1-المحاضرة الأولى تفسير

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫ٔ‬

‫سورة النبأ في بيان معانيها‬

‫وطرف من أحكامها‬
‫‪1‬‬
‫المحاضرة‬

‫الشٌخ‪:‬د لشمٌر دمحم المرنً‬


‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫ٕ‬
‫ميحرلا نمحرلا هللا مسب‬
‫كثٌرا طٌبًا مباركًا‬
‫ً‬ ‫الحمد هلل رب العالمٌن‪ ،‬نحمده سبحانه وتعالى‪ ،‬حمدًا‬
‫فٌه‪ ،‬وأُصلً وأُسلم وأبارن علً رسول هللا‪ ،‬صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬علٌه‬
‫وعلى آله وأصحابه أجمعٌن‪ ،‬سبحانن ال علم لنا إال ما علمتنا‪ ،‬إنن أنت‬
‫العلٌم الحكٌم‪ ،‬اللهم علمنا ما ٌنفعنا‪ ،‬وانفعنا بما علمتنا‪ ،‬وزدنا عل ًما‪ ،‬ما‬
‫شاء هللا كان‪ ،‬ونعوذ باهلل من حال أهل النار‪ ،‬اللهم ال سهل إال ما جعلته‬
‫سهالً‪ ،‬وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهالً‪ ،‬اللهم ارزلنا اإلخالص‬
‫والتوفٌك والمبول والعون‪ ،‬إنن على كل شًء لدٌر‪.‬‬
‫ثم أما بعد‪-:‬‬
‫السالم علٌكم‪ ،‬ورحمة هللا‪ ،‬وبركاته‪ ،‬وأهالً وسهالً ومرحبًا بكم أٌها‬
‫األحبة الكرام‪ٌ ،‬ا من سعادتً فً هذه اللحظات أرحب بكم عمو ًما وأ ُخص‬
‫بالترحٌب طالب وطالبات هذه األكادٌمٌة المباركة؛ أعنً أكادٌمٌة زاد‬
‫العلمٌة‪ ،‬سائل هللا عز وجل لً ولهم الفالح‪ ،‬نلتمً وإٌاكم فً هذا اللماء‪،‬‬
‫فً هذه الدورة الثانٌة من المستوي الثانً ونحن نتحدث عن تفسٌر كالم‬
‫هللا تبارن وعز وجل‪ ،‬وبالتحدٌد من خالل منهجنا المبارن والذي ٌتحدث‬
‫أوالً عن سورة النبأ فً بٌان معانٌها‪ ،‬وطرف من أحكامها‬

‫بإذن هللا تبارن وعز وجل‪ ،‬ولبل الحدٌث عن هذه السورة المباركة ٌحسن‬
‫بنا أن نتحدث إجماال ً عن هذا الجزء الذي ولعت فٌه هذه السورة التً‬
‫فٌها مناط ومحل حدٌثنا‪ ،‬وكلنا ٌعلم أٌها األحبة الكرام أن سورة النبأ‬
‫تعتبر أول سورة فً الترتٌب للمتحدث عن جزء عم‪ ،‬الذي هو الجزء‬
‫الثالثون‪ ،‬والذي ٌحوي لرابة سبعة وثالثون سورة كلها من السور‬
‫المكٌة‪ ،‬ما عدا ثنتٌن من السور‪ ،‬وهما سورة البٌنة وسورة النصر‪ ،‬وهما‬
‫مدنٌتان وأما سور هذا الجزء المبارن الجزء الثالثون‪ ،‬آخر جزء فً‬
‫كتاب هللا تبارن وتعالى‪ ،‬فهً من السور المكٌة‪ ،‬ولد بٌنا لبل اآلن ومر‬
‫معنا ونكرر والمكرر أحلى أننا نرٌد بمولها المكً ما كان نزوله لبل‬
‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫ٖ‬ ‫هجرة النبً صلً هللا علٌه وسلم إلى مكة على الصحٌح من ألوال أهل‬
‫العلم رحمهم هللا‪ ،‬سواء أكان نزوله فً مكة أو فً غٌر مكة‪ ،‬وسورة‬
‫النبأ كذلن هً من السور المكٌة‪ ،‬جزء عم بشكل عام ٌمتاز بخصائص‬
‫اآلٌات المكٌة فً كتاب هللا تبارن وعز وجل‪ ،‬فهو مثالً ٌمرر التوحٌد فً‬
‫ثناٌا هذه السور التً معنا‪ٌ ،‬عنً المتأمل فً سور جزء عم سٌجد أن‬
‫الجزء المبارن الذي كما ذكرنا أكثر مكً ٌموم على تمرٌر توحٌد هللا‬
‫تبارن وتعالى‪ ،‬ولبل ذلن وجوده من خالل الحدٌث عن هذه اآلآلء واآلٌات‬
‫الموجودة فً هذا الكون الفسٌح تبارن وعز وجل‪ ،‬تمرر هذه اآلٌات أٌضًا‬
‫بعثة النبً صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬وأنه مرسل من عند هللا تبارن وتعالى‬
‫حمًا وصدلًا‪ ،‬تمرر هذه اآلٌات أٌضًا حمٌمة اإلٌمان بالبعثة‪ ،‬ووجود الٌوم‬
‫اآلخر‪ ،‬وأنه حك ال شن وال رٌب فٌه‪ ،‬تمرر هذه اآلٌات أٌضًا مسائل‬
‫الترغٌب والترهٌب بشكل عام‪ ،‬فهً تدور فً هذا البلد فً دعوة الناس‬
‫إلى أصول الدٌن‪ ،‬والترغٌب للعمل بها‪ ،‬وفٌها بعٌدًا عن النظر إلى األحكام‬
‫الشرعٌة الفرعٌة والفمهٌة التً هً من خصائص السور المدنٌة‪،‬‬
‫وسٌمر معنا البعض منها بإذن هللا تبارن وعز وجل‪.‬‬
‫وسورة النبأ فٌها من هذا النوع وفٌها هذه الخصائص التً ذكرناها‪،‬‬
‫فسورة النبأ بفضل هللا تبارن وعز وجل ذكر أهل العلم أن‬

‫لها عدة أسماء‪ ،‬بعد أن انتهٌنا من الحدٌث عن الجزء بشكل عام‪ ،‬نلج‬
‫للحدٌث عن هذه السور خاصة‪ ،‬فهً سورة‬

‫أوالً كما ذكرنا مكٌة‪ ،‬ثم هً لها عدة أسماء‪ ،‬فتسمى النبأ وسٌأتً بٌان‬
‫معنى النبأ‪ ،‬وتسمى بسورة عم ٌتسائلون‪.‬‬

‫وتسمى بسورة ٌتسائلون‪ ،‬وتسمى بسورة المعصرات التً ذكرها هللا‬


‫تبارن وعز وجل فً كتابه‪.‬‬
‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫ٗ‬ ‫وتسمى بسورة عم فمط‪ ،‬فهً خمسة أسماء ٌذكرها أهل العلم رحمهم هللا‬
‫لهذه السورة المباركة‪.‬‬

‫عدد آٌات هذه السورة أربعون آٌة‪.‬‬

‫هذا فً المصحف المكً‪ ،‬وفً المصحف المدنً‪ ،‬وفً ما عداه من‬


‫المصاحف واحد وأربعون آٌة‪ ،‬لكن نحن الذي بٌن أٌدٌنا ونطلع فٌه أن‬
‫عدد اآلٌات الموجودة أربعون آٌة‪ ،‬عد بعض أهل العلم‬
‫كاإلمام الثعلبً رحمه هللا فً تفسٌره‪.‬‬

‫عدد كلمات هذه السورة فبلغت لرابة مائة وثالثة وسبعون كلمة‪.‬‬

‫وعدد حروفها وصلت إلى لرابة سبعمائة وسبعون حرفًا‪.‬‬

‫هذه السورة التً نحن بصدد الحدٌث عنها كما للنا تمتاز مٌزة واضحة‬
‫فً تمرٌر أوال ً ثوابت هذا الدٌن العظٌم‪:‬‬

‫وأول هذه الثوابت‬

‫وأول هذه األصول‪ :‬هو تمرٌر اإلٌمان بالبعث‪،‬‬

‫وأنه حك ال شن فٌه‪ ،‬واإلٌمان بالبعث كما ٌعلم الجمٌع ركن من أركان‬


‫اإلٌمان‪ ،‬ال ٌستمٌم إٌمان المرء إال به‪ ،‬وهو مدار الحدٌث فً هذه السورة‬
‫المباركة‪ ،‬وهو ذان الذي كان ٌتسائله المشركون بٌن شان وبٌن ناف‬
‫علً الحمٌمة‪ ،‬وذكر هللا تبارن وتعالى تسائلهم فً أول هذه السورة‬
‫المباركة‪ ،‬فهً تمرٌر هذا األصل العظٌم‪ ،‬وهذا الثابت الموٌم من ثوابت‬
‫هذا الدٌن المبارن بفضل هللا تبارن وتعالى‪ ،‬وللحدٌث بمٌة إن شاء هللا بعد‬
‫الفاصل‪.‬‬
‫حٌاكم هللا أٌها األحبة المباركون‪ ،‬وأهالً وسهالً بكم‪ ،‬عدنا إلٌكم لنكمل ما‬
‫لد بدأنا لبل الفاصل‪ ،‬نتحدث إجماالً عن مواضٌع هذه السورة‪ ،‬وما حوته‬
‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫٘‬ ‫هذه السورة المباركة وذكرنا أن أول أمر بدأت به هذه السورة هو تمرٌر‬
‫هذا الركن العظٌم أعنً ركن اإلٌمان بالٌوم اآلخر من خالل الكالم عن‬
‫مسألة البعث‪ ،‬ولد ولفت هذه السور أو أصلت هذه السورة هذا المبدأ؛‬
‫أعنً مبدأ اإلٌمان بالبعث من خالل الكالم عن دالئل لدرة هللا تبارن‬
‫وتعالى فً الكون الفسٌح التً ٌراها العبد بناظرٌه‪ ،‬بمعنى لرر هللا تبارن‬
‫وتعالى وجود البعث‪ ،‬وهو رجوع األرواح لألجساد مرة أخرى فً ٌوم‬
‫المٌامة‪ ،‬كٌف لرر الحك عز وجل ذلن لن فً هذه السورة؟ لرره من‬
‫خالل إثبات لدرته العظٌمة فً هذه اآلآلء الموجودة فً هذا الملكوت‪،‬‬
‫والذي ٌشاهده كل إنسان بعٌنٌه‪ ،‬وهً تسع آآلء ذكرها هللا عز وجل فً‬
‫كتابه الكرٌم المبارن‪.‬‬

‫ابتداء من لول هللا عز وجل {أَلَ ْم نَجْ عَ ِل ْاأل َ ْر َ‬


‫ض ِم َهادًا (‪})ٙ‬‬

‫{و َجنَّات أ َ ْلفَافًا(‪ })ٔٙ‬تسع آآلء‪ ،‬كأن الحك عز‬


‫وانتهاء بذكره عز وجل َ‬
‫وجل ٌمول إن ذان الذي خلك هذه المخلولات إن هذا المبدع الذي أبدع‬
‫هذه اآلآلء هو وحده سبحانه وعز وجل المادر علً إٌجاد هذا البعث‪،‬‬
‫فمن أوجد هذا الجمال‪ ،‬من أوجد هذا الكمال‪ ،‬من أوجد هذه العظمة‪ ،‬لادر‬
‫سبحانه وتبارن وتعالى على إعادة أرواح العباد إلٌهم مرة أخرى‪ ،‬ثم‬
‫انتملت السورة بعد ذلن لبٌان شًء من التفاصٌل الجزئٌة التً ستكون‬
‫َان ِمٌ َماتًا)موعدًا محددً‪،‬‬ ‫فً ٌوم الفصل من عند لول هللا ( ِإ َّن ٌَ ْو َم ا ْل َف ْ‬
‫ص ِل ك َ‬
‫ثم بدأ عز وجل بعد ذلن ٌذكر حال الناس فً ذلن الٌوم العظٌم‪ ،‬فذكر‬
‫سبحانه وتبارن وتعالى أن الناس فرٌمان؛ فرٌك فً السعٌر‪ ،‬وفرٌك فً‬
‫الجنة أعاذنا هللا من السعٌر وأهله‪ ،‬وجعلنا هللا وإٌاكم من أصحاب الجنة‪،‬‬
‫هذا هو إجماالً ما تضمنته هذه السورة المباركة‪ ،‬وفً أثناء حدٌثنا بإذن‬
‫هللا تبارن وتعالى سنزٌد ذلن وضو ًحا وبٌانًا عند الكالم عن اآلٌات‬
‫بالتفصٌل‪ ،‬ابتدء الحك تبارن وتعالى هذه السورة سورة النبأ بمول هللا عز‬
‫سا َءلُ َ‬
‫ون) المارئ لهذه السورة المباركة الذي ٌحمل‬ ‫ع َّم ٌَت َ َ‬
‫وجل ( َ‬
‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫‪ٙ‬‬ ‫ع َّم‬
‫ع َّم)عٌن ومٌم ( َ‬
‫المصحف وٌنظر إلٌها سٌجد أنها ابتدأت بكلمة ( َ‬
‫سا َءلُ َ‬
‫ون)عم هذه أصلها مكون من كلمتٌن (عن) و(ما)‪ ،‬عن الذي هو‬ ‫ٌَت َ َ‬
‫حرف الجر‪ ،‬و(ما) االستفهامٌة ثم التربت االثنتان بعضهما من بعض‪،‬‬
‫النون مع المٌم حمهما اإلدغام‪ ،‬وحذفت النون مباشرة‪ ،‬واتصلت العٌن مع‬
‫المٌم‪ ،‬ثم ٌسأل سائل أٌن ذهبت األلف فً المٌم؟‬

‫نمول حذفت هذه األلف ألمرٌن‪:‬‬

‫األمر األول‪ :‬من أجل تمٌٌز الخبر‪.‬‬

‫األمر الثانً‪ :‬وهو األهم فً نظري وهللا أعلم ولد ذكره الطاهر ابن‬
‫عاشور رحمه هللا‪ ،‬لتمٌٌز ما االستفهامٌة التً معنا هنا عن ما‬
‫الموصولة‪ ،‬فإن ما االستفهامٌة إذا جاءت فً كتاب هللا تبارن وتعالى كما‬
‫هو الحال فً هذه اآلٌة ٌحذف منها األلف‪ ،‬بٌنما (ما) الموصولة تمرر‬
‫فٌها األلف فً الرسم العثمانً تما ًما‪ ،‬وبهذا تستطٌع أٌها الناظر أن تمٌز‬
‫بٌن ما االستفهامٌة‪ ،‬وما الموصولة‪ ،‬بوجود هذه األلف‪.‬‬

‫فمتً ما وجدت‬

‫رسم األلف مثبتًا بعد المٌم فاعلم أن هذه الما هً ما االستفهامٌة‪.‬‬

‫ومتً وجدتها ثابتة مكتوبة فاعلم أنها ما الموصولة‪ ،‬إذًا عند الحذف هً‬
‫ما االستفهامٌة‪ ،‬وعند اإلثبات هً ما الموصولة‪ ،‬وهذه لاعدة مضطردة‬
‫فً كتاب هللا تبارن وتعالى‪.‬‬

‫إذًا هً بمعنى (عن ما) ٌتساءلون‪ ،‬هؤالء المشركون الذٌن ٌتساءلون‬


‫عن ما ٌتساءلون‪ ،‬ما األمر الذي ٌتساءلون فٌه‪ ،‬وطبعًا هذا االستفهام هو‬
‫استفهام إنكاري‪ ،‬فٌنكر هللا تبارن وعز وجل على المشركٌن تساءلهم‪،‬‬
‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫‪7‬‬ ‫ٌتساءلون تفاعل من التساؤل‪ ،‬بمعنى ٌسأل بعضهم بعضًا‪ ،‬وما الذي‬
‫كانوا ٌتساءلون فٌه‪ ،‬وٌسأل بعضهم بعضًا فٌه‪ ،‬إنه النبأ العظٌم‬

‫ون (ٔ) ع َِن النَّبَ ِإ ا ْلعَ ِظ ٌِم)‬


‫سا َءلُ َ‬
‫ع َّم ٌَت َ َ‬
‫( َ‬

‫لال بعض المفسرٌن وأهل اللغة أن‪:‬‬


‫النبأ ٌأتً بمعنً الخبر مطلمًا‪ ،‬ولال بعضهم ال النبأ هو الخبر ذو الفائدة‪،‬‬
‫الخبر العظٌم المهم الذي ٌحصل به إما العلم‪ ،‬وإما غلبة الظن الذي ٌكون‬
‫عن صدله‪ٌ ،‬عنً خبر صادق‪ ،‬إذًا هذا الذي ذكره الراغب األصفهانً‬
‫رحمه هللا هو الذي علٌه كثٌر من أهل التفسٌر‪ ،‬ومن المحممٌن من أهل‬
‫العلم أعنً أن النبأ لٌس بمعنً الخبر‪ ،‬وأنهما معنٌان مترادفان‪ ،‬ل‪،‬‬
‫وإنما النبأ هو الخبر ذو الفائدة الذي ٌفٌد العلم أو غلبة الظن‪ ،‬وٌكون‬
‫سمً نبأ‪ ،‬إذًا هم ٌتحدثون عن نبأ‬ ‫صادلًا‪ ،‬فإذا تحممت فٌه هذه األمور ُ‬
‫عن أمر مهم تحصل به علم أو غلبة ظن أو خبر صادق‪ ،‬هم ٌتحدثون‬
‫عنه‪ ،‬ثم زاده هللا تبارن وتعالى رتبة وزاده هللا تبارن وتعالى رفعة فمال‬
‫عز وجل فٌه (ع َِن النَّبَ ِإ ا ْلعَ ِظ ٌِم) فهو نبأ لكنه أٌضًا مع كل ما تحوٌه كلمة‬
‫نبأ من فائدة هو أٌضًا نبأ عظٌم‪ ،‬والعظٌم إذا سمً األمر عظٌ ًما فهو ٌدل‬
‫على ِع َظم متناه فٌه‪ ،‬واألمر كذلن فً حك اإلٌمان بالٌوم اآلخر‪.‬‬

‫ون (ٔ) ع َِن النَّ َب ِإ ا ْل َع ِظ ٌِم) هو استفهام إنكاري ٌنكر هللا‬


‫سا َءلُ َ‬ ‫إذًا ( َ‬
‫ع َّم ٌَت َ َ‬
‫تبارن وتعالى فٌه على المشركٌن تساءلهم وتفاعلهم مع بعضهم البعض‬
‫عن ذلن الٌوم العظٌم‪ٌ ،‬سأل سائل لماذا ٌبدأ الحك تبارن وتعالى هذه‬
‫السورة المباركة باالستفهام؟ لال أهل التفسٌر إنما بدأ هللا عز وجل‬
‫باالستفهام من أجل تشوٌك السامع‪ ،‬إذًا المسألة مسألة تشوٌك‪ ،‬هللا عز‬
‫وجل ٌرٌد أن ٌشولن أٌها المارئ أو أٌها السامع لهذه اآلٌات‪ ،‬عن األمر‬
‫الذي سٌكون بعد ذلن‪ ،‬فإن الخبر بعد ذلن خبر مهم خطٌر ٌحتاج منن بعد‬
‫أن اشتمت إلى سماعه أن ت َ ْر ِع ِه سمعن‪ ،‬فما هو؟! وهذا الذي سٌكون إن‬
‫شاء هللا بعد الفاصل‪ ،‬ولنا معكم لماء‪.‬‬
‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫‪8‬‬ ‫حٌاكم هللا أٌها األحبة الكرام‪ ،‬وأهالً وسهالً بكم‪ ،‬عدنا إلٌكم بعد الفاصل‪،‬‬
‫ونحن نتحدث وإٌاكم عن تشوٌك الحك تبارن وتعالى من خالل هذا‬
‫ون (ٔ) ع َِن النَّ َب ِإ‬
‫سا َءلُ َ‬
‫ع َّم ٌَت َ َ‬
‫االستفهام لمارئ وسامع كالم هللا عز وجل‪َ ( ،‬‬
‫ون) لد ٌمول لائل ألٌس المراد بهؤالء‬ ‫ا ْلعَ ِظ ٌِم (ٕ) الَّذِي ُه ْم فٌِ ِه ُم ْخت َ ِلفُ َ‬
‫المخالفٌن هم كفار لرٌش؟ الجواب بال‪ ،‬إذًا ما دام أنهم هم المعنٌون بهذه‬
‫اآلٌات أي أنهم هم من اختلفوا فً أمر البعث‪ ،‬فلماذا ٌذكر هللا عز وجل‬
‫أنهم لد اختلفوا فٌه‪ ،‬وفً الجملة هم منكرون لهذا الٌوم العظٌم‪ ،‬لال‬
‫بعض أهل التفسٌر أن المراد بهذا االختالف الذي كان بٌن المشركٌن إنما‬
‫إنكارا صرٌ ًحا‪ ،‬فٌأتً أحدهم أمام النبً‬ ‫ً‬ ‫إنه لد كان بعضًا منهم ٌنكر ذلن‬
‫صلً هللا علٌه وسلم فٌأخذ عظمة لد أ َ ِرم‪ ،‬ثم ٌفتته بٌده أمام رسول هللا‬
‫صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬وٌمول له أتزعم ٌا دمحم أن هللا عز وجل ٌعٌد هذا‬
‫العظم بعد أن أ َ ِرم‪ ،‬بعد أن فُتت ثم ٌبعثه هللا فً ٌوم المٌامة؟ كأنه والحال‬
‫ٌِن َكفَ ُروا أَن لَّن‬
‫ع َم الَّذ َ‬
‫إنكارا صرٌ ًحا واض ًحا بٌنًا ( َز َ‬ ‫ً‬ ‫كذلن ٌنكر ذلن‬
‫ٌُ ْب َعثُوا ۚ لُ ْل َبلَى َو َربًِّ لَت ُ ْب َعث ُ َّن) هذا حال أكثرهم هو اإلنكار‪ ،‬وحال اآلخر‬
‫إنكارا صرٌ ًحا‪ ،‬وإنما كانوا ٌشكون فٌه‬
‫ً‬ ‫منهم أنهم أناس لم ٌنكروا ذلن‬
‫ٌن) فكان عندهم من هم ٌشكون فً‬ ‫ظن ِإ َّال َ‬
‫ظنًّا َو َما نَحْ نُ ِب ُم ْ‬
‫ست َ ٌْ ِمنِ َ‬ ‫( ِإن نَّ ُ‬
‫الٌوم اآلخر‪.‬‬
‫إذًا من حمل هذا الخالف الذي ذكره هللا عز وجل على لوله‬

‫(الَّذِي ُه ْم فٌِ ِه ُم ْخت َ ِلفُ َ‬


‫ون)هذا الضمٌر هم فٌه من هم أكثر المفسرٌن لال‬
‫المراد به المشركون‪ ،‬كٌف مشركون وٌختلفون فً الٌوم اآلخر‪ ،‬نمول‬
‫إنكارا صرٌ ًحا‪ ،‬وفرٌك شان فٌها‪،‬‬
‫ً‬ ‫ألنهم انمسموا إلى فرٌمٌن؛ فرٌك منكر‬
‫مع أن بعض أهل التفسٌر حمل هذا الضمٌر فً هذا االختالف علً‬
‫المشركٌن‪ ،‬وعلى المسلمٌن‪ ،‬فالمراد بالمختلفٌن هم الكفار من طرف‪،‬‬
‫والمسلمٌن من طرف آخر‪ ،‬فالمسلمون ٌؤمنون إٌمانًا جزرًٌا مترس ًخا‬
‫متعممًا فً للوبهم‪ ،‬ال ٌستمٌم إٌمان الواحد منهم إال به‪.‬‬
‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫‪9‬‬ ‫أن هنان ٌوم آخر‪ ،‬وأن هنان بعث بٌن ٌدي هللا تبارن وتعالى‪ ،‬وإعادة‬
‫إنكارا صرٌ ًحا‪ ،‬واالكثر‬
‫ً‬ ‫األرواح مرة أخرى‪ ،‬بٌنما المشركون ٌنكرون ذلن‬
‫على ما ذكرناه سابمًا أنه الخالف الذي لد ولع بٌن المشركٌن بعضهم مع‬
‫بعض‪.‬‬

‫سٌَ ْعلَ ُم َ‬
‫ون) كال هذه الكلمة ٌؤت بها الردع‬ ‫ثم لال هللا عز وجل (ك ََّال َ‬
‫والمطر‪ ،‬هؤالء المشركون الذٌن أخذوا فً هذا الخوض بٌن منكر وشان‬
‫فً الٌوم اآلخر‪ ،‬هللا عز وجل ٌكذبهم بهذه الكلمة العنٌفة التً تحمل من‬
‫داللة هذه الموة‪ ،‬كلمة (كال) فتحمل من الداللة فً ردعهم وزجرهم ما‬
‫تجعل السامع لها إذا سمعها تمرع مسامعه‪ ،‬وتنفذ إلى للبه‪ ،‬فتأخذ به‬
‫أخذًا شدٌدًا لصده ورده وردعه عن ما هو فٌه من الكفر‪ ،‬ونعوذ باهلل‬
‫ومن الباطل الذي ٌعٌش وٌعشعش فً للوبهم‪.‬‬
‫إ ًذا ٌردعهم الحك تبارن وتعالى وٌكذب خالفهم وٌكذب ممالتهم فإنه‬
‫سٌأتً الولت الذي ٌعلمون فٌه علم الٌمٌن وٌرون ذلن حمًا وعٌن الٌمٌن‪،‬‬
‫أنهم مبعوثون بٌن ٌدي هللا تبارن وتعالى‪ ،‬فسٌأتً الٌوم الذي ٌعلمون فٌه‬
‫عل ًما ٌمٌنًٌا أن هللا تبارن وتعالى المادر على كل شًء‪ ،‬والذي ال ٌعجزه‬
‫شًء تبارن وعز وجل سٌبعثهم بٌن ٌدٌه‪ ،‬ثم لال تبارن وتعالى‬

‫(ث ُ َّم ك ََّال َ‬


‫سٌَ ْعلَ ُم َ‬
‫ون) هذا التكرار لهذه الكلمة كلمة الردع والزجر تحمل فً‬
‫ثناٌاها من الموة فً ردعهم من الموة فً زجرهم مما هو أعظم مما‬
‫لبلها‪ ،‬ولهذا ال ٌظن ظان أن هذا التكرار مجرد تكرار لفظً! ال‪ ،‬هذه‬
‫سٌَ ْعلَ ُم َ‬
‫ون (ٗ)) ثم‬ ‫الزٌادة فً المبنً الحظ كون هللا عز وجل ٌمول (ك ََّال َ‬
‫ون) لٌست هذه الزٌادة فً هذا المبنً عبثًا‪ ،‬حاشاه‬ ‫ٌمول (ث ُ َّم ك ََّال َ‬
‫سٌَ ْعلَ ُم َ‬
‫تبارن وتعالى‪ ،‬وحاشا كالمه المعظم‪ ،‬وإنما المراد بها زٌادة التأكٌد فً‬
‫ردع هؤالء المنكرون المكذبون بهذا البعث الذي سٌكون حمًا وصدلًا‪ ،‬إذًا‬
‫بدأت هذه اآلٌات تمرر ما كان علٌه المشركون من إنكار للٌوم اآلخر‪،‬‬
‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫ٓٔ‬ ‫وكان هذا التمرٌر من خالل هذا االستفهام اإلنكاري الذي جاء به الحك‬
‫تبارن وتعالى لتشوٌك السامع والمارئ إلى حال هذا النبأ‪.‬‬
‫ألفت النظر أحبتً إلى مسألة لد تمر بهم أثناء المراءة فً بعض كتب‬
‫التفسٌر عند بٌان معنى النبأ‪ ،‬بمعنى اذا لرأت فً بعض كتب التفسٌر ما‬
‫المراد مثالً بمعنً النبأ‪ ،‬هل المراد بالنبأ البعث فمط‪ ،‬أو المراد بالنبأ‬
‫المرآن الكرٌم الذي هو النبأ العظٌم كما لال تعالى (لل هو نبأ عظٌم)أو‬
‫المراد به بعثة النبً صلى هللا علٌه وسلم ورسالته‪ ،‬ما المراد بالنسبة فً‬
‫هذه السورة المباركة‪ ،‬هل هو فمط البعث كما جرى على لسانً أثناء‬
‫الحدٌث‪ ،‬أو هو أشمل وأعم من ذلن؟ الصحٌح أن المراد بالنبأ ما هو أعم‬
‫من الكالم عن البعث لماذا؟ ألن االلف والالم فً لوله تعالى عن النبأ أن‬
‫النبأ هً للجنس‪ ،‬فتشمل كل شًء جاء به علٌه الصالة والسالم‪ ،‬وتضمن‬
‫ذلن وجوب تصدٌمنا واإلٌمان به‪.‬‬
‫إذن‬

‫إذًا كلمة النبأ تشمل معنى البعث‪ ،‬وتشمل معنى الرسالة الدمحمٌة‪ ،‬وتشمل‬
‫معنى المرآن‪ ،‬بل وتشمل غٌر ذلن‪ ،‬مما جاء به صلى هللا علٌه وسلم‪،‬‬
‫واوجب الشرع علٌنا اإلٌمان والتصدٌك به وهذا الخالف الذي ٌذكره أهل‬
‫التفسٌر فبعضهم مثال ال ٌذكر إال البعث وبعضهم ال ٌذكر إال المرءان‬
‫وبعضهم ال ٌذكر غٌر أنها الرسالة وبعضهم غٌر ذلن نمول هذا من‬
‫اختالف التنوع وهو ذكر هذه المفردات هو من باب التفسٌر ببعض‬
‫المعنً ولد مر معنا هذا فً المستوى الماضً عند حدٌثنا عن أصول‬
‫التفسٌر‪ ،‬أن بعض المفسرٌن أحٌانًا ٌفسر اآلٌة ببعض مفرداتها وال ٌعنً‬
‫ذلن أنها هً الممصودة‪ ،‬فمط دون غٌرها إنما هو من باب ضرب المثال‪،‬‬
‫ٌضرب فمط علً هذا النبأ فٌضرب بعض المفسرٌن مثال علة أن المراد‬
‫بالنبأ‪ ،‬البعث وبعضهم ٌضرب مثال على أن المراد بالنبأ المرءان‬
‫وبعضهم ٌضرب مثال علً أن المراد بالنبأ بالرسالة الدمحمٌة والصواب‬
‫التفسٌر [محاضرة ٔ | سورة النبأ]‬

‫ٔٔ‬ ‫أنها تشمل ذلن كما ذكرنا وغٌر ذلن ألن االلف والالم للجنس فتسع هذه‬
‫األشٌاء كلها‪.‬‬

‫إذًا كلها داخلة فً هذا النبأ العظٌم الذي جاء به سٌد ولد آدم صلة هللا‬
‫علٌه وسلم‪ ،‬والذي لد اختلف فٌه المشركون‪ ،‬فالمشركون لم ٌختلفوا‬
‫فمط‪ ،‬فاإلٌمان بالبعث فً تصدٌمه أو تكذٌبه وفً رسالة النبً صلى هللا‬
‫علٌه وسلم‪ ،‬وفً تصدٌمها أو تحذٌرها‪ ،‬وفً المرآن الكرٌم تصدٌمًا أو‬
‫تحذٌرها وإنما اختلفوا فً كل ما جاء به رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪،‬‬
‫صا‪ ،‬واجعلنً وإٌاكم من‬ ‫رزلنا هللا وإٌاكم إٌمانًا صادلًا‪ ،‬وٌمٌنًا خال ً‬
‫أصفٌائه آمٌن‪ ،‬والحمد هلل رب العالمٌن‪.‬‬

‫والسالم عليكم‪ ،‬ورحمة هللا‪ ،‬وبركاته‪.‬‬

You might also like