ )7‬ال تي عم د الس وفيت الى ض مها في ش هر‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 3; Norman Gelb, The Berlin Wall Kennedy and‬‬
‫;‪Khrushchev and a showdown the Heart of Europe, New York, 1986,pp: 40-49‬‬
‫جون ماندر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) The Berlin Airlift: We are going to stay Period, Cited in: http: //nts. Needham. K12m.‬‬
‫‪a. us/cur/bakerp5mfl. 02/p: 2.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , pp: 3-4;Robert D. Schulzinger, Op,Cit. ,p: 219.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) The Berlin Airlift: We are going to stay Period, Op, Cit. , p: 2.‬‬
‫(?) نقًال عن‪.James McAllister, Op, Cit. , p: 165 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪6‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 4.‬‬
‫(?) من الجدير بالذكر لقد قام السوفيت في ش باط ع ام ‪ 1948‬ب احتالل تشيكوس لوفاكيا وه و األم ر ال ذي أث ار حفيظ ة‬ ‫‪7‬‬

‫الدول الغربية وحملها الى عقد معاهدة بروسلز في آذار من العام نفسه‪ .‬للمزيد من التفاصيل ينظر‪:‬‬
‫‪Edward H. Judge and John W. Langdon, Op, Cit. ,p: 43.‬‬

‫‪205‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫شباط من عام ‪ ،1948‬كما أوضح كالي أن المحافظة على برلين يعد بمثابة دعم ألخالقيات شعوب أوربا الغربية الذين‬
‫ك ان كث ير منهم ال يميل ون الى األي دولوجيا الش يوعية(‪ ،)1‬وفض ًال عن ذل ك بّين كالي أن ه ك ان بإمك ان الوالي ات المتح دة‬
‫(‪)2‬‬
‫وحلفاؤها الغربيين ضرب السوفيت في برلين منذ بداية االزمة‪ ,‬كما كان بإمكان القوى الغربية اس تخدام ق وة ال دبابات‬
‫في اقتح ام ب رلين‪ ،‬وفي الس ياق نفس ه أض اف كالي موض حًا بأن ه ك ان مقتنع ًا اذا م ا تم أي تح رك لق وات الحلف اء ف أن‬
‫(‪)3‬‬
‫بإمكانهم أن يصلوا إلى برلين وسوف يؤدي ذلك الى التخفي ف من ح دة الض غوط الس وفيتية ال تي ق د تق ود إلى الح رب ‪،‬‬
‫‪ ,Jefferson Caffery‬الس فير األم ريكي في فرنس ا‪ ،‬حكومت ِه على ض رورة مواجه ة‬ ‫ومن جانب ه حث جيفرس ون كف ري‬
‫األعمال السوفيتية في برلين (‪.)4‬‬
‫يتض ح مم ا تق دم وحس بما أوض ح الج نرال كالي‪ ،‬أن الحلف اء وعلى رأس هم الوالي ات المتح دة من الممكن أن يلج أوا‬
‫الى الحل العسكري في حالة إصرار االتحاد السوفيتي على مواصلة إجراءاته التي بدأها في برلين‪ ،‬ولكن من جانب أخر‬
‫يبدو أن كالي ومن ورائه الحكومة األمريكية كانوا مدركين أن ذلك قد يؤدي الى قيام حرب جديدة في الوقت الذي لم‬
‫يتش افى في ه الع الم تمام ًا من آث ار الح رب الس ابقة‪ ،‬ويمكن أن نض يف س ببًا آخ ر ويتمث ل ذل ك ب أن أي إج راء عس كري‬
‫أمريكي يتطلب الحصول على موافقة الكونغرس األمريكي الذي يمثل غالبية الشعب األمريكي الذي غالبًا ما كان يرفض‬
‫فكرة التدخل في مشكالت القارة األوربية‪.‬‬
‫وباإلضافة الى ما تقدم لم تكن المواجهة مع االتحاد السوفيتي أمرًا سهًال‪ ،‬إذ كان هناك سبعة عشر فيلقًا من (الجيش‬
‫األحمر) قام ستالين بنشرها في منطقة االحتالل السوفيتية‪ ,‬بينما تقلص الجيش األمريكي في ألمانيا نتيجة تسريح أعداد‬
‫كبيرة منه وإ عادة انتشاره منذ نهاية الحرب العالمية الثانية‪ ,‬كما أن بريطانيا وفرنسا‪ -‬اللتين خرجتا من الحرب ضعيفتين‬
‫عسكريًا واقتصاديًا(‪ -)5‬كانتا منشغلتين في حروب المس تعمرات ومن ثم لم يكن بوس عهما خ وض غم ار ح رب جدي دة في‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 4.‬‬
‫(?) استبعد روبرت مورفي ومنذ وقت مبكر استخدام الق وة العس كرية م ع الس وفيت إال ان ه توق ع ان دالع ح رب معهم‬ ‫‪2‬‬

‫في فترة الحقة قد تصل إلى ابعد من سنتين أو ثالث‪ .‬ينظر‪:‬‬


‫‪Telegram from the United States Political Adviser for Germany (Murphy) to the Director of‬‬
‫‪the Office of European Affairs (Hickerson), April 8, 1948, Cited in: F. R. U. S, Vol. ,11,‬‬
‫‪1948,p: 169.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 4.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Telegram from the Ambassador in France (Caffery) to the Secretary of State, June‬‬
‫‪24, 1948, Cited in: F. R. U. S, Vol. ,11, 1948,p: 917.‬‬
‫(?) من الجدير بالذكر ان بريطانيا وفرنسا قد قامتا خالل الحرب العالمية الثانية ببيع الكث ير من رؤوس اموالهم ا في‬ ‫‪5‬‬

‫الخ ارج للوالي ات المتح دة األمريكي ة لكي تتمكن ا من الحص ول على األس لحة الض رورية والمس اعدات األخ رى ال تي‬
‫تضمن استمرارها في مواصلة الحرب‪ ،‬وفض ًال عن ذلك كانت ارضيهما ساحة حرب مباشرة وجيوشهما تقاتل في‬
‫أوربا وفي ساحات متعددة من العالم لذلك انعكس هذا على وضعهما العسكري واالقتصادي فخرجتا من الحرب وهما‬
‫بأمس الحاجة الى المساعدات وأضعفت الحرب من قدرتهما االقتصادية والعسكرية‪ .‬ينظر‪ :‬إبراهيم سعيد البيضاني‪،‬‬
‫أبحاث في السياسة األمريكية تجاه المشرق العربي بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬بغداد‪ ،2003 ،‬ص‪.1‬‬

‫‪206‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫أوربا(‪ ،)6‬وهكذا يمكن القول أن الخيار العسكري لم يكن مفضًال لدى الحلفاء الغربيين آنذاك وذلك للنت ائج الس يئة ال تي ق د‬
‫تترتب عليه‪.‬‬
‫وعليه احتل الحل الدبلوماسي المرتبة األولى بخصوص التعامل مع أزمة برلين‪ ,‬إذ ناقش الجنرال كالي مع براين‬
‫روبرتس ن ‪ ،Robertson Brian‬ن ائب الح اكم البريط اني العس كري في ألماني ا‪ ،‬في الخ امس والعش رين من حزي ران في‬
‫مدينة برلين‪ ،‬مسألة عقد اجتماع مع المارشال سوكولوفسكي للتباحث حول التطورات الجارية في برلين‪ ،‬وخالل ذلك‬
‫أعرب كالي عن أمله بأن يصل الى حل ألزمة برلين واقترح أن يعقد اتفاق ًا تجاري ًا مع المارشال سوكولوفسكي يتضمن‬
‫تص دير م واد مختلف ة من المنطق ة الش رقية إلى ب رلين(‪ ،)1‬وفي الي وم الت الي أرس ل الج نرال روبرتس ون رس الة إلى‬
‫سوكولوفس كي نق ل فيه ا احتج اج الحكوم ة األمريكي ة على اس تمرار الس وفيت بقط ع خط وط المواص الت بين المن اطق‬
‫الغربية الثالث في ألمانيا وبين األقسام الغربية في برلين‪ ،‬إال أن مما يالحظ على تلك الرسالة أنها لم تتضمن مسألة عقد‬
‫االتفاق التجاري الذي اقترحه كالي وكل ما جاء منها هو االحتجاج وإ يضاح المعانات الناجمة من جراء ذلك الحصار(‪.)2‬‬
‫ويبدو أن االقتراح الذي قدمه الجنرال كالي خالل اجتماعه مع روبرتسون والذي تضمن الدعوة الى أبرام اتفاق‬
‫تج اري م ع الس وفيت لح ل أزم ة التم وين في ب رلين ك ان يحظى بموافق ة روي ال ‪ ،Royal‬وزي ر الحربي ة األمريكي ة‪ ،‬ففي‬
‫برقية منه الى الجنرال كالي مؤرخة في الثامن والعشرين من حزيران أوضح رويال قائًال ((إنا نقف معك في الرأي‬
‫الذي طرحته بخصوص عقد اجتماع مع سوكولوفسكي وإ بالغه بإمكانية عقد اتفاقية بين القوى األربع ‪.)3())...‬‬
‫أن مسالة التباحث حول الموقف في برلين والتوصل إلى اتفاق مع السوفيت لحل األزمة التي كانت قائمة آنذاك لم‬
‫تكن القضية الوحيدة التي تباحث بشأنها الساسة األمريكيون‪ ,‬بل كان هناك مناقشات حول معرفة الخطوات التي يجب‬
‫على الواليات المتحدة اتخاذها لتحافظ على بقائها في ب رلين ومواجه ة الخط ر الس وفيتي هن اك(‪ ،)4‬وفي إط ار ذل ك ارت أت‬
‫الواليات المتحدة تنبيه االتحاد السوفيتي حول مسالة استمرار الحصار المفروض على برلين وقد إذ أوضحت بصدد ذلك‬
‫أن القوى األربع قامت س وية ب احتالل ألماني ا ومن ثم ف أن من ح ق تل ك الق وى ال دخول إلى ب رلين بك ل حري ة(‪ ،)5‬وحظي‬
‫ذلك بموافقة الجانب البريطاني(‪.)6‬‬

‫‪6‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 4.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪(?) Telegram from the United State military Governor for Germany Clay to the‬‬
‫‪Department of the Army, June 25, 1948,Cited in: F. R. U. S. , Vol. ,11,1948,p: 917.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) Telegram from the Ambassador in the United Kingdom (Douglas) to the Secretary of‬‬
‫‪State, June 26 ,1948, Cited in: F. R. U. S,Vol. ,11, 1948, , p: 921.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Telegram from the Secretary of Army (Royal) to the United State military Governor for‬‬
‫‪Germany Clay, June 28 ,1948, Cited in: F. R. U. S,Vol. ,11, 1948,p: 929.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Memorandum by the Chief central European Affairs Beam, June 28,1948, Cited in: F.‬‬
‫‪R. U. S,Vol. ,11, 1948,p: 928.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(?) Telegram from the Secretary of State to the Ambassador in France (Caffery), June 30, 1948,‬‬
‫‪Cited in: F. R. U. S, Vol. ,11, 1948,p: 933.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪(?) Telegram from the Ambassador in the United Kingdom (Douglas) to the Secretary of State,‬‬
‫‪June 30 ,1948, Cited in: F. R. U. S,Vol. ,11, 1948, , p: 936.‬‬

‫‪207‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫وهكذا أرادت الواليات المتحدة إرسال إشارة واضحة إلى موسكو ُت بّين فيها حق الواليات المتحدة في التحرك في‬
‫منطقة احتاللها وان لها الحق في البقاء في ألمانيا طالما أن الجميع قد اشترك في القضاء على النظام النازي واحتالل‬
‫ألمانيا‪.‬‬
‫ومن جانب ه أوض ح سوكولوفس كي وجه ة نظ ره في الموض وع الم ذكور إذ أعلن ان ه س يمتنع عن اإلجاب ة على أي‬
‫سؤال يوج ه ل ه‪ ،‬إال إذا تمت مناقش ة نت ائج م ؤتمر لن دن المش ار ألي ه آنف ًا(‪ ،)1‬ال تي ك ان أبرزه ا إقام ة حكوم ة مركزي ة في‬
‫ألماني ا الغربي ة‪ ,‬ووض ع ترتيب ات أمني ة لمن ع أي اعت داء ألم اني مس تقبلي ق د يش نه األلم ان على أي من ال دول األوربي ة‪ ،‬م ع‬
‫(‪.)2‬‬ ‫طمأنة فرنسا بان قضية األمن العام تكون بمثابة مفتاح لصنع التقدم فيما يتعلق بالقضية األلمانية‬
‫ردت الواليات المتحدة على ذلك من خالل إعالنها بان على االتحاد السوفيتي أن يحترم الوضع في ب رلين وان أية‬
‫مفاوضات أو أية طريقة أخرى للسالم يجب أن تكون وفق ًا للمادة الثالثة والثالثين من ميثاق األمم المتحدة‪ ,‬وان حكومة‬
‫الواليات المتحدة مستعدة كخطوة أولى للدخول في أية مفاوضات في برلين بين ممثلي القوى األربع لحل أية قضية قائمة‬
‫ح ول مدين ة ب رلين والمتعلق ة بحرك ة األش خاص والبض ائع بين من اطق االحتالل األمريكي ة والبريطاني ة والفرنس ية وبين‬
‫منطقة االحتالل السوفيتية(‪.)3‬‬
‫ونظ رًا لتط ور الموق ف وازدي اد االحتجاج ات األمريكي ة ض د التص رفات الس وفيتية في ألماني ا‪ ،‬فق د احتج بانيوش كين‬
‫‪ ،Panyushkin‬الس فير الس وفيتي في واش نطن‪ ،‬ل دى مارش ال‪ ،‬وزي ر الخارجي ة األمريكي ة‪ ،‬أوض ح في ه أن (ادع اءات)‬
‫الحكومة األمريكية في السادس من تموز والتي اعتبرت أن الموقف الذي وجد في برلين جاء كنتيجة لتصرفات االتحاد‬
‫السوفيتي‪ ,‬هي غير صحيحة‪ ,‬وان األخير ال يتفق مع وجهة النظر األمريكية معتبرًا أن ما حصل في برلين كان بسبب‬
‫(تع دي) ونقض حكوم ات الوالي ات المتح دة وبريطاني ا وفرنس ا لالتفاقي ات الس ابقة بين الحلف اء األربع ة من خالل إص دار‬
‫عمل ة خاص ة بالمن اطق الغربي ة في ألماني ا‪ ،‬وباإلض افة الى ذل ك بّين بانيوش كين أن حكومت ه تح ذر ال دول الم ذكورة من‬
‫مسؤولية تلك األعمال ألن ذلك يعد خرق ًا لقرارات مؤتمري يالطا وبوتسدام اللذين تم االتفاق خاللهما على نزع سالح‬
‫ألماني ا وجعله ا دول ة محب ة للس الم‪ ,‬ودف ع ألماني ا تعويض ات إلى ال دول ال تي ع انت من االعت داء ال تي ق امت ب ه إب ان عه د‬
‫هتلر‪ ,‬كما نصت تلك االتفاقيات على عقد معاهدة سالم مع دولة ألمانية ديمقراطية‪ ,‬إال أن الدول الغربية الثالث نقضت‬
‫كل تلك القرارات الهامة(‪.)4‬‬
‫أم ا بالنس بة للج نرال كالي فق د اعتق د أن ه ليس باإلمك ان التف اوض م ع الس وفيت في ظ ل الحص ار المف روض على‬
‫ب رلين‪ ،‬لكن ه بّين ان ه باإلمك ان فع ل ذل ك في ح ال رف ع الس وفيت لحص ارهم عن المدين ة‪ ،‬أم ا في حال ة رفض االتح اد‬
‫السوفيتي‪ ،‬رفع الحصار فانه سوف يتم رفع القضية إلى محمكة دولية مع إبالغ منظمة األمم المتحدة بذلك(‪.)5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) Security against Germany, June 29, 1948, Cited in: F. R. U. S,Vol. ,11, 1948, , p: 947.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) Telegram from the Ambassador in the United Kingdom (Douglas) to the Secretary of State,‬‬
‫‪March 2 ,1948, Cited in: F. R. U. S,Vol. ,11, 1948, , pp: 110- 111.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Telegram from the United States Political Adviser for Germany (Murphy) to the Embassy in‬‬
‫‪France, July 4, 1948, Cited in: F. R. U. S, Vol. ,11, 1948,p: 949.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Telegram from the Soviet Ambassador in Washington(Panyushkin) to the Secretary of‬‬
‫‪State, July 14, 1948,Cited in: F. R. U. S. , Vol. ,11,1948,pp: 960-961.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(?) Telegram from the United State military Governor for Germany Clay to the‬‬
‫‪Department of the Army, July 12, 1948,Cited in: F. R. U. S. , Vol. ,11,1948,pp: 956-‬‬
‫‪957.‬‬

‫‪208‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫وعلى ال رغم من أن ممثلي الحكوم ة األمريكي ة ق د ح ذروا حك ومتهم من تط ور الوض ع في ب رلين ومن التحرك ات‬
‫السوفيتية هناك‪ ،‬إال أن الحكومة األمريكية – حتى ذلك التاريخ‪-‬كانت ضد أي عمل انتقامي ضد االتحاد السوفيتي حتى‬
‫بع د اق تراح ونس تون تشرش ل‪ ،‬ال رئيس البريط اني األس بق‪ ،‬ال ذي تض من اجب ار الس وفيت على الخ روج من ب رلين ومن‬
‫ألمانيا بالقوة‪ ،‬مشيرًا إلى امتالك الواليات المتحدة لـ(القنبلة الذرية) وعدم امتالك السوفيت لها آنذاك‪ ،‬كما طالب تشرشل‬
‫‪George‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫بت دمير الق وات الس وفيتية إذا لم ي ذعن الق ادة الس وفيت ويغ يروا من سياس تهم(‪ ،)1‬أم ا الج نرال ج ورج كين ان‬
‫‪ Kennan‬ف أعلن موض حًا أن س قوط ب رلين س يتبعه س قوط ألماني ا الغربي ة وه و األم ر ال ذي س يؤدي الى تهدي د مرك ز‬
‫الواليات المتحدة في أوربا(‪.)3‬‬
‫وفي غض ون ذل ك اس تمرت الجه ود األمريكي ة الرامي ة الى ح ل االزم ة س لميًا‪ ،‬ففي برقي ة من م ورفي‪ ،‬المستش ار‬
‫السياسي للجنرال كالي‪ ،‬أوضح مورفي أن هناك مأزقًا ماديًا واقتصاديًا يواجه إدارة االحتالل في المقاطعات الغربية من‬
‫برلين‪ ،‬لذا فال بد للحلفاء االعتماد على النقل الجوي إلمداد تلك المقاطعات بما تحتاج أليه من أغذية ووقود‪ ،‬وفي السياق‬
‫نفسه بّي ن دوكالس‪ ،‬السفير األمريكي في بريطانيا أن هدف الواليات المتحدة األساسي في تلك المرحلة يتركز على رفع‬
‫الحص ار االقتص ادي عن ب رلين في حين أن اله دف الس وفيتي من وراء تق ديم األغذي ة ليس لغ رض ح ل مش كلة الغ ذاء‬
‫والوق ود ال تي ك ان يع اني منه ا األلم ان وإ نم ا للحص ول على مكاس ب سياس ية (دعائي ة)‪ ،‬في ألماني ا (‪ ،)4‬إذ مم ا ي ذكر أن‬
‫السوفيت كانوا يقومون بشكل منفرد في تموين المصانع في برلين الغربية بالوقود‪ ،‬األمر الذي يمكن عده بمثابة‬
‫في‪ ،)5‬ويب‬
‫المدينةدو أن الس وفيت ق د‬ ‫(‬
‫دليل على أن السوفيت يسعون من خالل تلك اإلجراءات الى كسب السيطرة على الصناعات‬
‫ح اولوا من خالل تق ديم الوق ود الى بعض الص ناعات في ب رلين‪ ،‬الحص ول على مكاس ب سياس ية ودعائي ة‪ ،‬فض ًال عن جع ل‬
‫المصانع في ألمانيا بحاجة مستمرة للدعم السوفيتي ومن ثم خضوعهم لإلرادة السوفيتية في وقت يتضائل فيه الدعم‬
‫الغربي بسبب الحصار السوفيتي‪.‬‬
‫وكخط وة عملي ة لمواجه ة الت دابير الس وفيتية في ب رلين اق ترح القنص ل األم ريكي الع ام في ألماني ا‪ ،‬توحي د جمي ع‬
‫األحزاب المناهضة للشيوعية في برلين وتكوين جبهة بوجه الشيوعيين وفي الوقت نفسه حث الحكومة األمريكية على‬
‫مراقبة كل الشيوعيين‪ ،‬وذلك للحد من نشاطهم في المدينة(‪ ،)6‬ويبدو أن السبب الذي دفع الى تقديم ذلك المقترح يرج ع الى‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) James McAllister ,Op,Cit. ,p: 155.‬‬
‫(?) جورج كينان‪ . :‬سياسي أمريكي شغل منص ب رئاس ة قس م التخطي ط السياس ي في وزارة الخارجي ة األمريكي ة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫كان من ابرز مهندسي السياسة الخارجية األمريكية‪ ،‬إذ اقترح سياسة االحتواء األمريكية التي قامت على فكرة فرض‬
‫حصار طويل األمد ضد االتحاد السوفيتي للحد من سياسته التوسعية‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫‪Wikipedia,the, the free encyclopedia, Cited in: http: //en. wikipedia. Org. p: 1‬‬
‫(?) رغد فيصل عبد الوهاب نفاوة‪ ,‬المصدر السابق‪,‬ص‪.311‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫‪(?) U. S. Department of State summaries of foreign diplomatic telegrams on the Berlin‬‬
‫‪Crisis, July 21,1948, Cited in: http: //WWW. trumanlibrary. Org. ,p: 1.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(?) U. S. Department of State summaries of foreign diplomatic telegrams on the Berlin‬‬
‫‪Crisis, July 27,1948, Op, Cit. ,p: 1.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪(?) U. S. Department of State summaries of foreign diplomatic telegrams on the Berlin‬‬
‫‪Crisis, August 5,1948, Op, Cit. ,p: 1.‬‬

‫‪209‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫خشية الساسة األمريكيين من أن يؤدي الحصار السوفيتي الى قيام الحزب الشيوعي بالعمل بحرية تامة وهو األمر الذي‬
‫قد ينتج عنه وقوع برلين كلها تحت الهيمنة السوفيتية‪.‬‬
‫وفي يوم التاسع من آب تقدم مولوتوف‪ ،‬وزير الخارجية السوفيتي‪ ،‬الى السفراء الغربيين في موسكو بعرض إلنهاء‬
‫االزمة‪ ،‬تضمن إنهاء السيطرة الرباعية في برلين‪ ،‬على اعتبار أن االتحاد السوفيتي لم يشترك في مؤتمر لندن‪ ،‬المشار‬
‫أليه آنفًا‪ ،‬وقد قوبل العرض المذكور بالرفض من السفير األمريكي الذي وصفه بأنه غير منطقي وغير مرٍض ‪ ،‬وفض ًال‬
‫(‪)1‬‬

‫عن ذلك لم يكن العرض السوفيتي يحظى بالقبول من بريطانيا وفرنسا‪ ،‬وفي أطار ذلك أوضح سمث‪ ،‬السفير األمريكي في‬
‫موس كو أن الحكوم ة الس وفيتية ب دأت تبحث في موض وع الس يطرة على ألماني ا واس تمراريتها‪ ،‬كم ا أش ار الى ض رورة‬
‫استمرار العمل بكل االتفاقيات التي عقدتها الدول األربع فيما يخص الوضع في ألمانيا‪ ،‬إذ أن تلك االتفاقيات اليمكن أن‬
‫(‪)2‬‬
‫السوفيتي‪.‬‬ ‫ُتلغى من جانب واحد ويعني بذلك االتحاد‬
‫وفي غضون ذلك أوضح مورفي أن جهود السوفيت متجهة الى شطر مدينة برلين من خالل الوكاالت التي يشرف‬
‫عليها السوفيت فض ًال عن اغتصاب المناصب المهمة في اإلدارة المدنية في برلين‪ ،‬على غرار ذلك بّين كفري‪ ،‬السفير‬
‫األم ريكي في ب اريس‪ ،‬أن األم ور تسير باتج اه ع دم حص ول اتف اق نه ائي ي ؤدي الى س يطرة الق وى الغربي ة على ب رلين‪،‬‬
‫وعليه فقد كانت وجهة النظر التي خلص أليها الدبلوماسيون األمريكيون في العواصم الغربية الى قرب انهيار االتفاق‬
‫الرب اعي ح ول ألماني ا‪ ،‬ل ذا الب د أن تتهي أ الق وى الغربي ة للبحث عن اتف اق م ع موس كو من اج ل اس تمرار العالق ات بين‬
‫شطري ألمانيا مع تجنب حصول احتكاك بين الغربيين والسوفيت‪ ،‬أال انه من جانب أخر أوضح أن االصطدام سيكون‬
‫بمثابة (شيء حتمي)(‪.)3‬‬
‫وفي السياق نفسه أشار سمث الى أن االتحاد السوفيتي كان يسعى ‪-‬دائم ًا‪ -‬الى السيطرة المنفردة على برلين وهو‬
‫األم ر ال ذي اليمكن أن تقب ل ب ه الحكوم ة األمريكي ة في تل ك المرحل ة‪ ،‬كم ا بّين س مث أن أزم ة ب رلين لن تض عف حق وق‬
‫وواجبات والتزامات الواليات المتحدة في ألمانيا والسيما في برلين(‪.)4‬‬
‫ونظ رًا لع دم التوص ل الى اتف اق نه ائي ح ول موض وع الس يطرة الرباعي ة في ب رلين‪ ،‬فق د عق د ممثل و ال دول األرب ع‬
‫اجتماعًا في الثالثين من آب عام ‪ ،1948‬بّين خالله سمث أن الحلفاء الغربيين أرادوا من وراء ذلك االجتماع التوضيح‬
‫لالتح اد الس وفيتي وجه ات نظ رهم بش أن االزم ة(‪ ،)5‬وق د ج رى االجتم اع في أج واء مش حونة بالخالف ات وذل ك إلص رار‬
‫االتحاد السوفيتي على التمسك بمواقفه بخصوص الوضع في ألمانيا (‪.)6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) U. S. Department of State summaries of foreign diplomatic telegrams on the Berlin‬‬
‫‪Crisis, August 10,1948, Op, Cit. ,p: 1.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) U. S. Department of State summaries of foreign diplomatic telegrams on the Berlin‬‬
‫‪Crisis, August 11,1948, Op, Cit. ,p: 1.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) U. S. Department of State summaries of foreign diplomatic telegrams on the Berlin‬‬
‫‪Crisis, August 16,1948, Op, Cit. ,p: 1.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) U. S. Department of State summaries of foreign diplomatic telegrams on the Berlin‬‬
‫‪Crisis, August 25,1948, Op, Cit. ,p: 1.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(?) U. S. Department of State summaries of foreign diplomatic telegrams on the Berlin‬‬
‫‪Crisis, August 30,1948, Op, Cit. ,p: 1.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪(?) U. S. Department of State summaries of foreign diplomatic telegrams on the Berlin Crisis,‬‬
‫‪August 31,1948, Op, Cit. ,p: 1.‬‬

‫‪210‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫وبع د فش ل المس اعي ال تي ق ام به ا الس فراء الغربي ون الثالث ة في ش هري تم وز وآب من ع ام ‪ 1948‬ل دى االتح اد‬
‫السوفيتي‪ ،‬وإ لقاء األخير مسؤولية الحصار على عاتق الحلفاء الغربيين‪ .‬ومطالبة السوفيت بإعادة استخدام العملة األلمانية‬
‫القديم ة في من اطق االحتالل الغربي ة‪ ،‬ع د الحلف اء الغربي ون ذل ك بمثاب ة تح ٍد كب ير‪ ،‬ل ذا ق رروا إقام ة جس ر ج وي إلغاث ة‬
‫ب رلين‪ ،‬وفي ال وقت نفس ه عم دوا إلى ع رض أزم ة ب رلين على مجلس األمن في جلس ته المزم ع عق دها في ش هر تش رين‬
‫األول من العام نفسه‪ ،‬وبالفعل تمت مناقشة قضية حصار برلين في ظل أج واء مش حونة بالخالف ات(‪ ،)1‬وانتهت بتص ويت‬
‫(‪.)2‬‬
‫المجلس إلى جانب حل القضية‪ ،‬أال انه لم يستطع اتخاذ قرار ملزم بسبب النقض السوفيتي ‪Veto‬‬
‫يالح ظ مم ا تق دم أن مس الة ت دويل تل ك القض ية وجعله ا في إط ار األمم المتح دة س وف يص ب في مص لحة الحلف اء‬
‫الغربيين‪ ,‬فإذا ما تم التصويت على تلك القضية داخل المنظمة الدولية فستكون كفة الواليات المتحدة وحلفاءها ارجح من‬
‫كفة السوفيت وبذلك ي ربح األمريكيون والغ رب تلك القضية والسيما أن معظم المن دوبين في المنظمة المذكورة يميلون‬
‫إلى السياسة األمريكية أو بمعنى آخر سيطرة الواليات المتحدة األمريكية على المنظمة الدولية بطريقة أو أخرى‪.‬‬
‫وبعد هذا االستعراض يمكن القول أن التدابير التي اتخذها الحلفاء الغربيون بخصوص الوضع في مناطق احتاللهم‬
‫والتي تمثلت بدمج تلك المناطق اقتصاديًا في منطقة واحدة (بيزونيا) وعقدهم لمؤتمر لندن الذي اتخذوا فيه قرارات هامة‬
‫بشأن ألمانيا دون إشراك واستشارة االتحاد السوفيتي‪ ،‬كل ذلك أدى الى إثارة حفيظة األخير ودفعه الى اتخاذ إجراءات‬
‫كانت بمثابة رد فعل على تلك التدابير فقام السوفيت تبعًا لذلك بغلق الطرق المؤدية الى المناطق الغربية وفرض حصار‬
‫اقتصادي على المنطقة المذكورة‪ ،‬ونظرًا لعجز الحلفاء في التوصل الى صيغة حل توافقية بين الطرفين المتنازعين على‬
‫الرغم من عرض الموضوع على المنظمة الدولية‪ ،‬عمدت كل من الواليات المتحدة وحلفاؤها الغربيين الى إقامة جسر‬
‫جوي إلمداد برلين بما تحتاج أليه من مواد غذائية ووقود وغيرها من المواد‪ ،‬وللحيلولة دون انفراد السوفيت في تلك‬
‫المنطقة‪.‬‬
‫‪ -2‬الجسر الجوي وفك الحصار عن برلين‪:‬‬
‫بعد دراسة الموقف في برلين استقر رأي الواليات المتحدة على اعتماد الخيار السلمي واستبعاد الحل العسكري من‬
‫خالل قي ام الحلف اء ب التحليق ف وق الحص ار الس وفيتي وتجه يز ب رلين عن طري ق الج و‪ ,‬على أن ترس ل الم واد كم ا ق رر‬
‫الرئيس األمريكي ترومان عن طريق الممرات الجوية من فرانكفورت وهانوفر ‪ , Hanover‬وهامبورك ‪.)3(Hamburg‬‬
‫أن أول من قدم فكرة الجسر الجوي هو الفريق ألبرت ويدرمير ‪ ،Albert Wedermer‬القائد األم ريكي السابق في‬
‫الصين‪ ،‬الذي تم تجهيز قواته وتوفير اإلمدادات لها عن طريق الجسر الجوي فوق جبال الهماليا خالل الحرب(‪.)4‬‬

‫)) تشير الباحثة رغد فيصل عبد الوهاب نفاوة في ص ‪ 310‬الى أن التوترات في مجلس األمن كانت تنذر بحدوث حرب عالمية‬ ‫‪1‬‬

‫جديدة‪ .‬إال إننا ال نؤيد ذلك ألنه وخالل مدة الحصار فان بعض الساسة األمريكيين ومنهم مورفي وكالي قد أشارا إلى استبعاد‬
‫حدوث حرب بين الجانبين األمريكي والسوفيتي إبان تلك المدة‪ .‬ولإلطالع ينظر‪:‬‬
‫‪Telegram from the United States Political Adviser for Germany (Murphy) to the Director of the Office‬‬
‫‪of European Affairs (Hickerson), April 8, 1948, Cited in: F. R. U. S, Vol. ,11, 1948,p: 169.‬‬
‫)) رغد فيصل عبد الوهاب نفاوة‪ ,‬المصدر السابق‪,‬ص‪-310‬ص‪.311‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫;‪(?) John A. Garraty, Op, Cit. , p: 712;Melvyn P. Leffler, Op, Cit. ,p: 83‬‬
‫تشارلس أور‪ .‬ليرتش‪ ,‬الحرب الباردة وما بعدها‪ ،‬تعريب‪ :‬فاضل زكي محمد‪ ،‬دار الحرية للطباعة‪ ،‬بغداد‪ ،1976 ،‬ص‬
‫‪.31‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Memorandum of Conversation by the under Secretary of state (Lovett), Washington,‬‬
‫‪July 14,1948, , Cited in: F. R. U. S. , Vol. ,11,1948, p: 905.‬‬

‫‪211‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫لقد أثار هذا الخيار اعتراضين‪ ،‬األول انه من المستحيل عملي ًا تجهيز احتياجات برلين الغربية والتي قد تصل إلى‬
‫حوالي (‪ )45000‬طنًا من الطعام يوميًا عن طري ق الج و(‪ ،)1‬وق د ك ان الج نرال كالي واح دًا من اب رز ال ذين أث اروا ذل ك‬
‫االعتراض وذلك لصعوبة تجهيز إحدى العواصم الرئيسة عن طريق الجو‪ ،‬كما كان سمث‪ ،‬السفير األمريكي يتفق مع‬
‫كالي في ذلك الرأي‪ ،‬إذ أرسل برقية إلى وزارة الخارجية األمريكية أشار فيها إلى أن دعم الحياة االقتصادية في برلين‬
‫الغربية ال يتم عن طريق األطعمة فقط(‪ ،)2‬بمعنى أن األنشطة االقتصادية ال تقتصر على الغذاء فحسب وإ نما هناك العديد‬
‫من االحتياجات كالوقود الذي يعد مادة أساسية في ديمومة الصناعة‪ ،‬فضًال عن المواد الخام األخرى‪.‬‬
‫ام ا االع تراض الث اني فيكمن في أن الس وفيت ق د يق دمون على قط ع الجس ر الج وي الغ ربي مثلم ا قطع وا المم ر‬
‫األرض ي‪ ,‬على ال رغم من أن هن اك القلي ل من األش خاص ال ذين اعتق دوا ب ان الس وفيت ق د يعمل ون على تص عيد خط ير‬
‫لالزمة عن طريق إرسال مقاتالت ضد القوة الجوية األمريكية‪ ،‬األمر الذي سيؤدي الى اندالع الحرب بين الطرفين(‪.)3‬‬
‫وعلى ال رغم من تل ك االعتراض ات ك ان األمريكي ون والبريط انيون مص ممين على تحقي ق ه دفهم المتمث ل بم د‬
‫جسر جوي الى برلين الغربية حتى النهاية‪ ،‬فبعد يومين من فرض الحصار على برلين‪ ،‬أي في السادس والعشرين من‬
‫حزيران عام ‪ 1948‬أمر قائد القوات الجوية األمريكية في أوربا بمد الجسر الجوي وكانت تحت أمرته سبعون طائرة‬
‫وق ام (‪ )250‬طن ًا يومي ًا‪ ،‬وبمس اعدة ثالثين ط ائرة أخ رى أص بح ق ادرًا على نق ل (‪ )275‬طن ًا أخ رى‪ ،‬أال أن ذل ك لم يكن‬
‫يشكل جميع ما تحتاج أليه المدينة(‪ ،)4‬وبذلك يتضح أن الواليات المتحدة وحلفاءها الغرب يين ك انوا مص ممين على ع دم ت رك‬
‫المجال مفتوحًا أمام السوفيت‪ ،‬وقد عبر مورفي‪ ،‬المستشار السياسي للجنرال كالي‪ ،‬قائًال‪:‬‬
‫((إَّن االنسحاب من برلين سيكون ميونخ ‪.)5()) . . .1948‬‬
‫وفي السياق نفسه أوصى ارنست بيفن‪ ،‬وزير الخارجية البريطاني ة‪ ,‬بان يقوم رؤساء األركان في واشنطن ولندن‬
‫بتق ويم مشترك للوضع العسكري‪ ،‬بينما تتفحص سلطات التحالف في برلين لوجستيات تزويد المواطنين المدنيين هناك‬
‫بواسطة الجس ر الجوي‪ ,‬كم ا طلب بيفن من الحكوم ة األمريكي ة أن ترس ل الى أورب ا‪ ،‬ق وة من القاذف ات األمريكي ة الثقيل ة‬
‫لحاجة قوات الحلفاء الماسة اليها‪ ,‬وقد حظي ذلك بموافقة الرئيس األمريكي ترومان ووزير خارجيته(‪.)6‬‬
‫وعلى الرغم من الاستعدادات التي اتخذتها الواليات المتحدة وحلفاؤها الغربيون لمواجهة أية مضاعفات عسكرية قد‬
‫عق د‬
‫تنتج بس بب الحص ار الس وفيتي على ب رلين‪ ،‬أال أن ذل ك لم يمنعهم من إتب اع الوس ائل الدبلوماس ية لح ل االزم ة‪ ،‬إذ ُ‬

‫(?) للمزيد من اإلطالع حول عمليات النقل الجوي الى برلين ينظر‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Berlin Airlift rugged, Cited in: http: //www. History Navy. mil/downald/rugged, b. pdt,p: 1.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 4.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Ibid, p: 5.‬‬
‫(?) جون ماندر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪44‬؛‬ ‫‪4‬‬

‫‪Berlin Airlift rugged, Op,Cit. ,p: 1.‬‬


‫‪5‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 5.‬‬
‫يبدو أن مورفي كان يقصد من وراء ذلك أن الحصار االقتصادي السوفيتي قد يعجب القادة السوفيت ويشجعهم على‬
‫القيام بأمور أخرى ال تتفق مع مصالح الدول الغربية فتجد الواليات المتحدة نفسها في مواجهة سلسلة من األحداث‬
‫كتلك التي قام بها هتلر بعد مؤتمر ميونخ عام ‪ .1938‬و للمزيد من التفاصيل عن مؤتمر ميونخ والنتائج التي ت رتبت‬
‫عليه ينظر ‪ :‬فرقد عباس قاسم راشد موقف بريطانيا من التوسع األلماني في اوربا ‪ ،1939 -1938‬ص‪116‬‬
‫‪6‬‬
‫‪(?) Ibid, p: 5.‬‬

‫‪212‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫اجتم اع في موس كو بين س تالين وس فراء ال دول الغربي ة الثالث هن اك وخالل االجتم اع بّين س تالين أن ألماني ا ((اآلن))‬
‫مقسمة إلى دولتين‪ ,‬مع عاصمتين هما برلين وفرانكفورت‪ ,‬فطالما أن برلين لم تعد عاصمة كل ألمانيا ب ل عاصمة ألماني ا‬
‫الشرقية‪ ,‬فأنه لن يقب ل بإدخ ال عملة ألماني ا الغربية الجدي دة إلى المنطقة الشرقية‪ ،‬كم ا أوضح أن الحكومة السوفيتية لن‬
‫تقوم برفع الحصار عن برلين‪ ،‬إال إذا وافقت القوى الغربية على عملة ألمانيا الشرقية واعتبرتها النقد القانوني الوحيد في‬
‫اديا وداخل ة في منطق ة احتاللهم‪ ،‬أَّم ا بانيوش كين‪ ،‬الس فير الس وفيتي في واش نطن‪،‬‬
‫ب رلين على اعتب ار أنه ا تابع ة لهم اقتص ً‬
‫فأكد أن حكومته لن تقبل مسألة عقد مباحثات مع القوى األربع التي تحتل برلين‪ ،‬إال انه أوضح بان تلك المباحثات يجب‬
‫أن تناقش القضية األلمانية بأكملها ومن ضمنها الوضع القائم في برلين(‪.)1‬‬
‫لق د َع َّب َر ال رئيس األم ريكي ه اري تروم ان عن رفض ه ل رأي الحكوم ة الس وفيتية‪ ،‬وأش ار في ال وقت نفس ه الى أن‬
‫الوالي ات المتح دة س وف تبقى في ب رلين‪ ،‬ولم يكن ذل ك ردًا على كالم بانيوش كين فحس ب وإ نم ا ج اء أيض ا ك رٍد على‬
‫مح اوالت س تالين إح راج موق ف الق وى الغربي ة في ب رلين(‪ ،)2‬كم ا تعه د األمريكي ون والبريط انيون في األول من تم وز‬
‫بصورة علنية بأنهم سوف يدعمون سكان برلين الغربية (‪.)3‬‬
‫ونتيجًة لفشل المساعي الدبلوماسية األمريكية الرامية الى إنهاء أزمة برلين‪ ،‬وافق مجلس األمن القومي في واشنطن‬
‫على نق ل س بع وخمس ين ط ائرة من ن وع (س كاي ماس تر) ‪ Sky Master‬لتعزي ز الجس ر الج وي‪ ،‬وإ نش اء مط ار ث الث تم‬
‫بن اؤه خالل ثالثة اشهر فقط في منطقة االحتالل البريطاني ولغرض أدارته أرسل الجنرال فاندنبيرج ‪،Vandenberg‬‬
‫رئيس أركان القوة الجوية األمريكية‪ ،‬بطلب احد الضباط من الذين يمتلكون خبرة كبيرة في مجال النقل الجوي في كل‬
‫من الوالي ات المتحدة وبريطاني ا وقد وق ع االختي ار على الجنرال ولي ام تنر ‪ William Tunner‬الذي اكتس ب خبرت ه في‬
‫الحرب العالمية الثانية عندما كان مسؤوًال عن عملية استثنائية أمنت اإلمدادات للقوات األمريكية في الصين عن طريق‬
‫الجو فوق سلسلة جبال الهماليا في الهند‪ ،‬وصل الى مناطق االحتالل الغربية في الثامن والعشرين من تموزعام ‪1948‬‬
‫في الوقت الذي كانت فيه المواد المنقولة جوًا الى برلين ما تزال دون المستوى المطلوب بكثير(‪.)4‬‬
‫وبعد وصوله اتخذ تنر من قاعدة ويسبادن الجوية مقرًا لقيادته‪ ،‬ومن هناك وصف الجسر الجوي بأنه ((عبارة عن‬
‫ممارسة ذات كف اءة كاملة في ظل دورة جوي ة متكاملة وإ مدادات طبيعي ة عالي ة‪ ,‬بحيث تك ون الط ائرات ام ا في الجو أو‬
‫جار تحميلها أو على المدرجات جاهزة غير محملة‪ ,‬وتكون الطواقم على الطائرات في الجو أو تنتظر دورها‪.)5())...‬‬ ‫ٍ‬

‫(?) لق د أك د بانيوش كين ذل ك الموق ف الس وفيتي‪ ،‬في وقت س ابق‪ ،‬عن دما أعلن ب ان القي ادة الس وفيتية ُأج برت على‬ ‫‪1‬‬

‫اإلج راءات المتخ ذة في ب رلين لغ رض حماي ة مص الح الس كان األلم ان‪ ،‬وق د اعت بر أن الخط ر ال ذي يه ددهم م ازال‬
‫نظرا الستمرار الواليات المتحدة بسك وتداول العملة الجديدة في برلين‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مستمرا‬
‫‪Telegram from the Soviet Ambassador in Washington(Panyushkin) to the Secretary of State,‬‬
‫‪July 14, 1948,Cited in: F. R. U. S. , Vol. ,11,1948,p: 964.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) Telegram from the Ambassador in the Soviet Union (Smith) to the Secretary of State,‬‬
‫‪August 3,1948, Cited in: F. R. U. S,Vol. ,11, 1948, pp: 999-1006.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) The Berlin Airlift: We are going to stay, Op, Cit. ,p: 4.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 6‬‬
‫(?) حول كفاءة الجسر الجوي ينظر‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪D. M. Giangreco and Robert E. Griffin , Blockade lifted Air bridge to Berlin: The Berlin Crisis‬‬
‫‪of 1948, Cited in, http: //www. blockede lifted. Htm,pp: 1-2.‬‬

‫‪213‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫وك ان من أولى األعم ال ال تي ق ام به ا ت نر هي توحي د قي ادة الجس ر الج وي ووض عها تحت تص رفه‪ ،‬بع د أن ك انت‬
‫قيادته تتم بشكل مشترك بين الواليات المتحدة وبريطانيا‪ ،‬اما نائبه فكان العميد الجوي جي‪ .‬دبليو‪ .‬اف‪ .‬هيرين ‪G. W.‬‬
‫‪ ، .F. Heren‬أما العمل الثاني الذي قام به تنر فهو وضعه لمبادئ إرشادية لس لوك وتص رف ط واقم الجس ر الج وي(‪،)1‬‬
‫يتضح من ذلك أن األمريكيين كانوا جادين في إيصال المساعدات الى برلين الغربية بواسطة الجسر الجوي‪ ،‬وفض ًال عن‬
‫ذلك كانت اإلجراءات األمريكية بمثابة تحٍد لإلتحاد السوفيتي الذي حاول فرض هيمنته على كامل مدينة برلين‪.‬‬
‫وعلى ال رغم من تص ميم الحلف اء الغرب يين وعلى رأس هم الوالي ات المتح دة على اس تمرار تم وين ب رلين ج وًا‪ ،‬فق د‬
‫كانت هناك مشكلات فنية واجهت الجسر الجوي‪ ،‬ومنها عدم وجود كادر فني كاٍف يقوم بصيانة محركات الطائرات في‬
‫المنطقة الغربية من برلين في الوقت الذي تزداد فيه حركة الطائرات من والى المدينة المذكورة (‪ ،)2‬أم ا المش كلة األخ رى‬
‫(تمبله وف) ‪ Tempelhof‬في منطق ة االحتالل‬
‫فهي مش كلة المالح ة الجوي ة‪ ,‬إذ ك ان االق تراب من المط ار الم دني الس ابق‬
‫األمريكية يثير الكثير من الغبار (‪.)3‬‬
‫لقد كان هناك ثالثة مم رات جوي ة مس موح به ا لط يران الحلف اء وك ل واح د منه ا بع رض(‪ )32‬كم(‪ ،)4‬وفي األس ابيع‬
‫وى‪ )160‬ط ائرة فق ط معظمه ا من ن وع ‪C47‬ذاتال محرك اتال مزدوج ة‬
‫األولى من الجس ر الج وي لم يكن هن اك س (‬
‫ال ص غيرة ‪ ،‬وط ائرات من ن وعداكوت اس ‪ Dakotas‬بق درة حمول ة (‪ )10‬اطن ان‪ ،‬ولكن بالت دريج ب دأت ط ائرات اك بر مث ل‬
‫‪ C54 sky Master‬بق درة حمول ة (‪ )1535‬طن تط ير من القواع د األمريكي ة في ك ل أنح اء الع الم وب دأت الحم والت‬
‫المنقولة الى برلين تزداد‪ ,‬ففي شهر تموز عام ‪ 1948‬وصلت الى(‪ )2226‬طن ًا أو اقل بقليل مما تحتاج أليه برلين‬
‫آنذاك‪ ،‬ثم ما لبثت ان بلغتفي شهر آب( ‪ )3839‬طنًا‪ ،‬وقد وصلت الى أعلى مستوياتها في شهرتشرين األول إذ وصلتالى‬
‫(‪ )4076‬طنًا(‪.)5‬‬
‫وباإلضافة الى مسألة إمداد برلين بالمواد الغذائية‪ ،‬فقد واجهت الحلفاء مشكلة توفير الوقود الى المدينة السيما خالل‬
‫فصل الشتاء الذي تنخفض فيه درجات الحرارة كثيرًا‪ ،‬إذ تحتاج برلين الغربية في ظل تلك الظروف الى مقدار كب ير من‬
‫الفحم يصل الى أضعاف ما تحتاج أليه من الطعام لكي تحمي السكان من التجمد حتى الموت‪ ,‬وباإلضافة الى ذلك تحتاج‬
‫المدين ة الى ال ديزل والب نزين ال ذي تبل غ كمي ة م ا تحت اج ألي ه ح والي (‪ )100000‬طن وك ان نقل ه يتم بواس طة الخط وط‬
‫الجوية البريطانية(‪.)6‬‬
‫وفي ربيع سنة ‪ 1949‬كان الجسر الجوي في ذروته وكان يعمل بفعالية وتنسيق مثل خط نقل السكك الحديدية‪ ،‬إذ‬
‫ك ان هن اك اك ثر من (‪ )400‬ط ائرة منه ا (‪ )350‬أمريكي ة وأك ثر من (‪ )50‬بريطاني ة وك ان أغلبه ا من ط راز (س كاي‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 6.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) Norman Gelb,Op,Cit. ,p: 106; Douglas Botting, Op, Cit, p: 6.‬‬
‫(?) وص ف المالزم غي ل ه الفورس ‪ Gail Halvores‬من الق وة الجوي ة األمريكي ة‪ ،‬تمبله وف‪ ،‬بأن ه ك ان عب ارة عن‬ ‫‪3‬‬

‫نباتات مقصو صة مدمرة في كل مكان كما انه كان يبدو كمرعى أكثر من مطار للطائرات‪:‬‬
‫‪The Berlin Airlift: We are going to stay, period, Op, Cit. , p: 4.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Ibid,p: 3.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit, p: 7; Martin J. Hillenbrand, Op, Cit, pp: 5-7.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p. 7.‬‬

‫‪214‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫ماستر) و(داكوتاس) تترد بين المطارات الثالثة في برلين والمطارات في المناطق األمريكية والبريطانية‪ ,‬بمعدل طائرة‬
‫كل ثالث دقائق على مدار أربع وعشرين ساعة(‪.)1‬‬
‫وخالل عيد الفصح ‪ ,Easter Sunday‬من سنة ‪ 1949‬نقل الجنرال تنر ما دعاه‪ ،‬موكب عيد الفصح‪ ,‬مستخدمًا‬
‫ك ل الطاق ات المت وفرة لكي تحق ق حمول ة قياس ية من ج انب ولجع ل الس وفيت يقنع ون بع دم ج دوى عملهم‪ ,‬وق د ق امت‬
‫الطائرات بـ(‪ )398‬طلعة جوية وحملت تقريب ًا (‪ )13000‬طن من اإلمدادات الى المدينة المحاصرة وفي خضم اكثر من‬
‫(‪ )550000‬طلع ة جوي ة في غض ون ثالث ة عش ر ش هرًا نقلت أك ثر من (‪ )500000‬طن من الطع ام وأك ثر من (‬
‫‪ )500000‬طن من الفحم(‪.)2‬‬
‫إضافة الى م ا تقدم فقد حملت الط ائرات حم والت خاصة مث ل الطع ام للحيوان ات في حديقة حيوان ات ب رلين ورزم‬
‫أغذي ة خاص ة لألمه ات المرض عات وكب ار الس ن والمرض ى وحلوي ات ألعي اد الميالد وأوراق الس تخدامها في طباع ة‬
‫الصحف‪ ،‬وحوالي مليوني شجيرة من أجل استبدال األشجار التي تم قطعها وسيارات فولكس واكن ‪Volks Wagens‬‬
‫لشرطة برلين(‪.)3‬‬
‫يالحظ من خالل ما تقدم ان الجسر الجوي كان يعمل بفاعلية كبيرة ويظهر ذلك من خالل أنواع الحموالت المنقولة‬
‫والتي شملت حتى السيارات أيض ًا هذا من الناحية اللوجستية‪ ,‬ام ا من الناحية السياسية فقد كان ضربة كبيرة للحصار‬
‫الس وفيتي على ب رلين ونجاح ًا للسياس ة األمريكي ة والبريطاني ة الل تين وض عتا الخي ار العس كري جانب ًا واس تخدمتا الجس ر‬
‫الجوي الذي كان بديًال ناجحًا(‪ )4‬عن اآللة العس كرية‪ ,‬يض اف الى ذل ك ان الجس ر الم ذكور ك ان عب ارة عن عام ل دع ائي‬
‫لصالح الواليات المتحدة وحلفاؤها ضد االتحاد السوفيتي وبذلك تظهر الحرب الباردة بوضوح بين المعسكرين الغربي‬
‫والشرقي‪.‬‬
‫وعلى أي ة ح ال فبع د إدراك االتح اد الس وفيتي لفش ل الحص ار ال ذي فرض ه على ب رلين‪ ،‬واف ق على رف ع الحص ار‬
‫مقابل إجراء حوار بين األطراف األربع حول ألمانيا‪ ،‬وفي الثاني من أيار عام ‪ 1949‬تم رفع الحصار عن برلين واخذ‬
‫االتح اد الس وفيتي على عاتق ه ال تزام ض مان عملي ات النق ل واالتص ال الطبيعي ة بين ب رلين والمن اطق األلماني ة الخاض عة‬
‫إلدارة الحلفاء الغربيي ن‪ ،‬غير ان ستالين حاول ان يوضح للشعب السوفيتي بان الحصار كان نصرًا لهم(‪.)5‬‬
‫وهكذا يمكن القول ان الجسر الجوي الذي أقام ُه الحلفاء قد استطاع تحقيق نتائج ايجابية كانت تصب في مصلحة‬
‫القوى الغربية وعلى رأسها الواليات المتحدة وفي الوقت نفسه اثبت الحلفاء الغربي ون من خالله حيوية تحالفهم وقدرته‬
‫على مواجهة التدابير السوفيتية‪ ،‬غير انه من جانب آخر كان الجسر الجوي تكريس ًا لحالة الحرب الباردة بين الواليات‬
‫المتحد من جهة واالتحاد السوفيتي من جهة أخرى التي استمرت لفترة طويلة‪.‬‬
‫‪ -3‬نتائج حصار برلين‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) Ibid, p: 7.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) D. M. Giangreco and Robert E. Griffin, Op, Cit. ,p: 1; Douglas Botting, Op, Cit. , p:‬‬
‫‪7.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) D. M. Giangreco and Robert E. Griffin, Op, Cit. ,p: 1‬‬
‫(?) من الجدير بالذكر ان الجسر الجوي لم يكن يخلو من الحوادث إذ فقدت الواليات المتحدة وبريطانيا حوالي ثمانية‬ ‫‪4‬‬

‫‪.Douglas Botting, Op, Cit. , p. 8‬‬ ‫وأربعين عنصرًا من الذين ساهموا في عمليات الجسر الجوي‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(?) The Berlin Airlift: We are going to stay, Op, Cit. ,p: 5.‬‬

‫‪215‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫على الرغم من نجاح الحلفاء في كسر الحصار الذي فرضه االتحاد السوفيتي على برلين‪ ،‬غير ان الحصار ك ان ذا‬
‫نتائج سيئة على عموم أهالي المدينة الذين عاشوا بسبب الحصار في ظل ظروف معاشية صعبة جدًا السيما خالل اشهر‬
‫الشتاء القاسية في وقت لم تتعاف فيه المدينة من آثار الحرب األخ يرة(‪ ،)1‬وفض ًال عن ذل ك ازدادت الخس ائر البش رية من‬
‫جراء ذلك الحصار وبلغت حوالي خمس وستين حالة وفاة‪ ،‬ناهيك عن حاالت مرضية أخرى بدأت تظهر بسبب النقص‬
‫الشديد في األدوية والمستلزمات الطبية(‪.)2‬‬
‫وباإلضافة الى ذلك لم يكن لعملية فك الحصار أثر كبير من الناحية العسكرية إذ لم يكن للحلفاء الغربيين في داخل‬
‫ب رلين ق وات كب يرة ت وازي في حجمه ا الق وات الس وفيتية هن اك‪ ،‬األم ر ال ذي يمكن ع ده بمثاب ة نقط ة ض عف لموق ف‬
‫الحلفاء (‪.)3‬‬
‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬بقيت مشكلة برلين بعد الحصار بدون حل سلمي كما هي الح ال قبل وأثناء الحصار والجسر‬
‫الج وي‪ ,‬لكن م ا تغ ير بالفع ل ه و العالق ة بين الحلف اء الغرب يين وس كان مدين ة ب رلين‪ ،‬إذ ك ان األمريكي ون والبريط انيون‬
‫ينظ رون الى الجس ر الج وي بوص فه مهم ة إنس انية وب دأوا ينظ رون إلى أع دائهم الس ابقين (األلم ان) كرف اق في المحن ة‬
‫(الحصار)‪ ,‬وقد عبرت عن ذلك إحدى السيدات األلمانيات عندما أشارت الى أن الجسر الجوي كان الوسيط بين سكان‬
‫ب رلين وبين بقي ة الع الم الغ ربي‪ ،‬وفي الس ياق نفس ه كتب الج نرال كالي في تقري ر ل ه الى الك ونغرس موض حًا أن ه ش اهدَ‬
‫بنفس ه الحم اس ال ذي أظه ره س كان ب رلين وذل ك من خالل تنظيم جه ودهم م ع الق وى الغربي ة‪ ،‬وهك ذا يتض ح ان موق ف‬
‫سكان برلين أنفسهم قد تغير تجاه الحلفاء الغربيين بعد كسرهم للحصار السوفيتي(‪.)4‬‬
‫وفي ال وقت ال ذي ب دأت في ه العالق ات تتحس ن بين الحلف اء الغرب يين وبين س كان مدين ة ب رلين‪ ،‬ك انت العالق ات بين‬
‫الواليات المتحدة واالتحاد السوفيتي حول ألمانيا يشوبها التوتر‪ ،‬وعليه ولرأب الصدع بين الطرفين بدأت محادثات بينهم ا‬
‫في ش هر ش باط ‪ 1949‬وانتهت بموافق ة الط رفين على عق د اجتم اع ل وزراء خارجي ة ال دول األرب ع في ش هر نيس ان من‬
‫الع ام نفس ه‪ ،‬وفي غض ون ذل ك وقعت ال دول الغربي ة الثالث في واش نطن في ش هر نيس ان ع ام ‪ 1949‬على اتفاقي ة ذات‬
‫أهمية بخصوص ألمانيا نصت على منح األخيرة استقالًال ذاتيًا ينسجم مع وجود قوات الدول الغربية‪ ,‬كما عينت الحدود‬
‫ال تي تعم ل بموجبه ا الحكوم ة األلماني ة بع د تش كيلها م ع احتف اظ الحكوم ات الغربي ة الثالث بالس لطة العلي ا‪ ,‬وان توض ع‬
‫االتفاقيات بين ألمانيا والبالد األخرى موضع التنفيذ بعد واحد وعشرين يومًا من تقديمها رسميًا الى سلطات االحتالل‪ ,‬إال‬
‫إذا لم تواف ق عليه ا تل ك الس لطات وفيم ا ع دا ه ذه القض ايا ك ان للس لطات األلماني ة على المس توى الفي درالي والمس توى‬
‫اإلقليمي جميع الصالحيات(‪.)5‬‬
‫ومن جانبهم فقد بادر السوفيت الى تخفيف حدة التوتر الذي نتج عن فرضهم الحصار المذكور‪ ،‬وإ دراكهم لمدى‬
‫الفشل الذي خلفه واألثر السيئ الذي تركته مقاومة الحصار في اقتصاديات قطاعهم الشرقي‪ ,‬فكانت النتيجة عقد (اتفاقية‬
‫نيوي ورك) بين الج انبين في الخ امس من أي ار من الع ام نفس ه‪ ,‬وال تي تنص على ان يعم ل الفريق ان على رف ع القي ود‬
‫المفروض ة على انته اك المس افرين وتب ادل التج ارة بين ب رلين والماني ا الغربي ة‪ ,‬فض ًال عن دع وة وزراء الخارجي ة الى‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) D. M. Giangreco and Robert E. Griffin, Op, Cit. ,p: 4; Douglas Botting, Op, Cit. , p:‬‬
‫‪8.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) Adrian Webb, Op, Cit. , p: 183.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 8.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(?) Ibid, p: 8.‬‬
‫(?) رغد فيصل عبد الوهاب نفاوة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪-312‬ص‪.316‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪216‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫مؤتمر يعق د في ب اريس في الث الث والعش رين من أيارع ام ‪ ،)1(1949‬ويب دو ان ه دف االتح اد الس وفيتي من عق د م ؤتمر‬
‫باريس هي إلعاقة أو على األقل تأخير إقامة دولة في ألمانيا الغربية‪ ،‬ولم يكن الهدف (الحقيقي) حل االزمة القائمة مع‬
‫الواليات المتحدة وحلفاؤها بشأن ألمانيا‪.‬‬
‫لق د س بق انعق اد م ؤتمر وزراء الخارجي ة في ب اريس العدي د من اإلج راءات س واء ك انت من الج انب الس وفيتي أم‬
‫الحلف اء الغرب يين‪ ,‬ففي ش هر آي ار ق دم المارش ال سوكولوفس كي مش روعاً يقض ي ببس ط نف وذهم على المنطق ة الش رقية‪،‬‬
‫‪ ،Dean Acheson‬وزير الخارجية األمريكي ة الجدي د‪ ،‬في ش هر حزي ران من الع ام نفس ه‬ ‫(‪)2‬‬
‫وبالمقابل قدم دين اتشيسون‬
‫مش روعًا باس م الحلف اء الغرب يين تض من إج راء انتخاب ات ح رة في قطاع ات ب رلين األرب ع‪ ،‬وإ يج اد تس وية عام ة للمش كلة‬
‫األلمانية‪ ,‬وفضًال عن ذلك طالَب اتشيسون بأن تتخذ قرارات الحلفاء األربعة الخاصة بألمانيا باإلجماع(‪.)3‬‬
‫وعند انعقاد مؤتمر باريس في الثالث والعشرين من أيار عام ‪ ،1949‬حاول االتحاد السوفيتي استغالل المؤتمر في‬
‫إعاق ة ت أليف دول ة في ألماني ا الغربي ة‪ ،‬كم ا ان الس وفيت لم يط البوا كم ا في الس ابق بالعش رة ملي ارات دوالر كتعويض ات‬
‫للخس ائر ال تي تكب دوها‪ ،‬إال أنهم ط البوا ب الرجوع الى المب ادئ ال تي ب نيت عليه ا اتفاقي ة بوتس دام‪ ،‬المش ار أليه ا آنف ًا‪ ،‬كم ا‬
‫اقترح السوفيت إعادة الحكومة الرباعية القديمة في برلين وفي ألمانيا كلها‪ ,‬فض ًال عن تشكيل مجلس دولي ألماني مؤلف‬
‫من أعض اء اإلدارة االقتص ادية القائم ة في ش رقي ألماني ا وغربيه ا ويت ولى المجلس المق ترح المس ؤوليات االقتص ادية‬
‫واإلدارية ويكون خاضعًا لمجلس الحلفاء لمراقبة المانيا‪ ،‬وبالمقابل قاَم الحلفاء الغربي ون بتقديم اقتراح معاكس وهو ان‬
‫القضية األلمانية ينبغي ان تقدم على القانون األساس وذلك بوضع ترتيبات مناسبة تجعل المقاطعات الداخلة في منطقة‬
‫االحتالل السوفيتي ترضى بها(‪ ،)4‬واقترحوا أيضًا سن دس تور احتالل رب اعي تت ولى اإلش راف على ألماني ا بموجب ه لجن ة‬
‫عليا رباعية تصدر قراراتها –إال في األحوال الخاصة‪ -‬بأكثرية األصوات إال ان المندوب السوفيتي رفض هذه الخطة‬
‫ألنه وجد فيها محاولة إلكساب االحتالل صفة قانونية وإ طالة أمده‪ ،‬لذا فقد أصر على وجوب وضع معاهدة للصلح‪ ,‬غير‬
‫ان ذلك قوبل بالرفض من الدول الغربية التي احتجت بان المسائل الكثيرة المعلقة تجعل هذه الخطوة عديمة الجدوى(‪.)5‬‬
‫وهكذا لم يتمكن وزراء الخارجية من الوصول الى اتفاق محدد حول تسيير األمور في ألمانيا الى ان يتم اتفاق في‬
‫المس تقبل ح ول توحي دها اقتص اديًا وسياس يًا‪ ،‬على ان تق وم س لطات االحتالل بالتش اور فيم ا بينه ا ألتب اع الط رق ال تي من‬
‫شأنها ان تخفف من االنفصال اإلداري في ألمانيا وبرلين(‪.)6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) Daniel F. Harrington, Op, Cit. , pp: 110-111.‬‬
‫(?) دين اتشيس ون (‪ :)1971 – 1895‬سياس ي أم ريكي عم ل في المحام اة ثم م ا لبث أن انض م إلى الس لك‬ ‫‪2‬‬

‫الدبلوماس ي‪ ،‬وفي ع ام ‪ 1945‬عين كوكي ل ل وزارة الخارجي ة األمريكي ة‪ ،‬وفي ع ام ‪ 1949‬أص بح وزي رًا للخارجي ة‬
‫األمريكية ساهم في إنشاء العديد من المنظمات الدولية أبرزها الناتو‪ ،‬ولعب دورًا فعاًال في ابتكار مبدأ ترومان وبعد‬
‫االنتخاب ات الرئاس ية ع ام ‪ 1952‬ع اد إلى ممارس ة مهن ة المحام اة‪ ،‬وأص بح مستش ارًا غ ير رس مي للرؤس اء كني دي‬
‫وجونسون ونيكسون‪ ،‬وتوفي عام ‪ ،1971‬للمزيد ينظر‪:‬‬
‫‪Wikipedia,the free encyclopedia, Cited in: http: //Wikipedia. Org/wiki/Achesoon,p: 1- 2.‬‬
‫(?) رغد فيصل عبد الوهاب نفاوة‪ ,‬المصدر السابق‪ ,‬ص‪.313‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫‪(?) Adam B. Ulam, Op, Cit, pp: 686-688.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(?) Daniel J. Nelson, Op, Cit. , pp: 3-4.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪(?) James McAllister, Op, Cit. , pp: 165-66.‬‬

‫‪217‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫يظه ر مم ا تق دم ان الحلف اء لم يتمكن وا من التوص ل الى ح ل نه ائي وش امل فيم ا يتعل ق بالقض ية األلماني ة عموم ًا‬
‫وقض ية ب رلين على وج ه الخص وص ويع ود الس بب في ذل ك وكم ا ك ان في الس ابق الى ع دم وج ود رغب ة (حقيقي ة) ل دى‬
‫السوفيت لحل القضية وإ صرارهم على بعض األمور غير المنطقية خاص ًة وان السوفيت يدركون ان حسم مسألة ألمانيا‬
‫وأزمة برلين هو ليس في مصلحتهم السيما وان الواليات المتحدة وبريطانيا أرادتا جعل ألمانيا جدارًا بوجه الشيوعية‪.‬‬
‫وعلى أي ة ح ال فق د ب دأت الوالي ات المتح دة وحليفتاه ا الغربيت ان القي ام بوظ ائفهم‪ ،‬إذ وض عت وظ ائف الق ادة الكب ار‬
‫العسكرية ووظائف المفوضين السامين المدنية قيد التنفيذ‪ ,‬وألف هؤالء هيأة عرفت بـ((اللجنة الحليفة العليا)) وتبقى هذه‬
‫على اتصال دائم مع الحكومة األلمانية‪ ,‬ونص على ان ُيعاد النظر في هذا النظام في مدة ثمانية عشر شهرًا على األكثر‬
‫بغية توسيع صالحيات السلطات األلمانية(‪.)1‬‬
‫يظهر ان الشكوك استمرت تراود الحلفاء من ان ينتهج السوفيت السلوك نفسه ويعيدون الكرة مرة أخرى‪ ,‬إذ عمل‬
‫الحلفاء آنذاك على استمرار الجسر الجوي حتى بعد رفع الحصار السوفيتي عن برلين لمدة شهر‪ ,‬كما ان مجاميع كبيرة‬
‫من الشاحنات أخذت تتوافد على برلين عن طريق البر من الغرب وبكميات كبيرة‪ ،‬وقد بلغت الكميات المنقولة الى برلين‬
‫ع بر الجس ر الج وي في أي ار ‪ )250818( 1949‬طن ًا وفي ش هر حزي ران (‪ ،)240325‬وفي تم وز من الع ام نفس ه‬
‫(‪ )253090‬طنًا(‪.)2‬‬
‫أيضا‪ ,‬إذ تم تقرير وتحديد مستقبل ألمانيا في تلك‬
‫ً‬ ‫فاصال‪ ,‬ليس أللمانيا فحسب بل ألوربا‬
‫ً‬ ‫لقد كان عام ‪ً 1949‬‬
‫حدا‬
‫السنة وتم حل معظم االنقسامات السياسية والعسكرية في العالم‪ ،‬ففي الثالث والعشرين من أيار أي بعد احد عشر يوماً‬
‫من رفع الحصار عن برلين قامت جمهورية ألمانيا الفدرالية في المناطق الغربية الثالث وقد ظهر فيها حزبان سياسيان‪،‬‬
‫وهما الحزب االشتراكي الديمقراطي بزعامة كورت شوماخر ‪ Kurt Schumacher‬وكان يدعو الى توحيد ألمانيا‪ ،‬كما‬
‫كان يصر على عدم التنازل عن إقليم السار أو المناطق التي ضمت الى بولندا وقد وصفته الدوائر الغربية بالصالبة(‪.)3‬‬
‫اما الحزب اآلخر فهو الحزب الديمقراطي المسيحي وكان بزعامة كونراد اديناور(‪ Konarad Adenauer )4‬ال ذي‬
‫ك ان يمي ل الى السياس ة الغربي ة أك ثر من ش وماخر الس يما ان ه قب ل نوع اً من الحكم الف درالي كم ا ك ان يس عى الى إيج اد‬
‫قلقا من الناحية‬
‫طريقة للتعايش مع الغرب وفضالً عن ذلك فان حزبه كان يمثل جماعات الوسط‪ .‬لقد بقي وضع برلين ً‬
‫السياسية وغير مستقر كما كان في السابق‪ ،‬إال ان تحالف ألمانيا الغربية مع الواليات المتحدة األمريكية والغرب قد انبثق‬
‫مباشرة نظراً للظروف التي نتجت عن حصار برلين‪ ,‬وقد كان هذا بحد ذاته مقياس نصر الحلفاء وخسارة السوفيت(‪.)5‬‬

‫(?) رغد فيصل عبد الوهاب نفاوة‪ ،‬المصدر السابق‪ ,‬ص‪.316‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪(?) The Berlin Airlift: We are going to stay period, Op, Cit. , p: 5; Hans Speier, Op,Cit. , p: 4; D.‬‬
‫‪M. Giangreco and Robert E. Griffin, Op, Cit. ,pp: 10-11.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Adrian Webb, Op, Cit. , p: 88.‬‬
‫(?) ك ونراد ادين اور (‪ )1961-1876‬مستش ار ألماني ا الغربي ة‪ ،‬ول د ‪ 1876‬تعلم في فرانكف ورت ومي ونخ وب ون‪ ،‬انض م الى‬ ‫‪4‬‬

‫الح زب الك اثوليكي‪ ،‬أص بح ن ائب عم دة كول وني ع ام ‪ ،1906‬عض و اللجن ة التنفيذي ة للح زب بين ع امي ‪ ،1933-1928‬أوق ف‬
‫الح زب الن ازي عض ويته في ذل ك ال وقت وأزاح ه من منص به ع ام ‪ ،1933‬س جن في الم دة بين ‪ ،1944-1934‬أس س الح زب‬
‫المس يحي ال ديمقراطي في ع ام ‪ ،1945‬اص بح عض وًا في المجلس االستش اري في المنطق ة ال تي احتلته ا بريطاني ا بع د هزيم ة‬
‫ألمانيا في الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وترأس الجمعية التأسيسية في بون بين عامي ‪ ،1949-1948‬ثم أصبح أول مستش ار أللمانيا‬
‫الغربية عام ‪ ،1949‬عبد الوهاب ألكيالي وكامل زهيري‪ ,‬الموسوعة السياسية‪ ،‬مطبعة المتوسطة‪ ،‬بيروت‪ ،1974 ،‬ص‪.34‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 8.‬‬

‫‪218‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫وقد اعترف السوفيت بتلك الخسارة أو باألحرى بالهزيمة السياسية‪ ،‬إذ ان حصار برلين لم يفش ل فقط لكنه تسبب‬
‫لهم بإحراج سياسي(‪ ،)1‬كما ان سكان برلين الغربية رفضوا بازدراء ك ل المح اوالت الس وفيتية الس تمالتهم‪ ،‬كم ا رفض وا‪،‬‬
‫باستثناء عشرين ألفًا منهم‪ ،‬الع رض الس وفيتي لبطاق ة المؤون ة (بطاق ة الحص ة التمويني ة) ل برلين الش رقية(‪ ،)2‬الس يما وان‬
‫الحصار الذي فرض على برلين أدى الى إعاقة تطور اقتصاد ألمانيا الشرقية بعد عزلها عن المناطق الغربية خصوص ًا‬
‫كان اقتصاد ألمانيا الغربية قد بدأ بالنهوض في أعقاب تجديد النقد فيها‪ ،‬وعلى الرغم من التكلفة الباهضة للجسر الجوي‬
‫أال ان العملية كانت من اشد العمليات جرأة في ميدان الحرب الباردة‪ ،‬وكان لنجاح العملية بحد ذاته أهمية سياسية كبرى‬
‫ليس في ألماني ا فحس ب وإ نم ا في أورب ا بأكمله ا‪ ،‬فأولئ ك ال ذين ك انوا يحجم ون وي ترددون عن مقاوم ة الض غط الس وفيتي‬
‫(الشيوعي) اخذوا يتشجعون على الظهور وأثبتت االنتخابات العامة التي جرت في كل من فرنسا وايطاليا انكماش النفوذ‬
‫الشيوعي في كلتيهما(‪.)3‬‬
‫وفي ألماني ا الغربي ة فق د حظي الش يوعيون بفش ل كب ير أثن اء االنتخاب ات العام ة‪ ،‬ومن ذ ذل ك الحين لم يع د االتح اد‬
‫السوفيتي يعتمد على وجود حزب شيوعي في ألمانيا الغربية‪ ،‬وفوق ذلك كله فان الضغط الشيوعي على برلين بدالً من‬
‫ان يشيع الفرقة بين الحلفاء الغربيين‪ ,‬دفعهم الى التقارب والعمل على حسم م ابينهم من خالفات بشان القضية األلمانية‬
‫ولم تعد فرنسا تقف موقف المع ارض من إقام ة حكوم ة مركزي ة في ألماني ا الغربي ة(‪ ,)4‬كم ا وافقت على التع اون االقتص ادي‬
‫برلين فان الحصار كان له مردود ايجابي إذ رفع الروح المعنوية بين سكان برلين واستطاع‬ ‫معها؛ أما فيما يتعلق ب‬
‫الحلف اء الغربي ون ان يقيم وا في القس م الغ ربي نظام ا ً ديمقراطي اً ع رف باس م (ألماني ا االتحادي ة) و ض مت اكثري ة من‬
‫(‪.)5‬‬
‫الديمقراطيين‬ ‫الديمقراطيين االشتراكيين وأقلية من الديمقراطيين المسيحيين واألحرار‬
‫يتضح لنا ان الحصار الذي فرضه السوفيت على برلين الغربية قد جاء بنتائج عكسية إذ أدى الى زيادة التقارب‬
‫بين الحلف اء الغرب يين‪ ،‬وفي ال وقت نفس ه أض عف موق ف الس وفيت في ألماني ا الى درج ة ان األخ يرين عج زوا عن إيج اد‬
‫قاع دة ش يوعية يمكن االعتم اد عليه ا في تنفي ذ اه داف سياس تهم الخارجي ة في ألماني ا‪ ،‬وفض ًال عن ذل ك يتض ح أن الحي اة‬
‫السياسية في ألمانيا قد بدأت من جديد ولكن على أسس جديدة تختلف عن تلك التي وضعها نظام هتلر الشمولي الذي قاد‬
‫البالد الى أت ون الح رب العالمي ة الثاني ة ال تي أدت الى انهي ار الب نى التحتي ة االقتص ادية واالجتماعي ة أللماني ا وأدت الى‬
‫خضوعها الحتالل القوى األربع‪.‬‬
‫لق د ق ام الق ادة العس كريون المحلي ون األمريكي ون‪ ,‬في ظ ل ظ روفهم الخاص ة للحاج ة الملح ة باالس تعانة في أداء‬
‫األعم ال باأللم ان ال ذين ن اوئوا نظ ام هتل ر وخاص ة ال ذين لم تكن لهم ارتباط ات وثيق ة ب ه أو من ال ذين تم يزوا بص فات‬
‫تؤهلهم ليكونوا قادة مستقلين‪ ،‬وكان من ابرز هؤالء كونراد اديناور‪ ،‬الذي ألف حكومة عقب فوزه في االنتخابات التي‬
‫جرت في أيلول عام ‪.)6(1949‬‬

‫را للس وفيت‪ .‬ينظ ر‪:‬‬


‫(?) من الجدير بالذكر ان ستالين لم يعترف بتلك الخسارة وعد النتائج التي ت رتبت عن حص ار ب رلين نص ً‬ ‫‪1‬‬

‫‪.The Berlin Airlift: We are going to stay period, Op, Cit. , p: 5‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(?) John A. Garraty, Op, Cit. ,p: 712.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 8.‬‬
‫(?) انصب الموق ف الفرنس ي على من ع قي ام ألماني ا موح دة تس يطر على منطق ة ال راين و ال رور وذل ك وفق اً لطروح ات األمن‬ ‫‪4‬‬

‫الفرنسي لفترة ما بعد الحرب‪ .‬ينظر‪:‬‬


‫‪John W. Young, Op,Cit. , p: 26;Adrian W‬‬ ‫‪ebb, Central and Eastern Europe since 1919, p: 115.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(?) Douglas Botting, Op, Cit. , p: 8.‬‬

‫‪219‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫ويظهر ان الساسة االمريكيين نجحوا الى حدٍ ما في دعم األلمان في منطقة احتاللهم وأوصلوهم الى مرحلة سياسية‬
‫واقتص ادية جدي دة‪ ,‬وتمكن وا من إفش ال الحص ار والمخط ط الس وفيتي ال ذي ك ان ي رمي الى إح راج موق ف االمريك يين في‬
‫ب رلين وإ ظه ارهم بمظه ر الض عفاء هن اك مم ا ي ؤدي الى رف ع مكان ة الس وفيت كي يتمكن وا من اس تغالل تل ك الفرص ة‬
‫ويعملون على نشر الشيوعية بكل أرجاء ألمانيا ومن ثم طرد االمريك يين وحلفاؤهم منها‪ ،‬أال ان ما حدث كان العكس إذ‬
‫ق وي مرك ز الوالي ات المتح دة وتغ يرت نظ رة الس كان األلم ان لهم‪ ،‬وفض ًال عن ذل ك لم تكت ف الوالي ات المتح دة بإقام ة‬
‫ايضا الى نشر وتقوية الافكار الديمقراطية وذلك لكي تمنع حاالت‬
‫ً‬ ‫حكومة فدرالية المركزية في ألمانيا الغربية‪ ،‬بل سعت‬
‫ع دم االس تقرار ال تي ك انت س ائدة في الحكوم ات األلماني ة الس ابقة وربم ا ارادت من ذل ك من ع تك رار مجيء نظ ام مش ابه‬
‫لنظام هتلر الشمولي‪.‬‬
‫وفي والوقت الذي كانت فيه جهود الحلفاء الغربيين وعلى رأسهم الواليات المتحدة مستمرة إلقامة حكومة ألمانية‬
‫تتجه في سياستها الخارجية الى الدول الغربية‪ ،‬كانت حدة الحرب الباردة تأخذ منحًى آخر وتمثل ذلك بنجاح السوفيت‬
‫في تفجير أول قنبلة ذرية في الثالث والعشرين من أيلول من العام نفسه وبذلك حققوا التكافؤ مع الواليات المتحدة القوة‬
‫العظمى المنافسة لهم(‪ ،)1‬وهكذا فقدت الواليات المتحدة عنصرًا مهمًا يتمث ل ب التفوق ال ذري ال ذي ك ان بمثاب ة ورق ة رابح ة‬
‫يمكن استخدامها ضد االتحاد السوفيتي في حال تزايد الخطر السوفيتي بشكل ال ينسجم والمصالح األمريكية‪.‬‬
‫ويب دو أن الس وفيت ح اولوا االس تفادة من الوض ع الجدي د الى ح ٍد كب ير‪ ،‬إذ ق اموا في الخ امس من تش رين األول من‬
‫العام نفسه باإلعالن رسميًا عن إقامة جمهورية ألمانيا الشرقية في منطقة االحتالل السوفيتية في ألماني ا‪ ,‬وتم اإلعالن عن‬
‫برئاسة اوتو جروتول ‪ ،)3( Otto Grotewohle‬ويبدو ان إقامة ألمانيا الش رقية ك ان بمثاب ة‬ ‫(‪)2‬‬
‫أول حكومة ألمانية شرقية‬
‫رد فعل على قيام الحلفاء الغربيين بإقامة ألمانيا الغربية التي ترأسها اديناور‪.‬‬
‫وهك ذا يمكن الق ول ان حص ار ب رلين ال ذي أراد من ورائ ه الس وفيت إض عاف موق ف الحلف اء الغرب يين الثالث ة في‬
‫ألمانيا‪ ،‬قد جاء بنتائج عكسية كانت تصب في خانة الواليات المتحدة وحلفاؤها‪ ،‬إذ كان من أبرز النتائج التي تمخضت‬
‫عن الحصار المذكور وعن الجسر الجوي الذي أقامه الحلفاء ازدياد التقارب بين سكان برلين الغربية وبين الحلفاء‪ ،‬في‬
‫الوقت الذي لم يستطع فيه السوفيت الحصول على قاعدة قوية‪ ،‬وأدى ذلك الى ازدياد حدة الحرب الباردة بين المعسكرين‬
‫الغ ربي والش رقي ودفعهم إلى التمس ك بم واقفهم وق د نتج عن ذل ك قي ام الوالي ات المتح دة وحلفاؤه ا بإقام ة دول ة ألماني ا‬
‫الغربي ة االتحادي ة في من اطق احتالله ا‪ ،‬وق د تمث ل رد الفع ل الس وفيتي‪ -‬ال ذي تع ززت قدرت ه العس كرية ب امتالك الس الح‬
‫الذري‪ -‬حيال تلك الخطوة الغربية بإقامة دولة ألمانيا الشرقية وبذلك انقسمت ألمانيا إلى قسمين بسبب اختالف وجهات‬
‫النظر والتوجهات للقوى الكبرى‪.‬‬

‫(?) ‪Douglas Botting, Op, Cit. , p: 8; James McAllister, Op,Cit. ,p: 169; Robert D. chulzinger, Op,Cit., p:‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪.219‬‬

‫‪1‬‬
‫‪(?) Adam B. Ulam, Op, Cit. , pp: 652-645; Edward Fursdon, The European Defense‬‬
‫‪community a history, New York. 1980, p: . 97.‬‬
‫(?) بل غ ع دد س كان ألماني ا الش رقية س بعة عش ر ملي ون نس مة أي اق ل من واح د الى ثالث من س كان ألماني ا الغربي ة‬ ‫‪2‬‬

‫االتحادية ونقل مساحتها الى النصف من حجم األخيرة‪ .‬لإلطالع ينظر‪.Hans Speier, Op, Cit. , p: 4 :‬‬
‫(?) ‪Douglas Botting, Op, Cit. , p: 8; John Lweis Gaddis, Op,Cit. ,pp: 71-74; Robert D.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.Schulzinger, Op,Cit. ,p: 264‬‬

‫‪220‬‬
‫تموز‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪8/‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫عملت الواليات المتحدة االمريكية على دمج منطقة احتاللها في المانيا مع منطقتي االحتالل البريطاني والفرنسي‬
‫وتكونت منطقة االحتالل السوفيتية‪ ،‬وفي الوقت نفسه عملت على التعامل المنطقة الغربية بشيء من المرونة من خالل‬
‫السماح لبعض االحزاب السياسية االلمانية بممارسة نشاطها السياسي وكان غرض الواليات المتحدة وحلفائها من ذلك‬
‫استئصال الفكر النازي في المانيا‪.‬‬
‫وهك ذا ادت تل ك االج راءات الى اس تمالة س كان المنطق ة الغربي ة الى ج انب المعس كر الغ ربي‪ ،‬وه و م انتج عن ه سد‬
‫ابواب المنطقة الغربية بوجه النفوذ الشيوعي‪ ،‬اال ان ذلك االمر ولد رد فعل سوفيتي‪ ،‬اذ قام السوفيت بمحاصرة برلين‬
‫الحراج موقف الحلفاء الغريبين وذلك من خالل استقالل الحصار الثارة سكان منطقة االحتالل الغربية في المانيا بوجه‬
‫الواليات المتحدة وحلفائها الغربيين‪.‬‬
‫وعليه وكمحاولة من قبل الحلفاء الفشال ذلك الحصار ثم انشاء جسر جوي المداد المنطقة المحاصرة بما تحتاج‬
‫اليه‪ ،‬وهكذا استخدمت الواليات المتحدة المساعدات االقتصادية كوسيلة من وسائل مواجهة االتحاد السوفيتي‪ ،‬اذ كان من‬
‫ابرز النتائج التي تمخضت عن حصار برلين والجسد الحيوي هو االنتصار المعنوي الذي الحلفاء وقد تمثل باستعماله‬
‫سكان المنطقة الغربية الى جانب الحلفاء الغربيون‪.‬‬
‫ومن الج دير بال ذكر ان الوالي ات المتح دة ح اولت اس تخدام الس الح ال ذري ك اداة في الوص ول الى تحقي ق اه داف‬
‫سياستها الخارجية وذلك من خالل تهديد حالفائها وخصومها على حد سواء وهو ما اشر بداية مرحله جديدة كانت بمثابة‬
‫نتيجة جديدة ومهمة من نتائج الحرب العالمية الثانية‪.‬‬

‫‪221‬‬

You might also like