Professional Documents
Culture Documents
البحث بعد التدقيق
البحث بعد التدقيق
بعد قراءة هذا الفصل ،ستتمكن من مناقشة الرؤى الجغرافية التالية من حيث صلتها بالمفاهيم الموضوعية الخمسة:
-١البيئة :تواجه أوقيانوسيا مجموعة من المشاكل البيئية ،ويحرص الوعي العام بالمشاكل البيئية .أدى تغير المناخ العالمي ،وخاصة
االحترار ،إلى ارتفاع مستويات سطح البحر وتغير هطول األمطار بشكل متزايد .جاءت التهديدات الرئيسية األخرى للبيئة الفريدة
للمنطقة من إدخال العديد من األنواع غير المحلية والتوسع في الرعي والزراعة وصيد األسماك والمستوطنات البشرية.
-٢العولمة والتنمية :العولمة ،إلى جانب تركيز أوقيانوسيا القوي على آسيا المجاورة عوضًا عن ارتباطها الطويل األمد مع أوروبا،
حولت أنماط التجارة والتنمية االقتصادية عبر أوقيانوسيا .وهذا التحول مدفوع إلى حد كبير بالثراء المتنامي آلسيا ،وطلبها الهائل
على الموارد ،وإنتاجها الضخم المماثل من المنتجات المصنعة.
-٣السلطة والسياسة :في العقود األخيرة ،ظهرت انقسامات حادة بين أوقيانوسيا حول تعريفات الديمقراطية ونظام الحكم الذي يهيمن
في نيوزيلندا وأستراليا مقابل الطريقة التي يظهر بها المحيط الهادئ وهي فلسفة سياسية وثقافية تستند إلى الثقافات التقليدية لجزر
المحيط الهادئ.
-٤التحضر :أوقيانوسيا ذات كثافة سكانية منخفضة ،ولكنها شديدة التحضر .يعد التحول من االقتصادات الزراعية والقائمة على
الموارد إلى اقتصادات الخدمات سببا رئيسيا للتحضر في أغنى أجزاء أوقيانوسيا وهي (أستراليا ونيوزيلندا وهاواي وغوام) ،حيث
إن نسبة تتراوح بين ٨٠إلى 100من السكان تعيش في المدن .وهذه االتجاهات هي األضعف في بابوا غينيا الجديدة والعديد من
الجزر الصغيرة في المحيط الهادئ.
-٥الكثافة السكانية والجنس :في هذه المنطقة األكبر ولكن األقل سكانا في العالم ،هناك نمطان رئيسيان لهما عالقة بالسكان والجنس.
في حين أن أستراليا ونيوزيلندا وهاواي لديها سكان أكبر س ًنا وأكثر بطء في الزيادة السكانية ،وفرص أكثر نسبيا للنساء .لدى جزر
المحيط الهادئ وبابوا غينيا الجديدة عددا أكبر بكثير من السكان الريفيين والشباب والزيادة السريعة للسكان ،وفرص أقل للنساء.
المنطقة األوقيانوسية
تشمل المنطقة األوقيانوسية منطقة واسعة ،وغالبًا ما تكون منطقة مثالية تواجه العديد من الحقائق الصعبةُ .تستكشف المفاهيم الخمسة
الرئيسية في هذا الكتاب حالما تنشأ من مناقشة هذه القضايا .تساعد القصص القصيرة التي تتعلق بأرخبيل كيريباتي والتحديات التي
تواجهها سكانه بسبب التغير المناخي في توضيح هذه المواضيع كما يُعايشها األفراد في حياتهم.
أورورا (اسم مستعار) هي طالبة تمريض في بريزبن (أستراليا) التي تمر بمرحلة انتقالية شخصية موجعة بسبب تغير المناخ.
أورورا تنحدر من كيريباتي (الدولة الواقعة في المحيط الهادئ) التي تتكون من ٣٣جزيرة صغيرة بالكاد 6ونصف قدم فوق
مستوى سطح البحر .تغمر البحار الصاعدة التي تمتد على خط االستواء غرب خط التوقيت الدولي (خط طول 180درجة) أرخبيل
كيريباتي .تشعر أورورا بالحنين إلى البحيرات الزرقاء في جزيرتها .بينما تدرس من أجل مستقبل جديد ،وتستعد لتصبح مصدر
الدخل األساسي ألسرتها ،فإنها تفعل ذلك بدون الشركة اليومية القريبة لعائلتها.
بدأت أورورا ومواطنوها ( ١٠٠٠٠٠ألف شخص يعيشون في كيريباتي) في مالحظة التغيرات البيئية المقلقة .حيث قلت الملوحة في
وجف المناخ لدرجة أن المزارعين َ مياه الشرب الخاص بهم ،وغرقت العديد من القرى الساحلية تحت مستوى سطح البحر،
الماهرين لم يعد بإمكانهم زراعة الكرنب التقليدي والطماطم والخيار وقلقاس المستنقعات (الشكل 11.2أ ،ب) .فكانت ظروف
الجفاف تزداد سوءا بسبب ارتفاع التيارات المالحة التي أشبعت التربة الخصبة التي كانت سابقا .توقع العلماء أن مع ارتفاع منسوب
مياه البحار والجفاف والعواصف المتكررة إلى حد كبير فإن أماكن كثيرة من كيريباتي ستكون غير صالحة للسكن بعد بضعة عقود.
تعليم التمريض ألورورا ،بتمويل من برنامج حكومي يسمى الوكالة األسترالية للتنمية الدولية ( ،)AusAIDهو واحد من عدة
استراتيجيات وضعها رئيس كيريباتي أنوتي تونغ لتشجيع شعبه على التنقل التدريجي بكرامة .يرى الرئيس تونغ أن تغير المناخ يمثل
تحديا كبيرا لبالده ،ويأمل أن تسمح جزر أخرى في جنوب المحيط الهادئ ،وكذلك أستراليا ونيوزيلندا لشعب كيريباتي بإعادة
التوطين هناك على نحو دائم.
تتلقى أورورا وشباب آخرين تعليما يساعدهم على العثور على عمل خارج كيريباتي من خالل برنامج الوكالة األسترالية للتنمية
الدولية ،ويدعم أسرهم الممتدة العريقة بعد انضمام أفراد أسرهم إليهم .لكنه انتقال صعب .يقول طالب تمريض آخر إنه يشعر وكأنه
يفقد هويته ،بينما تغرق أمته في البحر .ويرفض آباء بعض الطالب مغادرة كيريباتي .إنهم يرون التغيرات في مستوى سطح البحر
وهطول األمطار ،لكنهم كمسيحيين يعتقدون أن "اإلله ليس سخيفا جدا للسماح للناس بالهالك بهذه الطريقة".
في مارس ،2012ذكرت بي بي سي (هيئة اإلذاعة البريطانية) ،أن الرئيس تونغ قد اقترب من مالك األراضي في شعب جزيرة
فيجي ،على بعد 1300ميل إلى الجنوب (الشكل ،)11.3على أمل شراء األراضي الفيجية .أهدافه ذات شقين :إلنتاج الغذاء
للتصدير إلى كيريباتي واستيراد التربة الفيجية لمواجهة ارتفاع مستوى سطح البحر في كيريباتي .ومن المؤكد أن هذا االقتراح سيثير
الجدل في فيجي ،التي لديها بالفعل مشاكلها االجتماعية والسياسية الخاصة بها ،وربما ال توجد في أي مكان آخر على وجه األرض،
آثار تغير المناخ حقيقية على نحو ملموس كما هي في الجزر المنخفضة في المحيط الهادئ ،حيث التغيرات في أنماط هطول األمطار
ومستوى سطح البحر واضحة بشكل الفت للنظر .ساهمت هذه الجزر قليال في غازات االحتباس الحراري التي تسببت في تغير
المناخ المفاجئ .ألن الكثير من الناس في الجزر لديهم أنماط حياة بسيطة إلى حد ما ،فإن معظم جزر المحيط الهادئ لديها انبعاثات
منخفضة نسبيا من غازات االحتباس الحراري على أساس نصيب الفرد .كما أن انبعاثاتها منخفضة ككل؛ ألن إجمالي عدد سكان
الجزر صغير .لكن األماكن التي تبدو بعيدة في المحيط الهادئ ليست بعيدة عن التأثيرات العالمية العامة .وبعي ًدا عن تغير المناخ،
يتعامل الناس في هذه المنطقة مع التغيرات الناجمة عن السياحة؛ والتدهور البيئي الناجم عن تقنيات التعدين الحديثة؛ وندرة المياه
العذبة؛ وسكان المحيطات؛ واألنماط الثقافية والتجارية المتغيرة بسرعة.
تتكون أوقيانوسيا ،من أستراليا ونيوزيلندا وبابوا غينيا الجديدة والعديد من الجزر الصغيرة المنتشرة عبر المحيط الهادئ (انظر
الشكل .)11.3إنها منطقة عالمية فريدة من نوعها من حيث إنها تتكون أساسا من المحيط ،وتغطي أكبر مساحة من سطح األرض
في أي منطقة ،ومع ذلك ،فهي موطن لـ 38.7مليون شخص فقط ،تعيش الغالبية العظمى منهم في أستراليا ( 22.7مليون) وبابوا
غينيا الجديدة ( 6.9مليون) ونيوزيلندا ( 4.4مليون .في هذا الكتاب ،ندرج أيضا والية هاواي األمريكية ( 1.7مليون) في
أوقيانوسيا .معا ،اآلالف من جزر المحيط الهادئ األخرى موطن ل 3ماليين شخص فقط .المحيط الهادئ هو الرابط الذي يوحد
أوقيانوسيا كمنطقة ،ويؤثر بعمق على الحياة حتى على اليابسة ،ولكن في جميع أنحاء المنطقة ،يعمل المحيط أيضا كمنطقة بيولوجية
وحاجز ثقافي.
تظهر بعض الخرائط في هذا الفصل أسماء أماكن مختلفة للمواقع نفسها .يعكس هذا التطور السياسي للمنطقة ،حيث ُتجمع بعض
تجمَّع اآلن في وحدات قطرية باسم آخر .على سبيل المثال ،ال تزال الجزر سابقا تحت اسم واحد ال يزال قيد االستخدام اليومي ،ولكن َ
جزر كارولين ،الواقعة شمال غينيا الجديدة ،تحمل هذا االسم على الخرائط والمخططات ،ولكن ق ِّس َمت إلى بلدين :باالو (مجموعة
صغيرة من الجزر في الطرف الغربي من جزر كارولين) وواليات ميكرونيزيا الموحدة ،التي تمتد أكثر من 2000ميل من الغرب
إلى الشرق ،من ياب إلى كوسراي .زيادة على ذلك ،هناك ثالثة أسماء شائعة االستخدام لإلشارة إلى التجمعات الثقافية الكبيرة
للجزر :ميكرونيزيا وميالنيزيا وبولينيزيا .هذه التجمعات ليست وحدات سياسية؛ عوضًا عن ذلك ،فهي تستند إلى روابط عرقية
وثقافية قديمة.
األنماط المادية
يعمل المحيط الهادئ كحلقة وصل وحاجز في أوقيانوسيا .وجدت النباتات والحيوانات طريقها من جزيرة إلى أخرى عن
طريق الطفو على الماء أو السباحة أو الطيران ،وقد استخدم البشر المحيط منذ فترة طويلة كوسيلة للتواصل مع الشعوب
األخرى للزيارة والتجارة واإلغارة .لسوء الحظ ،كما سنرى ،ان المحيط يعمل أيضا كناقل للتلوث ،وخاصة المواد
البالستيكية المهملة (انظر الصفحة .)460لكن المساحات الواسعة من المياه تحد أيضا من االنتشار الطبيعي لألنواع النباتية
والحيوانية ،وتبقي سكان جزر المحيط الهادئ معزولين مكانيا عن بعضهم البعض .لقد فرض المحيط الشاسع العزلة،
وعزز االكتفاء الذاتي واقتصادات الكفاف بين شاغليه من البشر في العصر الحديث.
تشكيل القارة
أستراليا هي أكبر مساحة أرضية في أوقيانوسيا وتقع على الحافة الجنوبية الغربية للمنطقة (انظر خريطة الشكل .)11.1
تتكون القارة األسترالية جزئيًا من بعض أقدم الصخور على وجه األرض وكانت مستقرة نسبيًا ألكثر من 200مليون سنة،
مع نشاط بركاني قليل جدًا وزلزال خفيف في بعض األحيان .كانت أستراليا ذات يوم جز ًءا من الكتلة األرضية العظيمة
المسماة جندوانا التي شكلت الجزء الجنوبي من القارة العمالقة القديمة بانجيا (انظر الشكل 1.8في الصفحة .)16انفصلت
أستراليا عن جندوانا وانجرفت حتى اندمجت في النهاية مع جزء من الصفيحة األوراسية التي تضم جنوب شرق آسيا .أدى
هذا االندماج إلى إنشاء جزيرة غينيا الجديدة الجبلية في شمال أستراليا.
تشبه أستراليا طبق عشاء بحافة مكسورة بشكل غير منتظم مع قطعتين مفقودتين منها :واحدة في الشمال (خليج كاربنتاريا)
واألخرى في الجنوب (الخليج األسترالي العظيم) .مركز الطبق هو الصحراء األسترالية الواسعة االنخفاض ،مع منطقتين
فقط من التالل والمرتفعات الصخرية (انظر الشكل 11.1ب) .تتكون الحافة الشرقية ألستراليا من سالسل جبلية؛ أعلى هذه
السالسل وأكثرها تعقيدًا هي السالسل الشرقية الطويلة المنحنية (المسماة "نطاق التقسيم الكبير" في خريطة الشكل 11.1؛
انظر أيضًا الشكل 11.1أ) .على مدى آالف السنين ،أدت قوى التعرية -الرياح والمياه -إلى تآكل معظم التضاريس
األسترالية إلى تكوينات منخفضة مستديرة .بعض هذه التكوينات ،مثل أولورو (آيرز روك) ،مذهلة للغاية (الشكل .)11.4
يقع الحاجز المرجاني العظيم قبالة الساحل الشمالي الشرقي للقارة ،وهو أكبر شعاب مرجانية في العالم وموقع للتراث
العالمي منذ عام ( 1981انظر الشكل 11.1هـ) .يمتد على طول ساحل كوينزالند في قوس غير منتظم ألكثر من 2000
كيلومتر ( 1250ميال) ،ويغطي 350.000كيلومتر مربع ( 135000ميل مربع) .الحاجز المرجاني العظيم كبير جدًا
لدرجة أنه يؤثر على مناخ أستراليا من خالل تغيير تيارات المحيط الغربية في نمط دوران منتصف جنوب المحيط الهادئ.
يتم تحويل المياه الدافئة إلى الجنوب ،حيث تدفئ الساحل الجنوبي الشرقي ألستراليا .تمت مناقشة التهديدات التي تواجه
صحة الحاجز المرجاني العظيم في الصفحة .455
تشكيل الجزر
تشكلت جزر المحيط الهادئ (وما زالت تتشكل) من قبل مجموعة من العمليات المتعلقة بحركة صفائح األرض .تشكلت
الجزر في األطراف الغربية ألوقيانوسيا بما في ذلك نيو جينيا ونيو كاليدونيا والجزر الرئيسية في فيجي من بقايا قارة
غوندوانا .إنها جزر كبيرة وجبلية وجيولوجيا معقدة .تشكلت جزر أخرى في المنطقة نتيجة للبراكين وتشكل جز ًءا من حلقة
النار .العديد من هذه الجزر تقع في مناطق حدودية حيث تتصادم أو تنفصل صفائح التكتونية .على سبيل المثال ،تشكلت
جزر ماريانا شرق الفلبين من براكين عندما غمرت صفيحة المحيط الهادئ تحت صفيحة الفلبينُ .أنشأت جزيرتي نيوزيلندا
عندما رفعَّت الحافة الشرقية لصفيحة الهند األسترالية إلى األعلى بسبب التالقي مع صفيحة المحيط الهادئ.
ُأنتِّجت جزر هاواي من خالل نوع آخر من النشاط البركاني المرتبط بالنقاط الساخنة ،وهي أماكن حيث يخترق الحمم
الساخنة القادمة من النواة األرضية القشرة في أعمدة طويلة .على مدى الـ 80مليون سنة الماضية ،انتقلت صفيحة المحيط
الهادئ فوق هذه النقاط الساخنة ،مما أسفر عن سلسلة من التشكيالت البركانية تبلغ طولها 3600ميالً ( 5800كيلومتر).
أحدث البراكين ،والتي ال تزال قليلة منها نشطة ،تقع على أو بالقرب من الجزر المعروفة باسم هاواي.
توجد الجزر البركانية في ثالثة أشكال :الجزر البركانية العالية ،والمرجان المنخفض ،واألتول ،وهي منصات مرجانية
رفعت أو ارتفعت بسبب النشاط البركاني .الجزر العالية عادة ما تكون براكين ترتفع فوق سطح البحر إلى تشكيالت
صخرية جبلية ،وبسبب ارتفاعها المتنوع وطبيعتها الوعرة ،تحتوي على تنوع غني من البيئات .نيوزيلندا وجزر هاواي
وموريا وجزيرة عيد الفصح هي أمثلة على الجزر العالية .المرجان المنخفض هو جزيرة منخفضة أو سلسلة من الجزر
الصغيرة ،تكونت من الشعاب المرجانية التي ارتفعت على الحافة الدائرية أو البيضاوية لبركان غارق .تكون هذه الشعاب
مرتبة حول بحيرة مركزية كانت في وقت ما حوض البركان .بسبب انخفاض ارتفاعها ،تميل جزر المرجان إلى أن تكون
لديها مجموعة صغيرة من البيئات وإمدادات محدودة جدًا من المياه العذبة.
المناخ
على الرغم من أن المحيط الهادئ يمتد تقريبا من قطب إلى آخر ،إال أن معظم أراضي أوقيانوسيا تقع في خطوط العرض
االستوائية وشبه االستوائية للمحيط الهادئ .تؤدي درجات الحرارة المعتدلة في وسط المحيط الهادئ إلى مناخات معتدلة
في معظم األجزاء المأهولة بالسكان في المنطقة( .الشكل .)11.5تشهد المناطق الجنوبية من أستراليا ونيوزيلندا أكبر
التغيرات الموسمية في درجات الحرارة .الرطوبة واألمطار ،بخالف المناطق الداخلية القاحلة الشاسعة في أستراليا ،فإن
الكثير من مناطق أوقيانوسيا دافئة ورطبة طوال الوقت تقريبا .تنهمر على نيوزيلندا والجزر المرتفعة في المحيط الهادئ
أمطارا غزيرة؛ قبل االستقرار البشري ،كانت تغطيها نباتات الغابات الكثيفة .اآلن ،وبعد 1000عام من التأثير البشري،
اختفى جزء كبير من تلك الغابة (انظر الشكل 11.5ب)؛ انظر أيضا الشكل ،11.9د في الصفحة .)458غالبا ما يالحظ
المسافرون الذين يقتربون من نيوزيلندا ،إما عن طريق الجو أو البحر سحابة بيضاء طويلة مميزة تمتد فوق الجزيرة
الشمالية .قبل سبعمائة عام ،الحظ المستوطنون الماوريون األوائل (أعضاء المجموعة البولينيزية) هذه الظاهرة وأطلقوا
على ذلك المكان أوتياروا" ،أرض السحابة البيضاء الطويلة" ،وهو اسم ينطبق اآلن على كل نيوزيلندا.
األربعينيات األسطورية الصاخبة (التي سميت على اسم خط عرض األربعين جنوبا) هي تيارات جوية ومحيطات قوية
تسرع حول نصف الكرة الجنوبي األقصى دون عوائق تقريبا بسبب الكتل األرضية .هذه الرياح الغربية (الرياح التي تهب
من الغرب إلى الشرق) ،المسؤولة عن أجسام أوتياروا المميزة للهواء الرطب ،تسقط أمطار غزيرة بمقدار 130بوصة أي
( 330سم) سنويا في مرتفعات نيوزيلندا وأكثر من 30بوصة أي ( 76سم) سنويا على األراضي المنخفضة الساحلية
(انظر الشكل 11.5ب) .في الطرف الجنوبي من الجزيرة الشمالية لنيوزيلندا ،يبلغ متوسط الرياح أكثر من 40ميال في
الساعة ( 64كيلومترا في الساعة) ما يقارب من 120يوما في السنة .يربط المزارعون ملفوفهم بالتربة لكي ال تنجرف
النباتات لن بعيدًا.
وفي المقابل ،فإن ثلثي أستراليا جاف للغاية (انظر الشكل 11.5أ) .الرياح السائدة التي تؤثر على أستراليا هي الرياح
الشمالية والجنوبية الشرقية (الرياح التي تهب من الشرق إلى الغرب) التي تتقارب شرق القارة .يمنع نطاق التقسيم الكبير
حركة الهواء الرطب المتجه غربا بحيث ال يصل المطر إلى الداخل (نمط أوروغرافي؛ انظر الشكل في الصفحة .)20
ونتيجة لذلك ،يتلقى جزء كبير من أستراليا أقل من 20بوصة أي ( 50سم) من األمطار سنويا ،ووجد البشر استخدامات
محدودة إلى حد ما لهذه المنطقة الداخلية .إال أن ،المنحدرات الشرقية (المواجهة للرياح) في المرتفعات تتلقى رطوبة أكبر.
هذه الحافة الشرقية الرطبة نسبيا ألستراليا ،موطن لكل من السكان األصليين واألوروبيين الذين نزحو بعد عام .1800
خالل فترة الصيف الجنوبي ،تجلب أطراف الرياح الموسمية التي تمر فوق جنوب شرق آسيا وأوراسيا الرطوبة معها عبر
الساحل الشمالي ألستراليا .وهناك ،يتراوح هطول األمطار السنوي من 20إلى 80بوصة ( 50إلى 200سم).
وبشكل عام ،فإن أستراليا قاحلة لدرجة أن لديها نظام نهر رئيسي واحد فقط ،وهو في الجنوب الشرقي المعتدل حيث يعيش
معظم األستراليين .وفي تلك المنطقة ،تنضح نهري دارلينج وموراي بسبعة أجزاء من القارة ،يتدفقان غربا وجنوبا إلى
المحيط الهندي بالقرب من أدياليد .أحد مقاييس الجفاف الكلي في أستراليا هو أن التدفق السنوي الكامل لنظام نهر موراي
دارلينج يساوي متوسط تدفق األمازون ليوم واحد فقط في البرازيل.
في جزيرة المحيط الهادئ ،تظهر الجزر الجبلية العالية أيضا أنماط هطول األمطار الجبلية ،مع جانب رطب مواجه للريح
وجانب جاف مواجه للريح (انظر الشكل 11.5ج) .تختلف كميات األمطار في الجزر المنخفضة اختالفا كبيرا عبر
المنطقة .تقع بعض الجزر مباشرة في مسار الرياح التجارية ،والتي عادة ما تسقط ما بين 60و 120بوصة من األمطار
سنويا .تدعم هذه الجزر مجموعة متنوعة رائعة من النباتات والحيوانات .تتلقى الجزر المنخفضة األخرى ،خاصة تلك
الموجودة على خط االستواء ،أمطارا أقل باقتدار وتهيمن عليها األراضي العشبية التي تدعم الحياة الحيوانية الصغيرة.
إل نينيو
نستذكر في الفصل الثالث ظاهرة إل نينيو ،وهي نمط من التحوالت في دوران الهواء والماء في المحيط الهادئ الذي
يحدث بشكل غير منتظم كل 2إلى 7سنوات.ال زال العلماء لم يفهمو التحوالت الدورية أو التذبذبات بشكل كافي ،ولكنهم
صمموا نموذجًا يوضح سبب حدوث هذه التذبذبات انظر (الشكل .)11.6ويبين حدث إل نينيو في الفترة 1998-1997آثار
هذه الظاهرة .بحلول ديسمبر من عام ،1997شهدت جزيرة غينيا الجديدة (شمال أستراليا؛ انظر خريطة الشكل )11.1
كمية قليلة جدا من األمطار لمدة عام تقريبا.
فشلت المحاصيل ،وجفت الينابيع والجداول ،واندلعت الحرائق في الغابات الجافة .نتج عن السماء الصافية تدفق الحرارة
لألعلى وبعيدا عن االرتفاعات التي تزيد عن 7200قدم ( 2200متر) ،لذلك انخفضت درجات الحرارة على ارتفاعات
عالية إلى ما دون درجة التجمد ليال لمدة أسبوع أو أكثر.
ماتت النباتات االستوائية ،وأصبح الناس غير معتادين على المرض .وفي الوقت نفسه ،في الطرف اآلخر من النظام
اإللكتروني ،على طول سواحل المحيط الهادئ في أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية ،وأكثر دفئا عن غير المعتاد .أدت
األحوال الجوية إلى حدوث عواصف قوية بشكل غير عادي ،و ارتفاع تالطم المحيطات ،ورياح مدمرة ،وهطول األمطار
(انظر الشكل 11.6ج).
الحيوانات والنباتات
تأثرت الحياة الحيوانية والنباتية في أوقيانوسيا بحقيقة أنها تضم قارة معزولة والعديد من الجزر المنفصلة .العديد من
أنواعها مستوطنة ،أي أنها ال توجد إال في موطن محدد وال تنتشر في أي مكان آخر على األرض .هذا صحيح بشكل خاص
في أستراليا (حيث توجد أكثر من 325نوعا ً من الطيور متوطنة من بين 750نوعا ً معروفة فيها) ،ولكن هناك أيضا ً أنواع
مستوطنة في العديد من جزر المحيط الهادئ.
الحياة الحيوانية والنباتية في أستراليا :تتميز الحياة الحيوانية والنباتية في أستراليا بتفردها نتيجة للعزلة الجغرافية الطويلة
للقارة ،والحجم الكبير ،والتضاريس المتنوعة نسبيًا ،والمناخ الجاف .منذ انفصال أستراليا عن قارة جندوانا قبل أكثر من
65مليون سنة ،تطورت أنواعها الحيوانية والنباتية بشكل مستقل .إحدى النتائج المدهشة لهذه العزلة هي وجود أكثر من
144نوعًا من الحيوانات الجرابية المتوطنة .الحيوانات الجرابية هي ثدييات تولد صغارها في مرحلة غير ناضجة جدًا ،ثم
ترضعهم في كيس مزود بحلمات .الحيوانات الجرابية األشهر هي الكنغر ،وتشمل الحيوانات الجرابية األخرى الومبات،
والكواال ،والعصابات .الحيوانات األحادية ،وهي ثدييات تضع بيضًا وتشمل خلد الماء المنقار ،وآكل النمل الشوكي
المتوطنة في أستراليا وغينيا الجديدة.
تتأقلم معظم أنواع النباتات المتوطنة في أستراليا مع الظروف الجافة .العديد من النباتات لها جذور عميقة إلستخالص
الرطوبة من المياه الجوفية ،وأوراق صغيرة صلبة أو خضراء شاحبة أو المعة لتعكس الحرارة والحفاظ على الرطوبة.
جزء كبير من القارة مغطى بالعشب والشجيرات .توجد الغابات الحقيقية فقط في مناطق محدودة على طول السلسلة الجبلية
الشرقية والحافة الجنوبية الغربية وفي تسمانيا (انظر الشكل .)11.7نوعان من النباتات يشكالن معظم نباتات الغابات
والشجيرات :األوكالبتوس ( 450نوعًا ،وتسمى عادة أشجار الصمغ) والسنط ( 900نوعًا ،وتسمى عادة الواتلس).
لقد أبدى علماء الطبيعة وعلماء األحياء التطورية اهتما ًما كبيرًا باألنواع التي سكنت جزر المحيط الهادئ قبل وصول
البشر .استوحى تشارلز داروين العديد من أفكاره حول التطور بعد زيارته لجزر غاالباغوس في شرق المحيط الهادئ
(انظر خريطة الشكل 3.1في الصفحة )108وجزر أوقيانوسيا.
تحصل الجزر على مجموعات نباتية وحيوانية من البحر والجو المحيطين بها حيث تنتقل الكائنات الحية من الجزر
والقارات الكبيرة عن طريق الطيور أو العواصف أو التيارات المحيطية .بعد أن تستوطن هذه الكائنات مواطنها الجديدة ،قد
تتطور مع مرور الوقت إلى أنواع جديدة فريدة من نوعها في كل جزيرة .تحتوي الجزر الرطبة العالية عادة على أنواع
أكثر تنوعًا ألن بيئاتها المعقدة توفر مواطن لمجموعة واسعة من الكائنات القادمة ،وبالتالي المزيد من الفرص للتغيير
التطوري.
ومع وصولهم ،يُ َّغير السكان البشريون النباتات والحيوانات في الجزر .في عصور ما قبل التاريخ ،جلب المستكشفون
اآلسيويين في الزوارق البحرية نباتات مثل الموز وفاكهة الخبز وحيوانات مثل الخنازير والدجاج والكالب إلى أوقيانوسيا.
في وقت الحق ،جلب المستوطنون األوروبيون الحبوب ،والخضروات والفواكه ،واألعشاب الحشائشية ،والماشية
واألغنام ،والماعز ،واألرانب ،والقطط المنزلية ،والجرذان .اليوم ،تستمر األنشطة البشرية من السياحة إلى التدريبات
العسكرية إلى التحضر في تغيير النباتات والحيوانات في أوقيانوسيا.
بشكل عام ،تنوع الحيوانات والنباتات البرية هو األغنى في غرب المحيط الهادئ ،بالقرب من الكتل األرضية األكبر .يقل
إلى الشرق ،حيث الجزر أصغر وأبعد عن بعضها البعض .النباتات الغابية المطيرة الطبيعية غنية ووفيرة في نيوزيلندا
وغينيا الجديدة ،وكذلك في الجزر العالية في المحيط الهادئ .ومع ذلك ،فإن الحيوانات البرية محدودة جدًا في هذه الجزر.
بينما تضم غينيا الجديدة حيوانات مشابهة ألستراليا ،والتي كانت مرتبطة بها في السابق عبر سونداالند (انظر الشكل 10.5
في الصفحة ،)410فإن نيوزيلندا وجزر المحيط الهادئ ال تضمان ثدييات برية أصلية ،وال توجد زواحف أصلية تقريبًا،
وفقط عدد قليل من األنواع األصلية من الضفادع ،ألنها لم تكن مرتبطة أبدًا بأستراليا وغينيا الجديدة عبر جسر بري يمكن
للحيوانات البرية عبوره .كان طائران بريان أصليان في نيوزيلندا ،الكيوي وموا الضخم (طائر بلغ ارتفاعه حتى 12قد ًما
{ 3.7مترًا}) ،مصدرًا رئيسيًا للغذاء لشعب الماوري .تم اصطياد موا حتى االنقراض قبل وصول األوروبيين .اليوم ،قد
تكون نيوزيلندا الدولة التي تضم أكثر األنواع غير األصلية من الثدييات واألسماك والطيور ،والتي جلبها المستوطنون
األوروبيون جميعًا تقريبًا.