Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 71

‫ل صول‬

‫ا ف‬
I…( 4 )
II…( 10 )
III…( 16 )
IV…( 21 )
V…( 27 )
VI…( 37 )
VII…( 43 )
VIII…( 53 )
IX…( 58 )
X…( 59 )
XI…( 60 )
XII…( 61 )
XIII…( 62 )
XIV…( 63 )
XV…( 64 )
XVI…( 65 )
XVII…( 68 )

1
‫جع‬‫م‬‫ل‬
‫ا م‬

‫(الويتشر) ‪ :‬صياد وحوش يمتلك سرعة رهيبة وقوة كبير‪ ،‬يمتلك أيضًا حواس قوية‬
‫ويستطيع إستخدام بعض أشكال السحر‬

‫(اإللف) ‪ :‬مخلوقات لها آذان طويلة‪ ،‬عادة ما تعرف بالذكاء و التحضر‪ ،‬كما عرف عنهم‬
‫حبهم للسالم والطبيعية‬

‫(لويثان) ‪ :‬وحش سحري يعيش في أعماق البحر‬

‫(داندليون) ‪ :‬شاعر ومغني وهو صديق (جيرالت) اشتق اسمه من اسم نبتة الهندباء‬
‫باإلنلجيزية (داندليون‪ )Dandelio /‬يعرف أيضًا في بعض الترجمات بإسم (ياسكير‪/‬‬
‫‪)Jaskier‬‬

‫(رايند) ‪ :‬البلدة التي تجري فيها أحداث القصة‪ ،‬تقع البلدة في جنوب مملكة (ريدانيا) قرب‬
‫نهر (البونتار)‬

‫ترجمة ‪Twitter :‬‬


‫‪@Tretogore‬‬

‫‪2‬‬
‫أخ َة‬ ‫ةُ‬ ‫أ‬
‫ال ِ ي ر‬ ‫ال نم ِ ي‬

‫‪3‬‬
‫‪I‬‬
‫َعلقت سمكة السلور رأسها الشائك فوق سطح الماء وسحبته بقوة‪ ،‬وطرطشت وحركت‬
‫المياه ولمع بطنها األبيض في الماء‬

‫"انتبه!‪( ،‬داندليون)!" صرخ (الويتشر) وهو يحفر كعبيه في الطين "أمسكها‪ ،‬اللعنة!"‬
‫صرخ الشاعر "أنا أمسكها‪ ...‬أوه يا إلهي‪ ،‬يا له من وحش! اعتقد انه (لوياثان)‪ ،‬وليس‬
‫سمكة! سيكون هناك بعض األكل الجيد إذا امسكناها‪ ،‬أيتها اآللهة العزيزة ساعدينا"‬
‫صرخ (الويتشر) له ‪:‬‬
‫"فكها!‪ ،‬قم بفكها وإال فسوف ينقطع الخيط!"‬

‫بقيت سمكة السلور بالقاع وألقت بنفسها في التيار المعاكس عند اتجاه منعطف النهر‬
‫صرّ خيط الصنارة و اشتعل الشرار في قفازات (داندليون) و(جيرالت)‬
‫صرخ (داندليون) ‪:‬‬
‫اسحب يا (جيرالت)‪ ،‬اسحب! ال ترتخي وإال ستتعلق بالطحالب! "‬
‫ً‬
‫صارخا ‪:‬‬ ‫قال (جيرالت)‬
‫"الخيط سوف ينقطع!"‬
‫رد (داندليون) عليه الصراخ وقال ‪:‬‬
‫"ال لن يحدث ذلك فقط اسحب وشد!"‬

‫انحنوا وقاموا بالسحب‪ ،‬كان الخيط يقطع قطرات الماء المتناثرة وهو يهتز ويتألأل مثل‬
‫زهرة زنبق عند شروق الشمس‪ ،‬ظهرت سمكة السلور فجأة على السطح‪ ،‬وهدأت المياه‪،‬‬
‫خف اهتزاز الخيط‪ ،‬سرعان ما بدأ كل شيء في الهدوء‬

‫"سوف ندخنها" صاح (داندليون) "سنأخذها إلى القرية وندخنها‪ ،‬و سنستخدم الرأس‬
‫للحساء!"‬

‫قاطعة (الويتشر) "انتبه!"‬

‫‪4‬‬
‫شعرت سمكة السلور بالماء الضحل تحت بطنها‪ ،‬فقامت بإلقاء نصف جسدها البالغ طوله‬
‫اثني عشر قدمًا في االتجاه المعاكس‪ ،‬ألقت برأسها وضربت بذيلها المسطح وأخذت تغوص‬
‫في األعماق‪ ،‬وعاود الشرار االشتعال في قفازاتهم من جديد‬

‫"اسحب‪ ،‬اسحب إلى الضفة!"‬

‫"الخيط يئن! فكها‪( ،‬داندليون)!"‬

‫"الخيط سيصمد‪ ،‬ال تقلق! سنطهو الرأس على الحساء"‬

‫اقتربت سمكة السلور من الضفة مرة أخرى واهتزت بقوة كما لو كانت تخبرهم أنه لم يكن‬
‫من السهل الوصول إلى هذا الحد‬

‫"سنبيع الحراشف ‪ "...‬سحب (داندليون) الخيط بكلتا يديه " و سنصنع من باقي جلدها‬
‫ثيابًا!"‬
‫حتى هذه اللحظة لم يكتشف أحد أب ًدا ما الذي كان الشاعر سيصنعه من بقايا سمك السلور‬

‫انقطع الخيط وسقط كل من الصيادين على األرض‬

‫عال لدرجة أن صدى الصوت دوى‬‫"اللعنة عليها!" صرخ (داندليون) بصوت ٍ‬


‫“الكثير من الطعام قد ضاع! أتمنى أن تموت‪ ،‬يا أيها السلور"‬

‫"أخبرتك" قام (جيرالت) بنفض سرواله المبلل "قلت لك أال تستخدم القوة عندما تسحب‪،‬‬
‫لقد أخفقت يا صديقي‪ ،‬أنت تجيد الصيد بقدر ما تجيد عنزة العزف على بوق!"‬

‫هذا ليس صحيحا!" كان الشاعر غاضبًا "بسببي فإن الوحش قد إبتلع ُ‬
‫الطعم في المقام‬
‫األول"‬

‫"أوه حقا؟ لم ترفع إصبعًا لمساعدتي في ضبط الخيط‪ ،‬لقد عزفت على آلة العود وأخذت‬
‫تغني حتى سمعتك الغابة بأكملها‪ ،‬ال شيء أكثر من ذلك"‬

‫‪5‬‬
‫"أنت مخطئ" قال (داندليون) "عندما كنت انت نائمًا‪ ،‬قمت بإزالة اليرقات من الخطاف‬
‫وربطت مكانها غرابًا مي ًتا وجدته في األدغال‪ ،‬أردت أن أرى وجهك في الصباح عندما‬
‫تستخدم الغراب و تلتهمه سمكة السلور‪ ،‬في المقابل كانت يرقاتك ستصيد فضالت السمك"‬

‫"لكانوا نجحوا" بصق (الويتشر) في الماء ولف الخيط على مجرفة خشبية صغيرة "لكن‬
‫الخيط انقطع ألنك تجر مثل األبله‪ ،‬وال تقم بالرد علي انه شروق الشمس بالفعل‪ ،‬حان وقت‬
‫الذهاب‪ ،‬أنا ذاهب ألحزم امتعتي"‬

‫"جيرالت!"‬

‫"ماذا؟"‬

‫"هناك شيء ما على الضفة اآلخر هناك ‪ ...‬اللعنة ‪ ،‬امسكتها‪...‬أنا فقط‪...‬اللعنة‪ ،‬إنه ثابت‬
‫مثل حجر‪ ،‬ال أستطيع أن أسحبه‪...‬ها‪ ،‬ها‪ ،‬انظر إلى ما سأحضره‪ .‬ال بد أنه بقايا حطام‬
‫سفينة من زمن الملك (دزمود)! يا له من شيء مذهل‪ ،‬هيا انظر هنا (جيرالت)!"‬

‫كان من الواضح أن (داندالين) يبالغ كثيرا ما جلبه كان كتلة الحبال المتعفنة والشباك‬
‫القديمة وطحالب‪ ،‬مثيرة لإلعجاب نعم‪ ،‬ولكنها لم تكن بحجم سفينة يرجع تاريخها إلى أيام‬
‫الملك األسطوري‪ ،‬نثر الشاعر ما قام بصيده على اليابسة وبدأ يحفر فيه بطرف حذائه‪،‬‬
‫كانت الطحالب مع الحشرات وسرطان البحر الصغير هي ما يمكن رؤيته فقط‬

‫"هها! نظر الى ما وجدت!"‬

‫اقترب (جيرالت) بفضول كان ما عثر عليه الشاعر عبارة عن جرة حجرية متصدعة‪،‬‬
‫قارورة ذات مقبضين‪ ،‬متشابكة في شباك الصيد السوداء مع الطحالب المتعفنة‪ ،‬كما كانت‬
‫مستعمرة من قبل يرقات (الكاديس) والرخويات‪ ،‬يقطر منها الوحل النتن‬

‫قال (داندليون) بفخر‬


‫"هل تعلم ما هذا؟"‬
‫اجابه (جيرالت)‬
‫"إنه قدر قديم"‬

‫‪6‬‬
‫قال الشاعر "أنت مخطئ" وهو يزيل األوساخ "هذه جرة سحرية‪ ،‬هناك جني بالداخل‬
‫سوف يحقق أمنياتي الثالث"‬

‫قام (الويتشر) باالبتسام قليال‬

‫"يمكنك أن تضحك‪ ".‬قال الشاعر وقام بسحب القارورة لناحيته "ولكن هناك ختم على‬
‫القارورة وهناك عالمة ساحر على الختم"‬

‫"ما هي العالمة؟ دعني أرى"‬

‫"ابتعد" أخفى الشاعر الجرة خلف ظهره "اسمعني أنا من وجدته وأحتاج إلى كل‬
‫األمنيات"‬

‫”ال تلمس هذا الختم!"‬

‫"ابتعد‪ ،‬أقول لك! إنه ملكي! "‬

‫"(داندليون)‪ ،‬كن حذرا!"‬

‫"نعم بطبع سأكون حذرً ا ابتعد فقط!"‬

‫”ال تلمس الختم‪ ،‬اللعنة!"‬

‫وسقطت الجرة على الرمال أثناء شجارهم ‪ ،‬وانفجر دخان قرمزي المع‬
‫قفز (الويتشر) إلى الخلف واندفع نحو مكان التخييم من أجل سيفه‬
‫أما (داندليون) قام بضم ذراعيه على صدره‪ ،‬ولم يتحرك‬

‫تحرك الدخان وتجمع في شكل كروي غير منتظم امام (داندليون)‪ ،‬شكلت الكرة رأسًا‬
‫مشوهًا بعرض ستة أقدام بدون أنف وعينان كبيرتان وشيًئ ا أشبه بالمنقار‬
‫"انه الجني!" قال (داندليون) "حررتك وابتدا ًء من هذا اليوم أنا سيدك‪ ،‬أمنياتي هي كاآلتي"‬

‫‪7‬‬
‫حرك الرأس منقاره‪ ،‬والذي لم يكن في الحقيقة منقارً ا ولكنه شيء على شكل شفاه متدلية‬
‫ومشوهة وكان يتغير باستمرار‬

‫"اركض!" صرخ (الويتشر) "اركض‪( ،‬داندليون)!"‬

‫وتابع الشاعر ‪" :‬أمنياتي هي أوالً‪ ،‬أتمنى أن يموت (فالدو ماركس)‪ ،‬شاعر (سيداريس)‬
‫بسكتة دماغية بأسرع ما يمكن‪ ،‬ثانيًا‪ ،‬هناك ابنة الكونت (في كالف) تدعى (فيرجينيا)‬
‫ترفض كل محاوالتي للتقرب منها اجعلني اتمكن منها‪ ،‬أما ً‬
‫ثالثا‪"...‬‬
‫لم يعرف أحد أمنية الشاعر الثالثة فقد خرجت أيدي عمالقة من الرأس القرمزي وامسكته‬
‫من حلقه‪ ،‬قام (داندليون) بالصراخ‬

‫وصل (جيرالت) إلى الضباب األحمر عبر ثالث قفزات سريعة‪ ،‬قام بتسديد ضربة بسيفه‬
‫الفضي للرأس القرمزي وقطعه لنصفين‬

‫صرخ الرأس وكثر الدخان األحمر حولة مما جعل حجم الرأس القرمزي يزداد‬

‫اذرعة التي أصبحت أكبر كذلك حملت (داندليون) ورمته أرضًا‬


‫حرك (جيرالت) يديه وقام بإلقاء عالمة (أرد) بكل قوته‬

‫حطم (جيرالت) ختم الجني تمامًا بتلك الضربة مما أدى لحدوث انفجار ازعج أذني‬
‫(الويتشر)‪ ،‬ولكن صراخ الجني كان مزعجً ا اكثر بنسبه له‬

‫ترك الجني (داندالين) وطار وهو يلوح بمخالبه بعيدا باتجاه النهر‬

‫هرع (جيرالت) لنجدت (داندليون) الذي كان مستلقيًا بال حراك‪ ،‬وفي تلك اللحظة أحس‬
‫بشيء مستدير تحت قدمه مدفونا في الرمال‪ ،‬كان ختمًا نحاسيا على شكل صليب مكسور‬
‫تزينه نجمة حولها تسع نقاط‬

‫الجني‪ ،‬او الرأس غريب شكل المكون من ضباب قرمزي كان يطفو فوق الماء‪ ،‬كان حجم‬
‫الرأس بحجم كومة قش‪ ،‬وفكاه كأنها بوابات حظيرة متوسطة الحجم‬

‫‪8‬‬
‫انقض الوحش بمخالبة‪ ،‬ولم يكن لدى (جيرالت) أدنى فكرة عن ما يجب ان يفعله‪ ،‬أمسك‬
‫الختم الذي وجده في الرمال ووجه نحو الوحش‪ ،‬صرخ بكلمات لطرد األرواح الشرير‪،‬‬
‫والتي كانت قد علمتها إياه كاهنة ذات مرة‪ ،‬لم يسبق (لجيرالت) استعمال هذه الكلمات من‬
‫قبل‪ ،‬فهو وياللسخرية لم يؤمن بالخرافات وأساليب الكهنة القديمة‬

‫لكن التأثير فاق توقعاته‪ ،‬صفر الختم وازدادت حرارته وحرق يد (الويتشر)‬

‫تجمد الوحش في مكانه دون حراك فوق مياه النهر‪ ،‬ثم صرخ‪ ،‬بدأ وكأن إعصار من الدخان‬
‫كان يلف حول الرأس‪ ،‬ثم وفي غضون لحظات‪ ،‬اختفى الرأس‬

‫هرع (جيرالت) الى الشاعر الملقى على الرمال‬


‫"(داندليون)!‪ ،‬هل انت ميت؟!‪ ،‬اللعنة!‪ ،‬هل انت احمق؟!"‬

‫حرك الشاعر رأسه ونظر (للويتشر)‪ ،‬كان على وشك الصراخ وكان (جيرالت) مستعدا‬
‫لصراخه فهو يعلم ان صوت (داندليون) عندما يخاف قد يصل لمستويات غير عادية‬

‫لكن ما خرج من حلق الشاعر كان صو ًتا أجش بالكاد يسمع‬

‫"(داندليون) ماذا اصابك أخبرني؟"‬

‫"اهخ اهخ اهخ"‬

‫"هل تتألم ماذا حدث؟"‬

‫"اهعخ اهعخ اهعخ"‬

‫" حسنا ال تقل شيًئ ا اذا كنت بخير أومئ برأسك"‬

‫تغيرت تعابير وجه الشاعر وبكل صعوبة أومأ برأسه‪ ،‬ثم بدأ يسعل ويتقيأ دمًا‬

‫"اللعنة" قال (جيرالت)‬

‫‪9‬‬
‫‪II‬‬
‫"بحق كل اآللهة اللعينة" قال الحارس وهو يوجه فانوسه نحو الشاعر " ماذا جرى له؟"‬

‫"دعنى نمضي في طريقنا سيدي" قال (الويتشر)‪ ،‬وأيده الشاعر من خلفه على السرج بإمائة‬
‫بسيطة‬

‫"سأفعل" قال الحارس وهو يبتلع ريقة‪ ،‬نظر الى وجه الشاعر المغطى بالدم األسود الجاف‬
‫"جريح؟ تبدو في حالة سيئة جدا يا بني"‬

‫كرر (جيرالت) طلبة "سيدي أنا في عجلة من أمري ونحن نسافر منذ الفجر رجا ًء دعني‬
‫أمر"‬

‫"النستطيع" قال الحارس األخر الواقف بعي ًدا "يسمح بالعبور فقط من شروق الشمس وحتى‬
‫غروبها‪ ،‬ال شيء يمكن أن يعبر خالل الليل ما لم يكن لديه خطاب عبور من الملك أو‬
‫رئيس البلدية‪ ،‬هناك حالة استثنائية أخرى أيضًا وهي ان تكون أحد النبالء او من العاملين‬
‫لديهم"‬

‫تجهم (داندالين) وارتجف‪ ،‬حنى رأسه ووضعه على ظهر (جيرالت)‬

‫قال (الويتشر) وهو يحاول كبح غضبه "أيها السادة الطيبون‪ ،‬انتم ترون مدى سوء حالته‬
‫يجب أن أعثر على شخص يمكنه عالجة ارجوكم دعونا نمر"‬

‫"ال تتوسل لي أيها الرحال أرجوك ال أستطيع أن أفعل أي شيًئ ا" قال الحارس "فاألوامر هي‬
‫األوامر‪ ،‬إذا خالفتها سأطرد وسيموت أطفالي جوعًا‪ ،‬لكن أنزل صديقك من على الحصان‬
‫ضعه في تلك الغرفة سنعتني به حتى الفجر"‬

‫"الضمادات لن تنفع" قال (الويتشر) "نحن بحاجة الى معالج أو كاهن أو طبيب مهوب على‬
‫األقل"‬

‫‪10‬‬
‫"هذا أكثر مما يمكننا أن نجلبها لكما" قال الحارس الثاني "لكن أنصت أنت لست بحاجة‬
‫لتخييم هنا تحت البوابة حتى الفجر‪ ،‬الجو دافئ في تلك الغرفة وهناك مكان لتضع صديقك‪،‬‬
‫سيكون حالة أفضل من كونه فوق ظهر حصان‪ ،‬تعال دعنا نساعدك في إنزاله"‬

‫كان الجو دافًئ ا بالفعل في الغرفة‪ ،‬النار كانت تمأل الموقد‪ ،‬و صراصير الليل كانت تعزف‬
‫بقوة‬
‫وهناك‪ ،‬جلس ‪ ٣‬رجال‪ ،‬تتوسطهم طاولة مربعة الشكل تملؤها الكؤوس والصحون‬

‫" اعذرني على األزعاج أيها الشاب " قال الحارس وهو يحمل (داندليون) "انا امل من أنك‬
‫لن تمانع هذا‪ ،‬حسنا لدينا فارس على ما أعتقد وصديقة المصاب لذا فكرت في أن آتي بهم‬
‫إلى هنا"‬

‫"أحسنت التفكير" قال الرجل ذو الوجه النحيف " هنا‪ ،‬ضعه على المنصة"‬

‫كان الرجل ذو الوجه النحيف على ما يبدو من (اإللف)‪ ،‬كذلك كان هناك رجل آخر على‬
‫الطاولة يبدو أنه هو اآلخر من (اإللف) نظرا لمالبس االثنين والتي كانت مزيجا من‬
‫المالبس البشرية و اإللفية‪ ،‬لقد كانا من (اإللف) الذين قرروا االستقرار واالندماج مع‬
‫البشرفي هذا العالم‬

‫اما الرجل الثالث فقد كان ضخما‪ ،‬كما كان يبدو على أنه فارس بسبب دروعه وشعره‬
‫المتموج والمقصوص‬

‫"اسمي هو (شيريدان)" قدم (اإللف) نفسه‪ ،‬كان طويال كما بقيت (اإللف)‪ ،‬وأيضًا كان من‬
‫الصعب تحديد عمره من الممكن ان يكون عمره عشرون عاما أو يكون مائة وعشرين‬
‫عاما‪ ،‬أكمل (اإللف) " وهذا هو إبن عمي (إرديل)‪ ،‬اما هذا الرجل الضخم فهو النبيل‬
‫والفارس (فراتيمير)"‬

‫"نبيل؟" تمتم (جيرالت) وألقى نظرة سريعة على شعار النبالة المطرز على سترته‬
‫كان الشعار عبارة عن صليب تزينه زنابق ذهبية تحملها جذور فضية مائلة‬

‫‪11‬‬
‫فهم (جيرالت)األمر‪ ،‬فقد كان على الغالب (فراتيمير) ابنا غير شرعي ألحد النبالء وليس‬
‫هذا فحسب بل بالنظر إلى مالمحه سيعرف أي أحمق أنه جاء من عالقة بين بشري‬
‫و(إلف)‪ ،‬هذا المزيج من الخطايا بنسبة النبالء بالتأكيد لن يجعلك تعبر البوابة قبل الفجر‬

‫"لسوء الحظ" قال (شيريدان) متجاهال نظرات (جيرالت) الغير مرتاحة " علينا ان نبقى هنا‬
‫حتى الفجر فالقانون ال يعرف أي استثناءات‪ ،‬او على األقل بنسبة ألمثالنا‪ ،‬ندعوك أيها‬
‫الفارس لإلنضمام لمجلسنا المتواضع"‬

‫"(جيرالت من ريفيا) انا (ويتشر) ولست فارسًا"‬

‫ومن دون أي انبهار سأل (شيريدان) " ما خطبة؟" وهو يشير إلى (داندليون)‪ ،‬الشاعر كان‬
‫على منصة متنقلة حيث وضعه الحراس‬

‫وأكمل (اإللف)‬
‫" يبدو وكأنه تسمم أليس كذلك؟ اذا كان تسمما فيمكنني المساعدة فلدي بعض األدوية معي"‬

‫جلس (جيرالت)‪ ،‬ثم بدأ بسرد األحداث التي جرت على ضفاف النهر وعندما انتهى‪ ،‬نظر‬
‫ا(إللف) لبعضهم البعض بينما قام الفارس بالبصق وعبس وجهه‬

‫"غير عادي بالمرة" قال (شيريدان) "ماذا يمكن ان يكون؟"‬

‫"جني في زجاجة هه‪ ،‬مثل قصة خرافية لعينة" قال الفارس‬

‫"ليس تماما‪ ،‬فأنا ال أعرف اي قصة خرافية تنتهي هكذا" قال (جيرالت) وهو يشير إلى‬
‫(داندليون)‬

‫قال (شيريدان) " من الواضح أن إصابات الرجل المسكين ذات طبيعية سحرية‪ ،‬أخشى أال‬
‫تكون ألدويتي أي فائدة كبيرة‪ ،‬لكنها ستقلل معاناته‪ ،‬هل وسبق أن أعطيته أي دواء‬
‫(جيرالت)؟"‬

‫"فقط إكسير مسكن" اجاب (الويتشر)‬

‫‪12‬‬
‫"ذن تعال وساعدني في رفع رأسه"‬

‫كان (داندليون) يشرب الدواء بشهية مفرطة‪ ،‬ثم خفف طعمه المر بالنبيذ وفي آخر رشفة له‬
‫اختنق وبصق الدماء‬

‫"انا أعرفه!" قال (إرديل) " إنه (داندليون) المغني الشاعر الشهير‪ ،‬رأيته مرة يغني في‬
‫بالط الملك (إيثين) في (سيدارس)"‬

‫"شاعر إذن؟ همم" قال (شيريدان) وهو يوجه بصره نحوي (جيرالت) " ياله من شاعر‬
‫منحوس فقد تعرضت عضالت رقبته وحنجرته للهجوم‪ ،‬حباله الصوتية ستتضرر إلم ترفع‬
‫التعويذة في أقرب وقت"‬

‫"تعني أنه سيصبح أبكمًا؟" سأل (جيرالت)‬

‫" ال‪ ،‬سيتحدث بالتأكيد لكن بصوت خشن وأشج‪ ،‬أما الغناء فيجب أن ينساه" اجابه (اإللف)‬

‫لم يقل (الويتشر) أي شيء‪ ،‬شد قبضته ثم انحنى والمست جبهته قبضاته‬

‫"ساحر!" قال (فراتيمير) بصوت عالي "انت تحتاج لعالج سحري أو تعويذة عالجية‪ ،‬عليك‬
‫اخذه الى بلدة أخرى (ويتشر)"‬

‫"مهال ماذا؟!" رفع (جيرالت) رأسه "وهنا في (رايند) األ يوجد معالج هنا؟"‬

‫قال الفارس "من الصعب أن يجوب السحرة كل (ريدانيا) أليس كذلك؟ منذ أن فرض الملك‬
‫(هيريبرت) ضريبة باهظة على التعويذات‪ ،‬قاطع السحرة العاصمة والبلدات التي سارعت‬
‫في تنفيذ مراسيم الملك‪ ,‬وأعضاء مجلس بلدية (رايند) مشهورون بحماستهم في هذا الصدد‪،‬‬
‫(شيريدان) و (إرديل) ألست مح ًقا؟"‬

‫"محق تمامًا" قال (إرديل) "ولكن… (شيريدان) هل يمكنني ان أقول؟ "‬

‫‪13‬‬
‫"نعم" قال (شيريدان) وهو ينظر (للويتشر) "ال فائدة على كل حال الجميع يعلم ان هناك‬
‫ساحرة تقيم في البلدة اآلن"‬

‫"متخفية بالك شك البحث عنها سيكون صعبًا" قال (جيرالت)‬

‫"في الحقيقة ليس كثيرً ا" قال (اإللف) وهو يبتسم‬


‫"الساحرة قررت تجاهل المقاطعة المفروضة على بلدية (رايند) المفروضة من مجلس‬
‫السحرة‪ ،‬وهي تقوم بذلك بشكل مذهل‪ ،‬المقاطعة تعني أن هناك طلبًا هائالً على الخدمات‬
‫السحرية هنا‪ ،‬وبالطبع الساحرة ليست تدفع أي ضرائب"‬

‫"ومجلس البلدية راضي عن كل هذا؟" سأل (الويتشر)‬

‫"الساحرة تقيم مع تاجر‪ ،‬أو باألحرى وسيط تجاري من (نوفيجراد)‪ ،‬وهو أيضًا السفير‬
‫الفخري للمدينة الحرة‪ ،‬ال أحد يستطيع إزعاجها لديها حق اللجوء"‬

‫"في الواقع إنه أشبه باإلقامة الجبرية أكثر من كونه لجوء" صحح (إرديل) "فهي على وشك‬
‫السجن هناك"‬

‫"لكن ليس لديها أي نقص في الزبائن‪ ،‬خاصة الزبائن األغنياء" قال (شيريدان) "إنها تفتخر‬
‫بإستفزاز أعضاء المجلس ‪ ،‬تذهب الى الحفالت الباهظة دوما‪ ،‬في حين أن أعضاء المجلس‬
‫فعلوا كل ما في وسعهم و شوهوا سمعتها بأفضل ما يمكنهم"‬

‫"أنا ال أحب التدخل في هذه األمور" تمتم (جيرالت) "ولكن ليس لدي خيار آخر ما هو اسم‬
‫الوسيط التجاري؟"‬

‫"(بو بيرانت)"‬

‫اعتقد (الويتشر) أن (شيريدان) كان يتجشأ عندما نطق األسم‬

‫"حسنا اآلن هذا هو أملك الوحيد‪ ،‬أو باألحرى األمل الوحيد لصديقك المسكين الذي يئن‬
‫على السرير‪ ،‬لكن تذكر ال أستطيع أن أضمن لك أن الساحرة سوف تساعدك"‬

‫‪14‬‬
‫قال (إرديل) "كن حذرً ا عندما تذهب إلى هناك‪ ،‬جواسيس العمدة يراقبون المنزل‪ ،‬إذا كنت‬
‫ال تعرف ماذا تفعل إذا أوقفوك فتذكر أن المال يحل كل المشاكل ويفتح كل األبواب"‬

‫"سأذهب حالما يفتحون البوابات‪ ،‬لكن ما أسم الساحرة؟"‬

‫إعتقد (جيرالت) أنه قد رأى وجنتي (شيريدان) تحمر ولكن كان من الممكن ان يكون مجرد‬
‫توهج النار‬

‫" إسمها هو (ينيفر من فنجربرج)"‬

‫‪15‬‬
‫‪III‬‬
‫"موالي نائم" قال بواب القصر الذي كان اطول من (جيرالت) " هل انت اصم أيها المتشرد‬
‫األحمق؟ قلت لك إن موالي نائم!"‬

‫"إذن دعه ينام‪ ،‬ليس لدي عمل معه في األساس بل مع السيدة التي تقيم هنا"‬

‫"هل قلت عمل؟" كان البواب كما اتضح ذكيا بالنسبة لشخص في مهنته وحجم جسده "‬
‫أذهب لبيت دعارة لعين أيها المنحرف لتلبية حاجاتك وال تزعجنا"‬

‫قام (جيرالت) بفك محفظة من حزامه ووازنها في راحة يده‬

‫"انت تعلم أن الرشوة ال تفلح معي صحيح؟"‬

‫"بالطبع أعلم ذلك"‬

‫كان البواب ضخما جدا بحيث لم تكن لديه سرعة ردة الفعل لحماية نفسه من ضربة سريعة‬
‫تلقاها من رجل أصغر منه‪ ،‬لم يملك الوقت ليرمش قبل ان تصل قبضة (جيرالت) المدججة‬
‫بمحفظة ثقيلة لعانته‪ ،‬أصابته الضربة بقوة لدرجة انه ركع‪ ،‬و قبل أن يستجمع قواه‪ ،‬ركلة‬
‫في ركبته من (الويتشر) جعلته يسقط‪ ،‬لكن البواب لم يهزم بعد‪ ،‬امسك يد (الويتشر) الذي‬
‫سدد الضربة الثالثة بالمحفظة على رأس البواب ما أفقده الوعي‬

‫تمتم (الويتشر) وهو يدخل القصر "كان (اإللف) على حق‪ ،‬المال يفتح األبواب"‬

‫الظالم كان يكتسح الممرات ومن آخر الرواق سمع صوت شخير‪ ،‬اختلس (الويتشر)‬
‫النظر‪ ،‬كانت إمراة سمينة ترتدي ثوب نوم يصل لفوق فخذيها ‪ ،‬تشخر من أنفها بعنف‪ ،‬لم‬
‫يكن أفضل منظر قد يراه (الويتشر)‬

‫‪16‬‬
‫عن اليمين باب آخر نصف مفتوح‪ ،‬كان بإمكان (الويتشر) رؤية الدرج الحجري الذي يقود‬
‫لألسفل والذي كان على وشك تجاهله‪ ،‬لكنه سمع قعقعة في األسفل‬

‫الدرج كان يقود للمطبخ ذا األرضية الحجرية والمليء باألواني‪ ،‬تفوح منه رائحة خشب‬
‫الرانتج الفاخر‪ ،‬ومن بين األباريق و القدور رأى رجل عاري تمامًا يبحث في األسفل‬

‫" اللعنة عليكم أريد عصير تفاح!‪ ،‬أيها الكسالى!‪ ،‬أين هم الخدم؟!"‬
‫"أستميحك عذرً ا" قال (الويتشر) بكل أدب‬
‫رفع الرجل رأسه ونظر (للويتشر)‪ ،‬كانت عيناه يملئها الغضب واألحمرار‬
‫قال "إنها تريد عصير تفاح" ثم نهض بصعوبة وجلس على صندوق مغطى بجلد الغنم واتكأ‬
‫على الجدار حيث كان يتنفس بصعوبة‬
‫"البد لي…من… اخذ العصير… للطابق العلوي"‬

‫"هل يسعني التحدث للتاجر (بو بيرانت)؟"‬

‫"إهدأ…وأسمع… في ذلك البرميل…عصير تفاح…صبه في شيء… وساعدني في‬


‫الصعود للطابق العلوي…حسنا؟"‬

‫هز (جيرالت) كتفيه بشكل غير مبالي‪ ،‬وجد ابري ًقا وكوبًا من الصفيح بين األواني الفخارية‬
‫وسحب بعض العصير من البرميل‪ ،‬سمع شخيرً ا خلفه‪ ،‬كان التاجر نائما بشكل مقرف‪ ،‬فكر‬
‫(جيرالت) في لحظة في سكب العصير عليه و إيقاظه‪ ،‬لكنه غير رأيه‬

‫غادر المطبخ وهو يحمل االبريق والكوب لطابق العلوي‪ ،‬وفي نهاية الممر رأى بابًا‬
‫مزخر ًفا‪ ،‬دخل بحذر‪ ،‬وكان المكان مظلمًا‪ ،‬توسعت حدقة عينيه وتجعد أنفه‪ ،‬رائحة النبيذ‬
‫الحامض و الشموع والفاكهة الناضجة كانت تفوح من الغرفة ومن بين تلك الروائح شم‬
‫رائحة مميزة أحبها‪ ،‬رائحة عطر البنفسج والكشمش‬

‫نظر حولة‪ ،‬كانت الطاولة التي تتوسط الغرفة تحوي على فوضى من األباريق و القوارير‬
‫و األكواب واألطباق الفضية وأدوات المائدة‪ ،‬كانت السجادة تحت الطاولة مغطاة ببقع من‬
‫الشمع والنبيذ‪ ،‬رأى قشر البرتقال مع أحجار البرقوق و الخوخ ولب كمثرى وسيقان العنب‪،‬‬

‫‪17‬‬
‫بجانب إحدى الكؤوس كان يوجد حذاء أسود بكعب عالي مصنوع من الجلد الفاخر‪ ،‬كانت‬
‫الفردة األخرى للحذاء تحت الكرسي فوق فستان أسود عليه بعض الزخارف البيضاء‬

‫وقف (جيرالت) محرجً ا ومترد ًدا‪ ،‬أراد الخروج لكن هذا يعني أن صراعه مع البواب لم‬
‫داع أو سبب‬
‫يكن ضروريًا و(جيرالت) لم يحب فعل أي شيء دون ٍ‬

‫الحظ (الويتشر) الدرج في زاوية الغرفة‪ ،‬على الدرج وجد أربع وردات بيضاء ذابلة‪ ،‬وجد‬
‫ً‬
‫ملطخا بالنبيذ واحمر شفاه قرمزي‪ ،‬ازدادت قوة رائحة البنفسج والكشمش‪ ،‬قاد‬ ‫أيضا مندياًل‬
‫الدرج (الويتشر) الى غرفة نوم‪ ،‬كانت أرضية الغرفة مغطاة بجلد حيوان أشعث الشعر‪،‬‬
‫كان هناك قميص أبيض من الدانتيل وجورب أسود وعدد ال يحصى من الورود البيضاء‬
‫ملقى على األرض‬

‫قام (الويتشر) بنحنحة حلقة ودخل الغرفة‬

‫"بو؟ هل أحضرت العصير؟"‬


‫"نعم" قال (الويتشر)‬
‫ظهر وجه مثلث شاحب وعينان بنفسجيتان وشفاه ضيقة ملتوية‬

‫"أووه…أموت عط ًشا"‬

‫"ها أنت ذا"‬

‫كانت المرأة تملك أكت ًفا جميلة وعنق لطيفة كما كانت تملك قالدة حول رقبتها‪ ،‬كانت القالدة‬
‫على شكل نجمة تلمع من األلماس‬

‫شربت المرأة العصير بشراهة كبيرة لم تكن تناسبها في الحقيقية‪ ،‬فتحت عيناها ورأت‬
‫(الويتشر) بشعره األبيض‬

‫"من انت؟ اين (بو)؟ مالذي تفعله هنا؟"‬

‫"أي سؤال أجيب عنه أوال؟"‬

‫‪18‬‬
‫ندم (الويتشر) على سخريته أشرت المرأة بأصابعها وخرج وهج ذهبي‪ ،‬قام (جيرالت) بردة‬
‫فعل غريزية‪ ،‬شكلت أصابعه عالمة (هيليوتروب)‪ ،‬لكن الوهج كان قويا ما جعله يصطدم‬
‫بالجدار‬

‫"ال حاجة لذلك! الحاجة" صاح (الويتشر) عندما رأى المرأة ترفع أصبعها مرة أخرى "‬
‫سيدة (ينيفير) أتيت بسالم بال نوايا شريرة!"‬

‫قام (الويتشر) بصعوبة وراقبته (ينيفير) في صمت‪ ،‬وضاقت عيناها وقالت‬

‫"انت لست ساحرً ا هذا واضح ولكن ردة فعلك كانت سريعة للغاية‪ ،‬قلي من انت أيها‬
‫الغريب والذي جاء بسالم"‬

‫"انا (جيرالت من ريفيا)‪(،‬ويتشر)"‬

‫ارتدت الساحرة معط ًفا بباقة الفرو من على االرض ولفت نفسها فيه بإحكام قبل النهوض‪،‬‬
‫فرك (جيرالت) أسفل ظهره الذي ألمه بشدة بعد اصطدامه بالجدار‬

‫كررت الساحرة ما قاله لها "(جيرالت من ريفيا) هممم…كيف جئت إلى هنا؟ وألي سبب‬
‫جئت؟ انت لم تؤذي (بو) على ما أمل أليس كذلك؟"‬

‫"ال‪ ،‬سيدة (ينيفير) أنا أحتاج مساعدتك"‬

‫"(ويتشر) إذن صحيح؟ هممم…هذا ليس أول (ويتشر) أراه فحسب بل إنه أيضًا الذئب‬
‫األبيض الشهير بحد ذاته‪ ،‬لقد سمعت عنك"‬

‫"يمكنني رؤية ذلك"‬

‫" ال أعرف ما يمكنك رؤيته" ثم تثائبت بملل‪ ،‬لكنها اقتربت من وجه (الويتشر) بسرعة "‬
‫لكني اعرف ما تفكر فيه" ثم سألت وهي تنظر لعيني الويتشر وتلمس خده "هل تتكيف‬
‫حدقات أعينك مع الضوء تلقائيا ام انك تتحكم في حجمهم بإرادتك؟"‬

‫‪19‬‬
‫قال الويتشر بهدوء " (ينيفير)‪ ،‬قدت دون توقف إلى (رايند) وانتظرت حتى تفتح البوابات‪،‬‬
‫وجهت ضربة لرأس البواب الذي منعني من الدخول‪ ،‬أزعجت نومك وهدوئك بوقاحة‪ ،‬كل‬
‫ذلك من أجل صديقي الذي يحتاج للمساعدة‪ ،‬ال أحد غيرك يمكنه مساعدته ‪ ،‬ساعديه وبعد‬
‫ذلك يمكننا التحدث عن حدقات األعين وطفرات (الويتشر) كما تشائين"‬

‫تراجعت الساحرة خطوة للوراء وسألت " ما نوع المساعدة التي تريدها؟"‬

‫"تجديد األعضاء المصابة بإستخدام السحر‪ ،‬الحلق و الحنجرة و الحبال الصوتية‪ ،‬اصابته‬
‫ناجمة عن ضباب قرمزي"‬

‫"هممم هذه األعراض‪ ،‬لم يكن ضبابًا قرمزيًا لعينا هو الذي أصاب صديقك‪ ،‬ماذا كان‬
‫بالتحديد؟ تكلم بوضوح كونك قطعت نومي في الفجر ليس لدي النشاط لقراءة عقلك "‬

‫"حسنا…من األفضل ان أبدأ من البداية"‬

‫"اوه تبا كال‪ ،‬مذاق سيء في فمي وشعري االشعث وعيوني اللزجة تؤثر بشدة على قدراتي‬
‫اإلدراكية‪ ،‬أنزل إلى غرفة الحمام في القبو سأكون هناك خالل دقيقة"‬

‫"(ينيفير)‪ ،‬ال أريد ان اكون مزعجا لكن الوقت يمضي وصديقي…"‬

‫"(جيرالت)!" قاطعته بحدة "لقد نهضت من سريري من أجلك وانا لم اكن انوي هذا قبل‬
‫منتصف النهار‪ ،‬كما سوف استغني عن اإلفطار أتعلم لماذا؟ ألنك أحضرت لي عصير‬
‫التفاح‪ ،‬لقد كنت في عجلة من أمرك‪ ،‬كان تركيزك مشو ًشا بسبب معاناة صديقك‪ ،‬شققت‬
‫طريقك الى هنا‪ ،‬ومع كل هذا لم تنسى إمرأة عطشة‪ ،‬لقد اذهلتني‪ ،‬لكن مساعدتي غير‬
‫واردة من دون ماء ساخن وصابون‪ ،‬لذلك رجا ًء إذهب"‬

‫"حسنا"‬

‫"(جيرالت)" توقف الويتشر عند عتبة الباب دون اإللتفات لها " أغتنم الفرصة واستحم انت‪،‬‬
‫يمكنني معرفة عمر ونوع ساللة حصانك وليس هذا ققط بل ولونه كذلك من رائحتك"‬

‫‪20‬‬
‫‪IV‬‬
‫دخلت غرفة االستحمام بينما كان (جيرالت) جالسا وهو عاري على الكرسي‪ ،‬يسكب على‬
‫نفسه الماء بالدلو‪ ،‬أصدر (الويتشر) صوت حنحنة من حلقة‪ ،‬أراد إيصال أنه لم ينتهي بعد‬
‫من األستحمام‬

‫قالت "ال تخجل‪ ،‬ال يغمى علي من مشهد رجل عاري"‬

‫قام (جيرالت) ولف نفسه بمنشفة حول خصره‬

‫"ندبة جميلة" قالت وهو تبتسم وتنظر إلى صدره "ماهو سببها؟"‬

‫(الويتشر) لم يرد‪ ،‬استمرت الساحرة في مراقبته‬

‫"يالي من محظوظة أول (ويتشر) أراه وها هو اآلن عاري أمامي" قالت الساحرة وقد مالت‬
‫رأسها بغنج "أستطيع أن سمع دقات قلبك‪ ،‬إنها بطيئة‪ ،‬هل يمكنك التحكم في كمية‬
‫األدرينالين التي تفرزها؟‪ ،‬أه صحيح أنا أعتذر‪ ،‬إنه فضول مهني ال أكثر‪ ،‬لكن على ما يبدو‬
‫أنت حساس بشأن ميزات جسدك"‬

‫واستمر صمت (الويتشر)‬

‫"حس ًنا حس ًنا‪ ،‬األن كاد الماء يبرد" تحركت (ينيفير) بحركة توحي بأنها كانت على وشك أن‬
‫تخلع معطفها‪ ،‬لكنها ترددت "ستخبرني بما حصل وأنا أستحم من أجل توفير الوقت"‬

‫"سأستدير" قال (الويتشر)‬

‫" ال‪ ،‬أحب أن أرى عيني الشخص الذي يتحدث إلي‪ ،‬لدي فكرة أفضل"‬

‫‪21‬‬
‫سمعها (جيرالت) وهي تتلوا التعويذة‪ ،‬اهتزت ميداليته الفضية‪ ،‬وحينها رأى المعطف‬
‫األسود وهو يطفو في الهواء‪ ،‬ثم رأه وهو ينزل على األرض برفق‪ ،‬ورأ الماء يتناثر وكأن‬
‫أحدهم دخل للحوض‬

‫"اآلن‪ ،‬لألسف ال أستطيع أن أنظر أنا لعينيك (ينيفير)"‬

‫"تحدث"‬

‫بدأ (الويتشر) بسرد القصة للمرة الثانية‪ ،‬وعندما وصل إلى الجزء الذي خرج فيه المخلوق‬
‫من الجرة السحرية التي عثر عليها الشاعر توقف عن سماع صوت طرطشة المياه‬

‫"حس ًنا حس ًنا‪ ،‬هذا مثير لإلهتمام حقا‪ ،‬جني في زجاجة من كان ليتوقع ذلك؟"‬

‫"لم يكن جنيًا" بل شيئا مثل ضباب قرمزي اللون‬

‫"إذن هو كائن جديد غير معروف؟ لنفترض أنه جني هذا أسهل"‬

‫الصابون كان يرغي ورغم أن الساحرة كانت خفية‪ ،‬إال أن الصابون شكل معظم مالمح‬
‫جسدها التي فتنت (جيرالت) لدرجة أنه راح يسرح بعقلة‬

‫"تابع" قالت الساحرة الخفية‪ ،‬ما جعل (جيرالت) يفيق " ماذا حدث لك؟"‬

‫"هذا كل شيء‪ ،‬قمت بطرده بعيدا بعدهًا"‬

‫"كيف فعلت ذلك؟" قالت الساحرة وهي ترفعت مغرفة الماء وتغسل الصابون من على‬
‫جسدها الخفي‬

‫تنهد (جيرالت) وقال " بإستخدام تعويذة لطرد األرواح الشريرة"‬

‫"ماذا كانت التعويذة؟"‬

‫‪22‬‬
‫أخذ (الويتشر) نفسًا وتلى التعويذة‪ ،‬أعتقد أنه سيثير إعجابها بسبب معرفته بقواعد نطق‬
‫التعويذات ومخارج حروفه الممتاز‪ ،‬لكنه تفاجأ عندما سمع ضحكتها‬

‫"مالمضحك؟"‬

‫"هل هذه تعويذة لطرد األرواح الشريرة؟" قالت وهي تضحك وتلف نفسها بمنشفه "‬
‫(تريس) ستموت من الضحك عندما أخبرها‪ ،‬من علمك هذه التعويذة (ويتشر)؟"‬

‫"كاهنة من معبد (هولدار)‪ ،‬هذه لغة سرية ألهل المعبد"‬

‫كانت أثار األقدام المبللة تخبر بشكل واضح عن مكان الساحرة "لم تكن تلك تعويذة يا‬
‫(جيرالت) كما ال أنصحك بتكرار تلك الكلمات في أي معبد"‬

‫"ماهي إذن؟" سأل وهو يراقب جوربين أسودين يلتفان حول ساقين جميلتين مع سروال‬
‫أسود مكشكش‬

‫"مجرد كالم غير الئق" قالت الساحرة وهي ترتدي قميصًا أبيض مكشك ًشا على شكل زهرة‬

‫"أأل يمكنك ترجمتها؟"‬

‫"هذا غير مهم اآلن"‬

‫رأى الزجاجة بلورية وهي ترتفع في الهواء وعندما فتحت مألت الغرفة برائحة البنفسج‬
‫والكشمش‪ ،‬رأى فستان الساحرة وهو يربط حول خصرها ومن ثم ظهرت‬

‫" اربط الفستان" قالت وهي توجه ظهرها نحو (الويتشر)‪ ،‬بينما كانت تمشط شعرها‬

‫قام (جيرالت) بالفعل بربط الفستان وهو مستمتع برائحة عطرها‬

‫‪23‬‬
‫" بالعودة لموضوع الزجاجة السحرية" قالت (ينيفير) وهي تضع أقراطها " من الواضح ان‬
‫تعويذتك المضحكة لم تكن هي من أبعدته‪ ،‬السيناريو الذي أراه منطقيًا أكثر هو أنه فرغ‬
‫غضبه في صديقك المسكين ومن ثم رحل"‬

‫"من الممكن" قال (جيرالت) وهو متجهم "أعتقد أنه ذهب إلى (سيدارس) للتخلص من‬
‫(فالدو ماكس)"‬

‫" من هو (فالدو ماكس)؟"‬

‫"إنه أحد منافسي صديقي الشاعر والمغني‪ ،‬كان صديقي قد أخبر الوحش الضبابي أنه أراد‬
‫ان يموت ميتة مؤلمة"‬

‫استدارت الساحر وفي عينيها بصيص غريب‬

‫"هل من الممكن أن يكون صديقك قد تمنى أمنية؟"‬

‫"فعل بالفعل‪ ،‬امنيتن كلتهما أمنيات غبية‪ ،‬لماذا تسألين؟‪ ،‬الجن وتحقيق األمنيات والمصابيح‬
‫السحرية مجرد هراء"‬

‫"بالطبع هو هراء" قالت الساحرة وهي تبتسم بمكر "تلك القصص و الحكايات خالية من أي‬
‫معنى او مغزى‪ ،‬تم اختراع تلك القصص من أجل الفقراء و البسطاء و العرافين الطيبين‪،‬‬
‫أشخاص ال يستطيعون إأل أن يحلموا برغباتهم دون تحقيقها‪ ،‬يسعدني أنك لست منهم‬
‫(جيرالت من ريفيا)‪ ،‬هذا يجعلنا نتشارك وجهة النظر ذاتها‪ ،‬أذا ما أردنا شيئا فنحن نكدح‬
‫حتى نحصل عليه‪ ،‬وأنا دائما أحصل على ما أريد"‬

‫"ال أشك في هذا‪ ،‬لكن هل انتي جاهزة؟"‬

‫"نعم انتهيت" ارتدت كعبها العالي‪ ،‬لم تكن طويلة بشكل مبالع فيه رمت بشعرها للخلف‬
‫"لكن لدي سؤال‪ ،‬الختم الذي كان يغلق الزجاجة هل ما زال مع صديقك؟"‬

‫‪24‬‬
‫(الويتشر) كان يعلم أن الساحرة تعتقد ان الختم مع (داندليون) وليس معه هو‪ ،‬وبدل من‬
‫التصحيح لها أستمر في جعلها تعتقد ذلك‪ ،‬تجاربه في الحياة علمته أنه ال يجب أن يخبر‬
‫السحرة بكل شيء‬

‫"نعم أعتقد أنه ما زال يحتفظ به‪ ،‬لماذا؟ هل الختم مهم؟"‬

‫قالت بحدة " من الغريب ان يصدر مثل هذا السؤال من (ويتشر) متخصص في اعمال‬
‫الوحوش السحرية و الخارقة للطبيعة‪ ،‬من المفترض أن تعرف أن هذا الختم مهم بما يكفي‬
‫لعدم صديقك يلعب به"‬

‫كتم (جيرالت) غيظه‬

‫"حسنا لكن ال أحد معصوم من الخطأ" قالت وهو تغير نبرة صوتها لصوت أكثر رقة‬
‫"يمكن ألي شخص أن يخطئ‪ ،‬بالمناسبة أين رفيقك المسكين؟"‬

‫"هنا في (رايند) عند مجموعة من (اإللف)"‬

‫حدقت الساحرة فيه‬

‫" مجموعة؟" قالت واالبتسامة ترسم على وجهها " (شيريدان) وأبن عمه صحيح؟"‬

‫"هذا صحيح‪ ،‬لكن كيف عرفت…"‬

‫"غير مهم" قاطعة برفع يدها وأغمضت عينيها‪ ،‬ميدالية (الويتشر) إهتزت بقوة‪ ،‬وعلى‬
‫جدار الحمام فتحت بوابة سحرية‬

‫"اللعنة" قال (جيرالت) الذي لم يحب البوابات السحرية "هل يجب علينا فعل ذلك؟‪ ،‬أعني‬
‫المكان ليس بعي ًدا من هنا"‬

‫‪25‬‬
‫"نعم ال يمكنني السير في شوارع هذه البلدة‪ ،‬الناس هنا يكرهونني قد يرموني بالحجارة‬
‫والشتائم او قد يفعلون ماهو أسوء‪ ،‬هناك العديد من األشخاص الذين يشوهون سمعتي بشكل‬
‫ممتاز هنا‪ ،‬لكن ال تقلق بوابتي آمنة تماما"‬

‫كان أحد أسباب خوف (جيرالت) من البوابة أنه شاهد مرة مسافرً ا عبر بوابة سحرية وصل‬
‫نصف جسده فقط و النصف األخر لم يعثر عليه أحد أب ًدا‪ ،‬كما كان على علم بالقصص‬
‫المشهورة عن أشخاص سافروا عبر البوابات ولم يرهم أحد مرة أخرى‬

‫عدلت الساحرة شعرها مرة أخرى وربطت حقيبة صغيرة مزينة باللؤلؤ على حزامها‪،‬‬
‫كانت المحفظة صغيرة لدرجة أنها لم تكن قد تحمل سوا أحمر شفاه وبعض القطع النقدية‪،‬‬
‫لكن (جيرالت) كان يعلم أنها ليست حقيبة عادية‬

‫"أمسكني بإحكام أعني اللعنة انا لست مصنوعة من الزجاج الرقيق‪ ،‬احكم قبضتك"‬

‫اهتزت الميدالية‪ ،‬رأى وميضًا من النور ومن ثم فجأة وجد نفسه في العدم‪ ،‬في البرد‬
‫القارس‪ ،‬لم يستطع ان يرى او يسمع أو يشعر بأي شيء‪ ،‬البرد فقط هو ما كانت تستجيب‬
‫له حواسه‬

‫أراد أن يشتم لكنه لم يملك الوقت فقد تم سحبة بسرعة‬

‫‪26‬‬
‫‪V‬‬
‫"لقد مرت ساعة منذ أن دخلت" قال (شيريدان) وهو يقلب الساعة الرملية التي على‬
‫المنضدة "بدأت أشعر بالقلق هل حلق (داندليون) مصاب لهذه الدرجة؟ أال تعتقدون أنه‬
‫يجب أن نذهب ونلقي نظرة؟"‬

‫"لقد أوضحت تماما أنها ال تريدنا أن نزعجها" قال (جيرالت) وهو ينهي كوبه من شاي‬
‫األعشاب والذي كان مقر ًفا‬

‫لقدر قدر (جيرالت) وأحب (اإللف) المندمجين مع البشر‪ ،‬لذكائهم وحذرهم وهودئهم وروح‬
‫دعابتهم المرح‪ ،‬لكنه لم يفهم ذوقهم في الطعام والشراب‬

‫"انا ال أنوي إزعاجها (شيريدان) السحر يتطلب وق ًتا‪ ،‬يمكن أن يستغرق األمر طوال اليوم‪،‬‬
‫وانا ال أهتم ما دام (داندليون) سيتحسن"‬

‫"حس ًنا‪ ،‬أنت محق"‬

‫سمع دقات على الباب‪ ،‬لقد كان (أرديل) كما أتضح يعيش في هذا الفندق المهجور الذي كان‬
‫قد اشتراه بهدف تجديده و إعادة فتحة مع زوجته‪ ،‬إنه (إلف) هادئ قليل الكالم‬

‫تطوع (فراتيمير) بعد ليلة أمضاها مع (اإللف) في غرفة الحراسة لمساعدة (إرديل)‬
‫وزوجته‪ ،‬حيث أخذ على عاتقة مهمة إصالح األلواح الخشبية للجدار الذي حطمته بوابة‬
‫(ينيفير) أثناء انتقالها‬

‫"لم أعتقد أنك ستنجح بكل صراحة" قال (شيريدان)‬


‫"ال أظن أن (ينيفير) من أكثر الناس حبًا لحل المشكالت والمساعدة‪ ،‬فهي التهتم لمشكالت‬
‫اآلخرين وال أعتقد أنها تفكر كثيرا في اآلخرين عند نومها‪ ،‬بإختصار لم أرها تهرع يوما‬
‫لمساعدة شخص مسكين مالم تكن لها مصلحة في ذلك‪ ،‬أتسائل فقط ماذا قد تريد منك أنت و‬
‫(داندليون)؟"‬

‫‪27‬‬
‫"أنت تبالغ" قال (الويتشر) وهو يبتسم "لم أحصل على هذا األنطباع السيء عنها‪ ،‬نعم هي‬
‫تحب أن تستعرض فوقيتها‪ ،‬اتفق معك في ذلك‪ ،‬ولكن بالنظر لبقية السحرة المتغطرسين‬
‫والحمقى فهي تبدو لطيفة"‬

‫إبتسم (شيريدان) "يبدو األمر كما لو أنك تقول أن العقرب أفضل من العنكوبت ألنه يمتلك‬
‫ذياًل جمياًل ‪ ،‬كن حذرً ا (جيرالت) أنت لست أول من أخذ عنها إنطبعًا لطي ًفا‪ ،‬هي تحول‬
‫سحرها وجمالها إلى أسلحة تستخدمها بمهارة وبدون تردد‪ ،‬هذا بطبع ال يغير حقيقة أنها‬
‫إمرأة رائعة وجميلة ال نختلف على ذلك صحيح؟"‬

‫ألقى (جيرالت) نظرة على (اإللف) وأعتقد للمرة الثانية أنا رأى خدوده تحمر‪ ،‬كان هذا‬
‫مفجًئ ا (لجيرالت) فمن المعروف ان (اإللف) األنقياء ال يحبون النساء البشريات وحتى‬
‫الجميالت منهن‬

‫قال (اإللف) "األمر يعود لذوق الشخص في نهاية األمر‪ ،‬ولكن من النادر أن يصف‬
‫الكثيرون بإن ساحرة جميلة‪ ،‬اغلبهن يأتين من مجتمعات حيث يكون مصير الفتاة الوحيد‬
‫هو الزواج‪ ،‬لماذا تعذب الفتاة المسكينة في سنوات الدراسة والتي قد ال تأتي بربح فوري‬
‫فيما يمكنك تزويجها واإلستفادة من التحالف العائلي الذي يبنى بسبب الزواج بين العائالت‬

‫كما لماذا قد ترغب أن تكون هناك مشعوذة بين أسرتك؟ فعلى الرغم من اإلحترام الذي‬
‫يحظى به السحرة‪ ،‬فالفائدة بنسبة لعائلتها قليلة‪ ،‬في الوقت الذي تكمل فيه الفتاة تعليمها لمهنة‬
‫الساحرة ستكون العائلة مجرد عظام في قبورهم‪ ،‬لذلك فإن الفتيات التي ليس لهن فرص في‬
‫الزواج يصبحن ساحرات‬

‫على عكس الكاهنات و الراهبات التي أخذن قبيحات أو معوقات ونذرن أنفسهم لأللهة‪ ،‬أخذ‬
‫السحرة أي شخص أظهر قدرة على التحكم بالطاقة‪ ،‬بعد أن تجتاز الفتاة السنوات األولى من‬
‫التدريب تحصل على تعديل لشكلها‬

‫يتم تقويم السيقان وإصالح العظام الملتئمة بشكل سيء‪ ،‬ترفع الشفتان وتزال الندبات و‬
‫الوحمات والجدري من جلودهن‪ ،‬تخرج بعدها الساحرة الشابة جميلة ومهيبة ألن مهنتها‬
‫تتطلب ذلك‪ ،‬الفتيات اللواتي لم يستطعن محو قبحهن غطوا وجوهم بقناع سحري فقط من‬
‫أجل هيبتهن"‬

‫‪28‬‬
‫لم يستطع (جيرالت) فهم (شيريدان) عينيه وابتسامته كانت تربكه‬

‫"ال بطبع ال نختلف" قال (الويتشر) "وشكرا لك على التحذير لكن هذا فقط يتعلق بصديقي‪،‬‬
‫لم أتمكن من إنقاذه ولم أستطع مساعدته‪ ،‬صدقني سأجعل العقرب يلسع مؤخرتي إن كان‬
‫هذا سيساعده"‬

‫"هذا بالضبط ما عليك عدم فعله‪ ،‬ألن (ينيفير) تعرف ذلك وستستفيد أقصى استفادة من هذا‪،‬‬
‫(جيرالت) ال تثق بها إنها خطيرة"‬

‫لم يقل (الويتشر) شيًئ ا‬

‫من الطابق العلوي سمع صوت صرير الباب‪ ،‬رأى (ينيفير) تتكئ على درابزين الدرج‬

‫"(ويتشر) هل يمكنك المجيء إلى أعلى"‬

‫"بتأكيد"‬

‫أسندت الساحرة ظهرها على باب الغرفة التي كان يوجد فيها الشاعر‬

‫دقق (الويتشر) هذه المرة في شكلها‬

‫كان كتفها األيسر أعلى من األيمن‪ ،‬كان أنفها طويال بعض الشيء‪ ،‬شفاهها نحيفة جدا‪،‬‬
‫ذقنها صغير‪ ،‬حواجبها غير منتظمة‪ ،‬لقد رأى الكثير من التفاصيل‬

‫"كيف هو حاله؟"‬

‫"هل تشك في قدراتي؟"‬

‫‪29‬‬
‫واصل التحديق فيها‪ ،‬شكليًا كانت وكأنها تبلغ عشرين عامًا‪ ،‬فضل (جيرالت) عدم تخمين‬
‫عمرها الحقيقي‪ ،‬كما لم تكن هناك طريقة لتخمين ما كانت عليه من قبل ومالذي تم تحسينه‬
‫فيها‬

‫"صديقك الموهوب سيكون بخير‪ ،‬سوف يستعيد مواهبه الموسيقية"‬

‫"انا ممتن لك (ينيفير)"‬

‫ابتسمت الساحرة غريبة‬

‫"هل يمكنني أن أراه؟"‬

‫بقيت الساحرة تراقبة مع ابتسامتها الغريبة‬

‫"بتأكيد أدخل"‬

‫اهتزت ميدالية (الويتشر) بقوة وانتفضت بحدة‬

‫في منتصف أرضية الغرفة كرة زجاجية بحجم بطيخة صغيرة تتهوج بضوء ساطع‪ ،‬كانت‬
‫الكرة تتوسط شعار نجم بتسعة نقاط‪ ،‬وصلت أطراف النجمة لزاويا الغرفة‪ ،‬ومن ثم تم نقش‬
‫نجمة خماسية على اطرافها شموع سوداء داخل النجمة الكبرى‬

‫كما كان هناك شموع سوداء بجانب السرير حيث ينام (داندليون) المغطى ببطانية من جلد‬
‫الغنم‪ ،‬كان الشاعر يبدو مرتحً ا ويتنفس بهدوء‪ ،‬اختفى أثر األلم من وجهه وحل محله‬
‫ابتسامة حمقاء سعيدة‬

‫"إنه نايم ويحلم" قالت الساحرة‬

‫قام (جيرالت) فورا بفحص األنماط المرسومة على األرض كان يمكنه الشعور بالسحر‬
‫ينبعث منهم‬

‫‪30‬‬
‫"ما هذا (ينيفير)؟"‬

‫"إنه فخ"‬

‫"لمن؟"‬

‫"لك"‬

‫أدارت الساحرة المفتاح وهو في قفل الباب ومن ثم قام بإشارة بيدها فاختفى المفتاح‬

‫"انا محاصر اآلن" قال (الويتشر) ببرود "ماذا اآلن هل ستهاجمينني؟"‬

‫"التغتر بنفسك" جلست الساحرة بجانب الشاعر على حافة السرير‬

‫كان (داندليون) يبتسم مثل معتوه من مالمح وجه كاد (جيرالت) يقسم أنه في النعيم‬

‫"هل نلعب لعبة يا (ينيفير)؟ دعيني أخبرك أنني سيء بفهم القواعد"‬

‫"لقد أخبرتك أنني دائما أحصل على ما أريد‪ ،‬وأنا اآلن أريد شيًئ ا يمتلكه صديقك العزيز‪ ،‬ال‬
‫يمكنني الرحيل دونة"‬

‫قاطعها قائال " العالمات على األرض تستخدم إلستدعاء الشياطين‪ ،‬يتأذى شخص دائما في‬
‫مثل هذه الطقوس وأنا لن أسمح بهذا"‬

‫"ال تقلق لن يصيب هذا المغفل أي مكروه‪ ،‬صوته سيكون أفضل من ذي قبل كما سيكون‬
‫سعي ًدا جدا‪ ،‬جميعنا سنكون سعداء‪ ،‬سيذهب كل منا في طريقة بدون أي مشاعر سيئة"‬

‫"أوه (فيرجينا)" قال (داندليون) الغارق في األحالم‬


‫"نهداك جميالن ج ًدا"‬

‫"هل هو يهذي أم أنه فقد عقلة؟"‬

‫‪31‬‬
‫"إنه يحلم" إبتسمت الساحرة " يتم إشباع كل رغباته في هذا الحلم‪ ،‬لقد بحثت في عقلة ليس‬
‫هناك الكثير‪ ،‬قليل من البذاءة وبعض القصائد الشعرية وهتافات المعجبات‬

‫وأنت (جيرالت)‪ ،‬أعطني الختم هذا ما أريده‪ ،‬أعلم أنه ال يمتلك الختم‪ ،‬إنه معك‪ ،‬أرجوك‬
‫أعطني إياه"‬

‫"لماذا تريدينه؟"‬

‫"همممم سؤال جيد…ما رأيك في إن هذا ليس من شأنك اللعين أيها (الويتشر)؟ هل ترضيك‬
‫تلك اإلجابة؟"‬

‫"ال" وابتسم (الويتشر) بخبث "وهذا ليس ذنبك (ينيفير) بل أنا من يصعب إرضائه"‬

‫"الختم من فضلك‪ ،‬وال تطعج وجهك هكذا‪ ،‬هذا هو ثمن المساعدة‪ ،‬الختم هو أول دفعة من‬
‫القسط الذي يدفع مقابل صوت المغني"‬

‫"أرى أنك قمتي بتقسيم سعر هذه الخدمة لعدة أقساط‪ ،‬حس ًنا سأعطيك إياه‪ ،‬ربما قد توقعت‬
‫ذلك‪ ،‬ولكن اللعنة لتكن صفقة عادلة يا (ينيفير) لقد اشتريت مساعدتك وسأدفع بالتأكيد"‬

‫"ال أشك في ذلك"‬

‫" لكنني أنا من سيدفع وليس (داندليون)‪ ،‬سأخذه لمكان آمن وبعدها سأعود وسأدفع القسط‬
‫الثاني وجميع األقساط األخرى‪ ،‬إلنه وبنسبة للقسط األول…"‬

‫اخرج (الويتشر) من جيبة ختمًا على شكل صليب مكسور ونجمة بتسع نقاط‬

‫"ها هو إعتبريه عالمة على إمتنان هذا (الويتشر) البسيط النك عاملته بلطف‪ ،‬كما أنها‬
‫يجب أن تقنعك أني سأعود بعد أن أضع صديقي في مكان أمن‪ ،‬لم أنتبه لذيل العقرب الذي‬
‫خرج من بين زهورك (ينيفير)‪ ،‬لذلك أنا على إستعداد لدفع ثمن عدم انتباهي "‬

‫‪32‬‬
‫"خطبة جميلة" قالت الساحرة "من المؤسف أنها لن تنفعك‪ ،‬انا احتاج (داندليون) هو يلعب‬
‫دور الرهينة لذلك سيبقى هنا"‬

‫"إنه قريب من دائرة الوحش الذي تنوين إستدعائه" قال (الويتشر) وهو يشير إلى األرض "‬
‫عندما سوف تشرعين في إستدعاء الوحش سيعاني (داندليون) بال شك‬

‫أنا أعرف تريديني وحش الزجاجة أليس كذلك؟ ما الذي تنوين فعله؟ إخضاعه وإجباره‬
‫على خدمتك؟ حسنا ال تردي أنا أعرف الجواب "هذا ليس من شأني اللعين"‪ ،‬لكن كما ترين‬
‫أنا ال أهتم‪ ،‬استدعى عشرة شياطين من أمثاله إذا أردتي‪ ،‬لكن بوجود (داندليون) في مكان‬
‫خطير أخشى أن ال تكون هذه صفقة عادلة (ينيفير) وأنا لن أسمح ب…‪"..‬‬

‫انقطع صوت (الويتشر)‬

‫"تسألت متى ستشعر بهذا" قالت الساحرة ضاحكة‬

‫كانت عضالت (جيرالت) تشتد حتى شعر باأللم‪ ،‬وبعدها شل جسمه بالكامل كان مثل‬
‫التمثال الحجري‪ ،‬لم يستطع حتى تحريك أصابع قدمية‬

‫"كنت أعلم أنه يمكنك كسر أي تعويذة يمكن أن ألقيها عليك مباشرة‪ ،‬كما علمت أيضًا انك‬
‫قبل أن تقوم بأي شيء ستحاول إثارة إعجابي بثرثرتك‪ ،‬وبينما كنت تتحدث كانت التعويذة‬
‫المعلقة في السقف تحطم جسدك ببطئ‪ ،‬اما اآلن يمكنك التحدث فقط دون محاولة إثارة‬
‫إعجابي ألنني فهمت أنك خطيب بليغ‪ ،‬واآلن ال فائدة من أي شيء أخر قد تقوم به"‬

‫"(شيريدان)!" صاح (الويتشر) وهو يكافح الشلل من التعويذة السحرية "سيدرك أنك على‬
‫وشك القيام بشيء ماء‪ ،‬سيأتي ويحل هذه المهزلة ألن ال يثق فيك (ينيفير) لم يثق بك منذ‬
‫البداية"‬

‫قامت الساحرة بتحريك أذرعها بعنف‪ ،‬أصبحت جدران الغرفة ضبابية غير واضحة‪،‬‬
‫اختفت األبواب و النوافذ وحتى الستائر‬

‫‪33‬‬
‫"ماذا لو إكتشف (شيريدان) ذلك؟" قالتها بنبرة خبيثة وبإستهزاء "ماذا سيفعل؟ سيلبي نداء‬
‫المساعدة؟ لن يستطيع أحد المرور عبر حاجزي السحري ولكن لمعلوماتك (شيريدان) لم‬
‫يفعل أي شيء ضدي‪ ،‬لن يستطيع إنه تحت سحري‪ ،‬ال أقصد ذلك النوع من السحر األسود‬
‫بل المسألة أبسط من ذلك‪ ،‬تتعلق بكيمياء الجسد فهو واقع في حبي‪ ،‬ذلك األرجل األبله‪ ،‬هل‬
‫تعلم أن كان ينوي تحدي (بو) في مبارزة سيوف؟ (إلف) شديدة الغيرة من النادر رؤية‬
‫ذلك‪ ،‬أوه عزيزي (جيرالت) انا لم أختر هذا المنزل عن عبث"‬

‫"تحت سيطرتك يقع (بو بيرانت) و (شيريدان) و (إرديل) ويمكننا إحتساب (داندالين) لكن‬
‫ال يمكنك إخضاعي أنا (ينيفير)"‬

‫"أوه سنرى بشأن ذلك" نهضت الساحرة من السرير وتجاوزت بحذر اإلشارات والرموز‬
‫الموضوعة على األرض "بعد كل شيء‪ ،‬لقد قلت بنفسك أنك مدين لي بدين يجب دفعة‪،‬‬
‫سأغادر (ريند) وال تزال لدي بعض الحسابات الغير مدفوعة في هذه البلدة‪ ،‬لقد وعدت‬
‫الكثير من الناس وانا دائما أفي بوعدي‪ ،‬لكن بما أنه ليس لدي الوقت‪ ،‬انتم من سيفي بهذه‬
‫الوعود (ويتشر)"‬

‫حاول (جيرالت) التحرك لكن بال فائدة‬

‫"توقف عن الكفاح فهذا غير مجدي‪ ،‬لديك إرادة قوية وقليل من شيء أشبه بقاومة سحرية‬
‫تنبعث من جسدك‪ ،‬ولكن هذا ال يكفي لكسر هذه التعويذة‪ ،‬وال تحاول أن تسحرني برجولتك‬
‫القاسية الصلبة‪ ،‬انت تخدع نفسك فقط اذا كنت تظن أنك صلب‪ ،‬انا أعلم انك ستفعل أي‬
‫شيء من أجل إنقاذ صديقك‪ ،‬ولن تتردد في لعق حذائي لو طلبت ذلك"‬

‫بقي (الويتشر) صام ًتا‪ ،‬كانت الساحرة تقف امامه وتبتسم بخبث وأكملت‬
‫"لقد عرفت شخصيتك منذ أن قابلتك في غرفة نوم (بو)‪ ،‬عرفت من حينها طريقة الدفع‬
‫التي سأطبها منك‪ ،‬يمكن ألي شخص تسوية حساباتي في (رايند) لكن أنت من يجب أن‬
‫يفعل هذا!‪ ،‬يجب أن تدفع لوقاحتك!‪ ،‬يجب أن تدفع لنظراتك الباردة التي تنظر بها إلي!‪،‬‬
‫يجب أن تدفع لعينينك التي كانت تلتقط كل تفصيلة صغيرة!‪ ،‬كما يجب أن تدفع لوجهك‬
‫الحجري ونبرتك الساخرة!‪ ،‬يجب أن تدفع لتفكيرك انك يمكنك الوقوف وجها لوجه مع‬
‫(ينيفير من فيننجبرج) وتلقي عليها أحكامك أنها متكبرة ومتغطرسة بينما تحدق في أثدائها‬
‫الصابونية! إدفع! إدفع يا (جيرالت من ريفيا)!"‬

‫‪34‬‬
‫امسكت الساحرة بشعر (الويتشر) بكلتا يديها وقبلته بعنف على شفتيه وأدخلت لسانها مثل‬
‫مصاصة دماء‪ ،‬اهتزت ميدالية (الويتشر) بعنف‪ ،‬شعر ان الميدالية تتقلص على حلقة‬
‫وتخنقة‪ ،‬شعر بنار تشتغل في رأسه‪ ،‬شعر بأزيز في أذنيه‪ ،‬عيناه رأت السواد يغشاها من‬
‫كل جهة‪ ،‬وستسلم (الويتشر) لذلك الظالم‬

‫*بعد مدة*‬

‫كان (جيرالت) راكعا وكانت ينيفير تتحدث بصوت هادئ ورقيق‬

‫"هل تتذكر؟"‬

‫"نعم سيدتي"‬

‫"اذن إذهب ونفذ ما أمرتك به"‬

‫"كما تأمرين سيدتي"‬

‫"احسنت يمكنك تقبيل يدي"‬

‫"شكرا سيدتي"‬

‫لقد شعر بنفسه وهو يتقرب منها بينما كان يسمع طنين مزعجً ا في أذنية‪ ،‬وكأن ألف نحلة‬
‫كانت موجودة داخل رأسة‪ ،‬ثم شم رائحة البنفسج والكشمش‪ ،‬رأى ومضيًا وبعدها غرق في‬
‫الظالم‬

‫"(جيرالت)؟ (جيرالت) ما خطبك" قال (شيريدان) " إلى أين أنت ذاهب؟"‬

‫"يجب…أن…يجب أذهب اآلن"‬

‫"أوه بحق اآللهة أنظر لعينية" قال (فراتيمير)‬

‫‪35‬‬
‫"ال (إرديل) ال تحاول منعه دعه يذهب"‬

‫شم رائحة البنفسج والكشمش‪ ،‬فتح الباب وكان آخر ما شعر به هو حرارة الشمس و الجو‬
‫الرطب‪ ،‬أعتقد أن هناك عاصفة قادمة‪ ،‬وكان ذلك آخر ما فكر فيه‬

‫‪36‬‬
‫‪VI‬‬
‫كان يحدق في الظالم ويشم رائحة مزعجة هذه المرة‪ ،‬الرائحة كانت مزيجا من البول و‬
‫القش والخرق المبللة‪ ،‬رأى أخيرً ا الشمعة عالقة في قبضة حديدية المثتبة على جدار حجري‬
‫متهالك‪ ،‬ألقى الضوء ظالله على األرضية الترابية المصبغة‬

‫لعن (الويتشر)‬

‫شعر بعدها بأحدهم يرفعه ويسنده على الجدار‬

‫"قلقت عليك‪ ،‬بقيت فاق ًدا للوعي لفتر طويلة"‬

‫"اللعنة…‪(.‬شيريدان) أشعر وكأن رأسي قد قطعة أحدهم لنصفين…‪.‬أين نحن؟"‬

‫"أين برأيك؟"‬

‫مسح (جيرالت) وجهه ونظر حولة‪ ،‬كان هناك ثالثة لصوص يجلسون امامهم على الجدار‬
‫المقابل‪ ،‬كانوا جالسين بعي ًدا عن الضوء‪ ،‬في ظالم شبة كامل‪ ،‬كان هناك شيء يشبه كومة‬
‫من الخرق الجاثمة تحت الحجاز الذي يفصلهم عن الممر األخر‪ ،‬كان رجاًل نحياًل له أنف‬
‫أشبه بمنقار طائر اللقلق‪ ،‬وضح طول شعره وحالة مالبسة أنه بقي هنا لمدة طويلة‬

‫"لقد ألقوا بنا في الزنزانة" قال (الويتشر)‬

‫"أنا سعيد أنك قد استعدت قدرتك على التحليل المنطقي"‬

‫"اللعنة…(داندليون) أين هو؟ ومنذ متى ونحن هنا؟"‬

‫" الأعلم كنت فاق ًدا للوعي مثلك تمامًا عندما ألقيت هنا" أخذ (شيريدان) كومة للقش للجلوس‬
‫عليها‬

‫‪37‬‬
‫سمع السجناء اآلخرين وهم يتهامسون‬

‫"هل أنتم صم؟" بصق (جيرالت) بعدها محاواًل التخلص من الطعم المعدني في فمة " لقد‬
‫سألتكم ماهو الوقت اآلن أهو نهار أم ليل‪ ،‬انتم بالتأكيد تعرفون متى يطعمونكم صحيح؟"‬

‫تهامسوا في بينهم مرة أخرى وتحدث أحدثهم قائاًل " أيها السادة رجا ًء اتركونا بسالم وال‬
‫تتحدثوا معنا نحن لصوص محترمون ولسنا سياسيين‪ ،‬لم نهاجم السلطات كنا فقط نسرق"‬

‫وقال آخر "هذه زاويتنا وهذه زاويتكم وليترك كل أحد األخر في سالم"‬

‫" هذه الطريقة التي تسير بها األمور هنا" قال الرجل العجوز "كل شخص يمسك بزاويته‬
‫ويحرسها"‬

‫بصق (جيرالت)‬

‫سأله (اإللف) ساخرً ا "وأنت أيها العجوز هل أنت معنى أم معهم؟ في أي معسكر أنت؟"‬

‫" لست معكم وال معهم‪ ،‬ألنني بريء"‬

‫بصق (الويتشر) وسأل زميلة في الزاوية "(شيريدان)‪ ...‬بشأن ما قالوه عن مهاجمة‬


‫السلطات هل هذا صحيح؟"‬

‫"بالتأكيد‪ ،‬أال تتذكر؟ خرجت إلى الشارع وذهب إلى منزل مراهنة بمجرد دخولك ضربت‬
‫المالك في أسنانه وحطمتها"‬

‫طحن (الويتشر) أسنانه ولعن‬

‫تابع (شيريدان) "سقط المالك وقمت بركله عدة مرات في أماكن حساسة‪ ،‬ركض مساعدة‬
‫لنجدته فقمت برمية من النافذة للشارع"‬

‫"أرجوك قل لي أنني توقفت هنا"‬

‫‪38‬‬
‫"ال لألسف خرجت بعدها إلى الشارع تتعارك مع الناس وتصرخ بشأن شيء حول شرف‬
‫السيدة‪ ،‬كان هناك حشد كبير يتبعك‪ ،‬أنا و (أرديل) و (فراتيمير) كنا نتبعك أيضًا‪ ،‬دخلت‬
‫بعدها إلى منزل الصيدالني (لوريلنوز) وسحبته من ساقه حتى منتصف الشارع ثم ألقيت‬
‫خطبًا"‬

‫"أوه اللعنة… أخبرني ماذا قلت"‬

‫" كنت تقول أن الرجل المحترم ال يجب أن يسمي الزانية المحترفة "بالعاهرة" ألنها كلمة‬
‫قاسية ومثيرة لإلشمئزاز‪ ،‬وأن استخدام هذه الكلمة لوصف إمرأة دفعت لها األموال لتبلية‬
‫الرغبات هو أمر طفولي وغبي وأنك ستتعامل مع كل شخص يقول تلك الكلمة‪ ،‬بعدها قمت‬
‫بدفع رأس الصيدلي بين ركبتيه وسحبت سروالة وضربت مؤخرته بالحزام"‬

‫"هيا (شيريدان)‪ ...‬تابع ال تشفق علي"‬

‫"عوى الصيدالني وبكى‪ ،‬دعى وصلى لكل اآللهة التي يعرفها‪ ،‬طلب المساعدة والرحمة‬
‫حتى أنه وعد أنه سيكون رجاًل طيبًا في المستقبل‪ ،‬لكنك على ما يبدو لم تصدقه ألنك‬
‫استمررت بضربة‪ ،‬تدخل بعدها قطاع طرق مسلحين‪ ،‬هنا في (رايند) كانوا يدعونهم‬
‫الحراس"‬

‫"حسنا هنا حيث قمت بمهاجمة السلطات؟"‬

‫"نعم كان كل من الصيدالني ومالك منزل المراهنات عضوان في مجلس البلدية وقد إقترح‬
‫كالهما طرد (ينيفير) من البلدة‪ ،‬ولم يكتفوا بذلك فقد نشروا عنها الشائعات واألكاذيب في‬
‫الحانات والطرقات"‬

‫"توقعت ذلك‪ ،‬إذن عندما ظهر الحراس ألقوا بي هنا؟"‬

‫"لقد أرادوا ذلك‪ ،‬لكن أوه (جيرالت) كان مشه ًدا عظيما من الصعب وصف ما فعلته بهم‪،‬‬
‫حس ًنا كان لديهم سيوف وهروات وفؤوس ولم يكن لديك سوى قصبة حديدة حادة في طرفها‬

‫‪39‬‬
‫انتزعتها من أحد المارة في الطريق‪ ،‬وبعد أن طرحتهم جميعًا‪ ،‬ذهبت وكان معظمنا يعرف‬
‫أين كنت ستذهب"‬

‫"سأكون سعي ًدا لو أخبرتني أنا كذلك أين كنت سأذهب"‬

‫"كنت ذاهبًا للمعبد‪ ،‬ألن الكاهن (كريب) وهو أيضًا عضو في مجلس البلدية كرس الكثير‬
‫من الوقت في خطبة عن (ينيفير)‪ ،‬لذلك قمت أنت باألقسام انك ستعلمه درسًا في احترام‬
‫الفروقات الجنسية بين الرجل والمرأة‪ ،‬وبينما أنت تتحدث فقد قمت بحذف لقبة ككاهن‬
‫وألقيت عليه بعض األوصاف األخرى والشتائم"‬

‫"رائع ماذا بعد هذا؟ هل دنست المعبد؟"‬

‫"ال لم تستطع الوصول للمعبد‪ ،‬كان هناك كتيبة حراس كاملة مسلحين بكل ما يمكنهم حمله‬
‫من مستودع األسلحة باستثناء المنجنيق بطبع‪ ،‬انتظروك أمام المعبد‪ ،‬كانوا مستعدين لقتلك‪،‬‬
‫لكنك لم تصل إليهم أمسكت رأسك بكلتا يديك وبعدها أغمي عليك"‬

‫"حس ًنا فهمت‪ ،‬وأنت كيف سجنت؟"‬

‫"عندما سقطت ركض عدة حراس لمهاجمتك لذلك دخلت في نزاع معهم‪ ،‬تلقيت ضربة‬
‫على رأسي بهرواة‪ ،‬ووجدت نفسي هنا‪ ،‬الشك أنهم سيتهمونني بالمشاركة معك"‬

‫"بما أننا نتحدث عن االتهامات‪ ،‬ماهي توقعاتك للحكم؟"‬

‫"إذا عاد (نيفيل) رئيس البلدية من العاصمة في الوقت المحدد‪ ،‬حس ًنا من يدري فهو لطيف‪،‬‬
‫لكن اذا لم يأتي فسيتم إصدار الحكم من قبل أعضاء مجلس البلدية بما فيهم مالك منزل‬
‫المراهنات والصيدالني والكاهن بالطبع‪ ،‬وهذا يعني…"‬

‫قام (اإللف) بإيماءة قصيرة عبر رقبته‪ ،‬وعلى الرغم من الظالم فهم (الويتشر) ماذا كان‬
‫يقصد ولم يقل شيًئ ا‪ ،‬تهامس اللصوص فيما بينهم‪ ،‬الرجل العجوز المظلوم كان نائمًا‬

‫‪40‬‬
‫"عظيم" قال (الويتشر) وهو يشتم " لن أشنق فقط‪ ،‬لكنني سأموت وأنا أعلم أنك ستموت‬
‫أيضًا بسببي (شيريدان) كما سيموت (داندليون) كذلك‪ ،‬تبًا‪ ،‬هذه إحدى مزحات (ينيفير)‬
‫السوداء لكنني أنا المخطئ لقد كنت أحم ًقا وخدعتني"‬

‫"لقد حذرتك منها‪ ،‬ولقد رأيت انني مجرد أحمق‪ ،‬وال تقلق انا لست هنا بسببك بل العكس‬
‫انت من هو هنا بسببي‪ ،‬كان بإمكاني إيقافك في الشارع لكنني لم أفعل‪ ،‬ألنني كنت خائ ًفا من‬
‫أنني إذا عارضت التعويذة الملقاة عليك‪ ،‬ستتضرر (ينيفير) أرجوك سامحني (ويتشر)"‬

‫"ال بأس أنا أسامحك يا صديقي‪ ،‬فأنت ليس لديك أي تصور عن مدى قوة تلك التعويذة‪،‬‬
‫بإمكاني أن كسر تعويذة عادية في دقائق معدودة بدون أي جهد يذكر‪ ،‬لم تكن لتستطيع‬
‫إيقافها أنا أعلم ذلك‪ ،‬كما كنت ستواجه صعوبة في قتالي كما الحراس"‬

‫"لم أكن أفكر فيك كما قلت ساب ًقا كنت فقط أفكر في (ينيفير)"‬

‫"اللعنة (شيريدان) ما خطبك"‬

‫"أنا…أنا ال أحب استخدام الكلمات المبالغ فيها‪ ،‬لكنني أعتقد أنني مفتون بها‪ ،‬وال أعتقد أن‬
‫هذا فجأة لك فأي شخص يمكن أن يفتن بها"‬

‫"ال (شيردان) لست متفاجًئ ا" قال (الويتشر) وهو يتنهد‬

‫سمع خطوات ثقيلة في الممر‪ ،‬وسمع قعقة الدروع المعدنية‪ ،‬رأى في الزنزانة ظالل أربع‬
‫حراس‪ ،‬الرجل العجوز قفز واختبأ بين اللصوص الثالثة‬

‫"هممم مكبر ج ًدا" قال (شيريدان) بسخرية "إعتقدت أن بناء سقالة الشنق يسيتغرق وق ًتا‬
‫أطول من هذا"‬

‫أشار أحد الحراس نحو (الويتشر) وقال "هذا هو"‬

‫‪41‬‬
‫أمسك أثنان من الحراس (جيرالت)‪ ،‬ثبتوه على الجدار‪ ،‬اللصوص كانوا يرتجفون في‬
‫زاويتهم ‪ ،‬الرجل العجوز دفن نفسه في القش‪( ،‬شيريدان) الذي كان يحاول المقاومة هدأ بعد‬
‫أن وجه أحد الحراس السيف نحو صدرة‬

‫وقف الحارس أمام جيرالت وهو يفرك قبضاته‬

‫"أخبرني السيد (لوريلنوز) ان اتأكد انك مرتاح في زنزانتك الجميلة‪ ،‬هل هناك ما تحتاجة؟‬
‫بطانية؟ أعني الجو بارد هنا صحيح؟"‬

‫لم يرد (جيرالت) كما يم يستطع ركل الحارس ألن أقدام كانت مثبته‪ ،‬أخذ الحارس نصف‬
‫إلتفاته نحو اليسار ولكم (جيرالت) بقوة في بطنه‬

‫"أذن ال تحتاج لشيء ها؟ سيكون من دواع سروري إخبار السيد أنه ليس عندك شكوى"‬

‫وبعدها لكمة أخرى في نفس المكان جعلت الويتشر يختنق‬

‫"هيا ال تكن خجوال أكد على السيد (لوريلنوز) أن اتأكد أنك مرتاح‪ ،‬لذلك لماذا ال تخبرني‬
‫بما تحتاج هل لسانك معقود؟"‬

‫ضربة ثالثة في نفس المكان‪ ،‬بطبع مثل هذه الضربات لم تجعل (جيرالت) يغمى عليه ولكنه‬
‫كان يجب أن يسقط حتى يتركه الحارس‬

‫"إذن ال أمنيات تريد مني تحقيقها؟"‬

‫"لدي أمنية واحدة فقط" رفع (الويتشر) رأسه بصعوبة" أتمنى…أتمنى أن ينفجر بطنك‬
‫السمين‪ ،‬يا إبن العاهرة"‬

‫تراجع الحارس للوراء لتسديد الضربة التي كان يستهدف بها رأس (جيرالت)‪ ،‬لكن‬
‫الحارس تجمد للحظة‪ ،‬أحمر وجه الحارس وأمسك بطنه بكلتا يديه وصاح من األلم ومن ثم‬
‫أنفجر‬

‫‪42‬‬
‫‪VII‬‬
‫"وماذا أفعل بكما اآلن؟"‬

‫رأى من النافذة البرق وهو يلمع في السماء‪ ،‬وسمع بعدها دوي الرعد‪ ،‬األمطار كانت تزداد‬
‫غزارة وتهطل بقوة فوق (رايند)‬

‫ظل (جيرالت) و (شيريدان) صامتين مطأطئين رؤوسهم‪ ،‬كان يجلسان على كرسين وكانت‬
‫تحتهما سجادة تصور النبي (ليبيودا) وهو يرعى أغنامه‬

‫كان العمدة (نيفيل) يتحرك ذهبًا وإيبًا في الغرفة وهو يلهث ويشتم بغضب‬

‫"يا معشر (الويتشر) الدمويين القذرين!" قال العمدة وهو يصرخ "تعيثون الفساد في بلدتي؟!‬
‫أعني األ يوجد أي بلدة لعينة أخرى في هذا العالم؟!"‬

‫بقي (الويتشر) و (اإللف) صامتين‬

‫" وبعدها حولت الحارس إلى كتلة دماء حمراء هذاء غير إنساني بالمرة! " قال العمدة‬

‫"غير إنساني وشيطاني" قال الكاهن الذي كان حاضرً ا " شيطاني ج ًدا لدرجة أنه يمكنني‬
‫التخمين من هو المتسبب فيه"‬

‫"نعم كالنا يعرف أن هذا (اإللف) و (الويتشر) ليس لديهم القوة والخبث لفعل هذا‪ ،‬هذا كله‬
‫من فعل تلك الشيطانة (ينيفر)!"‬
‫دوى الرعد مرة أخرى وكأنه يؤكد كالم الكاهن‬

‫وأكمل الكاهن "إنها هي بالتأكيد‪ ،‬أعني من قد يريد اإلنتقام من (لوريلنوز) غيرها؟"‬

‫‪43‬‬
‫ضحك العمدة "هذا آخر شيء قد أغضب منه كان (لوريلنوز) يخطط ألخذ منصبي لكن‬
‫اآلن لن يحترمه أحد"‬

‫"اليجب أن تشيد بهذه الجريمة سيد (نيفيل)" قال الكاهن "ودعنا ال ننسى بأنني لو لم أقم‬
‫بطرد الروح الشريرة من جسد (الويتشر) لكان فعل بي مثل ما فعل في السيد (لوريلنوز)‬
‫ودنس المعبد"‬

‫"ذلك ألنك تتحدث عنها ببذاءة في خطبك سيد (كريب) حتى أن (بو بيرانت) جائني‬
‫يشكوك‪ ،‬لكن ما قد حدث قد حدث‪ ،‬هل تسمعانني؟" إستدار العمدة مرة أخرى نحو‬
‫(جيرالت) و (شيريدان) " ال شيء يبرر ما فعلتماه‪ ،‬وأنا ال أريد أن تحصل مثل هذه األشياء‬
‫في بلدتي‪ ،‬اآلن‪ ،‬دافعا عن نفسيكما و أخبراني بكل ما حدث‪ ،‬إعترفا اآلن!"‬

‫تنهد (شيريدان) ونظر إلى (الويتشر)‬

‫تنهد (الويتشر) ونحنح حلقة‪ ،‬وروى لهم كل شيء تقريبًا‬

‫"هذا كل شيء؟" قال الكاهن "رحلة صيد سمك تنتهي بتحرير جني بينما تطمع الساحرة‬
‫الشريرة في أخذ الجني‪ ،‬ال يبدو األمر سيًئ ا لكنه قد ينتهي بشكل سيء"‬

‫"ما فائدة الجني؟ ولماذا تريده (ينيفير)" سأل العمدة‬

‫بدأ الكاهن (كريب) في الشرح "إن السحرة يستمدون قوتهم من الطبيعية‪ ،‬وبشكل أدق من‬
‫العناصر األربعة والتي تعرف عموما بالقوى الطبيعية‪ ،‬النار و الماء و الهواء و األرض‪،‬‬
‫كل عنصر من هذه العناصر يمتلك بع ًدا خاصًا به والتي يسميها السحرة المستويات‪ ،‬تلك‬
‫األبعاد التي ال يمكن الوصول لها‪ ،‬يسكنها ما يسمى بالجن…"‬

‫"هذا ما تقوله األساطير" قال (الويتشر) "ألنه وعلى حد علمي…"‬

‫‪44‬‬
‫"ال تقاطعني‪ ،‬من الواضح أنك ال تعلم الكثير بنظر للقصة التي حكيتها لذلك أستمع وأنصت‬
‫بهدوء‪ ،‬أين كنت؟ أوه صحيح‪ ،‬الجن‪ ،‬هناك أربعة أنواع من الجن تماما على عدد العناصر‬
‫األربعة‪ ،‬هناك الجن الهوائي و المائي وهناك أشقائهم (األفريت) جن النار و (الداو) جن‬
‫األرض…"‬

‫"لقد إبتعدت كثيرً ا كريب‪ ،‬هذا ليس معب ًدا‪ ،‬أخبرنا بإختصار لماذا تريد (ينيفير) الجني" قال‬
‫العمدة‬

‫"جني مثل هذا أيها العمدة هو خزان طاقة سحرية حي‪ ،‬الساحر الذي يملك جنيًا خاضعًا له‬
‫يمكنه أن يستفيد من طاقة الجني عند استخدام التعاويذ‪ ،‬لن يكون بحاجة ألخذ الطاقة من‬
‫الطبيعية‪ ،‬قوة مثل هذه بنسبة للساحر تعني قدرة شبه مطلقة لفعل أي شيء"‬

‫"لم أسمع قط عن ساحر قادر على فعل كل شيء" قال العمدة " على العكس تمامًا أغلب‬
‫السحرة تمت المبالغة في قوتهم من خالل القصص…"‬

‫"الساحر ( ستاملفورد)" قاطعه الكاهن وفي صوته نبرة ثقة وإتزان أكاديمية " يقولون أن قد‬
‫حرك جباًل مرة ألنه كان يحجب رؤيته‪ ،‬ولم يقم أحد من قبل بتحريك جبل‪ ،‬كان لدى‬
‫(ستاملفورد) جني (داو) أرضي‪ ،‬كما لدي بعض السجالت التي تذكر سحرة قاموا بنفس‬
‫األمر‪ ،‬أمواج هائلة أمطار كارثية من عمل جن ماء‪ ،‬أعمدة ضخمة من النار في السماء‪،‬‬
‫حرائق وانفجارات ضخمة من عمل جن النار"‬

‫"زوابع وأعاصير وتحليق فوق األرض" قال (جيرالت) " مثل (جيفري مونك)"‬

‫"نعم‪ ،‬أرى أنك تعلم شيًئ ا كما أرى" نظر إليه (كريب) وهو يبتسم "اإلشاعات تقول أن‬
‫(مونك) كان لديه طريقة إلجبار الجن على خدمته‪ ،‬كما كانت هناك إشاعات بأن لديه أكثر‬
‫من واحد‪ ،‬قيل إنه يحتفظ بالجن في زجاجات ويستخدمها عندما يحتاج‪ ،‬ثالث أمنيات من‬
‫كل جني‪ ،‬ثم يحررها وتهرب الجن إلى بعدها الخاص"‬

‫قال جيرالت "الجني الذي وجدناه في النهر لم يقم بأي شيء‪ ،‬هجم فقط على حلق‬
‫(داندليون)"‬

‫‪45‬‬
‫"الجن" رفع (كريب) رأسه "هم كائنات حاقدة ومخادعة‪ ،‬ال يحبون أن يتم حبسهم في‬
‫زجاجة وبعدها يؤمر أن يحرك جباًل ‪ ،‬إنهم يتالعبون بكلماتك ليجعلوك ال تستطيع التعبير‬
‫عما تريده‪ ،‬ثم ينفذون أمنياتك بطريقة قد تسبب كارثة‪ ،‬لذلك يجب أنت تزن كالمك عندما‬
‫تطلب من الجني تحقيق أمنية‪ ،‬وإلخضاع جني انت تحتاج إلرادة من حديد وأعصاب من‬
‫فوالذ قوة وخبرة كبيرة‪ ،‬وعلى ما حصل في قصتك يبدو أن قدراتك أيها (الويتشر) كانت‬
‫متواضعة"‬

‫"نعم متواضعة ج ًدا إلخضاع جني‪ ،‬لكنني طردته بعي ًدا بإستخدام تعويذة لطرد األرواح‪،‬‬
‫وعندما أخبرت (ينيفير) بالتعويذة ضحكت وسخرت منها"‬

‫"ماذا كانت التعويذة؟ كررها من فضلك"‬

‫قام (جيرالت) بتالوة التعويذة‪ ،‬أصبح وجه الكاهن رماديًا شاحبًا وبعدها أحمر من الغضب‬
‫وفي النهاية أصبح أزرق من األحراج‬

‫"ماذا! كيف تجرؤ؟!"‬

‫"سامحني… ألكون صاد ًقا ال أعرف ما تعنيه تلك الكلمات"‬

‫"لماذا تردد ما ال تعرف إذن؟! ال أتذكر أنني قد سمعت مثل هذه البذاءة منذ زمن!"‬

‫"كفى!" قال العمدة "نحن نضيع الوقت‪ ،‬نحن اآلن نعرف ماذا تريد الساحرة من الجني لكنك‬
‫قلت يا (كريب) أن األمر سينتهي بكشل شيء‪ ،‬كيف ذلك؟ دعها تمسك بالجني وتذهب هي‬
‫معه إلى الجحيم لماذا نهتم؟ بصراحة أعتقد…"‬

‫لم يعرف أحد أب ًدا ماذا كان يعتقد العمدة (نيفيل)‪ ،‬ظهر مستطيل مضيء على األرض‬
‫بجوار سجادة النبي (ليبيودا)‪ ،‬كان هناك وميض للحظة‪ ،‬وبعدها ظهر (داندليون) في‬
‫منتصف مبنى البلدية‬

‫"بريء!" صرخ الشاعر الشاعر بصوت واضح وقوي وهو جالس على األرض "إنه‬
‫بريء! (الويتشر) بريء!"‬

‫‪46‬‬
‫"(داندليون)!" صرخ (الويتشر) وهو يمسك بالكاهن (كريب) الذي كان يستعد لطرد‬
‫األرواح الشريرة "اوه اللعنة‪ ،‬هنا‪ ،‬أين كنت؟"‬

‫"(جيرالت)!" قال الشاعر بسعادة‬

‫"(داندليون)" قال (الويتشر) وهو يبتسم‬

‫"من هذا؟" قال (نيفيل) "اللعنة أوقفوا التعاويذ السحرية يا قوم هي ممنوعة هنا في (رايند)‬
‫يجب أواًل ان تقدم طلبًا مكتوبًا ثم تدفع الضريبة و… مهال أليس هذا هو المغني الذي كان‬
‫رهينة عند الساحرة؟"‬

‫"(داندليون) كيف وصلت إلى هنا؟" قال (جيرالت) وهو يمسك الشاعر من كتفيه‬

‫"بصراحة ال أعرف" قال الشاعر بتعبير أحمق "ألكون صاد ًقا أنا ال أذكر ما حدث لي‬
‫حتى‪ ،‬ال زلت ال أعرف ما هو حقيقي وما هو كابوس‪ ،‬لكنني أتذكر امرأة جميلة ذات شعر‬
‫أسود وعيون بنفسجية…"‬

‫"مهال توقف ما دخل النساء ذوات الشعر األسود هنا؟" قال العمدة " وصلت هنا عبر مربع‬
‫سحري‪ ،‬دخلت بسرعة في صلب الموضوع وصرخت أن (الويتشر) بريء كيف أستطيع‬
‫تصديق ذلك؟ هل يعقل أن (لوريلنوز) ضرب مؤخرته بيديه؟ اال إذا كانت البلدة كاملة‬
‫تهلوس وتخيلت (الويتشر) وهو يضربه"‬

‫"انا ال أعرف أي شيء عن هلوسة وضرب مؤخرات" قال (داندليون) بفخر " أخبرك أن‬
‫آخر ما أتذكره أن امرأة ذات شعر أسود ترتدي األبيض و األسود ألقت بي في حفرة‬
‫مضيئة‪ ،‬بوابة سحرية بال شك‪ ،‬قبل ذلك أعطتني مهمة دقيقة وواضحة أخبرتني أنني يجب‬
‫أن أقول وأنا أقتبس اآلن "أتمنى أن يصدق العمدة أن (الويتشر) بريء تلك هي أمنيتي"‪،‬‬
‫حاولت أن أسأل مالذي يجري وأين انا ذاهب لكنها لم تسمح لي‪ ،‬لقد وبختني وأمسكتني من‬
‫رقبتي وألقت بي في البوابة واآلن أنا هنا"‬

‫‪47‬‬
‫قام بتعديل مالبسة وتعديل طوقة المكشكش الفاخر "حس ًنا و اآلن‪ ،‬أيها السادة هل تستطيعون‬
‫إخباري بأسم أفضل حانة بذيئة في البلدة وأين أعثر عليها؟"‬

‫"ال توجد حانات بذيئة في بلدتي" قال العمدة " لكنك سترى وستتفحص بعناية أفضل زنانة‬
‫في المدينة أنت ورفاقك‪ ،‬صحيح دعوني أذكركم أنكم لستم أحرار أيها األوغاد‪( ،‬كريب)‬
‫إنظر إليهم‪ ،‬يروي أحدهم قصصًا عن الجن واآلخر يقفز عبر البوابات السحرية ويصرخ‬
‫بكلمة براءة"‬

‫"إلهي العزيز!" أمسك الكاهن براسه "فهمت اآلن‪ ،‬األمنية‪ ،‬تلك هي آخر أمنية"‬

‫"ماذا حدث لك (كريب)" قال العمدة "هل تشعر بصداع؟"‬

‫"األمنية األخيرة!!!" صاح الكاهن "لقد جعلت الشاعر يعبر عن أمنيته األخيرة‪ ،‬ستنصب‬
‫اآلن فخا سحريًا وستمسك بالجني قبل أن يعود لبعده الخاص! سيد (نيفيل) يجب علينا…"‬

‫إهتزت الجدران من دوي الرعد‬

‫"اللعنة!" قال العمدة وهو يتجه نحو النافذة "كان ذلك قريبًا ج ًدا‪ ،‬أتمنى األ يصيب بيتي أي‬
‫صواعق‪ ،‬أحتاج فقط لنار دفائة لإلسترخاء و…" نظر العمدة عبر النافذة "إلهي! إلهي!‬
‫انظر لهذا (كريب) إنظر! ماهذا؟!"‬

‫هرع الجميع إلى النافذة‬

‫"بحق حوريات البحر!" قال (داندليون) " ذلك هو إبن العاهرة الذي خنقني!"‬

‫"الجن!" صاح (كريب) "إنه جني هوائي"‬

‫"(إرديل)!" صرخ (شيريدان) "انه فوق سطح الفندق"‬

‫"لقد أمسكت به" قال الكاهن وهو ساقط على األرض "هل يمكنكم ؤيته؟! الضوء السحري‬
‫هل يمكنكم رؤيته؟! لقد امسكت الساحرة بالجني!"‬

‫‪48‬‬
‫شاهد (جيرالت) بصمت‬

‫ذات مرة منذ سنوات عندما كان طفال في (كاير مورهين) مقر (الويتشرز) كان هو‬
‫وصديقة (إسكال) قد أمسكوا بنحلة ضخمة في الغابة وربطوا ذيلها‪ ،‬لقد سقطوا على بطونهم‬
‫من الضحك على تصرفات النحلة المقيدة قبل أن يمسك بهم (فيسيمير) معلهم‪ ،‬دبغ بعدها‬
‫جلودهم بحزام جلدي‬

‫الجني الذي يحوم فوق فندق (إرديل) كان يتصرف تماما مثل تلك النحلة المقيدة‪ ،‬لقد طار‬
‫وسقط‪ ،‬قفز وسقط‪ ،‬طار في دوائر وفشل في الهروب‪ ،‬خيوط سحرية من الضوء الساطع‬
‫تلتف حولة وتقيده بإحكام‪،‬‬
‫لقد كان الجني يتصرف مثل تلك النحلة تمامًا ألنه كان مقي ًدا‪ ،‬لكن الجني كان أقوى من‬
‫النحلة‪ ،‬لقد هدم األسطح ودمر المداخن وحطم األبراج‬

‫"إنه يدمر البلدة!" قال العمدة "هذا الوحش يدمر بلدتي!"‬

‫"ههههههه" قهقة الكاهن " لقد وجدت شخصًا عني ًدا مثلها‪ ،‬إنه قوي‪ ،‬ال أعرف بصدق من‬
‫أمسك بمن‪ ،‬سيطحنها الجني ويحولها لغبار‪ ،‬جيد‪ ،‬ستتحق العدالة في نهاية األمر"‬

‫"اللعنة على العدالة!" قال العمدة "وال أهتم إن سمعني أحد الناخبين‪ ،‬إنظر (كريب)! الذعر‬
‫والخراب ينتشران! لم تخبرني بذلك أيها المسن األحمق‪ ،‬كنت تلعب دور الرجل الحكيم ولم‬
‫تخبرني أن هذا الشيطان سيسبب كل هذا الدمار!‪(...‬ويتشر)! قم بشيء ماء! هل تسمع؟! انا‬
‫أعفو عنك و…"‬

‫"ال يوجد أحد يمكنه القيام بشيء سيد (نيفيل)" قال الكاهن وهو يقاطعه "انت لم تسمع أبدا‬
‫لما قلته‪ ،‬إن الجني قوي بشكل كبير‪ ،‬لولم يكن بتلك القوة ألستطاعات الساحرة ختمة في‬
‫زجاجة‪ ،‬ستضعف تعويذتها في نهاية األمر وسيسحقها الجني‪ ،‬سنحصل على بعض السالم‬
‫حينها"‬

‫"وفي هذه األثناء نشاهدة وهو يدمر البلدة؟" سأل العمدة‬

‫‪49‬‬
‫"كما قلت سننتظر لكن لن نقف مكتوفي األيدي أيها العمدة أعطي األوامر للناس بإخالء‬
‫المنازل و اإلستعداد إلطفاء الحرائق‪ ،‬ما يحدث اآلن ال يقارن بالسالم الذي سيحل عندما‬
‫تموت الساحرة"‬

‫رفع (جيرالت) رأسه وامسك (بشيريدان)‬

‫"السيد (كريب) انا بحاجة لمساعدتك‪ ،‬البوابة التي جاءت (بداندليون) ال زالت مرتبطة‬
‫بالفندق"‬

‫"لم تعد البوابة موجودة بعد اآلن األ تستطيع أن ترى؟"‬

‫"البوابات تترك أثرً ا‪ ،‬حتى لو لم يكن األثر مرئيًا أحتاج لتعويذة إلتباع هذا األثر"‬

‫"أنت مجنون‪ ،‬حتى لو افترضنا ان األمر آمن وانك لن تمزق ألشالء مالذي ستستفيده؟‬
‫ستجد نفسك فقط في قلب إعصار"‬

‫"سألت فقط عن اذا كان بإمكانك إلقاء مثل تلك التعويذة وفتح البوابة"‬

‫"إلقاء تعويذة؟!" إستنكر الساحر "انا لست ساحرً ا بال إله‪ ،‬انا ال إلقي التعويذات‪ ،‬قوتي تأتي‬
‫من اإليمان والصالة!"‬

‫"هل تستطيع أم ال؟!"‬

‫"نعم أستطيع"‬

‫"إذن قم باألمر‪ ،‬الوقت يمضي"‬

‫"(جيرالت)!" قال (داندليون) " لقد جننت بالكامل مالذي ستفعله في قلب ذلك اإلعصار؟"‬

‫"الصمت من فضلكم" قال الكاهن "انا أصلي"‬

‫‪50‬‬
‫"لتذهب للجحيم انت وصالوتك!" قال العمدة "سأذهب لجمع الناس ال يجب ان نبقى هنا‬
‫ونثرثر‪ ،‬ياآللهة‪ ،‬وياله من يوم‪ ،‬ياله من يوم"‬

‫لمس (شيريدان) كتف (جيرالت) ونظر إلي (الويتشر)‬

‫"أنت ستذهب إلنك تعتقد أنه يجب عليك فعل ذلك صحيح؟"‬

‫تردد (جيرالت) لكنه قال على مضض "نعم أعتقد ذلك‪ ،‬انا آسف (شيريدان)"‬

‫"التعتذر أنا أعرف ما تشعر به"‬

‫"اشك في ذلك فأنا بنفسي ال أعرف ما أشعر به"‬

‫إبتسم (اإللف) إبتسامة ال عالقة لها بالسعادة أب ًدا‬

‫"هل أنت جاهز؟" سأل كريب وهو يشير بفخر إلى خطوط بالكاد ترى على الحائط "البوابة‬
‫غير مستقرة ولن تصمد لفترة طويلة وال توجد طريقة لضمان أنها لن تنكسر فور ما‬
‫تدخلها‪ ،‬لذلك هل أنت متأكد من أنك تريد فعل ذلك؟ أعني يمكنني منحك بعض البركة‬
‫وغفر خطاياك لكن…"‬

‫"ليس هناك وقت" أنهى (الويتشر) الجملة "أعرف ذلك‪ ،‬وأنت محق ال نملك الكثير من‬
‫الوقت‪ ،‬لذا ارجوكم اخلوا الغرفة اآلن‪ ،‬إذا إنفجرت البوابة ستفجر طبالت إذنكم"‬

‫"سأبقى" قال (كريب) بعد أن أغلق الباب بعد خروج الشاعر و (اإللف)‪ ،‬لوح بيديه في‬
‫الهواء وخلق حولة هالة نابضة " ستوفر لي بعض الحماية‪ ،‬إذا إنفجرت البوابة سأحاول‬
‫إخراجك أيها (الويتشر)‪ ،‬أعني ما هي قيمة طبلة األذن بالنسبة لي؟ ستنمو من جديد"‬

‫نظر (جيرالت) إليه بلطف وابتسم الكاهن‬

‫‪51‬‬
‫"انت رجل شجاع تريد إنقاذها‪ ،‬أليس كذلك؟‪ ،‬لكن شجاعتك لن تفيدك كثيرً ا الجن كائنات‬
‫حقودة الساحرة في حكم الميت وإذا ذهب الى هناك ستكون أنت أيضا في حكم الميت"‬

‫وقف امام البوابة المتوهجة وسأل "السيد (كريب)؟"‬

‫"نعم"‬

‫"تعويذة طرد األرواح التي جعلتك غاضبًا مني‪ ،‬ماذا تعني؟"‬

‫"يالها من لحظة مناسبة إلطالق بعض النكات (جيرالت)"‬

‫"ارجوك أخبرني"‬

‫"حس ًنا حس ًنا" قال الكاهن المختبئ خلف الطاولة "ما دامت هذه وصيتك األخيرة سأخبرك‪،‬‬
‫إنها تعني إخرج من هنا وأذهب وضاجع نفسك"‬

‫دخل (جيرالت) البوابة‪ ،‬البرد القارس أوقف ضحكته التي كان تهز أكتافة‬

‫‪52‬‬
‫‪VIII‬‬
‫البوابة السحرية كانت تدور مع اإلعصار‪ ،‬رمته بقوة على صدرة‪ ،‬وأخذ يلهث ويحاول‬
‫إلتقاط أنفاسه‬

‫األرض كانت تهتز‪ ،‬إعتقد في البداية أن سبب كان سقوطة لكن إكتشف أنه كان مخطًئ ا كان‬
‫المبنى بأكمله يهتز‬

‫نظر حولة‪ ،‬لم يكن في تلك الغرفة التي شاهد فيها (ينيفير) آخر مرة فيها‪ ،‬بل كان في الحانة‬
‫التي تقع في نفس الفندق‬

‫رأى الساحرة‪ ،‬كانت جالسة وتمسك كرة سحرية مضيئة‪ ،‬رأى أيضًا الغرفة التي كان‬
‫مرسومًا على أرضيتها النجمة الخماسية‪ ،‬كانت تشع بقوة‪ ،‬لقد رأى خيوطا متعددة األلوان‬
‫تنطلق إلى أعلى وتثبت الجني‬
‫الغاصب‬

‫رأته الساحرة‪ ،‬كانت على استعداد للهجوم عليه‬

‫"مهال توقفي" قال (الويتشر) "أريد مساعدتك"‬

‫"أنت؟ سوف تساعدني؟"‬

‫"نعم"‬

‫"بعد كل ما فعلته بك؟"‬

‫"نعم"‬

‫"هذا غريب‪ ،‬لكن ال تقلق لست بحاجة لمساعدتك فقط إرحل"‬

‫‪53‬‬
‫"لن أرحل"‬

‫"اللعنة فقط إخرج من هنا!" صرخت الساحرة " األمر يزداد خطورة ويخرج عن السيطرة‬
‫أال تفهم؟ ال أستطيع إخضاعه أنا ال أفهم لماذا ولكن هذا الوغد ال يضعف أبدا بل على‬
‫العكس تمامًا إنه يزداد قوة‪ ،‬لكنني سوف أتغلب عليه"‬

‫"الجني سوف يسحقك (ينيفير)"‬

‫"من الصعب قتلي (ويتشر)"‬

‫سقف الحانة خلع فجأة‪ ،‬الكرة المضيئة خمدت‪ ،‬رأى في السماء شكاًل مستطياًل مصنوعًا من‬
‫النار‪،‬‬

‫"اللعنة" قالت الساحرة "أركض (جيرالت) أركض!"‬

‫"ماذا حدث (ينيفير)؟"‬

‫"لقد عرف مكاني‪ ،‬إنه يريد أن يصل إلي ليتمكن من التحرر وأنا ال أستطيع منعه"‬

‫"(ينيفير)!"‬

‫"ال تشتت إنتباهي (جيرالت) يجب أن أركز وأنت يجب عليك الخروج من هنا‪ ،‬سأفتح بوابة‬
‫لكي تهرب‪ ،‬كن حذرً ا ستكون هذه بوابة عشوائية ليس لدي القوة لنقل أي شخص آخر‪ ،‬أنا‬
‫ال أعرف أين ستكون لكنك ستصبح في مأمن"‬

‫خرج من الشكل المستطيل الناري فم الجني الذي يعرفه (الويتشر) جي ًدا‪ ،‬أخذ يعوي بأعلى‬
‫صوت‬

‫‪54‬‬
‫قفزت الساحرة ولوحت بأذرعها وألقت تعويذة‪ ،‬طار شعاع ذهبي من كفها اصاب الجني‪،‬‬
‫صرخ الجني ورد على هجوم الساحرة‪ ،‬أطلق أذرعة ضبابية التي كانت تستهدف حلق‬
‫الساحرة‬

‫(ينيفير) تجمدت في مكانها لوهلة‪ ،‬قفز عليها (الويتشر) ودفعها جانبًا‬

‫الجني لم يستسلم هجم مرة أخرى بفكيه‪ ،‬رد (الويتشر) الهجوم بضربة بعالمة "أرد" لكن‬
‫الجني لم يتأثر ولم يرد الهجوم هذه المرة‪ ،‬تضخم حجم الجني ونظر إلى (جيرالت) بعينيه‬
‫الشاحبتين وزأر‬

‫كان في زئيره شيء مميز لم يفهمه (الويتشر)‪ ،‬كان شيء مثل طلب‬

‫"من هنا" قالت (ينيفير) وهي تشير نحو البوابة التي فتحتها " من هنا (جيرالت) أسرع"‬

‫"سأدخل فقط إذا أتيت معي"‬

‫كانت ينيفير تمزق الهواء وهؤ تلوح بأذرعها‪ ،‬كانت تنطق بالتعاويذ وكان الجني يسقط‬
‫ويسير مثل النحلة المروبطة‪ ،‬كان الجني يقترب من الساحرة التي لم تتراجع او تستلم‬

‫قفز (الويتشر) عليها ونجح باألمساك بها‪ ،‬كانت الساحرة تصرخ وتشتم وتمكنت من ضرب‬
‫(جيرالت) بمرفقها على حلقة لكن (الويتشر) لم يتركها‬

‫حملها وقفز معها نحو البوابة إلى حيث ال يدري أين سيكون‪ ،‬قفز معها إلى البوابة التي‬
‫تؤدي للمجهول‬

‫سقطوا وأنزلقوا على األرضية الرخامية‪ ،‬حطموا شمعدان ضخمًا وأصتدموا بالطاولة التي‬
‫تتساقط منها األكواب الفاخرة‬

‫صرخات وصيحات الناس مألة الغرفة‬

‫‪55‬‬
‫لقد أوصلتهم البوابة لقاعة رقص‪ ،‬كان الرجال والنساء يرتدون مالبس فاخرة ومجوهرات‬
‫وحليًا ثمينة‪ ،‬توقفوا عن الرقص وشاهدوهم في صمت من اإلستغراب والذهول‪ ،‬توقف‬
‫الفرقة الموسيقية عن العزف وشاهدوا هم أيضًا بصمت‬

‫"أيها األحمق!" صاحت (ينيفير) " أيها المتعوه الغبي اللعين! كنت على وشك إمساكه"‬

‫"هذا هراء!" قال (الويتشر) بغضب "لقد أنقذت حياتك أيتها الساحرة الغبية!"‬

‫هجمت الساحرة عليه لكنه أمسك أذرعها‬

‫"هل لديكم دعوة أيها السادة؟" قاطعهم رجل بدين وضخم‬

‫"ضاجع نفسك وأذهب من هنا!" قالت (ينيفير) التي كانت تحاول إقتالع عين (جيرالت)‬

‫"هذه فضيحة" قال الرجل البدين "يبدو أن تقنيات النقل اآلني ليست بتلك الدقة كما يقولون‪،‬‬
‫سأرفع شكوى لمجلس السحرة وسأطالب ب…"‬

‫لم يعرف أحد ماذا أراد الحارس المطالبة به‪ ،‬الساحرة صفعت (الويتشر) وركلته بقوة‬
‫بساقها ثم نهضت عن (الويتشر)‬

‫ركضت نحو البوابة التي خرجت منها وألقت بنفسها داخلها‪ ،‬تبعها (جيرالت) وقفز عليها‬
‫محاواًل األمساك بشعرها وحزامها‪،‬‬
‫سددت (ينيفير) له ضربة بمرفقها‪ ،‬أدت تلك الحركة لشق فستانها عند اإلبط وظهر صدرها‬

‫كالهما دخل للبوابة‬

‫"تابعوا العزف أرجوكم وأرقصوا ال تهتمو لهذا الحدث المثير للشفقة"‬

‫فهم (الويتشر) أنه مع الرحالت المتكررة لنفس البوابة فإن دقة البوابة تقل‪ ،‬وجدوا أنفسهم‬
‫في الفندق لكن كان األثنان في العلية‬

‫‪56‬‬
‫لم يتحمل السقف أوزانهم فنهار وسقطوا على الطاولة التي هي كذلك انهارت بسبب قوة‬
‫السقوط‬

‫لكمته في عينه وأطلقت واباًل من الشتائم له والتي كان يعتقد أنها شتائم تخص حفار قبور‬
‫قزم فقد كانوا مشهورين ببذائهم‬

‫الشتائم كانت مصحوبة بضربات فوضوية غاضبة والتي تم التعامل معها بشكل فوضوي‬

‫أمسكها (جيرالت) من يديها وثبتها على األرض‬

‫"دعني أذهب!" قالت الساحرة وهي ترفس مثل حيوان "أنت أحمق أتركني! ستنقطع الخيوط‬
‫في أي لحظة يجب أن أقويهم أو سيهرب الجني"‬

‫لم يرد (الويتشر) رغم أنه كان يريد ذلك‪ ،‬ثبتها بقوة أكبر‪ ،‬شتمت (ينيفير) بكل شراسة‬
‫وكافحت بكل قوتها‪ ،‬سددت له ضربة في فخذة أرخت قبضة (الويتشر) وقبل أن يستعيد‬
‫إنتابه لوحت الساحرة بتعويذة ألقت (جيرالت) على خزانة‬

‫حطم (الويتشر) الخزانة تماما‬

‫‪57‬‬
‫‪IX‬‬
‫"ماذا يحدث هناك أخبرني!" قال (داندليون)‬

‫"إنهم يتشاجرون!" قال أحدهم وهو يركض هربًا من حانة الفندق " (الويتشر) والساحرة‬
‫يتاقاتلون"‬

‫"شجار؟!" قال (نيفيل) "يتشاجرون وهذا الجني يدمر بلدتي…أوه أنظروا اآلن حطم مصنع‬
‫الطوب…نحن محظوظون أن السماء تمطر أو كان سينشب هنا حريق لن يمكننا إيقافه"‬

‫"لن يستمر هذا العذاب طوياًل " قال (كريب) '"الخيوط السحرية إنها تضعف وستنقطع في‬
‫أي لحظة‪ ،‬سيد (نيفيل) إطلب من الناس العودة الضرر فقط سيقع على ذلك الفندق الذي لن‬
‫يبقى منه سوى بعض األخشاب‪ ،‬سيد (إرديل) لماذا تبتسم إنه منزلك وهو يتحطم مالذي‬
‫يضحكك؟"‬

‫"لقد تم تأمين هذا الفندق مقابل مبلغ ضخم" قال (أرديل)‬

‫"هل يغطي التأمين األحداث السحرية والخارقة للطبيعة؟"‬

‫"نعم بتأكيد"‬

‫" أحسنت عماًل أيها (اإللف)‪ ،‬هااااي أيها الناس احتموا في منازلكم ال تقتربوا إذا كنت‬
‫تقدرون حياتكم"‬

‫رأى الناس منظرً ا أسطوريًا‪ ،‬وميض مثل البرق خرج من فندق (أرديل)‪ ،‬تراجع واختباء‬
‫الجميع‬

‫"لماذا ذهب (جيرالت) إلى هناك؟" قال (داندليون) "لماذا أصر على الذهاب؟ ولماذا بحق‬
‫الجحيم أراد إنقاذ تلك الساحرة اللعينة؟ (شيريدان) هل تعرف لماذا فعل ذلك؟"‬
‫"نعم (داندليون) انا اعرف" قال (شيريدان) بإبتسامة‬

‫‪58‬‬
‫‪X‬‬
‫راوغ (جيرالت) شعاعًا آخر أطلقته الساحرة ‪ ،‬من الواضح أنها كانت متعبة أصبحت‬
‫األشعة بيطئة وضعيفة‬

‫"(ينيفير) أهدئ! إلتقطي أنفاسك أو لن تكوني قادرة على…"‬

‫لم ينهي جملته‪ ،‬أطلق الساحرة خيوط حمراء رقيقة‪ ،‬أمسكت (بالويتشر) وثبتته جي ًدا‪،‬‬
‫مالبس (الويتشر) كانت تحترق من حرارة الخيوط‬

‫"لن أكون قادرة على ماذا؟!" قالت الساحرة "سترى قريبًا ما أنا قادرة عليه‪ ،‬أبقى هنا وال‬
‫تعترض طريقي"‬

‫"ابعدي هذا عني!" قال (جيرالت) وهو يكافح جاه ًدا لتملص من الخيوط"أنا أحترق اللعنة!"‬

‫"إنها تحرقك فقط عندما تتحرك" قالت الساحرة وهي تلهث " ال أستطيع أن ألعب معك أكثر‬
‫(جيرالت) الوقت ينفذ‪ ،‬الجني على وشك الهروب"‬

‫"أهرب؟" سأل (الويتشر) " أنتي من يجب أن يهرب…هذا الجني…(ينيفير)‪...‬استمعي لي‬


‫بعناية…يجب أن أخبرك الحقيقة"‬

‫‪59‬‬
‫‪XI‬‬
‫كان الجني يسحب الخيوط بقوة‪ ،‬حطم البرج الذي كان قبالة منزل (بو بيرانت)‬

‫"ياله من زأير!" قال (داندليون) "يبدو غاضبًا للغاية"‬

‫"هذا ألنه غاضب بالفعل" قال (كريب) "وانا ال ألومه‪ ،‬لو كنت مكانه كنت سأكون غاضبًا‬
‫لو كنت نفذت األمنية األولى (للويتشر) بشكل صحيح وحرفي"‬

‫"ماذا؟" قال الشاعر "(جيرالت) تمنى أمنية؟ كيف؟"‬

‫"هو الذي أمسك الختم الذي كان يحبس الجني‪ ،‬الجني يجب أن يلبي رغباته وال يستطيع‬
‫العبور نحو بعده الخاص قبل ذلك لذا ال تستطيع الساحرة حبسه"‬

‫"اللعنة‪ ،‬فهمت اآلن لماذا انفجر الحارس في الزنزانة" قال (شيريدان)‬

‫"كان تلك أمنية الثانية"‬

‫*األمنية األولى (لجيرالت) كانت تلك التعويذة والتي ترجمتها "اذهب من هنا‪ ،‬وضاجع‬
‫نفسك" نفذها الجني ولذلك إختفى عند النهر*‬

‫"بقيت لديه أمنية أخيرة لكن‪ ،‬بحق اآللهة العزيزة ال يجب أن تعرف (ينيفير) ذلك"‬

‫‪60‬‬
‫‪XII‬‬
‫وقفت بال حراك وفي صمت‪ ،‬متجاهلة الجني الذي كان يصرخ ويكافح بجهد‪ ،‬تجاهلت‬
‫أألرض الذي تهتز والمبنى الذي ينهار‬

‫"حس ًنا فهمت اآلن" قالت الساحر "تهانينا لقد خدعتني لم يكن (داندليون) بل كان أنت‪ ،‬لهذا‬
‫السبب ال أستطيع حبس الجني‪ ،‬لكنني لن أستسلم بعد (جيرالت)‪ ،‬الجني في قبضتي وأنت‬
‫كذلك‪ ،‬ال يزال لديك أمنية أخيرة أليس كذلك؟ لذا تمنى (جيرالت) الجني سوف يتحرر منك‬
‫وسأقوم انا بحسبة"‬

‫"لم يعد لديك الكثير من القوة (ينيفير)!"‬

‫"انت تسيء تقدير قوتي (ويتشر)‪ ،‬تمنى اآلن!"‬

‫"ال‪ ،‬الأستطيع‪ ،‬قد يحقق الجني أمنيتي لكن لن يعفو عنك‪ ،‬سيقتلك عندما يتحرر ولن‬
‫تستطيعي إيقافه‪ ،‬انتي بالكاد تستطيعين الوقوف"‬

‫"هذا قراري أنا‪ ،‬ال تفكر فيني بل فكر فما سيقدمه لك الجني‪ ،‬ال تزال لديك أمنية يمكنك أن‬
‫تتمنى ما تريد إستخدمها (ويتشر)‪ ،‬بحق الجحيم يمكنك الحصول على ما تريد تمنى‬
‫(جيرالت) تمنى"‬

‫‪61‬‬
‫‪XIII‬‬
‫"سيموت كلهما" صرخ (داندليون) "لماذا يفعل ذلك؟ لماذا بعد كل ما حدث؟ بعد كل‬
‫خداعها؟ لما ال يترك الساحرة اللعينة تموت وتذهب لمصيرها؟"‬

‫"ال معنى لما يفعله على اإلطالق" قال (شيريدان) "هذا إنتحار وضرب من الجنون"‬

‫"بل هي وظيفته" قال (نيفيل) " (الويتشر) ينقذ بلدتي‪ ،‬فل تشهد اآللهة علي أنني سكأفئة‬
‫بسخاء"‬

‫أمسك (داندليون) بقبعته المزينة بريش طائر مالك الحزين‪ ،‬بصق عليها وداس عليها‬
‫وسحقها في الوحل وهو يشتم‬

‫"لكن…" قال الشاعر " ال تزال لديه أمنية‪ ،‬يمكنه إنقاذ نفسه وإنقاذها‪ ،‬أليس كذلك سيد‬
‫(كريب)؟"‬

‫"األمر ليس بهذه البساطة‪ ،‬لكن… أذ أعرب عن رغبته بشكل صحيح… اذا ربط مصيره‬
‫بمصير الساحرة…لكن ال أعتقد أنه قد يفعلها‪ ،‬وربما من األفضل له أاليفعلها"‬

‫‪62‬‬
‫‪XVI‬‬
‫"األمنية (جيرالت) بسرعة إستخدمها" قالت الساحرة وهي تصرخ " ماذا تريد؟ خلود؟‬
‫ثروة؟ شهرة؟ ربما قدرات خاصة‪ ،‬كن عجواًل (جيرالت) ليس لدينا وقت‪ ،‬او مهال…عرفت‬
‫ما قد تريده…أن تكون إنسانً أليس كذلك؟ هذا ما تريده وتحلم به ألست محقة؟ أن تكون‬
‫حرً ا في إختيار حياتك ومصيرك‪ ،‬سوف يحقق الجني هذه األمنية فقط قلها (جيرالت)"‬

‫بقي (الويتشر) صام ًتا‬

‫وقفت الساحرة فوقه وهي تحاول كبح الجني‪ ،‬رأى أعينها البنفسجية وشعرها األسود‬
‫الجميل‪ ،‬نظرت الساحرة في عينيه وشم حينها رائحة البنفسج والكشمش‬

‫"لما ال تقول شيًئ ا؟" قالت الساحرة " ماذا تريد أيها (الويتشر)؟ هل أنت محتار أم أنك ال‬
‫تعرف ما تريد؟ أبحث عن ما تريده في أعماقك ألنك لن تحصل على فرصة أخرى"‬

‫رأى (جيرالت) ذكريات الساحرة فجأة‪ ،‬رأى ما كانت عليه وما أحبته‪ ،‬مالذي لم تستطع‬
‫نسيانه ومالذي عاشته‪ ،‬رأى حياتها قبل أن تصبح ساحرة حتى‬

‫كان مرعوبًا ليس من ما رأه بل ألنه كان خائ ًفا ان الساحرة ستقرأ افكاره وستكتشف ما‬
‫أراده‪ ،‬كان يعلم أنها لن تسامحه على ذلك لذا تخلى عن تلك الفكرة واألمنية التي أرادها‪،‬‬
‫قتل أمنيته ومسحها من ذاكرته لألبد بدون أثر وأحس بشعور جيد عندما فعل ذلك‬

‫الجني العالق في كومة من الخيوط السحرية زأر وأتجه بقوة نحو الساحرة‪ ،‬عيناه كان‬
‫يملئها الرغبة في القتل و الشهوة لدماء الساحرة‬

‫قفزت (ينيفير) أيضًا بإتجاهه واذرعها كانت تشع بضوء ضعيف‬

‫الجني فتح فكيه ومدد مخالبه‬

‫في تلك اللحظة عرف (الويتشر) ما أراد وتمنى أمنيته‬

‫‪63‬‬
‫‪XV‬‬
‫انفجر الفندق‪ ،‬الطوب والعوارض الخشبية تطايرت وتبعها سحابة دخان‪ ،‬الجن خرج من‬
‫األنقاض وسمعوا ضحكته المنتصرة‪ ،‬حلق جني الهواء الحر اآلن فوقهم وحطم برج مبنى‬
‫البلدية ومن ثم ارتفع نحو السماء واختفى‬

‫"لقد هرب الجني" قال (كريب) "تمنى (الويتشر) أمنيته وتحرر الجني"‬

‫"ياله من خراب رائع" قال (أرديل) بنشوة وسعادة وإبتسامة تعلو وجهه وهو ينظر إلى‬
‫فندقه المحطم‬

‫"اللعنة‪ ،‬اللعنة!" قال (داندليون) وهو مرعوب "لقد حطم الفندق بأكمله‪ ،‬لن ينجو أي أحد من‬
‫هذا"‬

‫"(الويتشر) (جيرالت من ريفيا) ضحى بنفسه من أجل البلدة" قال العمدة (نيفيل) وهو في‬
‫قمة السعادة "لن ننساه سنتذكره دائما وسنفكر في بناء تمثال له"‬

‫نظر الشاعر إليه وبإستخدام بعض الشتائم المختارة بعناية فائقة عبر عن رأية عن االحترام‬
‫والذكرى والتماثيل‬

‫‪64‬‬
‫‪XVI‬‬
‫(جيرالت) نظر حوله‪ ،‬كان هناك فتحة في السقف تسقط منها قطرات المطر‪ ،‬وكان حولة‬
‫أكوام من األنقاض والخشب وبمصادفة غريبة المكان الذي كانوا مرمين فيه كان خاليا‬
‫تمامًا‪ ،‬لم يسقط عليهم أي لوح خشبي أو حجر‪ ،‬كما لو كانوا محمين بردع غير مرئي‬

‫رفعت الساحرة رأسها "(ويتشر) هل أنت ميت؟"‬

‫" ال" مسح (جيرالت) الغبار من وجهه‪ ،‬فجأة أمسكت (ينيفير) بمعصمه حيث قيدته الخيوط‬
‫الحمراء‬

‫"لقد قمت بإحراقك"‬

‫"ال شيء مجرد جرح سطحي"‬

‫"الجني هرب إلى األبد"‬

‫"هل أنتي نادمة على ذلك؟"‬

‫"ليس كثيرً ا"‬

‫"جيد‪ ،‬ساعديني إذن على النهوض"‬

‫"أنتظر‪ ،‬أمنيتك‪ ،‬لقد سمعت ما تمنيته وكنت مذهولة‪ ،‬ما كنت ألتوقع هذا أب ًدا‪ ،‬لماذا فعلت‬
‫كل هذا (جيرالت)؟ لماذا أنا؟"‬

‫"أال تعلمين؟"‬

‫‪65‬‬
‫وضعت رأسها على صدرة‪ ،‬شم (الويتشر) رائحة البنفسج والكشمش وعرف أنه لن يحب‬
‫سوا تلك الرائحة‪ ،‬قبلته (ينيفير) وفهم أنه لن يحب أي شفاه سوا شفتيها‪ ،‬رقبتها وثديها‬
‫خرجا من ثوبها األسود‪ ،‬حدق في عينيها البنفسجيتين‪ ،‬كانت أجمل عينين في العالم‬

‫همست في أذنيه " ال أعلم أذا ما كانت هذه األمنية يمكن أن تتحقق‪ ،‬ال أعلم ما إذا كان هناك‬
‫قوة في الكون يمكنها تحقيق تلك األمنية‪ ،‬لكن اذا كانت ستتحقق بالفعل فأنت مدين بنفسك‬
‫لي"‬

‫لقد قاطعها بقبلة‪ ،‬عانقها‪ ،‬لمسها لمسة لمداعبتها‪ ،‬وبعد ذلك بكل جسده‪ ،‬بكل كيانه‪ ،‬بكل‬
‫أفكاره ‪ ،‬بكل شيء كسروا الصمت بالتنهدات وحفيف المالبس المتناثرة على األرض‪.‬‬
‫كسروا الصمت بلطف كانوا مراعين لمشاعر بعضهم البعض كانا حنونين‪ ،‬ورغم انهما لم‬
‫يعرفا تماما ما هو الحنان فقد نجحا ألنهما أرادا ذلك‬

‫لم يكونوا على عجلة من أمرهم على اإلطالق العالم كله اختفى للحظة وجيزة بنسبة بهم‪،‬‬
‫بدا وكأن هذه اللحظة هي الخلود الكامل‬

‫ثم بدأ العالم في التشكل من جديد لكن كل شيء كان مختل ًفا بشكل كبير‬

‫"جيرالت؟"‬

‫'"نعم"‬

‫"ماذا اآلن؟"‬

‫"ال أعلم"‬

‫" وال أنا‪ ،‬ألنه كما ترى‪ ،‬أنا … أنا ال أعرف ما إذا كان يستحق تربط مصيرك بي‪ .‬أنا ال‬
‫أعرف… مهالًا انتظر‪ ،‬ماذا تفعل‪ ...‬أريد أن أخبرك…‪".‬‬

‫"(ينيفير)‪( ...‬ين)"‬

‫‪66‬‬
‫كررت خلفة "(ين)" وهي مستسلمة له تماما "لم يناديني أحد بذلك من قبل قولها مرة‬
‫أخرى (جيرالت)"‬

‫"(ين)"‬

‫"(جيرالت)"‬

‫‪67‬‬
‫‪XVII‬‬
‫لقد توقف المطر‪ ،‬ظهر قوس قزح فوق (رايند) وقطع السماء بشكله المنحني والملون‪،‬‬
‫يبدو كما لو أن قوس القزح خرج مباشرة من سقف الفندق المدمر‬

‫قال(داندليون) " بحق كل اآللهة‪ ،‬يا له من هدوء‪ ...‬لقد ماتوا‪ ،‬أنا أخبرك إما أنهم قتلوا‬
‫بعضهم البعض أو أن الجني أنهى أمرهم"‬

‫" يجب ان نذهب ونرى " قال (فراتمير) " قد يكونون مجروحين يجب أن اتصل بطبيب"‬

‫"بل حفار قبور" قال (كريب) "أعرف تلك الساحرة‪ ،‬وذلك (الويتشر) لديه بعض الشر في‬
‫عينيه أيضاً‪ ،‬ال توجد طريقة أخرى يجب أن نبدأ بحفر حفرتين في المقبرة‬
‫كما أنصح بوضع وتد من األسبين في صدر تلك (الينيفير) قبل دفنها"‬

‫"ياله من هدوء " كرر(دانديليون) "العوارض كانت تطير في كل مكان منذ لحظة‪ ،‬واآلن‬
‫الجو هادئ كالمقبرة"‬

‫اقتربوا من أطالل الفندق بحذر شديد وببطء‬

‫"ليجهز النجار التوابيت" قال (كريب)‬

‫"هدوء!" قاطعه (ارديل) "أخبر النجار أنني سمعت شيئا ً ماذا كان (شيريدان)؟"‬

‫قام (اإللف) بمسح الشعر من أذنه المدببة وأمال رأسه‬

‫"لست متأكدا‪ ...‬فلنقترب اكثر"‬

‫"(ينيفير) على قيد الحياة!" قال (داندليون) "لقد سمعت أنينها‬


‫وهاهي تئن مرة اخرى!"‬

‫‪68‬‬
‫"صحيح" أكد (أرديل) "لقد سمعتها أيضا ً لقد كانت تئن ال بد أنها تعاني بشدة (شيريدان)‬
‫إلى أين تذهب؟ " ابتعد (شيريدان) عن النافذة المحطمة التي كان قد اختلس النظر منها‬

‫'لنخرج من هنا' قال (شيريدان) بهدوء "دعنا ال نزعجهم"‬

‫"هل كالهما على قيد الحياة؟ (شيريدان)؟ ماذا يفعلون؟"‬

‫"دعونا نخرج من هنا" كرر (اإللف) "دعنا نتركهم لوحدهم لبعض الوقت لوحدهم هناك‪،‬‬
‫(ينيفر) و (جيرالت) وأمنيته األخيرة‬
‫لننتظر في حانة سيلحقون بنا قريباً"‬

‫"ماذا يفعلون؟" سأل (داندليون) بفضول "أرجوك أخبرني"‬

‫(اإللف) ابتسم بكل حزن وقال "أنا ال أحب المبالغة ومن المستحيل أن أصف لك ما حدث‬
‫بدون مبالغة"‬

‫‪69‬‬
‫لخ ت ة‬
‫ا ام‬

Twitter : ‫ترجمة‬
Tretogore@

70

You might also like