‫س نة اثنية‬ ‫طبيعة ا ألدب ووظيفته‬

‫َأوال‪ /‬طبيعة األدب‪:‬‬

‫أن َأول مشكلة تواجهها في مادة البحث األدبي‪ ،‬ما هو األدب؟ وما هي طبيعة‬
‫من الواضح َ‬
‫أن هذه األسئلة تبدو سهلة‪ ،‬إالَ َأنه من الصعب أن نجد إجابات واضحة عنها‪.‬‬
‫األدب؟ ورغم َ‬

‫إحدى طرق تعريف األدب «هو َأنه كل شيء مطبوع» وطبقا لهذا التَعريف‪ ،‬فهل يدخل في‬
‫الشعوذة في إنجلت ار‬
‫تحركات الكواكب في أوائل العصور الوسطى أو َ‬
‫ط َبية أو َ‬
‫الدراسات ال َ‬
‫األدب َ‬
‫كل ما يتَصل بتاريخ الحضارة يدخل في نطاق األدب‪،‬‬
‫أن َ‬
‫قديما وحديثا‪ ،‬حيث يعتبر إدوين جريلو َ‬
‫أن قيمة‬ ‫الحق بأن يطرق مختلف المجاالت كونه يصل إلى نتائج َ‬
‫معينة بمعنى َ‬ ‫َ‬ ‫فدارس األدب لديه‬
‫يقدمه من نتائج تفيد هذا أو ذاك‪ ،‬ولكن التَوحيد بين األدب وتاريخ الحضارة هو‬
‫األدب ارتبطت بما َ‬
‫بالدراسة األدبية‪.‬‬
‫المحدد والمناهج الخاصة َ‬
‫َ‬ ‫إلغاء للمجال‬

‫بالشكل‬
‫تتميز َ‬
‫أمهات الكتب" أي على الكتب التي َ‬ ‫ومن التَعاريف األخرى لألدب قصره على " َ‬
‫أو التـَعبير األدبي مهما كان موضوعها‪ ،‬هناك يكون األساس القيمة الجمالية وحدها وهذا الحكم قد‬

‫يكون إصدار لحكم تقديري حول ذلك األدب ليقرأه المبتدؤون من ال َ‬

‫طلبة‪ ،‬فينبغي عليهم أن يقرؤوا‬
‫يحق لنا التَساؤل ‪-‬يقول رونيه ويليك‪ -‬عن مدى‬ ‫فإنه َ‬
‫الجيد من الكتب‪ ،‬ومع ذلك َ‬
‫الروائع أو َ‬
‫َ‬
‫ألن الحديث أو الكتابة فيها يكون بطريقة تقريرَية ال‬
‫بالنسبة للعلوم َ‬
‫صالحية هذا المبدأ للتَطبيق َ‬
‫تشكل اإلطار االجتماعي والفكري الذي يحيط‬
‫ظروف التي َ‬
‫تفهم ال َ‬
‫فنية‪ ،‬هذا باإلضافة إلى صعوبة َ‬
‫َ‬
‫باإلنتاج األدبي‪ ،‬وهذا سيؤدي إلى تفضيل بعض الكتَاب والعلماء على آخرين‪ ،‬وذلك ألسلوبهم في‬
‫فيتميز هذا األدب عن نظيره لوظيفته الجمالية‪...‬لكن امتداد الوظيفة الجمالية إلى‬
‫َ‬ ‫العرض والكتابة‪،‬‬
‫ألنه يأتي بأسلوب مباشر غير‬
‫الشعر التَعليمي مثال َ‬
‫ألننا بهذا الموقف نستبعد َ‬
‫األدب فهم قاصر َ‬
‫ضيق‪.‬‬
‫النقاد هو فهم َ‬
‫جمالي‪ ،‬فلهذا يقول َ‬
 ‫س نة اثنية‬ ‫طبيعة ا ألدب ووظيفته‬
‫ثاني‪ /‬وظيفة األدب‪:‬‬

‫من منطق الكالم أن تكون طبيعة األدب ووظيفته مرتبطتين ففائدة َ‬

‫الشعر نابع من طبيعته‬
‫يؤديه (الوظيفة)‪.‬‬
‫فكيان الشيء (طبيعته) قائم على ما َ‬

‫متعددة؟‬
‫وهناك سؤال آخر يطرح نفسه وهو‪ :‬هل لألدب وظيفة واحدة؟ أو وظائف َ‬

‫األدبية لم يتَفقوا على‬

‫َ‬ ‫المفكرين عبر مختلف العصور‬
‫النقاد و َ‬
‫أن الباحثين و َ‬
‫شك فيه َ‬
‫مما ال َ‬
‫وظيفة األدب اتَفاقا تاما‪ ،‬و َإنما اختلفت من عصر آلخر ومن مجتمع آلخر بحسب األفكار‬
‫الزمن ونفس المجتمع‪ ،‬ومن تلك االختالفات نذكر الخالف الذي وقع‬
‫والثَقافات‪ ،‬وحتَى في نفس َ‬
‫بين "أفالطون" و"أرسطو" حول وظيفة األدب‪ ،‬حيث اعتبر أفالطون َ‬
‫الشعر مضلال للحقيقة‪ ،‬بينما‬
‫الدراما هي تطهير للعواطف‪.‬‬
‫أن َ‬‫اعتبر أرسطو َ‬

‫الروماني "هو ارس" وظيفة األدب فقال َأنه يهدف إلى المتعة واإلفادة‬
‫ظر َ‬
‫وقد حدد الشاعر والمن َ‬
‫لشعر "عذب ومفيد" وبغياب أحد الصنفين تختل وظيفة األدب‪.‬‬
‫فا َ‬

‫ويمكن تصنيف هذه الوظائف التي يحققها األدب كاآلتي‪:‬‬

‫المعرفية‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪ /1‬الوظيفة‬

‫يوسع معارف البشر‪ ،‬وقد أكد أرسطو أ َن الشعر أكثر اقترابا‬

‫شكل من أشكال المعرفة َ‬
‫األدب َ‬
‫من الحقيقة والمعرفة في حين رأى أفالطون أن الشعر يبتعد عن الحقيقة‪ ..‬وبالحديث عن عالقة‬
‫األدب بالحقيقة والمعرفة قد يبدو للبعض أنها غير قائمة‪ ،‬فلهاذا يمكن الحديث عن الصدق الفني‬
‫إما صادق أو كاذب‬ ‫وليس الصدق مرادف الحقيقة‪ ،‬فقد أجمع البالغيون العرب على َ‬
‫أن الخبر َ‬
‫فالخبر الصادق ما طابق الواقع والكاذب ما لم يطابقه‪ ،‬وتمثل هنا عدم المطابقة عنصر اإلبداع‬
‫فالصدق هنا‬
‫الشعر أكذبه» َ‬
‫قدامة ابن جعفر «وقد بلغني عن بعضهم َأنه قال‪ :‬أحسن َ‬ ‫وقد قال َ‬
‫يعبر عن‬ ‫يعني صدق التَجربة‪ ،‬يعني أن يدهش الشعر القارئ عن طريق التَعبير َ‬
‫الرقيق الذي َ‬
‫ميز رونيه ويليك بين نموذجين من الحقيقة‪:‬‬
‫أفكاره‪ ،‬وفي األخير يتركه راضيا‪ .‬وقد َ‬
 ‫س نة اثنية‬ ‫طبيعة ا ألدب ووظيفته‬
‫المفكرون والفالسفة‪.‬‬
‫َ‬ ‫أ‪ -‬الحقيقة التي يستخدمها‬

‫الفنية (في األسلوب)‪.‬‬

‫األدبية و َ‬
‫َ‬ ‫ب‪ -‬الحقيقة‬

‫‪ /2‬الوظيفة السيكولوجية‪:‬‬

‫أن االرواية‬
‫النفس‪ ،‬ذلك َ‬
‫طبيعة البشرية أكثر من عالم َ‬ ‫الراوي أو َ‬
‫الشاعر أن يعلمنا بال َ‬ ‫بإمكان َ‬
‫المتنبي مثال فإنها تكشف لنا عن‬
‫َ‬ ‫للشخصيات‪ ،‬ففي قراءتنا لقصائد‬
‫تكشف عن الحياة الباطنية َ‬
‫الحب الممزوج بالبطولة‪ ،‬وقصة أوديب‬
‫َ‬ ‫سيكولوجية العظمة‪ ،‬وقصائد عنترة تكشف عن سيكولوجية‬
‫تكشف عن عقدة اإلثم‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪ /3‬الوظيفة اإلبداعية‪:‬‬

‫المخيلة‬
‫يمثل الفن (األدب) أحد عوامل النشاط اإلبداعي للبشر وحاف از للملكات اإلبداعية و َ‬
‫الرواية‪...‬‬
‫الشعر و َ‬
‫كل الميادين‪ :‬المسرح‪َ ،‬‬
‫المبدعة في َ‬

‫‪ /4‬الوظيفة الجمالية‪:‬‬

‫ينمي المشاعر الجمالية واألذواق‪ ،‬فحاجة اإلنسان إلى الجمال كحاجته إلى الغذاء‪ .‬وضع‬
‫الفن َ‬
‫َ‬

‫الراحة‬
‫الصور في جدران البيوت‪ ،‬دليل على حاجة اإلنسان لخلق أجواء َ‬ ‫يتية مثال و َ‬‫الز َ‬
‫الَلوحات َ‬
‫والجمال للمتعة والتَرفيه‪ .‬وكذلك األدب‪ .‬فهو مصدر الجمال واالستمتاع‪ ،‬وهو جدلية ال َذات‬
‫النص والقارئ وتختلف هذه المتعة الجمالية من شخص آلخر‪ ،‬وباختالف األزمنة‬
‫والموضوع أي َ‬
‫واألمكنة‪ ،‬فقد يكون للنص ردود أفعال جمالية في زمن معين‪ ،‬ثم تتغير في وقت الحق‪.‬‬