Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 6

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬

‫جامعة واسط – كلية التربية للعلوم االنسانية‬

‫تقرير بعنوان‬
‫(التربية والتعليم في الحضارة الصينية القديمة)‬

‫مقدم الى قسم اللغة االنجليزية كجزء من متطلبات مادة‬


‫(أسس التربية)‬

‫للعام الدراسي ‪2024\2023‬‬

‫اعداد الطالبة‬
‫(استبرق خليل خضر)‬

‫استاذ المادة‬
‫(م‪.‬م‪ .‬حنين عبد الكاظم)‬
‫كان وال زال للتعليم دور حيوي في إقامة الحضارات واألمم‪ ،‬والحضارة الصينية تعد شاهدًا على قوة وخلود العلم‬
‫والمعرفة‪.‬‬

‫منذ فجر تاريخه الغني‪ ،‬احتل التعليم مكانة مركزية في المجتمع الصيني حيث وفر األساس الراسخ لتطوره الثقافي‬
‫تأثرا عميقًا بتعاليم كونفوشيوس والقيم الكونفوشيوسية التي‬
‫والسياسي والفكري‪ .‬تأثر النظام التعليمي في الصين القديمة ً‬
‫أكدت على األخالق الشخصية واحترام السلطة –بكل أنواعها‪ ،-‬إضافة للحرص على السعي في طلب الحكمة والمعرفة‪.‬‬

‫يهدف هذا البحث لكشف التاريخ المعطاء للتربية والتعليم في الصين القديمة ويتعمق في جوانبه مثل نظام االمتحانات‬
‫اإلمبراطوري‪ ،‬وتأثير التعليم على المجتمع وغيرها من المواضيع‪ ،‬لنكتسب نظرة ثاقبة على الحضارة التي تعتز‬
‫بم خزونها الفكري ونموها الحضاري من خالل دراسة الممارسات التعليمية في الصين القديمة‪ ،‬تلك التي تركت في‬
‫العالمين بصمة ال تمحى من خالل تراثها التعليمي‪.‬‬

‫الكونفوشية والتعليم‬

‫الكونفوشيوسية هي فلسفة ونظام عقائدي نشأ في الصين القديمة وهو أسلوب حياة اهتم بتقدير األسالف والفضائل‬
‫الشخصية‪ ،‬وقد ترك أثره على الثقافة والسياسة الصينية ألكثر من ‪ 2500‬عام وقد أمتد هذا األثر ليشمل النظام التعليم في‬
‫الصين القديمة‪.‬‬

‫وف ًقا لمقالة منشورة في موسوعة ابحاث أوكسفورد للتعليم‪ ،‬أكدت الكونفوشيوسية على أهمية اإلنسانية والسلوكيات‬
‫المعيارية في التعليم‪ ،‬حيث كان هدفها غرس االنسانية (رين) عن طريق السلوكيات المعيارية (لي) حتى يتمكن المتعلمون‬
‫من توسيع الطريق (داو)‪.‬‬

‫ومتكامال ويجب على الطالب ممارسة ما تعلموه باستمرار من‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شامال‬ ‫ولتحقيق هذا الهدف‪ ،‬يجب أن يكون المنهج الدراسي‬
‫خالل الت نمية الذاتية والتفاعل االجتماعي‪ .‬كما أكد المذهب على صون عالقة التلميذ والمتعلم‪ ،‬وأهمية احترام التلميذ لمعلمه‬
‫سا لالحتياجات الفردية للطالب وضرورة أن يشجع الطالب ويوجههم باستخدام‬ ‫تما ًما كما يجب أن يكون المعلم حسا ً‬
‫اسلوب طرح االسئلة والتعلم من األقران‪.‬‬

‫وبالدرجة األولى‪ ،‬كان التعليم الكونفوشيوسي يركز على المتعلم ويقدر التفكير النقدي واإلبداعي‪.‬‬

‫وكان لتركيز هذا النظام على النمو الفردي والتطور األخالقي تأثير كبير على سلوك الطالب حتى خارج البنايات‬
‫التعليمية‪ ،‬حيث تعلم الطالب ضرورة الفضائل األخالقية لعيش حياة متناغمة في المجتمع‪ .‬في ما يلي بعض الطرق التي‬
‫أثر التعليم الكونفوشيوسي على سلوك الطالب خارج المدرسة‪:‬‬

‫أكدت هذه التعاليم على تقديم االحترام والطاعة والرعاية للوالدين وكبار السن‪ ،‬حيث غرست لدى الطالب‬ ‫‪-‬‬
‫سا عميقًا بضرورة بر الوالدين وربتهم على اعطاء األولوية لعالقاتهم األسرية‪.‬‬‫إحسا ً‬

‫ركزت التعاليم الكونفوشيوسية على الطقوس واآلداب االجتماعية وتم تعليم الطالب طرق التعامل مع المواقف‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعية المختلفة بما في ذلك التحيات واإليماءات والطرق المناسبة للتعبير عن االحترام‪ .‬أثر هذا التدريب‬
‫على سلوك الطالب خارج المدرسة من خالل تنظيم وتشكيل العالقات االجتماعية‪.‬‬

‫يهدف التعليم الكونفوشيوسي إى تعزيز سبل الحكم األخالقي لدى الطالب وتنمية قدراتهم على اتخاذ القرارات‬ ‫‪-‬‬
‫المناسبة في األطر األخالقية‪ ،‬حيث أكدت على تنمية الفضائل األخالقية مثل الخير والصالح والنزاهة وشجعتهم‬
‫على التمسك بها وتطبيقها في حياتهم العملية‪.‬‬

‫غرست هذه التعاليم الحس بالمسؤولية لدى الطالب تجاه أدوارهم والتزاماتهم في المجتمع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وتتجلى هذه التأثيرات جميعها وتتلخص تحت عنوان "الثقافات التربوية الكونفوشيوسية" التي ازدهرت في شرق آسيا‪ ،‬بما‬
‫في ذلك الصين وكوريا واليابان وسنغافورة‪.‬‬

‫تعليم النخبة والعوام‬

‫إن أول سجل مدون لمدرسة في الصين يعود إلى عهد أسرة شيانغ (‪ )1050-1600‬قبل الميالد‪ ،‬إال أن التعليم الرسمي‬
‫صا لطبقة النخبة من النبالء واالرستقراطيين في المقام األول‪ ،‬أما العوام فلم يكن لديهم‬
‫كان موجودًا قبلها وكان مخص ً‬
‫إمكانية الوصول إلى التعليم الرسمي وكانوا يتلقون التربية والتعليم في داخل اسرهم من قبل والديهم أو كبار السن في‬
‫العائلة‪ ،‬وكان يقتصر على المهارات العملية مثل الزراعة والنسيج والطبخ خالفًا لتعليم النخبة الذي تضمن الشعر واألدب‬
‫والقانون ومختلف الفنون والمعارف‪.‬‬

‫وهذا ليس باألمر المستغرب في تلك الحقبة حيث انتشرت التفرقة والطبقية على أساس الثروة والمكانة واالنتماء العشائري‬
‫في الصين ً‬
‫قبال‪.‬‬

‫ويجدر اإلشارة هنا إلى أن القانون نفسه لم يكن يحظر على العوام أن يكونوا علماء أو أن يثقفوا أنفسهم إنما كان الوضع‬
‫االقتصادي واألعراف االجتماعية هي ما يحول دون ذلك‪ ،‬حيث واجهتهم العديد من العوائق والقيود ضد رغبتهم في‬
‫السعي إلى المكانة العلمية‪.‬‬

‫صا في المقام األول لطبقة النخبة وكان لدى العوام وصول محدود للتعليم‬ ‫كان النظام التعليمي في الصين القديمة مخص ً‬
‫الرسمي والذي كان يتم توفيره عادة من قبل مدرسين خصوصيين أو مدارس محلية‪ .‬وأدى نقص المواد وفرص التعلم إلى‬
‫أعاقة قدراتهم‪ .‬إضافة لكون التعليم في الصين القديمة قد تطلب دفع الكثير من الموارد المالية لتوفير رسوم المعلمين‬
‫والمواد الدراسية ونفقات السفر لذا فإن توفير التعليم لألوالد كان كفا ًحا حقيقيًا للطبقة الكادحة التي كانت تمتهن الزراعة‬
‫وأشباهها من المهن التي تطلبت وجود أيا ٍد عاملة بكثرة ووفرة‪ ،‬والتي كانت تجاهد لتحصل على قوت يومها‪.‬‬

‫وحتى حين تمكن العوام من اجتياز هذه العقبات فقد أعاقتهم التحيزات الثقافية واالجتماعية والتسلسالت الطبقية‪ ،‬حيث‬
‫كان المجتمع الصيني القديم يضع ال علماء في القمة مما يمنحهم الهيبة والنفوذ‪ .‬خلق هذا التمييز الطبقي مستوى معين من‬
‫التفرد وعزز االعتقاد بأن األفراد من الطبقة االرستقراطية أو المميزة فقط هم المناسبون للمساعي العلمية‪ ،‬وواجه عامة‬
‫الناس تح يزات وأحكام مسبقة في المجتمع جعلت من الصعب عليهم الحصول على االعتراف والقبول‪ .‬إضافة إلى نظام‬
‫االمتحانات الذي حد من فرص عامة الناس الذين عجزوا عن الوصل للموارد المطلوبة ألجل اجتيازها والتي كانت حاسمة‬
‫للدخول إلى الصفوف العلمية‪.‬‬

‫جعلت هذه الحواجز مجتمعة من الصعب على عامة الناس التغلب على العقبات االجتماعية والمالية والتعليمية على الرغم‬
‫من وجود استثناءات لهذه القيود‪.‬‬

‫تعليم المرأة‬

‫محدودا وتأثر بشدة باأليديولوجية الكونفوشيوسية السائدة‪ ،‬والتي ركزت بشدة على‬
‫ً‬ ‫في الصين القديمة‪ ،‬كان تعليم المرأة‬
‫أدوار الجنسين وتبعية المرأة للرجل‪ .‬حيث ركز نظام التعليم في المقام األول على إعداد الرجال للخدمة الحكومية‪،‬‬
‫وكان ُينظر إلى تعليم المرأة على أنه غير ضروري ألدوارها المتوقعة كزوجة وأم وربة بيت‪.‬‬

‫خالل هذا الوقت‪ ،‬كان تعليم المرأة يتم في المقام األول داخل المنزل وتركز على تعليم المهارات المنزلية‪ ،‬مثل النسيج‬
‫والخياطة والطبخ وإدارة المنزل‪ .‬واعتبرت هذه المهارات ضرورية للمرأة للقيام بأدوارها المتوقعة في األسرة والمجتمع ‪.‬‬
‫تمكنت بعض النساء من العائالت النبيلة أو الطبقة العليا من الوصول إلى المعلمين الذين علموهم موضوعات مثل الشعر‬
‫محدودا مقارنة بتعليم الرجال‪ ،‬حيث لم يتم تدريبهن‬
‫ً‬ ‫والموسيقى والخط وآداب الطقوس‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كان تعليمهن ال يزال‬
‫في موضوعات مثل التاريخ أو الفلسفة أو الحكم السياسي‪ ،‬والتي كانت تعتبر أكثر مالءمة للرجال ‪.‬‬

‫أثرت التعاليم الكونفوشيوسية بشكل كبي ر على مفهوم تعليم المرأة‪ .‬اعتقد كونفوشيوس أنه يجب تعليم النساء لخدمة‬
‫أزواجهن وأسرهن بإخالص‪ً ،‬‬
‫بداال من متابعة تطورهن الفكري‪ .‬جادل علماء الكونفوشيوسية بأن التعليم المفرط للمرأة من‬
‫شأنه أن يؤدي إلى الفوضى في المجتمع ‪.‬وعلى الرغم من هذه القيود‪ ،‬كانت هناك حالت استثنائية للنساء المتعلمات في‬
‫الصين القديمة‪ .‬تمكنت بعض النساء من الحصول على تعليم أكثر شموال وأصبح عدد قليل منهن شاعرات وباحثات‬
‫وفنانات مشهورات‪.‬‬

‫اختبارات الخدمة المدنية واالختبار االمبراطوري‬

‫الخدمة المدنية الصينية يعنى بها النظام اإلداري للحكومة الصينية التقليدية وقد منح هذا النظام االستقرار لإلمبراطورية‬
‫الصينية ألكثر من ألفي عام وقد سمحت اختبارات الخدمة المدنية للدولة بالعثور على أفضل المرشحين لشغل المناصب‬
‫ومنحت الفرصة للشباب أن يصبح جز ًءا من طبقة المسؤولين والعلماء‪ .‬كانت االختبارات في الصين القديمة ذات‬
‫مستويات متعددة وكان من الصعب اجتيازها فقد تطلبت معرفة واسعة بالكالسيكيات الكونفوشيوسية والقانون والسياسة‬
‫والخطابة وعدة مواضيع أخرى‪.‬‬

‫بالنسبة للدولة‪ ،‬لم يقتصر النظام على توفير المرشحين األكفاء الذين تم اختيارهم على أساس الخبرة فحسب‪ ،‬بل ضمن‬
‫ضا تطوير طبقة تتعاطف مع الوضع الراهن للحكام‪.‬‬ ‫أي ً‬

‫كانت االمتحانات موجودة منذ أكثر من ألف عام وهي السبب الرئيسي وراء استمرار احترام التعليم بشكل خاص في‬
‫الثقافة الصينية اليوم‪.‬‬

‫تطورت فكرة تعيين مسؤولين االمبراطوريين من عهد أسرة هان‪ ،‬حيث تم انشاء األكاديمية االمبراطورية عام ‪ 124‬قبل‬
‫الميالد للدراسات المتعلقة بالكالسيكيات الكونفوشيوسية والطاوية‪ ،‬حيث رأت الدولة أن التعلم هو عالمة المجتمع‬
‫المتحضر والطريق األنسب لنيل الكفاءات اإلدارية التي تملك المؤهالت إلدارة األراضي الشاسعة للصين‪ ،‬وكان للجيش‬
‫مجموعة منفصلة خاصة به من االختبارات منذ أوائل القرن الثامن للميالد‪.‬‬

‫وخالل عهد أسرة سوي‪ ،‬أي بعد حوالي األربع مئة سنة أصبح هناك تركيز من قبل الحكام على تحسين نظام اإلدارة‬
‫التقليدي الي أنشأته أسرة هان وبدأ يبتعد عن قبول الوساطات وخطابات التوصية ليعتمد أكثر على القدرات التي يظهرها‬
‫الشباب في االمتحانات‪.‬‬
‫واصل اإلمبراطور غاوزو مؤسس أسرة تانغ (‪ )906-618‬السياسة نفسها وأضاف المزيد من التحسينات مثل اختبار‬
‫مهارات التحدث‪ ،‬وأصبح االختبارات أكثر تعقيدًا وصعوبة‪ .‬وتعد هذه الحقبة هي فترة التأسيس الكامل المتحانات الخدمة‬
‫المدنية‪ ،‬والتي اختبرت معرفة الشباب فيما يلي‪:‬‬

‫الخط والكتابة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫تقنيات وأساليب كتابة المقاالت الرسمية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫األدب‪ ،‬الشعر‪ ،‬والكالسيكيات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الرياضيات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المسائل القانونية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القدرة على التحدث بوضوح واتزان‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وكان على اليافعين أن يقدموا أنفسهم على أنهم "مستحقون ومستقيمون"‪ ،‬ولها السبب تم استبعاد بعض الذكور مثل العبيد‬
‫والممثلين والمجرمين وأوالد البغايا‪.‬‬

‫يتم تنظيم هذه االمتحانات مرة كل سنة ويقدم إليها اآلالف وال يتمكن من اجتيازها غير ‪ %1‬على الرغم من امكانية اعادته‬
‫عددًا غير محدد من المرات‪.‬‬

‫خالل عهد أسرة سونغ (‪1279-960‬م) تم إصالح االمتحانات لتلبية الطلب المتزايد الذي وصل إلى خمسة أضعاف‬
‫األعداد السابقة‪ ،‬وتم إضافة االمتحانات التمهيدية التي تعقد في المقاطعات المحلية ألجل تحديد المرشحين ألداء االمتحانات‬
‫التي تجرى سنويًا لمدة ثالثة أيام في العاصمة اإلمبراطورية‪ ،‬بعدها تتم دعوة الناجحين المتحان آخر في القصر‬
‫االمبراطوري وقد يشف االمبراطور بنفسه عليه‪.‬‬

‫وبدأت اجراءات للحد من الغش والفساد –رغم أنها فشلت باجتثاثه بالكامل‪ -‬مثل استخدام األرقام بدل األسماء لإلشارة‬
‫للممتحنين‪ ،‬بل وصلت حتى إلعادة استنساخ اإلجابات إلخفاء خط اليد وهوية الشخص الذي أجاب على األسئلة‪.‬‬

‫رمزا للمكانة في المجتمع‪ ،‬وحصلوا‬ ‫ً‬ ‫وإضافة إلى المنصب الحكومة سمح للمرشحين الناجحين ارتداء أردية معينة أصبح‬
‫على مزايا ضريبية معينة وكان وضعهم الجديد يعني أنهم تجنبوا العقوبات المدنية لبعض الجرائم الجنائية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كم‬
‫ذكورا ومتعلمين بشكل معقول‪ ،‬ولم يكن لدى أطفال الفالحين الذين ال‬
‫ً‬ ‫هو الحال دائ ًما‪ ،‬يجب أن يكون المرشحون‬
‫يستطيعون الكتابة أو لم يتمكنوا من الوصول إلى النصوص العلمية أي فرصة لتحسين وضعهم في المجتمع‪ .‬وفي الواقع‪،‬‬
‫كانت متطلبات االمتحان هي التي اضطرت اآلباء إلى انفاق قدر كبير من المال على المعلمين الخصوصيين إلعداد أبنائهم‬
‫ألهم اختبار في حياتهم‪.‬‬

‫مع انتشار الكونفوشيوسية الجديدة‪ ،‬فضلت امتحانات أسرة مينغ أيضا معرفة "الكتب الربعة"‪ ،‬وهي مختارات‬
‫كونفوشيوس‪ ،‬ومنسيوس‪ ،‬والتعلم العظيم‪ ،‬وعقيدة الوسط‪ .‬وأصبحت دراسة هذه النصوص ضرورية الجتياز االمتحانات‬
‫حتى إلغائها في القرن العشرين الميالدي‪.‬‬

‫أصبحت االختبارات نفسها أكثر دقة حيث يتكون كل من المستويين األول والثاني من ثالثة أجزاء منفصلة‪ .‬ولم يكن على‬
‫ضا كتابة مقاالت مطولة تهدف إلى السماح للمسؤولين على‬ ‫المرشحين اإلجابة على األسئلة فحسب‪ ،‬بل كان عليهم أي ً‬
‫االمتحان بتقييم وجهات النظر السياسية للمرشحين‪ ،‬وليس فقط قدرتهم األكاديمية‪ .‬أخي ًرا‪ ،‬في ظل حكم مينغ‪ ،‬كان على‬
‫المرشحين الناجحين في امتحان المستوى األدنى والذين لم يجتازوا المستوى الثاني إجراء االختبارات بشكل دوري إذا‬
‫أرادوا الحفاظ على وضعهم ‪.‬وفي عهد أسرة تشينغ (‪ 1644-1911‬م) تمت إضافة طبقة أخرى من التعقيد إلى نظام‬
‫االمتحانات‪ .‬تم إدخال امتحان للبنين األصغر شنًا والذي كان عليهم اجتيازه ليكونوا مؤهلين إلجراء امتحان الخدمة المدنية‬
‫اإلقليمية من المستوى األول‪ .‬على الرغم من ً أنه يهدف إلى تطوير مهارات األوالد األصغر سنًا إال أنه يجب على الذكور‬
‫ضا تعقيدًا إلى سلسلة التعقيدات‬
‫من أي عمر اجتياز هذا االختبار قبل المضي قدًما في النظام‪ .‬أضافت أسرة تشينغ أي ً‬
‫السابقة حيث كان على المرشحين الذين اجتازوا امتحان القصر من المستوى الثالث أن يقوموا باختبار كتابي آخر‪ ،‬هذه‬
‫المرة حدده اإلمبراطور نفسه‪ .‬والخبر السار أن النجاح في هذه الورقة األخيرة تعني تعيي ًنا فوريًا في منصب كبير‪.‬‬

‫مبكرا إذا أرادوا أن تتاح لهم أي فرصة للنجاح وذلك بالبدء‬‫ً‬ ‫نظرا لسلسلة الصعوبات هذه كان على الصغار أن يبدأوا التعلم‬
‫ً‬
‫بتلقي الدروس الخصوصية في عمر الرابعة أو الخامسة لتعلم كيفية القراءة والكتابة باللغة الصينية الكالسيكية‪ ،‬والتي‬
‫كانت مختلفة عن اللغة الصينية المنطوقة يوميًا‪ .‬كان ال بد من حفظ النصوص الكونفوشيوسية الكالسيكية إذا لم تكن‬
‫مفهومة بالكامل‪ .‬كان ال بد من تطوير مهارات الخط إلعطاء انطباع سار في امتحانات المستوى األول (كان لدى‬
‫سا آخر‬‫المستويات األخرى ناسخون من أجل الحياد كما هو مذكور أعاله)‪ .‬وكانت المعرفة السليمة بتاريخ الصين أسا ً‬
‫يجب اكتسابه في هذه المرحلة‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬كان عليهم أن يكتسبوا مهارات المقال "الثماني"‪ ،‬وهو عرض رسمي لألفكار‬
‫اضافة لتعلم البنية الالزمة لبعض إجابات االمتحان‪ .‬بالنسبة المتحانات المستوى الثاني والثالث‪ ،‬كانت المعرفة بالمراسيم‬
‫أمرا ضروريًا‪.‬‬ ‫اإلمبراطورية والمراسيم الحكومية واألحكام القضائية ً‬
‫ويتم اجراء االمتحانات األولية في المحافظات حيث يجلس المرشحون في قاعة أو فناء أحد المكاتب المحلية‪ ،‬ويستمر‬
‫الحدث طوال اليوم ويتكرر مرتين في غضون اسبوع‪ ،‬وكان حدثًا مه ًما في المجتمع‪ ،‬حيث تم إنشاء أكشاك لبيع الطعام‬
‫وشاهدته العائلة والمهنئون خارج القاعات‪ .‬واقيمت امتحانات المستوى الثاني في المدن وامتدت على مدار أسبوع‪ .‬كان‬
‫على المرشحين أن يقدموا أنفسهم في األسبوع السابق لالمتحانات الفعلية مع أخذ جميع أوراقهم الرسمية مرتبةً (على‬
‫الرغم من وجود حالة غريبة من طالب يرسلون بديالً أكثر قدرة)‪ ،‬وكان ال بد من إجراء ترتيبات اإلقامة وتجهيز األدوات‬
‫ضا‬
‫الخاصة من فرش وحبر وأوراق‪ .‬وكان من المتوقع أن يبقوا منعزلين في زنزانات االمتحان الفردية‪ ،‬وكانوا بحاجة أي ً‬
‫إلى الطعام والشموع والبطانيات‪ .‬احتوت الزنزانة واجهة مفتوحة حتى يتمكن المراقبون من فحص الجميع‪ ،‬داخلها عدد‬
‫من األلواح الخشبية البسيطة لصنع مكتب ومقعد أو سرير‪ .‬هنا‪ ،‬سيقضي كل مرشح ثالثة أيام في إجراء االختبار‪ .‬قبل‬
‫الدخول‪ ،‬ي تم تفتيش كل مرشح وطرد أي شخص تم ضبطه وهو يغش‪ ،‬ومنعه من أداء االختبار في المرة التالية التي يتم‬
‫عقده فيها‪ ،‬وفي بعض الحاالت‪ ،‬تم تجريدهم من الشهادة التي حصلوا عليها في المستوى األول‪.‬‬

‫كان لنظام امتحانات الخدمة المدنية عدة تأثيرات مهمة على المجتمع الصيني‪ .‬إن فكرة وضع القدرة الفردية فوق الروابط‬
‫العائلية والخلفية االجتماعية كانت فكرة جذرية أثارت في الناس من جميع أفراد المجتمع فكرة أنه ال يتعين على المرء أن‬
‫يتبع نفس حياة وعمل والديه‪ .‬كانت هناك أماكن محدودة‪ ،‬بل ووظائف أكثر محدودية في نهاية العملية‪ ،‬وكان المرء‬
‫بحاجة إلى التعليم األساسي في البداية (ناهيك عن أنه يجب أن يكون ذكرا أيضا)‪ ،‬ولكن كان هناك‪ ،‬على األقل بالنسبة‬
‫للبعض‪ ،‬مسار ممكن إلى التقدم االجتماعي‪.‬‬

‫كان أحد اآلثار اإليجابية لنظام االمتحانات على أساس الجدارة هو تقليل قبضة الطبقة األرستقراطية على السلطة والثروة‪.‬‬
‫ضا انخفاض في حاالت الفساد من خالل استبدال النظام القديم حيث كان المسؤولون المحليون يعينون‬ ‫كان هناك أي ً‬
‫مرؤوسيهم على أساس الروابط العائلية والرشاوى بدالً من الجدارة (على الرغم من أن المسؤولين رفيعي المستوى ما‬
‫زالوا قادرين على التحايل على نظام االمتحانات وترشيح األشخاص لمناصب منخفضة)‪ .‬كان من اآلثار الجانبية األخرى‬
‫لخلق هذه الرغبة في االنضمام إلى الطبقة الرسمية من العلماء هو خلق قسم مطيع من المجتمع يتقاسم قي ًما مشتركة‪ ،‬أحدها‬
‫هو الحفاظ على النظام الذي يطمحون إلى االنضمام إليه والمشاركة فيه بشغف كون الشعور بالمسؤولية مبد ًءا أساسيًا في‬
‫الكونفوشيوسية‪.‬‬

‫ضا‪ .‬العديد من أولئك الذين تقدموا لالمتحانات بشكل متكرر لكنهم‬


‫وكانت هناك العديد من العواقب السلبية على النظام أي ً‬
‫فشلوا انتهى بهم األمر كمعلمين محبطين يساعدون الطامحين اآلخرين أو اضطروا إلى العثور على وظائف كموظفين‬
‫مبتدئين‪ ،‬وأحيانًا بدون أجر‪ .‬إن التوحيد الكامل ألنظمة االمتحانات شجع على القولبة ومحدودية الفكر ً‬
‫بدال منا لتجديد‪.‬‬
‫نادرا ما تتغير في نطاقها‪ ،‬فإن أولئك‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬كما هو الحال مع أي نظام يعتمد حصريًا على االختبارات التي ً‬
‫الذين نجحوا هم من درسوا كيفية اجتياز االختبار وليس أولئك الذين فهموا بشكل أفضل الموضوعات التي تم سؤالهم‬
‫عنها‪.‬‬

‫وتم تقليد نظام االمتحانات هذا من قبل عدة حكومات آسيوية أخرى‪ ،‬وال سيما في اليابان وكوريا وفيتنام‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬مع‬
‫مرور فترة العصور الوسطى والتقدم العلمي في أماكن أخرى‪ ،‬وخاصة في الغرب‪ ،‬تخلفت الصين عن الركب حيث أكد‬
‫نظام االمتحانات على معرفة األدب الكالسيكي وتنمية الوعي األخالقي بدالً من الموضوعات العلمية والتقنية‪ .‬ولهذا‬
‫السبب‪ ،‬وبعد ألف عام وبعد أن أصبحت جز ًءا من نسيج الحياة العامة الصينية‪ ،‬ألغت أسرة تشينغ نظام امتحانات الخدمة‬
‫سا تقريبًا‪ ،‬الذي يحظى به التعليم‬‫المدنية في عام ‪ 1905‬م‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يظل إرثها يحظى باحترام كبير‪ ،‬بل ويكاد يكون تقدي ً‬
‫في الثقافة الصينية اليوم‪.‬‬

You might also like