Professional Documents
Culture Documents
التعليم في الحضارة الصينية القديمة
التعليم في الحضارة الصينية القديمة
تقرير بعنوان
(التربية والتعليم في الحضارة الصينية القديمة)
اعداد الطالبة
(استبرق خليل خضر)
استاذ المادة
(م.م .حنين عبد الكاظم)
كان وال زال للتعليم دور حيوي في إقامة الحضارات واألمم ،والحضارة الصينية تعد شاهدًا على قوة وخلود العلم
والمعرفة.
منذ فجر تاريخه الغني ،احتل التعليم مكانة مركزية في المجتمع الصيني حيث وفر األساس الراسخ لتطوره الثقافي
تأثرا عميقًا بتعاليم كونفوشيوس والقيم الكونفوشيوسية التي
والسياسي والفكري .تأثر النظام التعليمي في الصين القديمة ً
أكدت على األخالق الشخصية واحترام السلطة –بكل أنواعها ،-إضافة للحرص على السعي في طلب الحكمة والمعرفة.
يهدف هذا البحث لكشف التاريخ المعطاء للتربية والتعليم في الصين القديمة ويتعمق في جوانبه مثل نظام االمتحانات
اإلمبراطوري ،وتأثير التعليم على المجتمع وغيرها من المواضيع ،لنكتسب نظرة ثاقبة على الحضارة التي تعتز
بم خزونها الفكري ونموها الحضاري من خالل دراسة الممارسات التعليمية في الصين القديمة ،تلك التي تركت في
العالمين بصمة ال تمحى من خالل تراثها التعليمي.
الكونفوشية والتعليم
الكونفوشيوسية هي فلسفة ونظام عقائدي نشأ في الصين القديمة وهو أسلوب حياة اهتم بتقدير األسالف والفضائل
الشخصية ،وقد ترك أثره على الثقافة والسياسة الصينية ألكثر من 2500عام وقد أمتد هذا األثر ليشمل النظام التعليم في
الصين القديمة.
وف ًقا لمقالة منشورة في موسوعة ابحاث أوكسفورد للتعليم ،أكدت الكونفوشيوسية على أهمية اإلنسانية والسلوكيات
المعيارية في التعليم ،حيث كان هدفها غرس االنسانية (رين) عن طريق السلوكيات المعيارية (لي) حتى يتمكن المتعلمون
من توسيع الطريق (داو).
ومتكامال ويجب على الطالب ممارسة ما تعلموه باستمرار من ً ً
شامال ولتحقيق هذا الهدف ،يجب أن يكون المنهج الدراسي
خالل الت نمية الذاتية والتفاعل االجتماعي .كما أكد المذهب على صون عالقة التلميذ والمتعلم ،وأهمية احترام التلميذ لمعلمه
سا لالحتياجات الفردية للطالب وضرورة أن يشجع الطالب ويوجههم باستخدام تما ًما كما يجب أن يكون المعلم حسا ً
اسلوب طرح االسئلة والتعلم من األقران.
وبالدرجة األولى ،كان التعليم الكونفوشيوسي يركز على المتعلم ويقدر التفكير النقدي واإلبداعي.
وكان لتركيز هذا النظام على النمو الفردي والتطور األخالقي تأثير كبير على سلوك الطالب حتى خارج البنايات
التعليمية ،حيث تعلم الطالب ضرورة الفضائل األخالقية لعيش حياة متناغمة في المجتمع .في ما يلي بعض الطرق التي
أثر التعليم الكونفوشيوسي على سلوك الطالب خارج المدرسة:
أكدت هذه التعاليم على تقديم االحترام والطاعة والرعاية للوالدين وكبار السن ،حيث غرست لدى الطالب -
سا عميقًا بضرورة بر الوالدين وربتهم على اعطاء األولوية لعالقاتهم األسرية.إحسا ً
ركزت التعاليم الكونفوشيوسية على الطقوس واآلداب االجتماعية وتم تعليم الطالب طرق التعامل مع المواقف -
االجتماعية المختلفة بما في ذلك التحيات واإليماءات والطرق المناسبة للتعبير عن االحترام .أثر هذا التدريب
على سلوك الطالب خارج المدرسة من خالل تنظيم وتشكيل العالقات االجتماعية.
يهدف التعليم الكونفوشيوسي إى تعزيز سبل الحكم األخالقي لدى الطالب وتنمية قدراتهم على اتخاذ القرارات -
المناسبة في األطر األخالقية ،حيث أكدت على تنمية الفضائل األخالقية مثل الخير والصالح والنزاهة وشجعتهم
على التمسك بها وتطبيقها في حياتهم العملية.
غرست هذه التعاليم الحس بالمسؤولية لدى الطالب تجاه أدوارهم والتزاماتهم في المجتمع. -
وتتجلى هذه التأثيرات جميعها وتتلخص تحت عنوان "الثقافات التربوية الكونفوشيوسية" التي ازدهرت في شرق آسيا ،بما
في ذلك الصين وكوريا واليابان وسنغافورة.
إن أول سجل مدون لمدرسة في الصين يعود إلى عهد أسرة شيانغ ( )1050-1600قبل الميالد ،إال أن التعليم الرسمي
صا لطبقة النخبة من النبالء واالرستقراطيين في المقام األول ،أما العوام فلم يكن لديهم
كان موجودًا قبلها وكان مخص ً
إمكانية الوصول إلى التعليم الرسمي وكانوا يتلقون التربية والتعليم في داخل اسرهم من قبل والديهم أو كبار السن في
العائلة ،وكان يقتصر على المهارات العملية مثل الزراعة والنسيج والطبخ خالفًا لتعليم النخبة الذي تضمن الشعر واألدب
والقانون ومختلف الفنون والمعارف.
وهذا ليس باألمر المستغرب في تلك الحقبة حيث انتشرت التفرقة والطبقية على أساس الثروة والمكانة واالنتماء العشائري
في الصين ً
قبال.
ويجدر اإلشارة هنا إلى أن القانون نفسه لم يكن يحظر على العوام أن يكونوا علماء أو أن يثقفوا أنفسهم إنما كان الوضع
االقتصادي واألعراف االجتماعية هي ما يحول دون ذلك ،حيث واجهتهم العديد من العوائق والقيود ضد رغبتهم في
السعي إلى المكانة العلمية.
صا في المقام األول لطبقة النخبة وكان لدى العوام وصول محدود للتعليم كان النظام التعليمي في الصين القديمة مخص ً
الرسمي والذي كان يتم توفيره عادة من قبل مدرسين خصوصيين أو مدارس محلية .وأدى نقص المواد وفرص التعلم إلى
أعاقة قدراتهم .إضافة لكون التعليم في الصين القديمة قد تطلب دفع الكثير من الموارد المالية لتوفير رسوم المعلمين
والمواد الدراسية ونفقات السفر لذا فإن توفير التعليم لألوالد كان كفا ًحا حقيقيًا للطبقة الكادحة التي كانت تمتهن الزراعة
وأشباهها من المهن التي تطلبت وجود أيا ٍد عاملة بكثرة ووفرة ،والتي كانت تجاهد لتحصل على قوت يومها.
وحتى حين تمكن العوام من اجتياز هذه العقبات فقد أعاقتهم التحيزات الثقافية واالجتماعية والتسلسالت الطبقية ،حيث
كان المجتمع الصيني القديم يضع ال علماء في القمة مما يمنحهم الهيبة والنفوذ .خلق هذا التمييز الطبقي مستوى معين من
التفرد وعزز االعتقاد بأن األفراد من الطبقة االرستقراطية أو المميزة فقط هم المناسبون للمساعي العلمية ،وواجه عامة
الناس تح يزات وأحكام مسبقة في المجتمع جعلت من الصعب عليهم الحصول على االعتراف والقبول .إضافة إلى نظام
االمتحانات الذي حد من فرص عامة الناس الذين عجزوا عن الوصل للموارد المطلوبة ألجل اجتيازها والتي كانت حاسمة
للدخول إلى الصفوف العلمية.
جعلت هذه الحواجز مجتمعة من الصعب على عامة الناس التغلب على العقبات االجتماعية والمالية والتعليمية على الرغم
من وجود استثناءات لهذه القيود.
تعليم المرأة
محدودا وتأثر بشدة باأليديولوجية الكونفوشيوسية السائدة ،والتي ركزت بشدة على
ً في الصين القديمة ،كان تعليم المرأة
أدوار الجنسين وتبعية المرأة للرجل .حيث ركز نظام التعليم في المقام األول على إعداد الرجال للخدمة الحكومية،
وكان ُينظر إلى تعليم المرأة على أنه غير ضروري ألدوارها المتوقعة كزوجة وأم وربة بيت.
خالل هذا الوقت ،كان تعليم المرأة يتم في المقام األول داخل المنزل وتركز على تعليم المهارات المنزلية ،مثل النسيج
والخياطة والطبخ وإدارة المنزل .واعتبرت هذه المهارات ضرورية للمرأة للقيام بأدوارها المتوقعة في األسرة والمجتمع .
تمكنت بعض النساء من العائالت النبيلة أو الطبقة العليا من الوصول إلى المعلمين الذين علموهم موضوعات مثل الشعر
محدودا مقارنة بتعليم الرجال ،حيث لم يتم تدريبهن
ً والموسيقى والخط وآداب الطقوس .ومع ذلك ،كان تعليمهن ال يزال
في موضوعات مثل التاريخ أو الفلسفة أو الحكم السياسي ،والتي كانت تعتبر أكثر مالءمة للرجال .
أثرت التعاليم الكونفوشيوسية بشكل كبي ر على مفهوم تعليم المرأة .اعتقد كونفوشيوس أنه يجب تعليم النساء لخدمة
أزواجهن وأسرهن بإخالصً ،
بداال من متابعة تطورهن الفكري .جادل علماء الكونفوشيوسية بأن التعليم المفرط للمرأة من
شأنه أن يؤدي إلى الفوضى في المجتمع .وعلى الرغم من هذه القيود ،كانت هناك حالت استثنائية للنساء المتعلمات في
الصين القديمة .تمكنت بعض النساء من الحصول على تعليم أكثر شموال وأصبح عدد قليل منهن شاعرات وباحثات
وفنانات مشهورات.
الخدمة المدنية الصينية يعنى بها النظام اإلداري للحكومة الصينية التقليدية وقد منح هذا النظام االستقرار لإلمبراطورية
الصينية ألكثر من ألفي عام وقد سمحت اختبارات الخدمة المدنية للدولة بالعثور على أفضل المرشحين لشغل المناصب
ومنحت الفرصة للشباب أن يصبح جز ًءا من طبقة المسؤولين والعلماء .كانت االختبارات في الصين القديمة ذات
مستويات متعددة وكان من الصعب اجتيازها فقد تطلبت معرفة واسعة بالكالسيكيات الكونفوشيوسية والقانون والسياسة
والخطابة وعدة مواضيع أخرى.
بالنسبة للدولة ،لم يقتصر النظام على توفير المرشحين األكفاء الذين تم اختيارهم على أساس الخبرة فحسب ،بل ضمن
ضا تطوير طبقة تتعاطف مع الوضع الراهن للحكام. أي ً
كانت االمتحانات موجودة منذ أكثر من ألف عام وهي السبب الرئيسي وراء استمرار احترام التعليم بشكل خاص في
الثقافة الصينية اليوم.
تطورت فكرة تعيين مسؤولين االمبراطوريين من عهد أسرة هان ،حيث تم انشاء األكاديمية االمبراطورية عام 124قبل
الميالد للدراسات المتعلقة بالكالسيكيات الكونفوشيوسية والطاوية ،حيث رأت الدولة أن التعلم هو عالمة المجتمع
المتحضر والطريق األنسب لنيل الكفاءات اإلدارية التي تملك المؤهالت إلدارة األراضي الشاسعة للصين ،وكان للجيش
مجموعة منفصلة خاصة به من االختبارات منذ أوائل القرن الثامن للميالد.
وخالل عهد أسرة سوي ،أي بعد حوالي األربع مئة سنة أصبح هناك تركيز من قبل الحكام على تحسين نظام اإلدارة
التقليدي الي أنشأته أسرة هان وبدأ يبتعد عن قبول الوساطات وخطابات التوصية ليعتمد أكثر على القدرات التي يظهرها
الشباب في االمتحانات.
واصل اإلمبراطور غاوزو مؤسس أسرة تانغ ( )906-618السياسة نفسها وأضاف المزيد من التحسينات مثل اختبار
مهارات التحدث ،وأصبح االختبارات أكثر تعقيدًا وصعوبة .وتعد هذه الحقبة هي فترة التأسيس الكامل المتحانات الخدمة
المدنية ،والتي اختبرت معرفة الشباب فيما يلي:
يتم تنظيم هذه االمتحانات مرة كل سنة ويقدم إليها اآلالف وال يتمكن من اجتيازها غير %1على الرغم من امكانية اعادته
عددًا غير محدد من المرات.
خالل عهد أسرة سونغ (1279-960م) تم إصالح االمتحانات لتلبية الطلب المتزايد الذي وصل إلى خمسة أضعاف
األعداد السابقة ،وتم إضافة االمتحانات التمهيدية التي تعقد في المقاطعات المحلية ألجل تحديد المرشحين ألداء االمتحانات
التي تجرى سنويًا لمدة ثالثة أيام في العاصمة اإلمبراطورية ،بعدها تتم دعوة الناجحين المتحان آخر في القصر
االمبراطوري وقد يشف االمبراطور بنفسه عليه.
وبدأت اجراءات للحد من الغش والفساد –رغم أنها فشلت باجتثاثه بالكامل -مثل استخدام األرقام بدل األسماء لإلشارة
للممتحنين ،بل وصلت حتى إلعادة استنساخ اإلجابات إلخفاء خط اليد وهوية الشخص الذي أجاب على األسئلة.
رمزا للمكانة في المجتمع ،وحصلوا ً وإضافة إلى المنصب الحكومة سمح للمرشحين الناجحين ارتداء أردية معينة أصبح
على مزايا ضريبية معينة وكان وضعهم الجديد يعني أنهم تجنبوا العقوبات المدنية لبعض الجرائم الجنائية .ومع ذلك ،كم
ذكورا ومتعلمين بشكل معقول ،ولم يكن لدى أطفال الفالحين الذين ال
ً هو الحال دائ ًما ،يجب أن يكون المرشحون
يستطيعون الكتابة أو لم يتمكنوا من الوصول إلى النصوص العلمية أي فرصة لتحسين وضعهم في المجتمع .وفي الواقع،
كانت متطلبات االمتحان هي التي اضطرت اآلباء إلى انفاق قدر كبير من المال على المعلمين الخصوصيين إلعداد أبنائهم
ألهم اختبار في حياتهم.
مع انتشار الكونفوشيوسية الجديدة ،فضلت امتحانات أسرة مينغ أيضا معرفة "الكتب الربعة" ،وهي مختارات
كونفوشيوس ،ومنسيوس ،والتعلم العظيم ،وعقيدة الوسط .وأصبحت دراسة هذه النصوص ضرورية الجتياز االمتحانات
حتى إلغائها في القرن العشرين الميالدي.
أصبحت االختبارات نفسها أكثر دقة حيث يتكون كل من المستويين األول والثاني من ثالثة أجزاء منفصلة .ولم يكن على
ضا كتابة مقاالت مطولة تهدف إلى السماح للمسؤولين على المرشحين اإلجابة على األسئلة فحسب ،بل كان عليهم أي ً
االمتحان بتقييم وجهات النظر السياسية للمرشحين ،وليس فقط قدرتهم األكاديمية .أخي ًرا ،في ظل حكم مينغ ،كان على
المرشحين الناجحين في امتحان المستوى األدنى والذين لم يجتازوا المستوى الثاني إجراء االختبارات بشكل دوري إذا
أرادوا الحفاظ على وضعهم .وفي عهد أسرة تشينغ ( 1644-1911م) تمت إضافة طبقة أخرى من التعقيد إلى نظام
االمتحانات .تم إدخال امتحان للبنين األصغر شنًا والذي كان عليهم اجتيازه ليكونوا مؤهلين إلجراء امتحان الخدمة المدنية
اإلقليمية من المستوى األول .على الرغم من ً أنه يهدف إلى تطوير مهارات األوالد األصغر سنًا إال أنه يجب على الذكور
ضا تعقيدًا إلى سلسلة التعقيدات
من أي عمر اجتياز هذا االختبار قبل المضي قدًما في النظام .أضافت أسرة تشينغ أي ً
السابقة حيث كان على المرشحين الذين اجتازوا امتحان القصر من المستوى الثالث أن يقوموا باختبار كتابي آخر ،هذه
المرة حدده اإلمبراطور نفسه .والخبر السار أن النجاح في هذه الورقة األخيرة تعني تعيي ًنا فوريًا في منصب كبير.
مبكرا إذا أرادوا أن تتاح لهم أي فرصة للنجاح وذلك بالبدءً نظرا لسلسلة الصعوبات هذه كان على الصغار أن يبدأوا التعلم
ً
بتلقي الدروس الخصوصية في عمر الرابعة أو الخامسة لتعلم كيفية القراءة والكتابة باللغة الصينية الكالسيكية ،والتي
كانت مختلفة عن اللغة الصينية المنطوقة يوميًا .كان ال بد من حفظ النصوص الكونفوشيوسية الكالسيكية إذا لم تكن
مفهومة بالكامل .كان ال بد من تطوير مهارات الخط إلعطاء انطباع سار في امتحانات المستوى األول (كان لدى
سا آخرالمستويات األخرى ناسخون من أجل الحياد كما هو مذكور أعاله) .وكانت المعرفة السليمة بتاريخ الصين أسا ً
يجب اكتسابه في هذه المرحلة .بعد ذلك ،كان عليهم أن يكتسبوا مهارات المقال "الثماني" ،وهو عرض رسمي لألفكار
اضافة لتعلم البنية الالزمة لبعض إجابات االمتحان .بالنسبة المتحانات المستوى الثاني والثالث ،كانت المعرفة بالمراسيم
أمرا ضروريًا. اإلمبراطورية والمراسيم الحكومية واألحكام القضائية ً
ويتم اجراء االمتحانات األولية في المحافظات حيث يجلس المرشحون في قاعة أو فناء أحد المكاتب المحلية ،ويستمر
الحدث طوال اليوم ويتكرر مرتين في غضون اسبوع ،وكان حدثًا مه ًما في المجتمع ،حيث تم إنشاء أكشاك لبيع الطعام
وشاهدته العائلة والمهنئون خارج القاعات .واقيمت امتحانات المستوى الثاني في المدن وامتدت على مدار أسبوع .كان
على المرشحين أن يقدموا أنفسهم في األسبوع السابق لالمتحانات الفعلية مع أخذ جميع أوراقهم الرسمية مرتبةً (على
الرغم من وجود حالة غريبة من طالب يرسلون بديالً أكثر قدرة) ،وكان ال بد من إجراء ترتيبات اإلقامة وتجهيز األدوات
ضا
الخاصة من فرش وحبر وأوراق .وكان من المتوقع أن يبقوا منعزلين في زنزانات االمتحان الفردية ،وكانوا بحاجة أي ً
إلى الطعام والشموع والبطانيات .احتوت الزنزانة واجهة مفتوحة حتى يتمكن المراقبون من فحص الجميع ،داخلها عدد
من األلواح الخشبية البسيطة لصنع مكتب ومقعد أو سرير .هنا ،سيقضي كل مرشح ثالثة أيام في إجراء االختبار .قبل
الدخول ،ي تم تفتيش كل مرشح وطرد أي شخص تم ضبطه وهو يغش ،ومنعه من أداء االختبار في المرة التالية التي يتم
عقده فيها ،وفي بعض الحاالت ،تم تجريدهم من الشهادة التي حصلوا عليها في المستوى األول.
كان لنظام امتحانات الخدمة المدنية عدة تأثيرات مهمة على المجتمع الصيني .إن فكرة وضع القدرة الفردية فوق الروابط
العائلية والخلفية االجتماعية كانت فكرة جذرية أثارت في الناس من جميع أفراد المجتمع فكرة أنه ال يتعين على المرء أن
يتبع نفس حياة وعمل والديه .كانت هناك أماكن محدودة ،بل ووظائف أكثر محدودية في نهاية العملية ،وكان المرء
بحاجة إلى التعليم األساسي في البداية (ناهيك عن أنه يجب أن يكون ذكرا أيضا) ،ولكن كان هناك ،على األقل بالنسبة
للبعض ،مسار ممكن إلى التقدم االجتماعي.
كان أحد اآلثار اإليجابية لنظام االمتحانات على أساس الجدارة هو تقليل قبضة الطبقة األرستقراطية على السلطة والثروة.
ضا انخفاض في حاالت الفساد من خالل استبدال النظام القديم حيث كان المسؤولون المحليون يعينون كان هناك أي ً
مرؤوسيهم على أساس الروابط العائلية والرشاوى بدالً من الجدارة (على الرغم من أن المسؤولين رفيعي المستوى ما
زالوا قادرين على التحايل على نظام االمتحانات وترشيح األشخاص لمناصب منخفضة) .كان من اآلثار الجانبية األخرى
لخلق هذه الرغبة في االنضمام إلى الطبقة الرسمية من العلماء هو خلق قسم مطيع من المجتمع يتقاسم قي ًما مشتركة ،أحدها
هو الحفاظ على النظام الذي يطمحون إلى االنضمام إليه والمشاركة فيه بشغف كون الشعور بالمسؤولية مبد ًءا أساسيًا في
الكونفوشيوسية.
وتم تقليد نظام االمتحانات هذا من قبل عدة حكومات آسيوية أخرى ،وال سيما في اليابان وكوريا وفيتنام .ومع ذلك ،مع
مرور فترة العصور الوسطى والتقدم العلمي في أماكن أخرى ،وخاصة في الغرب ،تخلفت الصين عن الركب حيث أكد
نظام االمتحانات على معرفة األدب الكالسيكي وتنمية الوعي األخالقي بدالً من الموضوعات العلمية والتقنية .ولهذا
السبب ،وبعد ألف عام وبعد أن أصبحت جز ًءا من نسيج الحياة العامة الصينية ،ألغت أسرة تشينغ نظام امتحانات الخدمة
سا تقريبًا ،الذي يحظى به التعليمالمدنية في عام 1905م .ومع ذلك ،يظل إرثها يحظى باحترام كبير ،بل ويكاد يكون تقدي ً
في الثقافة الصينية اليوم.