Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 6

‫تكليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف‬

‫وحكمه ■‬
‫■ جمهور الفقهاء حول مسألة بيع التقسيط ُ‬
‫القـاضي ‪ /‬محمد علي داديه‬ ‫الطالب ‪ /‬زكريا عبداهلل المنقذي‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬


‫فساتطرق‬ ‫قال جمهور الفقهاء ومنهم المذاهب الربعة بجواز البيع لجل ‪ ،‬او بيع التقسيط ‪ ،‬واستدلوا على مشروعيته بالك تاب والسنة والمعقول ‪ .‬واما المخالفون‬
‫أ‬ ‫آ‬
‫لرائهم عند الحديث عن ُحكم الزيادة في بيع التقسيط في المبحث الثاني ‪ /‬المطلب الول ‪ /‬الفرع الثاني‪.‬‬
‫وقد استدل ُالمجيزون لبيع التقسيط بما يلي ‪:‬‬
‫أ ً‬
‫وال ‪ :‬من ألك تاب ألكريم ‪:‬‬
‫َ َ َ َّ َّ ُ ْ‬
‫اَّلل ال َب ْي َع ) ‪.‬‬ ‫‪ 1‬قوله تعالى ‪ ( :‬واحل‬
‫َْ َُ َ َ ً َ ْ َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ آ َ ُ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ ْ‬
‫اض ِم ْن ُك ْم ) ‪.‬‬
‫‪ 2‬قوله تعالى ‪ ( :‬يا ايها ال ِذين امنوا ل تاكلوا اموالكم بينكم ِبال َب ِاط ِل ِإل ان تكون ِتج َارة عن ت َر ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ آ‬
‫‪ 3‬قوله تعالى ‪َ ( :‬يا َا ُّي َها ال ِذ َين ا َم ُنوا ِإ َذا َت َد َاي ْن ُت ْم ِب َد ْي ٍن ِإلى َا َج ٍل ُم َس ًّمى َف ْاك ُت ُب ُوه َول َي ْك ُت ْب َب ْي َن ُك ْم ) ‪.‬‬
‫○ وجه الدللة ‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ آ‬ ‫أ‬ ‫آ‬
‫تدل هذه اليات بمفهومها على جواز بيع الجل ‪ ،‬لن اليات على إطالقها ولم تقيد ‪ ،‬فدل ذلك على جواز بيع التقسيط ‪ ،‬لنه نوع من انواع البيوع يؤخر فيه الثمن ‪،‬‬
‫أ أ‬
‫ول يوجد ما يمنع ذلك ‪ ،‬لن الصل في المعامالت اإلباحة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا ‪ :‬من السنة الشريفة ‪:‬‬
‫‪ 1‬عن عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬قالت‪ ( :‬اشترى رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص من يهودي طعاما بنسيئة‪ ،‬ورهنه درعه ) ‪.‬‬
‫‪ 2‬عن عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬قالت‪ ( :‬توفي رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ودرعه مرهونة عند يهودي‪ ،‬بثالثين صاعا من شعير ) ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫‪ 3‬عن ابن عباس رضي هللا عنهما‪ ،‬قال ‪ ( :‬من اسلف في شيء‪ ،‬ففي كيل معلوم‪ ،‬ووزن معلوم‪ ،‬إلى اجل معلوم ) ‪.‬‬
‫ْ ْ‬ ‫الذ َهب‪َ ،‬و ْال ِف َّض ُة ب ْال ِف َّض ِة‪َ ،‬و ْال ُب ُّر ب ْال ُبر‪َ ،‬و َّ‬‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫‪َ 4‬ع ْن ُع َب َاد َة ْبن َّ‬
‫الش ِع ِير‪َ ،‬و َّالت ْم ُر ِبا َّلت ْم ِر‪َ ،‬وال ِمل ُح‬
‫الش ِع ُير ب َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هللا َصلى هللا َعل ْي ِه َو َسل َم‪ ( :‬الذه ُب ِب ِ‬
‫الص ِام ِت‪ ،‬قال‪ :‬قال َر ُسول ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ ْ ً ِْ َ َ ً َ َ َ ً َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ‬
‫ِبال ِمل ِح‪ِ ،‬مثال ِب ِمث ٍل‪ ،‬سواء ِبسواءٍ ‪ ،‬يدا ِبي ٍد‪ ،‬ف ِإذا اختلفت ه ِذ ِه الصناف‪ ،‬ف ِبيعوا كيف ِشئتم‪ِ ،‬إذا كان يدا ِبي ٍد ) ‪.‬‬
‫○ وجه الدللة ‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫دلت الحاديث السابقة كما ل يخفى على جواز البيع لجل ‪ ،‬فحديثي عائشة رضي هللا عنها ُيثبتان ان الرسول عليه الصالة والسالم اشترى لجل ‪ ،‬وحديث ابن عباس‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫رضي هللا عنهما يدل على جواز البيع لجل ‪ ،‬لنه عكس السلم ‪ ،‬فهذا تعجيل الثمن وتاجيل المبيع ‪ ،‬وذاك تعجيل المبيع وتاجيل الثمن ‪ ،‬ول فرق بينهما ‪ .‬واما‬
‫أ‬ ‫حديث عبادة بن الصامت رضي هللا عنه فيدل على جواز البيع ألجل في غير الصناف الستة المذكورة في الحديث ‪ ،‬ألن لفظ ( ً‬
‫يدا بيد ) خاص بهذه الصناف ل غير ‪،‬‬
‫كما يدل الحديث الشريف ‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا ‪ :‬المعقول ‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫فالمعامالت مشروعة لن الناس بحاجة لها ‪ ،‬ولنها ترعى مصالحهم ‪ ،‬وبيع التقسيط من البيوع التي يحتاجها ك ثير ممن ل يملكون المال‪ ،‬وهم بحاجة ماسة إليه ‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫فجوازه فيه تيسير لهم ‪ ،‬وتحقيق لهدافهم الحياتية ‪ ،‬ما دام ذلك ل يتعارض مع احكام هللا تبارك وتعالى ‪.‬‬
‫ألمطلب ألثاني ‪ِ :‬حكمة بيع ألتقسيط ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ل شك ان الحكمة في بيع التقسيط تنبع من اهميته والحاجة إليه ‪ ،‬فقد انتشر هذا البيع انتشا ًرا كبي ًرا بين الناس ‪ ،‬وخاصة في العصر الحاضر ‪ ،‬المر الذي ابرز بعض‬
‫الحكم في جوازه ومشروعيته ‪ .‬ومنها ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫‪ 1‬أان البائع يستطيع التنويع في طرق البيع والتسويق ‪ ،‬حيث يبيع ً‬
‫نقدا ‪ ،‬ويبيع لجل سواء على قسط واحد او اقساط متعددة ‪ ،‬وبذلك يزيد من ارباحه ‪ ،‬ويضاعف‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫راس ماله ‪ ،‬ويزيد من حجم تاثيره القتصادي في المجتمع بشكل عام ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫‪ 2‬ان المشتري يستطيع الحصول على السلع التي يحتاجها حتى لو لم يملك ثمنها ‪ ،‬وذلك من خالل شرائها بالتقسيط ‪ ،‬المر الذي ُيسهل عليه دفع ثمنها خالل مدة‬
‫طويلة ‪ ،‬بد ًل من اإلدخار مدة من الزمان ليتمكن من شراء ما يريد ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫‪ 3‬ان يتمكن ك ثير من التجار في ( شركة الوجوه ) من العمل والتجارة وهم ل يملكون راس مال ‪ .‬وهذا يزيد اإلنتاج والدخل ‪ ،‬ويقلل البطالة ‪ ،‬ويعمل على معالجة‬
‫الك ثير من المشاكل القتصادية والجتماعية ‪.‬‬
‫ألمطلب ألثالث ‪ :‬أدأب بيع ألتقسيط ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫آ‬
‫هناك اداب تتعلق بالبائع ‪ ،‬واخرى بالمشتري ‪ ،‬ل بد من مراعاتها عند البيع او الشراء بالتقسيط ‪ .‬ومنها ‪:‬‬
‫أ‬
‫فالفضل أان يبيع ً‬ ‫‪ 1‬أان ل يقتصر البائع على البيع بالتقسيط ‪ُ ،‬ويعرض عن البيع ً‬
‫نقدا ‪ ،‬ويبيع بالتقسيط ‪.‬‬ ‫نقدا ؛ ليستفيد من الزيادة في بيع الجل ‪،‬‬
‫أ‬ ‫‪ 2‬أان ل يشتري بالتقسيط إل من كان ً‬
‫عازما على السداد ‪ ،‬وقاد ًرا عليه ‪ ،‬بحيث يلتزم بتسديد القساط في مواعيدها المحددة ‪ ،‬دون مماطلة ول تسويف ‪.‬‬
‫حكم ألزيادة في ألثمن في بيع ألتقسيط ّ‬
‫ومسوغاتها ‪.‬‬
‫وفيه مطلبان ‪:‬‬
‫ألمطلب أالول ‪ :‬حكم ألزيادة في ألثمن في بيع ألتقسيط ‪.‬‬
‫وفيه فرعان ‪:‬‬
‫ألفرع أالول ‪ :‬ألمجيزون للزيادة في ألثمن في بيع ألتقسيط وأدلتهم ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫اجاز جمهور الفقهاء ومنهم المذاهب الربعة ( الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ) زيادة الثمن في بيع الجل ( التقسيط ) ‪ ،‬وقالوا إن لالجل زيادة ‪ ،‬والسلعة‬
‫ً‬
‫ونقصانا ‪.‬‬ ‫نقدا أاو ألجل ‪ ،‬وقد اختلفت عبارات فقهاء المذاهب إل أانها تتفق أان الزيادة في الثمن جائزة ‪ ،‬أوان أالجل له حصة من المبيع زي ً‬
‫ادة‬ ‫يختلف سعرها إذا كان ً‬
‫أ‬
‫كما قال بالجواز معظم الفقهاء والباحثين المعاصرين ‪ ،‬منهم ‪ :‬وهبة الزحيلي ‪ ،‬وعلي القره داغي ‪ ،‬ورفيق المصري ‪ ،‬وعادل عيد ‪ ،‬ودمحم السبحي ‪ ،‬وعبدالستار ابو غدة‬
‫أ‬
‫‪ ،‬ودمحم عقلة ‪ ،‬ومجمع الفقه اإلسالمي ادلة المجيزين ( الجمهور ) ‪:‬‬
‫أ‬
‫الدليل الول ‪:‬‬
‫َ َ َ َّ َّ ُ ْ‬
‫اَّلل ال َب ْي َع )‬ ‫قوله تعالى ‪ ( :‬واحل‬
‫َ‬ ‫َّ آ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ آ َ ُ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ ْ‬
‫اض ِم ْن ُك ْم ) ‪ .‬وقوله تعالى ‪َ ( :‬يا َا ُّي َها ال ِذ َين ا َم ُنوا ِإ َذا َت َد َاي ْن ُت ْم ِب َد ْي ٍن ِإلى‬ ‫َْ َُ َ َ ً َ ْ َ‬
‫‪ .‬و قوله تعالى ‪ ( :‬يا ايها ال ِذين امنوا ل تاكلوا اموالكم بينكم ِبال َب ِاط ِل ِإل ان تكون ِتج َارة عن ت َر ٍ‬
‫َا َج ٍل ُم َس ًّمى َف ْاك ُت ُب ُوه ) ‪.‬‬
‫وجه ألداللة ‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫آ‬
‫تدل اليات على جواز الزيادة في البيع لجل ( التقسيط ) ‪ ،‬حيث جاءت على إباحتها الصلية ‪ ،‬وعلى إطالقها دون قيد من القيود ‪ ،‬والصل في المعامالت اإلباحة ‪،‬‬
‫فدل ذلك على الجواز ما لم يثبت دليل يمنع هذه الزيادة بشكل واضح ‪.‬‬
‫ألدليل ألثاني ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى ‪َ ( :‬قالوا ِإ َّن َما ال َب ْي ُع ِم ْث ُل ِالر َبا) ‪.‬‬
‫آ‬ ‫أ‬
‫قال ابن العربي في تفسيره ( احكام القران ) ‪:‬‬
‫َ َ ْ َ َ ْ ْ َ َّ ُ َ ْ َ ُ ُ َ َ َ َ َّ َ َ َ ُ َ َ ً َ ْ ُ َ ْ َ َ ٌ َ َ َ ْ َ ُ ُ َّ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ َ ْ َّ َ َ َ ُ ْ َ ُ ُ ْ آ‬
‫ول َال َج ِل ا ِخ ًرا ِم ْث ُل َا ْص ِل َّالث َم ِن ِفي‬ ‫" وقد كانت الج ِاه ِلية تفعله كما تقدم‪ ،‬فت ِزيد ِزيادة لم يقا ِبلها ِعوض‪ ،‬وكانت تقول‪ (:‬إنما البيع ِمثل ِالربا ) اي‪ :‬إنما ِالزيادة ِعند حل ِ‬
‫اَّلل َت َع َالى َع َل ْيه ْم َق ْو َل ُه ْم‪َ ،‬و َح َّر َم َما ْاع َت َق ُد ُوه َح َال ًل َع َل ْيه ْم‪َ ،‬و ُاوض َح َا َّن ْ َال َج َل َإذا َح َّل َو َل ْم َي ُك ْن ع ْن َد ُه َما ُي َؤدي ُا ْنظ َر َإلى ْال َم ْي َس َر ِة َت ْخف ًيفا‪َ ...،‬و َا َّلذي َا َر ُاه َان ُهَّ‬
‫َا َّول ْال َع ْق ِد؛ َف َر َّد َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اض ِم ْن ُك ْم ) ‪.‬‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ون ت َج َار ًة َع ْن َ‬‫ات‪َ ،‬و ُه َو َد ِاخ ٌل َت ْح َت َق ْوله َت َع َالى‪ِ ( :‬إل َا ْن َت ُك َ‬ ‫ق‬‫َإذا َو َق َع َع ْن ع ْلم ْال ُم َت َعاق َد ْين َفإ َّن ُه َح َال ٌل َماض؛ ِ َل َّن ُه َما َي ْف َتق َران َإلى َذل َك في ْ َال ْو َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وقال الشاطبي في (اإلعتصام) ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫" َا َّن ال ُك َّف َار َقالوا‪. . :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ ْ ْ ُ ْ ُ َ َ َّ ُ ْ َ َّ َ َ ُّ ْ َ َ َ َ ْ َ ُّ‬
‫اس َف ِاس ٍد‪َ ،‬ف َقالوا‪ِ :‬إ َذا َف َس َخ ال َع َش َر َة ال ِتي ْاش َت َرى ِب َها ِإلى َش ْه ٍر ِفي َخ ْم َس َة َع َش َر ِإلى َش ْه َر ْي ِن‪َ ،‬ف ُه َو َك َما ل ْو‬
‫( ِإنما ال َبيع ِمثل ِالربا )‪،‬ف ِإنهم لما ْاستحلوا العمل ِب ِه واحتجوا ِب ِق َي ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ ُ َّ ُ َ َ َ َ َ َّ َ َ ْ ْ َ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ُ َّ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ َ َ َ َّ َّ ُ ْ‬
‫اَّلل ال َب ْي َع َو َح َّر َم ِالر َبا) ‪َ ،‬ا ْي‪ :‬ل ْي َس ال َب ْي ُع ِم ْث ُل ِالر َبا‪،‬‬ ‫باع ِبخمسة عشر ِإلى شهري ِن‪ ،‬فاكذبهم اَّلل تعالى ورد علي ِهم‪ ،‬فقال‪( :‬ذ ِلك ِبانهم قالوا ِإنما البيع ِمثل ِالربا واحل‬
‫َ‬
‫َف َه ِذ ِه ُم ْح َد َث ٌة َا َخ ُذوا ِب َها ُم ْس َت ِن ِد َين ِإلى َ ْرا ٍي َف ِاس ٍد‪".‬‬
‫وجه ألداللة ‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫آ‬
‫تفسير الية يدل على جواز الزيادة في الثمن في بيع الجل ( التقسيط ) ‪ ،‬عندما تكون الزيادة قد ُحددت في بداية العقد ‪ ،‬اما الزيادة الممنوعة فهي التي يزيدها البائع‬
‫وحرمت‬ ‫عند انتهاء أالجل وعدم قدرة المشتري على الوفاء بالتسديد ‪ ،‬والفرق واضح بين الزيادتين ‪ ،‬ولذلك افترقا في الحكم ‪ ،‬أفابيحت الزيادة عند إبرام عقد البيع ‪ُ ،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الزيادة عند انتهاء الجل ؛ لن البائع ُمطالب بإنظار ُالمعسر ‪ ،‬ل بالتسلط عليه وزيادة دينه ‪.‬‬
‫ألدليل ألثالث ‪:‬‬
‫هللا َع َل ْي ِه َو َس َّل َم‪:‬‬
‫هللا َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫الص ِام ِت رضي هللا عنه ‪ ،‬قال‪ :‬قال َر ُسول ِ‬ ‫حديث ُع َب َاد َة ْبن َّ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫الش ِعير‪َ ،‬و َّالت ْم ُر ب َّالت ْمر‪َ ،‬والمل ُح بالملح‪ِ ،‬م ْثال بم ْثل‪َ ،‬س َو ًاء ب َس َواءٍ ‪َ ،‬ي ًدا ب َي ٍد‪َ ،‬ف ِإ َذا ا ْخ َت َل َف ْت َه ِذ ِه َال ْص َن ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫الذ َهب‪َ ،‬وال ِف َّض ُة بال ِف َّض ِة‪َ ،‬وال ُب ُّر بال ُبر‪َ ،‬و َّ‬
‫الش ِع ُير ب َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬
‫اف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ٍ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫( الذه ُب ِب ِ‬
‫َف ِب ُيعوا َك ْي َف ِش ْئ ُت ْم‪ِ ،‬إ َذا َك َان َي ًدا ِب َي ٍد ) ‪.‬‬
‫وجه ألداللة ‪:‬‬
‫الحديث واضح الدللة في منع الزيادة في الثمن في بيع كل صنف بصنفه ‪ ،‬ودل الحديث أا ً‬
‫يضا على جواز الزيادة إذا اختلفت‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أالصناف ‪ ( ،‬فبيعوا كيف شئتم ) ‪ ،‬لكنه قيد ذلك أان يتم ً‬
‫يدا بيد دون تاجيل ‪ ،‬وهذا ما زال محصو ًرا في الصناف الستة التي ذكرها الحديث ‪ ،‬بدليل قوله ‪ ( :‬هذه‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الصناف ) ‪ ،‬فاسم اإلشارة يعود على الصناف الستة ل غير ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫والذي ل شك فيه ان الحديث يدل دللة ل لبس فيها على جواز بيع الجل‪ ،‬والزيادة في الثمن لجل التاجيل ‪ ،‬فما دام المبيع خارج الصناف المذكورة فال يشملها‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫التقييد بدون زيادة ‪ ،‬او التقييد بدون تاجيل ‪.‬‬
‫وتعجل ) ‪.‬‬ ‫ألدليل ألرأبع ‪ ( :‬ضع ّ‬
‫َ ُ َ َ ُ َ َّ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َّ ُ ُ ٌ َ‬ ‫َّ َ ْ‬ ‫َعن ْابن َع َّباس ‪َ ،‬ق َال‪َ " :‬ل َّما َا َر َاد َر ُس ُول َّاَّلل َص َّلى ُ َ‬
‫ون ل ْم ُت َح َّل ‪َ ،‬ق َال‪:‬‬‫اس دي‬ ‫هللا َعل ْي ِه َو َسل َم ا ْن ُيخ ِر َج َب ِني َّالن ِض ِير ‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول ِ‬
‫اَّلل ِإنك امرت ِب ِإخر ِاجنا ولنا على الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫( َض ُعوا َو َت َع َّج ُلوا) "‬
‫هذا الحديث ذكره رفيق المصري في ك تابه ( بيع التقسيط ) ‪ ،‬لكن كما هو واضح من توثيقه في الهامش فهو ضعيف ل ُيحتج به ‪ .‬لكن ‪ ،‬أاخرج البخاري ً‬
‫حديثا بمعناه‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫عن كعب بن مالك ‪ " :‬انه تقاضى ابن ابي حدرد دينا كان له عليه‪ ،‬في عهد رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص في المسجد‪ ،‬فارتفعت اصواتهما حتى سمعها رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وهو في بيت‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫فخرج رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص إليهما‪ ،‬حتى كشف سجف حجرته‪ ،‬فنادى كعب بن مالك‪ :‬فقال «يا كعب» ‪ ،‬فقال‪ :‬لبيك يا رسول هللا‪ ،‬فاشار بيده ان ضع الشطر‪ ،‬فقال كعب‪:‬‬
‫قد فعلت يا رسول هللا‪ ،‬فقال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ( :‬قم فاقضه ) " ‪.‬‬
‫وجه ألداللة ‪:‬‬
‫أ‬
‫الحديث يدل على جواز الحط من ثمن المبيع مقابل التعجيل بالباقي ‪ ،‬وهذا يدل على جواز الزيادة في ثمن المبيع إذا كان البيع لجل ( التقسيط ) ‪ ،‬وهذه الزيادة‬
‫أ‬
‫تكون عند إبرام عقد البيع ‪ ،‬ل عند انتهاء الجل ومطالبة المدين بالتمديد ‪ ،‬فهذا ربا متفق على حرمته ‪.‬‬
‫صيغة ( ضع ّ‬
‫وتعجل ) ‪:‬‬
‫آ أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫هي أان يكون لرجل على آاخر مئة دينار مؤجلة إلى شهر ً‬
‫مثال ‪ ،‬فيقول البائع او الدائن للرجل الخر قبل انتهاء الشهر ‪ :‬اعطني خمسين دينا ًرا الن ‪،‬وابرئ ذمتك من‬
‫أ‬
‫الباقي ‪ .‬وقد اختلف الفقهاء في حكم ذلك ( ضع وتعجل ) على رايين ‪:‬‬
‫ألرأي أالول ‪ :‬جوأز صيغة ( ضع ّ‬
‫وتعجل ) ‪.‬‬
‫قال بجواز صيغة ضع وتعجل كل من ‪ :‬ابن عباس وزيد بن ثابت من الصحابة ‪ ،‬وابراهيم النخعي ‪ ،‬وابن عابدين وزفر من الحنفية ‪ ،‬وهو قول بعض الشافعية وقد‬
‫أ‬
‫اختلف قول الشافعي في ذلك ‪ ،‬وهكذا قال بعض الحنابلة وهي رواية عن اإلمام احمد ‪ ،‬واختار القول بالجواز ابن تيمية وابن القيم ‪.‬‬
‫ومن المعاصرين قال بالجواز ‪ :‬وهبة الزحيلي ‪ ،‬وعلي القره داغي ‪ ،‬ورفيق المصري ‪ ،‬وعادل عيد ‪ ،‬ودمحم السبحي ‪ ،‬ودمحم عقلة ‪ ،‬وغيرهم ‪ .‬وقد تبنى مجمع الفقه‬
‫أ‬
‫اإلسالمي جواز هذه الصيغة ‪ ،‬على ان تكون بين الطرفين الدائن والمدين دون طرف ثالث ‪ ،‬وإل فهي غير جائزة ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وقال ابن القيم في ( إغاثة اللهفان ) في رده على من قال ان ضع وتعجل غير جائزة ‪ ،‬لنها تشبه الربا ‪ " :‬قالوا‪ :‬وهذا ضد الربا‪ ،‬فإن ذلك يتضمن الزيادة فى الجل‬
‫أ‬
‫والدين‪ ،‬وذلك إضرار محض بالغريم‪ ،‬ومسالتنا تتضمن براءة ذمة الغريم من الدين‪ ،‬وانتفاع صاحبه بما يتعجله فكالهما حصل له النتفاع من غير ضرر‪ ،‬بخالف الربا‬
‫المجمع عليه‪ ،‬فإن ضرره ل حق بالمدين‪ ،‬ونفعه مختص برب الدين‪ ،‬فهذا ضد الربا صورة ومعنى‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫قالوأ‪ :‬ولن مقابلة الجل بالزيادة فى الربا ذريعة إلى اعظم الضرر‪ ،‬وهو ان يصير الدرهم الواحد الوفا مؤلفة‪ ،‬فتشتغل الذمة بغير فائدة‪ ،‬وفى الوضع والتعجيل تتخلص‬
‫ذمة هذا من الدين‪ ،‬وينتفع ذاك بالتعجيل له‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫قالوأ‪ :‬والشارع له تطلع إلى براءة الذمم من الديون‪ ،‬وسمى الغريم المدين‪ :‬اسي ًرا ففى براءة ذمته تخليص له من السر‪ ،‬وهذا ضد شغلها بالزيادة مع الصبر "‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وقال ابن عثيمين في ( الشرح الممتع ) ‪ ،‬عن صيغة ضع وتعجل ‪ " :‬والصواب انه جائز‪ ،‬وان اإلنسان إذا اخذ البعض في المؤجل واسقط الباقي فإن ذلك صحيح؛‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫‪ ...‬ولن فيه مصلحة للطرفين‪ ،‬اما الطالب فمصلحته التعجيل‪ ،‬واما المطلوب فمصلحته اإلسقاط‪ ،‬ومن المعلوم ان الشريعة ل تاتي بمنع عقد فيه مصلحة للطرفين‪،‬‬
‫ً‬
‫معجال‪ ،‬فمحظور الربا بعيد ً‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً أ‬ ‫وليس فيه غرر ول جهالة‪ ،‬و أا ً‬
‫جدا " ‪.‬‬ ‫جدا؛ لن المدين لم يطرا على باله حين استدان انه سوف يرده انقص‬ ‫يضا فإن الربا في هذا بعيد‬
‫ألرأي ألثاني ‪ :‬منع صيغة ( ضع وتعجل ) ‪.‬‬
‫أ‬ ‫نفعا على ْ‬ ‫قال جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية وبعض الحنابلة ورواية عن أاحمد أان صيغة ( ضع وتعجل ) تجر ً‬
‫الدين ‪ ،‬وبالتالي فهي نوع من انواع‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫الربا ‪ ،‬أوان الزيادة على ْ‬
‫الدين عند حلول الجل لتمديد الجل وهي ُمجمع على حرمتها هي مثل النقص في الثمن بسبب التعجيل ‪.‬‬
‫وقال ابن قدامة في المغني ‪َ " :‬كر َه ُه َز ْي ُد ْب ُن َثاب ٍت‪َ ،‬و ْاب ُن ُع َم َر‪َ ،‬و ْالم ْق َد ُاد‪َ ،‬و َس ِع ُيد ْب ُن ْال ُم َسيب‪َ ،‬و َسا ِل ٌم‪َ ،‬و ْال َح َس ُن‪َ ،‬و َح َّم ٌاد‪َ ،‬و ْال َح َك ُم‪َ ،‬و َّ‬
‫الش ِاف ِع ُّي‪َ ،‬و َما ِل ٌك‪َ ،‬و َّالث ْو ِر ُّي‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو ُه َش ْي ٌم‪َ ،‬و ْاب ُن ُع َل َّي َة‪َ ،‬و ِإ ْس َح ُاق‪َ ،‬و َا ُبو َح ِن َيف َة‪. " .‬‬
‫ألترجيح ‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫من الواضح ان من قال بجواز صيغة ( ضع وتعجل ) لهم من العلم والمكانة شان عظيم ‪ ،‬كما انهم اثبتوا اقوالهم بالدلة والبراهين ‪ .‬فمنهم الصحابة والتابعون ‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ومنهم جمهور غفير من كبار فقهاء المذاهب ‪ ،‬كما ان منهم فقهاء معاصرون ُك ُثر ‪ .‬ثم إن ما قاله المانعون لهذه الصيغة ليس فيه دليل يتشبثون به ‪ ،‬سوى قولهم ان‬
‫أ‬ ‫أ أ‬
‫ذلك يشبه الربا ‪ ،‬من حيث ان لالجل حصة من الثمن في المرين ‪.‬‬
‫ً‬
‫واضحة ‪ ،‬على جواز صيغة ( ضع وتعجل ) ‪ ،‬وما قاله ابن‬ ‫دلة ً‬
‫دامغة ‪ ،‬وبراهين‬ ‫والحق ‪ ،‬أانني ل أاريد اإلطالة في الرد على المانعين ‪ ،‬ألنني أارى أان أادلة ُالمجيزين أا ً‬
‫أ‬
‫القيم ‪ ،‬وابن عثيمين ‪ ،‬يك فيان للدللة على صحة قول ُالمجيزين لهذه الصيغة ‪ ،‬دون ادنى شك ‪.‬‬
‫أ‬
‫وهللا تعالى اعلم ‪.‬‬
‫ألمانعون للزيادة في ألثمن في بيع ألتقسيط وأدلتهم ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ذكر الشوكاني ان من قال بتحريم الزيادة في الثمن عند التاجيل ‪ ،‬هم ‪ :‬زين العابدين علي بن الحسين ‪ ،‬والناصر والمنصور باهلل ‪ ،‬والهادوية ‪ ،‬واإلمام يحي ى ‪ .‬لكن‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الشوكاني يظهر من كالمه انه ل يوافقهم ‪ ،‬بل إنه يجيز الزيادة في الثمن في بيع الجل ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ومن المعاصرين الذين منعوا الزيادة في بيع الجل ‪ :‬دمحم ابو زهرة ‪ ،‬وعبدالرحمن عبدالخالق ‪ ،‬والشيخ ال لباني ‪ ،‬ولم اقف على غيرهم ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وقد وجدت عبدالخالق قد جمع ادلة المانعين في ك تيبه (القول الفصل في بيع الجل)‪ ،‬فاخترت ان استعرض اهم ما استدل به على عدم جواز الزيادة في الثمن في‬
‫أ‬
‫بيع التقسيط ‪ ،‬واهم ما استدل به ما يلي ‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الدليل الول ‪ :‬حديث ابي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما او الربا"‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫وحديث سماك عن عبد الرحمن بن عبد هللا بن مسعود عن ابيه قال‪ " :‬نهى النبي ملسو هيلع هللا ىلص عن صفقتين في صفقة" قال سماك هو الرجل يبيع البيع فيقول فهو بنسا كذا‬
‫وهو بنقد بكذا وكذا"‪.‬‬
‫○ وجه ألداللة ‪:‬‬
‫أ‬
‫قال عبد الرحمن عبد الخالق في ك تابه " القول الفصل في بيع الجل" ‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫هذين الحديثين واضحا الدللة ‪ ،‬وقد اتفق عامة من شرح الحديثين على ما قاله سماك من ان المقصود من النهي عن بيعتين في بيعة هو ان يقول البائع في هذه‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫السلعة نقدا بكذا‪ ،‬ولجل بكذا‪ .‬فهذا بيعتان في بيعة وهو من البيوع المنهي عنها‪ .‬ورد عبد الخالق التفسيرات الخرى للحديث منها‪:‬‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ان المقصود بالنهي هو ان يفترق البائع والمشتري دون تحديد بيعة من البيعتين (النقد او الجل) ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ورد كذلك ان يكون معنى النهي ‪":‬ان تبيعني ارضك على ان ابيعك بيتي"‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫نفى عبد الخالق أان يكون النهي ‪ :‬أان يبيع الرجل سلعة إلى أاجل ثم يشتريها من المشتري بثمن أاقل ً‬
‫نقدا‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ورد أا ً‬
‫يضا ان يكون معنى النهي‪ :‬ان يبيع الرجل الشيء الواحد مرتين ‪ ،‬مثل ان يبيعه إلى اجل‪ ،‬فإذا حل الجل ولم يكن المشتري يملك المال للسداد‬ ‫‪-4‬‬
‫أ خرى أ‬ ‫أ‬
‫‪،‬يقول له البائع ابيعك إياه مرة ا الى اجل‪.‬‬
‫وقال عبد الخالق‪ :‬إن الصورة السابقة هي كل ما ُفسر به الحديثين‪ ،‬وتساءل‪ :‬إذا كانت هذه اتفاقية صحيحة ‪،‬فليس هناك ما يدعو الى إخراج الصورة الولى التي فسر‬
‫أ‬ ‫بها السلف الحديثين وهي ( هذه السلعة ً‬
‫نقدا بكذا ولجل بكذا)‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫لكن هذا المر الذي قاله عبد الخالق غير ُم َسلم به ‪ ،‬لن ك ثي ًرا من العلماء فسروا الحديثين على غير تفسيره ‪ ،‬فال يمكن حصر التفسير بما يراه هو فقط‪ ،‬وإلغاء كافة‬
‫التفسيرات‪.‬‬
‫فقال ألعالمة أبن ألقيم في تهييب ألسنن ‪ :‬وللعلما في تفسير ذيأ ألدديث قوالن‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أاحدهما أان يقول بعتك ً‬
‫نقدا بعشرة او عشرين نسيئة وهذا الذي رواه احمد عن سماك ‪ ،‬فسره في حديث ابن مسعود قال‪ " :‬نهى رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص عن صفقتين في‬
‫صفقة"‪ .‬قال‪ :‬الرجل يبيع الرجل فيقول ‪ :‬هو على نساء بكذا وبنقد بكذا‪ ،‬وهذا التفسير ضعيف ‪ ،‬فانه ل يدخل الربا في هذه الصورة ول صفقتين هنا‪ ،‬وإنما صفقة‬
‫أ‬
‫واحدة باحد الثمنين‪.‬‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫والتفسير الثاني ‪ :‬ان يقول ابيعكها بمئة إلى سنة على ان اشتريها منك بثمانين حالة وهذا معنى الحديث الذي ل معنى له غيره ‪ ،‬وهو مطابق لقول الرسول عليه الصالة‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫والسالم " فله اوكسها او الربا" ‪ ،‬فإنه إما ان ياخذ الثمن الزائد فيربى او الثمن الول فيكون اوكسهما ‪،‬ومطابق لصفقتين في صفقة ‪ ،‬فإنه قد جمع صفقتي النقد‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫مؤجلة اك ثر منها‪ ،‬ول يستحق إل راس ماله‪ ،‬وهو اوكس الصفقتين ‪ ،‬فإن ابى إل ال ك ثر كان قد اخذ‬ ‫والنسيئة في صفقة واحدة ‪ ،‬وهو قد قصد بيع دراهم عاجلة بدراهم ٍ‬
‫الربا "‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وقال شعيب الرناؤوط في تعليقه على هذا الحديث في صحيح ابن حبان‪ ،‬بعد ان نقل كالم ابن القيم ‪ " :‬وبهذا التفسير يتبين لك خطا الستدلل بهذا الحديث على‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫منع بيع التقسيط من بعض منتحلي صناعة العلم في عصرنا‪ ،‬فخالفوا بذلك جمهور اهل العلم ومنهم ال ئمة الربعة المتبوعون القائلون بجوازه ِوحليته "‪.‬‬
‫" وجمهور العلماء فسروا الصفقتين في صفقة واحدة‪ ،‬والبيعتين في بيعة واحدة‪ ،‬أبان المراد هو أان تتضمن الصفقة الواحدة سعرين (ثمنين) للمبيع ‪ ،‬سع ًرا ز ً‬
‫ائدا لبيعه‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫جال ‪ ،‬وسع ًرا أاقل لبيعه ً‬
‫آا ً‬
‫عاجال‪ ،‬وقيد ذلك بان يكون في صفقة واحدة‪ ،‬اما اذا وجدت المساومة على ذلك ثم يتفقان على احدهما فال باس ‪ .‬قال الترمذي‪ " :‬وقد فسر‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫بعض اهل العلم ‪ ،‬فقالوا‪ :‬بيعتين في بيعة ان يقول‪ :‬ابيعك هذا الثوب بنقد بعشرة‪ ،‬وبنسيئة بعشرين‪ ،‬ول يفارقه على احد البيعتين فإن فارقه على احدهما فال باس‬
‫إذا كانت العقدة على واحد منهم‪.‬‬
‫ألدليل ألثاني ‪ :‬قول ألصدابي أليي ال مخالف له‪:‬‬
‫واستدل على تحريم هذا البيع من خالل تفسير ابن مسعود لحديث (بيعتين في بيعة) أوانه ل يجوز مخالفته ً‬
‫بتاتا‪.‬‬ ‫ُِ‬
‫أ‬
‫وقد استعرضت الرد على ذلك‪ ،‬من خالل الرد على الدليل الول السابق‪ ،‬فال حاجة للتكرار‪.‬‬
‫ألدليل ألثالث‪ :‬ألقياس ألصديح‪:‬‬
‫أ‬
‫" القياس مصدر من مصادر التشريع‪ ،‬وقد اعتبره عامة علماء الشريعة الحكيمة ‪،‬ل تفرق بين متماثلين ول تجمع بين مختلفين ‪ ،‬وبيع الجل زيادة عن بيع الحاضر‬
‫أ‬
‫هو عين ربا النسيئة ‪ ،‬فربا النسيئة هو مداينة مال إلى اجل بزيادة معلومة " ‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وقد تم الرد على هذا القياس من خالل استعراض حكم الزيادة في الجل ‪ ،‬وادلة المجيزين للزيادة في الثمن في بيع الجل (التقسيط) فيرجع إليه‪.‬‬
‫ألدليل ألرأبع ‪ :‬سد أليرأئع‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫قال عبد الخالق ‪ :‬إن سد الذرائع من اصول الدين ‪ ،‬ويعني ترك المباح الذي يوصل الى شر اعظم من نفعه‪ .‬وساق عدة امثلة على سد الذرائع ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬إن الزيادة في‬
‫الدين وايقاع الناس فيه ‪ ،‬وحرمان الناس من فضيلة الدخار والتعود على إهدار المال والبذخ‬ ‫الثمن في بيع أالجل تفتح باب الربا على مصراعيه‪ ،‬وتعمل على تسهيل ْ‬
‫‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫اقول ‪ :‬هذا المر صحيح لو كان العلماء يرون المر بهذه الصورة دون غيرها ‪ ،‬ولكن جمهور العلماء ل يرون ذلك ‪ ،‬بل اجازوا هذا البيع بالدلة التي استعرضتها في ادلة‬
‫ً أ‬ ‫المجيزين‪ ،‬فالتحايل على الربا قد يتم في صور ك ثيرة من البيوع المشروعة ‪ ،‬وهذا ل يعني إلغاء هذه البيوع ً‬
‫مشروعا ‪ ،‬والدلة تشير إلى‬ ‫سدا للذريعة‪ ،‬فما دام البيع‬
‫أ‬
‫إباحته ‪ ،‬فيبقى على الجواز دون الحاجة للتضييق والتشدد ‪ ،‬وبخاصة ان البيع بالتقسيط فيه من الحكمة ما فيه‪ ،‬وفيه الك ثير من الفوائد التي ذكرتها في المطلب‬
‫أ أ‬ ‫أ‬
‫الثاني من المبحث الثاني‪ .‬إضافة إلى ان الشريعة الغراء ومقاصدها الحكيمة ‪ ،‬تعمل على تسهيل المعامالت وتيسيرها‪ ،‬ما دامت في دائرة اإلباحة‪ ،‬ول ارى ان هذه‬
‫أ‬
‫المعاملة قد خرجت من هذه الدائرة ‪ ،‬فتبقى على إباحتها‪ ،‬دون الحاجة الى التشدد في سد الذرائع ‪ ،‬وهللا تعالى اعلم‪.‬‬
‫ألترجيح ‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ل شك ان من قال بمنع الزيادة في الثمن في بيع التقسيط قاله بدافع الحرص على الناس ‪ ،‬من خالل إبعادهم قدر اإلمكان عن اية معاملة قد يشوبها الربا ‪ ،‬لما فيه‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫آ‬
‫من المخاطر والثام ُالمجمع عليها بين اهل العلم ‪ ،‬إل ان ما قدموه من ادلة ل تقوى على إثبات ما راموا إليه ‪ ،‬كما ل تقوى على مواجهة ادلة المجيزين ( الجمهور ) ‪..‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬
‫ومن هنا ‪ ،‬ل يخفى ان ادلة الجمهور فيها من البراهين ما يؤكد قولهم ‪ ،‬وفيها من اإلثبات ما يجعلني ارجح جواز زيادة الثمن في بيع التقسيط ( الجل ) ‪ ،‬باطمئنان ‪.‬‬
‫أ‬
‫وهللا اعلم ‪.‬‬

You might also like