Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 214

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬

‫‪Deanship of E-Learning and Distance Education‬‬

‫اسم المقرر‬
‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية‬
‫والمذاهب‬
‫أستاذ المقرر‬ ‫جامعة الملك فيصل‬
‫د‪ /‬زياد بن عبدهللا الحمام‬
‫مركز الدراسات المساندة‬

‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬


‫‪All Rights‬‬‫© ‪1 Reserved for KFU‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪1‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬
‫األولى‬

‫المحاضرة األولى‬

‫تعريف العقيد ِة اإلسالمية‬


‫ُ‬
‫وبيان ُك ٍّل ِمن‪ :‬خصا ِئ ِصها وأ َه ِمي ِة دراس ِتها‬
‫ُ‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪2‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة األولى‬

‫أولا‪ :‬تعريف العقيدة لغةا واصطالحا ا‬


‫ثانيا ا‪ :‬خصائص العقيدة اإلسالمية‬
‫ثالثا ا‪ :‬أهمية دراسة العقيدة اإلسالمية‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪3‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أ – معنى العقيدة لغة‪:‬‬


‫مأخوذة من عقد الحبل وش ّده ‪ ،‬ليكون أشد استيثاقا‪.‬‬
‫ثم استعيرت لبعض المعاني ‪ ،‬مثل‪ :‬عقد اليمين ‪ ،‬وعقد البيع ‪ ،‬وعقد النكاح ‪ ،‬كما في قوله‬
‫اخذُكُ ُم ّللا ُ بِالل ْغ ِو فِي أ ا ْي امانِكُ ْم اولا ِكن يُ اؤ ِ‬
‫اخذُكُم بِ اما عاقدت ُّ ُم األ ا ْي اما ان ) ( المائدة‪، )89:‬‬ ‫تعالى‪( :‬ل ا يُ اؤ ِ‬
‫وقوله تعالى‪ ( :‬ايا أايُّ اها الذِي ان آ امنُواْ أ ا ْوفُواْ ِب ْال ُعقُو ِد ) ( المائدة‪.) 1:‬‬
‫كما استعملت في األمور القلبية‪ :‬كالنية ‪ ،‬واإلرادة ‪ ،‬والقصد ‪ ،‬والعزم المؤكد ‪ ،‬وما يدين به‬
‫اإلنسان سواء كان حقا أو باطال‪.‬‬
‫إذن فمدار كلمة (عقد) باستعمالها الحسي أو المعنوي أو القلبي حول الوثوق والثبات‬
‫والصالبة في الشيء‪.‬‬
‫ب – معنى العقيدة اصطالحا بالمفهوم العام‪:‬‬
‫هي اإليمان الجازم الذي ل يتطرق إليه شك لدى معتقده‪ ،‬ويجب أن يكون مطابقا للواقع ‪ ،‬ل‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪4‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫يقبل شكا ول ظنا‪.‬‬


‫ج – معنى العقيدة اإلسالمية اصطالحا بالمفهوم الخاص‪:‬‬
‫هي اإليمان الجازم باهلل ‪ ،‬وما يجب له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته ‪ ،‬واإليمان‬
‫بمالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقدر خيره وشره ‪ ،‬وبكل ما جاءت به النصوص‬
‫الصحيحة من أصول الدين وأمور الغيب وأخباره ‪ ،‬وما أجمع عليه السلف الصالح‪.‬‬
‫ومن ثم يكون هذا التعريف قد اشتمل على‪:‬‬
‫‪ - 1‬أركان اإليمان الستة ‪ ،‬وهي ما تسمى بأركان العقيدة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ - 2‬مصادر العقيدة اإلسالمية‪ :‬القرآن الكريم ‪ ،‬السنة النبوية ‪ ،‬اإلجماع‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪5‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫يُقصد بخصائص العقيدة‪ :‬صفاتها البارزة المميزة لها عما سواها من العقائد والمذاهب‬
‫األُخرى‪.‬‬
‫من أهم هذه الخصائص‪:‬‬
‫‪ - 1‬أنها ربانية المصدر‪:‬‬
‫إن العقيدة اإلسالمية مصدرها وحي إلهي رباني ‪ ،‬وذلك باعتمادها على الكتاب والسنة‬
‫وإجماع السلف ‪ ،‬ولهذا يجب أن يوقف بها عند الحدود التي بينها الوحي ؛ فال مجال فيه‬
‫لزيادة أو نقصان ‪ ،‬أو تعديل أو تبديل ‪ ،‬إذ إن هذا الوحي تلقاه الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫ليهتدي به ويدل عليه‪.‬‬
‫ول تُوجد هذه الخاصية في العقائد والمذاهب األُخرى التي تعتمد على العقل والنظر ‪ ،‬أو علم‬
‫الكالم والفلسفة ‪ ،‬أو اإللهام والكشف ‪ ،‬أو الرؤى واألحالم ‪ ،‬أو على أشخاص يزعمون لهم‬
‫العصمة – غير األنبياء ‪ ، -‬أو يزعمون إحاطتهم بعلم الغيب – من أئمة أو رؤساء أو أولياء‬
‫أو نحوهم ‪ ، -‬أو على غير ذلك من المصادر البشرية‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪6‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وتورث هذه الخاصية‪ :‬عصمة األمة من الخطأ والزلل والنحراف ‪ ،‬ألنها تستند على الوحي‬
‫من هللا ‪ ،‬ودليل هذه الخاصية ‪ ،‬قوله سبحانه‪( :‬ا ْلي َ ْو َم أ َ ْك َم ْلتُ لَكُ ْم ِدينَكُ ْم َوأَتْ َم ْمتُ عَلَ ْيكُ ْم نِ ْع َمتِي‬
‫سال َ َم ) (المائدة‪.) 3:‬‬ ‫ضيتُ لَكُ ُم ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫َو َر ِ‬
‫‪ - 2‬الوضوح وموافقة العقل الصحيح والفطرة السليمة‪:‬‬
‫تمتاز العقيدة اإلسالمية بالوضوح والبيان ‪ ،‬وخلوها من التعارض والتناقض والغموض ‪،‬‬
‫والتعقيد في ألفاظها ومعانيها ‪ ،‬ألنها مستمدة من كالم هللا المبين‪.‬‬
‫وهي تتلخص في أن لهذه المخلوقات إلها واحدا مستحقا للعبادة ‪ ،‬هو هللا تعالى الذي خلق‬
‫الكون البديع المنسق وقدر كل شيء فيه تقديرا ‪ ،‬وأن هذا اإلله ليس له شريك ول شبيه ول‬
‫صاحبة ول ولد ؛ فهذا الوضوح يناسب العقل السليم؛ ألن العقل دائما يطلب الترابط والوحدة‪.‬‬
‫وأفنى كثير من الفالسفة وأهل الكالم من المسلمين أعمارهم في مناهجهم العقلية المجردة ‪،‬‬
‫حتى وقعوا في الحيرة والشك والندم ‪ ،‬ثم رجعوا إلى الكتاب والسنة‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪7‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫والذي يؤكد وضوح العقيدة اإلسالمية أيضا أنها ليست مناقضة للعقول الصحيحة‪ ،‬وليست‬
‫غريبة عن الفطرة السليمة؛ بل هي على وفاق تام وانسجام كامل معها‪.‬‬
‫وتورث هذه الخاصية‪ :‬السالمة من الضطراب في الدين‪ ،‬ومن القلق والشك والشبهات‪،‬‬
‫وتحفظ أوقات األمة من إهدارها في أشياء غير نافعة توسد أصحابها أكف الحيرة‪.‬‬
‫يف ا ْل َخ ِبي ُر ) (الملك‪.) 14:‬‬ ‫ودليل هذه الخاصية‪ ،‬قوله تعالى‪ ( :‬أَل َي ْعلَ ُم َم ْن َخلَ َ‬
‫ق َوهُ َو الل ِط ُ‬
‫‪ - 3‬الثبات والدوام‪:‬‬
‫العقيدة اإلسالمية ثابتة دائمة‪ ،‬بمعنى أنها متفقة ومستقرة ومحفوظة في ألفاظها ومعانيها‪،‬‬
‫تناقلها الجيال جيال بعد جيل‪ ،‬لم يتطرق إليها التبديل ول التحريف‪ ،‬ول التلفيق ول اللتباس‪،‬‬
‫ول الزيادة ول النقص‪ .‬وسبب هذا هو ثبات مصادرها ودوامها؛ ألن هللا تعالى تكفل بحفظها؛‬
‫فهي عقيدة ثابتة بثبات مصادرها‪ ،‬دائمة بدوامها‪ ،‬محفوظة بحفظ هللا لها‪.‬‬
‫فليس لحاكم أو مجمع من المجامع العلمية أو مؤتمر من المؤتمرات الدينية أن يضيفوا إليها‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪8‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫شيئا أو يحذفوا منها شيئا ‪ ،‬وكل إضافة أو تحوير مردود على صاحبه ‪ ،‬يقول النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) (متفق عليه)‪.‬‬
‫وتورث هذه الخاصية‪ :‬ضمان وحدة كلمة األمة على منهج واحد وتصور واحد ‪ ،‬عندما‬
‫تلتقي على الوحي اإللهي بما فيه من موازين ل تضطرب ول تتأثر باألهواء‪.‬‬
‫الذ ْك َر َو ِإنا لَهُ لَ َحا ِفظُو َن ) (الحجر‪.) 9:‬‬
‫ودليل هذه الخاصية ‪ ،‬قوله تعالى‪ِ ( :‬إنا نَ ْح ُن نَز ْلنَا ِ‬
‫‪ - 4‬الشمول والتكامل‪:‬‬
‫إن العقيدة اإلسالمية عقيدة شاملة فيما تقوم عليه من أركان اإليمان وقواعده ‪ ،‬وشاملة في‬
‫نظرتها للوجود كله‪ :‬تعرفنا على هللا ‪ ،‬والكون والحياة ‪ ،‬واإلنسان ‪ ،‬معرفة صحيحة شاملة‪.‬‬
‫ومن صور شمولها‪ :‬أنها ل تختص ببيئة أو عصر أو جنس ؛ بل هي عقيدة عامة ‪ ،‬كتب هللا‬
‫لها البقاء إلى قيام الساعة‪ .‬وهي مع هذا الشمول مترابطة ترابطا وثيقا ؛ فأركان اإليمان مثال‬
‫لو حصل الكفر بواحد منها أو إنكار له ‪ ،‬حصل الكفر بها جميعا‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪9‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وتورث هذه الخاصية‪ :‬حفظ العبد المسلم من التجاه لغير هللا في أي شأن من شؤونه ‪ ،‬أو‬
‫قبول أية سيطرة تستعلي عليه بغير سلطان هللا‪ .‬ودليل هذه الخاصية ‪ ،‬قوله تعالى‪ ( :‬قُ ْل ِإن‬
‫ب ا ْل َعالَ ِمي َن) (األنعام‪.) 162:‬‬
‫لِل َر ِ‬
‫اي َو َم َما ِتي ِ ِ‬ ‫صال َ ِتي َونُ ُ‬
‫س ِكي َو َم ْح َي َ‬ ‫َ‬
‫‪ - 5‬أنها عقيدة مبرهنة‪:‬‬
‫تتميز العقيدة اإلسالمية بأنها عقيدة مبرهنة تقوم على الحجة والدليل ‪ ،‬ول تكتفي في تقرير‬
‫قضاياها بالخبر المؤكد واإللزام الصارم ؛ بل تحترم العقول ؛ فالقرآن الكريم حين يدعو‬
‫الناس إلى اإليمان بمفردات العقيدة يقيم على ذلك األدلة الواضحة من آيات األنفس واآلفاق ‪،‬‬
‫ول يدعوهم إلى التقليد األعمى ‪ ،‬أو التباع على غير هدى ؛ بل إنه يأمرهم أن يطلبوا‬
‫البرهان والدليل ‪ ،‬ويدعو إلى التبصر والتعقل إلى حد ل يصل الغلو في العقل والتوغل فيه‪.‬‬
‫وتورث هذه الخاصية‪ :‬قوة اليقين في نفوس أصحابها بما معها من الحق ؛ فتقوي صلتهم باهلل‬
‫‪ ،‬ويكمل تحقيقهم العبودية له وحده‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪10‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫صي َر ٍّة أَنَا ْ َو َم ِن ات َب َع ِني‬


‫س ِبيلِي أ َ ْدعُو ِإلَى َّللاِ عَلَى َب ِ‬‫ودليل هذه الخاصية ‪ ،‬قوله تعالى‪( :‬قُ ْل هَ ِذ ِه َ‬
‫ش ِر ِكي َن) ( يوسف‪ ، ) 108:‬وقوله سبحانه‪َ ( :‬وقَالُواْ لَن يَ ْد ُخ َل‬ ‫َوسُ ْب َحا َن َّللاِ َو َما أَنَا ْ ِم َن ا ْل ُم ْ‬
‫صا ِد ِقي َن) (‬ ‫ارى ِت ْلكَ أ َ َما ِني ُه ْم قُ ْل هَاتُواْ ُب ْرهَانَكُ ْم ِإن كُنت ُ ْم َ‬
‫ص َ‬‫َان هُودا ا أ َ ْو نَ َ‬ ‫ا ْل َجنةَ ِإل َمن ك َ‬
‫البقرة‪.) 111:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪11‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫تظهر أهمية دراسة العقيدة اإلسالمية من خالل األمور التالية‪:‬‬


‫نس ِإل لِي َ ْعبُدُو ِن )‬ ‫‪ - 1‬أنها الغاية من خلق الجن واإلنس ‪ ،‬قال تعالى‪َ ( :‬و َما َخل َ ْقتُ الْ ِجن َو ِ‬
‫اإل َ‬
‫(الذاريات‪ ، ) 56:‬ومعنى ( لِيَ ْعبُدُو ِن ) ‪ :‬أي‪ :‬ليوحدوني‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن العقيدة الصحيحة هي الحق الذي أرسلت من أجلها جميع الرسل ‪ ،‬وأنزلت الكتب ‪،‬‬
‫َّللا َوا ْجت َ ِنبُواْ الطاغُوتَ )‬ ‫ع ُبدُواْ َ‬ ‫سول ا أ َ ِن ا ْ‬ ‫كما في قوله سبحانه‪َ ( :‬ولَقَ ْد َب َعثْنَا ِفي ك ُِل أُم ٍّة ر ُ‬
‫وحي ِإلَ ْي ِه أَنهُ ل ِإلَهَ ِإل‬ ‫(النحل‪ ، ) 36:‬وقوله تعالى‪َ ( :‬و َما أ َ ْرسَ ْلنَا ِمن قَ ْبلِكَ ِمن رسُو ٍّل ِإل نُ ِ‬
‫عبُدُو ِن ) (األنبياء‪.) 25:‬‬ ‫أَنَا فَا ْ‬
‫صالِ احا ِمن ذَك ٍَّر أ َ ْو‬
‫‪ - 3‬أنها سبب سعادة الخلق في الدنيا واآلخرة ‪ ،‬قال عز وجل‪َ ( :‬م ْن عَ ِم َل َ‬
‫س ِن َما كَانُواْ ي َ ْع َملُو َن )‬ ‫أُنثَى َوه ُ َو ُم ْؤ ِمن فَلَنُ ْح ِي َينهُ َح َياة ا طَ ِي َبةا َولَنَ ْج ِز َين ُه ْم أ َ ْج َرهُم ِبأ َ ْح َ‬
‫(النحل‪ ، ) 97:‬وعن أبي هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى عليه وسلم قال‪ ( :‬أسعد‬
‫الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال ل إله إل هللا خالصا ا من نفسه ) (رواه البخاري)‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪12‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة األولى‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 4‬أنها طريق النجاة من النار ‪ ،‬قال رسول هللا صلى عليه وسلم‪ ( :‬فإن هللا حرم على النار‬
‫من قال ل إله إل هللا يبتغي بذلك وجه هللا ) (رواه البخاري)‪.‬‬
‫‪ - 5‬أن هللا حرم مخالفتها ‪ ،‬قال عز وجل‪ ( :‬قُ ْل تَعَالَ ْواْ أَت ْ ُل َما َحر َم َربكُ ْم عَلَ ْيكُ ْم أَل ت ُ ْ‬
‫ش ِرك ُواْ ِب ِه‬
‫شَ ْيئاا ) (األنعام‪.) 151:‬‬
‫‪ - 6‬أن هللا تعالى جعل اللتزام بها شرطا لصحة األعمال وقبولها ‪ ،‬قال تعالى‪َ ( :‬بلَى َم ْن‬
‫سن فَلَهُ أ َ ْج ُرهُ ِعن َد َر ِب ِه َول َ َخ ْوف عَلَ ْي ِه ْم َول َ ه ُ ْم يَ ْح َزنُو َن )‬ ‫لِل َوهُ َو ُم ْح ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫سلَ َم َو ْج َههُ ِ ِ‬
‫(البقرة‪.) 112:‬‬
‫اس قَ ْد‬‫‪ - 7‬أنها تحرر العقل من األوهام والشبهات والخرافات ‪ ،‬قال عز وجل‪ ( :‬يَا أَي َها الن ُ‬
‫َجاءكُم ُب ْرهَان ِمن ر ِبكُ ْم َوأَن َز ْلنَا ِإلَ ْيكُ ْم نُو ارا م ِبيناا ) ( النساء‪.) 174:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪13‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة الثانية‬

‫مصادر العقيدة اإلسالمية‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪14‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة الثانية‬


‫أولا‪ :‬المصدر األول‪ :‬القرآن الكريم‬
‫ثانيا ا‪ :‬المصدر الثاني‪ :‬السنة النبوية‬
‫ثالثا ا‪ :‬المصدر الثالث‪ :‬اإلجماع‬
‫رابعا ا‪ :‬األدلة األخرى على مسائل العقيدة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪15‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المراد بمصادر العقيدة‪ :‬هي الموارد التي تستفاد وتستنبط من خاللها حقائق العقيدة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وهذه الموارد هي التي سلكها السلف الصالح في إثبات العقائد اإللهية ‪.‬‬
‫ومصادر العقيدة اإلسالمية هي‪ :‬القرآن الكريم‪ ،‬والسنة النبوية‪ ،‬ومصدر ثالث تابع للقرآن‬
‫والسنة وهو اإلجماع‪.‬‬
‫‪ - 1‬المصدر األول‪ :‬القرآن الكريم‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعريف القرآن في اللغة والصطالح‪:‬‬
‫في اللغة ‪ :‬من مادة قرأ يقرأ قراءة وقرآنا ا بمعنى‪ :‬الجمع والضم ‪ .‬سمي به القرآن ألنه‬
‫علا ْيناا اج ْم اعه ُ اوقُ ْرآناه ُ ﴾ [القيامة‪ ] 17:‬أي‪ :‬تأليف بعضه‬
‫يجمع السور فيضمها قال تعالى‪ِ ﴿:‬إن ا‬
‫إلى بعض ‪.‬‬
‫في الصطالح ‪ :‬يعرف بأنه‪ " :‬كالم هللا المنزل على رسوله محمد صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫المتعبد بتالوته‪ ،‬المعجز بلفظه‪ ،‬المكتوب في المصاحف‪ ،‬المنقول بالتواتر « ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪16‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ب ‪ -‬مصدرية القرآن في مسائل العتقاد ‪:‬‬


‫اتفقت كلمة المسلمين جميعا ا على أن القرآن كالم هللا‪ ،‬وحجة من أعظم حججه على عباده‪،‬‬
‫وأبلغها دللة‪ ،‬و"أنه كلية الشريعة‪ ،‬وعمدة الملة‪ ،‬وينبوع الحكمة‪ ،‬وآية الرسالة‪ ،‬ونور‬
‫األبصار والبصائر‪ ،‬وأنه ل طريق إلى هللا سواه‪ ،‬ول نجاة بغيره‪ ،‬ول تمسك بشيء يخالفه«‬
‫وهذا كله ل يحتاج إلى مزيد تقرير واستدلل؛ ألنه معلوم من الدين بالضرورة‪ ،‬وركيزة‬
‫أساسية من ركائز العقيدة اإلسالمية‪ ،‬عند كل مقر بهذا الدين ومؤمن به ‪.‬‬
‫ولو نظرنا في تقرير مصدرية القرآن عند أهل السنة فإن القرآن عندهم مصدر وحجة في‬
‫جميع قضايا الدين العلمية والعملية ‪ .‬وقد سماه هللا عز وجل في محكم التنزيل فرقاناا؛ ألنه‬
‫فرق بين الحق والباطل‪ ،‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬تَبا َركَ الذِي نَز َل ا ْلفُ ْرقا َن عَلى عَ ْب ِد ِه لِ َيكُو َن لِ ْلعالَ ِمي َن‬
‫نَذِي ارا﴾ [الفرقان‪. ] 1:‬‬
‫وهو الكتـاب العزيـز الذي ل يأتيـه الباطل من بين يديـه ول من خلفه ‪ ﴿ :‬ال ياأ ْ ِتي ِه ْال ابا ِط ُل ِم ْن‬
‫با ْي ِن يا اد ْي ِه او ال ِم ْن خ ْالفِ ِه ت ا ْن ِزي ٌل ِم ْن اح ِك ٍيم اح ِمي ٍد ﴾ [فصلت‪ ، ] 42:‬والقرآن الكريم تعهد هللا‬
‫ون ﴾‬ ‫بحفظه دون غيره من الكتب السماوية ‪ ﴿:‬إنا نا ْح ُن ناز ْلناا ال ِذّ ْك ار او ِإنا لاه ُ لا احافِظُ ا‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫ومعناه]‪[ 17 .‬‬ ‫لفظه‬
‫فيصل ©‬ ‫محفوظةفي‬
‫لجامعة الملك‬ ‫محفوظ‬ ‫المساندة فهو‬
‫جميع الحقوق‬ ‫الحجر‪] 9:‬‬ ‫[‬
‫مركز الدراسات‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ولهذا فقد اعتنى الصحابة والتابعون‪ ،‬وسلف األمة بالقرآن الكريم الذي أمر هللا بالتحاكم‬
‫إليه‪ ،‬وكانت عنايتهم شاملة لمعاني القرآن وألفاظه‪.‬‬
‫قال عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه‪ " :‬والذي ل إله غيره ما أنزلت من القرآن إل أنا‬
‫أعلم أين نزلت‪ ،‬ول أنزلت آية من كتاب هللا إل أنا علم فيمن أنزلت‪ .‬ولو أعلم أحدا ا أعلم‬
‫مني بكتاب هللا تبلغه اإلبل‪ ،‬لركبت إليه‬
‫وقال مجاهد بن جبر رحمه هللا‪" :‬لقد عرضت القرآن على ابن عباس ثالث عرضات‪ ،‬أقف‬
‫عند كل آية أسأله‪ ،‬فيم أنزلت؟‪ ،‬وفيم كانت؟" ‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمه هللا‪ " :‬فمضى الرعيل األول‪ ،‬وضوء ذلك النور لم تطفئه عواطف‬
‫األهواء‪ ،‬ولم يلتبس بظلم اآلراء‪ ،‬وأوصوا من بعدهم أل يفارقوا ذلك النور‪ ،‬الذي اقتبسوه‬
‫منهم"‪.‬‬
‫والقرآن الكريم مصدر العقيدة األول‪ :‬يتناول بيان أركان اإليمان‪ ،‬ويسوق األدلة‬
‫والبراهين والشواهد عليها‪ ،‬ويرد على المخالفين لإلسالم من أصحاب الديانات األخرى‬
‫ردودا ا مفحمة تبطل الباطل وتحق الحق‪،‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪18‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫لسيما في السور المكية التي يستغرق فيها موضوع العقيدة مساحة كبرى‪ ،‬بينما أكدت‬
‫السور المدنية حقائق العقيدة وقضاياها وربطتها بالتشريعات العملية ‪.‬‬
‫والقرآن الكريم في كثير من آياته‪ :‬يعرض أهم قضايا العقيدة ومحورها الرئيس وهو توحيد‬
‫هللا تعالى في ذاته وأسمائه وصفاته‪ ،‬وجلى في أوضح صورة معنى الربوبية واأللوهية ‪.‬‬
‫وقرر حقائق التنزيه‪ ،‬وحطم عقائد الشرك والوثنية بكل مظاهرها‪ ،‬وصورها‪ ،‬وآثارها‪.‬‬
‫كما تناول قضايا النبوة والرسالة والوحي والكتب المنزلة‪ ،‬وفصل في الغيبيات كالمعاد‬
‫والقيامة والجنة والنار‪ ،‬وجلى مسائل القدر ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪19‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المصدر الثاني‪ :‬السنة النبوية‪:‬‬


‫أ‪ -‬تعريف السنة في اللغة والصطالح ‪ :‬في اللغة‪ :‬تطلق على السيرة والطريقة حسنة كانت أو قبيحة ‪.‬‬
‫اس أ ا ْن يُؤْ ِمنُوا ِإ ْذ جا اءهُ ُم ْال ُهدى اوي ا ْست ا ْغفِ ُروا ارب ُه ْم ِإل أ ا ْن تاأْتِ اي ُه ْم سُنة ُ‬
‫وفي التنزيل‪ ﴿:‬او اما امنا اع الن ا‬
‫ين ﴾ [الكهف‪ ،]55:‬وفي الحديث قوله صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬من سن في اإلسالم‬ ‫ْاألاولِ ا‬
‫سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء‪ ،‬ومن‬
‫سن في اإلسالم سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص‬
‫من أوزارهم شيء))‪.‬‬
‫في الصطالح‪ :‬عرفها المحدِثون بأنها‪" :‬ما أُثر عن النبي صلى هللا عليه وسلم من‬
‫قول‪ ،‬أو عمل‪ ،‬أو إقرار‪ ،‬أو صفة َخلقية‪ ،‬أو صفة ُخلُقية‪ ،‬أو سيرة‪ ،‬سواء‬
‫أكان ذلك قبل البعثة أم بعدها"‪.‬‬
‫وتطلق السنة في مصطلح العَقَدِيين‪ :‬مقابل البدعة؛ لتشمل ما كان عليه النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم وأصحابه‪ ،‬اعتقاداا‪ ،‬وقول ا وعمالا‪ "،‬فيقال‪ :‬فالن على سنة‪ ،‬إذا عمل على وفق‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬
‫الكتاب أو ل‪.‬‬
‫] ‪[ 20‬‬
‫فيصل ©عليه‬
‫مماالملكنص‬ ‫المساندةسواء كان ذلك‬
‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة‬
‫عملوا‪،‬‬ ‫ما‬
‫مركز الدراسات‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ب‪-‬مصدرية السنة في مسائل العتقاد‪:‬‬


‫تُعد مصدرية السنة النبوية الصحيحة ضرورة دينية ثابتة ‪ ،‬بل إنها أصل ومصدر من‬
‫مصادر العقيدة والشريعة‪ .‬ول يخالف في ذلك إل من لحظ له من دين اإلسالم ‪.‬‬
‫فقد جعل هللا عز وجل طاعة صاحب السنة صلى هللا عليه وسلم من لوازم اإليمان‬
‫وك فِي اما شا اج ار با ْينا ُه ْم ثُم ال يا ِجدُوا‬‫المصاحبة له‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ف ا اال او اربِ اّك ال يُؤْ ِمنُو ان احتى يُ اح ِك ّ ُم ا‬
‫س ِلّ ُموا ت ا ْس ِليما ﴾ [النساء‪ ] 65:‬قال ابن كثير في تفسير اآلية‪:‬‬ ‫ْت او ُي ا‬
‫ضي ا‬‫ِفي أانفُ ِس ِه ْم اح ارجا ِ ّمما قا ا‬
‫يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه ل يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم في جميع األمور‪ ،‬فما حكم به فهو الحق الذي يجب النقياد له باطنا ا وظاهرا ا‪.‬‬
‫ثم جعل في مخالفته صلى هللا عليه وسلم النفاق والعصيان الموجب للخلود في النار‪،‬قال‬
‫س ِبي ِل ْال ُمؤْ ِمنِي ان نُ اولِّ ِه اما‬
‫ق الرسُو ال ِمن اب ْع ِد اما ت ا ابي ان لاه ُ ا ْل ُه ادى او ايت ِب ْع غاي اْر ا‬ ‫تعالى‪ ﴿:‬او امن يُشااقِ ِ‬
‫صيرا ﴾[النساء‪. ] 115:‬وتوافرت النصوص القرآنية في أمر‬ ‫ت ام ِ‬ ‫صلِ ِه اج اهن ام اوساآ اء ْ‬
‫ت ا اولى اونُ ْ‬
‫المؤمنين بطاعة الرسول صلى هللا عليه وسلم والستجابة له‪ ،‬ورد ما تنازعوا فيه إليه‬
‫عند الختالف‪ ،‬وليس للمؤمنين الخيار إذا قضى هللا ورسوله أمراا‪ ،‬مما يقتضي وجوب‬
‫اإليمان بالسنة واتباعها‪ ،‬والحتجاج والستدلل بها ‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪21‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫قال الشافعي‪" :‬فكل من قَب َل عن هللا فرائضه في كتابه قَب َل عن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم سنته بفرض هللا طاعة رسوله على خلفه‪ ،‬وأن ينتهوا إلى حكمه ‪ .‬ومن قَ ِب َل عن‬
‫رسول هللا فعن هللا قَبِل‪ ،‬لما افترض هللا من طاعته« ‪.‬‬
‫والسنة النبوية مصدر من مصادر العقيدة ؛ ألنها وحي من هللا تعالى‪ ،‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬اوما‬
‫ي ُيوحى ﴾ النجم‪.]4- 3[:‬‬‫ع ِن ْال اهوى (‪ِ ) 3‬إ ْن هُ او ِإل او ْح ٌ‬
‫اي ْن ِط ُق ا‬
‫وعندما أنكرت قريش على عبدهللا بن عمرو رضي هللا عنه كتابته لكل ما يسمعه عن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هو بشر يتكلم في الغضب والرضا؛ أمسك عن الكتاب‪،‬‬
‫وذكر ذلك للرسول صلى هللا عليه وسلم فأومأ بإصبعه إلى فيه فقال ‪ (( :‬اكتب فوالذي‬
‫نفسي بيده ما يخرج منه إل حق )) ‪ ،‬ومما يؤكد مصدرية السنة وأنها وحي من هللا؛ قول‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪ (( :‬أل إني أوتيت الكتاب ومثله معه )) ‪.‬‬
‫وعلى هذا فالسنة النبوية مالزمة للقرآن ل تنفصل عنه‪ ،‬واألخذ بما فيها كاألخذ بما في‬
‫القرآن ‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪22‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ويبين ابن القيم حال السنة مع القران مؤكدا ا ََ حجيتها؛ فيقول‪ ":‬والسنة مع القرآن على‬
‫ثالثة أوجه ‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن تكون موافقة له من كل وجه ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن تكون بيانا لما أريد بالقرآن وتفسيرا له ‪.‬‬
‫محرمة لما سكت عن تحريمه‪،‬‬ ‫الثالث‪ :‬أن تكون موجبة لحكم سكت القرآن عن إيجابه‪ ،‬أو ِ‬
‫ل تخرج عن هذه األقسام‪ ،‬فال تعارض القرآن بوجه ما‪ ،‬فما كان منها زائدا على القرآن‬
‫فهو تشريع مبتدأ من النبي صلى هللا عليه وسلم تجب طاعته فيه‪ ،‬ول تحل معصيته‪ ،‬وليس‬
‫هذا تقديما لها على كتاب هللا‪ ،‬بل امتثال لما أمر هللا به من طاعة رسوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم " ثم استطرد ابن القيم في عرض أحاديث فيها أحكام زائدة على كتاب هللا‪ ،‬وأخذ بها‬
‫الناس كحديث منع الحائض من الصوم والصالة‪ ،‬وحديث ل يرث المسلم الكافر ول الكافر‬
‫المسلم‪ ،‬وغيرها‪ ،‬إلى أن قال ‪" :‬ولو تتبعنا هذا لطال جدا ا‪.‬‬
‫فسنن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أجل في صدورنا وأعظم وأفرض علينا أن ل نقبلها‬
‫إذا كانت زائدة على ما في القرآن‪ ،‬بل على الرأس والعينين"‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪23‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ولمصدرية السنة ومكانتها اعتنى الصحابة والتابعون وسلف األمة بها وحفظوها بشتى‬
‫الوسائل ككتابتها‪ ،‬وتبليغها‪ ،‬والتحري في نقلها‪ ،‬وتمييز صحيحها من سقيمها‪ ،‬والرحلة‬
‫لطلب الحديث إلى األمصار‪ .‬قال أبو العالية رضي هللا عنه‪ " :‬كنا نسمع الرواية عن‬
‫أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ونحن بالبصرة فما نرضى حتى نأتيهم فنسمعها‬
‫منهم « ‪.‬‬
‫كما ضرب السلف الصالح رضي هللا عنهم أروع األمثلة وأصدق الصفات في اللتزام بأمر‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم وتعظيمه‪ ،‬والوقوف عند حدوده بدون زيادة أو نقصان‪ ،‬وقد‬
‫ظهرت دلئل ذلك في مواقف عديدة منها‪:‬‬
‫أن عبد هللا بن مغفل رضي هللا عنه رأى رجال ا من أصحابه يخذف ‪ .‬فقال له ‪ :‬ل تخذف فإن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يكره الخذف ‪ -‬أو قال ‪ -‬ينهى عن الخذف‪ ،‬فإنه ل‬
‫يصطاد به الصيد ول ينكأ به العدو‪ ،‬ولكنه يكسر السن‪ ،‬ويفقأ العين ‪ .‬ثم رآه بعد ذلك يخذف‬
‫! فقال له ‪ " :‬أخبرك أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يكره أو ينهى عن الخذف‪ ،‬ثم‬
‫أراك تخذف ؟! ل أكلمك كذا وكذا ‪« . .‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪24‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫والسنة النبوية تناولت حقائق العقيدة اإلسالمية في هذه المجالت ‪:‬‬


‫‪ - 1‬تقرير مسائل العقيدة‪ ،‬مع تفصيل ما أجمله القرآن الكريم منها‪.‬‬
‫‪ - 2‬التدليل على العقائد اإلسالمية باألدلة المتنوعة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬إثبات بطالن عقائد الديانات األخرى كاليهودية والنصرانية والمجوسية والوثنية‬
‫وغيرها ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪25‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المصدر الثالث‪ :‬اإلجماع‪:‬‬


‫أ‪ -‬تعريف اإلجماع في اللغة والصطالح‪:‬‬
‫في اللغة‪ :‬اإلجماع من أجمع‪ ،‬يجمع‪ ،‬إجماعا ا فهو مجمع‪ ،‬و ُيطلق و ُيراد به أحد معنيين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬العزم المؤكد‬
‫ب‪ -‬التفاق‬
‫والمعنى الثاني يتناسب مع المعنى الصطالحي لإلجماع‪ ،‬ألن العزم قد يتصور من الواحد‪،‬‬
‫بينما التفاق ليس كذلك‪.‬‬
‫في الصطالح‪ :‬اتفاق مجتهدي أمة محمد صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬بعد وفاته‪ ،‬في عصر من‬
‫العصور‪ ،‬على أمر من األمور ‪ .‬أو باختصار ‪ :‬اتفاق مجتهدي العصر من هذه األمة على‬
‫أمر ديني ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬مصدرية اإلجماع في مسائل العتقاد‪ُ :‬يعد اإلجماع مصدرا ا شرعيا ا عند جمهور‬
‫العلماء‪ ،‬واستدلوا على ذلك‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪26‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫س ِبي ِل ْال ُمؤْ ِم ِني ان نُ او ِلّ ِه‬


‫سو ال ِمن اب ْع ِد اما ت ا ابي ان لاه ُ ْال ُه ادى او ايت ِب ْع غاي اْر ا‬ ‫ق الر ُ‬ ‫بقوله تعالى‪ ﴿:‬او امن ُيشاا ِق ِ‬
‫صيرا ﴾ [النساء‪. ] 115:‬‬ ‫ت ام ِ‬‫سا اء ْ‬ ‫اما ت ا اولى اونُ ْ‬
‫صلِ ِه اج اهن ام ۖ او ا‬
‫ومن السنة فقد دل على مصدرية اإلجماع كثير من األحاديث الواردة في األمر بلزوم‬
‫الجماعة كحديث ‪ ((:‬أل فمن سره بحبحة الجنة‪ ،‬فليلزم الجماعة‪ ،‬فإن الشيطان مع‬
‫الفذ‪،‬وهو من الثنين أبعد)) وهناك أيضا ا أحاديث عن الرسول صلى هللا عليه وسلم تدل‬
‫على عصمة األمة في اجتماعها عن الخطأ‪،‬كحديث ‪ ((:‬إن هللا ل يجمع أمتي – أو قال أمة‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم – على ضاللة‪ ،‬ويد هللا مع الجماعة‪ ،‬ومن شذ شذ في النار )) ‪.‬‬
‫والواقع أن لإلجماع منزلته في الستدلل على العقائد واألحكام عند أهل السنة‪ ،‬وهو يأتي‬
‫في الدرجة واألهمية بعد الكتاب والسنة‪ ،‬وهذا مقتضى أمر عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‬
‫للقاضي شريح‪ ،‬وهو قول لبن مسعود وابن عباس‪ ،‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه‬
‫هللا ‪ " :‬كتب عمر إلى شريح ‪ :‬اقض بما في كتاب هللا‪ ،‬فإن لم تجد فبما في سنة رسول‬
‫هللا‪ ،‬فإن لم تجد فبما به قضى الصالحون قبلك ‪ .‬وفي رواية فبما أجمع عليه الناس "‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪27‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ويحسن التنبيه إلى أن اإلجماع في المسائل العقدية التي ل دخل للعقل ول لالجتهاد فيها ل‬
‫يُعد دليال منفصال ا عن الوحيين ‪ :‬الكتاب والسنة‪ ،‬ولكن قد يدل اإلجماع بشكل إجمالي‬
‫عليها‪ .‬بمعنى أن اإلجماع غير معتبر في إثبات أي أمر من األمور الغيبية في مسائل‬
‫العتقاد بدون نص من كتاب أو سنة‪.‬‬

‫ومن أمثلة القضايا العقدية التي استدل أهل السنة على إثباتها باإلجماع‪ :‬القول بأن اإليمان‬
‫قول وعمل ‪ ,‬وأن هللا فوق سماواته ‪ ،‬واتصاف الباري بالمجيء والنزول واإلتيان ‪ ،‬وأن‬
‫القرآن كالم هللا غير مخلوق‪ ،‬وغيرها من المسائل ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪28‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫األدلة األخرى على مسائل العقيدة‪:‬‬


‫استدل أهل السنة بـ (العقل الصحيح ‪ ،‬والفطرة السليمة) على مسائل العقيدة وذلك من باب‬
‫العتضاد واإللزام وليس من باب المصدرية والستقالل عن الوحي‪ ،‬ألن العقول البشرية‪،‬‬
‫والفطر اإلنسانية قد تحيد وتضطرب وتنحرف‪ ،‬أو تقصر عن اإلدراك ‪ ،‬فهي ليست‬
‫معصومة من الخطأ أو الضاللة‪.‬‬
‫وبما أن المسلمين آمنوا بما جاءت به العقيدة اإلسالمية على الغيب فإنهم يستقون هذه‬
‫العقيدة من المصدرين المعصومين ‪ :‬الكتاب والسنة‪ ،‬ويستدلون عليها باإلجماع التابع‬
‫لهما‪ ،‬وأما العقل الصحيح‪ ،‬والفطرة السليمة فدورهما التأكيد والتأييد‪ ،‬كما أن من وظيفة‬
‫العقل معرفة محاسن العقيدة التي جاء بها اإلسالم‪ ،‬وهو أيضا ا أداة في فهم النصوص‬
‫الشرعية‪ ،‬واستخالص المعاني المرادة منها‪.‬‬
‫لذا سوف نعرض بإيجاز لدليلي العقل الصحيح والفطرة السليمة‪ ،‬مع بيان دللتهما على‬
‫مسائل العقيدة التي لهما دور في إثباتها‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪29‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 1‬العقل الصحيح ‪:‬‬


‫أ‪ -‬تعريف العقل في اللغة والصطالح‪:‬‬
‫في اللغة‪ :‬مصدر عقل يعقل عقالا‪ ،‬وأصل معنى مادته الحبس والمنع‪ ،‬وسمي عقل اإلنسان‬
‫عقالا‪ ،‬ألنه يعقله‪،‬‬
‫أي‪ :‬يمنعه من التورط في الهلكة‪.‬‬
‫كما أطلق العقل على معا ٍّن أخرى كثيرة‪ :‬كالدية‪ ،‬وقوة الحجة‪ ،‬والعقيلة من النساء‪ :‬أي‬
‫المرأة المخدرة‪،‬‬
‫المحبوسة في بيتها ‪.‬‬
‫وبنا اء على ما تقدم يمكن القول‪ :‬إن العقل يطلق على معا ٍّن تفيد في مجملها‪ :‬الربط‬
‫والستمساك والمنع والفهم‪،‬‬
‫وهذه المعاني من صفات العقل الذي خص هللا به اإلنسان‪ ،‬وميزه به عن سائر الحيوان؛‬
‫فهو الذي يمنع‬
‫اإلنسان بين‬ ‫اإللكترونيبه‬
‫والتعليم عن بعد‬ ‫الذيالتعلميفرق‬
‫النفوس عن هواها‪ ،‬وهو عمادة‬
‫ويرد ] ‪[ 30‬‬
‫المهالك‪ ،‬فيصل ©‬ ‫التورطالحقوقفي‬
‫محفوظة لجامعة الملك‬ ‫جميع‬ ‫صاحبه من‬
‫المساندة‬ ‫مركز الدراسات‬

‫والشر‪،‬‬ ‫الخير‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫في الصطالح ‪ :‬هو القوة المدركة في اإلنسان الذي يملك بها التمييز‪ ،‬ويفهم بها األشياء‪.‬‬
‫ب‪ -‬دللة العقل في مسائل العتقاد ‪:‬‬
‫العقل يعد من األدلة التي قد تدرك بعض أمور الدين‪ ،‬ومسائله الكبار‪ ،‬إذ إن العقل من‬
‫وسائل المعرفة التي أشار إليها القرآن الكريم في أكثر من موضع ‪ .‬مادحا ا المتعاطين لها‪،‬‬
‫والواقفين عند أحكامها‪ ،‬وذاما ا المعرضين عن ذلك‪ ،‬مشبها ا لهم باألنعام‪ ،‬وهذه الوسائل هي‬
‫وب ل‬ ‫نس لا ُه ْم قُلُ ٌ‬ ‫اإل ِ‬ ‫السمع والبصر والفؤاد‪ ،‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬اولاقا ْد ذا ارأْناا لِ اج اهن ام كاثِيرا ِ ّم ان ْال ِج ِّن او ْ ِ‬
‫ْص ُرو ان ِب اها اولا ُه ْم آذاا ٌن ل اي ْس ام ُعو ان ِب اها أُولائِ اك كا ْاأل ا ْن اع ِام اب ْل هُ ْم أ ا ا‬
‫ض ُّل‬ ‫اي ْفقا ُهو ان ِب اها اولا ُه ْم أ ا ْعيُ ٌن ل يُب ِ‬
‫أُولائِ اك هُ ُم ْالغاافِلُو ان ﴾ [األعراف‪. ] 179:‬‬
‫ودللة العقل ثابتة بسالمة التوافق بين العقل الصريح والنقل الصحيح ؛ فالدين بأصوله‬
‫وفروعه ل يتعارض‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪31‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫والمدركات العقلية‪ ،‬بل بينهما تعاضد وتأييد ؛ قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪" :‬‬
‫وليس في الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬وإجماع األمة شيء يخالف العقل الصريح‪ ،‬ألن ما خالف‬
‫العقل الصريح باطل‪ ،‬وليس في الكتاب واإلجماع باطل‪ ،‬ولكن فيه ألفاظ قد ل يفهمها‬
‫بعض الناس‪ ،‬أو يفهمون منها معنى باطالا‪ ،‬فاآلفة منهم ل من الكتاب والسنة « ‪.‬‬
‫وبهذا ثبت أن العقل دليل من أدلة المعرفة الدينية‪ ،‬لكنه ليس مصدرا ا مستقال ا ؛ بل يحتاج‬
‫إلى تنبيه الشرع ‪،‬‬
‫وإرشاده إلى األدلة‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى أن العلوم ثالثة أنواع ‪ ،‬وأن للعقل مع كل نوع منها حكما ا من حيث إمكان‬
‫إدراكه لها ‪:‬‬
‫األول‪ :‬العلوم الضرورية‪:‬‬
‫وهي التي ل يمكن التشكيك فيها‪ ،‬إذ إنها تلزم جميع العقالء‪ ،‬ول تنفك عنهم‪ ،‬كعلم اإلنسان‬
‫بوجوده‪ ،‬وأن الثنين أكثر من الواحد‪ ،‬واستحالة الجمع بين النقيضين أو رفعهما‪ ،‬إلى غير‬
‫ذلك مما يسمى بمعارف العقل الضرورية‪ ،‬والعقل يدرك هذه المعارف بالضرورة ‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪32‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الثاني‪ :‬العلوم النظرية‪:‬‬


‫وهي التي تكتسب بالنظر والستدلل‪ ،‬وهذا النظر لبد في تحصيله من علم ضروري‬
‫يستند إليه‪ ،‬حتى يعرف وجه الصواب فيه‪ ،‬وهذا القسم تدخل فيه كثير من العلوم‪،‬‬
‫كالطبيعيات والرياضيات والطب والصناعات‪ ،‬وللعقل دور في إدراك هذه العلوم وتحصيلها‬
‫وترقيتها ‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الغيبيات‪:‬‬
‫وذلك مثل ما في اليوم اآلخر من بعث وحساب وجزاء‪ ،‬وتفاصيل ذلك؛ فهذا ل يعلم إل عن‬
‫طريق الخبر‪ ،‬ويدخل في ذلك كثير من مسائل العتقاد ولسيما التفصيلية منها‪ ،‬وهذا النوع‬
‫ل يعلم بواسطة العقل‪ ،‬وإنما عن طريق الوحي المعصوم ‪.‬‬
‫والمسائل العقدية التي نسبت إلى دليل من العقل عند أهل السنة كثيرة‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫دللة العقل على وجود هللا تعالى‪ ،‬ووحدانيته‪ ،‬وعلوه على خلقه‪ ،‬وصدق الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وأن‬
‫البعث حق‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪33‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 2‬الفطرة السليمة‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعريف الفطرة في اللغة والصطالح‪:‬‬
‫في اللغة‪ :‬الفطرة من فطر الشيء‪ ،‬يفطره فطرا‪ ،‬وفطره أي شقة فانفطر وتفطر ‪.‬‬
‫ت ﴾ [النفطار‪ ]1:‬أي ‪ :‬انشقت‬ ‫وأصل الفطر‪ :‬الشق‪ ،‬كما في قوله تعالى ‪ِ ﴿:‬إذاا الس اما ُء ا ْنفاطا ار ْ‬
‫‪ .‬وفي الحديث عن عائشة رضي هللا عنها ‪ ( :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يقوم من‬
‫الليل حتى تتفطر قدماه ) ‪.‬‬
‫﴿‬ ‫وفطر هللا الخلق يفطرهم ‪ :‬خلقهم وبدأهم ‪ .‬والفطرة البتداء والختراع‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬
‫ع‬
‫ث او ُر ابا ا‬‫سال أُولِي أ ا ْجنِ اح ٍة مثْناى اوث ُ اال ا‬ ‫ض اجا ِع ِل ْال ام االئِكا ِة ُر ُ‬ ‫ْال اح ْم ُد لِلـ ِه فاا ِط ِر الس ام ااوا ِ‬
‫ت او ْاأل ا ْر ِ‬
‫ِير ﴾ [فاطر‪. ]1:‬‬ ‫علاى كُ ِّل شا ْي ٍء قاد ٌ‬‫ق اما ايشاا ُء ِإن اللـه ا ا‬ ‫اي ِزي ُد فِي ْالخ ْال ِ‬
‫وفي الصطالح‪ :‬اختلف العلماء في معنى الفطرة على أقوال‪ ،‬أهمها وأشهرها‪ :‬أن الفطرة‬
‫هي اإلسالم ‪ .،‬وأدلة ذلك كثيرة ‪ .‬استدل بها عامة السلف‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪34‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ب‪ -‬دللة الفطرة في مسائل العتقاد ‪:‬‬


‫الفطرة من األدلة اإلسالمية التي دلت أيضا ا على بعض العقائد‪ ،‬فقد روى اإلمام مسلم أن‬
‫رجال ا جاء إلى النبي صلى هللا عليه وسلم يريد أن يعتق أ َ َمةَ له‪ ،‬فقال له النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم ائتني بها‪ ،‬فلما جاءه بها‪ ،‬قال لها النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ( :‬أين هللا ؟ )‬
‫قالت ‪" :‬في السماء"‪ ،‬قال ‪ ( :‬من أنا ؟ ) قالت ‪" :‬أنت رسول هللا" قال‪ ( :‬أعتقها؛ فإنها‬
‫مؤمنة ) ‪.‬‬
‫وهكذا فإن الجارية بادرت النبي صلى هللا عليه وسلم بمحض الفطرة بأن هللا في السماء ‪-‬‬
‫حين سألها أين هللا؟‬
‫وقال القاسمي رحمه هللا‪" :‬الشعور بوجود هللا تعالى واإلذعان بخالق قادر فوق المادة‬
‫محيط من وراء الطبيعة أمر غريزي في اإلنسان مفطور ل تغيره ريب المرتابين‪ ،‬ول‬
‫تزلزله شكوك المشككين‪ ،‬ألنه عقد في المرء طبع عليه جنانه‪ ،‬وتأثره لسانه وبيانه‪ ،‬ومن‬
‫أثره ما يرى من انطالق األلسنة في الكوارث ‪ ،‬وما تندفع إليه في الحوادث من اللجأ إليه‪،‬‬
‫والتضرع في دفع ما يمسها عليه انطالقا ا وتضرعا ا ل يرده راد‪ ،‬ول يصده صاد‪ ،‬ولو قيد‬
‫إلىبعد بارئه‪،‬‬ ‫تدفعه‬
‫والتعليم عن‬ ‫حرارة‬
‫اإللكتروني‬ ‫مشاعره وأركانه‪ ،‬ووجد عمادة التعلم‬
‫وأفصحت ] ‪[ 35‬‬ ‫جنانه‪،‬‬
‫لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫المضطر جميعلنطق‬
‫الحقوق محفوظة‬ ‫مركزلسان‬
‫الدراسات المساندة‬

‫إلى الستكانة لمنشئه حالة ل تزعزع رواسيها عواصف الشبهات ‪ ،‬ول تميل‬ ‫وتضطره‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫بتقليد ول نظر ﴿ فاأ ا ِق ْم او ْج اه اك ِلل ِ ّدي ِن اح ِنيفا‬ ‫أن هذا الشعور ل صنع فيه للبشر ول كسب فيه‬
‫اس ال‬ ‫ين ْالقا ِّي ُم اولا ِكن أ ا ْكث ا ار الن ِ‬
‫ّللاِ ذالِ اك ال ِ ّد ُ‬‫علا ْي اها ال ت ا ْبدِي ال لِخ ْال ِ‬
‫ق‬ ‫ت ّللاِ التِي فاطا ار الن ا‬
‫اس ا‬ ‫ط ار ا‬ ‫فِ ْ‬
‫يا ْعلا ُمو ان ﴾ [الروم‪. ] 30:‬‬
‫وفي الفطرة اإلقرار هلل بالكمال المطلق في أسمائه وصفاته‪ ،‬ل نقص فيه ول عيب من وجه‬
‫من الوجوه؛ فالذي يعلم ويبصر ويسمع ويتكلم ويقدر أكمل من العادم لذلك كما‪ ،‬قال عز‬
‫وجل ﴿ أافا امن اي ْخلُ ُق كا امن ل اي ْخلُ ُق أافا اال تاذاك ُرو ان ﴾ [النحل‪ ] 17:‬فالتسوية منكرة في الفطر‪،‬‬
‫ت‬‫وينكر ذلك على من سوى بينهما ‪ .‬كما قال تعالى عن إبراهيم الخليل‪ِ ﴿ :‬إ ْذ قاا ال ِأل ا ِبي ِه ايا أ ا اب ِ‬
‫نك شايْئا ﴾ [مريم‪ ] 42:‬وقال تعالى عن عجل بني‬ ‫ع ا‬ ‫ْص ُر او ال يُ ْغنِي ا‬‫لِ ام ت ا ْعبُ ُد اما ال اي ْس ام ُع او ال يُب ِ‬
‫ار أالا ْم يا ار ْوا أ انهُ ال يُكالِّ ُم ُه ْم‬
‫سدا له ُ ُخ او ٌ‬
‫سى ِمن با ْع ِدهِ ِم ْن ُحلِيِّ ِه ْم ِع ْجال اج ا‬ ‫إسرائيل‪ ﴿ :‬اوات اخذا قا ْو ُم ُمو ا‬
‫او ال يا ْهدِي ِه ْم سابِيال ات اخذُوه ُ اوكاانُوا ظاالِ ِمي ان﴾ [األعراف‪ . ] 148:‬فكل هذا اإلنكار في الخطاب‬
‫ليبين أن صفات الكمال مستقرة في الفطرة‪ ،‬وأن النافي لها قال قول ا منكرا ا في الفطر‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪36‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ودلت الفطرة أيضا ا على علو هللا تعالى على مخلوقاته وبينونته عنهم‪ ،‬بتوجههم بقلوبهم‬
‫متضرعين إلى هللا؛ فتسموا قلوبهم إلى السماء‪ ،‬وتشخص أبصارهم إليها ‪ .‬وهذا أمر متفق‬
‫عليه بين األمم التي لم تتغير فطرتها‪،‬‬
‫يوجد ذلك عند األعراب‪ ،‬والعجائز‪ ،‬والصبيان من المسلمين‪ ،‬ومن لم يقرأ كتاباا‪ ،‬ولم يتلق‬
‫عن معلم ول رسول‪.‬‬
‫وهكذا فالفطرة مكملة بالشريعة المنزلة؛ فإن الفطرة تعلم األمر مجمال‪ ،‬والشريعة تفصله‬
‫وتبينه‪ ،‬وتشهد بما ل تستقل الفطرة به ‪.‬‬
‫ودلت الفطرة أيضا ا أن أصول العبودية معلومة في الفطر‪ ،‬فالشرائع‪ ،‬أمر بمعروف ونهي‬
‫عن منكر‪ ،‬وإباحة طيب‪ ،‬وتحريم خبيث‪ ،‬وأمر بعدل‪ ،‬ونهي عن ظلم‪ ،‬وهذا كله مركوز في‬
‫الفطر‪ ،‬وكماله وتفصيله وتبيينه موقوف على الرسل ‪ .‬ولذا فإن الرسل بعثوا لتقرير الفطرة‬
‫وتكميلها ل لتغيير الفطرة وتحويلها‪.‬‬
‫وعلى هذا فمن المسائل العقدية التي نسبت إلى دليل الفطرة السليمة عند أهل السنة‪ :‬إثبات‬
‫وجود هللا ‪ ،‬واإلقرار هلل بالكمال المطلق في أسمائه وصفاته‪ ،‬وعلو هللا على خلقه‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪37‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ونختم هنا بما ذكر ابن القيم في نونيته من مدى توافق الحجة العقلية مع النقل الصحيح ‪،‬‬
‫والفطرة المستقيمة على الشهادة هلل بالربوبية‪ ،‬واأللوهية‪ ،‬واألسماء والصفات‪ ،‬وأن‬
‫الفطرة السليمة من األدلة التي يحتج بها‪ ،‬وتدل مع دللة العقل والنقل على الحق الذي‬
‫دعا إليه الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫قال في ذلك ‪:‬‬
‫قد جئتكم من مطلع اإليمان‬ ‫وأتى فريق ثم قال أل اسمعوا‬
‫ــمد بالحق والبرهان والتبيان‬ ‫من أرض طيبة من مهاجر أحـــ‬
‫ـهادي عليه ومحكم القرآن‬ ‫سافرت في طلب الهدى فدلني الـ‬
‫متفرد بالملك والسلطان‬ ‫مع فطرة الرحمن جل جالله‬
‫وجهه األعلى العظيم الشان‬ ‫وهو اإلله الحق ل معبود إل‬
‫من عرشه حتى الحضيض الداني‬ ‫بل كل معبود سواه فباطل‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪38‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة الثالثة‬

‫منهج الستدلل على مسائل العقيدة عند السلف‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪39‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة الثالثة‬


‫أولا‬
‫من هم السلف ؟‬
‫ثانيا ا‬
‫منهج السلف في الستدلل على العقيدة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪40‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أول ا‪ :‬من هم السلف؟‬


‫السلف الصالح‪ :‬المراد بهم (كحقبة تاريخية) الصحابة ‪ ،‬والتابعون ‪ ،‬وأتباعهم من أهل‬
‫القرون الثالثة المفضلة ‪ ،‬ممن عظم شأنهم ‪ ،‬وتلقى المسلمون كالمهم بالرضا والقبول‪.‬‬
‫ثم أصبح مذهب السلف علما على ما كان عليه هؤلء من التمسك بالكتاب والسنة ‪،‬‬
‫وتقديمهما على ما سواهما‪ ،‬والعمل بهما على مقتضى فهم الصحابة ‪.‬‬
‫ثانيا ا‪ :‬منهج السلف في الستدلل على العقيدة ‪:‬‬
‫يقوم منهج السلف في الستدلل على العقيدة على األسس التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬اإليمان بالنصوص الشرعية وتعظيمها‪:‬‬
‫آمن المسلمون بأن هللا تعالى ربهم‪ ،‬ومليكهم‪ ،‬أرسل الرسل لهدايتهم‪ ،‬وأنزل معهم الكتاب‬
‫والميزان‪ ،‬فما أخبر به الرسول عن هللا‪ ،‬فاهلل أخبر به‪ ،‬وما أمر به الرسول‪ ،‬فاهلل أمر به ‪،‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪41‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وهو العليم الحكيم‪.‬‬


‫وذكر أهل العلم‪ :‬أن اإليمان بنصوص الكتاب والسنة على ضربين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬إيمان مجمل‪ ،‬وهذا من فروض األعيان‪ ،‬فيجب على كل مسلم اإليمان بنصوص‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وإن لم يفهم معناها كعوام المسلمين‪ ،‬ومن ل يفهم العربية‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إيمان مفصل‪ ،‬وهذا من فروض الكفاية‪ ،‬وهو خاص بكل من قام عنده الدليل‪ ،‬وظهر‬
‫له معناه‪.‬‬
‫ومقتضى اإليمان بالنصوص الشرعية الذي كان عليه السلف هو‪ :‬الستسالم والخضوع‬
‫ك فِي اما شا اج ار اب ْينا ُه ْم ثُم ل اي ِجدُوا ف ِي أ ا ْنفُ ِس ِه ْم اح ارجا‬
‫ك ل يُؤْ ِمنُو ان احتى يُ اح ِكّ ُمو ا‬
‫والنقياد { فاال او ار ِّب ا‬
‫سلِّ ُموا ت ا ْسلِيما } [النساء‪. ]65:‬‬ ‫ْت اويُ ا‬ ‫ِمما قا ا‬
‫ضي ا‬
‫وحقيقة هذا الستسالم‪ :‬تعظيم أمر هللا سبحانه ونهيه واإلذعان لهما‪ ،‬والوقوف عند حدود ما‬
‫أنزله هللا على نبيه ‪ r‬قوله تعالى‪:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪42‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫{ ذالِ اك او ام ْن يُعا ِظّ ْم شاعاائِ ار ّللاِ فاإِن اها ِم ْن ت ا ْق اوى ْالقُلُوبِ } [الحج‪. ]32:‬‬
‫ولقد أكد السلف ‪ -‬رحمهم هللا ‪ -‬على تعظيم النصوص ‪ ،‬والوقوف عند حدودها ‪ ،‬وعدم‬
‫معارضتها ‪ ،‬وضربوا في ذلك أروع األمثلة ‪ ،‬وأصدق الصفات ‪ ،‬وأدق العبارات‪.‬‬
‫قال سفيان الثوري رحمه هللا‪ " :‬إن استطعت أل تحك رأسك إل بأثر فافعل"‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية رحمه هللا‪ " :‬فكان من األصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم‬
‫بإحسان‪ :‬أنه ل يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن برأيه‪ ،‬ول ذوقه ‪ ،‬ول معقوله ‪ ،‬ول‬
‫قياسه‪ ،‬ول او ْجده ؛ فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات واآليات البينات أن الرسول جاء‬
‫بالهدى ودين الحق‪ ،‬وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم"‪.‬‬
‫‪ - 2‬حجية السنة ( المتواترة واآلحاد ) في العقيدة بشرط أن تكون صحيحة‪:‬‬
‫اهتم سلف هذه األمة بالسنة النبوية اهتماما بالغا‪ ،‬وع ّدوها حجة بنفسها في جميع مسائل‬
‫الدين ‪ :‬العلمية والعملية ‪ ،‬واألرجح من أقوال أهل العلم هو عدم التفريق بين السنة المتواترة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪43‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫واألحادية في الستدلل على مسائل العقيدة والحتجاج بها‪.‬‬


‫وهذا مبني عندهم على أسس‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن اتباع السنة هو من أعظم ما يقتضيه اإليمان برسالة نبينا محمد ‪. r‬‬
‫ب‪ -‬أن الرسول ‪ r‬أعلم الخلق باهلل‪ ،‬وهو المبلّغ عنه دينه الذي ارتضاه للناس‪ ،‬وهو مؤتمن‬
‫على وحي هللا ؛ فالحجة قائمة فيما يبلغه كله‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن الرسول ‪ r‬بلّغ جميع الدين ولم يكتم منه شيئا‪ ،‬وأنه بلّغه أتم بالغ وأبينه‪ ،‬فالتفريق بين‬
‫أنواع سنته ‪ r‬ل يصلح أن يؤثر في الحتجاج بها‪ ،‬اللهم إل في باب الترجيح في حالة‬
‫التعارض الظاهري بين النصوص‪.‬‬
‫‪ - 3‬اللتزام بالكتاب والسنة لفظا ا ومعنى ‪:‬‬
‫وذلك باستعمال األلفاظ الواضحة الواردة في النصوص‪ ،‬دون األلفاظ المجملة التي‬
‫تحتمل الحق والباطل‪ ،‬كألفاظ الفالسفة والمتكلمين المتأثرين بهم ؛ فلم يؤثر عن السلف‬
‫استعمال مثل تلك األلفاظ التي عدوها من األلفاظ المحدثة الغريبة عن ألفاظ الوحي‪.‬‬
‫كتسمية هللا بالصانع‪ ،‬أو واجب الوجود‪،‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪44‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أو القديم‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬


‫‪ - 4‬ترك التأويل المذموم لنصوص الكتاب والسنة المتعلقة بالعقيدة ‪:‬‬
‫وسبب ذلك هو عدم جواز صرف نصوص العقيدة عن ظاهرها بغير دليل شرعي ثابت عن‬
‫المعصوم ‪ ، r‬بل يجب اتباع المحكم ور ّد المتشابه إليه‪ .‬ومن التأويل المذموم ما قد يكون بدعة‬
‫كتأويالت المعتزلة ومن وافقهم‪ ،‬الذين يؤولون صفات هللا عز وجل فيأولون صفة اليد هلل‬
‫عز وجل بالقدرة والقوة والنعمة‪ ،‬وصفة العين بالعلم واإلحاطة‪ ،‬ونحو ذلك‪ .‬ومن التأويالت‬
‫ما قد يكون كفرا كتأويالت الباطنية ‪ ،‬فالصيام المفروض عندهم هو كتمان أسرارهم‪ ،‬ويوم‬
‫القيامة عندهم هو ظهور القائم‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪- 5‬عدم التفريق بين الكتاب والسنة في الستدلل ‪:‬‬
‫فالكتاب والسنة وحي من هللا ‪ ،‬والقبول لهما واجب على ح ّد سواء‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪45‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫{ او اما يا ْن ِط ُق عا ِن ْال اه اوى )‪ (3‬إِ ْن هُ او إِل او ْح ٌ‬


‫ي يُو احى } [النجم‪،]4- 3:‬‬
‫وتيت القرآن ومثله معه "‪ .‬وقال ‪ (( :r‬ل ألفين أحدكم متكأ على أريكته‬ ‫وقال ‪ " :r‬أل إني أ ُ ُ‬
‫يأتيه األمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول ل أدري‪ ،‬ما وجدنا في كتاب هللا اتبعناه‪ ،‬أل إني‬
‫أوتيت القرآن ومثله معه )) ‪.‬‬
‫إذن يتمثل الوحي – بمعنى الموحى‪ -‬في اإلسالم بالقرآن الكريم والسنة والنبوية‪ ،‬وتختلف‬
‫السنة عن القرآن بأن القرآن لفظه ومعناه منزل على الرسول من ربه عز وجل ‪ .‬أما‬
‫السنة فإن اللفظ من الرسول والملتقى من هللا عز وجل هو معناها ‪.‬‬
‫‪ - 6‬صحة فهم النصوص ‪:‬‬
‫فصحة فهم النصوص ركيزة أساسية لصحة الستدلل‪ ،‬ول يستطيع المرء معرفة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪46‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫مراد هللا تعالى‪ ،‬ومراد رسوله ‪ r‬إل حينما يستقيم فهمه لدلئل الكتاب والسنة‪ ،‬وخاصة في‬
‫هذا العصر الذي كثر فيه المتحدثون في أمور الدين عبر وسائل اإلعالم المختلفة؛‬
‫كالفضائيات واإلنترنت‪ ،‬فالمعرفة بهذه القواعد األساسية التي يرتكز عليها الفهم الصحيح‬
‫تمكّن من تمييز المتحدثين بحق من المنحرفين عن الفهم الصحيح‪.‬‬
‫وركائز الفهم الصحيح للنصوص كثيرة ؛ منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬العتماد على فهم الصحابة لدلئل الكتاب والسنة ؛ لكون الرسول ‪ r‬بين أظهرهم‪ ،‬كما‬
‫عايشوا نزول الوحي؛ فهم أعلم الناس بمراد هللا ومراد رسوله ‪. r‬‬
‫وهذا األمر يتأكد خاصة إذا كثرت البدع واألهواء‪ ،‬قال رسول هللا ‪ (( : r‬فإنه من يعش‬
‫منكم فسيرى اختالفا كثيرا‪ ،‬فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضّوا‬
‫عليها بالنواجذ )) ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪47‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ب‪ -‬معرفة اللغة العربية وأساليب العرب في كالمهم‪:‬‬


‫نزل الوحي بلسان العرب‪ ،‬ويكون فهم دلئله على الوجه الصحيح بمعرفة لغة العرب التي‬
‫نزل بها‪ ،‬والتي خاطب بها الرسول ‪ r‬أصحابه‪ .‬ولهذا اعتنى سلف األمة وعلماؤها بلغة‬
‫القرآن حتى يوضع خطاب الشارع في موضعه الالئق به‪ .‬وكان عمر بن الخطاب ‪ t‬يكتب‬
‫إلى اآلفاق ‪ :‬أن يتعلموا السنة والفرائض والنحو كما يتعلمون القرآن ‪.‬‬
‫ج‪ -‬جمع النصوص الواردة في المسألة الواحدة‪ ،‬النصوص الثابتة تأتلف ول تختلف ألنها‬
‫خرجت من مشكاة واحدة ؛ فال يجوز أن يؤخذ نص ويترك نص آخر في الباب نفسه ‪،‬‬
‫والصواب أن تجمع النصوص بأي من طرق الجمع المذكورة عند علماء األصول ‪ ،‬ثم يؤخذ‬
‫بها جميعا‪.‬‬
‫ومن طرق الجمع بين النصوص‪ :‬حمل العام على الخاص ‪ ،‬والمطلق على المقيد ‪ ،‬وردّ‬
‫المجمل إلى المفصل ‪ ،‬والمتشابه إلى المحكم‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪48‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة الرابعة‬

‫أركان اإليمان وأثرها في حياة الفرد والمجتمع‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪49‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة الرابعة‬


‫أولا‬
‫تعريف اإليمان لغة وشرعا‬
‫ثانيا ا‬
‫أهم مسائل اإليمان‬
‫ثالثا ا‬
‫أركان اإليمان‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪50‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أ‪ -‬تعريف اإليمان لغة وشرعا ا‪:‬‬


‫اإليمان لغة‪( :‬آمن) في لغة العرب له استعمالن‪:‬‬
‫فتارة يتعدى بنفسه فيكون معناه ‪ :‬األمن والتأمين أي إعطاء األمان‪ .‬ومنه قوله تعالى ‪:‬‬
‫ف ﴾[قريش‪]4:‬‬ ‫﴿ َوآ َمنَ ُهم ِم ْن َخ ْو ٍّ‬
‫وتارة يتعدى بالباء أو الالم فيكون معناه ‪ :‬التصديق ‪ ،‬كما في قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬و َما أ َ ْنتَ بِ ُم ْؤ ِم ٍّن‬
‫لَنَا ﴾ [يوسف‪ ]17:‬وقوله ﴿ أَفَت َ ْط َم ُعو َن أَن ُي ْؤ ِمنُواْ لَكُ ْم ﴾ [البقرة‪. ]75:‬‬
‫واإليمان شرعا ا ‪ ،‬هو ‪ :‬اعتقاد بالقلب‪ ،‬وقول باللسان‪ ،‬وعمل بالجوارح ‪.‬‬
‫وعلى هذا التعريف أجمع أئمة السلف وعلماؤهم ‪ ،‬وقد نقل هذا اإلجماع اإلمام البغوي ‪،‬‬
‫والحافظ ابن عبد البر‪ ،‬واإلمام الاللكائي‪ ،‬وغيرهم ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪51‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وأدلة هذا التعريف كثيرة ‪ ،‬منها‪:‬‬


‫اب آ َمنا قُل ل ْم ت ُ ْؤ ِمنُوا َولَ ِكن قُولُوا أ َ ْ‬
‫سلَ ْمنَا‬ ‫ت ْاأل َ ْ‬
‫ع َر ُ‬ ‫اعتقاد بالقلب‪ :‬استدلوا بقوله تعالى‪ ﴿:‬قَالَ ِ‬
‫اإلي َما ُن فِي قُلُو ِبك ُ ْم ﴾ [الحجرات‪ ، 14:‬وقول النبي ‪ (( r‬يا معشر من آمن بلسانه‬ ‫َولَما يَ ْد ُخ ِل ْ ِ‬
‫ولم يدخل اإليمان قلبه )) ‪.‬‬
‫قول باللسان‪ :‬استدلوا بقوله تعالى ‪ ﴿ :‬قُولُوا آ َمنا بِالِلِ ﴾ البقرة‪ ، :136‬وقول النبي ‪ (( r‬أمرت‬
‫أن أقاتل الناس‪ ،‬حتى يقولوا ل إله إل هللا‪ ،‬فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إل‬
‫بحقها )) ‪.‬‬

‫ضي َع ِإي َما َنكُ ْم ﴾[البقرة ‪ ،]143:‬أجمع‬ ‫عمل الجوارح‪ :‬استدلوا بقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َما كَا َن ُ‬
‫َّللا لِيُ ِ‬
‫المفسرون على أن المراد من ﴿ ِإي َمانَكُ ْم ﴾‪ :‬صالتكم إلى بيت المقدس؛ فثبت أن الصالة ‪ -‬وهي‬
‫عمل – إيمان ‪ ،‬ودليل السنة قوله ‪ ( :r‬ل إيمان لمن ل أمانة له ) ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪52‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ب‪ -‬أهم مسائل اإليمان‪:‬‬


‫يتعلق بتعريف اإليمان شرعا ثالث مسائل بها تميز أهل الحق‪ ،‬وأصحاب العتقاد السليم عن غيرهم‬
‫من المذاهب األخرى‪ ،‬وهذه المسائل هي ‪[ :‬زيادة اإليمان ونقصانه‪ ،‬والستثناء في اإليمان‪،‬‬
‫وحكم مرتكب الكبيرة]‬
‫‪ - 1‬زيادة اإليمان ونقصانه ‪:‬‬
‫ذهب جمهور السلف إلى أن اإليمان يزيد وينقص‪ ،‬واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫س ِلي اما ﴾ [األحزاب‪. ]22:‬وقوله تعالى ‪َ ﴿ :‬و َي ْزدَا َد الذِي َن آ َمنُوا‬
‫قوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َما َزا َدهُ ْم ِإل ِإي َماناا َوت َ ْ‬
‫ِإي َماناا ﴾ [المدثر‪ . ]31:‬ومن السنة قوله ‪ (( : r‬ل يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن )) أي ‪ :‬ل يفعل‬
‫هذه المعصية وهو كامل اإليمان‪ ،‬وحديث ‪ (( :‬أكمل المؤمنين إيمانا ا أحسنهم خلقا ا )) ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪53‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ويزيد اإليمان بالطاعة وينقص بالمعصية ‪ ،‬والمقصود هنا طاعة القلب والجوارح‬
‫واللسان‪ ،‬ومعصيتها أيضا‪.‬‬
‫فاإليمان يزداد بالحب في هللا ‪ ،‬والبغض في هللا‪ ،‬وحب الصحابة ‪ ،‬والخوف والرجاء‬
‫والتوكل‪ ،‬ويزداد بذكر هللا ‪ ،‬وتالوة القرآن ‪ ،‬وطلب العلم ‪ ،‬والدعوة إلى هللا ‪ ،‬والقيام‬
‫بجميع شعائر الدين‪.‬‬
‫واإليمان ينقص بالبتداع في الدين‪ ،‬وبالحسد ‪ ،‬والكبر ‪ ،‬والعُجب‪ ،‬والغفلة ‪ ،‬وارتكاب‬
‫الذنوب والكبائر‪.‬‬
‫‪ - 2‬الستثناء في اإليمان‪:‬‬
‫ومعناه ‪ :‬أن يقول العبد ‪ :‬أنا مؤمن إن شاء هللا‪.‬‬
‫والسلف رحمهم هللا يمنعون هذا الستثناء إذا كان على سبيل الشك ؛ ألن الشك في ذلك كفر‬
‫‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪54‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ويجوز الستثناء في حال تجنب تزكية النفس بما يوهم استكمال اإليمان ‪ ،‬ألن العبد المسلم الذي‬
‫يعتقد أن اإليمان اعتقاد وقول وعمل يزيد وينقص ل يجزم لنفسه بكمال اإليمان ‪ .‬قال ابن مسعود‬
‫‪ " : t‬من شهد على نفسه أنه مؤمن‪ ،‬فليشهد أنه في الجنة "‬
‫‪ - 3‬حكم مرتكب الكبيرة ‪:‬‬
‫تعريف الكبيرة ‪ :‬اختلف العلماء في تعريفها ‪ ،‬إل أن أشهر تلك التعريفات ‪ ،‬وأقربها للصواب ‪ ،‬ما نقل‬
‫عن ابن عباس ‪ ،‬وسعيد بن جبير‪ ،‬والحسن البصري ‪ ،‬وغيرهم ‪ :‬أن الكبائر ‪ :‬كل ذنب ختمه هللا‬
‫تعالى بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب‪.‬‬
‫وأهل السنة أجمعوا على عدم كفر مرتكب الكبيرة ‪ ،‬وهم ل يقطعون لمرتكب الكبيرة بالنار إذا مات‬
‫قبل التوبة ‪ ،‬وأنه إن دخلها أخرج منها ‪ ،‬وختم له بالخلود في الجنة ‪ ،‬شريطة أن يموت على التوحيد‬
‫‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪55‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫قال اإلمام البغوي رحمه هللا‪ " :‬اتفق أهل السنة على أن المؤمن ل يخرج عن اإليمان بارتكاب‬
‫شيء من الكبائر إذا لم يعتقد إباحتها‪ ،‬وإذا عمل شيئا منها‪ ،‬فمات قبل التوبة‪ ،‬ل يخلد في النار‪،‬‬
‫كما جاء به الحديث‪ ،‬بل هو إلى هللا‪ ،‬إن شاء عفا عنه‪ ،‬وإن شاء عاقبه‬
‫بقدر ذنوبه‪ ،‬ثم أدخله الجنة برحمته"‪.‬‬
‫وأدلة هذا المذهب كثيرة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫الِل فَ َقدِ‬ ‫ُون ذَ ِلكَ ِل َمن َيشَاء َو َمن ي ُ ْ‬
‫ش ِر ْك بِ ِ‬ ‫َّللا لَ يَغْ ِف ُر أَن ي ُ ْ‬
‫ش َركَ بِ ِه َويَغْ ِف ُر َما د َ‬ ‫قوله تعالى ‪ ﴿ :‬إِن َ‬
‫افْت َ َرى إِث ْ اما ع َِظي اما ﴾ [النساء‪ ،] 48:‬يعني ‪ :‬إذا مات غير تائب من الشرك‪.‬‬

‫ع َلى ْاأل ُ ْخ َرى‬


‫ت ِإ ْحدَاهُ َما َ‬ ‫ص ِل ُحوا َبيْ َن ُه َما فَ ِإن َبغَ ْ‬ ‫ين اقْتَتَلُوا فَأ َ ْ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ﴿ :‬و ِإن َطائِفَت َ ِ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫طوا ِإن َّللا َ ي ُ ِحب‬ ‫ص ِل ُحوا َبيْنَ ُه َما ِبالْ َع ْد ِل َوأ َ ْق ِس ُ‬
‫ت فَأ َ ْ‬‫َّللا فَ ِإن فَا َء ْ‬
‫فَقَاتِلُوا التِي تَبْ ِغي َحتى ت َ ِفي َء ِإلَى أ َ ْم ِر ِ‬
‫ون ِإ ْخ َوة فَأ َ ْ‬
‫ص ِل ُحوا َبيْ َن أ َ َخ َويْكُ ْم َواتقُوا َّللاَ‬ ‫الْ ُمقْ ِس ِط َ‬
‫ين(‪ِ ) 9‬إن َما الْ ُم ْؤ ِمن ُ َ‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪56‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫لَعَلكُ ْم ت ُ ْر َح ُمو َن ﴾ [الحجرات‪. ]10- 9:‬‬


‫ومعلوم أن القتل كبيرة من كبائر الذنوب ومع ذلك فإن هللا تعالى لم يسلب عن هؤلء‬
‫المقاتلين اسم اإليمان‪ ،‬وسماهم المؤمنين‪ ،‬وإخوة في الدين‪.‬‬

‫ومن السنة حديث أبي ذر ‪ t‬عن النبي ‪ r‬أنه قال ‪ (( :‬أتاني جبريل ’ فبشرني أنه من مات‬
‫من أمتك ل يشرك باهلل شيئا ا دخل الجنة قلت ‪ :‬وإن زنى وإن سرق؟ قال ‪ :‬وإن زنى وإن‬
‫سرق )) ‪.‬‬
‫وهذا الحكم ل يقلل من خطر ارتكاب الكبائر‪ ،‬وأليم عواقبها في الدنيا واآلخرة‪ ،‬كما يُخشى‬
‫على مرتكبها أن تتراكم عليه الذنوب فتوصله إلى الكفر‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪57‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ج‪ -‬أركان اإليمان ‪:‬‬


‫يتلخص معتقد السلف الصالح ‪ -‬أهل السنة والجماعة – في أصول اإليمان؛ بوجوب التصديق بأركانه‬
‫في حديث جبريل لما جاء يسأله عن اإليمان؛ فقال ‪ (( :‬أن تؤمن باهلل‪،‬‬ ‫الستة كما أخبر النبي‬
‫ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم اآلخر‪ ،‬وتؤمن بالقدر خيره وشره )) ‪.‬‬
‫فاإليمان يقوم على هذه األركان الستة؛ فإذا سقط منها ركن لم يكن اإلنسان مؤمنا ألبتة؛ ألنه فقد ركنا‬
‫من أركان اإليمان؛ وقد وردت اإلشارة إلى هذه األركان في بعض اآليات القرآنية كقوله تعالى ‪﴿ :‬‬
‫اآلخ ِر َوالْ َمالئِ َك ِة‬
‫الِل َوالْيَ ْو ِم ِ‬‫ب َولَ ِكن الْ ِبر َم ْن آ َم َن ِب ِ‬ ‫ق َوالْ َمغْ ِر ِ‬ ‫س الْ ِبر أ َ ْن ت ُ َولوا ُو ُجو َهكُ ْم قِبَ َل الْ َم ْ‬
‫ش ِر ِ‬ ‫لَيْ َ‬
‫ون كُل‬ ‫ين ﴾ [البقرة‪ ،] 177:‬وقوله ‪ ﴿ :‬آ َ َم َن الرسُولُ ِب َما أُنْ ِزلَ ِإلَيْ ِه ِم ْن َر ِب ِه َوالْ ُم ْؤ ِمن ُ َ‬ ‫ب َوالن ِب ِي َ‬ ‫َوالْ ِكتَا ِ‬
‫آ َ َم َن ِب ِ‬
‫الِل َو َم َالئِ َكتِ ِه َوكُت ُ ِب ِه َو ُرسُ ِل ِه ﴾ [البقرة‪. ] 285:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪58‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أ‪-‬اإليمان باهلل ‪:‬‬


‫من اإليمان باهلل تعالى ؛ اإليمان بوحدانيته؛ وتفرده في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته‪،‬‬
‫وذلك بإقرار أنواع التوحيد الثالثة‪ ،‬واعتقادها‪ ،‬والعمل بها‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬توحيد الربوبية‪.‬‬
‫‪ - 2‬توحيد األلوهية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬توحيد األسماء والصفات‪.‬‬

‫أو هو‪ :‬توحيد هللا بالمعرفة واإلثبات (وهو توحيد الربوبية واألسماء والصفات)‪ ،‬وتوحيده‬
‫باإلرادة والقصد (وهو توحيد األلوهية) ؛ فيتضمن النوع األول‪ :‬توحيد هللا بأفعاله‪ ،‬والنوع‬
‫الثاني‪ :‬توحيد هللا بأفعال العباد ( وهي العبادة )‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪59‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ب‪-‬األمور التي يتضمنها اإليمان باهلل‪:‬‬


‫اإليمان باهلل يتضمن أربعة أمور هي‪ :‬اإليمان بوجود هللا‪ ،‬واإليمان بربوبيته‪ ،‬وألوهيته‪،‬‬
‫وأسمائه وصفاته‪ ،‬على النحو اآلتي‪:‬‬
‫األول‪ :‬اإليمان بوجود هللا تعالى‪ :‬وقد دل على وجوده تعالى‪[:‬الفطرة‪ ،‬والعقل‪ ،‬والشرع‪،‬‬
‫والحس]‪.‬‬
‫‪ - 1‬أما دللة الفطرة على وجوده سبحانه‪ :‬فإن كل مخلوق قد فُ ِطر على اإليمان بخالقه من‬
‫غير سبق تفكير‪ ،‬أو تعليم‪ ،‬ول ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إل من طرأ على قلبه ما‬
‫يصرفه عنها؛ لقول النبي ‪ ” :‬ما من مولود إل يولد على الفطرة فأبواه يهودانه و ينصرانه‬
‫و يمجسانه ”‪.‬‬
‫‪ - 2‬وأما دللة العقل على وجود هللا تعالى؛ فألن هذه المخلوقات‪ :‬سابقها ولحقها‪ ،‬لبد لها‬
‫من خالق أوجدها‪ ،‬إذ ل يمكن أن توجد نفسها بنفسها؛ ول يمكن أن توجد صدفة‪ .‬قال تعالى‪:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪60‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ض اب ْل ال يُوقِنُو ان ﴾‬ ‫﴿ أ ا ْم ُخلِقُوا ِم ْن غاي ِْر ش ا ْي ٍء أ ا ْم هُ ُم ْالخاالِقُو ان )‪ (35‬أ ا ْم اخلاقُوا الس ام ااوا ِ‬


‫ت او ْاأل ا ْر ا‬
‫[الطور‪ .]36-35:‬يعني‪ :‬أنهم لم يخلاقوا من غير خالق‪ ،‬ول هم الذين خلاقوا أنفسهم ؛ فتعين‬
‫أن يكون خالقهم هو هللا تبارك وتعالى‪ ،‬ولهذا لما سمع جبير بن مطعم –وكان مشركا‪-‬‬
‫رسول هللا يقرأ هذه اآليات فكانت سبب تحوله لإليمان‪ ،‬قال‪ " :‬كاد قلبي أن يطير‪ ،‬وذلك‬
‫أول ما وقر اإليمان في قلبي"‪.‬‬
‫‪ - 3‬وأما دللة الشرع على وجود هللا تعالى‪ :‬فألن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك‪ ،‬وما‬
‫جاءت به من األحكام العادلة المتضمنة لمصالح الخلق ؛ دليل على أنها من رب حكيم عليم‬
‫بمصالح خلقه‪.‬‬
‫‪ - 4‬وأما أدلة الحس على وجود هللا؛ فمن وجهين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين‪ ،‬وغوث المكروبين‪ ،‬ما يدل دللة قاطعة على‬
‫اب لاكُ ْم أانِّي ُم ِم ُّدكُم بِأ ا ْل ٍ‬
‫ف ِ ّم ان‬ ‫وجوده تعالى‪ ،‬قال هللا سبحانه‪ِ ﴿ :‬إ ْذ ت ا ْست ا ِغيثُو ان اربكُ ْم فاا ْست ا اج ا‬
‫ْال ام اال ِئكا ِة ُم ْر ِد ِفي ان ﴾ [األنفال‪.]9:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪61‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أن آيات األنبياء التي تسمى المعجزات ويشاهدها الناس‪ ،‬أو يسمعون بها‪،‬‬
‫برهان قاطع على وجود مرسلهم‪ ،‬وهو هللا تعالى؛ ألنها أمور خارجة عن نطاق البشر‪،‬‬
‫يجريها هللا تعالى على أيدي رسله – عليهم السالم – ونصرا لهم‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪62‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة الخامسة‬

‫الركن األول‬
‫اإليمان باهلل‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪63‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة الخامسة‬

‫تتمة األمور التي يتضمنها اإليمان باهلل‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪64‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الثاني ‪ :‬توحيد الربوبية‪:‬‬


‫أول‪ :‬تعريفه‪:‬‬
‫الربوبية مصدر من الفعل " ربب"‪ ،‬ومنه ‪ :‬الربّ ‪ .‬فالربوبية صفة هللا تعالى‪ ،‬وهي مأخوذة‬
‫من اسمه الربّ ‪.‬‬
‫والرب في كالم العرب يطلق على معان ؛ منها ‪ :‬المالك‪ ،‬والسيد المطاع ‪ ،‬والمصلح‪.‬‬
‫ومعناه في الصطالح‪ :‬العتقاد الجازم بأن هللا وحده رب كل شيء ومليكه‪ ،‬ل شريك له ‪،‬‬
‫وهو الخالق وحده وهو مدبر العالم والمتصرف فيه‪ ،‬وأنه خالق العباد ورازقهم ومحييهم‬
‫ومميتهم‪ ،‬واإليمان بقضاء هللا وقدره‪ ،‬وخالصته أنه ‪ :‬توحيد هللا تعالى بأفعاله‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪65‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ثانيا‪ :‬األدلة عليه‪:‬‬


‫وقد قامت األدلة النقلية والعقلية وكذلك الفطرة على تفرد هللا تعالى بالربوبيته‪:‬‬
‫ب ْال اعالا ِمي ان ﴾ [الفاتحة‪ ، ]2:‬وقوله ‪ِ ﴿ :‬إن اربكُ ُم ُ‬
‫ّللا‬ ‫فمن الكتاب‪ :‬قوله تعالى‪ْ ﴿ :‬ال اح ْم ُد ّ ِ‬
‫ّلل ار ّ ِ‬
‫ار اي ْ‬
‫طلُبُه ُ‬ ‫علاى ْال اع ْر ِش يُ ْغ ِشي الل ْي ال الن اه ا‬ ‫ض فِي ِست ِة أاي ٍام ث ُم ا ْست ا اوى ا‬ ‫ت او ْاأل ا ْر ا‬
‫الذِي اخلا اق الس ام ااوا ِ‬
‫ار اك ّللاُ اربُّ ْال اعالا ِمي ان‬ ‫ت بِأ ا ْم ِرهِ أ ا ال لاه ُ ْالخ ْال ُق او ْاأل ا ْم ُر تابا ا‬ ‫سخ ارا ٍ‬ ‫وم ُم ا‬ ‫س او ْالقا ام ار اوالنُّ ُج ا‬
‫احثِيثا اوالش ْم ا‬
‫﴾ [األعراف‪ ]54:‬وقوله‪ ﴿ :‬أ ا ْم ُخلِقُوا ِم ْن غاي ِْر شا ْي ٍء أ ا ْم هُ ُم ْالخاالِقُو ان ﴾ [الطور‪.]35:‬‬
‫ومن السنة‪ :‬قوله ‪ ” : r‬السيد هو هللا تبارك وتعالى ”‪.‬‬

‫أما العقل السليم‪ :‬فإنه يقر هلل تعالى بالوحدانية وبأنه الخالق القادر؛ ولذلك دعا هللا إلى إعمال‬
‫العقل بالتفكر والتدبر في كثير من آيات القرآن‪ ،‬ومنها آية الطور المتقدمة‪ ،‬كما بيّن موقف‬
‫أهل العقول واأللباب إذا تأملوا خلق هللا تعالى بقوله‪:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪66‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ت أل ُ ْولِي األ ا ْلباابِ ‪ .‬الذِي ان‬ ‫ار آلياا ٍ‬ ‫ض اوا ْختِ ِ‬


‫الف الل ْي ِل اوالن اه ِ‬ ‫ت اواأل ا ْر ِ‬ ‫ق الس ام اوا ِ‬ ‫﴿ إن فِي خ ْال ِ‬
‫ت‬ ‫ض اربناا اما اخلا ْق ا‬‫ت اواأل ا ْر ِ‬ ‫علاى ُجنُو ِب ِه ْم او ايت افاك ُرو ان فِي خ ْال ِ‬
‫ق الس ام اوا ِ‬ ‫ّللا قِ اياما اوقُعُودا او ا‬ ‫اي ْذكُ ُرو ان ا‬
‫ار ﴾ [آل عمران‪.]191- 190:‬‬ ‫اب الن ِ‬‫عذا ا‬ ‫هاذاا ابا ِطال سُ ْب احان ااك فاقِناا ا‬
‫أما الفطرة‪ :‬فهي من أعظم ما ُجبل هللا عليه البشر‪ ،‬كما قال تعالى ‪ ﴿ :‬فاأاقِ ْم او ْج اه اك لِل ِ ّدي ِن‬
‫اس ل‬ ‫ق ّللاِ ذالِ اك ال ِ ّدي ُن ْالقايِّ ُم اولا ِكن أ ا ْكث ا ار الن ِ‬
‫اس عالا ْي اها ل ت ا ْبدِي ال لِخ ْال ِ‬
‫ط ارة ا ّللا ِ التِي فاطا ار الن ا‬ ‫احنِيفا فِ ْ‬
‫ور ِه ْم ذُ ِ ّريت ا ُه ْم اوأ ا ْش اه ادهُ ْم‬
‫اي ْعلا ُمو ان ﴾ [الروم‪ , ]30:‬وقوله‪ ﴿ :‬او ِإ ْذ أ ا اخذا ارب اُّك ِم ْن ابنِي آ اد ام ِم ْن ظُ ُه ِ‬
‫ت بِ اربِّكُ ْم قاالُوا بالاى شا ِه ْدناا أ ا ْن تاقُولُوا يا ْو ام ْالقِياا ام ِة ِإن ا كُنا عا ْن هاذاا غاافِلِي ان ﴾‬ ‫عالاى أانفُ ِس ِه ْم أالا ْس ُ‬
‫[األعراف‪.]172:‬‬
‫وهذه الفطرة هي التي تجعل الناس في حال الشدة والضيق يرجعون إلى هللا ويستمدون منه‬
‫س ِيّ ُركُ ْم فِي ْال اب ِ ّر او ْال اب ْح ِر احتى ِإذاا‬ ‫العون والنجاة‪ ،‬كما حكى هللا عن المشركين ‪ ﴿ :‬ه ُ او الذِي يُ ا‬
‫ف او اجا اءهُ ُم‬ ‫اص ٌ‬‫كُ ْنت ُ ْم فِي ْالفُ ْل ِك او اج ار ْي ان بِ ِه ْم بِ ِريح ٍ طايِّبا ٍة اوفا ِر ُحوا بِ اها اجا اءتْ اها ِري ٌح عا ِ‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪67‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫صي ان لاه ُ ال ّدِي ان لائِ ْن أ ا ْن اج ْيتاناا ِم ْن ها ِذ ِه‬


‫ّللا ُم ْخلِ ِ‬ ‫ْال ام ْو ُج ِم ْن كُ ِّل امكاا ٍن اوظانُّوا أان ُه ْم أ ُ ِحيطا ِب ِه ْم اد ا‬
‫ع ُوا ا‬
‫لاناكُونان ِم ان الشا ِك ِري ان ﴾ [العنكبوت‪.]65:‬‬
‫ثالثا‪ :‬حكم اإلقرار بهذا التوحيد وحده‪:‬‬
‫اإلقرار بهذا التوحيد وحده دون لزمه‪ ،‬وهو اإلقرار باستحقاق هللا للعبادة وحده‪ -‬له حكمان ‪:‬‬
‫األول‪ :‬دنيوي‪ ،‬وهو أنه ل يُكسب صاحبه صفة اإليمان‪ ،‬التي تعصم الدم والمال‪ ،‬حتى يلتزم‬
‫بالزمه وهو توحيد األلوهية أي العبادة؛ ولذلك قاتل رسول هللا أهل الشرك ولم يقبل منهم‬
‫إقرارهم بربوبية هللا مع اإلشراك به وترك عبادته تعالى وحده‪ ،‬كما قال تعالى عنهم‪ ﴿ :‬اولا ِئن‬
‫س او ْالقا ام ار لا ايقُولُن ُ‬
‫ّللا فاأانى يُؤْ فاكُون ﴾‬ ‫سخ ار الش ْم ا‬ ‫سأ ا ْلت ا ُهم م ْن اخلا اق الس ام ااوا ِ‬
‫ت او ْاأل ا ْر ا‬
‫ض او ا‬ ‫ا‬
‫[العنكبوت‪.]61:‬‬
‫الثاني‪ :‬أخروي‪ ،‬وهو أن من مات غير ملتزم هلل بعبادته وحده لن ينجو من عذاب هللا وإن‬
‫أقر له بالربوبية وبعض الصفات‪ .‬قال ‪ “:‬ل تدخل الجنة إل نفس مؤمنة ” ‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪68‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫رابعا ا‪ :‬مظاهر النحراف في هذا التوحيد‪:‬‬


‫إن هذا التوحيد قد أقرت به العقول والفطر‪ ،‬ومع ذلك نجد من طمست فطرهم وضلت‬
‫عقولهم فانحرفوا عن الحق حتى في هذا التوحيد الذي اإلقرار به ضرورة يجدها كل البشر‬
‫في نفوسهم وخاصة في حال الشدة والخطر‪ ،‬رغم هذا فإن بعض الناس انحرفوا في هذا‬
‫التوحيد على ثالثة مناحي تجلت في المظاهر اآلتية ‪:‬‬
‫المظهر األول‪ :‬جحد ربوبية هللا أصال‪ ،‬ومنها‪ :‬وجوده تعالى كما ي ّدعيه المالحدة الذين‬
‫يسندون الوجود كله إلى فعل الطبيعة‪ ،‬كحال من ذكرهم هللا تعالى من " الدهريين" بقوله ‪﴿:‬‬
‫وت اونا ْح ايا او اما ُي ْه ِلكُناا ِإل الد ْه ُر او اما لا ُه ْم ِبذا ِل اك ِم ْن ِع ْل ٍم ِإ ْن هُ ْم‬ ‫اوقاالُوا اما ِه ا‬
‫ي ِإل اح اياتُناا ال ُّد ْن ايا نا ُم ُ‬
‫ِإل ياظُنُّو ان ﴾ [الجاثية‪ ،]24:‬ومن هؤلء في عصرنا الشيوعيون والوجوديون وأصحاب‬
‫المذاهب المادية‪.‬‬
‫المظهر الثاني‪ :‬جحد بعض خصائص الرب تعالى وإنكارها‪ ،‬كمن ينفي قدرة هللا على بعث‬
‫ي ار ِمي ٌم ﴾‬ ‫ي خ ْالقاه ُ قا ال ام ْن ُي ْحي ِ ْال ِع ا‬
‫ظام او ِه ا‬ ‫ب لانا امثاال اونا ِس ا‬ ‫ض ار ا‬
‫الناس‪ ،‬كما قال تعالى‪ ﴿:‬او ا‬
‫[يس‪.]78:‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪69‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المظهر الثالث‪ :‬إعطاء شيء من خصائص الربّ لغيره من الخلق‪ ،‬كمن يعتقد وجود‬
‫متصرف في الكون مع هللا‪ ،‬أو نافع أو ضار معه تعالى‪ ،‬وكمن يغلو في األولياء أو األئمة أو‬
‫غيرهم من األحياء أو األموات‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬توحيد األلوهية‪:‬‬
‫أول‪ :‬معنى األلوهية‪:‬‬
‫في اللغة‪ :‬مشتقة من ) اإلله ) ‪ :‬أي المعبود‪.‬‬
‫وفي الشرع‪ :‬العتقاد الجازم بأن هللا عز وجل هو‪ :‬المعبود الحق ل معبود بحق سواه‪،‬‬
‫وأن ل يشرك به أحد كائنا من كان‪ ،‬ول‬ ‫وإفراده تعالى بالعبادة والخضوع والطاعة المطلقة‪ْ ،‬‬
‫يصرف شيء من العبادة لغيره؛ كالصالة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬والدعاء‪ ،‬والستعانة‪،‬‬
‫والنذر‪ ،‬والذبح‪ ،‬والتوكل‪ ،‬والخوف والرجاء‪ ،‬والحب‪ ،‬وغيرها من أنواع العبادة الظاهرة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪70‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫والباطنة‪ ،‬وأن يعبد هللا بالحب والخوف والرجاء جميعا‪ ،‬وعبادته ببعضها دون بعض ضالل‬
‫وخالصته‪ :‬هو إفراد هللا بأفعال العباد ‪.‬‬
‫اك نا ْست ا ِعي ُن ﴾ [الفاتحة‪.]5:‬‬ ‫اك نا ْعبُ ُد او ِإي ا‬ ‫قال هللا تعالى‪ِ ﴿ :‬إي ا‬
‫وتوحيد األلوهية‪ :‬هو ما دعت إليه جميع الرسل‪ ،‬وإنكاره هو الذي أورد األمم السابقة موارد‬
‫الهالك ‪.‬‬
‫وهو الذي من أجله قاتل النبي قومه ونابذهم العداء فإنهم كانوا يقرون بالنوع األول‪ ،‬وهو‬
‫توحيد الربوبية ولكنهم كانوا يصرفون العبادة لغير هللا من األصنام واألوثان ‪.‬‬
‫سأ ا ْلت ا ُهم م ْن اخلاقا ُه ْم لا ايقُولُن ُ‬
‫ّللا فاأانى ُيؤْ فاكُو ان ﴾[الزخرف‪. ]87:‬‬ ‫والدليل قوله تعالى‪ ﴿:‬اولا ِئن ا‬
‫ثانيا‪ :‬طرائق القرآن في تقرير هذا التوحيد‪:‬‬
‫سلك القرآن عدة طرقا عدة في تقرير هذا التوحيد‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪71‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 1‬الستدلل بتوحيد الربوبية على توحيد األلوهية‪ :‬من باب اإللزام به ألنه لما كان هللا هو‬
‫الخالق الرازق المحيي المميت وحده لزم أن يُعبد وحده دون سواه‪ ،‬فيجعل األول دليال‬
‫على الثاني‪ ،‬إذ كان الكفار يسلّمون باألول وينازعون في الثاني‪ ،‬فيبين هللا لهم أنكم إذا‬
‫كنتم تعلمون أنه ل خالق إل هللا‪ ،‬وأنه تعالى هو الذي يملك نفع الناس‪ ،‬ويدفع عنهم ما‬
‫فلم تعبدون غيره وتجعلون معه آلهة أخرى؟ قال تعالى ‪:‬‬ ‫يضرهم‪ ،‬ل شريك له في ذلك‪ ،‬ا‬
‫ات با ْه اجة ما‬‫ض اوأانْزا ال لاكُ ْم ِ ّم ان الس امآ ِء امآء فاأ ا ْنباتْناا بِ ِه اح ادآئِ اق ذا ا‬ ‫﴿ أام ْن اخلا اق الس ام اـو ِ‬
‫ت اوال ْ ْر ا‬
‫كاا ان لاكُ ْم أ ا ْن ت ُ ْن ِبتُوا شا اج ارهاآ أ ا ِءلاـه ٌ م اع هللاِ اب ْل هُ ْم قا ْو ٌم اي ْع ِدلُو ان ﴾ [النمل‪]60:‬‬
‫ّللا أانه ُ ل ا ِإلاـه ا ِإل هُ او‬
‫‪ - 2‬شهادة هللا تعالى على توحيد األلوهية‪ :‬وذلك في قوله تعالى‪ ﴿ :‬شهد ّ ُ‬
‫او ْال امالائِكاة ُ اوأ ُ ْولُواْ ْال ِع ْل ِم قاآئِ اما بِ ْالقِ ْس ِط ل ا ِإلاـه ا ِإل هُ او ْال اع ِزي ُز ْال اح ِكي ُم ﴾ [آل عمران‪ ]18:‬؛ فقد‬
‫تضمنت هذه اآلية أج ّل شهادة وأعظمها وأعدلها وأصدقها ‪ ،‬من أج ّل مشهود ‪ ،‬بأج ّل‬
‫مشهود به‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪72‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫والمغزى من هذه الشهادة هو‪ :‬اإللزام بها ؛ ألن من معاني الشهادة في عبارات السلف‪:‬‬
‫الحكم والقضاء‪ ،‬واإلعالم‪ ،‬والبيان‪ ،‬واإلخبار‪.‬‬
‫والحكم والقضاء بأنه تعالى ل إله إل هو متضمن لإللزام‪ ،‬إذ لو كان المراد مجرد شهادة لم‬
‫يتمكنوا من العلم بها‪ ،‬ولم ينتفعوا بها‪ ،‬ولم تقم عليهم بها الحجة‪ .‬بل قد تضمنت البيان للعباد‬
‫ودللتهم وتعريفهم بما شهد به‪ ،‬وإذا كان ل يُنتفع بها إل ببيانها‪ ،‬فهو سبحانه قد بيّنها غاية‬
‫البيان بطرق ثالث ‪ :‬السمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬والعقل" ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الستدلل بأسماء هللا وصفاته على توحيد األلوهية‪ :‬فقد يستدل تعالى بأسمائه وصفاته‬
‫على وحدانيته وبطالن الشرك ؛ كقوله في سورة الحشر‪ ﴿ :‬هُ او ّللاُ الذِي ال إِلاه ا إِل هُ او ْال املِ ُ‬
‫ك‬
‫عما يُ ْش ِركُو ان ﴾‬ ‫ان ّللاِ ا‬ ‫يز ْال اجب ُ‬
‫ار ْال ُمتاكا ِب ُّر ُ‬
‫س ْب اح ا‬ ‫وس الس اال ُم ْال ُمؤْ ِم ُن ْال ُم اهيْ ِم ُن ْال اع ِز ُ‬
‫ْالقُ ُّد ُ‬
‫[الحشر‪ .]23:‬فمن ل يماثل هللا أو يشبهه في هذه الصفات العظيمة ل يكون شريكا في‬
‫األلوهية فيعبد مع هللا أو من دونه‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪73‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ثالثا‪ :‬فضل توحيد األلوهية والتحذير من الشرك ‪:‬‬


‫إن التوحيد هو أول ما يجب على العبد أن يعرفه‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ فاا ْعلا ْم أانه ُ ال ِإلاه ا ِإل ّللاُ اوا ْست ا ْغفِ ْر لِذان ِب اك اولِ ْل ُمؤْ ِمنِي ان او ْال ُمؤْ ِمناا ِ‬
‫ت اوّللاُ اي ْعلا ُم ُمتاقال ابكُ ْم او امثْ اواكُ ْم ﴾‬
‫[محمد‪.]19:‬‬
‫وهو الذي دعت إليه الرسل ‪ ،‬بل هو أصل دعوتهم ‪ ،‬قال تعالى‪ ( :‬اولاقا ْد اب اعثْناا فِي كُ ِّل أُم ٍة‬
‫وت ) [النحل‪ ، ]36:‬والتوحيد هو أعظم حقوق هللا‬ ‫ّللا اوا ْجتانِبُواْ الطاغُ ا‬ ‫رسُول أ ا ِن ا ْعبُدُواْ ا‬
‫تعالى على عبيده ؛ ففي الصحيحين من حديث معاذ قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ ” :‬حق هللا على العباد أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا ”‪.‬‬
‫وفي بعض ألفاظ الحديث عن معاذ قال ‪ :‬قال كنت رديف النبي ‪ r‬فقال‪:‬‬
‫” يا معاذ ” قلت‪ ” :‬لبيك وسعديك ” ثم قال مثله ثالثا ‪ ” ،‬هل تدري ما حق هللا على العباد‪:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪74‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا ” ثم سار ساعة ؛ فقال‪ ” :‬يا معاذ ” قلت‪ ” :‬لبيك وسعديك ”‬
‫قال‪ ” :‬هل تدري ما حق العباد على هللا عز و جل إذا فعلوا ذلك أن ل يعذبهم‬
‫وحقيقة التوحيد‪ :‬هي معنى ل إله إل هللا الكلمة التي كان الرسول ‪ r‬يدعو الناس إليها‪،‬‬
‫ويقول لهم‪ :‬قولوا ل إله إل هللا تفلحوا‪ ،‬وقال ‪ ” :r‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن‬
‫ل إله إل هللا ”‪ ،‬وتحقيق التوحيد سبيل السعادة في الدنيا واآلخرة‪ .‬ومخالفته سبيل للشقاوة‪.‬‬
‫وليس كل من قال ل إله إل هللا يكون موحدا بل ل بد من توفر شروط سبعة‪ ،‬هي‪:‬‬

‫العلم‪ ،‬واليقين‪ ،‬والنقياد‪ ،‬والقبول‪ ،‬والصدق‪ ،‬واإلخالص‪ ،‬والمحبة‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪75‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وقد رتب القرآن الكريم على الشرك‪ ،‬ثالثة أمور‪:‬‬


‫ي ِإلاي اْك او ِإلاى الذِي ان ِمن قا ْب ِل اك لا ِئ ْن أ ا ْش ار ْك ا‬
‫ت‬ ‫‪ - 1‬إفساد العمل وإحباطه‪ ،‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬اولاقا ْد أ ُ ِ‬
‫وح ا‬
‫لايا ْحباطان عا املُ اك اولاتاكُونان ِم ان ْالخاا ِس ِري ان ﴾ [الزمر‪. ]65:‬‬
‫علا ْي ِه ْال اجنة ا‬ ‫‪- 2‬التحريم على الجنة ودخول النار‪ ،‬قال تعالى‪ِ ﴿ :‬إنه ُ ام ْن يُ ْش ِر ْك ِباّللِ فاقا ْد احر ام ُ‬
‫ّللا ا‬
‫ار ﴾[المائدة‪ ،]72:‬ولمسلم عن جابر ‪ ، t‬أن رسول هللا ‪r‬‬ ‫ص ٍ‬ ‫او امأ ْ اواه ُ الن ُ‬
‫ار او اما ِللظا ِل ِمي ان ِم ْن أ ا ْن ا‬
‫قال‪ ” :‬من لقي هللا ل يشرك به شيئا دخل الجنة‪ ،‬ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار ”‬
‫ّللا ل اي ْغفِ ُر أ ا ْن يُ ْش ار اك ِب ِه او اي ْغفِ ُر ما ُدو ان‬
‫‪ - 3‬عدم مغفرة الشرك إل بالتوبة‪ ،‬قال تعالى‪ِ ﴿ :‬إن ا‬
‫ذلِ اك لِ ام ْن ياشا ُء او ام ْن يُ ْش ِر ْك بِاّللِ فاقا ِد ا ْفتارى ِإثْما عا ِظيما ﴾ [النساء‪ ،]48:‬وللترمذي وحسنه عن‬
‫أنس ‪ :t‬سمعت رسول هللا ‪r‬يقول‪ ” :‬قال هللا تعالى‪ :‬يا ابن آدم؛ لو أتيتني بقراب األرض‬
‫خطايا‪ ،‬ثم لقيتني ل تشرك بي شيئا ألتيتك بقرابها مغفرة ”‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪76‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وهذه جملة من األمور التي تنافي التوحيد أو تخل به كما ذكرها أهل العلم‪:‬‬
‫‪ - 1‬لبس الحلقة والخيط‪ :‬أيا كان نوعها من صفر أو نحاس أو حديد أو جلد لرفع بالء أو دفعه‬
‫فهو من الشرك‪.‬‬
‫رأى رجال في يده حلقة من صفر‪ ،‬فقال ‪ ” :‬ما‬ ‫عن عمران بن حصين ‪ ، t‬أن النبي‬
‫هذه؟ ” قال ‪ :‬من الواهنة‪ .‬فقال ‪ ” :‬انزعها فإنها ل تزيدك إل وهنا‪ ،‬فإنك لو مت وهي عليك‪،‬‬
‫ما أفلحت أبدا ”‪.‬‬
‫ولبن أبي حاتم عن حذيفة أنه رأى رجال في يده خيط من الحمى فقطعه‪ ،‬وتال قوله‪ ﴿ :‬او اما‬
‫يُؤْ ِم ُن أ ا ْكث ا ُرهُم بِاّللِ إِل اوهُم ُّم ْش ِركُو ان ﴾ [يوسف‪. ]106:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪77‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 2‬الرقى والتمائم الشركية‪ :‬في الصحيح عن أبي بشير األنصاري ‪t‬أنه كان مع رسول هللا‬
‫‪ r‬في بعض أسفاره‪ ،‬فأرسل رسول أن ل يبقين في رقبة بعير قالدة من وتر أو قالدة إل‬
‫قطعت‪ .‬وعن ابن مسعود ‪ t‬قال ‪ :‬سمعت رسول هللا ‪r‬يقول ‪” :‬إن الرقى والتمائم والتولة‬
‫شرك”‪ .‬وعن عبد هللا بن عكيم مرفوعا ‪” :‬من تعلق شيئا وكل إليه ”‪.‬‬
‫(التمائم)‪ :‬شيء يعلق على األولد من العين‪ ،‬لكن إذا كان المعلق من القرآن‪ ،‬فرخص فيه‬
‫بعض السلف‪ ،‬وبعضهم لم يرخص فيه‪ ،‬ويجعله من المنهي عنه‪ ،‬منهم ابن مسعود ‪.t‬‬
‫و(الرقى) ‪ :‬هي التي تسمى العزائم‪ ،‬وخص منه الدليل ما خال من الشرك‪ ،‬فقد رخص فيه‬
‫رسول هللا ‪ r‬من العين والحمة‪ ،‬على أن يكون بالدعاء المأثور عن رسول هللا ‪.‬‬
‫و(التِ َولة)‪ :‬شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها‪ ،‬والرجل إلى امرأته‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪78‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 3‬ومما يخل بالتوحيد التبرك باألشخاص والتمسح بهم وطلب بركتهم أو التبرك باألشجار‬
‫واألحجار وغيرها وحتى الكعبة فال تمسح بها تبركا‪ :‬قال عمر بن الخطاب ‪ t‬وهو يقبل‬
‫الحجر األسود‪” :‬إني أعلم أنك حجر ل تضر؛ ول تنفع ولول أني رأيت رسول هللا يقبلك ما‬
‫قبلتك”‪.‬‬
‫وفي الحديث الصحيح عن واقد الليثي وكان من أصحاب رسول هللا ‪ r‬قال ‪ :‬لما افتتح‬
‫رسول هللا مكة خرج بنا معه قِبل هوازن حتى مررنا على سدرة الكفار‪ :‬سدرة يعكفون‬
‫حولها ويدعونها ذات أنواط قلنا ‪ :‬يا رسول هللا اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال‬
‫رسول هللا ‪ :‬هللا أكبر إنها السنن هذا كما قالت بنو اسرائيل لموسى‪ ﴿ :‬ا ْج اعل لناا ِإلاها كا اما لا ُه ْم‬
‫آلِ اهة ٌ قاا ال ِإنكُ ْم قا ْو ٌم ت ا ْج اهلُو ان﴾ [األعراف‪]138:‬؛ ثم قال رسول هللا ‪ ” :‬إنكم لتركبن سنن من‬
‫قبلكم ”‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪79‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫قوله ‪" :‬وللمشركين سدرة يعكفون عندها"‪ .‬العكوف هو اإلقامة على الشيء في المكان‪ ،‬ومنه‬
‫عا ِكفُو ان ﴾ [األنبياء‪،]52:‬‬ ‫قول الخليل‪ِ ﴿ :‬إ ْذ قاا ال ِأل ا ِبي ِه اوقا ْو ِم ِه اما ها ِذهِ الت اماثِي ُل التِي أانت ُ ْم لا اه ا ا‬
‫وكان عكوف المشركين عند تلك السدرة تبركا بها وتعظيما لها‪ .‬قوله‪" :‬وينوطون بها‬
‫أسلحتهم" أي‪ :‬يعلقونها عليها للبركة‪.‬‬
‫‪ - 4‬ومما ينافي التوحيد الذبح لغير هللا كاألولياء والشياطين والجن لجلب نفعهم أو ضرهم‪:‬‬
‫فهذا من الشرك األكبر‪ ،‬وكما ل يجوز الذبح لغير هللا‪ ،‬ول يجوز الذبح في مكان يذبح فيه‬
‫لغير هللا ولو كان قصد الذابح أن يذبح هلل عزوجل وذلك سدا لذريعة الشرك ‪.‬‬
‫ك لاه ُ‬ ‫ّلل اربّ ِ ْالعالا ِمي ان (‪ )162‬ل ش ِاري ا‬ ‫ياي او امماتِي ِ ِ‬‫صالتِي اونُسُ ِكي او ام ْح ا‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬قُ ْل ِإن ا‬
‫ت اوأاناا أاو ُل ْال ُم ْسلِ ِمين ﴾ [األنعام‪ ،]163- 162:‬وقال‪ ﴿ :‬فا ا‬
‫ص ِّل لِ ار ِب اّك اوا ْن اح ْر﴾‬ ‫او ِبذلِ اك أ ُ ِم ْر ُ‬
‫[الكوثر‪]2:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪80‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وعن علي قال‪ :‬حدثني رسول هللا بأربع كلمات‪ ” :‬لعن هللا من ذبح لغير هللا‪ ،‬لعن هللا‬
‫من لعن والديه‪ ،‬لعن هللا من آوى محدثا‪ ،‬لعن هللا من غير منار األرض ” ‪.‬‬
‫والدليل على سد الذرائع في الذبح‪ :‬عن ثابت بن الضحاك ‪ ، t‬قال‪ :‬نذر رجل أن ينحر إبال‬
‫ببُوانة ‪ ،‬فسأله النبي فقال‪ ” :‬هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ ” قالوا‪ :‬ل‪ .‬قال‪” :‬‬
‫فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ ” قالوا‪ :‬ل‪ .‬فقال رسول هللا ‪ ”:‬أوف بنذرك‪ ،‬فإنه ل وفاء‬
‫لنذر في معصية هللا‪ ،‬ول فيما ل يملك ابن آدم ” ‪ .‬و ُبوانة‪ :‬بضم الباء ‪ ،‬وقيل‪ :‬بفتحها‪ :‬موضع‬
‫قريب من ينبع‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪81‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 5‬ومما يخل بالتوحيد الغلو باألولياء والصالحين‪ ،‬ورفعهم عن منزلتهم وذلك بالغلو في‬
‫تعظيمهم أو رفع منزلتهم إلى منزلة الرسل أو ظن العصمة فيهم ‪ ،‬أو الطواف بقبورهم‬
‫والتمسح بها‪ ،‬أو السجود لها‪ :‬وهذا الغلو هو سبب أول شرك وقع في األرض ‪ ،‬وهو شرك‬
‫قوم نوح – عليه السالم ‪ -‬قال تعالى حاكيا عنهم‪ ﴿ :‬اوقاالُوا ال تاذا ُرن آلِ اهتاكُ ْم او ال تاذا ُرن اودا او ال‬
‫سرا ﴾ [نوح‪. ]23:‬وفي (الصحيح) عن ابن عباس – رضي هللا‬ ‫س اواعا او ال ايغ ُ ا‬
‫وث او اي ُعو اق اونا ْ‬ ‫ُ‬
‫ث‬‫عنهما ‪ -‬في قول هللا تعالى‪ ﴿ :‬اوقاالُوا ال تاذا ُرن آلِ اهتاكُ ْم او ال ت اذا ُرن اودا او ال سُ اواعا او ال ياغُو ا‬
‫اوياعُو اق اونا ْسرا ﴾ قال‪" :‬هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح‪ ،‬فلما هلكوا أوحى الشيطان‬
‫إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ؛‬
‫ففعلوا‪ ،‬ولم تعبد‪ ،‬حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم‪ ،‬عبدت"‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪82‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وقال ابن القيم رحمه هللا‪ :‬قال غير واحد من السلف‪ :‬لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا‬
‫تماثيلهم ‪ ،‬ثم طال عليهم األمد فعبدوهم‪.‬‬
‫طرونِي كما أطرت النصارى ابن مريم‪ ،‬إنما أنا عبد‪،‬‬ ‫وعن عمر أن رسول هللا قال‪ ” :‬ل ت ُ ُ‬
‫فقولوا ‪ :‬عبد هللا ورسوله ”‪ .‬وهذا يبين أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في‬
‫الصالحين ولذا قال هللا ‪ ﴿ :‬ياا أ ا ْه ال ْال ِكتاابِ ال ت ا ْغلُوا فِي دِينِكُ ْم ﴾ [النساء‪. ]171:‬‬
‫‪ - 6‬ومما يخل بالتوحيد التعلق باألسباب كالطبيب والعالج والوظيفة وغيرها وعدم التوكل‬
‫على هللا‪ :‬والمشروع هو أن نبذل األسباب كطلب العالج والرزق ‪ ،‬ولكن مع تعلق القلب باهلل‬
‫ل بهذا السبب ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪83‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ومن هذا الباب الستعانة بغير هللا مما ل يقدر عليه إل هللا‪.‬‬
‫عن ابن عباس – رضي هللا عنهما ‪ -‬قال‪ :‬كنت خلف رسول هللا ‪ r‬يوما فقال ‪ ” :‬يا غالم‬
‫إني أعلمك كلمات احفظ هللا يحفظك احفظ هللا تجده تجاهك إذا سألت فاسأل هللا وإذا‬
‫استعنت فاستعن باهلل واعلم أن األمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إل‬
‫بشيء قد كتبه هللا لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إل بشيء قد كتبه‬
‫هللا عليك رفعت األقالم وجفت الصحف ”‪.‬‬
‫‪ - 7‬ومن ذلك الستسقاء بالنجوم واألنواء والمواسم واعتقاد أن النجوم هي التي تقدم‬
‫المطر أو تأخره‪ :‬بل الذي ينزل المطر ويمنعه هو هللا فقل ‪ُ " :‬م ِطرنا بفضل هللا ورحمته"‪.‬‬
‫عن أبي مالك األشعري أن رسول هللا ‪ r‬قال ‪ " :‬أربعة في أمتي من أمر الجاهلية ل‬
‫يتركونهن ‪ :‬الفخر باألحساب‪ ،‬والطعن في األنساب‪ ،‬والستسقاء بالنجوم‪ ،‬والنياحة "‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪84‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وقال ‪ " :‬النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من‬
‫جرب "‪.‬‬
‫وعن زيد بن خالد قال ‪ :‬صلى بنا رسول هللا صالة الصبح بالحديبية على إثر‬
‫سماء كانت من الليل‪ ،‬فلما انصرف أقبل على الناس فقال‪":‬هل تدرون ماذا قال ربكم؟ "قالوا‪:‬‬
‫هللا ورسوله أعلم‪ .‬قال‪ " :‬قال ‪ :‬أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر‪ ،‬فأما من قال ‪:‬‬
‫مطرنا بفضل هللا ورحمته‪ ،‬فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب‪ ،‬وأما من قال ‪ :‬مطرنا بنوء كذا‬
‫وكذا‪ ،‬فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب " ‪.‬‬
‫‪ - 8‬ومما ينافي التوحيد صرف شيء من أنواع العبادة القلبية لغير هللا‪ :‬مثل صرف المحبة‬
‫المطلقة أو الخوف المطلق للمخلوقات ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪85‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة السادسة‬

‫تابع الركن األول‪ :‬اإليمان باهلل‬


‫والركن الثاني‪ :‬اإليمان بالمالئكة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪86‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة السادسة‬


‫أولا‪ :‬تابع األمور التي يتضمنها اإليمان باهلل‪ :‬توحيد األسماء‬
‫والصفات‬
‫ثانيا ا‪ :‬ثمرات اإليمان باهلل‬
‫ثالثا ا‪ :‬معنى اإليمان بالمالئكة وصفاتهم‬
‫رابعا ا‪ :‬أصناف المالئكة‬
‫خامسا ا‪ :‬ثمرات اإليمان بالمالئكة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪87‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫تابع األمور التي يتضمنها اإليمان باهلل‪ :‬الرابع‪ :‬توحيد األسماء والصفات‪:‬‬
‫ومعناه‪ :‬اإليمان بأن هللا عز وجل متصف بجميع صفات الكمال‪ ،‬ومنزه عن جميع صفات‬
‫النقص‪ ،‬وأنه متفرد عن جميع الكائنات‪ ،‬وذلك بإثبات ما أثبته سبحانه لنفسه أو أثبته له‬
‫رسوله ‪ r‬من األسماء والصفات الواردة في الكتاب والسنة من غير تحريف ألفاظها أو‬
‫معانيها‪ ،‬ول تعطيلها‪ :‬بنفيها أو نفي بعضها عن هللا عز وجل‪ ،‬ول تكييفها‪ :‬بتحديد كنهها‬
‫وإثبات كيفية معينة لها‪ ،‬ول تشبيهها بصفات المخلوقين‪.‬‬
‫ير ﴾ [الشورى‪ ، ]11:‬وقال تعالى ‪:‬‬ ‫ص ُ‬‫ْس كا ِمثْلِ ِه شا ْي ٌء ۖ اوهُ او الس ِمي ُع ْال اب ِ‬
‫قال تعالى ‪ ﴿ :‬لاي ا‬
‫﴿ اولا ْم ياكُن له ُ كُفُوا أ ا اح ٌد ﴾ [اإلخالص‪. ]4:‬‬
‫وطريقة أهل السنة والجماعة في أسماء هللا وصفاته كما يأتي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬في اإلثبات‪ :‬يثبتون ما أثبته هللا لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله من غير تحريف‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪88‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ول تعطيل‪ ،‬ومن غير تكييف‪ ،‬ول تمثيل‪ ،‬ول تجسيم‪.‬‬


‫‪ - 2‬في النفي‪ :‬ينفون ما نفاه هللا عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله مع اعتقادهم‬
‫ثبوت كمال ضده هلل تعالى؛ إذ إن كل ما نفاه هللا عن نفسه فهو صفات نقص تنافي كماله‬
‫الواجب؛ فجميع صفات النقص‪ :‬كالعجز والنوم والموت ؛ ممتنعة على هللا تعالى لوجوب‬
‫كماله‪ ،‬وما نفاه عن نفسه فالمراد به انتفاء تلك الصفة المنفية‪ ،‬وإثبات كمال ضدها؛ وذلك أن‬
‫النفي المحض ل يدل على الكمال حتى يكون متضمنا لصفة ثبوتية يُحمد عليها كما في قوله‬
‫ض او اما‬ ‫تعالى‪ ﴿ :‬ل ا تاأ ْ ُخذُه ُ ِسناة ٌ اول ا ن ْاو ٌم ﴾ [البقرة‪ ،]255:‬وقوله‪ ﴿ :‬اولاقا ْد اخلا ْقناا الس ام ااوا ِ‬
‫ت او ْاأل ا ْر ا‬
‫اب ْينا ُه اما فِي ِست ِة أاي ٍام او اما امسناا ِمن لُّغُو ٍ‬
‫ب ﴾ [ق‪.]38:‬‬
‫‪ - 3‬التوقف‪ :‬وذلك فيما لم يرد إثباته أو نفيه مما تنازع الناس فيه‪ :‬كالجسم مثال‪ ،‬والحيز‪،‬‬
‫والجهة ونحو ذلك‪ ،‬فطريقتهم فيه التوقف في لفظه؛ فال يثبتونه ول ينفونه‪ ،‬لعدم ورود‬
‫النص بذلك‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪89‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ومن أهم مظاهر النحراف عن هذا التوحيد اإللحاد في أسماء هللا وصفاته‪:‬‬
‫واإللحاد لغة هو‪ :‬الميل‪ ،‬ومنه اللحد في القبر‪ ،‬ويُقصد بالملحدين‪ :‬المائلون عن الحق‪.‬‬
‫أما في الصطالح‪ :‬فهو العدول عما يجب اعتقاده أو عمله‪.‬‬
‫واإللحاد في أسماء هللا هو‪ :‬العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها‪ ،‬وله‬
‫أنواع‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن ينكر شيئا مما دلت عليه من الصفات كفعل المعطلة‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يجعلها دالة على تشبيه هللا بخلقه‪ ،‬كفعل أهل التمثيل‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن ُيسمي هللا بما لم ُيس ِ ّم به نفسه؛ ألن أسماء هللا توقيفية‪ ،‬كتسمية النصارى له‪ :‬أبا‪،‬‬
‫وتسمية الفالسفة إياه‪ :‬علة فاعلة‪ ،‬أو تسميته بمهندس الكون‪ ،‬أو العقل المدبر‪ ،‬أو غير‬
‫ذلك‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪90‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 4‬أن يشتق من أسمائه أسماء لألصنام‪ ،‬كاشتقاق الالت من ‪ :‬اإلله‪ ،‬والعُزى من ‪:‬‬
‫العزيز‪.‬‬
‫‪ - 5‬وصفه تعالى بما ل يليق به‪ ،‬وبما ينزه عنه‪ ،‬كقول اليهود ‪ :‬بأن هللا ت ا ِع ا‬
‫ب من خلق‬
‫السماوات واألرض‪ ،‬واستراح يوم السبت‪ ،‬أو قولهم ‪ :‬إن هللا فقير‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪91‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الخامس‪ :‬ثمرات اإليمان باهلل‪:‬‬


‫صا ِلحا ِ ّمن ذا اك ٍر أ ا ْو أُنثاى اوهُ او ُم ْؤ ِم ٌن فالان ُ ْح ِييانه ُ‬
‫‪ - 1‬سعادة القلب وطيب الحياة‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ام ْن اع ِم ال ا‬
‫ون﴾ [النحل‪. ] 97:‬‬ ‫ط ِّي ابة ۖ اولان ْاج ِز اين ُه ْم أ ا ْج ارهُم ِبأ ا ْح اس ِن اما اكان ُوا ايعْ امل ُ ا‬
‫اح اياة ا‬
‫‪ - 2‬أداء العبادات بنفس راضية‪ ،‬وحب وتسليم‪ ،‬قال ‪" :‬عجبا ألمر المؤمن إن أمره كله خير وليس‬
‫ذلك ألحد إل للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له‪ ،‬وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له "‪.‬‬
‫‪ - 3‬النجاة في الحياة اآلخرة والفوز بالجنان ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ما من صفة هلل تعالى؛ إل ولإليمان بها ثمرات عظيمة وآثار كبيرة مترتبة على ذلك اإليمان؛‬
‫فالعبد إذا آمن بصفات‪(:‬العلم‪ ،‬واإلحاطة‪ ،‬والمعية) ‪ ،‬أورثه ذلك الخوف من هللا ¸ المطلع عليه‬
‫الرقيب الشهيد‪ ،‬وإذا آمن بصفة ) السمع( ‪ ،‬علم أن هللا يسمعه؛ فال يقول إل خيرا‪ ،‬وإذا آمن‬
‫بصفات‪(:‬البصر‪ ،‬والرؤية‪ ،‬والنظر‪ ،‬والعين)علم أن هللا يراه ؛ فال يفعل إل خيرا‪ ..‬وهكذا‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪92‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫اإليمان بالمالئكة وصفاتهم‪ :‬هو اإليمان بوجودهم إيمانا جازما ل يتطرق إليه شك‪.‬‬
‫ومن ينكر وجود المالئكة؛ فقد كفر‪ ،‬لقوله تعالى‪ ﴿ :‬ياا أايُّ اها الذِي ان آ امنُوا آ ِمنُوا بِاّللِ او ارسُولِ ِه‬
‫سو ِل ِه او ْال ِكتاا ِ‬
‫ب ال ِذي أ ا ْنزا ال ِم ْن قا ْب ُل او ام ْن اي ْكف ُ ْر ِباّللِ او ام اال ِئكا ِت ِه او ُكت ُ ِب ِه‬ ‫علاى ار ُ‬ ‫ب الذِي ناز ال ا‬ ‫او ْال ِكتاا ِ‬
‫عدُوا‬ ‫ض االل اب ِعيدا ﴾ [النساء‪ ،]136:‬وقال تعالى ‪ ﴿ :‬امن كاا ان ا‬ ‫ضل ا‬ ‫او ُرسُلِ ِه او ْال اي ْو ِم ْاآل ِخ ِر فاقا ْد ا‬
‫ّللا عادُو لِّ ْلكاافِ ِري ان ﴾ [البقرة‪. ]98:‬‬ ‫ِ ّّللِ او ام االئِكاتِ ِه او ُرسُلِ ِه او ِجب ِْري ال او ِميكاا ال فاإ ِن ا‬
‫واإليمان بالمالئكة هو اإليمان بهم إجمال‪ ،‬وأما تفصيال فما ص ّح به الدليل‪ ،‬ومن سماه هللا‬
‫ورسوله صلى هللا عليه وعلى آله وسلم منهم‪ :‬كجبريل الموكل بالوحي‪ ،‬وميكائيل الموكل‬
‫بالمطر‪ ،‬وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور‪ ،‬وملك الموت الموكل بقبض األرواح (ولم‬
‫يثبت عزرائيل اسما لملك الموت في الكتاب أو السنة)‪ ،‬ومالك خازن النار‪ ،‬وملكي السؤال‬
‫في القبر ‪( :‬منكر ونكير)‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪93‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ّللا عادُو لِّ ْلكاافِ ِري ان‬


‫قال تعالى ‪ ﴿ :‬امن كاا ان عادُوا ِ ّّللِ او ام االئِكاتِ ِه او ُرسُلِ ِه او ِجب ِْري ال او ِميكاا ال فاإِن ا‬
‫علا ْيناا ارب اُّك قاا ال ِإنكُم ما ِكثُو ان ﴾‬‫ض ا‬ ‫﴾[البقرة‪ ، ]98:‬وقال تعالى ‪ ﴿ :‬اوناا اد ْوا ايا امالِ ُك لِ ايقْ ِ‬
‫الزخرف‪. ]77:‬‬
‫كما أنه يعني اإليمان بوجودهم‪ ،‬وأنهم عباد مخلوقون خلقهم هللا من نور‪ ،‬وهم ذوات‬
‫محسوسة‪ ،‬وليسوا أمورا ا معنوية ول قوى خفية‪ ،‬وأنهم خلق من خلق هللا‪ ،‬ويسكنون‬
‫السماء‪.‬‬
‫والمالئكة خلقتهم عظيمة‪ ،‬ولهم أجنحة؛ فمنهم من له جناحان ومنهم من له ثالثة‪ ،‬أو أربعة‬
‫ض اجا ِع ِل‬ ‫ت او ْاأل ا ْر ِ‬ ‫أجنحة‪ ،‬ومنهم من له أكثر من ذلك‪ .‬قال تعالى ‪ْ ﴿ :‬ال اح ْمدُ ِ ِ‬
‫ّلل فاا ِط ِر الس ام ااوا ِ‬
‫ّللا عالاى كُ ِّل‬
‫ق اما ياشاا ُء ِإن ا‬ ‫ْال ام االئِكا ِة ُرسُال أُولِي أ ا ْجنِ اح ٍة مثْناى اوث ُ اال ا‬
‫ث او ُربااعا يا ِزي ُد فِي ْالخ ْال ِ‬
‫ِير ﴾ [فاطر‪. ]1:‬‬ ‫شا ْي ٍء قاد ٌ‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪94‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وهم جند من جنود هللا ‪ ،‬قادرون على التمثل بأمثال األشياء‪ ،‬والتشكل بأشكال جسمانية كما‬
‫حدث مع ضيف إبراهيم ’‪ ،‬ومع مريم‪ ،‬وجبريل مع النبي عندما كان يأتيه في صورة‬
‫الصحابي دحية الكلبي‪ ،‬وكما وقع في الحديث المشهور بحديث جبريل‪.‬‬
‫وهم مقربون من هللا ومكرمون‪ ،‬ل يوصفون بالذكورة ول األنوثة ول يتناكحون ول‬
‫يتناسلون‪ .‬كما أنهم ل يأكلون ول يشربون‪ ،‬قد جبلوا على الطاعة وعدم العصيان‪ ،‬خلقهم هللا‬
‫لعبادته وتنفيذ أوامره‪ ،‬قال تعالى عنهم‪ ﴿ :‬اوقالُوا ات اخذا الر ْحم ُن اولادا سُبْحاناه ُ با ْل ِعبا ٌد ُم ْك ار ُمو ان‬
‫(‪ )26‬ل اي ْس ِبقُوناه ُ ِب ْالقا ْو ِل اوهُ ْم ِبأ ا ْم ِرهِ اي ْع املُو ان (‪ ) 27‬اي ْعلا ُم ما اب ْي ان أ ا ْيدِي ِه ْم وما اخ ْلفا ُه ْم اول اي ْشف ا ُعو ان‬
‫ارتاضى اوهُ ْم ِم ْن اخ ْشياتِ ِه ُم ْشفِقُو ان (‪[ ﴾ ( 28‬األنبياء‪. ]28- 26:‬‬ ‫ِإل لِ ام ِن ْ‬
‫اب الن ِار ِإل َم َالئِكَةا َو َما‬ ‫والمالئكة كثيرون ل يعلم عددهم إل هللا‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َما َج َعلْنَا أَص َْح َ‬
‫ِين آ َمنُوا ِإي َما انا َو َل َي ْرت َ َ‬
‫اب‬ ‫ِين أُوتُوا ا ْل ِكت َ َ‬
‫اب َو َي ْزدَا َد الذ َ‬ ‫ست َ ْي ِق َن الذ َ‬ ‫َج َعلْنَا ِعدت َ ُه ْم ِإل ِفتْنَةا ِلل َ‬
‫ذِين َكفَ ُروا ِل َي ْ‬
‫ون َماذَا أ َ َرا َد َّللا ُ بِ َهذَا‬
‫ِين فِي قُلُو ِب ِهم م َرض َوالْكَافِ ُر َ‬ ‫ون َو ِليَقُو َل الذ َ‬ ‫ِين أُوتُوا الْ ِكت َ َ‬
‫اب َوالْ ُم ْؤ ِمن ُ َ‬ ‫الذ َ‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪95‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫َمث َ اال َكذَ ِلكَ ي ُ ِضل َّللا ُ َمن يَشَا ُء َويَ ْهدِي َمن يَشَا ُء َو َما يَعْلَ ُم ُجنُو َد َر ِبكَ إِل هُ َو َو َما ِه َ‬
‫ي إِل ِذ ْك َرى ِللْبَش َِر‬
‫﴾ [المدثر‪. ]31:‬‬
‫وقد حجبهم هللا تعالى عنا؛ فال نراهم في صورهم التي خلقوا عليها‪ ،‬ولكن كشفهم لبعض‬
‫أنبيائه‪ ،‬كما رأى النبي ‪ r‬جبريل على صورته التي خلقه هللا عليها مرتين‪ ،‬قال هللا تبارك‬
‫وتعالى ‪َ ﴿ :‬ولَقَ ْد َرآ ُه نَ ْزلَةا أ ُ ْخ َرى (‪ِ ) 13‬ع ْن َد ِ‬
‫س ْد َر ِة ا ْل ُم ْنت َ َهى (‪[﴾ ) 14‬النجم‪]14- 13:‬‬
‫ق ا ْل ُم ِبي ِن ﴾ [التكوير‪. ]23:‬‬ ‫‪ ،‬وقال تعالى ‪َ ﴿ :‬ولَقَ ْد َرآ ُه ِب ْاألُفُ ِ‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪96‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أصناف المالئكة‪:‬‬
‫منهم الموكلون بحمل العرش‪ ،‬ومنهم الموكلون بالوحي‪ ،‬ومنهم الموكل بالجبال‪ ،‬ومنهم خزنة‬
‫الجنة وخزنة النار‪.‬‬
‫ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد‪ ،‬ومنهم الموكلون بقبض أرواح المؤمنين‪ ،‬ومنهم‬
‫الموكلون بقبض أرواح الكافرين‪ ،‬ومنهم الموكلون بسؤال العبد في القبر‪.‬‬
‫ومنهم من يستغفر للمؤمنين ويصلون عليهم ويحبونهم‪ ،‬ومنهم من يشهد مجالس العلم‬
‫وحلقات الذكر؛ فيحفونهم بأجنحتهم‪ ،‬ومنهم من هو قرين لإلنسان ل يفارقه‪ ،‬ومنهم من يدعو‬
‫العباد إلى فعل الخير‪ ،‬ومنه من يشهد جنائز الصالحين‪ ،‬ويقاتلون مع المؤمنين ويثبتونهم في‬
‫جهادهم مع أعداء هللا‪.‬‬
‫ومنهم الموكلون بحماية الصالحين وتبشيرهم‪ ،‬ومنهم الموكلون بالعذاب‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪97‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ثمرات اإليمان بالمالئكة‪:‬‬


‫ت جليلةا منها‪:‬‬
‫واإليمان بالمالئكة‪ ،‬يثمر ثمرا ٍّ‬
‫‪ - 1‬العلم بعظمة هللا تعالى‪ ،‬وقوته‪ ،‬وسلطانه‪ ،‬فإن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق‪.‬‬
‫فقد روى أبو داود عن جابر بن عبد هللا – رضي هللا عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ r‬قال‪ (( :‬أذن لي‬
‫أن أحدث عن حملة العرش ما بين شحمة أذنه وعاتقه مسيرة سبعمائة عام )) وفي رواية‬
‫قال‪ ((:‬تخفق الطير )) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬شكر هللا تعالى على عنايته ببني آدم‪ ،‬حيث وكل من هؤلء المالئكة من يقوم بحفظهم‪،‬‬
‫وكتابة أعمالهم‪ ،‬وغير ذلك من مصالحهم ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الستقامة على أمر هللا ألن العبد يعلم أن كل شيء محسوب ومكتوب ومشهود عليه‬
‫فيستحيي من هللا وجنوده‪ ،‬فال يعصيه ل في العالنية ول في السر‪ ،‬بل يالزم الطاعات رغبة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪98‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السادسة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫في كتابتهم الخير والشهادة عليه‪.‬‬


‫‪ - 4‬محبة المالئكة على ما خصوا به من خصال حسنة‪ ،‬كعبادة هللا تعالى‪ ،‬وعدم قربهم ممن‬
‫تلبس بمعصية‪ ،‬كما أن المالئكة ل تدخل األماكن والبيوت التي يعصي فيها هللا‪.‬‬
‫روى البزار بإسناد صحيح عن بريدة أن الرسول قال‪ (( :‬ثالثة ل تقربهم المالئكة‪:‬‬
‫السكران‪ ،‬والمتضمخ بالزعفران (أي على سبيل التكبر والخيالء)‪ ،‬والجنب ))‪.‬‬
‫وفي سنن أبي داود بإسناد حسن عن عمار بن ياسر عن الرسول ‪:‬‬
‫(( ثالثة ل تقربهم المالئكة ‪ :‬جيفة الكافر‪ ،‬والمتضمخ بالخلوق‪ ،‬والجنب إل أن يتوضأ )) ‪.‬‬
‫والخلوق ‪ :‬ضرب من الطيب ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬ل تدخل المالئكة بيتا فيه كلب ول صورة تماثيل ))‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪99‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة السابعة‬

‫الركن الثالث‪ :‬اإليمان بالكتب‬


‫والركن الرابع‪ :‬اإليمان بالرسل‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 100‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة السابعة‬


‫أولا‪ :‬اإليمان بالكتب‬
‫معنى اإليمان بالكتب ‪ ،‬واألمور التي يتضمنها اإليمان بالكتب ‪ ،‬وثبوت تحريف‬
‫أهل الكتاب ( اليهود والنصارى ) لكتبهم ‪ ،‬ومن قواعد اإليمان بالقرآن ‪،‬‬
‫وثمرات اإليمان بالكتب‬
‫ثانيا ا‪ :‬اإليمان بالرسل‬
‫معنى اإليمان بالرسل ‪ ،‬واألمور التي يتضمنها اإليمان بالرسل ‪ ،‬وخصائص‬
‫نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ومن حقوق النبي محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم على أمته ‪ ،‬وثمرات اإليمان بالرسل‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 101‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أول ا‪ :‬اإليمان بالكتب‪ :‬هو العتقاد الجازم بأن هللا عز وجل أنزل على رسله كتبا ا فيها‪:‬‬
‫أمره‪ ،‬ونهيه‪ ،‬ووعده ووعيده‪ ،‬وما أراده هللا من خلقه‪ ،‬وفيها هدى ونور‪ ،‬وأن هللا أنزل كتبه‬
‫اّلل او ارسُولِ ِه او ْال ِكت اابِ الذِي‬ ‫على رسله لهداية البشرية‪ ،‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬ياا أايُّ اها الذِي ان آ امنُوا آ ِمنُوا بِ ِ‬
‫سلِ ِه او ْال اي ْو ِم‬ ‫علاى ارسُولِ ِه او ْال ِكتاا ِ‬
‫ب الذِي أ ا ْنزا ال ِم ْن قا ْب ُل او ام ْن ي ا ْكفُ ْر ِب ِ‬
‫اّلل او ام االئِكاتِ ِه اوكُت ُ ِب ِه او ُر ُ‬ ‫ناز ال ا‬
‫ض االل با ِعيدا ﴾ [النساء‪ . ]136:‬وهذه الكتب هي ‪ :‬القرآن‪ ،‬والتوراة‪،‬‬ ‫ضل ا‬ ‫ْاآل ِخ ِر فاقا ْد ا‬
‫واإلنجيل‪ ،‬والزبور‪ ،‬وصحف إبراهيم وموسى‪ ،‬وأعظمها التوراة واإلنجيل والقرآن‪ ،‬وأعظم‬
‫الثالثة وناسخها وأفضلها القرآن‪.‬‬
‫ويتضمن اإليمان بالكتب أمورا ا أربعة هي‪:‬‬
‫‪- 1‬اإليمان بأن نزولها من عند هللا حقا‪ ،‬وأنها جاءت بالنور والحق والهدى وتوحيد هللا‪ ،‬وما‬
‫ورد فيها خالف ذلك فهو من صنع البشر‪ ،‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬قُولُوا آ امنا ِباّللِ او اما أ ُ ْن ِز ال ِإلا ْيناا او اما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ ُ ْن ِز ال ِإلاى ِإب اْرا ِه ا‬
‫سى او اما أوتِ ا‬
‫ي‬ ‫سى او ِعي ا‬ ‫ي ُمو ا‬ ‫وب اواأل ا ْسباا ِط او اما أوتِ ا‬
‫يم او ِإ ْس اما ِعي ال او ِإ ْس احا اق اويا ْعقُ ا‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 102‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الن ِبيُّو ان ِم ْن ار ِّب ِه ْم ل نُفا ِ ّر ُق اب ْي ان أ ا اح ٍد ِم ْن ُه ْم اونا ْح ُن لاه ُ ُم ْسلِ ُمو ان ﴾[البقرة‪. ]136:‬‬
‫‪- 2‬اإليمان بما علمنا اسمه منها باسمه‪ :‬كالقرآن الذي نزل على محمد والزبُور الذي أوتيه‬
‫داود‪ ،‬واإلنجيل الذي أنزل على عيسى‪ ،‬والتوراة التي أنزلت على موسى‪ ،‬والصحف التي‬
‫أنزلها هللا على إبراهيم وموسى‪ ،‬وأما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به إجمال‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬كاا ان‬
‫ب ِب ْال اح ّ ِ‬
‫ق ِل اي ْحكُ ام اب ْي ان‬ ‫ث ّللاُ الن ِب ِيّي ان ُم اب ِش ّ ِري ان او ُمنذ ِِري ان اوأانزا ال ام اع ُه ْم ْال ِكتاا ا‬ ‫اس أُمة او ِ‬
‫اح ادة فا اب اع ا‬ ‫الن ُ‬
‫اس فِي اما ا ْختالافُوا فِي ِه ﴾ [البقرة‪ ،]213:‬ول ننسب كتابا إلى هللا سوى ما نسبه لنفسه مما‬ ‫الن ِ‬
‫أخبرنا في القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ - 3‬تصديق ما صح من أخبارها‪ ،‬كأخبار القرآن‪ ،‬وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب‬
‫السابقة‪.‬‬
‫‪ - 4‬العمل بأحكام ما لم ينسخ منها‪ ،‬والرضا و التسليم به سواء أفهمنا حكمته أم لم نفهمها‪،‬‬
‫اب بِ ْال اح ّ ِ‬
‫ق‬ ‫وجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم قال هللا تعالى‪ ﴿ :‬اوأ ا ْنزا ْلناا ِإلاي اْك ْال ِكت ا ا‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 103‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫علا ْي ِه ﴾ [المائدة‪ ]٤٨:‬أي‪( :‬حاكما عليه)‪.‬‬ ‫ص ِ ّدقا ِل اما اب ْي ان اي اد ْي ِه ِم ان ْال ِكتاا ِ‬


‫ب او ُم اه ْي ِمنا ا‬ ‫ُم ا‬
‫وعلى هذا فال يجوز العمل بأي حكم من أحكام الكتب السابقة إل ما صح منها‪ ،‬وأقره القرآن‬
‫أو الرسول ‪.‬‬
‫كما أن القرآن الكريم قد خصه هللا بمزايا تميز بها عن جميع ما تقدمه من الكتب المنزلة ‪،‬‬
‫فهو باإلضافة إلى تضمنه خالصة التعاليم اإللهية‪ ،‬وأنه للثقلين (الجن واإلنس) كافة؛ فقد‬
‫تعهد هللا بحفظه لتقوم به الحجة على العباد إلى يوم الدين ‪.‬‬
‫ثبوت تحريف أهل الكتاب (اليهود والنصارى) لكتبهم‪ :‬عندما أنزل هللا الكتب – عدا القرآن‬
‫– لم يتكفل بحفظها؛ بل استحفظ عليها األحبار والربانيين‪ ،‬لكنهم لم يحافظوا عليها‪ ،‬وما‬
‫ط امعُو ان أان يُؤْ ِمنُوا لاكُ ْم‬ ‫رعوها حق رعايتها؛ فحصل فيها تغيير وتبديل‪ .‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬أافات ا ْ‬
‫ون ﴾‬ ‫عقالُوه ُ اوهُ ْم اي ْعلا ُم ا‬
‫ّللا ثُم يُ اح ِ ّرفُوناه ُ ِمن ب ا ْع ِد اما ا‬
‫اوقا ْد كاا ان فا ِري ٌق ِ ّمنْ ُه ْم اي ْس امعُو ان كا اال ام ِ‬
‫[البقرة‪]75:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 104‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫من قواعد اإليمان بالقرآن‪:‬‬


‫‪ - 1‬اعتقاد عموم دعوة القرآن وشريعته لجميع الثقلين ( الجن واإلنس)‪.‬‬
‫‪ - 2‬اعتقاد نسخه لجميع الكتب السابقة؛ فال يجوز التعبد هللا – عبادة أوحكما‪ -‬بغير هذا القرآن‬
‫العظيم‪.‬‬
‫‪ - 3‬سماحة الشريعة التي جاء بها‪ ،‬والتخفيف الذي اتسمت به تعالميه‪ ،‬بخالف ما كان‬
‫مفروضا على الناس قبل نزوله‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنه مشتمل على أوجه كثيرة من اإلعجاز‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنه تضمن خالصة تعاليم الكتب السابقة وأصول شرائع الرسل قبل نبينا محمد ‪.‬‬
‫‪ - 6‬أنه مشتمل على أخبار الرسل واألمم السابقة بتفصيل لم يسبق إليه كتاب قبله‪.‬‬
‫‪ - 7‬أنه آخر ما نزل من الكتب وخاتمها والشاهد عليها‪.‬‬
‫‪ - 8‬أن هللا تكفل بحفظه ‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 105‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ثمرات اإليمان بالكتب‪:‬‬


‫ت جليلة منها ‪:‬‬
‫واإليمان بالكتب يثمر ثمرا ٍ‬
‫‪ - 1‬العلم بعناية هللا تعالى بعباده‪ ،‬حيث أنزل لكل قوم كتابا يهديهم به‪.‬‬
‫‪- 2‬العلم بحكمة هللا تعالى في شرعه‪ ،‬حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم‪ ،‬كما قال هللا‬
‫علا ْي ِه ﴾‬ ‫ص ِ ّدقا ِل اما اب ْي ان اي اد ْي ِه ِم ان ْال ِكتاا ِ‬
‫ب او ُم اه ْي ِمنا ا‬ ‫اب ِب ْال اح ّ ِ‬
‫ق ُم ا‬ ‫ْك ْال ِكت ا ا‬
‫تعالى ‪ ﴿ :‬اوأ ا ْنزا ْلناا ِإلاي ا‬
‫[المائدة‪.]48:‬‬
‫‪ - 3‬عبادة هللا على بصيرة‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 106‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ثانيا ا‪ :‬اإليمان بالرسل‪:‬‬


‫هو العتقاد الجازم بأن هللا أرسل إلى عباده رسال ا مبشرين ومنذرين‪ ،‬ودعاة ا إلى دين‬
‫الحق‪ ،‬لهداية البشر‪ ،‬وإخراجهم من الظلمات إلى النور‪:‬‬

‫ولم تخل أمة من رسول يبعثه هللا تعالى بشريعة مستقلة إلى قومه‪ ،‬أو نبي يوحى إليه بشريعة‬
‫من قبله ليجددها‪ ،‬قال هللا تعالى ‪ ﴿ :‬اولاقا ْد اب اعثْناا فِي كُ ِّل أُم ٍة ارسُول أ ا ِن ا ْعبُدُوا ّللا ا اوا ْجت انِبُوا‬
‫وت ﴾[النحل‪ ]36:‬والرسل بشر مخلوقون ليس لهم من خصائص الربوبية واأللوهية‬ ‫الطاغُ ا‬
‫شيء‪ ،‬قال هللا تعالى عن نبيه محمد صلى هللا عليه وسلم وهو سيد المرسلين وأعظمهم جاها‬
‫ت‬‫ب ال ْست ا ْكث ا ْر ُ‬‫ت أ ا ْعلا ُم ْالغا ْي ا‬
‫ّللا اولا ْو كُ ْن ُ‬
‫ضرا ِإل اما شاا اء ُ‬ ‫عند هللا ‪ ﴿ :‬قُ ْل ال أ ا ْملِ ُك لِنا ْف ِسي نا ْفعا او ال ا‬
‫ير لِقا ْو ٍم يُؤْ ِمنُو ان ﴾ [األعراف‪. ]188:‬‬ ‫ي السُّو ُء ِإ ْن أاناا ِإل ناذ ٌ‬
‫ِير اوبا ِش ٌ‬ ‫ْ‬
‫ِم ان ال اخي ِْر او اما امسنِ ا‬
‫وتلحقهم خصائص البشرية من المرض‪ ،‬والموت‪ ،‬والحاجة إلى الطعام والشراب‪ ،‬وغير‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 107‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ذلك‪ ،‬قال هللا تعالى عن إبراهيم في وصفه لربه تعالى ‪ ﴿ :‬اوالذِي هُ او ُ ْ‬


‫يط ِع ُمنِي او اي ْسقِين‬
‫ْت فا ُه او اي ْشفِي ِن اوالذِي يُ ِميتُنِي ثُم يُ ْح ِيي ِن ﴾[الشعراء‪. ]81- 79:‬‬
‫او ِإذاا ام ِرض ُ‬
‫وقال النبي ‪ (( : r‬إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني )) ‪.‬‬
‫وقد وصفهم هللا تعالى بالعبودية له في أعلى مقاماتهم ‪ ،‬وفي سياق الثناء عليهم فقال تعالى في‬
‫نوح ‪ ﴿ :‬ذُ ِ ّرية ا ام ْن اح ام ْلناا ام اع نُوح ٍ ِإنه ُ كاا ان عابْدا شاكُورا ﴾ [اإلسراء‪ ]3:‬وقال في محمد‬
‫بار اك الذِي ناز ال ْالفُ ْرقا ان عالى عا ْب ِدهِ لِياكُو ان لِ ْلعالا ِمي ان ناذِيرا ﴾ [الفرقان‪. ]1:‬‬
‫‪ ﴿ :‬تا ا‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 108‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫األمور التي يتضمنها اإليمان بالرسل‪:‬‬


‫يتضمن اإليمان بالرسل أمورا ا أربعة ‪ ،‬هي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬اإليمان بأن رسالتهم حق من هللا تعالى‪ ،‬فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع ‪،‬‬
‫كما قال هللا تعالى ‪ِ ﴿ :‬إن الذِي ان يا ْكف ُ ُرو ان بِاّللِ او ُرسُلِ ِه اويُ ِريدُو ان أ ا ْن يُفا ِ ّرقُوا با ْي ان ّللاِ او ُرسُلِ ِه‬
‫ض اويُ ِريدُو ان أ ا ْن يات ِخذُوا با ْي ان ذلِ اك سابِيال * أُولئِ اك هُمُ‬ ‫ض اونا ْكفُ ُر بِباعْ ٍ‬ ‫اوياقُولُو ان نُؤْ ِم ُن بِبا ْع ٍ‬
‫سلِ ِه اولا ْم يُفا ِ ّرقُوا اب ْي ان أ ا اح ٍد‬ ‫عذابا ُم ِهينا * اوالذِي ان آ امنُوا ِب ِ‬
‫اّلل او ُر ُ‬ ‫ْالكافِ ُرو ان احقا اوأ ا ْعت ا ْدنا لِ ْلكافِ ِري ان ا‬
‫ّللا غافُورا ار ِحيما ﴾ [النساء‪. ]152- 150:‬‬ ‫ورهُ ْم اوكا ان ُ‬ ‫ف يُؤْ تِي ِه ْم أ ُ ُج ا‬
‫ِم ْن ُه ْم أُولئِ اك سا ْو ا‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 109‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 2‬اإليمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل ‪ :‬محمد ‪،‬وإبراهيم ‪ ،‬وموسى‪ ،‬وعيسى ‪ ،‬ونوح‬
‫– عليهم السالم ‪ ، -‬وهؤلء الخمسة هم أولو العزم من الرسل‪ ،‬وأما من لم نعلم اسمه منهم‬
‫ْك او ِم ْن ُه ْم‬‫صناا عالاي ا‬
‫ص ْ‬ ‫فنؤمن به إجمال قال هللا تعالى‪ ﴿:‬اولاقا ْد أ ا ْرسا ْلناا ُرسُال ِم ْن قا ْبلِ اك ِم ْن ُه ْم ام ْن قا ا‬
‫ي ِبآ اي ٍة ِإل ِبإ ِ ْذ ِن ّللاِ فاإِذاا اجا اء أ ا ْم ُر ِ‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫ض ا‬ ‫ّللا قُ ِ‬ ‫سو ٍل أ ا ْن ايأتِ ا‬ ‫علاي اْك او اما كاا ان لِ ار ُ‬
‫ص ا‬
‫ص ْ‬
‫من لم ناق ُ‬
‫ق او اخ ِس ار هُناالِ اك ْال ُم ْب ِطلُو ان ﴾ [غافر‪. ]78:‬‬ ‫بِ ْال اح ّ ِ‬
‫‪ - 3‬تصديق ما صح عنهم من أخبارهم‪.‬‬
‫المرسل إلى جميع العالمين‬ ‫‪ - 4‬العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم‪ ،‬وهو خاتمهم محمد‬
‫إنسهم وجنهم‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 110‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫خصائص نبينا محمد ‪: r‬‬


‫لقد خص هللا تبارك وتعالى نبينا محمد‪ r‬بكثير من الخصائص فضله بها على سائر األنبياء‪،‬‬
‫منها‪:‬‬
‫ااك ِإل كاافة لِّلن ِ‬
‫اس اب ِشيرا اوناذِيرا اولا ِكن أ ا ْكث ا ار الن ِ‬
‫اس ال‬ ‫س ْلن ا‬
‫‪ - 1‬عموم رسالته ‪ r‬للثقلين‪ ﴿ :‬او اما أ ا ْر ا‬
‫يا ْعلا ُمو ان ﴾[سبأ‪. ]28:‬‬
‫‪ - 2‬أنه خاتم األنبياء والمرسلين‪ ﴿ :‬اما كاا ان ُم احم ٌد أ ا ابا أ ا اح ٍد ِم ْن ِر اجالِكُ ْم اولا ِك ْن ارسُو ال ّللاِ اوخاات ا ام‬
‫ّللا بِكُ ِّل شا ْي ٍء عالِيما ﴾[األحزاب‪. ]40:‬‬
‫ان ُ‬ ‫النبِيِّي ان اوكا ا‬
‫‪ - 3‬أن هللا أيده بأعظم آية وهو‪ :‬القرآن الكريم‪ ،‬كالم هللا المحفوظ من التحريف والتبديل ‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن أمته خير األمم وأكثر أهل الجنة ‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنه صاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫[‬ ‫‪111‬‬ ‫]‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫من حقوق النبي محمد ‪r‬على أمته‪:‬‬


‫‪ - 1‬اإليمان المفصل برسالته ونبوته‪ ،‬واعتقاد نسخها لجميع الرسالت السابقة‪.‬‬
‫‪ - 2‬اإليمان بأنه بلّغ الرسالة وبيّنها أتم بيان‪ ،‬لم يكتم منها شيئا‪.‬‬
‫‪ - 3‬محبته وتقديم هذه المحبة على النفس وسائر الخلق‪.‬‬
‫‪ - 4‬تجنب الغلو فيه‪ ،‬والحذر من ذلك فإن في ذلك أعظم األذية له ‪.r‬‬
‫‪ - 5‬محبة أهل بيته وأزواجه وأصحابه‪ ،‬وموالتهم جميعا وعدم تنقّص أحد منهم أو سبه أو‬
‫الطعن فيه‪.‬‬
‫‪ - 6‬اإلكثار من الصالة والسالم عليه ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 112‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة السابعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ثمرات اإليمان بالرسل‪:‬‬


‫‪ - 1‬العلم برحمة هللا تعالى وعنايته بعباده ‪ ،‬حيث أرسل إليهم الرسل ليهدوهم إلى صراطه‬
‫تعالى ‪ ،‬ويبينوا لهم كيف يعبدونه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬اليقين بحسن عاقبة المتقين المطيعين هلل والصابرين ‪ ،‬كما تبين ذلك من قصص األنبياء‬
‫مع أقوامهم وانتصارهم على أعدائهم ‪.‬‬
‫‪ - 3‬محبة الرسل عليهم الصالة والسالم وتعظيمهم ‪ ،‬واتخاذهم المثل األعلى والقدوة الحسنة‬
‫للمؤمن ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 113‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة الثامنة‬

‫الركن الخامس‪ :‬اإليمان باليوم اآلخر‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 114‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة الثامنة‬


‫أولا‬
‫معنى اإليمان باليوم اآلخر‬
‫ثانيا ا‬
‫األمور التي يتضمنها اإليمان باليوم اآلخر‬
‫ثالثا ا‬
‫ثمرات اإليمان باليوم اآلخر‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 115‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫اإليمان باليوم اآلخر معناه‪ :‬العتقاد الجازم والتصديق الكامل بيوم القيامة ‪ ،‬واإليمان‬
‫بكل ما أخبر به هللا عز وجل في كتابه‪ ،‬وأخبر به رسوله صلى هللا عليه وعلى آله وسلم مما‬
‫يكون بعد الموت‪ ،‬وحتى يدخل أهل الجنة الجنة‪ ،‬وأهل النار النار‪.‬‬
‫األمور التي يتضمنها اإليمان باليوم اآلخر‪:‬‬
‫يتضمن اإليمان باليوم اآلخر إيمان العبد بكل ما ثبت في النصوص الشرعية من أمور الغيب‬
‫التي تكون بعد الموت‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أشراط الساعة ‪ ،‬وهي نوعان‪:‬‬
‫األشراط الصغرى‪ :‬وهي تدل على قرب الزمان من اآلخرة‪ ،‬مثل‪ :‬بعثة الرسول ‪ ،‬وانشقاق‬
‫القمر‪ ،‬وغربة اإلسالم‪ ،‬ووضع األحاديث المكذوبة على رسول هللا ‪ ،‬وكثرة الكذب‪ ،‬وعدم‬
‫التثبت في نقل األخبار‪ ،‬ورفع العلم‪ ،‬وكثرة الجهل‪ ،‬وتفشي الزنا في الطرقات‪ ،‬وشرب‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 116‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الخمر‪ ،‬وظهور المعازف‪ ،‬وكثرة النساء وقلة الرجال‪ ،‬وكثرة الزلزل‪ ،‬وتقارب الزمان ‪،‬‬
‫وقلة البركة في األوقات‪ ،‬وانتفاخ األهلة‪ ،‬وتقارب األسواق‪ ،‬والسالم على المعارف‪ ،‬وقطيعة‬
‫الرحم‪ ،‬وسوء الجوار‪ ،‬والتباهي في زخرفة المساجد‪ ،‬وفتح روما كما فتحت القسطنطينية ‪...‬‬
‫إلى غير ذلك من عالمات الساعة الصغرى الثابتة في األحاديث الصحيحة‪.‬‬
‫واألشراط الكبرى‪ :‬وهي التي تدل على أن الساعة قد قربت جدا‪ ،‬ومنها ‪ :‬وهي الواردة في‬
‫حديث حذيفة بن أسيد الغفاري ‪ ،‬قال ‪ :‬اطلاع النبي علينا ونحن نتذاكر‪ ،‬فقال ‪ (( :‬ما‬
‫تذاكرون؟ )) قالوا ‪ :‬نذكر الساعة‪ ،‬قال ‪ (( :‬إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات –فذكر‪-‬‬
‫‪ :‬الدخان‪ ،‬والدجال‪ ،‬والدابة‪ ،‬وطلوع الشمس من مغربها‪ ،‬ونزول عيسى بن مريم‬
‫‪،‬ويأجوج ومأجوج‪ ،‬وثالثة خسوف‪ :‬خسف بالمشرق‪ ،‬وخسف بالمغرب‪ ،‬وخسف بجزيرة‬
‫العرب‪ ،‬وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم )) ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 117‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ب‪ -‬فتنة القبر وسؤال الملكين‪ :‬وهي سؤال الميت بعد دفنه عن‪ :‬ربه‪ ،‬ودينه‪ ،‬ونبيه ؛ فيثبت‬
‫هللا الذين آمنوا بالقول الثابت؛ فيقول ‪ :‬ربي هللا‪ ،‬وديني اإلسالم‪ ،‬ونبي محمد ‪ .‬ويضل‬
‫هللا الظالمين؛ فيقول الكافر‪ :‬هاه ‪ ،‬هاه ‪ ،‬ل أدري ‪ .‬ويقول المنافق أو المرتاب‪ :‬ل أدري ؛‬
‫سمعت الناس يقولون شيئا فقلته‪.‬‬
‫ج‪ -‬عذاب القبر ونعيمه‪ :‬فيكون العذاب للظالمين من المنافقين والكافرين ‪ ،‬قال هللا تعالى عن‬
‫ير ِبالْ ِع ابا ِد ﴾‬
‫ص ٌ‬‫ّللا اب ِ‬ ‫ست ا ْذكُ ُرو ان اما أاقُو ُل لاكُ ْم اوأُفا ّ ِو ُ‬
‫ض أ ا ْم ِري ِإلاى ّللاِ إِن ا‬ ‫آل فرعون‪ ﴿ :‬فا ا‬
‫[غافر‪. ]44:‬‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث زيد بن ثابت عن النبي ‪ r‬قال ‪ (( :‬فلول أن ل تدافنوا لدعوت‬
‫هللا أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه)) ثم أقبل بوجهه فقال ‪ (( :‬تعوذوا باهلل من‬
‫عذاب النار )) قالوا ‪ :‬نعوذ باهلل من عذاب النار فقال ‪ (( :‬تعوذوا باهلل من عذاب القبر ))‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 118‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫قالوا‪ :‬نعوذ باهلل من عذاب القبر‪ .‬قال‪ (( :‬تعوذوا باهلل من الفتن ما ظهر منها وما بطن ))‬
‫قالوا‪ (( :‬نعوذ باهلل من الفتن ما ظهر منها وما بطن ))‪ .‬قال‪ (( :‬تعوذوا باهلل من فتنة الدجال‬
‫)) قالوا‪ (( :‬نعوذ باهلل من فتنة الدجال ))‪.‬‬
‫وأما نعيم القبر فللمؤمنين الصادقين ‪ ،‬قال هللا تعالى ‪ِ ﴿ :‬إن الذِي ان كافا ُروا بِال ِذّ ْك ِر لاما جا اءهُ ْم‬
‫يز ﴾[فصلت‪.]41:‬‬ ‫ع ِز ٌ‬ ‫او ِإنه ُ لا ِك ٌ‬
‫تاب ا‬
‫وعن البراء بن عازب أن النبي قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره ‪ (( :‬فينادى‬
‫مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة‪ ،‬وألبسوه من الجنة‪ ،‬وافتحوا له بابا إلى‬
‫الجنة‪ ،‬قال فيأتيه من ار ْو ِحها و ِطيبِ اها‪ ،‬ويُ ْف ا‬
‫س ُح له في قبره امد بصره ))‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 119‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫د‪ -‬اإليمان بالبعث‪ :‬وهو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية؛ فيقوم الناس لرب‬
‫العالمين‪ ،‬حفاة غير منتعلين‪ ،‬عراة غير مستترين‪ ،‬غرل غير مختتنين‪ ،‬قال هللا تعالى‪﴿ :‬‬
‫س ِج ِّل لِ ْلكُتُبِ كا اما با ادأْناا أاو ال خ ْال ٍ‬
‫ق نُ ِعي ُده ُ اوعْدا عالا ْيناا ِإنا كُنا فاا ِعلِي ان‬ ‫يا ْو ام ن ْ‬
‫اط ِوي الس اما اء كاطا ّ‬
‫ي ِ ال ِ ّ‬
‫﴾ [األنبياء‪.]104:‬‬
‫والبعث‪ :‬حق ثابت دل عليه الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬وإجماع المسلمين ‪ .‬قال هللا تعالى ‪ ﴿ :‬ثُم ِإنكُ ْم‬
‫با ْع اد ذالِ اك لا اميِّتُو ان * ثُم ِإنكُ ْم يا ْو ام ْالقِياا ام ِة ت ُ ْب اعثُو ان ﴾ [المؤمنون‪. ]16- 15:‬‬
‫وقال النبي ‪ (( :r‬يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غُ ْرل )) ‪.‬‬
‫وأجمع المسلمون على ثبوته‪ ،‬وهو مقتضى الحكمة حيث تقتضي أن يجعل هللا تعالى لهذه‬
‫الخليقة معادا يجازيهم فيه على ما كلفهم به على ألسنة رسله قال هللا تعالى ‪ ﴿ :‬أافا اح ِس ْبت ُ ْم أان ام ا‬
‫ع ابثا اوأانكُ ْم ِإلا ْيناا ال ت ُ ْر اج ُعو ان ﴾[المؤمنون‪.]115:‬‬ ‫اخلا ْقنااكُ ْم ا‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 120‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫هـ ‪ -‬اإليمان بالحساب والجزاء‪ :‬يحاسب العبد على عمله‪ ،‬ويجازى عليه‪ ،‬وقد دل على ذلك‬
‫الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬وإجماع المسلمين‪ ،‬قال هللا تعالى ‪ِ ﴿ :‬إن ِإلا ْيناا ِإ ايا اب ُه ْم * ثُم ِإن ا‬
‫علا ْيناا ِح ا‬
‫سا اب ُهم‬
‫﴾ [الغاشية‪ ،]26-25:‬وعن ابن عمر ٭ أن النبي ‪ r‬قال ‪ (( :‬إن هللا يُدني المؤمن فيضع‬
‫ب حتى‬ ‫عليه كانافاه ُ و ايست ُ ُرهُ‪ ،‬فيقو ُل ‪ :‬أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول‪ :‬نعم أي ر ِ‬
‫إذا قرره بذُنُوبه‪ ،‬ورأى أنه قد هلك قال ‪ :‬قد سترتها عليك في الدنيا‪ ،‬وأنا أغفرها لك‬
‫كتاب حسناته‪ ،‬وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخالئق ‪:‬‬ ‫ا‬ ‫اليوم‪ ،‬فيُ ْعطاى‬
‫هؤلء الذين كذبوا على ربهم‪ ،‬أل لعنة هللا على الظالمين ))‪.‬‬
‫وقد أجمع المسلمون على إثبات الحساب والجزاء على األعمال ‪ ،‬وهو مقتضى الحكمة؛ فإن‬
‫هللا تعالى أنزل الكتب‪ ،‬وأرسل الرسل‪ ،‬وفرض على العباد قبول ما جاءوا به‪ ،‬والعمل بما‬
‫يجب العمل به منه‪ ،‬وأوجب قتال المعارضين له وأحل دماءهم‪ ،‬وذرياتهم‪ ،‬ونساءهم‪،‬‬
‫وأموالهم‪ .‬فلو لم يكن حساب ول جزاء؛ لكان هذا من العبث الذي ينزه الرب الحكيم عنه‪،‬‬
‫وقد‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 121‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫س ِلي ان * فالاناقُصن‬ ‫أشار هللا تعالى إلى ذلك بقوله‪ ﴿ :‬فالانا ْسأالان الذِي ان أ ُ ْر ِس ال ِإلا ْي ِه ْم اولانا ْسأالان ْال ُم ْر ا‬
‫عالا ْي ِهم بِ ِع ْل ٍم او اما كُنا غاائِبِي ان ﴾ [األعراف‪. ]7- 6:‬‬
‫و‪ -‬اإليمان بالجنة والنار‪ :‬وأنهما المآل األبدي للخلق؛ فالجنة دار النعيم التي أعدها هللا تعالى‬
‫للمؤمنين المتقين‪ ،‬الذين آمنوا بما أوجب هللا عليهم اإليمان به‪ ،‬وقاموا بطاعة هللا‬
‫ورسوله‪ ،‬مخلصين هلل متبعين لرسوله ‪ .‬فيها من أنواع النعيم ما ل عين رأت‪ ،‬ول أذن‬
‫ي لا ُهم ِ ّمن قُرةِ‬ ‫ُ‬ ‫سمعت‪ ،‬ول خطر على قلب بشر ‪ .‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬فا اال ت ا ْعلا ُم نا ْف ٌ‬
‫س ما أ ْخفِ ا‬
‫أ ا ْع ُي ٍن اجزا اء ِب اما كاانُوا اي ْع املُو ان ﴾ [السجدة‪. ]17:‬‬
‫وأما النار فهي دار العذاب التي أعدها هللا تعالى للكافرين الظالمين‪ ،‬الذين كفروا به وعصوا‬
‫رسله‪ ،‬فيها من أنواع العذاب والناكاال ما ل يخطر على البال‪ ،‬قال هللا تعالى‪ ﴿ :‬اوقُ ِل ْال اح ُّق‬
‫ِم ْن اربِّكُ ْم فا ام ْن شاا اء فا ْليُؤْ ِم ْن او ام ْن شاا اء فا ْليا ْكفُ ْر ِإنا أ ا ْعت ا ْدناا لِلظالِ ِمي ان ناارا أ ا احاطا بِ ِه ْم سُ ارا ِدقُ اها‬
‫ت ُم ْرت افاقا‬ ‫اب اوساا اء ْ‬‫س الش ار ُ‬ ‫او ِإ ْن يا ْست ا ِغيثُوا يُغااثُوا بِ اما ٍء كا ْال ُم ْه ِل يا ْش ِوي ْال ُو ُجوه ا بِئْ ا‬
‫﴾[الكهف‪. ]29:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 122‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ومن اإليمان باليوم اآلخر‪ ،‬اإليمان بكل ما يكون من أمور الغيب بعد الموت ‪ ،‬مما أخبر به‬
‫هللا ورسوله صلى هللا عليه وعلى آله وصحبه وسلم من‪:‬‬
‫النفخ في الصور‪ ،‬وهي ثالث نفخات‪:‬‬
‫األولى‪ :‬نفخة الفزع ‪ ،‬يفزع الناس ول يموتون‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬نفخة الصعق‪ :‬التي يتغير بها العالم المشاهد ويختلف نظامه‪ ،‬وفيها الفناء والصعق‪،‬‬
‫وفيها هالك من قضى هللا إهالكه‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬نفخة البعث والنشور والقيام لرب العالمين‪.‬‬
‫واإليمان بالميزان‪ :‬الذي له كفتان توزن به أعمال العباد‪.‬‬
‫وبنشر الدواوين‪ :‬وهي صحائف األعمال‪ ،‬فآخذٌ كتابه بيمينه‪ ،‬وآخذ كتابه بشماله‪ ،‬أو من‬
‫وراء ظهره‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 123‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫والصراط‪ :‬منصوب على متن جهنم‪ ،‬يتجاوزه األبرار‪ ،‬ويزل عنه الفجار‪.‬‬
‫وأن أمة محمد أولى األمم محاسبة يوم القيامة ‪ ،‬وأولى األمم في دخول الجنة‪ ،‬وهم‬
‫نصف أهل الجنة‪ ،‬ويدخل الجنة منهم سبعون ألفا ا بغير حساب‪.‬‬
‫صات القيامة ماؤه أشد بياضا ا من اللبن‪ ،‬وأحلى من‬ ‫وبأن حوض نبينا النبي في عَ َر َ‬
‫العسل‪ ،‬وريحه أطيب من المسك‪ ،‬وآنيته عدد نجوم السماء‪ ،‬وطوله شهر وعرضه شهر‪،‬‬
‫من شرب منه ل يظمأ أبداا‪ ،‬ويحرم ذلك على من ابتدع في الدين ‪ ،‬قال النبي صلى هللا عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم ‪(( :‬حوضي مسيرة شهر‪ ،‬ماؤه أبيض من اللبن‪ ،‬وريحه أطيب من‬
‫المسك‪ ،‬وكيزانه كنجوم السماء‪ ،‬من شرب منه ل يظمأ أبدا )) ‪.‬‬
‫والشفاعة والمقام المحمود لنبينا محمد بن عبد هللا صلى هللا عليه وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫يوم القيامة ‪ ،‬وشفاعته ألهل الموقف لفصل القضاء بينهم هي القضاء المحمود ‪،‬‬
‫وشفاعته ألهل الجنة أن يدخلوا الجنة ‪ ،‬ويكون الرسول صلى هللا عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم أول داخل فيها ‪ ،‬وشفاعته لعمه أبي طالب أن يخفف عنه من العذاب‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 124‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وهذه الشفاعات الثالث خاصة بالنبي وليس ألحد غيره ‪.‬‬


‫وشفاعته لرفع درجات بعض أمته ممن يدخلون الجنة إلى درجات عليا ‪ ،‬وشفاعته‬
‫لطائفة من أمته يدخلون الجنة بغير حساب‪.‬‬
‫وشفاعته في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم ليدخلوا الجنة ‪ ،‬وفي أقوام‬
‫آخرين قد أمر بهم إلى النار أن ل يدخلوها‪.‬‬
‫والشفاعة في إخراج عصاة الموحدين من النار‪ ،‬فيشفع لهم فيدخلون الجنة ‪.‬‬
‫وهذه الشفاعة تشاركه فيها المالئكة‪ ،‬والنبيون‪ ،‬والشهداء‪ ،‬والصديقون‪ ،‬والصالحون‪،‬‬
‫والمؤمنون‪ ،‬ثم يخرج هللا – تبارك وتعالى‪ -‬من النار أقواما بغير شفاعة؛ بل بفضله ورحمته‪.‬‬
‫عة ُ الشافِ ِعي ان ﴾ [المدثر‪. ]48:‬‬
‫فأما الكفار فال شفاعة لهم‪ ،‬لقوله تعالى‪ ﴿ :‬فا اما تانفا ُع ُه ْم شافاا ا‬
‫وعمل المؤمن يوم القيامة يشفع له أيضا‪ ،‬كما أخبر بذلك النبي فقال ‪ (( :‬الصيام والقرآن‬
‫يشفعان للعبد يوم القيامة )) ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 125‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ثمرات اإليمان باليوم اآلخر‪:‬‬


‫‪ - 1‬صالح العبد في نفسه‪ ،‬وذلك بالرغبة في فعل الطاعة والحرص عليها رجاء لثواب ذلك‬
‫اليوم‪ ،‬والرهبة عند فعل المعصية خوفا من عقاب ذلك اليوم ‪.‬‬
‫‪ - 2‬تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم اآلخرة وثوابها ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 126‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة التاسعة‬

‫الركن السادس‪ :‬اإليمان بالقدر‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 127‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة التاسعة‬


‫أولا‬
‫معنى اإليمان بالقدر‬
‫ثانيا ا‬
‫مراتب القدر‬
‫ثالثا ا‬
‫ثمرات اإليمان بالقدر‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 128‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫اإليمان بالقدر معناه‪ :‬العتقاد الجازم بأن هللا قضى (أي حكم وفصل) وقدر ( أي أحاط‬
‫بمقدار كل شيء مما هو كائن) في األزل‪.‬‬
‫وملخصه‪ :‬هو ما سبق به العلم وجرى به القلم‪ ،‬مما هو كائن إلى األبد‪ ،‬قال تعالى ‪ِ ﴿ :‬إنا‬
‫كُل ش ْاي ٍء اخلا ْقنااه ُ ِبقا اد ٍر ﴾ [القمر‪. ]49:‬‬
‫مراتب القدر‪:‬‬
‫للقدر أربع مراتب دلت عليها النصوص ‪ ،‬وقررها أهل العلم ‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫المرتبة األولى‪ :‬العلم‪ :‬اإليمان بأن هللا تعالى عالم بكل ما كان‪ ،‬وما يكون‪ ،‬وما لم يكن لو‬
‫كان كيف يكون؛ جملة وتفصيال‪ ،‬وأنه علم ما الخلق عاملون قبل خلقهم‪ ،‬وعلم أرزاقهم‬
‫وآجالهم وأعمالهم وحركاتهم وسكناتهم‪ ،‬وعلم منهم الشقي والسعيد‪ ،‬وذلك بعلمه القديم الذي‬
‫هو موصوف به أزل‪ ،‬قال هللا تعالى‪ ﴿ :‬اوا ْعلا ُموا أان ا‬
‫ّللا ِبكُ ِّل شا ْي ٍء ا‬
‫ع ِلي ٌم ﴾ [البقرة‪. ]231:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 129‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المرتبة الثانية‪ :‬الكتابة‪ :‬وهي اإليمان بأن هللا كتب ما سبق به علمه من مقادير المخلوقات‬
‫في اللوح المحفوظ ‪ ،‬وهو الكتاب الذي لم يفرط فيه من شيء؛ فكل ما جرى وما يجري وكل‬
‫كائن إلى يوم القيامة؛ فهو مكتوب عند هللا تعالى في أ ّم الكتاب‪ ،‬ويسمى‪ :‬الذكر‪ ،‬واإلمام‪،‬‬
‫والكتاب المبين‪ ،‬قال تعالى ‪ِ ﴿ :‬إنا نا ْح ُن نُ ْحيِي ْال ام ْوتاى اونا ْكت ُ ُ‬
‫ب اما قاد ُموا اوآثاا ارهُ ْم اوكُل ش ا ْي ٍء‬
‫ص ْينااه ُ ِفي ِإ اما ٍم ُّم ِبي ٍن﴾ [يس‪ ، ]12:‬وقال النبي ‪ " :‬إن أول ما خلق هللا القلم فقال ‪ :‬اكتب‪،‬‬ ‫أ ا ْح ا‬
‫قال ‪ :‬ما أكتب ؟ قال ‪ :‬اكتب القدر؛ ما كان‪ ،‬وما هو كائن إلى األبد "‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن عبد هللا بن عمرو بن العاص ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول‬
‫هللا ‪ ((:‬كتب هللا مقادير الخالئق قبل أن يخلق السموات واألرض بخمسين ألف سنة )) ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 130‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المرتبة الثالثة‪ :‬اإلرادة والمشيئة‪ :‬أي‪ :‬إن كل ما يجري في هذا الكون فهو بإرادة هللا‬
‫ومشيئته الدائرة بين الرحمة والحكمة‪ ،‬يهدي من يشاء برحمته‪ ،‬ويضل من يشاء بحكمته‪ ،‬ل‬
‫يُسأل عما يفعل لكمال حكمته وسلطانه‪ ،‬وهم يُسألون‪ ،‬وما وقع من ذلك؛ فإنه مطابق لعلمه‬
‫السابق المكتوب في اللوح المحفوظ ؛ فمشيئة هللا نافذة‪ ،‬وقدرته شاملة‪ ،‬ما شاء هللا كان‪ ،‬وما‬
‫ب‬ ‫لم يشأ لم يكن؛ فال يخرج عن إرادته شيء‪ .‬قال تعالى‪ ﴿ :‬او اما تاشاا ُءو ان ِإل أ ا ْن ياشاا اء ُ‬
‫ّللا ار ُّ‬
‫ْال اعالا ِمي ان ﴾ [التكوير‪ .]29:‬وقال النبي ‪ ((:‬إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع‬
‫ص ِ ّرفُه ُ حيث يشاء )) ‪.‬‬ ‫الرحمن‪ ،‬كقلب واحد ؛ يُ ا‬
‫المرتبة الرابعة‪ :‬الخلق‪ :‬وهي اإليمان بأن هللا خالق كل شيء‪ ،‬ل خالق غيره ول رب سواه‪،‬‬
‫وأن كل ما سواه مخلوق؛ فهو خالق كل عامل وعمله‪ ،‬وكل متحرك وحركته‪ ،‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫احباة ٌ او اخلا اق كُل ش ا ْي ٍء اوهُ او بِكُ ِّل‬
‫ص ِ‬‫ض أانى ياكُو ُن لاه ُ اولا ٌد اولا ْم تاكُن له ُ ا‬‫ت او ْاأل ا ْر ِ‬
‫﴿ بادِي ُع الس ام ااوا ِ‬
‫علِي ٌم ﴾ [األنعام‪. ]101:‬‬ ‫شا ْي ٍء ا‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 131‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫واإليمان بالقدر على ما وصفنا ل ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الختيارية وقدرة‬
‫عليها؛ ألن الشرع والواقع دالن على إثبات ذلك له‪:‬‬
‫أما الشرع‪ :‬فقد قال هللا تعالى في المشيئة‪ ﴿ :‬ذالِ اك ْاليا ْو ُم ْال اح ُّق اف ام ْن شاا اء ات اخذا ِإلاى اربِّ ِه امآبا ﴾‬
‫[النبأ‪ ، ]39:‬وقال في القدرة‪ ﴿ :‬فاتّقُوا هللا ما ا ْستط ْعت ُ ْم وا ْسمعُوا وأ ِطيعُوا وأ ْنفِقُوا خيْرا ِأل ْنفُ ِسكُ ْم‬
‫ومن يُوق شُ ّح ن ْف ِس ِه فأُولئِك هُ ُم ْال ُم ْفلِ ُحون ﴾ [التغابن‪.]16:‬‬
‫ْ‬
‫وأما الواقع‪ :‬فإن كل إنسان يعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعل وبهما يترك‪ ،‬ويفرق بين ما‬
‫يقع بإرادته كالمشي‪ ،‬وما يقع بغير إرادته كالرتعاش‪ ،‬لكن مشيئة العبد وقدرته واقعتان‬
‫يم * او اما تاشاا ُءو ان ِإل أ ا ْن‬ ‫بمشيئة هللا تعالى وقدرته لقول هللا تعالى‪ ﴿ :‬لِ ام ْن شاا اء ِم ْنكُ ْم أ ا ْن يا ْستاقِ ا‬
‫ّللا اربُّ ْال اعالا ِمي ان ﴾ [التكوير‪ ]29-28:‬وألن الكون كله ملك هلل تعالى ؛ فال يكون في‬ ‫ياشاا اء ُ‬
‫ملكه شيء بدون علمه ومشيئته‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 132‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫واإليمان بالقدر ل يمنح العبد حجة على ما ترك من الواجبات أو فعل من المعاصي‪ ،‬وعلى‬
‫هذا فاحتجاجه به باطل من وجوه‪:‬‬
‫س ايقُو ُل الذِي ان أ ا ْش اركُوا لا ْو شاا اء ّللاُ اما أ ا ْش ار ْكناا او ال آ ابا ُؤناا او ال احر ْمناا ِم ْن‬ ‫األول‪ :‬قوله تعالى‪ ﴿ :‬ا‬
‫ب الذِي ان ِم ْن قا ْبلِ ِه ْم احتى ذااقُوا باأْساناا قُ ْل ها ْل ِع ْن ادكُ ْم ِم ْن ِع ْل ٍم فات ُ ْخ ِر ُجوه ُ لاناا ِإ ْن‬ ‫شا ْي ٍء كاذالِ اك كاذ ا‬
‫صو ان ﴾ [األنعام‪ ]148:‬ولو كان لهم حجة بالقدر ما أذاقهم‬ ‫تات ِب ُعو ان ِإل الظن او ِإ ْن أ ا ْنت ُ ْم ِإل ت ا ْخ ُر ُ‬
‫هللا بأسه‪ ،‬ولكان عذابه لهم ظلما‪ ،‬وهللا منزه عنه‪.‬‬
‫علاى ٱّللِ ُحجة ُ ابعۡ اد ُّ‬
‫ٱلرسُ ِل‬ ‫اس ا‬ ‫ين لِئاال ايكُو ان لِلن ِ‬ ‫الثاني‪ :‬قوله تعالى‪ُّ ﴿ :‬رسُ ٗال ُّمب ا ِشّ ِري ان او ُمنذ ِِر ا‬
‫ان ٱّللُ عا ِزيزا اح ِك ٗيما ﴾[النساء‪ ]165:‬ولو كان القدر حجة للمخالفين لم تنتف بإرسال‬ ‫اوكا ا‬
‫الرسل‪ ،‬ألن المخالفة بعد إرسالهم واقعة بقدر هللا تعالى ‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن علي بن أبي طالب ‪t‬أن النبي قال‪:‬‬
‫(( ما منكم من أحد إل قد كتب مقعده من النار أو الجنة )) فقال رجل من القوم ‪ :‬أل نتكل‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 133‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫يا رسول هللا ؟ قال ‪ (( :‬ل‪ ،‬اعملوا فكل ميسر‪ ،‬ثم قرأ ﴿ فاأاما امن أ ا ْعطاى اواتقاى﴾ [الليل‪]5:‬‬
‫اآلية)) وفي لفظ لمسلم ‪ (( :‬فكل ميسر لما خلق له )) فأمر النبي بالعمل ونهى عن‬
‫التكال على القدر‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬فيما يقع تحت دائرة الحس ؛ فإننا نرى اإلنسان يحرص على ما يالئمه ثم يحتج على‬
‫عدوله بالقدر‪ ،‬فلماذا يعدل عما ينفعه في أمور دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر؟ أليس شأن‬
‫األمرين واحدا؟‬
‫وإليك مثال ا يوضح ذلك‪ :‬لو كان بين يدي اإلنسان طريقان‪ ،‬أحدهما‪ :‬ينتهي به إلى بلد كلها‬
‫فوضى ‪ :‬قتل‪ ،‬ونهب‪ ،‬وانتهاك لألعراض‪ ،‬وخوف‪ ،‬وجوع‪ .‬والثاني‪ :‬ينتهى به إلى بلد كلها‬
‫نظام‪ ،‬وأمن مستتب‪ ،‬وعيش رغيد‪ ،،‬فأي الطريقين يسلك؟ إنه سيسلك الطريق الثاني الذي‬
‫ينتهي به إلى بلد النظام واألمن‪ ،‬ول يمكن ألي عاقل أبدا أن يسلك طريق بلد الفوضى‪،‬‬
‫والخوف‪ ،‬ويحتج بالقدر‪ ،‬فلماذا يسلك في أمر اآلخرة طريق النار دون الجنة ثم يحتج بالقدر؟‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 134‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الخامس‪ :‬أن المحتج بالقدر على ما تركه من الواجبات أو فعله من المعاصي‪ ،‬لو اعتدى‬
‫عليه شخص فأخذ ماله أو انتهك حرمته ثم احتج بالقدر‪ ،‬وقال‪ :‬ل تلمني فإن اعتدائي كان‬
‫بقدر هللا‪ ،‬لم يقبل حجته؛ فكيف ل يقبل الحتجاج بالقدر في اعتداء غيره عليه‪ ،‬ويحتج به‬
‫لنفسه في اعتدائه على حق هللا تعالى؟‬
‫ويذكر أن– أمير المؤمنين – عمر بن الخطاب ‪ t‬رفع إليه سارق استحق القطع ‪ ،‬فأمر‬
‫بقطع يده فقال‪" :‬مهال ا يا أمير المؤمنين ؛ فإنما سرقت بقدر هللا" ؛ فقال‪" :‬ونحن إنما نقطع‬
‫بقدر هللا"‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 135‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ثمرات اإليمان بالقدر‪:‬‬


‫‪ - 1‬العتماد على هللا تعالى‪ ،‬عند فعل األسباب ‪ ،‬بحيث ل يعتمد على السبب نفسه ؛ ألن كل‬
‫شيء بقدر هللا تعالى‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن ل يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده ‪ ،‬ألن حصوله نعمة من هللا تعالى ‪ ،‬بما‬
‫قدره من أسباب الخير‪ ،‬والنجاح ‪ ،‬وإعجابه بنفسه ينسيه شكر هذه النعمة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬اإليمان بالقدر يغرس القناعة في نفس المؤمن ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الطمأنينة والرضى بما يجرى عليه من أقدار هللا تعالى؛ فال يقلق بفوات محبوب ‪ ،‬أو‬
‫حصول مكروه ‪ ،‬ألن ذلك بقدر هللا الذي له ملك السماوات واألرض‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 136‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة العاشرة‬

‫مدخل إلى دراسة المذاهب المعاصرة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 137‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة العاشرة‬


‫أول ا‬
‫مدخل لدراسة المذاهب المعاصرة‬
‫ثانيا ا‬
‫تعريف المذهب لغة‬
‫ثالثا ا‬
‫تعريف المذهب اصطالحا‬
‫رابعا ا‬
‫خطورة هذه المذاهب‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 138‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫لعل من أهم ما يواجه المسلم وهو يحاول التعرف على المذاهب المعاصرة وبداياتها‬
‫وتطورها وآثارها‪ :‬التعرف أول على البيئة التي نشأت فيها هذه المذاهب ‪ ،‬التي هي‬
‫إفرازات‬
‫لتيارات ومذاهب قديمة ‪ ،‬ما زالت آثارها مستمرة في عصرنا الذي تموج فيه الفتن وتتعدد‬
‫فيه التيارات واألهواء ‪ ،‬التي كان هدفها‪:‬‬
‫إما إسقاط الدين ‪ ،‬أو تمييعه في النفوس ‪ ،‬أو بث الشبهات والتأويالت حوله‪.‬‬
‫وعلى الرغم من كل العداء الذي يواجه به الدين اإلسالمي مازال ينهض وما زالت رسالة‬
‫نبيه وخاتم المرسلين تؤكد على أنه الدين العظيم الذي جاء به نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫معلم البشرية جمعاء‪.‬‬
‫لذا ل يسع الباحث في دراسة المذاهب المعاصرة وبدايتها ونشأتها وتأثيرها أن يغفل‬
‫عوامل مساندة لتأثير كثير من المذاهب المعاصرة على العالم اإلسالمي ‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 139‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫التصال الثقافي بالغرب ‪ ،‬وبدايات حركة الترجمة ‪ ،‬والنفتاح على تراث الفلسفات القديمة‬
‫التي نالت من اإلسالم ومن تصوراته النقية‪.‬‬
‫ويتمحور هذا القسم من الكتاب حول ماهية المذاهب المعاصرة ‪ ،‬وتطور الحياة الفكرية في‬
‫الغرب ‪ ،‬وآثار هذه المذاهب ‪ ،‬وجذورها الفكرية والعقائدية ‪ ،‬ومدى انتشارها في الشرق‬
‫والغرب ‪ ،‬ومواقع نفوذها ‪ ،‬وأهم أعالمها ‪ ،‬وما واجب المسلمين تجاهها؟‬
‫‪ -‬ليتحصن أبناء المسلمين ضد األفكار الهدامة والتيارات المنحرفة‪.‬‬
‫‪ -‬وليعتزوا بدينهم وبهويتهم اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬ولتنبعث في روح المؤمن إحساس العزة الذي ل يعرف التبعية والنهزام‪.‬‬
‫وكرم العقل فحده‬
‫لقد أنار اإلسالم الطريق؛ لتستهدي العقول وتسترشد بنوره إلى خالقها‪ّ ،‬‬
‫بحدود الشرع؛ حتى ل يشتط عن الطريق المستقيم؛ فيشطح بعيدا على شواطئ الكفر‬
‫واإللحاد‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 140‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫فالحمد هلل الذي يسر لنا سُبل العلم ؛ ليتيسر به التعرف على بعض األفكار التي لو لم ندرسها‬
‫ونتعرف‬
‫عليها لما صدقنا بأقوال تلك العقول العاجزة واألفكار القاصرة عن إدراك الحقيقة الغيبية وكنهها ‪ ،‬إذ‬
‫الفكر بحر كلما غاص المتعلم و اسبا ار أغواره اكتشف بأنه مازال ل يعلم إل القليل ‪ ،‬والكثير عنه‬
‫غائب؛ فكانت من تلك األفكار ما يتعلق بدراسة المذاهب المعاصرة التي وصلت إلى الفكر‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وتأثر بعض المسلمين بها منبهرين بآرائها وتوجهاتها ‪ ،‬التي سعى – ومازال الغرب‬
‫– لترسيخها ودعمها‪ .‬ما أحوج أبناء اإلسالم اليوم إلى من يرد عليهم إيمانهم ‪ ،‬وثقتهم بماضيهم‬
‫واألمل في مستقبل زاهر ‪ ،‬وما أحوجهم لمن يرد عليهم إيمانهم بهذا الدين الذي يحملون اسمه‬
‫ويجهلون كنهه ‪ ،‬ويأخذونه بالوراثة أكثر مما يتخذونه بالمعرفة والقناع‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 141‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫لذا من حق اإلسالم أن يحتل أبناؤه رقعة فسيحة من المعمورة ‪ ،‬وأن يكون له دور الريادة‬
‫والقيادة في كل ما يتصل بشؤون العقيدة والشريعة والحياة ‪ ،‬ومن حق أتباعه – وهم قوة‬
‫بشرية لها دور في مجال السياسة والقتصاد في العالم – أن يتحققوا من هوية األفكار‬
‫الواردة عليهم‪.‬‬
‫ول يظن ظان أن اإلسالم يحجر على العقول التي تريد أن تتعرف على ما حولها ‪ ،‬أو أنه‬
‫يقيم السدود والحدود في وجه المعرفة التي ترد إلينا ‪ ،‬وإنما هو وقاية لألمة وأبنائها أن‬
‫يدخل علينا ما يفسد حياتنا أو يؤثر في سلوك أبنائنا‪.‬‬
‫كل ذلك وما يزال صوت يتردد في العالم اإلسالمي اآلن من آراء لتجاهين متناقضين‪،‬‬
‫وهذان التجاهان‪:‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 142‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أحدهما‪:‬‬
‫يتنكر لكل ما يأتي إلينا من الخارج ‪ ،‬سواء أكان ذلك موافقا ا لشرعنا أو مختلفا ا عنه‪.‬‬
‫وحجة هذا الرأي‪ :‬أنه في عالم القتصاد ل يلجأ الفرد لالستدانة وله رصيد وفير قبل أن‬
‫يراجع رصيده ؛ فيرى إن كان فيه غناء ول تلجأ الدولة إلى الستيراد قبل أن تراجع‬
‫يقوم رصيد الروح وزاد الفكر والضمير‬ ‫خزائنها ‪ ،‬وتنظر في خاماتها واقتصاداتها‪ ،‬أفال ّ‬
‫تقوم السلع واألموال في حياة الناس؟‪.‬‬
‫كما ّ‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 143‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ليس هذا فحسب بل تراهم يحاولون أن يلفتوا النظر إلى ما يوجد في تراثنا من كنوز‬
‫ومعرفة‪ ،‬ليست خاصة بالعلوم الشرعية من فقه وأصول ‪ ،‬وتدوين للحديث وتفسير‬
‫للقرآن‪ ،‬وسجل كامل لتاريخها المشرق؛ بل تعدى ذلك إلى علوم الطب والفلك والهندسة‬
‫والكيمياء وعلوم البحار ‪ ،‬وغيرها مما كان له األثر في تطور العلوم اإلنسانية وفي قيام‬
‫النهضة األوربية ‪ ،‬ويرى أصحاب هذا الرأي أن في هذا غناء كبيرا ‪ ،‬وأن هذه المعارف‬
‫قادرة على أن تجعل المسلمين في مكان الصدارة والقيادة كما كان آباؤهم‪.‬‬
‫ويختم أصحاب القول األول حجتهم بقولهم‪:‬‬
‫إن العرب قبل اإلسالم كانوا أمة متنافرة ؛ فلما جاء اإلسالم صنع منهم سادة وقادة ‪ ،‬وجعلهم‬
‫أساتذة اختطوا من شؤون السياسة والتنظيم الجتماعي ما تعمل الدول جاهدة للوصول‬
‫إليه في القرن العشرين‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 144‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أما الرأي الثاني‪ :‬فيرى أن ننفتح على كل جديد يأتي إلينا من منافذ المعرفة المختلفة ‪ ،‬وأن‬
‫نزن هذا وذاك بميزان شرعنا وعقيدتنا‪ :‬فما تعارف مع شرعنا قبلناه‪ ،‬وما تناكر منها‬
‫رفضناه‪.‬‬
‫وحجة القائلين بهذا الرأي‪ :‬أن العلم ل دين له ول وطن ‪ ،‬والمعرفة ليست ملكا لدولة ول‬
‫حصرا على أمة ‪ ،‬وإنما هي للبشرية كلها‪.‬‬
‫فالذي انتفع بقانون "أرشميدس" لم يصبح به يونانيا ‪ ،‬ومن أخذ بنسبة "أينشتاين" لم يصبح‬
‫أمريكيا ‪ ،‬ومن اقتبس قانون الجاذبية لـ"نيوتن" لم يصبح به إنجليزيا ‪ ،‬كما أن من اقتبس‬
‫نظريات ومكتشفات جابر بن حيان في الكيمياء ‪ ،‬أو الخوارزمي في علم الجبر ‪ ،‬أو‬
‫البستاني في علم المثلثات لم يصبح بذلك عربيا ول مسلما ‪ ،‬وهذا كله حق وصدق ‪،‬‬
‫ولكن هل اقتنع المسلمون بالقتباس من غيرهم في مجال العلوم البحتة؟ أعني هل وقفوا‬
‫عند حد استيراد التكنولوجيا الباهرة وكل ما يدعو إلى الدهشة؟‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 145‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫تعريف المذهب في اللغة‪:‬‬


‫المذهب في اللغة من ذهب ‪ ،‬وتدور حول معنى مضى ومات وتوجه وذهب مذهب فالن ‪،‬‬
‫أي‪ :‬قصد قصده وطريقته ‪ ،‬وذهب في الدين مذهبا ‪ ،‬أي‪ :‬رأى فيه رأيا أو أحدث فيه‬
‫بدعة ‪ ،‬والمذهب‪ :‬الطريقة‪.‬‬
‫والمذهب أيضا‪ :‬المعتقد الذي يذهب إليه صاحبه‪.‬‬
‫تعريف المذهب في الصطالح‪:‬‬
‫أما المعنى الصطالحي للمذهب فيذكر الجرجاني أنه‪ :‬الطريقة والمعتقد الذي تذهب إليه‪.‬‬
‫والمذهب عند الفالسفة‪ :‬مجموعة اآلراء والنظريات الفلسفية التي إذا ارتبطت ببعضها‬
‫ارتباطا منطقيا صارت ذات وحدة عضوية ومتماسكة‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 146‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وع ُِرف المذهب بأنه‪ :‬مجموعة اآلراء واألفكار التي يراها أو يعتقدها إنسان ما حول عدد‬
‫من القضايا العلمية والسلوكية‪.‬‬
‫وانطالقا من قول النبي صلى هللا عليه وسلم حين قال في الحديث الذي رواه الشيخان عن‬
‫أبي سعيد الخدري – رضي هللا عنه – قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ( :‬لتتبعن‬
‫ب خرب لدخلتموه ) ؛‬ ‫ض ٍ‬‫سنا ان من كان قبلكم ‪ ،‬اح ْذو القُذة بالقُذة ‪ ،‬حتى لو دخلوا ُج ْح ار ا‬
‫ا‬
‫فإن دراسة هذه المذاهب يكتسب أهمية خاصة في التأكيد على صحة العقيدة اإلسالمية ‪،‬‬
‫لمواجهة كل دخيل عليها يأتينا من قبل هذه المذاهب ‪ ،‬التي تعمل جاهدة على إبعادنا عن‬
‫منبع الهدى والنور‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 147‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫خطورة هذه المذاهب‪:‬‬


‫تتمثل خطورة هذه المذاهب في أمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬فصل األمة عن عقيدتها وتراثها ولغتها‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬تجعل من أبنائها أتباعا لهم وأنصارا يحرسون مبادئهم وينفذون مخططاتهم ‪،‬‬
‫ويأتمرون بأمرهم ‪ ،‬وينخرون في كيان مجتمعهم ووحدتهم‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 148‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة الحادية عشرة‬

‫العلمانية‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 149‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة الحادية عشرة‬


‫أولا‪ :‬تعريف العلمانية‬
‫ثانيا ا‪ :‬التأسيس وأبرز الشخصيات‬
‫ثالثا ا‪ :‬األفكار والمعتقدات األصلية للعلمانيين في الغرب‬
‫رابعا ا‪ :‬معتقدات العلمانيين في العالم اإلسالمي والعربي‬
‫خامسا ا‪ :‬موقف العلمانيين من عالقة الدين بالدولة في اإلسالم‬
‫سادسا ا‪ :‬لماذا يرفض اإلسالم العلمانية‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 150‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫تعريف العلمانية‪:‬‬
‫العَلمانية بفتح العين نسبة للعالم‪ ،‬حيث تقوم العلمانية على العتراف بوجود العالم المادي‬
‫المحسوس الذي نعيش فيه فقط‪ ،‬وعدم اإليمان بعالم آخر وراء هذا العالم‪ ،‬هو عالم الغيب‪،‬‬
‫ول تُنطق الكلمة بكسر العين‪ ،‬كما يروج بعض العلمانيين‪ ،‬حتى يوهموا الناس أنها نسبة‬
‫لل ِعلم‪ ،‬وهو غير صحيح‪.‬‬
‫وقد استخدم هذا المصطلح في أوروبا بداية بمعنى نقل ممتلكات الكنيسة إلى سلطات غير‬
‫دينية‪ ،‬إل أن معنى الكلمة اتسع بعد ذلك لتعرف العلمانية بأنها‪ " :‬اإليمان بإمكانية إصالح‬
‫حال اإلنسان من خالل الطرق المادية‪ ،‬دون التصدي لقضية اإليمان بالقبول أو الرفض”‪.‬‬
‫غير أن هذا المفهوم للعلمانية تقلص كثيرا عند مفكرين آخرين ليصبح معناه "فصل الدين‬
‫عن الدولة" وهو من أكثر التعاريف شيوعا سواء في الغرب أو في الشرق‪ ،‬وهو يعني‬
‫"فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية" وبذلك تحصر العلمانية في المجال‬
‫السياسي وربما القتصادي فحسب ‪.‬‬
‫ثم إن هذا المفهوم تطور فيما بعد‪ ،‬وأصبحت العلمانية تعني البعد عن الدين واعتباره‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 151‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫روحية محصورة في المسجد أو الكنيسة‪ ،‬ول عالقة له بشؤون الحياة العامة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫‪All‬‬ ‫‪Rights‬‬ ‫‪Reserved‬‬ ‫‪for‬‬ ‫‪KFU‬‬ ‫©‬ ‫عالقة‪Supporting‬‬
‫‪Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ونستطيع أن نخرج من تعريف العلمانية‪ ،‬وبيان أسباب نشأتها في أوروبا بأمرين غاية في‬
‫األهمية‪:‬‬
‫األول‪ :‬يتعلق بالتعريف‪ ،‬وهو أن العلمانية تشكل تناقضا صريحا للدين‪ ،‬وتمثل منازعة حقيقية‬
‫للسلطة اإللهية‪ ،‬فبينما تعطي األديان السماوية السلطة خالصة هلل سبحانه في تصريف الكون‬
‫واإلنسان‪ ،‬نجد في المقابل العلمانية تضع ذلك في يد اإلنسان نفسه ‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬هو أن األسباب التي أدت إلى بروز العلمانية في المجتمع الغربي‪ ،‬لم يكن لها‬
‫وجود ألبتة في الشرق اإلسالمي؛ فالدين اإلسالمي ليس كالنصرانية المحرفة‪ ،‬وعلماء‬
‫اإلسالم لم يكونوا إقطاعيين ظلمة كرجال الدين المسيحي‪ ،‬وموقف اإلسالم من العلم ليس‬
‫موقفا مصادما كموقف الكنيسة‪ ،‬وهو في الوقت ذاته دين ينكر الخرافة ويحاربها‪ ،‬ويعلي‬
‫قيمة العقل على خالف تعاليم الكنيسة ‪.‬‬
‫التأسيس وأبرز الشخصيات‪:‬‬
‫انتشرت هذه الدعوة في أوروبا وعمت أقطار العالم بحكم النفوذ الغربي والتغلغل الشيوعي ‪.‬‬
‫وقد أدت ظروف كثيرة قبل الثورة الفرنسية سنة ‪1789‬م وبعدها إلى انتشارها الواسع‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 152‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫منهجها وأفكارها وقد‬
‫‪All Rights Reserved‬‬ ‫‪for‬‬ ‫‪KFU‬‬ ‫©‬ ‫‪Supporting‬‬‫وتبلور‬
‫‪Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫تطورت األحداث وفق الترتيب التالي‪:‬‬


‫‪ -‬تحول رجال الدين إلى طواغيت ومحترفين سياسيين ومستبدين تحت ستار الرهبانية‬
‫والعشاء الرباني وبيع صكوك الغفران‪.‬‬
‫‪ -‬وقوف الكنيسة ضد العلم وهيمنتها على الفكر وتشكيلها لمحاكم التفتيش واتهام العلماء‬
‫بالهرطقة‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور مبدأ العقل والطبيعة‪ :‬فقد أخذ العلمانيون يدعون إلى تحرر العقل وإضفاء صفات‬
‫اإلله على الطبيعة‪.‬‬
‫‪ -‬الثورة الفرنسية‪ :‬نتيجة لهذا الصراع بين الكنيسة من جهة وبين الحركة الجديدة من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬كانت ولدة الحكومة الفرنسية سنة ‪1789‬م وهي أول حكومة ل دينية تحكم باسم‬
‫الشعب ‪ .‬وهناك من يرى أن الماسون استغلوا أخطاء الكنيسة والحكومة الفرنسية وركبوا‬
‫موجة الثورة لتحقيق ما يمكن تحقيقه من أهدافهم‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 153‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ومن أهم أعالم هذه الحركة في أوروبا‪:‬‬


‫جان جاك روسو سنة ‪ 1778‬م له كتاب‪ (:‬العقد الجتماعي)الذي يُعد إنجيل الثورة‪.‬‬
‫مونتسكيو‪ :‬له كتاب ) روح القوانين )‪.‬‬
‫وسبينوزا‪ :‬الذي يعتبر رائد العلمانية باعتبارها منهجا للحياة والسلوك ‪ ،‬وله كتاب ( رسالة‬
‫في الالهوت والسياسة )‪.‬‬
‫وفولتير‪ :‬صاحب ( القانون الطبيعي (‪.‬‬
‫وكانط‪ :‬وله كتاب ) الدين في حدود العقل وحده ( سنة‪ 1804‬م‪.‬‬
‫ووليم جودين ‪ 1793‬م‪ :‬وله كتاب ( العدالة السياسية )‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى‪ :‬نيتشة ‪ ،‬ودور كايم ‪ ،‬وفرويد ‪ ،‬و كارل ماركس ‪ ،‬وجان بول سارتر‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 154‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫التجاهات العلمانية في العالم العربي واإلسالمي‪ ،‬نذكر نماذج منها‪:‬‬


‫‪ -‬في مصر‪ :‬دخلت العلمانية مصر مع حملة نابليون بونابرت ‪ .‬وقد أشار إليها الجبرتي في‬
‫تاريخه – الجزء المخصص للحملة الفرنسية على مصر وأحداثها – بعبارات تدور حول‬
‫معنى العلمانية وإن لم تذكر اللفظة صراحة ‪.‬أما أول من استخدم هذا المصطلح العلمانية‬
‫فهو نصراني يُدعى إلياس بقطر في معجم عربي فرنسي من تأليفه سنة ‪1827‬م ‪.‬‬
‫وأدخل الخديوي إسماعيل القانون الفرنسي سنة ‪1883‬م‪ ،‬وكان هذا الخديوي مفتونا بالغرب‪،‬‬
‫وكان أمله أن يجعل من مصر قطعة من أوروبا‪.‬‬
‫‪ -‬الهند ‪ :‬حتى سنة ‪1791‬م كانت األحكام وفق الشريعة اإلسالمية ثم بدأ التدرج من هذا‬
‫التاريخ إللغاء الشريعة بتدبير اإلنجليز وانتهت تماما في أواسط القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫‪ -‬الجزائر ‪ :‬إلغاء الشريعة اإلسالمية عقب الحتالل الفرنسي سنة ‪1830‬م‪.‬‬
‫‪ -‬تونس ‪ :‬أدخل القانون الفرنسي فيها سنة ‪1906‬م‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 155‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ -‬المغرب‪ :‬أدخل القانون الفرنسي فيها سنة ‪1913‬م‪.‬‬


‫‪ -‬تركيا‪ :‬لبست ثوب العلمانية عقب إلغاء الخالفة واستقرار األمور تحت سيطرة مصطفى‬
‫كمال أتاتورك‪ ،‬وإن كانت قد وجدت هناك إرهاصات ومقدمات سابقة‪.‬‬
‫‪ -‬العراق والشام‪ :‬أُلغيت الشريعة أيام إلغاء الخالفة العثمانية وتم تثبيت أقدام اإلنجليز‬
‫والفرنسيين فيهما‪.‬‬
‫‪ -‬معظم أفريقيا‪ :‬فيها حكومات نصرانية امتلكت السلطة بعد رحيل الستعمار‪.‬‬
‫‪ -‬إندونيسيا ومعظم بالد جنوب شرقي آسيا‪ :‬دول علمانية‪.‬‬
‫انتشار األحزاب العلمانية والنزعات القومية‪ :‬حزب البعث‪ ،‬الحزب القومي السوري‪ ،‬النزعة‬
‫الفرعونية‪ ،‬النزعة الطورانية‪ ،‬القومية العربية‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 156‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫من أشهر دعاة العلمانية في العالم العربي واإلسالمي‪ :‬أحمد لطفي السيد‪ ،‬إسماعيل مظهر‬
‫‪ ،‬قاسم أمين‪ ،‬طه حسين‪ ،‬عبدالعزيز فهمي‪ ،‬ميشيل عفلق‪ ،‬أنطون سعادة‪ ،‬ومحمد سعيد‬
‫عشماوي‪ ...‬وغيرهم‪.‬‬
‫األفكار والمعتقدات األصلية للعلمانيين في الغرب‪:‬‬
‫‪ -‬بعض العلمانيين ينكرون وجود هللا أصال‪.‬‬
‫‪ -‬وبعضهم يؤمنون بوجود هللا لكنهم يعتقدون بعدم وجود أية عالقة بين هللا وبين حياة‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬الحياة تقوم على أساس العلم المطلق وتحت سلطان العقل والتجريب‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة حاجز سميك بين عالمي الروح والمادة‪ ،‬والقيم الروحية لديهم قيم سلبية‪.‬‬
‫‪ -‬فصل الدين عن السياسة وإقامة الحياة على أساس مادي‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 157‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ -‬تطبيق مبدأ النفعية على كل شيء في الحياة‪.‬‬


‫‪ -‬اعتماد مبدأ الميكافيلية في فلسفة الحكم والسياسة واألخالق‪.‬‬
‫‪ -‬نشر اإلباحية والفوضى األخالقية وتهديم كيان األسرة باعتبارها النواة األولى في البنية‬
‫الجتماعية‪.‬‬
‫معتقدات العلمانيين في العالم اإلسالمي والعربي‪:‬‬
‫‪ -‬الطعن في حقيقة اإلسالم والقرآن والنبوة ‪.‬‬
‫‪ -‬الزعم بأن اإلسالم استنفد أغراضه وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية ‪.‬‬
‫‪ -‬الزعم بأن الفقه اإلسالمي مأخوذ عن القانون الروماني ‪.‬‬
‫‪ -‬الزعم بأن اإلسالم ل يتالءم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف ‪.‬‬
‫‪ -‬الدعوة إلى تحرير المرأة وفق األسلوب الغربي ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 158‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ -‬تشويه الحضارة اإلسالمية وتضخيم حجم الحركات الهدامة في التاريخ اإلسالمي والزعم‬
‫بأنها حركات إصالح ‪.‬‬
‫‪ -‬إحياء الحضارات القديمة ‪.‬‬
‫‪ -‬اقتباس األنظمة والمناهج الالدينية عن الغرب ومحاكاته فيها ‪.‬‬
‫‪ -‬تربية األجيال تربية ل دينية ‪.‬‬
‫وإذا كان هناك عذر ما لوجود العلمانية في الغرب فليس هناك أي عذر لوجودها في بالد‬
‫المسلمين ؛ ألن النصراني إذا حكمه قانون مدني وضعي ل ينزعج كثيرا ول قليال ؛ ألنه ل‬
‫يعطل قانونا فرضه عليه دينه وليس في دينه ما يعتبر منهجا للحياة ‪ ،‬أما مع المسلم فاألمر‬
‫مختلف حيث يوجب عليه إيمانه الحتكام إلى شرع هللا‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 159‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫موقف العلمانيين من عالقة الدين بالدولة في اإلسالم ‪:‬‬


‫تُعد هذه المسألة مركز اهتمام العلمانيين‪ ،‬حيث إن هدفهم األساسي هو فصل الدين عن حياة‬
‫الناس اتباعا للنصارى في الغرب الذين أبعدوا نصرانيتهم عن حياتهم‪ ،‬يريدون أن يرتعوا في‬
‫مرتع من الشهوات البهيمية‪ ،‬ل يحد من ذلك خلق ول دين‪.‬‬
‫ويمكن تحديد األخطاء التي وقع فيها العلمانيون في رؤيتهم لعالقة اإلسالم بالدولة فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬الخلط بين المرجعية ونظام الحكم‪:‬‬
‫لقد خلط العلمانيون سواء عن سوء فهم أو عن سوء قصد بين المرجعية الشرعية للنظم‬
‫السياسية و القتصادية و الجتماعية‪ ،‬و بين تلك النظم بتفصيالتها التي تركها اإلسالم لكل‬
‫عصر بما يناسبه ؛ فرددوا كلمة حق ‪ ،‬وهي‪ :‬أن تفاصيل النظام متروكة للناس و أرادوا بها‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 160‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫باطال ‪ ،‬وهو‪ :‬أن اإلسالم ليس فيه نظام حكم ‪.‬‬


‫والحقيقة أن المرجعية الشرعية لكل النظم هي‪ :‬المبادئ الثابتة التي قررها الشرع الحكيم‪،‬‬
‫وأن النظم هي التفصيل والجتهاد في فقه الواقع مرحليا وفق تلك المبادئ و في إطارها‪.‬‬
‫يقول الدكتور محمد عمارة‪" :‬لقد ضمن النسق اإلسالمي – بالمرجعية والمبادئ الثابتة –‬
‫خلود نظام الحكم اإلسالمي ‪ ،‬وحفظ التواصل الحضاري لطبيعة الدولة اإلسالمية في كل‬
‫زمان ومكان ‪ ،‬وفي الوقت نفسه ضمن هذا النسق – الجتهاد في النظم والتطور في الفقه‬
‫– مواكبة المستجدات‪ ،‬و تلبية المصالح الشرعية المعتبرة ومواكبة األعراف عبر الزمان‬
‫والمكان‪ ،‬وهذا هو سر خلود الشريعة اإلسالمية باعتبارها الشريعة الخاتمة“ ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سوء الفهم للمقصود بالحكومة اإلسالمية ‪:‬‬
‫يرى العلمانيون أن تعبير "الحكومة اإلسالمية" تطبيق للمعنى الكريه للقيادة الدينية كما‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 161‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عرفها الغرب في عصور الظالم باعتبارها مفوضة بالحق اإللهي المقدس ‪ ،‬وأن التسليم بهذا‬
‫المفهوم للحكومة اإلسالمية يضفي على األشخاص صفة القداسة ‪ ،‬ويمنحهم العصمة ‪ ،‬مما‬
‫يجعل كل من يعارض أو يخالف متهما بالكفر والفسوق‪.‬‬
‫والحقيقة أن اإلسالم فرض على أولي األمر الحكم بين الناس بالعدل‪ ،‬و أداء األمانات إلى‬
‫أهلها‪ ،‬ولقاء ذلك فرض على الناس طاعة "أولي األمر" كما أوجب على األمة والدولة‬
‫بسلطاتها كلها الحتكام إلى المرجعية اإلسالمية ( الكتاب و السنة) في كل المنازعات‪ ،‬األمر‬
‫الذي يعني إسالمية المرجعية لسائر سلطات الدولة‪ ،‬وهذا هو جوهر مفهوم إسالمية الدولة‪،‬‬
‫ت ِإلَى‬ ‫َّللا َيأ ْ ُم ُركُ ْم أَن تُؤدواْ األ َ َمانَا ِ‬
‫ومعني الحكومة اإلسالمية في اإلسالم ‪ .‬قال تعالى‪ِ ﴿ :‬إن َ‬
‫اس أَن ت َ ْحكُ ُمواْ ِبا ْلعَ ْد ِل ِإن َّللا َ نِ ِعما يَ ِعظُكُم ِب ِه ِإن َّللاَ كَا َن سَ ِميعاا‬ ‫أ َ ْهل ِ َها َو ِإذَا َحكَ ْمتُم بَ ْي َن الن ِ‬
‫صي ارا (‪ ) 58‬يَا أَي َها الذِي َن آ َمنُواْ أ َ ِطيعُواْ َّللاَ َوأ َ ِطيعُواْ الرسُو َل َوأ ُ ْولِي األ َ ْم ِر ِمنكُ ْم فَإِن‬ ‫بَ ِ‬
‫اآلخ ِر ذَلِكَ َخ ْير‬ ‫عت ُ ْم فِي شَ ْي ٍّء فَ ُردو ُه ِإلَى َّللاِ َوالر ُ‬
‫سو ِل ِإن كُنت ُ ْم ت ُ ْؤ ِمنُو َن ِبالِلِ َوا ْل َي ْو ِم ِ‬ ‫تَنَا َز ْ‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 162‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫س ُن تَأ ْ ِويال ا (‪[ ﴾ ) 59‬النساء‪. ]59- 58:‬‬


‫َوأ َ ْح َ‬
‫‪- 3‬ادعاء أن الدولة اإلسالمية التي تطبق الشريعة دولة دينية ل مدنية ‪:‬‬
‫وهذا خلط آخر بين مفهوم الدولة الدينية كما عرفتها أوروبا المسيحية على‬
‫أيدي القساوسة والرهبان ‪ ،‬وبين الدولة اإلسالمية عندما تتخذ من كتاب هللا‬
‫وسنة رسوله مصدرا للنظم والقوانين الحاكمة لحركة الحياة ‪.‬‬
‫والحقيقة أن مدنية الدولة ل ينتقص منها أن تكون مرجعيتها الدين‪ ،‬وخاصة‬
‫عندما يكون هذا الدين هو اإلسالم الذي يتناول بالتدبير والتأطير كل ميادين‬
‫العمران ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 163‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 4‬ادعاء أن الحكم بالشريعة مقصور فقط على الرسول ‪: r‬‬


‫يزعم العلمانيون أن الحكومة التي أقامها النبي ‪ r‬بالمدينة كانت حكومة هللا ‪ ،‬وهي خاصة‬
‫بالنبي ‪ ، r‬مثلها في الختصاص كمثل النبوة والرسالة تنتهي وتطوى صفحاتها بوفاة النبي‬
‫‪ ، r‬وكما أنه ل امتداد للنبوة والرسالة بعد النبي ‪ r‬؛ فكذلك حكومته ل امتداد لها بعده‪.‬‬
‫والحقيقة أن هذا الزعم ينم عن جهل بعقيدة الستخالف التي جعل هللا تعالى اإلنسان بموجبها‬
‫مستخلفا في إقامة حكم هللا وإقامة دين هللا وإقامة حاكمية هللا ‪ ،‬وهو في إقامته لها يجتهد في‬
‫إطار الوحي اإللهي والبيان النبوي لهذا الوحي ‪ ،‬هكذا دائما وأبدا وفي كل مناحي الحياة ‪.‬‬
‫وعلى هذا فإن حاكمية هللا في الشريعة إنما يحكم بها ويقضي بها ويسوس بها الناس أولئك‬
‫المستخلفون هلل في إقامة هذه الحاكمية ‪ .‬فالقول بأن إقامة هذه الحاكمية ينقضي بانقضاء حياة‬
‫الرسول فساد في الفكر وجهل بالدين ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 164‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫لماذا يرفض اإلسالم العلمانية‪:‬‬


‫‪ - 1‬ألنها تغفل طبيعة اإلنسان البشرية باعتباره مكونا من جسم وروح فتهتم بمطالب جسمه‬
‫ول تلقي اعتبارا ألشواق روحه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ألنها نبتت في البيئة الغربية وفقا لظروفها التاريخية والجتماعية والسياسية وتعتبر فكرا‬
‫غريبا في بيئتنا الشرقية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ألنها تفصل الدين عن الدولة فتفتح المجال للفردية والطبقية والعنصرية والمذهبية‬
‫والقومية والحزبية والطائفية ‪.‬‬
‫‪- 4‬ألنها تفسح المجال لنتشار اإللحاد وعدم النتماء والغتراب والتفسخ والفساد والنحالل‪.‬‬
‫‪ - 5‬ألنها تجعلنا نفكر بعقلية الغرب‪ ،‬فال ندين العالقات الحرة بين الجنسين وندوس على‬
‫أخالقيات المجتمع ونفتح األبواب على مصراعيها للممارسات الدنيئة‪ ،‬وتبيح التعامل بالربا‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 165‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وتعلي من قدر الفن للفن‪ ،‬ويسعى كل إنسان إلسعاد نفسه ولو على حساب غيره ‪.‬‬
‫‪ - 6‬أنها تنقل إلينا أمراض المجتمع الغربي من إنكار الحساب في اليوم اآلخر ومن ثم تسعى‬
‫ألن يعيش اإلنسان حياة متقلبة منطلقة من قيد الوازع الديني‪ ،‬مهيجة للغرائز الدنيوية كالطمع‬
‫والمنفعة وتنازع البقاء ويصبح صوت الضمير عدما ‪.‬‬
‫‪ - 7‬مع ظهور العلمانية يتم تكريس التعليم لدراسة ظواهر الحياة الخاضعة للتجريب‬
‫والمشاهدة وتُهمل أمور الغيب من إيمان باهلل والبعث والثواب والعقاب‪ ،‬وينشأ بذلك مجتمع‬
‫غايته متاع الحياة وكل لهو رخيص ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 166‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الخالصة‪:‬‬
‫أن العلمانية دعوة إلى إقامة الحياة على أسس العلم الوضعي والعقل بعيدا عن الدين الذي يتم‬
‫فصله عن الدولة وحياة المجتمع وحبسه في ضمير الفرد ول يصرح بالتعبير عنه إل في‬
‫أضيق الحدود‪.‬‬
‫وعلى ذلك فإن المسلم ل يؤمن بالعلمانية بديال عن الدين ول يقبل موقفها من تحكيم الشرعية‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬ألن المسلم يحرم ما حرم هللا‪ ،‬ويلتزم أوامره في كل مناحي الحياة‪.‬‬
‫وأن ال اعلمانية بفتح العين نسبة للعالم‪ ،‬حيث تقوم العلمانية على العتراف بوجود العالم‬
‫المادي المحسوس الذي نعيش فيه فقط‪ ،‬وعدم اإليمان بعالم آخر وراء هذا العالم‪ ،‬هو عالم‬
‫الغيب‪.‬‬
‫وأن األسباب التي أدت إلى بروز العلمانية في المجتمع الغربي‪ ،‬لم يكن لها وجود ألبتة في‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 167‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الشرق اإلسالمي وأن األخطاء التي وقع فيها العلمانيون في رؤيتهم لعالقة اإلسالم بالدولة‬
‫هي‪ :‬الخلط بين المرجعية ونظام الحكم ‪،‬وسوء الفهم للمقصود بالحكومة اإلسالمي‪ ،‬وادعاء‬
‫أن الدولة اإلسالمية التي تطبق الشريعة دولة دينية ل مدنية‪ ،‬وادعاء أن الحكم بالشريعة‬
‫مقصور فقط على الرسول ‪. r‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 168‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة الثانية عشرة‬

‫الصهيونية‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 169‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة الثانية عشرة‬


‫أولا‬
‫التعريف بالصهيونية‬
‫ثانيا ا‬
‫نشأة الصهيونية‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 170‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫التعريف بالصهيونية‪:‬‬
‫صهيونية ‪ :‬نسبة إلى صهيون‪ ،‬وهو جبل يقع جنوب بيت المقدس‪ .‬وتعني لفظة صهيون عند اليهود‬
‫أرض الميعاد‪ .‬فاشتقت الصهيونية من اسم (جبل صهيون) في القدس حيث ابتنى داود قصره بعد‬
‫انتقاله من حبرون (الخليل) إلى بيت المقدس في القرن الحادي عشر قبل الميالد بحسب تراثهم‬
‫التلمودي‪ ،‬وهذا السم يرمز إلى مملكة داود وإعادة تشييد هيكل سليمان من جديد بحيث تكون القدس‬
‫عاصمة لها‪ .‬و كلمة صهيون كما فسرها اليهود أيضا ا لها معان ثالثة‪ :‬مدينة الملك األعظم‪،‬واسم‬
‫حصن سماه نبي هللا داود‪ ،‬واسم جبل يقع في جنوب القدس‪.‬‬
‫ولهذا سميت الحركة الصهيونية بهذا السم نسبة إلى جبل صهيون في القدس‪ ،‬وقامت بين يهود‬
‫روسيا في أواسط القرن ‪" 19‬حركة أحباء صهيون" أو الصهيونية‪.‬‬
‫إن كلمة "صهيون" في أصلها كلمة كنعانية أطلقت على الجبل الشرقي في مدينة القدس‪ .‬وقد وردت‬
‫كلمة "صهيون" في التوراة اثنتين وخمسين ومائة مرة على أنها المدينة المقدسة‪ ،‬كما وردت سبع‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 171‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫مرات بالمعنى نفسه في العهد الجديد ‪.‬‬


‫أما المفهوم السياسي للصهيونية؛ فهو أنها‪ :‬الفلسفة القومية لليهود التي أخذ اليهود تعاليمها‬
‫من التوراة والتلمود الذي سيطر هو والبروتوكولت على الصهاينة سيطرة كاملة فيسيرون‬
‫على مخططاتهما‪ ،‬جاعلين مبدأ استهجان الغير مبدأهم األول‪.‬‬
‫فالصهيونية‪ :‬حركة توسعة سياسية عنصرية متطرفة تهدف إلى استعمار فلسطين عن‬
‫طريق توطين عنصر سكاني غريب عنها‪ ،‬بل تهدف ‪-‬بعبارة أخرى–إلى "تهجير بعض‬
‫أعضاء الجماعات اليهودية إلى فلسطين وتوطينهم فيها"‪.‬‬
‫وقد كان اختيار الحركة لفلسطين بسبب أهميتها في الستراتيجية اإلمبريالية الغربية‪،‬‬
‫وإلمكانية توظيف التراث الديني اليهودي لجذب اليهود إلى "العودة إلى أرض األجداد"‪،‬‬
‫وفق التصور التوراتي‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 172‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫نشأة الصهيونية‪:‬‬
‫الصهيونية قديمة قدم التوراة نفسها وتعاليم التلمود‪ ،‬وهما اللذان أججا الروح القومية عند‬
‫هيتزل فإنما ه تجديد‬ ‫اليهود منذ أيامهما األوىل‪ .‬أما ما قام به اليهودي النمساوي تيودور ر‬
‫وتنظيم للصهيونية القديمة ‪ ،‬ولهذا ارتبطت نشأة الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية‬
‫هيتزل الذي ُيعد الداعية األول للفكر الصهيون الحديث والمعارص‪ ،‬وتقوم عىل آرائه‬ ‫ر‬
‫هيتزل أن الصهيونية ه العودة إىل الحياة‬ ‫الحركة الصهيونية ف العالم‪ .‬ويرى تيودور ر‬
‫اليهودية قبل أن تكون عودة إىل أرض صهيون‪.‬‬
‫وقد كان أول ظهور لمصطلح الصهيونية سنة ‪ 1890‬م عىل يد الكاتب اليهودي (ناثان‬
‫برونباوم) ؛ ف مقالة له منشورة ف مجلة "التحرر الذات"‪ ،‬ثم استعاده مرة أخرى ف كتاب‬
‫له بعنوان "اإلحياء القوم للشعب اليهودي ف وطنه كوسيلة لحل المشكلة اليهودية" سنة‬
‫‪ 1893‬م‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 173‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 1‬مؤتمر بازل عام ‪ 1897‬م ونشأة الحركة الصهيونية‪:‬‬


‫وفي العام ‪1896‬م قام الصحفي اليهودي (تيودور هيرتزل) بنشر كتاب اسمه (دولة اليهود)؛‬
‫وفيه طرح فكرة الالسامية؛ وكيفية عالجها؛ وهو إقامة وطن قومي لليهود‪ .‬وفي العام‬
‫‪1897‬م نظم هيرتزل أول مؤتمر صهيوني في مدينة (بازل) السويسرية؛ وحضره ‪200‬‬
‫مفوض؛ حيث صاغوا برنامج بازل؛ الذي سيظل هو برنامج الحركة الصهيونية‪.‬‬
‫نجح هيرتزل في الترويج لفكرة العودة إلى فلسطين وإقامة وطن لليهود هناك‪ ،‬وتبلور ذلك‬
‫النجاح في عقد المؤتمر الصهيوني األول في مدينة بازل بسويسرا عام ‪1897‬م وكان من‬
‫أهم نتائجه‪ :‬إقامة "المنظمة الصهيونية العالمية" لتنفيذ البرنامج الصهيوني الذي ينص على‬
‫أن "هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام“‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 174‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عقد المؤتمر أخيرا في بازل (‪ 31- 29‬آب ‪-‬أغسطس‪1897-‬م)‪،‬وحضره ‪ 204‬أعضاء من‬


‫اليهود‪ ،‬يمثلون ‪ 15‬دولة‪ ،‬وترأس هيرتزل المؤتمر‪ .‬وحدد المؤتمر الوسائل الكفيلة‬
‫لتحقيق هذه الغاية بما يلي‪:‬‬
‫أـ تعزيز الستيطان في فلسطين باليهود المزارعين‪ ،‬والحرفيين‪ ،‬والمهنيين‪ ،‬وبناء على‬
‫قواعد صالحة‪.‬‬
‫ب ـ تنظيم اليهود كافة‪ ،‬وتوحيدهم بواسطة إنشاء المؤسسات المحلية والعامة المالئمة‪ ،‬وفقا‬
‫للقوانين السارية في كل بلد‪.‬‬
‫ج ـ تقوية الشعور اليهودي القومي والضمير القومي‪.‬‬
‫د ـ اتخاذ الخطوات التحضيرية للحصول على موافقة الحكومات‪ ،‬التي يجب الحصول عليها‪،‬‬
‫لتحقيق هدف الصهيونية‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 175‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وقد أكد هيرتزل نفسه ‪ -‬أن الهدف هو إقامة دولة إسرائيل ‪ -‬هذه الحقيقة في مذكراته بقوله‪:‬‬
‫"لو أردت أن ألخص مؤتمر بازل بكلمة واحدة‪ ،‬وهي كلمة سأحرص على أل أتلفظ بها‬
‫علنا‪ ،‬لقلت‪" :‬في مؤتمر بازل أرسيت أسس الدولة اليهودية"‪.‬‬
‫كان مؤتمر بازل انعطافا أساسيا في تاريخ الحركة الصهيونية‪ ،‬ولكنه ‪ -‬على الرغم من ذلك‬
‫‪ -‬مجرد خطوة على طريق طويل‪ ،‬وهكذا توجهت الحركة الصهيونية‪ ،‬بعد ذلك‬
‫المؤتمر‪ ،‬للعمل على جبهتين بوقت واحد‪ :‬الجبهة الداخلية بهدف استكمال تنظيماتها‬
‫وكسب ولء اليهودية العالمية‪ ،‬والجبهة الخارجية بهدف كسب تأييد حركة الستعمار‬
‫األوروبي العالم‪ .‬فأنشأت المنظمة الصهيونية العالمية‪.‬‬
‫‪ - 2‬المنظمة الصهيونية العالمية‪:‬‬
‫سست المنظمة الصهيونية العالمية عام ‪1897‬م في المؤتمر الصهيوني األول‪ .‬كان اسمها‬ ‫أُ ِ ّ‬
‫في البداية «المنظمة الصهيونية» وحسب (ولكن السم عُ ّدِل عام ‪1960‬م ليصبح المنظمة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 176‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الصهيونية العالمية)‪ .‬وع ُِرفت المنظمة عند تأسيسها بأنها‪ :‬اإلطار التنظيمي الذي يضم كل‬
‫اليهود الذين يقبلون برنامج بازل ويسددون رسم العضوية (الشيقل)‪ ،‬وقد أنيطت بها‬
‫مهمة تحقيق األهداف الصهيونية التي جسدها برنامج بازل‪ ،‬وعلى رأسها إقامة وطن‬
‫قومي لليهود في فلسطين "يضمنه القانون العام" وهي عبارة تعني في واقع األمر‪:‬‬
‫"تضمنة القوى الستعمارية في الغرب ‪ ،‬وكانت المنظمة بميلة هيئة رسمية تمثل‬
‫الحركة الصهيونية ف مفاوضاتها مع الدول االستعمارية الرئيسية آنذاك من أجل‬
‫ً‬ ‫لتبن ر‬ ‫استمالة إحداها ِ‬
‫المشوع الصهيون‪ ،‬وكانت إطارا لتنظيم العالقة رين الصهاينة‪.‬‬
‫ولتنفيذ مخططها االستيطات والتوطين عملت المنظمة عىل إنشاء عدد من‬
‫المشوع الصهيوت‪ ،‬كان من أهمها صندوق االئتمان‬ ‫المؤسسات المالية لتمويل ر‬
‫اليهودي لالستعمار‪،‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 177‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وفي عام ‪1901‬م‪ ،‬أسست المنظمة الصندوق القومي اليهودي (كيرين كايميت) بهدف توفير‬
‫األموال الالزمة لشراء األراضي في فلسطين ونص القانون األساسي لهذا الصندوق على اعتبار‬
‫األراضي التي يشتريها ملكية أبدية للشعب اليهودي ل يجوز بيعها أو التفريط فيها‪.‬‬
‫وقد نمت المنظمة الصهيونية خالل سنواتها األولى؛ فمع انعقاد المؤتمر الصهيوني السادس عام‬
‫‪1903‬م‪ ،‬بلغ عدد األعضاء المشاركين فيه ‪ 600‬عضوا‪ ،‬وازداد عدد الجمعيات الصهيونية إلى‬
‫‪ 1572‬جمعية موزعة على بالد مختلفة‪ .‬وقد وصل األعضاء عشية الحرب العالمية الثانية‬
‫(‪1939‬م) إلى مليون عضو‪.‬‬
‫وبعد صدور وعد بلفور‪ ،‬انتقل مركز المنظمة إلى لندن‪ :‬مركز الثقل اإلمبريالي في العالم‪ ،‬وبعد‬
‫استقرار المؤسسات الستيطانية في فلسطين التي ُو ضعت تحت حكم النتداب عام ‪1921‬م‪،‬‬
‫انتقلت المنظمة إلى القدس وإن ظلت لندن مقر رئيس المنظمة وبعض أعضاء اللجنة التنفيذية‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 178‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عملت المنظمة الصهيونية العالمية بجد منذ صدر قرار تأسيسها في المؤتمر الصهيوني‬
‫األول عام ‪1897‬م على إقامة وطن لليهود‪ ،‬وهو ما تحقق على أرض فلسطين عام‬
‫‪1948‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬دولة إسرائيل الصهيونية ومسؤولية الغرب التاريخية‪:‬‬
‫لقد خططت بريطانيا لتجميع اليهود في فلسططين تحطت الحمايطة البريطانيطة‪ .‬وقطد صطرح بطذلك‬
‫توماس كالرك في كتابه "الهند وفلسطين" عام ‪ 1861‬م فقال‪" :‬إن بعث األمة اليهودية سوف‬
‫ينعش بني إسرائيل ويعود علينا بأفضل المنافع قاطبة‪ .‬ومن المؤكد أن احتالل اليهود لفلسطين‬
‫تحت حماية بريطانيا يجب أن يكون بمثابة الضرورة القصوى على اإلطالق"‪.‬‬
‫وبموجططب قططرار اتخذتططه عصططبة األمططم ت ط ّم فططرض "النتططداب البريطططاني" علططى فلسطططين سططنة‬
‫‪ 1922‬م‪ ،‬وقسمت بموجبطه أرض فلسططين‪ ،‬وعومطل الغربطاء اليهطود بحفطاوة واهتمطام خطاص‬
‫وهم الذين لم يتجاوز تعدادهم الـ"‪ "% 7‬حسطب إحصطائيات األمطم المتحطدة‪ ،‬فقسطم القطرار غيطر‬
‫العادل‬
‫مركز الدراسات المساندة‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 179‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫فلسططين بالتسططاوي بططين اليهطود والسططكان األصططليين بعدددما شدكل وعددد بلفددور سددنة ‪ 1917‬م‪،‬‬
‫الركيددزة األساسددية فددي تنفيددذ المشددروع الصددهيوني‪ ،‬حيددث أشددار الوعددد إلددى أن الحكومددة‬
‫البريطانية " تنظر بعين العطف إلدى تأسديس وطدن قدومي للشدعب اليهدودي فدي فلسدطين"‪،‬‬
‫وأنها "ستبذل غاية جهدها لتحقيق هذه الغاية"‪.‬‬
‫ووافق الكونغرس األمريكي في نفس السنة على قرار النتداب تحت يافطة "ضرورة إنشاء‬
‫وطن قومي لليهود"‪ ،‬واستمر في دعم إيجاد وإمداد الكيان اليهودي إلى اليوم سرا وعالنية‪.‬‬
‫وأورد صاحب كتاب "ثمن إسرائيل‪ ،‬كتاب أسرار المؤامرات الصهيونية في أروقة األمم‬
‫المتحدة" أنه في سنة ‪1945‬م‪ ،‬اتخذ الكونغرس قرارا آخر بالموافقة على فتح أبواب‬
‫فلسطين أمام اليهود والسماح لهم باستغالل أقصى إمكانات البالد الزراعية والقتصادية‬
‫ليتمكنوا من المباشرة بحرية مطلقة في إعداد فلسطين لكي تصبح وطنا قوميا لليهود‪ ،‬وقد‬
‫جاء قرار الكونغرس هذا أكثر شمول من التعهد الوارد في وعد بلفور وصك‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 180‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫النتداب الذي أقرته عصبة األمم‪.‬‬


‫وتحقق المشروع الصهيوني سنة ‪1947‬م عندما اتخذت األمم المتحدة قرارها رقم ‪181‬‬
‫الداعي إلى إنشاء دولتين في فلسطين‪ ،‬األولى يهودية والثانية عربية‪ .‬وأما على أرض الواقع‬
‫فنجح اليهود في اإلعالن عن "دولتهم" اليهودية يوم ‪ 14‬مايو ‪1948‬م‪ ،‬وأخذت مختلف‬
‫الدول المؤيدة لها بالعتراف بها ومساندتها؛ أما الفلسطينيون فال بواكي لهم‪.‬‬
‫ولهذا فالصهيونية مشروع ُولد وترعرع في كنف الستعمار‪ ،‬وقد طرح تيودور هيرتزل‪،‬‬
‫زعيم الصهيونية ومنظم المؤتمر الصهيوني األول‪ ،‬فكرة الستعانة بإحدى الدول الكبرى‬
‫كجزء ل يتجزأ من المشروع‪ ،‬مع إمكانية دراسة أي الدول أصلح للقيام بهذا الدور‪ ،‬وكذلك‬
‫إمكانية استخدام تكتيك اللعب على الحبلين‪ .‬وقد قامت بريطانيا بهذا الدور‪ ،‬ثم مألته الوليات‬
‫المتحدة بعد ذلك‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 181‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة الثالثة عشرة‬

‫تابع الصهيونية‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 182‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة الثالثة عشرة‬


‫أولا‬
‫أهم األسس التي قامت عليها الصهيونية‬
‫ثانيا ا‬
‫أبرز الشخصيات التي أسهمت في التأسيس للصهيونية‬
‫ثالثا ا‬
‫األثر في الواقع المعاصر وأنشطة الصهيونية المختلفة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 183‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أهم األسس التي قامت عليها الصهيونية‪:‬‬


‫تحاول الصهيونية أن تدعم وجودها وكيانها على عدة دعائم‪ ،‬وتبني على هذه‬
‫الركائز وجودها‪ ،‬ومن أهم هذه الركائز‪:‬‬
‫أولا ‪ :‬الستيطان في فلسطين (امتالك فلسطين)‪:‬‬
‫والصهيونية العالمية تؤكد هذا مرارا وتكرارا‪ ،‬بل هي الركيزة األولى التي بنت‬
‫عليها الصهيونية قيامها‪ ،‬وهي ل تدعي امتالك فلسطين فحسب‪ ،‬بل فلسطين وما‬
‫جاورها من البلدان‪ ،‬وهذا ما توضحه كلمتهم السافرة إسرائيل من النيل إل ى‬
‫الفرات‪ .‬وهذا ما أكدته في مؤتمرها األول بزعامة هيرتزل‪( :‬إن هدف‬
‫الصهيونية هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين)‪.‬‬
‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 184‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ثانيـاا ‪ :‬فكرة المسيح المنتظر‪:‬‬


‫تُعد فكرة المسيح المنتظر إحدى أهم الركائز والمقومات التي تقوم عليها دولة بني‬
‫صهيون‪ ،‬ومن ثم فإنهم يعملون على قيام دولتهم تمهيداا لظهور المسيح المنتظر؛ فقيام‬
‫الدولة مقدم على ظهوره‪ ،‬وشرط له‪ ،‬ومن ثم فإنهم يعملون على ذلك العمل الخبيث‪ ،‬وقد‬
‫استطاعوا أن يخدعوا النصارى في ذلك وأوهموهم أن ا‬
‫كال منهما ينتظر المسيح وقيام‬
‫دولتهم شرط لظهور مسيحيهما؛ فعملوا جميعـاا جاهدين على ذلك‪.‬‬
‫غير أن دارسي الدين اليهودي يؤكدون أن الرتباط اليهودي بالعودة إلى األرض المقدسة‬
‫هو ارتباط توراتي مشروط‪ ،‬إذ إن الدين اليهودي يحرم العودة إلى أرض الميعاد‪ .‬بمعنى أن‬
‫الهجرة اليهودية من الشتات إلى فلسطين كانت محظورة بأمر ديني‪ ،‬حيث كانت العودة‬
‫المخلص الذي سيأتي في آخرة األيام‪ ،‬وبالرغم من‬
‫ِ‬ ‫مرتبطة بظهور شخصية المسيح‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 185‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الصلوات المشار إليها‪ ،‬إل أنها لم ترتبط بأي مجهود فعلي للهجرة‪ ،‬ولم تكن المحاولت‬
‫الفردية للهجرة تلقى أي قدر من الستحسان لدى اليهود‪ ،‬كما أن مفاهيم الحرية‬
‫السياسية والستقالل والسيادة‪...‬لم تكن تخطر لهم على بال‪.‬‬

‫ثالثـاا‪ :‬السيطرة المطلقة على العالم كله‪:‬‬


‫لقد دفعتهم تعاليمهم المزيفة التي غصت بها توراتهم المحرفة‪ ،‬إلى السعي الدائم والعمل‬
‫الحثيث للسيطرة على العالم كله‪ ،‬وتسخيره لخدمة بني صهيون "شعب هللا المختار! " ولم‬
‫يكن هذا األمر ـ السيطرة على العالم ـ يغيب عن أذهانهم‪ ،‬حتى في فترات الضطهاد؛ بل‬
‫كان ذلك دافعـا لهم للعمل على سيطرة العالم‪ ،‬ألنهم يرون أن هذا حق لهم‪ ،‬أمرتهم به‬
‫توراتهم‪ ،‬وأكد عليه تلمودهم‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 186‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫إن بروتوكولت حكماء صهيون تنص على أن الوصول إلى وطن قومي لليهود هو بداية‬
‫العمل على السيطرة على العالم بأسره‪ ،‬وما العولمة السياسية تحت شعار (النظام‬
‫العالمي الجديد) ‪ ،‬والعولمة التجارية والقتصادية والثقافية والجتماعية بشقها السلبي إل‬
‫خير شاهد على حياة هذا المعنى في نفوس الصهاينة اليوم؛ فتجدهم يسلكون كل السبل‬
‫التي تخطر على بالك والتي ل تخطر لتحقيق أهدافهم‪.‬‬
‫ولعل من أبرز جهودهم في تحقيق هذا الهدف‪:‬‬
‫‪ - 1‬العمل على تحريف األديان السماوية‪.‬‬
‫‪ - 2‬إغراق أتباعها في الشبهات والشهوات وخاصة المسلمين‪.‬‬
‫‪ - 3‬سعيهم في تمزيق وحدة األمة اإلسالمية ببعث الروح القومية في شعوبها‪.‬‬
‫‪ - 4‬تبني الفرق الباطنية وتهيئة الظروف المناسبة لبروزها في حياة المسلمين لتمزيقهم إلى‬
‫طوائف متناحرة‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 187‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 5‬استغالل قوتهم اإلعالمية في فرض وجودهم بين الشعوب تحت شعار( التسامح‪،‬‬
‫المساوة‪ ،‬اإلخاء)‪.‬‬
‫‪ - 6‬هدم المجتمعات من خالل زعزعة كيان األسرة‪.‬‬
‫‪ - 7‬تطبيع العالقات ليضمنوا زوال كل المعوقات ألهدافهم‪.‬‬
‫‪ - 8‬زرع المنظمات والجمعيات السرية في المجتمعات‪.‬‬
‫‪ - 9‬التدخل في المناهج التعليمية في الدول ومحاولة تغييرها‪.‬‬
‫‪ - 10‬إثارة القالقل والضطرابات الداخلية في الدول اإلسالمية بتشجيع التغريب والفكر‬
‫التغريبي والتيارات الفكرية والسياسية التي تحقق الصراع في المجتمع وتبعده عن قيمه‬
‫ومبادئه اإلسالمية اعتقادا وفكرا وممارسة‪.‬‬
‫‪ - 11‬إرهاب كل من يعترض طريق مخططاتهم حتى ولو أدى ذلك إلى التصفية الجسدية‪ ،‬أو‬
‫انتهاك سيادة الدول اإلسالمية وقصف أهداف محددة داخلها بحجة المحافظة على كيان الدولة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 188‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الصهيونية وحماية أمنها القومي‪.‬‬


‫أبرز الشخصيات التي أسهمت في التأسيس للصهيونية‪:‬‬
‫الحاخام تسفي هيرش كاليشر (‪1874-1795‬م)‪ :‬نشر أفكاره في كتاب بعنوان "البحث عن‬
‫صهيون" سنة ‪1862‬م‪ ،‬وهو أكثر كتبه شهرة والذي يدعو فيه لعقد مؤتمر عام لوجهاء‬
‫اليهود‪ ،‬بهدف تأسيس "جمعية لستيطان أرض إسرائيل"؛ تكون مهمتها الرئيسة تمويل‬
‫عملية استيطان اليهود في فلسطين وإقامة كيان لهم فيها‪.‬‬
‫وقد وضح في كتاباته ثالث نقاط رئيسة‪ ،‬هي‪( :‬خالص اليهود كما تنبأ األنبياء به‪ ،‬ويمكن‬
‫أن يتم بوسائل طبيعية‪ ،‬أي بمجهود اليهود أنفسهم‪ ،‬من دون أن يتطلب ذلك مجيء المسيح ‪-‬‬
‫الستيطان في فلسطين يجب أن يتم بدون تأخير‪ -‬إحياء التضحيات في األرض المقدسة مباح‬
‫وضرورة)‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 189‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫موشيه ليلنبولم (‪ 1910 – 1843‬م)‪ :‬دعا ليلنبولم إلى استغالل الضغوط‪ ،‬التي يتعرض لها‬
‫اليهود في روسيا لتوجيه المهاجرين منهم إلى فلسطين بالذات ليقيموا مستوطناتهم هناك‬
‫كبداية إلقامة دولة يهودية في البلد‪ .‬نشر مقالته في كتاب بعنوان "حول بعث اليهود على‬
‫أرض بالد آبائهم"‪ .‬انضم ليلنبولم إلى حركة هواة صهيون‪ ،‬فانتخب فيما بعد لعضوية‬
‫لجنتها التنفيذية‪ ،‬وساهم في العمل من أجل دعم المستوطنات التي أقامتها الحركة في‬
‫فلسطين‪ .‬وفي مرحلة لحقة‪ ،‬انضم إلى الحركة الصهيونية‪ ،‬ودخل في نزاع مع هيرتزل‬
‫حول مفهوم للصهيونية‪ ،‬داعيا إلى دمج التيارين السياسي والعملي‪ ،‬اللذين سيطرا على‬
‫الصهيونية‪.‬‬
‫يهودا ليف بينسكر (‪ 1891 – 1821‬م)‪:‬ألف كتاب "التحرير الذاتي" وضح فيه أنه ل يمكن‬
‫لليهود أن يتأقلموا في دولة ماضنة ‪ ،‬لذا يتوجب عليهم إنشاء موطن يمكنهم العيش فيه‪،‬‬
‫وعارض بشدة فكرة أن يهود الغرب الذين عاشوا تلك الفترة‪ ،‬أن يعذبوا بصمت وأن‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 190‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ينتظروا مجيء المسيح‪ .‬وكان بينسكر من أعضاء المؤتمر الذين أسسوا "حيفات تسيون"‪،‬‬
‫والتي حافظت على التصال مع بقية الحركات األخرى‪ ،‬وعقد المؤتمر الذي رأسه بينسكر‬
‫ووضح فيه على أهمية وضرورية إيجاد أرض لتجمع جميع اليهود‪ ،‬ولكنه لم يطرح فكرة‬
‫الستيطان وفكرة استقالل الشعب اليهودي خوفا من تراجع اليهود الغربيين‪.‬‬
‫موشيه هس (‪ 1875 – 1812‬م)‪ :‬له كتاب "روما والقدس" صدر سنة ‪ 1862‬م‪ ،‬وهو‬
‫كتابه الذي اشتهر به وأودعه آراءه الصهيونية وإن يكن عنوانه ل ينبئ كثيرا بمضمونه؛‬
‫فقد طالب بتأسيس مستعمرات يهودية "تمتد من السويس إلى القدس‪ ،‬ومن ضفتي نهر‬
‫األردن إلى ساحل البحر المتوسط"‪ ،‬وتكون تمهيدا للدولة اليهودية‪ ،‬وككل المفكرين‬
‫الصهيونيين اتصف فكر هس بالنزعة الستعالئية العنصرية والستعمارية الصارخة‪،‬‬
‫مدعيا بأن اليهود المعاصرين قد اختيروا ليكونوا "مجرى حيا للمواصالت بين القارات‬
‫الثالث" واتصفت نظرته إلى المسيحية واإلسالم بالتعصب‪ ،‬وبإنكار ما تحمالن من قيم‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 191‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫إنسانية‪ .‬كما نظر إلى الشعب العربي (وشعوب العالم األفروـ آسيوي) نظرة استعمارية‬
‫فريدة‪ ،‬فاعتبره مجموعة قبائل متوحشة‪.‬‬
‫ويالحظ وجود أوجه شبه عديدة في اآلراء والمعتقدات التي يوردها هس في "روما والقدس"‬
‫وبين ما أورده هيرتزل في كتابه "دولة اليهود" الذي نشر بعد ‪ 34‬سنة من نشر كتاب‬
‫هس‪ ،‬وكانت آراء هس كامنة في حالة ركود‪ ،‬خالل ما يقارب من عشرين سنة‪ ،‬إلى أن‬
‫قدر لها أن تبعث ثانية‪ ،‬وتجد من يتبناها ويضيف عليها ويطورها مع بداية الهجرة‬
‫اليهودية من روسيا‪ ،‬في مطلع الثمانينات من القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫تيودور هيرتزل (‪ 1904 - 1860‬م)‪ :‬أسس الحركة الصهيونية‪ .‬وفي سنة ‪ 1897‬م أقام‬
‫المؤتمر الصهيوني األول في بازل‪ ،‬وقد كان هذا الجتماع الصهيوني األول في كل‬
‫المهاجر‪ ،‬وقد خطب هيرتزل الخطبة الفتتاحية‪ ،‬في هذا المؤتمر وضعت األسس إلقامة‬
‫المنظمة الصهيونية العالمية‪ ،‬وحددت "خطة بازل" والتي بها ُح ِد ادت أهداف الصهيونية‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 192‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫البارون روتشيلد (‪1935-1845‬م)‪ :‬وهو الملقب ب"المتبرع المعروف"‪ ،‬ويعتبر أبا‬


‫الستيطان اليهودي في فلسطين‪ ،‬منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر الميالدي‪.‬‬
‫حاييم وايزمن (‪ 1952 – 1847‬م)‪ :‬كلف المؤتمر الصهيوني الثاني حاييم وايزمان بتشكيل‬
‫الوفد الروسي لحضور المؤتمر‪ ،‬وفي سنة ‪1901‬م كلفه بحمل اليهود على شراء أسهم البنك‬
‫اليهودي الدولي وبنك الستعمار اليهودي‪ ،‬وبزغ نجمه داخل المؤتمر‪ ،‬واختير عضوا في‬
‫الحركة الصهيونية‪.‬‬
‫رفض وايزمان فكرة اختيار أوغندا مكانا ا بديال ا لليهود ينشئون عليه دولتهم بعيدا ا عن‬
‫فلسطين‪ ،‬ولعب الدور األهم في استصدار وعد بلفور سنة ‪1917‬م‪ ،‬وانتخبه المؤتمر‬
‫الصهيوني الذي عقد في لندن سنة ‪ 1920‬م رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية‪ ،‬وظل يشغل‬
‫هذا المنصب حتى سنة ‪1946‬م‪ ،‬وفي سنة ‪1947‬م‪ ،‬اتفق وايزمان ورئيس الوليات المتحدة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 193‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫األمريكية ترومان على خطة التقسيم التي ستعمل الوليات المتحدة بثقلها على إقرارها في‬
‫داخل أروقة األمم المتحدة‪ ،‬واتفق معه على أن صحراء النقب ستكون تابعة إلسرائيل بعد‬
‫أن أثبتت األبحاث العلمية وجود المياه الجوفية بها‪ ،‬وعلى أن يكون إلسرائيل منفذ على‬
‫البحر األحمر‪ .‬وصدر قرار التقسيم بالفعل في ‪1947/11/29‬م ‪.‬‬
‫زئيف فالديمير جابوتنسكي (‪ 1940- 1880‬م)‪ :‬عمل على المشاركة في تأسيس الصندوق‬
‫القومي اليهودي والفيلق اليهودي‪ ،‬وفي عام ‪ 1921‬أصبح عضوا في اللجنة التنفيذية‬
‫للمنظمة الصهيونية العالمية‪ ،‬واستقال في عام ‪1923‬م وأسس حركة بيتار‪ ،‬وفي عام‬
‫‪1925‬‬
‫أسس في باريس "اتحاد الصهيونيين اإلصالحيين " واشتهر بميوله العنصرية والتطرف‪،‬‬
‫وهو صاحب نظرية "الجدار الحديدي" التي تقوم على تكبيد الخصوم خسائر كبيرة تؤدي‬
‫لتحويلهم من خصوم متطرفين عنيدين إلى معتدلين على استعداد للمساومة‪ ،‬ودعا إلى رفض‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 194‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الكتفاء بإقامة (إسرائيل) على أرض فلسطين وحدها بل مدها إلى األردن وصحراء سوريا‪،‬‬
‫وأيد المجازر التي قامت بها منظمة (األتسل) ضد العرب‪.‬‬
‫دافيد بن جوريون (‪1973- 1886‬م)‪ :‬كان رئيس الحكومة ووزير الدفاع األول للدولة‬
‫الصهيونية (إسرائيل)‪ ،‬ومن الزعماء البارزين للحركة الصهيونية‪ ،‬وزعيم الستيطان‬
‫اليهودي‪ ،‬أعلن عن إقامة دولة إسرائيل في الخامس من أيار العبري عام ‪1948‬م يُعتبر‬
‫المنظم والمؤسس للدولة الصهيونية‪ ،‬وهو الذي أسس القوة األمنية والقتصادية لها وهو‬
‫الذي صاغ كيانها في سنواتها األولى‪.‬‬
‫مناحيم بيجين (‪ 1992- 1913‬م)‪ :‬مؤسس حزب الليكود ورئيس حكومة إسرائيل‪ ،‬وهو من‬
‫أوقع مصر في معاهدة كامب ديفيد عام ‪1978‬م‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 195‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫وغير هؤلء كثير من روادها سواء من اليهود أو اإلنجيليين الجدد أو النصارى وغيرهم‪ ،‬بل‬
‫وحتى من المتصهينين من أبناء جلدتنا ممن تربى على أيدي اليهود بطريقة أو أخرى‪،‬‬
‫وصاروا من دعاة تحقيق المطامح الصهيونية بعلم أو بغير علم‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 196‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫األثر في الواقع المعاصر وأنشطة الصهيونية المختلفة‪:‬‬


‫يمكن القول‪ :‬إن ثمة موضوعات أساسية في الدعاية الصهيونية والنشاط الصهيوني‬
‫نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬المحافظة على العنصر اليهودي‪ ،‬وعلى العادات والتقاليد والطقوس الخاصة بهم التي‬
‫تتمثل في تثبيت فكرة العودة في نفوسهم‪ ،‬وزرع األحالم وتقوية الشعور بأنهم شعب هللا‬
‫المختار‪ ،‬وأن حكم العالم سيصير إليهم‪.‬‬
‫‪ - 2‬إنشاء الجمعيات السرية والعلنية والمنظمات‪ ،‬تحت ستار من األهداف العامة التي تحمل‬
‫سمات إنسانية واجتماعية‪ ،‬ومن أشهر هذه الجمعيات ‪ :‬الجمعيات الماسونية‪ ،‬ونوادي‬
‫الروتاري‪ ،‬والليونز‪ ،‬وشهود يهوه‪ ،‬وبناة الهيكل‪ ،‬وغيرهم ‪.‬‬
‫‪ - 3‬التأثير على العالم‪ ،‬وخاصة الدول الكبرى‪ ،‬اقتصاديـا وسياسيـا‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 197‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 4‬التأكيد على أن الجماعات اليهودية هي في واقع األمر أمة يهودية واحدة لبد من جمع‬
‫شمل أعضائها لتأسيس دولة يهودية في فلسطين‪ ،‬مع التزام الصمت الكامل حيال العرب‬
‫لتغييبهم‪ ،‬أو محاولة تشويه صورتهم إن كان ثمة ضرورة لذكرهم‪.‬‬
‫‪ - 5‬من الموضوعات األساسية التي تطرحها الدعاية الصهيونية قضية البقاء؛ فالدولة‬
‫الصهيونية ليست دولة معتدية وإنما هي تحاول الحفاظ على بقائها وأمنها فحسب‪ ،‬وتختلف‬
‫طبيعة هذا البقاء من حقبة ألخرى وحسب موازين القوى‪.‬‬
‫‪ - 6‬تركز الدعاية الصهيونية على الحقوق التاريخية المطلقة للمستوطنين الصهاينة‪ ،‬مع‬
‫اإلغفال المتعمد لحقوق السكان العرب أصحاب األرض األصليين‪.‬‬
‫‪ - 7‬طورت الدعاية الصهيونية رؤية مزدوجة للمستوطن الصهيوني؛ فبقاؤه مهدد دائما من‬
‫قِ ابل العرب‪ ،‬ولكنه في الوقت ذاته قوي للغاية إلى درجة أنه ل يمكن أن يهدده أحد؛ فهو قادر‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 198‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫على البقاء وعلى سحق أعدائه وضربهم في عقر دارهم‪.‬‬


‫‪ - 8‬تؤكد الدعاية الصهيونية على أن) إسرائيل ) واحة للديمقراطية الغربية في وسط عالم‬
‫عربي متقلب‪.‬‬
‫‪ - 9‬تدخل الدعاية الصهيونية الموجهة للعرب في إطار الحرب النفسية‪ ،‬والتي تهدف إلى‬
‫تحطيم معنويات العرب‪ ،‬بل تحطيم الشخصية العربية‪ ،‬وغرس مفاهيم مثل‪ :‬جيش الدفاع‬
‫اإلسرائيلي الذي ل يقهر‪ ،‬والسالم العبري‪.‬‬
‫‪ - 10‬ركزت الدعاية الصهيونية على قضية العداء األزلي لليهود وعلى اإلبادة النازية لليهود‬
‫والستة ماليين يهودي‪ ،‬وهي تهدف من هذا إلى ابتزاز العالم الغربي وتبرير عملية اقتالع‬
‫الفلسطينيين من بالدهم‪ ،‬كما أن هذه القضية تقوي التضامن اليهودي في الوقت نفسه ‪.‬‬
‫‪ - 11‬ركزت الدعاية الصهيونية في الغرب ( وخاصة في مرحلة ما قبل بلفور) على محاولة‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 199‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫إعادة إنتاج صورة اليهودي حتى يمكن توظيفه في خدمة المشروع الصهيوني؛ فيهودي‬
‫المنفى إنسان ل جذور له‪ ،‬طفيلي‪ ،‬يشعر بالغتراب ما دام خارج أرض الميعاد‪ ،‬وهو‬
‫مضطهد بشكل دائم عبر التاريخ ابتداء من طرد اليهود بعد هدم الهيكل على يد تيتوس‪ ،‬إلى‬
‫إبادتهم بأعداد ضخمة على يد هتلر‪ ،‬وهكذا أصبح هذا اليهودي اإلنسان المثالي العبري‬
‫القوي المحارب الذي يمكنه أن يدافع عن نفسه وعن مصالح الحضارة الغربية داخل إطار‬
‫الدولة الصهيونية‪ ،‬وقد خفت حدة الهجوم على شخصية اليهود في المنفى بعد عام ‪1967‬م‪،‬‬
‫بعد أن أدرك الصهاينة أن يهود العالم الغربي) الذين يشكلون غالبية يهود العالم ( سيبقون‬
‫في بالدهم ولن يهاجروا إلى فلسطين‪ ،‬وأن وجودهم في العالم الغربي) في الوليات المتحدة‬
‫بالدرجة األولى ( يشكل أداة ضغط مهمة على صانع القرار األميركي‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 200‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 12‬توجهت الدعاية الصهيونية إلى الجماعات اليهودية مبينة لها أن وجودها في عالم‬
‫األغيار يهددها ويهدد هويتها بالخطر‪ ،‬وركزت الدعاية الصهيونية على دعوة اليهود‬
‫للخروج من الجيتو والهجرة إلى ) إسرائيل ) للحفاظ على خصوصيتهم وهويتهم‬
‫اليهودية‪.‬‬
‫وقد تراجع هذا الموضوع في اآلونة األخيرة ويكاد يختفي لألسباب نفسها التي سبق ذكرها‪.‬‬
‫‪ - 13‬تعتمد الدعاية الصهيونية على شبكة واسعة من الدوريات الصهيونية في أنحاء العالم‬
‫كافة‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 201‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫الخالصة ‪:‬‬
‫يتضح مما سبق أن الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي لحكم العالم كله من‬
‫خالل دولة اليهود في فلسطين‪ ،‬وقد قامت على تحريف تعاليم التوراة والتلمود التي تدعو إلى‬
‫احتقار المجتمع البشري وتحض على النتقام من غير اليهود‪ ،‬وقد قنن اليهود مبادئهم الهدامة‬
‫فيما عرف ببروتوكولت حكماء صهيون التي تحوي بحق أخطر مقررات في تاريخ العالم ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 202‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪ /‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المحاضرة الرابعة عشرة‬

‫المادية‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 203‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫عناصر المحاضرة الرابعة عشرة‬


‫أولا‬
‫تعريف المادية‬
‫ثانيا ا‬
‫تاريخ المادية‬
‫ثالثا ا‬
‫المادية والمذاهب المثيلة والشبيهة‬
‫رابعا ا‬
‫المادية في العصر الحديث وأبرز شخصياتها‬
‫خامسا ا‬
‫أصول المادية وما قامت عليه‬
‫سادسا ا‬
‫أثر المادية على العالم المعاصر‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 204‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫يشهد العالم نموا لتيارات فلسفية غزت الفكر اإلنساني والعقيدة حتى أصبح لهذه األفكار‬
‫والتيارات قاعدة من التأثير والنتشار تؤثر في عقيدة اإلنسان وقيمه بسبب الفقر الروحي‬
‫الذي عاشه اإلنسان بسبب تحريف األديان من جهة‪ ،‬وبسبب جهله بمفهوم الدين وتقديسه‬
‫العقل من جهة أخرى‪ ،‬والمالحظ أن هذه التيارات والتي منها " المادية " تكاد تتشابه في‬
‫جوهر فكرتها وهي الدعوة لإللحاد وتقديس القيم المادية والتمحور حولها وتفكيك النصوص‬
‫بحجة تحديثها‪.‬‬
‫لذا من الضروري على المسلم أن يتحصن من األفكار الطارئة على دينه وقيمه وذلك بالعودة إلى‬
‫المنبع الصافي والمنهج التوحيدي وطريق األنبياء والتي تحمي اإلنسان من التحاكم للعقل المجرد‬
‫والهوى ‪ ،‬من هنا سنركز على عرض أحد هذه التيارات الفلسفية وهي‪ " :‬المـــــــــادية " التي ت ُش ِ ّكل‬
‫أساسا أو نموذجا معرفيا للعديد من الفلسفات الحديثة‪ ،‬كالماركسية والبراغماتية والداروينية وغيرها‪،‬‬
‫وقد ارتبطت الفلسفة المادية في عقول الكثيرين بالعقالنية والتقدُّم والتسامح‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 205‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫تعريف المادية‪:‬‬
‫عرفت المادية بتعريفات متعددة فمنها‪:‬‬
‫‪ -‬أنها مذهب في الفلسفة والتفكير يقوم على موقف أنطولوجي (موقف من وجود هللا ) يرى‬
‫أن المادة هي حقيقة هذا الوجود‪ ،‬ويقابلها المثالية التي ترى أن الروح هي حقيقة هذا‬
‫الوجود‪.‬‬

‫فالمادية نزعة قائلة بأن كل ما هو موجود مادي أو يعتمد كلية في وجوده على المادة‬
‫والتجربة والعقل فقط‪ ،‬أو نزعة مادية عقلية مجردة ل تثبت إل بالمحسوس وترفض‬
‫الغيب‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 206‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫تاريخ المادية‪:‬‬
‫المادية بهذا السم فلسفة حديثة الوجود غير أن لها بذورا تاريخية عريقة في القدم يمكن أن‬
‫أعرض أهمها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬المدرسة الطبيعية‪ :‬أو الفلسفة الطبيعية ‪ ...‬أي إن أصل الوجود مصدره الطبيعة‬
‫بعناصرها األربعة وهي الماء والهواء والنار والتراب‪ ،‬والتي ظهرت منذ القرن السابع قبل‬
‫الميالد‪ ،‬وسميت بالفلسفة الطبيعية ألنها جعلت من الوجود الطبيعي موضوعا لها للبحث في‬
‫أصله وعلله وانتهت إلى أصل طبيعي‪ ،‬ومن أشهر األسماء نذكر ( طاليس ) القرن السابع‬
‫قبل الميالد الذي قال بأن أصل العالم يعود إلى عنصر الماء‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 207‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫‪ - 2‬وإلى جانب هؤلء ظهر الفيلسوف ( ديمقريطس ) صاحب المدرسة الذرية التي تعود‬
‫بالطبيعة إلى ذرات متعددة تنتهي إلى ذرة واحدة‪ ،‬والذي شارك الفالسفة الطبيعيين في‬
‫ضرورة الهتمام بالطبيعة إل أنه لم يبحث عن عنصر أول يحكم الطبيعة وإنما ذهب‬
‫مذهبا آخر مغايرا انتهى به إلى القول بأن الطبيعة المكونة من أجسام طبيعية تعود في‬
‫األخير جزء ل يتجزأ أي الذرة ألن الطبيعة وعناصرها ليست إل أجساما تتألف من‬
‫أجزاء تنتهي في األخير إلى جزء ل يتجزأ‪.‬‬
‫نستنتج من هذا أن أولى المدارس الفلسفية التي تحمل بذور النزعة المادية هي المدرسة‬
‫الطبيعية بقسميها المدرسة الذرية والمدرسة القائلة بالعناصر الطبيعية ‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 208‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المادية والمذاهب المثيلة والشبيهة‪:‬‬


‫الفلسفة التجريبية‪ :‬وهي توجه فلسفي يؤمن بأن المعرفة اإلنسانية تأتي عن طريق الحواس‬
‫والخبرة وتنكر الفطرة والتي عرفت تطورات عديدة ومختلفة وأثرت على العديد من‬
‫الفالسفة‪.‬‬
‫الفلسفة الوضعية‪ :‬وهي توجه فلسفي يرى أن العلوم الجتماعية عبارة عن معارف مستمدة‬
‫من التجربة الحسية والمعالجات المنطقية‪ ،‬معتمدة على الظاهرة الطبيعية الحسية‪.‬‬
‫الفلسفة الوجودية‪ :‬وهي توجه فلسفي يميل إلى الحرية المطلقة في التفكير دون قيود يصوغ‬
‫يكون معنى حياته ‪،‬وهي فلسفة من مدارس‬ ‫اإلنسان من خاللها مفهوم اإلنسان كفرد ّ‬
‫القرن العشرين تقيم فلسفتها على حرية اإلنسان ومسؤوليته‪ ،‬حتى وقفت موقفا نقديا من‬
‫فلسفات العقل والعقالنيات لكونها تتبنى الحالت الشعورية التي تعبر عن نفسها في‬
‫الرواية وتجد في العلوم النفسية أداة مثلى لها‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 209‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫البراغماتية‪ :‬وهي مذهب فلسفي سياسي يعتبر نجاح العمل هو المعيار الوحيد للحقيقة لقيامه‬
‫على نتائج عملية ‪ ،‬وتكتفي الفلسفة البراغماتية بوصف الواقع ودراسته رياضيا وتجريبيا‬
‫وفق قيم المصلحة التي تخدم الواقع وتطوره وتحقق أهدافه ورسالته‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 210‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المادية في العصر الحديث وأبرز شخصياتها‪:‬‬


‫إذا أردنا الحديث عن الفلسفات المادية الحديثة يمكن أن نذكر مدرستين مهمتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬التي رسم مالمحها فيورباخ‪ ،‬والثانية‪ :‬التي وضعها كارل ماركس مع إنجلز‪.‬‬
‫كانت مادية ( فيورباخ ) انفعالية تقوم على نقد الفكر الديني باعتباره فكرا مثاليا‪ ،‬مع الدفاع‬
‫عن اإللحاد واعتباره حقيقة ل لبس فيها ألنه ل يوجد إل الواقع المادي الذي تكشف عنه‬
‫العلوم الطبيعية‪.‬‬
‫الفلسفة الماركسية التي تتبناها فلسفة ( ماركس ) الذي اشتهرت بعبارتها المشهورة " ل إله‬
‫والحياة مادة "‪ ،‬وهي تمثل فلسفة مادية متكاملة العناصر وصريحة العبارة واألهداف‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 211‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫أصول المادية وما قامت عليه‪:‬‬


‫لقد نادت الفلسفة المادية وقامت أصولها على مرتكزات منها‪:‬‬
‫أول‪ :‬العقالنية البحتة‪ ،‬وذلك باإليمان بأن العقل قادر على إدراك الحقيقة بمفرده‪ ،‬دون‬
‫مساعدة من الوجدان‪ /‬اإللهام والعاطفة والوحي‪ ،‬حيث اقتصرت على القول‪ :‬بأن العقل إن هو‬
‫إل جزء من الحقيقة المادية الصلبة باعتباره ل يوجد إل داخل حيز التجربة المادية‪ ،‬مقيدا‬
‫بحدودها ل يمكنه تجاوزها‪ ،‬وهذا يعني في الواقع أن العقل عقل مادي‪ ،‬يقوم بإعادة إنتاج‬
‫العالم المادي عن طريق مقولت الطبيعة‪/‬المادة فقط‪ ،‬والعقل المادي يتعرف على الحقائق‬
‫المادية فقط‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القول بأسبقية الطبيعة( المادة ) على اإلنسان‪ ،‬مركزة على هذا الجانب من الوجود‬
‫اإلنساني حيث ترد كل جوانبه األخرى إليه‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 212‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫ثالثا‪ :‬أنها ل تعترف إل بما أثبته التجربة فقط وإنكارها دور الوحي‪ ،‬لذا تعد الفلسفة المادية‬
‫في أصولها فلسفة وضعية تتعامل مع األشياء والظواهر واإلنسان نفسه ككائنات قابلة‬
‫للتجربة‪ ،‬ول تلتفت في صياغتها وجدان اإلنسان إلى التاريخ والقيم والميتافيزيقا‪.‬‬
‫أثر المادية على العالم المعاصر‪:‬‬
‫تبدأ الفلسفة المادية في حقيقتها داخل منظومة العلمانية الشاملة في النسالخ عن العقيدة‬
‫والمطلقات األخالقية والدينية واإلنسانية‪ ،‬وتظهر الفلسفات العقالنية المادية التي ل تقبل إل‬
‫المرجعية النهائية المادية وتحاول الوصول إلى الحقيقة الفلسفية عن طريق التجريب‬
‫والحواس الخمس‪ ،‬أو على النقيض من ذلك‪ ،‬عن طريق الحدس والخيال المنفصلين عن‬
‫العقل والتجريب‪ ،‬وعن طريق الوعي بعيدا عن أية عقيدة أو إيمان بغيب‪ ،‬أو عن طريق‬
‫العقل الخالص المنفصل عن القلب والخيال‪...‬فتظهر الفلسفات العقالنية المادية التي ترى‬
‫العقل باعتباره مقولة مطلقة ومرجعية ذاتها‪ ،‬مكتفية بذاتها‪ ،‬كونها تعتمد للوصول إلى‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 213‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬ ‫العقيدة والمذاهب‪/‬العقيدة اإلسالمية والمذاهب‬

‫المعرفة بدون وسائط بشرية أو إلهية‪ ،‬وهذا العقل عقد مادي محض ل يتجاوز بأي حال عالم‬
‫الطبيعة‪ /‬المادة؛ فهو جزء ل يتجزأ منها‪ ،‬والفكر ليس سوى تعبير باهت عن المادة‪.‬‬

‫لذا من أبرز آثارها الفكرية على األمم والمجتمعات ظهور اتجاهات تعلي من شأن الروح‬
‫مقابل المادة مثل الروحية الحديثة وتحضير األرواح ‪ ،‬ونشر ثقافة اإللحاد ‪ ،‬وأن الدين أفيون‬
‫الشعوب‪ ،‬وأن هللا حقيقة خرافية اخترعها اإلنسان ليخدر نفسه‪.‬‬

‫عمادة التعلم اإللكتروني والتعليم عن بعد‬ ‫] ‪[ 214‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك فيصل ©‬ ‫مركز الدراسات المساندة‬
‫‪Dea nship of E-Learning and Distance Education‬‬ ‫© ‪All Rights Reserved for KFU‬‬ ‫‪Supporting Studies Center‬‬

You might also like