Professional Documents
Culture Documents
الروح المتحررة رحلة إلى ما وراء الذات مايكل سينغر
الروح المتحررة رحلة إلى ما وراء الذات مايكل سينغر
الروح المتحررة رحلة إلى ما وراء الذات مايكل سينغر
ﺗﺗﺣرر .وﻟو راﻗﺑت ﻧﻔﺳك ﺑﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،ﻓﺳﺗرى أﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ھﻧﺎك ﺗراﻛم ﻟﻠﺗوﺗّر ،واﻟﺧوف، ّ
واﻟطﺎﻗﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏﺑﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾّﺔ ،ﻋﻧدھﺎ ﯾﺻﺑﺢ ھذا اﻟﺻوت ﻧﺷطﺎ ً ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ .وﻣن
اﻟﺳﮭل رؤﯾﺔ ذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﺿب ﺗﺟﺎه أﺷﺧﺎص ﻣﻌﯾّﻧﯾن ،وﺗﺷﻌر أﻧّك ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻷن
ﻣرة ﻗﺎم اﻟﺻوت ﻓﻲ داﺧﻠك ﺑﺗوﺑﯾﺧﮭم ،ﻗﺑل ﺣﺗﻰ أن ﺗﻠﺗﻘﯾﮭم .ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺗﺗراﻛم ﺗوﺑّﺧﮭم .راﻗب ﻓﻘط ﻛم ّ
اﻟطﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟداﺧل ﺗﺷﻌر أﻧّك ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻔﻌل ﺷﻲء ﻣن أﺟل إطﻼﻗﮭﺎ .اﻟﺻوت ﯾﺗﺣدّث ﻷﻧك ﻟﺳت
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ﻓﻲ اﻟداﺧل ،وﻟذﻟك ﯾﻘوم اﻟﻛﻼم ﺑﺈطﻼق ھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﻣن داﺧﻠك.
وﻣﻊ ذﻟك ،ﺳﺗﻼﺣظ أﻧك ﺣﺗﻰ وإن ﻟم ﺗﻛن ﻣﻧزﻋ ًﺟﺎ ﻣن ﺷﻲء ﻣﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺗﺣدﯾد ،ﻓﺎﻟﺻوت ﻣﺎ
ﺳﺎﺋرا ﻓﻲ اﻟﺷﺎرع ﻗد ﯾﻘول ﻟك ﻛﻼ ًﻣﺎ ﻣن ﻗَﺑﯾل:
ّ ﯾزال ﯾﺗﺣدث .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون
"اﻧظر إﻟﻰ ھذا اﻟﻛﻠب ،إﻧﮫ ﻣن ﻧوع ﻻﺑرادور! ﻣﮭﻼ ،ھﻧﺎك ﻛﻠب آﺧر داﺧل اﻟﺳﯾﺎرة .إﻧﮫ ﯾﺷﺑﮫ ﻛﺛﯾرا
ّأول ﻛﻠب ﻛﺎن ﻟدي ،ﺷﺎدو .اﻧﺗظر ھﻧﯾﮭﺔ ،ھﻧﺎك ﺳﯾﺎرة أوﻟدزﻣوﺑﯾل ﻗدﯾﻣﺔ ﺟدا .ﺗﺣﻣل ﻟوﺣﺔ ﻣن
أﻻﺳﻛﺎ .ﻋﺎدة ﻻ ﺗُرى ﺳﯾﺎرات ﻣن ھذا اﻟﻧوع ﻛﺛﯾرا ھﻧﺎ".
ھذا اﻟﺻوت ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﯾروي ﻟك اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك .ﻟﻛن ﻟﻣﺎذا أﻧت ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ذﻟك؟ ﻓﺄﻧت ﺗرى
أﺻﻼ ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ،ﻓﻛﯾف ﯾﺳﺎﻋدك ھذا اﻟﺻوت اﻟﻌﻘﻠﻲ وھو ﯾﻛرر ﻟك ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ
اﻟﺧﺎرج ،ﻛﯾف ﯾﺳﺎﻋدك ﻋﻠﻰ ﻓﮭم ﻣﺎ ﯾﺣدث ﺑﺻورة أﻛﺑر؟ ﻗم ﺑﺎﺧﺗﺑﺎر ھذا اﻟﺷﻲء ﻋن ﻗُرب .أﻧت
ھﺎﺋﻼ ﻣن اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل ﻟﻠﺷﻲء اﻟذي ﺗﻧظر إﻟﯾﮫ .ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘﻊ ً ي ﻛﻣﺎ
ﺗﺳﺗوﻋب ﻓﻲ ﻟﻣﺢ اﻟﺑﺻر وﺑﺷﻛل ﻓور ّ
ﺑﺻرك ﻋﻠﻰ ﺷﺟرة ،ﻓﺄﻧت ﺑﻼ ﻣﺟﮭود ﺗرى اﻷﻏﺻﺎن واﻷوراق واﻟﺑراﻋم اﻟﻣزھرة .ﻟﻣﺎذا ﻋﻠﯾك إذن
أن ﺗﺣﻛﻲ ﻋن أﺷﯾﺎء ﺗراھﺎ أﺻﻼ؟
"اﻧظر إﻟﻰ ﺷﺟرة اﻟﻘراﻧﯾﺎ ﺗﻠك .أوراﻗﮭﺎ اﻟﺧﺿراء ﺟﻣﯾﻠﺔ ﺟدا ﻣﻊ ورودھﺎ اﻟﺑﯾﺿﺎء .اﻧظر ﻛم ﻓﯾﮭﺎ
ﻣن اﻟورود .ﻋﺟﺑًﺎ ،ﻛم ھﻲ ﻣﻣﺗﻠﺋﺔ!"
وﻓﻲ ﺣﺎل أﻧك اﺧﺗﺑرت ھذا اﻟﺷﻲء ﺑدﻗّﺔ ،ﻓﺳﺗرى أﻧك ﺣﯾن ﺗﺣﻛﻲ ﻟﻧﻔﺳك ﻋن ﻣﺎ ﺗراه ،ﻓﺈن ذﻟك
ﯾﺟﻌﻠك ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟراﺣﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك .ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣﺛل وﺟودك ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻌد اﻟﻘﯾﺎدة اﻟذي ﯾﺷﻌرك ﺑﺄن
اﻷﻣور ﺗﺣت ﺳﯾطرﺗك .ﻓﺄﻧت ﺗﺷﻌر ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﺄن ﻟدﯾك ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﺣوﻟك .اﻟﺷﺟرة ﻟﯾﺳت
ﻣﺟرد ﺷﺟرة ﻓﻲ ﻋﺎﻟم ﻟﯾس ﻟك ﻋﻼﻗﺔ ﺑﮫ ،ﻟﻛﻧﮭﺎ ﺷﺟرة أﻧت ﺗراھﺎ وﺗﺻﻧّﻔﮭﺎ وﻟك رأي ﺑﺧﺻوﺻﮭﺎ. ّ
وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺣﻛﻲ ﻛل ذﻟك ﻓﻲ ﻋﻘﻠك ﻓﺄﻧت ﺗُﺣﺿر إﻟﻰ ﻣﺟﺎل أﻓﻛﺎرك ﺗﻠك اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة واﻷوﻟﯾّﺔ
ﻟﻠﻌﺎﻟم .وھﻧﺎك ﺗﺗﻛﺎﻣل ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻣﻊ أﻓﻛﺎرك اﻷﺧرى ،اﻟﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﮭﺎ ﺗﺑﻧﻲ ﻧظﺎم اﻟﻘﯾم ﻟدﯾك
وﺧﺑراﺗك اﻟﻌﺎﻣﺔ.
ﻗم ﻟوھﻠﺔ ﺑﺎﺧﺗﺑﺎر اﻟﻔرق ﺑﯾن ﺧﺑرﺗك ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ وﺑﺗﻔﺎﻋﻼﺗك ﻣﻊ ﻋﺎﻟﻣك اﻟﻌﻘﻠﻲ .ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺗﻔ ّﻛر،
ﻓﺄﻧت ُﺣ ّر ﻓﻲ ﺧﻠﻖ أﯾﺔ أﻓﻛﺎر ﺗرﯾدھﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻠك ،وھذه اﻷﻓﻛﺎر ﯾﺗم اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل ھذا اﻟﺻوت
اﻟذي ﺗﻘوﻟﮫ وﺗﺳﻣﻌﮫ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ .وأﻧت ﻣﻌﺗﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻠوس واﻻﺳﺗﻘرار ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ذھﻧك ،وﺗﻘوم
ﺑﺧﻠﻖ اﻷﻓﻛﺎر واﻟﺗﻼﻋب ﺑﮭﺎ .ھذا اﻟﻌﺎﻟم اﻟداﺧﻠﻲ ھو اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺑدﯾﻠﺔ اﻟﻣوﺟودة ﺗﺣت ﺳﯾطرﺗك .ﻏﯾر ان
اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﯾﺳﯾر وﻓﻖ ﻗواﻧﯾﻧﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ.
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣﻛﻲ ﻟك اﻟﺻوت ﻋن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻓﺈن ﻛل ﺗﻠك اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾﻘوﻟﮭﺎ وﯾﺑﺗﻛرھﺎ ﺗﺗﺧذ
ﻣﻛﺎﻧﺎ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ رأﺳك وﺗﺳﯾر ﺟﻧﺑﺎ إﻟﻰ ﺟﻧب وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻛﺎﻓؤ ﻣﻊ ﻛل أﻓﻛﺎرك اﻷﺧرى .وﺟﻣﯾﻊ ﺗﻠك
اﻷﻓﻛﺎر ﺗﺗداﺧل وﺗؤﺛر ﺑﺷﻛل ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻓﻲ ﺧﺑرﺗك ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك .ﻓﻣﺎ ﺗﺧﺗﺑره ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ھو ﻋﺑﺎرة
ﻋن ﻋرض ﺷﺧﺻﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟم وﻓﻘﺎ ﻟرؤﯾﺗك أﻧت ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﺗم ﺗﺻﻔﯾﺗﮭﺎ ﺑﻌد،
وھﻲ اﻟواﻗﻊ ﻛﻣﺎ ھو ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج وﻟﯾس ﻛﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ اﻟﺻوت ﻟك .ھذا اﻟﺗﻼﻋب اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻣﺎ ﺗراه ﻓﻲ
اﻟﺧﺎرج ،ﯾﺳﻣﺢ ﻟك ﺑﺻﻘل اﻟواﻗﻊ ﻣن ﺣوﻟك .ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ھﻧﺎك أﺷﯾﺎء ﻻ ﺗُﻌَ ّد وﻻ ﺗﺣﺻﻰ
ﺗراھﺎ ﻓﻲ ﻛل ﻟﺣظﺔ ،ﻟﻛﻧك ﻻ ﺗﺣﻛﻲ ﻟﻧﻔﺳك إﻻ اﻟﻘﻠﯾل ﻋﻧﮭﺎ .وﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ ھذا اﻟﻧﻣط اﻟدﻗﯾﻖ ﻣن
اﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻓﺄﻧت ﺗﺗﺣﻛم ﺑﺎﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ ﺗﺟرﺑﺔ اﻟواﻗﻊ ﺑﺷﻛل ﺗﺗرﺗب ﻓﯾﮫ اﻷﺷﯾﺎء ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺑﺎﻧﺳﺟﺎم داﺧل
ﻋﻘﻠك .إن وﻋﯾك ،ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﯾﺧﺗﺑر اﻟﻧﻣوذج اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻠواﻗﻊ اﻟﺧﺎص ﻓﯾك أﻧت وﻟﯾس اﻟواﻗﻊ ﻛﻣﺎ ھو
ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺗﮫ.
ﻻﺑ ّد ﻣن أن ﺗراﻗب ﺑﺣرص ھذا اﻟذي ﯾﺣدث ﻷﻧك ﺗﻘوم ﺑﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ طوال اﻟوﻗت .أﻧت ﺗﻣﺷﻲ ﻓﻲ
اﻟﺟو ﺑﺎرد" ﻓﻲ ﻣﺛل ھذا اﻟوﺿﻊ، ّ اﻟﺧﺎرج واﻟﺟو ﺷﺗوي ﻓﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻟرﺟﻔﺎن ﻓﯾﻘول ﻟك اﻟﺻوت" ،إن
اﻟﺟو ﺑﺎرد .ﻷﻧك أﻧت اﻟذي ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟﺑرد .ﻟﻣﺎذا ّ ﻛﯾف ﯾﺳﺎﻋدك ھذا اﻟﺻوت؟ أﻧت ﺗﻌرف ﻣﺳﺑﻘﺎ أن
ﯾﻘول ﻟك ذﻟك إذن؟ أﻧت ﺗﻘوم ﺑﺈﻋﺎدة ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ ﻋﻘﻠك ﻷﻧك ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠك،
ﻟﻛﻧك ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك .ھذا ھو اﻟﺳﺑب اﻟذي ﯾدﻓﻌك ﻟﻠﺗﺣدّث ﻋ ّﻣﺎ ﯾﺣدث
ﻟك .ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺟﻌل اﻟﻌﺎﻟم ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎﻛﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺑﮭﺎ ،ﻓﺄﻧت داﺧﻠﯾﺎ ﺗﺗﺣدث ﻋﻧﮫ ،ﺗﺣ ُﻛم
ﺳﻠطﺔ أﻛﺛر .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘرر ﻣﺎ اﻟذي ﺳﺗﻔﻌﻠﮫ ﺣﯾﺎﻟﮫ .ھذه اﻟطرﯾﻘﺔ ﺗﺟﻌﻠك ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟ ّ
ﻋﻠﯾﮫ ،ﺗﺷﺗﻛﻲ ﻣﻧﮫ ،ﺛم ّ
ﯾﺧﺗﺑر ﺟﺳدك اﻟﺑرودة ،ﻓﻠﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺷﻲء أﻣﺎﻣك ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻌﻠﮫ ﻟﺗﻐﯾﯾر ﺣرارة اﻟﺟو .ﻟﻛن ﻋﻧدﻣﺎ
اﻟﺟو ﺑﺎرد" ﻓﺈﻧّك ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻘول "ﻛدﻧﺎ ﻧﺻل اﻟﺑﯾت ،اﻧﺗظر ﻓﻘط ﺑﺿﻌﺔ ّ ﻗﺎﺋﻼ ّ
"إن ﯾﺗﺣدث ﻋﻘﻠك ً
ﺳﯾطرة دﻗﺎﺋﻖ أﺧرى" .ھﻧﺎ ﺗﺷﻌر أﻧّك أﻓﺿل ً
ﺣﺎﻻ .ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻷﻓﻛﺎر ،ھﻧﺎك دو ًﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻌﻠﮫ ﻟﻠ ّ
ﻋﻠﻰ ﺧﺑرﺗك.
ﻗررت أن ﻻ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ،أﻧت ﺗﻌﯾد ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻓﻲ داﺧﻠك ﺛم ﺗﻌﯾﺷﮫ ﻓﻲ ﻋﻘﻠك .ﻣﺎذا ﻟو ّ
ﻗررت أن ﻻ ﺗﺣﻛﻲ ﻣﺎ ﯾﺟري ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ،وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﺗﻘوم ﻓﻘط ﺑﻣراﻗﺑﺔ ﺗﻔﻌل ذﻟك؟ ﻓﻲ ﺣﺎل أﻧك ّ
ﻲ ،ﻓﺈﻧّك ﺳﺗﺷﻌر ﺑﺎﻧﻔﺗﺎح أﻛﺛر .وﻷﻧك ،ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻻ ﺗﻌرف ﻣﺎ اﻟذي ﺳﯾﺣدث ﻻﺣﻘﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻌﺎﻟم ﺑوﻋ ّ
ﻓورا وﻋﻠﻰ اﻟدوام .إﻧّﮫ ﯾﻘوم ﺑﻔﻌل ذﻟك ﻋن طرﯾﻖ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﺧﺑراﺗك اﻟﺣﺎﻟﯾّﺔ ﻋﻘﻠك اﻋﺗﺎ َد ﻣﺳﺎﻋدﺗك ً
ﺑطرﯾﻘﺔ ﺗﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗﺗﺄﻗﻠم ﻣﻊ وﺟﮭﺎت ﻧظرك ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ورؤاك ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل .ﻛل ھذا ﯾﺳﺎﻋد ﻓﻲ ﺧﻠﻖ
ﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ .وإذا ﻟم ﯾﻘم ﻋﻘﻠك ﺑﻔﻌل ذﻟك ،ﻓﺳﺗﺷﻌر ﺑﺑﺳﺎطﺔ أﻧّك ﻣظﮭر ﻣن ﻣظﺎھر اﻟ ّ
ﻲ ﺟدا إﻟﻰ درﺟ ٍﺔ ﻧﻘوم ﻣﻌﮭﺎ ﺑﺗﻠطﯾﻔﮫ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻷﻓﻛﺎر ﻋن ﻟﺳت ﻣرﺗﺎ ًﺣﺎ .اﻟواﻗﻊ ﯾﺑدو ﻟﻐﺎﻟﺑﯾﺗﻧﺎ ﺣﻘﯾﻘ ّ
طرﯾﻖ اﻟﻌﻘل.
ﺳوف ﺗﻛﺗﺷف أن اﻟﻌﻘل ﯾﺗﺣدث طوال اﻟوﻗت ﻷﻧك أﻧت ﻣن ﯾﻛﻠّﻔﮫ ﺑﮭذا اﻟﻌﻣل ﻛﻲ ﯾﻘوم ﺑﮫ .أﻧت
ﺗﺳﺗﺧدﻣﮫ ﻛﺂﻟﯾّﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ ،ﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟدﻓﺎع .ﻓﮭو ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﯾُﺷﻌرك ﺑﺎﻷﻣﺎن .طﺎﻟﻣﺎ أن ذﻟك ھو
ﻓﺳﺗﺿطر ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻻﺳﺗﺧدام ﻋﻘﻠك ﻓﻲ ﺗﺧﻔﯾف ﺻدﻣﺎت اﻟﺣﯾﺎة ﻋن ﻧﻔﺳك ﺑدﻻ ﻣن أن ّ ﻣﺎ ﺗرﯾده،
ي ﺗﺄﺛﯾر ﻛﺑﯾر ﻋﻠﯾﮫ .ﻓﮭو ﻣوﺟود ﻗﺑل ﺗﻌﯾﺷﮭﺎ .ھذا اﻟﻌﺎﻟم ﯾﺗﻛﺷف ﺑﻧﻔﺳﮫ وﻟﯾس ﻷﻓﻛﺎرك ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أ ّ
وﺟودك وﺳﯾﺑﻘﻰ ﺑﻌد ذھﺎﺑك .ﻓﺗﺣت ﻣﺳ ّﻣﻰ ﻣﺣﺎوﻻﺗك ﻹﺣﻛﺎم ﻗﺑﺿﺗك ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك ،أﻧت
ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﺣﺎول أن ﺗُﺣﻛم ﺳﯾطرﺗك ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳك.
اﻟﺳﻣو ﻓوق اﻟﺟزء ﻣن ذاﺗك اﻟذي ﻟﯾس ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام وﯾﺣﺗﺎج ّ إن ﻧﻣو اﻟذات اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ھو ﻋﺑﺎرة ﻋن
ﻣﻧك إﻟﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ .وﯾﻣﻛن ﺗﺣﻘﯾﻖ ذﻟك ﺑﺎﻟﺗذ ّﻛر اﻟدّاﺋم ﺑﺄﻧك أﻧت ھو اﻟﻣوﺟود ﻓﻲ اﻟداﺧل ،وأﻧت ھو اﻟذي
ﯾراﻗب ذاك اﻟﺻوت ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﺣدث .ھذا ھو اﻟﻣﺧرج .وھذا اﻟذي ﻓﻲ اﻟداﺧل واﻟذي ﯾﻌﻲ أﻧك داﺋ ًﻣﺎ
ﺗﻛﻠّم ﻧﻔﺳك ﻋن ﻧﻔﺳك ھو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺻﻣت داﺋم .وھذا ﻣدﺧﻠك إﻟﻰ أﻋﻣﺎق ذاﺗك .أن ﺗﻛون واﻋﯾًﺎ
ﺻوت ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﺣدث ﻓﻲ داﺧﻠك ،ﻣﻌﻧﺎه وﻗوﻓك ﻋﻠﻰ ﻋﺗﺑﺔ اﻟوﻟوج إﻟﻰ رﺣﻠﺔ داﺧﻠﯾﺔ ﻟﻌﻣﻠﯾّﺔ ﻣراﻗﺑﺗك اﻟ ّ
ّ
ﻲ اﻟذي ﯾﺷﻛل راﺋﻌﺔ .وإذا ﻣﺎ ﻗﻣت ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ ﻣراﻗﺑﺔ ذاك اﻟﺻوت ﺑﺷﻛل ﺻﺣﯾﺢ ،ﻓﺈن اﻟﺻوت اﻟﻌﻘﻠ ّ
ﺳﯾﺗﺣول ،ھو ﻧﻔﺳﮫ ،إﻟﻰ أرض اﻻﻧطﻼق إﻟﻰ ّ ﻣﺻدرا ﻟﻠﻘﻠﻖ واﻹﻟﮭﺎء واﻟﻌﺻﺑﯾّﺔ ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ً ﺣﺎﻟﯾﺎ
ﻟﺗﺗﻌرف ﻋﻠﻰّ وﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺻوت اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻓﻲ اﻟداﺧل، ّ اﻗﺗرب
ﯾﻘظﺔ روﺣﯾّﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾّﺔِ .
واﺣد ﻣن أﻛﺑر أﺳرار اﻟﺧﻠﻖ.
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك اﻟداﺧﻠﻲ
إن ﺗطورك وﻧﻣوك اﻟذاﺗﻲ ﯾﻌﺗﻣد ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎم اﻷول ﻋﻠﻰ إدراﻛك أن اﻟطرﯾﻖ اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ
اﻟﺳﻼم واﻟرﺿﻰ ھو أن ﺗﺗوﻗف ﻋن اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﻧﻔﺳك .أﻧت ﻣﺳﺗﻌد ﻟﻠﺗطور واﻟﻧﻣو ﻋﻧدﻣﺎ ﺳﺗدرك
أﺧﯾرا أن اﻟـ "أﻧﺎ" اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗوﻗف ﻋن اﻟﻛﻼم داﺧﻠك ﻟن ﺗﮭﻧﺄ ﺑﺎﻟرﺿﻰ أﺑدا .ﻓﻠدﯾﮭﺎ داﺋﻣﺎ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﻊ
ﺷﻲء ﻣﺎ .ﻗل ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ،ﻣﺗﻰ ﻛﺎﻧت آﺧر ﻣرة ﺷﻌرت ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺄﻧك ﻻ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن أﯾﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق؟
إذ ﻗﺑل أن ﺗﻛون أﻣﺎﻣك ﻣﺷﻛﻠﺗك اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ،ﻓﺈﻧّك ﻛﻧت ﺗﺣﻣل ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ﻣﺷﻛﻠﺔ أﺧرى .وﻟو ﻛﻧت ﺣﻛﯾ ًﻣﺎ،
ﺳﺗدرك أﻧﮫ ﺑﻌد ﺣل ﻣﺷﻛﻠﺗك اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﺳﺗﻛون ﻓﻲ اﻧﺗظﺎرك ﻣﺷﻛﻠﺔ أﺧرى ﻏﯾرھﺎ.
ﻲ ﻓﯾك اﻟذي ﯾﺣﺗوي ُﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘول ھﻲ أﻧك ﻟن ﺗﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﻣﺷﺎﻛل ﺣﺗﻰ ﺗﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻟداﺧﻠ ّ
ﻋﻠﻰ ﻋدﯾد ﻣن اﻟﻣﺷﺎﻛل .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘﻠﻘك ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﺎ ،ﻻ ﺗﺳﺄل :ﻣﺎ اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﻧﻲ ﻋﻣﻠﮫ ﺣﯾﺎﻟﮭﺎ؟ ﺑل اﺳﺄل:
ﻲ ﻓﻌﻠﮫ ﺗﺟﺎه ھذه ﻣﺎ ھو اﻟﺟﺎﻧب ﻣﻧّﻲ اﻟذي ﺗُﻘﻠﻘﮫ ھذه اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ؟ إذا ﺳﺄﻟت ﻧﻔﺳك :ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺟب ﻋﻠ ّ
اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ؟ ﻓﺄﻧت ھﻧﺎ ﺳﻘطت ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻓﻲ اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺄن ھﻧﺎك ﺣﻘﺎ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك اﻟﺗﻌﺎﻣل
ﻣﻌﮭﺎ .ﻟﻛن إذا أردت أن ﺗﻧﻌم ﺑﺎﻟﺳﻼم وأﻧت ﺗواﺟﮫ ﻣﺷﺎﻛﻠك ،ﻓﻼﺑد أن ﺗﻔﮭم ﻣﺎ ھو اﻟﺳﺑب وراء
ﻣواﻗف ﻣﻌﯾّﻧﮫ ھﻲ ﻣﺷﺎﻛل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟك .إذا ﻛﻧت ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﻐﯾرة ،ﻓﺑدﻻ ﻣن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺑﺣث َ اﻋﺗﻘﺎدك ّ
أن
ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳك ﻣﻧﮭﺎ ،اﺳﺄل ﻓﻘط :أي ﺟﺎﻧب ﻣﻧﻲ ھو اﻟذي ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟﻐﯾرة؟ ھذا ﺳﯾدﻓﻌك ﻟﻠﻧظر
إﻟﻰ داﺧﻠك ﻟﺗﻌرف ﺣﯾﻧﮭﺎ أن ھﻧﺎك ﺟﺎﻧﺑﺎ واﺣدا ﻓﯾك ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﻐﯾرة.
وﺣﺎﻟﻣﺎ ﺗرى ھذا اﻟﺟﺎﻧب اﻟذي ﻟدﯾﮫ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﻐﯾرة ﻓﺎﺳﺄل :ﻣن ھو اﻟذي ﯾرى أن ھﻧﺎك ﻣﺷﻛﻠﺔ؟ ﻣن
ط ْرح ﻣﺛل ھذا اﻟﺳؤال ﺳﯾﻛون ھو اﻟﺣل ﻟﻛل ﻣﺷﺎﻛﻠك .ﻓﻔﻲ إن َھو اﻟذي ﯾﻼﺣظ ھذا اﻟﻘﻠﻖ اﻟداﺧﻠﻲ؟ ّ
ي ﺷﻲء ﺗﺗطﻠب وﺟود أن ھذا اﻟﻘﻠﻖ ھو ﻟﯾس أﻧت .إن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻧظر إﻟﻰ أ ّ اﻟواﻗﻊ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗدرك ّ
ﺷﺎ ِھد" ﻷﻧﮫ ھو اﻟذي ﯾرى ﻣﺎ ﯾﺣدث .أ ّﻣﺎ اﻟﺷﻲء ﻓﮭو ﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﻲء واﻵﺧر .اﻵﺧر ﯾﺳ ّﻣﻰ "اﻟ ّ
ﻲ .ھذا اﻟﺗﺻرف اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟوﻋﻲ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﺗراه ،وﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ھو اﻟﻘﻠﻖ اﻟداﺧﻠ ّ
ﺗﺟﺎه ھذه اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺳﯾﻛون داﺋﻣﺎ أﻓﺿل ﻣن ﻏرﻗك ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ .وھذا ﯾُﻌَ ّد اﺧﺗﻼﻓﺎً
ﺟوھرﯾﺎ ﺑﯾن ﻋﻘل اﻹﻧﺳﺎن اﻟروﺣﺎﻧﻲ وﻋﻘﻠﮫ اﻟﻣﺎدي .وﻛﻠﻣﺔ "اﻟﻣﺎدي" ﻻ ﺗﻌﻧﻲ أﻧك ﺻﺎﺣب ﻣﺎل أو
ﺗﺣظﻰ ﺑﻣﻛﺎﻧﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾّﺔ ﻣرﻣوﻗﺔ .ﺑل ﺗﻌﻧﻲ أﻧك ﺗﻌﺗﻘد دو ًﻣﺎ أن ﺣ ّل ﻣﺷﺎﻛﻠك اﻟداﺧﻠﯾّﺔ ﯾﻛﻣن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم
اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻣن ﺣوﻟك .أﻧت ﺗﻌﺗﻘد أﻧك ﻟو ﻏﯾرت اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ،ﻓﺳﺗﻐدو أﻧت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام .ﻟﻛن
ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺷﺧص ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﯾﺻﺑﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ﺑﺗﻐﯾﯾره اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﺣوﻟﮫ .ﻷﻧﮫ ﺳﯾﻛون
ﺑﺗﻐﯾﯾر ﻛﺎﻣ ٍل
ٍ ﺗﺗﺑوأ ﻣﻛﺎﻧك ﻛﺷﺎھد واع وﺗﻘومھﻧﺎك دوﻣﺎ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗﺎﻟﯾﺔ .إن اﻟﺣل اﻟوﺣﯾد ﯾﻛﻣن ﻓﻲ أن ّ
ﻲ اﻟﺧﺎص ﺑك. ﻟﻺطﺎر اﻟﻣرﺟﻌ ّ
ﻟﻠﻔوز ﺑﺣرﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ داﺧﻠﯾﺔ ،ﻻﺑ ّد أن ﺗﻛون ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﻣراﻗﺑﺔ اﻷﻣور ﻣن ﺣوﻟك ﺑﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺑدﻻ ﻣن
اﻟﻐرق ﻓﯾﮭﺎ .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺣ ّل ﻣﺣﺗﻣل طﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﻏﺎرق ﻓﻲ طﺎﻗﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﺎ ﻟدﯾك .ﯾﻌﻠم اﻟﺟﻣﯾﻊ أﻧﮫ
ي وﺿﻊ طﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﻗ ِﻠﻖ أو ﺧﺎﺋف أو ﻏﺎﺿب ﺣﯾﺎﻟﮫ .إن ّأول ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟﯾس ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ أ ّ
ي ﺷﻲء ﻓﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ ھﻲ ردّة ﻓﻌﻠك اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ .ﻟن ﯾﻛون ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺗك أن ﺗﻌﺎﻟﺞ أ ّ
اﻟﺧﺎرج ﺣﺗﻰ ﺗﻣﻠك اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﻛﯾف ﯾؤﺛّر اﻟوﺿﻊ اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻋﻠﯾك ﻓﻲ اﻟداﺧل .ﻓﺎﻟﻣﺷﺎﻛل
ﻋﻣو ًﻣﺎ ﻟﯾﺳت ﻛﻣﺎ ﺗﺑدو ﻋﻠﯾﮫ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺳﺗﻛون ﺻﺎﻓﯾًﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ﺳﺗدرك أن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ھﻲ
أن ﺑداﺧﻠك ﺷﻲء ﻣﺎ ﻟدﯾﮫ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﻊ ﻛل ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج .ﻟذﻟك ﺗﻛ ُﻣن اﻟﺧطوة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ أن ﺗﺗﻌﺎﻣل
ّأوﻻ ﻣﻊ ھذه اﻟﺟزﺋﯾّﺔ داﺧﻠك .وذاك ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟﺗﻐﯾﯾر ﻣن "اﻟوﻋﻲ ﺑﺣﻠول ﺧﺎرﺟﯾﺔ" إﻟﻰ " اﻟوﻋﻲ
ﺑﺄن ﺣ ّل ﻣﺷﺎﻛﻠك ھو ﻓﻲ إﻋﺎدة ﺗرﺗﯾب اﻷﻣور ﻓﻲ ﺑﺣﻠول داﺧﻠﯾﺔ ".ﻻﺑ ّد ﻣن ﻛﺳر ﻋﺎدة اﻟﺗﻔﻛﯾر ّ
ّ
اﻟﺧﺎرج .ان اﻟﺣل اﻟوﺣﯾد اﻟداﺋم ﻟﻣﺷﺎﻛﻠك ھو أن ﺗﻌود إﻟﻰ اﻟداﺧل وﺗﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﺟزء اﻟﻣوﺟود
ھﻧﺎك ،اﻟﺟزء اﻟذي ﯾﺑدو أﻧّﮫ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﺷﺎﻛل ﻛﺛﯾرة ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ ﻣن ﺣوﻟﮫ .وﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﻗﻣت ﺑذﻟك ﺳﺗﻛون
ﻟدﯾك رؤﯾﺔ واﺿﺣﺔ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﺑﻘّﻰ.
ﻲ ﻓﯾك ،اﻟذي ﯾرى ﻛل ﺷﻲء ﻛﻣﺷﻛﻠﺔ .رﺑﻣﺎ ﯾﺑدو اﻷﻣر ھﻧﺎك طرﯾﻖ ﻟﺗﺗﺧﻠص ﻣن ھذا اﻟﺟزء اﻟداﺧﻠ ّ
ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ ،ﻟﻛﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻣﺳﺗﺣﯾل .ھﻧﺎك ﺟزء ﻣن وﺟودك ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺑﺎﻟﻔﻌل أن ﯾﺧﺗﺻر اﻟﻣﯾﻠودراﻣﺎ اﻟﺗﻲ
ﺗﺣدث ﻟك .ﻓﺄﻧت ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻣراﻗﺑﺔ ﻧﻔﺳك ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻌﯾش ﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾرة أو ﺣﻧﻖ .ﻟﺳت ﻣﺿطرا ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺗك ھذه أو ﺗﺣﻠﯾﻠﮭﺎ ،ﻛن ﻓﻘط ُﻣدر ًﻛﺎ ﻟﮭﺎ .ﻣن ھو اﻟذي ﯾرى ﻛل ذﻟك؟ ﻣن ﯾﻧﺗﺑﮫ ﻟﻛ ّل اﻟﺗﻐﯾﯾرات
اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﻲ اﻟداﺧل؟ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘول ﻟﺻدﯾﻖ ﻣﺎ" :ﻛﻠّﻣﺎ ﺗﺣدّﺛتُ إﻟﻰ ﺗوم ،أﺻﺎب ﺑﺎﻧزﻋﺎج" ،ﻛﯾف
ﺗﻌرف أﻧك ﺗﻧزﻋﺞ؟ أﻧت ﺗﻌرف ذﻟك ﻷﻧك أﻧت ھﻧﺎك وﺗرى ﻣﺎ ﯾﺣدث .ھﻧﺎك اﻧﻔﺻﺎل ﺑﯾﻧك وﺑﯾن ھذا
ﺧذت ﻣﻛﺎناﻟﻐﺿب وﺗﻠك اﻟﻐﯾرة .إﻧّﮫ أﻧت َﻣن ﯾﺗواﺟد ھﻧﺎك وﯾراﻗب ﻛل ﺗﻠك اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل .وﻣﺗﻰ ﻣﺎ اﺗ ّ َ
ﻲ ،ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك اﻟﺗﺧﻠص ﻣن ﻛل ﺗﻠك اﻻﺿطراﺑﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾّﺔ .اﺑدأ ّأو ًﻻ ﺑﺎﻟﻣراﻗﺑﺔ .ﻓﻘط ﻛن اﻟوﻋ ّ
ﻷﻣر ﺳﮭل .ﺳﺗدرك ﺑﺄﻧك ﺗراﻗب ﺷﺧﺻﯾﺔ إﻧﺳﺎن ﺑﻛ ّل ﻧﻘﺎط ٌ واﻋﯾًﺎ ﺑﺄﻧك واعٍ ﻟﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ ﻋﻘﻠك .إﻧﮫ
ﻗوﺗﮫ وﻧﻘﺎط ﺿﻌﻔﮫ .اﻷﻣر ﯾﺑدو وﻛﺄن ھﻧﺎك ﺷﺧص آﺧر ﻏﯾرك ﻣﻌك .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻘول ﻓﻌﻠﯾﺎ ّ
أن ّ
ﻟدﯾك "رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺔ".
إذا رﻏﺑت ﻓﻲ ﻟﻘﺎء رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك ھذا ،ﻓﻘط ﺣﺎول اﻻﺳﺗرﺧﺎء داﺧل ﻧﻔﺳك ﺑﻌض اﻟوﻗت ،ﻓﻲ ﻋزﻟﺔ
ﺑدﻻ ﻣن أن ﺗﮭﻧﺄ ﺑﺎﻟﺻﻣت ،ﺳﺗﺟد ﺻﺔ .ﻟﻛن ً وﺻﻣت ﺗﺎ ّﻣﯾن .ﻟك اﻟﺣﻖ ﻓﻲ ﻓﻌل ذﻟك ،إﻧﮭﺎ ﻣﻠﻛﯾّﺗك اﻟﺧﺎ ّ
ﻧﻔﺳك ﺗﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ ﺛرﺛرة ﻣﺗواﺻﻠﺔ:
اﻟﺗﺻرف؟ أﻣﺎﻣﻲ أﻣور أﺧرى أھ ّم ﻷﻗوم ﺑﮭﺎ .إن ھذا ﺣﻘﺎ ﺿﯾﺎع ﻟﻠوﻗت .ﻟﯾس ھﻧﺎك ّ "ﻟﻣﺎذا أﻗوم ﺑﮭذا
ﻣن أﺣد ﻓﻲ اﻟداﺧل ﺳواي .ﻣﺎ ﻛ ّل ھذا؟"
ھﺎ ﻧﺣن إذن ،ھﺎ ھو رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك .رﺑﻣﺎ ﺗرﻏب ﻓﻲ أن ﯾﻛون ھﻧﺎك ھدوء ﻓﻲ اﻟداﺧل ،ﻟﻛن رﻓﯾﻖ
ﻏرﻓﺗك ھذا اﻟذي ﯾﺗﺣدّث ﻟم ﯾﻛن ﻣﺗﻌﺎوﻧًﺎ ﻣﻌك .وھذا اﻟوﺿﻊ ﻻ ﯾﺣدث ﻓﻘط ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺣﺎول أن ﺗﻛون
ھﺎدﺋﺎ .ﻷن ﻟدى رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ إزاء ﻛل ﺷﻲء ﺗﻧظر ﻋﯾﻧﯾك إﻟﯾﮫ " :أﺣبّ ھذا .ﻻ أﺣبّ ذاك.
ﻣﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟﻛﻼم .أﻧت ﻻ ﺗﻼﺣظ ذﻟك ﻷﻧك ﻻ ﺗﺄﺧذ ﺧطوة واﺣدة ّ ھذا ﺣﺳن ،ذاك ﺳﯾّﺊ ".ھو ﻓﻘط
ﺑت ﻣﻌﮭﺎ ﻻ ﺗدرك أﻧك ﻣﻧ َّوم ﻣﻐﻧﺎطﯾﺳﯾّﺎ ﻣن إﻟﻰ اﻟﺧﻠف ﺑﻌﯾدًا ﻋﻧﮫ .أﻧت ﻣﻠﺗﺻﻖ ﺟدا ﺑﮫ إﻟﻰ درﺟ ٍﺔ ّ
أﺟل أن ﺗﺳﺗﻣﻊ إﻟﯾﮫ.
ّ
ﺳﺎ أﻧت ﻟﺳت وﺣﯾدا .ھﻧﺎك ﺟﺎﻧﺑﺎن ﻣﺗﻣﯾّزان ﻣن وﺟودك اﻟداﺧﻠﻲ .ﯾﺗﻣﺛل اﻷول ﻓﯾك أﻧت ،ﻓﻲ وأﺳﺎ ً
ﺷﺎ ِھد ،ﻣرﻛز ﻧواﯾﺎك ورﻏﺑﺎﺗك .أ ّﻣﺎ اﻟﺟﺎﻧب اﻵﺧر ﻓﮭو ذﻟك اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﻣراﻗﺑﺗﮫ .اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹدراك ،اﻟ ّ
ھﻲ أن اﻟﺟﺎﻧب اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﻣراﻗﺑﺗﮫ ﻻ ﯾﺳﻛت أﺑدًا .وإن اﺳﺗطﻌت أن ﺗﺗﺧﻠص ﻣﻧﮫ ،وﻟو ﻟﻠﺣظﺔ،
ﻓﺳﯾﻛون اﻟﺳﻼم واﻟﺻﻔﺎء ھو أﺟﻣل ﻋطﻠﺔ ﺗﺣﺻل ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق.
ﺗﺧﯾل ﻛﯾف ھو اﻟﺣﺎل ﻟو ﻟم ﺗﻛن ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺎﺻطﺣﺎب ھذا اﻟﺟزء ﻣﻌك أﯾﻧﻣﺎ ذھﺑت .إن اﻟﻧﻣو اﻟروﺣﻲ
اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ھو ﻓﻲ اﻟﺧروج ﻣن ھذا اﻟﻣﺄزق .ﻟﻛن ﻋﻠﯾك ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ أن ﺗدرك أﻧك ﻣﺣﺗﺟز ھﻧﺎك ﻣﻊ
ﯾﻘرر" ،أﻧﺎ ﻻ أرﯾد أن أﻛون ﻣﻌﺗوه .ﻓﻔﻲ أي ﻣوﻗف أو ﻓﻲ أي وﺿﻊ ،ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺔ رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك أن ّ
ھﻧﺎك ،أﻧﺎ ﻻ أرﯾد أن أﻗوم ﺑذﻟك ،أﻧﺎ ﻻ أرﯾد أن أﺗﺣدث إﻟﻰ ھذا اﻟﺷﺧص "،ﻓﺗﺷﻌر ﺣﯾﻧﮭﺎ ﺑﺷﻛل
ي ﺷﻲء ﺗﻘوم ﺑﻌﻣﻠﮫ دون ﺳﺎﺑﻖ ﻣﻔﺎﺟﺊ أﻧك ﻣﺗوﺗّر وﻏﯾر ﻣرﺗﺎح .ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺔ رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك أن ﯾد ّﻣر أ ّ
ﯾﺧرب أي إﻧذار .ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾد ّﻣر ﯾوم ﻓرﺣك ،أو ﺣﺗﻰ ﻟﯾﻠﺔ ﻋرﺳك! ذﻟك اﻟﺟﺎﻧب ﻣﻧك ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ّ
ي ﺣﺎل. ﻓﻌﻼ ﯾﻘوم ﺑذﻟك ﻋﻠﻰ أ ّ ﺷﻲء وﻛل ﺷﻲء ،ھو ً
ّ ُ
ﻋﯾﺑًﺎ ﻣﺎ .ﯾظ ّلﺗﻘوم ﺑﺷراء ﺳﯾﺎرة ﺟدﯾدة وﺟﻣﯾﻠﺔ .ﻟﻛن ﻛﻠّﻣﺎ ﻗُدﺗﮭﺎ ،ﯾﺟد رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك ﻓﻲ اﻟﺳﯾّﺎرة َ
ﺻرﯾر ﯾﺻدر ﻋن اﻟﺳﯾﺎرة ،وإﻟﻰ ﻛل اھﺗزاز ﻓﯾﮭﺎ، اﻟﺻوت اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻓﻲ داﺧﻠك ﯾُﻠﻔت ﻧظرك إﻟﻰ ﻛ ّل َ
إﻟﻰ أن ﺗﺗوﻗف ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف ﻋن ﺣﺑّك ﻟﮭذه اﻟﺳﯾﺎرة .وﻟذﻟك ،ﻣﺗﻰ ﻣﺎ أدرﻛت ﻛﯾف ﯾؤﺛر ھذا
ﻲﻟﺗﺣو ٍل ﺣﻘﯾﻘ ّ
ّ ﻲ ﻗد ﺑدأت .وﺗﻛون أﻧت ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌداد
اﻟﺻوت ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎﺗك ،ﺗﻛون رﺣﻠﺔ ﻧﻣوك اﻟروﺣ ّ
أﺧﯾرا وﺗﻘول ﻟﻧﻔﺳك" ،اﻧظر إﻟﻰ ھذا اﻟﺻوت .إﻧﮫ ﯾد ّﻣر ﺣﯾﺎﺗﻲ .أﻧﺎ أﺣﺎول أن أﺣﯾﺎ ﺣﯾﺎة
ً ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﺗﺑﮫ
ﻣﺳﺎﻟﻣﺔ ووﺟودًا ذا ﻣﻌﻧﻰ ،ﻟﻛن ﯾﺑدو وﻛﺄﻧّﻲ أﺟﻠس ﻋﻠﻰ رأس ﺑرﻛﺎن ﺛﺎﺋر .ﻓﻔﻲ أﯾﺔ ﻟﺣظﺔ ﯾﺳﺗطﯾﻊ
ﯾﻘرر ،أن ﯾُر ِﻋب ،أو ﯾُﻐ ِﻠﻖ ،أو ﯾﺗﻘﺎﺗل ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻣن ﺣوﻟﻲ .ﺗراه ﯾوﻣﺎ ً ﯾﺣبّ
ھذا اﻟﺷﻲء أن ّ
ﯾﻘرر أن ﯾﻧزﻋﺞ ﻣن ﻛل ﺳﻠوك ﯾﻘوﻣون ﺑﮫ .ﺣﯾﺎﺗﻲ ﺗﻌ ّﻣﮭﺎ اﻟﻔوﺿﻰ ﺻﺎ ﺑﻌﯾﻧﮭم ،وﻓﻲ اﻟﯾوم اﻟﺗﺎﻟﻲ ّ أﺷﺧﺎ ً
ﺑﻣﺟرد أن ھذا اﻟذي ﯾﻌﯾش ھﻧﺎ ﻣﻌﻲ ﯾﻔﺗﻌل ﻣﯾﻠودراﻣﺎ ﺗﺟﺎه ﻛل ﺷﻲء ".ﻣﺗﻰ ﻣﺎ اﻧﺗﺑﮭت إﻟﻰ ذﻟك،
وﺗﻌﻠّﻣت أﻧك ﻟم ﺗﻌد ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﺗرﺑط ھوﯾّﺗك ﺑرﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك ھذا ،ﺳﺗﻛون ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﺗﺧﻠﯾص
ﻧﻔﺳك وﺗﺣرﯾرھﺎ.
إذا ﻟم ﺗﺑﻠﻎ درﺟﺔ اﻹدراك ھذه ﺑﻌد ،اﺑدأ ﻓﻘط ﺑﻣراﻗﺑﺔ اﻟوﺿﻊ .اﻗض ﯾوﻣك ﻣراﻗﺑﺎ ﻛل ﻓﻌل ﯾﻘوم ﺑﮫ
وﺟرب إن ﻛﻧت ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻼﺣظ ﻣﺎ اﻟذي ﯾﻘوﻟﮫ ﻓﻲ ﻛ ّل ّ ﺻﻐُر .اﺑدأ ﺻﺑﺎﺣﺎ
رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك ﻣﮭﻣﺎ َ
رن ھﺎﺗﻔك ،ﻓﻘط ﻗم ﺑﺎﻟﻣراﻗﺑﺔ .وﻣن أﻓﺿل اﻷوﻗﺎت ﻟﻠﻣراﻗﺑﺔ ھﻲ ﻣوﻗف .ﻛﻠّﻣﺎ ﻗﺎﺑﻠت أﺣدا ﻣﺎ ،وﻛﻠﻣﺎ ّ
ّ
ﺻوت ﻓﻲ داﺧﻠك .ﺳﺗدرك أﻧﮫ ﻻ ﯾﺳﻣﺢ ﻟك ﺣﺗﻰ ﺳﺎﻋﺔ اﺳﺗﺣﻣﺎﻣك .ﻓﻘط راﻗب ﻣﺎذا ﯾﻘول اﻟ ّ
ﺳﻼم ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺔ اﺳﺗﺣﻣﺎﻣك .اﻻﺳﺗﺣﻣﺎم ھو ﻟﺗﻧظﯾف اﻟﺟﺳد ،وﻟﯾس ﻟﺗرك اﻟدﻣﺎغ ﺑﺎﻻﺳﺗﻣﺗﺎع ﺑﺎﻟ ّ
ﺟرب إذا ﻛﺎن ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺗكﯾﺳﺗرﺳل ﻓﻲ ﺣدﯾث ﻻ ﯾﻧﺗﮭﻲّ .
اﻟﺑﻘﺎء ﯾﻘظﺎ ً ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ طوال ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻟﺗﻧﺗﺑﮫ ﻟﻣﺎ ﯾﺣدث .ﺳﺗُﺻﺎب ﺑﺻدﻣﺔ ّ
ﺟراء ﻣﺎ ﺳﺗﻛﺗﺷﻔﮫ.
ﺳﺗرى أن اﻟﺻوت ﯾﻘﻔز ﻣن ﻣوﺿوع ﻵﺧر .اﻟﺛرﺛرة اﻟﻣﺗواﺻﻠﺔ ﺗﺑدو ﻣﺛﯾرة ﻟﻸﻋﺻﺎب ﺑﺷﻛل ﻟن
ﺗﺻدق ﻣﻌﮫ أن ھذا ھو اﻟﺣﺎل ﻋﻠﻰ اﻟدوام .ﻟﻛﻧﮫ ﻛذﻟك .ﻻﺑد وأن ﺗﻣﺎرس ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣراﻗﺑﺔ ﻣن أﺟل أن
ﺗﺧﻠّص ﻧﻔﺳك ﻣن ھذا اﻟوﺿﻊ .ﻟﯾس ﻣطﻠوﺑﺎ ﻣﻧك أن ﺗﻘوم ﺑﺄي ﺷﻲء ﺣﯾﺎﻟﮫ ،ﻟﻛن ﯾﺟب أن ﺗﺗﺣﻠّﻰ
ﺑﺷﻲء ﻣن اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻛﻲ ﺗﺗﻌﺎﻣل ﺑﮭﺎ ﻣﻊ ھذا اﻟﻣﺄزق اﻟذي أﻧت ﻓﯾﮫ .ﻻﺑ ّد أن ﺗﻌرف ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺎ أن اﻷﻣر
اﻧﺗﮭﻰ ﺑك إﻟﻰ ﻓوﺿﻰ ﻋﺎرﻣﺔ ﻣﻊ ھذا اﻟرﻓﯾﻖ اﻟداﺧﻠﻲ .إن أردت أن ﺗﺣظﻰ ﺑﺎﻟﺳﻼم ھﻧﺎك ،ﻓﯾﻧﺑﻐﻲ
ﻋﻠﯾك ﻋﻼج ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ.
ﻲ ﺑﻌﯾدا ﻋﻧك .اﻗﻧﻊ ﻧﻔﺳك أن
ﺳده ﺑﺷﻛل ﺧﺎرﺟ ّ واﻟﺳﺑﯾل إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎھﯾّﺔ رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك ھو ﻓﻲ أن ﺗﺟ ّ
رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك ھذا ھو روح أﺧرى وﻟﮭﺎ ﻛﯾﺎن ﻣﻧﻔﺻل ﻋﻧك .ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻋﻣل ذﻟك ﻟو ﺗﻌﺎﻣﻠت ﻣﻊ ھذه
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﻌﮭﺎ وھﻲ ﺗﺗﺣدث إﻟﯾك ﻓﻲ اﻟداﺧل وﻛﺄﻧﮭﺎ ﺷﺧص ﯾﺗﺣدث إﻟﯾك ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج .ﻓﻘط
ﺗﺧﯾّل أن ھﻧﺎك ﺷﺧﺻﺎ آﺧر ﯾﺗﺣدث اﻵن وﯾﻘول ﻛل ﺷﻲء ﻛﺎن ﯾﻘوﻟﮫ ﻟك ھذا اﻟﺻوت اﻟداﺧﻠﻲ.
اﻗﺿﻲ اﻵن ﯾوﻣﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻣﻊ ھذا اﻟﺷﺧص.
ﻲ اﻟﻣﻔﺿّل .اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ھﻲ أن ھذا اﻟﺷﺧص ﯾﺟﻠس ﻟﻠﺗو اﺗّﺧذت ﻣﻘﻌدك ﻟﺗﺷﺎھد ﺑرﻧﺎﻣﺟك اﻹذاﻋ ّأﻧت ّ
ﻲ اﻟﻣﺗواﺻل ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي اﻋﺗدت ﺳﻣﺎﻋﮫ ﻓﻲ اﻟداﺧل ،ﻟﻛن ﺑرﻓﻘﺗك .اﻵن ﺳﺗﺳﻣﻊ اﻟﻣﺷﮭد اﻟﻣﺳرﺣ ّ
ﺑﻔﺎرق أﻧﮫ ﺻﺎر اﻵن ﯾﺟﻠس ﺑﺟﺎﻧﺑك ﻋﻠﻰ اﻷرﯾﻛﺔ ﯾﺗﺣدّث إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ:
ﻲ؟ ﻣن اﻷﻓﺿل ﻟو ﺗذھب ﻟﺗﺗﺄ ّﻛد .ﻟﯾس اﻵن ،ﺳﺄﻗوم ﺑذﻟك ﻻﺣﻘًﺎ. "ھل أطﻔﺄت اﻷﻧوار ﻓﻲ اﻟطﺎﺑﻖ اﻟﺳﻔﻠ ّ
ﺗﺣرك اﻵن .ﻟﮭذا اﻟﺳﺑب ﺗﻛون ﻓﺎﺗورة اﻟﻛﮭرﺑﺎء ﺑﺎھظﺔ أرﯾد أن أﻧﺗﮭﻲ ﻣن ﻣﺷﺎھدة ﺑرﻧﺎﻣﺟﻲ .ﻻّ ،
اﻟﺛﻣن".
ﺗﺟﻠس ﻓﻲ ﺻﻣت رھﯾب ،ﺗراﻗب ﻛ ّل ھذا اﻟذي ﯾﺣدث ﻣن ﺣوﻟك .وﺑﻌد ﺛواﻧﻲ ﻻﺣﻘﺔ ﯾﺳﺗﻐرق رﻓﯾﻖ
اﻷرﯾﻛﺔ ﻓﻲ ﻧِزاعٍ آﺧر:
أﺣن إﻟﻰ ﻗطﻌﺔ ﻣن اﻟﺑﯾﺗزا .ﻻ ،ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗﻧﺎول اﻟﺑﯾﺗزا ﺣﺎﻟﯾﺎ ،إن "ﻣﮭﻼ ،أرﯾد أن أﺣﺿّر ﺷﯾﺋﺎ آﻛﻠﮫ! ّ
ﻣﻛﺎن اﻟﺑﯾﺗزا ﯾﺑﻌد ﻛﺛﯾرا ﻣن ھﻧﺎ .ﻟﻛﻧﻧﻲ ﺟﺎﺋﻊ .ﻣﺗﻰ ﺳﯾﻛون ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻲ ﺗﻧﺎول ﺷﻲء؟"
ﺳﺗﺻﺎب ﺑﺎﻟدھﺷﺔ وأﻧت ﺗرى أن ھذا اﻟدﻓﻖ اﻟﻌﺻﺑﻲ ﻣن ھذه اﻟﺣوارات اﻟﻣﺗﺿﺎرﺑﺔ ﯾدور ﺑﺎﺳﺗﻣرار
وﺑﻼ ﺗوﻗف .وﻛﺄن ھذه اﻟﺣوارات ﻟﯾﺳت ﻛﺎﻓﯾﺔ ،ﻓﺑدﻻ ﻣن ﻣﺷﺎھدة اﻟﺗﻠﻔﺎز ،ﯾﺑدأ ھذا اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ردة
اﻟﻔﻌل اﻟﻠﻔظﯾﺔ ﺗﻌﻠﯾﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺎ ﯾراه ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎﺷﺔ .ﻓﻌﻧد ﻧﻘطﺔ ﻣﺎ ،وﺳﺎﻋﺔ ظﮭور اﻣرأة ذات ﺷﻌر
أﺣﻣر ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎﺷﺔ ﯾﺑدأ رﻓﯾﻖ أرﯾﻛﺗك ﯾﺗﻣﺗم ﺑﻛﻠﻣﺎت ﻋن زوﺟﺗك اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ وطﻼﻗك اﻟﻣؤﻟم .وﻣن ﺛم
ﯾﺑدأ اﻟﺻراخ وﻛﺄن زوﺟﺗك اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﻌﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻐرﻓﺔ! ﺛم ﯾﮭدأ ﺑﺷﻛل ﻣﻔﺎﺟﺊ ﻛﻣﺎ ﺑدأ ﺑﺷﻛل ﻣﻔﺎﺟﺊ.
ﻋﻧد ھذا اﻟﺣد ،ﺗﺟد ﻧﻔﺳك ﺗﺣﺗﺿن رﻛن اﻷرﯾﻛﺔ اﻟﺑﻌﯾد ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﯾﺎﺋﺳﺔ ﻟﻼﺑﺗﻌﺎد ﻗدر اﻹﻣﻛﺎن ﻋن
ھذا اﻟﺷﺧص اﻟﻣزﻋﺞ.
ﺷﺧص اﻵﺧر ﻋن اﻟﻛﻼم .ﻓﻘط ﺣﺎول ھل ﺗﻣﻠك اﻟﺟرأة ﻟﺧوض ﻣﺛل ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ؟ ﻻ ﺗﺣﺎول إﺳﻛﺎت اﻟ ّ
أن ﺗﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻣن ﯾﻌﯾش ﻣﻌك ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻋن طرﯾﻖ ﺗﺟﺳﯾد ھذا اﻟﺻوت ﺧﺎرﺟﯾﺎ .ﻗم ﺑﺗﺟﺳﯾده
ووﺿﻌﮫ ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻛﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﺧﺎص اﻵﺧرﯾن .اﺟﻌﻠﮫ ﺷﺧﺻﺎ ﯾﻘول وھو ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج
ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ ﺑﺎﻟﺿﺑط اﻟﺻوت اﻟذي ﻓﻲ ﻋﻘﻠك ﻓﻲ اﻟداﺧل .وﻗم اﻵن ﺑﺟﻌل ھذا اﻟﺻوت أﻋز أﺻدﻗﺎﺋك.
ﻛﺎﻣﻼ وﺗُﻌﯾر ﻛل ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ اھﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣطﻠﻘﺎ وأُذﻧًﺎ
ً ﻓرﻏم ﻛل ﺷﻲء ،ﻛم ﻣن ﺻدﯾﻖ ﺗﺳﺗﻐرق ﻣﻌﮫ وﻗﺗك
ُﻣﻧﺻﺗﺔ؟
ﻣﺎ اﻟذي ﺳﺗﺷﻌر ﺑﮫ ﻟو أن ھﻧﺎك ﺷﺧﺻﺎ ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ﺑدأ ﺑﺎﻟﺗﺣدث إﻟﯾك ﺑﺎﻟطرﯾﻘﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣدث ﻓﯾﮭﺎ
إﻟﯾك ھذا اﻟﺻوت اﻟداﺧﻠﻲ؟ ﻛﯾف ﺳﺗﻛون ﻋﻼﻗﺗك ﺑﺷﺧص ﯾﻔﺗﺢ ﻓﻣﮫ ﻣردّدا ﻛل ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ ﺻوﺗك
ﻓورا وﻻ ﯾﻌود ﻣطﻠﻘًﺎ .ﻟﻛن ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﺣدث اﻟﻌﻘﻠﻲ؟ ﻓﺑﻌد ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﻗﺻﯾرة ،ﺳﺗطﻠب ﻣﻧﮫ أن ﯾﻐﺎدر ً
ﺻدﯾﻘك اﻟداﺧﻠﻲ ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻓﺄﻧت ﻻ ﺗطﻠب ﻣﻧﮫ أن ﯾﻐﺎدر .ﻓرﻏم ﻛل اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺳﺑب ﺑﮭﺎ ،ﻓﺈﻧّك
ﺗﺳﺗﻣﻊ إﻟﯾﮫ .وﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺷﻲء ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﯾﻘوﻟﮫ ھذا اﻟﺻوت ّإﻻ وأﻋرﺗﮫ اھﺗﻣﺎﻣك اﻟ ُﻣطﻠَﻖ.
ﻓﮭو ﯾﺳﺣﺑك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻣن أي ﺷﻲء ﺗﻛون ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮫ ،ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻣدى اﺳﺗﻣﺗﺎﻋك ﺑﮫ،
ي ﺷﻲء ﯾﻘوﻟﮫ ﻟك .ﺗﺧﯾّل أﻧك ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺟﺎدّة وأﻧك ﻋﻠﻰ وﺷك اﻟزواج .أﻧت ﻟﻛﻧك ﻓﺟﺄة ﺗﻧﺗﺑﮫ إﻟﻰ أ ّ
ﻓﻲ طرﯾﻘك إﻟﻰ ﺣﻔل اﻟزواج ،ﺳﺗﺟده ﯾﻘول ﻟك:
"رﺑﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ھذه اﻟﻣرأة ھﻲ اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟك .إﻧﻧﻲ أﺻﺎب ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗوﺗّر اﻵن .ﻣﺎ اﻟذي
ﯾﻣﻛﻧﻧﻲ ﻓﻌﻠﮫ؟"
ﻟو ﻛﺎن ھﻧﺎك ﺷﺧص ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﻗﺎل ﻟك ذﻟك اﻟﻛﻼم ﻧﻔﺳﮫ ،ﻓﺳﺗﺗﺟﺎھﻠﮫ .ﻟﻛﻧك ،ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ،ﺗﺷﻌر
ﺑﺗﺑرﯾر ﻣﺎ .ﻻﺑ ّد وأن ﺗُﻘﻧﻊ ﻋﻘﻠك اﻟﻣﺗوﺗّر ﺑﺄن ھذه اﻟﻣرأة ھﻲ ٍ أﻧّك َﻣدﯾن ﻟﮭذا اﻟﺻوت اﻟداﺧﻠﻲ
وإﻻ ﻓﻠن ﯾﺗرﻛك ﺗﻣﺿﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟطرﯾﻖ .ھذا ھو ﻗ ْدر اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟذي ﺗُﻛﻧّﮫ ﻟﮭذا اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻧﺎﺳبّ ،
ﻲ ﻓﻲ داﺧﻠك .ﻓﺄﻧت ﺗﻌرف أﻧك إن ﻟم ﺗﺳﺗﻣﻊ إﻟﯾﮫ ،ﻓﺳﯾﻘوم ﺑﻣﺿﺎﯾﻘﺗك ﺧﻼل ﻛ ّل ﯾوم اﻟﺷﻲء اﻟﻌﺻﺑ ّ
ﻣن أﯾﺎم ﺣﯾﺎﺗك اﻟﻘﺎدﻣﺔ:
ّ
ﺗﺗزوج .ﻗﻠت ﻟك أﻧّﻲ ﻏﯾر ﻣﺗﺄﻛد ﻣن ھذا اﻟزواج!"
ّ "ﻧﺻﺣﺗك ّأﻻ
ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘول اﻟﺗﻲ ﻻ ﺟدال ﻓﯾﮭﺎ ھﻲ :ﻟو أن ھذا اﻟﺻوت ﻧﺟﺢ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ أن ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ ھﯾﺋﺔ
ﺷﺧص ﺧﺎرﺟك ،وﻛﺎن ﻟزا ًﻣﺎ ﻋﻠﯾك أن ﺗﺻطﺣﺑﮫ إﻟﻰ ﻛل ﻣﻛﺎن ﺗذھب إﻟﯾﮫ ،ﻓﻠن ﺗﺻﻣد ﻣﻌﮫ ﻟﯾوم
واﺣد .وﻟو ﺳﺄﻟك أﺣد ﻣﺎ ﻋن ﺻدﯾﻘك اﻟﺟدﯾد ،ﻓﺳﺗﻘول" ،إﻧﮫ ﺑﺣﻖ ﺷﺧص ﻣزﻋﺞ .ﻓﻘط اﺑﺣث ﻋن
ﺻﺎب" ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﻠﻐوي وﺳﺗﻛﺗﻣل ﻟدﯾك اﻟﺻورة". ﻛﻠﻣﺔ "اﻟﻌُ َ
ﺳﺗﺧﺗﺑر ھذا اﻟوﺿﻊ إذا ﻗﺿﯾت ﯾوﻣﺎ واﺣدًا ﻣﻊ ھذا اﻟﺻدﯾﻖ ،ﻓﻣﺎ ھﻲ اﺣﺗﻣﺎﻟﯾﺔ أن ﺗﻠﺟﺄ إﻟﯾﮫ ﻣن أﺟل
ي ﺣ ّد ﯾﻐﯾّر ھذا اﻟﺻدﯾﻖ رأﯾﮫ ،وﻛم ھو ﻓﻲ ﺧﻼف ﻣﻊ ﻋدﯾد ﻣن ﻧﺻﯾﺣﺔ ﻣﺎ؟ ﺑﻌد أن ﺗرى إﻟﻰ أ ّ
ﻣﻧﻔﻌﻼ ﻋﺎطﻔﯾﺎ ،ﻓﮭل ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﺗﺄﺧذ رأﯾﮫ ﺑﺷﺄن ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺎ أو ﻧﺻﯾﺣﺔ ً اﻟﻣواﺿﯾﻊ ،وﻛم ﯾﻛون
ﻣﺎﻟﯾّﺔ ﺗﺣﺗﺎﺟﮭﺎ؟ ﻣن اﻟﻣدھش ،ﻛﻣﺎ ﯾﺑدو ،أﻧّك ﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺿﺑط ﺑﮭذا ﻓﻲ ﻛ ّل ﻟﺣظﺔ ﻣن ﻟﺣظﺎت ﺣﯾﺎﺗك.
ﺷﺧص ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي ﯾُﻣﻠﻲ ﺻﺣﯾﺢ اﻟﻣﻌﺗﺎد ﻋﻠﯾﮫ داﺧﻠك ،ﻓﺈن ھذا ھو اﻟ ّ وﺑﻣﻌﺎودة وﺿﻌﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟ ّ
ﻋﻠﯾك ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﮫ ﻓﻲ ﻛ ّل ﺷﺄن ﻣن ﺷؤون ﺣﯾﺎﺗك .ھل ﺳﺑﻖ ﻟك وﺗﺳﺎءﻟت ﻋن ﻣدى ﻣﺻداﻗﯾّﺗﮫ؟ ﻛم ﻣن
اﻟﻣرات ﻛﺎن ﻓﯾﮭﺎ ھذا اﻟﺻوت ﻣﺧطﺋﺎ؟ ّ
ي اھﺗﻣﺎم .ﻟذﻟك ﻟم ﺗﺗّﺻل ﺑك ﺣﺗﻰ اﻵن .إﻧﮭﺎ ﺳﺗُﻌﻠن اﻧﻔﺻﺎﻟﮭﺎ ﻋﻧك ھذه اﻟﻠﯾﻠﺔ. "إﻧّﮭﺎ ﻟم ﺗﻌُد ﺗُﻌﯾرك أ ّ
ﻟﺗوي .ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك أن ﻻ ﺗر ّد ﻋﻠﻰ ﻣﻛﺎﻟﻣﺗﮭﺎ إن ھﻲ أﺷﻌر أن ھذا ﺳﯾﺣدث ﻗرﯾﺑًﺎ ،ﻋﻠﻣتُ ھذا ّ
اﺗﺻﻠت".
ﺑﻌد ﻣﺿﻲ ﺛﻼﺛﯾن دﻗﯾﻘﺔ ﻣن ھذا اﻟﺣوار ،ﯾرن اﻟﮭﺎﺗف وﻋﻠﻰ اﻟطرف اﻵﺧر ﺻدﯾﻘﺗك اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺧرت
ﺗﺧطط ﻟﻌﺷﺎء ﻛﻣﻔﺎﺟﺄة ﻟك .ﻛﺎﻧت ّ ﻓﻲ اﻻﺗﺻﺎل ﻷن اﻟﯾوم ھو اﻟذﻛرى اﻟﺳﻧوﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻛﻣﺎ وﻛﺎﻧت
ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻣﻔﺎﺟﺄة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟك ﻷﻧك ﻛﻧت ﻗد ﻧﺳﯾت ھذه اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﺳﻧوﯾّﺔ ﺗﻣﺎ ًﻣﺎ .وﺗﻘول ﻟك اﻵن إﻧﮭﺎ ﻓﻲ
ﻲ ﯾُﺛرﺛر ﻋن ﻣدى روﻋﺔ ھذه اﻟﻣرأة. اﻟطرﯾﻖ ﻻﺻطﺣﺎﺑك .إذن ﻓﺄﻧت ﺳﻌﯾد ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ وﺻوﺗك اﻟداﺧﻠ ّ ّ
ﻲ واﻟﺗﻲ ﺻوت اﻟداﺧﻠ ّ ﻧﺳﯾت ﺷﯾﺋًﺎ ﻣﺎ؟ ھل ﻧﺳﯾت اﻟﻧّﺻﯾﺣﺔ اﻟﺳﯾّﺋﺔ اﻟﺗﻲ أدﻟﻰ ﺑﮭﺎ إﻟﯾك اﻟ ّ َ ﻟﻛن ھل
ﻧﺻف ﺳﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗل؟ َ ﺗﺳﺑّﺑَت ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗك
ﻛﻧت ﻗد اﺳﺗﻌﻧت ﺑﺧﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ وﻛﺎن ﻗد أﻋطﺎك ﺗﻠك اﻟﻧﺻﯾﺣﺔ اﻟﻔظﯾﻌﺔ؟ َ ﻣﺎذا ﻟو
ﺳﯾﻛون ﻗد ﻗرأ اﻟﻣوﻗف ﺑﺷﻛل ﺧﺎطﺊ ﺗﻣﺎﻣﺎ .ﻟو أﻧك أﺧذت ﺑﻧﺻﯾﺣﺔ اﻟﺧﺑﯾر ھذا ﻟﻣﺎ ﻛﻧت ﻗد اﻟﺗﻘطت
ﻣرة أﺧرى ﺑﻌد ﺳﻣﺎﻋﺔ اﻟﮭﺎﺗف .أﻟن ﺗﻘوم ﺑﻔﺻل ھذا اﻟﺧﺑﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻔور؟ ﻛﯾف ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك اﻟوﺛوق ﺑﮫ ّ
ﺣﺳن إذن ،ﻓﮭل أﻧت ُﻣﻘدِم ﻋﻠﻰ ﻓﺻل رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك اﻟداﺧﻠﻲ؟ ﻓﻔﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ، ٌ اﻛﺗﺷﺎﻓك ﺧطﺄ ﺗﻘدﯾره؟
ﻛﺎﻧت ﻧﺻﯾﺣﺗﮫ وﺗﺣﻠﯾﻠﮫ ﻟﻠﻣوﻗف ﺧﺎطﺋﯾن ﺟدا .طﺑﻌًﺎ ﻻ! ﻓﺄﻧت ﻻ ﺗﺣ ّﻣﻠﮫ أﺑدا ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺗﻲ
ﻣرة أﺧرى ﻓﺳﺗﻛون ﻛﻠّك آذاﻧًﺎ ﺻﺎﻏﯾﺔ .ھل ھذا ﻣﻌﻘول؟ ﻛم ﺗﺳﺑّب ﺑﮭﺎ .وﻋﻧدﻣﺎ ﯾُدﻟﻲ ﻟك ﺑﻧﺻﯾﺣﺔ ﻣﺎ ّ
ﻣرة ﻛﺎن ھذا اﻟﺻوت ﻣﺧطﺋًﺎ ﺣول ﻣﺎ ﺣدث أو ﻣﺎ ﻗد ﯾﺣدث؟ رﺑﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣﻖ اﻷﻣر اﻻﻧﺗﺑﺎه ﺣول ﻣن ّ
ﺗﻠﺟﺄ إﻟﯾﮫ طﻠﺑًﺎ ﻟﻠﻧﺻﯾﺣﺔ.
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﺷﻛل ﺟﺎد ﺑﮭذه اﻟﺗﻣرﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ واﻟﺗوﻋوﯾﺔ ،ﻓﺳﺗﻼﺣظ أﻧك ﻓﻲ ﻣﺷﻛﻠﺔ.
وﺳﺗدرك أن ﻟدﯾك ﻣﺷﻛﻠﺔ واﺣدة ﻓﻘط ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك ﻛﻠﮭﺎ ،وأﻧت اﻵن ﺗﻧظر إﻟﯾﮭﺎ .وھذه اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ھﻲ إﻟﻰ
ﺣ ّد ﻛﺑﯾر ﺳﺑب ﻓﻲ ﻛل ﻣﺷﻛﻠﺔ أﺧرى ﺻﺎدﻓﺗك طوال ﺣﯾﺎﺗك .وﯾﺑرز ھﻧﺎ اﻟﺳؤال اﻟﺗﺎﻟﻲ ،ﻛﯾف
ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك اﻟﺗﺧﻠّص ﻣن ﻣﺳﺑّب اﻟﻣﺷﺎﻛل ھذا اﻟذي ﻓﻲ داﺧﻠك؟ ّأول ﺷﻲء ﺳﺗدرﻛﮫ أﻧﮫ ﻟﯾس ھﻧﺎك أﻣل
ﻓﻲ اﻟﺗﺧﻠّص ﻣﻧﮫ إﻻ إذا رﻏﺑت أﻧت ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ ذﻟك .ﻟﻘد راﻗﺑت رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك ﻣدّة طوﯾﻠﺔ ﻟﺗﺳﺗوﻋب
ﺗﻣر ﻓﯾﮫ ،ﻓﻠﯾﺳت ﻟدﯾك ﻣﻣﺎرﺳﺎت واﺿﺣﺔ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺑﮭﺎ اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻵن اﻟﻣﺄزق اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ اﻟذي ّ
ﺗﺣرر ﻧﻔﺳك ﻣن ھذه اﻟﻣﯾﻠودراﻣﺎ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ،ﺗﻛون ﻗد أﺻﺑﺣت ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﻠﺗﻌﻠمّ اﻟﻌﻘل .ﻓﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﻗررت أن ّ
وﻓﮭم اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑذﻟك .وﺳﺗﻛون ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام ﺗﻠك اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت ﺑﺷﻛل ﻓﻌّﺎل.
ﺳﺗرﺗﺎح ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻌﻠم أﻧّك ﻟﺳت أول ﺷﺧص ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن ھذه اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ .ھﻧﺎك آﺧرون ﻣ ّﻣن ﺳﺑﻘوك
ووﺟدوا أﻧﻔﺳﮭم ﻓﻲ ﻣواﻗف ﻣﺷﺎﺑﮭﺔ .وﻛﺛﯾر ﻣﻧﮭم ﯾﺗطﻠّﻌون إﻟﻰ ﺗوﺟﯾﮫ وإرﺷﺎد ﻣن أوﻟﺋك اﻟذﯾن
ﺻﺎروا ﯾُﺗﻘﻧون ھذا اﻟﻣﺟﺎل .ﻟﻘد ﺗ ّم إﻣدادھم ﺑﺗﻌﺎﻟﯾم وﺗﻘﻧﯾﺎت ﻛ ِﻌﻠم اﻟﯾوﻏﺎ اﻟذي ﺗ ّم اﺧﺗراﻋﮫ ﻟﻠﻣﺳﺎﻋدة
ﻲ ،رﻏم إن ِﻋﻠم اﻟﯾوﻏﺎ ﻟﯾس ﻓﻲ اﻷﺻل ﻣن أﺟل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺟﺳد ﺻﺣ ّ ﺳﯾر ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾّﺔّ . ﻓﻲ َ
ﺿﺎ .ﻓﺎﻟﯾوﻏﺎ ھﻲ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗُﻌﯾﻧك ﻋﻠﻰ اﻟﺧروج ﻣن ھذا اﻟﻣﺄزق ،ھﻲ أﻧﮭﺎ ﺗؤدي إﻟﻰ ذﻟك أﯾ ً
ﻛﺛﯾرا ﻣن
ً ﺳﺗﺣررك ﻣن ﻛ ّل ذاك .ﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﺟﻌﻠت ﻣن اﻟﺣرﯾّﺔ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﺣﯾﺎﺗك ،ﺳﺗﺟد
ّ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻲ
اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟروﺣﺎﻧﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺳﺎﻋدك ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﯾﮭﺎ .ھذه اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت ﺗﺗﻣﺛل ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﮫ أﻧت ﻓﻲ
ﺗﺣرر ذاﺗك ﻣن ذاﺗك .وﺳﺗدرك ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻷﻣر أﻧﮫ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك أن ﺗُﺑﻌد
أوﻗﺎت ﻓراﻏك ﻣن أﺟل أن ّ
ﻧﻔﺳك ﻋن ﻋﻘﻠك .وﺗﻘوم ﺑذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺿﻊ اﻻﺗﺟﺎھﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺣﯾﺎﺗك وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﺻﺎﻓﯾﺎ وﻻ
ﺻوت. ﺗدع ﻋﻘﻠك اﻟﻣﺗردّد ﯾردﻋك ﻋن ذﻟك .إن إرادﺗك أﻗوى ﺑﻛﺛﯾر ﻣن ﻋﺎدة اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ ذﻟك اﻟ ّ
ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺷﻲء ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻘوم ﺑﮫ .إن إرادﺗك ھﻲ أﻗوى ﻣن ﻛ ّل ﻣﺎ ﻋداھﺎ.
ﺗﺣرر ﻧﻔﺳك ،ﻓﻼﺑ ّد ّأو ًﻻ أن ﺗﻛون واﻋﯾًﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ﻟﺗﻔﮭم اﻟﻣﺄزق اﻟذي أﻧت ﻓﯾﮫ .ﺛم
إذا أردت أن ّ
ﻲ ﻣن أﺟل ﺣرﯾّﺗك .ﻗُم ﺑﻌﻣل ذﻟك وﻛﺄن ﺣﯾﺎﺗك ﻣﺗوﻗﻔﺔ ﻋﻠﯾﮫ ،ﻷﻧّﮭﺎ ﻋﻠﯾك أن ﺗ ُ ِﻠزم ﻧﻔﺳك ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟداﺧﻠ ّ
ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻣﺗوﻗّﻔﺔ ﻋﻠﯾﮫ .وﻛﻣﺎ ھو اﻟﺣﺎل اﻵن ،ﻓﺈن ﺣﯾﺎﺗك ﻟﯾﺳت ﻣﻠﻛك ،ﺑل ھﻲ ﻣﻠك رﻓﯾﻖ ﻏرﻓﺗك.
ﺳﯾطرة اﻟﺗﻲ اﻋﺗﺎدھﺎ ﻋﻘﻠك ﻋﻠﯾك أن ﺗﺳﺗردّھﺎِ .ﻗف ﺑﺛﺑﺎت ﻓﻲ ﻣﻘﻌد اﻟﺷﺎھد وﺧﻠّص ﻧﻔﺳك ﻣن اﻟ ّ
ﻋﻠﯾك .ھذه ﺣﯾﺎﺗك ،ﯾﺟب ﻋﻠﯾك اﺳﺗﻌﺎدﺗﮭﺎ.
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث :ﻣن أﻧت؟
اﻷﺟﻼء ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﯾوﻏﺎ اﻟﺗﻘﻠﯾدي ،اﻋﺗﺎد اﻟﻘولّ راﻣﺎﻧﺎ ﻣﮭﺎرﺷﻲ ) ،(1950-1879واﺣد ﻣن اﻟﻣﻌﻠّﻣﯾن
أﻧّﮫ ﻟﺑﻠّوغ اﻟﺣرﯾّﺔ اﻟداﺧﻠﯾّﺔ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺧص أن ﯾﺳﺄل ﺑﺻدق واﺳﺗﻣرار اﻟﺳؤال اﻟﺗﺎﻟﻲ" ،ﻣن أﻧﺎ؟"
أن طرح ھذا اﻟﺳؤال أھ ّم ﻣن ﻗراءة اﻟﻛﺗب وﺗﻌﻠّم اﻟﺗﻌﺎوﯾذ .ﻛﺎن ﯾﻘول: وﻛﺎن ﯾﻌﻠم ﺣﯾﻧﮭﺎ ّ
"اﺳﺄل ﻧﻔﺳك ﻓﻘط ﻣن أﻧﺎ؟ ﻣن اﻟذي ﯾرى ﻋﻧدﻣﺎ أرى؟ ﻣن اﻟذي ﯾﺳﻣﻊ ﻋﻧدﻣﺎ أﺳﻣﻊ؟ ﻣن ﯾﻌﻠم أﻧّﻲ
ﻋﻠﻰ دراﯾﺔ؟ ﻣن أﻧﺎ؟"
ﺣوارا.
ً ت وأﻧﺎ ،ﻧُﺟريدﻋوﻧﺎ ﻧﻛﺗﺷف ھذا اﻟﺳؤال ﻣن ﺧﻼل ﺧَوض ﻟُﻌﺑ ٍﺔ ﻣﺎ .دﻋﻧﺎ ﻧﻔﺗرض أﻧﻧﺎ ،أﻧ ِ
ﻋﻔوا ﻣن أﻧت؟ ﻓﺄﻧت ﻻ ﺗﻌﺎﺗﺑﮫ ﻓﻔﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻐرﺑﯾّﺔ ﻋﺎدة ،ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘﺗرب ﻣﻧك ﺷﺧص ﻣﺎ وﯾﺳﺄﻟكً ،
ﺳؤاﻻ ﻋﻣﯾﻘﺎ ﻛﮭذا ﻋﻠﯾك .ﺑل ﺗُﺧﺑره ﺑﺎﺳﻣك ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﺳﺗﻘول أو ﺗﻘوﻟﯾن ،اﺳﻣﻲ ً ﻟطرﺣﮫ
ﺳﺎﻟﻲ ﺳﻣﯾث .ﻟﻛﻧّﻲ أﻧﺎ ﺳﺄﺗﺣدى ﻣﺛل ھذا اﻟﺟواب وأﺟﻠب ورﻗﺔ وﺳﺄﻛﺗب اﻟﺣروف )س-ا-ل-ي(
ﻋﻠﯾك وأﻗول ،ھل ھذا ھو أﻧتِ ،ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﺣروف؟ ھل ھذه اﻟﺣروف ھﻲ ِ )س-م-ي-ث( ﺛ ّم أﻋرﺿﮭﺎ
اﻟﺗﻲ ﺗرى ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرﯾن؟ ﺳﺗﻘوﻟﯾن ،ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻻ.
ﻣﺟرد اﺳم ﯾﻧﺎدﯾﻧﻲ ﺑﮫ اﻟﻧﺎس .إﻧﮭﺎ ّ "ﺣﺳﻧﺎ ،أﻧت ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ،أﻧﺎ أﻋﺗذر .أﻧﺎ ﻟﺳت ﺳﺎﻟﻲ ﺳﻣﯾث .ھذا
ﺗﺳﻣﯾﺔ .ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،أﻧﺎ زوﺟﺔ ﻓراﻧك ﺳﻣﯾث".
ھذا أﯾﺿﺎ ﻟﯾس ﺻﺣﯾﺣﺎ ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣن اﻷﺣوال ،ﺣﺗﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ ھذه اﻷﯾﺎم .ﻛﯾف
ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك أن ﺗﻛوﻧﻲ زوﺟﺔ ﻓراﻧك ﺳﻣﯾث؟ ھل ﺗﻌﻧﯾن أﻧك ﻟم ﺗﻛوﻧﻲ ﻣوﺟودة ﻗﺑل ﻟﻘﺎءك ﻓراﻧك ،وأن
ت ﺑﺷﺧص آﺧر؟ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻛوﻧﻲ زوﺟﺔ ﻓراﻧك وﺟودك ﺳﯾﺗوﻗّف ﻟو أن ﻓراﻧك ﺗوﻓّﻲ أو ﻟو ّ
ﺗزوﺟ ِ
ت
ت ﺷﺎرﻛ ِ ﻣﺟرد ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣوﻗف آﺧر أو ﻟﺣدث آﺧر أﻧ ِ ّ ﻣﺟرد ﺗﺳﻣﯾﺔ،
ّ ﻣرة أﺧرى ،ھﻲ ﺳﻣﯾث .ﻓﮭذهّ ،
اﻟﻣرة:
ت إذن؟ ﻓﺗﺟﯾﺑﯾن ھذه ّ ﻣرة أﺧرى ،ﻣن أﻧ ِ ﻓﯾﮫ .ﻟﻛنّ ،
"ﺣﺳﻧًﺎ ،اﻵن ﺣظﯾت ﺑﺎﻧﺗﺑﺎھﻲ اﻟﺗﺎم .اﺳﻣﻲ ھو ﺳﺎﻟﻲ ﺳﻣﯾثُ .وﻟدت ﻋﺎم 1965ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﻧﯾوﯾورك.
ﻋﺷتُ ﻓﻲ ﻛوﯾﻧز ﻣﻊ أﻣﻲ وأﺑﻲ ،ھﺎري وﻣﺎري ﺟوﻧز ،ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻐتُ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﻣن اﻟﻌﻣر .اﻧﺗﻘﻠﻧﺎ ﺑﻌدھﺎ
إﻟﻰ ﻧﯾوﺟرﺳﻲ ،وھﻧﺎك اﻟﺗﺣﻘت ﺑﻣدرﺳﺔ ﻧﯾوارك اﻻﺑﺗداﺋﯾّﺔ .ﺣﺻﻠت ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾر اﻣﺗﯾﺎز ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ،
وﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﺧﺎﻣس ﻟﻌﺑتُ دور دورﺛﻲ ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﯾﺔ "ﺳﺎﺣر أوز ".دﺧﻠتُ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﺎطﻔﯾﺔ ﻗوﯾﺔ
اﻷول ھو ﺟوي .اﻟﺗﺣﻘت ﺑﻛﻠﯾﺔ "روﺗﺟرز" ﺑﻌدھﺎ ﺣﯾث وأﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺻف اﻟﺗﺎﺳﻊ ،وﻛﺎن ﺻدﯾﻘﻲ ّ
وﺗزوﺟﻧﺎ .ھذا ھو ﻣن أﻧﺎ".
ّ اﻟﺗﻘﯾت ھﻧﺎك ﺑﻔراﻧك ﺳﻣﯾث
ت ﺑﮭﺎ ﻣﻧذ وﻻدﺗك .أﻧﺎ ﺳﺄﻟﺗك ﻋن ﻣﮭﻼ ،ھذه ﺣﻛﺎﯾﺔٌ ﺳﺎﺣرة ،ﻟﻛﻧّﻲ ﻟم أﺳﺄﻟك ﻋن اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﻣرر ِ
ﻣر ﺑﺗﻠك اﻟﺗﺟﺎرب؟ أﻟم ت ﻓﻲ ﺳرد اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺗﻲ ﻋﺷﺗِﮭﺎ ،ﻟﻛن ﻣن ھو اﻟذي ّ "ﻣن أﻧتِ؟" ﻟﻛﻧك أﺳﮭﺑ ِ
ت ﻗد ً
ﺗﻛوﻧﻲ ﻣوﺟودة ھﻧﺎك ﻓﻲ ﺧﺿ ّم ﻛ ّل ذاك ُﻣدرﻛﺔ وﺟودك ،أﻟم ﺗﻛوﻧﻲ ﻣوﺟودة ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﻧ ِ
ت ﺑﻛﻠﯾّﺔ أﺧرى؟ اﻟﺗﺣﻘ ِ
ت ﺗدرﻛﯾن أﻧّﮫ ﻟم ﯾﺣدث ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك ﻗط أن ﺳﺄﻟﺗﻲ ﻧﻔﺳك ھذا ت ﺗﻔ ّﻛرﯾن ﻣﻠﯾﺎ ﻓﻲ ذﻟك ،وأﻧ ِ إذن أﻧ ِ
ّ
ت اﻵن ﺗﻔﻛرﯾن ﻓﻲ اﻟﺳؤال ت ﺗﻌﻧﯾﻧﮫ؟ ﻣن أﻧﺎ؟ ھذا ﻣﺎ دﻋﺎ إﻟﯾﮫ راﻣﺎﻧﺎ ﻣﮭﺎرﺷﻲ .إذن ﺻر ِ اﻟﺳؤال وﻛﻧ ِ
ﺑﺟدﯾّﺔ أﻛﺑر وﺗﻘوﻟﯾن:
وﺳت ﺑوﺻﺎت ،وأزن 135 ّ "ﺣﺳﻧﺎ ،أﻧﺎ ھو ھذا اﻟﺟﺳد اﻟذي ﯾﺷﻐل ھذا اﻟﺣﯾّز .طوﻟﻲ ﺧﻣﺳﺔ أﻗدام
ً
رطﻼ ،وھﺄﻧذا".
اﻟﺻف اﻟﺧﺎﻣس ﻟم ﯾﻛن طوﻟك آﻧذاك ﺧﻣﺳﺔ أﻗدام ّ ت دورﺛﻲ اﻟﺗﻲ ﺷﺎر َﻛت ﻓﻲ ﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻟﻛن ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﻧ ِ
ت اﻟﺷﺧص ذا وﺳت ﺑوﺻﺎت .إذن أﯾﮭﻣﺎ أﻧتِ؟ ھل أﻧ ِ ّ وﺳت ﺑوﺻﺎت ،ﺑل ﻛﺎن طوﻟك 4أﻗدام
ت اﻟﺗﻲ ھﻧﺎك ﻋﻧدﻣﺎ اﻷرﺑﻌﺔ أﻗدام وﺳت ﺑوﺻﺎت ،أم ذا اﻟﺧﻣﺳﺔ أﻗدام واﻟﺳت ﺑوﺻﺎت؟ أﻟم ﺗﻛوﻧﻲ أﻧ ِ
ﻣرت ﺑﺗﺟرﺑﺔ َﻛوﻧﮭﺎ دورﺛﻲ ﻓﻲ ت ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ّت أﻧ ِ ت ھﻧﺎك .أﻟﺳ ِ ت ﻟﻲ أﻧّك ﻛﻧ ِ ت دورﺛﻲ؟ ﻗﻠ ِ ﻛﻧ ِ
ت ت أﻧ ِ
ﺗﻣر ﺑﺗﺟرﺑﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺳؤاﻟﻲ ھذا؟ أﻟﺳ ِ ﻣﺳرﺣﯾﺔ اﻟﺻف اﻟﺧﺎﻣس وھﻲ اﻵن ّ
ﺧص ﻧﻔﺳﮫ؟
ﺷ َ اﻟ ّ
ﺑﺎت ﻟزا ًﻣﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺗّﺧذ ﺧطوة إﻟﻰ اﻟوراء ﻟﺣظﺔً ﻛﻲ ﻧطرح ﺑﻌض اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻻﺳﺗﻛﺷﺎﻓﯾﺔ ﻗﺑل رﺑﻣﺎ َ
ت ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺷرة ﻣن اﻟﻌﻣر ،أﻟم ﺗﻛوﻧﻲ ﺗﻧظرﯾن إﻟﻰ اﻟﻣرآة وﺗرﯾن اﻟﻌودة إﻟﻰ ﺳؤاﻟﻧﺎ اﻟرﺋﯾﺳﻲ .ﺣﯾن ﻛﻧ ِ
ت ھﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظر اﻵن إﻟﻰ اﻟﻣرآة وﺗرى ﺟﺳد ت أﻧ ِﻟﻠطﻔﻠﺔ ذات اﻟﻌﺷر ﺳﻧوات؟ أﻟﺳ ِ ﺟﺳ ًﻣﺎ ّ
اﻣرأةٍ ﺷﺎﺑّﺔ؟ ﻣﺎ ﺗﻧظرﯾن إﻟﯾﮫ ﻗد ﺗﻐﯾّر ،ﻟﻛن ﻣﺎذا ﻋﻧك أﻧت ،أﻧت اﻟﺗﻲ ﺗﻧظرﯾن؟ أﻟﯾس ھﻧﺎك
ظر إﻟﻰ اﻟﻣرآة ﻋﺑر ﻛل ﺗﻠك اﻟﺳﻧﯾن؟ ﻻﺑ ّد اﺳﺗﻣرارﯾّﺔ ﻟوﺟودك؟ أﻟﯾس ھذ اﻟوﺟود ھو ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي ﯾﻧ ُ
ﻣن اﻟﺗﺄ ّﻣل ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﺣذر ﺷدﯾد .وھﻧﺎ ﺳؤال آﺧر ،ﻋﻧدﻣﺎ ﺗذھﺑﯾن ﻟﻠﻧوم ﻛ ّل ﻟﯾﻠﺔ ،ھل ﺗﺣﻠﻣﯾن؟
ﺳﺗﺟﯾﺑﯾن" ،أﺟل ،ﯾظﮭر اﻟﺣﻠم ﻛﺻور ﻣﺗﺣرﻛﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻲ ﺑﯾﻧﻣﺎ أﻗوم ﺑﻌﻣﻠﯾّﺔ اﻟﻣراﻗﺑﺔ ".ﺣﺳﻧًﺎ ،ﻣن
ت ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظر إﻟﻰ اﻟﻣرآة؟ اﻟذي ﯾراﻗب اﻟﺣﻠم؟ ﻗد ﺗُﺟﯾﺑﯾن" ،أﻧﺎ ،أﻧﺎ َﻣن ﯾراﻗب!" ھل ﺗﻘﺻدﯾن أﻧ ِ
ت ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻘرأ اﻵن ھذه اﻟﻛﻠﻣﺎت وھﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظر ﻓﻲ اﻟﻣرآة وﺗراﻗب ھل ﺗﻘﺻدﯾن أﻧ ِ
اﻟﻣدرك ﻟﻠوﺟود.
ِ اﻷﺣﻼم؟ وھﻲ اﻟﺗﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﺗﯾﻘظ ،ﺗﻌﻠم أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﺣﻠُم؟ ھﻧﺎك اﺳﺗﻣرارﯾﺔ ﻟﻠوﻋﻲ
راﻣﺎﻧﺎ ﻣﮭﺎرﺷﻲ ﻛﺎن ﯾطرح ﻓﻘط ﺑﺿﻌﺔ أﺳﺋﻠ ٍﺔ ﺑﺳﯾطﺔ :ﻣن ﯾرى ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرى؟ ﻣن ﯾﺳﻣﻊ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﻣﻊ؟
ﯾﻣر ﺑﻛل ﺗﻠك اﻟﺗﺟﺎرب؟ ﻣن ﯾراﻗب اﻷﺣﻼم؟ ﻣن ﯾﻧظر إﻟﻰ اﻟﺻورة اﻟﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻣرآة؟ ﻣن ھو اﻟذي ّ
إن ﺣﺎوﻟت أن ﺗﻌطﻲ إﺟﺎﺑﺎت ﺑ َدھﯾّﺔ وﺻﺎدﻗﺔ ﻓﺳﺗﻘول ﺑﺑﺳﺎطﺔ " :أﻧﺎ .أﻧﺎ اﻟذي ﯾﺧﺗﺑر ﻛل ﺗﻠك
اﻷﻣور "،وھذه ﺗﻘرﯾﺑًﺎ ھﻲ أﻓﺿل إﺟﺎﺑﺔ ﻟدﯾك.
ﺳﮭل ﺟدا أن ﺗرى أﻧك أﻧت ﻟﺳت ﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﯾﻧك ﻋﻠﯾﮭﺎ .إﻧﮭﺎ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻣن اﻟ ّ
اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻟﻣﻌروﻓﺔ ﺑﯾن اﻟﻔﺎﻋل واﻟﻣﻔﻌول ﺑﮫ .ﻓﺄﻧت ،اﻟﻔﺎﻋل ،اﻟذي ﯾﻧظر إﻟﻰ اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﺣوﻟﮫ،
وﻟﯾس ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺑﺣث ﻋن ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻛون وﻧﻘول ﺑﺄن ھذا اﻟﺷﻲء اﻟذي ﻧﻧظر إﻟﯾﮫ
ھو ﻟﯾس ﻧﺣن .ﻟﻛن ﻓﻲ اﺳﺗطﺎﻋﺗﻧﺎ ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻣﺗﻧﺎھﯾﺔ أن ﻧﻌ ّﻣم وﻧﻘول أﻧّﮫ إذا ﻛﻧت أﻧت ﻣن ﯾﻧظر إﻟﻰ
ﺷﻲء ﻣﺎ ،ﻓﺈن ھذا اﻟذي ﺗﻧظر إﻟﯾﮫ ھو ﻟﯾس أﻧت .وﺑذﻟك ،ﻋﻠﻰ اﻟﻔور وﺑﺿرﺑ ٍﺔ واﺣدة ،ﺗ َ ِﻌﻲ ﻣﺎ ھو
ﻟﯾس أﻧت ،ﻓﺄﻧت ﻟﺳت اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ .أﻧت ذاك اﻟذي ﻓﻲ اﻟداﺧل وأﻧت اﻟذي ﯾﻧظر إﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ
اﻟﺧﺎرج.
ﺗﺑدو اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﺳﯾطﺔ .ﻟﻘد ﻗﻣﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻗل اﻵن ﺑﻣﺣو اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣوﺟودة ﺑﻼ ﺣدود ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج .ﻟﻛن
ﻣن أﻧت؟ وأﯾن ﻣوﻗﻌك طﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﻟﺳت ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﻣﻊ ﻛل ﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء .ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﻧﺗﺑﮫ وﺗدرك
ﺗﻣر ﺑﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ ﺣﺗﻰ ﻟو اﺧﺗﻔت ﻛل اﻷﺷﯾﺎء أﻧك ﻣﺎ ﺗزال ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن ﻧﻔﺳﮫ ،وﻣﺎ ﺗزال ّ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣن ﺣوﻟك .ﺗﺧﯾّل ﺣﺟم اﻟﺧوف اﻟذي رﺑﻣﺎ ﯾﻌﺗرﯾك ﺣﯾن ﺗﻐﻣض ﻋﯾﻧﯾك وﺗﻔ ّﻛر ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﺎ.
ﻣرة ﺿﺎ ﺑﺎﻹﺣﺑﺎط أو ﺣﺗﻰ ﺑﺎﻟﻐﺿب .ﻟﻛن ﻣن ھو اﻟذي ﯾﺧﺗﺑر ﻛل ﺗﻠك اﻟﻣﺷﺎﻋر؟ ّ رﺑﻣﺎ ﺳﺗﺷﻌر أﯾ ً
أﺧرى ﺳﺗﻘول "أﻧﺎ!" وﺗﻠك ھﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ .إﻧﮭﺎ اﻟـ "أﻧﺎ" ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺗﺑر وﺗﻌﯾش اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن،
اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج واﻷﺣﺎﺳﯾس ﻓﻲ اﻟداﺧل.
وﻹﻣﻌﺎن اﻟﻧظر ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑوﺿوح ،ﺗﺧﯾّل أﻧك ﺗﺟﻠس ﻣراﻗﺑﺎ ﻛﻠﺑًﺎ ﯾﻠﻌب ﻓﻲ اﻟﮭواء اﻟطﻠﻖ .وﻓﺟﺄة
ﺗﺳﺗﻣر ﻓﻲ ﻣﺷﺎھدةّ ﺳﻣﻌت ﺿﺟﯾ ًﺟﺎ ﺧﻠﻔك ﻣﺑﺎﺷرة ،إﻧّﮫ ﻓﺣﯾﺢ أﻓﻌﻰ ﻣﺟﻠﺟﻠﺔ! ﻋﻧدھﺎ ،ھل ﯾﻣﻛﻧك أن
اﻟﻛﻠب اﻟذي ﯾﻠﻌب ﺑﻣﺳﺗوى اﻟﺗرﻛﯾز اﻟﺳﺎﺑﻖ ﻧﻔﺳﮫ؟ ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻻ .ﺳﯾﻧﺗﺎﺑك ﻓﻲ اﻟداﺧل ﺷﻌور ﺑﺎﻟﺧوف
اﻟﻌﺎرم .ورﻏم اﺳﺗﻣرار اﻟﻛﻠب ﺑﺎﻟﻠﻌب أﻣﺎﻣك ،ﻓﺈﻧّك ﺳﺗﻛون ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺧوف اﻟﺟدﯾدة اﻟﺗﻲ
أﻟ ّﻣت ﺑك .ﻛل ﻣﺎ ﺗﺑذﻟﮫ ﻣن اھﺗﻣﺎم ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗم اﻣﺗﺻﺎﺻﮫ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺳرﻋﺔ ﺑواﺳطﺔ ﻣﺷﺎﻋرك.
ﻟﻛن ﻣن ھو اﻟذي ﺷﻌر ﺑﺎﻟﺧوف؟ أﻟﺳت أﻧت ﻧﻔﺳك اﻟذي ﻛﻧت ﺗراﻗب اﻟﻛﻠب؟ ﻣن ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟﺣب ﻋﻧدﻣﺎ
ﺗﺷﻌر أﻧت ﺑﺎﻟﺣب؟ أﻻ ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﻐرق ﻓﻲ اﻟﺣب ﺑﺣﯾث ﯾﺻﻌب ﻣﻌﮫ ﺣﺗﻰ إﺑﻘﺎء ﻋﯾﻧﯾك ﻣﻔﺗوﺣﺗﯾن؟
ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك أن ﺗﻛون ﻏﺎرﻗﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ ﻣﺷﺎﻋر داﺧﻠﯾﺔ ﺟﻣﯾﻠﺔ ،أو ﺧﺎﺋﻔﺎ ﻣن ﻣﺷﺎﻋر داﺧﻠﯾﺔ ﻣﺧﯾﻔﺔ،
ﻟدرﺟﺔ أﻧﮫ ﯾﺻﻌب ﻋﻠﯾك اﻟﺗرﻛﯾز ﻓﻲ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﺣوﻟك .اﻟﺧﻼﺻﺔ ،ھﻲ أن
اﻷﺷﯾﺎء ﺳواء ﻛﺎﻧت داﺧﻠﯾﺔ أو ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﺗﻧﺎﻓس ﻋﻠﻰ ﺟذب اھﺗﻣﺎﻣك إﻟﯾﮭﺎ .أﻧت ھﻧﺎك ﺗواﺟﮫ
اﻟﺗﺟرﺑﺗﯾن ﻣﻌﺎ ،اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻟﻛن ﻣن ھو أﻧت؟
ﺗﻣر ﻋﻠﯾك أوﻗﺎت ﻻ ﺗﺷﻌر وﻻﻛﺗﺷﺎف ذﻟك ﺑﺷﻛل أﻋﻣﻖ ،ﺣﺎ ِول أن ﺗﺟﯾب ﻋﻠﻰ ﺳؤال آﺧر :أﻻ ّ
ي ﻣﺷﺎﻋر ﻋﺎطﻔﯾﺔ ،ﺑل اﻟﻌﻛس ،ﺗﺷﻌر ﺑﮭدوء ﺗﺎم ﻓﻲ اﻟداﺧل؟ أﻧت ﻣﺎ زﻟت ﻓﻲ اﻟداﺧل ،ﻟﻛن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺑﺄ ّ
ّ
ﻲ .ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺳﺗﺑدأ ﺑﺈدراك أن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ وﺗدﻓﻖ اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟداﺧﻠﯾّﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﺗﻧﻌم ﻓﻘط ﺑﮭدوء ِﺳﻠﻣ ّ
وﺗذھب ﺑﺎﺳﺗﻣرار ،وأﻧّك أﻧت اﻟﺛّﺎﺑت اﻟذي ﯾﺧﺗﺑر ﻛل ﺗﻠك اﻷﻣور وﯾﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ دراﯾﺔ ﺑﻛل ﻣﺎ ّ
ﯾﻣر ﺑﮫ.
ﻟﻛن أﯾن أﻧت؟ رﺑﻣﺎ ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻌﺛور ﻋﻠﯾك داﺧل أﻓﻛﺎرك .رﯾﻧﯾﮫ دﯾﻛﺎرت ،اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻌظﯾم ،ﻗﺎل
ﯾﻌرف اﻟﻔﻌ َل
إن ﻗﺎﻣوس اﻟﻠﻐﺔ ّ ﯾو ًﻣﺎ" ،أﻧﺎ أﻓ ّﻛر ،إذن أﻧﺎ ﻣوﺟود ".ھل ھذا ھو ﻣﺎ ﯾﺣدث ﺑﺎﻟﻔﻌل؟ ّ
"ﯾﻔ ّﻛر" ﺑﺄﻧﮫ :ﺗﺷﻛﯾل اﻷﻓﻛﺎر ،واﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻘل ﻟﻠﻧّظر ﻓﻲ ﺗﻠك اﻷﻓﻛﺎر وإطﻼق اﻷﺣﻛﺎم ﻋﻠﯾﮭﺎ
)ﻣﺎﯾﻛروﺳوﻓت أﻧﻛﺎرﺗﺎ (.2007واﻟﺳؤال ھو ،ﻣن ھو ھذا اﻟذي ﯾﺳﺗﺧدم اﻟﻌﻘل ﻟﺗﺷﻛﯾل اﻷﻓﻛﺎر ﺛ ّم
ﻟﯾﺣوﻟﮭﺎ إﻟﻰ ﺧواطر وأﺣﻛﺎم؟ ھل ھذا اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﺗﻠك اﻟﺗﺟﺎرب ﻣﻊ ﺗﻠك اﻟﺧواطر ّ ﯾﺗﻼﻋب ﺑﮭﺎ
درك ﻣﺟﺑرا ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ذﻟك .ﻓﺄﻧت ُﻣ ِ ً ّ
ﻣوﺟود ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻏﯾﺎب اﻷﻓﻛﺎر؟ ﻟﺣﺳن اﻟﺣظ أﻧّك ﻟﺳت
ﺗﻣﺎ ًﻣﺎ ﻟﺣﺿور ﻛﯾﺎﻧك ،وﺷﻌورك ﺑﺎﻟوﺟود ،دوﻧﻣﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻣن اﻷﻓﻛﺎر .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻐرق ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
ﻣﺛﻼ ،ﻓﺈن اﻷﻓﻛﺎر ﺗﺗوﻗّف .وأﻧت ﺗﻌرف أﻧّﮭﺎ ﺗوﻗّﻔَت .أﻧت ﻻ ﺗﻔ ّﻛر ﺑﮭﺎ ،ﻟﻛﻧّك ﺗُدرك
ﻣن اﻟﺗﺄ ّﻣلً ،
ﺑﺑﺳﺎطﺔ أﻧﮫ "ﻟﯾس ھﻧﺎك ِﻣن أﻓﻛﺎر" .ﺳﺗﻌود ﻟﺗﻘول" ،راﺋﻊ ،ﻟﻘد ﻏرﻗت ﻓﻲ ﺗﺄﻣل ﻋﻣﯾﻖ ،وﻷول ﻣرة
ﻛﻧت
َ ﺳﻼم واﻟﺗﻧﺎﻏم واﻟﮭدوء ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل" .ﻓﻠو
ﺗوﻗﻔت ﻋﻧﻲ اﻷﻓﻛﺎر ﺑﺎﻟﻣطﻠﻖ .ﻛﻧت ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﯾﻌ ّﻣﮫ اﻟ ّ
ﺗﻣر ﺑﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺳﻼم اﻟﺗﻲ ﺣدﺛَت ﻋﻧدﻣﺎ ﺗوﻗّﻔت أﻓﻛﺎرك ﻋن اﻟﺗدﻓّﻖ ،ﻓﮭذا ﯾﻌﻧﻲ ﺑوﺿوح أن ھﻧﺎك ّ
وﺟودك ﻻ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻓﻌل اﻟﺗﻔﻛﯾر.
ﺿﺎ أن ﺗُﺻﺑﺢ ُﻣﻔﻌﻣﺔ ﺑﺎﻟﺿﺟﯾﺞ .ﻓﻔﻲ ﺑﻌض اﻷوﻗﺎت ﺗﻧﺗﺎﺑك اﻷﻓﻛﺎر ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭﺎ أن ﺗﺗوﻗّف ،وﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭﺎ أﯾ ً
أﻓﻛﺎر أﻛﺛر ﻣن أوﻗﺎت أﺧرى .رﺑﻣﺎ ﺗﻘول ﻟﻠﺑﻌض أﺣﯾﺎﻧًﺎ" ،إن ﻋﻘﻠﻲ ﯾﻘودﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺟﻧون! ﻓﻣﻧذ ّ
ﺗﻔوه
ﻋﻘﻠﻲ ﺑﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء وأﻧﺎ ﻻ أﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻧوم .ﻋﻘﻠﻲ ﻻ ﯾﺻﻣت اﻟﺑﺗّﺔ ".ﻋﻘل ﻣن؟ ﻣن اﻟذي ﯾرﺻد ﺗﻠك
در ًﻛﺎ ﻟوﺟودھﺎ؟ أﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻲأﻟﺳت ُﻣ ِ
َ اﻷﻓﻛﺎر؟ أﻟﯾس أﻧت؟ أﻻ ﺗﺳﻣﻊ ﺻدى أﻓﻛﺎرك ﻓﻲ اﻟداﺧل؟
اﻟواﻗﻊ أن ﺗﺗﺧﻠّص ﻣﻧﮭﺎ؟ ﻓﻔﻲ ﺣﺎل اﻧﺗﺎﺑﺗك ﻓﻛرة ﻻ ﺗﺣﺑّﮭﺎ ،أﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗرﺳﻠﮭﺎ ﺑﻌﯾدًا؟ إن اﻟﻧﺎس
ﯾﺗﺻﺎرﻋون ﻣﻊ اﻷﻓﻛﺎر طوال اﻟوﻗت .ﻣن ھو ذﻟك اﻟذي ﯾدرك ﺗﻠك اﻷﻓﻛﺎر؟ وﻣن ھو اﻟذي ﯾﺗﺻﺎرع
وﻣرة أﺧرى ،ھﺎ ھﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻔﺎﻋل ﺑﺎﻟﻣﻔﻌول ﺑﮫ ﺗوﺟد ﺑﯾﻧك وﺑﯾن أﻓﻛﺎرك .أﻧت اﻟﻔﺎﻋل، ّ ﻣﻌﮭﺎ؟
واﻷﻓﻛﺎر ھﻲ ﻓﻘط ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺷﻲء آﺧر ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻌﻲ وﺟوده .أﻧت ﻟﺳت أﻓﻛﺎرك .أﻧت ﺑﺑﺳﺎطﺔ
ُﻣ ْد ِر ٌك ﻷﻓﻛﺎرك .وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﻗد ﺗﻘول:
"ﺣﺳﻧﺎ ،أﻧﺎ ﻟﺳت أي ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ وأﻧﺎ ﻟﺳت اﻟﻣﺷﺎﻋر واﻷﺣﺎﺳﯾس .ھذه اﻷﺷﯾﺎء اﻟداﺧﻠﯾﺔ
واﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﺄﺗﻲ وﺗذھب وأﻧﺎ اﻟذي ﯾﺧﺗﺑرھﺎ .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ،ﻓﺄﻧﺎ أﯾﺿﺎ ﻟﺳت اﻷﻓﻛﺎر .اﻷﻓﻛﺎر
ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭﺎ أن ﺗﻛون ھﺎدﺋﺔ أو ﻣزﻋﺟﺔ ،ﻓرﺣﺔ أو ﺣزﯾﻧﺔ .اﻷﻓﻛﺎر ھﻲ ﻓﻘط ﺷﻲء آﺧر أﻧﺎ ﻣدرك
ﻟوﺟوده .ﻟﻛن ،ﻣن أﻧﺎ؟"
أﻣرا ﺻﻌﺑًﺎ" ،ﻣن أﻧﺎ؟ ﻣن ھو ھذا اﻟذي ﯾﺧﺗﺑر ﻛل ﺗﻠك اﻟﺗﺟﺎرب ﻟﻘد أﺻﺑﺢ ھذا اﻟﺳؤال اﻵن ً
ّ
اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾّﺔ واﻟﻌﺎطﻔﯾّﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾّﺔ؟" ﻟذﻟك ﻓﻛر ﻓﻲ ھذا اﻟﺳؤال ﺑﺷﻛل أﻋﻣﻖ .وﯾﻣﻛﻧك ﻋﻣل ذﻟك ﺑﺗرك ﻛل
ﺗﻠك اﻟﺗﺟﺎرب ﺗذھب ﻓﻲ ﺣﺎل ﺳﺑﯾﻠﮭﺎ ،ﺛ ّم ﻻﺣظ ﻣﺎ ﺗﺑﻘّﻰ ﻣﻧﮭﺎ .ﺳﺗﺑدأ ﺑرؤﯾﺔ ﻣن ھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟذي
اﻟﻣﺟرب ﻟﻛ ّل
ّ ﯾﺧﺗﺑر ﺗﻠك اﻟﺗﺟﺎرب .وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺳﺗﺻل إﻟﻰ ﻧﻘطﺔ ﻓﻲ داﺧﻠك ﺗﻛﺗﺷف ﻣﻌﮭﺎ أﻧك أﻧت
ﺗﻠك اﻟﺗﺟﺎرب ،ﺑطرﯾﻘﺔ ﻓرﯾدة ﻣن ﻧوﻋﮭﺎ .ھذه اﻟطرﯾﻘﺔ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻘودك إﻟﻰ اﻟوﻋﻲ ﺑذاﺗك اﻟﺟوھرﯾّﺔ،
ھﻲ اﻹدراك ،ھﻲ اﻟﺷﻌور اﻟﺑدﯾﮭﻲ ﺑﺎﻟوﺟود .أﻧت ﺗﻌﻠم أﻧك ﻣوﺟود ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟوﻋﻲ اﻟذي ﯾراﻗِب.
ﻟﯾس ﻋﻠﯾك إﻣﻌﺎن اﻟﺗﻔﻛﯾر ﺑذﻟك ،أﻧت ﻓﻘط ﺗﻌﻠَﻣﮫ .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻔﻛر ﻓﯾﮫ ﻟو رﻏﺑت ،ﻟﻛﻧك ﺳﺗﻌﻠم أﻧك
ﺗﻔﻛر ﻓﯾﮫ .أﻧت ﻣوﺟود ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن وﺟود اﻷﻓﻛﺎر أو ﻋدﻣﮭﺎ.
ﻻﺧﺗﺑﺎر ھذا ﺑطرﯾﻘﺔ أﻛﺛر ﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ،دﻋوﻧﺎ ﻧﺧوض ﺗﺟرﺑﺔ ﻋن اﻟوﻋﻲ .ﻻﺣظ أﻧّك ﺑﻠﻣﺣﺔ ﺧﺎطﻔﺔ
ﻣﻧك ﻓﻲ اﻟﻐرﻓﺔ ،أو ﺧﺎرج اﻟﻧﺎﻓذة ،ﺳﺗرى ﻋﻠﻰ اﻟﻔور ﺗﻔﺎﺻﯾل ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ أﻣﺎﻣك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .وأﻧّك
دون أن ﺗﺑذل أي ﻣﺟﮭود ﺗرى ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺷﯾﺎء اﻟواﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻧظرك ،اﻟﻘرﯾب ﻣﻧﮭﺎ واﻟﺑﻌﯾد ﻋﻠﻰ ﺣ ّد
ﺳواء .وأﻧك دون ﺗﺣرﯾك رأﺳك أو ﺗﺣرﯾك ﻋﯾﻧﯾك ،ﺗﺳﺗﻘﺑل ﻋﻠﻰ اﻟﻔور ﻛل ﺗﻔﺎﺻﯾل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﻌﻘّدة
ﻲ، اﻟﺗﻲ ﺗراھﺎ أﻣﺎﻣك .اﻧظر إﻟﻰ ﻛل اﻷﻟوان ،وﻛل اﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﺿوء ،وﻛل أﻧواع اﻷﺛﺎث اﻟﺧﺷﺑ ّ
وھﻧدﺳﺔ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ،واﺧﺗﻼف اﻟﻠﺣﺎء واﻷوراق ﻓﻲ اﻷﺷﺟﺎر .ﻻﺣظ أﻧك ﺗرى ﻛل ھذا ﻋﻠﻰ اﻟﻔور،
ودوﻧﻣﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر ﻓﯾﮫ .ﻻ ﺿرورة ھﻧﺎ إﻟﻰ أﯾﺔ أﻓﻛﺎر ،أﻧت ﻓﻘط ﺗﺷﺎھد ﻣﺎ أﻣﺎﻣك .اﻵن ﺣﺎول أن
ﺗﺳﺗﺧدم اﻷﻓﻛﺎر ﻓﻲ ﺗﻔﺻﯾل ھذه اﻷﺷﯾﺎء وﺗﺳﻣﯾﺗﮭﺎ وإﻋطﺎء أوﺻﺎف ﻟﻛل ﺗﻠك اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل اﻟﻣﻌﻘّدة
ﻲ ﻣن أﺟل وﺻف ﻛل ﺗﻠك ﻟﻸﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗراھﺎ .ﺗُرى ،ﻛم ﻣن اﻟوﻗت ﺳﯾﺳﺗﻐرﻗﮫ ﺻوﺗك اﻟﻌﻘﻠ ّ
اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل ﻟك ،ﻣﻘﺎﺑل ھذه اﻟﻠﻘطﺔ اﻟﻔورﯾّﺔ ﻣن اﻟوﻋﻲ ﺑﮭذا اﻟﻣﻧظر ﻓﻘط؟ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧظر إﻟﻰ ﺷﻲء دون
أن ﺗﺿﻔﻲ ﻋﻠﯾﮫ أﯾﺔ أﻓﻛﺎر ،ﻓﺈن وﻋﯾك ﯾدرك ذﻟك ﺑﻼ ﺟﮭد ،وﯾﺳﺗوﻋب ﻛل ﻣﺎ ﯾراه.
اﻟوﻋﻲ ھﻲ اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻷﺳﻣﻰ اﻟﺗﻲ ﺗﻧطﻖ ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣﺎ ھو أﺳﻣﻰ أو أﻋﻣﻖ ﻣن
اﻟوﻋﻲ .اﻟوﻋﻲ ھو إدراك ﻣﺣض .ﻟﻛن ﻣﺎ ھو اﻹدراك؟ دﻋوﻧﺎ ﻧﺧوض ﺗﺟرﺑﺔ أﺧرى .ﻟﻧﻘل إﻧّك
ﺣﺎﺿرا داﺧل ﻏرﻓﺔ وﺗﻧظر إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻧﺎس ،وﺛ ّﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘُرب آﻟﺔ ﺑﯾﺎﻧو .اﻵن دﻋوﻧﺎ ﻧﻌﺗﻘد
ً ﻛﻧت
أن اﻟﺑﯾﺎﻧو اﺧﺗﻔﻰ ﻣن اﻟوﺟود .ھل ﯾﺳﺑب ﻟك اﺧﺗﻔﺎؤه أﯾﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ؟ ﺳﺗﻘول" ،ﻻ ،ﻻ أﻋﺗﻘد .أﻧﺎ ﻻ ﺻﻠﺔ
ﻟﻲ ﺑﺂﻻت اﻟﺑﯾﺎﻧو ".ﺣﺳﻧًﺎ إذن ،دﻋوﻧﺎ ﻧﻌﺗﻘد اﻵن أن اﻟﻧﺎس اﻟﻣوﺟودﯾن ﻓﻲ اﻟﻐرﻓﺔ ﻗد اﺧﺗﻔوا ﻣن
اﻟوﺟود .ھل وﺿ ٌﻊ ﻛﮭذا ﻣﺎ زال ﻻ ﯾﺳﺑّب ﻟك أﯾﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ؟ ھل ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك ﺗوﻟّﻲ اﻷﻣر؟ ﺳﺗﻘول،
"ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ،أﻧﺎ أﺣب أن أﻛون وﺣﯾدا ".اﻵن دﻋوﻧﺎ ﻧﻌﺗﻘد أن إدراﻛك ﻏﯾر ﻣوﺟود .ﻗم ﻓﻘط ﺑﺈﯾﻘﺎﻓﮫ.
ﻛﯾف ھو اﻟﺣﺎل اﻵن؟
ﻛﯾف ﺳﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ اﻟوﺿﻊ ﻟو أن إدراﻛك ﻏﯾر ﻣوﺟود؟ إﻧﮫ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻷﻣر ﺑﺳﯾط ،أﻧت ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻟن
ﺗﻛون ھﻧﺎك .ﻟن ﯾﻛون ھﻧﺎك إﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟـ "أﻧﺎ" .ﻟن ﯾﻛون ھﻧﺎك أﺣد ﻣﺎ ﯾﻘول" ،ﻋﺟﺑًﺎ! ﻟﻘد اﻋﺗدتُ أن
أﻛون ھﻧﺎ ﻟﻛﻧﻧﻲ اﻵن ﻟﺳتُ ھﻧﺎ ".ﻟن ﯾﻛون ھﻧﺎك إدراك ﺑﺎﻟوﺟود .وﺑﻌدم وﺟود اﻹدراك ﺑﺎﻟوﺟود أو
اﻟوﻋﻲ ﺑﮫ ،ﻓﻠﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺷﻲء أﺻﻼ .ھل ﺗوﺟد ھﻧﺎك أﺷﯾﺎء ،ﻣن ﯾﻌرف؟ إن ﻟم ﯾﻛن ھﻧﺎك ﻣن
أﺣد ﻣدركٍ ﻟوﺟود ھذه اﻷﺷﯾﺎء ،ﻓوﺟودھﺎ وﻋدﻣﮫ ﯾﺻﯾران ﺑﻼ ﻣﻌﻧﻰ .ﻻ ﺗوﺟد أھﻣﯾﺔ ﻟﻛﻣﯾّﺔ اﻷﺷﯾﺎء
اﻟﻣوﺟودة أﻣﺎﻣك ،ﻓﻔﻲ ﺣﺎل أﻧك أوﻗﻔت اﻟوﻋﻲ ﺑﮭﺎ ،ﻓﻼ ﯾوﺟد ھﻧﺎك ﺷﻲء .وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك،
در ًﻛﺎ ﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أﻧﮫ ﻻ ﺷﻲء ﻓﺄﻧت ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻋﻲ وﻟم ﯾﻛن ھﻧﺎك ﺷﻲء أﻣﺎﻣك ،ﺳﺗﻛون ُﻣ ِ
أﻣﺎﻣك .إن اﻷﻣر ﻟﯾس ﻣﻌﻘّدًا اﻟﺑﺗّﺔ ،ﺑل ھو ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻧوﯾرﯾّﺔ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ وﻋﻠﻰ ﻋﻛس ﻣﺎ ظﻧﻧت .واﻵن ﻟو
ﺳﺄﻟﺗك" ،ﻣن أﻧت؟" ﺳﺗﺟﯾب:
"أﻧﺎ ذاك اﻟذي ﯾرى ﻣن ﻣﻛﺎن ﻣﺎ ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟﺧﻠف ،أﻧﺎ أﻧظر إﻟﻰ اﻟﺧﺎرج ،وأﻧﺎ أﻋﻲ اﻷﺣداث
ﺗﻣر أﻣﺎﻣﻲ".
واﻷﻓﻛﺎر واﻷﺣﺎﺳﯾس اﻟﺗﻲ ّ
وﻟو ذھﺑت ﻋﻣﯾﻘﺎ ﺟدا ﻓﻲ اﻟداﺧل ،ﻓﮭﻧﺎك ﺗﻌﯾش أﻧت .أﻧت ﺗﻌﯾش ﻓﻲ ﻣوطن اﻟوﻋﻲ .اﻟوﺟود اﻟروﺣﻲ
اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﯾﻌﯾش ھﻧﺎك ،ﺑﻼ ﻣﺟﮭود ﺗﺑذﻟﮫ وﺑﻼ ﻧﯾّﺔ أو ھدف .ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺣﺎل ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧظر إﻟﻰ
اﻟﺧﺎرج وﺗرى ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗراھﺎ ،وﺳوف ﺗﺟﻠس ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف ﺑﻌﯾدا ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟداﺧل
ﻟﺗﺷﺎھد ﻛل أﻓﻛﺎرك وأﺣﺎﺳﯾﺳك ﻛﻣﺎ ﺗﺷﺎھد اﻟﺷﻛل اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻟﻸﺷﯾﺎء .وﻛل ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﺗوﺟد أﻣﺎﻣك.
اﻷﻓﻛﺎر ھﻲ اﻷﻗرب إﻟﯾك ،ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻌدھﺎ اﻷﺣﺎﺳﯾس ،واﻟﺷﻛل أﯾﺿﺎ ،ﻓﮭو ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟﺑﻌﯾد .وأﻧت ھﻧﺎك
ﻣوﺟود وراء ﻛل ﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء واﻻﻓﻛﺎر .وﻋﻧدﻣﺎ ﺗذھب ﻋﻣﯾﻘﺎ ﺟدا ،ﺳﺗدرك ﻋﻧدھﺎ أن ذﻟك ھو
ﻣرت ﻣن أﻣﺎﻣك اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﻛﻧت ﻣوﺟودا ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟدوام .وﻓﻲ ﻛل ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل ﺣﯾﺎﺗكّ ،
ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر واﻷﺷﯾﺎء ،ﻟﻛﻧّك ﻛﻧت دوﻣﺎ اﻟﻣﺗﻠﻘّﻲ اﻟواﻋﻲ ﻟﻛل ﻣﺎ ﻛﺎن.
أﻧت اﻵن ﻓﻲ ﻣرﻛز وﻋﯾك .أﻧت ﺧﻠف ﻛل ﺷﻲء ،ﻓﻘط ﺗراﻗب .ھذا ھو ﺑﯾﺗك اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ .أ ْﺑ ِﻌد ﻛل
اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗرى أﻧﮭﺎ ﻣﻠﺗﺻﻘﺔ ﺑك أو أﻧّك ﻣﻠﺗﺻﻖ ﺑﮭﺎ .ﻟﻛن ﻟو أﺑﻌدت ﻣرﻛز وﻋﯾك ،ﻓﻠن
ﯾﻛون ھﻧﺎك ﺷﻲء .ذﻟك اﻟﻣرﻛز ھو ﻣوطن اﻟروح .وﻣن ذﻟك اﻟﻣوطن ،أﻧت ﺗدرك أن ھﻧﺎك أﻓﻛﺎر،
ﺳك ،ﻟﻛﻧك اﻵن ﺗدرك أﻧّك ﺗدرك ذﻟك .وھذا ھو ﻣوطن اﻟذات وﻣﺷﺎﻋر ،وﻋﺎﻟم ﻛﺎﻣل ﯾﺄﺗﯾك ﻋﺑر ﺣوا ّ
اﻟﺳر اﻟﻌظﯾم ﯾﺑدأ ﺑﻣﺟرد اﺗﺧﺎذ ﻣﻘﻌدك ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣوطن اﻟﻌﻣﯾﻖ ّ ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺎت واﻟدﯾﺎﻧﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .إن
ﻓﻲ اﻟداﺧل.
اﻟﻔﺻل اﻟراﺑﻊ :اﻟﻧّﻔس اﻟﺻﺎﻓﯾﺔ
ﺛ ّﻣﺔ ﻧوع ﻣن اﻷﺣﻼم ،ﺗﺳ ّﻣﻰ اﻷﺣﻼم اﻟﺻﺎﻓﯾﺔ .وھﻲ ﺗﻠك اﻷﺣﻼم اﻟﺗﻲ ﺗﻌرف وأﻧت ﺗﺣﻠﻣﮭﺎ أﻧّك ﺗﺣﻠم
ظر! أﻧﺎ أﺣﻠم أﻧّﻲ ﺑﮭﺎ .ﻓﻠو ﻛﻧت ﺗطﯾر ﻓﻲ اﻟﺣﻠم ﻓﺄﻧت ﺗﻌرف أﻧك ﺗطﯾر ﻓﻲ اﻟﺣﻠم .ﺗﺗﺄ ّﻣل وﺗﻘول" ،اﻧ ُ
درك ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ أﻧّك ﺗﻌرف أﻧك ﺗطﯾر ﻓﻲ اﻟﺣﻠم أطﯾر .ﺳوف أطﯾر إﻟﻰ ھﻧﺎك ".أﻧت ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ُﻣ ِ
وأﻧك أﻧت ﻣن ﯾﺣﻠم ذﻟك اﻟﺣﻠم .وھذا ﯾﺧﺗﻠف ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋن اﻷﺣﻼم اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻐرق ﻓﯾﮭﺎ ﻛﻠﯾﺎ .وھذا
ھو اﻟﻔرق ﺑﺎﻟﺿﺑط ﺑﯾن ﻛوﻧك واﻋﯾﺎ ﺑﺄﻧك واع ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك اﻟﯾوﻣﯾّﺔ ،وﺑﯾن ﻛوﻧك ﻏﯾر واع ﺑﺄﻧك واﻋﯾﺎ
ﻓﯾﮭﺎ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون وﺟودًا واﻋﯾًﺎ ،ﻓﻠن ﺗﻛون ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺗﺟري ﻣن ﺣوﻟك .ﺑل ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﻛس ،ﺳﺗﺑﻘﻰ واﻋﯾﺎ داﺧﻠﯾﺎ ﺑﺄﻧك أﻧت ھو ذﻟك اﻟﺷﺧص اﻟذي ﯾﻣر ﺑﺗﺟرﺑﺔ اﻷﺣداث واﻷﻓﻛﺎر
واﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﮭﺔ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗوﻟد ﻓﻛرة ﻣﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺳﺗوى ﻣن اﻟوﻋﻲ ،ﻓﺑدﻻ ﻣن اﻟﺿﯾﺎع ﻓﻲ
اﻟﻔﻛرة ،ﺗظ ّل واﻋﯾﺎ ﺑﺣﻘﯾﻘﺔ أﻧك أﻧت ﻣن ﯾﻘوم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر ھذه .أﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﺿوح اﻵن.
وھذا ﯾﺛﯾر ﺑﻌض اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺟدﯾرة ﺣﻘﺎ ﺑﺎﻻﻧﺗﺑﺎه .إذا ﻛﻧت أﻧت ھو اﻟﻛﺎﺋن اﻟﻣوﺟود اﻟذي ﯾﻣر ﺑﻛل ﺗﻠك
اﻟﺗﺟﺎرب ،ﻓﻠﻣﺎذا ﺗوﺟد ھﻧﺎك ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻟﻔﮭم؟ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون أﻧت ﻓﻲ ﻣﻛﺎن اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻟذّات،
ﻓﺄﻧت ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ واﺿﺢ .ﻟﻛن أﯾن ﺗﻛون أﻧت ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ﻣﺗّﺧذًا ﻣﻛﺎﻧًﺎ ﻋﻣﯾﻘًﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ داﺧل
اﻟذات ﻟﺗﻛون اﻟﺧﺑﯾر اﻟواﻋﻲ ﺑﻛل ﻣﺎ ﯾﻣر ﻋﻠﯾك ﻣن ﺗﺟﺎرب؟
ﻟﻧﺑدأ ﺑﺣﻘﯾﻘﺔ أن اﻟوﻋﻲ ﻟدﯾﮫ اﻟﻣﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣﻠﯾّﺔ ﻣﺎ ﯾُﺳ ّﻣﻰ ﺑﺎﻟـ "اﻟﺗرﻛﯾز" .واﻟﺗرﻛﯾز ھو ﺟزء ﻻ
ﯾﺗﺟزأ ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻟوﻋﻲ .وﺟوھر اﻟوﻋﻲ ھو اﻹدراك ،واﻹدراك ﻟدﯾﮫ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ أن ﯾﺻﺑﺢ أﻛﺛر
إن اﻟوﻋﻲ ﻟدﯾﮫ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ أن ﯾر ّﻛز ﻓﻲ وﺑﺗﻌﺑﯾر آﺧرّ ،
ٍ إدراﻛﺎ ﺑﺷﻲء ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب ﺷﻲء آﺧر.
أﺷﯾﺎء ﻣﻌﯾﻧﺔ .ﯾﻘول اﻷﺳﺎﺗذة" ،ر ّﻛزوا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻘول ".ﻓﻣﺎ اﻟذي ﯾﻌﻧﯾﮫ ذﻟك؟ إﻧّﮫ ﯾﻌﻧﻲ :رﻛز وﻋﯾك
ّ
أﻣر واﺣد .اﻷﺳﺎﺗذة ﯾﻔﺗرﺿون أﻧك ﺗﻌرف ﻛﯾف ﺗﻘوم ﺑﺗﻠك اﻟﻌﻣﻠﯾّﺔ .ﻓﻣن اﻟذي ﻋﻠّﻣك ﻛﯾف ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ٍ
أﻣر ﻣﺎ ﻣن أﺟل اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻧﻘط ٍﺔ ﻣﺎ؟ ي ﻣﺎدة ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻟﻘّﻧَﺗك طرﯾﻘﺔ ﺗوﺟﯾﮫ وﻋﯾك إﻟﻰ ٍ ﺑذﻟك؟ أ ّ
ﻟم ﯾﻠﻘّﻧك أﺣد ﺷﯾﺋﺎ .ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾّﺔ ﻓطرﯾّﺔ وطﺑﯾﻌﯾّﺔ ﻓﯾك .أﻧت ﺗﻌرف ﻛﯾف ﺗﻘوم ﺑﮭﺎ داﺋ ًﻣﺎ وأﺑدًا.
ً
ﻣررت ﺑﻣراﺣل َ إذن ﻓﺟﻣﯾﻌﻧﺎ ﯾﻌرف أن اﻟوﻋﻲ ﻣوﺟود ،ﻟﻛﻧّﻧﺎ ﻻ ﻧﺗﺣدث ﻋﻧﮫ ﻋﺎدة .وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ
ّ
اﻟﺣظ ،ﻓﻘد اﻟدراﺳﺔ اﻻﺑﺗداﺋﯾﺔ واﻟﺛﺎﻧوﯾﺔ واﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ دون أن ﯾﻧﺎﻗﺷك أﺣد ﺣول طﺑﯾﻌﺔ اﻟوﻋﻲ .وﻟﺣﺳن
ﺗ ّﻣت دراﺳﺔ طﺑﯾﻌﺔ اﻟوﻋﻲ ﻋن ﻛﺛب وﺑﻌﻣﻖ ﻓﻲ ﻋﻠوم ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻛﻌﻠم اﻟﯾوﻏﺎ .وﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻓﺈن اﻟﺗﻌﺎﻟﯾم
اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻟﻌﻠم اﻟﯾوﻏﺎ ﺗدور ﻛﻠﮭﺎ ﺣول ﻣﻔﮭوم اﻟوﻋﻲ.
أﻓﺿل طرﯾﻘﺔ ﻟﺑﺣث ﻣﺎھﯾّﺔ اﻟوﻋﻲ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ﺗﺟرﺑﺗك اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻣﺑﺎﺷرة .ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،أﻧت
ﺗﻌﻠم ﯾﻘﯾﻧﺎ أن وﻋﯾك ﯾﺳﺗطﯾﻊ إدراك وﺟود ﺣﻘل واﺳﻊ ﻣن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،أو ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺗﮫ أن ﯾرﻛز
ﺑﺷدة ﻋﻠﻰ ﺷﻲء واﺣد ﻓﻘط ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﻻ ﺗﻛون ﻣﻠﺗﻔﺗﺎ ﻷي ﺷﻲء آﺧر ﻏﯾره .ھذا ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ
ﺗﺿﯾﻊ أﻧت ﻓﻲ اﻟﻔﻛرة .ﻓﯾﻣﻛن أن ﺗﻛون ﺟﺎﻟﺳﺎ ﺗﻘرأ وﺗﺗوﻗف ﻓﺟﺄة ﻋن اﻟﻘراءة .وھذا ﺷﻲء ﯾﺣدث
طوال اﻟوﻗت .ﻷﻧك ﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﺷﻲء آﺧر .اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ أو اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ
ﺟذب اﻧﺗﺑﺎھك إﻟﯾﮭﺎ ﻓﻲ أي وﻗت .ﻟﻛﻧﮫ ﻣﺎ ﯾزال اﻟوﻋﻲ ﻧﻔﺳﮫ ،ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺗرﻛﯾز
ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺎرج أم ﻋﻠﻰ أﻓﻛﺎرك ﻓﻲ اﻟداﺧل.
ﻣرﺑط اﻟﻔرس ھﻧﺎ ھو أن وﻋﯾك ﻟدﯾﮫ اﻟﻣﻘدرة ﻋﻠﻰ أن ﯾرﻛز ﻋﻠﻰ أﺷﯾﺎء ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .اﻟﻔﺎﻋل وﻛذﻟك
اﻟوﻋﻲ ﻟدﯾﮭﻣﺎ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﻛﯾز وﺑﺎﻧﺗﻘﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻣور ﻣﻌﯾّﻧﺔ .وﻟو ﺧطوت ﺧطوة ﻟﻠوراء ﻗﻠﯾﻼ،
ﺗﻣر أﻣﺎﻣك وﺑﺎﺳﺗﻣرار وﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺛﻼﺛﺔ :ﻋﻘﻠﯾﺎ ،وﺷﻌورﯾﺎ، ﻓﺳﺗﻼﺣظ وﺑوﺿوح أن اﻷﺷﯾﺎء ّ
وﻣﺎدﯾﺎ .وﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ﻣر ّﻛ ًزا ،ﯾﻘوم وﻋﯾك وﺑﺛﺑﺎت ﺑﺎﻻﻧﺟذاب إﻟﻰ واﺣد أو أﻛﺛر ﻣن ﺗﻠك اﻷﻣور
وﯾر ّﻛز ﻋﻠﯾﮭﺎ .وﻟو ر ّﻛز وﻋﯾك ﺑﺷﻛل ﻛﺎف ﻋﻠﻰ أﻣر ﻣﺎ ،ﻓﺷﻌورك ﺑﺎﻟوﻋﻲ ﯾﻔﻘد ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ ھذا اﻷﻣر.
وﻋﻧدھﺎ ﻻ ﯾﻌود واﻋﯾﺎ ﺑﺄﻧﮫ واعٍ ﻟﮭذا اﻷﻣر ،ﺑل ﯾﺻﺑﺢ ﻓﻘط واﻋﯾًﺎ ﺑﺎﻷﻣر .ھل ﺳﺑﻖ وأن ﻻﺣظت أﻧك
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧدﻣﺞ ﻓﻲ ﻣﺷﺎھدة اﻟﺗﻠﻔﺎز ،ﻻ ﺗﻌود ﺗﻌﻲ ﺑﺎﻟﺿﺑط أﯾن أﻧت وﻻ ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺣدث ﻣن ﺣوﻟك ﻓﻲ
اﻟﻐرﻓﺔ؟
ﯾﺗﺣرك ﻣرﻛز وﻋﯾﻧﺎ ﻣن إدراﻛﻧﺎ ّ إن ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻋﻧد ﻣﺷﺎھدة اﻟﺗﻠﻔﺎز ﻟﮭو ﻧﻣوذج ﻣﺛﺎﻟﻲ ﻻﺧﺗﺑﺎر ﻛﯾف
ﻷﻧﻔﺳﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻐرق ﻓﻲ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻧرﻛز ﻋﻠﯾﮭﺎ .واﻟﻔرق ﯾﻛﻣن ﻓﻲ أﻧﮫ ﺑدﻻ ﻣن أن ﺗﻛون ﺟﺎﻟﺳﺎ ﻓﻲ
ﻏرﻓﺔ اﻟﺟﻠوس اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑك ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ ﻣﺷﺎھدة اﻟﺗﻠﻔﺎز ،ﻓﺄﻧت ﺗﺟﻠس ﻓﻲ ﻣرﻛز وﻋﯾك ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ
ﺷﺎﺷﺎت ﻋﻘﻠك ،وﻣﺷﺎﻋرك ،واﻟﺻور اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺣوﻟك .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣر ّﻛ ًزا ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﺣواس
اﻟﺟﺳدﯾﺔ ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺳﺣﺑك إﻟﯾﮭﺎ ﺑﺷدّة .وﻣن ﺛ ّم ﺗﻘوم ردود ﻓﻌﻠك اﻟﻌﺎطﻔﯾﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﺑﺷدك ھﻲ اﻷﺧرى
إﻟﯾﮭﺎ ﺑﺷﻛل أﻛﺑر .وﻋﻧد ھذه اﻟﻧﻘطﺔ ،ﻻ ﺗﻛون أﻧت ﺟﺎﻟﺳﺎ ﻓﻲ ﻣرﻛز ذاﺗك ،ﺑل ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ اﻟﻌرض
اﻟداﺧﻠﻲ اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﻣﺷﺎھدﺗﮫ.
دﻋﻧﺎ اﻵن ﻧﻧظر إﻟﻰ ﻋرﺿك اﻟداﺧﻠﻲ ھذا .أﻧت ﻟدﯾك ﻧﻣط ﻣﻌﯾّن ﻣن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﺗدور ﺣوﻟك طوال
اﻟوﻗت .ﻧﻣط اﻷﻓﻛﺎر ھذا ﯾظ ّل داﺋﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو ﻋﻠﯾﮫ إﻟﻰ ﺣد ﻛﺑﯾر .وأﻧت ﻣﺗﺂﻟف وﻣرﺗﺎح ﻣﻊ ﻧﻣط
ﺻﺔ ﺑك: ﺗﻔﻛﯾرك اﻟﻌﺎدي ھذا ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺣﺎل ﻣﻊ ﻣﺣﯾط ﻣﻌﯾﺷﺗك ﻓﻲ اﻟﻣﻧزل .ﻟدﯾك أﯾﺿﺎ ﻣﺷﺎﻋر ﺧﺎ ّ
ﻗَ ْدر ﻣﻌﯾّن ﻣن اﻟﺧوف ،وﻗ ْدر ﻣﻌﯾّن ﻣن اﻟﺣب ،وﻗ ْدر ﻣﻌﯾّن ﻣن اﻟﺷﻌور ﺑﻌدم اﻷﻣﺎن .أﻧت ﺗﻌﻠم أﻧﮫ ﻟو
ﺣدﺛت أﺷﯾﺎء ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﻓﺷﻌور واﺣد أو أﻛﺛر ﺳﯾﺷﺗﻌل وﯾﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻣل وﻋﯾك .ﺛم ،ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ،
ﺳﺗﻌود ﻛل ھذه اﻟﻣﺷﺎﻋر إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻘرار ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻧﻣطك اﻟﻣﻌﺗﺎد .أﻧت ﺗﻌرف ھذا اﻟﺷﻲء ﺑﺷﻛل ﺟﯾد ﺟدا
إﻟﻰ اﻟﺣد اﻟذي ﺗﻛون ﻣﻌﮫ ﻣﺷﻐوﻻ ﻓﻲ اﻟداﺧل ﺑﺗﺄﻛﯾد أﻧﮫ ﻟن ﯾﺣدث ﺷﻲء ﯾﺗﺳﺑّب ﻓﻲ ﻧﺷوب ﺗﻠك
اﻻﺿطراﺑﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ .ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،أﻧت ﻣﺷﻐول اﻟﺑﺎل ﺟدا ﺑﺎﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟم أﻓﻛﺎرك،
وﻣﺷﺎﻋرك ،وأﺣﺎﺳﯾﺳك اﻟﺟﺳدﯾّﺔ إﻟﻰ درﺟ ٍﺔ ﺗﻐدو ﻣﻌﮭﺎ ﻻ ﺗﻌرف أﻧّك ھﻧﺎك أﺻﻼ .وھذا ھو اﻟوﺿﻊ
اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻣﻌظم اﻟﻧﺎس.
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺎﺋﮭﺔ ،ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻐرﻗﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ ﻣواﺿﯾﻊ اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر
واﻷﺣﺎﺳﯾس ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﺗﻧﺳﻰ اﻟﻣوﺿوع اﻷﺳﺎﺳﻲ .اﻵن أﻧت ﺗﺟﻠس داﺧل ﻣرﻛز اﻟوﻋﻲ وﺗﺷﺎھد
ﻲ داﺧﻠك .ﻟﻛن ھﻧﺎك اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻛﺛﯾرة واﻟﻣﺛﯾرة ﻟﻼھﺗﻣﺎم اﻟﺗﻲﻲ اﻟﺷﺧﺻ ّ ﺑرﻧﺎﻣﺟك اﻟﺗﻠﻔزﯾوﻧ ّ
ﺗُزﻋﺞ اﻟوﻋﻲ ﻟدﯾك ﻟﻛﻧك ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﺗﻐرق ﻓﻲ ھذه اﻷﺷﯾﺎء رﻏ ًﻣﺎ ﻋﻧك .إﻧﮭﺎ ﺳﺎﺣﻘﺔ.
ﺳك ﺗﺳﺗﻣﯾﻠك إﻟﯾﮭﺎ -اﻟﺑﺻر واﻟﺳﻣﻊ إﻧﮭﺎ ﺛﻼﺛﯾّﺔ اﻷﺑﻌﺎد .إﻧﮭﺎ ﺟﻣﯾﻌﮭﺎ ﺣوﻟك وﺗﺣﯾط ﺑك .ﻛل ﺣوا ّ
واﻟﺗذوق واﻟراﺋﺣﺔ واﻟﻠﻣس -ﻛذﻟك ﻣﺷﺎﻋرك وأﻓﻛﺎرك .ﻟﻛﻧك ﺗﺟﻠس ﻓﻲ اﻟداﺧل ﺑﮭدوء وﺗﻧظر إﻟﻰ ّ
ﻛل ﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء .اﻟوﺿﻊ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛوﺿﻊ اﻟﺷﻣس اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺑﺎرح ﻣوﻗﻌﮭﺎ ﻣن اﻟﺳﻣﺎء ﻣن أﺟل أن ﺗﺿﻲء
اﻷﺷﯾﺎء ﺑﺿوﺋﮭﺎ اﻟﻣﺷ ّﻊ ،ﻛذﻟك اﻟوﻋﻲ ﻓﮭو ﻻ ﯾﻐﺎدر ﻣرﻛزه ﻛﻲ ﯾُﺿﻔﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ
ھﯾﺋﺔ أﺷﻛﺎل أو أﻓﻛﺎر أو ﻣﺷﺎﻋر ﻣزﯾدًا ﻣن اﻟوﻋﻲ .وﻓﻲ أي وﻗت ﺗﺷﻌر ﻣﻌﮫ ﺑﺎﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﻋﺎدة
وﺗﻛرارا .ﺛم ﻻﺣظ أﻧك
ً ﻣرارا
ً ﻛررھﺎاﻟﺗﻣرﻛز ،ﻓﻣﺎ ﻋﻠﯾك إﻻ أن ﺗﺑدأ ﺑﺎﻟﻘول داﺧﻠﯾﺎ "ﻣرﺣﺑﺎّ "،
ﺳﺗﺻﺑﺢ واﻋﯾﺎ ﻟﮭذه اﻟﻔﻛرة .وﻻ ﺗﻔﻛر ﺑﺄﻧك واعٍ ﻟﮭﺎ ،ﻷن ذﻟك ﺳﯾﺧﻠﻖ ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻛرة أﺧرى .اﺳﺗرﺧﻲ
ﺑﺑﺳﺎطﺔ وﻛن واﻋﯾﺎ ﻟﺳﻣﺎع ﻛﻠﻣﺔ "ﻣرﺣﺑﺎ" ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗردّد ﺻداھﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻠك .ھذا ھو ﻣوطن ﺗﻣرﻛز
اﻟوﻋﻲ ﻟدﯾك.
اﻵن دﻋوﻧﺎ ﻧﻧﺗﻘل ﻣن اﻟﺷﺎﺷﺔ اﻟﺻﻐﯾرة إﻟﻰ اﻟﺷﺎﺷﺔ اﻷﻛﺑر .ودﻋوﻧﺎ ﻧﻘوم ﺑدراﺳﺔ اﻟوﻋﻲ ﻋن طرﯾﻖ
اﺳﺗﺧدام ﻧﻣوذج اﻟﻔﯾﻠم اﻟﺳﯾﻧﻣﺎﺋﻲ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗذھب ﻟﻣﺷﺎھدة ﻓﯾﻠم ﺳﯾﻧﻣﺎﺋﻲ ،ﻓﺄﻧت ﺗﺗرك ﻧﻔﺳك ﺗﻐرق ﻓﻲ
ﺳﺗﺎنأﺣداﺛﮫ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .وھذا ﺟزء ﻣن طﺑﯾﻌﺔ ﻣﺷﺎھدة اﻷﻓﻼم .وﻣﻊ ﻣﺷﺎھدة اﻷﻓﻼم ھﻧﺎك ﺣﺎ ّ
ﺗﺳﺗﺧدﻣﮭﻣﺎ ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر :ﺣﺎﺳﺔ اﻟﺑﺻر وﺣﺎﺳﺔ اﻟﺳﻣﻊ .وﻣن اﻟﻣﮭم ﺟدا ﻣﻌرﻓﺔ أن ھﺎﺗﯾن اﻟﺣﺎﺳﺗﯾن
ﻣﺗﻼزﻣﺗﺎن .وﻣن دون ھذا اﻟﺗﻼزم ﻟن ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻻﻧدﻣﺎج ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻓﻲ اﻟﻔﯾﻠم .ﺗﺧﯾّل ﻣﺛﻼ أﻧك
ﺗﺷﺎھد أﺣد أﻓﻼم ﺳﻠﺳﻠﺔ ﺟﯾﻣس ﺑوﻧد ،وﻟم ﺗﻛن اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﺗﺻوﯾرﯾﺔ ﻣﺗﻼزﻣﺔ ﻣﻊ ﻣﺷﺎھد اﻟﻔﯾﻠم .ﻓﻌﻠﻰ
ﻋﻛس اﻻﻧدﻣﺎج ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺳﺎﺣر ﻟﻠﻔﯾﻠم ،ﺗﺟد ﻧﻔﺳك ﻣﻧﺗﺑﮭﺎ ﺑﺎﺳﺗﻣرار إﻟﻰ أﻧك ﺗﺟﻠس ﻓﻲ ﻣﺳرح
اﻟﺳﯾﻧﻣﺎ وأن ھﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﺳﯾر ﺑﺻورة ﺧﺎطﺋﺔ .ﻟﻛن ،وﻷن اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﺗﺻوﯾرﯾﺔ ﺗﺳﯾر ﻣﺗراﻓﻘﺔ ﻣﻊ
ﻣﺷﺎھد اﻷﻓﻼم ﺑﺗﻧﺎﺳﻖ ﺗﺎم ،ﻓﺈﻧّك ﻋﺎدة ً ﻣﺎ ﺗﺟد ﻧﻔﺳك ﺗﻐرق ﻓﻲ اﻷﺣداث ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﺗﻧﺳﻰ أﻧك ﻓﻲ
اﻟﺳﯾﻧﻣﺎ .ﺗﻧﺳﻰ ﻛل أﻓﻛﺎرك وﻣﺷﺎﻋرك اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﯾﻧﺟذب وﻋﯾك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل إﻟﻰ أﺣداث اﻟﻔﯾﻠم .إﻧﮭﺎ
ﻓﻌﻼ وإﻟﻰ ﺣ ّد ﺑﻌﯾد أن ﺗﻔ ّﻛر ﻓﻲ اﻟﻔرق ﺑﯾن ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺟﻠوس ﺑﺟﺎﻧب أﻧﺎس أﻏراب ﻓﻲ ظﺎھرة ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ً
ﻣﻛﺎن ﺑﺎرد وﻣظﻠم وﺑﯾن اﻻﻧدﻣﺎج ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ أﺣداث ﻓﯾﻠم ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﻻ ﺗﻌﻲ ﺣﺗﻰ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي أﻧت
ﻓﯾﮫ .ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،رﺑﻣﺎ ﺑﻣﺷﺎھدﺗك ﻓﯾﻠ ًﻣﺎ ﺟذّاﺑًﺎ ،ﺗﻣر ﻋﻠﯾك ﺳﺎﻋﺗﺎن ﻛﺎﻣﻠﺗﺎن دون أن ﺗﺷﻌر ﻓﯾﮭﻣﺎ
ﺑﻧﻔﺳك .ﻟذا ﻓﺈن ﻋﺎﻣل اﻟﺗزاﻣن ﺑﯾن اﻟﺑﺻر واﻟﺳﻣﻊ ھﺎم ﺟدا ﻛﻲ ﯾﻧﮭﻣك وﻋﯾك ﻓﻲ اﻟﻔﯾﻠم .وﻻﺣظ أﻧﻧﺎ
ﺳﺗﯾن ﻓﻘط ﻣن ﺣواﺳك.ﻧﺗﺣدث ھﻧﺎ ﻋن ﺣﺎ ّ
واﻟﺗذوق .ﺗﺧﯾّل
ّ ﺳﺗﻲ اﻟﺷ ّم
ﺿﺎ ﺣﺎ ّ
ﺗﺧﯾّل ﻣﺎ اﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣدث ﻟو أن ﻣﺷﺎھدﺗك اﻟﻔﯾﻠم ﺗﺗﻔﻌّل ﻣﻌﮭﺎ أﯾ ً
ﻟو أﻧك ﺗﺷﺎھد ﻓﯾﻠﻣﺎ ﻷﺷﺧﺎص ﯾﺗﻧﺎوﻟون وﺟﺑﺔ ﻏذاﺋﯾﺔ وأﻧت ﺗﺗذوق طﻌم ھذه اﻟوﺟﺑﺔ وﺗﺷم راﺋﺣﺗﮭﺎ
ﻣﺛﻠﮭم .ﻓﺑﻛل ﺗﺄﻛﯾد ﺳﺗﻧﺟذب ﻟﻠﻣﺷﮭد أﻛﺛر .ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﯾﺗم إدﺧﺎل ﺣواس ﻣﺿﺎﻋﻔﺔ ﻓﺈﻧّﮫ ﯾﺗﺿﺎﻋف ﻣﻌﮭﺎ
ﻋدد اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺷد وﻋﯾك .ﺣواس اﻟﺳﻣﻊ واﻟﺑﺻر واﻟﺗذوق واﻟﺷم وﻟم ﻧذﻛر ،ﺑﻌد اﻟﺣﺎﺳﺔ اﻷھم،
ھل ﺳﺗذھب إﻟﻰ دار ﺳﯾﻧﻣﺎ ﺳﺗﺟﻌﻠك ﺗﺳﺗﺧدم ﺣﺎﺳﺔ اﻟﻠﻣس أﯾﺿﺎ؟ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻌﻣل ﻛل ھذه اﻟﺣواس
اﻟﺧﻣس ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣﻊ ﺑﻌض ،ﻓﻠن ﺗﺿﯾﻊ أﻧت
ﻓرﺻﺔ ذﻟك .ﻟو ﺗزاﻣن -ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ -ﺗﻔﻌﯾل ﻛل ﺗﻠك اﻟﺣواس ﻓﺳﺗﻧﮭﻣك أﻧت ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ
ﻣرة أﺧرى ،ذاك ﻟﯾس ﺑﺿروري .ﺗﺧﯾل أﻧك ﺗﺟﻠس ﻓﻲ اﻟﺳﯾﻧﻣﺎ ،ورﻏم ﻛل ھذه ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ﻟﻛنّ ،
اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﺳﯾﺔ اﻟﻐﺎﻣرة ،إﻻ أﻧك ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺿﺟر ﻣن اﻟﻔﯾﻠم .ﻓﮭو ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﺣواذ ﻋﻠﻰ
وﺑدأت ﺗﻔ ّﻛر ﻓﻲ ﻣﺎ ﺳﺗﻔﻌﻠﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺧرج ﻣن َ اﻟﺗﺟول ھﻧﺎ وھﻧﺎك.ّ اھﺗﻣﺎﻣك ،ﻓﺑدأت أﻓﻛﺎرك ﻓﻲ
ث ﺣﺻل ﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ .وﺑﻌد ھﻧﯾﮭﺔ ،أﺻﺑﺣت اﻟﺳﯾﻧﻣﺎ وﺗﺻل إﻟﻰ اﻟﺑﯾت .وﺗروح ﺗﻔ ّﻛر ﻓﻲ ﺣ َد ٍ
ﺿﺎﺋﻌﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل وﺳط أﻓﻛﺎرك ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﺑﺎﻟﻛﺎد ﺗﻌﻲ أﻧك ﺗﺷﺎھد ﻓﯾﻠﻣﺎ ﺳﯾﻧﻣﺎﺋﯾﺎ .ھذا ﯾﺣدث ﺑﺎﻟرﻏم
ﻣن ﻛل اﻟرﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﯾﺑﻌث ﺑﮭﺎ اﻟﻔﯾﻠم إﻟﯾك ﻣن ﺧﻼل أﺣداﺛﮫ .وھذا اﻟوﺿﻊ ﯾﺣدث ﻓﻘط ﻷن أﻓﻛﺎرك
ﺗزودك ﺑﻣﻛﺎن آﺧر ﯾر ّﻛز وﻋﯾك ﻋﻠﯾﮫ.ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻌﻣل ﺑﻣﻌزل ﻋن وﺟود اﻟﻔﯾﻠم .ﻓﮭﻲ ّ
اﻵن ﺗﺧﯾّل ﻟو أن اﻷﻓﻼم ﻣﺻﻧوﻋﺔ ﻟﯾس ﻓﻘط ﻟﺗﻧﺷﻐل ﺣواﺳك اﻟﺧﻣس ﺑﮭﺎ ،ﻟﻛن أﯾﺿﺎ ﻟﺗﺟﻌل أﻓﻛﺎرك
وأﺣﺎﺳﯾﺳك ﻣﺗزاﻣﻧﺔ ﻣﻊ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺟري ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎﺷﺔ ﻣن أﺣداث .ﻓﻲ ﺗﺟرﺑﺔ ﻛﮭذه ﻣﻊ اﻷﻓﻼم ،ﻓﺄﻧت
ﺗﺳﻣﻊ ،وﺗرى ،وﺗﺗذوق ،وﻓﺟﺄة ﺗﺑدأ ﺑﺎﻟﺷﻌور ﺑﻣﺷﺎﻋر أﺑطﺎل اﻟﻔﯾﻠم ﻧﻔﺳﮭﺎ وﺗﻔ ّﻛر ﺑﺄﻓﻛﺎرھم ذاﺗﮭﺎ.
ﺗﺗزوﺟﻧﻲ؟" وﻓﺟﺄة ﯾﺗدﻓﻖ داﺧﻠك أﻧت اﻟﺷﻌور ﺑﻌدم ّ ﯾﻘول اﻟﺑطل" ،إﻧّﻲ ﻗﻠﻖ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ .ھل أطﻠب ﻣﻧﮭﺎ أن
اﻷﻣﺎن .اﻵن ﻧﺣن أﻣﺎم اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑﺄﺑﻌﺎدھﺎ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ :ﺧﻣس ﺣواس ﺟﺳدﯾﺔ ،ﻣرﻓﻘﺔ ﻣﻊ أﻓﻛﺎر وﻣﺷﺎﻋر.
ﺗﺧﯾّل أﻧك ﺗذھب إﻟﻰ ھذا اﻟﻔﯾﻠم وﺗﻧدﻣﺞ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ أﺣداﺛﮫ .ﻋﻠﯾك ﺑﺎﻟﺣذر ،ﻓﻘد ﺗﻛون ھذه ھﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ
ﻧﻔﺳك ﻛﻣﺎ ﺗﻌرﻓﮭﺎ! ﻟن ﯾﻛون ھﻧﺎك أي ﺟزء ﻣن اﻟوﻋﻲ ﻏﯾر ﻣﺗﻌﺎﯾش ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣﻊ ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ .ﻓﺄي
ﻣﻛﺎن ﯾﺳﻘط ﻓﯾﮫ وﻋﯾك ﺳﯾﻛون ﺑﻼ ﺷك ﺟز ًء ﻣن اﻟﻔﯾﻠم اﻟذي ﺗﺷﺎھده .وﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﺗﺣ ّﻛ َﻣت أﺣداث اﻟﻔﯾﻠم
ﺑﺎﻷﻓﻛﺎر ،ﺗﻛون ھذه ھﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ .ﻓﻠن ﯾﻛون ھﻧﺎك "أﻧت" اﻟﺗﻲ ﺗﻘول ﻟك" ،أﻧﺎ ﻻ أﺣب ھذا اﻟﻔﯾﻠم .أرﯾد
أن أﻏﺎدر!" ھذا ﻣن ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾﻛون ﻓﻲ ﻓﻛرة ﻣﺳﺗﻘﻠﺔّ ،إﻻ أن أﻓﻛﺎرك أﺳﺎﺳﺎ ﻣﺄﺧوذة ﺑﺎﻟﻔﯾﻠم وأﺣداﺛﮫ.
أﻧت اﻵن ﺿﺎﺋﻊ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﺣدث .ﻛﯾف إذن ﺳﺗﺗﺧﻠص ﻣﻧﮫ؟
ﺗﺻوﯾر ﻟﻣﺄزﻗك ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة؛ ﻓﻛل اﻷﻣور واﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ٌ ﻗو ُل ھذا ،ﻟﻛﻧّﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔوﻛم ﯾﺑدو ﻣﺧﯾﻔًﺎ ْ
ﺗﻌﯾﮭﺎ ﻣن ﺣوﻟك ﺗﺗ ّم ﺑﺷﻛل ﻣﺗزاﻣن ،ﻓﺄﻧت ﺗﻐرق ﻓﯾﮭﺎ ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﻻ ﺗﻌود ﺗﻌﻲ أﻧّك ﻛﯾﺎن ﻣﻧﻔﺻل ﻋن
ﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء اﻟداﺋرة أﻣﺎﻣك وﻣن ﺣوﻟك .اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر ﺗﺗﺣرك وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺷﺎھد واﻷﺻوات .ﻛﻠﮭﺎ
ﺗﺄﺗﯾك ،ﻓﯾﻐرق ﻓﯾﮭﺎ وﻋﯾك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .وإذا ﻟم ﺗﻛن ﺗﺟﻠس ﻛوﻋﻲ ﻣرا ِﻗب و ُﻣﺷﺎ ِھد ِﻟ َﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻠن ﺗﻛون
ﻣوﺟودا وواﻋﯾﺎ ﻟﻛوﻧك أﻧت ھو ﻣن ﯾراﻗب ﺗﻠك اﻷﻣور وھﻲ ﺗﺣدث .ھذا ھو ﻣﻌﻧﻰ أﻧك ﺿﺎﺋﻊ.
اﻟروح اﻟﺿﺎﺋﻌﺔ ھﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻟوﻋﻲ اﻟذي ﯾﺗم إﻟﻘﺎؤه ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺗﺗزاﻣن ﻓﯾﮫ اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر
ﺣواس اﻻﺳﺗﻘﺑﺎل اﻷﺧرى ﻟدى اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺑﺻر ،وﺳﻣﻊ ،وﺗذوق ،وﻟﻣس ،وﺷم .ﻛل ّ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﻊ
ھذه اﻟرﺳﺎﺋل ﺗﺄﺗﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ واﺣد .ﺛم ﯾﻘوم اﻟوﻋﻲ اﻟذي ﯾﻣﻠك اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إدراك ﺟﻣﯾﻊ
اﻻﺷﯾﺎء ،ﺑﺎﻗﺗراف اﻟﺧطﺄ ﺑﺗرﻛﯾزه ﻋن ﻛﺛب ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻣوﻗﻊ اﻟواﺣد ﺑﺎﻟذات .وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗم اﻣﺗﺻﺎص
اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﺑﮭذه اﻟطرﯾﻘﺔ ،ﻻ ﯾﻌود ﺑﻣﺳﺗطﺎﻋﮫ ﻋﻧدھﺎ أن ﯾﻌرف ﻧﻔﺳﮫ ﻛﻧﻔﺳﮫ .ﻓﺗﺗ ّم ﻣﻌرﻓﺗﮫ ﻟﻧﻔﺳﮫ
ﻋن طرﯾﻖ ﺗﻠك اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾﺷﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﺟرﺑﺔ أو ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣوﻗف .ﺑﻛﻠﻣﺎت أﺧرى ،أﻧت
ﺗﺳﺗوﻋب ﻧﻔﺳك ﻛﺄﻧك واﺣد ﻣن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟﺣدث .أﻧت ﺗظن أﻧك ﻣﺟﻣوع ﺗﻠك اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺗﻲ
اﻛﺗﺳﺑﺗ َﮭﺎ ﺧﻼل ﺣﯾﺎﺗك.
ھذا ﻣﺎ ﺗظﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗذھب ﻟﻣﺷﺎھدة أﺣد اﻟﻌروض اﻟﺳﯾﻧﻣﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺗطورة .ﻓﻔﻲ ھذه اﻷﻓﻼم ،ﻋﻠﯾك أوﻻ
ﺑﺎﺧﺗﯾﺎر اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﯾد أن ﺗﻛوﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﯾﻠم .ﻟﻧﻔﺗرض أﻧك ﻗررت اﻟﺗﺎﻟﻲ" ،أﻧﺎ ﺳﺄﻛون ﺟﯾﻣس
ﺑوﻧد" .ﺣﺳﻧﺎ ،ﻓطﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﺿﻐطت ھذا اﻟزر ،ﻓﺎﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑدأت .وﯾﻔﺿّل أن ﯾﻛون ﻣﻊ ﺿﻐطﺔ اﻟزر
ھذه ﻋدّاد ﻟﻠوﻗت! ﻓﻧﻔﺳك -ﻛﻣﺎ ﺗﻌرﻓﮭﺎ -ﻟن ﺗﻛون ھﻧﺎك ﺑﻌد اﻵن .ﻓﻛل أﻓﻛﺎرك اﻵن ھﻲ أﻓﻛﺎر
ﺟﯾﻣس ﺑوﻧد ،وﻣﻔﮭوﻣك ﻟوﺟودك وذاﺗك اﻟﻣﻌروف ﻟدﯾك ﻗد اﺧﺗﻔﻰ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ﺗذ ّﻛر أن ﻣﻔﮭوﻣك ﻟﻧﻔﺳك
ﻣﺎ ھو إﻻ ﻣﺟﻣوﻋﺔ أﻓﻛﺎر ﻋن ﻧﻔﺳك .وﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ،ﻓﻣﺷﺎﻋرك ھﻲ ﻣﺷﺎﻋر ﺟﯾﻣس ﺑوﻧد ،وأﻧت
ﻲ .واﻟﺟﺎﻧب اﻟوﺣﯾد اﻟﻣﺗﺑﻘّﻲ ﻛﻣﺎ ھو ﯾﻛ ُﻣن ﻓﻲ ي واﻟﺳﻣﻌ ّ
ﺗﺷﺎھد ذاك اﻟﻔﯾﻠم ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧظوره اﻟﺑﺻر ّ
اﻟﻣدرك ﻟﺗﻠك اﻷﻣور .وھو ﻣرﻛز اﻟوﻋﻲ ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي ﯾُدرك اﻟﻧﻣط اﻟﻘدﯾم ﻣن ُﻣدﺧﻼت اﻷﻓﻛﺎر ِ وﻋﯾك
واﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﺣﺳﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﻟدﯾك .اﻵن ﻗﺎم أﺣدھم ﺑﺈﻏﻼق اﻟﻔﯾﻠم .ﻋﻠﻰ اﻟﻔور ،ﺗﺣ ّل ﻣﺟﻣوﻋﺔ أﻓﻛﺎرك
ت ﻣﺛﻼ اﻣرأةوﻣﺷﺎﻋرك اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻣﺣ ّل أﻓﻛﺎر وﻣﺷﺎﻋر ﺑوﻧد .اﻵن ﺗﻌود إﻟﻰ أﻓﻛﺎرك اﻟﻣﻌﺗﺎدة ،ﻓﺈن ﻛﻧ ِ
ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﯾن ﻓﺗﻌود أﻓﻛﺎرك ﻟﻛوﻧك اﻣرأة ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﯾن ﻣن اﻟﻌﻣر .ﻛل اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر ﺗﺗﻧﺎﺳﻖ
ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣﻊ ﺑﻌض .ﻛل ﺷﻲء وﻛل راﺋﺣﺔ وﻛل ﺗذوق ﯾﺑدو ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺑﻖ .ﻟﻛن ﻛل ھذا ﻻ ﯾﻐﯾّر
ﺗﺧص
ّ ﯾﻣر ﺑﮭﺎ اﻟوﻋﻲ .ﻛل ھذه ھﻲ ﻣﺟرد أﻣور ﺣﻘﯾﻘﺔ أن ﻛ ّل ﻣﺎ ﯾدور وﯾﺣدث ھو ﻣﺟرد ﺗﺟرﺑﺔ ّ
اﻟوﻋﻲ ،وأﻧت ھو اﻟوﻋﻲ.
واﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﻣﯾز وﻋﯾﺎ ﻟﻛﺎﺋن واع ﻋن ﻛﺎﺋن ﻏﯾر واع ھو ﺑﺑﺳﺎطﺔ اﻟﺗرﻛﯾز اﻟﺧﺎص ﺑوﻋﻲ ﻛﻠﯾﮭﻣﺎ.
أن ﺿوء اﻟﺷﻣس ھو ﻧﻔﺳﮫ وھو ﻟﯾس ﻓرﻗﺎ ﻓﻲ اﻟوﻋﻲ ذاﺗﮫ .ﻓﺎﻟوﻋﻲ ھو واﺣد ﻟدى اﻟﺟﻣﯾﻊ .ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﻣﺎ ّ
ﻛل ﯾوم ،ﻛذﻟك اﻟوﻋﻲ ھو ﻧﻔﺳﮫ ﻟدى اﻟﺟﻣﯾﻊ .اﻟوﻋﻲ ﻻ ﯾوﺻف ﺑﺄﻧﮫ ﻧﻘﻲ أو ﻏﯾر ﻧﻘﻲ ،ﻓﮭو ﺑﻼ
ﺧﺻوﺻﯾﺎت .ھو ﻓﻘط ھﻧﺎك ،ﯾﻌﻲ أﻧّﮫ ﯾﻌﻲ .اﻟﻔرق ھو أﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون وﻋﯾك ﻣﺗﻣرﻛزا ﻓﻲ اﻟداﺧل،
ﻓﮭو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗرﻛﯾز ﻓﻲ ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ .ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻛﺎﺋﻧﺎ ﻣر ّﻛ ًزا ،ﯾﻛون وﻋﯾك داﺋﻣﺎ
در ًﻛﺎ ﻟوﺟوده .إن وﻋﯾك ﺑوﺟودك ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻓﻲ اﻟداﺧل واﻟﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ُﻣ ِ
واﻟﺗﻲ ﯾﺣدث أﻧك واعٍ ﻟﮭﺎ.
وﻟو أردت ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أن ﺗﻔﮭم اﻟﻔرق ،ﻓﻼﺑ ّد أن ﺗﺑدأ ﺑﻣﻼﺣظﺔ أن اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺗﮫ اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ
ي ﺷﻲء .ھذا ھو اﻟوﺿﻊ ،ﻟﻛن ﻣﺎذا ﻟو ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟوﻋﻲ أن ﯾر ّﻛز ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ؟ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣدث ھذا، أ ّ
طت ﺿوء ﻓﺑدﻻ ﻣن أن ﺗﻛون واﻋﯾﺎ ﻷﻓﻛﺎرك ،ﺗﻛون واﻋﯾﺎ ﺑﺄﻧك واعٍ ﻷﻓﻛﺎرك .ھﻧﺎ ﺗﻛون ﻗد ﺳﻠّ َ
اﻟﻣرة ﺗﻔ ّﻛر ﻓﻲ ﻣﺻدر اﻟوﻋﻲ ذاﺗﮫ .وھذا اﻟوﻋﻲ ﻋﻠﻰ ذاﺗﮫ .أﻧت داﺋﻣﺎ ﺗﻔ ّﻛر ﻓﻲ ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ ،ﻟﻛﻧك ھذه ّ
ھو اﻟﺗﺄ ّﻣل اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ .اﻟﺗﺄ ّﻣل اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ھو أﺑﻌد ﻣن ﻣﺟرد ﻓﻌل اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻧﻘطﺔ واﺣدة أﺣﺎدﯾﺔ .وﻣن
أﺟل ﺗﺄ ّﻣل أﻛﺛر ﻋﻣﻘًﺎ ،ﻻ ﯾﻛﻔﻲ أن ﺗﻛون ﻟدﯾك اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗرﻛﯾز وﻋﯾك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻋﻠﻰ ﺷﻲء واﺣد،
ﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻌل اﻟوﻋﻲ ﻧﻔﺳﮫ ھو ھذا اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﺗ ّم اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﯾﮫ. ﺑل ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻟدﯾك اﻟﻘدرة أﯾ ً
ﻓﻲ أﺳﻣﻰ اﻟﺣﺎﻻت ،ﻓﺈن ﺗرﻛﯾز اﻟوﻋﻲ ﯾﻌود ﻣﺟددا ﻟﻠﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ذاﺗﮫ.
ﯾﻣر
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﺄﻣل ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟذات ،ﻓﺄﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺄ ّﻣل .ﻟذﻟك ﯾُﻌﺗﺑر اﻟﺗﺄ ّﻣل ﻣن أروع اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ّ
ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن .ھو اﻟﻌودة إﻟﻰ ﺟذور وﺟودك ،إﻟﻰ اﻟوﻋﻲ اﻟﺑﺳﯾط ﺑﺣﺎﻟﺔ وﻋﯾك .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون واﻋﯾﺎ
ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻟوﻋﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ ،ﻓﺈﻧك ﺗﺣظﻰ ﺑﺣﺎﻟﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗﻣﺎﻣﺎ .أﻧت اﻵن ﺗﻌﻲ ﻣن أﻧت .أﻧت أﺻﺑﺣت وﺟودًا
واﻋﯾًﺎ .وھذه ﻣﺟرد ﺣﺎﻟﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ ﺟدا ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم .ھﺄﻧذا ،ھﻧﺎ ﺣﯾث أﻛون داﺋﻣﺎ وأﺑدا .إن اﻷﻣر
ﯾﺷﺑﮫ ﺟﻠوﺳك أﻣﺎم اﻟﺗﻠﻔﺎز ﻟﺗﺷﺎھده ﻓﺗﻐرق ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﻧﺳﯾت أﯾن أﻧت .ﻗﺎم
أﺣدھم ﺑﮭزك ،واﻵن أﻧت ﻋدت ﻹدراك أﻧك ﺗﺟﻠس أﻣﺎم اﻟﺗﻠﻔﺎز ﻣﺷﺎھدًا اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ .ﻟم ﯾﺗﻐﯾر ﺷﻲء.
أﻧت ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺗوﻗﻔت ﻋن إﺳﻘﺎط إﺣﺳﺎﺳك ﺑﻧﻔﺳك ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺟزء اﻟﻣﻌﯾّن ﻣن وﻋﯾك .ﺛم أﻧت
اﺳﺗﯾﻘظت .ھذه ھﻲ اﻟروﺣﺎﻧﯾّﺔ .ھذه ھﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠذات .ھذا ھو ﻣن أﻧت.
ﯾﺗﺣول ﻓﻘط إﻟﻰ
ّ ﻣرة أﺧرى إﻟﻰ اﻟوﻋﻲ ،ﯾﺗوﻗّف ھذا اﻟﻌﺎﻟم ﻋن ﻛوﻧﮫ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك. ﺑﻌودﺗك ّ
ﺷﻲء ﻣﺎ أﻧت ﺗﻘوم ﺑﻣراﻗﺑﺗﮫ .وھو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻐﯾر داﺋﻣﺔ ،ﻟﻛن ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن إﺣﺳﺎس ﺑوﺟود ﻣﺷﻛﻠﺔ.
درك ﻟﮫ ،ﻛﻠّﻣﺎ ﺟﻌﻠك اﻟﻌﺎﻟم ﺗﻛون ذاﺗك وﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎن اﺳﺗﻌدادك أﻛﺑر ﻟﻔﮭم أن ھذا اﻟﻌﺎﻟم ھو ﺷﻲء أﻧت ُﻣ ِ
اﻟﺣﻘﯾﻘﯾّﺔ ،اﻟﺗﻲ ھﻲ :اﻟوﻋﻲ ،واﻟذات ،واﻟﻣوطن ،واﻟروح.
ﻟﻘد أدرﻛت أﻧك أﻧت ﻟﺳت ﻣن ﺗﻌﺗﻘد أﻧك ھو .أﻧت ﻟﺳت ﺣﺗﻰ ﻣﺧﻠوﻗﺎ ﺑﺷرﯾﺎ .ﺣدث ﻓﻘط أﻧك ﺗﻘوم
ﺑﻣراﻗﺑﺔ ﻣﺧﻠوﻗﺎ ﺑﺷرﯾﺎ .ﺳﺗﺑدأ ﻓﻲ ﺧوض ﺗﺟﺎرب ﻣﻊ ﻣرﻛز وﻋﯾك .وھذه اﻟﺗﺟﺎرب ﺳﺗﻛون ﻋﻣﯾﻘﺔ،
ﺳﺗﻛون ﺗﺟﺎرب ﺑدﯾﮭﯾﺔ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟذات اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ .ﺳﺗﻛﺗﺷف أﯾﺿﺎ أﻧك ﺷﺎﺳﻊ وﻣﺗﻣدد ﺑﺷﻛل ھﺎﺋل.
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻛﺗﺷﺎف اﻟوﻋﻲ ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺷﻛل ،ﺳﺗدرك أن وﻋﯾك ﯾﺑدو ﻛﺷﻲء ﺿﺋﯾل وﻣﺣدود ﻷﻧك
ﺗرﻛز ﻋﻠﻰ أﺷﯾﺎء ﺻﻐﯾرة وﻣﺣدودة .ھذا ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرﻛز ﻓﻘط ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻠﻔﺎز ،ﻟﯾس
ھﻧﺎك ﻣن ﺷﻲء آﺧر ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻣك .ﻟﻛن ﻟو ﺗراﺟﻌت ﻗﻠﯾﻼ ﻟﻠوراء ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗرى اﻟﻐرﻓﺔ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﺑﻣﺎ
ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺗﻠﻔزﯾون .ﻛذﻟك ھو اﻷﻣر ،ﻟو أﻧك ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺗرﻛﯾز ﺑﺎھﺗﻣﺎم ﻛﺎﻣل ﻋﻠﻰ أﻓﻛﺎر ﻣﺧﻠوق واﺣد
ﻲ ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻌود ﻟﻠﺧﻠف وﺗﻠﻘﻲ ﻧظرة ﻋﻠﻰ ﻛل اﻷﺷﯾﺎء .ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻻﻧﺗﻘﺎل وﻣﺷﺎﻋره وﻋﺎﻟﻣﮫ اﻟﺣﺳ ّ
ﻣن اﻟﻣﺣدود إﻟﻰ اﻟﻼﻣﺣدود .أﻟﯾس ھذا ﻣﺎ ﯾﺣﺎوﻟون ﺗﻌﻠﯾﻣﮫ ﻟﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟدوام أوﻟﺋك اﻟﻌظﻣﺎء ﻣن
اﻟﻘدﯾﺳﯾن واﻟﺣﻛﻣﺎء ﻣن ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻌﺻور وﻣن ﻛﺎﻓﺔ اﻟدﯾﺎﻧﺎت؟
واﺣد ﻣن أوﻟﺋك اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن ،راﻣﺎﻧﺎ ﻣﮭﺎرﺷﻲ ،اﻋﺗﺎد أن ﯾﺳﺄل" ،ﻣن أﻧﺎ؟" اﻵن ﻧدرك ﻋﻣﻖ ھذا
اﻟﺳؤال .اطرح ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳك ھذا اﻟﺳؤال ﺑﻼ ﺗوﻗف وﺑﺎﺳﺗﻣرار .اﺳﺄل ھذا اﻟﺳؤال وﺳﺗﻼﺣظ أﻧك أﻧت
ھو اﻟﺟواب .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن إﺟﺎﺑﺔ ذھﻧﯾّﺔ .أﻧت ھو اﻟﺟواب .ﻛن أﻧت اﻟﺟواب ،وﻛل ﺷﻲء ﺳﯾﺗﻐﯾّر.
اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ:
اﺧﺗﺑﺎر اﻟطﺎﻗﺔ
اﻟﻔﺻل اﻟﺧﺎﻣس :اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻼﻣﺣدودة
ﺿﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة .واﻟطﺎﻗﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ھﻲ أﯾﺿﺎ ﻣن أﻛﺛر اﻷﻣور اﻟوﻋﻲ ھو واﺣد ﻣن أﻋظم اﻷﺷﯾﺎء ﻏﻣو ً
ﻏﻣوﺿﺎ .إﻧﮫ ﻟﻣن اﻟﻌﺎر أن ﯾﺳﻠّط اﻟﻐرب اﻟﻘﻠﯾل ﺟدا ﻣن اﻻھﺗﻣﺎم ﻋﻠﻰ ﻗواﻧﯾن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ .ﻧﺣن
ﻧدرس اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾّﺔ ،وﻧﻌطﻲ ﻗﯾﻣﺔ ﻋظﯾﻣﺔ ﻟﻣﺻﺎدر اﻟطﺎﻗﺔ ،ﻟﻛﻧﻧﺎ ﻧﺗﺟﺎھل طﺎﻗﺗﻧﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ .ﯾﻘﺿﻲ
اﻷﻓراد ﺣﯾﺎﺗﮭم وھم ﯾﻔﻛرون ،وﯾﺷﻌرون ،وﯾﺗﺻرﻓون ،دون إدراك ﻣﻧﮭم ﻟﻣﺎھﯾّﺔ اﻷﻣر اﻟذي ﯾدﻓﻊ ﻛل
اﻷﺷﯾﺎء ﺣوﻟﮭم إﻟﻰ اﻟﺗواﺟد واﻟﺣدوث .اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھﻲ أن ﻛل ﺣرﻛﺔ ﻣن ﺣرﻛﺎت أﺟﺳﺎﻣﻧﺎ ،وﻛل ﺷﻌور
ﯾﻌﺗرﯾﻧﺎ ،وﻛل ﻓﻛرة ﺗﺧطر ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻧﺎ ،ھﻲ ھ ْدر ﻟﻠطﺎﻗﺔ .اﻷﻣر ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى
اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻣﻧﺎ اﻟﻣﺎدي واﻟذي ﯾﺗطﻠّب ﺣدوﺛﮭﺎ طﺎﻗﺔ ،ﻛذﻟك ﻛل ﺷﻲء ﯾﺣدث ﻓﻲ
ﺿﺎ ﺑذل طﺎﻗﺔ. اﻟداﺧل ﯾﺗطﻠّب أﯾ ً
ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻟو ﻛﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة ﻣﻌﯾّﻧﺔ ،وﺟﺎءت ﻓﻛرة أﺧرى ﻟﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻌﮭﺎ،
ﻗوة ﻣﺿﺎدة ﻟﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﻔﻛرة اﻟدﺧﯾﻠﺔ .ھذا ﺑﺣد ذاﺗﮫ ﯾﺗطﻠب ﺑذل طﺎﻗﺔ ،وھذا طر إﻟﻰ ﻓرض ّ ﻓﺳﺗُﺿ َ
اﻟﺷﻲء ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾﺻﯾﺑك ﺑﺎﻹرھﺎق .ﻛذﻟك اﻷﻣر ﻟو أن ﻟدﯾك ﻓﻛرة ﺗﺣﺎول ﺟﺎھدا اﻹﻣﺳﺎك ﺑﮭﺎ ﻟﻛﻧﮭﺎ
ﺗﮭرب ھﻧﺎ وھﻧﺎك ،ﻓﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻣدًا ﻣن أﺟل اﺳﺗﻌﺎدﺗﮭﺎ .ﻋﻧد ﻗﯾﺎﻣك ﺑﺗﻠك اﻷﻣور ،ﻓﺄﻧت ﺗرﺳل
ﻣزﯾدًا ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﻛرة ﻣن أﺟل اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﺎ .أﻧت أﯾﺿﺎ ﺗﻘوم ﺑﺗﻌزﯾز اﻟطﺎﻗﺔ ﻣن
أﺟل اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣﺷﺎﻋرك .إذا ﻛﺎن ﯾراودك ﺷﻌور ﻏﯾر ﻣرﻏوب ﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ﻣن ﻋﻣل،
ﻓﺈﻧّك ﺗدﻓﻌﮫ ﺟﺎﻧﺑًﺎ .أﻧت ﺗﻔﻌل ذﻟك ﺑﺻورة ﻏرﯾزﯾّﺔ ﺗﻘرﯾﺑًﺎ ﻣن أﺟل ّأﻻ ﺗُﺑرز ﻣﺷﺎﻋر ﻏﯾر ﻣرﻏوب
ﺗﺻرف ﻣن ھذه اﻟﺗﺻرﻓﺎت ھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ إھدار ﻟﻠطﺎﻗﺔ. ﱡ ﻓﯾﮭﺎ وﺗﻘوم ﺑﺈزﻋﺎﺟك .ﻛل
اﻟﻣﺣرﻛﺎت
ّ ﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﮭﺎ ،وﺿﺑط ﺳك ﺑﮭﺎ ،واﺳﺗدﻋﺎءھﺎ ،وﺗوﻟﯾد اﻟﻣﺷﺎﻋر ،واﻟ ّ إن ْ
ﺧﻠﻖَ اﻷﻓﻛﺎر ،واﻟﺗﻣ ّ ّ
ّ
ھﺎﺋﻼ ﻟﻠطﺎﻗﺔ .ﻣن أﯾن ﺗﺄﺗﻲ ﺗﻠك اﻟطﺎﻗﺔ ﻛﻠﮭﺎ؟ ﻟﻣﺎذا ﺗﻛون ھﻧﺎك ً ھدرا
اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟﻘوﯾﺔ ،ﻛل ذﻟك ﯾﺳﺑّب ً
طﺎﻗﺔ ﻣوﺟودة أﺣﯾﺎﻧﺎ ،وﻓﻲ أﺣﯾﺎن أﺧرى ﺗﺷﻌر أﻧك ﻣﺳﺗﻧزف ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل؟ ھل ﺳﺑﻖ وأن ﻻﺣظت أﻧك
ﻓﺈن ﻻ ﺷﻲء ﯾﻌﯾﻧك اﻟﺑﺗّﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺣﺗّﻰ اﻟطﻌﺎم؟ واﻟﻌﻛس ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻧزﻓًﺎ ،ﻋﻘﻠﯾﺎ وﻋﺎطﻔﯾﺎّ ،
ﺻﺣﯾﺢ ،ﻓﻠو ﻧظرت إﻟﻰ ﺑﻌض اﻷوﻗﺎت ﻣن ﺣﯾﺎﺗك ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣبّ أو ﻣﻧﺗﺷﯾًﺎ وﺳﻌﯾدًا
ﺑﺳﺑب ﺷﻲء ﻣﺎ ﻣﺛﻼ ،ﻓﺈﻧك ﺗﺷﻌر ﺣﯾﻧﮭﺎ أﻧّك ﺗﻣﺗﻠﺊ ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ أﻧّك ﻻ ﺗرﻏب ﻓﻲ ﺗﻧﺎول أ ّ
ي
ﺳﻌرات اﻟﺣرارﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺟﺳدك طﻌﺎم .ھذه اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺣن ﺑﺻدد ﻧﻘﺎﺷﮭﺎ ﻻ ﺗﺄﺗﻲ ﻣن ﻛﻣﯾّﺔ اﻟ ّ
ﺑﺣرﻗﮭﺎ ﻣن اﻟطﻌﺎم اﻟذي ﺗﺗﻧﺎوﻟﮫ .ﺑل ھﻧﺎك ﻣﺻدر داﺧﻠﻲ ﻟﻠطﺎﻗﺔ ﺗﺳﺗﻣد أﻧت ﻣﻧﮫ ﻣﺎ ﺗرﯾد .وھذا
اﻟﻣﺻدر ﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﻣﺻدر اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺧﺎرﺟﻲ.
ﺿﺎ إﻧّك ﻓﻲ وأﻓﺿل طرﯾﻘﺔ ﻟﻔﺣص ﻣﺻدر اﻟطﺎﻗﺔ ھذا ھو ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﻣﺛﺎل اﻟﺗﺎﻟﻲ .ﻟﻧﻘل اﻓﺗرا ً
اﻟﻌﺷرﯾﻧﯾّﺎت ﻣن اﻟﻌﻣر وأﻧّك ﺗﺧوض ﻋﻼﻗﺔ ﻋﺎطﻔﯾّﺔ ﻣﺎ ،وﻗد أﻋﻠﻧت ﺧطﯾﺑﺗك اﻧﺗﮭﺎء ﻣﺎ ﺑﯾﻧﻛﻣﺎ ﻣن
داوﻣت اﻟﻣﻛوث ﻓﻲ اﻟﺑﯾت وﺣﯾدا .ﺑﻌدھﺎ ،وﺑﺳﺑب ﻋدم َ ﻋﻼﻗﺔ ،ﻓﺄﺻﺑﺣت ﻣﻛﺗﺋﺑًﺎ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ أﻧك
وﺟود طﺎﻗﺔ ﻟدﯾك ﺣﺗﻰ ﻟﺗﻧظﯾف اﻟﻣﻛﺎن ،راﺣت اﻷﺷﯾﺎء ﺗﺗراﻛم ﻋﻠﻰ اﻷرض .ﺻرت ﺗﺷﻌر ﺑﺻﻌوﺑﺔ
ي ﺷﻲء ﺣﺗﻰ ﻣﻐﺎدرة اﻟﺳرﯾر ،ﻟذﻟك أﺻﺑﺣت ﺗﻘﺿﻲ ﻛل وﻗﺗك ﻧﺎﺋ ًﻣﺎ .ﻻﺑ ّد أﻧك ﻛﻧت ﺗﺗﻧﺎول ﻓﻌل أ ّ
ﺷﯾﺋﺎ ﻣن اﻟطﻌﺎم ﻷن ﺻﻧﺎدﯾﻖ اﻟﺑﯾﺗزا ﻣﻠﻘﺎة ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن ﻣن ﺣوﻟك .ﻟﻛن ﻻ ﯾﺑدو أن ھﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﻌﯾﻧك
ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ .أﻧت ﻓﻘط ﺧﺎ ٍل ﻣن أﯾّﺔ طﺎﻗﺔ .وﻛﻠﻣﺎ دﻋﺎك أﺻدﻗﺎؤك ﻟﻠﺧروج ﻣﻌﮭم ،اﻋﺗذرت .أﻧت
ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻣرھﻖ ﺟدا ﻟﺗﻘوم ﺑﻌﻣل أي ﺷﻲء.
ﻣﺧرج َ ﺗﻌرﺿوا ﻟﻣﺛل ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ وﻗت ﻣﺎ ﻣن ﺣﯾﺎﺗﮭم .ﺗﺷﻌر ﺣﯾﻧﮭﺎ أﻧﮫ ﻣﺎ ﻣن ﻣﻌظم اﻟﻧﺎس ّ
ﯾرن ﺟرس اﻟﮭﺎﺗف .إﻧﮭﺎ أﻣﺎﻣك ،وأﻧك ﺳﺗﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗك ھذه إﻟﻰ اﻷﺑد .ﻟﻛن ﻓﺟﺄة ،وﻓﻲ أﺣد اﻷﯾﺎم ّ
ﺧطﯾﺑﺗك .ﻧﻌم ﺻﺣﯾﺢ إﻧﮭﺎ ھﻲ ،ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗرﻛﺗك ﻣﻧذ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﮭر ﻣﺿت .ﻛﺎﻧت ﺗﺑﻛﻲ وﺗﻘول" ،أوه،
إن ﺗرﻛك ﻛﺎن أﻛﺑر ﯾﺎ إﻟﮭﻲ! ھل ﺗذﻛرﻧﻲ؟ أﺗﻣﻧﻰ أن ﺗﻌﺎود ﺣدﯾﺛك ﻣﻌﻲ .ﻟﻘد ﺷﻌرت ﺑﺷﻌور ﻓﺿﯾﻊّ .
ﻏﻠطﺔ ارﺗﻛﺑﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻲ .أدرﻛتُ اﻵن ﻛم أﻧت ُﻣﮭ ّم ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻲ ،وﻻ أﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻌﯾش دوﻧك .إن اﻟﺣبّ
اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﺷﻌرتُ ﺑﮫ طوال ﺣﯾﺎﺗﻲ ھو ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﻧﺎ ﻣﻌﺎ .ھل ﻟك أن ﺗﺳﺎﻣﺣﻧﻲ ،ﻣن ﻓﺿﻠك؟
ھل ﯾﻣﻛﻧك أن ﺗﻐﻔر ﻟﻲ؟ ھل أﺳﺗطﯾﻊ أن أﺣﺿر ﻟزﯾﺎرﺗك؟"
ّ
ﺻدﻗًﺎ ،ﻛم ﺳﯾﺳﺗﻐرق اﻷﻣر ﻣﻧك ﻛﻲ ﺗﻘﻔز ﺧﺎرج اﻟﺳرﯾر ،وﺗﻧظف اﻟﺷﻘﺔ، واﻵن ،ﻛﯾف أﺻﺑﺣت؟ ِ
اﻣﺗﻸت ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ ﻓور ﻧﮭﺎﯾﺔ َ وﺗﺳﺗﺣم ،وﺗﺳﺗﻌﯾد ﺑﻌض اﻟروﻧﻖ ﻟوﺟﮭك؟ ﻟﻘد ﺑﺎﺗت ﻋﻣﻠﯾّﺔ ﻟﺣظﯾّﺔ! ﻟﻘد
ﺧﺎﻣﻼ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ﻟﺷﮭور ﻣﺗواﻟﯾﺔ ،ﻟم ﺗكُ ﻟدﯾك أﯾﺔ طﺎﻗﺔ .ﺛ ّم ،وﻣن ً اﻟﻣﻛﺎﻟﻣﺔ .ﻛﯾف ﺣدث ذﻟك؟ ﻟﻘد ﻛﻧت
ﺣﯾث ﻻ ﺗﻌﻠم ،ﻓﻲ ﻏﺿون ﻟﺣظﺎت ،اﻧﺑﺛﻘت ﻓﯾك طﺎﻗﺔ ھﺎﺋﻠﺔ أﺛﺎرت دھﺷﺗك.
ﻻ ﯾﻣﻛﻧك ﺗﺟﺎھل ھذه اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﮭﺎﺋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺣدﺛت ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى طﺎﻗﺗك .ﻣن أﯾن ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد ﺟﺎء ذاك
ﺗﺣول ﻣﻔﺎﺟﺊ ﻓﻲ ﻋﺎدات ﻏذاﺋك أو ﻧوﻣك .ﻟﻛن ﻋﻧدﻣﺎ ي ّ اﻟﻛم اﻟﮭﺎﺋل ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ؟ ﻓﻠم ﯾﻛن ھﻧﺎك أ ّ
ظﮭرت ﺧطﯾﺑﺗك ،اﻧﺗﮭﻰ ﺑك اﻷﻣر ﻷن أﺻﺑﺣت ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ أن ﺗﺗﺣدّث طوال اﻟﻠﯾل وﺗﺳﺗطﯾﻊ
اﻟﺧروج ﻟﻣﺷﺎھدة ﺷروق اﻟﺷﻣس ﻓﻲ اﻟﺻﺑﺎح .وﻟم ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻹرھﺎق ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق .ﻓﺄﻧت وھﻲ ﻣﻌًﺎ
ﻣن ﺟدﯾد ﺗﻣﺳﻛﺎن ﯾ َدي ﺑﻌﺿﻛﻣﺎ ،وھذا اﻟﺗدﻓﻖ ﻣن اﻟﺳﻌﺎدة ﯾﻐﻣرك ﺑﻼ اﻧﻘطﺎع .ﯾﻧظر إﻟﯾك اﻟﻧﺎس
ﻣﺗﺣرﻛﺔ ﻣن اﻟﺿوء .ﻣن أﯾن ﺟﺎءت ﻛل ھذه اﻟطﺎﻗﺔ؟ ّ وﯾﻼﺣظون أﻧك ﺗﺷﺑﮫ ﺣزﻣﺔ
اﻟذي ﺳﺗﻼﺣظﮫ ﻟو ﻧظرت ﺑﺗﻣﻌّن ﻟﻠﻣوﺿوع ،ھو أﻧﮫ ﻟدﯾك ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻛﻣﯾّﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ.
وھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﻻ ﺗﺄﺗﯾك ﻣن اﻟطﻌﺎم وﻻ ﻣن اﻟﻧوم .ھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﻣﺗوﻓّرة ﻟدﯾك ﻋﻠﻰ اﻟدوام .وﺗﺳﺗطﯾﻊ
اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺗﻰ ﻣﺎ أردت .ھﻲ ﻓﻘط ﺗﺗدﻓﻖ ﺑﺎﺳﺗﻣرار وﺗﻣﻠؤك ﻣن اﻟداﺧل .وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﻣﺗﻠﺋﺎ
ﺑﻘوة ،ﻛﻠّﻣﺎ
ﺑﮭذه اﻟطﺎﻗﺔ ،ﺗﺷﻌر ﺑﺄﻧك ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺣﺗوي اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺄﻛﻣﻠﮫ ﻓﻲ داﺧﻠك .وﻛﻠﻣﺎ ﺗدﻓّﻘت اﻟطﺎﻗﺔ ّ
ﺷﻌرت ﻛﻣﺎ ﻟو أﻧﮭﺎ ﺗﺟري داﺧﻠك ﻛﮭﯾﺋﺔ اﻟ َﻣوج .ﺗﺷﻌر ﺑﮭﺎ ﺗﺗدﻓﻖ ﻣن داﺧل أﻋﻣﺎﻗك ،ﺗُﺟدّدك،
وﺗﻣﻠؤك ،وﺗُﻌﯾد ﺷﺣﻧك ﻣن ﺟدﯾد.
واﻟﺳﺑب اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﻣﻧﻌك ﻋن اﻟﺷﻌور ﺑﮭذه اﻟطﺎﻗﺔ طوال اﻟوﻗت ھو أﻧّك ﺗﺳ ّد ﺗدﻓّﻘﮭﺎ إﻟﯾك .ﺗﺳ ّد
ﺗدﻓّﻘﮭﺎ ﻋن طرﯾﻖ إﻏﻼق ﻗﻠﺑك وﻋﻘﻠك وﺳﺣب ﻧﻔﺳك إﻟﻰ ﻣﺳﺎﺣﺔ ﻣﻘﯾّدة داﺧﻠك .وھذا اﻟوﺿﻊ ﯾﻐﻠﻘك
ﻋن ﻛل ﻣﺳﺎرات اﻟطﺎﻗﺔ .ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺗﻐﻠﻖ ﻗﻠﺑك أو ﻋﻘﻠك ،ﻓﺄﻧت ﺗﺧﺗﺑﺊ ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣظﻠﻣﺔ ﻓﻲ داﺧﻠك.
ھﻧﺎك ،ﻣﺎ ﻣن وﺟود ﻟﻠﺿوء .ﻣﺎ ﻣن وﺟود ﻟﻠطﺎﻗﺔ .ﻻ ﺷﻲء ﯾﺗدﻓّﻖ .اﻟطﺎﻗﺔ ﻣﺎ ﺗزال ﻣوﺟودة ھﻧﺎك
ﻟﻛن ﻣﺎ ﻣن وﺳﯾﻠﺔ ﻟﮭﺎ إﻟﯾك.
ھذا ھو ﻣﻌﻧﻰ أﻧّك "ﻣﻐﻠَﻖ" .وﻟﮭذا ﻻ ﺗﻛون ﻟدﯾك أي طﺎﻗﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﻛﺗﺋﺑﺎ .ﻓﮭﻧﺎك ﻣراﻛز وﻗﻧوات
ﻣﻌﯾّﻧﺔ ﺗﺟري ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻟطﺎﻗﺔ .ﻟﻛن ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﻐﻠﻘﮭﺎ ،ﺗﺗوﻗف اﻟطﺎﻗﺔ .وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻔﺗﺢ ھذه اﻟﻘﻧوات
ﻣﺗﻧوﻋﺔ ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ ﻓﻲ داﺧﻠك ،ﻟﻛﻧك ﺗﻌرف ﺑدﯾﮭﯾﺎ أن ﺗﻌﺎود اﻟطﺎﻗﺔ ﺟرﯾﺎﻧﮭﺎ إﻟﯾك رﻏم وﺟود ﻣراﻛز ّ
ﺻﺎ أﻛﺛر ھذه اﻟﻣراﻛز ﻣﻌرﻓﺔ ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ ﻏﻠﻖ وﻓﺗﺢ ﻣﺳﺎرات اﻟطﺎﻗﺔ ھو ﻗﻠﺑك .ﻟﻧﻘل ﻣﺛﻼ أﻧّك ﺗﺣبّ أﺷﺧﺎ ً
ﻣﻌﯾّﻧﯾن ،وأﻧك ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻧﻔﺗﺎح ﻛﺑﯾر ﻓﻲ وﺟودھم .ﻓﺑﺳﺑب ﺛﻘﺗك اﻟﻛﺑﯾرة ﻓﯾﮭم ،ﺗﺗﺿﺎءل ﻛﺛﯾر ﻣن
اﻟﺣواﺟز ﺑﯾﻧك وﺑﯾﻧﮭم ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠك ﺗﺷﻌر ﺑطﺎﻗﺔ ھﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﺿورھم .ﻟﻛن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ أﻧﮭم ﻗﺎﻣوا ﻓﻲ
وﻗت ﻣﺎ ﺑﻌﻣل ﺷﻲء ﻣﺎ ﻻ ﺗﺣﺑﮫ ،ﻓﻠن ﺗﺷﻌر ﺑﻣﺛل ھذه اﻟطﺎﻗﺔ إذا ﻣﺎ اﻟﺗﻘﯾت ﺑﮭم ﻣرة أﺧرى .وﻟن
ﺻدر .ﯾﺣدث ﻛل ھذا ﻷﻧك ﺳﺎﺑﻖ .ﺑل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ،ﺳﺗﺷﻌر ﺑﺿﯾﻖ ﻓﻲ اﻟ ّ ﺗﺷﻌر ﺑﺣب ﻛﺑﯾر ﻟﮭم ﻛﺎﻟ ّ
ّ
أﻏﻠﻘت ﻗﻠﺑك ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺗﮭم .إن اﻟﻘﻠب ھو ﻣﺻدر ﻟﻠطﺎﻗﺔ ،ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾﻧﻔﺗﺢ أو ﯾﻧﻐﻠﻖ .ﻣﻌﻠﻣو اﻟﯾوﻏﺎ
ﯾطﻠﻘون ﻋﻠﻰ ﻣراﻛز اﻟطﺎﻗﺔ ﻣﺳ ّﻣﻰ " اﻟﺷﺎﻛرات" .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻐﻠﻖ ﻣرﻛز اﻟطﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺑك ،ﻓﺎﻟطﺎﻗﺔ ﻻ
ﺗﺗدﻓﻖ .وﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟطﺎﻗﺔ أن ﺗﺗدﻓﻖ ،ﯾﺣدث ھﻧﺎك ﺳواد .وﺑﺣﺳب ﻣﺳﺗوى ھذا اﻻﻧﻐﻼق ﻓﺄﻧت
إﻣﺎ أن ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻧزﻋﺎج ﻛﺑﯾر أو ﺑﺧﻣول ﺳﺎﺣﻖ .وﻛﺛﯾرا ﻣﺎ ﯾﺗذﺑذب اﻟﻧﺎس ﺑﯾن ھﺎﺗﯾن اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن .وﻓﻲ
ﻣوﻗف ﻣﺎ ،إذا ﻣﺎ ﻋرﻓت ﻻﺣﻘﺎ أن ﻣن ﺗﺣﺑﮭم ﻟم ﯾﻘوﻣوا ﺑﺎرﺗﻛﺎب أي ﺷﻲء ﺧطﺄ ،أو ﻟو ﻗدّﻣوا
اﻋﺗذارھم ﻟك ﻣن أﺟل إرﺿﺎﺋك ،ﻓﻘﻠﺑك ﺳﯾﻧﻔﺗﺢ ﻟﮭم ﻣن ﺟدﯾد .وﻣﻊ ھذا اﻻﻧﻔﺗﺎح ﺳﺗﻣﺗﻠﺊ ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ،
وﺳﯾﺗدﻓّﻖ اﻟﺣبّ ﻓﯾك ﻣن ﺟدﯾد.
اﻟﻣﺣرﻛﺔ ھذا؟ أﻧت ﺗﻣﻠك ﻓﻲ داﺧﻠكّ ﻛم ھﻲ ﻋدد اﻟﻣرات اﻟﺗﻲ اﺧﺗﺑرت ﻓﯾﮭﺎ ِﻋﻠم ﻗوى اﻟطﺎﻗﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ
ﺗﺣس ﺑﮫ اﻟﺑﺗّﺔ.
ّ ﻋﺎ ﺟﻣﯾﻼ ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ﻓﺈﻧك ﺗﺷﻌر ﺑﮫ ،وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﻐﻠﻘًﺎ ﻻ ﯾﻧﺑو ً
إن ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ ھذا ﯾﺄﺗﻲ ﻣن أﻋﻣﺎق وﺟودك .وﻗد ﺗم إطﻼق اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﺳﻣﯾﺎت ﻋﻠﯾﮫ .ﻓﻲ اﻟطبّ
اﻟﺻﯾﻧﻲ اﻟﻘدﯾم ،ﯾﺳ ّﻣﻰ "اﻟﺗﺷﻲ ".ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﯾوﻏﺎ ،ﯾطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮫ اﺳم " ﺷﺎﻛﺗﻲ ".ﻓﻲ اﻟﻐرب ﯾﺳ ّﻣوﻧﮫ
ﺳ ّﻣﮫ أﻧت ﻣﺎ ﺷﺋت .ﻛل اﻟﺗﻘﺎﻟﯾد اﻟروﺣﺎﻧﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺗﺣدّﺛت ﻋن طﺎﻗﺗك اﻟروﺣﯾّﺔّ ،إﻻ أﻧﮭم "اﻟروحَ ".
ّ
اﺧﺗﻠﻔوا ﻓﻲ ﺗﺳﻣﯾﺗﮭﺎ .ھذه اﻟطﺎﻗﺔ اﻟروﺣﯾﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﺗﺧﺗﺑرھﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧدﻓﻊ اﻟﺣب إﻟﻰ ﻗﻠﺑك .ھذا أﯾﺿﺎ ﻣﺎ
ﺗﺧﺗﺑره ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻣﻠؤك اﻟﺣﻣﺎس ﺑﺷﺄن أﻣر ﻣﺎ وﺗﺗدﻓّﻖ ﻛل ھذه اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻛﺑﯾرة ﻓﻲ داﺧﻠك.
ﺻك .إﻧﮭﺎ ﺣﻘّك اﻟﻣﻛﺗﺳب ﻣﻧذ ي ﺑك اﻵن أن ﺗﻌرف اﻟﻛﺛﯾر ﻋن ھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺷﻲء ﯾﺧ ّ َﺣ ِر ّ
وﻻدﺗك ،وھﻲ ﺑﻼ ﺣدود .أﻧت ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﺳﺗدﻋﺎءھﺎ ﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﺷﺋت .ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﮭذه اﻟطﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﻌﻣر .ھﻧﺎك
أﺷﺧﺎص ﻓﻲ اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﻧﯾّﺎت ﻣن اﻟﻌﻣر وﯾﻣﻠﻛون طﺎﻗﺔ ﺣﻣﺎﺳﯾﺔ ﻟطﻔل ﺻﻐﯾر .ﯾﺳﺗطﯾﻌون اﻟﻌﻣل ﻣﺛﻼ
ﻟﺳﺎﻋﺎت طوﯾﻠﺔ طوال أﯾﺎم اﻷﺳﺑوع .ھﻲ ﻓﻘط طﺎﻗﺔ .اﻟطﺎﻗﺔ ﻻ ﯾﻌﺗرﯾﮭﺎ اﻟﻛﺑر ،وﻻ ﺗﺗﻌب ،وﻻ ﺗﺣﺗﺎج
إﻟﻰ طﻌﺎم .ﻛل ﻣﺎ ﺗﺣﺗﺎﺟﮫ ھو اﻻﻧﻔﺗﺎح واﻻﺳﺗﻘﺑﺎل .وھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﻣﺗوﻓّرة ﻟدى اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺑﺎﻟﺗﺳﺎوي.
ﺻﺎ ﺟﯾّدًا ﻓﺈﻧّﮭﺎ ﺳﺗﺷرق ﻋﻠﯾك،ﻓﺎﻟﺷﻣس ﻻ ﺗُﺷرق ﻣﺧﺗﻠﻔﺔً ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس ﺣﺳب اﺧﺗﻼﻓﮭم .ﻓﺈن ﻛﻧت ﺷﺧ ً
وإن ﻛﻧت ﺳﯾّﺋًﺎ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺳﺗﺷرق ﻋﻠﯾك أﯾﺿﺎ .ھذا ھو اﻟوﺿﻊ ذاﺗﮫ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠطﺎﻗﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ .اﻻﺧﺗﻼف
اﻟوﺣﯾد ھو أﻧﮫ ﻣﻊ اﻟطﺎﻗﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،ﻟدﯾك اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻐﻼق اﻟداﺧﻠﻲ
ﺗﺟﺎھﮭﺎ وﻏﻠﻖ اﻷﺑواب .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﻧﻐﻠﻘﺎ ،ﻓﺎﻟطﺎﻗﺔ ﺗﺗوﻗف ﻋن اﻟﺗدﻓﻖ .أﻣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ،
ﻓﺗﻧدﻓﻊ اﻟطﺎﻗﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻲ داﺧﻠك .واﻟﺗﻌﺎﻟﯾم اﻟروﺣﺎﻧﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ھﻲ ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻻﻧﻔﺗﺎح ﻟﮭذه اﻟطﺎﻗﺔ.
اﻟﺷﻲء اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﻻﺑ ّد ﻣن ﻣﻌرﻓﺗﮫ ھو أن اﻻﻧﻔﺗﺎح ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠطﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﺗدﻓﻖ ،واﻻﻧﻐﻼق ﯾﻣﻧﻌﮭﺎ ﻋن
ﯾﻘرر ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﺗرﻏب ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟطﺎﻗﺔ أم ﻻ .وإﻟﻰ أي ﻣﺳﺗوى ﺗرﯾد أن ﺗﺻل اﻟﺗدﻓّﻖ .اﻵن أﻧت ﻣن ّ
ﺑﮭﺎ؟ ﻛم ﻣن اﻟﺣب ﺗرﯾد أن ﺗﺷﻌر ﺑﮫ؟ ﻛم ﻣن اﻟﺣﻣﺎس ﺗرﯾد أن ﺗﺷﻌر ﺑﮫ إزاء اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣﻠﮭﺎ؟
إذا ﻛﺎن اﻻﺳﺗﻣﺗﺎع اﻟﻛﺎﻣل ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة ﯾﻌﻧﻲ اﺧﺗﺑﺎر اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ واﻟﺣبّ واﻟﺣﻣﺎس ﻓﻲ ﻛل
اﻷوﻗﺎت ،إذن ﻻ ﺗﺳ ّد وﻻ ﺗﻐﻠﻖ اﻟﻘﻧوات اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﻟﮭذه اﻟطﺎﻗﺔ أﺑدا.
ھﻧﺎك طرﯾﻘﺔ ﺑﺳﯾطﺔ ﺟدا ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻔﺗﺎح اﻟداﺋم .وھو أن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟدوام .أﻧت ﺗﺑﻘﻰ
ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ﻋن طرﯾﻖ ﻋدم اﻻﻧﻐﻼق .ﻧﻌم ،إن اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﮭذه اﻟﺑﺳﺎطﺔ .ﻛل ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك ﻓﻌﻠﮫ ھو أن
ﯾﺳﺗﺣﻖ اﻻﻧﻐﻼق .وﻓﻲ اﻟواﻗﻊ أﻧت ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ّ ﺗﻘرر ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﻠﺑﻘﺎء ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ،أو أن اﻷﻣر
ّ
ﺗﻘوم ﺑﺗدرﯾب ﻧﻔﺳك ﻋﻠﻰ ﻧﺳﯾﺎن اﻻﻧﻐﻼق .اﻻﻧﻐﻼق ھو ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻌﺗﺎد ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺣﺎل ﻣﻊ ﻛل
اﻟﻌﺎدات اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻛﺳرھﺎ .ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﯾﻣﻛﻧك أن ﺗﻛون ذﻟك اﻟﻧوع ﻣن
واﻋﺗدت أن ﺗﻣﯾل إﻟﻰ اﻻﻧﻐﻼق ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻠﺗﻘﻲ َ اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﻟدﯾﮭم ﺧوف أﺳﺎﺳﻲ ﻣن اﻵﺧرﯾن
اﻋﺗدت اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺗوﺗر واﻻﻧﻛﻣﺎش ﻛﻠﻣﺎ اﻗﺗرب ﻣﻧك أﺣد .ھﻧﺎ َ ﻟﻠﻣرة اﻷوﻟﻰ .ﻓﻠرﺑﻣﺎ ﻗد
ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص ّ
اﻟﺗﺻرف اﻟﻣﻧﺎﻗض .ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗدرﯾب ﻧﻔﺳك ﻋﻠﻰ أن ﺗﻛون ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ّ ﺗﻌود ﻧﻔﺳك ﻋﻠﻰ ﻋﻣل ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ّ
ّ
ﺗﺟﺎه ﻛل ﺷﺧص ﺗراه .اﻷﻣر ﯾﺗﻌﻠّﻖ ﻓﻘط ﺑﺳؤال ﻧﻔﺳك ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﺗرﯾد اﻻﻧﻔﺗﺎح أو اﻻﻧﻐﻼق ﺗﺟﺎه
اﻵﺧر .اﻷﻣر ﺑﻛﻠﯾّﺗﮫ ﺗﺣت ﺳﯾطرﺗك.
ﻧدرب أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺳﯾطرة .ﻓﻔﻲ اﻟظروف اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،ﻧﺗرك ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻔﺗﺎﺣﻧﺎ ﺗﻛﻣن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ أﻧﻧﺎ ﻻ ّ
ﻟﻠﻌواﻣل اﻟﻧﻔﺳﯾّﺔ .وﻓﻲ اﻷﺳﺎس ،إﻧﻧﺎ ﻣﺑرﻣﺟون ﻋﻠﻰ أن ﻧﻧﻔﺗﺢ أو ﻧﻧﻐﻠﻖ اﻋﺗﻣﺎدًا ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺎرﺑﻧﺎ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ.
اﻧطﺑﺎﻋﺎﺗﻧﺎ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻣﺎ زاﻟت ﻣوﺟودة ﻓﻲ داﺧﻠﻧﺎ ،وﺗﺗ ّم إﺛﺎرﺗﮭﺎ ﺑﺄﺣداث ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗﺟري
ﺣوﻟﻧﺎ .ﻓﻠو ﻛﺎﻧت ھذه اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت ﺳﻠﺑﯾّﺔ ،ﻓﺳﻧﻣﯾل إﻟﻰ اﻻﻧﻐﻼق .ﻟﻛن ﻟو ﻛﺎﻧت اﻧطﺑﺎﻋﺎﺗﻧﺎ اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ
ﺷﻣﻣت راﺋﺣﺔ ﻣﺎ وﺗﻠك اﻟراﺋﺣﺔ ﺗذ ّﻛرك ﺑطﻔوﻟﺗك ﻋﻧدﻣﺎ إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ،ﻓﺳﻧﻘوم ﺑﺎﻻﻧﻔﺗﺎح .ﻟﻧﻔﺗرض ﻣﺛﻼ أﻧك ْ
وﺷﻣﻣﺗﮭﺎ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎن أﺣدھم ﯾطﺑﺦ ﻟك اﻟﻌﺷﺎء .إن ردّة ﻓﻌﻠك اﻵن وأﻧت ﺗﺷ ّم ھذه اﻟراﺋﺣﺔ ْ ﻛﻧت ﺻﻐﯾرا
ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺗﺟرﺑﺗك اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻣررت ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ .ھل ﻛﻧت ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﻣﺛﻼ وأﻧت ﺗﺗﻧﺎول
ﻋﺷﺎءك ﻣﻊ أﺳرﺗك؟ ھل ﻛﺎن اﻟطﻌﺎم ﻟذﯾذا؟ إن ﻛﺎن اﻷﻣر ﻛذﻟك ،ﻓﺷ ّﻣك ﻟﮭذه اﻟراﺋﺣﺔ اﻵن ﺳﯾُﺷﻌرك
ﺑﺎﻟدفء واﻻﻧﻔﺗﺎح .وإن ﻛﺎن اﻷﻣر ﻋﻛس ذﻟك وﻟم ﺗﻛن ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﺗﻧﺎول طﻌﺎﻣك ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ﯾوﻣﮭﺎ،
وﻟم ﯾﻛن ذﻟك اﻟطﻌﺎم ﯾﻌﺟﺑك ،ﻓﺳﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺗوﺗر واﻻﻧﻐﻼق .إن اﻷﻣر ﺣﻘﺎ ﺑﮭذه اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ .راﺋﺣﺔ ﻣﺎ
ﻗد ﺗﺟﻌﻠك ﺗﻧﻐﻠﻖ أو ﺗﻧﻔﺗﺢ ،وﻛذﻟك اﻷﻣر ﻋﻧد رؤﯾﺗك ﺳﯾّﺎرة ذات ﻟون ﻣﻌﯾّن ،أو ﺣﺗﻰ ﻧوع ﻣﺎ ﻣن
اﻷﺣذﯾﺔ ﯾﻠﺑﺳﮫ ﺷﺧص ﻣﺎ .ﻧﺣن ﻣﺑرﻣﺟون وﻓﻘﺎ ﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻟدرﺟﺔ أن ﻛل اﻷﻧواع
اﻧﺗﺑﮭت إﻟﻰ اﻷﻣر ﻟرأﯾت أن
َ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺣوﻟﻧﺎ ﻗد ﺗﺳﺑب اﻧﻔﺗﺎح طﺎﻗﺗﻧﺎ أو اﻧﻐﻼﻗﮭﺎ .وﻟو
ھذا ﻣﺎ ﯾﺣدث ﺑﺷﻛل ﻣﻧﺗظم ﻋﻠﻰ ﻣدار اﻟﯾوم.
ّ
أﻣرا ھﺎﻣﺎ ﻣﺛل ھذا ﻟﻠﻣﺻﺎدﻓﺔ ،أﻗﺻد ﺗدﻓﻖ طﺎﻗﺗك .إن ﻛﻧت ﺗﺣبّ ﻟﻛن ﻻ ﯾُﻔﺗرض ﺑك اﻟﺑﺗّﺔ أن ﺗﺗرك ً
ﻣت أن ﺗﻛون ﻓﻌﻼ ﺗرﯾد ذﻟك ،ﻓﺈذن ﻻ ﺗﻐﻠﻖ طﺎﻗﺗك إطﻼﻗﺎ .وﻛﻠّﻣﺎ ﺗﻌﻠّ َ أن ﺗﻛون طﺎﻗﺗك ﻣﺗدﻓّﻘﺔ ،وأﻧت ً
ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ،ﻛﻠّﻣﺎ ﺗدﻓّﻘت اﻟطﺎﻗﺔ داﺧﻠك .ﺗﻌﻠّم اﻻﻧﻔﺗﺎح ﻋن طرﯾﻖ اﻋﺗﯾﺎد ﻋدم اﻻﻧﻐﻼق .ﻓﻲ أي وﻗت
ﺗﺷﻌر أﻧك ﺑدأت ﺗﻧﻐﻠﻖ ،اﺳﺄل ﻧﻔﺳك ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﺗو ّد ﺣﻘﯾﻘﺔً أن ﺗﻘطﻊ ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ ﻟدﯾك .ﻷﻧك ﻟو
ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋ ّﻣﺎ ﯾﺟري ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك؟ ّ أردت ذﻟك ،ﻓﺄﻧت ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺗﻌﻠّم ﻛﯾف ﺗظ ّل ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ
ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﻌﺎھد ﻧﻔﺳك ﻋﻠﻰ أن ﺗﺳﺗﻛﺷف ﻗدرﺗك ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘﺑﺎل طﺎﻗﺔ ﻻ ﻣﺣدودة .ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن
ﺗﻘرر أﻧّك ﻟن ﺗﻧﻐﻠﻖ اﻟﺑﺗّﺔ .ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﺳﺗﺷﻌر أﻧّﮫ أﻣر ﻏﯾر طﺑﯾﻌﻲ وذﻟك ﻷﻧك ﺗﻣﯾل ﺑﺎﻟﻔطرة ﻟﻼﻧﻐﻼق ّ
ﻛﻧوع ﻣن اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ .ﻟﻛن إﻏﻼق ﻗﻠﺑك ﻻ ﯾوﻓّر ﻟك ﺣﻘﺎ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣن أي ﺷﻲء ،ھو ﻓﻘط ﯾﻔﺻﻠك ﻋن
ﻣﺻدر اﻟطﺎﻗﺔ ﻟدﯾك .وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،ھذا ﯾﺧدم ﻓﻘط ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻧﻐﻼﻗك ﻓﻲ اﻟداﺧل.
ﺳﺗﻛﺗﺷف أن اﻟﺷﻲء اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﺗرﯾده ﺣﻘﺎ ﻣن ھذه اﻟﺣﯾﺎة ھو أن ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺣﻣﺎس ،ﺑﺎﻟﻔرح ،واﻟﺣب.
ﻟو اﺳﺗطﻌت أن ﺗﺷﻌر ﺑﮭذه اﻷﺣﺎﺳﯾس طوال اﻟوﻗت ،ﻓﻣن ﯾﮭﺗم ﺑﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج؟ ﻟو ﻛﻧت
ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺣﻣﺎس ،وﺗﺷﻌر داﺋﻣﺎ ﺑﺎﻹﺛﺎرة ﺗﺟﺎه ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣر ﻋﻠﯾك ،ﻓﻠن ﯾﻛون ھﻧﺎك ﻓرق
ﻓﻲ ﻣﺎھﯾّﺔ ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ .ﻓﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﯾﺑﻘﻰ ﻣن اﻟﺟﻣﯾل اﻟﺷﻌور ﺑﮭذا اﻟﺷﻌور ﻓﻲ
اﻟداﺧل .أﻧت ﺗﺗﻌﻠم أن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋ ّﻣﺎ ﯾﺣدث .ﻟو ﺣﻘﻘت ذﻟك ﻓﺳﺗﻔوز وﺑﻼ ﻣﻘﺎﺑل
ﺑﺎﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﻛﺎﻓﺢ ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﯾﮫ ﻛل إﻧﺳﺎن :اﻟﺣب ،واﻟﺣﻣﺎس ،واﻹﺛﺎرة ،واﻟطﺎﻗﺔ .وﺳﺗﻧﺗﮭﻲ
ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺑﺈدراﻛك أن ﻣﺎ ﺗﻌﺗﻘد أﻧك ﺗﺣﺗﺎﺟﮫ ﻟﺗﺑﻘﻰ ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ھو ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي ﯾﺟﻌﻠك ﻣﻘﯾّدًا .ﻟو أﻧّك وﺿﻌت
ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك ﻛﻲ ﺗﻧﻔﺗﺢ ،ﻓﺄﻧت ﺑذﻟك ﺗﺣ ﱡد ﻣن اﻧﻔﺗﺎﺣك
وﻓﻖ ﺷروط ﻣﻌﯾّﻧﺔ .ﻣن اﻷﻓﺿل أن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن أي ﺷﻲء.
ﻛﯾف ﺗﺗﻌﻠّم أن ﺗﻛون ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ھﻲ ﻋﻣﻠﯾّﺔ ﺗﻌود إﻟﯾك .اﻟﺧدﻋﺔ اﻟﺟوھرﯾّﺔ ﻟذﻟك ھﻲ ﻓﻲ ّأﻻ ﺗﻧﻐﻠﻖ .إذا
أﻧت ﻟم ﺗﻧﻐﻠﻖ ،ﻓﺄﻧت ﺗﺗﻌﻠّم ﻛﯾف ﺗظ ّل ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ .ﻻ ﺗدع أي ﺷﻲء ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﯾﺻﺑﺢ ﻣﮭﻣﺎ ﻟدﯾك
إﻟﻰ اﻟدرﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻﺑﺢ ﻋﻧدھﺎ ﻣﺳﺗﻌدا ﻷن ﺗﻧﻐﻠﻖ .ﻛﻠّﻣﺎ ﺑدأ ﻗﻠﺑك ﺑﺎﻻﻧﻐﻼق ،ﻗُل ﻓﻘط" ،ﻻ ،أﻧﺎ ﻟن
َ
اﻟﻣوﻗف
َ أﻧﻐﻠﻖ .أﻧﺎ ﺳﺄﺑدأ ﻓﻲ اﻻﺳﺗرﺧﺎء .أﻧﺎ ﺳﺄدع ھذا اﻟﻣوﻗف ﯾﺣدث وﺳﺄﻛون ھﻧﺎك ﻣﻌﮫ ".أ َ ْﻛ ِرم
واﺣﺗ َرﻣﮫ ،وﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ .ﺑﻛل اﻟطرق واﻟوﺳﺎﺋل ،ﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ .اﺑذُل ﻗﺻﺎرى ﺟﮭدك .ﻟﻛن ﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ
ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن اﻟﻣوﻗف ،ﻓﻘط دﻋﮫ ﯾﻛون رﯾﺎﺿﺗك ﻓﻲ ذﻟك ّ ﺑﺎﻧﻔﺗﺎح .ﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ﺑﺈﺛﺎرة وﺣﻣﺎس.
يﺗﺻرف أ ّّ اﻟﯾوم .ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﻣﻧﺎﺳب ،ﺳﺗﻛﺗﺷف أﻧك ﻧﺳﯾت ﻛﯾف ﺗﻧﻐﻠﻖ ﺗﺟﺎه اﻷﺷﯾﺎء .وﻣﮭﻣﺎ
اﺻﻼ أﻧّك ﺗﻣﯾل إﻟﻰ اﻻﻧﻐﻼق .ﺳﺗﻌﺎﻧﻖ اﻟﺣﯾﺎة ﺑﻛ ّل ً ﺷﺧص ،وﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺔ ﻣﺎ ﯾﺣدث ،ﻓﻠن ﺗﺷﻌر
ﻗﻠﺑك وروﺣك .وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺑﻠﻎ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ ﺟدا ﺳﯾﻛون ﻣﺳﺗوى طﺎﻗﺗك ھﺎﺋﻼ ﺟدا .ﺳﯾﻛون ﻟدﯾك
ﻛل اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﺎﺟﮭﺎ وﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷوﻗﺎت .ﻓﻘط ﻋﻠﯾك أن ﺗﺳﺗرخ وﺗﻧﻔﺗﺢ ،وﺳﺗﺗدﻓﻖ ﻓﻲ داﺧﻠك
طﺎﻗﺔ ھﺎﺋﻠﺔ .إن ﻣﺎ ﯾﺣدّك ھو ﻓﻘط ﻗدرﺗك ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻘﺎء ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ.
إذا أردت ﺣﻘﺎ أن ﺗظ ّل ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ،ﻓﺎﻧﺗﺑﮫ ﻟﻸوﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻌر ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﺣبّ واﻹﺛﺎرة .وﻣن ﺛم اطرح
ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳك اﻟﺳؤال اﻟﺗﺎﻟﻲ" ،ﻟﻣﺎذا ﻻ أﺳﺗطﯾﻊ أن أﺷﻌر ھﻛذا طوال اﻟوﻗت؟ ﻟﻣﺎذا ﯾﺟب أن ﯾﺧﺗﻔﻲ ھذا
إن اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك واﺿﺣﺔ :ھذا اﻟﺷﻌور ﯾﺧﺗﻔﻲ ﻷﻧك اﺧﺗرت أن ﺗﻧﻐﻠﻖ .ﺑﺎﻻﻧﻐﻼق، اﻟﺷﻌور؟" ّ
رت ﺣﻘﺎ أن ﻻ ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻻﻧﻔﺗﺎح واﻟﺣبّ .أﻧت ﺗرﻣﻲ اﻟﺣبّ ﺑﻌﯾدا ﻋﻧك ﻓﻲ ﻛل اﻷوﻗﺎت. ﻗر َﺗﻛون ﻗد ّ
ﯾﺗﻔوه ﻓﯾﮭﺎ ﺷﺧص ﻣﺎ ﺑﺷﻲء ﻻ ﯾﻌﺟﺑك ،ﻋﻧدھﺎ ﺗﺗﺧﻠّﻰ أﻧت ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺣبّ إﻟﻰ أن ﺗﺣﯾن اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ّ
ﻋن اﻟﺣب .أﻧت ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺣﻣﺎس ﺗﺟﺎه ﻋﻣﻠك إﻟﻰ أن ﯾﻧﺗﻘد أﺣدھم ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ ،ﻋﻧدھﺎ ﺗرﻏب ﻓﻲ ﺗرك ھذا
ﺗﺳﺗﻣر ﻓﻲ
ّ اﻟﻌﻣل .إﻧّﮫ ﺧﯾﺎرك وﺣدك .ﻓﺄﻧت إ ّﻣﺎ أن ﺗﻧﻐﻠﻖ ﻷﻧك ﻻ ﺗﺣبّ اﻟذي ﯾﺣدث ،أو ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن
اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺣب واﻟﺣﻣﺎس ﺑﻌدم اﻧﻐﻼﻗك .طﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﺗﺣدّد اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺑّﮭﺎ وﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺣﺑّﮭﺎ،
ﻓﺳﺗظ ّل ﺗﻧﻔﺗﺢ وﺗﻧﻐﻠﻖ .أﻧت ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﺿﻊ ﺣدودا ﻟﺣدودك .أﻧت ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻌﻘﻠك ﺑﺧﻠﻖ ﻣﺣﻔّزات
ﺗﺟرأ و ُﻛن ﻣﺧﺗﻠﻔًﺎ .ﺗﻣﺗّﻊ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل.
ﻻﻧﻔﺗﺎﺣك واﻧﻐﻼﻗك .دع ﻋﻧك ھذا اﻷﻣرّ .
ﻛﻠّﻣﺎ ﺑﻘﯾت ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ،ﺻﺎر ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻣﺗدﻓّﻘﺔ أن ﺗﺑﻧﻲ وﺗﻌ ّﻣر .وﻋﻧد ﻧﻘطﺔ ﻣﺎ ،ﺳﺗﺄﺗﯾك طﺎﻗﺔ ﻛﺑﯾرة
ﺗﺑدأ ﺑﺎﻟﺗدﻓﻖ ﺣﺗﻰ إﻟﻰ ﺧﺎرﺟك .ﺳﺗﺷﻌر ﺑﮭﺎ ﻛﺎﻷﻣواج ﺗﻧﺳﻛب ﻋﺑرك ﻟﻠﺧﺎرج .ﺳﺗﺷﻌر ﺑﮭﺎ ﺗﺗدﻓﻖ ﻣن
ﯾدﯾك ،ﻣن ﻗﻠﺑك ،وﻣن ﻣﺻﺎدر أﺧرى ﻟﻠطﺎﻗﺔ ﻓﯾك .ﻛل ﻣراﻛز اﻟطﺎﻗﺔ ھذه ﺳﺗﻧﻔﺗﺢ ،وﻛ ﱞم ھﺎﺋل ﻣن
أن ھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﺳﺗؤﺛّر ﻓﻲ اﻟﻧﺎس اﻵﺧرﯾن .اﻟﻧﺎس اﻟطﺎﻗﺔ ﺳﯾﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺗدﻓّﻖ ﻣﻧك .واﻷﻛﺛر ﻣن ذﻟك ّ ّ
اﻵﺧرون ﺳﯾﺗﺄﺛّرون ﺑطﺎﻗﺗك ،وﺳﺗﻘوم أﻧت ﺑﺗزوﯾدھم ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ .وإن اﺳﺗطﻌت أن ﺗﻧﻔﺗﺢ أﻛﺛر ﻓﺄﻛﺛر،
ﻣﺻدرا ﻟﻠﻧور ﻟﺟﻣﯾﻊ ﻣن ﺣوﻟك. ً ﻓﻠن ﺗﺗوﻗف ھذه اﻟطﺎﻗﺔ أﺑدًا .ﺳﺗﺻﺑﺢ أﻧت
ﻓﻘط اﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻻﻧﻔﺗﺎح وﻻ ﺗﻧﻐﻠﻖ .اﻧﺗظر ﺣﺗﻰ ﺗرى ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺣدث ﻟك .ﺳﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺑﮭذه اﻟطﺎﻗﺔ
اﻟﺗﺄﺛﯾر ﺣﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺻ ّﺣﺔ ﺑدﻧك .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺑدأ ﺑﺎﻟﺷﻌور ﺑﻘدوم ﻣرض ﻣﺎ ،ﻗم ﻓﻘط ﺑﺎﻻﺳﺗرﺧﺎء َ اﻟﻣﺗدﻓﻘﺔ
ي ،وﺑﺈﻣﻛﺎن ھذه اﻟطﺎﻗﺔ أن واﻻﻧﻔﺗﺎح .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﻔﺗﺢ ﻓﺈﻧك ﺗﺟﻠب ﻣزﯾدًا ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ إﻟﻰ ﻧظﺎم اﻟﺟﺳد ّ
ﺗﺷﻔﯾك .اﻟطﺎﻗﺔ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺷﻔﻲ ،وھذا ھو اﻟﺳﺑب اﻟﻛﺎﻣن وراء ﻗدرة طﺎﻗﺔ اﻟﺣب ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻔﺎء.
وﺑﺎﻛﺗﺷﺎﻓك ﻟطﺎﻗﺗك اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،ﺳﯾﻧﻔﺗﺢ أﻣﺎﻣك ﻋﺎﻟم ﻛﺎﻣل ﻣن اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎت.
ﻣوﺿوع طﺎﻗﺗك اﻟداﺧﻠﯾﺔ ھو ﻣن أھ ّم اﻟﻣواﺿﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة .إذا ﻛﻧت دوﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إرھﺎق وﻻ ﯾوﺟد
داﺧﻠك ﺣﻣﺎس ،ﻓﺎﻟﺣﯾﺎة ﻻ ﺗﻛون ﻣﻣﺗﻌﺔ .ﻟﻛن ﻟو ﻛﻧت ُﻣﻧﺗﺷﯾًﺎ وﻣﻣﺗﻠﺋًﺎ ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ دو ًﻣﺎ ،ﻓﺈن ﻛ ّل دﻗﯾﻘﺔ ﻓﻲ
ﻛل ﯾوم ﺗﺻﺑﺢ ﺗﺟرﺑﺔ ﻣﻣﺗﻌﺔ .ﺗﻌﻠّم ﻛﯾف ﺗدﯾر ھذه اﻷﻣور وﺗﻌﻣل ﻣﻌﮭﺎ .وﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺄ ّﻣل،
واﻟوﻋﻲ ،واﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﺟﮭد اﻟﻣﺑذول ،أن ﺗﺗﻌﻠّم ﻛﯾف ﺗُﺑﻘﻲ ﻗﻧوات طﺎﻗﺗك ﻣﻔﺗوﺣﺔ وﻣﺗدﻓّﻘﺔ .ﺗﺳﺗطﯾﻊ
اﻟرﻛون إﻟﻰ ﻣﻔﮭوم أن واﻟﺗﺣرر .ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻋﻣل ذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻋدم ّ ّ ﻋﻣل ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻻﺳﺗرﺧﺎء
ھﻧﺎك ﺷﻲء ﯾﺳﺗﺣﻖ أن ﺗﻧﻐﻠﻖ ﻣن أﺟﻠﮫ .وﺗذ ّﻛر ،ﻟو ﻛﻧت ﺗﺣبّ اﻟﺣﯾﺎة ،ﻓﻼ ﺷﻲء ﻓﯾﮭﺎ ﯾﺳﺗﺣﻖ أن
ﺗﻧﻐﻠﻖ ﻷﺟﻠﮫ! ﻻ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﯾﺳﺗﺣﻖ أن ﺗﻐﻠﻖ ﻗﻠﺑك ﻣن أﺟﻠﮫ.
ﻲ
ﺳﺎدس :أﺳرار اﻟﻘﻠب اﻟروﺣ ّ
اﻟﻔﺻل اﻟ ّ
ھﻧﺎك ﻗﻠﯾ ٌل ﺟدا ﻣن اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﯾﻔﮭﻣون ﻣﺎھﯾّﺔ اﻟﻘﻠب .ﻗﻠﺑك ﺣﻘﯾﻘﺔً ھو واﺣد ﻣن رواﺋﻊ اﻟﺧﻠﻖ.
ﻛﺛﯾرا ﻣﺎ ﯾﺻدر ﻋن آﻻت اﻟﺑﯾﺎﻧو، ً إﻧﮫ ﺟﮭﺎز اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ .ﯾﻣﻠك إﻣﻛﺎﻧﯾّﺔ ﺧﻠﻖ ذﺑذﺑﺎت وأﻧﻐﺎم ﺗﻔوق
واﻷوﺗﺎر ،واﻟﻣزاﻣﯾر .أﻧت ﺗﺳﻣﻊ ﻟﺣنَ آﻟﺔ ،ﻟﻛﻧّك ﺗﺷﻌر ﺑﮭذا اﻟﻠﺣن ﻓﻲ ﻗﻠﺑك .وﻟو ﻛﻧت ﺗﻌﺗﻘد ﺑﺄﻧك
ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻵﻟﺔ ﻓذﻟك ﻓﻘط ﻷن ﻟﺣﻧﮭﺎ ﯾﻠﻣس ﺷﻐﺎف ﻗﻠﺑك .ﻗﻠﺑك ھو آﻟﺔ ﻣﺻﻧوﻋﺔ ﻣن طﺎﻗﺔ ﺑﺎرﻋﺔ إﻟﻰ
أﺑﻌد ﺣدّ ،ﻟﻛن اﻟﻘﻠﯾل ﻣن اﻷﺷﺧﺎص ﻓﻘط ھم اﻟذﯾن ﯾﻘدّروﻧﮭﺎ.
ﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻘﻠب ﺗﺗﺣﻛم ﻓﻲ ّ ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،ﯾﻘوم اﻟﻘﻠب ﺑﻌﻣﻠﮫ دون رﻗﺎﺑﺔ .ورﻏم أن
أﻣر ﻏﯾر ﻣﻔﮭوم .ﻓﻠو ﺣدث ﻓﻲ أي وﻗت ﻣن اﻷوﻗﺎت أن اﻟﺗﺻرﻓﺎت ھﻲ ٌ
ّ ﻣﺟرﯾﺎت ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ ،إﻻ أن ﺗﻠك
اﻧﻔﺗﺢ اﻟﻘﻠب ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺟد أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻗد وﻗﻌﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺣبّ .وﻟو ﺣدث ﻓﻲ أي وﻗت ﻣن اﻷوﻗﺎت أن اﻧﻐﻠﻖ
اﻟﻘﻠب ،ﻓﺈن اﻟﺣبّ ﯾﺗوﻗف .وﻟو ﺣدث وأن ُﺟ ِر َح اﻟﻘﻠب ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﻐﺿب ،وﻟو ﺗوﻗﻔﻧﺎ ﻋن اﻟﺷﻌور ﺑﮫ
ﺗﻣﺎ ًﻣﺎ ،ﻓﺳﻧﺻﺑﺢ ﻓﺎرﻏﯾن ﻣن اﻟداﺧل .ﻛل ھذه اﻟﺗﻐﯾﯾرات ﺗﺣدث ﻷن اﻟﻘﻠب ﺗﺗﺑدّل أﺣواﻟﮫ .ﺗﺑدّﻻت
اﻟطﺎﻗﺔ ھذه وﺗﻐﯾراﺗﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث داﺧل اﻟﻘﻠب ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﯾّر ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ .أﻧت ﺗﻌﺗﺑر ﻧﻔﺳك ﺷﯾﺋﺎ واﺣدا
ﻣﻊ ﺗﺑدﻻت اﻟطﺎﻗﺔ ﺗﻠك ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﺗﺳﺗﻌﻣل ﺿﻣﺎﺋر اﻟﻣﺗﻛﻠّم " أﻧﺎ" و "إﯾّﺎي" ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺷﯾر إﻟﻰ ﻣﺎ
أﻧت َﻣن ﯾﺧﺗﺑر ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟﻘﻠﺑك.
ﯾﺣدث داﺧل ﻗﻠﺑك .ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أﻧت ﻟﺳت ﻗﻠﺑك .ﺑل َ
ّ
إن اﻟﻘﻠب ،ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،ﺑﺳﯾط ﺟدا وﯾﺳ ُﮭل ﻓﮭﻣﮫ .إﻧﮫ ﻣرﻛز ﻟﻠطﺎﻗﺔ .إﻧﮫ واﺣد ﻣن أﺟﻣل وأﻗوى ّ
ﻣراﻛز اﻟطﺎﻗﺎت ،وواﺣد ﻣن اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ اﻟﯾوﻣﯾﺔ .وﻛﻣﺎ رأﯾﻧﺎ ،ﻓﺈن أي ﻣرﻛز ﻣن
ﻣراﻛز اﻟطﺎﻗﺔ ھو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﻧطﻘﺔ ﻓﻲ وﺟودك ﺗﺗﻣرﻛز ﻓﯾﮭﺎ اﻟطﺎﻗﺔ وﺗﻧﺗﺷر ﻣﻧﮭﺎ وﺗﺗدﻓّﻖ .ﺗدﻓّﻖ
اﻟروح ،أو اﻟﺗﺷﻲ ،وھو ﯾﻠﻌب دورا ﺻﻌﺑﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك .أﻧت اﻟطﺎﻗﺔ ھذا ﯾﺗم اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﮫ ﺑﺎﻟ ّ
ﺷﺎﻛرا ،أو ّ
ﺗﺷﻌر ﺑطﺎﻗﺔ اﻟﻘﻠب طوال اﻟوﻗت .ﻓ ّﻛر ﻓﻲ اﻟوﺿﻊ وأﻧت ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺣب ﻓﻲ ﻗﻠﺑك .ﻓ ّﻛر ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ
إﺣﺳﺎﺳك ﺑﺎﻹﻟﮭﺎم واﻟﺣﻣﺎس وھو ﯾﻧﺳﻛب ﻣن ﻗﻠﺑك .ﻓ ّﻛر ﻛﯾف ھو ﺣﺎﻟك وأﻧت ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ ﺗﻐﻣر
ﻗﻠﺑك وﺗﺟﻌﻠك ﻗوﯾﺎ وواﺛﻘًﺎ ﻣن ﻧﻔﺳك .ﻛل ذاك ﯾﺣدث ﻷن اﻟﻘﻠب ھو ﻣرﻛز ﻟﻠطﺎﻗﺔ.
اﻟﻘﻠب ﯾﺗﺣ ّﻛم ﻓﻲ ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ ﺑﺎﻧﻔﺗﺎﺣﮫ واﻧﻐﻼﻗﮫ .وھذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻘﻠب ﯾﻌﻣل ﻛﺎﻟﺻ ّﻣﺎم ،اﻟذي ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ
أن ﯾﺳﻣﺢ ﻟﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ أن ﯾﻌﺑر ،أو ﯾﻣﻧﻌﮫ ﻣن اﻟﻌﺑور .ﻟو ﻗﻣت ﺑﻣراﻗﺑﺔ ﻗﻠﺑك ،ﻓﺳﺗدرك ﻛﯾف ﯾﻛون
اﻟﺷﻌور ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﻘﻠب ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ وﻛﯾف ھو اﻟﺷﻌور ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ﻣﻧﻐﻠﻘﺎ .ﻓﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﻠب ﻣﺗﻐﯾرة ﺑﺷﻛل
ﯾﺗﻔوه أﺣدھم
ﻣﻧﺗظم ﺟدا .ﻗد ﺗراودك ﻣﺷﺎﻋر ﻋظﯾﻣﺔ ﻣن اﻟﺣب ﻓﻲ ﺣﺿور أﺷﺧﺎص ﻣﻌﯾّﻧﯾن ،إﻟﻰ أن ّ
ﺑﺷﻲء ﻻ ﺗﺣﺑّﮫ .ﻋﻧدھﺎ ﯾﻧﻐﻠﻖ ﻗﻠﺑك ﺗﺟﺎھﮭم ،ﻓﻼ ﺗﻌود ﺗﺷﻌر ﻧﺎﺣﯾﺗﮭم ﺑﺎﻟﺣبّ ﻧﻔﺳﮫ .ﺟﻣﯾﻌﻧﺎ ﻣررﻧﺎ
ﺑﻣﺛل ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﻟﻛن ﻣﺎ ھو ﺗﺣدﯾدا اﻟذي ﺗﺳﺑّب ﻓﻲ ذﻟك؟ وﺑﻣﺎ أﻧﻧﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ اﺧﺗﺑرﻧﺎ ﺣﺎﻻت اﻟﻘﻠب،
ﺳن ﺑﻧﺎ ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺟري ھﻧﺎك داﺧل ﻗﻠوﺑﻧﺎ. ﻓﻠرﺑﻣﺎ ﯾﺣ ُ
ﻧﺑدأ ھذا اﻟﺗﺣﻠﯾل ﺑطرح اﻟﺳؤال اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ :ﻣﺎ ھو ھذا اﻟﺷﻲء اﻟﺧﺎص ﺑﮭﯾﻛل ﻣرﻛز اﻟﻘﻠب
واﻟذي ﯾﺳﻣﺢ ﻟﮫ ﺑﺎﻻﻧﻐﻼق؟ ﺳﺗﻛﺗﺷف أن اﻟﻘﻠب ﯾﻧﻐﻠﻖ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻌرﻗل ﺑﺄﻧﻣﺎط ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﻛﺗﻣﻠﺔ
واﻟﻣﺧزﻧﺔ ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ .أﻧت ﺗﺣﺗﺎج ﻓﻘط إﻟﻰ اﻟﻧظر ﻓﻲ ﺗﺟﺎرﺑك اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﻟﺗﻔﮭم ذﻟك .ﻓﻣﻊ اﻷﺣداث
اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم ،ﯾﺻل إﻟﯾك ﻣﻌﻧﺎھﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺣواس اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑك وﺗؤﺛر ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ
ﻟوﺟودك .اﻟﻣرور ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭذه اﻷﺣداث ﻟرﺑﻣﺎ ﺟﻠﺑت إﻟﯾك ﺑﻌض ﻣﺷﺎﻋر اﻟﺧوف،
وﺑﻌض ﻣﺷﺎﻋر اﻻﺿطراب ،أو رﺑﻣﺎ ﺑﻌض ﻣﺷﺎﻋر اﻟﺣب .ﺗﺣدُث ﻓﻲ داﺧﻠك ﺗﺟﺎرب ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وذﻟك
ﯾﻌود إﻟﻰ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻘﺑل ﺑﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟم وﺗﮭﺿم أﺣداﺛﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﻣر ﺑك .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﺗﻘﺑل اﻟﻌﺎﻟم ﻣن
ﺧﻼل ﻣﺷﺎﻋرك ،ﻓﮭذا ﻋﺑﺎرة ﻋن طﺎﻗﺔ ﺗدﺧل ﻓﻲ وﺟودك .اﻷﺷﯾﺎء ﻻ ﺗﺄﺗﻲ إﻟﻰ ﻋﻘﻠك أو إﻟﻰ ﻗﻠﺑك
ﻟﺗﺗﺣول إﻟﻰ ﻧﻣطّ ﺑﺷﻛﻠﮭﺎ اﻟﺗﻲ ھﻲ ﻋﻠﯾﮫ .اﻷﺷﻛﺎل ﺗﺑﻘﻰ ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ،ﻟﻛن ﺗﺗم ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮭﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺷﺎﻋرك
ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ ﺑﺈﻣﻛﺎن ﻋﻘﻠك وﻗﻠﺑك اﺳﺗﻘﺑﺎﻟﮫ واﺧﺗﺑﺎره .ﻗﺎم اﻟ ِﻌﻠم ﺑﺗوﺿﯾﺢ ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾّﺔ اﻟﺣﺳﯾّﺔ ﻟﻧﺎ ﻋن
طرﯾﻖ ﻋﻣل اﻟﻌﯾن .ﻓﻌﯾﻧﺎك ﻟﯾﺳﺗﺎ ﻧﺎﻓذﺗﯾن ﺗﻧظر ﻋﺑرھﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻘط ﺑل ھﻣﺎ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻛﺎﻣﯾرا
ﺗﻘوم ﺑﺈرﺳﺎل ﺻور إﻟﯾﻛﺗروﻧﯾﺔ إﻟﯾك ﻣن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ .وھذه ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﻧطﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺷﺎﻋرك
ﺗﺣول اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ،وﺗﻧﻘل اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ﻣن ﺧﻼل ﻧﺑﺿﺎت اﻟﻌﺻب ﺳس اﻟﻌﺎﻟمّ ، اﻷﺧرى .ﻣﺷﺎﻋرك ﺗﺗﺣ ّ
ﻲ ،وﻣن ﺛم ﯾﻘوم ﻋﻘﻠك ﺑﺎﺳﺗﺧراج اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ .ﻣﺷﺎﻋرك ھﻲ أﺟﮭزة اﻻﺳﺗﺷﻌﺎر اﻟﻛﮭرﺑﺎﺋ ّ
اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾّﺔ .ﻟﻛن ﻟو ﻛﺎن ﻧﻣط اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻘﺎدم إﻟﯾك ﯾﺛﯾر اﺿطراﺑﺎت ﻣﺎ ،ﻓﺳﺗﻘوم أﻧت ﺑﻣﻘﺎوﻣﺗﮭﺎ وﻟن
ﺗﺳﻣﺢ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟدﺧول ﻋﺑرك .وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑذﻟك ،ﻓﻧﻣط اﻟطﺎﻗﺔ ھذا اﻟﻘﺎدم إﻟﯾك ﯾﺗ ّم ﺻدّه ﻓﻲ داﺧﻠك.
ھﻧﺎ ﻣﺳﺄﻟﺔ ھﺎﻣﺔ ﺟدا .وﻟﻛﻲ ﻧﻔﮭم ﻋﻠﻰ ﻧﺣو أﻓﺿل ﻣﻌﻧﻰ أن ﺗﻛون ھذه اﻟطﺎﻗﺎت ﻣﺧزﻧﺔ داﺧﻠك،
دﻋوﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﻧﺧﺗﺑر اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻟو ﻟم ﺗﻛن ھﻧﺎك أي طﺎﻗﺔ ﻣﺧزﻧﺔ ﻓﻲ اﻟداﺧل .ﻣﺎذا ﻟو أن
ﻛل ﺷﻲء ﯾﻌﺑر ﻣﺑﺎﺷرة ﻋﺑرك؟ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘود ﺳﯾﺎرﺗك ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾﻖ اﻟﺳرﯾﻊ ،ﻓﺄﻧت
ي اﻧطﺑﺎع .ﻓﺄﺛرھﺎ ﺗﻣر ﻓﻲ طرﯾﻘك ﻋﻠﻰ اﻵﻻف ﻣن اﻷﺷﺟﺎر .ھذه اﻷﺷﺟﺎر ﻻ ﺗﺗرك ﻓﻲ داﺧﻠك أ ّ
ﻣﺑﺎن،
ٍ ﺳﯾر ﺗرى ﻣزﯾدًا ﻣن اﻷﺷﺟﺎر ،وﺗرى أﯾﺿﺎ ﺗﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟ ّ
ّ ﻓورا ﺑﻌد اﻟﻧظر إﻟﯾﮭﺎ .وﺑﯾﻧﻣﺎ
ﯾﺧﺗﻔﻲ ً
ﻣﺟرد اﻧطﺑﺎع ّ وﺳﯾّﺎرات أﺧرى ،ﻟﻛن ﻻ ﺷﻲء ﻣﻧﮭﺎ ﯾﺗرك اﻧطﺑﺎﻋﺎ ﯾدوم داﺧﻠك .ﺑل ﻛ ّل ﻣﺎ ھﻧﺎﻟك ھو
ﺟراء رؤﯾﺗﮭﺎ .ﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء إذن ﺗﺄﺗﯾك وأﻧت ﺗﺳﺗﻘﺑﻠﮭﺎ ﻋﺑر اﻟﻣﺷﺎﻋر وﺗﺗرك اﻧطﺑﺎﻋﺎت ﻣﺎ ﻓﻲ ﻲ ّ ﻟﺣظ ّ
ذھﻧك ،ﻟﻛﻧﮭﺎ ﺗﺧﺗﻔﻲ ﺑﺎﻟﺳرﻋﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ اﻧطﺑﻌَت ﺑﮭﺎ ﺗﻠك اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت داﺧﻠك .ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ﺑﯾﻧك
وﺑﯾن اﻷﺷﯾﺎء ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﺎ ،ﺗﺣدُث ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت ﺑﺣرﯾّﺔ.
ﺳﻲ اﻟﻌﺎم .ﻓﻣن اﻟﻣﻔﺗرض أن ﯾﻘوم ھذا اﻟﻧظﺎم ﺑﺎﺳﺗﻘﺑﺎل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﺣﯾطﺔ ھﻛذا ﯾﻌﻣل ﻧظﺎم اﻹدراك اﻟﺣ ّ
ﺑﮫ ،ﯾﺗرك ﻟك اﻟﻣﺟﺎل ﻟﺗﺧﺗﺑرھﺎ ،ﺛ ّم ﯾﺗرﻛﮭﺎ ﺗﻌﺑُر إﻟﻰ داﺧﻠك ﻣن أﺟل أن ﺗﻛون ﺣﺎﺿرا ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ
اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ .وطﺎﻟﻣﺎ ﻛﺎن ھذا اﻟﻧظﺎم ﯾﻌﻣل وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻌّﺎﻟﺔ ،ﻓﻛﻼﻛﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام .وﺳﺗﻛون أﻧت
ﺗﻌﯾش وﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺗﺟرﺑﺔ ﺗﻠو اﻷﺧرى .ﻗﯾﺎدة اﻟﺳﯾﺎرة ھﻲ ﺗﺟرﺑﺔ ،ﻣرورك ﺑﺎﻷﺷﺟﺎر وأﻧت ﺗﺳﯾر أﯾﺿﺎ
ﺗﺟرﺑﺔ ،وﻣرور اﻟﺳﯾﺎرات ﺑك ھﻲ أﯾﺿﺎ ﺗﺟرﺑﺔ أﺧرى .ھذه اﻟﺗﺟﺎرب ﻛﻠﮭﺎ ھﻲ ﻓﻲ اﻷﺻل ﻋﺑﺎرة
ﺗﺄﺛﯾرا
ً ﻲ ﻋظﯾم .ﻓﮭﻲ ﺗﻌﺑر إﻟﯾك ،ﺗوﻗظك وﺗﺣﻔّزك .ﻛﻣﺎ ﺗُﺣدِث ﻋن ﻧِﻌَ ٍم ُﻣﮭداةٍ إﻟﯾك ،ﻛﻔﯾﻠم ﺳﯾﻧﻣﺎﺋ ّ
ﻋﻣﯾﻘًﺎ ﻓﻲ داﺧﻠك .ﻓﻛل ﻟﺣظﺔ ﺑﻌد اﻷﺧرى ،ﺗﺄﺗﯾك اﻟﺗﺟﺎرب وأﻧت ﺗﺗﻌﻠّم وﺗﻛﺑر .ﻗﻠﺑك وﻋﻘﻠك ﯾﺗّﺳﻌﺎن
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗُﻠ َﻣس أﻧت ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻋﻣﯾﻖ ﺟدا .وإذا اﻋﺗﺑرﻧﺎ أن اﻟﺗﺟرﺑﺔ ھﻲ أﻓﺿل ﻣﻌﻠّم ،ﻓﻠﯾس ھﻧﺎك ﻣﺎ
ﯾﺿﺎھﻲ ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﯾﺎة.
ﺗﻣر ﺑك اﻵن ،ﺛم ﺗﺧﺗﺑر اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﯾﮭﺎ ﺛ ّم اﻟﺗﻲ وﻣﻌﻧﻰ أن ﺗﻌﯾش اﻟﺣﯾﺎة ھو أن ﺗﺧﺗﺑر اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ّ
ﺗﻠﯾﮭﺎ ،وھﻛذا دواﻟﯾك .ھﻧﺎك اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻻﺧﺗﺑﺎرات اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺄﺗﻲ وﺗﻣر ﻋﺑرك .إﻧﮫ ﻧظﺎم اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ ﻓﻲ
در ًﻛﺎ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟﻣﺎ ﯾﺟري ﺣﺎل ﻟو ﻛﺎن ﯾﻌﻣل ﺑدﻗّﺔ .وﻟو اﺳﺗطﻌت أن ﺗﺣﯾﺎ ﺑﮭذه اﻟطرﯾﻘﺔ ،ﺳﺗﻛون ﻛﺎﺋﻧﺎ ُﻣ ِ
ﻟك وﺣوﻟك .ھﻛذا ﯾﻌﯾش اﻟﻧّﺎس اﻟﻣﺗﯾﻘظون ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ "اﻵﻧﯾّﺔ" .ﻓ ُﮭم ﺣﺎﺿرون ،واﻟﺣﯾﺎة ﺣﺎﺿرة،
ﯾﻣر ﻋﺑرھم .ﺗﺧﯾّل ﻟو أﻧك ﺣﺎﺿر ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻣﻊ ﻛ ّل ﺗﺟرﺑﺔ ﻣن ﺗﺟﺎرب اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ واﻟوﺟود ﺑﻛﺎﻣﻠﮫ ّ
وﻣﺗﺣرﻛﺔ ﻷﻧّك ﺣﯾﻧﮭﺎّ ّ
ﺗﻣر ﺑك وﺗﻠﻣس أﻋﻣﺎق وﺟودك .ﻋﻧدھﺎ ،ﺳﺗﻐدو ﻛ ّل ﻟﺣظﺔ ﺗﺟرﺑﺔ ﻣﺣﻔزة ّ
ﺳﺗﻛون ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ،واﻟﺣﯾﺎة ﺳﺗﺗدﻓّﻖ ﻣﺑﺎﺷرة ﻣن ﺧﻼﻟك.
ﻟﻛن ﻟﯾس ھذا ھو ﻣﺎ ﯾﺣدث داﺧل ﻣﻌظﻣﻧﺎ ﻓﻲ أﻏﻠب اﻷﺣﯾﺎن .ﺑل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ،اﻷﻣر ﯾﺣدث ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ:
ﺗﻣر ﺑﺎﻷﺷﺟﺎر ،وھﺎ ھﻲ اﻟﺳﯾﺎرات ﺗﻣر ﺑك ،وﻛل ﺷﻲء أﻧت ﺗﻘود ﺳﯾﺎرﺗك ﻓﻲ اﻟﺷﺎرع ،وھﺎ أﻧت ّ
ﻣﻔر ﻣﻧﮫ ،ﯾﺄﺗﯾك ﺷﻲء ﻣﺎ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟك .ھﻧﺎك ﯾﻌﺑر ﺑﻼ أدﻧﻰ ﻣﺷﻛﻠﺔ .ﺛم ،وﺑﺷﻛل ﻻ ّ
ﺗﻣر ﺑك
ﺗﻠك اﻟﺳﯾﺎرة ﻣن ﻧوع اﻟﻔورد ذات اﻟﻠون اﻷزرق اﻟﻔﺎﺗﺢ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺷﺑﮫ ﺳﯾﺎرة ﺻدﯾﻘﺗك .وﺑﯾﻧﻣﺎ ّ
ﻲ ،أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ھﻛذا ﺑدى ﻟك ھذه اﻟﺳﯾﺎرة إذا ﺑك ﺗﻠﻣﺢ داﺧﻠﮭﺎ ﺷﺧﺻﯾن ﯾﺗﻌﺎﻧﻘﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﻌد اﻷﻣﺎﻣ ّ
ﻓﻌﻼ ﺳﯾّﺎرة ﺻدﯾﻘﺗك .ﻟﻛن ھذه اﻟﺳﯾﺎرة ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻻ ﺳﯾﺎرة ﺗﺷﺑﮫ ً اﻷﻣر ،ﻛﺄﻧّﮭﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻧﺎق ،واﻟ ّ
ﺗﺧﺗﻠف ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺳﯾﺎرات اﻷﺧرى ،أﻟﯾس ﻛذﻟك؟ ﻻ ،ﻟﯾس ﻛذﻟك .ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك ھﻲ ﻟﯾﺳت ﻛﺑﺎﻗﻲ
اﻟﺳﯾّﺎرات اﻷﺧرى.
دﻋوﻧﺎ ﻧﻧظر ﻟﻣﺎ ﯾﺣدث ھﻧﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣوﻗف .ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻌدﺳﺔ اﻟﻌﯾن ﻟﯾس ھﻧﺎك ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ﻣن ﻓرق ﺑﯾن
ﺗﻠك اﻟﺳﯾﺎرة واﻟﺳﯾﺎرات اﻷﺧرى .ھﻧﺎك ﺿوء ﯾرﺗ ّد ﻋن اﻷﺷﯾﺎء وﯾﻌﺑر ﺷﺑﻛﺔ اﻟﻌﯾن ،وﯾﺧﻠﻖ اﻧطﺑﺎ ً
ﻋﺎ
ﺳﻲ ،ﻻ ﺷﻲء ﻣﺧﺗﻠف ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺣدث ھﻧﺎ ﻣن ﺣوﻟك .ﻟﻛن ﻋﻧد ﻣرﺋﯾﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻠك .ﻓﻌﻧد اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺣ ّ
ﻲ ،ﻓﺎﻻﻧطﺑﺎع اﻟذي ﺣدث ﻟم ﯾ ُﻣر داﺧﻠك ﺑﺷﻛل ﻋﺎدي .ﻓﺑﻌد رؤﯾﺗك ﺗﻠك اﻟﺳﯾﺎرة اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﻘﻠ ّ
أﻧت ﺗُﻌﯾر ﺑﻘﯾّﺔ اﻷﺷﺟﺎر وﺑﻘﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎرات اھﺗﻣﺎﻣﺎ .ﻓﻘﻠﺑك
ﺗﺣدﯾدًا ،وﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺎت اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻟﮭﺎ ،ﻟم ﺗﻌُد َ
وﻋﻘﻠك أﺻﺑﺣﺎ ﺛﺎﺑﺗﯾن ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﺳﯾﺎرة اﻟوﺣﯾدة ﺣﺗﻰ ﻟو أﻧﮭﺎ اﺧﺗﻔت .ھﻧﺎ ،أﻧت ﺗﺳﺑّﺑت ﻓﻲ ﻣﺷﻛﻠﺔ
ﻟﻧﻔﺳك .ﺣدﺛت ھﻧﺎك ﻋرﻗﻠﺔ ،ﺛ ّﻣﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﻖ ھﻧﺎك .ﻛل اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﻟﺗﻠك اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻟم ﺗﻌد ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼﻟك ،ﻓﻘد ﺣدث ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟداﺧل ﺟﻌل ﻣن ﺗﻠك اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻣررت ﺑﮭﺎ
ﺗﺟرﺑﺔ ﻏﯾر ﺧﺎﻟﺻﺔ وﻏﯾر ﻣﻧﺗﮭﯾﺔ.
ﻣﺎ اﻟذي ﺣدث ﻟﺗﻠك اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑﺣﯾث ﻟم ﺗﻣر ﻣرور اﻟﻛرام ﻣﺛل ﺑﻘﯾّﺔ اﻟﺗﺟﺎرب؟ وﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺣﺻر ،ﻣﺎ
اﻟذي ﺣدث ﻟﺳﯾّﺎرة اﻟﺻدﯾﻘﺔ وﻟم ﺗﺧﺗف ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻣن اﻟذاﻛرة اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ ﻛﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ
اﺧﺗﻔت؟ ﻋﻧد ﻧﻘطﺔ ﻣﺎ ،ﺳﯾﻛون ﻟزا ًﻣﺎ ﻋﻠﯾك أن ﺗوﻗف اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣن أﺟل أن ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ
اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى،
ﻛﺎﻷﺿواء اﻷﺧرى .اﻟﺷﻲء اﻟذي ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗدرﻛﮫ ھو أن ﺗﺟرﺑﺗك اﻟﻛﻠﯾّﺔ ﻋن اﻟﺣﯾﺎة ﻋﻠﻰ وﺷك
أن ﺗﺗﻐﯾر ﺑﺳﺑب ذﻟك اﻟﺷﻲء اﻟذي ﻟم ﯾﺗم ﻋﺑوره ﻣن ﺧﻼﻟك .اﻟﺣﯾﺎة اﻵن ﻻﺑد وأن ﺗﺗﻧﺎﻓس ﻣﻊ ھذا
اﻟﺣدث اﻟﻣﻌﯾﻖ ﻻھﺗﻣﺎﻣك ،واﻻﻧطﺑﺎع اﻟذي وﺻﻠك ﻋﻣﺎ ﺣدث ھﻧﺎ ﻟن ﯾﺗرﺑّﻊ ﺑﮭدوء ﻓﻲ داﺧﻠك .ﺳﺗرى
أن رﻏﺑﺗك ﺻﺎرت ﺗﺗﻣﺣور ﻓﻲ إﻣﻌﺎن اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ھذا اﻷﻣر وﺑﺎﺳﺗﻣرار .وھذا ﻛﻠّﮫ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ
ﻹﯾﺟﺎد وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ھذا اﻷﻣر ﻣن ﺧﻼل ذھﻧك .أﻧت ﻟم ﺗﻛن ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻷﺷﺟﺎر ﻋﻧدﻣﺎ
ﻣرور ﻣﺎ رأﯾت ،ﻓﺎﻷﻣر
َ ﻛﻧت ﺗﻣر ﺑﮭﺎ ،ﻟﻛﻧك ﺗﺣﺗﺎج اﻵن ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ھذا اﻷﻣر .وﺑﺳﺑب ﻣﻘﺎوﻣﺗك
ٌ
"ﺣﺳن ،رﺑﻣﺎ ﻟم ﺣدﺛت ﻟﮫ إﻋﺎﻗﺔ ،وﺻرت ﻓﺟﺄة أﻣﺎم ﻣﺷﻛﻠﺔ .ھﺎ أﻧت ﺗﺳﺗﻌرض اﻷﻓﻛﺎر ﻛﯾف ﺑدأت،
ﺗﻛن ﺗﻠك اﻟﻣرأة ﺻدﯾﻘﺗﻲ .ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻟﯾﺳت ﺻدﯾﻘﺗﻲ .ﻛﯾف ﯾﻣﻛن أن ﺗﻛون ﺻدﯾﻘﺗﻲ؟" ﻓﻛرة ﺑﻌد
ﻟﻣﺟرد أﻧّك
ّ اﻷﺧرى ﺗﺟري ﺑداﺧﻠك .اﻷﻣر ﯾﻘودك إﻟﻰ اﻟﺟﻧون .ﻛل ھذا اﻟﺿﺟﯾﺞ اﻟداﺧﻠﻲ ﯾﺣدث
ﺗﺣﺎول ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ وإزاﺣﺗﮭﺎ ﻣن اﻟطرﯾﻖ.
ﻷﻣد طوﯾل ،ﯾﺗ ّم دﻓﻊ أﺷﻛﺎل اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼﻟك ﺑﻌﯾدا ﻋن ﻣرﻛز اﻟﻌﻘل وﺗظ ّل
ﻋﺎﻟﻘﺔ إﻟﻰ أن ﺗﻛون أﻧت ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﺗﺳرﯾﺣﮭﺎ .ھذه اﻷﻧﻣﺎط ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل ﺗﻔﺎﺻﯾل ھﺎﺋﻠﺔ ﻋن
اﻷﺣداث اﻟﻣﺗراﻓﻘﺔ ﻣﻌﮭﺎ ،ھﻲ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ .ﻻ ﺗﺧﺗﻔﻲ ھﻛذا ﺑﻼ ﻣﻘدﻣﺎت .ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ﻟدﯾك اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ
اﻟﺳﻣﺎح ﻷﺣداث اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺎﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼﻟك ،ﻓﺗﺑﻘﻰ ﺑداﺧﻠك وﺗﺳﺑب ﻟك ﻣﺷﻛﻠﺔ .ھذه اﻷﻧﻣﺎط ﻗد ﺗﺑﻘﻰ
ﻋﺎﻟﻘﺔ ﻓﻲ داﺧﻠك ﻟزﻣن طوﯾل ﺟدا.
ﺳﮭل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟطﺎﻗﺎت ﻣﻌًﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن واﺣد ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ .ﻓﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗُﺻﺎرع ْ
ﻋﻣدًا ﻹﺑﻘﺎء ﻟﯾس ﻣن اﻟ ّ
ﺗﺗﺣرر ﻋن طرﯾﻖ ّ ھذه اﻷﺣداث ﺑﻌﯾدة ﻋن اﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼل إدراﻛك ،ﺗﺣﺎول اﻟطﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ أن
طﺎ ﺟدا وﯾﺟﺎدل وﯾﻧﺎﻗش .وﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼل اﻟﻌﻘل .ﻟﻛن ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻌﻘل ﻧﺷ ً
إﯾﺟﺎد طرﯾﻘﮭﺎ ﻋﺑر اﻟﻌﻘل ﺑﺳﺑب اﻟﺗﺿﺎرب ﻣﻊ أﻓﻛﺎر أﺧرى وﻣﻔﺎھﯾم ﻓﻛرﯾﺔ أﺧرى ﺗﺗواﺟد ھﻧﺎك،
ﺗﺗﺣرر ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘﻠب .وﻓﻲ ﺗﻘﺎﻟﯾد ﻋﻠم اﻟﯾوﻏﺎ ،ﻓﺈن أﻧﻣﺎط اﻟطﺎﻗﺔ ّ ﻓﺗﺣﺎول ھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد أن
اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺗﺣرر ﺗﺳ ّﻣﻰ "ﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا" .وھذه ﻛﻠﻣﺔ ﺳﻧﺳﻛرﯾﺗﯾﺔ ﺗﻌﻧﻲ "اﻻﻧطﺑﺎع" ،وﺗﻌﺗﺑر ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻟﯾم ﻋﻠم
اﻟﯾوﻏﺎ واﺣدة ﻣن أھم اﻟﻣؤﺛرات اﻟﺗﻲ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ .اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ھﻲ ﻋﺎﺋﻖ ،واﻧطﺑﺎع ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ .ھﻲ
ﻧﻣط ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣ ّﻛم ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك.
ﻟﻛﻲ ﻧﻔﮭم ھذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﻟﻧﻠﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﻧظرة ﻓﺎﺣﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﯾزﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﻘف وراء ھذه اﻷﻧﻣﺎط ﻣن
اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ .ﻓﻛﻣﺎ ھو ﻣﻌروف ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣوﺟﺎت اﻟطﺎﻗﺔ ،ﻓﺈن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ إﻟﯾك ﺗﺳﺗﻣر ﻓﻲ
اﻟﺗﺣرك .ﻟﻛن ھذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أﻧﮫ ﻻ ﺗﺗ ّم إﻋﺎﻗﺗﮭﺎ داﺧﻠك .ھﻧﺎك طرﯾﻘﺔ ﻣﺎ ﺗظل ﺑﮭﺎ اﻟطﺎﻗﺔ ﻣﺗﺣرﻛﺔ وﻓﻲ ّ
اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ راﻛدة ﻓﻲ ﻣﻛﺎن واﺣد ،وھذا ﻷﻧﮭﺎ ﺗظ ّل ﺗدور ﺣول ﻧﻔﺳﮭﺎ .ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ رؤﯾﺔ ذﻟك ﻓﻲ ّ
اﻟذرات
واﻟﻣدارات اﻟﻛوﻛﺑﯾّﺔ .ﻛل ﺷﻲء ھو طﺎﻗﺔ ،واﻟطﺎﻗﺔ ﺗﺗﻣدد ﻧﺣو اﻟﺧﺎرج ﻓﯾﻣﺎ ﻟو ﻟم ﯾﺗم اﺣﺗواؤھﺎ ﻓﻲ
اﻟداﺧل .وھﻧﺎك إﺑداع واﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﺧﻠﻖ ،ﻓﺎﻟطﺎﻗﺔ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ دﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺔ ﺗدور ﺣول ﻧﻔﺳﮭﺎ
ﻛذرة ﺗﺷ ّﻛل اﻟﻠﺑﻧﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾّﺔ ﻟﻠﻛون اﻟﻣﺎد ّ
ي ﻣﺳﺗﻘرة .ﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟطﺎﻗﺔ ﺗظﮭر ّ ّ ﻣن أﺟل ﺧﻠﻖ ِوﺣدة
ﻓﺎﻟذرات ﻟدﯾﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻛﻔﻲ ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ
ّ ﺑﻛﺎﻣﻠﮫ .اﻟطﺎﻗﺔ ﺗدور ﺣول ﻧﻔﺳﮭﺎ ،وﺣﺳب اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ،
ﻟﺗﻔ ّﺟر اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺄﻛﻣﻠﮫ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺗم إطﻼﻗﮭﺎ .ﻟﻛن إن ﺳﺎر اﻟوﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟك ،ﻓﺳﺗﺑﻘﻰ اﻟطﺎﻗﺔ ﺗﺣت
اﻟﺳﯾطرة ﺑﺳﺑب ﺣﺎﻟﺗﮭﺎ اﻟﻣﺗوازﻧﺔ.
ﺻﺔ ﺑﺗدوﯾر اﻟطﺎﻗﺔ ھو ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻣﻊ اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا .ﻓﺎﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ھﻲ ﺗدوﯾر ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺧﺎ ّ
ﻲ .إن ﻣﻘﺎوﻣﺗك ﻻﺧﺗﺑﺎر ھذه اﻷﻧﻣﺎط ﻣﺧزﻧﺔ ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﺗوازن اﻟﻧﺳﺑ ّ ّ ﻷﻧﻣﺎط طﺎﻗﺔ
ﺗﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟدوران ﺣول ﻧﻔﺳﮭﺎ .ﻓﻠﯾس ﻟﮭﺎ ﻣن ﻣﻛﺎن آﺧر ﺗذھب ّ ھو اﻟذي ﺗﺳﺑّب ﻓﻲ ﺟﻌل ھذه اﻟطﺎﻗﺔ
إﻟﯾﮫ .أﻧت ﻻ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﮭﺎ ﺑذﻟك .ھذه ھﻲ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺎﻟﺞ ﺑﮭﺎ ﻣﻌظم اﻟﻧﺎس أﻣورھم .وﯾﺗم ﺗﺧزﯾن
ھذه اﻟﺣزﻣﺔ ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗم ﺗدوﯾرھﺎ ﻓﻲ ﻣرﻛز ﻗﻠﺑك اﻟﻣﻔﻌم ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ .وﻛل اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا اﻟﺗﻲ ﻗﻣت
ﺑﺟﻣﻌﮭﺎ طوال ﺣﯾﺎﺗك ﻣوﺟودة وﻣﺧزﻧﺔ ھﻧﺎك.
وﻹﻋطﺎء ھذا اﻟﺷﻲء ﻣﻌﻧﺎه وﺣﻘّﮫ ﻣن اﻟﺗﻘدﯾر ،دﻋﻧﺎ ﻧﻌود ﻣن ﺟدﯾد إﻟﻰ اﻟﻣﺛل اﻟذي ذﻛرﻧﺎه ﺳﺎﺑﻘﺎ
ﺑﺧﺻوص ﺳﯾّﺎرة اﻟﻔورد ذات اﻟﻠون اﻷزرق اﻟﻔﺎﺗﺢ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﺑﮫ ﺳﯾﺎرة ﺻدﯾﻘﺗك .ﻓطﺎﻟﻣﺎ أن أﻧﻣﺎط
اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻣرﺗﺑﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺣدﺛت ﻟك ﻗد ُﺧ ِ ّزﻧَت ﻓﻲ اﻟﻘﻠب ،ﻓﺈن ھذه اﻟطﺎﻗﺔ أﺻﺑﺣت اﻵن ﻏﯾر ﻧﺷطﺔ
وﻏﯾر ﻓﻌّﺎﻟﺔ .وﻗد ﯾﺑدو ﻓﻲ اﻟظﺎھر أﻧك ﺣﺳﻣت اﻷﻣر وﻟﯾس ﻟدﯾك أﯾﺔ إﺷﻛﺎﻟﯾّﺎت إﺿﺎﻓﯾﺔ ﻣﺗﻌﻠّﻘﺔ ﺑﺗﻠك
اﻟﺗﺟرﺑﺔ .وﻣن اﻟﻣﺣﺗﻣل أﻧّك ﻟن ﺗذﻛر اﻟﺣدث ھذا ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﻟﺻدﯾﻘﺗك ﻷﻧﮫ رﺑﻣﺎ ﺳﯾﺑدو اﻷﻣر ﻛﻣﺎ
ﻏﯾورا أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﮫ .وﻷﻧك ﻟم ﺗﻌرف ﻣﺎ اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك ﻋﻣﻠﮫ ،ﻓﻘد ﻗﻣت ﻓﻘط ً ﻟو أﻧك ﻛﻧت
ﻟﺗﺻطف ﻣﻊ اﻟﺗﺟﺎرب
ّ ﺗﺧزﻧت ﻓﻲ اﻟﻘﻠب ﺑﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺗﻠك اﻟطﺎﻗﺔ ،ﻟﻛن اﻟذي ﺣدث ھو أن ﺗﻠك اﻟطﺎﻗﺔ ّ
ي إزﻋﺎج .وﺑدى اﻷﻣر ﺣﯾﻧﮭﺎ وﻛﺄﻧّﮫ اﻧﺗﮭﻰ ووﻟّﻰ ُﻔﺗرض ﺑﮭﺎ ّأﻻ ﺗﺳﺑّب ﻟك أ ّ اﻟﺧﻠﻔﯾّﺔ اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﯾ َ
ﺗﻣﺎ ًﻣﺎ ،ﻟﻛﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟم ﯾﻧﺗﮫ.
ﻛ ّل اﻧطﺑﺎع ﻗﻣت ﺑﺗﺧزﯾﻧﮫ ﻣن ﻧﻣط اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ﻣﺎ ﯾزال ﺑﺎﻗﯾًﺎ ﺣﯾﺎ داﺧﻠك .ﻛل ﺷﻲء ﻟم ﯾﺳﺗطﻊ أن
ﯾﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟك ،ﻣﻧذ ﻛﻧت طﻔﻼ وﺣﺗﻰ ھذه اﻟﻠﺣظﺔ ﻣن ﺣﯾﺎﺗك ،ﻣﺎ ﯾزال ﻣوﺟودًا ﻓﻲ داﺧﻠك .طﺎﻗﺔ
ﺗﻠف وﺗدور داﺧل ﺻ ّﻣﺎم ﻗﻠﺑك اﻟروﺣﻲ .ھذا اﻻﻟﺗﻔﺎف ھذه اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت ،ھذه اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ،ھﻲ اﻟﺗﻲ ّ
ھو اﻟذي ﯾﺗراﻛم اﻟﯾوم وﯾﻘﯾّد ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ ﻓﯾﮫ.
اﻵن ،وﻗد ﻋرﻓﻧﺎ ﻣن أﯾن ﺗﺄﺗﻲ اﻹﻋﺎﻗﺎت ﻓﻲ اﻟﻘﻠب ،ﻧﻛون ﺑذﻟك ﻗد أﺟﺑﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺳؤال اﻷﺳﺎﺳﻲ ﺣول
ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺣدوث اﻹﻋﺎﻗﺔ ﻟﻠﻘﻠب .وﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗرى ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ﺣﺎﻟﯾﺎ ﻗدرة اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺗراﻛم إﻟﻰ
اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻓﻘط ﻟﻠﻘﻠﯾل ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﻌﺑور .وﻟو ﺗﻣت ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗراﻛم ھذه إﻟﻰ درﺟﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ،
ﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﺟد ﻧﻔﺳك وﻗد وﺻﻠت إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻛﺗﺋﺎب .وﻋﻧد ﺗﻠك اﻟﺣﺎﻟﺔ ،ﯾﺻﯾر ﻛل ﺷﻲء ﻓﻲ ﻧظرك
إﻟﻰ ﺳواد .وھذا ﯾﻌود إﻟﻰ أن اﻟﻘﻠﯾل ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ ﻓﻘط ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻗﻠﺑك أو ﻋﻘﻠك .وﺳﯾﺑدو
ﻛل ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺳﻠﺑﯾﺎ ﻷن ﻋﺎﻟم اﻷﺣﺎﺳﯾس ﯾﻌﺑر ﻣن ﺧﻼل ھذه اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻛﺋﯾﺑﺔ ﻗﺑل اﻟوﺻول إﻟﻰ
وﻋﯾك.
أن ﻗﻠﺑك ﻣﻊ اﻟوﻗت ﺳﯾﻧﻐﻠﻖ .اﻟﻌﻣﻠﯾّﺔ ھﻲ ﻓﻘط ﺣﺗﻰ ﻟو ﻟم ﺗﻛن ﻣﯾ ًّﺎﻻ ﺑطﺑﻌك إﻟﻰ اﻻﻛﺗﺋﺎب ،ﺳﺗﺟد ّ
ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗراﻛم .وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺎﻟﻘﻠب ﻻ ﯾﺑﻘﻰ ُﻣﻐﻠﻘًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟدوام .واﻋﺗﻣﺎدًا ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺎرب اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ،
ﻓﺎﻟﻘﻠب ﯾﻧﻔﺗﺢ وﯾﻧﻐﻠﻖ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن .ھذا ﯾﻘودﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺳؤال اﻟﺗﺎﻟﻲ :ﻣﺎ ھﻲ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗﻛﻣن
وراء ھذه اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﻛﺛﯾرة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﻠب؟ ﻟو ﻗﻣت ﺑﺎﻟﻣراﻗﺑﺔ ﺑدﻗﺔ ،ﺳﺗﻼﺣظ أن اﻻﻧﻐﻼق ﯾﻌود إﻟﻰ
اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ اﻟﻣﺧزﻧﺔ ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ آﻧﻔًﺎ.
إن أﻧﻣﺎط اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻣﺧزﻧﺔ ھﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ واﻗﻌﯾّﺔ .اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ھﻲ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻣﺑرﻣﺟﺔ وﻣﺧزﻧﺔ ﻣﻊ ﻛل
ﺟرﺑت ﻣﺛﻼ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﻐﯾرة ﻷﻧك ﺣﯾﻧﮭﺎ اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل اﻟدﻗﯾﻘﺔ ﻟﻠﺣدث اﻟذي وﻗﻊ ﻟك وﻟم ﯾﺗم ﻋﺑوره .ﻓﻠو ّ
ظﻧﻧت أﻧك رأﯾت ﺻدﯾﻘﺗك ﺗﻌﺎﻧﻖ أﺣدًا ﻣﺎ داﺧل اﻟﺳﯾﺎرة ،ﻓﺈن اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟدﻗﯾﻘﺔ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ واﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑذﻟك
ﺗﺧزﻧَت ﻓﻲ اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ﺑﻛﺎﻣل ﺗﻔﺎﺻﯾﻠﮭﺎ .وﯾﺗم اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺗردّدات ذﻟك اﻟﺣدث ّ اﻟﺣدث ﺗﻛون ﻗد
وطﺑﯾﻌﺗﮫ ،وﺣﺗﻰ ﺑﻣﺳﺗوى ﺣﺳﺎﺳﯾّﺗك ﺗﺟﺎه ذﻟك اﻟﺣدث.
ﻹدراك ھذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو أﻓﺿل ،دﻋﻧﺎ ﻧرى ﻣﺎ اﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل .ﺑﻌد ﺧﻣس
ﺟت اﻣرأة ً أﺧرى
وﺗزو َ
ّ ﺳﻧوات ﻣن وﻗوع اﻟﺣدث ،وﺣﺗﻰ ﻟو ﻟم ﺗﻌُد ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻣﻊ ﺻدﯾﻘﺗك اﻟﻘدﯾﻣﺔ.
وأﺻﺑﺣت اﻵن أﻛﺛر ﻧُﺿ ًﺟﺎ .ﺗﺧﯾّل أﻧك ﻓﻲ أﺣد اﻷﯾﺎم ﻛﻧت ﺗﻘود ﺳﯾﺎرﺗك ﺑرﻓﻘﺔ ﻋﺎﺋﻠﺗك وﺗُﻣﺿﻲ وﻗﺗﺎ َ
راﺋﻌﺎ ﻣﻌﮭﺎ .ﺗﺟﺗﺎز اﻷﺷﺟﺎر واﻟﺳﯾﺎرات ﻓﻲ اﻟطرﯾﻖ ،ﻓﺈذا ﺑك ﺗﻣر ﺑﺳﯾّﺎرة ﻣن ﻧوع ﻓورد ذات ﻟون
أزرق ﻓﺎﺗﺢ وﻓﻲ داﺧﻠﮭﺎ ﺷﺧﺻﺎن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻧﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎﻋد اﻷﻣﺎﻣﯾّﺔ .ﻋﻧدھﺎ وﻋﻠﻰ اﻟﻔور ،ﯾﺗﻐﯾّر
ﺷﻲء ﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺑك .ﺗﺻﺑﺢ ﻧﺑﺿﺎﺗﮫ ﻣﺿطرﺑﺔ ،وﺗﺗﺳﺎرع دﻗﺎﺗﮫ ،وﺗﺻﺑﺢ ﺑﻌدھﺎ ﻣﺗﻘﻠّب اﻟﻣزاج،
وﺛﺎﺋرا .ﻟم ﯾﻌد ﯾوﻣك ﺟﻣﯾﻼ ﻛﻣﺎ ﻛﺎن .ﻛل ھذه اﻟﺗﻐﯾّرات اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺗﺣدث ﻷن ﻗﻠﺑك اﻧزﻋﺞ ً وﻏﺎﺿﺑًﺎ،
اﻟراﺋﻊ ﺣﻘﺎ أن ﺗﺗراﺟﻊ ﻗﻠﯾﻼ وﺗﻧظر إﻟﻰ ﻋﻧدﻣﺎ رأﯾت أﻧت ﺗﻠك اﻟﺳﯾﺎرة ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺗﺣدﯾد .إﻧﮫ ﻟﻣن ّ
وﻟﺛوان ﻗﻠﯾﻠﺔ ،وﻗﻊ ﻟك ﺣﺎدث ﻣﺎ .ﻟم ﺗﻧﺎﻗش ﺣﯾﻧﮭﺎ
ٍ ﻟﻠﺗو .ﻓﻘﺑل ﺧﻣس ﺳﻧوات،
ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺟرت ّ
ي ﺷﺧص ﻛﺎن ،واﻵن وﺑﻌد ﺧﻣس ﺳﻧوات ،ھﺎ ھﻲ ﺳﯾﺎرة ﻓورد ذات ﻟون أزرق ﻓﺎﺗﺢ ﻣﺎ ﺣدث ﻣﻊ أ ّ
ﺗﻣر ﺑك ﻓﺗﻐﯾّر ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ ﻟدﯾك ﻋﺑر ﻗﻠﺑك وﻋﻘﻠك.
ﺣﺗﻰ ﻟو ﺑدى أن اﻷﻣر ﻻ ﯾﺻدّق ،ﻟﻛﻧّﮫ ﺻﺣﯾﺢ .وﻟﯾس اﻷﻣر ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻓﻘط ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎرة
اﻟزرﻗﺎء اﻟﻔﺎﺗﺣﺔ ،ﻟﻛﻧّﮫ ﺻﺣﯾﺢ ﻓﻲ ﻛل ﺷﻲء ﺣدث وﻟم ﯾﺳﺗطﻊ اﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼﻟك ﯾوﻣﮭﺎ .ﻻ ﻋﺟب
ﯾﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻻﻧﻔﺗﺎح واﻻﻧﻐﻼق ﻋﻠﻰ ّ إذن أﻧﻧﺎ ﻏﺎرﻗون ﻓﻲ ﻣﺛل ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ .وﻻ ﻋﺟب ﻓﻲ أن اﻟﻘﻠب
اﻟﻣﺧزﻧﺔ ھﻧﺎك ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ،وﺗﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ اﻟﺗدﻓﻖ اﻟﺣﺎﺿر ﻟﻸﻓﻛﺎر واﻷﺣداث .ودﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾّﺔ ّ اﻟدوام .إن اﻟطﺎﻗﺔ
اﻟﻣﺧزﻧﺔ ﻋﻠﻰ ھﯾﺋﺔ ﺳﺎﻣﺳﻛﺎرات ﺗُﺳﺗﺛﺎر وﺗﻧﺷَط ،أﺣﯾﺎﻧﺎ ّ ھذا اﻟﺗد ّﺧل ﺗﺗﺳﺑّب ﻓﻲ ﺟﻌل ھذه اﻟذﺑذﺑﺎت
ﻓﻲ ﺳﻧوات ﻻﺣﻘﺔ ﻟﻠﺣدث .ھذا ﻣﺎ ﺣدث ﻣﺛﻼ ﻣﻊ ﺳﯾﺎرة اﻟﻔورد اﻟزرﻗﺎء اﻟﻔﺎﺗﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﻣن اﻟﻣﻔﮭوم
ﺿﺎ أﻧﮫ ﻟﯾس ﻣن اﻟﺿروري أن ﺗﻛون اﻟﺳﯾﺎرة اﻟﺗﻲ رأﯾﺗﮭﺎ اﻵن ﻣﺗطﺎﺑﻘﺔ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﺳﯾﺎرة اﻟﺗﻲ أﯾ ً
ﺻﺎدﻓﺗك ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻛﻲ ﺗﻧﺷَط اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻣﺧزﻧﺔ .ﻓﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎﻧت ﺳﯾﺎرة ﻓورد ﺳوداء أو ﺳﯾﺎرة
أﺧرى ﻓﯾﮭﺎ أﻧﺎس ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻧﺎق .ﻓﺄي ﺷﻲء ﺣوﻟك اﻟﯾوم ﯾﺣﻣل إﻣﻛﺎﻧﯾّﺔ إﺛﺎرة اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ﻓﻲ داﺧﻠك.
اﻟﻧﻘطﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾّﺔ ھﻧﺎ ھﻲ أن اﻧطﺑﺎﻋﺎت اﻟﻣﺎﺿﻲ ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن إﺛﺎرﺗﮭﺎ ،ﺣﺗﻰ وإن ﻛﺎﻧت ﻗدﯾﻣﺔ وﺣدﺛت ﻓﻲ
ﻛﺛﯾرا ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك .اﻟ ُﻣدﺧﻼت اﻟﺣﺳﯾّﺔ ﻷﺣداث اﻟﯾوم ﺗﺣﻔّز اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻗﻣت
ً اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﻓﮭﻲ ﺗؤﺛّر
ﺑﺗﺧزﯾﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻋﺑر اﻟﺳﻧوات اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ ،وھﻲ ﺗﺳﺗﻌﯾد اﻷﻧﻣﺎط اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻷﺣداث
ّ
اﻟﻣﺧزﻧﺔ. اﻟواردة اﻟﯾوم .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗ ّم إﺛﺎرة اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ،ﺗﺗﻔﺗّﺢ ﻛﻣﺎ ﺗﺗﻔﺗﺢ اﻟوردة وﺗﺑدأ ﻓﻲ إطﻼق اﻟطﺎﻗﺔ
وﻓﺟﺄة ،ﺗﺗدﻓّﻖ إﻟﻰ ﻣﺷﺎﻋرك وﻣﺿﺎت ﻣن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻷﺻﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻣررت ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻷﻣس ،ﺑﻛل
أﻓﻛﺎرھﺎ وأﺣﺎﺳﯾﺳﮭﺎ ،وأﺣﯾﺎﻧًﺎ ﺣﺗﻰ اﻟراﺋﺣﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﮭﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ُﻣدﺧﻼت ﺣﺳﯾّﺔ أﺧرى.
ي ﻧظﺎم ﺗﺧزﯾن ﯾﻘوم اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺧزﯾن ﻟﻘطﺔ ﻓوﺗوﻏراﻓﯾﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋن اﻟﺣدث .وھذا ﯾﻔوق أ ّ
ﺷﻌرت ﺑﮫ ،أو
َ ﺑﮫ اﻟﻛﻣﺑﯾوﺗر اﻟذي ھو ﻣن اﺧﺗراع اﻹﻧﺳﺎن .ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺔ اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا أرﺷﻔﺔ أي ﺷﻲء
رت ﻓﯾﮫ ،وﻛل ﺷﻲء ﻛﺎن ﯾﺣدث وﻟﮫ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟواﻗﻌﺔ .ﻛل ھذه اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﯾﺗم ﺗﺧزﯾﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻓﻘﺎﻋﺔ ﻓ ّﻛ َ
ﺻﻐﯾرة ﻟﻠطﺎﻗﺔ ﻣوﺟودة ﻓﻲ ﻗﻠﺑك .وﺑﻌد ﻣﺿﻲ ﺳﻧوات ﯾﺗم إﺛﺎرﺗﮭﺎ ،وﻓﻲ ﻟﺣظﺔ واﺣدة ﺗﺷﻌر
ﺑﺎﻟﻣﺷﺎﻋر ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﻣررت ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ .ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ أن ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺧوف وﻋدم اﻷﻣﺎن
اﻟذي ﯾﺷﻌر ﺑﮫ طﻔل ﻓﻲ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﻣن اﻟﻌﻣر ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﻧت اﻟﯾوم ﻓﻲ اﻟﺳﺗﯾن ﻣن ﻋﻣرك .اﻟذي ﯾﺣدث
أن ھﻧﺎك أﻧﻣﺎط ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾّﺔ واﻟﺣﺳﯾّﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﻛﺗﻣﻠﺔ واﻟﺗﻲ ﺗم ﺗﺧزﯾﻧﮭﺎ وﯾﺗم إﺛﺎرﺗﮭﺎ ھﻧﺎ ھو ّ
اﻵن.
ﻟﻛن ﻣن اﻟﻣﮭ ّم أن ﺗدرك أن ﻣﻌظم ﻣﺎ ﺗﺳﺗﻘﺑﻠﮫ ﻻ ﯾﺗ ّم إﻋﺎﻗﺗﮫ ،ﺑل ﯾﻣر ﺑﺳﻼﺳﺔ ﻣن ﺧﻼﻟك .ﺗﺧﯾّل ﻋدد
اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗراھﺎ طوال اﻟﻧﮭﺎر ،ﻓﻼ ﯾﺗ ّم ﺗﺧزﯾﻧﮭﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺑﮭذه اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ .ﻣن ﻛل ﺗﻠك اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت
ﺷﻌورا ﺑﺎﻟﻣﺗﻌﺔ
ً اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻓﺈن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺗم إﻋﺎﻗﺗﮭﺎ ھﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ إ ّﻣﺎ أن ﺗﺳﺑّب ﻣﺷﺎﻛل ﻣﻌﯾّﻧﺔ أو
ﻏﯾر ﻋﺎدي .ﻧﻌم ،إﻧك ﺗﺧزن اﻧطﺑﺎﻋﺎت إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ أﯾﺿﺎ .ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟك أﻣر راﺋﻊ ،ﻓﻼ ﯾﺳﺗطﯾﻊ
اﻟﻌﺑور ﺑﯾُﺳر ﻷﻧك ﺗﺗﺷﺑث ﺑﮫ .اﻟﺗﺷﺑث ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء ﯾﻌﻧﻲ "ﻻ أرﯾد ﻟﮭذا اﻟﺷﻲء أن ﯾﻧﺗﮭﻲ .ﻟﻘد ﻗﺎل ﻟﻲ إﻧﮫ
ﯾﺣﺑّﻧﻲ وأﻧﺎ ﺷﻌرت ﺑﺎﻟﺣُبّ واﻷﻣﺎن .أرﯾد أن أﻋﯾش ﺗﻠك اﻟﻠﺣظﺎت إﻟﻰ اﻷﺑد .أرﯾد أن أﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ ھذا
اﻟﺷﻲء ﻣرارا وﺗﻛرارا…" اﻟﺗﺷﺑث ﯾﺧﻠﻖ ﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ،وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗ ّم إﺛﺎرة ھذه اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ﻓﺈﻧﮭﺎ
ﺗُطﻠﻖ طﺎﻗﺔ إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ .ﻣن ھﻧﺎ ﻧدرك أن ھﻧﺎك ﻧوﻋﺎن ﻣن اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث وﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗﻐﻠﻖ
اﻟﻘﻠب .ﻓﺄﻧت إﻣﺎ أﻧك ﺗﻘوم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ دﻓﻊ اﻟطﺎﻗﺔ ﺑﻌﯾدا ﻋﻧك ﻷﻧﮭﺎ ﺗزﻋﺟك ،وإﻣﺎ أﻧّك ﺗﺣﺎول إﺑﻘﺎءھﺎ
ﻗرﯾﺑﺔ ﻣﻧك ﻷﻧك ﺗﺣﺑّﮭﺎ .وﻓﻲ ﻛﻠﺗﺎ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ،ﻓﺄﻧت ﻻ ﺗدع اﻟطﺎﻗﺔ ﺗﻌﺑُر ،وﺗﻘوم ﺑﮭدر طﺎﻗﺔ ﻗﯾّﻣﺔ
ﺑﺈﻏﻼق ﺗدﻓّﻘﮭﺎ إ ّﻣﺎ ﻋن طرﯾﻖ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ أو اﻟﺗﺷﺑّث.
اﻟﺑدﯾل اﻟذي أﻣﺎﻣك ھو أن ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺗﺷﺑث ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ أو إرﺳﺎﻟﮭﺎ ﺑﻌﯾدًا ﻋﻧك .ﻟو
ﻓﺈن ﻛ ّل ﻟﺣظﺔ ﺗﺣﯾﺎھﺎ ھﻲ ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺗﻐﯾﯾرك .ﻟو ﻛﺎن ﻟدﯾك اﻻﺳﺗﻌداد اﺳﺗطﻌت أن ﺗﺣﯾﺎ ﺑﮭذا اﻟﺷﻛلّ ،
ﻟﻼﺳﺗﻣﺗﺎع ﺑﻧﻌﻣﺔ اﻟﺣﯾﺎة ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺗﺻﺎرع ﻣﻌﮭﺎ ،ﺳﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻐوص إﻟﻰ أﻋﻣﺎق وﺟودك .وﻋﻧدﻣﺎ
ﺗﺻل إﻟﻰ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ،ﺳﺗﺑدأ ﻓﻲ رؤﯾﺔ أﺳرار اﻟﻘﻠب .اﻟﻘﻠب ھو اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﺗﺗدﻓﻖ ﻣن ﺧﻼﻟﮫ
اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾﻧك ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾﺎة. اﻟطﺎﻗﺔ ﻟﻣﺳﺎﻋدﺗك ودﻋﻣك .ھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﺗﻠﮭﻣك وﺗرﻓﻊ ﻣﻌﻧوﯾّﺎﺗك .إﻧﮭﺎ ّ
ﯾﺳﺗﻣر ذﻟك داﺧﻠك
ّ إﻧﮭﺎ ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣبّ اﻟﺟﻣﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺳﻛب ﻣن ﺧﻼل وﺟودك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .وھذا ﯾﻌﻧﻲ أن
طوال اﻟوﻗت .إن اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﺻوى اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻗد ﻣررت ﺑﮭﺎ ھﻲ ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣدى اﻻﻧﻔﺗﺎح اﻟذي
ﻛﻧت ﻓﯾﮫ .وإذا أﻧت ﻟم ﺗﻧﻐﻠﻖ ،ﻓﺳﺗﻛون ﺣﺎﻟﺗك ھﻛذا ﻋﻠﻰ اﻟدوام .ﻻ ﺗ ِﺑﻊ ﻧﻔﺳك ﺑﺳﮭوﻟﺔ .ﻓﺎﻟﺣﺎﻟﺔ
اﻟﻘﺻوى ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭﺎ اﻻﺳﺗﻣرار ﻋﻠﻰ اﻟدوام ،إﻟﮭﺎ ٌم ﺑﻼ ﻧﮭﺎﯾﺔ ،ﺣبﱞ ﺑﻼ ﺣدود ،اﻧﻔﺗﺎح ﺑﻼ ﻋواﺋﻖ .ھذه
ھﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻠﻘﻠب اﻟﺳﻠﯾم.
وﻟﻛﻲ ﺗﺗﻣ ّﻛن ﻣن اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﺣﯾﺎة ﺑﮭذه اﻟطرﯾﻘﺔ ،ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﺳﻣﺢ ﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺎﻟﻘدوم
واﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼل وﺟودك .وﻟو ظﮭرت طﺎﻗﺔ ﻗدﯾﻣﺔ ﻟم ﺗﻛن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ،
ﺗﻣر اﻵن .اﻷﻣر ﺑﮭذه اﻟﺳﮭوﻟﺔ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻌﺑر ﺗﻠك اﻟﺳﯾﺎرة اﻟﻔورد ذات اﻟﻠون اﻷزرق اﻟﻔﺎﺗﺢ ﻓدﻋﮭﺎ ّ
وﺗﺷﻌر ﻋﻧدھﺎ ﺑﺎﻟﺧوف أو ﺑﺎﻟﻐﯾرة ،ﻓﻘط اﺑﺗﺳم .ﻛن ﺳﻌﯾدا ﺑﺄن ھذه اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا ،اﻟﺗﻲ ﺗ ّم اﺧﺗزاﻧﮭﺎ ﻓﻲ
وأرح ﻗﻠﺑك، ﻣﻛﺎن ﻣﺎ ھﻧﺎك ﻛل ذﻟك اﻟوﻗت ،ﻟدﯾﮭﺎ اﻟﻔرﺻﺔ اﻵن ﻟﻠﻌﺑور ﻣن ﺧﻼﻟك .ﻓﻘط اﻧﻔﺗﺢِ ،
ي ﺷﻲء ﺗرﻏب ﺑﮫ .ﻟﻛن ﻻ ﺗدﻓﻊ اﻟطﺎﻗﺔ إﻟﻰ اﻟﺧﻠف ﻣن ﺟدﯾد .إن اﻷﻣر ﺳﺎﻣﺢ ،اﺿﺣك ،أو ﻗُم ﺑﻌﻣل أ ّ
ﺳطﺢ .ﻓﻘد ﺗم ﺗﺧزﯾﻧﮭﺎ ﻣن ﻗﺑل ﺑﺄﻟم ،ﻟذﻟك ﻓﺈطﻼﻗﮭﺎ ﻣؤﻟم ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗظﮭر ھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟ ّ
ّ
ﻣﺧزﻧًﺎ داﺧﻠك ً
ﺗﻘرر ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﺗرﻏب ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻣرار ﺑﺎﻟﻌﯾش ﺣﺎﻣﻼ أﻟ ًﻣﺎ ﺿﺎ ﻣؤﻟ ًﻣﺎ .ﻟك أن ّ
ﯾﻛون أﯾ ً
ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺗرك ھذا ً ﯾﻌﯾﻖ ﻗﻠﺑك وﯾ ُﺣ ّد ﻣن اﻧطﻼﻗك ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ،أو أن ﺗﺧﺗﺎر اﻟﺑدﯾل وھو أن ﺗﻛون
اﻷﻟم ﯾﻐﺎدرك ﻛﻠّﻣﺎ ﺗ ّﻣت إﺛﺎرﺗﮫ .ﻋﻧدھﺎ ﺳﯾؤﻟم ﻟدﻗﺎﺋﻖ ﻓﻘط ﺛم ﯾﻧﺗﮭﻲ أﻣره.
إذن ،ﻟك اﻻﺧﺗﯾﺎر .وﻋﻠﯾك أن ﺗﻘرر ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﺗرﯾد أن ﺗﻐﯾّر اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻲ ﻻ ﯾﻘوم ﺑﺈزﻋﺎج اﻟﺳﺎﻣﺳﻛﺎرا
ﻲ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾّﺔ اﻟﺗطﮭﯾر ﺗﻠك .ﻻ ﺗﻘُم ﺑﺎﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار ﺑﻧﺎ ًء ﻋﻠﻰ ﻟدﯾك ،أو أن ﻟدﯾك اﻻﺳﺗﻌداد ﻟﻠﻣﺿ ّ
ﺗراﻛﻣﺎت ﺗ ّﻣت إﺛﺎرﺗﮭﺎ .ﺗﻌﻠّم أن ﺗﻛون ﻣر ّﻛ ًزا ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ﻟﺗﻘوم ﻓﻘط ﺑﻌﻣﻠﯾّﺔ ﻣراﻗﺑﺔ ھذه اﻟطﺎﻗﺔ
ﺟﻠﺳت ﺑﻌﻣﻖ ﻛﺎف ﻓﻲ اﻟداﺧل وﺗوﻗﻔت ﻋن ﻣﺻﺎرﻋﺔ أﻧﻣﺎط اﻟطﺎﻗﺔ َ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗظﮭر .وﻣﺗﻰ ﻣﺎ
اﻟﻣﺣﺑوﺳﺔ ھﻧﺎك ،ﻓﺳﺗظﮭر ھذه اﻷﻧﻣﺎط ﺑﺎﺳﺗﻣرار وﺳﺗﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟك .وﺳﺗﻌﺎود ھذه اﻷﻧﻣﺎط اﻟظﮭور
اﻟﺗﺣرر واﻟﺗط ّﮭر .ﻓﻘط دع اﻷﻣر ّ ﺿﺎ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ أﺣﻼﻣك .ﻗﻠﺑك ﺳﯾﻌﺗﺎد ﻋﻣﻠﯾّﺔَ ﺧﻼل اﻟﯾوم وﺳﺗظﮭر أﯾ ً
ﻛﻠﮫ ﯾﺣدث .ﺗﺧﻠص ﻣﻧﮫ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ﻻ ﺗﻌﺎﻟﺞ اﻟطﺎﻗﺎت واﺣدة ﺑﻌد اﻷﺧرى ،ﻓﺎﻷﻣر ﺳﯾﺻﺑﺢ ﺑطﯾﺋﺎ
واﺗرك اﻷﻣر ﯾﺣدث ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ .ﻓﺎﻷﻣر ﯾﺷﺑﮫ ﺗﻣﺎﻣﺎ ُ ﻋﻧدھﺎ .ﻋﻠﯾك أن ﺗﺑﻘﻰ ﺧﻠﻔﮭﺎ وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗرﻛﯾز،
ﺳﻲ اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﺗﺧﻠّص ﻣن اﻟﺑﻛﺗﯾرﯾﺎ واﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى اﻟدّﺧﯾﻠﺔ ﻋﻠﯾﮫ ،ﻓﺎﻟﺗدﻓّﻖ اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟﺟﺳد اﻟﺣ ّ
ّ
اﻟﻣﺧزﻧﺔ ﻣن داﺧل ﻗﻠﺑك. ﻟﻠطﺎﻗﺔ ﺳﯾﻘوم ﺑﺗطﮭﯾر اﻷﻧﻣﺎط
ﺳﺗﻛون ﺟﺎﺋزﺗك ﻋﻧدھﺎ ھو اﻟﻔوز ﺑﻘﻠب ﻣﻔﺗوح ﻋﻠﻰ اﻟدوام .ﻟن ﯾﻛون ھﻧﺎك أي ﺻ ّﻣﺎم ﺑﻌد اﻵن .أﻧت
وﯾﻘوﯾك .ھذا ھو اﻟﻘﻠب اﻟﻣﻔﺗوح .ھﻛذا ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻌﻣل ﺟﮭﺎز اﻟﻘﻠب اﻟذي ﺗﻌﯾش ﻓﻲ ﺣُبّ ،وھذا ﯾﻐذّﯾك ّ
وﯾﺟرب ﻛ ّل ﻧﻐﻣﺔ ﯾﻘوم اﻟﻘﻠب ﺑﻌزﻓﮭﺎ .إذا ﻣﺎ ارﺗﺣت وأطﻠﻘت اﻟﻣﺧزون ﻣن ّ ﻟدﯾك .دع ﻗﻠﺑك ﯾﺧﺗﺑر
داﺧﻠك ،ﻓﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗطﮭﯾر ھذه ﻟﻘﻠﺑك ﺗﺻﺑﺢ ﻣﺳﺄﻟﺔ راﺋﻌﺔ .رﻛز ﺑﺻرك ﻋﻠﻰ أﻗﺻﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﯾﻣﻛن أن
زﻟﻠت ،ﻓﻌُد ﻣن ﺟدﯾد .اﻷﻣر ﻻ ﯾﮭ ّم .إﻧﮫ ﻷﻣر ﻋظﯾم أن ﺗﺗﺻورھﺎ وﻻ ﺗﺑﻌد ﻋﯾﻧك ﻋﻧﮭﺎ أﺑدًا .وإذا ْ
اﻟﺗﺣرر.
ّ ﺗﻛون راﻏﺑﺎ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻣﻠﯾّﺔ ﺗﺣرﯾر ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ ﻟدﯾك .ﯾوﻣﺎ ﻣﺎ ﺳﺗﺻل .ﻓﻘط اﺳﺗﻣر ﻓﻲ
اﻟﻔﺻل اﻟﺳﺎﺑﻊ :ﺗﺟﺎوز اﻟﻣﯾل إﻟﻰ اﻻﻧﻐﻼق
ﻛﺛﯾرا ﺑﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻌﻠوم اﻟﻐرﺑﯾّﺔ .ﻟﻘد أﺛﺑت ﻟﻧﺎ اﻟ ِﻌﻠم
ً اﻟﻧﻣو اﻟروﺣﺎﻧﻲ واﻟﯾﻘظﺔ اﻟذاﺗﯾّﺔ ّ
ﺗﻌززت ّ ﺳس إن أ ُ ُ
ّ
اﻟذرات ،اﻟﺗﻲ ﺗﺗراﺑط ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﻟﺗﺷ ّﻛل اﻟﺟزﯾﺋﺎت ،وﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ ّ ﻛﯾف ﺗﺗﺷﻛل اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ داﺧل
ي .وھذا ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻣﺎ ﯾﺣدث داﺧﻠﻧﺎ .ﻛل ﻣﺎ ﯾﻣر ﺑﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣطﺎف ﺗظﮭر ﻛﻛل وﺑوﺿوح ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺎد ّ
إن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﻲ اﻟداﺧل ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳس ﻣﺑﻧﯾّﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﺎل اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻛﺎﻣن ﻓﻲ دواﺧﻠﻧﺎّ .
ﻣﺟﺎل اﻟطﺎﻗﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺧﻠﻖ اﻷﻧﻣﺎط اﻟﻌﻘﻠﯾّﺔ واﻟﺣﺳﯾّﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﺣواﻓزﻧﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،ودواﻓﻌﻧﺎ ،وردود
أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ اﻟﻐرﯾزﯾّﺔ.
ﻋﻧد اﻟﻧظر إﻟﻰ ھذه اﻷﻧﻣﺎط ﻣن اﻟطﺎﻗﺎت داﺧل ذاﺗك ،وﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ داﺧل اﻟﻣﺧﻠوﻗﺎت اﻟﺣﯾّﺔ
اﻷﺧرى ،ﻓﻠﯾس ﻣن اﻟﺻﻌب أن ﺗدرك أن ﻏرﯾزة اﻟﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﯾد اﻟﺣﯾﺎة ھﻲ أﻛﺛر طﺎﻗﺔ ﺑداﺋﯾّﺔ ﻣﺗدﻓﻘﺔ
اﻟﺗطور ،وﻣن أﺑﺳط أﺷﻛﺎل اﻟﺣﯾﺎة إﻟﻰ أﻋﻘدھﺎ ،ﻛﺎن ّ ﻓﻲ ﻛل اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﻣوﺟودة .ﻓﻠﺳﻧوات ﻣﺿت ﻣن
ﻲ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟذات .وﻏرﯾزة اﻟﺑﻘﺎء اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ ﺗرﻛﯾﺑﺗﻧﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾّﺔ ھﻧﺎك ﻋﻠﻰ اﻟدوام ﺻراع ﯾوﻣ ّ
اﻟﻣﺗﺣوﻟﺔ .ﻓﻛﺛﯾر ﻣﻧّﺎ ﻟم ﯾﻌد ﯾﻔﺗﻘر إﻟﻰ
ّ ﻣرت ﻋﺑر اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﻣﺗطورة ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ ،ﻗد ّ
ّ واﻟﺗﻌﺎوﻧﯾّﺔ
أﺧطﺎرا ﺟﺳدﯾّﺔ ﺗﮭدّد ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ
ً اﻟطﻌﺎم ،أو اﻟﻣﺎء ،أو اﻟﻣﻠﺑس ،أو اﻟﻣﺄوى ،وﻟم ﻧﻌد ﻧواﺟﮫ ﺑﺷﻛل اﻋﺗﯾﺎدي
ﺑدﻻ ﻣن اﻟدﻓﺎع ﻋﻧّﺎ ووﺟودﻧﺎ .وﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟذﻟك ،ﺗﻛﯾّﻔت طﺎﻗﺎﺗﻧﺎ اﻟواﻗﯾﺔ ﻣن أﺟل اﻟدﻓﺎع ﻋﻧّﺎ ﻧﻔﺳﯾﺎ ً
ﻧﻣر ﺣﺎﻟﯾﺎ ﺑﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن ﻣﻔﺎھﯾم اﻟذات ﻟدﯾﻧﺎ ﺑدﻻ ﻣن اﻟدﻓﺎع ﻋن أﺟﺳﺎدﻧﺎ. ﺟﺳدﯾﺎّ .
واﻧﺗﮭﻰ ﺻراﻋﻧﺎ اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻋﻧد اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣﺧﺎوﻓﻧﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،وﻋدم إﺣﺳﺎﺳﻧﺎ ﺑﺎﻷﻣﺎن،
ﺗﺻرﻓﺎﺗﻧﺎ اﻟﻣد ّﻣرة اﻷﺧرى ﺑدﻻ ﻣن ﺣﺎﺟﺗﻧﺎ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻘوى اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ. ّ وﺑﺄﻧﻣﺎط
ﺿﺎ ﺗﮭرب .اﻓﺗرض وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈن اﻟدواﻓﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل اﻟﻐزاﻟﺔ ﺗﮭرب ،ھﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻠك أﻧت أﯾ ً
ﺻﺎ ﻣﺎ رﻓﻊ ﺻوﺗﮫ ﻋﻠﯾك أو ﺗﺣدّث ﻓﻲ أﻣر ﻣزﻋﺞ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك .ﻓﮭذه اﻷﻣور ﻻ ﺗﺷ ّﻛل أن ﺷﺧ ً
أن ﻧﺑﺿﺎت ﻗﻠﺑك ﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺗﺳﺎرع .وھذا ھو اﻟذي ﯾﺣدث ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﺗﮭدﯾدات ﺟﺳدﯾّﺔ ﺿدّك ،إﻻ ّ
اﻟﺗﺣدﯾد ﻟﻠﻐزﻻن ﻛﻠّﻣﺎ ﺳﻣﻌت ﺻوﺗًﺎ ﻣﻔﺎﺟﺋًﺎ .ﺗﺑدأ ﻧﺑﺿﺎت ﻗﻠوﺑﮭن ﺑﺎﻟﺗﺳﺎرع ،وﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﮭن إ ّﻣﺎ
أن ﯾﺗﺟ ّﻣدن ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻧﮭن وإ ّﻣﺎ ﯾﮭرﺑن ﻋﻠﻰ اﻟﻔور .وﻣﻊ ذﻟك ،ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗك أﻧت ،ﻟﯾس ﻧوع اﻟﺧوف ﻋﺎدة ً
ﻲ ﻋﻣﯾﻖ ﻓﻲ اﻟداﺧل ﯾطﺎﻟﺑك ﺑﺿرورة اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ. ھو اﻟذي ﯾﻘودك ﻟﻠﮭرب ،ﻟﻛﻧّﮫ ﺧوف ﺷﺧﺻ ّ
ﺗﺻرف ﻏﯾر ﻣﻘﺑول اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ،ﻓﺄﻧت ﺗﺧﺗﺑﺊ ّ وﻷن اﻟﮭروب إﻟﻰ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻟﻼﺧﺗﺑﺎء ﻛﻣﺎ ﺗﻔﻌل اﻟﻐزﻻن ھو
ﻓﻲ اﻟداﺧل .أﻧت ﺗﻧﺳﺣب ،وﺗﻧﻐﻠﻖ ،وﺗﻘف ﺧﻠف درﻋك اﻟواﻗﯾﺔ .ﻓﺎﻟذي ﺗﻔﻌﻠﮫ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟوﺿﻊ
ھو أﻧك ﺗﻐﻠﻖ ﻛل ﻣراﻛز اﻟطﺎﻗﺔ ﺑداﺧﻠك .ﺣﺗﻰ وﻟو ﻟم ﺗﻛن ﺗﻌﻠم أن ﺑداﺧﻠك ﻣراﻛز ﻟﻠطﺎﻗﺔّ ،إﻻ أﻧّك
ﺗﻣﺎرس ﻋﻣﻠﯾﺔ إﻏﻼﻗﮭﺎ ﻣﻧذ ﻛﻧت ﺻﻐﯾرا ﻓﻲ رﯾﺎض اﻷطﻔﺎل .أﻧت ﺗﻌرف ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﯾف ﺗﻐﻠﻖ ﻗﻠﺑك
وﺗﺿﻊ درﻋﺎ واﻗﯾﺔ ﻧﻔﺳﯾﺎ .وﺗﻌرف ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﯾف ﺗﻐﻠﻖ ﻣراﻛز اﻟطﺎﻗﺔ ﻟدﯾك ﻣن أﺟل أن ﺗﺗﺟﻧب أن
ﺳﺎ أﻛﺛر ﻣن اﻟﻼزم ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟطﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﯾك واﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺳﺑّب ﻟك اﻟﺧوف. ﺳﺎ ً
ﺗﻛون ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ وﺣ ّ
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﻐﻠﻖ وﺗﻘوم ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ ذاﺗك ،ﻓﺄﻧت ﺗﺳﺣب إﻟﯾك ﻏطﺎ ًء ﺗﺿﻌﮫ ﺣول اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺿّﻌﯾف ﻣن ﻧﻔﺳك.
ي ﺗﮭدﯾد ﺟﺳدي ﺗﺟﺎھﮫ .أﻧت وھذا ھو اﻟﺟزء اﻟذي ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ رﻏم ﻋدم وﺟود أ ّ
ﺗﺗﻌرض ﻟﮫ ّ ﺻﺔ ﺑك ،ﺗﺣﻣﻲ ﻣﻔﮭوم اﻟذّات ﻟدﯾك .ﻓﺣﺗﻰ ﻟو ﻟم ﯾﻛن ﻓﻲ اﻟﻣوﻗف اﻟذي ﺗﺣﻣﻲ "اﻷﻧﺎ" اﻟﺧﺎ ّ
ي ﺧطر ﺟﺳديّ ،إﻻ أﻧﮫ ﯾﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺷﻌورك ﺑﺎﻻﻧزﻋﺎج ،واﻟﺧوف ،وﻓﻘدان اﻷﻣﺎن ،وﻣﺷﺎﻛل ﺣﺳﯾّﺔ أ ّ
أﺧرى .ﻟذﻟك ﺗﺷﻌر ﺑﺣﺎﺟﺗك ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳك.
ً
أﺻﻼ ﺑﻌﯾد ﺟدا ﻋن ً ﻟﻛن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ أن ھذا اﻟﺟﺎﻧب اﻟذي ﯾﺻﺎب ﺑﺎﻻﻧزﻋﺎج داﺧﻠك ھو
ﺳﺎس ﺟدا إﻟﻰ درﺟﺔ أن أدﻧﻰ ﺷﻲء ﯾُذ َﻛر أﻣﺎﻣﮫ ﯾﺳﺑّب ردّة ﻓﻌل ﻣﺑﺎﻟﻎ ﻓﯾﮭﺎ .أﻧت اﻟﺗوازن .ﻓﮭو ﺣ ّ
ﺗﻌﯾش ﻋﻠﻰ ﻛوﻛب ﯾدور وﺳط ﻓﺿﺎء ﺧﺎرﺟﻲ ،ورﻏم ذﻟك أﻧت ﻗ ِﻠﻖ إﻣﺎ ﺑﺷﺄن اﻟﻌﯾوب اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﯾك،
أﻣر ﻏﯾر
ﺷؤ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﻌﺎﻣﺔ! ھذا اﻟﻘﻠﻖ ٌ أو اﻟﺧدوش اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺎرﺗك اﻟﺟدﯾدة ،أو ﻗﯾﺎﻣك ﺑﺎﻟﺗﺟ ّ
ﻟﻘﻠت إﻧّك ﻣرﯾض .ﻟﻛن ﻣﺟﺗﻣﻌﻧﺎ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾّﺔ َ ﺻﺣﻲ .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺟﺳدك ﺑﮭذه اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ،
أﻣر طﺑﯾﻌﻲ .ﻷن ﻣﻌظﻣﻧﺎ ﻻ ﯾﻌﺗرﯾﮫ ﻗﻠﻖ ﺑﺷﺄن اﻟطﻌﺎم ،واﻟﻣﻠﺑس ،واﻟﻣﺄوى ،ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻟدﯾﻧﺎ
اﻟﺗﻔوه ﺑﺷﻲء ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ .وﺑﺳﺑب ﺗرف ﻣن اﻟﻘﻠﻖ ﺣول ﺑُﻘﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻧطﺎﻟﻧﺎ ،أو ﺿﺣﻛﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﺟدا ،أو ّ ٌ
طورﻧﺎ ھذه اﻟﻧﻔس اﻟﻣﻔرطﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ ،ﻧﻘوم اﻵن وﻋﻠﻰ اﻟدوام ﺑﺎﺳﺗﺧدام طﺎﻗﺗﻧﺎ ﻟﻐﻠﻖ ﻣﺎ أﻧّﻧﺎ ّ
ﺣوﻟﮭﺎ ﻣن أﺟل ﺣﻣﺎﯾﺗﮭﺎ .ﻟﻛن ﻻ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣن ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻘوم ﺑﺈﺧﻔﺎء اﻟﻣﺷﺎﻛل ،وﻻ ﺗﻘوم ﺑﺣﻠّﮭﺎ.
أﻧت ﺗﺧﺑّﺊ ﻣرﺿك داﺧﻠك ،وھذا ﯾﺗﺳﺑّب ﻓﻲ أن ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺣﺎل أﺳوأ ﻣ ّﻣﺎ ھو ﻋﻠﯾﮫ.
ﺳﺗﺻل ﻓﻲ ﻧﻣوك وﺗطورك اﻟذاﺗﻲ إﻟﻰ ﻧﻘطﺔ ﺗﻔﮭم ﻋﻧدھﺎ أن ﻛل ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ھو ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳك ،وﺑذﻟك
ﻣت ﺑﺣﺟز ﻧﻔﺳك داﺧل ﺑﯾﺗك ﻟن ﺗﻛون ﺣرا إطﻼﻗًﺎ .إن اﻷﻣر ﺑﮭذه اﻟﺳﮭوﻟﺔ .وﻷﻧّك ﻣرﻋوب ،ﻓﻘد ﻗُ َ
ظﻠﻣﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗرﻏب أﻧت ﻓﻲ رؤﯾﺔ ﺿﯾﺎء اﻟﺷﻣس ،ﻟﻛﻧك ﻻ ﺳﺗﺎﺋر ﻋﻠﯾك .اﻵن ﺑﺎﺗت ھﻧﺎك ُ وأﺳدﻟت اﻟ ّ
ﺗﺳﺗطﯾﻊ ،اﻷﻣر ﺻﺎر ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ .إذا ﻣﺎ أﻏﻠﻘت ﻧﻔﺳك وﻗﻣت ﺑﺣﻣﺎﯾﺗﮭﺎ ،ﻓﺄﻧت ﺗﻐﻠﻖ ھذا اﻟﺷﺧص ﻏﯾر
اﻵﻣن داﺧل ﻗﻠﺑك .وﻟن ﺗﻛون ُﺣرا أﺑدًا ﺑﮭذه اﻟطرﯾﻘﺔ.
اﻟﻧﻣو أﺑدا .ﻛل ﻋﺎداﺗك وﻣزاﯾﺎك ّ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻘول ،ﻟو ﻗﻣت ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳك ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻛﺎﻣل ،ﻓﻠن ﺗﺳﺗطﯾﻊ
ﺳﺗﺑﻘﻰ ﻛﻣﺎ ھﻲ .اﻟﺣﯾﺎة ﺗﺻﺑﺢ راﻛدة ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘوم اﻷﺷﺧﺎص ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎھم اﻟﻣﺧزﻧﺔ ﻓﻲ دواﺧﻠﮭم.
اﻟﻧﺎس ﯾﻘوﻟون أﺷﯾﺎء ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ" ،أﻧت ﺗﻌﻠم أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺗﺣدث ﻓﻲ ھذه اﻷﻣور أﻣﺎم واﻟدك" .ھﻧﺎك اﻟﻌدﯾد ﻣن
اﻟﻘواﻧﯾن ﺑﺧﺻوص أﺷﯾﺎء ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﮭﺎ أن ﺗﺣدث ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﻷﻧﮭﺎ ﻗد ﺗﺳﺑّب إزﻋﺎﺟﺎ ﻓﻲ اﻟداﺧل .أن
ي واﻟﺣﻣﺎﺳﺔ واﻹﺛﺎرة ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك. ﺗﻌﯾش ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو ﯾﻌﻧﻲ أن ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟﻘﻠﯾل ﺟدا ﻣن اﻟﻔرح اﻟﻌﻔو ّ
ﻣﻌظم اﻟﻧﺎس ﯾﻌﯾﺷون ﻣن ﯾوم ﻵﺧر وھم ﯾﺣﻣون أﻧﻔﺳﮭم وﯾﻌﻣﻠون ﺟﺎھدﯾن ﻋﻠﻰ أن ﺗﺳﯾر اﻷﻣور
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام .ﻟﻛن ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﯾوم ،ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺳﺄل أﺣدھم " ،ﻛﯾف ﻛﺎن ﯾوﻣك؟" ﯾﺄﺗﻲ اﻟر ّد اﻟﻣﻌﺗﺎد" ،ﻟم
ﯾﻛن ﯾو ًﻣﺎ ﺳﯾّﺋﺎ ﺟدا "،أو "ﺳوف أﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﯾد اﻟﺣﯾﺎة" .ﻓﻣﺎ اﻻﻧطﺑﺎع اﻟذي ﯾُﺣدﺛﮫ ﻓﯾك ﻣﺛل ﺗﻠك
ط ٍر داھم .واﻟﯾوم اﻟﺟﯾد ﯾﻌﻧﻲ ﻟﮭم ھو اﻟﯾوم اﻟردود ﻋن رؤﯾﺗﮭم ﻟﻠﺣﯾﺎة؟ إﻧﮭم ﯾﺗﻌﺎﻣﻠون ﻣﻊ اﻟﺣﯾﺎة ﻛ َﺧ َ ّ
أﺻﺑﺣت أﻛﺛر
َ ﻣر ﺑﮭم دون أن ﯾﺻﯾﺑﮭم ﻓﯾﮫ أي أذى .ﻛﻠّﻣﺎ أطﻠت اﻟﻌﯾش ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺷﺎﻛﻠﺔ، اﻟذي ّ
اﻧﻐﻼﻗﺎ.
اﻟﻧﻣو اﻟروﺣﺎﻧﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﯾﺣدث ّ وﺗﺗطور ﺑﺎﻟﻔﻌل ،ﻓﻌﻠﯾك أن ﺗﻘوم ﺑﻌﻛس ذﻟك. ّ إذا أردت أن ﺗﻧﻣو
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻛﯾﺎﻧًﺎ واﺣدًا ﻓﻲ اﻟداﺧل .وﻟﯾس ھﻧﺎك ﺟزء ﻣﻧك ﻣرﺗﻌب وﺟزء آﺧر ﯾﻘوم ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺟزء
اﻟﻣرﺗﻌب ذاك .ﻛ ّل اﻷﺟزاء ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻣﺗّﺣدة .أﻧت ﺗرﯾد أن ﺗرى ﻧﻔﺳك ﻛ ِوﺣدة واﺣدة ،ﻓﺎﻟﻌﻘل ﻟم
ﻣﺟرد ﺷﻲء ﺗراه ّ ﺳﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻌﻘل اﻟواﻋﻲ واﻟﻌﻘل ﻏﯾر اﻟواﻋﻲ .ﻛ ّل ﺷﻲء ﺗراه ﻓﻲ اﻟداﺧل ھو ﯾﻌد ﻣﻘ ّ
ﻓﻲ اﻟداﺧل .ﻣﺎ ﺗراه ﻻ ﯾﻣﺛّﻠك أﻧت ،إﻧﮫ ﯾﻣﺛّل ﻓﻘط ﻣﺎ ﺗﻧظر إﻟﯾﮫ .ھﻧﺎك ﺑﺑﺳﺎطﺔ طﺎﻗﺔ ﻧَﻘﯾّﺔ ﺗﺻبّ ﻣن
داﺧﻠك وھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﻠﻖ ﻣوﺟﺎت ﻣن اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر ،وھﻧﺎك اﻟوﻋﻲ اﻟذي ﯾُدرك ذﻟك .ھﻧﺎك
ﺑﺑﺳﺎطﺔ أﻧت اﻟذي ﯾراﻗب رﻗﺻﺔ اﻟذّات.
وﻣن أﺟل اﻟوﺻول إﻟﻰ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟوﻋﻲ ،ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك أن ﺗدع ذاﺗك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﺗظﮭر ﻟﻠﻌﯾﺎن .ﻛل
ﻗطﻌﺔ ﺻﻐﯾرة ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻣن ھذه اﻟذات ﯾﺟب أن ﯾُﺳﻣﺢ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﻣرور ﻣن ﺧﻼﻟك .ﺣﺎﻟﯾﺎ ھﻧﺎك اﻟﻛﺛﯾر ﻣن
ﺣرا ،ﻓذاﺗك ﻛﻠﮭﺎ ﺑﻛل ﺟزﯾﺋﺎﺗﮭﺎ اﻷﺟزاء اﻟﻣﻔﺗّﺗﺔ ﻣن ذاﺗك ﻣﺣﺑوﺳﺔ ﻓﻲ اﻟداﺧل .إذا أردت أن ﺗﻛون ّ
ﺷف وﺑﺎﻟﺗﺳﺎوي وﯾﺗ ّم إطﻼﻗﮭﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ﻟﻛن ذاﺗك ﻟن ﺗﻧﻛﺷف إطﻼﻗًﺎ طﺎﻟﻣﺎ أﻧّك اﻟﻣﺑﻌﺛرة ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﺗﻛ ّ
ﻣﻧﻐﻠﻖ ﻋﻠﯾﮭﺎ .ﻓﻔﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،إن ھدﻓك اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣن اﻻﻧﻐﻼق ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﺿﻣﺎن ﻋدم ﻛﺷف اﻟﺟواﻧب
ﺳﺎﺳﺔ ﻣن ذاﺗك .إذن ﻓﺄﻧت ﺗﻘﺑض ﻋﻠﻰ ھذه اﻷﺟزاء رﻏم ﻋﻠﻣك ﺑﺣﺟم اﻷﻟم اﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﯾﺧﻠﻘﮫ اﻟﺣ ّ
ذﻟك اﻟﻛﺷف ،أﻧت ﻣﺳﺗﻌ ّد ﻟدﻓﻊ ھذا اﻟﺛﻣن ﻣن أﺟل ﺣرﯾﺗك .ﻟﻛن ﻣﺗﻰ ﻣﺎ أﺻﺑﺢ ﻟدﯾك اﻻﺳﺗﻌداد
ﻟﻠﺗوﻗف ﻋن ﺗﻌرﯾف ذاﺗك ﺑﺄﻧﮭﺎ ذﻟك اﻟﺟزء ﻣن ﻧﻔﺳك اﻟذي ﯾﻧﻘﺳم ﻟﻣﻼﯾﯾن اﻟﻘطﻊ اﻟﻣﺗﻧﺎﺛرة ھﻧﺎ
ﻟﻠﻧﻣو اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ.
ّ وھﻧﺎك ،ﻋﻧدھﺎ ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻌدا
اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ واﻟدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳك .ھﻧﺎك ﻧزﻋﺔ ﻓطرﯾّﺔ ﻋﻣﯾﻘﺔ اﺑدأ ﻣن ﺧﻼل رﺻدك ﻧزﻋﺔَ ّ
ﻟﻼﻧﻐﻼق ،ﺧﺻوﺻﺎ ﺣول اﻟﻣواطن اﻟﻧﺎﻋﻣﺔ ﻓﯾك .ﻟﻛن ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻷﻣر ﺳﺗﻼﺣظ أن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﻧﻐﻼق
ھذه ﺗﺗطﻠب ﻋﻣﻼ ھﺎﺋﻼ .ﻓﻣﺗﻰ ﻣﺎ اﻧﻐﻠﻘت ،ﻋﻠﯾك أن ﺗﺿﻣن أن ﻣﺎ ﻗﻣت ﺑﺣﻣﺎﯾﺗﮫ ﻟن ﯾﺗﻌرض ﻟﻸذى
أﺑدا .وﺗﻘوم ﺑﺣﻣل ھذه اﻟﻣﮭﻣﺔ ﻟﺑﻘﯾﺔ ﺣﯾﺎﺗك .ﻟﻛن اﻟﺑدﯾل اﻵﺧر ھو أن ﺗﻛون واﻋﯾًﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ
ﻟﻣراﻗﺑﺔ -ﺑﺑﺳﺎطﺔ -اﻟﺟﺎﻧب ﻣن وﺟودك اﻟذي ﯾﺣﺎول ﻋﻠﻰ اﻟدوام ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳﮫ .ﻋﻧدھﺎ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن
ﻗررت، ﺗﻣﻧﺢ ﻧﻔﺳك ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف ﺟﺎﺋزة ﺑﻘرارك أﻧّك ﻟن ﺗﻘوم ﺑﻠﻌب ھذا اﻟدور ﺑﻌد اﻵن .أﻧت ّ
ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ،اﻟﺗﺧﻠّص ﻣن ذﻟك اﻟﺟزء ﻣن ﻧﻔﺳك.
اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻟﻠﻧﺎس واﻟﻣواﻗف اﻟﺗﻲ ﺗزﻋﺞ أو ﺗﺻدم اﻷﺷﯾﺎء ّ اﺑدأ ﺑﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺣﯾﺎة وﺑﻣﻼﺣظﺔ اﻟﺗدﻓّﻖ
ﻣرة وﺟدت ﻓﯾﮭﺎ ﻧﻔﺳك وھﻲ ﺗﺣﺎول ﺣﻣﺎﯾﺔ ذﻟك اﻟﺟزء اﻟﺿﻌﯾف ﻓﯾك أو اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟدﯾك .ﻛم ﻣن ّ
ﺻﺎ أو ﺷﯾﺋًﺎ
ي ﻣﻛﺎن ﺗﻘﺻده ﺗﺟد ﻓﯾﮫ ﺷﺧ ًﺻد ذﻟك اﻟﺟزء .أ ّاﻟدﻓﺎع ﻋﻧﮫ؟ ﺗﺷﻌر وﻛﺄن اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺄﺳره ﯾﺗر ّ
ﻣﺎ ﯾﺣﺎول أن ﯾزﻋﺟك ،ﯾﺣﺎول أن ﯾﺳﺗوﻟﻲ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺷﻲء ﻓﯾك .ﻟﻣﺎذا ﻻ ﺗﺳﻠّﻣﮭم إﯾﺎه؟ إذا ﻛﻧت
ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ ﺗرﯾده ،إذن ﻻ ﺗﻘُم ﺑﺣﻣﺎﯾﺗﮫ.
إن ﻣﻛﺎﻓﺄة ﻋدم ﺣﻣﺎﯾﺗك ﻟذاﺗك ﺳﺗﻛون ھﻲ اﻟﺣرﯾّﺔ .أﻧت ُﺣ ّر ﻓﻲ أن ﺗﺳﯾر ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم دون أن ﺗﻛون
ھﻧﺎك أﯾّﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻠك .أﻧت ﻓﻘط ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑوﻗﺗك واﺧﺗﺑﺎرك ﻟﻛ ّل ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﻓﻲ طرﯾﻘك ﻣن أﺣداث.
وﻷﻧّك
ﺗﺧﻠّﺻت ﻣن ذﻟك اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﺋف ﻓﯾك ،ﻓﻠﯾس ﻋﻠﯾك أن ﺗﻘﻠﻖ ﻣن أن ﯾﺻﯾﺑك أذى أو إزﻋﺎج ﻣن أي
ﺷﻲء .ﻟم ﯾﻌد ﻋﻠﯾك اﻹﺻﻐﺎء ﻟﺷﻲء ﻣﺛل "ﻣﺎ اﻟذي ﺳﯾﻌﺗﻘدوﻧﮫ ﻋﻧّﻲ؟" أو" ﯾﺎ إﻟﮭﻲ ،أﺗﻣﻧﻰ ﻟو أﻧﻧﻲ ﻟم
أﺗﻔوه ﺑذﻟك .ﻟﻘد ﺑدوت ﻏﺑﯾﺎ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ ".ﻓﻘط اﻣﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك وﺿﻊ وﺟودك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ
ﺑدﻻ ﻣن أن ﺗﺿﻊ وﺟودك ّﻛﻠﮫ ﻓﻲ ﺣﺳﺎﺳﯾّﺗك اﻟﺷﺧﺻﯾّﺔ اﻟﻣﻔرطﺔ. ﺗﺣدُث ﻟك ً
ﺗﺣرر ﻧﻔﺳك ﻣن ذﻟك اﻟﺷﺧص اﻟﻣرﺗﻌب داﺧﻠك ،ﺳﺗﻼﺣظ ﺣﯾﻧﮭﺎ ﺑﺄن ﻣﺗﻰ ﻣﺎ اﻟﺗزﻣت وﺗﻌ ّﮭدت ﺑﺄن ّ
اﻟﻧﻣو اﻟروﺣﺎﻧﻲ ھو
ّ وﺗطورك .إن
ّ ﻧﻣوك
ھﻧﺎك ﻣرﺣﻠﺔ واﺿﺣﺔ ﯾﺗم ﺧﻼﻟﮭﺎ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار وﯾﺑدأ ﻣﻌﮭﺎ ّ
ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺑدأ ﻋﻧدھﺎ ﺑﺎﻟﺷﻌور ﺑﺄن طﺎﻗﺗك ﺑدأت ﻓﻲ اﻟﺗﻐﯾّر .ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻗﺎل أﺣدھم
وﺑدأت ﺗﺷﻌر أن ھﻧﺎك ﺷﻲء ﻏرﯾب ﯾﺣدث ﻟﻠطﺎﻗﺔ ﻓﻲ داﺧﻠك .وﺳﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﺎﻟﺷﻌور َ ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ
ﺑﺎﻟﺿﯾﻖ .وذﻟك ﯾُﻌَ ّد ﺗﻠﻣﯾﺣﺎ ﻟك ﺑﺄﻧﮫ ﺣﺎن وﻗت ﻧﻣوك .إن ھذا اﻟوﻗت ﻟﯾس وﻗﺗﺎ ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳك،
ﻷﻧك ﻻ ﺗرﯾد اﻟﺟزء ﻣﻧك اﻟذي ﯾﺗوﻟﻰ ﻋﻣﻠﯾﮫ اﻟدﻓﺎع ﻋﻧك .إذا ﻟم ﺗرﻏب ﻓﻲ ھذا اﻟﺟزء ﻣﻧك ،ﻓدﻋﮫ
ﯾذھب.
ﺳﺗدرك ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻷﻣر وﺑﺷﻛل ﻛﺎف أﻧّﮫ ﯾﺟب ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗوﻗف ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻐﯾّر ﻓﯾﮭﺎ اﻟطﺎﻗﺔ
اﻟﺗورط ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟطﺎﻗﺔ .ﻟو ﺗﺳﺑّﺑت ﺑﺷﻛل طﺑﯾﻌﻲ ﻓﻲ ﺟﻌﻠك ﺗﺗﺣدث ،ﻓﺗوﻗّف ّ داﺧﻠك .ﺗوﻗّف ﻋﻧدھﺎ ﻣن
ﻋن اﻟﺗﺣدث .ﻓﻘط ﺗوﻗف ﻋن إﻛﻣﺎل اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﺗﻲ أﻧت ﺑﺻدد ﻗوﻟﮭﺎ ،ﻷﻧك ﺗﻌﻠم إﻟﻰ أﯾن ﺳﺗﻣﺿﻲ ﺑك
ھذه اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻟو أﻛﻣﻠﺗﮭﺎ .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرى ﻓﯾﮭﺎ أن اﻟطﺎﻗﺔ ﺑدأت ﺗﻔﻘد ﺗوازﻧﮭﺎ ﻓﻲ داﺧﻠك ،اﻟﻠﺣظﺔ
أن ﻗﻠﺑك ﺑدأ ﯾﺗوﺗر وﯾﺗّﺧذ دور اﻟﻣداﻓﻊ ،ﻋﻠﯾك ﺑﺎﻟﺗوﻗف.
اﻟﺗﻲ ﺗرى ﻓﯾﮭﺎ ّ
ّ
ﻣﺎ اﻟذي ﯾﻌﻧﯾﮫ ﺑﺎﻟﺿﺑط "أن ﺗﺗوﻗف؟" ھو ﺷﻲء ﺗﻘوم ﺑﻌﻣﻠﮫ ﻓﻲ اﻟداﺧل .وھو ﯾﺳ ّﻣﻰ اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن
اﻟﺷﻲء .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﺧﻠّﻰ ﻋن ﺷﻲء ﻣﺎ ،ﻓﺄﻧت ﺗﺗﺧﻠّف ﻋن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎول ﺟﺎھدة أن ﺗﺳﺣﺑك ﻣﻌﮭﺎ.
طت ﻣطرﻗﺔ طﺎﻗﺎﺗك اﻟداﺧﻠﯾّﺔ ﺗﺻﺑﺢ ﻗوﯾّﺔ .ھﻲ طﺎﻗﺎت ﻗوﯾّﺔ ﺟدا ،وﺗُو ّﺟﮫ وﻋﯾَك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل إﻟﯾﮭﺎ .ﻟو ﺳﻘ َ
ﻋﻠﻰ إﺻﺑﻊ ﻗدﻣك ﻓﻛل وﻋﯾك ﺳﯾﺗرﻛز ﻋﻠﯾﮫ .ﻟو ﻛﺎن ھﻧﺎك ﺻوت ﻋﺎ ٍل ﺟدا وﻣﻔﺎﺟﺊ ،ﻓﻛل وﻋﯾك
ﺳﯾﺗرﻛز ﻋﻠﯾﮫ .اﻟوﻋﻲ ﻟدﯾﮫ ﻧزﻋﺔ اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻹزﻋﺎﺟﺎت ،واﻟطﺎﻗﺎت اﻟﻣﻧزﻋﺟﺔ ﻓﻲ داﺧﻠك ﻟﯾﺳت
اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن ذﻟك .ھذه اﻟطﺎﻗﺎت اﻟﻣﻧزﻋﺟﺔ ﺳﺗﺷ ّد اﻧﺗﺑﺎھك إﻟﯾﮭﺎ .ﻟﻛن ﻟﯾس ﻋﻠﯾك اﻟﺳﻣﺎح ﻟﮭذا اﻟﺷﻲء
اﻟﺗورط ﻣﻌﮭﺎ واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ أن ﺗﺑﻘﻰ ﺗراﻗﺑﮭﺎ وأﻧت ّ ﺑﺄن ﯾﺣدث .ﻟدﯾك ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻋدم
واﻗف ﺧﻠﻔﮭﺎ.
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺑدأ اﻟطﺎﻗﺎت داﺧﻠك ﺑﺎﻟﺣرﻛﺔ ،ﻟﯾس ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾك اﻟذھﺎب إﻟﻰ ھﻧﺎك ﻟرؤﯾﺔ ﻣﺎذا ﯾﺣدث .ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﺣرك ﻣﻌﮭﺎ .ﻟﻧﻘل ﻣﺛﻼ ﺑﺄﻧك ﻛﻧت
ّ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺑدأ أﻓﻛﺎرك ﻓﻲ اﻟﺣراك ،ﻟﯾس ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾك
ﺗﺳﯾر ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج وﻋﺑرت ﺟوارك ﺳﯾّﺎرة .ﺗﻘول ﻟك أﻓﻛﺎرك" ،ﻟﯾﺗﻧﻲ أﻣﻠك ھذه اﻟﺳﯾﺎرة" .ﺗﺳﺗطﯾﻊ
ﻓﻘط أن ﺗﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟﺳﯾر ،ﻟﻛﻧّك ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﺑدأت ﺗﺗﺿﺎﯾﻖ .أﻧت ﺗرﯾد ﺳﯾﺎرة ﻣﺛﻠﮭﺎ ،ﻟﻛن راﺗﺑك
اﻟﺷﮭري ﻟﯾس ﻛﺎﻓﯾﺎ ﻻﻗﺗﻧﺎء ﺳﯾﺎرة ﻣﺛﻠﮭﺎ .ﻓﺗﺑدأ ﺑﺎﻟﺗﻔﻛﯾر ﺑﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺗرﻗﯾﺔ أو اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ
وظﯾﻔﺔ أﺧرى .ﻟﯾس ﻋﻠﯾك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻛل ذﻟك .ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن أن ﺗﺟري اﻷﻣور ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ :ھﺎ ھﻲ ﺳﯾﺎرة ﻗﺎدﻣﺔ
وھﺎ ھﻲ ﺗﺧﺗﻔﻲ ،ھﺎ ھﻲ ﻓﻛرة ﺗﺄﺗﻲ وھﺎ ھﻲ ﻓﻛرة ﺗﺧﺗﻔﻲ .اﻟﻔﻛرﺗﺎن ذھﺑﺗﺎ ﻣﻌًﺎ ﻷﻧك ﻟم ﺗذھب ﻣﻌﮭﻣﺎ.
ً
ﻣﺗﻣرﻛزا. ھذا ﻣﺎ ﯾﻌﻧﯾﮫ أن ﺗﻛون
إن ﻟم ﺗﻛن ﻣﺗﻣرﻛزا ،ﻓوﻋﯾك ﯾﻘوم ﻓﻘط ﺑﺎﻟﻠﺣﺎق ﺑﻛل ﻣﺎ ﯾﺛﯾر اﻧﺗﺑﺎھﮫ .ﺗرى ﺳﯾّﺎرة ﻋﺎﺑرة ﻓﯾﺻﯾر ﻛ ّل
ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﮫ ﯾدور ﺣوﻟﮭﺎ .ﻓﻲ ﯾوم آﺧر ﺗرى ﻗﺎرﺑًﺎ ،ﻓﺈذا ﺑﻛ ّل ﺷﻲء ﯾﺗﻣﺣور ﺣول ذﻟك اﻟﻘﺎرب ،وﺗﻧﺳﻰ
أﻣر اﻟﺳﯾﺎرة .ھﻧﺎك أﻧﺎس ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺷﺎﻛﻠﺔ .ﻻ ﯾﺣﺗﻔظون ﺑوظﺎﺋﻔﮭم ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ وﻻ ﺗﺳﯾر أﻣور
ﻣﺑﻌﺛرة ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ ھﻧﺎ
َ ﻋﻼﻗﺎﺗﮭم ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ﺑﺷﻛل ﺟﯾد .ﯾدورون ﻓﻘط ﺣول ﻛل اﻷﻣﺎﻛن ،وطﺎﻗﺎﺗﮭم
وھﻧﺎك.
ي ﻣن ﺗﻠك اﻷﻓﻛﺎر .ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺟﻠوس ﻓﻘط ﻓﻲ ﻣوطن اﻟوﻋﻲ وﺗﺗﺧﻠﻰ ﻟدﯾك اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﺗﻠﺣﻖ ﺑﺄ ّ
ﺗﻣر ﺑك ﻷﻧك ﺳﻣﺣت ﻟﮭﺎ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺣوﻟك .ﻓﻛرة ﺗظﮭر أو ﺷﻌور ﯾظﮭر ،أﻧت ﺗﻼﺣظ ذﻟكّ ،
ﺑﺎﻟﻣرور .ﺗﻘﻧﯾﺔ ﺗﺣرﯾر ﻧﻔﺳك ﺗﺣدُث ﺑﻌﻣﻠﯾّﺔ ﻓﮭم أن اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر ﻣﺎ ھﻲ إﻻ ﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟوﻋﻲ.
ﺗﻣر ﺑﮭﺎ .ﻟﻛن ﻣن ھو ھذا اﻟذي
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرى أن ﻗﻠﺑك ﺑدأ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ،ﻓﺄﻧت ﺗﻌﻲ ﺑوﺿوح ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗﻲ ّ
ﯾﻌﻲ ذﻟك؟ إﻧﮫ اﻟوﻋﻲ ،إﻧﮫ اﻟﻣﻘﯾم ھﻧﺎك ،إﻧﮫ اﻟروح ،إﻧﮫ اﻟذات .إﻧّﮫ اﻟﻣﺷﺎھد ،إﻧّﮫ اﻟذي ﯾﺷﺎھد .إن
اﻟﺗﻐﯾّرات اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺗﺑرھﺎ ﺑﺧﺻوص ﺗدﻓﻖ طﺎﻗﺗك اﻟداﺧﻠﯾﺔ ھﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻛﺎﺋﻧﺎت ھذا اﻟوﻋﻲ .إذا
أردت أن ﺗﻛون ﺣرا ،ﻓﻔﻲ ﻛل وﻗت ﺗﺷﻌر ﺑﺄي ﺗﻐﯾﯾر ﻓﻲ ﺗدﻓﻖ طﺎﻗﺗك ،ﻗم ﺑﺎﻻﺳﺗرﺧﺎء وراءھﺎ .ﻻ
ﺗﺗﻌﺎرك ﻣﻌﮭﺎ ،ﻻ ﺗﺣﺎول أن ﺗﻐﯾّرھﺎ ،وﻻ أن ﺗﻘﺎﺿﯾﮭﺎ .ﻻ ﺗﻘل "ﺣﺳﻧﺎ ،ﻻ أﺻدّق أﻧّﻲ ﻣﺎ زﻟت أﺷﻌر
ﺑﺄﻻ أﻓّﻛر ﻓﻲ ھذه اﻟﺳﯾﺎرة ﺑﻌد اﻵن ".ﻻ ﺗﻔﻌل ذﻟك ،ﻷﻧك ﺳﺗﻧﺗﮭﻲ ﺑﮭذا اﻟﺷﻌور .ﻟﻘد وﻋدتُ ﻧﻔﺳﻲ ّ
ﺑدﻻ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﺗﻌﻠّﻘﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎرة .ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗﺧﻠّﻰ ﺑﺎﻟذھﺎب ﻣﻊ اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﺗﻌﻠّﻘﺔ ﺑﺎﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟذﻧب ً
ﻋن ھذه اﻷﻓﻛﺎر ﺟﻣﯾﻌﮭﺎ.
ﻟﻛن اﻷﻣر ﻻ ﯾﺗﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر ﻓﻘط .إﻧّﮫ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﯾﺗﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن طﺎﻗﺔ
ّ ّ ّ
اﻻﻧﺟذاب ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻟوﻋﯾك .اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻣﻧزﻋﺟﺔ ﺗﺣﺎول ﺷ ّد اﻧﺗﺑﺎھك إﻟﯾﮭﺎ .ﻟو أﻧك اﺳﺗﺧدﻣت
ﻗوة إرادﺗك اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻋدم اﻟذھﺎب ﻣﻌﮭﺎ ،وﺑﻘﯾت ﺟﺎﻟﺳﺎ ﻓﻲ اﻟداﺧل ،ﺳﺗﻼﺣظ ﺑﺄن اﻟﻔرق ﺑﯾن ّ
اﻟوﻋﻲ وﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟوﻋﻲ ھو ﻛﺎﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻠﯾل واﻟﻧﮭﺎر .ھﻣﺎ ﺷﯾﺋﺎن ﻣﺧﺗﻠﻔﺎن ﻋن ﺑﻌﺿﮭﻣﺎ ﺗﻣﺎم
اﻻﺧﺗﻼف .اﻟﺷﻲء ﯾﺄﺗﻲ وﯾذھب ،واﻟوﻋﻲ ﯾراﻗﺑﮫ وھو ﯾﺄﺗﻲ وﯾذھب .واﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﻠﯾﮫ ﯾﺄﺗﻲ أﯾﺿﺎ
ﺷﯾﺋﺎن ﯾﺄﺗﯾﺎن وﯾذھﺑﺎن ،ﻟﻛن اﻟوﻋﻲ ﻻ ﯾذھب إﻟﻰ أي ﻣﻛﺎن .إﻧﮫ ﯾﺑﻘﻰ وﯾذھب واﻟوﻋﻲ أﯾﺿﺎ ﯾراﻗﺑﮫ .اﻟ ّ
ﺻﻔﺎء ﻟﯾرى ّ
ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺳﺎﻛﻧًﺎ ﯾراﻗب ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣدث .اﻟوﻋﻲ ﯾﺧﺗﺑر ﺧﻠﻖ اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر ،وﯾﺗﺣﻠﻰ ﺑﺎﻟ ّ
ﻣن أﯾن ﺗﺄﺗﻲ .إﻧﮫ ﯾرى ﻛل ذﻟك دون اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﯾﮫ .إﻧﮫ ﯾرى ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟداﺧل ﺑﺳﮭوﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﯾرى ﻣﺎ
ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﺑﺎﻟﺳﮭوﻟﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ .ھو ﻓﻘط ﯾراﻗب .اﻟذات ﺗراﻗب ﺗﻐﯾر اﻟطﺎﻗﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘوى
اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣﻌﺎ .ﻛل اﻟطﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﯾراﻗﺑﮭﺎ وﻋﯾك ﻓﻘط ﺗﺄﺗﻲ وﺗذھب ،ﻣﺎ ﻟم ﺗﻔﻘد ﻣرﻛزﯾﺔ
وﻋﯾك وﺗذھب ﻣﻌﮭﺎ.
ﻟﻧﺄﺧذ ﻧظرة ﻣﺗﻔ ّﺣﺻﺔ ﻟﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟو أﻧك ذھﺑت ﻣﻊ ھذه اﻟطﺎﻗﺎت .أوﻻ ،اﻷﻣر ﯾﺑدأ ﺑﺄن ﻟدﯾك ﻓﻛرة أو
ﺷﻌورا ﻣﺎ .ھذا اﻟﺷﻌور ﻗد ﯾﻛون ﺧﻔﯾﻔﺎ ﻛﺧﻔّﺔ ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺗﺿﯾﯾﻖ وﺗﺗﺣول إﻟﻰ ﻣوﻗف ً
ﻗوة .ﻟو اﺳﺗطﺎﻋت ھذه اﻟطﺎﻗﺎت أن ﺗﺄﺳر وﻋﯾك وﻗﺎﻣت ﻛل دﻓﺎﻋﻲ ،أو ﻗد ﺗﺗﺣول إﻟﻰ ﺷﻲء أﻛﺛر ّ
ﻗوة ھﺎﺋﻠﺔ ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم ﻗوى وﻋﯾك ﺑﺎﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﯾﮭﺎ ،ﻓﮭذه اﻟﻘوى ﺗﻘوم ﺑﺗﻐذﯾﺗﮭﺎ .اﻟوﻋﻲ ھو ّ
ﺑﺎﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ھذه اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر ،ﺳﯾﺗم ﺗزوﯾدھﺎ ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ واﻟﻘوة اﻹﺿﺎﻓﯾﺔ .ﻟﮭذا ﻓﺈن اﻷﻓﻛﺎر
واﻟﻣﺷﺎﻋر ﺗزداد ﻗوة ﻛﻠﻣﺎ ازداد ﺗرﻛﯾزك ﻋﻠﯾﮭﺎ .ﻟﻧﻘل ﻣﺛﻼ أﻧّك ﺷﻌرت ﺑﺷﻲء ﻣن اﻟﻐﯾرة أو ﺑﻘﻠﯾل ﻣن
اﻟﺧوف .ﻟو ﻗﻣت ﺑﺎﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻣﺷﺎﻋر ﻓﺳﺗزداد أھﻣﯾﺗﮭﺎ وﺳﺗﺗطﻠب زﯾﺎدة ﻣن اﻧﺗﺑﺎھك ﻟﮭﺎ .ﺑﻌد
ذﻟك ،وﻷن اﻧﺗﺑﺎھك ﻗﺎم ﺑﺗﻐذﯾﺗﮭﺎ ،ﺗﻧﻐرس ﻓﻲ اﻟذّھن ﺑطﺎﻗﺔ أﻛﺑر وﺑﻣزﯾد ﻣن ﺗوﺟﯾﮫ اﻻھﺗﻣﺎم إﻟﯾﮭﺎ.
ھﻛذا ﺗدور ھذه اﻟداﺋرة .وﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻷﻣر ،ﻓﺈن اﻟذي ﯾﺑدأ ﻛﻔﻛرة ﻋﺎﺑرة أو ﻛﺷﻌور ﻋﺎﺑر ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن
ﯾﺗﺣول إﻟﻰ ﻣﺣور ﺣﯾﺎﺗك .إذا أﻧت ﻟم ﺗﺗﺧ ّل ﻋن اﻟﻔﻛرة ،ﻓﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﺗﺧرج اﻷﻣور ﻋن اﻟﺳﯾطرة ّ
ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ.
اﻟﺷﺧص اﻟﺣﻛﯾم ھو ذﻟك اﻟذي ﯾﺑﻘﻰ ﻣﺗﻣرﻛزا إﻟﻰ درﺟﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﯾﺗﺧﻠﻰ ﻣﻌﮭﺎ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ ﻛل ﻣرة
ﺗﺗﺣرك ﻓﯾﮭﺎ اﻟطﺎﻗﺔ ﻟﺗﺗﺧذ اﻟوﺿﻊ اﻟدﻓﺎﻋﻲ .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣرك ﻓﯾﮭﺎ اﻟطﺎﻗﺔ وﺗﺷﻌر ﺑﺄن وﻋﯾك
ﺑدأ ﯾﻧﺳﺣب ﻓﻲ اﺗّﺟﺎھﮭﺎ ،اﺳﺗرﺧﻲ واﺗرك اﻷﻣر وﺷﺄﻧﮫ .اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﯾﻌﻧﻲ أﻧّك ﺗﻛون ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ ﺧﻠف
ﻟﺗﻘرر أﻧّك ﻟن ﺗﺗو ّﺟﮫ إﻟﻰ ﺗﻠك اﻟطﺎﻗﺔ ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺗو ّﺟﮫ إﻟﯾﮭﺎ .اﻷﻣر ﯾﺗطﻠّب ﻓﻘط ﻟﺣظﺔ ﻣن ﺟﮭد واع ّ
اﻟطﺎﻗﺔ .ﻓﻘط ﺗﺧﻠّﻰ ﻋن اﻷﻣر .إن اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﺑﺳﺎطﺔ ھﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎزﻓﺗك ﺑﺣﻘﯾﻘﺔ أﻧك ﺳﺗﻛون أﻓﺿل ﻟو
ﻗﻣت ﺑﺎﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻟذھﺎب ﻣﻊ ھذه اﻟطﺎﻗﺔ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﺣرا ﻣن اﻟﺗﻣﺳك اﻟذي ﺗﻔرﺿﮫ ھذه اﻟطﺎﻗﺔ
ﻋﻠﯾك ،ﻓﺳﺗﻛون ﺣرا ﻷن ﺗﺧﺗﺑر اﻟﻔرح وﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﻟﺗﻣدّد اﻟﻼﻣﺣدود اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد داﺧﻠك.
ﻗررت أن ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﺣﯾﺎة طرﯾﻘﺎ ﻟﺗﺣرﯾر ﻧﻔﺳك .أﻧت أﺻﺑﺣت ﻣﺳﺗﻌدا ﻟدﻓﻊ أي ﺛﻣن إذن أﻧت ّ
ﺣرة .أﻧتﻟﺣرﯾﺔ روﺣك .وﺳﺗدرك أن اﻟﺛﻣن اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﻋﻠﯾك دﻓﻌﮫ ھو أن ﺗطﻠﻖ ﻧﻔﺳك ﻟﺗﻛون ّ
وﺣدك ﻣن ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺳﻠب ﻧﻔﺳﮫ اﻟﺣرﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾّﺔ ،أو أن ﯾﻌطﯾﮭﺎ ھذه اﻟﺣرﯾﺔ .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن
ﺗﻘرر أﻧت أن ذﻟك ﯾﻌﻧﻲ ﻟك ﺷﺧص آﺧر ﯾﺳﺗطﯾﻊ ذﻟك ﻏﯾرك .ﻟﯾس ﻣﮭﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻵﺧرون ،ﻣﺎ ﻟم ّ
ﺷﯾﺋﺎ .اﺑدأ ﺑﺄﺷﯾﺎء ﺻﻐﯾرة .ﻧﺣن ﻧﻣﯾل إﻟﻰ ﺗرك أﻧﻔﺳﻧﺎ ﺗﻧزﻋﺞ ﺑﺄﺷﯾﺎء ﺻﻐﯾرة ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﮭﺎ ﺗﺣدث ﻟﻧﺎ
ﯾوﻣﯾﺎ .ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻗﺎم أﺣدھم ﺑﺈطﻼق ﺻﻔّﺎرة اﻟﺳﯾﺎرة ﻟك وأﻧت ﻋﻧد إﺷﺎرة اﻟﻣرور اﻟﺣﻣراء.
أن طﺎﻗﺗك ﺗﺗﻐﯾّر .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻌر ﻣﻌﮭﺎ ﺑﮭذا اﻟﺗﻐﯾر، ﻣﻊ ﺣدوث ھذه اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺻﻐﯾرة ،ﺗﺷﻌر ّ
ﺗﺗﺣرك ﻓﯾﮭﺎ اﻟطﺎﻗﺔ ،ﻗم ﻓﻘط ّ ﻋﻠﯾك أن ﺗُرﺧﻲ ﻛﺗﻔﯾك وﺗرﺧﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻘﻠﺑك .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ
ﺑﺎﻻﺳﺗرﺧﺎء واﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن ﺗﺄﺛﯾرھﺎ ﻋﻠﯾك .ﻗم ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻟﻌﺑﺔ اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء واﻟوﻗوف ﺧﻠف ﻛوﻧك
ﻣرة ﺗذھب ﻣﻘر ﻋﻣﻠك أﺧذ ﻗﻠﻣك اﻟرﺻﺎص ،وﻻﺣظت أﻧﮫ ﻓﻲ ﻛل ّ إن أﺣدًا ﻣﺎ ﻓﻲ ّ ُﻣﺳﺗﺎ ًء .ﻟﻧﻘل ّ
ﺗﺗﺣول ،ﺣﺗﻰ وﻟو ﺑﻣﻘدار ﺿﺋﯾل .ھل أﻧت ﻋﻠﻰ ّ أن طﺎﻗﺗك اﻟداﺧﻠﯾﺔﻟﺗﺟﻠب ﻟك ﻗﻠﻣﺎ آﺧر ﻏﯾره ّ
ﻣﺎرس .ﻓﺑدﻻ اﺳﺗﻌداد ﻟﻠﺗﺧﻠﻲ ﻋن ﻗﻠﻣك اﻟﺳﺎﺑﻖ ﻣن أﺟل ﺗﺣرﯾر ﻧﻔﺳك؟ ھﻛذا ﺗﺻﻧﻊ ﻣن اﻟﺣرﯾّﺔ ﻟُﻌﺑﺔً ﺗ ُ َ
ﺣرا .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗذھب ﻻﻣﺗﻼك ﻗﻠم رﺻﺎص وﺗرى ﻧﻔﺳك ﺑدأت ﻣن ﺗرك ﻧﻔﺳك ﺗﻧزﻋﺞ ،ﺗﺟﻌل ﻧﻔﺳك ّ
ّ
ﺗﺗوﺗّر ﻗﻠﯾﻼ ،ﺗﺧﻠّﻰ ﻋﻧﮫ .رﺑﻣﺎ ﯾﺑدأ ﻋﻘﻠك ﺑﺎﻟﻘول" ،اﻟﯾوم أﺧذوا ﻗﻠﻣﻲ اﻟرﺻﺎص ،وإذا أﻧﺎ ﺳﻣﺣت
ﻲ أﻛﺛر .ﻗد ﯾﺄﺗﻲ اﻟدور ﻋﻠﻰ ﻣﻛﺗﺑﻲ ﻏدا ،أو رﺑﻣﺎ ﺑﯾﺗﻲ ،أو رﺑﻣﺎ ﺣﺗﻰ ﺑذﻟك ،ﻓﺳﯾﺗطﺎوﻟون ﻋﻠ ّ
ﺛروﺗﻲ ".ھﻛذا ﯾﺗﻛﻠم اﻟﻌﻘل .إﻧﮫ ﻣﯾﻠودراﻣﻲ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ .ﻟﻛن طﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﻗررت اﻟﺗﺧﻠﻲ ﺑﺧﺻوص
ﺛﻣن ﻗﻠﻣك اﻟرﺻﺎص ،ﻓﺄﻧت ﻣﺳﺗﻌد ﻟﻠﺗﻛﻣﻠﺔ .ﺳﺗرد ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠك ﺑﺎﻟﻘول" ،ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠﻖ اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺳﯾﺎرة،
ﺳﯾﻛون ﺑﯾﻧﻧﺎ ﺣدﯾث آﺧر .ﺣﺎﻟﯾﺎ ،اﻷﻣر ﯾﻛﻠف ﻓﻘط ﺳﻌر ﻗﻠم رﺻﺎص وذﻟك ﻣن أﺟل أن أﻛون ﺣرا".
أن ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ذاك اﻟذي ﯾﻘوﻟﮫ اﻟﻌﻘل ،ﻓﻠن ﺗﻛون ﺟزءا ﻣﻧﮫ .ﻻ ﺗﺗﻌﺎرك ﻣﻊ اﻟﻌﻘل. ﺗﻘرر ّ
ﻓﻘط ﻋﻠﯾك أن ّ
ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻻ ﺗﺣﺎول ﺣﺗﻰ أن ﺗﻐﯾره .ﻓﻘط ﻣﺎرس ﻟﻌﺑﺔ اﻻﺳﺗرﺧﺎء ﻓﻲ وﺟﮫ اﻟﻣﯾﻠودراﻣﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﺧﻠﻘﮭﺎ.
أﻧت ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺗﺗﻌﻠم ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﺧﻠص ﻣن ﻧزﻋﺔ اﻻﻧﺟذاب ﻧﺣو اﻟطﺎﻗﺔ .ﺟذور ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ
إدراك اﻟوﻋﻲ ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻻﻧﺟراف ﻧﺣو ھذه اﻟطﺎﻗﺎت.
ﺳﺗرى أن اﻟطﺎﻗﺔ ﻟدﯾﮭﺎ اﻟﻘوة ﻟﺷدك إﻟﯾﮭﺎ .وﺣﺗﻰ ﻟو ﻗررت ﯾوﻣﺎ ﺑﺄﻧك ﻟن ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺣدوث ذﻟكّ ،إﻻ أن
ﺳﻠطﺔ ھﺎﺋﻠﺔ ﻋﻠﯾك .ﯾﺣدث ھذا اﻷﻣر ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻋﻣﻠك وﻓﻲ ﺑﯾﺗك .وﯾﺣدث اﻷﻣر ﻧﻔﺳﮫ ﻣﻊ اﻟطﺎﻗﺔ ﻟدﯾﮭﺎ ُ
أﺑﻧﺎﺋك وﻣﻊ زوﺟﺗك أو زوﺟك .وﯾﺣدث ﻣﻊ ﻛل ﺷﻲء وﻣﻊ ﻛل ﺷﺧص طوال اﻟوﻗت .إن ﻓرﺻك
ﻟﻠﻧﻣو ﻣوﺟودة وﺑﻼ ﺣدود .إن اﻟﻔرص ھﻧﺎك أﻣﺎم ﻧﺎظرﯾك .ﻓﻘط اﻟﺗزم ﺑﺗﻌﮭدك ﺑﺄﻧك ﻟن ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻠطﺎﻗﺔ
ﯾﺟر أﺣد ﻣﺎ ﻗﻠﺑك ،ﻓﺗﺧﻠّﻰ ﻋن اﻷﻣر .إﺑﻘﻰ ﻓﻲ ّ ﺑﺟرك إﻟﯾﮭﺎ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺷﻌر ﺑﻘوة ﺳﺣْ ﺑﮭﺎ ﻟك ،ﻣﺛﻠﻣﺎ
ّ
اﻟﺧﻠف .ﻓﻘط اﺳﺗرخ وﺗﺣرر .وﻣﮭﻣﺎ ﺑﻠﻎ ﻋدد اﻟﻣرات اﻟﺗﻲ ﯾﺗم ﻓﯾﮭﺎ ﺳﺣﺑك ﻣن ﻗﺑل ھذه اﻟطﺎﻗﺔ ،اﺟﻌل
ﺗﺗﻛرر ﺑﻧﻔس ﻋدد ﺗﻛرار ﻋﻣﻠﯾّﺔ ﺷدّك .ﻷن ﻧزﻋﺔ اﻟﻣﯾل ﻟﻼﻧﺳﺣﺎب ّ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﺳﺗرﺧﺎﺋك وﺗ ّﺣررك
ﻣﺳﺗﻣرة ،ﻟذﻟك ﻓﺎﺳﺗﻌدادك ﻟﻠﺗﺧﻠﻲ وﻟﻠوﻗوف ﺧﻠف اﻟطﺎﻗﺔ ﻻ ﻣﻌﮭﺎ ﯾﺟب أن ﯾﻛون ھو أﯾﺿﺎ ﻣﺳﺗﻣرا.
إن ﻣرﻛز وﻋﯾك ھو داﺋﻣﺎ أﻗوى ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﺷدك إﻟﯾﮭﺎ .ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك ﻓﻘط اﻻﺳﺗﻌداد
ﻋﺎ وﻻ ھو ﺑﻧﺿﺎل .إن اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻟﯾﺳت ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﻧك ﻟﻠﺗدرﯾب ﻋﻠﻰ رﻏﺑﺗك ھذه .ﻟﻛن اﻷﻣر ﻟﯾس ﺻرا ً
ﻟوﻗف اﻟطﺎﻗﺎت ﻣن اﻟﺗدﻓﻖ داﺧﻠك .ﻓﻠﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺧطﺄ ﻓﻲ وﺟود اﻟﺷﻌور ﺑطﺎﻗﺎت اﻟﺧوف،
واﻟﻐﯾرة ،واﻻﻧﺟذاب .وﻟﯾس ھو ﺧطؤك ﻓﻲ وﺟود ذﻟك اﻟﻧوع ﻣن اﻟطﺎﻗﺎت .ﻓﻛل طﺎﻗﺎت اﻻﻧﺟذاب،
واﻟﺻدود ،واﻷﻓﻛﺎر ،واﻟﻣﺷﺎﻋر ﻻ ﺗﺣدث أﯾﺔ اﺧﺗﻼف ﯾذﻛر .ھﻲ ﻻ ﺗﺟﻌﻠك ﻧﻘﯾﺎ أو ﻏﯾر ﻧﻘﻲ .ﻷﻧﮭﺎ
ﻟﯾﺳت أﻧت .أﻧت اﻟذي ﯾراﻗب ،وھذا اﻟذي ﯾراﻗب ھو وﻋﻲ ﺧﺎﻟص .وﻻ ﺗظن ﺑﺄﻧك ﺳﺗﻛون ﺣرا ﻟو
أن ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻣﺷﺎﻋر ﻻ ﺗﻌﺗرﯾك .ھذا ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ .ﻟو ﻛﺎن ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺗك ﻓﻛن ﺣرا رﻏم وﺟود
ّ
ﺑﺣﻖ ،ﻷﻧﮫ وﻋﻠﻰ اﻟدوام ﺳﯾﻛون ھﻧﺎك وداﺋ ًﻣﺎ ﺷﻲء ﺣرا
ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻣﺷﺎﻋر ﻓﯾك ،ﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﻛون ّ
ﯾﺣرﻛك.
ﻣﺎ ّ
ﻟو اﺳﺗطﻌت أن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺗﻣرﻛزا ﻓﻲ وﺟود اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺻﻐﯾرة ،ﺳﺗرى أﻧّﮫ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك أن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺗﻣرﻛزا
أﯾﺿﺎ ﻓﻲ وﺟود اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻛﺑﯾرة .وﻣﻊ ﻣرور اﻟوﻗت ،ﺳﺗﻛﺗﺷف أﻧﮫ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك أن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺗﻣرﻛزا ﻓﻲ
ﺣدوث ﺣﺗﻰ اﻷﻣور اﻟﻛﺑﯾرة ﺟدّا .وﺳﺗﺻﯾر اﻷﻣور واﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﺗد ّﻣرك ﺳﺎﺑﻘﺎ
ﺗﺄﺗﻲ وﺗذھب ،ﺗﺎرﻛﺔ إﯾﺎك ﻣﺗﻣرﻛزا ﺑﺻورة ﻛﺎﻣﻠﺔ وﻣﺳﺎﻟﻣﺔ .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻛون ﺑﺧﯾر ،ﻣﺗواﺟدا
ﺑﻌﻣﻖ ،ﺣﺗﻰ ﻓﻲ وﺟﮫ اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ ﻟﻔﻘدان ﺷﺧﺻﺎ ﻣﺎ .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺧطﺄ ﻓﻲ أن ﺗﻛون ﻣﺳﺎﻟﻣﺎ
وﻣﺗﻣرﻛزا طﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﺗطﻠﻖ اﻟﻌﻧﺎن ﻟﻠطﺎﻗﺔ ،ﻻ أن ﺗﻛﺑﺣﮭﺎ .وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،ﺣﺗﻰ ﻟو وﻗﻌت أﻣور ﻓﺿﯾﻌﺔ،
ﻓﻣن اﻷﻓﺿل ﻟك أن ﺗﻛون ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ أن ﺗﻌﯾش ﺑدون ﻧدوﺑﺎت واﻧطﺑﺎﻋﺎت ﻋﺎطﻔﯾﺔ .ﻟو ﻟم ﺗﺑﻖ ھذه
اﺳﺗطﻌت أن ﺗﻣﺿﻲ دون أن ﺗﺗﺣطم ﻧﻔﺳﯾﺎ .ﻓﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺔَ ﻟﻛﻧت
َ اﻷﻣور واﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ﻓﻲ اﻟداﺧل،
ّ
اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺗﺟري ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ،ﯾظل ﻣن اﻷﻓﺿل داﺋﻣﺎ اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋﻧﮭﺎ ﺑدﻻ ﻣن ﺣﺑﺳﮭﺎ ﻓﻲ اﻟداﺧل.
ﻲ أن ﯾﻠﻣس اﻟطﺎﻗﺔ ﻓﯾك ،واﻟطﺎﻗﺔ ﺑدورھﺎ أﯾﺿّﺎ
ﺛ ّﻣﺔ ﻣﻛﺎن ﻋﻣﯾﻖ ﺟدّا ﻓﻲ داﺧﻠك ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻋﻧده اﻟوﻋ ّ
ﺗﻠﻣس اﻟوﻋﻲ .وھذا ھو دورك ،أن ﺗﺗﺧﻠّﻰ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ذﻟك اﻟﻣﻛﺎن .ﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﺗﺧﻠﯾت ﻋﻧﮭﺎ ،ﻓﻲ
ّ
ﻛل دﻗﯾﻘﺔ ﻣن اﻟﯾوم ،وﻓﻲ ﻛل ﺳﻧﺔ ﻣن اﻟﺳﻧوات ،ﺑﻌدھﺎ ﺳﺗﻛون إﻗﺎﻣﺗك اﻟداﺋﻣﺔ ھﻧﺎك ﺣﯾث ﯾوﺟد
ي ﺷﻲء ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن أن ﯾﺄﺧذ ﻣوطن اﻟوﻋﻲ ﻣﻧك .ﺳﺗﺗﻌﻠم أن ﺗﺑﻘﻰ ھﻧﺎك. اﻟوﻋﻲ .ﻟن ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻋﻧدھﺎ أ ّ
ّ ّ
وﺑﻌد أن ﺗﺳﺗﻐرق ﻋﺎ ًﻣﺎ ﺑﻌد ﻋﺎم ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،وﺑﻌد أن ﺗﺗﻌﻠم اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء ﻣﮭﻣﺎ
ﺑﻠﻎ أﻟم ﻓﻘداﻧﮭﺎ ،ﺳﺗﺻ ّل ﻋﻧدھﺎ إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ ﻋظﯾﻣﺔ .ﺳﺗﻛون ﻗد ﻛﺳرت ﻋﺎدة أﺳﺎﺳﯾّﺔ ،أﻻ وھﻲ
اﻧﺟراﻓك وراء اﻟﺟﺎﻧب اﻟواھن اﻟﺿﻌﯾف ﻣن ذاﺗك .ﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﻛون ُﺣرا ﻓﻲ اﻛﺗﺷﺎف طﺑﯾﻌﺔ وﻣﺻدر
وﺟودك اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،وھو اﻟوﻋﻲ اﻟﺧﺎﻟص.
:اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث
ﺗﺣرﯾر ﻧﻔﺳك
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻣن :أطﻠﻖ ﺳراﺣك اﻵن ،أو اﺳﻘُط
ﺷف ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن أﻣﺎم ﻧﺎظرﯾﮫ ،ﯾﻛﺗﺷف ﻛم ھﻲ ﻣﻌﻘدة وﻣﺗﺷﺎﺑﻛﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻛﺗﺷﺎف اﻟذات .ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻣﻊ ﺗﻛ ّ
اﻟﺻﻌود واﻟﮭﺑوط اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻷﺣداث اﻟﺣﯾﺎة إ ّﻣﺎ أن ﺗؤدي إﻟﻰ اﻟﻧﻣو اﻟﺷﺧﺻﻲ وإ ّﻣﺎ أن ﺗﺧﻠﻖ ﻣﺧﺎوف
ي ﻣن ھذﯾن اﻟوﺿﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻌﺗﻣد ﻛﻠﯾّﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ رؤﯾﺗﻧﺎ ذاﺗﯾﺔ ﻛﺛﯾرة .وﺳﯾطرة أ ّ
ﻟﻠﺗﻐﯾﯾر اﻟذي ﯾﺣدث ﻟﻧﺎ وﻣن ﺣوﻟﻧﺎ .ﻓﺎﻟﺗﻐﯾﯾر ﯾﻣﻛن أن ﯾُﻧظر إﻟﯾﮫ إ ّﻣﺎ ﻛﺷﻲء ﻣﺛﯾر أو ﻛﺷﻲء ﻣﺧﯾف،
ﻟﻛن ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن رؤﯾﺗﻧﺎ ﻟﮫ ،ﻓﺈن ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺟﻣﯾﻌًﺎ ﻣواﺟﮭﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،وھﻲ أن اﻟﺗﻐﯾﯾر ﻣن طﺑﯾﻌﺔ
ﻛﺛﯾرا ﻣن اﻟﻣﺧﺎوف ،ﻓﻠن ﺗﺣبّ اﻟﺗﻐﯾﯾر .ﺳﺗﺣﺎول أن ﺗﺧﻠﻖ ﻋﺎﻟ ًﻣﺎ ﺣوﻟك ﻗﺎﺑﻼ ً ﻛﻧت ﺗﺣﻣل َ اﻟﺣﯾﺎة .ﻟو
ﻟﻠﺗوﻗﱡﻊ ،واﻟﺳﯾطرة ،واﻟﺗﻌرﯾف .ﺳﺗﺣﺎول أن ﺗﺧﻠﻖ ﻋﺎﻟﻣﺎ ﻻ ﯾﺛﯾر ﻣﺧﺎوﻓك .اﻟﺧوف ﻻ ﯾرﯾد أن ﯾﺷﻌر
ﺑﻧﻔﺳﮫ ،ھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﯾﺧﺎف ﻣن ﻧﻔﺳﮫ .أﻧت إذن ﺗﺳﺗﺧدم اﻟﻌﻘل ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﻧك ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺣﯾﺎة
دون أن ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺧوف.
ﻣﺟرد ﺷﻲء ﻣوﺟود ﻓﻲ اﻟﻛون ،وأﻧت ّ أن اﻟﺧوف ھو ﺷﻲء ﻛﺑﻘﯾّﺔ اﻷﺷﯾﺎء! ھو اﻟﻧﺎس ﻻ ﯾﻔﮭﻣون ّ
وﺗﺟرﺑﮫ .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺧوف ﺑﺈﺣدى طرﯾﻘﺗﯾن :ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗدرك أن ّ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك أن ﺗﺧﺗﺑره
ﻓﺗﺗدرب ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋﻧﮫ ،أو أن ﺗﺣﺗﻔظ ﺑﮫ وﺗﺣﺎول أن ﺗُﺧﻔﯾﮫ ﻋن ﻧﻔﺳﮫ .ﻷن اﻟﻧﺎس ﻻ ّ ﻟدﯾك ﺧوﻓًﺎ ﻣﺎ
ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺧوف ﺑﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،اﻟﻧﺎس ﻻ ﯾﻔﮭﻣون اﻟﺧوف ،وﻟذﻟك ﯾﻧﺗﮭون إﻟﻰ اﺳﺗﺑﻘﺎء ﺧوﻓﮭم
واﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺟﺎھدﯾن ﻟﻣﻧﻊ اﻷﺷﯾﺎء ﻣن اﻟﺣدوث ﻛﻲ ﻻ ﺗﺛﯾر ﺧوﻓﮭم .ﯾﻌﯾﺷون ﺣﯾﺎﺗﮭم ﻣﺣﺎوﻟﯾن ﺧﻠﻖ
ﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻛﻲ ﯾﻌﯾﺷوھﺎ ﺑﺷﻛل ﺻﺣﯾﺢ. ﻣﺑر ِرﯾن ذﻟك ﺑﺄﻧﮭم ﯾﺣﺗﺎﺟون إﻟﻰ أن ﺗﻛون اﻟﺣﯾﺎة ّ أﻣﺎن وﺳﯾطرةٍ ِ ّ ٍ
وﺑﮭذه اﻟطرﯾﻘﺔ أﺻﺑﺢ اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟﻧﺎ ﻛﻠّﮫ ُﻣﺧﯾﻔﺎً.
ﻛﺗﺻرف ﻣﺧﯾف ،ﺑل ﻗد ﯾﺑدو آﻣﻧﺎ .ﻟﻛن اﻷﻣر ﻟﯾس ﻛذﻟك .ﻟو ّ اﻟﺗﺻرف
ّ رﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﺑدو ﻟك ذاك
ﻣﺳﺗﻣر ﻟك .ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺣﺎل ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻓﻲ
ٍّ ّ
ﻓت ﺑﺗﻠك اﻟطرﯾﻘﺔ ،ﻓﺳﯾﺻﺑﺢ اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺗﮭدﯾ ٍد ﺗﺻر َّ
ھذا اﻟﻣوﻗف ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ" ،أﻧﺎ ﺿ ّد اﻟﺣﯾﺎة" .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﺷﺎﻋر اﻟﺧوف واﻟﺿﻌف وﻋدم اﻷﻣﺎن ﻣوﺟودة
أﺻﻼ ﻓﻲ داﺧﻠك وأﻧت ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﺗﺣﺎول ﺟﺎھدًا أن ﺗﻣﻧﻊ ﻛل ﻣﺎ ﻣن ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾﺛﯾر ھذه اﻟﻣﺷﺎﻋر
ﻟدﯾك ،ﻓﺳﺗﻛون ھﻧﺎك ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ أﺣداث وﺗﻐﯾّرات ﺗﺟري ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﺗُﺣﺑط ﻛل ﻣﺣﺎوﻻﺗك ﺗﻠك .وﻷﻧك
ﺗﻘﺎوم اﻟﺗﻐﯾّرات ،ﺗﺷﻌر ﺑﺄﻧك ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك .ﺗﺷﻌر أن اﻟﺷﺧص اﻟﻔﻼﻧﻲ ﻻ ﯾﺗﺻرف ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ،
ﻣواﻗف ﺣدﺛت ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﺗﺑدو ﻟك ﻣزﻋﺟﺔ، َ ﺷف ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟذي ﺗرﻏﺑﮫ .ﺗرى وذاك اﻟﺣدث ﻻ ﯾﺗﻛ ّ
وﺗرى اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾﻖ ﻛﻣﺎ ﻟو أﻧﮭﺎ ﻣﺷﺎﻛل ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ .ﺗﻌرﯾﻔك ﻟﻸﺷﯾﺎء اﻟﻣرﻏوﺑﺔ
وﻏﯾر اﻟﻣرﻏوﺑﺔ ،واﻷﺷﯾﺎء اﻟﺟﯾّدة ﻣن اﻟﺳﯾّﺋﺔ ،ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻷﻧك ﻗﻣت ﺑﺗﺣدﯾد ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون ﻋﻠﯾﮫ
اﻷﻣور ﻛﻲ ﺗﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﻌﯾش ﺑﺳﻼم.
ﻧﺣن ﻧﻌﻠم ﺟﻣﯾﻌًﺎ أﻧﻧﺎ ﻧﺗﺻرف ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو ،ﻟﻛن ﻣﺎ ﻣن أﺣد ﺗﺳﺎءل ﻓﻲ ﯾوم ﻣن اﻷﯾّﺎم ﻟﻣﺎذا
ﻧﺗﺻرف ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو .ﻧﺣن ﻧظن أﻧّﻧﺎ ﻧﻌرف ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﯾف ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻧﻌﯾش اﻟﺣﯾﺎة ،وﺑﻧﺎ ًء ﻋﻠﻰ ذﻟك ّ
ﻧرﯾدھﺎ أن ﺗﺳﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟذي أردﻧﺎه .ﻟﻛن اﻟﺷﺧص اﻟذي ﯾﻧظر ﺑﺻورة أﻋﻣﻖ ،وﯾﺗﺳﺎءل ﻟﻣﺎذا
أﺣداث اﻟﺣﯾﺎة ﺑﻧﻣطٍ ﻣﻌﯾّن ،ھو اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﺗﺳﺎءل ﻋن اﻟﻔرﺿﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ. ُ ﻧﺣﺗﺎج إﻟﻰ أن ﺗﻣﺿﻲ
ﺻﻠﻧﺎ إﻟﻰ ﻓﻛرة أن اﻟﺣﯾﺎة ﻟﯾﺳت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام؟ أو أﻧﮭﺎ ﻟن ﺗﻛون ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام طﺎﻟﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﯾف ﺗو ّ
ذاك اﻟﻧﺣو؟ ﻣن ﻗﺎل ﺑﺄن اﻟﺣﯾﺎة ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻛﺷف أﻣﺎﻣﻧﺎ ﺑﺷﻛﻠﮭﺎ اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻻ ﺗﻛون ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام؟
إن اﻟﺟزء اﻟذي ﻓﻲ داﺧﻠك وﻟﯾس ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام اﻟﺟواب ھو :اﻟﺧوف .إن اﻟﺧوف ھو اﻟذي ﯾﻘول ذﻟكّ .
ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮫ ﻣﻊ ﻧﻔﺳﮫ ،ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻣواﺟﮭﺔ اﻻﻧﻛﺷﺎف اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻠﺣﯾﺎة ،ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺗﺣت ﺳﯾطرﺗك .ﻟو
أن اﻟﺣﯾﺎة ﺗﺗﻛﺷف ﺑﺻورة ﺗﺛﯾر ﻣﺷﺎﻛﻠك اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،ﻋﻧدھﺎ ،وﺣﺳب ﺗﻌرﯾﻔك ﻟﮭﺎ ،ﻟن ﺗﻛون أﻣورك
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام .إن اﻷﻣر ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺳﺎطﺔ :ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك ،ﻛ ّل ﻣﺎ ﻻ ﯾزﻋﺟك ھو ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ،وﻛل
ﻣﺎ ﯾزﻋﺟك ھو ﻟﯾس ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام .ﻧﺣن ﻧﺣدد ﻣﻧظورﻧﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﺣول ﺗﺟﺎرﺑﻧﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ
ﻣﺷﺎﻛﻠﻧﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ .إذا أردت أن ﺗﻧﻣو روﺣﺎﻧﯾﺎ ،ﻓﻌﻠﯾك أن ﺗﻐﯾر ھذا اﻟﻣﻧظور .ﻟو ﻗﻣت ﺑﺗﺣدﯾد ﻋﻼﻗﺗك
ﻣﻊ اﻟﻛون ﻣن ﺣوﻟك اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻷﻛﺛر ﻓوﺿوﯾﺔ ﻣن وﺟودك ،ﻓﻣﺎذا ﺗﺗوﻗﻊ ﺳﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ
ﺣﺎل اﻟﻛون؟ ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﺳﯾﺑدو ﻓﻲ ﻓوﺿﻰ ﻣﺧﯾﻔﺔ.
ﻣﻊ ﺗطورك وﻧﻣوك اﻟروﺣﺎﻧﻲ ،ﺳﺗدرك أن ﻣﺣﺎوﻻﺗك ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳك ﻣن ﻣﺷﺎﻛﻠك ،ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗزﯾد ﻓﻲ
اﻟواﻗﻊ ﻣن ﻣﺷﺎﻛﻠك .ﻟو ﺣﺎوﻟت ﺗرﺗﯾب اﻟﻧﺎس ،واﻷﻣﺎﻛن ،واﻷﺷﯾﺎء ﺑﺣﯾث ﻻ ﺗزﻋﺟك ،ﻓﺳﺗﺑدأ
ﯾﻣر ھو ﺛﻘﯾل ﻋﻠﯾك، أن اﻟﺣﯾﺎة ﻣﺎ ھﻲ إﻻ ﺻراع ّ
وأن ﻛ ّل ﯾوم ّ ﺑﺎﻟﺷﻌور وﻛﺄن اﻟﺣﯾﺎة ﺿدّك .ﺳﺗﺷﻌر ّ
ذﻟك ﻷن ﻋﻠﯾك أن ﺗﺳﯾطر وﺗﺻﺎرع ﻛل ﺷﻲء .ﺳﺗﻛون ھﻧﺎك ﻣﻧﺎﻓﺳﺔ وﻏﯾرة وﺧوف .ﺳﺗﺷﻌر ﺑﺄن
أي ﺷﺧص ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺳﺑب ﻟك إزﻋﺎﺟﺎ وﻓﻲ أي وﻗت .ﻓﻣﺎ أن ﯾﻘول اﻵﺧرون أو ﯾﻔﻌﻠون ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ
ﻓورا وﺗﻧزﻋﺞ ﻣن اﻟداﺧل .وھذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﺗﺷ ّﻛل ﺗﮭدﯾدًا ﻣﺳﺗﻣرا ﻟك. ﺣﺗﻰ ﺗﺿطرب ً
وﯾﺟﻌﻠك ﻣﺗوﺗرا ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر .وھذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻓﻲ ﻋﻘﻠك ﺣوارات ﻣﺳﺗﻣرة ﻻ ﺗﻧﺗﮭﻲ .ﻓﺄﻧت ﺗﺟد ﻧﻔﺳك
ﺑﯾن أﻣرﯾن ،إﻣﺎ أﻧك ﺗﺣﺎول أن ﺗﻌرف ﻛﯾف ﺗﻣﻧﻊ اﻷﻣور ﻣن اﻟﺣدوث ،أو أﻧك ﺗﺣﺎول أن ﺗﻌرف ﻣﺎ
اﻟذي ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك ﻓﻌﻠﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﻟو ﺣدﺛت ﺗﻠك اﻷﻣور .أﻧت إذن ﺗﺗﻌﺎرك ﻣﻊ اﻟﻛون ،وھذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌل
اﻟوﺟود ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮫ ﻣﺧﯾﻔﺎ ﺟدا ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟك.
اﻟﻛف ﻋن اﻟﻌراك ﻣﻊ اﻟﺣﯾﺎة .أن ﺗدرك وﺗﺗﻘﺑّل أن اﻟﺣﯾﺎة ﻟﯾﺳت ﺗﺣت ﺗﺻرﻓك ّ ﺗﻘرر
اﻟﺑدﯾل ھو أن ّ
وﺳﯾطرﺗك .اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻐﯾّر داﺋﻣﺔ ،وإن أﻧت ﻗﻣت ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﮭﺎ ،ﻓﻠن ﺗﺗﻣﻛن إطﻼﻗﺎ
ﻣن ﻋﯾﺷﮭﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .وﺑدﻻ ﻣن أن ﺗﻌﯾش اﻟﺣﯾﺎة ،ﺳﺗﻛون ﺧﺎﺋﻔﺎ ﻣﻧﮭﺎ .ﻟﻛن ﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﻗررت أﻧك ﻟن
ﺗﺗﺻﺎرع ﻣﻊ اﻟﺣﯾﺎة ،ﻋﻧدھﺎ ﻋﻠﯾك أن ﺗواﺟﮫ اﻟﺧوف اﻟذي ﻛﺎن ﯾﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺻراﻋك ﻣﻌﮭﺎ .ﻟﺣﺳن
ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ھذه اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ،ﻋﻠﯾﻧﺎّ اﻟﺣظ ،ﻣن اﻟﻣﻣﻛن اﻟﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﺧوف اﻟذي ﻓﻲ داﺧﻠك .وﻟﻛﻲ ّ
أوﻻ أن ﻧﻔﮭم ﺑﺻورة أﻋﻣﻖ ﻣﺎھﯾّﺔ اﻟﺧوف ﻧﻔﺳﮫ.
أن ﺣوادث اﻟﺣﯾﺎة ﺗﻘوم ﺑﺈﺛﺎرة ھذا اﻟﺧوف ﻋﻧدك .اﻷﻣر ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺣﻣل داﺧﻠك ﺧوﻓًﺎ ﻣﺎ ،ﻓﺎﻟﺛّﺎﺑت ھو ّ
ﻲ ﺻﺧرة ﻓﻲ اﻟﻣﯾﺎه ،اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺄﺣداﺛﮫ اﻟﻣﺗﻐﯾرة واﻟﻣﺳﺗﻣرة ﯾﺧﻠﻖ ﺗﻣوﺟﺎت داﺧل أي ﺷﻲء ﯾﺑدو ﻛرﻣ ّ
ﺳك أﻧت ﺑﮫ داﺧﻠك .وﻟﯾس ھﻧﺎك ﺧطﺄ ﻓﻲ ذﻟك .ﻓﺎﻟﺣﯾﺎة ﺗﺧﻠﻖ ﻣواﻗف ﻛﺛﯾرة ﺗدﻓﻌك إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻓﺔ، ﺗﺗﻣ ّ
ﯾﻛون
ﺻﻠد اﻟﻣﺣﺑوس ﻓﯾك ھو اﻟذي ّ وﻋﺎﻟﻖ داﺧﻠك .ھذا اﻟﺷﻲء اﻟ ٌّ ﻛل ھذا ﺑﮭدف ﺗﺣرﯾك ﻣﺎ ھو ﺻﻠ ٌد
ﺟذور اﻟﺧوف ﻟدﯾك .اﻟﺧوف ﺗﺳﺑّﺑﮫ اﻹﻋﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﻊ ﺗدﻓﻖ طﺎﻗﺗك ﺑﺎﻧﺳﯾﺎب .وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗم إﻋﺎﻗﺔ
اﻟطﺎﻗﺔ ،ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻗﻠﺑك ﻟﺗﻐذّﯾﮫ .وﻟﮭذا ﯾﺻﺑﺢ ﻗﻠﺑك ﺿﻌﯾﻔﺎ .وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺻﯾر ﻗﻠﺑك ﺿﻌﯾﻔﺎ
ﯾﺻﺑﺢ ﺳرﯾﻊ اﻟﺗﺄﺛّر ﺑﺎﻟذﺑذﺑﺎت اﻟدﻧﯾﺎ ،وأﻗل ھذه اﻟذﺑذﺑﺎت ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ھﻲ ذﺑذﺑﺎت اﻟﺧوف .اﻟﺧوف
ﯾُﻌﺗﺑر ﺳﺑب ﻛل اﻟﻣﺷﺎﻛل .إﻧﮫ أﺳﺎس ﻛل أﻧواع اﻷذﯾّﺔ واﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﺳﻠﺑﯾّﺔ ﻟﻠﻐﺿب ،واﻟﻐﯾرة ،واﻟﺗﻣﻠّك.
ي ﺧوف ،ﻓﺈﻧّك ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم .ﻟن ﯾؤذﯾك ﺷﻲء. إذا ﻟم ﺗﻛن ﺗﺣﻣل أ ّ
ﺳﺗﺗﺣﻠّﻰ ﺑﺎﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻣواﺟﮭﺔ ﻛل ﺷﻲء وﻛل ﺷﺧص ﻷﻧﮫ ﻟن ﯾﻛون داﺧﻠك ﺧوف ﻗد ﯾﺗﺳﺑّب ﻓﻲ
إزﻋﺎﺟك.
اﻟﻣﻌوﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑب ﺧوﻓك .ﻓﺄﻧت ﻣﺛﻼ ﺗﻘوم ّ إن اﻟﮭدف ﻣن وراء اﻻرﺗﻘﺎء اﻟروﺣﺎﻧﻲ ھو إزاﻟﺔ
ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ ھذه اﻟﻣﻌوﻗﺎت ﻣن أﺟل ّأﻻ ﺗﺿطر ﻟﻠﺷﻌور ﺑﺎﻟﺧوف .وﻋﻧدھﺎ ﯾﺻﯾر ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾك أن ﺗﺳﯾطر
ﺻﻌب ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء ﻣن أﺟل أن ﺗﺗﺟﻧب ھذا اﻟﺧوف اﻟذي ﯾُﻌَ ّد واﺣدًا ﻣن ﻣﺷﺎﻛﻠك اﻟداﺧﻠﯾّﺔ .ﻣن اﻟ ّ
ﺻﻠﻧﺎ ﻟﻠﺣﻛم ﺑﺄﻧﮫ ﻣن اﻟذﻛﺎء أن ﻧﻘوم ﺑﺗﺟﻧّب ﻣﺷﺎﻛﻠﻧﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ رﻏم أﻧﻧﺎ ﺟﻣﯾﻌﻧﺎ ﯾﻘوم أن ﻧﻔﮭم ﻛﯾف ﺗو ّ
ﺗﻔوھت أﻧت ﺑﮫ .ﻛل واﺣد ﻣﻧﺎ ﯾﻘول" ،ﺳﺄﻗوم ﺑﻛل ﻣﺎ أﺳﺗطﯾﻌﮫ ﻣن أﺟل اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺧﺻوﺻﯾﺎﺗﻲ .إذا ّ
ﺑﺄي ﺷﻲء ﯾزﻋﺟﻧﻲ ،ﺳﺄﻗوم ﺑﺎﻟدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳﻲ .ﺳﺄﺻرخ ﻓﻲ وﺟﮭك وأﺟﺑرك ﻋﻠﻰ اﻟﺗراﺟﻊ .إذا
ي إزﻋﺎج ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟداﺧل ،ﺳﺄﺟﻌﻠك ﺗﻧدم ﻛﺛﯾرا ".ﺑﻛﻠﻣﺎت أﺧرى ،إذا ﻣﺎ ﻗﺎم ﺷﺧص ﻣﺎ ﺗﺳﺑّﺑت ﺑﺄ ّ
أﻣرا ﺳﯾّﺋًﺎ .ﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﻘوم ﺑﻛل ﻣﺎ ﺗﺳﺗطﯾﻊ
ﺑﺈﺛﺎرة اﻟﺧوف اﻟﻛﺎﻣن ﻓﻲ داﺧﻠك ،ﻓﺈﻧك ﺗظن أﻧﮫ ﻗد ارﺗﻛب ً
ﻣن أﺟل أن ﺗﺿﻣن أﻧﮫ ﻟن ﯾﻌﺎود ﻋﻣﻠﮫ ھذا ﻣرة أﺧرى .أﻧت ﺗﻘوم ﺑﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ اﺳﺗطﺎﻋﺗك ﻣن أﺟل
ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳك ﻣن أن ﺗﺗﺄذى.
ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻷﻣر ،أﺻﺑﺣت اﻵن ﺣﻛﯾ ًﻣﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ﻟﺗدرك أﻧّك ﻟﺳت ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻛل ھذه اﻷﻣور
ﺿﺎ ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺛﯾرھﺎ .وﻟﯾس ﻣﮭﻣﺎ أن اﻟﺗﻲ ﺑداﺧﻠك وﺗﺳﺑّب ﻟك اﻟﻣﺷﺎﻛل .وﻟﯾس ﻣﮭﻣﺎ أن ﺗﻌرف أﯾ ً
ﺿﺎ ﻣﺎ إن ﻛﺎن ﻟﮭﺎ ﺻدام ﻣﻌﮭﺎ وإﺛﺎرﺗﮭﺎ .وﻟﯾس ﻣﮭﻣﺎ أﯾ ًﺗﻌرف ﻣﺎ ھﻲ اﻟﻣواﻗف اﻟﺗﻲ ﺗﻛﻣن وراء اﻟ ّ
ﻣﻌﻧﻰ ،وﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت ﺗﺑدو ﻋﺎدﻟﺔ أم ﻻ .ﻓﻠﺳوء اﻟطﺎﻟﻊ ،ﻻ ﻧﻣﻠك ﺟﻣﯾﻌﺎ ھذه اﻟﺣﻛﻣﺔ .ﻧﺣن ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ
ﻧﺣرر أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻣن ﻣﺛل ھذه اﻷﻣور ،ﻛل ﻣﺎ ﻧﻘوم ﺑﮫ ھو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺑرﯾر وﺟودھﺎ ﻓﻲ دواﺧﻠﻧﺎ. ﻧﺣﺎول أن ّ
وﺗﺗطور روﺣﯾﺎ ،ﻓﺳﺗدرك أن إﺑﻘﺎء ﻣﺛل ھذه اﻷﻣور اﻟﺷﺧﺻﯾّﺔ ّ إن ﻛﻧت ﻋﺎزﻣﺎ وﺑﺻدق ﻋﻠﻰ أن ﺗﻧﻣو
ﺷد اﻟﺧﻼص ﻣن ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻣﻌﻧﺎه إﺑﻘﺎء ﻧﻔﺳك ﻣﺣﺑوﺳﺔً ﻓﻲ ﻧﻣط ﺗﻔﻛﯾرك .ﻟﻛﻧك ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺳﺗذھب ﻟﺗﻧ ُ
ﺳﺟن ،وﺑﺄي ﺛﻣن .وﺳﺗُدرك ﻋﻧدھﺎ أن ﻛل ﻣﺎ ﺗرﯾده اﻟﺣﯾﺎة ﻣﻧك ھو ﻓﻘط أن ﺗﻣ ّد ﯾد اﻟﻌون إﻟﯾك. ھذا اﻟ ّ
اﻟﺣﯾﺎة ﺗﺣﯾطك ﺑﺄﺷﺧﺎص وﻣواﻗف ﺗﺛﯾر ﻓﯾك اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟﻧﻣو .ﻟﯾس ﻣطﻠوﺑﺎ ﻣﻧك أن ﺗﺣﻛم ﻋﻠﻰ
اﻟﻧﺎس َﻣن ﻣﻧﮭم ﻋﻠﻰ ﺣﻖ وﻣن ﻣﻧﮭم ﻋﻠﻰ ﺑﺎطل .ﻟﯾس ﻣطﻠوﺑﺎ ﻣﻧك أن ﺗﻘﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎﯾﺎ وﺷؤون
اﻵﺧرﯾن .ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﻔﺗﺢ ﻗﻠﺑك ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ أي ﺷﻲء وﻛل ﺷﻲء ،وأن ﺗﺳﻣﺢ ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺗطﮭﯾر أن ﺗﺄﺧذ ﻣﺟراھﺎ ﻓﯾك .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑذﻟك ،ﺳﺗﺗﻛﺷف ﻛل اﻟﻣواﻗف واﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ اﻋﺗﺎدت أن
ﺻﺔ .ورﻏم أن ھذا ھو ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺣدث ﺗﻠﻣس أﺷﯾﺎءك اﻟﺧﺎ ّ
أن اﻻﺧﺗﻼف اﻟوﺣﯾد اﻵن ھو أﻧّك ﺗرى أن ﺣدوث ھذا اﻟﺷﻲء ھو أﻣر ﻟك ﺳﺎﺑﻘًﺎ طوال ﺣﯾﺎﺗك ّإﻻ ّ
ﺗﺣول اﻟﯾوم إﻟﻰ ﻓرﺻﺔ ﻟﻠﺗﺧﻠّﻲ ﻋن ﻣﺛل ھذه اﻷﻣور اﻟﻣﺣﺑوﺳﺔ داﺧﻠك. ﺟﯾّد ﻷﻧّﮫ ّ
ﺻﺔ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﺎدت ﻋﻠﻰ ﺣﺑﺳك ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻋﻠﻰ اﻟدوام ،ﺳﺗﺣﺎول ﻣﻊ اﻟوﻗت ﻻﺣظ أن اﺷﯾﺎءك اﻟﺧﺎ ّ
أن ﺗُط ّل ﺑرأﺳﮭﺎ ﻣن ﺟدﯾد .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرى ذﻟك ،ﻣﺎ ﻋﻠﯾك إﻻ أن ﺗدﻋﮭﺎ وﺗﺗﺧﻠّﻰ ﻋﻧﮭﺎ .ﻗم ﺑﺑﺳﺎطﺔ
ﻓﺳﯾﻣر .وإن ﻛﻧت ﺗﺑﺣثّ وﯾﻣر ﻣن ﺧﻼﻟﮫ .إن أﻧت ﺳﻣﺣت ﻟﮫ ﺑذﻟك ّ ﺑﺎﻟﺳﻣﺎح ﻟﻸﻟم أن ﯾﺄﺗﻲ إﻟﻰ ﻗﻠﺑك
ﺑﺈﺧﻼص ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻓﻌﻠﯾك أن ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻸﺷﯾﺎء ﺑﺎﻟﻌﺑور ﻓﻲ ﻛل ﻣرة ﺗظﮭر ﻓﯾﮭﺎ .ھذه ھﻲ اﻟﺑداﯾﺔ
وھﻲ أﯾﺿﺎ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﻟدرﺑك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .أﻧت اﻵن ﺗﻘوم ﺑﺗﺳﻠﯾم ذاﺗك ﻟﻌﻣﻠﯾّﺔ إﺧﻼء ﻧﻔﺳك .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮭذا
اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﻛﺛر دﻗّﺔ ﻟﻌﻣﻠﯾّﺔ اﻟﺗﺧﻠّﻲ.
ّ اﻟﻧﻣط ﻣن اﻟﻌﻣل ،ﺗﻛون ﻗد ﺑدأت ﻓﻲ
ھﻧﺎك ﻗﺎﻧون واﺣد ﺳﺗﺗﻌﻠّﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻠﻌﺑﺔ ،ﻷﻧﮫ واﺣد ﻣن اﻟﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن
وﻣرات وأﻧت ﺗﺣﺎول اﻟﺗﻘﯾّد ﺑﮫ .ھذا اﻟﻘﺎﻧون واﺿﺢ ّ ﺗﺟﻧّﺑﮭﺎ .ﺳﺗﺗﻌﻠّﻣﮫ ﺑﺎﻛرا ،ﻟﻛﻧك ﺳﺗﺧطﺊ ّ
ﻣرات
ﺻﺔ ،ﺗﺧﻠّﻰ ﻋﻧﮭﺎ ﻓور ﺣدوث ذﻟك .ﻷن اﻷﻣر ﺳﯾﺻﺑﺢ وﺻرﯾﺢ ﺟدا وھو :ﻋﻧدﻣﺎ ﺗُﻠ َﻣس أﺷﯾﺎؤك اﻟﺧﺎ ّ
ﻣر
اﻟﺗﺣري ﻋن اﻟﺣدث أو اﻟﺷﻲء اﻟذي ّ ّ ﺻﻌﺑﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد .ﻟن ﯾﻛون اﻷﻣر ﺳﮭﻼ إذا ﻣﺎ ﻗﻣت ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ
وأزﻋﺟك ،أو اﻟﺗﻠ ّﮭﻲ ﻋﻧﮫ .ﻛذﻟك ﻟن ﯾﻛون اﻷﻣر ﺳﮭﻼ ﻟو ﻓ ّﻛرت ﻓﯾﮫ ،أو ﺗﺣدّﺛت ﻋﻧﮫ ،أو ﺣﺎوﻟت
اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻓﻲ ﻛل وﻗت ﻣن اﻷوﻗﺎت ﻋن ﺟﺎﻧب واﺣد ﻣﻧﮫ ﻓﻘط .إذا أردت أن ﺗﻛون ُﺣرا ﺣﺗﻰ أﻋﻣﺎق
ﻓورا ﻷن اﻷﻣر ﻟن ﯾﻐدو أﺳﮭل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد. وﺟودك ،ﻓﯾﺟب ﻋﻠﯾك اﻟﺗﺧﻠص ﻣن ھذه اﻷﺷﯾﺎء ً
ﻣن أﺟل أن ﺗﺣﯾﺎ ﺑﮭذا اﻟﻘﺎﻧون ،ﻻﺑ ّد وأن ﺗﻔﮭم اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎّ .أوﻻ ،ﻻﺑ ّد أن ﺗﻛون ﻣﺗﯾﻘّظﺎ
ﻣن أن ھﻧﺎك ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ ﻓﻲ داﺧﻠك ﯾﺣﺗﺎج ﻷن ﯾﺗم اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋﻧﮫ .ﻻﺣﻘًﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗدرك أﻧّك أﻧت ،ذﻟك
اﻟذي ﯾﻧﺗﺑﮫ ﻟﻸﺷﯾﺎء وھﻲ ﺗﺄﺗﻲ ،أو ﻟﻸﻣور وھﻲ ﺗﺣدث ،ﻣﺧﺗﻠف ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋ ّﻣﺎ ﺗﻣر ﺑﮫ ﻣن ﺗﺟﺎرب .أﻧت
ﺷﺎ ِھد ،ھو ﻣوطن ﺗﻧﺗﺑﮫ ﻟﻸﺷﯾﺎء ،ﻟﻛن ﻣن أﻧت؟ ھذا اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾﺗﻣرﻛز ﻋﻧده اﻟوﻋﻲ ھو ﻣوطن اﻟ ّ
اﻟروح .ھذا ھو اﻟﻣﻛﺎن اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء .ﻟﻧﻔﺗرض ً
ﻣﺛﻼ أﻧك
أﻣر ﻣﺎ ﺗﺳﺑّب ﻓﻲ ﺧﻔﻘﺎن ﻗﻠﺑك .ﻓﺈذا ﺗرﻛت ھذا اﻷﻣر وﺷﺄﻧﮫ وﺑﻘﯾت ﻓﻲ ﻣوطن اﻟوﻋﻲ، اﻧﺗﺑﮭت إﻟﻰ ٍ
ﺑدﻻ ﻣن ذﻟك ﺗرﻛت ﻧﻔﺳك ﺗﺿﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎﻋر ﺳﯾﻣر .وإذا ﻟم ﺗدع اﻷﻣر وﺷﺄﻧﮫ ،أي ً ّ ﻓﺈن ھذا اﻟﺷﻲء
ﺗﺳﻠﺳﻼ ﻟﻸﺣداث ﯾﻧﻛﺷف ﺑﺻورة ﺳرﯾﻌﺔ ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﻟن ً واﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ظﮭرت ﺑﺳﺑﺑﮫ ،ﻓﺳﺗرى
ﺣرك ﻗﻠﺑك ﻓﻲ اﻷﺳﺎس. ﺗﻌرف ﻣﺎ اﻟذي ّ
إذا ﻟم ﺗﻘم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء ،ﻓﺳﺗﻼﺣظ أن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗ ّﻣت إﺛﺎرﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺑك ﺗﻌﻣلّ
ﻗوة ﺟذب ظﺎھرﯾّﺔ ﺳﺗﻘوم ﺑﺷ ّد وﻋﯾك ﻟﮭﺎ .وﻣﺎ ﺳﺗﻌرﻓﮫ ﻻﺣﻘﺎ ،ھو أﻧك ﻟن ﺗﻛون ﻛﺎﻟﻣﻐﻧﺎطﯾس .إﻧﮭﺎ ّ
ھﻧﺎك .ﻟن ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧظور ﻧﻔﺳﮫ ﻣن اﻟوﻋﻲ اﻟذي ﯾﻛون ﻟدﯾك ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺣس ﺑﺎﻻﻧزﻋﺎج
ﺑدأت ﻋﻧده ﺑرؤﯾﺔ ﺑداﯾﺔ ردّة ﻓﻌل َ ﻋﻧد ﺑداﯾﺔ ﺣدوﺛﮫ .ﺳﺗﻘوم ﺑﺗرك ﻣوطن اﻟوﻋﻲ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ اﻟذي
ﺗﺣول اﻟطﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺄﺗﯾك ﻣن ﻗﻠﺑك .وﻓﻲ وﻗت ﻻﺣﻖ ،ﺳﺗﺟد أﻧك ﻟم ﺗﻌد ﺑﺎﻟﺗورط ﻓﻲ ّ ّ ﻗﻠﺑك ،وﺳﺗﺑدأ
ھﻧﺎك .ﺳﺗدرك أﻧك ﺿﺎﺋﻊ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ ﺷؤوﻧك .وﺳوف ﺗﺗﻣﻧﻰ ﺑﻌدھﺎ ﻟو أﻧك ﻟم ﺗﻘل أو ﺗﻔﻌل أي ﺷﻲء
ﻗد ﺗﻧدم ﻋﻠﯾﮫ ﻻﺣﻘﺎ.
ﻣرت ﺑﺎﻟﻔﻌل ،أو ﺳﺎﻋﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،أو ﺣﺗﻰ ﺳﻧﺔ ﺳﺗﻧظر إﻟﻰ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺣﺎﺋط ،وﺗرى أن ﺧﻣس دﻗﺎﺋﻖ ﻗد ّ
ﺑﺄﻛﻣﻠﮭﺎ .ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك أن ﺗﻔﻘد اﻟوﺿوح ﻟﺑﻌض اﻟوﻗت .أﯾن ذھﺑت؟ ﻛﯾف رﺟﻌت؟ ﺳوف ﻧﺗطرق إﻟﻰ ھذه
ي ﻣﻛﺎن ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرى اﻷﺷﯾﺎء ﺑوﺿوح. اﻷﺳﺋﻠﺔ ﻻﺣﻘًﺎ ،ﻟﻛن ﻣﺎ ﯾﮭ ّﻣﻧﺎ اﻵن ھو أن ﻋﻠﯾك ّأﻻ ﺗﻐﺎدر إﻟﻰ أ ّ
ﺛﯾرت .وطﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﺗﻛﺗﻔﻲ ﺳت واﺳﺗ ُ َ ﺻﺔ وﻗد ﻟُ ِﻣ َأﻧت ﺗﺟﻠس ﻓﻘط ﻓﻲ ﻣوطن اﻟوﻋﻲ ﺗراﻗب أﺷﯾﺎءك اﻟﺧﺎ ّ
ﺑﺎﻟﻣراﻗﺑﺔ ،ﻓﻠن ﺗﺿﯾﻊ ﻓﻲ اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء.
ﯾﻛﻣن اﻟﺣل ﻓﻲ ﻓﮭﻣك ﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أﻧك إن ﻟم ﺗﺗﺧﻠّﻰ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء ﻓور اﺳﺗﺛﺎرﺗﮭﺎ ،ﻓﺈن ﻗوة اﻻﻧزﻋﺎج ﻣن
اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻣﻔﻌّﻠﺔ ﺳﺗﺷ ّد ﺗرﻛﯾز وﻋﯾك إﻟﯾﮭﺎ .وﺑﻣﺎ أن وﻋﯾك ﯾﻐرق ﻓﻲ اﻻﺿطراب اﻟﺣﺎﺻل ،ﻓﺳﺗﻔﻘد
ي .وﻻ ﯾﻛون ﻟدﯾك ﺷﻌور ﺑﺄﻧك ذھﺑت ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟوﺿوح ﻓﻲ ﻣوطن روﺣك .وھذا ﯾﺣدث ﺑﺷﻛل ﻓور ّ
ي ﻣﻛﺎن آﺧر ﻷﻧّك ﻣﺳﺗﻐرق ﻓﻲ إﻟﻰ أي ﻣﻛﺎن ،ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﻣﺎ ﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻐﺎدر ذھﻧك اﻟﻐرﻓﺔ أو أ ّ
ﻲ .أﻧت ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺗﻔﻘد اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣن وﻋﯾك اﻟﺗﻲ ﻛﻧت ﻗراءة ﻛﺗﺎب أو ﻣﺷﺎھدة ﺑرﻧﺎﻣﺞ ﺗﻠﻔزﯾوﻧ ّ
ﺷﺎھد ﺑﺳﺑب اﻟطﺎﻗﺎت إن وﻋﯾك ﯾﻐﺎدر اﻟﻣوﻗﻊ اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻟﻠ ّ ﻋﻧدھﺎ ُﻣدِر ًﻛﺎ ﺑﻣوﺿوﻋﯾّﺔ ﻣﺣﯾطك ﻛﻠّﮫّ .
ﺗﻠف ﺑك ،وأﻧت ﺗﻧﻐﻣس ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ واﺣدة ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻘط. اﻟﻌدﯾدة اﻟﺗﻲ ّ
ﻣﻐﺎدرة ﻣوطن اﻟذات ھذا ﻟﯾس ﺑﻌﻣل ﻣﺗﻌ ّﻣد .ﻗواﻧﯾن اﻟﺟذب اﻟﻛوﻧﯾّﺔ ﺗﺗﺳﺑّب ﻓﻲ ﺣدوﺛﮫ .اﻟوﻋﻲ داﺋﻣﺎ
ﯾﻧﺟذب إﻟﻰ أﻛﺛر اﻷﺷﯾﺎء اﺿطراﺑﺎ :أﺻﺑﻊ اﻟﻘدم اﻟﻣﺻدوم ،أو اﻟﺻوت اﻟﻣرﺗﻔﻊ ،أو اﻟﻘﻠب اﻟﻣﺟروح.
ﺷﻌورا ﺑﺎﻻﻧزﻋﺎج.
ً إﻧﮫ اﻟﻘﺎﻧون ﻧﻔﺳﮫ ،ﻓﻲ اﻟداﺧل واﻟﺧﺎرج ﻣﻌًﺎ .إن اﻟوﻋﻲ ﯾﺗو ّﺟﮫ إﻟﻰ اﻟﻣﻛﺎن اﻷﻛﺛر
ھذا ﻣﺎ ﻧﻌﻧﯾﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﻘول" ،ﻛﺎن اﻟﺻوت ﻋﺎﻟﯾًﺎ ﺟدا ﻟدرﺟﺔ أﻧّﮫ ﻟﻔت اﻧﺗﺑﺎھﻲ" .ھو ﯾﺷ ّد اﻧﺗﺑﺎھك إﻟﯾﮫ.
ﺷد ھذه ﻧﻔﺳﮭﺎ ،وﯾﻧﺳﺣب اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إﻟﻰ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺻﺎب اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣﺳدود ﻓﯾك ،ﺗﺣدُث ﻋﻣﻠﯾّﺔ اﻟ ّ
وﯾﺗﺣول ذﻟك اﻟﻣﻛﺎن ﻟﯾﺻﯾر ﻣوطن وﻋﯾك .وﺑﻌد أن ﯾﮭدأ ھذا اﻹزﻋﺎج ّ ﻣﺻدر ﻋدم اﻟراﺣﺔ ذاك.
وﯾدﻋك وﺷﺄﻧك ،ﺳوف ﺗﻧﺟرف ﺑﺷﻛل طﺑﯾﻌﻲ ﻧﺣو اﻟﻣوطن اﻷﻋﻠﻰ ﻣن اﻟوﻋﻲ ﻣن ﺟدﯾد .ھﻧﺎك ﺣﯾث
ﺗﺟﻠس ﻋﺎدة ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ﻣرﺗﺑﻛﺎ أو ﻣﺷﻐوﻻ ﺑﺄي إزﻋﺎج أو ﺑﻠﺑﻠﺔ .وأھﻣﯾﺔ ھذا اﻟﻣوطن اﻷﻋﻠﻰ،
ﺗﻛون ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻛﺄھﻣﯾﺔ رؤﯾﺗك ﻟﻣوطن اﻟوﻋﻲ ،ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﺿطرﺑﺎ ﺗﺟﺎه ﺷﻲء ﻣﺎ ُﻣزﻋﺞ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟك ،وھو ﯾﺳﻘط إﻟﻰ اﻷﺳﻔل ﺣﯾث ﯾوﺟد ﻣﺻدر اﻹزﻋﺎج ،وھﻧﺎك ،ﻋﻧد ﺗﻠك اﻟﻧﻘطﺔ ،ﯾﺑدو اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ
ﻣﺧﺗﻠﻔﺎ ﺟدا ﻟدﯾك ﻋ ّﻣﺎ ھو ﻋﻠﯾﮫ ﺣﻘﯾﻘﺔ.
دﻋوﻧﺎ ﻧﻘوم ﺑﺗﺣﻠﯾل ھذا اﻟﺳﻘوط ﺧطوة ﺧطوة .اﻟﺑداﯾﺔ ﺗﻛون ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗ ّم ﺳﺣﺑك إﻟﻰ اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻣﻧزﻋﺟﺔ.
وﺑﺎﻧﺳﺣﺎﺑك إﻟﻰ ھﻧﺎك ﺗﻛون ﻗد اﻧﺗﮭﯾت ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﻻ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮫ أﺳﺎﺳﺎ .إﻧﮫ آﺧر ﻣﻛﺎن
ﺗو ّد أن ﺗو ّﺟﮫ وﻋﯾك إﻟﯾﮫ .وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈﻧﮫ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾﺷ ّد وﻋﯾك ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻠﺣظﺔ .اﻵن ،وﺑﯾﻧﻣﺎ أﻧت
ﺗﺗﺷوه ﺑﺳﺑب اﻟﺿﺑﺎب اﻟذي أﺣدﺛﮫ ھذا اﻹزﻋﺎج. ّ ﺗﻧظر ﻣن ﺧﻼل طﺎﻗﺗك اﻟﻣﺿطرﺑﺔ ،ﻛ ّل اﻷﺷﯾﺎء
اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺑدو ﺟﻣﯾﻠﺔ ﺻﺎرت ﻗﺑﯾﺣﺔ .اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻛﻧت ﺗﺣﺑّﮭﺎ ،ﺗﺑدو اﻵن ﺳوداء وﻛﺋﯾﺑﺔ.
واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھﻲ أﻧّﮫ ﻻ ﺷﻲء ﻗد ﺗﻐﯾّر ،اﻷﻣر ﻓﻘط راﺟﻊ إﻟﻰ أﻧك ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻠﺣظﺔ ﺗﻧظر إﻟﻰ اﻟﺣﯾﺎة ﻣن
ﻣوطن اﻻﺿطراب ھذا.
ّ
ﺗﺣول ﻣن ھذه اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﻲ ﻣﻧظورك ﯾﺟب أن ﺗذ ّﻛرك ﺑﺄﻧك ﻻﺑ ّد وأن ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋن ﻛل ّ
اﻋﺗدت أن ﺗﺣﺑّﮭم ﺳﺎﺑﻘﺎ،
َ اﻷﺷﯾﺎء .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرى ﻓﯾﮭﺎ أﻧك ﺑدأت ﻻ ﺗﺣبّ اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن
وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺑدو ﺣﯾﺎﺗك وﻗد اﺧﺗﻠﻔت ،وﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑدأ ﻛل اﻷﺷﯾﺎء ﻓﯾﮭﺎ ﺗﺻﯾر ﺳﻠﺑﯾﺔ ،ﺗﺧﻠﻰ ﻋن
ﺗﻣر ﺑﺳﻼم .ﻛﺎن ﯾﺗو ّﺟب ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗﺧﻠّﻰ ﻋن ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﻗﺑل، اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗزﻋﺟك ودﻋﮭﺎ ّ
ﻟﻛﻧك ﻟم ﺗﻔﻌل .واﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ھﻲ أن اﻷﻣر ﯾﺻﺑﺢ أﻛﺛر ﺻﻌوﺑﺔ اﻵن .ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك ﺳﺎﻋﺔ ﺣدوث ﺗﻠك
اﻷﻣور أن ﺗﺄﺧذ ﻧﻔﺳﺎ ﻋﻣﯾﻘﺎ وﺗﺗرك اﻷﻣور وﺷﺄﻧﮭﺎ .ﻟﻛن ﻷﻧك ﻟم ﺗﺗﺧ ّل ﻋن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗزﻋﺟك
ﻋﻣﻼ ﺷﺎﻗﺎ ﻣن اﻟﻣرور ﺧﻼل اﻟدورة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣن ً ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر ﻋﻧد ﺣدوﺛﮭﺎ ﺻﺎر اﻷﻣر اﻵن ﯾﺗطﻠّب
ﻟﺣظﺔ اﻟﺳﻘوط إﻟﻰ ﻟﺣظﺔ اﻟﻌودة ﻣن ﺟدﯾد إﻟﻰ ﻣوطن اﻟوﻋﻲ .واﻟدورة ھﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻟوﻗت اﻟذي
ﻲ إﻟﻰ ﺣﯾن ﻋودﺗك إﻟﯾﮫ ﻣن ﺟدﯾد .وھذه اﻟﻔﺗرة ﻣن ﺗﺳﺗﻐرﻗﮫ ﻣﻧذ ﻟﺣظﺔ ﺗرﻛك ﻣوطن اﻟوﺿوح اﻟﻧﺳﺑ ّ
ﻲ .وﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﺗ ّﻣت اﻟزﻣن ﯾﺗ ّم ﺗﺣدﯾدھﺎ ﺑﻣﻘدار ﺷدّة اﻧﺳداد اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑّﺑت ﻓﻲ اﺿطراﺑك اﻟﻣﺑدﺋ ّ
ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﺿطراب ،ﻻﺑ ّد وأن ﯾﺄﺧذ اﻧﺳداد اﻟطﺎﻗﺔ ﻣﺟراه ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .إذا ﻟم ﺗﺗﺧ ّل ﻋن اﻷﻣر اﻟذي ﺳﺑّب
ﻟك ھذا اﻻﺿطراب ،ﻓﺳﺗﻧﻐﻣس ﻓﯾﮫ .أﻧت ﻟﺳت ُﺣرا ﺑﻌد اﻵن ،أﻧت ﻛﻣن ﺗ ّم اﻟﻘﺑض ﻋﻠﯾﮫ .ﻣﺗﻰ ﻣﺎ
ﺳﻘطت ﻣن اﻟﻣوطن اﻟذي ﺗرى ﻓﯾﮫ أﺷﯾﺎء وأﺣداث اﻟﺣﯾﺎة واﺿﺣﺔ ﻧﺳﺑﯾّﺎ ،ﻓﺄﻧت ﺗﺣت رﺣﻣﺔ اﻟطﺎﻗﺔ
اﻟﻣﺿطرﺑﺔ .إذا ﺗ ّﻣت إﺛﺎرة ذﻟك اﻻﻧﺳداد ﻋن طرﯾﻖ ﻣوﻗف ﻋﺎﺑر ،ﻓﯾﻣﻛن أن ﺗﺑﻘﻰ ھﻧﺎك ُﻣدّة طوﯾﻠﺔ.
وﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻣوﻗف ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺣدث ﻋﺎﺑر ،ﺳﺗﺟد أﻧك ﺗﻌود إﻟﻰ ﻣﻛﺎﻧك ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺳرﻋﺔ.
ي ﺣدث ﺑﺄن ﯾﺳﺑّب ﻟك اﻻﺿطراب ﻓﻲ داﺧﻠك ،ﻓﻠن اﻟﻧﻘطﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ أﻧك ﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﺳﻣﺣت ﻷ ّ
ﺗﺻرﻓك .ﻟﻘد أﺿﻌت ھذه اﻟﺳﯾطرة. ّ ﯾﻌود اﻷﻣر ﺑﻌدھﺎ ﺗﺣت
ھذا ﺷرح ﻣﻔﺻل ﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺳﻘوط .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣن اﻻﺿطراب ،ﺳﺗرﻏب ﻓﻲ إﻋﺎدة
اﻷﻣور إﻟﻰ ﻧﺻﺎﺑﮭﺎ .ﻟﯾس أﻣﺎﻣك اﻟوﺿوح اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻟرؤﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﺟري ،أﻧت ﻓﻘط ﺗرﯾد أن ﯾﻧﺗﮭﻲ ھذا
اﻻﺿطراب وﺑﺄي ﺷﻛل .ﻟذﻟك ﻓﺄﻧت ﺗﻛﺗﻔﻲ ﺣﯾﻧﮭﺎ ﺑﻐرﯾزة اﻟﺻراع ﻣن أﺟل اﻟﺑﻘﺎء .رﺑﻣﺎ ﺗﺷﻌر ﺑﺄن
ﻋﻠﯾك ﻋﻣل ﺷﻲء ﻋﻧﯾف أو ﻗﺎس .رﺑﻣﺎ ﻛﻧت ﺑﺣﺎﺟﺔ ﻟﺗرك زوﺟﺗك أو زوﺟك ،أو اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ ﻣﻛﺎن
آﺧر ،أو اﻻﺳﺗﻘﺎﻟﺔ ﻣن وظﯾﻔﺗك .ﯾﺑدأ اﻟﻌﻘل ﻓﻲ ﻗول وطرح ﻛﺎﻓﺔ اﻻﺣﺗﻣﺎﻻت ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺳﺗﺳﯾﻎ ھذا
اﻟﻣﻛﺎن ،وﯾرﯾد أن ﯾﻐﺎدره ﺑﺄي طرﯾﻘﺔ ﻣن اﻟطرق.
اﻵن وﻗد وﺻﻠت إﻟﻰ ھذه اﻟﻧﻘطﺔ ،ھﻧﺎ ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺧﻼﺻﺔ .ﺗﺧﯾّل أﻧّك وأﻧت ﺿﺎﺋﻊ ﻓﻲ ھذه اﻟطﺎﻗﺔ
اﻟﻣﺿطرﺑﺔ ،ﻗﻣت ﺑﻌﻣل ﺷﻲء أو أﻛﺛر ﻣن ھذه اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ اﻗﺗرﺣﮭﺎ ﻋﻘﻠك ﻋﻠﯾك .ﺗﺧﯾل ﻣﺎ اﻟذي
ﻗررت اﻟﺗﺎﻟﻲ" ،ﻟﻘد ﺗﺣ ّﻣﻠت ھذه ﻛﺎن ﺳﯾﺣدث ﻟو أﻧك ﻗدّﻣت اﺳﺗﻘﺎﻟﺗك ﻣن ﻋﻣﻠك ،أو ﻟو ﻛﻧت ﻗد ّ
اﻟوظﯾﻔﺔ ﻟﻣدة ﻛﺎﻓﯾﺔ ،ﺣﺎن اﻵن وﻗت اﻟراﺣﺔ ﻣﻧﮭﺎ ".ﻟﯾﺳت ﻟدﯾك أﯾﺔ ﻓﻛرة ﻛم ھﻲ ﻛﺑﯾرة ھذه اﻟﺧطوة.
ھﻲ ﻟﯾﺳت أﻛﺛر ﻣن اﺿطراب ﯾﺟري ﻓﻲ اﻟداﺧل .ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻓﯾﮭﺎ ﻟﮭذا اﻻﺿطراب
ﺗﺣرك ﺟﺳدك ،ﺗﻛون ﺑذﻟك ﻗد ﺑﺄن ﯾﻌﺑّر ﻋن ﻧﻔﺳﮫ ،وﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻓﯾﮭﺎ ﻟﺗﻠك اﻟطﺎﻗﺔ ﺑﺄن ّ
ّ
ى آﺧر .اﻵن ﺑﺎﺗت ﻋﻣﻠﯾّﺔ اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن ذاك اﻷﻣر ﺷﺑﮫ ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ .ﻟو ﺑدأت ﻓﻲ اﻧﺣدرت إﻟﻰ ﻣﺳﺗو ً
اﻟﺻراخ ﻋﻠﻰ ﺷﺧص ﻣﺎ ،وﻗﻠت ﻟﮫ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺎ ﺗﺷﻌر ﺑﮫ ﺗﺟﺎھﮫ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ أﻧت ﻓﻲ
اﺳﺗﺧدام اﻟﺟﮭﺎز ﻟﻠﺗﻌوﯾض ﻋن وﺟود اﻟﺷوﻛﺔ ،ﻋﻠﯾك ﺗﻌدﯾل ﺣﯾﺎﺗك ﺗﺑﻌًﺎ ﻟﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ وﺟود ھذه
ﺳﻊ ﻋﻧدھﺎ ﻟﺗﺧﻠﻖ ﻣﺷﺎﻛل اﻟﺷوﻛﺔ .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻓﯾﮭﺎ ﻟﻠﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺟوھرﯾﺔ ﺑﺎﻟﺑﻘﺎء ،ﺳﺗﺗو ّ
ﻣﺿﺎﻋﻔﺔ .ﻻ ﯾﺑدو أﻧك ﺗرى ﺿرورة اﻟﺗﺧﻠّص ﻓﻘط ﻣن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾّﺔ .ﻟﻛن ً
ﺑدﻻ ﻣن ذﻟك ،ﻓﺈن
اﻟﺣل اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﺗراه ھو أﻧّك ﺗﺣﺎول ﺗﺟﻧّب اﻟﺷﻌور ﺑﮭﺎ .اﻵن ﻟﯾس أﻣﺎﻣك ﻣن ﺧﯾﺎر ﺳوى اﻟﺧروج
ﻹﺻﻼح ﻛل ﻣﺎ ﺣوﻟك ﻛﻲ ﻻ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ وﺟود ﺷوﻛﺗك .ﻋﻠﯾك اﻵن أن ﺗﻘﻠﻖ ﺑﺷﺄن أﻣور ﺗﺗﻌﻠﻖ ﺑﻛﯾف
ﺗﻠﺑس وﻛﯾف ﺗﺗﺣدث .ﻋﻠﯾك أن ﺗﻘﻠﻖ ﺑﺷﺄن ﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘد اﻟﻧﺎس ﻋﻧك ﻷن ذﻟك ﻗد ﯾؤﺛّر ﻋﻠﻰ ﻣﺷﺎﻋر
اﻟوﺣدة اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ أو ﻣﺷﺎﻋر اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺣبّ .وإذا ﺣدث وأﻋﺟﺑت ﺑﺷﺧص ﻣﺎ ،وھذا ﺧﻔّف
أﺗﺻرف ﻣن أﺟل أن أﺟﻌﻠك ّ ﻣن ﺷﻌورك ﺑﺎﻟوﺣدة ،ﺳﺗﺗﻣﻧّﻰ ﻟو ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘول" ،ﻛﯾف ﯾﺟب أن
ﺳﻌﯾدًا؟ أﺳﺗطﯾﻊ أن أﻛون ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎﻛﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﯾدھﺎ .ﻓﻘط ﻻ أرﯾد أن ﺗراودﻧﻲ اﻷوﻗﺎت اﻟﺗﻲ أﺷﻌر
ﻣرة أﺧرى".
ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟوﺣدة ّ
ﺻرت ﺗﺣﻣل اﻵن ﻋبء اﻟﻘﻠﻖ ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ .وھذا اﻟﺷﻲء ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﮫ ﯾﺧﻠﻖ ﺗﺟرﺑﺔ ﻣن اﻟﺗوﺗّر
اﻟﻛﺎﻣن وﻋدم اﻻرﺗﯾﺎح ،وﻓﻲ إﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾؤﺛّر ﻋﻠﻰ ﻧوﻣك ﻟﯾﻼ .وإﻟﯾك اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻓﻣﻊ أن اﻟﺷﻌور ﺑﻌدم
اﻟراﺣﺔ اﻟذي ﺗﻣر ﺑﮫ ﻟﯾس ﺑﺳﺑب اﻟوﺣدة ،ﺑل ﺑﺳﺑب ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻧﺗﮭﻲ واﻟﺗﻲ ﻋﻠﻰ ھﯾﺋﺔ
ﻓﻌﻼ ،أم أﻧّﻲ أﺿﺣك ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﻲ؟" إن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺟذرﯾﺔ "ھل ﺗﺣدّﺛتُ ﺑﺷﻛل ﺻﺣﯾﺢ؟ ھل ھﻲ ﺗﺣﺑّﻧﻲ ً
اﻵن ﻣدﻓوﻧﺔ ﺗﺣت ﻛل ھذه اﻷﻣور اﻟﺳطﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺣور ﺣول ﻗﺿﯾﺔ ﺗﺟﻧّب اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻷﻋﻣﻖ .وھﻲ
ﺗزداد ﺗﻌﻘﯾدًا .وﯾﻧﺗﮭﻲ اﻷﻣر ﺑﺄن ﯾﻘوم اﻟﻧﺎس ﺑﺎﺳﺗﻐﻼل ﻋﻼﻗﺎﺗﮭم ﻹﺧﻔﺎء أﺷواﻛﮭم اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺎﻧون ﻣﻧﮭﺎ.
ﻟو ﻛﺎن ھﻧﺎك اھﺗﻣﺎم ﻣن ﻗِﺑَل ﺑﻌﺿﮭم ﻟﻠﺑﻌض اﻵﺧر ،ﻟﻌَ ِﻣ َل ﻛ ّل واﺣد ﻋﻠﻰ ﺗﻌدﯾل ﺳﻠوﻛﮫ ﻟﺗﺟﻧّب
اﻻرﺗطﺎم ﺑﺎﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ ﻟﻶﺧر.
ﺗﺻرﻓﺎﺗﮭم .وﯾﻧﺗﮭون ﺑﺄن
ّ ھذا ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟﻧﺎس .ﯾﺟﻌﻠون ﺧوﻓﮭم ﻣن أﺷواﻛﮭم اﻟداﺧﻠﯾّﺔ ﯾؤﺛّر ﻋﻠﻰ
ﯾﺣدّدون ﺣﯾﺎﺗﮭم ﻓﻘط ﻛﺷﺧص ﯾﻌﯾش ﺑﺄﺷواك إﺿﺎﻓﯾّﺔ .ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،ﻟو ﻛﺎن ھﻧﺎك ﻣﺎ ﯾُزﻋﺟك ﻓﻲ
اﻟداﺧل ،ﻓﻌﻠﯾك أن ﺗﺗّﺧذ اﻟﻘرار ﺣﯾﺎﻟﮫ .ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗﻌوﯾض ھذا اﻻﻧزﻋﺎج ﺑﺎﻟذھﺎب إﻟﻰ اﻟﺧﺎرج ﻓﻲ
ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻌدم اﻟﺷﻌور ﺑﮫ ،أو ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك ﺑﺑﺳﺎطﺔ أن ﺗزﯾل اﻟﺷوﻛﺔ وﻻ ﺗر ّﻛز ُﺟ ّل ﺣﯾﺎﺗك ﻋﻠﯾﮭﺎ.
ﻻ ﺗﺷك أﺑدًا ﻓﻲ ﻗدرﺗك ﻋﻠﻰ إزاﻟﺔ اﻟﺟذور اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳﺑّب ﻓﻲ اﻻﺿطراﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺣدُث ﻓﻲ داﺧﻠك.
ﺗﺳﺗطﯾﻊ ھذه اﻻﺿطراﺑﺎت أن ﺗذھب ﺑﻌﯾدًا ﻋﻧك .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻧظر ﻓﻲ أﻋﻣﺎق ﻧﻔﺳك ،ﻓﻲ ﺟوھر
ﺗﺗﺣرر ﻣﻧﮫ.
ّ وﺗﻘرر أﻧّك ﻻ ﺗرﯾد اﻟﺟﺎﻧب اﻷﺿﻌف ﻣﻧك أن ﯾﺗﺣ ّﻛم ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك .أﻧت ﺗرﯾد أن ّ وﺟودك،
أﻧت ﺗرﯾد أن ﺗﺗﺣدّث إﻟﻰ اﻟﻧﺎس ﻷﻧك ﺗﺟدھم ﻣﻣﺗﻌﯾن ،وﻟﯾس ﻷﻧّك وﺣﯾد .أﻧت ﺗرﯾد أن ﺗﺣظﻰ
ﺑﻌﻼﻗﺎت ﻣﻊ اﻟﻧﺎس ﻷﻧك ﺗﺣﺑّﮭم ﺑﺻدق ،وﻟﯾس ﻷﻧك ﺗرﯾد ﻣﻧﮭم أن ﯾﺣﺑّوك .أﻧت ﺗرﯾد أن ﺗ ُ ِﺣب ﻷﻧك
ﺗ ُ َﺣب ﻓﺣﺳب ،وﻟﯾس ﻷﻧك ﺗرﯾد أن ﺗﺗﺟﻧّب ﻣﺷﺎﻛﻠك اﻟداﺧﻠﯾﺔ.
ﺗﺣرر ﻧﻔﺳك؟ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﻣﯾﻖ ،ﯾﻣﻛﻧك أن ﺗﺧﻠّص ﻧﻔﺳك ﺑﺄن ﺗﺟد ﻧﻔﺳك .أﻧت ﻛﯾف ﯾﻣﻛﻧك أن ّ
ﺳﮫ ،وﻻ أﻧت ذﻟك اﻟﺟزء اﻟذي ﯾُﺻﺎب ﺑﺎﻹﺟﮭﺎد ﻣن ﺣﯾن ﻵﺧر .ﻟﯾس ﻟﮭذه ﻟﺳت اﻷﻟم اﻟذي ﺗﺣ ّ
ي ﻋﻼﻗﺔ ﺑك .أﻧت ﻓﻘط ﻣن ﯾﻘوم ﺑﻣﻼﺣظﺔ ﻛل ﺗﻠك اﻷﻣور .وﻷن وﻋﯾك ﻣﻧﻔﺻل اﻻﺿطراﺑﺎت أ ّ
ﺗﺣرر ﻧﻔﺳك ﻣن اﻷﺷواك ّ ﺗﺣرر ﻧﻔﺳك .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ّ وﯾُدرك ﻛ ّل ﻣﺎ ﯾﺣدث ،ﻓﺄﻧت ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن
اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،ﻓﻘط ﺗوﻗّف ﻋن اﻟﻠﻌب ﺑﮭﺎ .ﻛﻠّﻣﺎ زاد ﻟﻣﺳك ﻟﮭﺎ ،ﻛﻠّﻣﺎ ازدادت اﺳﺗﺛﺎرﺗك ﻟﮭﺎ .ﻷﻧك ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ
اﻟدوام ﺑﻌﻣل ﺷﻲء ﻟﺗﺟﻧّب اﻟﺷﻌور ﺑﮭذه اﻷﺷواك ،ﻓﺄﻧت ﻻ ﺗﻌطﯾﮭﺎ اﻟﻔرﺻﺔ اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻋﻼج
ﻧﻔﺳﮭﺎ ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ .ﻟو أردت ذﻟك ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺑﺑﺳﺎطﺔ أن ﺗﺳﻣﺢ ﻷي إزﻋﺎج أن ﯾظﮭر ،وﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ﺑﺈطﻼق ﺳراﺣﮫ .أﺷواﻛك اﻟداﺧﻠﯾّﺔ ھﻲ ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن طﺎﻗﺎت ﻣﺣﺑوﺳﺔ ﻓﻲ داﺧﻠك ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ،
أن ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ھو إ ّﻣﺎ أن ﺗﺗﺟﻧّب وﺑﺷﻛل ﻛﻠّﻲ اﻟﻣواﻗف اﻟﺗﻲ أي ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن إطﻼﻗﮭﺎ .ﻟﻛن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ھﻲ ّ
ﻗد ﺗﺗﺳﺑّب ﻓﻲ إطﻼﻗﮭﺎ ،وإ ّﻣﺎ أﻧك ﺗﻘوم ﺑدﻓﻌﮭﺎ ﺑﻌﯾدًا ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎق ﺗﺣت ﻣﺳ ّﻣﻰ أﻧك ﺗﺣﻣﻲ ﻧﻔﺳك.
وﻛﻧت ﻣﺳﺗﻣﺗﻌًﺎ ﺑﺣﻠﻘﺎت اﻟﻣﺳﻠﺳل اﻟذي ﺗﺷﺎھده َ ﻟو اﻓﺗرﺿﻧﺎ أﻧك ﺗﺟﻠس ﻓﻲ اﻟﺑﯾت وﺗﺷﺎھد اﻟﺗﻠﻔزﯾون.
طﻼن ﻓﻲ ﺣُبّ ﺑﻌﺿﮭﻣﺎ .ﻓﺟﺄة ﺻرت ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟوﺣدة ،ﻟﻛن ﻣﺎ ﻣن أﺣد ﺣوﻟك ﻟﯾﻠﺗﻔت إﻟﻰ أن وﻗ َﻊ اﻟﺑَ َ
إﻟﯾك .اﻟﻣﺛﯾر ﻟﻼھﺗﻣﺎم ،أﻧك ﻛﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺟﯾّدة ﻣﻧذ ﺑﺿﻌﺔ دﻗﺎﺋﻖ ﺧﻠَت .ھذا اﻟﻣﺛَل دﻟﯾل ﻋﻠﻰ أن
اﻟﺷوﻛﺔ ھﻲ داﺋ ًﻣﺎ ﻓﻲ دﺧﯾﻠﺔ ﻗﻠﺑك ،ﻟﻛﻧﮭﺎ ﻏﯾر ﻣﻔﻌّﻠﺔ إﻟﻰ أن ﯾﻘوم ﺷﻲء ﻣﺎ ﺑﻠﻣﺳﮭﺎ .أﻧت ﺗﺷﻌر ﺑردّة
اﻟﻔﻌل ﻛﺗﺟوﯾف أو ﻛﺈﺣﺳﺎس ﻣﺗﺳﺎﻗط ﻓﻲ ﻗﻠﺑك .إﻧﮫ ﺷﻌور ﻏﯾر ﻣرﯾﺢ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق .ﯾﻧﺗﺎﺑك ﺷﻌور
رﻛت ﺧﻼﻟﮭﺎ وﺣﯾدًا ،وﺗﺗذ ّﻛر ﺑﻌض اﻟﻧﺎس اﻟذﯾن ﺑﺎﻟﺿﻌف ،وﺗﺑدأ ﺗﻔﻛر ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ وﻓﻲ أوﻗﺎت ﺗ ُ َ
ﻣﺧزﻧﺔ ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ وھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗوﻟّد ﺗﻠك ّ ﺟرﺣوا ﻣﺷﺎﻋرك .ھﻧﺎ ﯾﺗم إطﻼق طﺎﻗﺎت ﻣن اﻟﻘﻠب ﺗﻛون
ﺳﺎ ﻓﻲ ﻣوﺟﺔ وﺑدﻻ ﻣن اﺳﺗﻣﺗﺎﻋك ﺑﺑرﻧﺎﻣﺟك ،ھﺎ أﻧت ﺗﺟﻠس وﺣﯾدًا ﻣﺣﺑو ً ً اﻷﻓﻛﺎر وأﻣﺛﺎﻟﮭﺎ .اﻵن
ﻋﺎرﻣﺔ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر.
ﻣﺎ اﻟذي ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻋﻣﻠﮫ ھﻧﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻗﯾﺎﻣك ﺑﺗﻧﺎول ﺷﻲء ﺗﺄﻛﻠﮫ ،او اﺗّﺻﺎ ٍل ﺗُﺟرﯾﮫ ،أو اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺷﻲء
آﺧر ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ ﺗﮭدﺋﺔ اﻷﻣر؟ اﻟذي ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻌﻠﮫ ھﻧﺎ ھو أن ﺗﻼﺣظ أﻧك ﻻﺣظت ﻣﺎ ﯾﺣدث .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن
ﺗﻼﺣظ أن إدراﻛك ﻛﺎن ﯾﺷﺎھد اﻟﺗﻠﻔزﯾون ،وھﺎ ھو اﻵن ﯾﺷﺎھد اﻟﻣﯾﻠودراﻣﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑك .إن
اﻟذي ﯾرى ﻛل ھذا ھو أﻧت ،اﻟﻔﺎﻋل .واﻟذي ﺗﻘوم ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﯾﮫ ھو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺷﻲء .اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻔراغ
ھو أﯾﺿﺎ ﺷﻲء آﺧر ،ﺷﻲء ﺗﺷﻌر ﺑﮫ .ﻟﻛن ﻣن اﻟذي ﯾﺷﻌر ﺑﮫ؟ إن ﺧﻼﺻك ھو ﻓﻘط ﻓﻲ أن ﺗﻼﺣظ
ﻣن اﻟذي ﯾﻼﺣظ ﻛل ذﻟك .اﻷﻣر ﺣﻘﺎ ﺑﮭذه اﻟﺑﺳﺎطﺔ .وھو أﻗل ﺗﻌﻘﯾدا ﺑﻛﺛﯾر ﻣن ﺟﮭﺎز اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ذاك
اﻟﻣﺗﺣرﻛﺔ اﻟذي ﯾﻌﻣل ﺑﻧﺎ ًء ﻋﻠﯾﮫ.
ّ وﻣن ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﺑﻌﮫ ﻣن ﺣﺎﻣل ﻟﻠﻛرﯾّﺎت ،واﻟﻌﺟﻼت ،وﻋﻠم اﻟﺳواﺋل
ﻛل ﻣﺎ ﻋﻠﯾك ﻓﻌﻠﮫ ھو ﻣﻼﺣظﺔ َﻣن ھو ذﻟك اﻟذي ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟوﺣدة .إن اﻟذي ﯾﻼﺣظ ذﻟك ﺻﺎر اﻵن
ُﺣرا ﺑﺎﻟﻔﻌل .إن أردت اﻟﺗﺧﻠص ﻣن ﺗﻠك اﻟطﺎﻗﺎت ،ﻻﺑ ّد ﻋﻠﯾك أن ﺗطﻠﻘﮭﺎ ﻋﺑرك ﺑدﻻ ﻣن أن ﺗﺧﺑّﺋﮭﺎ
داﺧﻠك.
ﻛﻧت ﻓﯾﮫ طﻔﻼ ﺻﻐﯾرا ،ﻛﺎﻧت ھﻧﺎك طﺎﻗﺎت ﺗﺗدﻓﻖ ﻓﻲ اﻟداﺧل .اﺳﺗﯾ ِﻘظ و ُﻛن ﻣدر ًﻛﺎ َ ﻣﻧذ اﻟوﻗت اﻟذي
ﺳﺎس .ﻗم ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺑﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺣﺳﺎس ﻣﻧك اﻟذي ﯾﺷﻌر أﻧّك أﻧت ھﻧﺎك ،وﻣﻌك ﺷﺧص آﺧر ﺣ ّ
ﺑﺎﻻﻧزﻋﺎج .اﻧظر إﻟﯾﮫ وھو ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟﻐﯾرة واﻟﺣﺎﺟﺔ واﻟﺧوف .إن اﻟﻣﺷﺎﻋر ھﻲ ﻓﻘط ﺟزء ﻣن طﺑﯾﻌﺔ
ﺳﮫ وﺗﺧﺗﺑره .أﻧت اﻟﺑﺷر .وﻟو اﻧﺗﺑﮭت ﻟﻸﻣر ،ﻓﺳﺗرى أن اﻟﻣﺷﺎﻋر ﻟﯾﺳت أﻧت ،ھﻲ ﻓﻘط ﺷﻲء ﺗﺣ ّ
اﻟﻛﺎﺋن اﻟ ُﻣﻘﯾم اﻟذي ﯾدرك ﻛل ھذه اﻷﻣور .ﻟو ﺑﻘﯾت ﻓﻲ ﻣرﻛزك ھذا ،ﺳﺗﺗﻌﻠم ﻛﯾف ﺗﻘدّر وﺗﺣﺗرم ﻣﺎ
ﺻﻌﺑﺔ.ﺻﺔ اﻟﺧﺑرات اﻟ ّ
ﯾﻣر ﺑك ﺧﺎ ّ
ّ
ﻣرواﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﺑﻌض ﻣن اﻷﺷﻌﺎر واﻟﻣﻘطوﻋﺎت اﻟﻣوﺳﯾﻘﯾﺔ اﻟﺟﻣﯾﻠﺔ ﻛﺎﻧت ھﻲ إﺑداع أﻧﺎس ّ
ﺑﺎﺿطراﺑﺎت ﻋﺎرﻣﺔ .اﻟﻔن اﻟﻌظﯾم ﯾﺄﺗﻲ ﻣن أﻋﻣﺎق اﻷﺷﺧﺎص .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أﻧت أن ﺗﺧﺗﺑر ھذه اﻟﺣﺎﻻت
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ دون أن ﺗﻧﻐﻣس ﻓﯾﮭﺎ ﻛﻠﯾّﺔً ودون أن ﺗﻘﺎوﻣﮭﺎ .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻘوم ﺑﻣﻼﺣظﺔ أﻧك
ﺗﻼﺣظ ،وراﻗِب ﻓﻘط ﻛﯾف ﺗؤﺛر ﻓﯾك ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺧوض ﻓﻲ اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟوﺣدة .ھل ﯾﺗﻐﯾّر وﺿ ُﻊ ﺟﺳدك؟
ھل ﺗﻧﻔّﺳك ﯾﺻﺑﺢ أﺳرع أم أﺑطﺄ؟ ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻌطﻲ اﻟوﺣدة اﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﺎﺟﮭﺎ
ﻟﻛﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼﻟك؟ ُﻛن ﻣﻛﺗﺷﻔًﺎُ .ﻛن ﺷﺎھدًا ،ﺳﺗرى ﺑﻌد ذﻟك أن ھذه اﻟﻣﺷﺎﻋر ﺗذھب
ﺳﺗﻣر ﺑﺳرﻋﺔ وﺳﯾظﮭر ﺷﻲء آﺧر ﻏﯾرھﺎ. ّ إﻟﻰ ﺣﺎل ﺳﺑﯾﻠﮭﺎ .إذا ﻟم ﺗﻐرق ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ ،ﻓﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ
اﺳﺗﻣﺗﻊ ﻓﻘط ﺑﮭذا اﻷﻣر .إن اﺳﺗطﻌت أن ﺗﻘوم ﺑذﻟك ،ﺳﺗﻛون ُﺣرا ،وﺳﯾﻧﻔﺗﺢ ﻋﺎﻟم ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻧﻘﯾّﺔ
داﺧﻠك.
وﻛﻠّﻣﺎ طﺎل ﺟﻠوﺳك ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻟوﻋﻲ ،ﺑدأت ﺑﺎﻟﺷﻌور ﺑﺻورة أﻛﺑر ﺑطﺎﻗﺔ ﻟم ﺗﺧﺗﺑرھﺎ ﻣن ﻗﺑل.
إﻧﮭﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻣن اﻟﺧﻠف ،ﻻ ﻣن اﻷﻣﺎم ﺣﯾث ﺗﺧﺗﺑر ﻋﻘﻠك وﻣﺷﺎﻋرك ھﻧﺎك .ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ﻏﺎرﻗًﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﯾﻠودراﻣﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑك ،ﺑل ﺗﺟﻠس داﺧل ﻛرﺳﻲ اﻟوﻋﻲ ،ﺳﺗﺑدأ ﺑﺎﻟﺷﻌور ﺑﺗدﻓﻖ اﻟطﺎﻗﺔ ﯾﺄﺗﯾك ﻣن
ﻲ ھو ﻣﺎ ﯾﺳ ّﻣﻰ "اﻟﺷﺎﻛﺗﻲ" ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺷرﻗﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ .ھذا اﻟﺗدﻓّﻖ اﻷﻋﻣﺎق اﻟداﺧﻠﯾﺔ .ھذا اﻟﺗدﻓّﻖ ّ
اﻟطﺎﻗِ ّ
ھو ﻣﺎ ﯾﺳ ّﻣﻰ ﺑﺎﻟروح .وھذا ﻣﺎ ﺳﺗﺧﺗﺑره ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ أﻧك ﻛﻧت ﺑرﻓﻘﺔ ذاﺗك ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺗﺳﻛﻊ ﻣﻊ
اﺿطراﺑﺎﺗك اﻟداﺧﻠﯾﺔ .ﻟﯾس ﻋﻠﯾك ﺑﺎﻟﺿرورة اﻟﺗﺧﻠص ﻣن اﻟوﺣدة ،ﻟﻛن ﻓﻘط ﺧﻔف ﻣن اﻻﻧﻐﻣﺎس
ﻓﯾﮭﺎ .ھﻲ ﻓﻘط ﺷﻲء ﻛﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ اﻟﻛون ،ﻣﺛل اﻟﺳﯾﺎرات واﻟﻌُﺷب واﻟﻧﺟوم .ھﻲ ﻟﯾﺳت ﺷﻐﻠك
اﻟﺷﺎﻏل .ﻓﻘط دع اﻷﺷﯾﺎء ﺗﻣر .ھذا ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ اﻟذات .اﻟوﻋﻲ ﻻ ﯾﺧوض اﻟﻣﻌﺎرك ،اﻟوﻋﻲ ﯾُطﻠﻖ
ﺗﻣر ﻣن أﻣﺎﻣﮫ ﻛ ّل أﺷﯾﺎء اﻟﻛون ﻓﻲ اﺳﺗﻌراض ﺳراح اﻷﺷﯾﺎء .اﻟوﻋﻲ ﯾﻘوم ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺑﺎﻹدراك ﺑﯾﻧﻣﺎ ّ
ﻛﺎﻣل.
ﻗوة وﺟودك اﻟداﺧﻠﻲ ﺣﺗﻰ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺷﻌر ﻗﻠﺑك ﺑﺎﻟﺿﻌف .ھذا ھو ﺟﻠﺳت ﻓﻲ ذاﺗك ،ﺳﺗﺧﺗﺑر ّ َ إذا ﻣﺎ
ﺟوھر اﻟﻣﺳﺎر اﻟذي ﻧﻌﺑره .ھذا ھو ﺟوھر اﻟﺣﯾﺎة اﻟروﺣﯾﺔ .ﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻣت أﻧﮫ ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ أن ﺗﺷﻌر
ﻛﻧت ُﺣرا .وﺳﺗﻌﯾش ﺑﺎﺿطراب داﺧﻠﻲ ،وأن ھذه اﻻﺿطراﺑﺎت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗُزﻋﺞ ﻣوطن وﻋﯾكَ ،
ﺗﺗذوق ﻧﺷوة ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺳﺗداﻣﺔ ﻣن ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻓﯾك .ﻋﻧدﻣﺎ ّ
ﺗﻣﺿﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم وﻟن ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻌﺎﻟم أﺑدًا أن ﯾﻠﻣﺳك .ھﻛذا ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺻﺑﺢ ﻛﺎﺋﻧًﺎ ُﺣرا .ھﻛذا
ﺗﺳﻣو ﻓوق اﻟوﺟود.
اﺳرق اﻟﺣرﯾّﺔ ﻣن أﺟل روﺣك
اﻟﻔﺻل اﻟﻌﺎﺷرِ :
ﺗﻘرر أﻧّك ﻻ ﺗرﯾد أن ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺑﻌد اﻵن .ﯾﺟب أن ﺷرط اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺣرﯾّﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﯾﻛﻣن ﻓﻲ أن ّ إن اﻟ ّ
ﺗﻘرر ﺑﺄﻧك ﺗرﯾد أن ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﺣﯾﺎﺗك وأﻧﮫ ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺳﺑب ﻟﻠﺗﻌب ،واﻷﻟم اﻟداﺧﻠﻲ ،واﻟﺧوف .ﻧﺣن ّ
ﻧﺣﻣل ﻛ ّل ﯾوم ﻋﺑﺋًﺎ ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺣﻣﻠﮫ .ﻧﺧﺎف أن ﻻ ﻧﻛون ﺟﯾدﯾن ﺑﺷﻛل ﻛﺎف أو أﻧﻧﺎ ﺳﻧﻔﺷل .ﻧﻣر
ﺑﺗﺟﺎرب ﻓﻘدان اﻷﻣﺎن ،واﻟﻘﻠﻖ ،واﻟوﻋﻲ اﻟذاﺗﻲ .ﻧﺧﺎف ﻣن أن اﻟﻧﺎس ﺳﯾﺗﺧﻠون ﻋﻧﺎ ،أو ﺳﯾﻘوﻣون
ﺑﺎﺳﺗﻐﻼﻟﻧﺎ ،أو ﯾﺗوﻗﻔون ﻋن ﺣﺑّﻧﺎ .ﻛل ھذه اﻟﻣﺳﺎﺋل ﺗرھﻖ ﻛﺎھﻠﻧﺎ ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﺟدا .وﺑرﻏم أﻧﻧﺎ ﻧﺣﺎول
أن ﻧﺣظﻰ ﺑﻌﻼﻗﺎت ﺣبّ ﻣﻔﺗوﺣﺔ ،وﺑرﻏم أﻧﻧﺎ ﻧﺣﺎول أن ﻧﻧﺟﺢ وأن ﻧﻌﺑّر ﻋن ذواﺗﻧﺎ ،إﻻ أن ھﻧﺎك
ﺛﻘل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻧﻘوم ﺑﺣﻣﻠﮫ .ھذا اﻟﺛﻘل ھو اﻟﺧوف ﻣن ﺗﺟرﺑﺔ اﻷﻟم واﻟﻛرب ،واﻟﺣزن .ﻧﺣن ﻧﺷﻌر
ﻋﺎﻣﻼ ﻣؤﺛ ّ ًرا أﺳﺎﺳﯾﺎ
ً ﺑﮫ ﻛل ﯾوم أو أﻧﻧﺎ ﻧﻘوم ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻣن اﻟﺷﻌور ﺑﮫ .إن ھذا اﻟﺷﻲء ﯾُﻌﺗﺑر
ﻟدرﺟﺔ أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧدرك ﻣدى ﺳﯾطرﺗﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ واﻧﺗﺷﺎره.
ﻋﻧدﻣﺎ ﻗﺎل اﻟﺣﻛﯾم ﺑوذا أن اﻟﺣﯾﺎة ﻛﻠّﮭﺎ ﻋذاب ،ﻓﻘد ﻛﺎن ﯾﺷﯾر إﻟﻰ ھذه اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ .اﻟﻧﺎس ﻻ ﯾدرﻛون ﻛم
ﯾﺟرﺑوا أﺑدًا ﻛﯾف ھو اﻟﺣﺎل دون ﻣﻌﺎﻧﺎة .ﻟوﺿﻊ ھذا اﻷﻣر ﺗﺣت ﻣﻧظور واﺿﺢ، ﯾﻌﺎﻧون ﻷﻧﮭم ﻟم ّ
ي ﺷﺧص آﺧر ﺗﻌرﻓﮫ ﯾﺗﻣﺗّﻊ ﺑﺻﺣﺔ وﻋﺎﻓﯾﺔ .ﺗﺧﯾّل ﻟو ﺗﺧﯾّل ﻛﯾف ﺳﯾﻛون اﻟوﺿﻊ ﻟو ﻟم ﺗﻛن أﻧت أو أ ّ
ﺿﺎ ﺟﺎدّة وﺧطﯾرة ﺟدا ﻟدرﺟﺔ أﻧﮫ ﺑﺎﻟﻛﺎد ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻣﻌﮭﺎ أن ﯾﻐﺎدر أن ﻛل ﺷﺧص ﯾﺣﻣل داﺋﻣﺎ أﻣرا ً
ﺳرﯾره .وﺗﺧﯾّل اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ إﻧﺟﺎز أي ﺷﻲء إﻻ ﻗرب اﻟﺳرﯾر .ﻟو ﻛﺎن ھذا ھو اﻟوﺿﻊ اﻟﻣﻌﺗﺎد ،ﻓﻠن
ﯾﻌرف اﻟﻧﺎس ﻋﻧدﺋذ أن ھﻧﺎك وﺿﻌًﺎ آﺧر ﻣﺧﺗﻠﻔًﺎ .ﻋﻧدھﺎ ﺳﯾﺗﺣﺗّم ﻋﻠﯾﮭم اﺳﺗﻐﻼل طﺎﻗﺎﺗﮭم ﻓﻘط ﻟﺣﻣل
أﺟﺳﺎدھم وﺟرﺟرﺗﮭﺎ ،وﻟن ﺗﻛون ھﻧﺎك أﯾّﺔ ﻓﻛرة أو ﻓﮭم ﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺻ ّﺣﺔ واﻟﺣﯾوﯾّﺔ.
ذاك ﻣﺎ ﯾﺣدث ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻟﻠطﺎﻗﺎت اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟﻌﺎطﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷ ّﻛل روﺣك .إن ﺣﺳﺎﺳﯾّﺎﺗك اﻟداﺧﻠﯾّﺔ
ﻣﺳﺗﻣرة ﻣن ﺗﻠك اﻟﻧوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻠك ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺑطرﯾﻘﺔ أو ﺑﺄﺧرى. ّ ﺗﻌرﺿك ﻓﻲ ﻛل دﻗﯾﻘﺔ ﻟﻣواﻗف ّ
ﻓﺄﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﯾن ،إ ّﻣﺎ أﻧّك ﺗﺣﺎول إﯾﻘﺎف ھذه اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ،واﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ ﻣﺣﯾطك ﻟﺗﺟﻧّﺑﮭﺎ ،وإ ّﻣﺎ أﻧك ﻗﻠﻖ
اﻟﺗﻌرض ﻟﻠﻣﻌﺎﻧﺎة ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ .وھذه اﻷﻣور ﺳﺎﺋدة ﺟدا ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﻻ ﺗراھﺎ ،ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣﺛل اﻟﺳﻣﻛﺔ اﻟﺗﻲ ّ ﻣن
ﻻ ﺗرى اﻟﻣﺎء ﻣن ﺣوﻟﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻌﯾش ﻓﯾﮫ.
أﻧت ﺗﻼﺣظ أﻧك ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻓﻘط ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳوء اﻷﻣور أﻛﺛر ﻣن اﻟﻼزم .أﻧت ﺗﻌﺗرف أن ﻟدﯾك ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﺎ
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳوء ھذه اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟدرﺟﺔ أﻧﮭﺎ ﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ ﺳﻠوﻛك اﻟﯾوﻣﻲ .ﻟﻛن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھﻲ أن ﻟدﯾك
ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻣﺳﺗﻣرة ﺷﺎﺋﻛﺔ ﻣﻊ روﺣك ﺧﻼل ﺣﯾﺎﺗك اﻟﯾوﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ .وﻣن أﺟل أن ﺗرى ھذا ﺣﻘّﺎ ،ﻗُم
ﺑﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻋﻼﻗﺗك ﺑﻌﻘﻠك ﻣﻊ ﻋﻼﻗﺗك ﺑﺟﺳدك .ﻓﺗﺣت اﻟظروف اﻟﻌﺎدﯾﺔ واﻟﻣواﻗف اﻟﺻﺣﯾّﺔ ،أﻧت ﻻ
ﺗﻔ ّﻛر إطﻼﻗﺎ ﺑﺟﺳدك .أﻧت ﻓﻘط ﺗﻣﺎرس ﺣﯾﺎﺗك ﻣن ﻣﺷﻲ وﻗﯾﺎدة ﺳﯾﺎرة وﻋﻣل وﻟﻌب دون أن ﺗر ّﻛز
ﻋﻠﻰ ﺟﺳدك .أﻧت ﺗﻔ ّﻛر ﻓﻲ ﺟﺳدك ﻓﻘط ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ھﻧﺎك ﻣﺷﻛﻠﺔ .واﻟﻌﻛس ﺻﺣﯾﺢ ،ﻓﺄﻧت ﺗﻔ ّﻛر ﻓﻲ
ﺗﻌرﺿت ﻟﮭذا راﺣﺗك اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ طوال اﻟوﻗت .اﻟﻧﺎس ﯾﻔﻛرون ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻓﻲ أﻣور ﻣﺛل" ،ﻣﺎذا ﻟو ّ
ﻲ ﻗوﻟﮫ؟ ﻟﺳوف ﺗُﺛﺎر أﻋﺻﺎﺑﻲ إن ﻟم أﻛن ﻣﺳﺗﻌدّا ﻟذﻟك ".ھذه ھﻲ اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة. اﻟﻣوﻗف؟ ﻣﺎذا ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠ ّ
ّ
ھذا اﻟﺣدﯾث اﻟداﺧﻠﻲ اﻟﻣﻘﻠﻖ اﻟﻣﺗواﺻل ھو ﻧوع ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة" .ھل ﺣﻘﺎ ﻓﻲ اﺳﺗطﺎﻋﺗﻲ اﻟوﺛوق ﺑﮫ؟
ﻣرة أﺧرى ".ھذا ھو اﻷﻟم ﻣﺎذا ﻟو ﻓﺿﺣت ﻧﻔﺳﻲ وﺗم اﺳﺗﻐﻼﻟﻲ؟ ﻻ أرﯾد اﻟﺑﺗّﺔ أن ّ
أﻣر ﺑﮭذا اﻷﻣر ّ
اﻟﻧﺎﺟم ﻋن اﺳﺗﻣرار اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﻧﻔس طوال اﻟوﻗت.
ﻟﻣﺎذا ﯾﺗو ّﺟب ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ أﻧﻔﺳﻧﺎ طوال اﻟوﻗت؟ ﻟﻣﺎذا ﯾوﺟد ھﻧﺎك اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﺣوم
اﻟﻣرات اﻟﺗﻲ ﺗﻔﻛر ﻓﯾﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟك ،وﻓﻲ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺣول اﻷﻧﺎ ،وﻣﺎ ﻟﮭﺎ وﻣﺎ ﻋﻠﯾﮭﺎ؟ أﻧظر إﻟﻰ ﻋدد ّ
ﺗﺣﺑّﮭﺎ واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺣﺑّﮭﺎ ،وﻛﯾف ﺗﻘوم ﺑﺈﻋﺎدة ﺗرﺗﯾب أﻣور اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك ﻟﺗﻛون ﺳﻌﯾدا .أﻧت ﺗﻔ ّﻛر
ﺑﮭذه اﻟطرﯾﻘﺔ ﻷﻧك ﻟﺳت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ﻣن اﻟداﺧل ،وﻷﻧك ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﺗﺣﺎول أن ﺗﺟﻌل ﻧﻔﺳك ﻓﻲ ﺣﺎل
أﻓﺿل .وﻟو ﻟم ﯾﻛن ﺟﺳدك ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ﻟﻔﺗرة طوﯾﻠﺔ ،ﺳﺗﺟد ﻧﻔﺳك ﺗﻔﻛر ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻓﻲ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺣﻣﺎﯾﺗﮫ
وﺟﻌﻠﮫ ﯾﺷﻌر ﺑﺣﺎل أﻓﺿل .وھذا ھو ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟك ﻣﻊ ذاﺗك .اﻟﺳﺑب اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﺟﻌﻠك
ﺗﻔ ّﻛر ﻓﻲ راﺣﺗك اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻛﺛﯾرا ھو أن ﻧﻔﺳﯾّﺗك ﻟم ﺗﻛن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ﻟﻣدّة طوﯾﻠﺔ .ذاﺗك ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
ﺷﺔ ﺟدا .أي ﺷﻲء ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾزﻋﺟﮭﺎ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﺻﻐﯾرا. ھ ّ
ﻟوﺿﻊ ﺣ ّد ﻟﮭذه اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ،ﯾﺟب ﻋﻠﯾك أوﻻ أن ﺗدرك أن ذاﺗك ﻟﯾﺳت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام .ﺛم ﯾﺟب ﻋﻠﯾك أن
ﺗﻌﺗرف أن اﻷﻣر ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ھذه اﻟطرﯾﻘﺔ .ﺑل ﺑﺈﻣﻛﺎن ذاﺗك أن ﺗﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺻﺣﯾّﺔ
أﻓﺿل .إﻧﮫ ﻟﻧﻌﻣﺔ أن ﺗدرك أﻧﮫ ﻟﯾس ﻋﻠﯾك ﺗﺣﻣﯾل ﻧﻔﺳك ﻣﺷﻘّﺔ وﻋﻧﺎء ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟذات .وﻟﯾس ﻋﻠﯾك
اﻟﺗﻔﻛﯾر ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك ﻗوﻟﮫ أو ﻓﯾﻣﺎ ﯾظن ھذا اﻟﺷﺧص أو ذاك ﻋﻧك .ﻣﺎ ﻧوع ھذه اﻟﺣﯾﺎة
اﻟﺗﻲ ﺳﺗﻌﯾﺷﮭﺎ ﻟو ﻛﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﻠﻖ ﺑﺷﺄن ﻛل ھذه اﻷﻣور وﺑﺷﻛل داﺋم؟ اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ھﻲ ﻓﻲ
ﺣد ذاﺗﮭﺎ دﻟﯾل ﻋﻠﻰ ﻋدم ﺻﺣﺔ اﻟﻧﻔس .اﻷﻣر ﯾﺷﺑﮫ اﻟﺟﺳد ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﺈرﺳﺎل ﻧوع ﻣن اﻷﻟم أو ﯾُﺑرز
ﺟﺎﻧﺑّﺎ ﻣن اﻷﻋراض اﻟﻣرﺿﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﯾﻛون ﻓﻲ ﺻﺣﺔ ﺗﺎﻣﺔ .اﻷﻟم اﻟﺟﺳدي ﻟﯾس ﺑﺷﻲء ﺳﯾّﺊ ،ﺑل
ھو طرﯾﻘﺔ ﯾﺗﺣدّث ﺑﮭﺎ اﻟﺟﺳد إﻟﯾك .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺄﻛل أﻛﺛر ﻣ ّﻣﺎ ﯾﺟب ،ﺗﺻﺎب اﻟﻣﻌدة ﺑﺎﻟﺗﺧﻣﺔ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم
ﺑوﺿﻊ ﻣﺟﮭود إﺿﺎﻓﻲ ﻋﻠﻰ ذراﻋك ،ﯾﺑدأ ذراﻋك ﯾؤﻟﻣك .اﻟﺟﺳم ﯾﺗواﺻل ﻣﻌﻧﺎ ﻋﺑر اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻛوﻧﯾّﺔ
ﺻﺔ ﺑﮫ وھﻲ اﻷﻟم .واﻟذات ﺗﺗواﺻل ﻣﻌﻧﺎ أﯾﺿﺎ ﻋﺑر اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻛوﻧﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﺎ وھﻲ اﻟﺧوف .إن اﻟﺧﺎ ّ
اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻟﻐﯾرة وﻋدم اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻷﻣﺎن واﻟﻘﻠﻖ… ھذه ﻛﻠﮭﺎ أﻋراض ﻟﻠﺧوف.
ي ﺣﯾوان ،ﺳﯾﺻﺑﺢ ﺧﺎﺋﻔﺎ .ھذا ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻣﺎ ﺣدث ﻟذاﺗك .أﻧت أﺳﺄت اﻟﺗﻌﺎﻣل إذا ﻣﺎ ﻗﻣت ﺑﺎﻹﺳﺎءة إﻟﻰ أ ّ
ﻣﻌﮭﺎ ﺑﺗﺣﻣﯾﻠﮭﺎ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻏﺎﻣﺿﺔ .ﻓﻘط ﺗوﻗّف ﻟﻠﺣظﺔ واﻧظر إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻛﻠّف أﻧت ﻋﻘﻠك ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﮫ .إﻧك
ﻲ ﺑﻣﺎ ﯾُﺳﻲء .أرﯾد أن ﯾﻛون ﺗﻘول ﻟﻌﻘﻠك" ،أرﯾد أن ﯾﺣﺑّﻧﻲ اﻟﺟﻣﯾﻊ .ﻻ أرﯾد أي ﺷﺧص أن ﯾﺗﺣدث إﻟ ّ
ﻛل ﺷﻲء أﺗﻔوه ﺑﮫ وأﻋﻣﻠﮫ ﻣﻘﺑوﻻ وﻣﺳﻠّﯾًﺎ ﻟﻛل ﺷﺧص .ﻻ أرﯾد أي ﺷﺧص أن ﯾؤذﯾﻧﻲ .ﻻ أرﯾد أي
ﺷﻲء ﻻ أﺣﺑّﮫ أن ﯾﺣدث ﻟﻲ .وأرﯾد ﻛل ﺷﻲء أﺣﺑّﮫ أن ﯾﺣدث ﻟﻲ ".ﺛم ﺗﻘول ﺑﻌد ذﻟك" ،اﻵن ،اﺳﻣﻊ ﯾﺎ
ﻋﻘﻠﻲ ،اﺑﺣث ﻋن ﻛﯾﻔﯾّ ٍﺔ أﺟﻌ ُل ﺑﮭﺎ ﻛل ﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ أرﯾدھﺎ واﻗﻌًﺎ ﻣﺗﺣﻘّﻘًﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻟو اﺿطررت
ﻷن ﺗﻌﻣل ﻟﯾل ﻧﮭﺎر ".ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ أن ﻋﻘﻠك ﺳﯾﻘول ﻟك" ،ﺳﺄﻗوم ﺑﮭذا اﻟﻌﻣل .ﺳﺄﻋﻣل ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾﻘﮫ
ﺑﺎﺳﺗﻣرار".
إن ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠك أن ﯾﺟﻌل ﻛل ﺗﺗﺻور أن أﺣدًا ﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ إﻧﺟﺎز ﻋﻣل ﻛل ذاك؟ ّ
ّ ھل ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن
ّ
ﺷﻲء ﺗﻘوﻟﮫ ﺻﺣﯾ ًﺣﺎ ،وﺑطرﯾﻘﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ ،وﯾؤﺛر ﺑﺷﻛل ﺻﺣﯾﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﺟودﯾن .ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﺗﺄﻛد ﻣن
أن ﻛل ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﻌﻣﻠﮫ ﯾﺗ ّم ﺗﻔﺳﯾره واﻟﻧظر إﻟﯾﮫ ﺑﺷﻛل ﺻﺣﯾﺢ ،وﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﺿﻣن أن ﻻ أﺣد اﻟﺑﺗّﺔ
ﯾﺟرﺣك .ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾؤ ّﻣن ﻟك ﻛل ﻣﺎ ﺗرﯾده ،وﯾُﺑﻌد ﻋﻧك ﻛل ﻣﺎﻻ ﺗرﻏب ﻓﯾﮫ .ﯾﻘوم اﻟﻌﻘل ﺑﺎﺳﺗﻣرار
ﺑﺈﺳداء اﻟﻧﺻﺎﺋﺢ إﻟﯾك ﺣول ﻛﯾﻔﯾﺔ إﺑﻘﺎء ﻛل ھذه اﻷﻣور ﻛﻣﺎ ﺗﺷﺎء .ﻟذﻟك ﯾﻛون اﻟﻌﻘل ﻧﺷﯾطﺎ ﺟدا ،إﻧك
ﺗﻛﻠّﻔﮫ ﺑﻣﮭ ّﻣﺔ ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ ﻟﯾﻘوم ﺑﮭﺎ .اﻷﻣر ھﻧﺎ ﯾﺷﺑﮫ ﺗوﻗﻌﺎﺗك ﺑﺄن ﯾﻘوم ﺟﺳدك ﺑﺣﻣل اﻷﺷﺟﺎر وﺗﺳﻠّﻖ
اﻟﺟﺑﺎل ﺑﻘﻔزة واﺣدة .إن ﺟﺳدك ﺳﯾﺻﺎب ﺑﺎﻷﻣراض ﻟو أﻧك ﺣ ّﻣﻠﺗﮫ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻣل أﺷﯾﺎء ﻻ ﯾﻘوى
ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﮭﺎ .ھذا ھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟذات ﺗﻧﮭﺎر .ﻓﻌﻼﻣﺔ اﻧﮭﯾﺎر اﻟﺟﺳد ھو اﻷﻟم واﻟﺿﻌف .وﻋﻼﻣﺔ اﻧﮭﯾﺎر
ﻲ اﻟﻣﺗواﺻل.
اﻟذات ھو اﻟﺧوف اﻟﻛﺎﻣن واﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻌﺻﺑ ّ
ﯾﺟب ﻋﻠﯾك ﻋﻧد َﺣ ّد ﻣﻌﯾّن أن ﺗﺳﺗﯾﻘظ وﺗﻌﺗرف ﺑﺄن ﻟدﯾك ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟداﺧل .ﻓﻘط راﻗب وﺳﺗﺟد أن
ﻋﻘﻠك ﯾﻘول ﻟك وﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻣﺎ اﻟذي ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك ﻋﻣﻠﮫ .ﯾﻘول ﻟك أن ﺗذھب ھﻧﺎ ،وﻻ ﺗذھب ھﻧﺎك ،أن
ﺗﻘول ھذا ،وﻻ ﺗﻘول ذاك .ﯾﻘول ﻟك ﻣﺎ اﻟذي ﺗﻠﺑﺳﮫ وﻣﺎ اﻟذي ﻻ ﺗﻠﺑﺳﮫ .ﻻ ﯾﺗوﻗف إطﻼﻗﺎ .أﻟم ﯾﻛن ھذا
ھو اﻟﺣﺎل ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﻧت ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺛﺎﻧوﯾﺔ؟ أﻟم ﯾﻛن ھذا ھو اﻟوﺿﻊ ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﻧت ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ
إن ھذا اﻟﺗﺻرف ﻣن اﻟﻘﻠﻖ اﻟداﺋم ﻋﻠﻰ اﻻﺑﺗداﺋﯾﺔ واﻹﻋدادﯾﺔ؟ أﻟﯾس ھذا ھو اﻟوﺿﻊ ﻋﻠﻰ اﻟدوام؟ ّ
اﻟﻧﻔس ﻟﮭو ﻧوع ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة .ﻟﻛن ﻛﯾف ﺗﺳﺗطﯾﻊ إﺻﻼح ھذا اﻷﻣر؟ ﻛﯾف ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗوﻗف ھذا
اﻟﺷﻲء ﻋن اﻻﺳﺗﻣرار؟
إن ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻧﺎس ﺗﺣﺎول ﻋﻼج ھذا اﻷﻣر ﻋن طرﯾﻖ أن ﺗﻛون اﻷﻓﺿل داﺋﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺧﺎرﺟﯾّﺔ ّ
ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﺎدت أن ﺗﻠﻌﺑﮭﺎ .ﻟو أﺧذﻧﺎ ﻟﻘطﺔ ﻣن ﻣﺷﺎﻛﻠﻧﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،ﻟوﺟدﻧﺎ أن ﻛل ﺷﺧص ﻣن
ﯾؤرق ھؤﻻء ّ اﻷﺷﺧﺎص ﻟدﯾﮫ ﻣﺎ ﺳﻧُطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮫ "ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﯾوم" .وھذه اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗﻌﺗﺑر أﻛﺛر ﻣﺎ
اﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ ﻛ ّل ﻟﺣظﺔ .وﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗزﻋﺟﮭم ھذه اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ،ﺗظﮭر ﺑﺷﻛل ﻣﻔﺎﺟﺊ ﻣﺷﻛﻠﺔ
أﺧرى ﻏﯾرھﺎ ،وﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗزﻋﺟﮭم ھذه اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺟدﯾدة ﺗظﮭر ﻓﺟﺄة ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻏﯾرھﺎ ،وھﻛذا دواﻟﯾك.
ھﻛذا ﺗﻌﻣل أﻓﻛﺎرك .ﺗﻘوم أﻓﻛﺎرك ﺑﺎﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗزﻋﺟك ﻓﻲ ھذا اﻟﯾوم .ﺗﺣوم أﻓﻛﺎرك
ﺣول اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ،ﻟﻣﺎذا ﺗزﻋﺟك ھذه اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ،ﻣﺎ اﻟذي ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻋﻣﻠﮫ ﺣﯾﺎﻟﮭﺎ .إذا ﻟم ﺗﻔﻌل ﺷﯾﺋﺎ ﺑﺻددھﺎ،
ﺳﯾﺳﺗﻣر وﺟودھﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك إﻟﻰ اﻷﺑد.
ﺳﺗرى أن ﻋﻘﻠك ﯾﻘول ﻟك وﻋﻠﻰ اﻟدوام أﻧﮫ ﻋﻠﯾك ﺗﻐﯾﯾر ﺷﻲء ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﻟﻛﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺣل
ﻣﺷﺎﻛﻠك ﻓﻲ اﻟداﺧل .ﻟﻛن ﻟو ﻛﻧت ﺣﻛﯾ ًﻣﺎ ﻓﻠن ﺗﻠﻌب ﻣﻌﮫ ھذه اﻟﻠﻌﺑﺔ .ﺳﺗُدرك أن اﻟﻧﺻﯾﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳدي
ﺿﺎرة .إن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﻓﻲ ﻋﻘﻠك ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻻﻧزﻋﺎج ﺑﺳﺑب ّ ﺑﮭﺎ ﻋﻘﻠك إﻟﯾك ھﻲ ﻧﻔﺳﯾﺎ ﻧﺻﯾﺣﺔ
ﻣﺧﺎوﻓﮭﺎ .ﻣن ﺑﯾن ﻛل اﻟﻧﺻﺎﺋﺢ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ،أﻧت ﻻ ﺗرﯾد أن ﺗﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ ﻧﺻﺎﺋﺢ اﻟﻌﻘل
اﻟﻣﺿطرب .ﻋﻘﻠك ﯾﻘوم ﺑﺗﺿﻠﯾﻠك ،ﻛﺄن ﯾﻘول ﻟك " ،ﻟو اﺳﺗطﻌت ﻓﻘط أن أﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﺗرﻗﯾﺔ،
ﺳﺄﻛون ﻓﻲ أﺣﺳن ﺣﺎل .ﺳﺄﺷﻌر ﺷﻌورا طﯾّﺑﺎ ﺗﺟﺎه ﻧﻔﺳﻲ ،ﺳﺄﺳﺗﻌﯾد ﺣﯾﺎﺗﻲ ﻣن ﺟدﯾد ".ھل وﺟدت أن
ذﻟك أﻣر ﺻﺣﯾﺢ؟ ﻓﺑﻌد أن ﺣظﯾت ﺑﺎﻟﺗرﻗﯾﺔ ،ھل وﺿﻊ ھذا ﺣدا ﻻﻧﻌدام اﻷﻣﺎن
ﺑﻘﯾت راﺿﯾًﺎ ﻋن وﺿﻌك اﻟﻣﺎدي ﻟﺑﻘﯾﺔ ﺣﯾﺎﺗك ﺑﻌد ھذه اﻟﺗرﻗﯾﺔ؟ ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻻ .ﻛل َ اﻟذي ﺗﺷﻌر ﺑﮫ؟ ھل
ﺳطﺢ.ﻣﺎ ﺣدث ھو أن ﻣﺷﻛﻠﺔ أﺧرى ﺑرزت إﻟﻰ اﻟ ّ
وﺑﻣﺟرد أن ﺗﻼﺣظ ذﻟك ،ﺳﺗدرك أن ﻋﻘﻠك ﯾﺣﻣل ﻣﺷﻛﻠﺔ داﺧﻠﯾّﺔ ﺧطﯾرة .وﻛل اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﮫ ھو ّ إﻧّك
ﺧﻠﻖ ﻣواﻗف ﺧﺎرﺟﯾّﺔ ﻗد ﺗﺟﻌل اﻷﺷﯾﺎء ﺗﺑدو ﻣرﯾﺣﺔ أﻛﺛر .ﻟﻛن اﻟﻣواﻗف اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﯾﺳت ھﻲ ﻓﻲ
ﻣﺟرد ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺣ ّل اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ .ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻟو ﻛﻧت ﺗﺷﻌر ّ اﻷﺳﺎس ﺳﺑب اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ .إﻧﮭﺎ
ﺑﺎﻟوﺣدة واﻟﻌﺟز داﺧل ﻗﻠﺑك ،ﻓﮭذا ﻟﯾس ﺑﺳﺑب أﻧك ﺗﻔﺗﻘد ﻋﻼﻗﺔ ﺣﻣﯾﻣﺔ .ھذا اﻟﺷﻲء ﻻ ﯾﺳﺑب ھذه
ﻣﺟرد ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺣ ّل اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ .ﻛل ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ھو ﻣﺣﺎوﻟﺔّ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ .إن ﺳﻌﯾك ﻟﻣﺛل ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ ھو
ﻣﻧك ﻛﻲ ﺗرى ﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺣﻣﯾﻣﺔ ﺳﺗﻘوم ﺑﺗﮭدﺋﺔ اﻻﺿطراب اﻟداﺧﻠﻲ اﻟذي ﺗﺷﻌر ﺑﮫ أم
ﻻ .ﻓﺈذا ﻓﺷﻠَت ﻓﻲ ذﻟك ،ﺳﺗﻘوم أﻧت ﺑﺗﺟرﺑﺔ ﺷﻲء آﺧر.
ي ﺷﻛل ﻣن اﻷﺷﻛﺎل ،اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ؛ ﻷن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ أن اﻟﺗﻐﯾﯾرات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟن ﺗﺣ ّل ،ﺑﺄ ّ
ھذه اﻟﺗﻐﯾﯾرات ﻻ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﺟذور اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ .إن ﺟذر اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﯾﻌود إﻟﻰ أﻧك ﻻ ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﻛﻣﺎل ﻣﻊ ﻧﻔﺳك.
ﺗﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺟذور اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟدﯾك ﺑﺷﻛل ﺻﺣﯾﺢ ،ﺳﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن ﺷﺧص آﺧر أو ّ إذا ﻟم
ﺷﻲء آﺧر ﻹﺧﻔﺎﺋﮭﺎ .ﺳﺗﺧﺗﺑﺊ وراء أﻣور أﺧرى ﻛﺎﻟﻣﺎدﯾّﺎت ،واﻟﻧﺎس ،واﻟﺷﮭرة ،واﻟﻣﺟد .وﻟو ﻗﻣت
ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺷﺧص اﻟﻛﺎﻣل اﻟذي ﺗرﯾده أن ﯾﺣﺑّك وﯾﻌﺷﻘك ،وﺣﺻل وأن ﻧﺟﺣت ﻓﻲ ذﻟك،
ﺗﻛون ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻗد ﻓﺷﻠت وﻟم ﺗﻧﺟﺢ .ﻷﻧك ﻟم ﺗﺣل ﻣﺷﻛﻠﺗك اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ .ﻛل ﻣﺎ ﻗﻣت ﺑﻌﻣﻠﮫ ھو أﻧّك
ورطت إﻧﺳﺎﻧًﺎ آﺧر ﻓﻲ ﻣﺷﻛﻠﺗك .ﻟذﻟك ﯾﻌﺎﻧﻲ اﻟﻧﺎس ﻣن ﻣﺷﺎﻛل ﺟ ّﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﮭم .ﯾﺑدأ اﻟﻣوﺿوع ّ
ّ
ﺑﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ داﺧﻠك ،وﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺣﻠﮭﺎ ﺑﺗورﯾط ﺷﺧص آﺧر ﻣﻌك .ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ دﺧﻠت ﻓﯾﮭﺎ
ﺳﺗواﺟﮫ اﻵن ﻣﺷﺎﻛل أﺧرى ﻷن ﻣﺷﺎﻛﻠك ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑّﺑت ﻓﻲ وﺟود ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ أﺻﻼ .ﻣن اﻟﺳﮭل
وﺗﺟرأت ﻋﻠﻰ رؤﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﺗﺎ ّﻣﺔ.
ّ ﺟدا أن ﺗﻔﮭم ھذا اﻷﻣر ﻟو أﻧك ﺗراﺟﻌت ﻟﻠﺧﻠف
اﻵن وﻗد رأﯾﻧﺎ ﺻورة اﻟﻔﺷل ،دﻋﻧﺎ ﻧرى اﻟﻧﺟﺎح .اﻟﻧﺟﺎح ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠّﻖ ﺑذاﺗك ﻣﻣﺎﺛل ﻟﻠﻧﺟﺎح اﻟﻣﺗﻌﻠّﻖ
ﻣرة ﺛﺎﻧﯾﺔ .اﻟﺟﺳد اﻟطﺑﯾﻌﻲ واﻟﺳﻠﯾم ھو ذﻟك اﻟﺟﺳد اﻟذي ﺑﺟﺳدك .اﻟﻧﺟﺎح ﯾﻌﻧﻲ أن ﻻ ﺗﻔﻛر ﻓﻲ ذاﺗك ّ
ﺗﺿطر إﻟﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾرّ ﯾﻘوم ﺑﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﻘوم ﺑﮫ ﺑﯾﻧﻣﺎ أﻧت ﺗﻣﺎرس ﺣﯾﺎﺗك ﺑﺷﻛل ﻛﺎﻣل دون أن
ﻣﺿطرا ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ﺣﺗﻰ ﺗﻛون ﻋﻠﻰ ّ ﺑﮫ ﻣطﻠﻘﺎ .وﺑﮭذه اﻟطرﯾﻘﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ أﻧت ﻟﺳت
ﺗﻛرس ﺣﯾﺎﺗك ﻣن أﺟل اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻛل ﻣﺎ ﯾرام .وﻛﻲ ﻻ ﺗﻛون ﺧﺎﺋﻔًﺎ ،وﺗﻐدو ﻣﺣﺑوﺑًﺎ .ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك أن ّ
ذﻟك.
ﺗﺧﯾّل ﻛم ﺳﺗﺻﺑﺢ اﻟﺣﯾﺎة ﻣرﺣﺔ ﻟو ﻟم ﺗﻛن ﺗﻠك اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻌﺻﺎﺑﯾّﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺗﺟري ﻓﻲ داﺧﻠك.
ﺗﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس ﺑدﻻ ﻣن ّ ﺳﯾﻛون ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺗك اﻟﺗﻣﺗّﻊ ﺑﺎﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺷﯾﺎء ،وﺳﯾﻛون ﺑﻣﻘدورك أن
أن ﺗﺣﺗﺎج إﻟﯾﮭم .ﺳﯾﻛون ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﺧﺗﺑر ﺣﯾﺎﺗك وﺗﻌﯾﺷﮭﺎ ،ﺑدﻻ ﻣن اﺳﺗﻐﻼل اﻟﺣﯾﺎة ﻟﺗﺻﺣﯾﺢ
وﺣ ّل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺳﯾر ﺑﺷﻛل ﺧﺎطﺊ ﻓﻲ داﺧﻠك .ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟوﺻول إﻟﻰ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ .اﻷﻣر
ﻟﯾس ﻣﺗﺄ ّﺧرا أﺑدا.
ﻋﻼﻗﺗك اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﻣﻊ ذاﺗك ﺗﺑدو ﻛﺣﺎﻟﺔ اﻹدﻣﺎن .ھﻲ ﺗﻘوم ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﺑﻔرض ﻣﺗطﻠّﺑﺎﺗﮭﺎ ﻋﻠﯾك ،وﯾﻧﺑﻐﻲ
ﺣرا ﻣن ﻛل ھذا، ﺗﻛرس ﺣﯾﺎﺗك ﻟﺧدﻣﺔ ھذه اﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت .إن أردت أن ﺗﻛون ّ ﻋﻠﯾك ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل أن ّ
ي ﺣﺎﻟﺔ إدﻣﺎن .ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﻓﻌﻠﯾك أن ﺗﺗﻌﻠّم اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ ﺗﻌﺎﻣﻠك ﻣﻊ أ ّ
ﯾﺗﻌﺎطون اﻟﻣﺧدرات ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭم اﻟﺗوﻗّف ﻋن اﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ ﻋن طرﯾﻖ اﻻﻧﺳﺣﺎب وﻋدم اﻟﻌودة إﻟﯾﮭﺎ
ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ .رﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﻛون اﻷﻣر ﺳﮭﻼ ،ﻟﻛن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭم اﻟﻧﺟﺎح ﻓﯾﮫ .اﻷﻣر ﻧﻔﺳﮫ ﯾﻧطﺑﻖ ﻋﻠﻰ إدﻣﺎن اﻟذات.
أﻧت ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ وﻗف ﺳﺧﺎﻓﺔ اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟداﺋﻣﺔ ﻟذاﺗك .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺿﻊ ﺣدا ﻟﮭذا اﻷﻣر.
ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺻﺣو ﺻﺑﺎ ًﺣﺎ ،وأن ﺗﻧظر ﺑﺷوق إﻟﻰ ﯾوﻣك دوﻧﻣﺎ اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﻠﻖ ﻣ ّﻣﺎ ﺳﯾﺣدث ﻓﻲ
ذﻟك اﻟﯾوم .ﺑﺈﻣﻛﺎن ﺣﯾﺎﺗك اﻟﯾوﻣﯾﺔ أن ﺗﻛون ﻣﺛل ﻗﺿﺎء ﻋطﻠﺔ .اﻟﻌﻣل ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾﻛون ﻣﺳﻠّﯾﺎ ،ﻛذﻟك
اﻷﺳرة ،أﻧت ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻻﺳﺗﻣﺗﺎع ﺑﻣﺎ ﻟدﯾك .ھذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أﻧك ﻻ ﺗﺑذل أﻗﺻﻰ ﻣﺟﮭودك ،ﺑل
اﺑذل أﻗﺻﻰ ﻣﺟﮭود ﺗﺳﺗطﯾﻊ ،ﻟﻛن ﺑﻣﺗﻌﺔ .ﺑﻌدھﺎ ،وأﺛﻧﺎء اﻟﻠﯾل وﻋﻧد ذھﺎﺑك ﻟﻠﻧوم ،دع ﻛل اﻷﺷﯾﺎء
ﺗﻌﺑر ﺑﺳﮭوﻟﺔ ﻣن ﺧﻼﻟك .ﻓﻘط ﻋش ﺣﯾﺎﺗك دوﻧﻣﺎ ﺗوﺗّر أو ﻗﻠﻖ ﻋﻠﯾﮭﺎ .وﺑذﻟك ﺳﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗك ﺑدﻻ ﻣن
اﻻﻧﻐﻣﺎس ﻓﻲ اﻟﺧوف ﺑﺳﺑب ﺻراﻋك ﻣﻌﮭﺎ.
ﺣرا ﻣن ﻣﺧﺎوف اﻟذات .ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﻌرف ﻛﯾف ﺗﻘوم ﺑذﻟك. ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ّ
ّ
دﻋﻧﺎ ﻧﺄﺧذ ﻋﺎدة اﻟﺗدﺧﯾن ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻓﻠﯾس ﻣن اﻟﺻﻌوﺑﺔ ﺑﻣﻛﺎن أن ﺗﻔﮭم ﻛﯾف ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك اﻟﺗوﻗف
ﻋن اﻟﺗدﺧﯾن .اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻟﻔﻌل ذﻟك ھو" ،اﻟﺗوﻗّف!" ﻻ ﯾﮭ ّم ﻣﺎ اﻟﻠﺻﻘﺎت اﻟطﺑﯾّﺔ اﻟﻣﺳﺎ ِﻋدة اﻟﺗﻲ
ﻋﻠﯾك اﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ ،ﻓﺑﻌد ﻛل ﺷﻲء ﻋﻠﯾك ﺑﺑﺳﺎطﺔ أن ﺗﺗوﻗف .إن اﻟطرﯾﻘﺔ ﻟﻺﻗﻼع ﻋن اﻟﺗدﺧﯾن ھﻲ ﻓﻲ
ﻣﺟرد ﺗﻘﻧﯾﺎت
ّ أن ﺗﺗوﻗف ﻋن وﺿﻊ اﻟﺳﯾﺟﺎرة ﻓﻲ ﻓﻣك .ﻛل اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﮭﺎ ھﻲ
ﺗظن أﻧﮭﺎ ﺳﺗﺳﺎﻋدك .ﻟﻛن ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘول ھﻲ ﺿرورة أن ﺗﺗوﻗف ﻋن وﺿﻊ اﻟﺳﯾﺟﺎرة ﻓﻲ ﻓﻣك .ﻟو ّ
ﻗﻣت ﺑذﻟك ،ﻓﮭﻲ ﺿﻣﺎن ﻟك ﺑﺄﻧك ﺳﺗﺗوﻗف ﻋن اﻟﺗدﺧﯾن.
ّ
ﻋﻠﯾك ان ﺗﺳﺗﺧدم ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻹﻗﻼع ﻋن اﻟﺗدﺧﯾن ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻣن أﺟل أن ﺗﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﻔوﺿﻰ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ
أن وظﯾﻔﺗﮫ ھﻲ أن ﯾﻌﺎﻟﺞ ﻣﺷﺎﻛﻠك اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ .ھذه ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ .ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗوﻗف ﻋن اﻟﻘول ﻟﻌﻘﻠك ّ
ﺣطﻣت اﻟﻌﻘل وأزﻋﺟت اﻟذات ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ھذه اﻟوظﯾﻔﺔ ﺧﻠﻘت اﻟﺧوف ،واﻟﻘﻠﻖ ،واﻟﻌﺻﺎب. اﻟوظﯾﻔﺔ ﻗد ّ
إن ﻟﻌﻘﻠك ﺳﯾطرة ﻣﺣدودة ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻌﺎﻟم .ﻓﻼ ھو ﻋﺎ ِﻟم ﺑﻛل ﺷﻲء وﻻ ھو ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء .ھو
ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻣﺛﻼ اﻟﺗﺣ ّﻛم ﻓﻲ اﻷﺣوال اﻟﺟوﯾّﺔ واﻟﻘوى اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ .وﻻ ھو ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣ ّﻛم ﺑﻛل اﻟﺑﺷر
واﻷﻣﺎﻛن واﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑك .إﻧﻧﺎ ﻧﻘوم ﺑﺈﺳﻧﺎد ﻣﮭﻣﺔ ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ ﻟﻠﻌﻘل ﺑﺳؤاﻟﮫ ﺑﺄن ﯾﺳﺗﺧدم
اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ ﻣن أﺟل أن ﯾﺣل ﻟﻧﺎ ﻣﺷﺎﻛﻠﻧﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ .إن أردت أن ﺗﺣظﻰ ﺑوﺟود ﺻﺣﻲ وﺣﺎﻟﺔ ﺻﺣﯾﺔ،
ﺗوﻗف ﻋن ﺳؤال ﻋﻘﻠك أن ﯾُﺻﻠﺢ ﻟك ھذه اﻷﻣور .ﻓﻘط أﻋﺗﻖ ﻋﻘﻠك ﻣن وظﯾﻔﺔ أن ﯾﺿﻣن ﻟك أن ﻛل
ﺷﺧص وﻛل ﺷﻲء ﺳﯾﻛون ﻛﻣﺎ ﺗرﯾده أن ﯾﻛون ﻣن أﺟل أن ﺗﺷﻌر ﺑﺄﻧك أﻓﺿل ﻣن اﻟداﺧل .ﻋﻘﻠك
ﻟﯾﺳت ﻟدﯾﮫ اﻟﻛﻔﺎءة ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑذﻟك .ﻗم ﺑﺗﺳرﯾﺣﮫ ﻟﯾﻛون ﺣرا ،وﺗﺧﻠص أﻧت ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻣن ﻣﺷﺎﻛﻠك
اﻟداﺧﻠﯾﺔ.
ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺑﻧﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﯾﻧك وﺑﯾن ﻋﻘﻠك .ﻛﻠﻣﺎ ﺑدأ ﻋﻘﻠك ﯾﻣﻠﻲ ﻋﻠﯾك ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك ﻋﻣﻠﮫ
وﻣﺎ ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك ﻋﻣﻠﮫ ﻣن أﺟل أن ﯾﺗﻧﺎﺳب اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك ﻣﻊ ﻣﻔﺎھﯾﻣك اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ ،ﻻ
ﺗﺳﺗﻣﻊ إﻟﯾﮫ .اﻷﻣر ﯾﺷﺑﮫ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺣﺎول اﻟﺗوﻗف ﻋن اﻟﺗدﺧﯾن .ﻓﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ ﻟك
ﻋﻘﻠك ،ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﺗوﻗف ﻋن اﻟﺗﻘﺎط اﻟﺳﯾﺟﺎرة ودﺳﮭﺎ ﻓﻲ ﻓﻣك .وﻻ ﯾﮭم ﻣﺎ إن ﻛﺎن ھذا ﻓﻘط ﺑﻌد
ﺗﻧﺎوﻟك وﺟﺑﺔ اﻟﻌﺷﺎء أم ﻗﺑل ذﻟك .وﻻ ﯾﮭم ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﻗﻠﻘًﺎ وﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﺳﯾﺟﺎرة أم ﻻ .ﻻ ﯾﮭم أﯾّﺎ
ﻛﺎﻧت اﻷﺳﺑﺎب ،اﻟﻣﮭم ھو أن ﻻ ﺗﻣﺗد ﯾدك إﻟﻰ اﻟﺳﯾﺟﺎرة ﺑﻌد اﻵن .ﻛذﻟك ھو اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ
ﻋﻘﻠك ،ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺑدأ ﻓﻲ ﺳرد ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ﻣن أﺟل أن ﺗﻛون ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ﻣن اﻟداﺧل ،ﻻ
ﺗﻠﺑّﻲ ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ ﻟك .اﻟﺧﻼﺻﺔ ھﻲ أن ﻛل ﺷﻲء ﺳﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ﻓﻲ ﺣﺎل ﻛﻧت أﻧت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام.
وھذا ھو اﻟوﻗت اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﺳﯾﻛون ﻓﯾﮫ ﻛل ﺷﻲء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام.
ﻛل ﻣﺎ ﻋﻠﯾك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ھو أن ﺗوﻗف ﺗوﻗﻌﺎﺗك ﺑﺷﺄن أن اﻟﻌﻘل ﺳﯾﺻﻠﺢ ﻛل اﻷﺧطﺎء اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد داﺧﻠك.
ھذا ھو ﺟوھر ﻛل ﺷﻲء ،ھذا ھو ﺟذر اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑرﻣﺗﮭﺎ .ﻋﻘﻠك ﻟﯾس ھو اﻟﺟزء اﻟﻣذﻧب .ﻋﻘﻠك ،ﻓﻲ
اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﺑريء .اﻟﻌﻘل ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻛﻣﺑﯾوﺗر ،أي وﺳﯾﻠﺔ .ﯾﻣﻛن اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻘل ﻓﻲ إﺑداء أﻓﻛﺎر
ﻋظﯾﻣﺔ ،وﻓﻲ ﺣل اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،وﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ .ﻟﻛﻧك وأﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗك اﻟﺿﺎﺋﻌﺔ ،ﻗﻠت ﻟﮫ أن
ﯾﺳﺗﻐرق ﺟ ّل وﻗﺗﮫ ﻓﻲ اﺳﺗﺣﺿﺎر اﻟﺣﻠول اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﺣل ﻣﺷﺎﻛﻠك اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ .أﻧت اﻟذي ﻗﻣت
ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻌﻘل اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳك ﻣن اﻟﺗﻔﺗﺢ اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻷﺣداث اﻟﺣﯾﺎة.
ﺑﻣراﻗﺑﺔ ﻋﻘﻠك ،ﺳﺗﻼﺣظ أﻧﮫ ﻣﻧﻐﻣس ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺟﻌل اﻷﻣور ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام .ﺗذ ّﻛر ﺑوﻋﻲ ٍ ﻛﺎﻣل أن
اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺟﻌل اﻷﻣور ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ﻟﯾس ﺑﺎﻟﺷﻲء اﻟذي ﺗرﯾده .ﻗم ﺑﻔك ارﺗﺑﺎطك ﻋن
ﻋﻘﻠك ﺑﻠطف .ﻻ ﺗﺣﺎرﺑﮫ .ﻻ ﺗﺣﺎرب ﻋﻘﻠك إطﻼﻗﺎ .ﻷﻧك ﻟن ﺗﻔوز أﺑدا .ﻓﮭو إﻣﺎ ﺳﯾﮭزﻣك اﻵن ،أو
أﻧك ﺳﺗﻛﺑﺢ ﺟﻣﺎﺣﮫ ﻟﺑﻌض اﻟوﻗت ،ﻓﮭو ﺳﯾﻌﺎود ھزﯾﻣﺗﮫ ﻟك ﻻﺣﻘﺎ .وﺑدﻻ ﻣن ﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﻌﻘل ،ﻓﻘط ﻻ
ﺗﺗﻌﺎون ﻣﻌﮫ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺟد أن ﻋﻘﻠك ﯾﺗﺣدث إﻟﯾك ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ إﺻﻼح اﻟﻌﺎﻟم واﻟﺟﻣﯾﻊ ﻣن أﺟل أن ﯾﺗﻧﺎﺳب
ذﻟك ﻣﻌك ،ﻓﻘط ﻻ ﺗﺳﺗﻣﻊ إﻟﯾﮫ.
اﻟﺣل ھو أن ﺗﺑﻘﻰ ھﺎدﺋﺎ .ھذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أن ﻋﻘﻠك ﯾﺟب أن ﯾﻛون ھﺎدﺋﺎ .أﻧت ﻛن ھﺎدﺋﺎ .أﻧت ،اﻟﻣوﺟود
ﻓﻲ اﻟداﺧل وﺗراﻗب ھذا اﻟﻌﻘل اﻟﻌﺻﺑﻲ ،ﻛن ھﺎدﺋﺎ ﻓﻘط .ﺳﺗﺟد ﻧﻔﺳك ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺗﺗراﺟﻊ ﺧﻠف اﻟﻌﻘل
وﺗﺻﺑﺢ ﻣراﻗﺑﺎ ﻟﮫ ﻷﻧك ﻛﻧت دوﻣﺎ ﺗﺗواﺟد ھﻧﺎك .أﻧت ﻟﺳت اﻟﻌﻘل اﻟﻣﻔ ّﻛر ،أﻧت ﻣن ﯾﻌﻲ وﺟود اﻟﻌﻘل
اﻟﻣﻔ ّﻛر .أﻧت اﻟوﻋﻲ اﻟﻣوﺟود ﺧﻠف اﻟﻌﻘل اﻟذي ﯾَﻌﻲ وﺟود اﻷﻓﻛﺎر .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﻗف ﻋن
وﺿﻊ ﻗﻠﺑك ﻛﻠﮫ وروﺣك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل داﺧل ﻋﻘﻠك وﻛﺄﻧﮫ ھو ﻣﻧﻘذك وﺣﺎﻣﯾك ،ﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﺟد ﻧﻔﺳك ﺧﻠف
ﺗﺗﻌرف ﻋﻠﻰ أﻓﻛﺎرك ،ﻷﻧك ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟوراء ﺗراﻗب ھذه اﻷﻓﻛﺎر .وﻓﻲ ّ اﻟﻌﻘل وﻣراﻗﺑﺎ ﻟﮫ .ھﻛذا
اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺳﺗﻛون ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻠوس ھﻧﺎك ﺑﮭدوء ،وﺑوﻋﻲ ،وﺳﺗﻘوم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻌﻘل.
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺻل إﻟﻰ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ،ﺳﺗﻧﺗﮭﻲ ﻛل ﻣﺷﺎﻛﻠك ﻣﻊ اﻟﻌﻘل .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﺳﺣب ﻟﺗﺗﺧذ ﻣﻛﺎﻧك ﺧﻠﻔﮫ ،ﻓﺄﻧت
طﯾن ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر .اﻟﺗﻔﻛﯾر ھو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺷﻲء ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟﻌﻘل وأﻧت ﻣﺗور َ
ّ ووﻋﯾك ﻟم ﺗﻌودا
ﺗراﻗﺑﮫ .أﻧت ﻓﻘط ﻣوﺟود ھﻧﺎك ،واﻋﯾًﺎ ﺑﺄﻧّك واعٍ .أﻧت اﻟوﺟود اﻟ ّ
ﺳﺎﻛن ھﻧﺎك ،أﻧت اﻟوﻋﻲ .ھذا ﻟﯾس
ﺑﺷﻲء ﻋﻠﯾك اﻟﺗﻔﻛﯾر ﺑﮫ،
أﻧت ھو ھذا اﻟﺷﻲء .ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗراﻗب اﻟﻌﻘل وھو ﯾﺻﯾر ﻋﺻﺎﺑﯾّﺎ ،ﻟﻛن ﻻ ﺗﺗد ّﺧل .ھذا ﻛل ﻣﺎ ﻋﻠﯾك
ﻓﻌﻠﮫ ﻟﻛﻲ ﺗﻧﻔﺻل ﻋن اﻟﻌﻘل اﻟﻣﺿطرب .اﻟﻌﻘل ﯾﻌﻣل ﻷﻧك أﻧت َﻣن ﯾﻌطﯾﮫ اﻻﻧﺗﺑﺎه .اﺳﺣب اﻧﺗﺑﺎھك
ﻋﻧﮫ ،ﺳﺗﺟد ھذا اﻟﻌﻘل اﻟﻣﻔ ّﻛر ﯾﺗراﺟﻊ وﯾﺿﻌف.
ﻣﺛﻼ ،ﻗﺎل أﺣدھم ﺷﯾﺋﺎ ﻟك ﻻ ﺗﺣﺑّﮫ ،أو أﺳوأ ﻣن ذﻟك ،ﻟم ﺟرب ھذا اﻷﻣر ﻋﻠﻰ أﺷﯾﺎء ﺻﻐﯾرةً . ّ
ً
ﯾﻌﺗرف ﺑك ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق .ﻛﻧت ﺗﻣﺷﻲ ﻓﻲ طرﯾﻘك وﻗﺎﺑﻠت ﺻدﯾﻘﺎ ﻟك .أﻟﻘﯾت ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺗﺣﯾﺔ إﻻ أﻧﮫ ﻟم
ﯾرد ﻋﻠﯾك وﻣﺿﻰ ﻟﺣﺎل ﺳﺑﯾﻠﮫ .ﻟم ﺗﻌرف ﺳﺎﻋﺗﮭﺎ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺻدﯾﻘك ﻗد ﺳﻣﻌك أم أﻧّﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
ﺗﺟﺎھﻠك .أﻧت ﻏﯾر ﻣﺗﺄ ّﻛد ﻣﺎ إن ﻛﺎن ﺻدﯾﻘك ﻏﺎﺿب ﻣﻧك أم ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺟري ﺑﺎﻟﺿﺑط .ﺑدأ ﻋﻘﻠك ھﻧﺎ
ﯾﺷط ﻗﻠﯾﻼ .ھﺎ ھو اﻟوﻗت اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻠﺗﺣﻘّﻖ ﻣن واﻗﻊ اﺿطراب اﻟﻌﻘل! ﻓﮭﻧﺎك ﻣﻠﯾﺎرات اﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ ّ
ھذا اﻟﻛوﻛب ،وواﺣد ﻣن ھذه اﻟﻣﻠﯾﺎرات ﻟم ﯾرد ﻋﻠﯾك اﻟﺗﺣﯾّﺔ .ھل ﺗﻘول إﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ھذا
اﻷﻣر؟ ھل ﯾﺑدو ذﻟك ﻣﻧطﻘﯾّﺎ؟
ﻗم ﺑﺎﺳﺗﺧدام ھذه اﻟﻣواﻗف اﻟﺻﻐﯾرة اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﺣوﻟك ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﯾوﻣﯾّﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺣرﯾر ﻧﻔﺳك .ﻓﻔﻲ
ﺗﺗورط ﻣﻊ اﻟذات .ھل ذﻟك ﯾﻌﻧﻲ أﻧك ﻗﻣت ﺑﺈﯾﻘﺎف ﻋﻘﻠك ﻣن ّ اﻟﻣﺛﺎل اﻟﺳﺎﺑﻖ ،أﻧت اﺧﺗرت أن ﻻ
اﻟﺗﺟول ﻓﻲ دواﺋر ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣﺣﺎوﻻ اﺳﺗﯾﻌﺎب ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺟري؟ ﻻ .ﻟﻛن ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺑﺳﺎطﺔ أﻧك ﻛﻧت ﻣﺳﺗﻌدّا ّ
وﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﻣراﻗﺑﺔ ﻋﻘﻠك وھو ﯾﺧﻠﻖ اﻟﻣﯾﻠودراﻣﺎ اﻟﻘﻠﯾﻠﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ .راﻗب اﻹزﻋﺎج اﻟذي أﺣدﺛﮫ
ﺑﺧﺻوص ﻛﯾف ﺟرﺣك ذاك اﻟﻣوﻗف ،وﻛﯾف أن أي ﺷﺧص ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ أذﯾﺗك .راﻗب اﻟﻌﻘل وھو
ﯾﺣﺎول ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ اﻟذي ﯾﻣﻛن ﻋﻣﻠﮫ ﺣﯾﺎل ذﻟك .ﻓﻘط ﺗﻌ ّﺟب ﻣن ﺣﻘﯾﻘﺔ أن ﻛل ھذا ﯾﺟري ﻓﻲ داﺧﻠك
ﻓﻘط ﻷن أﺣدھم ﻟم ﯾرد ﻋﻠﯾك اﻟﺗﺣﯾﺔ .ھذا ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺷﻲء ﻻ ﯾﺻدّق .ﻗم ﻓﻘط ﺑﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻌﻘل وھو
ﯾﺗﺣدّث ،وﺗﺎﺑﻊ أﻧت اﺳﺗرﺧﺎءك وﺗﺧﻠّﯾك ﻋن ھذا اﻷﻣر .ﺗواﺟد ﺧﻠف ﻛل ھذا اﻟﺿﺟﯾﺞ.
ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﺳﺗﻣر ﻓﻲ ﻋﻣل ھذا ﻣﻊ ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺻﻐﯾرة اﻟﺗﻲ ﺗظﮭر ﻟك ﻛل ﯾوم .إن ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ
ﻲ ﺟدّا ،وأﻧت ﺗﻘوم ﺑﮫ ﻓﻲ داﺧﻠك .ﺳﺗرى ﺑﻌد ﺣﯾن أن ﻋﻘﻠك وﺑﺷﻛل ﻣﺳﺗﻣر ﯾدﻓﻌك ﻟﻠﺟﻧون ھو ﺷﺧﺻ ّ
ﺑﺳﺑب أﺷﯾﺎء ﻏﯾر ھﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق .إذا ﻛﻧت ﻻ ﺗﺣب أن ﺗﻛون ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺷﺎﻛﻠﺔ ،ﺗوﻗف إذن ﻋن
ﺗزوﯾد ذاﺗك ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ .ھذا ھو ﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣر .ﻟو ﻗﻣت ﺑﺎﺗﺑﺎع ھذا اﻟطرﯾﻖ ،ﻓﻛل ﻣﺎ ﻋﻠﯾك ﻓﻌﻠﮫ ھو
اﻻﺳﺗرﺧﺎء واﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرى أن ﻣﺛل ھذه اﻷﻣور ﺑدأت ﺗﺄﺧذ ﻣﺟراھﺎ ﻓﻲ اﻟداﺧل ،ﻗم
وأرح ﻗﻠﺑك ،وﺗواﺟد ﺧﻠف ﻣﺎ ﯾﺣدث .ﻻ ﺗﻠﻣس ھذا اﻟﺷﻲء .ﻻ ﺗﺗورط ﻣﻌﮫ .وﻻ ﻓﻘط ﺑﺈرﺧﺎء ﻛﺗﻔﯾكِ ،
ّ
ﺗﺣﺎول إﯾﻘﺎﻓﮫ .ﻛن ﻓﻘط واﻋﯾﺎ ﺑﺄﻧك ﺗرى ﻣﺎ ﯾﺣدث .ھﻛذا ﺗﺗم ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺧروج ﻣن ھذا اﻷﻣر .ﺗﺧﻠﻰ
ﻋﻧﮫ وﺣﺳب.
اﺑدأ رﺣﻠﺗك إﻟﻰ اﻟﺣرﯾّﺔ ﺑﺗذﻛﯾر ﻧﻔﺳك ﺑﺎﻧﺗظﺎم أن ﺗﻘوم ﺑﻣراﻗﺑﺔ ذاﺗك .ھذا ﺳﯾﺣﻔظك ﻣن اﻟﺿﯾﺎع ﻓﻲ
ذاﺗك .ﻷن اﻹدﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘل اﻟﺷﺧﺻﻲ ﯾُﻌﺗﺑر ﻣﺷﻛﻠﺔ رﺋﯾﺳﯾﺔ ،ﻻﺑ ّد وأن ﺗﺿﻊ ﻟﻧﻔﺳك أﺳﻠوﺑًﺎ ﺗﺗذ ّﻛر
ﺛوان ﻓﻘط ،ﻟﻛﻧّﮭﺎ
ٍ ﺑﮫ أن ﺗراﻗب ﻧﻔﺳك .ھﻧﺎك ﺑﻌض اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺑﺳﯾطﺔ ﺟدّا ﻟﻠوﻋﻲ ﯾﺳﺗﻐرق ﻋﻣﻠﮭﺎ
ﻣﺗﻣرﻛزا ﺧﻠف ﻋﻘﻠك ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻟوﻋﻲ .ﻓﻲ ﻛ ّل ﻣرة ﺗدﺧل ﻓﯾﮭﺎ ﺳﯾﺎرﺗك ،وﺗﺗّﺧذً ﺳﺗﺳﺎﻋدك ﻓﻲ اﻟﺑﻘﺎء
ﻣﻛﺎﻧك ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﻌد ،ﺗوﻗّف ﻗﻠﯾﻼ .ﺧذ ﻟﺣظﺔ ﻟﺗﺗذ ّﻛر أﻧك ﺗوﺟد ﻋﻠﻰ ﻛوﻛب ﯾدور وﺳط ﻓﺿﺎء ﻓﺎرغ.
ﺗﺗورط ﻓﻲ اﻟﻣﯾﻠودراﻣﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑك .ﺑﻛﻠﻣﺎت أﺧرى ،دع اﻷﻣور ّ ﺛم ذ ّﻛر ﻧﻔﺳك ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺑﺄﻧك ﻟن
ﺗﺟري ﻛﻣﺎ ﯾﺣﻠو ﻟﮭﺎ ،وذ ّﻛر ﻧﻔﺳك أﻧّك ﻻ ﺗرﯾد أن ﺗﻠﻌب ﻟﻌﺑﺔ اﻟﻌﻘل .ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،وﻗﺑل أن ﺗﺧرج ﻣن
ً
ﻣﺗﻣرﻛزا ،ﻗم ﺑﺗذﻛﯾر ﺳﯾﺎرﺗك ،ﻗم ﺑﺗذﻛﯾر ﻧﻔﺳك ﺑﮭذه اﻷﺷﯾﺎء ﻣرة أﺧرى .وﻟو أردت ﺑﺎﻟﻔﻌل أن ﺗﻛون
ّ
ﻧﻔﺳك ﺑﮭذه اﻷﺷﯾﺎء ﻛﻠّﻣﺎ رﻓﻌت ﺳﻣﺎﻋﺔ اﻟﮭﺎﺗف أو ﻓﺗﺣت اﻟﺑﺎب ﻷﺣدھم .ﻟﯾس ﻋﻠﯾك أن ﺗﻘوم ﺑﺗﻐﯾﯾر
ﺻﺔ ﺑﻣوﺿوع ﻣﺎ. أي ﺷﻲء .ﻓﻘط ﻛن ھﻧﺎك ،ﻣﻧﺗﺑ ًﮭﺎ إﻟﻰ أﻧك ﻣﻧﺗﺑﮫ .إﻧﮭﺎ ﻣﺛل ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺟرد ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺧﺎ ّ
ﻓﻘط ﻗم ﺑﺎﺧﺗﺑﺎر ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ ﻗﻠﺑك ،وﻋﻘﻠك ،وأﻛﺗﺎﻓك… إﻟﺦ .ﻗم ﺑﺈﻋداد ﻧﻘﺎط اﻟﺗﺻوﯾب ھذه ﺧﻼل
ﻛ ّل ﯾوم ﻣن أﯾﺎم ﺣﯾﺎﺗك ﻟﺗﺳﺎﻋدك ﻋﻠﻰ أن ﺗﺗذﻛر َﻣن أﻧت ،وﻣﺎ اﻟذي ﯾﺟري ﻓﻲ داﺧﻠك.
ھذه اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت ﺗﺧﻠﻖ دﻗﺎﺋﻖ ﻗﻠﯾﻠﺔ ﻣن اﻟوﻋﻲ اﻟﻣر ّﻛز .وﻣﻊ اﻟوﻗت ﺳﺗزداد اﻟﻣدة ﺑﺎﺳﺗﻣرار وﯾﺻﺑﺢ
درك .ﻻ ﺗوﺟد اﻟوﻋﻲ اﻟﻣر ّﻛز ھو ﻣوطن اﻟذات .ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ،ﺗﻛون أﻧت داﺋ ًﻣﺎ ٌﻣدر ًﻛﺎ إﻟﻰ أﻧك ُﻣ ِ
ﺳﺎﻋﺔ ﻻ ﺗﻛون ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم إدراك .ﻻ ﯾوﺟد ھﻧﺎك ﻣﺟﮭود ﻟﯾُﺑ َذل .ﻻ ﯾوﺟد ھﻧﺎك ﺷﻲء ﻟﺗﻘوم
أﻓﻛﺎرا وﻣﺷﺎﻋر ﯾﺗم ﺧﻠﻘﮭﺎ ﺣواﻟﯾك ،ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻔﺗﺢ اﻟﻌﺎﻟم أﻣﺎم ً ﺑﮫ .أﻧت ﻓﻘط ﻣوﺟود ھﻧﺎك ،واعٍ ﺑﺄن ھﻧﺎك
ﺣواﺳك.
ﺑﺗﺣرﯾض ﻣن اﻟﻌﻘل أو ﻋن طرﯾﻖ ٍ إن ﻛ ّل ﺗﻐﯾﯾر ﻓﻲ ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ ،ﺳوا ًء ﻛﺎن
ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻷﻣرّ ،
ﺗﺣوﻻت ﻓﻲ اﻟﻘﻠب ،ﺳﯾﻛون ھو ﻣن ﯾذ ّﻛرك ﺑﺄﻧك ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟﺧﻠف ﺗراﻗب ﻣﺎ ﯾﺟري .اﻵن ﺻﺎر ذﻟك ّ
اﻟﺷﻲء اﻟذي اﻋﺗﺎ َد أن ﯾُﻌﯾﻘك ھو ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي ﯾوﻗظك .ﻟﻛن ﻋﻠﯾك ّأوﻻ أن ﺗﻛون ھﺎدﺋﺎ ﻟدرﺟﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ
ﻣﺟرد ردّة ﻓﻌل .ھذه ھﻲ ﻧﻘﺎط اﻟﺗﺻوﯾب اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺳﺎﻋد ﻓﻲ ﺗذﻛﯾرك ﺑﺄن ﺗﺑﻘﻰ ّ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻛون ذﻟك
ﻣﺗﻣرﻛزا .وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺳﺗﻛون ھﺎدﺋﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ﺑﺣﯾث ﺳﺗﻘوم ﺑﻣراﻗﺑﺔ ﻗﻠﺑك ﺑﺳﮭوﻟﺔ وھو ﯾﺳ ّﺟل
ردّة ﻓﻌﻠﮫ ،وﯾﺗﺧﻠّﻰ ﻋن ﻛل ھذه اﻷﻣور ﺣﺗﻰ ﻗﺑل أن ﯾﺗﺧﻠّﻰ ﻋﻧﮭﺎ اﻟﻌﻘل .وﺧﻼل ﻧﻘطﺔ ﻣﻌﯾّﻧﺔ ﻣن
اﻟرﺣﻠﺔ ﺳﯾﻛون اﻷﻣر ﻛﻠّﮫ ﻣﺗﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠب ﻻ ﺑﺎﻟﻌﻘل .ﺳﺗرى ﺣﯾﻧﮭﺎ أن اﻟﻌﻘل ﯾﺗﺑﻊ اﻟﻘﻠب .اﻟﻘﻠب ﺳﯾﺗﻔﺎﻋل
ﻣﻊ اﻷﺷﯾﺎء ﻟوﻗت طوﯾل ﻗﺑل أن ﯾﺑدأ اﻟﻌﻘل ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث ﻋﻧﮭﺎ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻋﻲّ ،
ﻓﺈن
ﺗﺣوﻻت اﻟطﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺑك ﺗﺟﻌﻠك واﻋﯾﺎ ﺑﺎﺳﺗﻣرار إﻟﻰ أﻧك ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟﺧﻠف وﺗﻘوم ﺑﺎﻟﻣراﻗﺑﺔ .ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺗﺧﻠّﻲ ھذه اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﮭﺎ ﻋﻧد ﻣﺳﺗوى اﻟﻘﻠب ﻟن ﺗدع ﻟﻠﻌﻘل ﻓرﺻﺔ ﺣﺗﻰ ﻟﻠﺗﺧﻠّﻲ ،ﻷن اﻟﻘﻠب ﯾﻛون ﻗد
ﺳﺑﻘﮫ وﻗﺎم ﺑﮭﺎ ﻗﺑﻠﮫ.
أﻧت اﻵن ﻓﻲ طرﯾﻘك اﻟﺻﺣﯾﺢ .واﻟﺷﻲء ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻘﯾّدك ﺑﺎﻷﻣس ﺻﺎر ﯾﺳﺎﻋدك اﻟﯾوم .ﻋﻠﯾك
أن ﺗﺳﺗﻐ ّل ﻛل اﻟطﺎﻗﺎت ﻟﺻﺎﻟﺣك .طرﯾﻖ اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء ھذا ﺳﯾﻣ ّﻛﻧك ﻣن ﺗﺣرﯾر طﺎﻗﺎﺗك،
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣرﯾر ﻧﻔﺳك .ﻓﻔﻲ ﺧﺿ ّم ﺣﯾﺎﺗك اﻟﯾوﻣﯾّﺔ ،وﺑﺗﺣرﯾر ﻧﻔﺳك ﻣن ﻗﯾود اﻟذات ،ﺗﺻﺑﺢ
ﻓﻌﻼ ﻋﻠﻰ ﺳرﻗﺔ اﻟﺣرﯾّﺔ ﻣن أﺟل روﺣك .وھذه اﻟﺣرﯾّﺔ ﻋظﯾﻣﺔ ﺟدّا ﻟدرﺟﺔ أﻧﮫ ﺗ ّم ﻟدﯾك اﻟﻘدرة ً
إطﻼق ﻣﺳ ّﻣﻰ ﺧﺎص ﺑﮭﺎ ،وھو :اﻻﻧﻌﺗﺎق.
اﻟﻔﺻل اﻟﺣﺎدي ﻋﺷر :اﻷﻟم ھو ﺛﻣن اﻟﺣرﯾﺔ
واﻟﺗﺣول اﻟﺷﺧﺻﻲ اﻟﻌﻣﯾﻖ ھو اﻟﺗﻌﺎﯾش ﺑﺳﻼم ﻣﻊ ّ ﻟﻠﻧﻣو اﻟروﺣﻲ
ّ إن أﺣد اﻟﻣﺗطﻠّﺑﺎت اﻟﺿرورﯾّﺔ ّ
ﺳﻊ أن ﯾﺣدث دون ﺗﻐﯾﯾر ،واﻟﻣراﺣل اﻟﺗﻲ ﯾﺣدث ﻓﯾﮭﺎ ھذا اﻟﺗﻐﯾﯾر ﺗطور وﻻ ﺗو ّ ي ّ اﻷﻟم .ﻻ ﯾﻣﻛن ﻷ ّ
ﻟﯾﺳت داﺋ ًﻣﺎ ﻣرﯾﺣﺔ .ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻐﯾﯾر ﺗﺷﻣل ﺗﺣ ٍ ّد ِﻟﻣﺎ اﻋﺗدﻧﺎ اﻋﺗﺑﺎره ﻣﻧﺎﺳﺑًﺎ ﻟﻧﺎ وﯾﺷﻣل ﺟرأة ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﺳﺎؤل ﻋن اﺣﺗﯾﺎﺟﺎﺗﻧﺎ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻟﻸﻣﺎن ،واﻟراﺣﺔ ،واﻟﺳﯾطرة .ھذه اﻷﻣور ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺗم أﺧذھﺎ
وﻓﮭﻣﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻧّﮭﺎ ﺗﺟﺎرب ﻣؤﻟﻣﺔ.
ﻌﻼ اﻟﺷﻌور ﺗطورك وﻧﻣوك .ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛرھت ِﻓ ً ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺻﺑﺢ اﻷﻟم ﻣﺄﻟوﻓًﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك ﯾﻐدو ﺟز ًءا ﻣن ّ
ﺑﺎﻻﺿطراﺑﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺗﻠك ،ﻓﺈﻧّﮫ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﺗﺣﻠّﻰ ﺑﺎﻟﻘُدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻠوس ﻓﻲ اﻟداﺧل ﺑﮭدوء ﻟﻣواﺟﮭﺔ
ھذه اﻻﺿطراﺑﺎت إذا أردت أن ﺗﻌﻠم ﻣﺎ ھو ﻣﺻدرھﺎ وﻣن أﯾن ﺗﺄﺗﻲ .ﻣﺗﻰ ﻣﺎ اﺳﺗطﻌت ﻣواﺟﮭﺔ
اﺿطراﺑﺎﺗك ،ﺳﺗُدرك أن ھﻧﺎك طﺑﻘﺔ ﻣن اﻷﻟم ﺗﺗرﺑّﻊ ﻋﻣﯾﻘﺎ ﻓﻲ ﺻﻣﯾم ﻗﻠﺑك .ھذا اﻷﻟم ﻏﯾر ﻣرﯾﺢ
ودﻣﺎرا ﻟﻠﻧﻔس اﻟﺑﺷرﯾّﺔ ،ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﺗﺣﺎول أن ﺗﺗﺟﻧﺑﮫ طوال ﺣﯾﺎﺗك .وﺳﺗﺟد أن ً اﻟﺑﺗّﺔ ،وﯾﺷ ّﻛل ﺗﺣدﯾًﺎ
ط ُرق ﺗﻔﻛﯾرك وﺗﺻرﻓﺎﺗك وﻣﻌﺗﻘداﺗك اﻟﺗﻲ ﺗ ّم ﺗطوﯾرھﺎ ﻣن ﺷﺧﺻﯾﺗك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ وﺟودك و ُ
أﺟل ﺗﺟﻧّب ذاك اﻷﻟم.
وﻷن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺟﻧّب اﻷﻟم ﺗﻣﻧﻌك ﻋن اﻛﺗﺷﺎف وﺟودك ،ﻓﺈن اﻟﻧﻣو اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﺳﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘرر ﻓﻲ
اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ أن ﺗﺗﻌﺎﻣل وﺗﺗﺻرف ﻣﻊ ھذا اﻷﻟم .وﻷن اﻷﻟم ﯾوﺟد ﻓﻲ ﺻﻣﯾم اﻟﻘﻠب ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻛون ظﺎھرا
وﯾؤﺛّر ﻓﻲ ﻛل ﺷﻲء ﺗﻘوم ﺑﮫ .ﻟﻛن ھذا اﻷﻟم ﻟﯾس ھو ذاك اﻷﻟم اﻟﺟﺳدي اﻟذي ﺗﺳﺗﻘﺑﻠﮫ ﻋﺎدة ﻛرﺳﺎﻟﺔ
ي ﯾﻧﺑﺛﻖ ﻓﻘط ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ھﻧﺎك ﺧطﺄ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﻲ .أ ّﻣﺎ ﻣن ﺟﺳدك .اﻷﻟم اﻟﺟﺳد ّ
اﻷﻟم اﻟداﺧﻠﻲ ﻓﮭو داﺋﻣﺎ ھﻧﺎك ،ﻣﺧﺗﺑﺊ ﺗﺣت طﺑﻘﺎت ﻣن أﻓﻛﺎرﻧﺎ وﻋواطﻔﻧﺎ .وﻧﺷﻌر ﺑﮫ أﻛﺛر ﻋﻧدﻣﺎ
ي اﺿطراب ،ﻓﻧرى اﻟﻌﺎﻟم ﻻ ﯾﺳﯾر وﻓﻖ ﺗوﻗﻌﺎﺗﻧﺎ .ھذا ھو اﻷﻟم اﻟﻧﻔﺳﻲ اﻟداﺧﻠﻲ. ﺗُﺻﺎب ﻗﻠوﺑﻧﺎ ﺑﺄ ّ
ﻟﻘد ﺗم ﺑﻧﺎء اﻟذات ﻧزوﻻ ﻋﻧد رﻏﺑﺎت ﺗﺟﻧّب ھذا اﻷﻟم ،وﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟذﻟك ،ﺻﺎر اﻟﺧوف ﻣن اﻷﻟم ﯾُﺷ ّﻛل
ﺳﺎ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾﻧﮭﺎ .وﻟﻔﮭم واﺳﺗﯾﻌﺎب ھذا اﻟﺷﻲء ،ﻻﺣظ ﻣﺛﻼ ﻟو ﻛﺎن اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟرﻓض ھو أﺣد أﺳﺎ ً
ﻣﺷﺎﻛﻠك اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ،ﻓﺳﺗﺧﺎف ﻣن ﻛل اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺳﺑب ﻟك اﻟﺷﻌور ﺑﺄن ھﻧﺎك ﻣن ﯾرﻓﺿك.
وﻋﻠﯾﮫ ﺳﯾﺻﺑﺢ ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺧوف ﺟز ًءا ﻣن ذاﺗك .ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎﻧت اﻷﺣداث اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳﺑّب
ﻣﺿطرا ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺧوف ﻣن ّ ﻧﺎدراّ ،أﻻ إﻧك ﺗﺟد ﻧﻔﺳكً ﻓﻲ ﺷﻌورك ﺑﺎﻟرﻓض ﻻ ﺗﺣدُث إﻻ
اﻟرﻓض طوال اﻟوﻗت .ھﻛذا ﻧﺧﻠﻖ ﻧﺣن اﻷﻟم اﻟذي ﯾﻛون داﺋﻣﺎ ﻣوﺟودا ﻓﻲ داﺧﻠﻧﺎ .وا ْﻋﻠَم أﻧك ﻟو
ﻛﻧت ﺗﻘوم دوﻣﺎ ﺑﻌﻣل أﺷﯾﺎء ﻟﺗﺗﺟﻧب اﻷﻟم ،ﻓﺳﯾﺗﺣول اﻷﻟم ﻋﻧدھﺎ إﻟﻰ ﺷﻲء ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎﺗك
وﯾﺗﺣﻛم ﺑﮭﺎ .ﻛل أﻓﻛﺎرك وﻣﺷﺎﻋرك ﺳﺗﺗﺄﺛر ﺑﻣﺧﺎوﻓك.
ﯾﺗﺣول ھوّ اﻟﻣﻌﺗﻣ َدة ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺟﻧّب اﻷﻟم
ِ ي ﻧﻣط ﻣن أﻧﻣﺎط اﻟﺳﻠوك وﺳوف ﺗرى ﯾوﻣﺎ ﻣﺎ ﺑﺄن أ ّ
ﻧﻔﺳﮫ إﻟﻰ ﻣدﺧل ﻟﻸﻟم .إذا ﻛﻧت ﻣرﻋوﺑﺎ ﻣن أن ﯾﺗم رﻓﺿك ﻣن ﻗﺑل ﺷﺧص ﻣﺎ وﻗﻣت ﻓﻲ اﻟوﻗت
ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺎﻻﻗﺗراب ﻣن ذﻟك اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻧﯾل ﻗﺑوﻟﮫ ﻟك ،ﻓﺄﻧت ﻛﻣن ﯾﺗزﺣﻠﻖ ﻋﻠﻰ طﺑﻘﺔ ﺟﻠﯾد
رﻗﯾﻘﺔ ﺟدا .ﻛل ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧرﯾن ﻋﻣﻠﮫ ھو اﻟﻧظر إﻟﯾك ﻧظرة ﺟﺎﻧﺑﯾﺔ أو ﻗول ﺷﻲء ﺑطرﯾﻘﺔ ﺧﺎطﺋﺔ،
ﻓﺈذا ﺑك ﺗﺷﻌر ﺑﺄﻟم اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟرﻓضُ .ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘول ھﻲ أﻧﮫ طﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﺗﻘﺗرب ﻣن اﻵﺧرﯾن ﺑﺎﺳم
اﻟرﻓض طوال ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن .ﻓﺑطرﯾﻘﺔ أو اﻟرﻓض ،ﻓﺳﺗﻛون ﻛﻣن ﯾرﻗص ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ّ
ﺗﺻرﻓﺎﺗك .ﻣﺣﺎوﻟﺔ ّ ﺑﺄﺧرى ،إن اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺎﺑك ﺳﺗﺟد طرﯾﻘﮭﺎ ﻣرة أﺧرى إﻟﻰ اﻟداﻓﻊ وراء
ﺗﺟﻧّب اﻷﻟم ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺗﺣ ّﻛم ﺑﺗﺻرﻓﺎﺗك وﯾرﺗﺑط ﺑﮭﺎ ،وﺳﺗﺷﻌر ﺑﮭذا اﻻرﺗﺑﺎط ﻓﻲ ﻗﻠﺑك.
إن ﺟوھر اﻟﻘﻠب ھو اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾﺄﺗﻲ ﻣﻧﮫ اﻷﻟم .وﻟﮭذا ﺗراودك ﻣﺷﺎﻋر اﻻﺿطراب طوال ﯾوﻣكّ .
اﻷﻟم ﻣوﺟود ﻓﻲ ﺻﻣﯾم اﻟﻘﻠب .ﺟﻣﯾﻊ أﻧﻣﺎط ﺗﺻرﻓﺎﺗك وﺳﻣﺎت ﺷﺧﺻﯾﺗك ﺗدور ﻛﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺎوﻻت
ﻟﺗﺟﻧب اﻷﻟم .ﻛﻣﺣﺎوﻻﺗك ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ وزﻧك ﻋﻧد ﺣد ﻣﻌﯾّن ،وارﺗداء ﻧوﻋﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن اﻟﻣﻼﺑس،
واﻟﺗﺣدّث ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﻌﯾّﻧﺔ ،واﺧﺗﯾﺎر ﺗﺳرﯾﺣﺔ ﻣﻌﯾّﻧﺔ ﻟﺷﻌرك .ﻛل ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ھو ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﺗﺟﻧب اﻷﻟم.
ﺟرب ﻓﻘط أن ﺗرى ﻣﺎ اﻟذي ﺳﯾﺣدث ﻟك ﻟو أن أﺣدًا ﻣﺎ ﺟﺎء ﻋﻠﻰ وﻟو أردت اﻟﺗﺣﻘّﻖ ﻣن ﺻﺣﺔ ذﻟكّ ،
ذِﻛر ﺷﻲءٍ ﻋن وزﻧك أو اﻧﺗﻘد ﻣﻼﺑﺳك ،ﺳﺗﺷﻌر ﺑﺎﻷﻟم .ﻓﻲ ﻛل وﻗت ﺗﻘوم أﻧت ﺑﻌﻣل ﺷﻲء ﻣﺎ ﺗﺣت
ﻣﺳ ّﻣﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺟﻧّب اﻷﻟم ،ﻓﺈن ھذا اﻟذي ﺗﻔﻌﻠﮫ ھو ﻧﻔﺳﮫ ﺳﯾﺗﺣول إﻟﻰ رﺑﺎط ﻗﺎﺑض ﻋﻠﻰ ﻣﻛﺎﻣن
اﻷﻟم اﻟذي ﺗﺣﺎول ﺗﺟﻧّﺑﮫ.
إذا ﻟم ﺗﻛن ﺗرﻏب ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﺟوھر اﻷﻟم ،ﻓﺈن ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ﻟﺗﺟﻧّب ھذا اﻷﻟم ﯾﺗطﻠّب ﺟﮭدًا
ﻣﺿﺎﻋﻔًﺎ .ﻓﻠو ﻛﻧت ﺗﺧﺗﺑﺊ وراء ﺣﯾﺎة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺷﻐوﻟﺔ ،ﻋﻧدھﺎ ﻓﺈن أي ﺷﻲء ﯾﻔﻌﻠﮫ أﺣد ﻣﺎ وﻓﯾﮫ ﺗﺣ ٍ ّد
ﻟﺛﻘﺗك ﺑﻧﻔﺳك ،ﻛﻌدم ﺗوﺟﯾﮫ دﻋوة ﻟك ﻟﺣﺿور ﻣﻧﺎﺳﺑ ٍﺔ ﻣﺎ ﻣﺛﻼ ،ﺳﯾﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺷﻌورك ﺑﺎﻷﻟم .ﻟﻧﻘُل
ﻲ ﻣﻌك ،ﻟﻛﻧﮫ اﻋﺗذر ﻟك ﺑﺄﻧﮫ ﻣﺷﻐول .ﺑﻌض ﺿﺎ إﻧّك دﻋوت ﺻدﯾﻘًﺎ ﻟﻣﺷﺎھدة ﻓﯾﻠم ﺳﯾﻧﻣﺎﺋ ّ اﻓﺗرا ً
ﺳﺎ ھﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻷﺷﺧﺎص ﺗﺟرﺣﮭم ﻣﺛل ھذه اﻟﻣواﻗف .ﺳﺗﺷﻌر ﺑﺎﻷﻟم ﻓﻲ ﺣﺎل ﻛﺎﻧت دﻋوﺗك أﺳﺎ ً
ﻟﺗﺟﻧّب اﻷﻟم .دﻋﻧﺎ ﻧﻘول ﻣﺛﻼ أﻧك ذھﺑت إﻟﻰ اﻟﺧﺎرج وﻧﺎدﯾت ﻛﻠﺑك" ،ﺣﺳﻧًﺎ ،ﺳﺑوت ،ﺗﻌﺎل إﻟﻰ ھﻧﺎ!"
وﻛﻠﺑك ﻟم ﯾﺄتٍ .ھﻧﺎ ﺳﻧرى أﻧﮫ ﻟو ﻛﺎن اﻟﺳﺑب وراء ﻧداءك ﻟﮫ ھو ﻹطﻌﺎﻣﮫ ،وھو ﻟم ﯾﺄت ،ﻋﻧدھﺎ
ﺳﺗﻛﺗﻔﻲ ﺑﺄن ﺗﺿﻊ ﻟﮫ طﻌﺎﻣﮫ ﻓﻲ وﻋﺎﺋﮫ وﺳﺗﺗرﻛﮫ ﻟﯾﺄﻛﻠﮫ ﻣﺗﻰ ﺷﺎء .ﻟﻛن ﻟو ﻛﺎن ﺳﺑب ﻧداﺋك ﺳﺑوت
ت ﺑﯾوم ﺻﻌب ،وﺳﺑوت ﻟم ﯾﺳﺗﺟب ﻟك ،ﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﺷﻌر ﺑﺎﻷﻟم وﺳﺗﻘول" ،ﺣﺗﻰ اﻟﻛﻠب ﻻ ھو أﻧّك ْ
ﻣرر َ
ﯾﺣﺑﻧﻲ ".ﻟﻣﺎذا ﻛﺎن ھﻧﺎك ﺷﻌورا ﺑﺎﻷﻟم ﻋﻧدﻣﺎ ﻟم ﯾﺄت إﻟﯾك اﻟﻛﻠب ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﺎدﯾﺗﮫ؟ ﻟﻣﺎذا ﯾﻛون ھﻧﺎك
ﻲ ﻟﻛﻧﮫ ﯾﻌﺗذر وﯾﻘول أﻧّﮫ ذاھب ﻟﻣﻛﺎن ﺷﻌورا ﺑﺎﻷﻟم ﻋﻧدﻣﺎ ﺗدﻋو ﺻدﯾﻘﺎ ﻟﯾراﻓﻘك ﻟﻣﺷﺎھدة ﻓﯾﻠم ﺳﯾﻧﻣﺎﺋ ّ
ﺷﻌورا ﺑﺎﻷﻟم؟ ھذا ﯾﺣدث ﻷن ھﻧﺎك أﻟ ًﻣﺎ ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻗك ﻟم ﺗﻘُم أﻧت ً آﺧر؟ ﻛﯾف ﯾﺳﺑّب ﻣوﻗف ﻛﮭذا
ﺑﺗﺻرﯾﻔﮫ ُﻣﺳﺑﻘًﺎ .وﻛل ﻣﺣﺎوﻻﺗك ﻟﺗﺟﻧّب ذاك اﻷﻟم ﺧﻠﻘَت ﻓﻲ اﻟداﺧل طﺑﻘﺎت ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻓوق ﺑﻌض ﻣن
اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑط ﻛﻠﮭﺎ ﺑذﻟك اﻷﻟم اﻟﻣﺧﺗﺑﺊ ﻓﻲ اﻟداﺧل.
اﻟرﻓض ﻟك ﻣن دﻋوﻧﺎ ﻟﻠﺣظﺔ ﻧرى ﻛﯾف ﺗﺷ ّﻛﻠت ﺗﻠك اﻟطﺑﻘﺎت ﻓﻲ اﻟداﺧل .ﻓﻣن أﺟل ﺗﺟﻧّب أﻟم ّ
اﻵﺧرﯾن ،ﻋﻣﻠت ﺟﺎھدا ﻹﻗﺎﻣﺔ ﺻداﻗﺎت .ﻟﻛن ﻷﻧك رأﯾت ﻛﯾف أن رﻓﺿك ﻣن اﻵﺧرﯾن ھو اﻣر ﻣﺎ
زال ﻣﻣﻛﻧًﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻣن ِﻗﺑَل أﺻدﻗﺎء ﻟك ،ﻓﺳﺗﻌﻣل ﺑﺟﮭد أﻛﺑر ﻟﻣﻧﻊ ذﻟك اﻟرﻓض ﻣن أن ﯾﺣدث ﻟك ﻣرة
أﺧرى .وﻟﻛﻲ ﺗﻧﺟﺢ ﻓﻲ ذﻟك ،ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻣﺗﺄﻛدا ﻣن أن ﻛ ّل ﺗﺻرﻓﺎﺗك اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﮭﺎ ﻣﻘﺑوﻟﺔ
اﻟرﻓض ﻟﻶﺧرﯾن .وھذا ﻣﺎ ﯾﺣدّد ﻟك ﻛﯾف ﺗﻠﺑس وﻛﯾف ﺗﺗﺻرف .ﻻﺣظ ھﻧﺎ أن ﺗرﻛﯾزك ﻟم ﯾﻌد ﺣول ّ
ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﮫ .ﺻﺎر اﻵن ﺣول ﻣﻼﺑﺳك وطرﯾﻘﺔ ﻛﻼﻣك واﻟﺳﯾﺎرة اﻟﺗﻲ ﺗﻘودھﺎ .أﻧت ﺗﻣﺎدﯾت ﻓﻲ
ي .إذا اﻗﺗرب أﺣدھم ﻣﻧك وﻗﺎل ﻟك" ،ﻋﺟﺑًﺎ، اﻟذھﺎب إﻟﻰ طﺑﻘﺔ أﺧرى اﻵن ﺑﻌﯾدًا ﻋن اﻷﻟم اﻟﺟوھر ّ
ظﻧﻧت أن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك ﺣﯾﺎزة ﺳﯾّﺎرة أﻓﺿل ﻣن ھذه ﺑﻛﺛﯾر!" ھﻧﺎ ﺳﺗﺷﻌر ﺑﺎﻧزﻋﺎج .ﻛﯾف ﯾﺗﺳﺑّب ذﻟك ﻓﻲ
ﺗﻔوه ﺑﺷﻲء ﻣﺎ ﺑﺧﺻوص ﺳﯾﺎرﺗك؟ ﻻﺑ ّد وأن ﺗﺳﺄل ﺷﻌورك ﺑﺎﻷﻟم؟ ﻣﺎ ھﻲ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ أن أﺣدًا ﻣﺎ ّ
ﺗﺣرك ﻓﻲ ﻗﻠﺑك .ﻣﺎ ھو ذﻟك اﻟﺷﻌور؟ ﻟﻣﺎذا ﯾﺣدث ﺷﻲء ﻛﮭذا؟ ﻧﻔﺳك ﻋن ﻣﺎھﯾّﺔ ھذا اﻟﺷﻲء اﻟذي ّ
اﻟﻧﺎس ﻋﺎدة ً ﻻ ﺗطرح أﺳﺋﻠﺔ ﻛﮭذه ،ﻓﻘط ﺣﺎول أن ﺗﻣﻧﻊ ذﻟك ﻋن اﻟﺣدوث ﻟك.
ﯾﺟب أن ﺗذھب أﻋﻣﻖ ﻣن ذﻟك وﺗﻧظر إﻟﻰ دﯾﻧﺎﻣﯾّﺔ ﺗﻠك اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﺗراﻛﻣت داﺧﻠك .ﻓﮭﻧﺎك ﻓﻲ
ﺻﻣﯾم ﯾوﺟد اﻷﻟم .ﺑﻌد ذﻟك ،وأﯾﺿﺎ ﻣن أﺟل أن ﺗﺗﺟﻧّب اﻷﻟم ،ﺗﺣﺎول أن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺷﻐوﻻ ﻣﻊ اﻟ ّ
ّ
اﻷﺻدﻗﺎء وﺗﺧﺗﺑﺊ ﻓﻲ ﻗَﺑوﻟﮭم ﻟك .ھذه ھﻲ اﻟطﺑﻘﺔ اﻷوﻟﻰ .ﺛم ،وﻣن أﺟل أن ﺗﺗﺣﻘﻖ ﻣن ﻗﺑوﻟﮭم ﻟك،
ﺗﺄﺛﯾرا ﻓﻲ اﻟﻧﺎس.ً ﺗﺣﺎول أن ﺗظﮭر ﻧﻔﺳك ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﻌﯾّﻧﺔ ﻣن أﺟل أن ﺗﻔوز ﺑﺑﻌض اﻷﺻدﻗﺎء وﺗُﺣدث
ﻲ اﻟذي ﻓﻲ داﺧﻠك .وﻟﮭذا ھذه طﺑﻘﺔ أﺧرى .ﻛ ّل طﺑﻘﺔ ﻣن ھذه اﻟطﺑﻘﺎت ﻣﻠﺗﺻﻘﺔ ﻣﻊ اﻷﻟم اﻷﺻﻠ ّ
ﻓﺎﻟﺳﺑب ﺑﺳﯾط ،ﻛل ﯾوم ﻓﯾﮫ ﺗﻔﺎﻋل واﺗﺻﺎل ﺑﺎﻵﺧرﯾن ﯾؤﺛّر ﻓﯾك ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﺟدا .إذا ﻟم ﯾﻛن اﻷﻟم
اﻟﻣﺣرك اﻟذي ﯾﻘف وراء ﻣﺣﺎوﻻﺗك ﻹﺛﺑﺎت ﻧﻔﺳك ﯾوﻣﯾﺎ ،ﻓﻣﮭﻣﺎ ﻗﺎل اﻟﻧﺎس ﻋﻧك ﻟن ﯾؤﺛر ّ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ھو
أن ﺗﺟﻧّب اﻷﻟم ھو اﻟﺳﺑب اﻟذي ﻣن أﺟﻠﮫ ﺗﺣﺎول إﺛﺑﺎت ﻧﻔﺳك ،ﻓﺈﻧك ﺗﺟﻠب إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﻓﯾك .ﻟﻛن ﺑﺳﺑب ّ
ﺳﺎ ﺟدا إﻟﻰ درﺟﺔ أﻧك ﻻ ﺗﻘوى ﻋﻠﻰ ﺳﺎ ً
اﻟﺗﻌرض ﻟﻸﻟم ﻓﻲ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟك .وﺗﻧﺗﮭﻲ ﺑﺄن ﺗﺻﺑﺢ ﺣ ّ ّ
ي
اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم دون أن ﺗﺗﺄذى .أﻧت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺣﺗﻰ أن ﺗﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ اﻟﻧﺎس أو ﺗﻣﺎرس أ ّ
ﻧﺷﺎطﺎت ﯾوﻣﯾّﺔ ﻋﺎدﯾّﺔ دون أن ﺗؤﺛّر ﺗﻠك اﻷﺣداث ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺑك .وﻟو ﻗﻣت ﺑﺎﻟﻣراﻗﺑﺔ ﺑﺷﻛل دﻗﯾﻖ ﺳﺗﺟد
أﻧﮫ ﺣﺗﻰ اﻟﺗﻔﺎﻋل اﻟﺑﺳﯾط ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﺳﺑّب ﻟك ﻓﻲ درﺟﺔ ﻣﺎ ﻣن اﻷﻟم ،أو ﻋدم اﻷﻣﺎن ،أو اﻧزﻋﺎج ﻋﺎم.
وﻷﺟل أن ﺗﺑﺗﻌد ﻗﻠﯾﻼ ﻋن ﻛل ذﻟك ،أﻧت ﺗﺣﺗﺎج ّأوﻻ إﻟﻰ ﺑﻌض وﺟﮭﺎت اﻟﻧظر اﻟﺟدﯾدة .ﻗم ﺑﺎﻟﻣﺷﻲ
ﺧﺎر ًﺟﺎ ﻓﻲ إﺣدى اﻟﻠﯾﺎﻟﻲ اﻟﺻﺎﻓﯾﺔ واﻧظر إﻟﻰ اﻟﺳﻣﺎء .أﻧت ﺗﺟﻠس ﻋﻠﻰ ﻛوﻛب ﯾدور ﺣول ﻧﻔﺳﮫ وﺳط
اﻟﻼﻣﻛﺎن ﺑﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻣن ﻣﻌﻧﻰ .وﻣﻊ أﻧك ﺗرى ﻓﻘط ﺑﺿﻌﺔ آﻻف ﻣن اﻟﻧﺟوم ،إﻻ أن ھﻧﺎك
ﻣﺟرة درب اﻟﺗﺑﺎﻧﺔ اﻟﺧﺎص ﺑﻧﺎ ﻓﻘط .وﺗﺷﯾر اﻟﺗﻘدﯾرات إﻟﻰ أن ھﻧﺎكّ ﻣﺋﺎت اﻟﻣﻠﯾﺎرات ﻣن اﻟﻧﺟوم ﻓﻲ
ﻣﺎ ﯾزﯾد ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﯾﻠﯾون ﻧﺟﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟرة اﻟﻠوﻟﺑﯾّﺔ وﺣدھﺎ .وأن اﻟﻣﺟرة ﻛﻠﮭﺎ ﺳﺗﺑدو ﻟﻧﺎ ﻛﻧﺟﻣﺔ واﺣدة
ﻟو ﻛﺎن ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺗﻧﺎ رؤﯾﺗﮭﺎ ﺟوار ﻣﺛﯾﻼﺗﮭﺎ .أﻧت ﺗﻘف ﻓﻘط ﻋﻠﻰ ﻛرة ﻣن اﻷوﺳﺎخ اﻟﺗﻲ ﺗدور ﺣول
ﻓﻌﻼ ﻣﺎ اﻟذي ﯾظﻧّﮫ اﻟﻧﺎس ﺑﺧﺻوص ﻣﻼﺑﺳك أو واﺣدة ﻣن اﻟﻧﺟوم .ﻣن ھذا اﻟﻣﻧظور ،ھل ﯾﮭ ّﻣك ً
ﺳﯾﺎرﺗك؟ ھل ﺗﺣﺗﺎج ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻟﻠﺷﻌور ﺑﺎﻹﺣراج ﻟو ﻧﺳﯾت اﺳم أﺣد اﻷﺷﺧﺎص؟ ﻛﯾف ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺟﻌل
واﺣدًا ﻣن ھذه اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺑﻼ ﻣﻌﻧﻰ ﺗﺗﺳﺑّب ﻓﻲ أﻟم ﻟك؟ إن ﻛﻧت ﺗﺑﻐﻲ اﻟﺧﻼص ،وإن ﻛﻧت ﺗطﻣﻊ
ﻓﻲ ﺣﯾﺎة ﻻﺋﻘﺔ ،ﻓﻣن اﻷﻓﺿل ﻟك ّأﻻ ّ
ﺗﻛرس ﺣﯾﺎﺗك ﻟﺗﺗﺟﻧب أﻟ ًﻣﺎ ﻧﻔﺳﯾﺎ ﻣﺎ .وﻣن
اﻷﻓﺿل ﻟك ّأﻻ ﺗﻘﺿﻲ ﺣﯾﺎﺗك ﻗ ِﻠﻘًﺎ ﺣول ﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻟﻧﺎس ﯾﺣﺑوﻧك أم ﻻ ،وﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت ﺳﯾﺎرﺗك ﺗﺛﯾر
ﺗﺣس ﺑﮭذا اﻷﻟم ﻓﻲ أﻏﻠب
ّ ي ﺣﯾﺎة ھذه؟ إﻧﮭﺎ ﺣﯾﺎة ﻣن اﻷﻟم .رﺑﻣﺎ ﻻ ﺗﺷﻌر ﺑﺄﻧك إﻋﺟﺎﺑﮭم أم ﻻ .أ ّ
ً
ﻣﺣﺎوﻻ ﺗ ّﺟﻧب اﻷﻟم ﯾﻌﻧﻲ أن اﻷﻟم ﻣوﺟود ھﻧﺎك ﺳﮫ .أن ﺗﻘﺿﻲ ﺣﯾﺎﺗك اﻷوﻗﺎت ،ﻟﻛﻧّك ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﺣ ّ
أﻣرا ﺧﺎطﺋًﺎ .ﻋﻧد أﯾّﺔ ﻟﺣظﺔ ،ﯾﻣﻛن
ﺧﻠﻔك ﻋﻠﻰ اﻟدوام .ﻓﻌﻧد أﯾّﺔ ﻧﻘطﺔ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧزﻟﻖ ﻟﺳﺎﻧك وﯾﻘول ً
ﻛرﺳت ﺣﯾﺎﺗك ﻛﻠّﮭﺎ ﻟﺗﺟﻧّب اﻷﻟم. اﻧﺗﮭﯾت ﺑﺄن ّ
َ أن ﯾﺣدث أي ﺷﻲء .ﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أﻧّك
ﻧظرت داﺧل ﻧﻔﺳك ،ﺳﺗرى أﻧّك ﺗﻌود ﻣن ﺟدﯾد إﻟﻰ اﻟﺧﯾﺎرﯾن اﻟرﺋﯾﺳﯾﯾن اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن ﻻ ﻏﯾر. َ ﻣﺗﻰ ﻣﺎ
ﺗﻘرر أﻧّك ﻻ ﺗرﯾد
ّأوﻟﮭﻣﺎ أن ﺗﺗرك أﻟﻣك ﻓﻲ اﻟداﺧل وﺗﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟﺻراع ﻣﻊ اﻟﺧﺎرج .وﺛﺎﻧﯾﮭﻣﺎ أن ّ
ﻲ ،وﻣن اﻷﻓﺿل ﻟك أن ﺗﺗﺧﻠّص ﻣﻧﮫ .ﻗِﻠﺔ ﻣن
ّ ﻣﺣﺎوﻻ ﺗﺟﻧّب أﻟﻣك اﻟداﺧﻠ ّ ً أن ﺗﻘﺿﻲ ﺣﯾﺎﺗك ﻛﻠّﮭﺎ
ﺗﺗﺟرأ ﻋﻠﻰ ﺗﺣوﯾل اﻟﻌﻣﻠﯾّﺔ ﻓﻲ اﻟداﺧل ﺑﮭذا اﻟﺷﻛل .أﻣﺎ ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻧﺎس ﻓﻼ ﺗدرك ﺣﺗﻰ ﺑﺄﻧﮭﺎ ّ اﻟﻧﺎس
ﺗﺳﯾر ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮭﺎ ﻣﺣ ّﻣﻠﺔ ﺑﺟﯾوب ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﺎﻵﻻم ﻓﻲ اﻟداﺧل وﺗﺣﺗﺎج ﻣﻧﮭﺎ إﻟﻰ ﺗﻔرﯾﻎ .ھل ﺗرﯾد ﺑﺎﻟﻔﻌل أن
ﺗﺣﻣل ﻛل ھذا داﺧﻠك وﺗﻣﺿﻲ ﻣن أﺟل ﺗﺟﻧّب ھذا اﻷﻟم؟ ﻛﯾف ﺳﺗﻛون ﺣﯾﺎﺗك ﻟو ﻛﻧت ﻏﯾر ﻣﺣﻛوم
ﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺣرﯾّﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ،ﻓﻘط ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة ،وﺗﻛون ﺑﮭذا اﻷﻟم؟ ﺳﺗﻛون ُﺣرا .ﺳﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﺿ ّ
ﻣرﺗﺎ ًﺣﺎ ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋ ّﻣﺎ ﯾﺣدث .ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ أن ﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎة ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻣﺗﻌﺔ اﻟﺗﻲ
ﻋﻠﯾك ﻓﻘط اﻻﺳﺗﻣﺗﺎع ﺑﮭﺎ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺗﮭﺎ .اﻟ ُﺧﻼﺻﺔ ،ﺳﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗك ﺑﺑﺳﺎطﺔ ُﻣ ً
ﺧﺗﺑرا وﺟودك
ﯾﻠف ﺣول ﻧﻔﺳﮫ وﺳط اﻟﻼﻣﻛﺎن ،إﻟﻰ أن ﺗﻣوت. ﻋﻠﻰ ﻛوﻛب ّ
ﻟﻛﻲ ﺗﺣﯾﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺳﺗوى ﻣن اﻟﺣرﯾّﺔ ،ﻻﺑ ّد وأن ﺗﺗﻌﻠّم ّأﻻ ﺗﺧﺎف ﻣن اﻷﻟم واﻻﺿطراب اﻟداﺧﻠﻲ.
طﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﺗﺧﺎف ﻣن اﻷﻟم ،ﺳﺗﺣﺎول دوﻣﺎ أن ﺗﺣﻣﻲ ﻧﻔﺳك ﻣﻧﮫ .اﻟﺧوف ﺳﯾﺟﻌﻠك ﺗﺗﺻرف ھﻛذا .إذا
ﻛﺗﺣول ﻣؤﻗّت ﻓﻲ ﺗدﻓّﻖ اﻟطﺎﻗﺔ ﻟدﯾك .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ّ ﻲ
ظر إﻟﻰ اﻷﻟم اﻟداﺧﻠ ّ ﺣرا ،اﻧ ُأردت أن ﺗﻛون ّ
داع ﻟﺗﺧﺎف ﻣن ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ .ﯾﺟب ﻋﻠﯾك أن ﻻ ﺗﺧﺎف ﻣن اﻟرﻓض ،أو ﻣن ﻛﯾف ﺳﺗﺑدو ﻟو أﻧك
ﻣرﺿت ،أو ﻟو ﻣﺎت أﺣد ﻣﺎ ،أو ﻟو ﺣدث ﺷﻲء ﻣﺎ ﺑﺻورة ﺧﺎطﺋﺔ .أﻧت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻘﺿﻲ
وإﻻ ﺻﺎر ﻛل ﺷﻲء ﺳﻠﺑﯾّﺎ .وﻣﺎ ﺳﺗﻧﺗﮭﻲ ﻣﺣﺎوﻻ ﺗﺟﻧّب أﺷﯾﺎء ھﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ ﺗﺣدث ﻟكّ ، ً ﺣﯾﺎﺗك
إﻟﻰ رؤﯾﺗﮫ ھو َﻛ ﱞم ﻣن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﯾُﺣﺗﻣل ﺣدوﺛﮭﺎ ﺣﺳب .ھل ﻟدﯾك أﯾﺔ ﻓﻛرة ﻋن ﻋدد اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ
ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺗﺳﺑّب ﺑﺄﻟم داﺧﻠﻲ أو اﻧزﻋﺎج؟ ﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ ،أﻛﺛر ﻣن ﻋدد اﻟﻧﺟوم اﻟﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﻣﺎء .إن
ﺣرا ﻓﻲ اﻛﺗﺷﺎف اﻟﺣﯾﺎة ،ﻻ ﺗﻘﺿﻲ ﺣﯾﺎﺗك ﻣﺗﺟﻧّﺑًﺎ أﺷﯾﺎء ﻻ ﺗُﻌَ ّد وﻻ ﺗُﺣﺻﻰ، أردت أن ﺗﻧﻣو وﺗﻛون ّ
وﻗد ﺗﺗﺳﺑّب ﻓﻲ إﯾذاء ﻗﻠﺑك أو ﻋﻘﻠك.
ﻋﻠﯾك أن ﺗﻧظر إﻟﻰ أﻋﻣﺎق ﻧﻔﺳك ودواﺧﻠﮭﺎ وﺗﻘرر ﻣن اﻵن وﺻﺎﻋدا أن اﻷﻟم ﻟﯾس ﺑﻣﺷﻛﻠﺔ .ﺑل ھو
وﺧزا ﻓﻲ ﻗﻠﺑك وﯾؤﺛّر
ً ﺷﻲء ﻣﺎ ﻣوﺟود ﻓﻲ اﻟﻛون .ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﯾﻘول ﻟك ﺷﺧص ﻣﺎ ﺷﯾﺋﺎ ﯾﺳﺑّب
ﻋﻠﯾﮫ ،ﻟﻛن ھذا اﻟﺷﻲء ﺳﯾﻣﺿﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد إﻟﻰ ﺣﺎل ﺳﺑﯾﻠﮫ .إﻧﮭﺎ ﻟﯾﺳت أﻛﺛر ﻣن ﺗﺟرﺑﺔ ﻋﺎﺑرة .ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ
اﻟﻧﺎس ﯾﺻﻌب ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﺗﺗﺧﯾل ﻛﯾف ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻧﻌم ﺑﺎﻟﺳﻼم ﻣﻊ اﻹزﻋﺎﺟﺎت اﻟﺗﻲ ﺑداﺧﻠﮭﺎ .ﻟﻛن ﻟو
ﻟم ﺗﺗﻌﻠم ﻛﯾف ﺗﻛون ﻣرﺗﺎﺣﺎ ﻓﻲ وﺟود ﻛل ﺗﻠك اﻹزﻋﺎﺟﺎت ،ﻓﺳﺗﺟد أﻧك أﻣﺿﯾت ﺣﯾﺎﺗك وأﻧت
ﺗﻛرﺳﮭﺎ ﻟﺗﺟﻧّب ﺣدوث ﺗﻠك اﻹزﻋﺎﺟﺎت .إذا راودك اﻹﺣﺳﺎس ﺑﻌدم اﻷﻣﺎن ،ﻓﺎﻋﻠم أﻧﮫ ﻣﺟرد ﺷﻌور. ّ
واﻋﻠم أﻧك ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﺣﺗﻣﺎل اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﻣزﻋﺟﺔ .إذا ﺷﻌرت ﺑﺎﻹﺣراج ،ﻓﮭو ﻣﺟرد ﺷﻌور .إﻧﮫ ﺟزء
ظر إﻟﻰ ﺷﻌورك ﺑﺎﻟﻐﯾرة ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧﻠﻖ .إذا ﺷﻌرت ﺑﺎﻟﻐﯾرة واﺣﺗرق ﻗﻠﺑك ﺑﺳﺑﺑﮭﺎ ،ﻓﻘط اﻧ ُ
ﻣﺟرد ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﻛون ﻟﻛﻧﮫ ﯾﻣر ﻋﺑر ﻧظﺎﻣك .اﺿﺣك ّ ﺻﺑت ﺑﺟرح ﺧﻔﯾف .إﻧﮫ ﺑﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،وﻛﺄﻧك أ ُ ِ
ﻋﻠﯾﮫ ،اﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﮫ ،ﻟﻛن ﻻ ﺗﺧﺷﺎه .ھو ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻟﻣﺳك ﻣﺎ ﻟم ﺗﻘم أﻧت ﺑﻠﻣﺳﮫ.
دﻋوﻧﺎ ﻧﻛﺗﺷف ذﻟك ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﻧزﻋﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻓﯾﻧﺎ .ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻠﻣس ﺷﻲء ﻣؤﻟم
أﺟﺳﺎدﻧﺎ ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺗﺣرك ﺑﻌﯾدا ﻋﻧﮫ ﺑﺻورة ﻏرﯾزﯾﺔ .وﻧﻘوم أﯾﺿﺎ ﺑﺎﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن اﻟرواﺋﺢ واﻷطﻌﻣﺔ ﻏﯾر
اﻟﻣﺣﺑّﺑﺔ ﻟدﯾﻧﺎ .واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أن ذواﺗﻧﺎ ﺗﺗﺻرف ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو أﯾﺿﺎ .إذا ﻣﺎ ﻟﻣﺳﮭﺎ ﺷﻲء ﻣزﻋﺞ ،ﺗﻣﯾل
ھﻲ أﯾﺿﺎ ﻟﻼﻧﺳﺣﺎب واﻟﺗراﺟﻊ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﻧﻔﺳﮭﺎ .ﺗﻘوم ﺑﮭذا اﻟﺗﺻرف ﻋﻧد اﻟﺷﻌور ﺑﻔﻘدان اﻷﻣﺎن
واﻟﻐﯾرة وﻛ ّل اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل اﻟذﺑذﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﻧﺎﻗﺷﻧﺎھﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ .ﻓﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺟوھري ﯾﻛﻣن ﻓﻲ
أن "اﻧﻐﻼﻗك" ھو ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﻧك ﻟوﺿﻊ درع واﻗﯾﺔ ﺣول طﺎﻗﺗك اﻟداﺧﻠﯾﺔ .وأﻧت ﺗﺷﻌر ﺑﮭذا
ﻣن ﺧﻼل اﻟﺿّﯾﻖ اﻟذي ﯾﻧﺗﺎب ﻗﻠﺑك .ﯾﻘول أﺣدھم ﺷﻲء ﻣﺎ ﯾﺛﯾر اﺳﺗﯾﺎءك ﻓﺗﺷﻌر ﻋﻠﻰ اﻟﻔور ﺑﺎﻧزﻋﺎج
"ﻟﺳت ﻣﺿطرا إﻟﻰ ﺗﺣ ّﻣل ھذا .ﺳﺄﺑﺗﻌد ﻋن ھذا اﻟﺷﺧص، َ ﻓﻲ ﻗﻠﺑك .ﺛم ﯾﺑدأ ﻋﻘﻠك ﺑﺎﻟﺗﺣدث إﻟﯾك،
وﻟن أﺟﺗﻣﻊ ﺑﮫ ﻣرة أﺧرى .ﺳﯾﻧدم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎل ".ھﻧﺎ ﯾﻘوم ﻗﻠﺑك ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻻﻧﺳﺣﺎب ﻣ ّﻣﺎ ﯾﺣدث
وﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳﮫ ﻛﻲ ﻻ ﯾﺧوض ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺷﻌور ﺑﮭذا اﻻﻧزﻋﺎج ﻣرة أﺧرى .أﻧت ﺗﻘوم ﺑﮭذا
دﻣت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣ ّﻣل اﻷﻟم ،ﻓﺳﺗﻛون َ اﻟﺗﺻرف ﻷﻧّك ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣ ّﻣل اﻷﻟم اﻟذي ﺗﺷﻌر ﺑﮫ .وﻣﺎ ّ
ردّة ﻓﻌﻠك ھﻲ اﻻﻧﻐﻼق ﻛﻲ ﺗﺣﻣﻲ ﻧﻔﺳك .وﻣﺎ إن ﺗﻧﻐﻠﻖ ،ﺣﺗﻰ ﯾﻘوم ﻋﻘﻠك ﺑﺗﺷﯾﯾد ﺑﻧﯾﺔ ﻧﻔﺳﯾّﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ
ﺣول طﺎﻗﺗك اﻟﻣﻧﻐﻠﻘﺔ ھذه .وﺳﺗﻘوم أﻓﻛﺎرك ﺣﯾﻧﮭﺎ ﺑﺗﺑرﯾر اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ﻛوﻧك ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ،واﻵﺧر ﻋﻠﻰ
ﺧطﺄ ،وﻣﺎذا ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك ﻋﻣﻠﮫ ﺑﺻدد ذﻟك.
ﻟو ﺗﻘﺑّﻠت ذﻟك وأﺧذت ﺑﮫ ،ﺳﯾﺻﺑﺢ ﺟزءا ﻣﻧك .وﺳﯾﺑﻘﻰ اﻷﻟم ﻟﺳﻧوات ﻋدﯾدة ﻓﻲ ﺟوﻓك وﺳﯾﺻﺑﺢ
واﺣدًا ﻣن اﻟﻠﺑﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﺣﯾﺎﺗك ﻛﻠﮭﺎ .وﺳﯾﺣدّد ﻟك ﻛل ردّات ﻓﻌﻠك اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ وأﻓﻛﺎرك
وأوﻟوﯾﺎﺗك .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣوﻗف ﻣﺎ ﺑرﻓﺿك ﻟﻸﻟم اﻟذي ﻗد ﯾﺳﺑّﺑﮫ ﻟك ،ﻋﻧدھﺎ ﺳﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك
ﺗﻌدﯾل ﺗﺻرﻓﺎﺗك وأﻓﻛﺎرك ﻣن أﺟل ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳك .ﺳﯾﻛون ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾك ﻓﻌل ھذا ﻟﺗﻔﺎدي أي ﺷﻲء
ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾزﯾد ﻣن ﺣدّة ﻣﺎ اﺧﺗزﻧﺗﮫ ﻓﻲ داﺧﻠك ﻋن اﻟﺣدث .وﺳﯾﻧﺗﮭﻲ ﺑك اﻷﻣر ﺑﺑﻧﺎء ھﯾﻛل ﺣﻣﺎﯾﺔ
ﻛﺎﻣل ﺣول ﻣﺎ أﻏﻠﻘﺗﮫ ﻓﻲ داﺧﻠك .وﻟو ﻛﺎن ﻟدﯾك اﻟوﺿوح ﻟﻣراﻗﺑﺔ ھذا اﻟذي ﯾﺣدث ،وﺗﻔ ّﮭﻣت
ّ
ﺣرا وﺗﺗﺧﻠّص ﻣن ھذه اﻟﻣﺻﯾدة .ﻟﻛﻧك اﻟﻌواﻗب اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدى اﻟﺑﻌﯾد ،ﻻﺧﺗرت أن ﺗﻛون ّ
اﻷوﻟﻲ ّ
ﻟن ﺗﻛون ﺣرا ﺣﺗﻰ ﺗﺻل إﻟﻰ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻋﻧدھﺎ أن ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻌدّا ﻟﻠﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻷﻟم ّ
ﺑدﻻ ﻣن ﻣﺣﺎوﻻﺗك ﺗﺟﻧّﺑﮫ .ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗﻌﻠم ﻛﯾف ﺗﺗﺟﺎوز اﻟﻣﯾل اﻟداﺋم ﻟﺗﺟﻧّب اﻷﻟم.
إن اﻷﺷﺧﺎص اﻟﺣﻛﻣﺎء ﻻ ﯾرﯾدون أن ﯾﺑﻘوا ﻋﺑﯾدًا ﻟﻣﺧﺎوﻓﮭم .ﻓﯾﺳﻣﺣون ﺑﺄن ﯾﻛون اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟﮭم
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو ﻋﻠﯾﮫ ﺑدﻻ ﻣن أن ﯾﺻﺑﺣوا ھم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧوف ﻣﻧﮫ .ﻓﮭم ﯾﺳﺎھﻣون ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺈﺧﻼص
ﻋرﺿﺗك اﻟﺣﯾﺎة ﻟﺷﻲء ﻣﺎ ﯾﺳﺑّب ﻟك اﺿطراﺑﺎ ﻓﻲ اﻟداﺧل ،ﻓﺑدﻻ ﻟﻛن ﻟﯾس ﺑﮭدف ﺗﺟﻧب ذواﺗﮭم .ﻟو ّ
ﯾﻣر ﻋﺑرك ﻛﻌﺑور اﻟرﯾﺎح .ﻓﻔﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،ﺗﺣدث أﺷﯾﺎء ﻛﺛﯾرة وﺑﺷﻛل ﻣن اﻻﻧﺳﺣﺎب ﺑﻌﯾدا ﻋﻧﮫ ،دﻋﮫ ّ
ﯾوﻣﻲ وﺗﺳﺑّب اﺿطراﺑﺎ ﻟﻺﻧﺳﺎن .ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك أن ﺗﺷﻌر وﻓﻲ أﯾﺔ ﻟﺣظﺔ ﺑﺎﻹﺣﺑﺎط واﻟﻐﺿب واﻟﻐﯾرة
وﻋدم اﻷﻣﺎن أو اﻹﺣراج .وﻟو ﻻﺣظت ،ﻟرأﯾت أن اﻟﻘﻠب ﯾﺣﺎول دوﻣﺎ إﺑﻘﺎء ھذه اﻟﻣﺷﺎﻋر ﺑﻌﯾدا ﻋﻧﮫ.
ﺣرا ،ﻓﻼﺑ ّد ﻣن أن ﺗﺗﻌﻠم اﻟﺗوﻗّف ﻋن ﻣﺣﺎرﺑﺔ ھذه اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ. ﻟو أردت أن ﺗﻛون ّ
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺷﻌر ﺑﺄﻟم ،ﻓﻘط اﻧظر إﻟﯾﮫ ﻛطﺎﻗﺔ .اﺑدأ ﻓﻘط ﺑرؤﯾﺔ ھذه اﻟﺗﺟﺎرب اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻛطﺎﻗﺔ ﺗﻌﺑُر ﻣن
ﺧﻼل ﻗﻠﺑك وأﻣﺎم وﻋﯾك .ﺛم اﺳﺗرخ .اﻋﻣل ﻋﻛس اﻟﺗﻘﻠّص واﻻﻧﻐﻼق .اﺳﺗرخ وﺗﺧﻠّﻰ ﻋن اﻷﻣور
اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث .أرح ﻗﻠﺑك إﻟﻰ أن ﺗﺟد ﻧﻔﺳك وﺟ ًﮭﺎ ﻟوﺟﮫ ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾؤﻟﻣك ﺑﺎﻟﺿﺑط .إﺑﻘﻰ
ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻔﺗﺎح واﺳﺗﻘﺑﺎل ﺑﺣﯾث ﺗﻛون ﺣﺎﺿرا ھﻧﺎك ﺣﯾث ﻣوﻗﻊ اﻟﺗوﺗّر .ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ
أن ﺗﺑﻘﻰ ﺣﺎﺿرا ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻓﻲ ﻣﻛﺎن اﻟﺿﯾﻖ واﻷﻟم ،ﺛم اﺳﺗرخ ﺑﻌدھﺎ واذھب أﻋﻣﻖ إﻟﻰ اﻟداﺧل .ھذا
وﺗﺣو ًﻻ ﻣن اﻟﻧوع اﻟﻌﻣﯾﻖ .ﻟﻛﻧك ﻟن ﺗرﻏب ﻓﻲ ﻋﻣل ذﻟك .ﺳﺗﺷﻌر ﺑﻣﻘﺎوﻣﺔ ھﺎﺋﻠﺔ ،وھذا ّ ﯾُﻌﺗﺑر ﻧﻣوا
ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻗوﯾّﺔ ﺟدّا .ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﺳﺗرﺧﯾًﺎ ﻟﻛﻧك ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ،ﯾﻛون اﻟﻘﻠب ﻋﻧدھﺎ
أرخِ ﻛﺗﻔﯾك راﻏﺑﺎ ﻓﻲ اﻻﻧﺳﺣﺎب واﻻﻧﻐﻼق واﻟﺣﻣﺎﯾﺔ واﻟدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳﮫ .ﻟﻛن اﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻻﺳﺗرﺧﺎءْ .
وأرح ﻗﻠﺑك .ﺗﺧﻠّﻰ ﻋن اﻷﻣر واﺗرك ﻣﺳﺎﺣﺔ ﻟﻸﻟم ﻛﻲ ﯾﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟك .ھو ﻟﯾس أﻛﺛر ﻣن طﺎﻗﺔ .ﻓﻘط
ظر إﻟﯾﮫ ﻛطﺎﻗﺔ ودﻋﮭﺎ ﺗﻣر. اﻧ ُ
ﻟﻛﻧك ﻟو ﻓرﺿت ﺣﺻﺎرا ﺣول اﻷﻟم وﻣﻧﻌﺗﮫ ﻣن اﻟﻌﺑور ،ﻓﺳﯾﺑﻘﻰ ﻓﻲ داﺧﻠك .وھذا ھو ﺳﺑب ﻧزوﻋﻧﺎ
ﻲ ﻟﻠﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻧﺗﺎﺋﺞ ﻋﻛﺳﯾّﺔ داﺋﻣﺎ .إذا ﻛﻧت ﻻ ﺗرﻏب ﻓﻲ اﻷﻟم وﻻ ﺗرﯾده ،ﻓﻠﻣﺎذا ﺗﻐﻠﻖ اﻟطﺑﯾﻌ ّ
ﺗظن ﺑﺎﻟﻔﻌل أﻧك ﻟو ﻗﺎوﻣﺗﮫ ،ﺳﯾذھب ﺑﻌﯾدا ﻋﻧك؟ ھذا ﻟﯾس ﺻﺣﯾﺣﺎ .ﻟو ّ ﻋﻠﯾﮫ وﺗﺑﻘﯾﮫ ﻓﻲ اﻟداﺧل؟ ھل
ﺗﺧﻠّﯾت ﻋن اﻷﻟم وﺗرﻛت اﻟطﺎﻗﺔ ﺗﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟك ،ﻋﻧدھﺎ ﺳﯾذھب ﺑﻌﯾدا .ﻟو ﻗﻣت ﺑﻌﻣﻠﯾّﺔ اﻻﺳﺗرﺧﺎء
وﺗﺟرأت ﺑﺻدق ﻟﻣواﺟﮭﺗﮫ ،ﻋﻧدھﺎ ﺳﯾﻌﺑُر .ﻓﻲ ﻛ ّل ﺳﺎﻋ ٍﺔ ّ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ إﻟﯾك اﻷﻟم ﻣن داﺧل ﻗﻠﺑك،
ﺗﺳﺗرﺧﻲ ﻓﯾﮭﺎ وﺗدع اﻷﻣور وﺷﺄﻧﮭﺎ ﺧﻼﻟﮭﺎ ،ﯾﻐﺎدرك ﺟزء ﻣن اﻷﻟم إﻟﻰ اﻷﺑد .ﻟﻛن ﻓﻲ ﻛ ّل ﺳﺎﻋﺔ
ّﺎر ﻣﺎ .ﺑﻌدھﺎﻛﺛﯾرا ﺳد َّك ﻟﺗﯾ ٍ
ً ﺗﻘوم ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ واﻻﻧﻐﻼق ،ﻓﺈﻧّك ﺗﺑﻧﻲ اﻷﻟم داﺧﻠك .اﻷﻣر ﯾﺷﺑﮫ
ﺳﺗﺿطر ﻻﺳﺗﺧدام اﻟذّات ﻟﺧﻠﻖ ﻣﺳﺎﻓﺔ ﺑﯾﻧك أﻧت اﻟذي ﯾﺧﺗﺑر ھذا اﻷﻟم وﺑﯾن اﻷﻟم ﻧﻔﺳﮫ .ھذا ھو ّ
ّ
أﺻل ﻛل اﻟﺿﺟﯾﺞ اﻟذي ﻓﻲ ﻋﻘﻠك :ھو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺗﺟﻧب اﻵﻻم اﻟﻣﺧزوﻧﺔ داﺧﻠك.
إن أردت أن ﺗﻛون ﺣرا ،ﻓﻼﺑ ّد أن ﺗﺗﻘﺑّل ﺑداﯾﺔ أن ھﻧﺎك أﻟ ًﻣﺎ ﻣوﺟودًا ﻓﻲ ﻗﻠﺑك .أﻧت ﻣن ﻗﻣت ﺑﺗﺧزﯾﻧﮫ
ھﻧﺎك .وأﻧت ﻗﻣت ﺑﻛل ﻣﺎ ﯾﺧطر ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟك ﻟﺗُﺑﻘﯾﮫ ھﻧﺎك ،ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎق ،ﻓﻘط ﻣن أﺟل ّأﻻ ﺗﺿطر
ﻟﻠﺷﻌور ﺑﮫ .ﺗوﺟد ھﻧﺎك أﯾﺿﺎ ﻣﺷﺎﻋر ھﺎﺋﻠﺔ ﻣن اﻟﺑﮭﺟﺔ واﻟﺟﻣﺎل واﻟﺣب واﻟﺳﻼم داﺧﻠك .ﻟﻛﻧﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ
ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣﻌﺎﻛس ﻣن اﻷﻟم .وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣﻌﺎﻛس ﻣن اﻷﻟم ھﻧﺎك أﯾﺿﺎ ﻧﺷوة وھﻧﺎك ﺣرﯾّﺔ .إن
ﻋظﻣﺗك اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﺗﺧﺗﺑﺊ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣﺿﺎد ﻟطﺑﻘﺔ اﻷﻟم ﺗﻠك .ﯾﺟب ﻋﻠﯾك أن ﺗﻛون ﻗﺎدّرا ﻋﻠﻰ ﻗﺑول
اﻷﻟم ﻛﻲ ﺗﺗﻣ ّﻛن ﻣن اﻟﻌﺑور إﻟﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻵﺧر .ﻓﻘط ﺗﻘﺑّل أن اﻷﻟم ﺳﯾظ ّل ھﻧﺎك وﺣﯾﻧﮭﺎ ﺳﺗﺷﻌر ﺑﮫ.
وﺳﺗﻘﺑل ذﻟك ،وإذا ﻣﺎ ﻗﻣت ﺑﺎﻻﺳﺗرﺧﺎء ،ﻓﺳﯾﺄﺧذ اﻷﻟم ﻟﺣظﺔ أﻣﺎم
ﯾﻣر ھو داﺋ ًﻣﺎ.
وﻋﯾك ،ﺛم ﺳﯾﻣر .ھﻛذا ّ
ﺷﻌورا ﺑﺎﻟﺣرارة ﻓﻲ اﻟداﺧل أﺛﻧﺎء ﻋﺑور اﻷﻟم .ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،ﺣﯾن ً ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﺳﺗﻼﺣظ أن ھﻧﺎك
ﺗﺳﺗرﺧﻲ ﻓﻲ طﺎﻗﺔ اﻷﻟم ،ﻗد ﺗﺷﻌر ﺑﺣرارة ھﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺑك ،وھو ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻷﻟم اﻟذي ﯾﺗم ﺗطﮭﯾره
ﻣن ﻗﻠﺑك .ﺗﻌﻠّم ﻛﯾف ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﺗﻠك اﻟ ُﺣرﻗﺔ .ﻻ ﯾﺑدو أﻧك ﺳﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭﺎ ،ﻟﻛﻧّك ﺳﺗﺗﻌﻠّم ذﻟك ﻷﻧﮫ ﯾﻘوم
ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ دﻓﻊ ھذا اﻟﺛﻣن ،ﻟن ﺗﻛون
ﺑﺗﺣرﯾرك .إن اﻷﻟم ھو ﺛﻣن اﻟﺣرﯾﺔ .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻓﯾﮭﺎ ً
ﺧﺎﺋﻔﺎ ﺑﻌدھﺎ .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﻟن ﺗﻛون ﻓﯾﮭﺎ ﺧﺎﺋﻔًﺎ ﻣن اﻷﻟم ،ﺳﯾﻛون ﺑﻣﻘدورك أن ﺗواﺟﮫ ﻛ ّل أﻣور
اﻟﺣﯾﺎة دون ﺧوف.
ﺷﻌورا ﺑﺄﻟم ﺷدﯾد ﻓﻲ اﻟداﺧل .إن ﻛﺎن اﻷﻟم
ً ﺳﺗﻣر ﺑﺗﺟﺎرب ﻋﻣﯾﻘﺔ ﺳﺗﺳﺑّب ﻟك ّ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن
ﺻﺎ ﺣﻛﯾ ًﻣﺎ ،ﻓﺳﺗدع اﻷﻟم وﺷﺄﻧﮫ وﻟن ﺗﺣﺎول ﺗﻐﯾﯾر ﺣﯾﺎﺗك ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟداﺧل ،ﻓﺈﻧﮫ ﺳﯾﺄﺗﯾك .إن ﻛﻧت ﺷﺧ ً
ﯾﺗﺣرر
ّ ﻣن أﺟل ﺗﺟﻧّﺑﮫ .ﺳﺗﻘوم ﻓﻘط ﺑﺎﻻﺳﺗرﺧﺎء وﺗُﻌطﯾﮫ اﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﺎﺟﮭﺎ ﻣن أﺟل أن
وﯾﺣﺗرق ﻋﺑرك .أﻧت ﻟﺳت ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ وﺟود ﻣﺛل ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ داﺧﻠك .ﻓﺄﻧت ﻣن أﺟل أن ﺗﺷﻌر
ﺳﻛﯾﻧﺔ ﻓﻲ داﺧﻠك ،ﻻﺑ ّد ﻟﻛل اﻷﻟم اﻟﻣوﺟود ﻓﻲ اﻟداﺧل أن ﯾﻐﺎدر. ﺑﺎﻟﺣبّ واﻟﺣرﯾّﺔ ،ﻣن أﺟل أن ﺗﺟد اﻟ ّ
اﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ وﺗراھﺎ واﻗﻌًﺎ ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ﻓﻲ وﺟودك .إن اﻟﻧﻣو اﻟروﺣﺎﻧﻲ ﻲ ﯾُﻣﻛن أن ﺗﻌﯾش ّ وﺑﮭذا اﻟﻔﻌل اﻟداﺧﻠ ّ
ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻋﻧدھﺎ ﻣﺳﺗﻌدا و ُﻣدر ًﻛﺎ أﻧّك ﻻﺑ ّد وأن ﺗدﻓﻊ ﺛﻣن اﻟﺣرﯾّﺔ .ﯾﺟب ﻋﻠﯾك أن
ﺗﻛون دو ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌداد وﻓﻲ ﻛل اﻟظروف أن ﺗﺑﻘﻰ واﻋﯾًﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻟﺧوف .وأن ﺗﻌﻣل ﻣﻊ ﻗﻠﺑك
ﻋن طرﯾﻖ اﻻﺳﺗرﺧﺎء ﻟﻠﺑﻘﺎء ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟدوام.
ﺳﺎ ﺑﺧﺻوص ذﻟك ﺳﺎ ً
ﻲﺣ ّاﻧﻐﻠﻘت ﺑﺧﺻوص ﺷﻲء ﻣﺎ ،ﻓﺳﺗُﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻧﻔﺳ ّ َ ﺗذ ّﻛر ،أﻧك ﻟو
اﻟﺷﻲء ﺑﻘﯾّﺔ ﻋﻣرك .وﻷﻧك ﺗﺧﺗزﻧﮫ داﺧﻠك ،ﺳﺗﻛون ﺧﺎﺋﻔًﺎ ﻣن أن ﯾﺣدث ﻟك ﻣرة أﺧرى .ﻟﻛﻧك ﻟو
اﺳﺗرﺧﯾت ﺑدﻻ ﻣن اﻻﻧﻐﻼق ،ﺳﯾﺟد ھذا اﻟﺧوف طرﯾﻘﮫ إﻟﻰ اﻟﺧﺎرج ﻣن ﺧﻼﻟك أﻧت .إذا ﺑﻘﯾتً
ﻣرةﻲ ،وﻟن ﯾﻛون ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗﺣ ّﻣل ذﻟك ّ ﺳﺗﺗﺣرر ﺑﺷﻛل طﺑﯾﻌ ّ ّ ُﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ،ﻓﺎﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻣﻧﻐﻠﻘﺔ داﺧﻠك
أﺧرى.
ھذا ھو ﺟوھر اﻟﻌﻣل اﻟروﺣﻲ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرﺗﺎح ﻟﻣرور اﻷﻟم ﻣن ﺧﻼﻟك ،ﺳﺗﻛون ﺣرا .ﻟن ﯾﺗﻣﻛن ھذا
ﯾﺣرك اﻷﻟم اﻟﻣﺧزون اﻟﻌﺎﻟم ﻣن أذﯾﺗك ﻣرة أﺧرى ﻷن أﺳوأ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻌﺎﻟم أن ﯾﻔﻌﻠﮫ ﺑك ھو أن ّ
داﺧﻠك .إذا ﻟم ﺗﻛن ﺗُﻌﯾر ھذا اﻷﻣر اھﺗﻣﺎ ًﻣﺎ ،وإذا ﻟم ﺗﻌد ﺧﺎﺋﻔﺎ ﻣن ﻧﻔﺳك ،ﻓﺄﻧت ُﺣ ّر .وﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﻛون
ي وﻗت ﻣﺿﻰ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق. ﺿﺎ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة وﺣﯾﺎ أﻛﺛر ﻣن أ ّ ﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم ﻧﺎﺑ ً ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿ ًّ
ﺳﺗﺷﻌر ﺑﻛل ﺷﻲء ﺣوﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻷﻋﻣﻖ ﻣﻧك .وﺳﺗﺑدأ ﻓﻲ ﺧوض ﺗﺟﺎرب ﺟﻣﯾﻠﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌل ﺗﺄﺗﻲ
طﺎ ﻣن اﻟﺣبّ ﯾﻘطن ﺧﻠف ﻛل ذاك اﻟﺧوف واﻷﻟم. ﻣن اﻟداﺧل .وﺳﺗﺳﺗوﻋب ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ أن ھﻧﺎك ُﻣﺣﯾ ً
وﺳﺗﺳﺎﻧدك ھذه اﻟﻘوة ﻋن طرﯾﻖ ﺗﻐذﯾﺔ ﻗﻠﺑك ﻣن اﻷﻋﻣﺎق .وﻣﻊ ﻣرور اﻟوﻗت ،ﺳﺗﺑﻧﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ
ﻗوﯾﺔ ﻣﻊ ھذه اﻟﻘوة اﻟﺟﻣﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻓﻲ داﺧﻠك .وﺳﺗﺣ ّل ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻛﺎن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد
ﺳﻼم واﻟﺣب ﺣﯾﺎﺗك .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺟﺗﺎز طﺑﻘﺔ ﻲ .وﻋﻧدھﺎ ﺳﯾﻌ ّم اﻟ ّ ﺑﯾﻧك وﺑﯾن اﻷﻟم واﻻﺿطراب اﻟداﺧﻠ ّ
اﻷﻟم ،ﺳﺗﻛون ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺣرا ﻣن ﻗﯾود اﻟذات.
اﻟﺟزء اﻟراﺑﻊ:
اﻟذّھﺎب إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﻣﺗﻧﺎول
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﺷر :ھدم اﻟﺟدران
ﻧﻣوك اﻟروﺣﻲ ،ﺳﺗﺷﻌر أن داﺧﻠك ﺻﺎر ھﺎدﺋًﺎ أﻛﺛر .ھذا ﯾﺣدث ﺑﺷﻛل ﻋﻧد ﻧﻘطﺔ ﻣﻌﯾّﻧﺔ ﻣن ﻋﻣﻠﯾّﺔ ّ
طﺑﯾﻌﻲ ﺟدّا ﻛﻠّﻣﺎ اﺗّﺧذت ﻣوطﻧًﺎ أﻋﻣﻖ ﻣن اﻟداﺧل .وﻣﻊ اﻟوﻗت ﺗُدرك أﻧّﮫ رﻏم وﺟودك اﻟداﺋم ھﻧﺎك،
ﺳﯾ ٍل ﻣن اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر واﻟ ُﻣدﺧﻼت اﻟﺣﺳﯾّﺔ .وﺳﺗُدرك ّإﻻ أﻧك ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﻛون ﻏﺎرﻗًﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ َ
أﺧﯾرا أن ﻓﻲ اﺳﺗطﺎﻋﺗك اﻟذھﺎب إﻟﻰ أﺑﻌد ﻣن ﻛل ﺗﻠك اﻹزﻋﺎﺟﺎت .وﻛﻠّﻣﺎ طﺎل ﺟﻠوﺳك ﻓﻲ ﻣوطن ً
ّ
ﻟﻠﺗﺣرر ﻣن اﻟﻘﺑﺿﺔ اﻟﺳﺣرﯾﺔ ﻟﻠذات ﻋﻠﻰ ّ ّ
ﺷﺎھد اﻟواﻋﻲ ،ﻛﻠﻣﺎ ازداد إدراﻛك ﺑﺄﻧّك ﺗﻣﻠك وﺳﯾﻠﺔ اﻟ ّ
اﻟوﻋﻲ .وأن ھﻧﺎك داﺋﻣﺎ ﻣﺧر ًﺟﺎ ﻣﺎ.
إن اﻻﻧطﻼﻗﺔ اﻟداﺧﻠﯾّﺔ ﻣن أﺟل اﻟﺣرﯾّﺔ ﻗد ﺗم ﺗﺻوﯾرھﺎ ﺗﻘﻠﯾدﯾﺎ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﺧدام اﻟﻣﻔرط وﺳوء
اﻟﻔﮭم اﻟﻌﺎم ﻟﻣﺻطﻠﺢ "اﻟﺗﻧوﯾر" .اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ أن رؤﯾﺗﻧﺎ ﻟﻣﻌﻧﻰ اﻻﺳﺗﻧﺎرة ﻣﺑﻧﯾّﺔ إ ّﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺎرﺑﻧﺎ
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ أو ﻋﻠﻰ اﺳﺗﯾﻌﺎﺑﻧﺎ اﻟﻣﺣدود ﻟﮭذا اﻟﻣﻔﮭوم .وﻷن ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻧﺎس ﻟﯾس ﻟدﯾﮭﺎ أﯾّﺔ ﺧﺑرة ﻋﻠﻰ
ﻣﺣط ﺳﺧرﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﺑﻌض ،أو ﯾُﻧظر إﻟﯾﮭﺎ ﻋﻧد ّ اﻹطﻼق ﻓﻲ ھذا اﻟﺣﻘل ،ﻓﺈن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧوﯾر ﺗﻛون
إن اﻟﺷﻲء اﻟوﺣﯾد اﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﺻوﻓﯾّﺔ ﻣﺗﺟﻠﯾّﺔ ﻻ ﯾﺻل اﻟﯾﮭﺎ أﺣد .وﯾﻣﻛن اﻟﻘول ّ
اﻟذي ﯾﻌرﻓﮫ اﻟﻧﺎس ﻋن اﻟﺗﻧوﯾر ھو أﻧّﮫ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺟﮭوﻟﺔ ﻋﻧدھم ﻟم ﯾﺧﺗﺑروھﺎ ﺑﻌد .ﻟﻛن ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﻔﮭم أن
ﺗﻣر ﺑﺑﺳﺎطﺔ أﻣﺎم وﻋﯾك ،ﻓﯾﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﻣﻧطﻘﻲ أن ﻧﺳﺄل ﻣﺎ إن ﺳﯾّﺔ ّ اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر واﻷﺷﯾﺎء اﻟﺣ ّ
وﻣﻘﺗﺻرا ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ أم ﻻ .ﻣﺎذا ﻟو أن ً ﻛﺎن ﺷﻌورك ﺑﺎﻟوﻋﻲ ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﯾﻛون ﻣﺣدودًا
وﻋﯾك ﻗﺎم ﺑﻧﻘل ﺗرﻛﯾزه ﺑﻌﯾدًا ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ أﻓﻛﺎرك اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،وﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺷﺎﻋرك اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ،
ﻣﺗﺣررا ﻣن رواﺑطك اﻟذاﺗﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ّ وﻋن ﻣﺧرﺟﺎﺗك اﻟﺣﺳﯾﺔ اﻟﻣﺣدودة؟ ﻓﮭل ﺳﺗﻛون ﻋﻧدھﺎ
وﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻛﺗﺷﺎف ﻣﺎ ھو أﺑﻌد ﻣن ذﻟك؟ ﻟﻧﺑدأ ﺑﺎﻟﺳؤال اﻟﺗﺎﻟﻲ ،ﻛﯾف ﺻﺎر اﻟوﻋﻲ ﺗﺣدﯾدًا ﻣرﺗﺑطﺎً ً
ﺷﺎ ﺣول ﻣﺎ ھو ﻣوﺟود أﺳﺎﺳﺎ ﺧﺎرج إن إﺷﻛﺎﻟﯾّﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﻣﺛل ھذه اﻷﺳﺋﻠﺔ ﺗﺳﺗدﻋﻲ ﻧﻘﺎ ً ﺑذاﺗك؟ ّ
ﺣدود اﻟﻌﻘل .وﻣن اﻟﺻﻌب أن ﯾﺄﺗﻲ ﻣﺛل ھذا اﻟﻧﻘﺎش ﻣن داﺧل اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾّﺔ اﻟﺗﻲ اﻋﺗدﻧﺎ اﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ
اﻟﻣﺗﺣررة ،وذﻟك
ّ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﻌﯾّﻧﺔ دو ًﻣﺎ دون ﺗﻐﯾﯾر .وﻟﮭذا اﻟﺳﺑب ،ﺳﻧﺑدأ ﻓﻲ اﻛﺗﺷﺎف ﻛﯾف ھﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ
اﻟرﻣز .ﻓﻛﻣﺎ ﻓﻌل أﻓﻼطون ﻋﻧدﻣﺎ اﺳﺗﺧدم أﺳﻠوب اﻟﺣوار ﻟﯾﺗﺣدث ﻋن ﻧظرﯾّﺔ ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﺧدام ّ
"أﺳطورة اﻟﻛﮭف") (1ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 360ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد ،ﻧﺣن أﯾﺿﺎ ﺳﻧﺳﺗﺧدم ﻗﺻﺔ ﻗﺻﯾرة ﻟﻧﺗﺣدث ﻋن
ﺻﺔ اﻟﻣﻧزل اﻟﺣﻣﯾم. رﻣزﻧﺎ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻗ ّ
ﺷﻣس ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺷﻛل ﻣﺗواﺻل .ﻛﺎن ﻣﻛﺎﻧﺎ ﺗﺧﯾّل أﻧك وﺟدت ﻧﻔﺳك ﯾوﻣﺎ وﺳط ﺣﻘل ﻣﻔﺗوح ﺗُﺷرق اﻟ ّ
ﺟﻣﯾﻼ ذا إﺿﺎءة ﻋظﯾﻣﺔ واﻣﺗداد واﺳﻊ .ﻛﺎن ﻣن اﻟﺟﻣﺎل ﺑﻣﻛﺎن ﺑﺣﯾث أﻧك ﻗررت اﻟﻌﯾش ﻓﯾﮫ إﻟﻰ
اﻷﺑد .ﻓﻘﻣت ﺑﺷراء اﻷرض ،وﻓﻲ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﺣﻘل اﻟﺷﺎﺳﻊ ﺷرﻋت ﻓﻲ ﺗﺻﻣﯾم وﺑﻧﺎء ﻣﻧزل أﺣﻼﻣك.
ﻓﻘﻣت ﺑوﺿﻊ ﺑﻧﯾﺔ ﺗﺣﺗﯾّﺔ ﺻﻠﺑﺔ ﻟﻠﻣﻧزل ﻷﻧك أردت أن ﯾﻛون اﻟﻣﻧزل ﻗوﯾﺎ وﯾﺻﻣد أﺑد اﻟدّھر .وﻗﻣت
ﺑﺑﻧﺎء ﺑﯾﺗك ﻣن ﻛﺗل ﺧرﺳﺎﻧﯾﺔ ﻗوﯾّﺔ ﻛﻲ ﻻ ﺗواﺟﮫ أﯾﺔ ﻣﺷﺎﻛل ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧّﺧر أو اﻟﺗﺳرﯾب .وﻛﻲ
ﻗررت وﺿﻊ اﻟﻘﻠﯾل ﻣن اﻟﻧواﻓذ ﻓﯾﮫ وﺑﻧﺎء ﺳﻘوف ﻣﺗدﻟﯾﺔ ﻛﺛﯾرة ﺗﺟﻌل اﻟﺑﯾت ﺳﻠﯾ ًﻣﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺑﯾﺋﯾّﺔّ ،
ﺗﻐطﯾﮫ .وﺑﻌد أن ﻓرﻏت ﻣن ﺗرﻛﯾب اﻟﻧواﻓذ ،واﻧﺗﮭﯾت ﻣن ﺑﻧﺎء اﻟﺑﯾت ،وﺟدت أن ﺣرارة ﻋﺎﻟﯾﺔ
ﺗﺗﺳرب إﻟﻰ داﺧﻠﮫ .ﻓﻘﻣت ﺑﺗرﻛﯾب ﻣﺻﺎرﯾﻊ ﻟﻠﻧواﻓذ ذات ﺟودة وﺣﻣﺎﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺗﯾن ﻻ ﺗﻘوم ﻓﻘط ﺑﻌﻛس ّ
أﺷﻌﺔ اﻟﺷﻣس واﻟﺣرارة ﻟﻠﺧﺎرج ،ﻟﻛن ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن إﻗﻔﺎﻟﮭﺎ واﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ ﻣن أﺟل اﻟﺳﻼﻣﺔ أﯾﺿﺎ .ﻛﺎن
ﺿﺎ ﺑﺑﻧﺎء
ﻲ اﻟﺗﺎم .ﻗﻣت أﯾ ً اﻟﺑﯾت ﻛﺑﯾرا ﺟدا ﻟدرﺟﺔ أﻧﮫ ﯾﺗّﺳﻊ ﻟﯾﻛون ﻣﺧزﻧﺎ ﻟﻠوازم ﺗﻛﻔﻲ ﻟﻼﻛﺗﻔﺎء اﻟذاﺗ ّ
ﻣﻼﺣﻖ ﻟﻣﻌﺎرﻓك اﻟذﯾن ﯾﺗّﺻﻔون ﺑﺎﻟﮭدوء ﻟﻛﻲ ﯾُﺑﻘون اﻟﺑﯾت ﻧظﯾﻔًﺎ وﯾﺗرﻛوﻧك ﻓﻲ ﻋزﻟﺗك .وﺳﺗﻛون
َ ّ
ي ھﺎﺗف ﻲ ھﺎدئ ،ﻣﻠﺗزم ﺑﻌدم اﺳﺗﺧدام أ ّ ﻋزﻟﺔ ،ﻷن ﺿﺎﻟّﺗك اﻟﻣﻧﺷودة ھﻧﺎ ھﻲ َ
ط َرف روﻣﺎﻧﺳ ّ ﺑﺎﻟﻔﻌل ُ
أو ﻣذﯾﺎع أو ﺗﻠﻔزﯾون أو ﺷﺑﻛﺔ إﻧﺗرﻧت.
ﺟﺎھزا ،وﻛﻧت ﺳﻌﯾدًا ﺟدا ﺑﺎﻟﻌﯾش ﻓﯾﮫ .أﺣﺑﺑت ﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﺣﻘل اﻟﻣﻔﺗوﺣﺔ وﻛل ً أﺧﯾرا
ً ﻣﻧزﻟك ﺻﺎر
اﻟﺿوء اﻟﻣﻧﺗﺷر وﺟﻣﺎل اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟذي ﯾﻠﻔﮫ .وأﻛﺛر ﻣﺎ ﯾﮭم ،أﻧك ﺻرت ﻣﺗﯾّﻣﺎ ﺑﮭذا اﻟﻣﻧزل .ﻟﻘد
وﺿﻌت ﻗﻠﺑك وروﺣك ﻓﻲ ﻛل ﺗﺻﻣﯾم داﺧل ھذا اﻟﺑﯾت ،وﻛﺎن ھذا واﺿﺣﺎ… اﻟﺑﯾت ﺑﺎﻟﻔﻌل ﯾﻌﻛس
ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣن "أﻧت" .وﻣﻊ ﻣرور اﻟوﻗت ،وﻣﻊ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن وﻟﮭك ﺑﺎﻟﺑﯾت وﺷﻌورك ﺑﻌدم اﻟراﺣﺔ
اﻟﻣﺗﻧﺎﻣﻲ ﻣﻊ ﻛل اﻟﻣﺷﺎھد اﻟﻐرﯾﺑﺔ واﻷﺻوات اﻟﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ،ﺻرت ﺗﺳﺗﻐرق ﻣﻌظم وﻗﺗك ﻓﻲ
اﻟداﺧل .وﺣﺻل ﺑﻌدھﺎ أﻧك ﻻﺣظت أﻧﮫ وﻣﻊ ﻛل ﻣﺻﺎرﯾﻊ اﻟﻧواﻓذ واﻷﺑواب اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹﻏﻼق،
ﺻرت ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺑﯾت وﻛﺄﻧﮫ ﻗﻠﻌﺔ .ﻟم ﯾﺷﻛل ﻟك ذﻟك اﻟﺷﻌور أﯾﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ .ﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺷﺧص ﻣن
اﻟﻣدﯾﻧﺔ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻷﻣر ﻣﺧﯾف أن ﺗﻌﯾش ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺑﻌﯾد وﻓﻲ ﻋزﻟﺔ ﺗﺎ ّﻣﺔ .ﺑﯾد أﻧك ﻛﻧت ﻣﻠﺗزﻣﺎ ﺑﺄن ﺗﺷﯾّده
وﻓﻖ رﻏﺑﺗك.
وﺑﺎﻟﺗدرﯾﺞ ﺻرت ﻣﻌﺗﺎدًا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﯾش ﺑﺳﻼم داﺧل ﺣدود ھذا اﻟﺑﯾت .وﺑدأت وﺑﺳﻌﺎدة ﺗﻧﺷﻐل ﺑﻌﻣﻠك
ﺗواﻗًﺎ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑذﻟك .ﻛﺎن اﻟوﺿﻊ ُﻣرﯾ ًﺣﺎ ﺟدا ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺑﯾت ﻣﻊ ﺗﻠك
ﻓﻲ اﻟﻘراءة واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻛﻣﺎ ﻛﻧت داﺋﻣﺎ ّ
ﺳﯾطرة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ أﺟواﺋﮫ ،وﻗد ﻛﻧت ﻣن اﻟﺣﻛﻣﺔ ﺑﻣﻛﺎن ﺑﺣﯾث ﻗﻣت ﺑﺗرﻛﯾب ﻧظﺎم ﺣدﯾث ﻣن اﻟ ّ
اﻷﻧوار اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻌث وﺗﺷ ّﻛل اﻟﺿوء .وﺑﺳﺧرﯾﺔ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول إﻧّك وﺟدت ﺑﯾﺗك ُﻣرﯾ ًﺣﺎ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ وﻣﻣﺗﻌًﺎ
وآﻣﻧًﺎ ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﺗوﻗﻔت ﻋن اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﺗﻣﺎﻣﺎ .ﻓﻔﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻟداﺧل ﻛﺎن ﺷﯾﺋﺎ ﻗد اﻋﺗدت
ﻋﻠﯾﮫ وھو ﻣﺗوﻗّﻊ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك وﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻣﻠﻛﺔ ﺳﯾطرﺗك .أ ّﻣﺎ اﻟﺧﺎرج ﻓﻛﺎن ﻣﺟﮭوﻻ وﻏﯾر ﻣﺗوﻗّﻊ
وﺧﺎرج ﺳﯾطرﺗك ﺗﻣﺎﻣﺎ .ﻛﺎن إﺣﺳﺎﺳك ﺑﻌرﯾﻧك اﻟداﺧﻠﻲ ﻣدﻋو ًﻣﺎ ﺑﺣﻘﯾﻘﺔ أﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون اﻟﻧواﻓذ
واﻟﺳﺗﺎﺋر ﻣﻐﻠﻘﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﻛﺎن ﻛﺎﻧت ﺗﺑدو وﻛﺄﻧﮭﺎ ﻟوﺣﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺟدران ،وﻟم ﺗﻛن ﺗُﻌﯾر ﺣﺗﻰ
ي اھﺗﻣﺎم .ﻛﺎﻧت ھذه اﻟﻧواﻓذ ﻣﺗﻘﻧﺔ اﻟﺻﻧﻊ ﻟدرﺟﺔ أﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗم إطﻔﺎء ﻣﺧﺎطرة اﻟذھﺎب ﻟﻔﺗﺣﮭﺎ أ ّ
اﻷﻧوار ﺗﺑﻘﻰ ھﻲ ﺳوداء ﻛﻣﺎ ھﻲ ﻻ ﺗﺗﻐﯾّر ﻻ ﻟﯾﻼ وﻻ ﻧﮭﺎرا .ﻟﻛن ﻷﻧك اﻋﺗدت أن ﻻ ﺗطﻔﺊ اﻷﻧوار
أﺑدًا ،ﻓﻠم ﺗﻼﺣظ ذﻟك ﺣﺗﻰ ﺗم اﺣﺗراق ﻟﻣﺑّﺎت اﻟﻣﺻﺎﺑﯾﺢ .ﻓﻘط ﺣﯾﻧﮭﺎ أدرﻛت اﻟﻣﺄزق اﻟذي أﻧت ﻓﯾﮫ :ﻟم
ﯾﺗرك ﻟك أﺣد ﻣﺎ ﻣﺻﺎﺑﯾﺢ إﺿﺎﻓﯾﺔ ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻧظﺎم اﻹﺿﺎءة اﻟﺟدﯾد اﻟﺧﺎص ﺑﺑﯾﺗك .وھذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧﮫ ﻣﺎ إن
ﯾﺣﺗرق آﺧر ﻣﺻﺑﺎح ﻟدﯾك ،ﺳﯾﻛون ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾك أن ﺗﺟد طرﯾﻘك ﻓﻲ اﻟﺑﯾت ﻣﺗﻧﻘّ ًﻼ وﺳط ظﻼم داﻣس.
وﻣن ﺗﻠك اﻟﻧﻘطﺔ وﻣﺎ ﺑﻌدھﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻧور اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﺄﺗﻲ ھو ﻧور اﻟﺷﻣوع اﻟﺗﻲ اﺣﺗﻔظت ﺑﮭﺎ ﻟﺣﺎﻻت
اﻟطوارئ ﻓﻲ اﻟﺑﯾت .ﻟﻛن ﻟﯾس ﻟدﯾك ﻛﺛﯾر ﻣن ھذه اﻟﺷﻣوع ﻟذﻟك ﻓﺄﻧت ﺗﺣﺗﻔظ ﺑﮭﺎ ﻟﻠﺿرورة .وﻷﻧّك
ﺷﺧص ﯾﺣبّ اﻟﻧور ،ﺻﺎر اﻷﻣر ﺻﻌﺑﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك .ﻟﻛن اﻷﻣر ﻟم ﯾﺻل إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺿطرك إﻟﻰ اﻟﺗﻐﻠّب ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎوﻓك اﻟﺗﻲ ﺑﻧﯾﺗﮭﺎ داﺧﻠك ﺣول ﺧطورة ﻣﻐﺎدرة ھذا اﻟﺑﯾت اﻵﻣن .ﻟﻛن ّ
ﺟراء اﻟﻌﯾش ﻓﻲ ھذا اﻟظﻼم ﻗد دﻓﻌت ﺛﻣﻧﮭﺎ ﻣن ﺳﺗﺟد ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ أن اﻟﺿﻐوط اﻟﺗﻲ ﻣررت ﺑﮭﺎ ّ
ﺻ ّﺣﺗك ،اﻟﺟﺳدﯾّﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾّﺔ ﻣﻌًﺎ .وﻣﻊ ﻣرور اﻟوﻗت ،ﺳﺗﺗﺿﺎءل اﻟذﻛرى اﻟوﺣﯾدة اﻟﻣﺗﺑﻘﯾﺔ ﻣن اﻟﻧور
اﻟﺗﻲ اﺧﺗزﻧﺗْﮭﺎ ذاﻛرﺗك وﻟن ﺗﻌود إﻟﯾك ّ
ﻣرة أﺧرى.
أﺻﺑﺣت اﻵن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﻠﻖ ﻛﺑﯾر ﻣن ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧزل ُﻣﺿﺎ ًء .اﻹﺿﺎءة اﻟوﺣﯾدة اﻟﺗﻲ
ﺗﻣﻠﻛﮭﺎ ھﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗوﻓّرھﺎ ﺷﻣوﻋك اﻟﺛﻣﯾﻧﺔ وﺳط ھذا اﻟظﻼم اﻟداﻣس .ﺻﺎرت ھﻲ اﻹﺿﺎءة
اﻟوﺣﯾدة ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺑﯾت .ﻛﻧت ﻣﻧﻘطﻌًﺎ ﻋن ﻛل ﺷﻲء ،واﻟراﺣﺔ اﻟوﺣﯾدة ﻛﺎﻧت ﺗﺄﺗﯾك ﻣن اﻟﺷﻌور
ﺑﺎﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾؤ ّﻣﻧﮭﺎ ﻟك ﻣﻧزﻟك .ﻟم ﺗﻌُد واﻋﯾًﺎ اﻟﺑﺗّﺔ ﻣﺎ ﺳﺑب ﺧوﻓك ﺑﺎﻟﺿﺑط ،أﻧت ﻓﻘط ﻋﻠﻰ ﺑﯾّﻧﺔ ﻣن
أﻧك ﺗﺧﺎف ﻣن اﻟﺷﻌور ﺑﻌدم اﻟراﺣﺔ .وﻛﺎن ﻛل ﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ھو أن ﺗﺗﻣﺎﻟك ﻧﻔﺳك وﺗﺻﻣد.
ّ
ﻔت ﻋن ﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﻣﺎ ﺑﺳﺑب ﻗﻠﺔ اﻹﺿﺎءة .ﻛﺎن ھﻧﺎك ظﻼم ،وﻛﻧت أﻧت ﻧﻔﺳك ﺣﺗﻰ اﻟﻘراءة واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺗوﻗّ َ
ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ اﻟظﻼم.
ﺳﺔ ﻟﻠﺑﻘﺎءﺛم وﻓﻲ أﺣد اﻷﯾﺎم ،ﻗﺎﻣت ﻣدﺑّرة ﻣﻧزﻟك اﻟﺗﻲ ﺗُﺷﺎرﻛك ھﻲ ﺑدورھﺎ اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻣﺎ ّ
ﺷﺎ ِﻟﻣﺎ رأﯾت .وﺟدت ﻣﺧزوﻧًﺎ آﻣﻧﺔ داﺧل اﻟﺑﯾت ،ﺑﻣﻧﺎداﺗك إﻟﻰ ﻗﺑو اﻟﺗﺧزﯾن ﻓﻲ اﻷﺳﻔل .ﻛﻧت ﻣﻧدھ ً
ﺑﮭزھﺎ ﻗﻠﯾﻼ .ﻛﺎﻧت ﻣدﺑّرة اﻟﻣﻧزل ﻗدﻛﺎﻣﻼ ﻣن اﻟﻣﺻﺎﺑﯾﺢ ﻟﺣﺎﻻت اﻟطوارئ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﺗﺷﻐﯾﻠﮭﺎ ﻓﻘط ّ ً
ﺗﺣولأﺧذت ﺑﻌض ھذه اﻟﻣﺻﺎﺑﯾﺢ إﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ ،وﻛﺎن اﻟﻣﺧزن ُﻣ ِﺷﻌﺎ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ .ﻛﺎﻧت ھذه ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻧﻘطﺔ ّ
ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك.
ﻟﻘد ﻗﻣت ﺑﺑذل ﻧﺷﺎط ﻋن طرﯾﻖ ﺧﻠﻖ إﺿﺎءة وﺟﻣﺎل وﺳﻌﺎدة داﺧل ﺳﺟﻧك اﻟذي اﺧﺗرت أن ﯾﻛون
ﺑﯾﺗك .ﻟﻘد ﻗﻣت ﺑﺗزﯾﯾن ﻛل ﻏرﻓﺔ وﻛﻧت ﺗﻌﻣل ﻣﻊ ﻣدﺑرة اﻟﻣﻧزل ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ أﺿواء ﻣﺷرﻗﺔ وزاھﯾﺔ
ﺿﺎ اﻟﺷروع ﻓﻲ اﻟﻘراءة واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ،واﺗّﺿﺢ ﺑﺎﺷرت أﯾ ً
َ ﻓﻲ اﻟﺑﯾت إﻟﻰ أن ﯾﺣﯾن ﻣوﻋد اﻟﺧﻠود إﻟﻰ اﻟﻧوم.
أن ﻣدﺑرة اﻟﻣﻧزل اﻟﺗﻲ ﺗﻘطن ﻣﻌك ﻓﻲ اﻟﺑﯾت ﺗﺣبّ ﻗراءة ﻛﺗﺎﺑﺎﺗك .ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻟم ﺗﻛن اﻹﺿﺎءة
اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﻓﻘط ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﯾر اﻟﻣﻧزل .ﺑل ﺑدأت ﺟﻣرة اﻟﺣب ﻓﻲ اﻟﺗو ّھﺞ ﻓﻲ ﻗﻠﺑﯾﻛﻣﺎ ﻣﻌًﺎ .ﺗﺧﯾّل ﻋﻧدھﺎ
اﻟﺿوء اﻟذي ﺳﯾﺧﻠﻘﮫ ﻛﻼﻛﻣﺎ ﺑدﻻ ﻣن ﺷﺧص واﺣد .وﺑدأﺗﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﻣﻌظم اﻷوﻗﺎت ﻣﻌًﺎ ،ﺑل ﺑدأﺗﻣﺎ
ﺟﻣﯾﻼ ﺟدا وأﻧﺗﻣﺎ ﺗﺗﻌﺎھدان ﻋﻠﻰ اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺑﻌﺿﻛﻣﺎ وﻋﻠﻰ ً اﻟﺗﺧطﯾط ﻟﺗﻧظﯾم ﺣﻔل اﻟزواج .ﻛﺎن اﻷﻣر
ﺟﻠب اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﺣب واﻟﻧور إﻟﻰ ﺑﯾﺗﻛﻣﺎ .وﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟظﻠﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﻧﺗﻣﺎ ﺗﻌﯾﺷﺎن ﻓﯾﮭﺎ ﻛﻼﻛﻣﺎ ﻣن ﻗﺑل،
ﻓﮭذا ﯾُﻌﺗﺑر ﻣﺛل اﻟﻔردوس.
ﻓﻲ أﺣد اﻷﯾﺎم وﻗﻊ ﻓﻲ ﯾدك ﻛﺗﺎب ﻣن اﻟﻛﺗب اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ ﻣﻛﺗﺑﺗك .أﺛﺎر اﻟﻛﺗﺎب اھﺗﻣﺎﻣك ﻷﻧﮫ ﻛﺎن
ﯾﺗﺣدث ﻋن اﻟﻧور اﻟﻣﺷ ّﻊ واﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟذي ﯾوﺟد ﻓﻲ "اﻟﺧﺎرج" .وﻛﺎن اﻟﻛﺗﺎب ﯾﺗﺣدث ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ
اﻻﺳﺗﺣﻣﺎم ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻧور .وﯾﺗﺣدث أﯾﺿﺎ ﻋن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧور اﻟذي ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺣﺗﻰ أن ﺗﺗﺧﯾﻠﮫ ،ﻧور
ي ﺷﻲء ﻟﺧﻠﻘﺔ .ﻛﺎن اﻷﻣر ﻣرﺑ ًﻛﺎ ﻣوﺟود ﺑﺷﻛل طﺑﯾﻌﻲ دون أن ﯾﻛون ھﻧﺎك ﺣﺎﺟﺔ ﻷن ﯾﻌﻣل أﺣدھم أ ّ
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك .ﻓﺑﻌد ﻛل ذﻟك ،ﻓﺎﻟﻧور
اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﻋرﻓﺗﮫ ﻛﺎن اﻟﻧور اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﯾﺄﺗﯾك ﻣن اﻟﺷﻣوع واﻟﻣﺻﺎﺑﯾﺢ .ﻛﻧت ﺗﺗﺳﺎءل
وﻣﺳﺗﻣر ﺣﺗﻰ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ؟ ﻟم ﯾﻛن ﻟدﯾك ﺗﻔﺳﯾر ﻟﻣﺎ ﯾﺗﺣدث ﻋﻧﮫ ھذا اﻟﻛﺗﺎب
ّ ﻛﯾف ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن ﺧﻠﻖ ﻧور ﻛﺎف
ﻷﻧك ﺗرى اﻷﻣور وﻓﻘًﺎ ﻟﻠطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﻧت ﺗﻌﯾﺷﮭﺎ .أﻧت ﻛﻧت ﺗﻌﯾش داﺧل اﻟﻣﻧزل ،وﻟﮭذا ﻓﺄﻧت ﻛﻧت
ﺗﻌﯾش وﺳط اﻟظﻼم .ﻛل اﻟﻧور اﻟذي اﺧﺗﺑرﺗﮫ ورأﯾﺗﮫ ﻛﺎن ﻣﺣدودا ﺿﻣن ھذا اﻟﻣﻧزل .ﻟﻘد ﻋﺷت ﻓﻲ
ھذا اﻟﺑﯾت ﻣدّة طوﯾﻠﺔ ﺟدّا ﻟدرﺟﺔ أن ﻛل آﻣﺎﻟك وأﺣﻼﻣك وﻓﻠﺳﻔﺎﺗك وﻣﻌﺗﻘداﺗك ﻗد ﺗﺄﺳﺳت ﻓﻲ إطﺎر
ﺳﯾطرة ذﻟك اﻟﺑﯾت اﻟﻣظﻠم .ﻛﺎن ﻋﺎﻟﻣك ﻛﻠﮫ ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ ﺗﻣ ّﻛ َ
ﻧت ﻣن إﺣﻛﺎم اﻟ ّ
ﻋﻠﻰ ﺑﻧﺎءھﺎ ﻟﻧﻔﺳك داﺧل ﺣدود ھذا اﻟﻣﻧزل.
ﻲ ﺑﺎﻟﻧّﺳﺑﺔ إﻟﯾك ،ﻷﻧّﮫ ﯾﺗﺣدّث ﻋن
وﻣﻊ اﺳﺗﻣرارك ﻓﻲ ﻗراءة ھذا اﻟﻛﺗﺎب اﻟذي ﯾﺑدو أﻧﮫ ﻏﺎﻣض وﺻوﻓ ّ
ﺳﯾر ﺧﺎر ًﺟﺎ ﻓﻲ اﻟﻧور اﻟطﺑﯾﻌﻲ .اﻷﻣر اﻟذي ﺑدى ﻟك وﻛﺄﻧﮫ وﺻﻔًﺎ ﻟﻧﻔس ﻣﺿﯾﺋﺔ ،وﻟﻧور ﻣﻌﻧﻰ اﻟ ّ
ﯾﻐﻣر اﻟﻣﻛﺎن ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ﻛﺎن ﻧورا ﯾﺳﻘط ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء ﺑﺎﺳﺗﻣرار وﺑﺷﻛل ﻣﺗﺳﺎو .وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أﻧﮫ
ﻲ ﻟﻔﮭم ھذا ،إﻻ أﻧّﮫ ﻟﻣس ﺷﯾﺋﺎ ﻋﻣﯾﻘﺎ داﺧﻠك .ﻟﻛن اﻟﻛﺗﺎب ﯾﻧﺎﻗش ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﻟم ﯾﻛن ﻟدﯾك إطﺎر ﻣرﺟﻌ ّ
ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟذھﺎب إﻟﻰ اﻟﺧﺎرج ،ﺑﻣﻌﻧﻰ ،اﻟذھﺎب ﻟﻣﺎ وراء اﻟﺟدران اﻟﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم واﻟﺗﻲ ﺧﻠﻘﺗﮭﺎ أﻧت
ﻟﻧﻔﺳك .وﯾﻘول اﻟﻛﺗﺎب أﻧّﮫ ﻣﺎ دﻣت أﻧت ﻣﺗﻌﻠّﻘﺎ وﻣﻐرﻣﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﺧﻠﻘﺗﮫ ﻣن أﺟل ﺗﺟﻧّب اﻟظﻼم،
ﻓﻠن ﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﻏزارة وﻓﯾض اﻟﻧور اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟﻣوﺟود ﻟﻣﺎ ﺑﻌد ﺣدود ﺑﯾﺗك اﻟذي ﺷﯾّدﺗﮫ.
ﻛﯾف ﺳﯾﻛون ﺑﻣﻘدورك ﻓﻲ أي وﻗت ﻣن اﻷوﻗﺎت اﻟذھﺎب ﻟﻠﺧﺎرج طﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﺗﻌﺗﻣد ﺗﻣﺎ ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
ﺑﻧﯾﺗﮫ ﻓﻲ اﻟداﺧل؟
ﻲ ﻟﻣﺄزﻗﻧﺎ ﻓﻲ اﻟوﺟود .إن إدراﻛﻧﺎ ووﻋﯾﻧﺎ إن ﺗﺷﺑﯾﮫ اﻟﺣﯾﺎة داﺧل ھذا اﻟﺑﯾت ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو ھو ﻣﺛﺎﻟ ّ ّ
ﺑﺎﻟوﺟود ﯾﻌﯾش ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻗﻧﺎ داﺧل ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﺻطﻧﻌﺔ وﻣﻐﻠﻘﺔ ﺑﺷﻛل ﻣطﻠﻖ .ﻣﻧطﻘﺔ ﻟﮭﺎ أرﺑﻌﺔ ﺟدران،
ي ﺑﺻﯾص ﻣن ﻧور طﺑﯾﻌﻲ .اﻟﺿوء اﻟوﺣﯾد اﻟذي وأرﺿﯾّﺔ ،وﺳﻘف .وھﻲ ُﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺷﻛل ﻻ ﯾدﺧﻠﮫ أ ّ
ﯾﺻﻠﻧﺎ ھو ذﻟك اﻟذي ﻗُﻣﻧﺎ ﺑﺧﻠﻘﺔ ﻷﻧﻔﺳﻧﺎ .وإذا ﻟم ﻧﻘم ﺑﺧﻠﻖ ﻣواﻗف ﺟﯾّدة ﻷﻧﻔﺳﻧﺎ ،ﺳﯾﻛون ھﻧﺎك ظﻼم
ﻲ ﻟﺣﯾﺎﺗﻧﺎ .ﻧﻘوم ﺑﻔﻌل ذﻟك ﻋن طرﯾﻖ ﻣﺣﺎوﻻﺗﻧﺎ داﻣس .ﻟذﻟك ﻓﻧﺣن ﻣﺷﻐوﻟون ﺟدّا ﺑﺎﻟﺗزﯾّﯾن اﻟﯾوﻣ ّ
ﺻﻧﻊ أﯾدﯾﻧﺎ، ﺟﻠب أﺷﯾﺎء ﻣﻌﻧﺎ ﻟﻠداﺧل ،آﻣﻠﯾن ﺧﻠﻖَ ﻗﻠﯾل ﻣن اﻟﺿوء ،ﻓﻲ داﺧل ﻣﻧزﻟﻧﺎ اﻟذي ھو ﻣن ُ
واﻟذي أﺣﻛﻣﻧﺎ ﻓﯾﮫ اﻹﻏﻼق ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺳﻧﺎ.
وھذا ھو ﻣﺣور اﻟرؤﯾﺔ ﻋﻧدﻧﺎ :أﻧت ﻣوﺟود داﺧل ﻣﻧزل ﻣﺣﻛم اﻹﻏﻼق ﻋن أي ﻧور طﺑﯾﻌﻲ،
واﻟﻣﻧزل واﻗﻊ وﺳط ﺣﻘل ﺷﺎﺳﻊ وﻣﻔﺗوح ﻣﻣﺗﻠﺊ ﺑﺿوء راﺋﻊ .ﻟﻛن ﺑﯾﺗك ﻣﺻﻧوع ﻣن ﻣﺎذا؟ ﻛﯾف
ﺳﺎ ﻓﻲ اﻟداﺧل؟ ﺑﯾﺗك ﻣﺻﻧوع ﻣن أﻓﻛﺎرك ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭم إﺣﻛﺎم إﻏﻼق ذﻟك اﻟﻧور ﻛﻠﮫ ﻋﻧك وإﺑﻘﺎﺋك ﻣﺣﺑو ً
وﻣﺷﺎﻋرك .اﻟﺟدران ﻣﺻﻧوﻋﺔ ﻣن ذاﺗك .ھذه ھﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ ھذا اﻟﺑﯾت .ھو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻛ ّل ﺗﺟﺎرﺑك
اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﻛل أﻓﻛﺎرك وﻣﺷﺎﻋرك ،ﻛل ﻣﻔﺎھﯾﻣك ورؤاك وآراﺋك وﻣﻌﺗﻘدﺗك وأﺣﻼﻣك اﻟﺗﻲ ﻗﻣت
ﺑﺟر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﺑﺟﻣﻌﮭﺎ ﺣول ﻧﻔﺳك .ﻗﻣت ﺑﺎﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﺎ وﻓﻲ ﻛل اﻟﺟواﻧب .أﻧت ﻗﻣت ّ
ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر واﻷﺣﺎﺳﯾس ﻣﻌﺎ إﻟﻰ ﻋﻘﻠك ،وﻣن ﺛم ﻗﻣت ﺑﻧﺳﺟﮭﺎ ﻣﻌﺎ ﺣﺳب ﻣﻔﺎھﯾم اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي
ي ﻧور طﺑﯾﻌﻲ ﻣوﺟود ﺧﺎرج أﺳوارھﺎ .ﻟدﯾك ﺗﻌﯾش ﻓﯾﮫ .ھذه اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻣﻧﻌﺗك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻣن أ ّ
ﺳواد ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺑﻧﯾﺔ .إﻧكﺟدران ﻣن اﻷﻓﻛﺎر ھﻲ ﻣن اﻟﺳﻣﺎﻛﺔ واﻻﻧﻐﻼق ﺑﻣﺎ ﯾﻛﻔﻲ ﻻﻧﺗﺷﺎر اﻟ ّ
ﻛﺑﯾرا إﻟﻰ درﺟ ٍﺔ ﺻرت ﻣﻌﮭﺎ ﻻ ﺗﺳﯾر ﺧﺎرج اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﺗرﺳﻣﮭﺎ ً ﺗُﻌﯾر أﻓﻛﺎرك وأﺣﺎﺳﯾﺳك اھﺗﻣﺎ ًﻣﺎ
ﻟك ﺗﻠك اﻷﻓﻛﺎر واﻷﺣﺎﺳﯾس.
ﺳﯾرإذا أردت أن ﺗﻌرف ﺣﺟم اﻟﻘَﯾْد اﻟذي ﺗﻔرﺿﮫ ﻋﻠﯾك ﺗﻠك اﻟﺟدران ،ﻓﻣﺎ ﻋﻠﯾك إﻻ اﻟﺑدء ﻓﻲ اﻟ ّ
ﺳﻠّم ﻓﻲﺻوﺑﮭﺎ .ﻟو اﻓﺗرﺿﻧﺎ أن ﻟدﯾك ﺧوف ﻋﺎطﻔﻲ ﻣن اﻷﻣﺎﻛن اﻟﻣرﺗﻔﻌﺔ ،ﺑﺳﺑب أﻧّك ﺳﻘطت ﻋن اﻟ ّ
ﺻﻐرك ،وظل ھذا اﻻﻧطﺑﺎع راﺳﺧﺎ ً ﻓﻲ ذھﻧك .ﻓﺈن ھذا اﻻﻧطﺑﺎع ﯾُﻌَ ّد أﺣد اﻟﺟدران أو اﻟﺣواﺟز اﻟﺗﻲ
ﻧﺗﺣدث ﻋﻧﮭﺎ ھﻧﺎ .ﻟﻧﻘل ﻣﺛﻼ أن ھﻧﺎك ﺷﻲء ﻣﺎ أﺛﺎر ﻣﺧﺎوﻓك اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻣن اﻻرﺗﻔﺎﻋﺎت ،وأﻧت ﻗررت
أن ﺗﺳﯾر ﺑﺎﺗﺟﺎه ھذه اﻟﻣﺧﺎوف .ﺳﺗرى أﻧك ﻛﻠﻣﺎ اﻗﺗرﺑت ﻣﻧﮭﺎ ،ﻛﻠﻣﺎ راودﺗك اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراﺟﻊ.
ﻋﺎ ﻣن اﻟﺣواﺟز اﻟﺗﻲ ﺗرﻏب ﻓﮭذه اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺟ ّﻣﻌت داﺧﻠك ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ ﺻﺎرت ﺗﺷ ّﻛل ﻧو ً
ﺳﺎ ﻣﻊ اﻟﺟدران ،ﺑﺣﯾث ﻧﺗﺟﻧّب أﻧت ﺣدﺳﯾﺎ ﻓﻲ ﺗﺟﻧّﺑﮭﺎ .وھذا ﺷﻲء طﺑﯾﻌﻲ ،ﻷﻧﻧﺎ ھﻛذا ﻧﺗﻌﺎﻣل أﺳﺎ ً
ﺗﺧطﯾﮭﺎ ،ﺳﺗﻘوم ھﻲ ﺑﺣﺑﺳك داﺧل ﺣدودھﺎ .ﺗﺻﺑﺢ ھﻲ ﺳﺟﻧك ﻷﻧﮭﺎ ّ ّ
ﺗﺧطﯾﮭﺎ .ﻟﻛن ﻷﻧّك ﺗﺗﺟﻧّب
اﻟﺗﻘرب ﻣﻧﮭﺎ ،ﻓﺈﻧّك ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ رؤﯾﺔ ﻣﺎ وراءھﺎ. ّ ﺗﺻﺑﺢ ھﻲ ﺣدود وﻋﯾك .وﻷﻧّك ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘﺗرب أﻛﺛر ﻓﺄﻛﺛر ﻣن ﺣدود ﺣواﺟز أﻓﻛﺎرك وﻣﺷﺎﻋرك ،ﺗﺷﻌر ﻛﻣﺎ ﻟو أﻧك ﺗﺳﯾر إﻟﻰ
اﻟﮭﺎوﯾﺔ .أﻧت ﻻ ﺗرﯾد اﻻﻗﺗراب ﻣن ھذه اﻟﺣواﺟز .ﻟﻛﻧك إذ أردت اﻟﺧروج ﻣن ھذه اﻟﺣواﺟز ،ﻓﻼﺑد
أن ﺗذھب إﻟﯾﮭﺎ وﺗﺗﺟﺎوزھﺎ .وﺳﺗدرك أﺧﯾرا أن اﻟظﻼم ﻟﯾس ھو اﻟﻘﺎﺑﻊ ھﻧﺎك .ﺑل ھﻲ اﻟﺟدران
اﻟﺳﻣﯾﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﺣﺟب اﻟﺿوء اﻟﻼﻧﮭﺎﺋﻲ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺣث ﻋن اﻟﺿوء ،ﻓﮭﻧﺎك ﻓرق
ﺣﺎﺳم .ﻋﻧد رؤﯾﺗك ﻟﺟدار ﯾﻘوم ﺑﺣﻣﺎﯾﺗك ﻣن ظﻼم ﺳرﻣدي ،ﻓﻠن ﺗرﻏب ﻓﻲ اﻟذھﺎب إﻟﯾﮫ .ﻟﻛﻧك ﻟو
رأﯾت ﺟدارا ﯾﺣﺟب ﻋﻧك اﻟﺿوء ،ﻓﺳﺗرﻏب ﻓﻲ اﻟذھﺎب إﻟﻰ ھﻧﺎك ﻹزاﻟﺔ ھذا اﻟﺟدار .وﯾﻘﺎل ﻋﺎدة
أن ﻋﻠﯾك اﻟﻣرور ﺑﺄﺣﻠك اﻟﻠﯾﺎﻟﻲ ،ﻣن أﺟل اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﺿوء اﻟﻼﻧﮭﺎﺋﻲ .ھذا ﻷن ﻣﺎ ﻧدﻋوه ظﻼﻣﺎ
ھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻧﺣﺑﺎس اﻟﺿوء .ﻻﺑ ّد ﻟك ﻣن ﺗﺟﺎوز ﺗﻠك اﻟﺟدران.
ﺗﺟﺎوز ﺗﻠك اﻟﺟدران ﻟﯾس ﺑﺎﻷﻣر اﻟﺻﻌب .ﻣرارا وﺗﻛرارا ،وﻛل ﯾوم ،ﺳﯾﺗﺻﺎدم اﻟﺗدﻓّﻖ اﻟطﺑﯾﻌﻲ
وﺗﻛرارا ،ﻧﺣن ﻧﻘوم ﺑﺎﻟدﻓﺎع ﻋﻧﮭﺎ .ﻻﺑ ّد
ً ﻣرارا
ً ﺿﺎ،
ﻟﻠﺣﯾﺎة ﻣﻊ ھذه اﻟﺟدران وﺳﯾﺣﺎول ھدﻣﮭﺎ .ﻟﻛن أﯾ ً
وأن ﺗُدرك أﻧك ﺑدﻓﺎﻋك ﻋن ﻧﻔﺳك ،ﺗداﻓﻊ ﻋن ﺟدراﻧك .ﻓﻠﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺷﻲء ﻏﯾرھﺎ ﻟﺗداﻓﻊ ﻋﻧﮫ.
ھﻧﺎك ﻓﻘط وﻋﯾك ﺑوﺟودك وﻣﻧزل ﻣﺣدود وﻣﻐﻠﻖ ﺑَﻧَﯾﺗ َﮫ أﻧت ﻟﺗﻌﯾش ﻓﯾﮫ .وﻣﺎ ﺗداﻓﻊ ﻋﻧﮫ ﻟﯾس أﻛﺛر ﻣن
ھذا اﻟﻣﻧزل اﻟذي ﺷﯾّدﺗﮫ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳك ،وھﺎ أﻧت ﺗﺧﺗﺑﺊ ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟداﺧل .وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣدث ﺷﻲء ﻣﺎ
ﯾﺗﺣدى ﺟدران ذاﺗك ،ﺗﺻﺑﺢ دﻓﺎﻋﯾﺎ ﺟدا .أﻧت ﺑﻧﯾت ﻣﻔﮭوﻣﺎ ﻟﻠذات ،واﻧﺗﻘﻠت ﻟﻠداﺧل ﻟﺗﺳﻛن ھﻧﺎك،
واﻵن ﺻرت ﺗداﻓﻊ ﻋن ھذا اﻟﺑﯾت ﺑﻛل ﻣﺎ ﺗﻣﻠك ﻣن ﻗوة .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوﻟﯾن ﻣﺛﻼ" ،أﻧﺎ اﻣرأة ﺗﺑﻠﻎ ﻣن
وﺗﺧرﺟت ﻣن ﺗﻠك اﻟﻣدرﺳﺔ…" ھذه ﻛﻠﮭﺎ أﻓﻛﺎر. ّ ﺳﺎ وأرﺑﻌﯾن ﺳﻧﺔ .أﻧﺎ ﻣﺗزوﺟﺔ ﻣن ﺟو
اﻟﻌﻣر ﺧﻣ ً
ت واﻟﻣواﻗف اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﻻ ﺗوﺟد ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻣﻌك ،ﻓﻛل ﻣﺎ ﯾوﺟد ھﻧﺎك ھﻲ أﻓﻛﺎر أﻧ ِ
ﻣﺗﺷﺑّﺛﺔ ﺑﮭﺎ " ،ﻟﻛﻧّﻲ ﻛﻧت زﻋﯾﻣﺔ راﺑطﺔ اﻟﻣﺷﺟﻌﯾن ،وﻛﻧت رﺋﯾﺳﺔ ﺻﻔّﻲ ".ﺣﺳﻧﺎً ،ھذا ﻛﺎن اﻟوﺿﻊ
ﻗﺑل ﺛﻼﺛﯾن ﻋﺎﻣﺎ .وھذه اﻷوﺿﺎع ﻻ ﺗوﺟد اﻵن .ﻟﻛﻧﮭﺎ ﻣوﺟودة ﻓﻲ داﺧﻠك ،وھﻲ ﺗﺷ ّﻛل اﻟﺟدران
اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾﺷﯾن داﺧﻠﮭﺎ.
أن أﺣدًا ﻣﺎ ﺗﺣدّى ﻣﻔﮭوم اﻟذات اﻟﺧﺎص ﺑك وﻗﺎم ﺑﺈﺣداث ﺛﻘب ﺻﻐﯾر ﻓﯾﮫ؟ وﻣﺎذا ﻟو أن أﺣدًا ﻣﺎذا ﻟو ّ
ﯾﺣرك إﺣدى اﻷﻓﻛﺎر اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻣﻧزل اﻟذي ﺷﯾّدﺗﮫ ﻟذاﺗك؟ ﺗﺧﯾّل ﻟو
ﻣﺎ اﺳﺗطﺎع أن ّ
أن أﺣدًا ﻣﺎ ﻗﺎل ﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﻧت ﻓﻲ اﻟﻌﺷرﯾن ﻣن ﻋﻣرك" ،اﻧﺗﺑﮫ! ذاﻧك اﻟﺷﺧﺻﺎن ﻟﯾﺳﺎ ﺑواﻟدﯾك
اﻟﺣﻘﯾﻘﯾّﯾن .ﻟﻘد ﺗ ّم ﺗﺑﻧّﯾك ﻣن ﻗِﺑَﻠﮭم .أﻟم ﯾﻘوﻻ ﻟك ذﻟك ﻗط؟" ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﻣﻊ ھذه اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ اﻟﺻﺎدﻣﺔ،
ﻓورا ﺑﻧﻔﻲ ذﻟك وإﻧﻛﺎره ﺣﺗﻰ ﺗرى اﻟوﺛﺎﺋﻖ اﻟﺗﻲ ﺗﺛﺑت ذﻟك .ھذا ﺷﻲء ﺳﯾﮭز ﻛﯾﺎﻧك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل. ﺳﺗﻘوم ً
ﻓﻘط ﻓﻛرة واﺣدة ﺧﺎطﺋﺔ ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺗﻔﺗﯾت ﻛﯾﺎﻧك ﻛﻠﮫ .ﺧوف واﺿطراب ھﺎﺋﻠﯾن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﯾﻧﻔﺗﺣﺎ
ﯾﮭز ﺟوھر داﺧﻠك ﺑﺑﺳﺎطﺔ ،ﻓﻘط ﻷن ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ ﯾﺳﯾر ﻋﻛس ﻣﺎ ﻛﻧت ﺗﻌﺗﻘد .ﯾﺳﺗطﯾﻊ ھذا اﻟﺷﻲء أن ّ
ﻛﯾﺎﻧك ﻛﻠّﮫ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﺣدى ﺑﯾت أﻓﻛﺎرك اﻟذي ﺗﻘطن ﻓﯾﮫ .وﻣن أﺟل إﺻﻼح اﻷﻣر ،ﺗﺑدأ ﺑﻌﻘﻠﻧﺔ اﻟﻣوﺿوع
ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ" ،أﻋرف ﺗﻣﺎﻣﺎ أﻧﮭﻣﺎ أﺑوﯾن ﻟطﯾﻔﯾن .إﻧﮭﻣﺎ ﻻ ﯾﺧﺗﻠﻔﺎن ﻋ ّﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ واﻟداي
اﻟﺣﻘﯾﻘﯾّﺎن .أﺗﺧﯾﻠﮭﻣﺎ وﻗد ﻗﺎﻣﺎ ﺑﺗﺑﻧﻲ طﻔل ﻣﺛﻠﻲ وﻗﺎﻣﺎ ﺑرﻋﺎﯾﺗﮫ ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﺎن طﻔﻠﮭﻣﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ .ﯾﺎ إﻟﮭﻲ،
إﻧﮭﻣﺎ ﺣﺗﻰ ﻣﺗﻣﯾزﯾن أﻛﺛر ﻣﻣﺎ اﻋﺗﻘدت ".أﻧت ھﻧﺎ ﻗﻣت ﺑﺗرﻗﯾﻊ ھذه اﻟﻔﺗﺣﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ .ھذا ھو ﻣﺎ
ﻧﻘوم ﺑﮫ ﻋﻧد اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﺟدراﻧﻧﺎ .ﻧﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺋﮭﺎ ﺻﻠﺑﺔ .ﻻ ﺷﻲء ﻣﺳﻣوح ﻟﮫ ّ
ﺑﮭزھﺎ.
ﻻﺣظ أﻧك ﺗﻘوم ﺑﺗرﻗﯾﻊ اﻟﺟدران اﻟﻣﺗﺷﻘﻘﺔ ﻋن طرﯾﻖ اﻷﻓﻛﺎر .إﻧّك ﺗرﻗّﻊ ﺑﺎﻷﻓﻛﺎر ﻣﺎ ھو ﻣﺻﻧوع
أﺳﺎﺳﺎ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر .ھذا ﻣﺎ ﻧﻘوم ﻧﺣن ﺑﻌﻣﻠﮫ .ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻣﺛل أوﻟﺋك اﻷﺷﺧﺎص اﻟﺧﺎﺋﻔﯾن اﻟذﯾن ﺣﺑﺳوا
أﻧﻔﺳﮭم داﺧل ﺑﯾت ﻣظﻠم وﺳط ﺣﻘل ﻣﺷﻣس ،ﺛم أﺧذوا ﯾﻛﺎﻓﺣون ﻣن أﺟل إﯾﺟﺎد ﺑﺻﯾص ﻣن اﻟﺿوء،
إﻧﻧﺎ ﻧﻌﻣل ﺑﺟﮭد ﻷﺟل ﺧﻠﻖ ﻋﺎﻟم وﺳط ﺣدود ﺟدراﻧﻧﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ وھو أﻓﺿل ﻣن ظﻼﻣﻧﺎ اﻟداﺧﻠﻲ .ﻛﻣﺎ
ﻧﻘوم ﺑﺗزﯾﯾن ﺟدراﻧﻧﺎ ﻋن طرﯾﻖ ﺧﺑراﺗﻧﺎ اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ وﻋن طرﯾﻖ أﺣﻼﻣﻧﺎ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ .ﺑﻛﻠﻣﺎت أﺧرى،
ﻧﻘوم ﺑﺗزﯾﯾﻧﮭﺎ ﺑﺄﻓﻛﺎرﻧﺎ .ﻟﻛن ﻛﻣﺎ ھو ﺣﺎل اﻟﻧﺎس اﻟﻣوﺟودﯾن داﺧل اﻟﻣﻧزل واﻟذﯾن ﻟدﯾﮭم اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ
ﻟﻠﺧروج ﻣن ﻋﺎﻟﻣﮭم اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ اﻟذي ھو ﻣن ﺻﻧﻊ أﻧﻔﺳﮭم واﻟذھﺎب إﻟﻰ ﺟﻣﺎل اﻟﺿوء اﻟطﺑﯾﻌﻲ،
ﻛذﻟك ﺗﺳﺗطﯾﻊ أﻧت اﻟﺧروج ﻣن ﻣﻧزل أﻓﻛﺎرك واﻟذھﺎب إﻟﻰ اﻟﻼﻣﺣدود .ﯾﺳﺗطﯾﻊ وﻋﯾك أن ﯾﺗّﺳﻊ ﻓﻲ
ﻣﺳﺎﺣﺔ ﺷﺎﺳﻌﺔ ﺑدﻻ ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﻣﺣدودة اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻛن داﺧﻠﮭﺎ .ﺛم ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧظر إﻟﻰ اﻟﺧﻠف ﻧﺣو اﻟﺑﯾت
اﻟﺻﻐﯾر اﻟذي ﺷﯾّدﺗﮫ ،ﺳﺗﺗﺳﺎءل ﻟﻣﺎذا ﻛﻧت أﻧﺎ ھﻧﺎك ﻓﻲ وﻗت ﻣﺿﻰ.
ھذه ھﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﺧروج اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑك .اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻗرﯾﺑﺔ ﻣﻧك ،ھﻲ ﻓﻘط ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻵﺧر ﻣن
اﻟﺟدار .وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧوﯾر ھﻲ ﺷﻲء ﺧﺎص .ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن أن ﯾﺿﻊ ﺗرﻛﯾزه
ﻋﻠﯾﮭﺎ .ﻋﻠﯾك اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﺟدران اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑك اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺟب ﻋﻧك اﻟﺿوء .ﻣﺎ ھو اﻟﮭدف اﻟذي ﯾﻛﻣن
وراء ﺑﻧﺎﺋك ﺟدراﻧًﺎ ﺗﺣﺟب ﻋﻧك اﻟﺿوء ،وﻣن ﺛم ﺗﺳﻌﻰ ﺟﺎھدا ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ اﻟﺗﻧوﯾر؟ أﻧت ﺗﺳﺗطﯾﻊ
اﻟﺧروج ﻣن اﻟظﻼم اﻟذاﺗﻲ ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻋن طرﯾﻖ ﺗرك اﻟﺣﯾﺎة اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﺗﮭدم ھذه اﻟﺟدران اﻟﺗﻲ ﺷﯾّ ْدﺗﮭﺎ
ﺣول ﻧﻔﺳك .ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻻ ﺗﺷﺎرك ﻓﻲ دﻋم وإﺑﻘﺎء ھذا اﻟﺣﺻن واﻟدﻓﺎع ﻋﻧﮫ.
ﺗﺧﯾّل ﺑﯾﺗك اﻟﻣﺻﻧوع ﻣن أﻓﻛﺎرك وھو ﯾﻘف وﺳط ﻣﺣﯾط ﻣن اﻟﻧور اﻟذي ﯾﺄﺗﻲ ﻣن ﺑﻼﯾﯾن اﻟﻧﺟوم.
ﻲ
ﺗﺧﯾّل أن وﻋﯾك ﻣﺣﺑوس ﻓﻲ ظﻼم ذﻟك اﻟﺑﯾت ،وأﻧت ﺗﻧﺎﺿل ﯾوﻣﯾّﺎ ﻟﺗﻌﯾش وﺳط ﺿوء ﺻﻧﺎﻋ ّ
ﻣﺻدره ﺧﺑراﺗك اﻟﻣﺣدودة .اﻵن ﺗﺧﯾّل أن ھذه اﻟﺟدران ﻗد ﺗﺣطﻣت ،وأن ﻣﺣﺎوﻻﺗك ﻹطﻼق ﺳراح
أﺻﻼ وأﻧت اﺧﺗرت أن ﺗﺣﺗﺟب ﻋﻧﮫ .اھدِم ً ٌ
ﻛﺎﺋن اﻟوﻋﻲ ﻗد اﺗّﺳﻌت ﻟﺗﺗﺣول إﻟﻰ إﺷراق ٍ
ﻧور ھو
وأﻋط ﻟﮭذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻣﺳ ّﻣﻰ :اﻟﺗﻧوﯾر.
ِ اﻟﺟدران اﻵن،
) (1ﻧظرﯾّﺔ أﺳطورة اﻟﻛﮭف :ﯾﺑﻧﻲ أﻓﻼطون ﻓﻛرﺗﮫ اﻟﺟوھرﯾﺔ ﻓﻲ ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ ﻧراه أو
ﻣﺟرد ظﻼل ﺧﺎدﻋﺔ ﻟﮭﺎ ،وﻟذا ّ
ﻓﺈن اﻟﺣواس ّ ﻣﺎ اﻋﺗدﻧﺎ رؤﯾﺗﮫ ﻗد ﻻ ﯾﻛون ھو اﻟواﻗﻊ أو اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﺑل
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﮫ ﺗﺧدع وﻻ ﯾﻣﻛن اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﯾﮭﺎ.
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث ﻋﺷر :ﺑﻌﯾدًا ،أﺑﻌد ﻣن ذﻟك ﺑﻛﺛﯾر
ﺟوھرﯾّﺎ ،إن ﺗﻌﺑﯾر "اﻟذھﺎب أﺑﻌد ﻣن ذﻟك" ﯾﺣﻣل ﻓﻲ ﻟُﺑّﮫ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠروﺣﺎﻧﯾّﺔ .وﯾﻌﻧﻲ أﯾ ً
ﺿﺎ
اﻟذّھﺎب إﻟﻰ اﻟﻣﺎﺿﻲ اﻟﺑﻌﯾد ،إﻟﻰ ﻣﻛﺎن وﺟودك .وﯾﻌﻧﻲ أن ﻻ ﺗﺑﻘﻰ ﺳﺎﻛﻧﺎ ً ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗك اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ .ﻓﻌﻧدﻣﺎ
ﺗذھب دوﻣﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ وراء ﻧﻔﺳك ،ﻻ ﺗﻌود ھﻧﺎك ﻗﯾود ﺗﺣدّك .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣزﯾد ﻣن اﻟﺣدود .إن اﻟﻘﯾود
واﻟﺣدود ﺗوﺟد ﻓﻘط ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗذھب إﻟﻰ ﻣﺎ ھو أﺑﻌد ﻣﻧﮭﺎ .إذا ﻣﺷﯾت ﺑﻧﯾّﺔ أﻧك ﻟن ﺗﺗوﻗف
ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ،ﻋﻧدھﺎ ﺳﺗذھب إﻟﻰ ﻣﺎ ھو أﺑﻌد ﻣن اﻟﻘﯾود واﻟﺣدود ،إﻟﻰ ﻣﺎ ھو أﺑﻌد ﻣن اﻟﺷﻌور
ﺑﺎﻟﻧﻔس اﻟﻣﻘﯾّدة.
"اﻟذّھﺎب أﺑﻌد ﻣن ذﻟك" ﯾﻌﻧﻲ اﻟدﺧول ﻓﻲ اﻟﻼﻣﺗﻧﺎھﻲ وﻓﻲ ﻛل اﻻﺗﺟﺎھﺎت .ﻟو أﺧذت ﺷﻌﺎع اﻟﻠﯾزر
ي ﺟﮭﺔ ،ﻓﺳﯾذھب ھذا اﻟﺷﻌﺎع إﻟﻰ اﻟﻼﻧﮭﺎﯾﺔ .وﻟن ﯾﺗوﻗف ﻋن ﻛوﻧﮫ ﻻ ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ ّإﻻ أذا وﺻوﺑﺗﮫ إﻟﻰ أ ّ ّ
ﺧﻠﻘت ﻟﮫ ﺣدودًا زاﺋﻔﺔ اﻋﺗﻘدت أﻧﮫ ﻟن ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﺧﺗراﻗﮭﺎ .اﻟﺣدود ﺗﺧﻠﻖ ﻣظﮭرا ً ﻣن ﻣظﺎھر اﻟﻣﺣدودﯾّﺔ
ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻼﻣﺣدود .ﺗﺑدو اﻷﺷﯾﺎء ﻣﺣدودة ﻓﻲ ﻧظرك ﻷن إدراﻛك ﻟﮭﺎ ﯾﺻطدم ﺑﺣدودك اﻟﻌﻘﻠﯾّﺔ.
ﻲ .أﻧت ھو اﻟذي ﯾﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻼﻣﺣدود ﻟﻛن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﻠﯾك أن ﺗﻌرﻓﮭﺎ ھﻲ أن ﻛل ﺷﻲء ﻻ ﻧﮭﺎﺋ ّ
ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﮫ ﺷﻲء ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟذھﺎب إﻟﯾﮫ ،وﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺟﺎوزه ﺣﺗﻰ ﺑﻣﻘدار ﻣﯾ ٍل واﺣد .وﻛم ھﻲ
اﻟﻣﯾل؟ إﻧﮭﺎ ﻻ ﺷﻲء أﻛﺛر ﻣن ﻛوﻧﮭﺎ ﺟز ًءا ﻣن اﻟﻼﻣﺣدود .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺣدود ،ھﻧﺎك ﻓﻘط ﻣﺳﺎﻓﺔ ِ
ﻲ.
ﻓﺿﺎء ﻻ ﻧﮭﺎﺋ ّ
طر ﻟﻛﻲ ﺗذھب إﻟﻰ ﻣﺎ ھو أﺑﻌد ﻣن ﺣدودك ،ﯾﺟب ﻋﻠﯾك أن ﺗﻣﺿﻲ ﻗُ ُد ًﻣﺎ ﻣﺗﺟﺎوزا ﻛل اﻷﺣﻛﺎم واﻷ ُ
اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻌﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯾﺎء .وھذا ﯾﺗطﻠب اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﻐﯾﯾرات ﻓﻲ ﺻﻣﯾم وﺟودك .ﺣﺎﻟﯾﺎ أﻧت ﺗﻘوم
ﺑﺎﺳﺗﺧدام ﻋﻘﻠك اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ ﻓﻲ ﺗﺟزﺋﺔ اﻟﻌﺎﻟم إﻟﻰ أﻓﻛﺎر ﺷﺧﺻﯾّﺔ .ﺛم ﺗﻘوم ﺑﺎﺳﺗﺧدام ﻋﻘﻠك اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ إﯾّﺎه
ﻟوﺿﻊ ﻛل ھذه اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﻧﻔﺻﻠﺔ وﻏﯾر اﻟﻣﺗراﺑطﺔ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣﻊ ﺑﻌض ﻣن ﺟدﯾد ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺗرﺑط
ﺑﯾﻧﮭﺎ .أﻧت ﺗﻘوم ﺑذﻟك ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﻧك ﻟﻠﺷﻌور ﺑﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﺳﯾطرة .وﯾﺑدو ھذا ﺑوﺿوح أﻛﺛر
ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻﺗك اﻟﻣﺳﺗﻣرة ﻟﺟﻌل ﻣﺎ ھو ﻏﯾر ﻣﻌروف ﻣﺄﻟوﻓًﺎ ﻟدﯾك .ﻓﺄﻧت ﺗﻘول ﻟﻧﻔﺳك" ،ﻻ ﯾﻣﻛن أن
ﺗُﻣطر اﻟﺳﻣﺎء ﻓﻲ اﻟﻐد ،إﻧﮫ ﯾوم إﺟﺎزﺗﻲ .وﺑﻣﺎ أن ﺻدﯾﻘﺗﻲ ﺟﯾﻧﯾﻔر ﺗﺣب اﻟﺧروج ،ﻓﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ﺳﺗرﻏب
ﻟﻠﺗﻧزه ﻣﻌﻲ .ﺑل ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟو أردت أن آﺧذ ﯾوم إﺟﺎزة إﺿﺎﻓﻲ ،ﻓﻠن ﯾﻣﺎﻧﻊ ﺻدﯾﻘﻲ ﺗوم ّ ﻓﻲ اﻟذھﺎب
ﻣرة ً ﻣن ﻗﺑل ".ھﺎ أﻧت ﺣﺳﺑت ﺣﺳﺎب ﻛل ﺷﻲء. أن ﯾﺣ ّل ﻣﺣﻠﻲ .ﻓرﻏم ﻛل ﺷﻲء ،ﻟﻘد ﺣﻠﻠتُ ﻣﺣﻠّﮫ ّ
ﻓﺄﻧت ﺗﻌرف ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون ﻋﻠﯾﮫ اﻷﻣور ،ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل .إن ُوﺟﮭﺎت ﻧظرك وآراءك
واﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺿّﻠﮭﺎ وأﻓﻛﺎرك وأھداﻓك وﻣﻌﺗﻘداﺗك ،ﻛﻠﮭﺎ ﻋﺑﺎرة ﻋن وﺳﺎﺋل ﻣن أﺟل إﺣﺿﺎر
ﺳﯾطرة واﻟﺗﺣ ّﻛم.ﻲ اﻟﺿﯾّﻖ اﻟﻣﺣدود ﺣﯾث ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟ ّ ﻲ اﻟﻼﻣﺣدود إﻟﻰ اﻟوﺟود اﻟﻧﮭﺎﺋ ّاﻟوﺟود اﻟﻼﻧﮭﺎﺋ ّ
ﻲ ،ﻓﺳﺗﻘوم أﻧت ﺑﺧﻠﻖ واﻗﻊ وﺑﻣﺎ أن اﻟﻌﻘل اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ ﻟدﯾك ﻟﯾﺳت ﻟدﯾﮫ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﺳﺗﯾﻌﺎب اﻟﻼﻧﮭﺎﺋ ّ
ﺑدﯾل ﻣن أﻓﻛﺎر ﻣﺣدودة ﺗﺑﻘﻰ راﺳﺧﺔ داﺋﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻠك .وﺑذﻟك ﺗﻛون ﻗد أﺧذت اﻟﻛ ّل اﻟﻛﺎﻣل ﻟﻠوﺟود،
وﻗﻣت ﺑﺗﻔﺗﯾﺗﮫ ﻷﺟزاء ﺻﻐﯾرة ،ﺛم اﺧﺗرت ﺣﻔﻧﺔً ﻣن ﺗﻠك اﻷﺟزاء اﻟﺻﻐﯾرة ﻟوﺿﻌﮭﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻓﻲ
ھﯾﺋﺔ ﻧﻣوذج ﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻠك .ﺛم ﯾﺻﺑﺢ ھذا اﻟﻧﻣوذج اﻟﻌﻘﻠﻲ ھو واﻗﻌك اﻟﻔﻌﻠﻲ .اﻵن ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﯾك
اﻟﻌﻣل ﻟﯾل ﻧﮭﺎر ﻟﺗﺟﻌل اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻧﻣوذﺟك ،وﺗﻘوم ﺑﺗﺳﻣﯾﺔ ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻻ
ﺗﻧﺎﺳب ﻧﻣوذﺟك ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺧﺎطﺋﺔ وﺳﯾّﺋﺔ أو ﻏﯾر ﻋﺎدﻟﺔ.
ﻟو واﺟﮭت ﺣدﺛﺎ ً ﻣﺎ ،وﺷﻌرت أﻧّﮫ ﯾﺗﺣدّى رؤﯾﺗك ﻟﻸﺷﯾﺎء ،ﻓﺳﺗﻘﺎﺗل ،وﺗداﻓﻊ ،وﺗﻌﻘﻠن اﻷﻣور .وﺳﺗرى
أﻧك ﺗﺻﺎب ﺑﺎﻹﺣﺑﺎط واﻟﻐﺿب ﻋﻠﻰ أﻣور ﺑﺳﯾطﺔ ﻻ ﺗﺳﺗﺣﻖ .وھذا ﯾﺣدث ﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻛوﻧك ﻏﯾر ﻗﺎدر
ﻋﻠﻰ ﺟﻌل ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻣن ﺣوﻟك ﻣﺗﻧﺎﺳﺑﺎ ﻣﻊ ﻧﻣوذﺟك اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻋن اﻟواﻗﻊ .ﻟو أردت
اﻟذھﺎب إﻟﻰ ﻣﺎ وراء ﻧﻣوذﺟك ،ﻓﻌﻠﯾك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻣﺧﺎطرة وﻋدم اﻷﺧذ ﺑﮫ أو ﺗﺻدﯾﻘﮫ .إذا ﻛﺎن ﻧﻣوذﺟك
اﻟﻌﻘﻠﻲ ﯾزﻋﺟك ،ﻓﺎﻟﺳﺑب ﯾﻌود ﻟﻌدم ﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻻﻧدﻣﺎج ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ .ﻓﺎﻟﺧﯾﺎر اﻟذي أﻣﺎﻣك اﻵن ھو
إﻣﺎ أن ﺗﻘﺎوم اﻟواﻗﻊ وﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﯾﮫ ﻣن ﺣوﻟك ،أو أن ﺗﻠﻐﻲ اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ وﺿﻌﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻣوذﺟك.
ﻟﻛﻲ ﺗذھب ﺑﺻدق إﻟﻰ ﻣﺎ وراء ﻧﻣوذﺟك ،ﻻﺑ ّد وأن ﺗﻔﮭم اﻟﺳﺑب اﻟذي ﯾﻛﻣن وراء وﺿﻌك ﻟﮭذا
اﻟﻧﻣوذج .وأﺳﮭل طرﯾﻘﺔ ﻟﻣﻌرﻓﺔ ذﻟك ھﻲ أن ﺗدرس وﺗراﻗب ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﯾﻌﻣل ھذا
اﻟﻧﻣوذج وﻻ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ ﻣن ﺣوﻟك .ھل ﺳﺑﻖ وأن ﻗﻣت ﺑﺑﻧﺎء ﻋﺎﻟﻣك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﺑﻧﯾت ﻧﻣوذﺟﺎ ً
ﻟﺣﯾﺎة ﺗﺣﯾﺎھﺎ ﻟﻛﻧﮭﺎ ﻗﺎﺋﻣﺔ وﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺳﻠوﻛﯾّﺎت ﺷﺧص آﺧر أو ﻋﻠﻰ اﻟطرف اﻵﺧر ﻣن ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺎ؟
ﯾﺧص ﺣﯾﺎﺗك ﻗد ﺑﺎت ّ ي ﻟﺣظﺔ ﺑﺄن ﻗرارك اﻟﺟوھري ﻓﯾﻣﺎ ﻟو ﺳﺑﻖ وأن ﻓﻌﻠت ھذا ،أﻟم ﺗﺷﻌر ﻓﻲ أ ّ
ﻣﺳﺣوﺑًﺎ ﻣن ﺗﺣت ﻗدﻣﯾك ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﮭذه اﻟﻌﻼﻗﺔ؟ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﮭﺟرك ﺷﺧص ﻣﺎ ،وﺣﯾن
ﺧﻠﻼ ﻣﺎ ّ
ﯾﮭز وﺗﺣس أن ھﻧﺎك ً ّ ﺗﻔﻘد ﺷﺧﺻﺎ ﻣﺎ .وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺷﻌر أن ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ ﯾﺳﯾر ﺑﺷﻛل ﺧﺎطﺊ.
ﻧﻣوذﺟك ﻣن أﺳﺎﺳﮫ .ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣدث ﺷﻲء ﻛﮭذا ،ﻓﻧظرﺗك اﻟﻛﻠﯾّﺔ ﻟﻧﻔﺳك وﻣﺎ ﺗﻌﺗﻘد ﻋﻧﮭﺎ ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ
ﻋﻼﻗﺗك ﻣﻊ ﻛل ﺷﺧص وﻛل ﺷﻲء ﻣن ﺣوﻟك ،ﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺳﻘوط .ﺗﺻﺎب ﺑﺎﻟرﻋب وﺗﺣﺎول ﺟﮭدك ﻓﻲ
اﻹﻣﺳﺎك ﺑزﻣﺎم اﻷﻣور .أﻧت ﺗﺗوﺳل وﺗﻘﺎﺗل وﺗﻛﺎﻓﺢ ﻣن أﺟل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻣك ﻣن اﻟﺳﻘوط ﺑﺳﺑب
ي ﺷﻲء آﺧر. اﻟ َﮭﺟْ ر او اﻟﻣوت أو أ ّ
ﯾﻣر ﺑﮭﺎ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﺎس ،ﻓﺳﺗدرك أن اﻟﻧﻣوذج اﻟذي ﻣررت ﺑﺗﺟرﺑﺔ ﻛﺗﻠك ،وھﻲ ﺗﺟرﺑﺔ ّ ْ ﻣﺗﻰ ﻣﺎ
ي ّ
ﺑﻧﯾﺗﮫ وﺻرت ﺗرى اﻷﺷﯾﺎء ﻣﻧﮫ ھو ﻧﻣوذج ﺿﻌﯾف وﻋﺎﺑر .اﻟﺑﻧﺎء ﻛﻠﮫ ﻣن اﻟﻣﺣﺗﻣل أن ﯾﻧﮭﺎر ﻓﻲ ا ّ
ﻟﺣظﺔ .اﻟﻧﻣوذج ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل وﺑﻛل ﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻧطﺑﺎﻋك ﻋن ﻧﻔﺳك وﻋن ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى ،ﯾﻣﻛن أن
ﯾﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺗدھور .واﻟذي ﺗﺗﻌﻠﻣﮫ ﻋﻧد ﺣدوث ﻣﺛل ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﯾُﻌَ ّد واﺣدًا ﻣن أھ ّم ﺧﺑرات اﻟﺗﻌﻠّم ﻓﻲ
ﻲ اﻟذي ﺟﻌﻠك ﺗﺿﻊ ﺳﺑب اﻟﺣﻘﯾﻘ ّﺣﯾﺎﺗك ﻛﻠﮭﺎ .ﻷﻧك وﻋﻧد ﺣدوث ﻣﺛل ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﺗﻛون ﺑﻣواﺟﮭﺔ اﻟ ّ
ﺗﻣر ﺑﮫ ﻓﻲ ھذه اﻟﺗﺟﺎرب ﯾﺻﺑﺢ ﻣﺧﯾﻔًﺎ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ .ﺗﺟد ھذا اﻟﻧﻣوذج .ﻣﺳﺗوى ﻋدم اﻻرﺗﯾﺎح واﻟﺗّﯾﮫ اﻟذي ّ
إن ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﻌﻣﻠﮫﻛوﻧﺗﮫ ُﻣﺳﺑﻘًﺎّ .
اﻟﺗﺻور اﻟﻌﺎدي اﻟذي ّّ ﺑﻌض ﻣن أﺷﻛﺎلٍ ﻧﻔﺳك ﺗﻛﺎﻓﺢ ﻓﻘط ﻻﺳﺗرﺟﺎع
ﻲ أن ﯾﻐدو ﻣﻌك دوﻣﺎ ،ﺣﺗﻰ ﺗﺗﻣﻛن ﻣن اﻻﺳﺗﻘرار داﺧل اﻟﻣﺣﯾط ھو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺟﻌل اﻟﻧﻣوذج اﻟذھﻧ ّ
اﻟذھﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑك واﻟﻣﺄﻟوف ﻟدﯾك.
ﻟﻛن ﻟﯾس ﻣن اﻟﺿروري أن ﯾﺗﺣطم اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻣن ﺣوﻟﻧﺎ ﻛﻲ ﻧﺗﻣ ّﻛن ﻣن رؤﯾﺔ أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻛﯾف
إن ﻣﺎ ﻧﻘوم ﺑﮫ ﻧﺣن ﻋﻠﻰ اﻟدوام ھو ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺑﻘﺎء اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟﻧﺎ ﻣﺗﻣﺎﺳ ًﻛﺎ. ﻧﺗﺻرف وﻧﺗﻔﺎﻋل ﺣﯾﻧﮭﺎّ .
ّ
ّ
إذا أردت أن ﺗﻌرف ﻟﻣﺎذا ﺗﻘوم أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺑﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ،ﺣﺎول ﻣرة ً أﻻ ﺗﻔﻌل اﻷﻣور اﻟﺗﻲ اﻋﺗدت اﻟﻘﯾﺎم
ﺑﮭﺎ ،وراﻗب ﻣﺎذا ﺳﯾﺣدث ﺑﻌد ذﻟك .ﻟﻧﻔﺗرض ﻣﺛﻼ أﻧك ﻣن اﻟﻣد ّﺧﻧﯾن ،وﻗررت أن ﺗﺗوﻗف ﻋن
اﻟﺗدﺧﯾن ،ﻓﺳﺗﺟد ﻧﻔﺳك ﺗواﺟﮫ اﻟدواﻓﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺛّك ﻋﻠﻰ اﻟﺗدﺧﯾن .ھذه اﻟدواﻓﻊ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻘف وراء
اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗدﻋوك ﻟﻠﺗدﺧﯾن .ھذه اﻟدواﻓﻊ ھﻲ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﻣﺳﺑّﺑﺔ ﻟﻠﺗدﺧﯾن .وﻟو اﺳﺗطﻌت أن
ﺗرى ﺗﻠك اﻟدواﻓﻊ ،ﻓﺈﻧك ﻻﺣﻘﺎ ً ﺳﺗﻌرف اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗﻘف وراءھﺎ .وﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﺷﻌرت ّ
ﺑﺎﻟراﺣﺔ ﺗﺟﺎه
ﻣﺎ ﺗراه ﻓﺳﺗﺗﻣﻛن ﻣن ﻣواﺟﮭﺔ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﺑّﺑﺎت .وھﻛذا ،ﻋﻠﯾك أن ﺗواﺟﮫ طﺑﻘﺔ ﺑﻌد
اﻷﺧرى .وﺑﺎﻟﻣﺛل ﻓﮭﻧﺎك ﺳﺑب ﻣﺎ ﯾﻘف وراء ﻧﮭﻣك ﻓﻲ اﻷﻛل وذوﻗك ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر ﻣﻼﺑس ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ
ﺳﺑب وراء اھﺗﻣﺎﻣك ﺑﻣﺎ ﺗﻠﺑﺳﮫ أو ﺑﺎﻷﺳﻠوب اﻟذي واﻟﻛﺛﯾر ﻣن أﻓﻌﺎﻟك اﻷﺧرى .إذا أردت ﻣﻌرﻓﺔ اﻟ ّ
ﺗﺻﻔّف ﺑﮫ ﺷﻌرك ،ﻓﺗوﻗّف ﻋن ذﻟك ﯾوﻣﺎ ﻣﺎ .اﻧﮭض ﻓﻲ ﺻﺑﺎح أﺣد اﻷﯾﺎم واذھب إﻟﻰ ﻣﻛﺎن ﻣﺎ
ﺑﺷﻌرك اﻷﺷﻌث ،واﻧظر ﻣﺎ اﻟذي ﺳﯾﺣدث ﻟﻠطﺎﻗﺎت اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ داﺧﻠك .ﺷﺎھد ﻣﺎذا ﯾﺣدث ﻟك
ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻘوم ﺑﻌﻣل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻠك ﺗﺷﻌر ﻋﺎدة ﺑﺎﻟراﺣﺔ .ر ّﻛز ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳوف ﺗﻛﺗﺷﻔﮫ ﻓﻲ ھذه
اﻟﻠﺣظﺔ ﻷﻧﮫ ھو اﻟﺳﺑب اﻟذي ﯾﻘف وراء ﻗﯾﺎﻣك ﺑﮭذه اﻷﻣور.
أﻧت ﺗﺣﺎول أن ﺗظ ّل داﺋﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟراﺣﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑك .أﻧت ﺗﻧﺎﺿل ﻣن أﺟل إﺑﻘﺎء اﻟﻧﺎس
ي ﻣن ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ واﻷﻣﺎﻛن واﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ ھﯾﺋﺔ ﺗدﻋم اﻟﻧﻣوذج اﻟذھﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑك .وﻟو ذھب أ ّ
طرﯾﻖ آﺧر ،ﻓﺳﺗﺻﺎب ﺑﻌدم اﻟراﺣﺔ .وﺳﯾﺻﺑﺢ ﻋﻘﻠك ﻧﺷ ً
طﺎ ﺟدا ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻠﻘّﻧك ﻛﯾﻔﯾﺔ إﻋﺎدة اﻷﺷﯾﺎء إﻟﻰ
ﺑﺎﻟﺗﺻرف ﺑطرﯾﻘﺔ ﺿ ّد
ّ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻋﻠﯾﮭﺎ .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺑدأ ﻓﯾﮭﺎ ﺷﺧص ﻣﺎ
ﻲ ﻓﻌﻠﮫ ﺑﺧﺻوص ھذا ﻓورا ﻓﻲ اﻟﺗﺣدّث إﻟﯾك .ﺳﯾﻘول" ،ﻣﺎ اﻟذي ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠ ّ ﺗوﻗّﻌﺎﺗك ،ﯾﺑدأ ﻋﻘﻠك ً
اﻷﻣر؟ أﻧﺎ ﻻ أﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻘط أن أﺗﺟﺎھل ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﮫ .ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻲ ﻣواﺟﮭﺗﮫ ﻣﺑﺎﺷرة أو أن أﺳﺄل أﺣدھم
ﻟﯾﺗﺣدّث ﻣﻌﮫ وﯾﺳﻛﺗﮫ ".ﻋﻘﻠك ﯾﻘول ﻟك أن ﺗﺻﻠﺢ ھذا اﻟوﺿﻊ ،اﻷﻣر ﻛﻠّﮫ ﯾﺗﻌﻠّﻖ ﺑﺿرورة ﻋودﺗك
اﻟداﺋﻣﺔ إﻟﻰ ﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺗك .ﻛ ّل ﻣﺣﺎوﻻﺗك ﻟﻠﺑﻘﺎء ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺗك ﺗﺟﻌﻠك ﻣﺣدودا .اﻟذھﺎب
إﻟﻰ اﻟﻣﺎوراء ﯾﻌﻧﻲ دو ًﻣﺎ اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن اﻟﻣﺟﮭود اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﮫ ﻹﺑﻘﺎء اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ ﺣدودك اﻟ ُﻣرﯾﺣﺔ.
ﺗﻛرس ﺣﯾﺎﺗك ﻷن ﺗﺑﻘﻰ ﺿﻣن ﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺗك ،أو أن ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ إذن أﻣﺎﻣك طرﯾﻘﺗﺎن ﻟﻠﺣﯾﺎة :إ ّﻣﺎ أن ّ
ﺗﻛرس ﺣﯾﺎﺗك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻷﻓﻌﺎل ﺗﺿﻣن ﺑﮭﺎ أن ﻛل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺣرﯾّﺗك .ﺑﻛﻠﻣﺎت أﺧرى ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ّ
ﺗﻛرس ﺣﯾﺎﺗك ﻟﺗﺣرﯾر ﻧﻔﺳك ﻣن ﺣدود ھذا ﺷﻲء ﯾﺗﻔﻖ وﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﻧﻣوذﺟك اﻟﻣﺣدود ،أو أن ّ
اﻟﻧﻣوذج.
وﻣن أﺟل أن ﻧﻔﮭم ھذا اﻷﻣر ﺑدﻗّﺔ ،ﻟﻧذھب ﻣﻌﺎ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﻣﺛﻼ إﻟﻰ ﺣدﯾﻘﺔ اﻟﺣﯾواﻧﺎت .ﺗﺧﯾّل أﻧك ﻛﻧت
ﺗﻘﺿﻲ وﻗﺗﺎ راﺋﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﺣدﯾﻘﺔ إﻟﻰ أن رأﯾت أﺳدا داﺧل ﻗﻔص ﺻﻐﯾر .ھذا اﻟﻣﺷﮭد ﺟﻌﻠك ﺗﻔﻛر ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ ﺣﺎﻟك ﻟو ﻛﺎن ﻋﻠﯾك ان ﺗﻣﺿﻲ ﺑﻘﯾﺔ ﺣﯾﺎﺗك رھﯾن ﻗﻔص ﺿﯾّﻖ ﻛﮭذا .إن اﻟﺗﻔﻛﯾر
ﻓﻲ ﻣﺛل ھذا اﻷﻣر ھو
أﻣر ﻣﺧﯾف ﺑﺎﻟﻔﻌل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك .ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،إن اﻟﻘﻔص اﻟﺧﺎص ﺑﻣﻧطﻘﺔ اﻟراﺣﺔ ﻟدﯾك ﯾﺿﻌك ﻓﻲ
ﺣﺟز ﺷﺑﯾﮫ ﺑﻣﺎ رأﯾت .وھذا اﻟﻘﻔص اﻟداﺧﻠﻲ ﻻ ﯾﺣدّد إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﺟﺳدك ﻓﻘط ،ﻟﻛﻧﮫ ﯾﺣدد اﻣﺗداد وﻋﯾك
ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .وﻷﻧك ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ أن ﺗذھب ﺧﺎرج ﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺗك ،ﻓﺄﻧت ،ﺿﻣﻧﯾﺎ ،ﻣﺣﺗﺟز ﻓﻲ ھذا
اﻟﻘﻔص.
ﻟو ﺗﻔ ّﺣﺻت ھذا اﻟﻣوﺿوع ،ﻓﺳﺗﺟد أﻧك ﻣﺳﺗﻌ ّد ﻟﻠﺑﻘﺎء ﻓﻲ ھذا اﻟﻘﻔص ﻷﻧك ﺧﺎﺋف .أﻧت ﻣﻌﺗﺎد ﻋﻠﻰ
ﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺗك ،وﻣﺎ ﯾوﺟد ﺧﻠﻔﮭﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻧﺎطﻖ ﻣﺟﮭوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك .وﻟﻛﻲ ﺗﻘدّر ھذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺑﺷﻛل
ﺻﺎ ﺧﺎﺋﻔًﺎ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ وﻓﻲ ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻣنﺷك ،ﺷﺧ ً ﺻﺎ ﻣﺻﺎﺑًﺎ ﺑﺟﻧون اﻟ ّﺗﺎم ،ﺗﺧﯾّل أﻧك اﻟﺗﻘﯾت ﯾو ًﻣﺎ ﻣﺎ ﺷﺧ ً
ﻟﺣظﺎت ﺣﯾﺎﺗﮫ ﯾﻌﺗﻘد أن ھﻧﺎك أﺣدًا ﻣﺎ ﯾرﯾد إﯾذاءه .ﻟو ﻋرﺿت ﻋﻠﯾﮫ ﻗﻔص ذﻟك اﻷﺳد ﻟرﺑﻣﺎ ﻗَ ِﺑل
ﻋرﺿك .ﻓﮭو ﻻ ﯾﻧظر ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻣﺳﺟون ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻘﻔص .ﺑل ﯾراه ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﮫ ﻣن ﻛل ﻣﻛروه.
ﺻﺻﺔ ﺑﺈﺟراءات ﻓﻣﺎ ﯾﺑدو ﻟك ﺳﺟﻧﺎ ،ﯾﺑدو ﻟﮫ أﻣﻧًﺎ .ﻣﺎذا ﻟو ﺟﺎءت إﻟﻰ ﻣﻧزﻟك ﻣﺛﻼ ﺷرﻛﺔ ﻣﺗﺧ ّ
اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ وﻗﺎﻣت ﺑﺗﺛﺑﯾت ﻛل أﺑواب ﻣﻧزﻟك وﻧواﻓذه ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﻣﯾر؟ وﻟو ﺻﺎدف وﻛﻧت داﺧل ﻣﻧزﻟك ﻓﻲ
ﺗﻠك اﻟﻔﺗرة ﻓﮭل ﺳﺗﺻﺎب ﺑﺎﻟرﻋب وﺳﺗرﻏب ﻓﻲ اﻟﺧروج ﻣن اﻟﻣﻧزل؟ أم ﺳﺗﻘدّم ﻟﮭﺎ اﻟﺷﻛر ﻟﻣﺳﺎﻋدﺗك
ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﯾﻧك ﺑﮭذا اﻟﺷﻛل؟
ّ
أﻏﻠب اﻟﻧﺎس ﺳﯾُظﮭرون ردّة اﻟﻔﻌل اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠﻖ اﻷﻣر ﺑﻣﺣدودﯾﺔ ذواﺗﮭم .ھم ﻓﻘط ﯾرﻏﺑون ﻓﻲ
ﻣﺛﻼ" ،أﺧرﺟوﻧﻲ ﻣن ھﻧﺎ! أﻧﺎ ﻣﺣﺑوس ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﻘﺎء ھﻧﺎك واﻟﺷﻌور ﺑﺎﻷﻣﺎن .ﻓﻼ ﯾﻘول أﺣ ٌد ﻣﻧﮭم ً
ٌ
وﻗﻠﻖ ﺗﺻرﻓﺎت اﻵﺧرﯾن،
ّ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺻﻐﯾر ﺣﯾث ﺗوﺟد ﻛل اﻷﺷﯾﺎء ﻋﻠﻰ ﻧﻣط واﺣد .أﻧﺎ ﻗﻠﻖ داﺋﻣﺎ ﻣن
وﺗﻔوھت ﺑﮫ ﺳﺎﺑﻘًﺎ .أرﯾد اﻟﺧروج ".ھؤﻻء اﻟذﯾنّ ﺣول ﻣظﮭري وﻛﯾف أﺑدو ،وأﻓ ّﻛر ﻓﻲ ﻛ ّل ﻣﺎ ﺳﺑﻖ
ھم ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺷﺎﻛﻠﺔ ،ﯾرﯾدون أن ﯾﺑﻘوا داﺧل أﻗﻔﺎﺻﮭم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺗﻘرار ﺑدﻻ ﻣن اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟذھﺎب
ﻟﻠﺧﺎرج .وﻟو ﺻﺎدﻓﮭم ﺷﻲء ﻏﯾر ﻣرﯾﺢ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﮭم ،ﻓﺳﯾﻘوﻣون ﺑﻌﻣل أي ﺷﻲء ﻣن أﺟل ﺣﻣﺎﯾﺔ
أﻧﻔﺳﮭم واﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻷﻣﺎن .إذا ﺳﺑﻖ وأن ﻗﻣت ﺑﺄي ﻣن ھذه اﻟﺗﺻرﻓﺎت واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ
ﺗرﻓض ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ،ﻓﮭذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧك ﺗﺣبّ ﻗﻔﺻك .ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻌرض ﻗﻔص اﻟذات ﻟﻺزﻋﺎج،
ﺑﺎﻟراﺣﺔ ﻓﻲ اﻟداﺧل.
ﺗﻘوم ﺑﺈﺻﻼﺣﮫ ﻣن أﺟل أن ﺗﺣظﻰ ّ
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﺗﯾﻘظ روﺣﯾﺎ ،ﺳﺗدرك أﻧك ﻣﺳﺟون .وأﻧك ﺑﺎﻟﻛﺎد ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﺣرك ﻣن ھﻧﺎ إﻟﻰ ھﻧﺎك .ﻓﺄﻧت
ﺻن ﺣدود ﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺗك .ﺗﺷﻌر أﻧك ﺗﺧﺎف ﻣن أن ﺗﻘول ﻟﻶﺧرﯾن ﻣﺎ اﻟذي ﺗﻔﻛر ﻓﯾﮫ ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﺗﺣ ّ
ﺣﻘﯾﻘﺔ .ﺗﺷﻌر أن ﻟدﯾك ﺣﺳﺎﺳﯾﺔ ذاﺗﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﺑﺣﯾث أﻧك ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻧﻔﺳك .وﺗرى أﻧك
ُﻣﻠزم ﺑﺄن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺳﯾطرا ً ﻋﻠﻰ ﻛل اﻷﻣور ﻣن أﺟل أن ﺗﻛون ﻓﻲ ﺣﺎل ﺟﯾّدة.
ﻟﻣﺎذا؟ ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺳﺑب ﺣﻘﯾﻘﻲ .أﻧت اﻟذي وﺿﻌت ھذه اﻟﺣواﺟز واﻟﺣدود ﻟﻧﻔﺳك .وﻋﻧدﻣﺎ ﻻ
ﺗﺗواﺟد داﺧل ﻧطﺎﻗﮭﺎ ،ﺗﺻﺎب ﺑﺎﻟذﻋر ،وﺑﺎﻷﻟم ،وﺗﺷﻌر أﻧّك ﻣﮭدّد .وھذا ھو ﻗﻔﺻك .ﯾﻌرف اﻷﺳد
ﺗﻣﺎﻣﺎ ﺣدود ﻗﻔﺻﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺻطدم ﺑﻘﺿﺑﺎﻧﮫ اﻟﻣﻌدﻧﯾّﺔ .وأﻧت ﺗﻌرف ﺣدود ﻗﻔﺻك ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺑدأ اﻟذّات
ﺑﻌﻣﻠﯾّﺔ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ .ﻗﺿﺑﺎﻧك اﻟﻣﻌدﻧﯾّﺔ ھﻲ اﻟﺣدود اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾط ﺑﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺗك .وﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ
ﺧطرا ﻣﺎ ﻋﻠﯾكً اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗرب ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﺣﺎﻓﺔ ﻗﻔﺻك ،ﯾﺟﻌﻠك ھذا اﻟﻘﻔص ﺗﻧﺗﺑﮫ وﺗدرك أن ھﻧﺎك
ﺗﺣوﻟت أﺟواء اﻟﻘﻔص إﻟﻰ رﻋب وﻗﻠﻖ. ﻣواﺟﮭﺗﮫ ،وإﻻ ّ
ﺣواف اﻟﻘﻔص ھذا وﺣدوده ﺑﺈﻋطﺎء ﻣﺛﺎل آﺧر .ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﻧت ﺗرﯾد أن ّ دﻋوﻧﺎ ﻧﻧظر إﻟﻰ
ﺗُﺑﻘﻲ ﻛﻠﺑك ﻓﻲ ﻓﻧﺎء ﺑﯾﺗك اﻟﺧﻠﻔﻲ ،ﻓﻌﻠﯾك ﺣﯾﻧﮭﺎ أن ﺗﻘوم ﺑوﺿﻊ ﺳﯾﺎج ﻣﺎ ﺣول اﻟﻔﻧﺎء .ﻟﻛن ﻓﻲ زﻣﻧﻧﺎ
اﻟﺣﺎﺿر ﻻ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺳﯾﺎج ﻷن ﻛل ﺷﻲء اﻵن ﯾﻌﻣل ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻛﮭرﺑﺎﺋﯾﺔ .ﻛل ﻣﺎ ﻋﻠﯾك ﻋﻣﻠﮫ ھو
دﻓن ﻣﺟﻣوﻋﺔ أﺳﻼك ﺗﺣت اﻷرض ووﺿﻊ طوق ﺻﻐﯾر ﺣول ﻋﻧﻖ اﻟﻛﻠب .اﻟﻛﻠب ﺳﯾظن أﻧّﮫ ﺣر،
"ﻣﮭﻼ ،أﻧﺎ ّﺣر! ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻌﺗﺎد وﺿﻌﻲ داﺧل ﺳﯾﺎج .ﻟﻛن ﻻ ﺳﯾﺎج اﻵن ،ھذا ﺷﻲء ً ﺳﯾﻘول ﻟﻧﻔﺳﮫ،
ﻋظﯾم!" وﺳﯾﺑدأ ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻓﻲ اﻟرﻛض ﻣﺑﺎﺷرة إﻟﻰ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﻛن ﯾُﺳﻣﺢ ﻟﮫ ﺑﺎﻟرﻛض إﻟﯾﮭﺎ ،ﻟﻛن
ﻓﺟﺄة ﺗراه ﯾﻘﻔز ﻟﻠﺧﻠف وھو ﯾﻧﺑﺢ وﯾﻌود أدراﺟﮫ ﻣن ﺟدﯾد .ﻣﺎ اﻟذي ﺣدث؟ ھﻧﺎك ﺣﺎﺟز ﻏﯾر ﻣرﺋﻲ،
ﺳل ذﺑذﺑﺎت ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﺻدﻣﺔ ﻛﮭرﺑﺎﺋﯾّﺔ ﺑﺳﯾطﺔ ﻓﻲ اﻟطوق اﻟذي ﯾﻠﺑﺳﮫ وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘﺗرب اﻟﻛﻠب ﻣﻧﮫ ،ﺗُر َ
اﻟﻛﻠب .إﻧﮫ ﻣؤﻟم وﻏﯾر ﻣرﯾﺢ إﻟﻰ اﻟدرﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺷﻌر ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻛﻠب ﺑﺎﻟﺧوف ﻣن اﻻﻗﺗراب ﻣن ﺗﻠك
اﻟﺣدود ﻣرة أﺧرى .ھل ﺗرى إذن؟ إن ھذا اﻟﻘﻔص اﻟﺟدﯾد اﻟذي اﺧﺗﺑره اﻟﻛﻠب اﻵن ﻟﯾس ﺑﺎﻟﺿرورة
أن ﯾﻛون ﺷﺑﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﻘﻔص اﻟﻌﺎدي ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺷﻛل .ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ھذا اﻟﻘﻔص ﻣﺻﻧوﻋﺎ ﻣن ﺧوﻓك
وﻣن اﻟﺷﻌور ﺑﻌدم اﻟراﺣﺔ .وﻛذﻟك إذا ﻣﺎ اﻗﺗرﺑت ﻣن ﺣدودك اﻟﺗﻲ وﺿﻌﺗﮭﺎ ﺑﻧﻔﺳك ،ﻓﺳﺗﺷﻌر ﺑﻌدم
اﻟراﺣﺔ وﻓﻘدان اﻷﻣﺎن .ﺗﻠك ھﻲ ﻗﺿﺑﺎن ﻗﻔﺻك أﻧت .وطﺎﻟﻣﺎ أﻧك ﻣوﺟود داﺧﻠﮫ ،ﻓﻠﯾس ﻣن اﻟﻣﻣﻛن
إن ﺣدود ھذا اﻟﻘﻔص ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل ﻋﺎﻟﻣك أن ﺗﻌرف ﻣﺎ اﻟذي ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟطرف اﻵﺧر ﻣﻧﮫّ .
وزاﺋﻼ .اﻟﻌواﻟم اﻟﻼﻧﮭﺎﺋﯾﺔ واﻷﺑدﯾﺔ ﺗوﺟد ﻓﻘط ھﻧﺎك ،ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗراھﺎ اﻵن ً ﻣﺣدودًا وﻣؤﻗّﺗًﺎ
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻘﺑﻊ داﺧل ﺣدود ﻗﻔﺻك.
اﻟذھﺎب ﺑﻌﯾداً ،ﯾﻌﻧﻲ اﻟذھﺎب ﻟﻣﺎ ھو أﺑﻌد ﻣن ﺣدود ﻗﻔﺻك .ھﻧﺎك ﺣﯾث ﻻ وﺟود ﻟﻘﻔص .ﺣﯾث
ﺣرة
ﺣرة ﻓﻲ أن ﺗﺗوﺳﻊ وﺗذھب إﻟﻰ أي ﻣﻛﺎن .إﻧﮭﺎ ّ اﻟروح ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻵﺧر ﺗﺻﯾر ﻻ ﻧﮭﺎﺋﯾّﺔ .إﻧﮭﺎ ّ
ﻟﺗﺧﺗﺑر اﻟﺣﯾﺎة ﺑﻛﺎﻣﻠﮭﺎ .وھذا ﻻ ﯾﺣدث إﻻ إذا ﻛﻧت أﻧت ﻣﺳﺗﻌدّا ﻟﻣواﺟﮭﺔ اﻟواﻗﻊ ﺑﻼ أﯾﺔ ﺣدود ﻋﻘﻠﯾﺔ.
أﻣﺎ ﻟو ﻛﺎﻧت ﻟدﯾك ﺣواﺟز ﻣﺎ ،وأﻧت ﺗﻌﻠم وﺗدرك ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻣوﺟودة ﻷﻧك ﺗﺻطدم ﺑﮭﺎ ﺑﺷﻛل ﯾوﻣﻲ،
ﻓﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻌدا ً ﻟﺗﺟﺎوزھﺎ واﻟذھﺎب ﻟﻣﺎ ھو أﺑﻌد ﻣﻧﮭﺎ وإﻻ ﺳﺗﺑﻘﻰ داﺧل ﻗﻔﺻك .وﺗذ ّﻛر أن
ﺗزﯾﯾن ﻗﻔﺻك ﺑﺗﺟﺎرب وذﻛرﯾﺎت ﺟﻣﯾﻠﺔ وأﺣﻼم ﻋظﯾﻣﺔ ﻟن ﯾﺿﺎھﻲ ﺧروﺟك ﻣﻧﮫ واﻻﺑﺗﻌﺎد ﺣرا ً ﻣن
ﻛل اﻟﻘﯾود .ﻓﺎﻟﻘﻔص ﯾظل ﻗﻔﺻﺎ ﺣﺗﻰ ﻟو ﺗﻐﯾّرت اﻟﻣﺳﻣﯾّﺎت .ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟذھﺎب ﻟﻣﺎ ھو
أﺑﻌد ﻣﻧﮫ.
ﺗراﺟﻌت أو
َ ﺑﺣواف ﻗﻔﺻك طوال اﻟﯾوم .وﻛﻠﻣﺎ اﺻطدﻣت ﺑﮭذه اﻟﺣواف، ّ ﻛﺛﯾرا ﻣﺎ ﺗﺻطدم أﻧت
ﻟﺟﺄت إﻟﻰ إﺟﺑﺎر اﻟظروف واﻷﺷﯾﺎء ﺑﺄن ﺗﺗﻐﯾر ﻣن أﺟل أن ﺗﺑﻘﻰ أﻧت ﻣرﺗﺎ ًﺣﺎ .أﻧت ﺗﺳﺗﺧدم ذﻛﺎء
وﺗﺧطط ﻟﯾل ﻧﮭﺎر ﻛﻲ ﺗﺑﻘﻰ داﺧل ﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺗك .وﻓﻲ ﺑﻌض ّ ﻋﻘﻠك ﻟﻠﺑﻘﺎء داﺧل ﻗﻔﺻك .وأﻧت ﺗدﺑّر
اﻷﺣﯾﺎن ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺣﺗﻰ اﻟﻧوم ﻟﯾﻼ ﻷﻧك ﻣﺷﻐول ﺟدا ﺑﺎﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﯾﻣﺎ ﺗﺣﺗﺎﺟﮫ ﻟﺗﺑﻘﻰ ﻓﻲ إطﺎر ﻗﻔﺻك،
ﻲ ﻓﻌﻠﮫ ﻛﻲ ﻻ ﺗﺗرﻛﻧﻲ ﺧطﯾﺑﺗﻲ؟ ﻛﯾف أﺳﺗطﯾﻊ أن أﺟﻌﻠﮭﺎ ﻻ ﺗُﻌ َﺟب ﺑﺷﺧص آﺧر "ﻣﺎ اﻟذي ﻋﻠ ّ
ﻏﯾري؟" ھﻧﺎ أﻧت ﺗﺣﺎول ﺟﺎھدا ﻣﻌرﻓﺔ ﻛﯾف ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺿﻣن أﻧك ﻟن ﺗﺻطدم ﺑﺣدود ﻗﻔﺻك.
اﻟﺗﺟول ﺑﺣرﯾّﺔ ،ﻓﻘد ﻛﺎن ﻓﻲ ذﻟك ّ ﺻﺔ اﻟﻛﻠب .ﺑﻣﺎ أن ذﻟك اﻟﻛﻠب ﻛﺎن ﻣﻌﺗﺎدا ﻋﻠﻰ ﻟﻧﻌُد ﻣن ﺟدﯾد ﻟﻘ ّ
اﻟﯾوم ﺣزﯾﻧﺎ وﺗوﻗف ﻋن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺧروج ﻣن اﻟﻔﻧﺎء .واﻟﺳﺑب اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﺟﻌﻠﮫ ﯾﺗوﻗف ﻋن ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟذھﺎب ﻷﺑﻌد ﻣن ﻣﻧطﻘﺗﮫ اﻟﺻﻐﯾرة ھو ﺧوﻓﮫ ﻣن اﻟﺣدود .ﻟﻛن ﻣﺎذا ﻟو ﻛﻧﺎ ﻧﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻛﻠب ﺟريء
ﻣﺻ ّﻣم ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ﺣرا؟ ﺗﺧﯾّل ﻟو أن ھذا اﻟﻛﻠب ﻟم ﯾﺳﺗﺳﻠم .ﻓﺳوف ﺗﺟده ﺟﺎﻟﺳﺎ ھﻧﺎك وﺑﺎﻟﺿﺑط
ﻋﻧد اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾﺑدأ ﻓﯾﮫ طوق ﻋﻧﻘﮫ ﺑﺈﻋطﺎء اﻟذﺑذﺑﺎت ،ﻟﻛﻧﮫ ﻟم ﯾﺗراﺟﻊ ﻟﻠﺧﻠف .وﻛل دﻗﯾﻘﺔ ﯾﺗﻘدم إﻟﻰ
اﻟﻘوة اﻟﻛﮭرﺑﺎﺋﯾّﺔ ھذا .إذا ﻣﺎ اﺳﺗﻣر ﻓﻲ ﻓﻌل ذﻟك ﻓﮭو ﺣﺗﻣﺎ ﺳﯾﻧﺟﺢ اﻷﻣﺎم أﻛﺛر ﻣن أﺟل أن ﯾﻌﺗﺎ َد ﺣﻘ َل ّ
ﻓﻲ اﻟﺧروج .وﻟن ﯾﻛون ھﻧﺎك ﻣﺟﺎل ﻷﯾﺔ ﻗوة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﺗﻣﻧﻌﮫ ﻋن ذﻟك .وﻷن اﻟﺣﺎﺟز ھو ﺣﺎﺟز
ﻲ ،ﻓﺳﯾﺧﺗرﻗﮫ ﻟو اﺳﺗطﺎع أن ﯾﺗﻌﻠّم ﻛﯾف ﯾﺻﻣد أﻣﺎم ذﻟك اﻟﺷﻌور ﺑﻌدم اﻟراﺣﺔ .ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻘط أن وھﻣ ّ
ﺷﻌور ﺑﻌدم اﻟراﺣﺔ .اﻟطوق اﻟذي ﻓﻲ ﻋﻧﻘﮫ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ وﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺗﺣ ّﻣل اﻟ ّ ً ﯾﻛون ﻣﺳﺗﻌدّا ،راﻏﺑًﺎ،
ﺣرا ﻓﻲ اﻟذھﺎب ﺣﻘﯾﻘﺔً أذﯾّﺗﮫ ،ھو ﻓﻘط ﻏﯾر ﻣرﯾﺢ .ﻟو اﺳﺗطﺎع أن ﯾﺗﺟﺎوز ﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺗﮫ ﺗﻠك ،ﻷﺻﺑﺢ ّ
واﻹﯾﺎب ﻛﯾﻔﻣﺎ ﯾﺷﺎء.
إن اﻟﻘﻔص اﻟﺧﺎص ﺑك ھو ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻛﮭذا اﻟﻘﻔص .ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺗﻘﺗرب ﻣن ﺣدود اﻟﺧروج ﻣﻧﮫ ،ﺗﺷﻌر ﺑﻌدم
اﻷﻣﺎن واﻟﻐﯾرة واﻟﺧوف أو اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ .ﻓﺗﺗراﺟﻊ ،وإذا ﻛﻧت ﻣﺛل ﺑﻘﯾّﺔ اﻟﻧﺎس ،ﻓﺳﺗﺗوﻗف ﻋن
اﻟﺗﺣرر ﻣن ﻗﻔﺻك ّ ﺗﻘرر أﻧّك ﻟن ﺗﺗوﻗف ﻋن ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﺟدّدا .ﺗﺑدأ ﺑﺎﻻرﺗﻘﺎء روﺣﯾﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ّ
إطﻼﻗﺎ .واﻟروﺣﺎﻧﯾّﺔ ھﻲ اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟذھﺎب داﺋ ًﻣﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﻌد ،ﻣﮭﻣﺎ ﻛﻠّف اﻷﻣر .إﻧﮭﺎ رﺣﻠﺔ ﻻ ﻧﮭﺎﺋﯾّﺔ
ﻣﺑﻧﯾّﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟذھﺎب إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺗﺟﺎوز اﻟﻧّﻔس ﻓﻲ ﻛ ّل ﻟﺣظﺔ وﻓﻲ ﻛ ّل ﯾوم وﻟﺑﻘﯾّﺔ ﺣﯾﺎﺗك ﻛﻠﮭﺎ .وإذا
ﺳﺎ ﻓﻲ ﺣدودك .ﻟﻛﻧّك أدرﻛت ذﻟك ،وﻟن ﻛﻧت ﺗﺳﯾر ﺣﻘﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ھو أﺑﻌد ،ﻓﮭذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧك ﻛﻧت ﻣﺣﺑو ً
ﻲ ﯾﺷﻌر ﻛﻣﺎ ﻟو أﻧّﮫ ﻋﻠﻰ اﻟدوام ﺿ ّد ھذه اﻟﺣدود، ﺗﻌود إطﻼﻗﺎ إﻟﻰ ﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺗك .اﻹﻧﺳﺎن اﻟروﺣﺎﻧ ّ
اﻟﺗﺣرك ﺑﻌﯾدًا.
ّ ﻋﺎ إﻟﻰ
وﯾﻛون ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻣدﻓو ً
ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺳﺗدرك أن اﻟذھﺎب إﻟﻰ ﻣﺎ وراء ﺣدودك اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾؤذﯾك .إذا ﻛﻧت ﻣﺳﺗﻌدّا
ﻟﻠوﻗوف ﻓﻘط ﻋﻠﻰ اﻟﺣدود وﺗﻣﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﯾر ،ﻓﺳﺗذھب إﻟﻰ ﻣﺎ ھو أﺑﻌد .أﻧت ﻣﻌﺗﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺗراﺟﻊ
ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺻﺑﺢ اﻷﻣر ﻏﯾر ﻣرﯾﺢ .اﻵن اﺳﺗرخ وﺗﺟﺎوز ﺗﻠك اﻟﻧﻘطﺔ .ھذا ھو ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎﺟﮫ اﻷﻣر
ﻟﻠذھﺎب إﻟﻰ أﺑﻌد ﻣن ذﻟك .اذھب إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﻛﻧت ﻓﯾﮫ ﻗﺑل دﻗﯾﻘﺔ ﻣﺿت ﻋن طرﯾﻖ
ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟك اﻵن.
ھل ﺗرﻏب ﻓﻲ اﻟذّھﺎب إﻟﻰ اﻟﻣﺎوراء؟ ھل ﺗﺣبّ أن ﺗﺷﻌر ﺑﻌدم وﺟود ﺣواﺟز؟ ﺗﺧﯾّل ﻟو أن ھﻧﺎك
ﺷف ﻣﻧطﻘﺔ راﺣﺔ ﻣﻣﺗدّة ﻟدرﺟﺔ أﻧﮭﺎ ﺗﻧﺎﺳب وﺑﺳﮭوﻟﮫ أﺣداث اﻟﯾوم ﻛﻠّﮫ ،ﻣﮭﻣﺎ ﺣﺻل .اﻟﯾوم ﯾُﻘ ِﺑ ُل وﺗﺗﻛ ّ
ي ﺷﻲء وﻻ ﯾﻌﺗرض .أﻧت ﺗﺗﻔﺎﻋل ﺑﺳﮭوﻟﺔ ﻣﻊ اﻟﯾوم ﺑﻘﻠب ُﻣﺳﺎﻟم أﺣداﺛﮫ ﺗﺑﺎﻋﺎً ،وﻋﻘﻠك ﻻ ﯾﻘول أ ّ
واﺻطدﻣت ﺑﺑﻌض اﻟﺣدود ،ﻓﺈن اﻟﻌﻘل ﻻ ﯾﺷﺗﻛﻲ .ﻛل اﻷﺷﯾﺎء ﺗﺄﺗﻲ ﺛم َ و ُﻣﻠﮭم ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .وﻟو ﺣدث
ﻲ ﻋظﯾم، ﺗﺗدرب ،ﻛرﯾﺎﺿ ّ ّ ﺗﻣﺿﻲ ﻟﺣﺎﻟﮭﺎ .ھذه ھﻲ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﯾﺎ ﺑﮭﺎ اﻟﻧﺎس اﻟﻌظﻣﺎء .ﻋﻧدﻣﺎ
ﻋﻠﻰ أن ﺗﺳﺗرخ ﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻧد ﻣرورك ﺑﺣواﺟزك وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺻطدم ﺑﮭﺎ ،ﻋﻧدھﺎ ﯾﻛون اﻷﻣر ﺑر ّﻣﺗﮫ ﻗد
اﻧﺗﮭﻰ .ﺳﺗدرك أﻧك ﺳﺗﻛون داﺋ ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ،ﻻ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﯾزﻋﺟك ﻋدا ﺣدودك ،واﻵن
ﺻرت ﺗﻌرف ﻛﯾف ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ .ﺗﻧﺗﮭﻲ إﻟﻰ أﻧّك ﺻرت ﺗﺣبّ ﺣدودك ﻷﻧﮭﺎ ھﻲ َﻣن
أوﺿﺣت ﻟك طرﯾﻖ ﺣرﯾّﺗك .ﻛل ﻣﺎ ﻋﻠﯾك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ھو اﻻﺳﺗرﺧﺎء واﻻﺗّﻛﺎء ﻋﻠﯾﮭﺎ .ﺑﻌدھﺎ ،وﻓﻲ ﯾوم
ﻣﺎ ،وﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﺗوﻗّﻊ ذﻟك أﺑدًا ،ﺳﺗﺟد ﻧﻔﺳك وﺻﻠت إﻟﻰ اﻟﻼﻧﮭﺎﯾﺔ .ھذا ھو ﻣﺎ ﻣﻌﻧﺎه أن ﺗذھب أﺑﻌد
ﻣن ذﻟك.
ﺻﻼﺑﺔ اﻟﻣزﯾّﻔﺔ
اﻟﻔﺻل اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر :أط ِﻠﻖ ﺳراح اﻟ ّ
وﻣﺗطور ﺟدا .ﻓﮭﻲ ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﻘوى ﻣﺗﺿﺎرﺑﺔ وﺗﺗﻐﯾّر ﻋﻠﻰ اﻟدوام وﻓﻘًﺎ ّ اﻟذات اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ ھﻲ ﺷﻲء ﻣﻌﻘّد
ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﺣواﻓز اﻟداﺧﻠﯾّﺔ واﻟﺧﺎرﺟﯾّﺔ ﻋﻠﻰ ﺣ ّد ﺳواء .وھذا ﻧﺗﯾﺟﺔ وﺟود اﺧﺗﻼﻓﺎت واﺳﻌﺔ ﻣن
ﺗﻛﺗظ وﺗﻧﺣﺷر ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﻟﺣظﺎت ﻗﺻﯾرة ﻣن اﻟزﻣن ﻓﻲ آن ّ واﻟرﻏﺑﺎت اﻟﺗﻲّ اﻟﺣﺎﺟﺎت واﻟﻣﺧﺎوف
ّ
واﺣد .وﺑﺳﺑب ھذا ﻧﺟد أن ﻗﻠﺔ ﻗﻠﯾﻠﺔ ﻣن اﻟﺑﺷر ﻟدﯾﮭﺎ اﻟوﺿوح اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻻﺳﺗﯾﻌﺎب ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺣدث ھﻧﺎك
داﺧﻠﮭم .ھﻧﺎك ﻛﺛﯾر ﺟدا ﻣ ّﻣﺎ ﯾﺣدث ﺑﺎﻟطﺑﻊ ،وﻓﻲ وﻗت واﺣد ﻟدرﺟﺔ أﻧﮫ ﯾﺻﻌب ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻷﺳﺑﺎب
واﻟﻣﺳﺑّﺑﺎت وﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﻣﺧﺗﻠف أﻓﻛﺎرﻧﺎ وﻣﺷﺎﻋرﻧﺎ وﻣﺳﺗوى اﻟطﺎﻗﺔ ﺑﯾﻧﮭﺎ .وﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﮭذا اﻟوﺿﻊ ،ﻧرى
ﻣﺳﺗﻣر ﻓﻲ
ّ أﻧﻧﺎ ﻓﻲ ﺻراع داﺋم ﻹﺑﻘﺎء ﻛل ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺑﺑﻌض .ﻟﻛن ﻛل ﺷﻲء
اﻟﺗﻐﯾّر :أﻣزﺟﺗﻧﺎ ،ورﻏﺑﺎﺗﻧﺎ ،وﻣﺎ ﻧﺣب وﻣﺎ ﻻ ﻧﺣب ،وﺣﻣﺎﺳﻧﺎ ،وﻓﺗورﻧﺎ .وإﺑﻘﺎء اﻷﺷﯾﺎء ﻛﻣﺎ ھﻲ،
ﺳﯾطرة ﺗﺑدو وﻛﺄﻧّﮭﺎ َﻣﮭ ّﻣﺔ ﺑدوام ﻛﺎﻣل! وذاك ﻛﻠﮫ ﻓﻘط ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺿﺑﺎط اﻟﺿروري ﻟﻣظﺎھر اﻟ ّ
واﻟﻧظﺎم داﺧﻠﻧﺎ.
ّ
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺟد ﻧﻔﺳك ﻓﻲ ﺻراع ﻣﻊ ﻛ ّل ﺗﻠك اﻟﻣﺗﻐﯾّرات اﻟﻧﻔﺳﯾّﺔ واﻟطﺎﻗِﯾّﺔ ،ﻓﺎﻋﻠم أﻧّك ﺗﻌﺎﻧﻲ .وﺣﺗﻰ ﻟو ﻟم
ﻌﻼ ﺗﻌﺎﻧﻲ .إن ﯾﺑ ُد ﻟك اﻷﻣر وﻛﺄﻧك ﺗﻌﺎﻧﻲ ،إﻻ أﻧﮫ وﺑﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺑدﯾل ،ﻓﺄﻧت ﻓِ ً
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ إﺑﻘﺎء ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻛﻠﮭﺎ ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺑﺑﻌض ،ھو ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮫ ﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة.
أﻧت ﺗﻼﺣظ ذﻟك ﻛﺄوﺿﺢ ﻣﺎ ﯾﻛون ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺧرج ﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﻋن
ﻲ ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺎ .ﻟﻛن ﺳﯾطرة .ﻋﻧدھﺎ ﺗﺻﺎب ذاﺗك ﺑﺎﻻﺿطراب ،وﻋﻠﯾك أن ﺗﻧﺎﺿل ﻹﺑﻘﺎء ﻋﺎﻟﻣك اﻟداﺧﻠ ّ اﻟ ّ
ﻣﺎ ھو ﺑﺎﻟﺿﺑط ذاك اﻟذي ﺗرﯾده أن ﯾﻛون ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺎ؟ إن اﻟﺷﻲء اﻟوﺣﯾد اﻟﻣوﺟود ھﻧﺎك ھو أﻓﻛﺎرك
وﺗﺣرﻛﺎت طﺎﻗﺗك .وﻻﺣظ أﻧﮫ ﻻ ﯾوﺟد ﺑﯾن ﻛل ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻣﺎ ھو ﺻﻠب .إﻧﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺷﺑﮫ ّ وﻣﺷﺎﻋرك
ﺳك ﺳك ﺑﮭﺎ ﻛﻣﺎ ﻟو أن ھذا اﻟﺗﻣ ّ ﺳﺣب اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﻲ وﺗذھب ﻓﻲ ﻓﺿﺎء داﺧﻠﻲ ﻓﺳﯾﺢ .ﻟﻛﻧك أﻧت ﻣن ﯾﺗﻣ ّ اﻟ ّ
ﯾﺣ ّل ﻣﺣ ّل اﻻﺳﺗﻘرار .أﺗﺑﺎع اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺑوذﯾﺔ ﻟدﯾﮭم ﻣﺻطﻠﺢ ﯾﺳﺗﺧدﻣوﻧﮫ ﻟوﺻف ھذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ،وھو
"اﻟﺗﺷﺑّث" .واﻟﺗﺷﺑّث ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء ھو ﺟوھر ﻗﺿﯾﺔ اﻟذات اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ.
ﻣن أﺟل أن ﻧﻔﮭم اﻟﺗﺷﺑّث ،ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻧﺎ ّأوﻻ أن ﻧﻔﮭم ﻣن ھو اﻟذي ﯾﺗﺷﺑث .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻐوص أﻛﺛر ﻓﻲ
أﻋﻣﺎق ﻧﻔﺳك ،ﺳﺗدُرك طﺑﯾﻌﯾﺎ أن ھﻧﺎك ﺟز ًءا ﻣن ﻛﯾﺎﻧك ﻣوﺟود داﺋﻣﺎ ھﻧﺎك وﻟن ﯾﺗﻐﯾّر أﺑدًا .ھذا ھو
إﺣﺳﺎﺳك ﺑﺎﻟوﻋﻲ ،ھذا ھو إدراﻛك .إﻧﮫ ھو اﻟذي ﯾُدرك أﻓﻛﺎرك وﯾﺧﺗﺑر ﻣ ّد وﺟزر ﻋواطﻔك،
وﯾﺳﺗﻘﺑل ﻣﺷﺎﻋرك اﻟﻧﻔﺳﯾّﺔ .ھو ﺟذر اﻟﻧﻔس .أﻧت ﻟﺳت أﻓﻛﺎرك ،أﻧت ُﻣدرك ﻷﻓﻛﺎرك .أﻧت ﻟﺳت
ﻣﺷﺎﻋرك ،أﻧت ﺗﺷﻌر ﺑﻣﺷﺎﻋرك .أﻧت ﻟﺳت ﺟﺳدك ،أﻧت ﺗﻧظر إﻟﻰ اﻧﻌﻛﺎس ﺟﺳدك داﺧل اﻟﻣرآة
درك .اﻟوﺟود اﻟذي ﯾُدرك أﻧﮫ ﯾُدرك ﻛل ھذه وﺗﺧﺗﺑر ھذا اﻟﻌﺎﻟم ﻋﺑر ﻋﯾﻧﯾﮫ وأذﻧﯾﮫ .أﻧت اﻟوﺟود اﻟ ُﻣ ِ
اﻷﺷﯾﺎء اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ.
ﻟو ﻗﻣت ﺑﺎﺳﺗﻛﺷﺎف وﻋﯾك ،اﻟذي ھو ﺷﻌور ﺧﺎﻟص ﺑﺎﻹدراك ،ﻟرأﯾت أﻧﮫ ﻻ ﯾﺗوﻗف ﻋﻧد ﻧﻘطﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ.
ﺑل ھو ﺣﻘل ﻣن اﻟوﻋﻲ اﻟذي ﯾرﻛز ﻋﻠﻰ ﻧﻘطﺔ ﻣﺎ ﻣن ﻣﺟﻣوع أﺷﯾﺎء ﻣﻌﯾﻧﮫ ﻛﺎن ﯾرﻛز ﻋﻠﯾﮭﺎ .أﻧت
ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻛون واﻋﯾﺎ ﺑﺄﻧك ﺗﺷﻌر إﻣﺎ ﺑﺈﺻﺑﻊ واﺣد ﻣن أﺻﺎﺑﻌك أو ﺗﻛون واﻋﯾﺎ ﺑﺄﻧك ﺗﺷﻌر ﺑﻛﺎﻣل
ﺟﺳدك ﻣرة واﺣدة .ﯾﻣﻛﻧك أن ﺗﻛون ﺿﺎﺋﻌﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ ﻓﻛرة واﺣدة ،أو ﺗﻛون واﻋﯾﺎ ﺑﻛل أﻓﻛﺎرك
ﻣﺗﺣرك ﻣن اﻹدراك اﻟذي ﻟدﯾﮫ ّ وﻣﺷﺎﻋرك وﺟﺳدك وﻣﺣﯾطك ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ .اﻟوﻋﻲ ھو ﺣﻘل
ّ
ﺳﻊ ﻋﻠﻰ ﻧطﺎق أرﺣب .ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﻛز اﻟوﻋﻲ ﺑدرﺟﺔ ﺿﯾّﻘﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﻛﯾز اﻟﺿﯾّﻖ أو اﻟﺗو ّ
ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺑﺎر ﻧﻔﺳﮫ ﻛﺣﻘل ﺧﺎﻟص ً اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ،ﯾﻔﻘد إﺣﺳﺎﺳﮫ اﻷوﺳﻊ ﺑﺎﻟذات .وھﻧﺎ ﻻ ﯾﻌود اﻟوﻋﻲ
ً
ﻣن اﻟوﻋﻲ ،ﺑل ﯾﺑدأ ﻓﻲ رﺑط ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺷﻛل أﻛﺑر ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﯾﮭﺎ .وﻛﻣﺎ رأﯾﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘًﺎ،
ﻲ ﺗﺷﺎھده إﻟﻰ درﺟ ٍﺔ ﺗﻔﻘد ﻣﻌﮭﺎ اﻟﺷﻌور اﻷوﺳﻊ ھذا ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﺗﻐرق ﻓﻲ ﻓﯾﻠم ﺳﯾﻧﻣﺎﺋ ّ
ﺗﺣوﻟت ﻣن اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﺟﻠوس ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﻋرض ﺑﺎردة وﻣظﻠﻣﺔ .ﻓﻔﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ،ﺗﻛون ﻗد ّ
ﺟﺳدك واﻟﻣﺣﯾط اﻟذي ﯾﺗواﺟد ﻓﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻔﯾﻠم .أﻧت ﺣرﻓﯾﺎ ﻛﻧت ﺿﺎﺋﻌًﺎ ﻓﻲ ﺗﺟرﺑﺔ
اﻟﻔﯾﻠم .ھذا ﯾﻣﻛن أن ﯾﻌَ ّﻣم ﻟﯾﺷﻣل ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟك ﻓﻲ ﺗﺟرﺑﺔ ﺣﯾﺎﺗك ﺑﺄﻛﻣﻠﮭﺎ .إﺣﺳﺎﺳك ﺑﻧﻔﺳك ﯾﺣدّده
اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾر ّﻛز ﻋﻠﯾﮫ وﻋﯾك.
ﻟﻛن ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺣدّد اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾر ّﻛز ﻋﻠﯾﮫ وﻋﯾك؟ ﻋﻧد أﺑﺳط ﻣﺳﺗوى ،إن ﻣﺎ ﯾﺣدّد ﺗرﻛﯾز اﻟوﻋﻲ
ھو ﺑﺑﺳﺎطﺔ أي ﺷﻲء ﯾﺷ ّد اﻧﺗﺑﺎھﮫ وﯾﺑرز ﻟﮫ ھذا اﻟﺷﻲء ﺑﺷﻛل أوﺿﺢ ﻣن ﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى.
ﺑﻣﺟرد ﻣراﻗﺑﺔ واﺳﻌﺔ ،ﻟﻔﺿﺎء داﺧﻠﻲ ﻓﺎرغ .اﻵن ﺗﺧﯾل ّ وﻟﻣﻌرﻓﺔ ھذا اﻟﺷﻲء ،ﺗﺧﯾّل أن وﻋﯾك ﯾﻘوم
ﻗطﺔ ،أو ﺣﺻﺎن ،أو ﻛﻠﻣﺔ ،أو أن ھﻧﺎك ﺗدﻓﻖ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻌﺷواﺋﯾﺔ ﺑدأت ﺗﻣر ﺑذﻟك اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻔﺎرغّ :
ﻣﺗﻘطﻊ ﻣن ﻓﯾﻧﺔ ﻷﺧرى ﻋﺑر وﻋﯾك .اﻵن دع ّ ﻣﺟردة .وھﻲ ﺗﻌوم ﺑﺷﻛل ّ ي ﻓﻛرة أﺧرى ﻟون ،أو أ ّ
ﺷﯾﺋًﺎ واﺣدًا ﻓﻘط ﯾﺑرز ﻣن ﺧﻼل ﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء .ﺳﯾﻘوم ھذا اﻟﺷﻲء ﺑﺟذب اﻧﺗﺑﺎھك وﺷ ّد ﺗرﻛﯾز وﻋﯾك
ﯾﺗﺣرك ﺑﺷﻛل أﺑطﺄ وأﻧّﮫ ﻻ ّ
ﯾﻣر ّ ﺻﺎر
َ إﻟﯾﮫ .ﺳﺗﻼﺣظ ﻋﻠﻰ اﻟﻔور أﻧﮫ ﻛﻠﻣﺎ ازداد ﺗرﻛﯾزك ﻋﻠﯾﮫ،
وﯾﺧﺗﻔﻲ ﺳرﯾﻌﺎ ً ﻣﺛل ﺑﻘﯾﺔ اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى .وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﻟو رﻛزت ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺷﻛل ﻛﺎف ﻓﺳﯾﺗوﻗف ﺗﻣﺎﻣﺎ.
ﻗوة اﻟوﻋﻲ ﺗﻧﺗﮭﻲ ﺑﺈﺑﻘﺎء اﻟﺷﻲء ﺛﺎﺑﺗﺎ ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻋن طرﯾﻖ اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﯾﮫ .ﺗﻣﺎ ًﻣﺎ ﻛﺎﻟﺳﻣﻛﺔ اﻟﺗﻲ إن ّ
ﺳﺑﺎﺣﺔ ﻋﺑر اﻟﻣﺎء ﻟﻛن ﻟﯾس ﻋﺑر اﻟﺛﻠﺞ ،اﻟذي ھو ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻣﺎء ﻣر ّﻛز ،ﻛذﻟك اﻟﺣﺎل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟ ّ
ّ
ﻷﻧﻣﺎط اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾّﺔ واﻟﻌﺎطﻔﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻﺑﺢ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺻﺎدف وﻋﯾًﺎ ﻣرﻛزا ﻋﻠﯾﮭﺎ .إن ﻓﻌل اﻟﺗﻣﺎﯾز
ذاﺗﮫ ﺑﯾن ﻛ ّم اﻟوﻋﻲ اﻟذي ﯾﺗ ّم ﺗرﻛﯾزه ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻣﺣدّد دون ﻏﯾره ﻣن اﻷﺷﯾﺎء ھو اﻟذي ﯾُﺣدث ﺣﺎﻟﺔ
اﻟﺗﺷﺑّث .وﺗﻛون ﻧﺗﯾﺟﺔ ھذا اﻟﺗﺷﺑث أن اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﺧﺗﺎرة ﻣن اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر ﺗﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن
ﻟﺗﺗﺣول ﻣﻌﮭﺎ ﻟﺗﺻﺑﺢ ھﻲ اﻟﻠﺑﻧﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠذات. ّ واﺣد ﺑدرﺟﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ
اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﺑداﺋﯾّﺔ .وﻷن ﺑﻌض اﻷﺷﯾﺎء ﺗﺑﻘﻰ ّ ّ
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺗﺷﺑّث ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء واﻟﺗﻌﻠﻖ ﺑﮭﺎ واﺣدًا ﻣن أﻛﺛر
ﺑﺣرﯾﺔ ،ﻓﺈن إﺣﺳﺎس اﻟوﻋﻲ ﺑﮭﺎ ﯾﻛون أﻛﺑر .وﺗﺳﺗﺧدم ﺗﻣر ﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى ّ ﺗﺣت اﻟﺗرﻛﯾز ﻓﯾﻣﺎ ّ
أﻧت ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻛﻧﻘﺎط ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻟﺧﻠﻖ ﺷﻌور ﺑﺎﻟﺗو ّﺟﮫ ﻧﺣوھﺎ وﺑوﺟود ﻋﻼﻗﺔ وأﻣﺎن ﻣﻌﮭﺎ ،وذﻟك ﻓﻲ
ﺳﻊ إﻟﻰ ﻋﻼﻗﺗك ﺧﺿم اﻟﺗﻐﯾﯾر اﻟداﺧﻠﻲ اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻓﯾك .وھذه اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺗو ّﺟﮫ ﻧﺣو أﺷﯾﺎء ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ ﺗﺗو ّ
ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ .ورﻏم أﻧّك ﻣﺗﺷﺑّث ﺑﺄﺷﯾﺎء داﺧﻠﯾّﺔ ،إﻻ أﻧك ﺗﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ ﻟﺗُو ّﺟﮫ ﻧﻔﺳك وﺗرﺑطﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌدﯾد
ﺳك .ﺗﻘوم ﺑﻌدھﺎ ﺑﺧﻠﻖ أﻓﻛﺎر ﺗرﺑط ﻛل ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻣن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﺎدﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﻲ إﻟﯾك ﻣن ﺧﻼل ﺣوا ّ
ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺑﺑﻌض ،وﺗﺗﺷﺑّث أﻧت ﺣﯾﻧﮭﺎ ﺑﻛ ّل ھذا اﻟﮭﯾﻛل اﻟﻛﺎﻣل .وﯾﻧﺗﮭﻲ ﺑك اﻷﻣر ﺑﺄن ﺗرﺗﺑط ّ
ﺑﻘوة ﺑﮭذا
ﻲ ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﺗﺑﻧﻲ إﺣﺳﺎﺳك ﺑﻧﻔﺳك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل وﻓﻘًﺎ ﻟﮫ .وﻷﻧّك ﻣﺗﺷﺑّث ﺑﮫ ،ﻓﺳﯾﺑﻘﻰ ﺛﺎﺑﺗًﺎ. اﻟﮭﯾﻛل اﻟداﺧﻠ ّ
وﻷﻧﮫ ﯾﺑﻘﻲ ﺛﺎﺑﺗًﺎ ،ﻓﺗﻧﺳب ﻧﻔﺳك إﻟﯾﮫ دوﻧﻣﺎ ﺑﻘﯾّﺔ اﻷﺷﯾﺎء .ھذه ھﻲ وﻻدة اﻟذات .ورﻏم ھذا اﻟﺧﺿم
ﺳك ﺑﮭﺎ ،ﻓﺄﻧت ﺗﺧﻠﻖ ﺟزﯾرة ﻣن اﻟﻣﺎرة واﻟﺗﻣ ّ
ّ اﻟﺷﺎﺳﻊ ﻟﻠﻌﻘل اﻟﻔﺎرغّ ،إﻻ إﻧك وﺑﺎﻟﺗﺷﺑث ﺑﺎﻷﻓﻛﺎر
ﺗﻛوﻧت ھذه اﻟﻔﻛرة وﺻﺎرت ﻓﻲ اﻟداﺧل ،ﻋﻧدھﺎ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺟﻌل ﺻﻼﺑﺔ اﻟواﺿﺣﺔ .وﻣﺗﻰ ﻣﺎ ّ اﻟ ّ
ھﯾﻛﻼ داﺧﻠﯾﺎ ﻟﻠوﻋﻲ ﻛﻲ ً رأﺳك ﯾﺗﻛﺊ ﻋﻠﯾﮭﺎ .وﺑﻌدھﺎ ،ﻣﻊ ﺗﺷﺑّﺛك ﺑﺄﻓﻛﺎر أﺧرى أﻛﺛر ،ﻓﺄﻧت ﺗﺑﻧﻲ
ﻲ ،ﻛﻠﻣﺎ زاد ﻣﯾﻠﮫ ﻻﺳﺗﺧداﻣﮫّ ﯾﺿﻊ ﺗرﻛﯾزه ﻋﻠﯾﮫ .وﻛﻠﻣﺎ ﺿﯾّﻖ اﻟوﻋﻲ ﺗرﻛﯾزه ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﮭﯾﻛل اﻟﻌﻘﻠ ّ
ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﮭوم اﻟذات .اﻟﺗﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء ﯾﺧﻠﻖ اﻟﻠﺑﻧﺎت واﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﻧﻘرﻧﮭﺎ ﺑﺑﻧﺎﺋﻧﺎ ﻟﻣﻔﮭوم اﻟذات.
وﻓﻲ ﺧﺿم اﻟﻔﺿﺎء اﻟداﺧﻠﻲ اﻟﺷﺎﺳﻊ ،وﺑﺎﺳﺗﺧدام ﻻ ﺷﻲء أﻛﺛر ﻣن َوھم اﻷﻓﻛﺎر ،ﺗﺧﻠﻖ أﻧت ﻟك ھﯾﻛﻼ
اﻟراﺣﺔ.
ﻣن اﻟﺻﻼﺑﺔ وﺗﻠﺟﺄ إﻟﯾﮫ ﻗﺎﺻدًا ّ
ﻣن ھو أﻧت اﻟذي ﺿﻌت ،وﺗﺣﺎول اﻵن ﺑﻧﺎء ﻣﻔﮭوم ﻋن ﻧﻔﺳك ﻣن أﺟل أن ﺗﺟد ﻧﻔﺳك؟ ھذا اﻟﺳؤال
ّ
وﺗظن أﻧك ﯾﻣﺛّل ﺟوھر اﻟروﺣﺎﻧﯾﺔ .أﻧت ﻟن ﺗﺟد ﻧﻔﺳك إطﻼﻗﺎ ﻓﻲ اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺑﻧﯾﺗﮫ ﻓﻲ داﺧﻠك
ﺳﺗﻌرف ﻧﻔﺳك ﻣن ﺧﻼﻟﮫ .أﻧت ﻣن ﯾﻘوم ﺑﻌﻣﻠﯾّﺔ اﻟﺑﻧﺎء ھذه .ﻟرﺑﻣﺎ ﺟﻣﻌت أﻛﺑر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣدھﺷﺔ ﻣن
ﺻدّق وﻣﻣﺗﻊ وﻣﻔﻌم ﺑﺎﻟﺣﯾوﯾﺔ، اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر ،وﻟرﺑﻣﺎ ﺑﻧﯾت ھﯾﻛﻼ ھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺟﻣﯾل وﻻ ﯾ َ
ﻟﻛن ﻣن اﻟواﺿﺢ أن ﻣﺎ ﺑﻧﯾﺗﮫ ﻟﯾس أﻧت .أﻧت ﻣن ﻗﻣت ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺑﻧﺎء .أﻧت ھو ﻣن ﻛﺎن ﺿﺎﺋﻌﺎ وﺧﺎﺋﻔﺎ
وﻣﺿطرﺑﺎ ﻷﻧك ﺗر ّﻛز ﺟ ّل وﻋﯾك ﺑﻌﯾدا ﻋن وﻋﯾك ﺑﻧﻔﺳك .ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﺿﯾﺎع واﻟﺧوف،
ﺗﻣر ﻣن أﻣﺎﻣك .وﻗﻣت ﺣﯾﻧﮭﺎ ﺑﺎﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ ﺗﻌﻠّﻣت أن ﺗﺗﻌﻠﻖ وﺗﺗﻣﺳك ﺑﺎﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ّ
ﻟﺑﻧﺎء ﺷﺧﺻﯾّﺔ وھوﯾّﺔ ذاﺗﯾّﺔ وﻣﻔﮭوم ﻟﻠذات اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﮭﺎ أن ﺗﻌﯾﻧك ﻋﻠﻰ أن ﺗﻌرف ﻧﻔﺳك .اﻟوﻋﻲ
أﺳﻧد ﻧﻔﺳﮫ ﻋﻠﻰ ھذه اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻛﺎن واﻋﯾﺎ ﻟﮭﺎ وﺳﻛن ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺑﯾﺗﮫ .وﻷن ﻟدﯾك ھذا اﻟﻧﻣوذج
ﺗﺗﺻرف وﻛﯾف ﺗﺗﺧذ ﻗراراﺗك وﻛﯾف ّ اﻟذي ﯾﻣﺛّل ھوﯾﺗك ،ﻓﺻﺎر ﻣن اﻟﺳﮭل ﻋﻠﯾك ﻣﻌرﻓﺔ ﻛﯾف
ﺗﺟرأت وﻧظرت ،ﻓﺳﺗرى أﻧّك ﻋﺷت ﺣﯾﺎﺗك ﺑﻛﺎﻣﻠﮭﺎ ﻣﻌﺗﻣدًا ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻣن ﺣوﻟك .وﻟو ّ
ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻣوذج اﻟذي ﺑﻧﯾﺗﮫ أﻧت ﺣول ﻧﻔﺳك.
ﺳك ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺗّﺳﻘﺔ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﻔﺎھﯾم ﻓﻲ ﻋﻘﻠك ،ﻣﺛل "أﻧﺎ دﻋوﻧﺎ ﻧﻛون أﻛﺛر ﺗﺣدﯾدًا .أﻧت ﺗﺗﻣ ّ
ّ
ﺿﺎ ،أو ﻣﻔﮭوم ﻣوﺟود ﻓﻲ ذھﻧك .ﻓﺄﻧت ،اﻟﻣﺗﻌﻠﻖ ﺑﮭذه اﻟﻔﻛرة، اﻣرأة" .ﻧﻌم ﺻﺣﯾﺢّ ،
ﻟﻛن ذﻟك ﻓﻛرة أﯾ ً
ﻲ ﯾﺳ َﻣﻊ اﻟﻔﻛرة وﯾرى ﺟﺳد اﻣرأة ﻓﻲ اﻟﻣرآة .ﻟﻛﻧك ﻣﺗﻣﺳك ﺑﺷدّة ﺑﮭذه ﺑذﻛر وﻻ أﻧﺛﻰ .أﻧت وﻋ ٌٍ ﻟﺳت
ﺳن ﻣﻌﯾّﻧﺔ وأؤﻣن ﺑﻔﻠﺳﻔﺔ واﺣدة ﻣﻘﺎﺑل ﻓﻠﺳﻔﺎت أﺧرى". اﻟﻣﻔﺎھﯾم .أﻧت ﺗﻘول ،أﻧﺎ اﻣرأة ،أﻧﺎ اﻵن ﻓﻲ ّ
ﻲ ﺗﻌرف ﻧﻔﺳك ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗؤﻣن ﺑﮫ" ،أﻧﺎ أؤﻣن ﺑﺎﻟﻘدر أو أﻧﺎ ﻻ أؤﻣن ﺑﺎﻟﻘدر. أﻧت ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣرﻓ ّ
ﺳﻼم واﻟﻼﻋﻧف ،أو أﻧﺎ أؤﻣن ﺑﻧظرﯾّﺔ اﻟﺑﻘﺎء ﻟﻸﺻﻠﺢ .أﻧﺎ أؤﻣن ﺑﺎﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ،أو أﻧﺎ أؤﻣن أﻧﺎ أؤﻣن ﺑﺎﻟ ّ
ﺳك ﺑﮭﺎ، ﺑﺎﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ".أﻧت ﻛﺈﻧﺳﺎن ﺗﺄﺧذ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر وﺗﺑﻘﯾﮭﺎ داﺧل ﻋﻘﻠك وﺗﺗﻣ ّ
وﺗﻘوم ﺑﺻﻧﻊ ﺑﻧﯾﺔ ﻋﻼﺋﻘﯾّﺔ ﻣﻌﻘّدة ﻣن ھذه اﻷﻓﻛﺎر ،ﺛم ﺗﻌرض ھذا اﻟرزﻣﺔ،
ﻣﺟرد ﻓﻛرة ﺣول ﻧﻔﺳك اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺑّﺋﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺧﻠف. ّ ﻧﻔس ﻣزﯾّﻔﺔ .ھﻲﺗﺑﻧﯾﮭﺎ داﺧﻠك ھﻲ ٌ
ي وﻗت ﻛم ﻣﺿﻰ ﻣن اﻟوﻗت وأﻧت ﻣﺧﺗﺑﺊ ھﻧﺎك ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء ﻣﺗﻣﺎﺳ ًﻛﺎ؟ وﻓﻲ أ ّ
ﯾﺣدث ﻓﯾﮫ أي ﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻧﻣوذج اﻟذي ﺑﻧﯾﺗﮫ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳك ،ﺗراك ﺗداﻓﻊ وﺗﻌﻘﻠن اﻷﻣور ﻹﺑﻘﺎء ﻛل
ﺷﻲء ﻛﻣﺎ ﻛﺎن .ﻋﻘﻠك ﻟن ﯾﺗوﻗف ﻋن اﻟﻧﺿﺎل إﻟﻰ أن ﺗﻘوم ﺑﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﺣدث أو ﺗدﻋﮫ ﯾذھب إﻟﻰ ﺣﺎل
ﺳﺑﯾﻠﮫ .ﯾﺷﻌر اﻟﻧﺎس أن وﺟودھم ﻓﻲ ﺧطر ،ﻟذﻟك ﻓﮭم ﯾﻘﺎﺗﻠون وﯾﺟﺎدﻟون ﺣﺗﻰ ﯾُﺣﻛﻣوا اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﮫ
ﻣن ﺟدﯾد .ﯾﺣدث ﻛل ھذا ﻷﻧﻧﺎ ﺣﺎوﻟﻧﺎ ﺑﻧﺎء ﺣواﺟز ﺻﻠﺑﺔ ﻓﻲ ﺣﯾن أن ھذه اﻟﺣواﺟز ﻻ ﺗوﺟد أﺻﻼ.
ﻟﻣﺧرج وﻧﺣن ﻋﻠﻰ َ اﻵن ﺻﺎر ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﻧّﺿﺎل ﻹﺑﻘﺎء ھذه اﻟﺣواﺟز ﻗﺎﺋﻣﺔ .اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ھﻲ أﻧﮫ ﻻ وﺟود
ﺳﻼم وﻻ وﺟود ﻟﻔوز ﻓﻲ ﻣﺛل ھذا اﻟﻧﺿﺎل .ﻗﯾل ﻟك ﻻ ﺗﻘم ﺑﺑﻧﺎء ﺑﯾﺗك ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺣﺎل .ﻻ وﺟود ﻟﻠ ّ
اﻟرﻣل .ﺣﺳﻧًﺎ ،ﻟﻛﻧّك ﺑﻧﯾﺗﮫ ﻋﻠﻰ رﻣل ﻣطﻠﻖ .ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،أﻧت ﺑﻧﯾت ﺑﯾﺗك ﻓﻲ ﻓﺿﺎء ﻓﺎرغ .وإذا ﻣﺎ ّ
ّ
ﺑﻘﯾت ﻣﺗﻌﻠﻘًﺎ ﺑﻣﺎ ﺑﻧﯾﺗﮫ ،ﻓﺳﯾﺗﻌﯾّن ﻋﻠﯾك ﻋﻧدھﺎ ،ﺑﺎﺳﺗﻣرار وﻋﻠﻰ اﻟدوام ،أن ﺗﻘوم ﺑﺎﻟدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳك. َ
ﺳﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾك أن ﺗُﺑﻘﻲ ﻛل ﺷﺧص وﻛل ﺷﻲء ﻓﻲ ﻧظﺎم ﻛﺎﻣل ﻣن أﺟل أن ﺗوﻓّﻖ ﺑﯾن اﻟﻧﻣوذج
ﻣﺳﺗﻣر ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﻣوذج ﻣﺗﻣﺎﺳ ًﻛﺎ.
ّ ﻲ ﻟدﯾك وﺑﯾن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺣوﻟك .إﻧﮫ ﻛﻔﺎح اﻟﻣﻔﺎھﯾﻣ ّ
ﻣﻌﻧﻰ أن ﺗﻌﯾش ﺑﺷﻛل روﺣﺎﻧﻲ ھو أن ﻻ ﺗﺷﺎرك ﻓﻲ ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻛﻔﺎح .وﯾﻌﻧﻲ أن اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ
ﺗﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ ھﻲ ﻣﻠك ﻟﻠﺣظﺔ .ھذه اﻷﺣداث ﻻ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾك .ﻟﯾس ﻟﮭﺎ أﺻﻼ أﯾﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﺑك .ﯾﺟب
ﻋﻠﯾك أن ﺗوﻗف ﺗﻌرﯾف ﻧﻔﺳك ﺑﻧﺎ ًء ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺗك ﺑﮭﺎ ،ﻓﻘط اﺗرك اﻷﺣداث ﺗﺄﺗﻲ وﺗذھب ﻟﺣﺎل ﺳﺑﯾﻠﮭﺎ.
ﻻ ﺗدع اﻷﺣداث ﺗﺗرك ﻓﻲ داﺧﻠك أﯾﺔ اﻧطﺑﺎﻋﺎت .إذا وﺟدت ﻧﻔﺳك ﺗﻔ ّﻛر ﻓﯾﮭﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،ﻓﻘط اﺗرﻛﮭﺎ
ﺗﻣر .وإذا ﺣدث ووﻗﻊ ﺣدث ﻣﺎ وﻛﺎن ﻻ ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻣﻧظوﻣﺗك اﻟﻣﻔﺎھﯾﻣﯾﺔ ،ووﺟدت ﻧﻔﺳك ﺗﺻﺎرع ّ
وﺗﻣﻧطﻖ اﻟﺷﻲء ﻣن أﺟل أن ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻌك ،ﻓﻘط ﻻﺣظ ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ﻣن ﻣﺣﺎوﻻت .ﻓﮭﻧﺎك ﺣدث ﻣﺎ ﻓﻲ
اﻟﻛون ﻻ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﻣﻧظوﻣﺗك وﻟﮭذا ﯾﺗﺳﺑّب ﻟك ﺑﺎﻧزﻋﺎج ﻓﻲ اﻟداﺧل .وﻟو ﻻﺣظت ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻣﺎ
ﯾﺣدث ھﻧﺎ ،ﺳﺗﺟد أن ھذا اﻟﺣدث ﯾﻛﺳر اﻟﻧﻣوذج اﻟﺧﺎص ﺑك .ﺳﺗﺻل إﻟﻰ ﻧﻘطﺔ ﻣﺎ ﺳﺗﺣبّ ﻣﻌﮭﺎ ھذا
اﻟذي ﯾﺣدث ﻷﻧك ﻟن ﺗﺣب أن ﺗﺣﺗﻔظ ﺑﻧﻣوذﺟك اﻟﺷﺧﺻﻲ .ﺳﺗﺻف ﻣﺎ ﯾﺣدث ﺑﺄﻧﮫ ﺷﻲء ﺟﯾد ﻷﻧك ﻟم
ﺗﻌد ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌداد ﻟوﺿﻊ طﺎﻗﺗك ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻣظﮭرك اﻟﻣزﯾّف وزﯾﺎدة ﺻﻼﺑﺗﮫ .ﺑل ﺑدﻻ ﻣن ذﻟك،
ﺳﺗﺳﻣﺢ ﻟﻸﺷﯾﺎء ﺑﺄن ﺗﺣدث وﺗُزﻋﺞ ﻧﻣوذﺟك اﻟﺧﺎص وﺳﯾﻛون ھذا ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻣوا ّد ﻣﺗﻔﺟرة ﺗﻘوم ﺑﺗﻛﺳﯾر
ﺗﺗﺣرر أﻧت .ھذا ھو ﻣﻌﻧﻰ أن ﺗﻌﯾش ﺑﺷﻛل روﺣﺎﻧﻲ. ّ ھذا اﻟﻧﻣوذج ﻣن أﺟل أن
ي ﺷﺧص آﺧر .ﻓﺄﻧت ﻻ ﺗرﯾد ﻣﺎ ﯾرﯾده ً
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺻﺑﺢ إﻧﺳﺎﻧًﺎ روﺣﺎﻧﯾﺎ ،ﺗﻛون ﻣﺧﺗﻠﻔﺎ ﺗﻣﺎ ًﻣﺎ ﻋن أ ّ
اﻵﺧرون .ﻷﻧك ﺗﺗﻘﺑل وﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻣﺎ ﯾرﻓﺿوﻧﮫ .وھو أﻧك ﺗرﯾد ﻟﻧﻣوذﺟك اﻟذي ﺑﻧﯾﺗﮫ أن ﯾﻧﻛﺳر،
وﺗﺣﺗرم ﺗﺟرﺑﺔ اﻹزﻋﺎج اﻟﺗﻲ ﺗﺻﯾﺑك ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻋﻧد ﺣدوث ﺷﻲء ﻣﺎ .ﻟﻣﺎذا ﯾزﻋﺟك أي ﺷﻲء ﯾﻘوﻟﮫ
أو ﯾﻔﻌﻠﮫ أﺣد ﻣﺎ؟ أﻧت ﻓﻘط ﻣوﺟود ﻋﻠﻰ ﻛوﻛب ﯾدور ﺣول ﻧﻔﺳﮫ وﺳط اﻟﻼﻣﻛﺎن اﻟﻣطﻠﻖ .أﻧت ھﻧﺎ
ﻓﻲ رﺣﻠﺔ زﯾﺎرة ﻟﺑﺿﻊ ﺳﻧﯾن وﺳﺗرﺣل ﺑﻌدھﺎ .ﻛﯾف ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك أن ﺗﺣﯾﺎ ﺑﻛل ھذا اﻹﺟﮭﺎد وﺗﺟﺎه ﻛل
ﺷﻲء؟ ﻻ ﺗﻔﻌل ذﻟك .إذا ﻛﺎن ﺑﻣﻘدور أي ﺷﻲء أن ﯾﺗﺳﺑب ﻓﻲ إزﻋﺎﺟك ،ﻓﮭذا ﻣﻌﻧﺎه أن ھذا اﻟﺷﻲء
ﯾﺻدم ﻧﻣوذﺟك اﻟﺷﺧﺻﻲ .وھذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧﮫ ﯾﺻدم اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣزﯾف ﻣﻧك اﻟذي ﻗﻣت ﺑﺑﻧﺎﺋﮫ ﻣن أﺟل أن
ﺗﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﻣﻔﮭوﻣك اﻟﺧﺎص ﻋن اﻟواﻗﻊ .ﻟﻛن إذا ﻛﺎن ھذا اﻟﻧﻣوذج واﻗﻌﯾﺎ ،ﻓﻠﻣﺎذا إذن ﻻ ﯾﺗﻧﺎﺳب
واﻟواﻗﻊ؟ ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺷﻲء ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺧﻠﻘﮫ ﻓﻲ ﻋﻘﻠك وﯾﻣﻛن أن ﯾُﻌﺗﺑَر واﻗﻌًﺎ.
ﯾﺟب ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗﻌﻠم ﻛﯾف ﺗﻛون ﻣﺳﺗرﺧﯾﺎ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ وﺟود اﻹزﻋﺎﺟﺎت اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ .إذا ﻣﺎ ﺻﺎر ﻋﻘﻠك
ﻣﻔرطﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط ،ﻓﻘط ﻗم ﺑﻣراﻗﺑﺗﮫ .إذا ﻣﺎ ﺑدأ ﻗﻠﺑك ﯾﻧﻔﻌل ،دﻋﮫ ﯾﻣر ﺑﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﻣر ﺑﮫ.
ﺣﺎول أن ﺗﺟد اﻟﺟﺎﻧب اﻟذي ﻓﻲ داﺧﻠك واﻟذي ﺑﻣﻘدوره أن ﯾﻼﺣظ أن ﻋﻘﻠك ﺻﺎر ﻣﻔرط اﻟﻧﺷﺎط
وﻗﻠﺑك ﺑدأ ﯾﻧﻔﻌل .ھذا اﻟﺟﺎﻧب ﻣﻧك ھو طرﯾﻖ ﺧﻼﺻك .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺧﻼص ﻋﺑر ذﻟك اﻟﻧﻣوذج
اﻟﺧﺎص ﺑك واﻟذي ﺗﻘوم ﺑﺑﻧﺎﺋﮫ .اﻟطرﯾﻖ اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﺣرﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ھو ﻋﺑر ھذا اﻟذي ﯾراﻗب واﻟذي ھو
ھﻧﺎ "اﻟﻧﻔس" .اﻟﻧﻔس ﺑﺑﺳﺎطﺔ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻼﺣظ أن اﻟﻌﻘل واﻟﻣﺷﺎﻋر ﻣن اﻟﻣﻣﻛن ﺣﻠّﮭﺎ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻋن
ﺑﻌض ،دوﻧﻣﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﻟوﺟود أي ﺷﻲء ﯾﻧﺎﺿل ﻹﺑﻘﺎﺋﮭﻣﺎ ﻣﻌﺎ.
ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﺳﯾﻛون ھذا ﻣؤﻟﻣﺎ .اﻟﺳﺑب اﻟرﺋﯾﺳﻲ اﻟذي ﯾﺟﻌﻠك ﺗﺑﻧﻲ اﻟﮭﯾﻛل اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻛﻠﮫ ھو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺟﻧب
اﻷﻟم .إذا ﻣﺎ ﺗرﻛت اﻟﮭﯾﻛل ھذا ﯾﻧﮭﺎر ،ﻓﺳﺗﺷﻌر ﺑﺎﻷﻟم اﻟذي ﻛﻧت ﺗﺗﺟﻧﺑﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﻗﻣت ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ ﺑﻧﺎﺋﮫ.
ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﻣواﺟﮭﺔ ھذا اﻷﻟم .إذا ﻛﻧت ﺗﺣﺑس ﻧﻔﺳك داﺧل ﻗﻠﻌﺔ ﺗﺧﺎف ﻣن اﻟﺧروج
ﺗﻣر ﺑﺗﺟرﺑﺔ اﻟوﺟود اﻟﻛﺎﻣل .ﺗﻠكﻣﻧﮭﺎ ،ﻓﺳﯾﻛون ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾك ﻣواﺟﮭﺔ ذﻟك اﻟﺧوف إذا ﻣﺎ أردت أن ّ
اﻟﻘﻠﻌﺔ ﻟن ﺗﻛون ﻟﺣﻣﺎﯾﺗك ،ﺑل ﻟﺣﺑﺳك .ﻟﺗﻛون ﺣرا ،وﻟﺗﺧﺗﺑر اﻟﺣﯾﺎة ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯾﻘﺗﮭﺎ ،ﯾﺟب ﻋﻠﯾك
ﺳﺗﺣررك ﻣنّ اﻟﺧروج ﻣن اﻟﻘﻠﻌﺔ .ﯾﺟب ﻋﻠﯾك ﺗرك اﻷﻣور واﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼل ﻋﻣﻠﯾّﺔ اﻟﺗطﮭﯾر اﻟﺗﻲ
ذاﺗك .وﺳﺗﻘوم ﺑذﻟك ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻋن طرﯾﻖ ﻣراﻗﺑﺔ اﻟذّات وھﻲ ذات ﺧﺎﻟﺻﺔ .طرﯾﻖ اﻟﺧﻼص ﯾﺗ ّم ﻋﺑر
اﻟوﻋﻲ .ﺗوﻗّف ﻋن ﺗﻌرﯾف اﻟﻌﻘل اﻟﻣﺿطرب ﺑﺄﻧﮫ ﺗﺟرﺑﺔ ﺳﻠﺑﯾﺔ ،ﻓﻘط ﺣﺎول أن ﺗﻛون ﻣﺳﺗرﺧﯾًﺎ وراء
ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ .ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ﻋﻘﻠك ﻣﺿطرﺑﺎ ،ﻻ ﺗﺳﺄل" ،ﻣﺎذا أﻓﻌل ﺗﺟﺎه ذﻟك؟" ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل اﺳﺄل،
" َﻣن أﻧﺎ ،ھذا اﻟذي ﯾﻼﺣظ ﻛ ّل ذﻟك؟"
ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﻣﻧﺎﺳب ،ﺳﺗدرك أن اﻟﻣرﻛز اﻟذي ﺗراﻗب ﻣﻧﮫ ھذا اﻻﺿطراب ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾُﺻﺎب
ﺑﺎﻻﺿطراب .وﻟو ﺑدى ﻟك أﻧّﮫ ﻣﺿطرب ،ﻓﻘط ﻻﺣظ ﻣن اﻟذي ﯾﻼﺣظ ھذا اﻻﺿطراب .وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ
ﺗﺄ ّﻛد أن ھذا اﻻﺿطراب ﺳﯾﺗوﻗف .ﻋﻧدھﺎ ﺳﯾﻛون ﺑﻣﻘدورك أن ﺗرﺗﺎح ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟﺧﻠف ،ﻓﻲ أﻋﻣﺎق
وﺟودك ،وأن ﺗراﻗب ﻋﻘﻠك وﻗﻠﺑك وھﻣﺎ ﯾﻘوﻣﺎن ﺑﺧﻠﻖ آﺧر ﻧوﺑﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎل ﻣن ھذا اﻻﺿطراب.
ﻋﻧد وﺻوﻟك إﻟﻰ ﺗﻠك اﻟﻧﻘطﺔ ،ﺳﺗﻔﮭم ﻣﺎ ﻣﻌﻧﻰ أن ﺗﻛون ﻛﺎﺋﻧﺎ ﻓوق اﻟوﺟود .اﻟوﻋﻲ ﯾﺗﺟﺎوز ﻣﺎ ﯾﻌﯾﮫ.
ﺗﺣرر ﻧﻔﺳك ﻣن ﻛل ھذا ﻋن إﻧﮫ ﻣﻔﺻول ﻛﺎﻧﻔﺻﺎل اﻟﺿوء ﻋ ّﻣﺎ ﯾﺿﯾﺋﮫ .أﻧت وﻋﻲ ،وﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ّ
طرﯾﻖ اﻻﺳﺗرﺧﺎء ﺧﻠف وﻋﯾك.
إذا ﻣﺎ أردت ﺳﻼ ًﻣﺎ داﺋ ًﻣﺎ وﺑﮭﺟﺔ داﺋﻣﺔ وﺳﻌﺎدة داﺋﻣﺔ ،ﯾﺟب ﻋﻠﯾك اﻟﻌﺑور إﻟﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻵﺧر ﻣن
اﺿطراﺑك اﻟداﺧﻠﻲ .ﺗﺳﺗطﯾﻊ ان ﺗﺧﺗﺑر ﺣﯾﺎة ﻣﻔﻌﻣﺔ ﺣﯾث ﻣوﺟﺎت اﻟﺣب ﺗﺗﺳﺎرع ﻓﻲ داﺧﻠك وﻓﻲ أي
وﻗت ﺗرﯾد .ھذه ھﻲ طﺑﯾﻌﺔ وﺟودك .ﯾﺟب ﻋﻠﯾك ﺑﺑﺳﺎطﺔ اﻟذھﺎب إﻟﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻵﺧر ﻣن ذاﺗك.
ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻋﻣل ذﻟك ﻋن طرﯾﻖ اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن ﻧزﻋﺔ اﻟﺗﺷﺑّث ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء .وﻋن طرﯾﻖ ﻋدم اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻋﻘﻠك
وﻟﻣرة واﺣدة وﻟﻸﺑد ،أن ﺗﺑدأ رﺣﻠﺗك ﺑﺎﻟﺗﺧﻠّﻲ اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻋن ّ ﻗرر ﻓﻘط،
ﻓﻲ ﺗﺷﯾﯾد ﺻﻼﺑﺔ ﻣزﯾّﻔﺔّ .
اﻷﺷﯾﺎء.
ﻋﻧد ھذه اﻟﻧﻘطﺔ ،ﺗﺻﯾر اﻟرﺣﻠﺔ ﺳرﯾﻌﺔ ﺟدا .ﺳﺗﻌﺑر ﻣن ﺧﻼل اﻟﺟﺎﻧب اﻟذي ﯾﺧﺎف دوﻣﺎ ﻣن اﻟﻣوت
ﻓﻲ داﺧﻠك ،وﺳﺗرى ﻛﯾف أن ھذا اﻟﺟﺎﻧب ھو ﻓﻲ ﺻراع داﺋم ﻹﺑﻘﺎء اﻷﻣور ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ .إذا أﻧت ﻟم ﺗﻘم
ﺑﺗﻘوﯾﺔ ذﻟك اﻟﺟﺎﻧب ﻓﯾك واﻟذي ﯾﺗﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء ،وﻗﻣت داﺋﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗﺧﻠﻲ وﺑﻌدم اﻟﺗﺷﺑث ،ﺳﺗﺻﺑﺢ ﻓﻲ
اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺧﻠف اﻟﺻﻼﺑﺔ اﻟزاﺋﻔﺔ .وھذا ﻟﯾس ﺑﺷﻲء ﺗﻔﻌﻠﮫ ،ﺑل ھو ﺷﻲء ﯾﺣدث ﻟك.
إن طرﯾﻘك اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﺧﻼص ھو أن ﺗﻛون ﺷﺎھدًا .ﻓﻘط ﻋﻠﯾك اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن اﻷﻣور ﻛوﻧك
اﻟظﻼم؟" ھذهﺗﻌﻲ ﺑﺄﻧّك واع .وإذا ﻣررت ﺑﻔﺗرة ظﻼم واﻛﺗﺋﺎب ،ﻓﻘط اﺳﺄل ﻧﻔﺳكَ " ،ﻣن اﻟواﻋﻲ ﺑﮭذا ّ
ﻲ .ﻓﻘط ﻋن طرﯾﻖ اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ ﻧﻣوك اﻟداﺧﻠ ّ
ھﻲ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑر ﺑﮭﺎ اﻟﻣراﺣل اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن ّ
ّ
ﺗرك اﻷﻣور ،واﻟﺑﻘﺎء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻋﻲ ﺑﺄﻧك أﻧت ﻣﺎ زﻟت ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟﺧﻠف .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋن اﻟذّات
ي ﺷﻲء ،ﺳﺗﺻل إﻟﻰ ﻧﻘطﺔ ﺗﺗﻛﺷف ﻓﯾﮭﺎ اﻟ ُﻣظﻠﻣﺔ ،وﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋن اﻟذات اﻟ ُﻣﺿﯾﺋﺔ ،وﻻ ﺗﻌود ﻣرﺗﺑ ً
طﺎ ﺑﺄ ّ
اﻷﻣور ﺧﻠﻔك .أﻧت ﺗﻌﺗﺎد ﻋﻠﻰ أن ﺗﻛون واﻋﯾًﺎ ﻟﻸﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ أﻣﺎﻣك .اﻵن ﺻرت واﻋﯾًﺎ ﻟﻠوﺟود ﻣن
وراء ﻣوطن اﻟوﻋﻲ ﻟدﯾك.
ﻟم ﯾﻛن ﯾﺑدو أن ھﻧﺎك أي ﺷﻲء ﺧﻠﻔك .ﻷﻧك ﻛﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗرﻛﯾز ﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ ﺗﺷﯾﯾد ﻧﻣوذﺟك ﻣن
ﺳك ﺑﮭﺎ .ﻟم ﯾﻛن ﻟدﯾك وﻋﻲ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻌﺑر ﻣن أﻣﺎﻣك ﻓﺗﺣﺎول اﻟﺗﻣ ّ
ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻣن اﻟﻔﺿﺎء ﻓﻲ داﺧﻠك .ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟﺧﻠف ،ﯾوﺟد ﻋﺎﻟم ﻛﺎﻣل .أﻧت ﻓﻘط ﻟم ﺗﻛن ﺗﻧظر ﻓﻲ ذاك اﻟ ّ
اﻻﺗﺟﺎه .إذا ﻣﺎﻛﻧت ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﺗرك اﻷﻣور واﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋﻧﮭﺎ ،ﻓﺳﺗﻌود ﻟﻠوراء وﯾﻧﻔﺗﺢ ﻣﺣﯾط ﻛﺎﻣل ﻣن
ظﻠﻣﺔ .ﺑﻌدھﺎ ﺳﺗﻣﺿﻲ ﻓﻲ ﻛل دﻗﯾﻘﺔ ﻣن ﺣﯾﺎﺗك اﻟطﺎﻗﺔ .ﺳﺗﻣﺗﻠﺊ ﺑﺎﻟﻧور .ﺳﺗﻣﺗﻠﺊ ﺑﻧور ﻟﯾس ﻓﯾﮫ أﯾّﺔ ُ
اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﻣﻐﻣورا ﺑﮭذه اﻟﻘوة اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻐذﯾك وﺗطﻌﻣك وﺗرﺷدك ﻣن أﻋﻣﺎق ﻧﻔﺳك .ﺳﺗﻛون ﻟدﯾك
أﻓﻛﺎر وﻣﺷﺎﻋر وﻣﻔﮭوم ﻟﻠذات طﺎﻓﯾﺔ ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎء اﻟداﺧﻠﻲ ،ﻟﻛﻧﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﺳﺗﻛون ﻣﺟرد ﺟزء
ﺑﺳﯾط واﺣد ﻣن ﺧﺑرﺗك .ﻟن ﺗﻘوم ﺑﺗﻌرﯾف ﻧﻔﺳك ﺣﯾﻧﮭﺎ ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﺄي ﺷﻲء ﺧﺎرج اﻟﺷﻌور
ﺑﺎﻟذات.
طﺎﻟﻣﺎ وﺻﻠت إﻟﻰ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ،ﻓﻠن ﯾﻛون ﻋﻠﯾك أن ﺗﻘﻠﻖ ﺑﺷﺄن أي ﺷﻲء آﺧر ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق وإﻟﻰ
اﻷﺑد .ﻗوى اﻹﺑداع اﻹﻟﮭﻲ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ إﺑداع ﺟدﯾد ﻓﻲ داﺧﻠك وﺧﺎرﺟك ﻋﻠﻰ اﻟﺳواء .ﺳﺗطﻔو
وﺣﻧو أﺑﻌد ﻣن ﻛ ّل ﺷﻲء ،ﻟﻛﻧﮫ ﯾﺣﺗرم ﻛل ﺷﻲء .ﻟن ﺗﻛون ھﻧﺎك ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺻﻼﺑﺔ ّ ﻓﻲ ﺳﻼم وﺣبّ
ﻲ.
ﻣزﯾﻔﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ ﺳﻼم ﻣﻊ اﻟﻛون اﻟﺷﺎﺳﻊ ﻟوﺟودك اﻟﺣﻘﯾﻘ ّ
:اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﻣس
ِﻋش اﻟﺣﯾﺎة
اﻟﻔﺻل اﻟﺧﺎﻣس ﻋﺷر :درب اﻟﺳﻌﺎدة ﻏﯾر اﻟﻣﺷروطﺔ
ﻲ ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻠوﻏﮫ .ﻟو ﻻﺑ ّد ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ ُﻣﮭ ّﻣﺔ ،وھﻲ أن اﻟﺣﯾﺎة ﻧﻔﺳﮭﺎ أﻋﻠﻰ درب روﺣ ّ
ﻋرف اﻹﻧﺳﺎن ﻛﯾف ﯾﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗﮫ اﻟﯾوﻣﯾّﺔ ﺑﺷﻛل ﺻﺣﯾﺢ ،ﻷﺻﺑﺣت اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾﮫ ھﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ
ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗﺣرﯾر واﻟﺧﻼص .ﻟﻛن ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ ذﻟك ،ﻋﻠﯾك ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ أن ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺷﻛل ﺻﺣﯾﺢ،
ﺧﯾﺎرا واﺣدًا
ً ﺳﺗﺗﺣول ﺣﯾﺎﺗك إﻟﻰ أﻣر ﻣرﺑك وﻣﺣﯾّر .وﺑداﯾﺔ ﯾﺟب ﻋﻠﯾك أن ﺗدرك أن أﻣﺎﻣك ّ وإﻻ
ﺗﺗزوج ،أو ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﺗرﯾدّ ﻓﻘط ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﯾﺎة ،وھذا اﻟﺧﯾﺎر ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﮫ ﺑوظﯾﻔﺗك ،أو ﺑﻣن ﺗرﯾد أن
أن ﺗﻛون ﻣﺗدﯾّﻧًﺎ أم ﻻ .اﻟﻧﺎس ﯾُﺛﻘﻠون ﻛواھﻠﮭم ﺑﺧﯾﺎرات ﻋدّة .ﻟﻛﻧك ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻘوم ﺑرﻣﻲ ﻛل ھذه
اﻟﺧﯾﺎرات وراء ظﮭرك وﺗﺗّﺧذ ﻗرارا واﺣدا أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻘط ،وھو :ھل ﺗرﯾد أن ﺗﻛون إﻧﺳﺎﻧًﺎ ﺳﻌﯾدًا ،أو
ﻻ ﺗرﯾد أن ﺗﻛون إﻧﺳﺎﻧًﺎ ﺳﻌﯾدا؟ اﻷﻣر ﺑﮭذه اﻟﺑﺳﺎطﺔ اﻟﺷدﯾدة .وﻣﺗﻰ ﻣﺎ اﺗّﺧذت ﻗرارك ،ﺳﯾﺻﺑﺢ
درب ﺣﯾﺎﺗك واﺿﺣﺎ ﺟدا أﻣﺎﻣك.
ﻣﻌظم اﻟﻧﺎس ﻻ ﯾﺟرؤون ﻋﻠﻰ اﺗﺧﺎذ ﻣﺛل ھذا اﻟﻘرار ﻷﻧﮭم ﯾظﻧون أن ھذا اﻟﺷﻲء ﺧﺎرج ﺳﯾطرﺗﮭم.
ﻗد ﯾﻘول أﺣدھم" ،ﺣﺳﻧﺎ ،ﺑﺎﻟطﺑﻊ أﻧﺎ أرﯾد أن أﻛون ﺳﻌﯾدا ،ﻟﻛن زوﺟﺗﻲ ھﺟرﺗﻧﻲ ".ﺑﻛﻠﻣﺎت أﺧرى،
ظرفٍ ﻗﺎھر ﻛﮭﺟرة زوﺟﺎﺗﮭم ھذه اﻟﻧوﻋﯾﺔ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص ﺗرﯾد أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدة ،ﻟﻛن ﻟﯾس ﻓﻲ ظ ّل ْ
أو أزواﺟﮭم ﻟﮭم .ﻟﻛن ﻻﺣظوا أن ھذا ﻟم ﯾﻛن ھو اﻟﺳؤال اﻟﻣطروح .اﻟﺳؤال ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻛﺎن" ،ھل ﺗرﯾد
أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا أم ﻻ؟" ﻟو ﻧظرت إﻟﻰ ﺑﺳﺎطﺔ اﻟﺳؤال ،ﺳﺗرى أن اﻻﻣر ﺑﺎﻟﻔﻌل ﺑﯾدك وﺗﺣت
ﺳﯾطرﺗك .اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ أن ﻟدﯾك ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻋﻣﯾﻘﺔ وﻛﺑﯾرة ﻣن اﻟﺗﻔﺿﯾﻼت اﻟﺗﻲ ﺗﻘف ﺣﺎﺋﻼ ﻓﻲ درﺑك.
ﻟﻧﻔﺗرض أﻧك أﺿﻌت درﺑك ﻓﻲ أﺣد اﻷﯾﺎم ،ﻟﻛﻧّك أﺧﯾرا وﺟدت طرﯾﻘك إﻟﻰ أﺣد اﻟﺑﯾوت .وﻛﻧت
ﻣرھﻘﺎ وﺟﺎﺋﻌﺎ ﺣﺗﻰ أﻧك ﺑﺎﻟﻛﺎد ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺻل إﻟﻰ ﻋﺗﺑﺔ ذﻟك اﻟﺑﯾت ،ﻟﻛﻧك اﺳﺗطﻌت اﻟوﺻول ﻓﻲ
اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ وطرﻗت اﻟﺑﺎب .ﻓﺗﺢ أﺣدھم اﻟﺑﺎب ،وﻧظر إﻟﯾك ﻗﺎﺋﻼ" ،ﯾﺎ إﻟﮭﻲ ،أﯾﮭﺎ اﻟﻣﺳﻛﯾن! ھل أﻧت ﺑﺣﺎﺟﺔ
ﺳﺗﺗﻔوه
ّ إﻟﻰ طﻌﺎم؟ ﻣﺎذا ﺗرﯾد أن ﺗﺄﻛل؟" ھﻧﺎ ،أﻧت ﻻ ﺗﻌﯾر ﻣﺎذا ﺗرﯾد أن ﺗﺄﻛل أﯾّﺔ أھﻣﯾﺔ ،أﻧت ﻓﻘط
ﺑﻛﻠﻣﺔ " ،طﻌﺎم ".وﻷﻧك ﻛﻧت ﺟﺎدا ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺗك ﻟﻠطﻌﺎم ،ﻓﻠم ﺗﻛن ھﻧﺎك ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﺟوﻋك
واﻟﺗﻔﺿﯾﻼت اﻟﺗﻲ ﯾُﻣﻠﯾﮭﺎ ﻋﻠﯾك ﻋﻘﻠك .وھذا اﻟوﺿﻊ ھو ﻧﻔﺳﮫ ﻣﺎ ﯾﻧطﺑﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺳؤال ﺣول ﻣﺎ إن
ﻛﻧت ﺗرﯾد أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك أم ﻻ .إذا ﻛﺎن اﻟﺟواب ﻧﻌم ،إذن ﻗُل ھذا اﻟﺟواب دون ﺗﺣدﯾد
اﻷﻓﺿﻠﯾّﺎت .ﻓﺎﻷﻣر ّأوﻻ وأﺧﯾرا ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺑﺳﺎطﺔ" ،ھل ﺗرﯾد أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ﻣن اﻵن وﺻﺎﻋدًا ﻟﺑﻘﯾّﺔ
ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋ ّﻣﺎ ﯾﺣدث ﺣوﻟك وﻟك؟"
ّ ﺣﯾﺎﺗك،
اﻵن ﻟو ﻗﻠت ﻧﻌم أرﯾد أن أﻛون ﺳﻌﯾدا ،ﻓﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﺗﮭﺟرك زوﺟﺗك ،أو أن ﯾﺗوﻓﻰ زوﺟك ،أو
أن ﯾﺳﻘط ﺳوق اﻷﺳﮭم ،أو أن ﺗﺗﻌطل ﺳﯾﺎرﺗك ﻟﯾﻼ وأﻧت ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾﻖ اﻟﺳرﯾﻊ .ھذه أﺷﯾﺎء ﻗد ﺗﺣدث
ﻣن اﻵن وﻓﻲ أي وﻗت ﻣن ﺣﯾﺎﺗك .ﻟﻛﻧك ﻓﻲ ﺣﺎل أردت أن ﺗﺳﯾر ﻋﻠﻰ أﻋﻠﻰ درب روﺣﺎﻧﻲ ،إذن
ﺳﺎﻋﺗﮭﺎ وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون إﺟﺎﺑﺗك "ﻧﻌم" ﻟﮭذا اﻟﺳؤال اﻟﺑﺳﯾط ،ﻓﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻗﺎﺻدا ھذه اﻹﺟﺎﺑﺔ.
ﻓﺎﻟﺳؤال ﻟﯾس ﺑﺧﺻوص ﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت ﺳﻌﺎدﺗك ﺑﯾدك وﺗﺣت ﺳﯾطرﺗك أم ﻻ .وھﻲ ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﺗﺣت
ﺳﯾطرﺗك .اﻷﻣر ﻓﻘط ﻣرﺗﺑط ﺑﺄﻧك ﻻ ﺗﻌﻧﻲ ھذا اﻟﺟواب ﺑﺻدق ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘول "أرﯾد أن أﻛون ﺳﻌﯾدا".
أﻧت ﺗرﯾد أن ﺗرﺑطﮫ ﺑﺄﻓﺿﻠﯾﺎت .أﻧت ﺗرﯾد أن ﺗﻘول ﻧﻌم ،أرﯾد أن اﻛون ﺳﻌﯾدا طﺎﻟﻣﺎ أن ھذا اﻷﻣر ﻟن
ي ﺷرط ﯾﺣدث ﻟﻲ ،أو ذاك اﻷﻣر ﺳﯾﺣدث ﻟﻲ .ﻟذﻟك ﯾﺑدو ﻟك أن ﺳﻌﺎدﺗك ﻟﯾﺳت ﺑﯾدك .اﻋﻠم أن أ ّ
ﺗﺿﻌﮫ ﻟﺳﻌﺎدﺗك ﺳﯾﺣدّد ھذه اﻟﺳﻌﺎدة ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك .ﻓﻠن ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺣﻛم ﺳﯾطرﺗك ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯾﺎء وﺗُﺑﻘﯾﮭﺎ
ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﯾدھﺎ أن ﺗﻛون ﻋﻠﯾﮫ.
ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك أن ﺗﻌطﻲ إﺟﺎﺑﺔ ﻏﯾر ﻣﺷروطﺔ ﻟﺳؤال اﻟﺳﻌﺎدة .إذا ﻣﺎ ﻗررت أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ﻣن اﻵن
وﺻﺎﻋدا وﻟﺑﻘﯾﺔ ﺣﯾﺎﺗك اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،ﻓﻠن ﺗﻛون ﻓﻘط إﻧﺳﺎﻧﺎ ﺳﻌﯾدا ،ﺑل ﺳﺗﻛون أﯾﺿﺎ إﻧﺳﺎﻧﺎ ﻣﺳﺗﻧﯾرا.
اﻟﺳﻌﺎدة ﻏﯾر اﻟﻣﺷروطﺔ ھﻲ إﺣدى أﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﻣوﺟودة ﻟﻼﺳﺗﻧﺎرة .ﻟﯾس ﺿرورﯾﺎ أن ﺗﺗﻌﻠّم اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﺳﻧﺳﻛرﯾﺗﯾّﺔ ﻟﺗﻔﮭم اﻟﺗﻌﺎﻟﯾم اﻟروﺣﺎﻧﯾﺔ اﻟﺷرﻗﯾّﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،أو أن ﺗﻘوم ﺑﻘراءة اﻟﻛﺗب اﻟﻣﻘدﺳﺔ وﺗﺣﺎول
ﺗطﺑﯾﻖ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﯾﮭﺎ .ﻟﯾس ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋن اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك .ﻛل ﻣﺎ ﻋﻠﯾك ﻋﻣﻠﮫ ھو ﻓﻘط أن ﺗﻌﻧﻲ
ﻣﺎ ﺗﻘول ﻋﻧدﻣﺎ ﺗُﻌﻠن ﻟﻧﻔﺳك أﻧك اﺧﺗرت أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة .وﯾﺟب أن ﺗﻛون ﺟﺎدّا ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻘول
ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋ ّﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟك ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك .ھذا ھو اﻟدرب اﻟروﺣﺎﻧﻲ ،وھو اﻟدرب اﻟﻣؤ ّﻛد واﻟﻣﺑﺎﺷر
ﻟﻠﺻﺣوة اﻟروﺣﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون.
ﻗررت أن ﺗﻛون إﻧﺳﺎﻧًﺎ ﺳﻌﯾدًا دون أﯾّﺔ ﺷروط ،ﺳﺗﺣدث ﻟك ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ أﺷﯾﺎء ﻛﺛﯾرة ﺗﺗﺣدّاك. ﻣﺗﻰ ﻣﺎ ّ
ﻧﻣوك اﻟروﺣﻲ .ﺑل إن وھذه اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺧﺗﺑر ﺗﻌ ّﮭدك ووﻋدك ،ھﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺣﻔّز ﻓﯾك ّ
اﻟﺟﺎﻧب ﻏﯾر اﻟﻣﺷروط ﻣن اﻟﺗزاﻣك وﺗﻌ ّﮭدك ھو اﻟذي ﺳﯾﺟﻌل درﺑك ھذا ھو اﻷﻋﻠﻰ واﻷﺳﻣﻰ
ﻟﻼرﺗﻘﺎء ﻓﻲ اﻟروﺣﺎﻧﯾﺔ .إن اﻷﻣر ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺑﺳﺎطﺔ .ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﻘرر ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﺳﺗﻠﺗزم ﺑﺗﻌﮭدك
أم ﻻ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﯾر اﻷﻣور ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ،ﻓﻣن اﻟﺳﮭل أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا .ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﻊ ﻓﯾﮭﺎ
ﺳﻌﺎدة ﺳﮭﻼ .ﺳﺗﺟد ﻧﻔﺳك ﺗﻘول" ،ﻟﻛن ،ﻟم أﻛن أﻋﻠم أن ھذا ﺳﯾﺣدث. ﺷﻲء ﺳﻲء ﻟك ،ﻻ ﯾﻌود أﻣر اﻟ ّ
ﻟم أﺗوﻗﻊ أن ﺗﻔُﺗﻧﻲ رﺣﻠﺔ اﻟطﯾران اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻲ .ﻟم أﻋﻠم أن ﺳﺎﻟﻲ ﺳﺗﺣﺿر إﻟﻰ اﻟﺣﻔل ﻣرﺗدﯾﺔ اﻟﻔﺳﺗﺎن
اﻟذي أرﺗدﯾﮫ أﻧﺎ ﻧﻔﺳﮫ! ﻟم أﻛن أظن أن أﺣدا ﺳﯾﺻطدم ﺑﺳﯾﺎرﺗﻲ اﻟﺟدﯾدة ﺑﻌد ﺳﺎﻋﺔ واﺣدة ﻓﻘط ﻣن
ﺣﯾﺎزﺗﻲ ﻟﮭﺎ!" ھل أﻧت ﺣﻘﺎ ﻣﺳﺗﻌ ّد ﻟﻛﺳر ﺗﻌ ّﮭدك ﺑﺄن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ﻣن أﺟل أﺣداث ﻛﮭذه؟
ﻣﻠﯾﺎرات اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻔ ّﻛر ﻓﯾﮭﺎ ﻣطﻠﻘﺎً ،ﻗد ﺗﺣدث ﻟك .اﻟﺳؤال ھو ﻟﯾس ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت ﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء
ﺑﻐض
ّ ﺳﺗﺣدث أم ﻻ ،ﻷﻧﮭﺎ ﺳوف ﺗﺣدث ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد .اﻟﺳؤال اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ھو ھل ﺗرﯾد أﻧت أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا
اﻟﻧظر ﻋ ّﻣﺎ ﯾﺣدث أم ﻻ .إن اﻟﮭدف اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ھو اﻻﺳﺗﻣﺗﺎع واﻟﺗﻌﻠّم ﻣن اﻟﺗﺟﺎرب .ﻟم ﯾﺿﻌك
ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻟﻛﻲ ﺗﺗﻌذب .أﻧت ﻻ ﺗﺳﺎﻋد أﺣدًا ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﺑﻛوﻧك ﺗﻌﯾﺳﺎ .وﻣﮭﻣﺎ ﺗﻛن
ﻣﻌﺗﻘداﺗك اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ،ﺗﺑﻘﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟواﺿﺣﺔ ھﻲ أﻧك ُوﻟدت ﻓﻲ ﯾوم ،وﺳﺗﻣوت ﻓﻲ آﺧر .وﺧﻼل ھذا
اﻟوﻗت ﻣن ﯾوم وﻻدﺗك إﻟﻰ ﯾوم وﻓﺎﺗك ،ﻋﻠﯾك أن ﺗﺧﺗﺎر ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﺗرﯾد اﻻﺳﺗﻣﺗﺎع ﺑﺗﺟﺎرﺑك ﻓﻲ ھذه
اﻟﺣﯾﺎة أم ﻻ .اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻻ ﺗﺣدّد ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﺳﺗﻛون ﺳﻌﯾدا أم ﻻ .ھﻲ ﻓﻘط أﺣداث ووﻗﺎﺋﻊ.
أﻧت ھو ﻣن ﯾﺣدّد ﻣﺎ إن ﻛﻧت ﺗرﯾد أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا أم ﻻ .ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ﻓﻘط ﻟﻣﺟرد أﻧك
ﻲ ﺗُرزَ ق .ﺑﺈﻣﻛﺎﻧك أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ﺑوﻗوع ﻛل ھذه اﻷﺣداث ﻟك ،وﺑﻌدھﺎ ﺗﻣوت ﺑﻔرح وﺳﻌﺎدة .ﻟو ﺣ ّ
ﺣرة ﺟدا، اﺳﺗطﻌت أن ﺗﻌﯾش ﺑﮭذا اﻟﺷﻛل ،ﺳﯾﻛون ﻗﻠﺑك ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ إﻟﻰ أﻗﺻﻰ ﻣدى وﺳﺗﻛون روﺣك ّ
ﻟدرﺟﺔ أﻧك ﺗﺷﻌر أﻧك ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗطﺎل ﻋﻧﺎن اﻟﺳﻣﺎء.
ي ﺟزء ﻣن ﻛﯾﺎﻧك ﯾرﯾد أن اﻟﺳﻣو اﻟﻣطﻠﻖ ،وﯾﺟب أن ﺗﺗﺧﻠّﻰ ﻋن أ ّ
ّ ھذا ھو اﻟدرب اﻟذي ﺳﯾﻘودك إﻟﻰ
ّ
طﺎ ﻟﻠوﻋد اﻟذي ﻗطﻌﺗﮫ ﺑﺄﻧك ﺳﺗﻛون ﺳﻌﯾدا .إذا أردت أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ،ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗﺧﻠﻰ ﯾﺿﯾف ﺷرو ً
ﻋن اﻟﺟزء اﻟذي ﻓﻲ داﺧﻠك واﻟذي ﯾرﯾد ﺧﻠﻖ ﻣﯾﻠودراﻣﺎ .وھذا ھو اﻟﺟﺎﻧب ﻧﻔﺳﮫ ﻣﻧك اﻟذي ﯾرﯾد أن
ﯾﻌﺗﻘد ﺑﺄن ھﻧﺎك أﺳﺑﺎﺑًﺎ ﺗ َﺣول دون ﺳﻌﺎدﺗك .ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗﺟﺎوز ھذا اﻟﺟﺎﻧب ﻣن ﺷﺧﺻﯾﺗك ،وﺑﯾﻧﻣﺎ أﻧت
ﺗﻔﻌل ذﻟك ،ﺳﯾﺳﺗﯾﻘظ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺳﺎﻣﻲ ﻣن وﺟودك وﺑﺷﻛل طﺑﯾﻌﻲ.
ﻲ اﻟذي ﻋﻠﯾك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ .أﻧت ﺷﻲء اﻟﻣﻧطﻘ ّﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،ﻋﻠﯾك اﻻﺳﺗﻣﺗﺎع ﺑﺗﺟﺎرب اﻟﺣﯾﺎة وھذا ھو اﻟ ّ
ﯾﻠف ﺣول ﻧﻔﺳﮫ وﺳط ﻓراغ ﻣطﻠﻖ .ھﯾﺎ ،اﻣﺿﻲ ﻗُ ُد ًﻣﺎ وأﻟﻘﻲ ﻧظرة ﺗﺟﻠس ﻛﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ ﻛوﻛب ّ
ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯾﻘﺔ وﺟودك .أﻧت ﺗطﻔو ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺣﺔ ﻓﺎرﻏﺔ وﺳط ﻓﺿﺎء ﻣﻣﺗد ﻟﻸﺑد .طﺎﻟﻣﺎ أن ﻋﻠﯾك أن ﺗﺑﻘﻰ
ھﻧﺎ ،ﻓﻌﻠﻰ اﻷﻗل اﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ .أﻧت ﺳﺗﻣوت ﻓﻲ ﯾوم ﻣﺎ ،واﻷﺷﯾﺎء ﺳوف ﺗﺣدث ﻋﻠﻰ أﯾﺔ
ﺣﺎل .إذن ﻟﻣﺎذا ﻻ ﺗﻛون ﺳﻌﯾدًا؟ أﻧت ﻻ ﺗﺣﺻد ﺷﯾﺋﺎ ﺑﺎﻧزﻋﺎﺟك ﻣن أﺣداث اﻟﺣﯾﺎة .ھذا ﻻ ﯾﻐﯾر ﻣن
اﻟوﺟود ﻓﻲ ﺷﻲء ،أﻧت ﻓﻘط ﺳﺗﺗﻌذب .ﺳوف ﯾﻛون ھﻧﺎك داﺋﻣﺎ ﺷﻲء ﻣﺎ ﯾﺣدث وﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾزﻋﺟك
ﻓﻲ ﺣﺎل أﻧك ﺳﻣﺣت ﻟﮫ ﺑذﻟك.
إن ﺧﯾﺎرك ﺑﺎﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة ﺳﯾﻘودك ﻋﺑر رﺣﻠﺗك اﻟروﺣﺎﻧﯾﺔ .واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھﻲ أن ھذا اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﮫ
ھو ﻣﻌﻠﻣك اﻟروﺣﻲ .إن ﺗﻌﮭدك ﺑﺄن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ﺑﻼ ﺷروط ﺳﯾﻌﻠﻣك ﻛل ﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧك ﺗﻌﻠﻣﮫ ﻋن ﻧﻔﺳك
وﻋن اﻵﺧرﯾن وﻋن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﯾﺎة .ﺳﺗﺗﻌﻠم ﻛل ﺷﻲء ﻋن ﻋﻘﻠك وﻗﻠﺑك وإرادﺗك .ﻟﻛن ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون
ﺟﺎدا ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘول إﻧك ﺳﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ﻟﺑﻘﯾﺔ ﺣﯾﺎﺗك .وﻛﻠّﻣﺎ ﺑدأ ﺟﺎﻧب ﻓﯾك ﯾﺷﻌر ﺑﻌدم اﻟﺳﻌﺎدة ،ﺗﺧﻠّﻰ
ﻋﻧﮫ ،اﻋﻣل ﻣﻌﮫ ،اﺳﺗﺧدم اﻟﺗﺄﻛﯾدات ﻟﺗذﻛﯾر ﻧﻔﺳك ﺑوﻋدك ،أو ﻗم ﺑﻌﻣل أي ﺷﻲء ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻣﻠﮫ ﻣن
أﺟل أن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ .إذا ﻣﺎ اﻟﺗزﻣت ﺑﺗﻌﮭدك ،ﻻ ﺷﻲء ﯾﺳﺗطﯾﻊ إﯾﻘﺎﻓك .وﻣﮭﻣﺎ ﺣدث ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن
ﺗﺧﺗﺎر أن ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﺄي ﺗﺟرﺑﺔ ﺗﻣر ﺑك .ﻟو ﻗﺎﻣت ھذه اﻟﺗﺟﺎرب ﺑﺗﺟوﯾﻌك ،أو ﺑوﺿﻌك ﻓﻲ ﺳﺟن
اﻧﻔرادي ،اﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻌل ﻗﺎﺋد اﻟﮭﻧد اﻟﻌظﯾم اﻟﻣﮭﺎﺗﻣﺎ ﻏﺎﻧدي .ﻣﮭﻣﺎ ﺣدث ﻟك ،ﻓﻘط
اﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﯾك.
ﻣﮭﻣﺎ ﺑدى ﻟك اﻷﻣر ﺻﻌﺑﺎ ،ﻗم ﺑﮫ وﺟرﺑﮫ .ﻣﺎ اﻟﻔﺎﺋدة ﻣن ﻋدم ﻓﻌﻠﮫ؟ ﻟو ﻛﻧت ﻣﺛﻼ إﻧﺳﺎﻧﺎ ﺑرﯾﺋﺎ وﺗم
اﺣﺗﺟﺎزك ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ رﻏم ذﻟك أن ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ .ﻣﺎ ھو اﻟﺷﻲء اﻟﺟﯾد اﻟذي ﺳﺗﺣﺻل ﻋﻠﯾﮫ ﻟو ﻛﻧت ﻏﯾر
ﻣﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭذا اﻟﻣوﻗف؟ ھذا ﻟن ﯾﻐﯾر ﺷﯾﺋﺎ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق .ﻓﻔﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،ﻟو ﺑﻘﯾت ﺳﻌﯾدا ،أﻧت اﻟراﺑﺢ.
اﺟﻌل ﻣن ھذه اﻟﻣواﻗف ﻟﻌﺑﺔ أو ﻣزﺣﺔ ،ﻓﻘط ﻛن ﺳﻌﯾدا ﻣﮭﻣﺎ ﺣﺻل ﻟك.
إن ﻣﻔﺗﺎح اﻟﺑﻘﺎء ﺳﻌﯾدا ھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺷﻲء ﺑﺳﯾط ﺟدا .اﺑدأ ﺑﻔﮭم اﻟطﺎﻗﺎت اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ داﺧﻠك .ﻟو ﻧظرت
إﻟﻰ اﻟداﺧل ،ﺳﺗرى أﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ،ﯾﺷﻌر ﻗﻠﺑك ﺑﺎﻻﻧﻔﺗﺎح وﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ ﺗﺗدﻓﻖ داﺧﻠك.
وﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ،ﯾﺷﻌر ﻗﻠﺑك ﺑﺎﻻﻧﻐﻼق وﻻ وﺟود ﻟﺗدﻓﻖ طﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟداﺧل .إذن ﻣن أﺟل أن
ﺗﺑﻘﻰ ﺳﻌﯾدا ،ﻓﻘط ﻻ ﺗﻐﻠﻖ ﻗﻠﺑك .ﻣﮭﻣﺎ ﺣدث ،ﺣﺗﻰ ﻟو ھﺟرﺗك زوﺟﺗك ،أو ﺗوﻓّﻲ ﻋﻧك زوﺟك ،ﻻ
ﺗﻐﻠﻖ ﻗﻠﺑك.
ﻻ ﯾوﺟد ﻗﺎﻧون ﯾﺟﺑرك ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻐﻼق .ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﻘول ﻟﻧﻔﺳك أﻧك ﻟن ﺗﻐﻠﻖ ﻗﻠﺑك ﻣﮭﻣﺎ ﺣدث.
أﻧت ﺑﺻدق ﻟدﯾك ﺣرﯾﺔ اﻻﺧﺗﯾﺎر .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻻﻧﻐﻼق ،ﻓﻘط اﺳﺄل ﻧﻔﺳك إذا ﻣﺎ ﻛﻧت ﺑﺣﻖ ﻣﺳﺗﻌدا
ﻟﻠﺗﺧﻠﻲ ﻋن ﺳﻌﺎدﺗك .ﻋﻠﯾك أن ﺗﻔﺣص ﻣﺎ ھو ھذا اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺑداﺧﻠك واﻟذي ﯾﻌﺗﻘد ﺑﺄن ھﻧﺎك ﻓﺎﺋدة
ﻣﺎ ﺗُرﺟﻰ ﻣن اﻻﻧﻐﻼق .ﯾﺣدث ﻟك أﺑﺳط ﺷﻲء ،ﻓﺈذا ﺑك ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋن ﺳﻌﺎدﺗك .ﻛﻧت ﺗﻘﺿﻲ ﯾوﻣﺎ
ﻋظﯾﻣﺎ إﻟﻰ أن ﻋ ّﻛر ﺻﻔوك ﺷﺧص ﻣﺎ ظﮭر ﻓﻲ طرﯾﻘك .أزﻋﺟك ﺗﺻرﻓﮫ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ ﻓﺈذا ﺑك ﺗﻘﺿﻲ
ﺗﺟرأ واطرح ھذا اﻟﺳؤال ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳك :ﻣﺎ اﻟذي ﺟﻧﯾﺗﮫ ﻣن ﺳﻣﺎﺣك ﺑﻘﯾﺔ اﻟﯾوم ﻛﻠﮫ ﻣﻧزﻋ ًﺟﺎ .ﻟﻣﺎذا؟ ّ
ﻟﮭذا اﻟﺷﻲء ﺑﺄن ﯾﻌ ّﻛر ﺑﻘﯾّﺔ ﯾوﻣك؟ ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﻓﺎﺋدة إطﻼﻗﺎ .إذا أزﻋﺟك أﺣدھم ،دع اﻷﻣر ﯾﻣر
واﺑﻘﻰ ﻣﻔﺗوح اﻟﻘﻠب .واﻋﻠم أﻧﮫ إذا ﻣﺎ أردت ﻟﮭذا أن ﯾﺣدث ،ﻓﺳﯾﺣدث.
ﻓﺳﺗﻣر ﻋﺑر ﻛل ﻣراﺣل اﻻرﺗﻘﺎء ﻓﻲ درﺟﺎت ﻓﻧون ّ إذا ﻛﻧت ﻗد أﺧذت درب اﻟﺳﻌﺎدة ﻏﯾر اﻟﻣﺷروطﺔ،
وﻣﺗﻣرﻛزا ،وﻣﻠﺗز ًﻣﺎ ﻓﻲ ﻛل اﻷوﻗﺎت .ﺳﯾﺗﺣﺗّم ﻋﻠﯾك
ً اﻟﯾوﻏﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .ﺳﯾﺗﺣﺗّم ﻋﻠﯾك أن ﺗﺑﻘﻲ واﻋﯾًﺎ،
إﺑﻘﺎء اﻟﺗزاﻣك داﺋﻣﺎ ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ وﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﻟﻠﺣﯾﺎة .ﻟم ﯾﻘل أﺣد إﻧّك ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ذﻟك .اﻟﺑﻘﺎء ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ھو
اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﺗﻌﻠﯾﻣﮫ ﻋظﻣﺎء اﻟﻘدﯾﺳﯾن واﻟﻣﻌﻠﻣﯾن اﻟروﺣﺎﻧﯾﯾن .إﻧﮭم ﯾﻌﻠﻣوﻧﻧﺎ أن روح ﷲ ﻓﯾﻧﺎ
ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻔرح واﻟﻧﺷوة واﻟﺣب .ﻟو ﺑﻘﯾت ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ﺑدرﺟﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ،ﻓﺳﯾﻣﺗﻠﺊ ﻗﻠﺑك ﺑﻔﯾض ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ
إن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت واﻟﺗﻣﺎرﯾن اﻟروﺣﯾّﺔ ﻟﯾﺳت ھﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮭﺎ .إﻧﮭﺎ ﺗﺣﻣل ﻟك ﻓﺎﻛﮭﺔ اﻟﻌﺎﻟﯾﺔّ .
ّ
اﻟروﺣﺎﻧﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣن اﻟﻌﻣﻖ ﺑﻣﻛﺎن ﻟﺗﺑﻘﻰ داﺋﻣﺎ ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ .ﻟو ﺗﻌﻠّﻣت أن ﺗﻛون ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ﻓﻲ ﻛل
اﻷوﻗﺎت ،ﻓﺳﺗﺣدث ﻟك أﺷﯾﺎء ﻋظﯾﻣﺔ .ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﺗﻌﻠم ّأﻻ ﺗﻧﻐﻠﻖ.
طﺎ ﺑدرﺟﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻛﻲ ﻻ ﯾﻘوم ﺑﺧداﻋك ،ﻓﺗﻌﺗﻘد أن ﯾﻛﻣن ﻣﻔﺗﺎح اﻟﺣل ﻓﻲ أن ﺗُﺑﻘﻲ ﻋﻘﻠك داﺋﻣﺎ ﻣﻧﺿﺑ ً
ﻣرة وأوﺷﻛت ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻐﻼق ،ﺣﺎول اﻟرﺟوع ﻟﻼﻧﻔﺗﺎح ﺗﺳﺗﺣﻖ ﺑﺎﻟﻔﻌل اﻻﻧﻐﻼق .ﻟو ْ
زﻟﻠت ّ ّ ھﻧﺎك أوﻗﺎﺗًﺎ
ﺳرﯾﻌًﺎ .ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻻﻧزﻻق ،ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺗﺢ ﻓﯾﮭﺎ ﻓﻣك ﺑﺎﻟﺷﻛوى ،ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ
ﻋد ﺳرﯾﻌﺎ ً ﻻﻧﻔﺗﺎﺣك .ﻓﻘط اﻟﺗﻲ ﺗﺑدأ ﻓﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻻﻧﻐﻼق وﻓﻲ اﻟدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳك ،أﺳﻧد ﻧﻔﺳك ﻣن ﺟدﯾد و ُ
ﻗوﺗك وأ ّﻛد ﻟﻧﻔﺳك داﺧﻠﯾﺎ أﻧك ﻻ ﺗرﯾد أن ﺗﻧﻐﻠﻖ ،ﻣﮭﻣﺎ ﺣﺻل .أ ِ ّﻛد ﻟذاﺗك أن ﻛ ّل ﻣﺎ ﺗرﯾده
ﻗم ﺑﺎﺳﺗﻌﺎدة ّ
ﺑﺗﺻرﻓﺎت اﻵﺧرﯾن ّ ھو أن ﺗﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﺳﻼم واﻣﺗﻧﺎن ﻟﻠﺣﯾﺎة .أﻧت ﻻ ﺗرﯾد أن ﺗﻛون ﺳﻌﺎدﺗك ﻣﺷروطﺔ
أن ﺳﻌﺎدﺗك ﻣﺷروطﺔ ﺑﺗﺻرﻓﺎﺗك اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرﺑط ﺳﻌﺎدﺗك ﺑﺗﺻرﻓﺎت ﻣن ﺣوﻟك .ﻓﯾﻛﻔﻲ ّ
اﻵﺧرﯾن ،ﺗﻛون ﻗد وﻗﻌت ﻓﻲ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺧطﯾرة.
ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ أن ﺗﺻﺎدف اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣداث ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك ،وﺳﺗﺷﻌر ﻣﻌﮭﺎ ﺑﺎﻟﻣﯾل إﻟﻰ اﻻﻧﻐﻼق.
وﺳﯾﻛون ﻟدﯾك اﻟﺧﯾﺎر ﺑﯾن اﻟﻐرق ﻓﯾﮭﺎ أو اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋﻧﮭﺎ .وﺳﯾﻘول ﻟك ﻋﻘﻠك ﺣﯾﻧﮭﺎ أﻧﮫ ﻣن ﻏﯾر
اﻟﻣﻌﻘول أن ﺗظل ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺻﺎدﻓك ﻣﺛل ھذه اﻷﻣور .ﻟﻛﻧك ﺗﻌﻠم أن وﻗﺗك ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﯾﺎة
ﻣﺣدود ،واﻷﻣر اﻟذي ﻻ ﯾُﻌﻘل ﺣﻘّﺎ ھو أن ﻻ ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭذا اﻟوﻗت ﻣن ﺣﯾﺎﺗك.
ﯾﻘوي ﻣرﻛز إذا واﺟﮭﺗك ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻧﺳﯾﺎن ﺑﺿرورة اﻟﺑﻘﺎء ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ،ﻋﻧدھﺎ ﻗم ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗﺄﻣل .اﻟﺗﺄﻣل ّ
اﻹدراك ﻟدﯾك ﻟﺗﺑﻘﻰ ﻣﺗﯾﻘّظﺎ داﺋﻣﺎ ﺑدرﺟﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻣﻧﻊ ﻗﻠﺑك ﻣن اﻻﻧﻐﻼق .أﻧت ﺗﺑﻘﻰ ُﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ﺑﺗرك
اﻷﻣور ﺗﻣﺿﻲ ﻟﺣﺎل ﺳﺑﯾﻠﮭﺎ وﺑﺎﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن اﻻﻧﻐﻼق .ﻓﻘط دع ﻗﻠﺑك ﯾﺳﺗرﺧﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺑدأ ﺑﺎﻻﻧﻘﺑﺎض.
ﻟﯾس ﻣطﻠوﺑًﺎ ﻣﻧك أن ﺗﺑدو ﻣﺗو ّھ ًﺟﺎ ﻣن اﻟﺧﺎرج ﻋﻠﻰ اﻟدوام ،ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﻛون ﻓَ ِر ًﺣﺎ ﻣن اﻟداﺧل.
ﺷف أﻣﺎﻣك ﺷﻛوى ،ﻓﻘط اﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﻣواﻗف اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻﺎدﻓﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛ ّ ﻓﺑدﻻ ﻣن اﻟ ًّ
ﻣن ﺣﯾن ﻵﺧر.
ﺳﻌﺎدة ﻏﯾر اﻟﻣﺷروطﺔ ھﻲ ﻣن اﻟدروب اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ،وھﻲ ﺗﻘﻧﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﺟدّا ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻛل اﻷﺷﯾﺎء. اﻟ ّ
أﻧت ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺗﻌﻠم ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﯾوﻏﺎ ،وﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗﺄ ّﻣل واﻷوﺿﺎع اﻟﺟﺳدﯾّﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠّﻘﺔ ﺑﻛﻠﯾﮭﻣﺎ ،ﻟﻛن
ﻣﺎذا ﺳﺗﻔﻌل ﺑﺑﻘﯾﺔ ﺣﯾﺎﺗك؟ إن ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﺳﻌﺎدة ﻏﯾر اﻟﻣﺷروطﺔ ﺗُﻌَد ﻣﺛﺎﻟﯾّﺔ ﻷن ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك أن ﺗﻔﻌﻠﮫ
ﺗﻣر ﻣن ﺧﻼﻟك دون أن ﺗﺗﺷﺑّث ﺑﮭﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﺑﻘّﻰ ﻣن ﺣﯾﺎﺗك ﺻﺎر اﻵن ﻣﻌروﻓًﺎ ﻟك ،وھو أن ﺗدع اﻷﺷﯾﺎء ّ
ﻣن أﺟل أن ﺗﺑﻘﻰ ﺳﻌﯾدًا .وﺑﻘدر ﻣﺎ ﺗﻧﻣو روﺣﺎﻧﯾﺗك ،ﺳﺗﻧﻣو أﻧت ﻣﻌﮭﺎ ﺑﺷﻛل ﺳرﯾﻊ .اﻹﻧﺳﺎن اﻟذي
ﯾدع اﻷﺷﯾﺎء ﺗﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ﻓﻲ ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻣن ﻟﺣظﺎت ﯾوﻣﮫ ﺳﯾﻼﺣظ ﻛﯾف ﯾﺗط ّﮭر ﻗﻠﺑﮫ ﯾوﻣﯾﺎ .وھذا
ﺿﺎ
ﯾﻌود إﻟﻰ أن ھذا اﻹﻧﺳﺎن ﻟن ﯾﻐرق ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗطرأ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟطرﯾﻖ .ﻛﻣﺎ ﺳﯾﻼﺣظ أﯾ ً
ﺿﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﯾﻠودراﻣﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺗﻠﻘﮭﺎ اﻟﻌﻘل ﺑﯾن ﺣﯾن وآﺧر. اﻟﺗط ّﮭر اﻟذي ﯾﺣدث ﻟﻌﻘﻠﮫ ﻷﻧﮫ ﻟن ﯾﻐرق أﯾ ً
إن روح ھذا اﻹﻧﺳﺎن ﺳﺗﺗﯾﻘظ ﺣﺗﻰ وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌﻠم ﺷﯾﺋﺎ ﻋن اﻟروح .ﺳﯾﻌرف ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺳﻌﺎدة اﻟﺗﻲ ّ
ﺗﻔوق ﻓﮭم واﺳﺗﯾﻌﺎب اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌﺎدي .ھذا اﻟدرب ﯾﻌﺎﻟﺞ ﻛل ﻣﺷﺎﻛل اﻟﺣﯾﺎة اﻟﯾوﻣﯾﺔ واﻟﺣﯾﺎة اﻟروﺣﯾﺔ.
إن أﻋظم ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻘدّﻣﮫ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﺧﺎﻟﻘﮫ ھو أن ﯾﻛون ﺳﻌﯾدا ﺑﺧﻠﻖ ﷲ وﻣﻠﻛوﺗﮫ.
ھﻧﺎك ﻣن اﻷﺷﺧﺎص ﻣن ﯾﺗذﻣر ﻣن ﻛل ﺷﻲء ﺣوﻟﮫ ،ﻓﯾﻘول" ،ﺗﻠك اﻟﺷﺟرة ھﻧﺎك ﻣﻧﺣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺧﻣﺳﺔ
اﺗﺟﺎھﺎت ،أرﯾدھﺎ أن ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻘﯾﻣﺔ .ھذا اﻟﺷﺧص ﺧرج ﻓﻲ ﻣوﻋد ﻣﻊ ﺷﺧص آﺧر ،وذﻟك اﻟﺷﺧص
رﻓﻊ ﻗﯾﻣﺔ ﻓﺎﺗورة اﻟﮭﺎﺗف ﻟﻣﺎﺋﺔ دوﻻر .ھذا اﻟﺷﺧص ﯾﻣﺗﻠك ﺳﯾﺎرة أﻓﺿل ﻣن ﺳﯾﺎرﺗﻲ وھذا اﻟﺷﺧص
ﯾرﺗدي زﯾﺎ ﻣﺿﺣﻛﺎ .اﻟﺣﯾﺎة ﻓظﯾﻌﺔ .ھذا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﻟﻲ أﻧف ﻛﺑﯾر ،وأذﻧﺎن ﺻﻐﯾرﺗﺎن ،وأﺻﺎﺑﻊ
ﻲ ﻏرﯾﺑﺔ .أﻧﺎ ﻟﺳت ﺳﻌﯾدا ﺑﻛل ھذا .أﻧﺎ ﻻ أﺣب أﯾّﺎ ﻣن ھذا .ﻛذﻟك اﻟﺣﯾواﻧﺎت ﻻ أﺣﺑﮭﺎ .اﻟﻧﻣل ﻗدﻣ ّ
ﯾﻌﺿﻧﻲ واﻟﺑﻌوض ﯾﻠﺳﻌﻧﻲ ،وھذا ﺷﻲء ﻣدﻣر .ﻻ أﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺧروج ﻟﯾﻼ ﺑﺳﺑب وﺟود ﻛل ھذه
اﻟﺣﯾواﻧﺎت واﻟﺣﺷرات ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج .ﻓﮭﻲ ﺗﻌوي وﺗﺗﺑرز ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن ،أﻧﺎ ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر ﻻ أﺣب ھذا
اﻟوﺿﻊ".
ﻟﻛن ھﻧﺎك ﻣن اﻷﺷﺧﺎص ﻣن ھو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺷوة ﻣﻊ ﻛل ﻣﺎ ﺣوﻟﮫ .إن ﺳﺄﻟﺗﮫ ﻋن ﺣﺎﻟﮫ ﻓﺳﯾﻘول ﻟك،
ظر إﻟﻰ"إن اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﺣوﻟﻲ ﺟﻣﯾﻠﺔ! ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ أراھﺎ ﺗﺧﻠﻖ ﻓﻲ داﺧﻠﻲ ﻣوﺟﺎت ﻣن اﻟﻔرح .اﻧ ُ
ﺗﻠك اﻟﺷﺟرة اﻟﻣﺎﺋﻠﺔ ،ﺗﻛﺎد ﺗُﻔﻘدﻧﻲ ﺻواﺑﻲ ﻣن ﺟﻣﺎﻟﮭﺎ .ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻧﻣﻠﺔ وﺗﻌﺿﻧﻲ ،إﻧﮫ ﻷﻣر ﻣدھش أن
ﺗﻣﻠك ﻣﺧﻠوﻗﺔ ﺑﮭذا اﻟﺣﺟم ﻛل ھذه اﻟﺷﺟﺎﻋﺔ ﻟﻌض ﻣﺧﻠوق ﻋﻣﻼق ﻣﺛﻠﻲ!"
ً
وﻣﺗﻣرﻛزا ﺑﺷﻛل ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ أﻧت إن أردت اﻟﺗﻘرب ﻣن ﷲ ﻓﺗﻌﻠّم ﻛﯾف ﺗﻛون ﻓر ًﺣﺎ .إذا ﻣﺎ ﺑﻘﯾت ﺳﻌﯾدًا
ﺳﺗﺟد ﷲ ﻓﻲ داﺧﻠك .وھذا ھو اﻟﺟﺎﻧب اﻟراﺋﻊ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ .ﻧﻌم ،أﻧت ﺳﺗﺟد اﻟﺳﻌﺎدة ،ﻟﻛﻧﮭﺎ ﺳﺗﻛون ﻻ
ﺷﻲء ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻣﺎ ﺳﺗﺟده ﺣﻘﯾﻘﺔً ﺑﻌد ذﻟك.
ﺻﺎت اﻷﻣور ﻣﺗﻰ ﻣﺎ اﺳﺗطﻌت ﺗﺟﺎوز أﻛﺛر اﻷﻣور ﺻﻌوﺑﺔ ،وﻣﺗﻰ ﻣﺎ اﻗﺗﻧﻌت ﺑﺄﻧك ﺳﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋن ﻣﻧﻐ ّ
ي ﻟﻠﻌﻘل واﻟﻘﻠب ﻣﻌًﺎ .ﺳﺗﺟد ﻧﻔﺳك وﺟ ًﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدُث ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ،ﻋﻧدھﺎ ﺳﯾﺧﺗﻔﻲ اﻟﺣﺟﺎب اﻟﺑﺷر ّ
ﻟوﺟﮫ ﻣﻊ ﻣﺎ ھو أﺑﻌد ﻣﻧك .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﺗﮭﻲ ﻣن اﻟﻠﻌب ﻣﻊ اﻟﺣدود اﻟزﻣﺎﻧﯾّﺔ واﻟﻣﻛﺎﻧﯾّﺔ ،ﺳﺗﻧﻔﺗﺢ ﺑﻌدھﺎ ﻧﺣو
اﻷﺑدي واﻟﻼﻣﺗﻧﺎھﻲ .وﻋﻧدھﺎ ﻟن ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻛﻠﻣﺔ "اﻟﺳﻌﺎدة" أن ﺗﻛون وﺻﻔﺎ ً ﻟﻠﺣﺎل اﻟﺗﻲ أﻧت ﻓﯾﮭﺎ .ﺑل
واﻟﺗﺣرر ،واﻟﻧﯾرﻓﺎﻧﺎ،
ّ ﻣﻌﺎن أﺧرى ﻟﺗﻌﺑّر ﻋﻧك ،ﻛﺎﻟﻧﺷوة ،واﻻﻧﻐﻣﺎس ﻓﻲ ﻧﻌﻣﺔ اﻟﻧور، ٍ ﺳﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ
واﻟﺣرﯾّﺔ .ﺳﯾﻛون اﻟﻔرح ﻏﺎﻣرا ،وﻛﺄﺳك ﻣﻸى ﺑﮫ ﻋن آﺧره.
اﻟﺣﯾﺎة درب ﺟﻣﯾل .ﻓﻛن ﺳﻌﯾدا ً ﺑﺎﻟﺳﯾر ﻓﯾﮫ.
اﻟﻔﺻل اﻟﺳﺎدس ﻋﺷر :اﻟدرب اﻟروﺣﻲ ﻟﻌدم اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ
ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن أن ﯾﻧظر إﻟﻰ ﻣﺣﺎوﻻﺗﮫ وﺗدرﯾﺑﺎﺗﮫ اﻟروﺣﯾﺔ ﻛطرﯾﻘﺔ ﻟﺗﻌﻠّم ﻛﯾف ﺗﻌﺎش اﻟﺣﯾﺎة
ﺑﻌﯾدا ﻋن اﻟﺗوﺗر واﻟﻣﺷﺎﻛل واﻟﺧوف واﻟﻣﯾﻠودراﻣﺎ .درب اﻟﺗﻌﻠّم ھذا ﯾﺑﻐﻲ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﻣن
اﻟﺗطور روﺣﯾﺎ ﯾُﻌَ ّد أﺳﻣﻰ اﻟدروب وأرﻗﺎھﺎ .ﯾﺣدث ﻟك اﻟﺗوﺗّر ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻌﺎﻧد أﺣداث اﻟﺣﯾﺎة ّ أﺟل
ي ﻧوع ﺗﺟرھﺎ ﻧﺎﺣﯾﺗك ﻓﺄﻧت ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻟن ﺗﺧﻠﻖ أ ّ وﺗرﻓﺿﮭﺎ .أ ّﻣﺎ إذا ﻛﻧت ﻻ ﺗدﻓﻊ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة ﺑﻌﯾدًا ﻋﻧك وﻻ ّ
اﻟرﻓض واﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ .أﻧت ﻓﻘط ﻣوﺟود وﺣﺎﺿر .وﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ،أﻧت ﻓﻘط ﺗﺷﺎھد وﺗﺧﺗﺑر ﻣن أﻧواع ّ
أﺣداث اﻟﺣﯾﺎة وھﻲ ﺗﻘﻊ ﻣن ﺣوﻟك .إذا اﺧﺗرت أن ﺗﻌﯾش اﻟﺣﯾﺎة ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺷﺎﻛﻠﺔ وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻣﻧوال،
ﻓﺳﺗرى أﻧﮫ ﯾﻣﻛﻧك أن ﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗك ﻓﻲ ﺳﻼم داﺋم.
اﻟذرات ﻋﺑر اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن .إﻧﮭﺎ ﺗﺳﻠﺳل أﺑدي ﻻ ﯾﻧﺗﮭﻲ ﻛم ھﻲ ﻣذھﻠﺔ اﻟﺣﯾﺎة .ﻛل ھذا اﻟﺗدﻓّﻖ ﻣن ّ
ﻣن اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺗﺗّﺧذ ﺷﻛﻼ ﻣﻌﯾّﻧﺎ وﻣن ﺛم ﺗﺣ ّل ﻋﻠﻰ اﻟﻔور ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ .إذا ﻗﻣت ﺑﻣﻘﺎوﻣﺔ
اﻟﻘوة اﻟﻣدھﺷﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة ،ﻓﺳﯾﻧﺷﺄ اﻟﺗوﺗّر ﻓﻲ داﺧﻠك وﺳﯾﺳﻛن ﺟﺳدك وﻋﻘﻠك وﻗﻠﺑك اﻟروﺣﻲ. ھذه ّ
ﺻﻌوﺑﺔ أن ﻧرى ﻧزﻋﺗﻧﺎ ﺗﺟﺎه اﻟﺗوﺗر واﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ اﻟﯾوﻣﯾﺔ .ﻟﻛن ﻟو أردﻧﺎ أن ﻧﻔﮭم ﻟﯾس ﻣن اﻟ ّ
ﻣﺎھﯾﺔ ھذه اﻟﻧزﻋﺔ ،ﻓﻌﻠﯾﻧﺎ أوﻻ أن ﻧﺗﺳﺎءل ﻟﻣﺎذا ﻧﻘﺎوم ﻧﺣن وﺑﺷدّة ﺟرﯾﺎن اﻟﺣﯾﺎة .ﻣﺎ ھو ھذا اﻟﺷﻲء
أﺻﻼ اﻟﻘُدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ واﻗﻊ اﻟﺣﯾﺎة؟ ﻟو ﻧظرت ﺑﺗﻣﻌّن داﺧﻠك ،ﺳﺗﺟد أﻧك أﻧت ً اﻟذي ﺑداﺧﻠﻧﺎ وﻟدﯾﮫ
"ﻗوة
ﻣن ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ،ذاﺗك ،أﻧت اﻟﺳﺎﻛن ھﻧﺎك ،ھو ﻣن ﯾﻣﻠك ھذه اﻟﻘوة .وھذه اﻟﻘوة ﺗﺳ ّﻣﻰّ ،
اﻹرادة".
اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﺗﻣ ّﻛﻧك ﻣن ﺗﺣرﯾك ﯾدﯾك إن اﻹرادة ھﻲ ﻗوة ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﺗﻧﺑﻊ ﻣن ﻛﯾﺎﻧك ووﺟودك .ھﻲ ّ ّ
ﺗﺗﺣرك ﻷن إرادﺗك ھﻲ ّ وﻗدﻣﯾك .أﻋﺿﺎؤك ھذه ﻻ ﺗﺗﺣرك ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﮭﺎ وﺑﺷﻛل ﻋﺷواﺋﻲ ،ﺑل
ﺗﺗﺣرك ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو أو ذاك .وھذه اﻹرادة ھﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ أﻧت ﻋﻧدﻣﺎ ّ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻠﮭﺎ
ﺗﺗﻣﺳك ﺑﺄﻓﻛﺎر ﻣﻌﯾﻧﺔ وﺗرﻛز ﻋﻠﯾﮭﺎ .واﻟذات ،ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗرﻛﯾز واﻟﺗوﺟﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺣﺳﻲ
واﻟﻌﻘﻠﻲ واﻟﻌﺎطﻔﻲ ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺧﻠﻖ ﻗوة ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳ ّﻣﻰ "اﻹرادة" .وھذه ھﻲ اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ أﻧت
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرﯾد ﻟﻸﺷﯾﺎء أن ﺗﺣدث أو ﻻ ﺗﺣدث .أﻧت ﻟﺳت ﻣﺳﻠوب اﻹرادة ،ﺑل ﺗﻣﻠك اﻟﻘوة ﻟﻠﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ
اﻷﻣور ﻣن ﺣوﻟك.
إﻧﮫ ﻟﻣن اﻟﻣدھش أن ﻧرى ﻛﯾف ﻧﺳﺗﺧدم إرادﺗﻧﺎ .ﻧﺣن وﺿﻌﻧﺎ إرادﺗﻧﺎ ﺿ ّد ﺗدﻓّﻖ ﺟرﯾﺎن اﻟﺣﯾﺎة .ﻓﻔﻲ
ﺣﺎﻟﺔ وﻗﻊ ﻣﺎ ﻻ ﻧﺣب ،ﻧﻘوم ﺑﻣﻘﺎوﻣﺗﮫ .ﻟﻛن طﺎﻟﻣﺎ أن ھذا اﻟﺷﻲء اﻟذي ﻧﻘوم ﺑﻣﻘﺎوﻣﺗﮫ ﻗد وﻗﻊ ﺑﺎﻟﻔﻌل،
أن زوﺟك اﻧﺗﻘل ﻟﻠﻌﯾش ﺑﻌﯾدًا ﻋﻧك ،ﻓﻣن اﻟﻣﻔﮭوم ﻣﺛﻼ ﻟو ّإذن ﻣﺎ اﻟﻣﻐزى وﻣﺎ اﻟﻔﺎﺋدة ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ؟ ً
اﺳﺗﻣرت ﻟﺳﻧواتّ أن ھذا اﻷﻣر ﯾﺳﺑّب ﻟك اﻟﻘﻠﻖ .ﻟﻛن ﻣﻘﺎوﻣﺗك اﻟداﺧﻠﯾّﺔ ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻧﺗﻘﺎﻟﮫ ،ﺣﺗﻰ ﻟو ّ
ﻗﺎدﻣﺔ ،ﻓﻠن ﺗﻐﯾّر ﻣن ﺣﻘﯾﻘﺔ أﻧﮫ اﻧﺗﻘل ﺑﺎﻟﻔﻌل .ﻣﻘﺎوﻣﺗك ﻻ ﺗﻐﯾّر ﺷﯾﺋًﺎ ﻣن اﻷﻣر.
ﺗﻔوه أﺣدھمﺳﺎ .ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻟو ّ واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھﻲ أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘول إﻧﻧﺎ ﻧﻘﺎوم ﻣﺎ ﯾﺣدث أﺳﺎ ً
ﺑﺄﻣر ﻻ ﯾروق ﻟﻧﺎ ،ﻓﻣن اﻟواﺿﺢ أن ﻣﻘﺎوﻣﺗﻧﺎ ﻟﻣﺎ ﻗﯾل ﻟن ﯾوﻗف ﻣﺎ ﻗد ﻗﯾل واﻧﺗﮭﻰ .ﻓﻣﺎ ﻧﻘوم ﺑﻣﻘﺎوﻣﺗﮫ ٍ
ّ
ﻣرور ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺧﻼﻟﻧﺎ .ﻓﻧﺣن ﻻ ﻧرﯾد ﻟﻣﺎ ﺣدث أن ﯾؤﺛر ﻓﻲ داﺧﻠﻧﺎ .ﻧﺣن ﻧﻌﻠم أن َ إذن ھو رﻓﺿﻧﺎ
ﻗوةذﻟك ﺳﯾُﺣدث اﻧطﺑﺎﻋﺎت ﻋﻘﻠﯾّﺔ وﻋﺎطﻔﯾّﺔ ﻟن ﺗﻧﺳﺟم ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾوﺟد ُﻣﺳﺑﻘًﺎ داﺧﻠﻧﺎ .ﻟذﻟك ﻓﻧﺣن ﻧو ّﺟﮫ ّ
إرادﺗﻧﺎ ﻟﺗﻛون ﻣﺿﺎدّة ﻟﻠﺗﺄﺛﯾر اﻟذي ﺳﯾﺧﻠﻘﮫ ھذا اﻟﺣدث ،وذﻟك ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻣﻧﻌﮫ ﻣن اﻟﻌﺑور ﺧﻼل
ي ﺣدث ﯾﻘﻊ ﻟﻧﺎ ﻻ ﺗﺗوﻗف ﻋﻧد اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺣﺳﯾّﺔ ﻟﮭﺎ. ﻗﻠوﺑﻧﺎ وﻋﻘوﻟﻧﺎ .ﺑﻛﻠﻣﺎت أﺧرى ،إن ﺗﺟرﺑﺔ أ ّ
ﺿﺎ ﻋﺑر اﻟذّات ﻋﻧد ﻣﺳﺗوى طﺎﻗﻲ ﻣﻌﯾن .ھذه ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻧﻣر ﻓﺎﻟﺣدث ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮫ ﯾﺟب أن ّ
ﯾﻣر ھو أﯾ ً
ﺑﮭﺎ وﻧﺧﺗﺑرھﺎ ﯾوﻣﯾﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ .إن اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟﺣﺳﯾﺔ اﻷوﻟﯾﺔ ﺗﻠﻣس ﻣﺎ ﻟدﯾﻧﺎ ﻣن طﺎﻗﺎت ،وﺗﺣدث ﻓﯾﮭﺎ
ﺣرﻛﺎت واھﺗزازات ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .وﺗﻘوم ھذه اﻻھﺗزازات ﺑﺎﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼل اﻟذات ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣﺛل ﻋﺑور
اﻟﻣوﺟﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺧﻠﻘﮭﺎ ﺳﻘوط ﺷﻲء ﻣﺎدي ﻓﻲ اﻟﻣﺎء .ﻣن اﻟﻣدھش أﻧك ﺗﻣﻠك اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ
اھﺗزازات اﻟطﺎﻗﺔ ھذه .إن اﻹﺻرار ﺑﻘوة اﻹرادة ،ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾوﻗف اﻧﺗﻘﺎل اﻟطﺎﻗﺔ ،وھذا ﻣﺎ ﯾﺧﻠﻖ
اﻟﺗوﺗر ﻋﻧد اﻹﻧﺳﺎن .أﻧت ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗرھﻖ ﻧﻔﺳك ﺑﺎﻟﺻراع ﻣﻊ ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣدث اﻟواﺣد ،أو اﻟﻔﻛرة
اﻟواﺣدة أو اﻟﻌﺎطﻔﺔ .أﻧت ﺗﻌرف ﻛل ھذا ﺟﯾّدًا.
ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻷﻣر ،ﺳﺗرى أن ھذه اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻣﺎ ھﻲ إﻻ ﺿﯾﺎع ھﺎﺋل ﻟﻠطﺎﻗﺔ .وأﻧك ﻋﻣوﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﺎﺳﺗﺧدام
أﻣر ﻟم ﯾﺣدث ﺑﻌد .أﻧت ﺗﺟﻠس ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟداﺧل أﻣر ﺣدث واﻧﺗﮭﻰ ،أو ٌ إرادﺗك ﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ أﺣد أﻣرﯾنٌ :
أﻓﻛﺎر ﻋن اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل .ﻓ ّﻛر ﻓﻲ ﻛ ّم اﻟطﺎﻗﺔ اﻟ ُﻣﮭدرة ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ
ٍ ت ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ اﻟﺑﻌﯾد ،أو ﻣﻘﺎ ِو ًﻣﺎ اﻧطﺑﺎﻋﺎ ٍ
ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻣﺎ ﻗد ﺣدث واﻧﺗﮭﻰ .ﺑﻣﺎ أن اﻟﺣدث وﻗ َﻊ واﻧﺗﮭﻰ ،ﻓﺄﻧت ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﺗﻘﺎوم ﻧﻔﺳك ﻻ اﻟﺣدث.
إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ،ﻓ ّﻛر ﻣﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻛ ّم اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻣﮭدورة ﻓﻲ ﻣﻘﺎوﻣﺔ أﻣور ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾّﺔ ﻗد ﺗﺣدث .وﺑﻣﺎ أن
ظم اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﻘد أﻧﮭﺎ ﺳﺗﺣدث ﻻ ﺗﺣدث إطﻼﻗﺎ ،ﻓﺄﻧت ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﺗﮭدر ﻛﻣﺎ ھﺎﺋﻼ ﻣن طﺎﻗﺗك. ُﻣﻌ َ
إن ﻛﯾﻔﯾّﺔ ﺗﻌﺎﻣﻠك ﻣﻊ ﺗدﻓﻖ اﻟطﺎﻗﺔ ﻟدﯾك ﻟﮫ ﺗﺄﺛﯾر رﺋﯾﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎﺗك .ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓرﺿت إرادﺗك ﻋﻛس
ﺗدﻓﻖ اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺧﻠﻘﮭﺎ ﺣدث ﻣﺎ ﻗد وﻗﻊ ﺑﺎﻟﻔﻌل ،ﻓﺄﻧت ﻛﻣن ﯾﺣﺎول إﯾﻘﺎف ﺗﻣوﺟﺎت أﺣدﺛﮭﺎ ﺳﻘوط
ورﻗﺔ ﻟﺷﺟرة ﻓﻲ ﺑﺣﯾرة راﻛدة .ﻓﺄي ﺷﻲء ﺗﺣﺎول ﻋﻣﻠﮫ ﻋﻧدھﺎ ﺳﯾﺧﻠﻖ ﻣزﯾدا ﻣن اﻻﺿطراﺑﺎت
ﻣﻛﺎن ﺗذھب إﻟﯾﮫ .ﺗظ ّل
ٍ وﻟﯾس أﻗل .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ،ﻓﻠﯾس أﻣﺎم اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺎوﻣﮭﺎ ﻣن
اﻟطﺎﻗﺔ ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻋﺎﻟﻘﺔ ﻓﻲ ذاﺗك وﺗﺳﺑّب ﻟك اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺧطﯾرة .إﻧﮭﺎ ﺗﺗﺳﺑّب ﻓﻲ إﻋﺎﻗﺔ ﺟرﯾﺎن
طﺎﻗﺔ اﻟﻘﻠب ﻟدﯾك ﻓﯾﺗﺳﺑّب ذﻟك ﻓﻲ ﺷﻌورك ﺑﺎﻻﻧﻐﻼق وﻗﻠّﺔ ﺷﻌورك ﺑﺎﻟﺣﯾوﯾّﺔ .وھذا ﺣرﻓﯾﺎ ﻣﺎ ﯾﺣدث
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾُﺛﻘل ﺷﻲء ﻣﺎ ﻋﻘﻠك ،أو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾزﯾد ﺿﻐط اﻷﻣور ﻋﻠﻰ ﻛﺎھﻠك.
ﻧﺳﺗﻣر ﻓﻲ ﺣﻣل طﺎﻗﺗﮭﺎ داﺧﻠﻧﺎ ﻋن طرﯾﻖ اﻋﺗراﺿﻧﺎ ّ ھذا ھو ﻣﺄزق اﻹﻧﺳﺎن .ﺗﻘﻊ اﻷﺣداث ﻟﻛﻧّﻧﺎ
وﻣﻘﺎوﻣﺗﻧﺎ ﻓﻛرة وﻗوﻋﮭﺎ .اﻟﯾوم ،وﻋﻧدﻣﺎ ﻧﺻﺎدف وﻗوع أﺣداث أﺧرى ﺟدﯾدة ،ﻓﻧﺣن إﻣﺎ أﻧّﻧﺎ ﻟﺳﻧﺎ
ﻣﺳﺗﻌدّﯾن ﻻﺳﺗﻘﺑﺎل وﻗوﻋﮭﺎ ﻟﻧﺎ ،وإ ّﻣﺎ أﻧﻧﺎ ﻏﯾر ﻗﺎدرﯾن ﻋﻠﻰ اﺳﺗﯾﻌﺎﺑﮭﺎ وھﺿﻣﮭﺎ داﺧﻠﻧﺎ .وھذا ﯾﺣدث
اﻟزﻣن ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺣﺎل اﻟذي ﻧﺣن ﻓﯾﮫ، ﻲ .وﺑﻣرور ّ ﻷﻧﻧﺎ ﻣﺎ زﻟﻧﺎ ﻓﻲ ﺻراع ﻣﻊ طﺎﻗﺎت ﻣن اﻟﻣﺎﺿ ّ
ﺗﺗراﻛم داﺧﻠﻧﺎ اﻟطﺎﻗﺎت ﻓﯾﻧﻐﻠﻖ ﻓﯾﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻟدرﺟﺔ أﻧﮫ إﻣﺎ أن ﯾﻧﻔﺟر ﻓﺟﺄة أو ﯾﻧﻐﻠﻖ ﺑﺷﻛل ﺗﺎم .ھذا ﻣﺎ
ﯾﻌﻧﯾﮫ أن ﺗﺗوﺗّر ﺑﺷدّة أو ﺗﺣﺗرق ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل.
ﻣﺎ ﻣن ﻣدﻋﺎة ﻟﺗوﺗرك ھذا .وﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺳﺑب ﻻﻧﻔﺟﺎرك أو اﻧﻐﻼﻗك .ﻟو ﻟم ﺗدع اﻟطﺎﻗﺔ ﺗﻧﺣﺑس ﻓﻲ
داﺧﻠك ،وﻗﻣت ﺑﺎﻟﻌﻛس ﺑﺟﻌل ﻛل دﻗﯾﻘﺔ ﻣن دﻗﺎﺋﻖ ﯾوﻣك ﺗﻣر ﻋﺑرك وﻣن ﺧﻼﻟك ،ﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﻛون
ﻣﻧﺗﻌﺷﺎ ﻓﻲ ﻛل دﻗﯾﻘﺔ ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﻧت ﻓﻲ إﺟﺎزة ﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﺗوﺗر .إن أﺣداث اﻟﺣﯾﺎة ﻣن ﺣوﻟك ﻟﯾﺳت ھﻲ
اﻟﺳﺑب ﻓﻲ إﺻﺎﺑﺗك ﺑﺎﻟﺗوﺗر .إﻧﮭﺎ ﻣﻘﺎوﻣﺗك ﻷﺣداث اﻟﺣﯾﺎة ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑب ﻟك ھذه اﻟﺗﺟرﺑﺔ .وﻷن
ﺳﺑب اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ھو اﺳﺗﺧداﻣك ﻹرادﺗك ﻓﻲ رﻓض واﻗﻊ اﻟﺣﯾﺎة ﻟﯾﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟك ،ﻓﯾﺑدو اﻟﺣ ّل واﺿ ًﺣﺎ
واﻟرﻓض .ﻟو أردت أن ﺗﻘﺎوم ﺷﯾﺋًﺎ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻰ اﻷﻗل ﻟﯾﻛن ﻟدﯾك ﺳﺑب ّ ﻛف ﻋن اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔﺟدّا ،وھوّ :
ﻲ ﻟﻣﻘﺎوﻣﺗك ﻟﮫ .ﻓﯾﻣﺎ ﻋدا ذﻟك ،ﻓﺄﻧت ﻻ ﻣﻧطﻘﯾﺎ ﺗُﮭدر طﺎﻗﺔ ﺛﻣﯾﻧﺔ وﻏﺎﻟﯾﺔ. ﻣﻧطﻘ ّ
ُﻛن ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌداد ﻟدراﺳﺔ ﻛﯾف ﺗﺗ ّم ﻋﻣﻠﯾﺔ رﻓض اﻷﺣداث .ﻣن أﺟل أن ﺗرﻓض ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ ﯾﺟب أن
ﺗﻘرر أن ھﻧﺎك ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺟري ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟذي ﺗﺣﺑّﮫ .ھﻧﺎك اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣداث واﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ ّ
ﺗﻌﺑُر ﻣن ﺧﻼﻟك ﻣﺑﺎﺷرة ودون ﻣﺷﻛﻠﺔ .ﻟﻣﺎذا ﺗﻘوم ﺑﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺣدث ﺑﻌﯾﻧﮫ؟ ھﻧﺎك ﺷﻲء ﻣﺎ أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ
داﺧﻠك ﺗﻌود إﻟﯾﮫ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺑﺳﯾط ﻋﺑور اﻷﺷﯾﺎء أﺣﯾﺎﻧًﺎ وﻓرض إرادﺗك أﺣﯾﺎﻧًﺎ أﺧرى ،إ ّﻣﺎ ﻟدﻓﻌﮭﺎ ﺑﻌﯾدا
ﻣﺛﻼﺳك ﺑﮭﺎ .ھﻧﺎك ﻣﻠﯾﺎرات اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗُزﻋﺟك ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق .ﺗﺳﯾر ً ﻋﻧك أو ﻟﻠﺗﻣ ّ
ُ
ﻓﻲ ﺳﯾّﺎرﺗك ﻣﺗو ّﺟ ًﮭﺎ إﻟﻰ ﻋﻣﻠك ﻛل ﯾوم وﺑﺎﻟﻛﺎد ﺗﻠﺗﻔت ﻟﻸﺑﻧﯾﺔ واﻷﺷﺟﺎر اﻟﺗﻲ ﺗُﺣﯾط ﺑك .ﺧطوط
اﻟﻣﺷﺎة اﻟﺗﻲ ﺗراھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾﻖ ﻻ ﺗﺳﺑّب ﻟك أي ﻧوع ﻣن اﻟﺗوﺗر .ﺗﻧظر إﻟﯾﮭﺎ ﻟﻛﻧﮭﺎ ﺗﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟك
ﺑﯾﺳر .ﻟﻛن ﻣﻊ ذﻟك ،ﻻ ﺗﻌﺗﻘد أن ﺗﺄﺛﯾر رؤﯾﺔ ھذه اﻟﺧطوط ھو ﻧﻔﺳﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﯾﻊ .ﺑﻌض اﻷﺷﺧﺎص
ﻣن اﻟذﯾن ﻗﺎﻣوا ﺑرﺳم ھذه اﻟﺧطوط ﻓﻲ اﻟﺷﺎرع ،واﻟذﯾن ﯾﻣﺎرﺳون ذﻟك ﻛﻣﮭﻧﺔ ﻟﮭم ،ﯾﺻﺎﺑون ﺑﺗوﺗّر
ﻛﺑﯾر إذا ﻣﺎ ﺑدت ﺗﻠك اﻟﺧطوط ﻏﯾر ﻣﻧﺗظﻣﺔ .وﯾﻛوﻧون ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﺗوﺗر ﻟدرﺟﺔ أﻧﮭم
ﯾرﻓﺿون أن ﯾﻘودوا ﺳﯾﺎرﺗﮭم ﻟﺗﺳﯾر ﻓوﻗﮭﺎ .ﻣن اﻟواﺿﺢ أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﻘﺎوم اﻷﺷﯾﺎء ﻧﻔﺳﮭﺎ ،وﻟﯾﺳت ﻟدﯾﻧﺎ
اﻟﺗﺻورات واﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ
ّ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ واﻟﻣواﺿﯾﻊ ﻧﻔﺳﮭﺎ .وھذا ﯾﻌود إﻟﻰ ﺣﻘﯾﻘﺔ أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺣﻣل
ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺳﯾر اﻷﻣور وﺻ ّﺣﺗﮭﺎ أو درﺟﺔ ﺗﺄﺛﯾرھﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ.
إذا ﻣﺎ أردت أن ﺗﻔﮭم طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗوﺗر وﻛﯾف ﯾﺻﯾب اﻹﻧﺳﺎن ،اﺑدأ ﺑﺎﺳﺗﯾﻌﺎب ﻓﻛرة أﻧك ﺗﺣﻣل ﻓﻲ
داﺧﻠك ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ ﻋن اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻷﻣور .واﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ
ھذه اﻷﻓﻛﺎر ﺗﻘوم أﻧت ﺑﻔرض إرادﺗك ﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟك .وﻟو ﺗﺳﺎءﻟت ﻣن أﯾن أﺗت ﺗﻠك اﻷﻓﻛﺎر
اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ؟ ﻟﻧﻘل ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل أن رؤﯾﺔ أزھﺎر ﺑﻌض اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت اﻟﺻﺣراوﯾﺔ ﺗﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺗوﺗرك.
وھذا ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻻ ﯾﺻﯾب ﻛﺛﯾرﯾن ﻏﯾرك ﺑﺎﻟﺗوﺗر .ﻟﻣﺎذا إذن ﺗزﻋﺟك ھذه اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت اﻟﺻﺣراوﯾﺔ ﺑﺎﻟذات؟
ﻛل ﻣﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﻌرﻓﮫ ﻣﺛﻼ ھو ﻣﺎ إن ﻛﺎن ﻟدﯾك ﺧطﯾﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ واﻋﺗﺎدت أن ﺗزرع ھذه اﻟﻧوﻋﯾﺔ
ﻣن اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺳﻘﻲ ھذه اﻟورود ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﺗر َﻛﺗك .اﻵن ﺻﺎر اﻟوﺿﻊ ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ :ﻛﻠّﻣﺎ
وﻗﻌَت ﻋﯾﻧﺎك ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت ،ﯾُﺻﺎب ﻗﻠﺑك ﺑﺎﻻﻧﻐﻼق .أﻧت ﻻ ﺗرﯾد ﺣﺗﻰ أن ﺗﻘﺗرب ﻣن ھذه
اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت ،ھﻲ ﻓﻘط ﺗﺛﯾر اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻻﺿطراب ﻓﻲ داﺧﻠك.
إن اﻷﺣداث اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺗﻌرض ﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ ﺗﺗرك اﻧطﺑﺎﻋﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻋﻘوﻟﻧﺎ وﻗﻠوﺑﻧﺎ.
ﻟﻠرﻓض أو اﻟﺗﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء .اﻷﻣر وﺗﺗﺣول ھذه اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت ﻟﺗﺻﺑﺢ ھﻲ اﻷﺳﺎس ﻓﻲ ﻓرض إرادﺗﻧﺎ ّ ّ
ﻟﯾس أﻛﺛر وﻻ أﺑﻌد ﻣن ذﻟك .ﻗد ﯾﻛون اﻟﺣدث وﻗﻊ ﻟك ﻓﻲ طﻔوﻟﺗك أو ﻓﻲ أي وﻗت ﻣن أوﻗﺎت ﺣﯾﺎﺗك.
وﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن اﻟوﻗت اﻟذي ﺗﻘﻊ ﻓﯾﮫ اﻷﺣداثّ ،إﻻ أﻧﮭﺎ ﺗﺗرك ﻣﺧﺗﻠف اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت داﺧﻠك .اﻵن ّ
واﻋﺗﻣﺎدًا ﻋﻠﻰ ھذه اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت اﻟﻣوﺟودة ﻓﯾك ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﻓﺄﻧت ﺗﻘﺎوم اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻟك اﻟﯾوم.
وھذا ﻣﺎ ﯾﺧﻠﻖ ﺗوﺗ ّ ًرا داﺧﻠﯾﺎ واﺿطراﺑﺎت وﻧﺿﺎل وﻣﻌﺎﻧﺎة ﻟﻣﻘﺎوﻣﺗﮭﺎ .ﻓﺑدﻻ ﻣن ﻓﮭم ﻣﺎ ﯾﺣدث ورﻓض
اﻟﺳﻣﺎح ﻟﮭذه اﻷﻣور ﺑﺄن ﺗﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎﺗك ،ﻓﺄﻧت ﺗﺗﻣﺳك ﺑﮭﺎ وﺗﺑﻘﯾﮭﺎ .أﻧت ﺗﻌﺗﻘد أن ھذه اﻷﺷﯾﺎء
أن ﻛل ھذهاﻵن ذات ﻣﻌﻧﻰ ﻓﺗُﻐرق ﻗﻠﺑك وروﺣك ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ رﻓﺿﮭﺎ أو اﻟﺗﺷﺑّث ﺑﮭﺎ .ﻟﻛن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھﻲ ّ
اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻟﯾس ﻟﮭﺎ أي ﻣﻌﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق .ﻋﻣﻠﯾّﺔ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ أو اﻟﺗﺛﺑّت ھذه ﺗﻘوم ﺑﺗدﻣﯾر ﺣﯾﺎﺗك.
إن اﻟﺑدﯾل اﻵﺧر أﻣﺎﻣك ھو أن ﺗﺳﺗﻔﯾد ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﻟﺗﺳﺎﻋدك ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن ھذه اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت واﻟﺗوﺗّر
اﻟذي ﺗﺧﻠﻘﮫ ﻓﻲ داﺧﻠك .وﻣن أﺟل أن ﺗﺻل ﻟﮭذا ،ﻋﻠﯾك أن ﺗﺑﻘﻰ دو ًﻣﺎ واﻋﯾًﺎ ﺟدا .ﻋﻠﯾك أن ﺗراﻗب
ﺻوت اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟذي ﯾُﻣﻠﻲ ﻋﻠﯾك أن ﺗرﻓض ﺷﯾﺋًﺎ ﻣﺎ .ھو ﺣرﻓﯾﺎ ﯾﺄﻣرك ﺑذﻟك" ،أﻧﺎ ﻻ أﺣب ﻣﺎ ﺑﺣذر اﻟ ّ
ﻟﻠﺗو .ﻻﺑد ﻣن ﺗﺻﺣﯾﺢ ﻣﺎ ﺣدث" .ﻋﻘﻠك ﯾﻧﺻﺣك وﯾﻘول ﻟك أن ﺗواﺟﮫ اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟك ﺑرﻓﺿك ﻗﺎﻟﮫ ّ
اﺗرك درﺑك اﻟروﺣﻲ ﻟﯾﻛون ھو إرادﺗك اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل ﻛ ّل ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟك ﻷﺣداﺛﮫ .ﻟﻣﺎذا ﺗﺳﺗﻣﻊ إﻟﯾﮫ؟ ُ
وﺣوﻟك ﯾﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟك ،ﺑدﻻ ﻣن ﺣﻣل اﻷﺷﯾﺎء ﻣﻌك إﻟﻰ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﻣﻘﺑﻠﺔ .ھذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أن ﻻ ﺗﺗﻌﺎﻣل
ﻣدﻋو ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﺣدث ،ﻟﻛن دع اﻟﻣﺟﺎل ﻟﻠطﺎﻗﺔ ّأو ًﻻ ﻟﺗﻌﺑر ﻣن ّ ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﺟري ﻟك ﻣن أﻣور .أﻧت
ﺧﻼﻟك .إن ﻟم ﺗﻘم ﺑذﻟك ،ﻓﺄﻧت ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ طﺎﻗﺗك اﻟﻣﺣﺑوﺳﺔ داﺧﻠك ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﻻ ﻣﻊ
ﺗﺻرﻓك ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻧﺎﺑﻊ ﻣن ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺻﻔﺎء واﻟوﺿوح ،ﺑل ﻣن ّ اﻟﺣدث اﻟذي وﻗﻊ ﺣدﯾﺛﺎ ﻟك .ﻟن ﯾﻛون
ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟﺗوﺗر اﻟداﺧﻠﻲ.
ﻣن أﺟل أن ﺗﺗﺟﻧب ﺣدوث ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ واﻟﺗوﺗر ،ﻋﻠﯾك أن ﺗﺑدأ ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻣواﻗف ﺑﻘﺑول
وﺗﺳﻠﯾم .اﻟﻘﺑول ﯾﻌﻧﻲ أن اﻷﺣداث ﺗﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟك ﺑﻼ ﻣﻘﺎوﻣﺔ .ﻓﻲ ﺣﺎل وﻗﻊ ﺣدث ﻣﺎ ،وﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ
اﻟﻣرور ﻋﺑر ذاﺗك وﻗﺎوﻣﺗﮫ ،ﻓﺳﺗﻛون ﻋﻧدھﺎ ﺗﻘف وﺟ ًﮭﺎ ﻟوﺟﮫ ﻣﻊ اﻟﺣدث ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي وﻗﻊ .وﺑﻣﺎ أﻧك
ﺻرت ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷﺣداث ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻻ ﻣﻊ اﻧطﺑﺎﻋﺎﺗك ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﻓﺳﺗﺟد أﻧك ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ
اﻟﻣواﻗف اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﺑﺷﻛل أﻓﺿل ﺑﻛﺛﯾر .ﺑل أﻧﮫ ﻣن اﻟﻣﺣﺗﻣل أن ﻻ ﺗﺻﺎدﻓك أﯾﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك ﻛﻠﮭﺎ.
وھذا ﻷن ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻣن أﺣداث ھو ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﻟﯾس ﺑﻣﺷﻛﻠﺔ ،إﻧﮭﺎ ﻓﻘط أﺣداث .إن ﻣﻘﺎوﻣﺗك ﻟﮭﺎ ھو اﻟذي
ﯾﺗﺳﺑب ﺑﺎﻟﻣﺷﻛﻠﺔ .ﻟﻛن ،ﻧﻘول ﻣرة أﺧرى ،ﻻ ﺗﻌﺗﻘد أﻧك وﺑﻣﺟرد أﻧك ﺗﻘﺑّﻠت اﻟواﻗﻊ أﻧك ﻻ ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ
اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﺣوﻟك .أﻧت ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻓﻌﻼ ﻣﻌﮭﺎ .ﻟﻛﻧك ﺻرت اﻵن ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷﻣور
واﻷﺣداث ﻛﺄﺣداث ووﻗﺎﺋﻊ ﺗﺟري ﻣن ﺣوﻟك ﻓﻲ ھذه اﻟﻛرة اﻷرﺿﯾﺔ ،وﻟﯾس ﻛﻣﺷﺎﻛل ﺷﺧﺻﯾّﺔ أﻧت
ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ.
ﺳﺗﻣر ﻋﻠﯾك ،ﻻ ﯾوﺟد ھﻧﺎك ﻣن ﺷﻲء ّ ﺳﺗﺻﺎب ﺑﺎﻟدھﺷﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛﺗﺷف أن ﻣﻌظم اﻟﻣواﻗف اﻟﺗﻲ
ﻋﻠﯾك أن ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ﺳوى ﺧوﻓك ورﻏﺑﺎﺗك .اﻟﺧوف واﻟرﻏﺑﺔ ھﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺧﻠﻘﺎن اﻟﺗﻌﻘﯾد .إذا ﻟم ﯾﻛن
ﻟدﯾك ﺧوف أو رﻏﺑﺔ ﺗﺟﺎه ﺣدث ﻣﺎ ،ﻓﻠﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺷﻲء ﻋﻠﯾك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ .أﻧت ﺗﻘوم ﻓﻘط ﺑﺗرك
اﻟﺣﯾﺎة ﺗﺗﻛﺷف وأﻧت ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ وﻋﻘﻼﻧﯾﺔ .وﻋﻧدﻣﺎ ﺳﯾﺣدث اﻟﺷﻲء اﻟﺗﺎﻟﻲ ،ﺳﺗﺟد
ﻧﻔﺳك ﺣﺎﺿرا ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ وﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﺑﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﯾك .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن
ﻣﺷﺎﻛل .ﻛل اﻟﻣوﺿوع ﯾدور ﺣول اﻧﻌدام وﺟود اﻟﻣﺷﺎﻛل واﻟﺗوﺗر واﻹﺟﮭﺎد واﻻﻧطﻔﺎء .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻌﺑر
اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺧﻼﻟك ،ﺳﺗﻛون ﻗد وﺻﻠت إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ روﺣﺎﻧﯾﺔ ﻋﻣﯾﻘﺔ .ﺑﻌدھﺎ
ﺳﺗﻛون واﻋﯾﺎ ﻓﻲ ﺣﺿور ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣدث دون ﺑﻧﺎء طﺎﻗﺎت ﻣﺗراﻛﻣﺔ وﻣﻧﻐﻠﻘﺔ .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺻل إﻟﻰ ﺗﻠك
اﻟﻣرﺣﻠﺔ ،ﺳﯾﺑدو ﻟك ﻛل ﺷﻲء واﺿ ًﺣﺎ وﺻﺎﻓﯾًﺎ .وﻋﻠﻰ ﻋﻛﺳك أﻧت ،ﺳﺗرى اﻵﺧرﯾن ﯾﺗﻌﺎﻣﻠون ﻣﻊ
اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣوﻟﮭم وھم ﻏﺎرﻗﯾن ﻓﻲ ردّات أﻓﻌﺎﻟﮭم وﺗﻔﺿﯾﻼﺗﮭم اﻟﺷﺧﺻﯾّﺔ .ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻌﺎﻣل اﻵﺧرون ﻣﻊ
ﻣﺧﺎوﻓﮭم وﻗﻠﻘﮭم ورﻏﺑﺎﺗﮭم ،ﻓﻠك أن ﺗﺗﺧﯾل ﻛم ﯾﺗﺑﻘﻰ ﻟﮭم ﻣن ھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﻟﺗﻣ ّﻛﻧﮭم ﻣن اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ
اﻟﺣدث ﻧﻔﺳﮫ؟
ﺗوﻗّف اﻵن وﻓ ّﻛر ﻣﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻛل ﻣﺎ أﻧت ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎزه .ﺣﺗﻰ اﻵن ،ﻛﺎﻧت ﻛل ﻗدراﺗك اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗﻠﻛﮭﺎ
ﻣﻛﻠّﻔﺔ ﺑﺎﻟﺻراع اﻟداﺧﻠﻲ اﻟداﺋر ﺑﺎﺳﺗﻣرار .ﺗﺧﯾل ﻣﺎ اﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣدث ﻟو أن وﻋﯾك ﻛﺎن ُﺣرا
ي ﺿﺟﯾﺞ .ﻟو اﺳﺗطﻌت أن ﺗﺣﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﯾر ّﻛز ﻓﻘط ﻋﻠﻰ اﻷﺣداث ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ .ﻟن ﯾﻛون ﺑداﺧﻠك أ ّ
ھذا اﻟﻧﻣط ،ﻓﺳﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺣﻘﻖ أي ﺷﻲء ﺗرﯾده .ﺳﺗﻛون ﻗدراﺗك ھﺎﺋﻠﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻣﺎ اﺧﺗﺑرﺗﮫ ﻓﻲ
ﺣﯾﺎﺗك ﻣن ﻗﺑل.
إذن ،وﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻣﺿﻲ ﻓﻲ درﺑك ھذا ﺳﺗﺗﻌﻠّم ﻛﯾﻔﯾّﺔ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﻋن طرﯾﻖ اﻟﺗﺧﻠّﻲ ﻋن ﻣﻘﺎوﻣﺗك
ﻣﺟﺎﻻ رﺣﺑًﺎ ﺗﻧ ّﻣﻲ ﻧﻔﺳك ﻣن ﺧﻼﻟﮫ .ﺗﺧﯾّل ﻟو أﻧك ﻗﻣت ﺑﺑﻧﺎء ً أﺣداﺛﮭﺎ .اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺗﻌ ّد
ﻋﻼﻗﺎﺗك ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ﻣن أﺟل اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﯾﮭم ،ﻻ ﻣن أﺟل إرﺿﺎء ﻣﺎ ھو ﻣﺣﺑوس ﻓﻲ داﺧﻠك .ﻟو
ﺗﻛف ﻋن ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺟﻌل اﻵﺧرﯾن ﯾﺗﻧﺎﺳﺑون ﻣﻊ أﻓﻛﺎرك اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ ﺣول ﻣﺎ ﺗﺣبّ وﻣﺎ ﻻ ﺗﺣبّ ، ّ أﻧك
ً
ﻣﻧﺷﻐﻼ ﺑﻣﻘﺎﺿﺎة ﻓﺳﺗﺟد أن إﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻊ اﻟﻧﺎس اﻵﺧرﯾن ﻟﯾﺳت ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺻﻌﺑﺔ .ﻟو ﻟم ﺗﻛن
اﻵﺧرﯾن ورﻓﺿﮭم ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو ﻣﻧﻐﻠﻖ ﻓﻲ داﺧﻠك ،ﻓﺳﺗﺟد ﻛم ھو ﺳﮭل اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭم .ﻛذﻟك ھو
ﻟﻠﺗﻘرب ﻣن اﻟﻧﺎس.
ّ اﻷﻣر ﻣﻌك أﻧت أﯾﺿﺎ .اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن ذاﺗك وﺷروطﮭﺎ ھو أﺑﺳط طرﯾﻖ
ﻲ ﻣﻣﺗﻊ ،ﺳﮭل وﺑﺳﯾط .اﻟﻌﻣل ھو ھذا ﯾﻧطﺑﻖ أﯾﺿﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠك اﻟﯾوﻣ ّ
ﻲ اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﮫ .اﻟﻌﻣل اﻟﯾوﻣ ّ
ﻋﺑﺎرة ﻋ ّﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ﺧﻼل اﻟﻧﮭﺎر وأﻧت ﺗﻠف ﻣﻊ ھذا اﻟﻛوﻛب اﻟذي ﯾدور ﻓﻲ ﻓﺿﺎء ﻓﺎرغ .إذا أردت
أن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا وﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻌﻣﻠك ،ﯾﺟب أن ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋن ذاﺗك وﺗدع اﻷﺷﯾﺎء ﺗﺗدﻓﻖ ﻣن ﺧﻼﻟك .إن
ﻋﻣﻠك اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﯾﻛﻣن ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﺑﻘﻰ ﻟك ﻟﺗﻔﻌﻠﮫ ﺑﻌد أن ﺗﻣﺿﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﺧﻼﻟك ﺑﺳﮭوﻟﺔ وﯾﺳر.
ﺣﺎﻟﻣﺎ ﺗﻌﺑر طﺎﻗﺎﺗك اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣن ﺧﻼﻟك ،ﺳﯾﺑدو ﻟك اﻟﻌﺎﻟم ﻣﺧﺗﻠﻔًﺎ ﺗﻣﺎ ًﻣﺎ ﻋ ّﻣﺎ ﻗﺑل .اﻟﻧﺎس واﻷﺣداث
ﺳوف ﺗﺑدو ﻟك ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋن ذي ﻗﺑل .ﺳﺗدرك أن ﻟدﯾك ﻣواھب وﻗدرات ﻟم ﺗﻌﮭدھﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺳك .ﻧظرﺗك
ﺗﺣول إﻟﻰ ﺷﻲء آﺧر .ھذا ﺳﯾﺣدث ﻟﻠﺣﯾﺎة ﺳﺗﺗﻐﯾر ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ﻛل ﺷﻲء ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم ﺳﯾﺑدو ﻛﻣﺎ ﻟو أﻧّﮫ ّ
ﻟك ﻷﻧّك وأﻧت ﺗﺗﺧﻠّﻰ ﻋن ﻣوﻗف ﻣﺎ ،ﺳﺗﺗﺄﺛّر رؤﯾﺗك ،وﺳﯾزداد ﺻﻔﺎؤك اﻟذي ﺳﺗرى ﺑﮫ ﻣواﻗف
أﺧرى .ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻟﻧﻔﺗرض أﻧك ﺗﺧﺎف ﻣن اﻟﻛﻼب .وأدرﻛت أن اﻷﺷﺧﺎص اﻵﺧرﯾن ﻻ
ﯾﺧﺎﻓون ﻣﻧﮭﺎ طوال ﺣﯾﺎﺗﮭم .وﺑﻣﺎ أﻧك ﻛﻧت ﺗﺧﺎف ﻣن اﻟﻛﻼب طوال ﺣﯾﺎﺗك ،ﻓﺄﻧت ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن ھذا
ﻗررت أن ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﺧوﻓك اﻷﻣر ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻵﺧرﯾن ﻻ ﯾﻌﺎﻧون ﻣﻧﮫ .ﻣﻌﺎﻧﺎﺗك ﺗﻠك ﻟﯾس ﻟﮭﺎ ﻣﻌﻧﻰ .ﻟذﻟك ّ
إن ﻓﻌل وﺗﺳﺗرﺧﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرى ﻛﻠﺑًﺎ ﻣﺎ .إن اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ﯾﺗ ّم ﻣن ﺧﻼل اﻻﺳﺗرﺧﺎءّ .
اﻻﺳﺗرﺧﺎء أﺛﻧﺎء ﻣﻘﺎوﻣﺗك اﻟﺷﺧﺻﯾّﺔ ﻟﻸﻣر ﻟم ﯾﻐﯾّر ﻓﻘط ﻋﻼﻗﺗك ﻣﻊ اﻟﻛﻼب ،ﺑل ﺳﯾﻐﯾّر ﻋﻼﻗﺗك ﻣﻊ
ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺧرى .إن روﺣك ﺗﺗﻌﻠّم اﻵن ﻛﯾف ﺗدع طﺎﻗﺎﺗك اﻟﻣﺿطرﺑﺔ ﺗﻌﺑر ﻣن ﺧﻼﻟك .وﻓﻲ
اﻟﻣرة اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘول أﺣد ﻣﺎ أو ﯾﻔﻌل ﺷﯾﺋًﺎ ﻻ ﺗﺣﺑّﮫ ،ﻓﺳﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﻛﻣﺎ ﺗﻌﺎﻣﻠت ﺑﺎﻟﺿﺑط
ﻣﻊ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺧوﻓك ﻣن اﻟﻛﻼب .ﻋﻣﻠﯾّﺔ اﻻﺳﺗرﺧﺎء أﺛﻧﺎء اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺗُﻌَ ّد ُﻣﻔﯾدة ﺟدا ﻟﻛ ّل ﺷﻲء ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك.
واﻟﺳﺑب ﻓﻲ ذﻟك ﯾﻌود ﻟﻛون ﻋﻣﻠﯾّﺔ اﻻﺳﺗرﺧﺎء ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﺑﺎﺷرة ﻛﯾﻔﯾﺔ إﺑﻘﺎء ﻗﻠﺑك ﻣﻔﺗو ًﺣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣﺎول
ھو أن ﯾﻧﻐﻠﻖ.
إن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﻧﻔراج اﻟداﺧﻠﻲ اﻟﻌﻣﯾﻖ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠك ﻣﻊ أﺷﯾﺎء اﻟﺣﯾﺎة ھﻲ درب روﺣﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﮭﺎ.
ﻲ ﺑﻌدم ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟطﺎﻗﺎت إﻧﮭﺎ درب اﻟﻼﻣﻘﺎوﻣﺔ ،درب اﻟﻘﺑول ،درب اﻟﺗﺳﻠﯾم واﻻﺳﺗﺳﻼم .إﻧﮫ درب ﻣﻌﻧِ ﱞ
ﺗﻣر ﺧﻼﻟك .إذا ﻣﺎ واﺟﮭت ﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑذﻟك ،ﻓﻼ ﺗﻘﻠّل ﻣن ﻗﯾﻣﺔ ﻧﻔﺳك .ﻓﻘط واﺻل ﻋﻧدﻣﺎ ّ
اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ واﻟﻌﻣل ﻹﺗﻘﺎﻧﮫ .إﻧﮫ ﻋﻣل اﻟﻌﻣر ﻛﻲ ﺗﺗﻣ ّﻛن ﻣن أن ﺗﻛون ﻣﻧﻔﺗ ًﺣﺎ ﺑﺷﻛل ﺗﺎم وﻛﺎﻣل.
ﯾﻛﻣن ﻣﻔﺗﺎح ھذا اﻻﻧﻔﺗﺎح ﻓﻲ اﻻﺳﺗرﺧﺎء ﻓﻘط ،واﻟﺗﺧﻠّﻲ ،واﻟﺗﻌﺎﻣل ﺑﮭﻣﺎ ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﺣدث أﻣﺎﻣك .ﻟﯾس
ﻣطﻠوﺑًﺎ ﻣﻧك اﻟﻘﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻣور .إذا ﻣﺎ ﻗﻣت ﺑﺎﻻﺳﺗرﺧﺎء واﻟﺗﺧﻠّﻲ ،ﺳﺗﺟد أن ذﻟك ﯾﺟﻌﻠك ﺗﺳﯾر
اﻟﻧﻣو اﻟروﺣﻲ اﻟﻣدھش .ﺳﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺷﻌور ﺑﻛﻣﯾّﺔ ھﺎﺋﻠﺔ ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻣﺗﯾﻘظﺔ ﻓﻲ داﺧﻠك. ّ ﻋﻠﻰ درب
ﺳﺗﺷﻌر ﺑﺣُبّ ﻟم ﺗﺷﻌر ﺑﮫ ﻗط ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ .ﺳﺗﺷﻌر ﺑﺳﻼم أﻛﺛر واطﻣﺋﻧﺎن ،وﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻷﻣر ﻟن
ي ﺷﻲء ﺑﺈزﻋﺎج ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن وإﻟﻰ اﻷﺑد. ﯾﺻﯾﺑك أ ّ
ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺑﺎﻟﻔﻌل اﻟوﺻول إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻟن ﺗﺻﺎب ﻋﻧدھﺎ ﺑﺄي إﺟﮭﺎد أو ﺗوﺗر أو ﻣﺷﺎﻛل أﺧرى ﻟﺑﻘﯾﺔ
ﺣﯾﺎﺗك .ﯾﺟب ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗدرك ﺑﺄن اﻟﺣﯾﺎة ﺗﻌطﯾك ھدﯾّﺔ ،وھذه اﻟﮭدﯾّﺔ ھﻲ ﺗدﻓّﻖ اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ
ھﺎﺋﻼ ﻓﯾك .وﻣن أﺟل ً ﻣن ﯾوم وﻻدﺗك إﻟﻰ ﯾوم وﻓﺎﺗك .وھذه اﻷﺣداث ُﻣﻣﺗﻌﺔ وﻓﯾﮭﺎ ﺗﺣ ٍ ّد وﺗﺧﻠﻖ ﻧﻣوا
أن ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﺗدﻓّﻖ اﻟﺣﯾﺎة ھذا ،ﻻﺑ ّد وأن ﯾﻛون ﻗﻠﺑك وﻋﻘﻠك ﻣﻔﺗوﺣﯾن وﻣﺗّﺳﻌﯾن ﺑدرﺟﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﺗﺿ ّم
ﺳﺑب اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻣﻌﮫ اﻟﻘﯾﺎم ﺑذﻟك ھو ﻣﻘﺎوﻣﺗك اﻷﺣداث .ﺗﻌﻠّم أن ﻻ ﺗﻘﺎوم اﻟواﻗﻊ ﻛﻠّﮫ .اﻟ ّ
ﻛﺣﺟر ﺗﺧطو ﻓوﻗﮫ ﻓﻲٍ اﻟواﻗﻊ ،وﻣﺎ اﻋﺗدت ﻋﻠﻰ اﻟﻧظر إﻟﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻛﻣﺷﺎﻛل ﻣرھﻘﺔ ،ﺳﺗﺑدو ﻟك
درب اﻟﺻﻌود ﻓﻲ رﺣﻠﺗك اﻟروﺣﯾﺔ.
اﻟﻔﺻل اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻋﺷر :اﻟﺗﻔﻛﱡر ﻣﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻣوت
إﻧﮭﺎ ﺣﻘّﺎ ﻟﻣﻔﺎرﻗﺔ ﻛوﻧﯾّﺔ ﻋظﯾﻣﺔ أن ﯾﻛون اﻟﻣوت ھو أﻓﺿل اﻟﻣﻌﻠّﻣﯾن ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﯾﺎة.
ﻻ ﯾوﺟد ھﻧﺎك أي إﻧﺳﺎن أو أي ﻣوﻗف ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻌﻠﻣك اﻟدرس اﻟذي ﯾﻌﻠّﻣك إﯾّﺎه اﻟﻣوت .وﺑﯾﻧﻣﺎ
ﯾﺳﺗطﯾﻊ أﺣدھم أن ﯾﻘول ﻟك ﻓﻛرة أﻧك ﻟﺳت اﻟﺟﺳد اﻟذي ﺗﺣﻣﻠﮫ ،ﻓﺈن اﻟﻣوت ﯾرﯾك ھذا ﺑﺎﻟﻔﻌل .وﺑﯾﻧﻣﺎ
ﺳك ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك ،ﻓﺈن اﻟﻣوت ﯾرﯾك ﯾﺳﺗطﯾﻊ أﺣد ﻣﺎ أن ﯾذ ّﻛرك ﺑﻌدم أھﻣﯾﺔ ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣ ّ
أن ﻛ ّل اﻟرﺟﺎل ذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺄﺧذ ﻛل ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻣﻧك ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ ﺧﺎطﻔﺔ .وﻋﻧدﻣﺎ ﯾُﺧﺑرك اﻟﻧﺎس ّ
واﻟﻧﺳﺎء ﻣن ﻛﺎﻓﺔ اﻷﻋراق ﻣﺗﺳﺎوون وﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﻓرق ﺑﯾن اﻟﻐﻧﻲ واﻟﻔﻘﯾر ،ﻓﺈن اﻟﻣوت ﯾرﯾﻧﺎ ھذه
اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔور.
ﻣﺟرد اﺣﺗﻣﺎل اﻟوﻓﺎةّ ّ
اﻟﺳؤال اﻵن ،ھل ﺳﺗﻧﺗظر إﻟﻰ اﻟﻠﺣظﺔ اﻷﺧﯾرة ﻟﺗدع اﻟﻣوت ﯾﻛون ﻣﻌﻠﻣك؟ إن
اﻟﻘوة ﻟﺗﻌﻠﯾﻣﻧﺎ درس اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻣن ﯾوﻣﯾّﺎﺗﻧﺎ .ﯾدرك اﻟﺷﺧص ﻓﻲ أي وﻗت ﻟﮭو ﻛﺎفٍ وﯾﻣﻠك ّ
اﻟﺣﻛﯾم أﻧﮫ ،وﻓﻲ أﯾﺔ ﻟﺣظﺔ ،ﻗد ﯾﻛون ھﻧﺎك زﻓﯾر ﻻ ﯾﻠﺣﻘﮫ ﺷﮭﯾﻖ .ھذا ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣدث ﻓﻲ أﯾﺔ ﻟﺣظﺔ،
اﻟﻣﺗﻧور
ّ وﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن ،ﻓﺟﺄة وﯾﺗوﻗّف ﺗﻧﻔّﺳك .ﯾﺟب أن ﺗﺗﻌﻠم ﻣن ھذه اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ .اﻟﺷﺧص اﻟﺣﻛﯾم
ﯾﺣﺗﺿن ﺗﻣﺎﻣﺎ وﻛﻠﯾّﺎ واﻗﻊ اﻟﻣوت وﺣﺗﻣﯾّﺗﮫ وﻋدم اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﺑؤ ﺑﮫ.
ي وﻗت ﺗﻛون ﻟدﯾك ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﺎ .ﻟﻧﻔﺗرض أﻧك ﻣن اﻟﻧوع اﻟﻐﯾور ،وﻻ ﺗطﯾﻖ ﻓﻛرة ﻓ ّﻛر ﻓﻲ اﻟﻣوت ﻓﻲ أ ّ
ﻣﻘرﺑًﺎ ﻣن ﺷرﯾﻛك .ﻓ ّﻛر ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻣﺎ اﻟذي ﺳﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ﻣوﺟودًا ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة .ھل أن ﯾﻛون أﺣد ّ
ﻓﻌﻼ ﺳﺗﺑﻠﻎ اﻟروﻣﺎﻧﺳﯾّﺔ ﻣﺑﻠﻐًﺎ ﻣن ﺷرﯾﻛك ﻟدرﺟﺔ أﻧﮫ ﺳﯾﺣﯾﺎ ﺑﻌد ﻣوﺗك وﺣﯾدًا دون ﺷرﯾك آﺧر ﯾﻌﺗﻧﻲ
ﺑﮫ؟ ﻟو اﺳﺗطﻌت ﺗﺟﺎوز ﻗﺿﺎﯾﺎك اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﺳﺗﺟد أﻧك ﺗرﯾد اﻟﺷﺧص اﻟذي ﺗﺣﺑّﮫ أن ﯾﻛون ﺳﻌﯾدا
وﯾﺣظﻰ ﺑﺣﯾﺎة ﻛﺎﻣﻠﺔ وﺟﻣﯾﻠﺔ .وﺑﻣﺎ أن ھذا ﻣﺎ ﺗرﯾده ﻟﺷرﯾﻛك اﻟذي ﺗﺣبّ ،ﻟﻣﺎذا إذن ﺗﻘوم ﺑﺈزﻋﺎﺟﮫ
ﻟﻣﺟرد أﻧّﮫ ﯾﺗﺣدّث ﻣﻊ أﺣد ﻏﯾرك!
ّ اﻵن
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرﻏب أن ﺗﺣﯾﺎ ﺣﯾﺎة ﻋﺎﻣرة وﻓﻲ أﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت ،ﻋﻠﯾك أن ﻻ ﺗﻧظر ﻟﻠﻣوت ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺿدّك
أو ﯾﻌﯾﻘك .ﻟﻣﺎذا ﺗﻧﺗظر إﻟﻰ أن ﯾﻧﺗزع اﻟﻣوت ﻣﻧك ﻛل ﺷﻲء ﻗﺑل أن ﺗﻐوص ﻓﻲ أﻋﻣﺎق ﻧﻔﺳك ﻟﺗﺑﻠﻎ
ﺟرة ﻧﻔس واﺣدة، ﺑﻣﺟرد ّ
ّ أﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾّﺎﺗك؟ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺣﻛﯾم ﯾؤ ّﻛد أﻧﮫ" ،إذا ﻛﺎﻧت اﻷﺷﯾﺎء ﻛﻠّﮭﺎ ﺗﺗﻐﯾّر
إذن ﻓﺄﻧﺎ أرﯾد أن أﺣﯾﺎ ﺣﯾﺎﺗﻲ ﻓﻲ أﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوﯾﺎﺗﮭﺎ .وﺳﺄﺗوﻗف ﻋن إزﻋﺎج اﻟﻧﺎس اﻟذﯾن أﺣﺑﮭم.
ﺳﺄﻋﯾش اﻟﺣﯾﺎة ﺣﺗﻰ أﻗﺻﻰ أﻋﻣﺎق وﺟودي".
ُ
ي اﻟﻣطﻠوب ﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻣﯾﻘﺔ وذات ﻣﻌﻧﻰ .اﻧظر ﻛم ﻧﺣن ﻗُﺳﺎة ﻣﻊ ﻣن ﻧﺣب. ھذا ھو اﻟوﻋﻲ اﻟﺿرور ّ
ﻧﺣن ﻧﺄﺧذ اﻷﻣر وﻛﺄﻧﮫ ﺷﻲء ﻣﻔروغ ﻣﻧﮫ ،وﻛﺄﻧﮭم ﻣوﺟودون وﺳﯾﻛوﻧون ﻣوﺟودﯾن ھﻧﺎك ﻣن أﺟﻠﻧﺎ.
ﻣﺎذا ﻟو ﻣﺎت ﻣن ﻧﺣبّ ﻋﻧّﺎ؟ ﻣﺎذا ﻟو ﻣﺗﻧﺎ ﻧﺣن؟ ﻣﺎذا ﻟو ﻋرﻓت أن ھذا اﻟﻣﺳﺎء ھو اﻟﻠﯾﻠﺔ اﻷﺧﯾرة اﻟﺗﻲ
أن ﻣﻼ ًﻛﺎ اﻗﺗرب ﻣﻧك وﻗﺎل ﻟك" ،ﻗم ﺑﺗﻌدﯾل أﻣورك ﺳﺗﺗﻣﻛن ﻓﯾﮭﺎ ﻣن رؤﯾﺔ ﻣن ﺗﺣبّ ؟ ﺗﺧﯾّل ﻟو ّ
أن ﻛ ّل ﺷﺧص ﺗراه ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺧﺎﺻﺔ .ﻓﺄﻧت ﻟن ﺗﺻﺣو ﻣن ﻧوﻣك ﻏدا .أﻧت ﺳﺗﻣوت ".ﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﻌﻠم ّ
ﻟﻠﻣرة اﻷﺧﯾرة .ﻓﻛﯾف ﺳﯾﻛون ﺷﻌورك؟ ﻛﯾف ﺳﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣن ﺣوﻟك؟ ھل ﺳﺗﻛون ّ اﻟﻧﮭﺎر ،ﺳﺗراه
ﻣﮭﺗﻣﺎ ﺑﺎﻷﺣﻘﺎد اﻟﺻﻐﯾرة واﻟﺷﻛﺎوى اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣﻠﮭﺎ ﻣﻌك ھﻧﺎ وھﻧﺎك؟ ﻛم ﻣن اﻟﺣبّ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻌطﯾﮫ
اﻟﻣرة اﻷﺧﯾرة اﻟﺗﻲ ﺳﺗﻛون ﻓﯾﮭﺎ ﻣﻌﮭم؟ ﻓ ّﻛر ﻛﯾف ﺳﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺣﺎل ﻟو ﻟﻣن ﺗﺣﺑّﮭم ،وأﻧت ﺗﻌﻠم أﻧﮭﺎ ّ
أﻧّك ﻋﺷت ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺷﺎﻛﻠﺔ ﻓﻲ ﻛل دﻗﯾﻘﺔ وﻣﻊ ﻛل ﻣن ﺣوﻟك .ﺣﯾﺎﺗك ﺳﺗﻛون ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .ﯾﻧﺑﻐﻲ
ﻋﻠﯾك أن ﺗﻔ ّﻛر ﻣﻠﯾﺎ ﻓﻲ ھذا اﻷﻣر .اﻟﻣوت ﻟﯾس ﻓﻛرة ﻛﺋﯾﺑﺔ .اﻟﻣوت أﻋظم ﻣﻌﻠّم ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﻛﻠّﮭﺎ.
ﺗوﻗف ﻟﻠﺣظﺔ واﻧظر إﻟﻰ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﻘد أﻧك ﺗﺣﺗﺎﺟﮭﺎ .ﻓﻛر ﻛم ﻣن اﻟوﻗت واﻟطﺎﻗﺔ ﺗﺿﻌﮭﻣﺎ ﻓﻲ
ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﮭﺎ .ﺗﺧﯾل ﻟو أﻧك ﺗﻌﻠم أﻧك ﺳوف ﺗﻣوت ﻓﻲ ﻏﺿون أﺳﺑوع أو ﺷﮭر ﻣن
اﻵن .ﻛﯾف ﺳﯾﻐﯾر ھذا ﻣن ﺳﯾر اﻷﻣور ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك؟ ﻛﯾف ﺳﺗﻐﯾر أﻧت ﻣن ﻗﺎﺋﻣﺔ أﻓﺿﻠﯾّﺎﺗك وطﻠﺑﺎﺗك؟
ﻛﯾف ﺳﺗﺗﻐﯾر أﻓﻛﺎرك؟ ﻓ ّﻛر ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺳﺗﻔﻌﻠﮫ ﺣﻘﺎ ﻓﻲ أﺳﺑوﻋك اﻷﺧﯾر .ﻛم ھﻲ ﻓﻛرة راﺋﻌﺔ ﻟﻠﺗﺄ ّﻣل
ﻗررت أن ﺗﻔﻌل ﺷﯾﺋًﺎ ﻣﻌﯾﻧﺎ ﻓﻲ ﻏﺿون ﺿﺎ ﻓﻲ اﻟﺳؤال اﻟﺗﺎﻟﻲ ،إذا ّ ﻓﯾﮭﺎ ﻣﻠﯾﺎ وﺟدﯾﺎ .ﻓ ّﻛر ﻣﻠﯾﺎ أﯾ ً
اﻷﺳﺑوع اﻷﺧﯾر اﻟﻣﺗﺑﻘّﻲ ﻟك ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك ،ﻓﻣﺎذا ﺳﺗﻔﻌل إذن ﺑﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻟك ﻣن ﻋﻣر ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك ﻛﻠﮭﺎ؟ ھل
ﺳﺗﮭدره؟ ھل ﺳﺗرﻣﯾﮫ ﺑﻌﯾدا؟ ھل ﺳﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ﻛﺷﻲء ﻏﺎﻟﻲ اﻟﺛﻣن؟ ﻣﺎ اﻟذي ﺗﻔﻌﻠﮫ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة ﻋﻣو ًﻣﺎ؟
ھذه ھﻲ اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾطرﺣﮭﺎ ﻋﻠﯾك اﻟﻣوت.
طر ﻓﻲ ذھﻧك ﻓﻛرة اﻟﻣوت ،وﻓﺟﺄة ظﮭر ﻟك ﻣﻼك ﻟﻧﻘل ﻣﺛﻼ أﻧك ﻛﻧت ﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗك دون أن ﺗﺧ ُ
اﻟﻣوت وﻗﺎل ﻟك" ،ھﯾّﺎ ،ﻟﻘد ﺣﺎن وﻗت رﺣﯾﻠك ".ﺳﺗﻘول" ،ﻟﻛن ،ﻻ ،ﻟﻘد ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻔﺗرض أن
ﻲ ﻓﻌﻠﮫ ﻓﻲ أﺳﺑوﻋﻲ اﻷﺧﯾر ﻣن إﺷﻌﺎرا ﺑذﻟك ﻛﻲ أﺗﻣ ّﻛن ﻣن اﺗّﺧﺎذ اﻟﻘرار ﺣول ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠ ّ ً ﺗﻌطﯾﻧﻲ
اﻟﺣﯾﺎة .ﯾﻔﺗرض أن أﺣﺻل ﻋﻠﻰ أﺳﺑوع إﺿﺎﻓﻲ!" ھل ﺗﻌﻠم ﻣﺎ اﻟذي ﻣﻣﻛن أن ﯾﻘول اﻟﻣوت ﻟك؟
ﻋﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﺳﻧﺔ اﻷﺧﯾرة وﺣدھﺎ! واﻧظر إﻟﻰ ﻋطﯾت اﺛﻧﯾن وﺧﻣﺳﯾن أﺳﺑو ً َ ﺳﯾﻘول" ،ﯾﺎ إﻟﮭﻲ! ﻟﻘد أ ُ
ﺿﺎ إﻟﻰ أﺳﺑوع إﺿﺎﻓﻲ؟" ﻛﯾف ﺳﺗﺟﯾب ﺣﯾﻧﮭﺎ؟ ھل ﺣﺻﻠت ﻋﻠﯾﮭﺎ .ﻟﻣﺎذا ﺗﺣﺗﺎج أﯾ ً
َ ﺑﺎﻗﻲ اﻷﺳﺎﺑﯾﻊ اﻟﺗﻲ
ي اﻧﺗﺑﺎه… ﻟم أﻛن أﻋﺗﻘد أن اﻷﻣر ﻣﮭ ّم ".إﻧﮫ ﻷﻣر ﻣدھش ﺟدا أن ُ
ﺳﺗﻘول" ،ﻟم أﻛن أﻋﯾر اﻷﻣر أ ّ
ﺗﻘول ذﻟك!
ّ
اﻟﻣوت ُﻣﻌﻠم ﻋظﯾم ﺣﻘﺎ .ﻟﻛن ﻣن ﻣﻧّﺎ ﯾﻌﯾش ﺑﮭذا اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻣن إدراﻛﮫ ﻟﮭذا اﻷﻣر؟ ﻻ ﯾﮭ ّم ﻛم ّ
ھو ﻋﻣرك ،ﻓﻔﻲ أي وﻗت ﻗد ﺗﻠﻔظ أﻧﻔﺎﺳك اﻷﺧﯾرة .ھذا أﻣر ﯾﺣدث داﺋ ًﻣﺎ ،ﻟﻸطﻔﺎل واﻟﻣراھﻘﯾن
ﻣﺟرد ﻧَﻔَ ٍس أﺧﯾر وﯾﻧﺗﮭﻲ اﻹﻧﺳﺎن .ﻻ ّ واﻟﻧﺎس ﻣ ّﻣن ھم ﻓﻲ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻌﻣر ،وﻟﯾس ﻓﻘط ﻟﻛﺑﺎر اﻟﺳن.
أﺣد ﯾﻌرف ﻣﺗﻰ ﺳﯾﺣﯾن وﻗت ﻣﻐﺎدرﺗﮫ اﻟﺣﯾﺎة .اﻷﻣر ﻻ ﯾﺟري ﻛﻣﺎ ﯾﺷﺗﮭﻲ أﺣدﻧﺎ.
ﻟم ﻻ ﺗﺗﺣﻠﻰ ﺑﺟرأة ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر ﺑﺷﻛل ﻣﻧﺗظم ﻓﻲ ﻛﯾف ﺳﺗﻘﺿﻲ أﺳﺑوﻋك اﻷﺧﯾر ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة؟ ﻟو إذن َ
طرﺣت ھذا اﻟﺳؤال ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺗﻧورﯾن ﺣﻘﺎ ،ﻓﻠن ﺗﻛون أﻣﺎﻣﮭم أﯾﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ
ي ﺷﻲء ﯾرﯾدون ﺗﻐﯾﯾره داﺧﻠﮭم .ﻟو ﺟﺎءھم اﻟﻣوت ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺔ واﺣدة، ھذا اﻟﺳؤال .ﻟن ﯾﻛون ھﻧﺎك أ ّ
أو ﺧﻼل أﺳﺑوع ،أو ﺧﻼل ﺳﻧﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﻓﺈﻧﮭم ﺳﯾﻌﯾﺷون اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺎﻟطرﯾﻘﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾﺷوﻧﮭﺎ اﻵن.
ﻲ واﺣد ﯾودّون ﻋﻣﻠﮫ وﻟم ﯾﻌﻣﻠوه .ﺑﻛﻠﻣﺎت أﺧرى ،ھم ﯾﻌﯾﺷون ﻟن ﯾﻛون داﺧل ﻗﻠوﺑﮭم ﺷﻲء إﺿﺎﻓ ّ
ﺣﯾﺎﺗﮭم ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل دون إطﻼق وﻋود ودون اﻟﺧوض ﻓﻲ ﻣﮭﺎﺗرات ﻣﻊ أﻧﻔﺳﮭم.
أن اﻟﻣوت ﯾﺣدّق ﻓﻲ وﺟﮭك ﻣﺑﺎﺷرة .ﺛم ﻋﻠﯾك أن ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻌدا ﻟرؤﯾﺔ ﻛﯾف ھو اﻟوﺿﻊ ﻟو ّ
ﺻﺔ ﺗُروى ي ﻓرق .ھﻧﺎك ﻗ ّ ﺗﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻼم ﻣﻊ ﻧﻔﺳك ﻟدرﺟﺔ أن وﺿﻌًﺎ ﻛﮭذا ﻻ ﯾُﺣدث ﻟدﯾك أ ّ
ﻋن ﻣﻌﻠّم روﺣﻲ ﻗﺎل إﻧّﮫ ﻓﻲ ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻣن ﻟﺣظﺎت ﺣﯾﺎﺗﮫ ﻛﺎن ﯾﺷﻌر وﻛﺄن ھﻧﺎك ﺳﯾﻔًﺎ ﺣﺎدا ﻣﻌﻠّﻘًﺎ
ﻓوق رأﺳﮫ ﻣﺑﺎﺷرة .ﻋﺎش ﺣﯾﺎﺗﮫ ﻛﻠّﮭﺎ ﺑوﻋﻲ أن اﻟﻣوت ﻗرﯾب ﻣﻧﮫ إﻟﻰ ﺗﻠك اﻟدرﺟﺔ .أﻧت أﯾﺿﺎ ﺑﻣﺛل
ﻣرة ﺗﺄﻛل ﻣرة ﺗﻌﺑُر اﻟﺷﺎرع ،وﻓﻲ ﻛل ّ ﻣرة ﺗرﻛب ﺳﯾﺎرﺗك ،وﻓﻲ ﻛل ّ ھذا اﻟﻘُرب ﻣن اﻟﻣوت .ﻓﻲ ﻛل ّ
ي ﻟﺣظﺔ ،ﻗد ﯾﻛون ھو ﻧﻔﺳﮫ ﻣﺎ ﻗﺎم اﻟﻣرة اﻷﺧﯾرة .ھل ﺗُدرك أن ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ﻓﻲ أ ّ ﺷﯾﺋًﺎ ،ﻗد ﺗﻛون ھﻲ ّ
ﺑﮫ ﺷﺧص ﻏﯾرك ﻋﻧدﻣﺎ ﻟﻘﻲ ﺣﺗﻔﮫ؟ ﻣﺎت وھو ﯾﺄﻛل ﺷﯾﺋﺎ .ﻣﺎت ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ ﺳﯾﺎرة ﻋﻠﻰ ﺑﻌد ﻣﯾﻠﯾن ﻣن
ﺗﺣطم طﺎﺋرة ﻓﻲ رﺣﻠﺔ إﻟﻰ وﻻﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك .أو دﺧل ﻟﯾﻧﺎم وﻟم ﯾﺳﺗﯾﻘظ أﺑدًا .ﻋﻧد ّ ﺑﯾﺗﮫ .أو ﻣﺎﺗت ﻓﻲ
ﻧﻘطﺔ ﻣﺣدّدة ھﻛذا وﻗﻊ اﻷﻣر ﻟﺑﻌض اﻷﺷﺧﺎص .ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔﻌل اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﮫ ،ﻓﺗﺄﻛد أن
أﺣدھم ﻣﺎت وھو ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻧﻔﺳﮫ ھذا.
ﯾﺟب أن ﻻ ﯾﻛون ﻟدﯾك أي ﺧوف وأﻧت ﺗﻧﺎﻗش ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣوت .ﻻ ﺗﻛن ﻋﺻﺑﯾﺎ ﺣﯾﺎل ھذا اﻟﻣوﺿوع.
ﺑل اﺟﻌل ﻣﻌرﻓﺗك ﺑﮭذا اﻷﻣر ﺗﺳﺎﻋدك ﻟﺗﻌﯾش ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻣن ﻟﺣظﺎت ﺣﯾﺎﺗك ﺑﺷﻛل ﻛﺎﻣل ،ﻷن ﻛل
أن ﻣﺎ ﺗﺑﻘّﻰ ﻟدﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ھو أﺳﺑوع واﺣد ﻟﺣظﺔ ﻟﮭﺎ ﻣﻌﻧﻰ .ھذا ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻌرف أﺣد ﻣﺎ ّ
أن أﺟﻣل أﺳﺑوع ﻗﺿﺎه ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ ﻛﻠﮭﺎ ھو ذﻟك اﻷﺳﺑوع اﻷﺧﯾر .ﻛﺎن ﻟﻛل ﻓﻘط .ﺗﺄ ّﻛد أﻧﮫ ﺳﯾﺧﺑرك ّ
ﺷﻲء ﻣﻠﯾون ﻣﻌﻧﻰ وﻣﻌﻧﻰ .ﻣﺎذا ﻟو ﻛﺎن ﻋﻠﯾك أن ﺗﻌﯾش ﻛل أﺳﺑوع وﻛﺄﻧﮫ اﻷﺳﺑوع اﻷﺧﯾر ﻟك؟
ﻋﻧد ھذه اﻟﻧﻘطﺔ ﯾُﻔﺗرض أن ﺗﺳﺄل ﻧﻔﺳك ﻟﻣﺎذا ﻻ ﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗك إذن ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو .أﻧت ﺳﺗﻣوت.
ﻛﺑﯾرا ﺳﯾؤﺧذ ﻣﻧك.ً ﺻﻐﯾرا أو
ً أﻧت ﺗﻌرف ھذه اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻓﻘط ﻻ ﺗﻌﻠم ﻣﺗﻰ .ﻛل ﺷﻲء ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن
ﺳﺗﺗرك ﺧﻠﻔك ﻛ ّل ﻣﺎ ﺗﻣﻠك وﻛل ﻣن ﺗﺣﺑّﮭم وﻛل أﻣﻧﯾﺎﺗك وأﺣﻼﻣك ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﯾﺎة .ﺳﺗؤﺧذ ﻓﺟﺄة ﻣن
ﺣﯾث ﻻ ﺗﻌﻠم .ﻟن ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺑﻌدھﺎ أن ﺗُﻛﻣل ﻟﻌب اﻷدوار اﻟﺗﻲ أﻧت ﻏﺎرق ﻓﯾﮭﺎ اﻵن وﻣﺷﻐول ﺑﮭﺎ.
اﻟﻣوت ﯾﻐﯾّر ﻛل ﺷﻲء ﻓﻲ ﻟﻣﺢ اﻟﺑﺻر .ھذه ھﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت ﻛل ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﻐﯾّر
أﺻﻼ ﻏﯾر ﺣﻘﯾﻘﯾّﺔ .ورﺑﻣﺎ ﻋﻠﯾك اﻟﻧظر إﻟﻰ اﻷﺷﯾﺎء ﺑﻌﻣﻖً ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ ﺧﺎطﻔﺔ ،إذن ﻟرﺑﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻷﺷﯾﺎء
أﻛﺛر.
اﻟﺟﻣﯾل ﻓﻲ اﻷﻣر أﻧّﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻘﺑّل ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻛﺎﻟﻣوت ،ﻻ ﯾوﺟد ﺷرط ﻣﺎ ﻛﻲ ﺗﻐﯾّر وﻓﻘﮫ ﻧﻣط ﺣﯾﺎﺗك.
ﻋﻠﯾك ﻓﻘط أن ﺗﻐﯾر اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾش ﺑﮭﺎ .اﻟﺳؤال ھﻧﺎ ﻟﯾس ﻓﻲ ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ ﻣن أﻓﻌﺎل ﺧﻼل ﯾوﻣك،
ﺑل ھل أﻧت ﺣﺎﺿر وﻣﻧﺗﺑﮫ ﻋﻧد ﻣﻣﺎرﺳﺗك ﺗﻠك اﻷﻓﻌﺎل؟ ﻓﻠﻧﺄﺧذ ﻣﺛﺎﻻ ﺑﺳﯾطﺎ :ﻟﻘد ﻣﺷﯾت ﻓﻲ اﻟﮭواء
ﺻﺎ ﻣوﺟودًا داﺧل اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟطﻠﻖ آﻻف اﻟﻣرات ،ﻟﻛن ﻛم ﻣرة ﻗدّرت ً
ﻓﻌﻼ ھذا اﻟﺷﻲء؟ ﺗﺧﯾّل ﺷﺧ ً
أن ﻛ ّل ﻣﺎ ﺗﺑﻘّﻰ ﻟدﯾﮫ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﯾﺎة ھو أﺳﺑوع واﺣد ﻓﻘط .ھذا اﻟﻣرﯾض ﺳﯾﻧظر
ﻟﻠﺗو ﻣن طﺑﯾﺑﮫ ّ
وﺳﻣﻊ ّ
ﻣرةإﻟﻰ اﻟطﺑﯾب وﯾﻘول" ،ھل أﺳﺗطﯾﻊ أن أﻣﺷﻲ ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﻗﻠﯾﻼً؟ ھل أﺳﺗطﯾﻊ أن أﻧظر إﻟﻰ اﻟﺳﻣﺎء ّ
ﺳس روﻋﺔ أﺧﯾرة؟" ﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﺳﻣﺎء ﺳﺎﻋﺗﺋذ ﺗُﻣطر ﻟﺗﻣﻧّﻰ أن ﯾﺷﻌر ﺑﺳﻘوط ﻗطرات اﻟﻣطر ﻋﻠﯾﮫ وﺗﺣ ّ
ﻧزوﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ ﻛﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻣن ﻗﺑل .ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﮫ ﺳﺗﻛون ھذه اﻷﻓﻌﺎل ھﻲ أﻏﻠﻰ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﯾو ّد
ﻓﻌﻠﮭﺎ .ﺑﯾﻧﻣﺎ أﻧت ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك ﻻ ﺗرﯾد أن ﺗﺑﻠّﻠك ﻗطرات اﻟﻣطر ،وﺗرﻛض ﻟﺗﺧﺗﺑﺊ
ﻋﻧﮭﺎ.
ﻣﺎ ھو ھذا اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﻣﻧﻌﻧﺎ ﻣن أن ﻧﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ؟ ﻣﺎ ھو ھذا اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾوﺟد داﺧﻠﻧﺎ
واﻟﺧﺎﺋف ﺟدا إﻟﻰ درﺟﺔ أﻧﮫ ﯾﻣﻧﻌﻧﺎ ﻣن اﻻﺳﺗﻣﺗﺎع ﺑﺣﯾﺎﺗﻧﺎ؟ ھذا اﻟﺟزء ﻣن أﻋﻣﺎﻗﻧﺎ ﻣﻧﺷﻐل ﺟدا
أن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻟﻧﺎ ﺳﺗﻛون ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرام ﻟدرﺟﺔ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺟﻠس ﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻟﺿﻣﺎن ّ
وﺑﺎﺳﺗرﺧﺎء ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة دون ﻓﻌل ﺷﻲء ﻣﺎ .ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺣوال ،اﻟﻣوت ﯾﺗرﺑّص ﺑﺧطواﺗﻧﺎ .أﻻ ﺗرﯾد أن
ﺗﻌﯾش ﻗﺑل أن ﯾﺣﺿر اﻟﻣوت؟ أﻧت ﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ ﻟن ﺗﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﺗﻧﺑﯾﮫ ﺑﻘرب ﻗدوم ﻣوﺗك .ﻗِﻠّﺔٌ ﻣن
ﺑدﻧو اﻷﺟل .اﻟﻛل ﺗﻘرﯾﺑﺎ ﯾﺷﮭﻘون أﻧﻔﺎﺳﮭم دون أن ﯾﻌﻠﻣوا أﻧﮭﺎ ﺳﺗﻛون ّ اﻟﻧﺎس َﻣن ﯾﺗ ّم إﺧﺑﺎرھم
اﻷﺧﯾرة.
إذن اﺑدأ ﺑﺎﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن ﻛل ﯾوم ﻣن أﯾﺎم ﺣﯾﺎﺗك ﻟﺗﺗﺧﻠص ﻣن ذﻟك اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺧﺎﺋف ﻣﻧك واﻟذي ﻻ
ﯾدﻋك ﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ﺑﻣﺎ أﻧك ﺗﻌﻠم أﻧك ﺳﺗﻣوت ﯾوﻣﺎ ﻣﺎ ،ﻓﻛن ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌداد ﻟﺗﻘول ﻣﺎ ﺗﺣﺗﺎج
ﻗوﻟﮫ ،وﻟﺗﻌﻣل ﻣﺎ ﺗﺣﺗﺎج ﻋﻣﻠﮫ .ﻛن ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﺗﻛون ﺣﺎﺿرا ﺑﻛﯾﺎﻧك ﻛﻠﮫ ،ﻣﻊ ﻋدم وﺟود ﺧوف ﻣ ّﻣﺎ ﻗد
ﺗﺄﺗﻲ ﺑﮫ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ .ھﻛذا ﯾﻌﯾش اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﯾﻌرﻓون أﻧﮭم ﻋﻠﻰ وﺷك اﻟﻣوت .أﻧت أﯾﺿﺎ
ﯾﺟب أن ﺗﺣذو ﺣذوھم ،ﻷﻧك أﻧت أﯾﺿﺎ ﺗواﺟﮫ اﻟﻣوت ﻓﻲ ﻛل ﻟﺣظﺔ.
ﺗﻌﻠّم أن ﺗﻌﯾش اﻟﺣﯾﺎة وﻛﺄﻧك ﺗواﺟﮫ اﻟﻣوت ﻓﻲ ﻛل اﻷوﻗﺎت ،ﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﺻﺑﺢ ﺟرﯾﺋﺎ وأﻛﺛر اﻧﻔﺗﺎﺣﺎ .إذا
ﻣﺎ ﻛﻧت ﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ،ﻓﻠن ﺗﻛون ھﻧﺎك أﻣﻧﯾﺔ أﺧﯾرة ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك .ﺳﺗﻌﯾش ﻛل أﻣﻧﯾﺎﺗك ﻟﺣظﺔ
ﺑﻠﺣظﺔ .وﻋﻧدﻣﺎ ﺗواﺟﮫ اﻟﻣوت ﻓﻲ ﻛل ﻟﺣظﺔ ،ﺳﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎة ﻣﻔﻌﻣﺔ ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرب واﻟﻧﺷوة ،وﺳﺗﺗﺧﻠص
ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻟذي ﯾﺧﺎف أن ﯾﻌﯾش ﻓﻲ داﺧﻠك .ﻻ ﯾﻌود ھﻧﺎك ﺳﺑب ﯾﺟﻌﻠك ﺗﺧﺎف ﻣن اﻟﺣﯾﺎة .ﺳﯾﺧﺗﻔﻲ
اﻟﺧوف ﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﻓﮭﻣت أن اﻟﺷﻲء اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﺗﺟﻧﯾﮫ ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ھو اﻟﻧﻣو اﻟذي ﺗﻛﺳﺑﮫ ﻣن اﺧﺗﺑﺎر
اﻟﻌﯾش ﻓﯾﮭﺎ .اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺣد ذاﺗﮭﺎ ھﻲ وظﯾﻔﺗك ،وﺗﻔﺎﻋﻠك ﻣﻊ اﻟﺣﯾﺎة ھﻲ أھم ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻘوم ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ
اﻹطﻼق .ﻛل ﺷﻲء ﺗﻔﻌﻠﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﻋدا ھذا ،ھو ﻣﺟرد ﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﺟزء ﺑﺳﯾط ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ
ﻣﻧك ﻹﻋطﺎء اﻟﺣﯾﺎة ﺑﻌض اﻟﻣﻌﻧﻰ .ﻟﻛن اﻟذي ﯾﻌطﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﻣﻌﻧﻰ ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ھو اﺳﺗﻌدادك ﻷن ﺗﺣﯾﺎھﺎ.
ﻻ ﯾوﺟد ھﻧﺎك ﺣ َدث ﺑﻌﯾﻧﮫ ﯾُﻌطﻲ ﺣﯾﺎﺗك ﻣﻌﻧﻰ ،ﺑل اﺳﺗﻌدادك اﻟﻛﺎﻣل ﻻﺧﺗﺑﺎر أﺣداث اﻟﺣﯾﺎة ﻛﻠﮭﺎ.
ﻣﺎذا ﻟو ﻋرﻓت أن اﻟﺷﺧص اﻟواﻗف أﻣﺎﻣك ﺳﯾﻛون آﺧر ﺷﺧص ﺗﻠﺗﻘﻲ ﺑﮫ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك ﻛﻠﮭﺎ؟ ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد
ﺳﺗﻛون ﺣﺎﺿرا ﺑوﺟداﻧك ﻛﻠﮫ ﻓﻲ ھذا اﻟﻠﻘﺎء ،ﺗﺧﺗﺑر ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻓﯾﮫ .ﻟن ﺗﮭﺗم ﺑﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ ھذا اﻟﺷﺧص،
أﻧت ﻓﻘط ﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻣن ﻛﻠﻣﺎت ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻘﺎل ﻓﻲ آﺧر ﺣوار ﺳﺗﺳﻣﻌﮫ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك .ﻣﺎذا ﻟو ﻗﻣت
ﺑﺎﺳﺗﺣﺿﺎر ھذا اﻟوﻋﻲ ﻟﻛل ﻣﺣﺎدﺛﺔ ﺗﺳﺗﻣﻊ إﻟﯾﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك؟ ھذا ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻟك أن ﻣوﺗك
أﺻﺑﺢ ﻗﺎب ﻗوﺳﯾن أو أدﻧﻰ .أﻧت ﺗﺗﻐﯾر ،أﻣﺎ اﻟﺣﯾﺎة ﻓﮭﻲ ﻛﻣﺎ ھﻲ ﻻ ﺗﺗﻐﯾر .اﻟﺑﺎﺣث اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻋن
ﻣﻌﻧﻰ وﺟوده ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ،ﯾﺗﻌ ّﮭد أن ﯾﻌﯾش ﺑوﻋﻲ ﻓﻲ ﻛل ﻟﺣظﺔ ،وﻻ ﯾدع أي ﺷﻲء ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻘف ﻓﻲ
ﺳﺎ ﺷﻲء ﻣﺎ ﯾﻘف ﻓﻲ طرﯾﻘك؟ أﻧت ﺳﺗﻣوت ﯾوﻣﺎ ﻣﺎ. طرﯾﻘﮫ .ﻟﻣﺎذا ﯾﻛون ھﻧﺎك أﺳﺎ ً
ﺻل ﻋﻘﻠك إذا ﻣﺎ ﻗﻣت ﺑﺗﺣدّي ﻧﻔﺳك وﻋﺷت وﻛﺄﻧك ﺗﻌﯾش آﺧر أﺳﺑوع ﻟك ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﯾﺎة ،ﻟرﺑﻣﺎ ﺗو ّ
إﻟﻰ اﻛﺗﺷﺎف ﻛ ّل أﻧواع اﻟرﻏﺑﺎت اﻟﻣﻛﺑوﺗﺔ داﺧﻠك .وﻟرﺑﻣﺎ ﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺗﺣدّث ﻋن ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻛﻧت
ﺗرﻏب دو ًﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮭﺎ ،واﻟﺗﻲ ﻣن اﻷﻓﺿل أن ﺗﻔﻌﻠﮭﺎ اﻵن .وﺳﺗﻛﺗﺷف ﺳرﯾﻌًﺎ أن ھذا ﻟﯾس ھو اﻟﺣ ّل.
اﻟﻣﺳﺗﻣر ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋنّ ﯾﻔوت ﻋﻠﯾك اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ھو اﻧﺷﻐﺎﻟك ﯾﺟب أن ﺗﻔﮭم أن ﻣﺎ ّ
ﺗﺟﺎرب أﺧرى ﺗﻌﺗﻘد أﻧﮭﺎ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻣﻣﯾزة وﺧﺎﺻﺔ .اﻟﺣﯾﺎة ﻟﯾﺳت ﺑﺷﻲء ﺗﺣﺻل ﻋﻠﯾﮫ ،اﻟﺣﯾﺎة
ﺷﻲء ﺗﺧﺗﺑره .اﻟﺣﯾﺎة ﻣوﺟودة ﺑك أو ﻣن دوﻧك .وھﻲ ﻣﺳﺗﻣرة ﻣﻧذ ﻣﻼﯾﯾن اﻟﺳﻧﯾن .أﻧت ﻓﻘط ﺗﺣظﻰ
ﺑﺷرف رؤﯾﺔ وﺗﺟرﺑﮫ ﺷرﯾﺣﺔ ﺻﻐﯾرة ﻣﻧﮭﺎ .ﻟو ﻗﺿﯾت وﻗﺗك ﻣﺣﺎوﻻ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻣﻧﮭﺎ،
ﻓﺳﺗﻔوﺗك اﻟﺷرﯾﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﺟﺋت ﻟﺗﺧﺗﺑرھﺎ وﺗﻌﯾﺷﮭﺎ .ﻛ ّل ﺗﺟرﺑﺔ ﻣن ﺗﺟﺎرب اﻟﺣﯾﺎة ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻷﺧرى،
ى .إﻧﮭﺎوﻛﻠﮭﺎ ﺗﺳﺗﺣﻖ أن ﺗﺧوﺿﮭﺎ وﺗﺧﺗﺑرھﺎ وﺗﺗﻌﻠّم ﻣﻧﮭﺎ ﺷﯾﺋًﺎ ﺟدﯾدًا .ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﻠﺣﯾﺎة أن ﺗُﮭدر ﺳد ً
ظر ﻛﯾف ﻏﺎﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌل .وﻟذﻟك ﯾُﻌﺗﺑر اﻟﻣوت ﻣﻌﻠّ ًﻣﺎ ﻋظﯾ ًﻣﺎ ،وھو اﻟذي ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﺷﯾﺋًﺎ راﺋﻌًﺎ .اﻧ ُ
ﺗﺻﺑﺢ اﻟﺣﯾﺎة ﺛﻣﯾﻧﺔ ﺟدا ً ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﺧﯾّل أن ﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻟك ﻓﯾﮭﺎ ھو أﺳﺑوع واﺣد ﻓﻘط .ﻛﯾف ﺳﺗﻛون اﻟﺣﯾﺎة
ﺛﻣﯾﻧﺔ ھﻛذا ﻟو ﻟم ﯾﻛن ھﻧﺎك ﺷﻲء ﻛﺎﻟﻣوت؟ ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ﺳﺗﻘوم ﺑﺗﺿﯾﯾﻊ ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻣﻧﮭﺎ ﻷﻧك ﺗﻌرف أن
ﻟدﯾك داﺋﻣﺎ اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﻌﻣر .اﻻﻓﺗﻘﺎر إﻟﻰ اﻟﺷﻲء ھو اﻟذي ﯾﺟﻌل ﻣﻧﮫ ﺷﯾﺋﺎ ﺛﻣﯾﻧﺎ .وأﺣﯾﺎﻧﺎً ،اﻻﻓﺗﻘﺎر
إﻟﻰ اﻟﺣﺟر اﻟﺑﺳﯾط ھو اﻟذي ﯾﺟﻌل ﻣﻧﮫ ﺟوھرة ﻧﺎدرة.
إذن ﻓﺎﻟﻣوت ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﯾُﻌطﻲ ﻟﻠﺣﯾﺎة ﻣﻌﻧﻰ .اﻟﻣوت ھو ﺻدﯾﻘك .ھو ﻣﺧﻠّﺻك و ُﻣﻧﻘذك ،ﻓﻼ ﺗﺧف
ﻣﻧﮫ .ﺣﺎول أن ﺗﻌرف ﻣﺎ اﻟذي ﯾﻘوﻟﮫ ﻟك اﻟﻣوت .أﺳﻣﻰ طرﯾﻘﺔ ﻟﻠﺗﻌﻠّم ھﻲ أن ﺗﺗﺄﻣل ﻓﻲ ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻣن
ﻟﺣظﺎت ﺣﯾﺎﺗك ،وﺗدرك أن ﻛل ﻣﺎ ﯾﮭم ھو أن ﺗﻌﯾﺷﮭﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ﻟو ﻋﺷت ﻟﺣظﺎت ﺣﯾﺎﺗك ﺑﺎﻟﺗﻣﺎم،
ﺳﺗﺣظﻰ ﺑﺣﯾﺎة ﻣﻛﺗﻣﻠﺔ ،وﻟن ﯾﻛون ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾك أن ﺗﺧﺎف ﻣن اﻟﻣوت.
ﺑﻘوة إﻟﻰ اﻟﺣﯾﺎة .أﻧت ﺗﺧﺎف اﻟﺣﯾﺎة ﻷﻧّك ﺗظن أن ھﻧﺎك ﺷﻲء ﻟم أﻧت ﺗﺧﺎف ﻣن اﻟﻣوت ﻷﻧك ﺗﺗﻠ ّﮭف ّ
ﺗﺧﺗﺑره ﻓﯾﮭﺎ ﺑﻌد .ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﺎس ﯾﺷﻌرون أن اﻟﻣوت ﺳﯾﺄﺧذ ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻧﮭم .اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺣﻛﯾم ھو َﻣن
ﯾُدرك أن اﻟﻣوت ﯾﻣﻧﺣﮭم داﺋﻣﺎ وأﺑدًا ﺷﯾﺋﺎ ﺟدﯾدًا .اﻟﻣوت ﯾﻌطﻲ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻠﺣﯾﺎة .أﻧت ھو ﻣن ﯾرﻣﻲ
ﺑﺣﯾﺎﺗﮫ ﺑﻌﯾدا ،أﻧت ﻣن ﺗﺿﯾﻊ ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻣن ﻟﺣظﺎت ﺣﯾﺎﺗك .ﺗﺳﺗﻘل ﺳﯾﺎرﺗك ،ﺗﻘودھﺎ ﻣن ھﻧﺎ إﻟﻰ
ھﻧﺎك ﻟﻛﻧك ﻻ ﺗرى ﺷﯾﺋًﺎ ﺣوﻟك .أﻧت أﺻﻼ ﻟﺳت ھﻧﺎ .أﻧت ﻣﺷﻐول اﻟﺑﺎل ﺗﻔ ّﻛر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك
ً
ﻋﻣﻠﮫ ﻻﺣﻘًﺎ .أﻧت ﺗﺳﺑﻖ ﻧﻔﺳك ﺑﺎﻻﻧﺷﻐﺎل ﻓﻲ ﺷﮭر ﻗﺎدم ،أو ﺣﺗﻰ ﺳﻧﮫ ﻗﺎدﻣﺔ .أﻧت ﻻ ﺗﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗك،
أﻧت ﺗﻌﯾش ﻋﻘﻠك .إذن أﻧت ﻣن ﯾرﻣﻲ ﺑﺣﯾﺎﺗﮫ ﺑﻌﯾدا ،وﻟﯾس اﻟﻣوت .اﻟﻣوت ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﯾﺳﺎﻋدك ﻋﻠﻰ
اﺳﺗرﺟﺎع ﺣﯾﺎﺗك ﺑﺟﻌﻠك ﺗﻧﺗﺑﮫ إﻟﻰ ﻛ ّل ﻟﺣظﺔ ﻓﯾﮭﺎ .ﯾﺟﻌﻠك ﺗﻘول ﻟﻧﻔﺳك" ،ﯾﺎ إﻟﮭﻲ ،أﻧﺎ ﺳﺄﻓﻘد ھذا،
ﺳﺄﻓﻘد أطﻔﺎﻟﻲ .ھذه اﻟﻠﺣظﺔ ﺳﺗﻛون اﻟﻠﺣظﺔ اﻷﺧﯾرة اﻟﺗﻲ أراھم ﻓﯾﮭﺎ .ﻣن اﻵن وﺻﺎﻋدًا ﺳﺄﻧﺗﺑﮫ ﻟﮭم
وﻟزوﺟﺗﻲ وﻛ ّل أﺻدﻗﺎﺋﻲ اﻟذﯾن أﺣﺑّﮭم .أرﯾد أن أﺣظﻰ ﺑﺄﻛﺑر ﻗدر ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﻣﻌﮭم!"
ﻟو ﻛﻧت ﺗﻌﯾش ﻛل ﺗﺟرﺑﺔ ﻟك ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ،ﻋﻧدھﺎ ﻟن ﯾﺄﺧذ اﻟﻣوت ﻣﻧك أي ﺷﻲء .ﻟن ﯾﻛون
ھﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾؤﺧذ ﻣﻧك ﻷﻧك ﻋﺷت ﻛل ﺷﻲء ﺑﺎﻟﺗﻣﺎم واﻟﻛﻣﺎل .ﻟذﻟك ﻧﺟد اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺣﻛﯾم
ﺣﺎﺿرا وﺟﺎھزا ﻟﻠﻣوت ﻓﻲ أي ﻟﺣظﺔ .ﻻ ﯾﮭﻣﮫ ﻣﺗﻰ ﺳﯾﺣﺿر اﻟﻣوت ﻷﺧذه ﻷن ﺗﺟرﺑﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة
اﻛﺗﻣﻠت وﺗ ّﻣت .اﻓﺗرض أﻧك ﺗﺣبّ ﺳﻣﺎع اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ أﻛﺛر ﻣن أي ﺷﻲء آﺧر .أﻧت داﺋﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ
ﻟﺳﻣﺎع ﻣوﺳﯾﻘﺎك اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻟﻣﻔﺿّﻠﺔ ﻟدﯾك واﻟﺗﻲ ﺗﻌزف ﻣن ﻗِﺑل ﻓرﻗﺔ اﻷورﻛﺳﺗرا اﻟﻣﻔﺿﻠﺔ ﻟدﯾك
ﺿﺎ .ﻛﺎن ھذا ھو ﺣﻠم ﺣﯾﺎﺗك .وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،اﺳﺗطﻌت أن ﺗﺣﻘﻖ ھذا اﻟﺣﻠم .ﻓﮭﺎ أﻧت ھﻧﺎك ﺗﺳﺗﻣﻊ أﯾ ً
ﺑﺎﻟﻔﻌل إﻟﻰ ﻣوﺳﯾﻘﺎك اﻟﻣﻔﺿﻠﺔ .ھذا اﻟﺷﻲء ﻣﻸ ﺣﺎﺟﺗك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .أﺣﺳﺳت ﻣﻧذ ﻣﻌزوﻓﺔ اﻟﻧوﺗﺔ اﻷوﻟﻰ
أﻧﮭﺎ أوﺻﻠﺗك إﻟﻰ ﺣﯾث ﺗرﯾد أن ﺗذھب .ھذا ﯾرﯾك أن اﻷﻣر ﯾﺳﺗﻐرق ﻓﻘط ﺛﺎﻧﯾﺔ ﻟﺗﻛون ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ
ﺳﻼم اﻟﺗﺎم .أﻧت ﻟﺳت ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ وﻗت ﻗﺑل ﻣوﺗك ،ﻣﺎ ﺗﺣﺗﺎﺟﮫ ھو اﻟﺗﻌﻣﻖ ﻓﯾﻣﺎ ﺗﺧوﺿﮫ إﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟ ّ
ﻣن ﺗﺟﺎرب ﺗﻣﻧﺣﮭﺎ ﻟك اﻟﺣﯾﺎة.
ھذه ھﻲ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾُﻔﺗرض أن ﺗﺣﯾﺎ ﺑﮭﺎ ﻛ ّل ﻟﺣظﺔ ﻣن ﻟﺣظﺎت ﺣﯾﺎﺗك .ﺗﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗﻣﻠؤك ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل.
ﺗﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗﻠﻣﺳك ﺣﺗﻰ أﻋﻣﺎق وﺟودك .ﻻ ﺗوﺟد ﻟﺣظﺔ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻔﻌل ﻟك ذﻟك .ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
وﻗوع ﺷﻲء ﻣﺧﯾف ،ﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ واﻧظر إﻟﯾﮫ ﻓﻘط ﻛﺗﺟرﺑﺔ أﺧرى ﻣن ﺗﺟﺎرب اﻟﺣﯾﺎة .اﻟﻣوت ﻗطﻊ ﻟك
وﻋدًا ﻋظﯾ ًﻣﺎ ،وﺳوف ﯾدﻟّك ﻟﺗﺟد اﻟﺳﻼم اﻟﻌﻣﯾﻖ .وھذا اﻟوﻋد ﯾﻛﻣن ﻓﻲ أن ﻛل اﻷﺷﯾﺎء ھﻲ ﻣؤﻗﺗﮫ،
ﻛل اﻷﺷﯾﺎء ﺗﻘوم ﻓﻘط ﺑﺎﻟﻌﺑور ﻣن ﺧﻼل اﻟوﻗت واﻟﻣﻛﺎن .ﻟو ﻛﺎن ﻟدﯾك ﺻﺑر ،ﻓﮭذا أﯾﺿﺎ ﺳﯾﻌﺑر
وﯾﻣر.
ﻠك ﻟﻠﻣوت .اﻟﻣوت ھو ذﻟك اﻟذي ﯾﺄﺗﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﯾُدرك اﻟﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف ،أن اﻟﺣﯾﺎة ھﻲ ُﻣ ٌ
اﻟﺧﺎص ﺑﮫ ﻻﺳﺗرداد اﻟﺣﯾﺎة ﻣﻧك .اﻟﻣوت ھو اﻟﻣﺎﻟك وأﻧت ھو اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر .ﯾﻘول اﻟﻧﺎس أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻛﻼﻣﺎ
ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ" ،ﻓﻼن ﯾﻌﯾش آﺧر ﻟﺣظﺎﺗﮫ اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ ".أو ﯾﻘوﻟون" ،ﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ".ﺗُرى،
ﻣن أﯾن اﺳﺗﻌﺎر وﻗﺗًﺎ إﺿﺎﻓﯾﺎ؟ ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻣن اﻟﻣوت .اﻟﻣوت ھو ﻣن ﯾﺄﺗﻲ ﻻﺳﺗرﺟﺎع ﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﮫ ﻷﻧﮭﺎ داﺋﻣﺎ
ﺗﻌود إﻟﯾﮫ .ﯾﺟب ﻋﻠﯾك أن ﺗﻘﯾم ﻋﻼﻗﺔ ﺟﯾدة ﻣﻊ اﻟﻣوت ،وﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﮭذه اﻟﻌﻼﻗﺔ أن ﺗﻛون ﻣﺑﻧﯾّﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﺧوف .ﻋﻠﯾك أن ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻻﻣﺗﻧﺎن ﻟﻠﻣوت َﻛوﻧﮫ ﻣﻧﺣك ﯾو ًﻣﺎ إﺿﺎﻓﯾﺎ ﻟﺗﻌﯾﺷﮫ ،وﺗﺟرﺑﺔ أﺧرى ﻟﺗﺣﯾﺎھﺎ،
وﻷﻧﮫ ﯾﺳﺑّب ﻟك اﻟرﻋب اﻟذي ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﺷﯾﺋﺎ ﺛﻣﯾﻧًﺎ .ﻟو ﻗﻣت ﺑﻌﻣل ذﻟك ،ﻓﻠن ﺗﻌود اﻟﺣﯾﺎة ﻣﻠ ًﻛﺎ
ﻟك ﻟﺗﺿﯾﻌﮭﺎ ،ﺳﺗﻛون ﻟك ﻛﻲ ﺗﻘدّرھﺎ وﺗﺛ ّﻣﻧﮭﺎ.
اﻟﻌظﻣﺎء ﻣن اﻟﺑﺷر ﻻ ﯾﺧﺷون اﻟﺗﺣدّث ﻋن اﻟﻣوت .ﺑل إن ﻣن ﻋﺎدة ﻣﻣﺎرﺳﻲ رﯾﺎﺿﺔ اﻟﯾوﻏﺎ اﻟذھﺎب
إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎﺑر ﻟﻠﺗﺄ ّﻣل .ﯾﺟﻠﺳون ھﻧﺎك ﻟﯾذ ّﻛروا أﻧﻔﺳﮭم ﺑﮭﺷﺎﺷﺔ اﻟﺟﺳد وﺣﺗﻣﯾّﺔ اﻟﻣوت .وﺑﻌض ﻣدارس
طﻼﺑﮭﺎ ﻛﯾﻔﯾّﺔ اﻟﺗﻔ ّﻛر اﻟداﺋم ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟزاﺋﻠﺔ ﻟﻸﺷﯾﺎء .ﻛل ﺷﻲء إﻟﻰ زوال ،ھذا ﻣﺎ اﻟﺗﺄ ّﻣل ،ﺗﻠﻘّن ّ
ﯾﻘوﻟﮫ اﻟﻣوت ﻟك.
وﺑدﻻ ﻣن اﻟﺿّﯾﺎع ﻓﻲ اﻟﺛرﺛرة اﻟﻌﺎدﯾﺔ واﻟﻣﻌﺗﺎدة ﻟﻠﻌﻘل ،ﻟﻣﺎذا ﻻ ﺗﻔ ّﻛر ﻣﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ّ
اﻟزاﺋﻠﺔ ً إذن،
ﯾﺣررك .دع اﻟﻣوت ﻟﻠﺣﯾﺎة؟ ﻟﻣﺎذا ﻻ ﺗﻔ ّﻛر ﻓﻲ أﺷﯾﺎء ذات ﻣﻌﻧﻰ؟ ﻻ ﺗﺧف ﻣن اﻟﻣوت .دع اﻟﻣوت ّ
ﯾﺷﺟﻌك ﻻﺧﺗﺑﺎر اﻟﺣﯾﺎة ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل .ﻟﻛن ﺗذ ّﻛر أن اﻟﺣﯾﺎة ھذه ﻟﯾﺳت ﻣﻠﻛﺎ ﻟك .أﻧت ﻓﻘط ﺗﺧﺗﺑر اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ
ﺗﺣدث ﻟك ،وﻟﯾس اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﻧﺎھﺎ .ﻻ ﺗﮭدر ﻟﺣظﺔ واﺣدة ﻣن اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺟﻌل أﺷﯾﺎء
ُ
أﺧرى ﺗﻘﻊ وﺗﺣدث ،ﺑل ﻗَدّر اﻟﻠﺣظﺎت اﻟﺗﻲ ﺗُﮭدى إﻟﯾك .أﻻ ﺗﻔﮭم أﻧك ﻣﻊ ﻛل دﻗﯾﻘﺔ ،ﺗﻛون أﻗرب إﻟﻰ
اﻟﻣوت؟ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾك أن ﺗﻌﯾش اﻟﺣﯾﺎة وﻛﺄﻧك ﻋﻠﻰ
ي ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق وﺗﺑﻘﻰ ﺧﻼﻟﮭﺎ وﺣﯾدًا وﻣﻛﺗﺋﺑﺎ طوال اﻟوﻗت وﻻ ھو أن ﻻ ﯾﻛون ﻟدﯾك أ ّ
ﻣرة أﺧرى ،ﻧﺟد أن اﻟﺗطرف ﺑﺷﻛﻠَﯾﮫ ﯾﺳﺗﻧزف ﻛل طﺎﻗﺔ اﻹﻧﺳﺎن. ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻧﺟز أي ﺷﻲء .ھﻧﺎ ّ
إن ﺗﺣدﯾد ﻋدم ﻛﻔﺎءة وﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ﺗﺻرﻓﺎﺗك ﯾﺗم ﺑﺣﺳﺎب ﻋدد اﻟدرﺟﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺑﺗﻌد وﻓﻘﮭﺎ ﻋن ﻣرﻛزك.
ﺳﺗﻛون ﻗدراﺗك ﻗﻠﯾﻠﺔ ﺑﻘدر ﺗﻠك اﻟدرﺟﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻌدك ﻋن ﻣرﻛزك واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺟﻌﻠك ﺗﺳﺗﺧدم طﺎﻗﺗك
ﻟﻌﯾش اﻟﺣﯾﺎة ﻷﻧك ﺗُﺳ ّﺧر ھذه اﻟطﺎﻗﺔ ﻟﺗﻌدﯾل اﻟﺗﺄرﺟﺢ اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﺑﻧدول اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺧﺎص ﺑك .اﻟﺗطرف
اﻟﻣﺗطرﻓﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك ،ﯾﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﺳﮭل أن ّ اﻟﺗﺻرﻓﺎت
ّ ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل ﯾﻌ ّد ﻣﻌﻠّ ًﻣﺎ ﺟﯾّدًا .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺧﺗﺑر
ﺳﻠوك اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
ﺗرى ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻼﺗوازن ﻓﻲ أﻧﻣﺎط اﻟ ّ
ﻟﻧﺄﺧذ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل أﺣد ﻣدﻣﻧﻲ اﻟﺗدﺧﯾن .ھذا اﻟﻣدﺧن ﯾﺿﻊ داﺋﻣﺎ ﺳﯾﺟﺎرة ﻓﻲ ﻓﻣﮫ ،وھو
ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﯾﻘوم ﺑﺈﺷﻌﺎل ﺳﯾﺟﺎرة ﺑﻌد اﻷﺧرى .ﻣﺗورط ﻓﻲ اﻟﺗدﺧﯾن ﺑﻧﺳﺑﺔ ﻛﺑﯾرة ﻣن ﺣﯾﺎﺗﮫ .ﯾﻘوم داﺋﻣﺎ
ﺑﺷراء اﻟﺳﺟﺎﺋر ،ﯾﺷﻌل داﺋﻣﺎ اﻟﺳﺟﺎﺋر ،وﯾدﺧن داﺋﻣﺎ .ﻣﺷﻐول داﺋﻣﺎ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن ﻣﻛﺎن ﯾُﺳﻣﺢ ﻓﯾﮫ
ﺑﺎﻟﺗدﺧﯾن .وﺑﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺣبّ اﻟذھﺎب إﻟﻰ اﻟﺧﺎرج ﻟﻠﺗدﺧﯾن ،ﻓﻘد اﻧظ ّم إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣؤﯾدة ﻟﻠﺗدﺧﯾن ﻓﻲ
ﻗرر أناﻷﻣﺎﻛن اﻟﻌﺎﻣﺔ .أﻧظر إﻟﻰ ﻛم اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺑذﻟﮭﺎ ھذا اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗدﺧﯾن .اﻵن ﺗﺧﯾّل أﻧﮫ ّ
ﻗرر أن "ﻻ" ﻟﻠﺳﯾﺟﺎرة ﺑﻌد اﻟﯾوم .وإذا ﻣﺎ ﺻﺎدﻓﺗﮫ ﺑﻌد ﻣرور ﻋﺎم وﺳﺄﻟﺗﮫ ﻣﺎ اﻟذي ﻗﺎم ﯾﺗرك اﻟﺗدﺧﯾنّ ،
ﺑﮫ ﺧﻼل اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ ،ﻓﺳﯾذﻛر ﻟك أﻧﮫ ﺗرك ﻋﺎدة اﻟﺗدﺧﯾن .ھذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻔﻌﻠﮫ ﻟﺳﻧﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ .ﻓﻔﻲ
اﻟﺑداﯾﺔ ﺣﺎول اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻠﻛﺔ ﻟﻛﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﻔده ﻛﺛﯾرا ﻓﻲ ﻗراره ﺑﺗرك اﻟﺗدﺧﯾن .ﺣﺎول ﺑﻌدھﺎ ﻋﻼج
ﺟرب اﻟﻌﻼج ﺑﺎﻟﺗﻧوﯾم اﻟﻣﻐﻧﺎطﯾﺳﻲ .وﻷن ﺑﻧدول ﻟﺻﻘﺎت اﻟﻧﯾﻛوﺗﯾن .وﻋﻧدﻣﺎ ﻟم ﯾﻧﺟﺢ ذﻟك أﯾﺿﺎّ ،
اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺧﺎص ﺑﮫ ﻛﺎن ﺑﺎﺗﺟﺎه أﺣد اﻟطرﻓﯾن ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﺑﺳﺑب اﻟﺗدﺧﯾن ،ﻓﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن ﺗﺣرﯾﻛﮫ
ﻋﺎ ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ﻟﻠوﻗت ﻟﻠطرف اﻟﻧﻘﯾض ﻣن أﺟل أن ﯾﺗﻣﻛن ﻣن ﺗرك ﻋﺎدة اﻟﺗدﺧﯾن .ﻓﻛﻼ اﻟطرﻓﯾن ﻛﺎﻧﺎ ﺿﯾﺎ ً
واﻟطﺎﻗﺔ واﻟﺟﮭد اﻟذي ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن أن ﯾﺗم ﺑذﻟﮫ ﻟﻧواﺣﻲ إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻋدﯾدة ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ.
اﻟﺗطرف ،ﻟن ﯾﺗﻘدّم أي ﺷﻲء ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗك .ﺗﻐرق ّ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﺎﺳﺗﮭﻼك طﺎﻗﺗك ﻣن أﺟل اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ
ﺗطرﻓك ﻓﻲ اﻟﺷﻲء ،ﻛﻠّﻣﺎ ﻗﻠّت ﺣرﻛﺗك ﻟﻸﻣﺎم .أﻧت ﺗﻧﺣت اﻷﺧدود اﻟروﺗﯾن .وﻛﻠّﻣﺎ زادت درﺟﺔ ّ ﻓﻲ ّ
وﺗﻌﻠﻖ ﻓﯾﮫ .وﺗﻧﺗﮭﻲ ﺑﻼ طﺎﻗﺔ ،ﻛل طﺎﻗﺗك ﻗد ﺗم إھدارھﺎ ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ أﻓﻌﺎﻟك اﻟﻣﺗطرﻓﺔ.
إن "اﻟطرﯾﻖ اﻟﺻﺣﯾﺢ" ﯾﻛﻣن ﻓﻲ اﻟﺑﻘﺎء ﻋﻧد ﻧﻘطﺔ اﻟﻣﻧﺗﺻف ﺣﯾث ﺗﺗواﺟد ﻛل اﻟطﺎﻗﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ
وﺗﻛون ﻣﺗوازﻧﺔ .ﻟﻛن اﻟﺳؤال ھو :ﻛﯾف ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗوﻗف ﺗﺄرﺟﺢ ﺑﻧدوﻟك ﺑﺎﺗﺟﺎه اﻟﺟواﻧب اﻟﻣﺗطرﻓﺔ؟
ﻣن اﻟﻐراﺑﺔ ﺑﻣﻛﺎن ،أﻧك ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻋﻣل ذﻟك ﺑﺗرك اﻟﺑﻧدول وﺷﺄﻧﮫ .ﻓﮭو ﻟن ﯾﺗﺄرﺟﺢ إﻟﻰ اﻟﺟواﻧب
اﻟﻣﺗطرﻓﺔ إن ﻟم ﺗﻘم أﻧت ﺑﺗﻐذﯾﺔ ھذه اﻟﺟواﻧب ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ .ﻓﻘط اﺗرك ﻋﻧك اﻟﺗطرف ﻓﻲ اﻷﻣور .ﻻ ّ
ﺗﺷﺎرك ﻓﻲ اﻟﻣﯾل ﻟﮭﺎ ،وﺳﺗرى أن اﻟﺑﻧدول ﯾﻌود وﺣده إﻟﻰ اﻟﻣرﻛز .وﺑﻌودﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﻣرﻛز ،ﺳﺗﻣﺗﻠﺊ
أﻧت ﺑﺎﻟطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗم إھدارھﺎ واﻟﺗﻲ ﻋﺎدت اﻵن وﻣﺗﺎﺣﺔ ﻟك.
إذا ﻣﺎ اﺧﺗرت أن ﺗﻛون ﻓﻲ اﻟﻣرﻛز وأن ﻻ ﺗﺳﺎھم ﻓﻲ اﻟﺗطرف ﻓﻲ اﻷﺷﯾﺎء ،ﺳﺗﻌرف ﻣﺎ ھﻲ ﺣﻛﻣﺔ
اﻟﺗﺎو .أﻧت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻘﺑض ﻋﻠﯾﮭﺎ ،وﻻ ﺣﺗﻰ ﻟﻣﺳﮭﺎ .ﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺎو ھﻲ ﻓﻘط ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟﻠطﺎﻗﺔ ﻋﻧدﻣﺎ
اﻟﻣﺗطرﻓﺔ .اﻟطﺎﻗﺔ ﺗﺟد درﺑﮭﺎ ﺑﺳﮭوﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣرﻛز ﻓﻲ ﻛل ﺣدث ّ ﻻ ﺗُﺳﺗﺧ َدم ﻓﻲ اﻟﺗو ّﺟﮫ إﻟﻰ اﻟﺟواﻧب
ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة وﺗﺑﻘﻰ ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟوﺳط .اﻟﺗﺎو أﺟوف ،ﻓﺎرغ .اﻟﺗﺎو ﯾﺷﺑﮫ ﻋﯾن اﻹﻋﺻﺎر اﻟذي ﺗﻛﻣن
ﯾﺗﺣرك .ﻛذﻟكّ دواﻣﺔ ﻟﻛﻧﮫ ھو ﻣن اﻟداﺧل ﻓﺎرغ ،ﻻ ﻗوﺗﮫ ﻓﻲ ﻓراﻏﮫ .ﻛل اﻷﺷﯾﺎء ﺗﻠف ﻣن ﺣوﻟﮫ ﻓﻲ ّ ّ
دواﻣﺔ اﻟﺣﯾﺎة .ﻛل ھذه اﻟﻘواﻧﯾن ﺗﺟر طﺎﻗﺗﮭﺎ ﻣن اﻟﻣرﻛز ،واﻟﻣرﻛز ﯾﺳﺣب طﺎﻗﺗﮫ ﻣن ّ دواﻣﺔ اﻟﺣﯾﺎة ّ ّ
اﻟﺟو واﻟطﺑﯾﻌﺔ وﻛل ﺟﺎﻧب ﻣن ﺟواﻧب ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ اﻟﯾوﻣﯾﺔ. ھﻲ ﻗواﻧﯾن واﺣدة وﻣﺗﺷﺎﺑﮭﺔ :ﻓﻲ ّ
ي ﺟﮭﺔ، ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﺗﻣرﻛزا وﻣﺗّزﻧًﺎ ﻓﻲ اﻟوﺳط ﺑﻌدم ﻣﺳﺎھﻣﺗك ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾّﺔ ﺗﺄرﺟﺢ اﻟﺑﻧدول إﻟﻰ أ ّ
ﺳﺗﺟد طﺎﻗﺎﺗك وﻗد اﺗّزﻧت ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ .ﺳﺗﺻﺑﺢ أﻧت أﻛﺛر ﺻﻔﺎ ًء ﺑﺳﺑب وﺟود طﺎﻗﺔ ﻛﺑﯾرة ﺗﺗدﻓﻖ ﻓﻲ
إن ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﺿور ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﺳﺗﺻﺑﺢ ھﻲ ﺣﺎﻟﺗك اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ .ﻟن ﺗﻛون ﻣرﻛزا ﻋﻠﻰ داﺧﻠكّ .
ﺳﺎ ﻓﻲ أﻓﻛﺎر ﺣول اﻷﺿداد .وﻣﻊ ﺻﻔﺎﺋك ،ﺳﺗﺑدو ﻟك أﺣداث اﻟﺣﯾﺎة وھﻲ أﺷﯾﺎء ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ أو ﻣﻧﻐﻣ ً
ﺗﺗﻛﺷف ﺑﺣرﻛﺔ ﺑطﯾﺋﺔ .وﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﺣدث ذﻟك ،ﻟن ﺗﺑدو أﺣداث اﻟﺣﯾﺎة ُﻣرﺑﻛﺔ أو ﺳﺎﺣﻘﺔ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ھذه
اﻷﺣداث.
ﻟﻛن ھذا اﻟوﺿﻊ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾش ﺑﮭﺎ ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻧﺎس .ﻣﺛﻼ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘود اﻟﻧﺎس ﺳﯾﺎراﺗﮭم
وﯾﺄﺗﻲ ﺷﺧص ﻣﺎ وﯾﻘطﻊ ﻋﻠﯾﮭم اﻟطرﯾﻖ ،ﯾﺻﺎﺑون ﺑﺎﻟﻐﺿب ﻟﺳﺎﻋﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﻌد اﻟﺣدث ،أو ﻗد ﺗﺳﺗﻣر
ﻣﻌﮭم اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻟﺑﻘﯾّﺔ اﻟﻧﮭﺎر .ﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﯾﺗﻣﺗﻌون ﺑﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺎو ،ﻓﺎﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ
ﻟﮭم ﺗﻧﺗﮭﻲ وﻗت اﻧﺗﮭﺎﺋﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻧﮭﺎ .ھذا ﻛل ﻣﺎ ھﻧﺎﻟك .ﻟو ﻛﻧت ﺗﻘود ﺳﯾﺎرﺗك وﻗطﻊ أﺣدھم ﻋﻠﯾك
اﻟطرﯾﻖ ،ﻓﺳﺗﺷﻌر أن طﺎﻗﺗك ﺑدأت ﺗﺑﺗﻌد ﻋن ﻣرﻛزھﺎ .ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﺷﻌر ﺑﮭذه اﻟطﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺑك .ﻟﻛن
اﻟﺗطرف ،ﻓﺳﺗرى أﻧﮭﺎ ﺗرﺟﻊ ﻣرة أﺧرى إﻟﻰ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ .ﻟذﻟك وﻋﻧدﻣﺎ ّ ﻻ ﺗﺗّﺑﻊ اﺗﺟﺎھﮭﺎ ﺻوب
ي ﺣدث ﺗﺎ ٍل ﻟك ،ﺗﻛون أﻧت ﻣوﺟودا وﺣﺎﺿرا .أﻧت داﺋﻣﺎ ﺣﺎﺿر ،وھذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣﻧك ﺷﺧﺻﺎ ﯾﻘﻊ أ ّ
ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﻣواﺟﮭﺔ أﻛﺛر ﻣن اﻟﺷﺧص اﻵﺧر اﻟذي ﻣﺎ ﯾزال ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ اﻟﻼﺗوازن اﻟذي ﺣدث ﻟﮫ
ﺻﺎدف ﻧﻘطﺔ اﻟﻼﺗوازن .ﻟﻛن طﺎﻟﻣﺎ أن اﻟﻠﺣظﺔ ﻗد َ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺣدث اﻟﺳﺎﺑﻖ اﻟذي ﻋﺎﺷﮫ .ﺟﻣﯾﻌﻧﺎ ﺗﻘرﯾﺑﺎ
ﺷف طﺎﻟﻣﺎ ﻣرت واﻧﺗﮭت ،ﻓﻣن ﯾﮭﺗم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ ﺗﺧزﯾﻧﮭﺎ؟ ﻣن ﺳﯾﻛون ھﻧﺎك ﻟﻼھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟطﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛ ّ ّ
ﺣﺎﺿرا ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ وﻣﺛﺑّﺗًﺎ ﻏﺎﯾﺗﮫ وﻣدر ًﻛﺎ ھدﻓﮫ ،ﯾﺻل ﻓﻲ ً أﻧك ﻟﺳت ھﻧﺎك؟ ﺗذ ّﻛر ،إن ﻣن ﯾﺑﻘﻰ
اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻘ ّﻣﺔ.
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﺣرك ﺑﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺎو ،ﺗﻛون دوﻣﺎ ﺣﺎﺿرا ﻓﻲ اﻟﺣدث .ﺗﺻﯾر اﻟﺣﯾﺎة ﺳﮭﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾك .ﻓﻲ
ﺷف اﻟﺗﺎو ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺑﺳﮭوﻟﺔ أن ﺗرى ﻣﺎ اﻟذي ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة وأﻧت ﺗراﻗب أﺣداث اﻟﺣﯾﺎة وھﻲ ﺗﺗﻛ ّ
أﻣﺎم ﻧﺎظرﯾك .ﻟﻛن ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﻣﺗﻠﺋﺎ ﺑردود اﻷﻓﻌﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺣدث ،ﺑﺳﺑب ﻏرﻗك اﻟﺗﺎم ﻓﻲ
اﻟﺗطرف ﺣول اﻷﻣور ،ﺗﺻﺑﺢ اﻟﺣﯾﺎة ﻣرﺑﻛﺔ .وھذا ﺑﺳﺑب أﻧك أﻧت اﻟﻣرﺗﺑك ،وﻟﯾس ﻷن اﻟﺣﯾﺎة
ﻣرﺑﻛﺔ.
ً
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗوﻗف ﻋن اﻻرﺗﺑﺎك ،ﻛل ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﯾﺻﺑﺢ ﺑﺳﯾطﺎ .ﻟو ﻟم ﺗﻛن ﻟدﯾك ﺗﻔﺿﯾﻼت ﻓﻲ
ﺷف اﻟﺣﯾﺎة أﻣﺎﻣك وﺳﺗﻛون ﺑﺑﺳﺎطﺔ اﻷﻣور ،ﻟو ﻛﺎن ﻛل ﻣﺎ ﺗرﻏب ﺑﮫ ھو اﻟﺑﻘﺎء ﻣﺗّزﻧًﺎ ،ﻋﻧدھﺎ ﺗﺗﻛ ّ
ﻲ ﯾﻌﺑُر ﻣن ﺧﻼل ﻛل اﻷﺷﯾﺎء .ھذا ھو اﻟﺗﺎو .ھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣوﺟود، ﻣﺗّزﻧًﺎ .ھﻧﺎك ﺧﯾط ﻏﯾر ﻣرﺋ ّ
ﻣﺗواﺟد ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗك وﻓﻲ ﻧظﺎم ﻏذاءك وﻧﺷﺎطﺎﺗك .ھو ﻣوﺟود ھﻧﺎك ،ﻓﻲ ﻛل ﺷﻲء ،ﻓﻲ ﻋﯾن
اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ،وھو أﯾﺿﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻼم ﻛﺎﻣل.
ﻹﻋطﺎﺋك ﻓﻛرة واﺿﺣﺔ ﻋن ﻣﺎھﯾّﺔ اﻟﺷﻌور ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ اﻟﻣرﻛز ،ﻟﻧﺿرب ﻣﺛﻼ ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﺑﺣﺎر.
ﺗطرف ،وﻋﻠﯾﮫ ﻟن ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﺑﺣر ﺳﻧﺑدأ ﻓﻲ اﻹﺑﺣﺎر ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ھﻧﺎك أﯾﺔ رﯾﺎح .ھذا ﻓﻲ ﺣدّه ّ
إﻟﻰ أي ﻣﻛﺎن .اﻵن دﻋﻧﺎ ﻧﺑﺣر ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون اﻟرﯾﺎح راﺋﻌﺔ ﻟﻛن ﻟﯾس ھﻧﺎك ﺷراع ﻟﺳﻔﯾﻧﺗﻧﺎ .ھذا
ي ﻣﻛﺎن .اﻹﺑﺣﺎر ﯾُﻌﺗﺑر ﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﺟﯾّدة وﻣرة أﺧرى ،ﻟن ﻧﺗﻣ ّﻛن ﻣن اﻹﺑﺣﺎر إﻟﻰ أ ّ ّ ﺗطرف آﺧر، ّ
وﻗوة ّ
ﻷن ھﻧﺎك اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻘوى اﻟﻣﺗداﺧﻠﺔ ﻓﻲ ھذه اﻟﻘﺿﯾﺔ .ھﻧﺎك اﻟرﯾﺎح ،واﻟﺷراع ،ودﻓﺔ اﻟﻘﯾﺎدةّ ،
ﺷراع .ھﻧﺎك ﺗداﺧل ﻟﻘوى ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ اﻟﺣدث .ﻓﻣﺎ اﻟذي ﯾﺣدث ﻟو ھﺑّت ﺷ ّد اﻟﺣﺑﺎل إﻟﻰ اﻟ ّ
اﻟرﯾﺎح وﻛﻧت ﺗُرﺧﻲ ﺣﺑﺎل اﻟﺷراع؟ ﻟن ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻹﺑﺣﺎر .ﻣﺎذا ﻟو ﻛﻧت ﺗﻣﺳك اﻟﺣﺑﺎل ﺑﺷدة ﻛﺑﯾرة؟
ﺳﺗﻧﻘﻠب اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ .ﻟﻺﺑﺣﺎر ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﺳﻠﯾم ﯾﺟب إﻣﺳﺎك اﻟﺣﺑﺎل ﺑطرﯾﻘﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ .ﻟﻛن أﯾن ھﻲ
اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ؟ ھﻲ ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻟﺗوﺗّر واﻟﻘﻠﻖ ﻣن اﻹﺑﺣﺎر ﺿد اﻟرﯾﺎح اﻟﻘوﯾّﺔ .ﻟﯾس ﻛﺛﯾرا ﺟدا وﻻ
ﺷراع ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﺻﺣﯾﺢ ،وأﻧت ﺗﻣﺳك ﻗﻠﯾﻼ ﺟدا .ﺗﺧﯾّل ﻛﯾف ﯾﻛون اﻟﺣﺎل ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺿرب اﻟرﯾﺎح اﻟ ّ
اﻟﺣﺑﺎل ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﺻﺣﯾﺢ .ﺗُﺑﺣر ﻋﻧدھﺎ ﻣﻊ ﺷﻌور ﻛﺎﻣل ﺑﺎﻟﺗوازن .ﺛم ﺗﺗﻐﯾر اﻟرﯾﺎح وأﻧت ﺗﻘوم ﺑﺗﻌدﯾل
اﻟوﺿﻊ ﺣﺳب ﺣرﻛﺗﮭﺎ .أﻧت واﻟرﯾﺎح واﻟﺷراع واﻟﺑﺣر ﺟﻣﯾﻌﻛم ﺷﻲء واﺣد .ﻛل ھذه اﻟﻘوى اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ
اﻟﻘوة اﻷﺧرى ﺗﺑﻌًﺎ ﻟﮭﺎ .ھذا ﻣﺎ ﯾﻌﻧﯾﮫ
ﺗﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﺳﺟﺎم .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻐﯾّر إﺣدى ھذه اﻟﻘوى ،ﺗﺗﻐﯾّر ّ
أن ﺗﻣﺷﻲ ﻓﻲ اﻟطرﯾﻖ اﻟﺻﺣﯾﺢ.
ﻣﺗﺣرك .أﻧت ﺗﺗﺣرك ﻣن ﻧﻘطﺔ ّ ﻧﻘطﺔ اﻟﺗوازن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺎو ،ﻟﯾﺳت ﺛﺎﺑﺗﺔ ،ﺑل ھﻲ ﺑﻧدول ﺳﺎﻋﺔ
ي أﻓﻛﺎر أو ﺗوازن إﻟﻰ ﻧﻘطﺔ ﺗوازن أﺧرى ،وﻣن ﻣرﻛز إﻟﻰ ﻣرﻛز .ﻻ ﺗﻣﺗﻠك أو ﺗﺗﻣﺳك ﺑﺄ ّ
ﺗﺣرﻛك .وھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﯾّرك ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾﻖ اﻟﺻﺣﯾﺢ ،ﻻ ﺗﻔﺿﯾﻼت ،ﯾﺟب أن ﺗﺗرك اﻟﻘوى ھﻲ اﻟﺗﻲ ّ
ﻣﺟرد آﻟﺔ ﻓﻲ ﯾد ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻘوى ،ﻓﻘط ﺗﺳﺎھم ﻓﻲ ﺗﻧﺎﻏم اﻟﺗوازن .ﯾﺟب ّ ﺷﻲء ﯾﻌﺗﺑر ﺷﺧﺻﯾﺎ .أﻧت
ي
ﻋﻠﯾك اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻋﻧدھﺎ ﻛل اھﺗﻣﺎﻣﺎﺗك واﻗﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺗوازن وﻟﯾس ﻋﻧد أ ّ
ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺣﯾﺎة ﺗﻔﺿﯾﻼت ﺷﺧﺻﯾّﺔ ﻟﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون ﻋﻠﯾﮫ اﻷﻣور .ھذه ھﻲ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟ ّ
ﻛﻠﮭﺎ .ﻛﻠّﻣﺎ ﻋﻣﻠت ﺑﺷﻛل أﻛﺑر ﻣﻊ اﻟﺗوازن ،ﻛﻠّﻣﺎ أﺑﺣرت ﻓﻘط ﻋﺑر اﻟﺣﯾﺎة .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻌﻣل ﺑﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺎو،
وﺗﺗﺻرف ﻓﯾﮭﺎ دون ﺟﮭد .اﻟﺣﯾﺎة ﺗﻣﺿﻲ ،وأﻧت ﻣوﺟود ،ﻟﻛﻧك ﻻ ﺗﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗﺣدث. ّ ﻓﺄﻧت ﺗﻌﯾش اﻟﺣﯾﺎة
ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺛﻘل ،ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺿﻐط .ﺗﻌﺗﻧﻲ اﻟﻘوى ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺑﺑﻌض وأﻧت ﺗﺟﻠس ﻓﻲ اﻟﻣرﻛز.
ھذا ھو اﻟﺗﺎو .ھو أﺟﻣل ﻣﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق .أﻧت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻟﻣﺳﮫ ،ﻟﻛﻧك ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن
ﺗﺗو ّﺣد ﻣﻌﮫ.
ﺳﯾر ﻋﻠﻰ طرﯾﻖ اﻟﺗﺎو ﯾﻌﻧﻲ أﻧك ﻻ ﺗﺻﺣو ﻟﺗرى ﻣﺎ ﺳﺗﻔﻌﻠﮫ وﻣن ﺛم ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻷﻣر ﺳﺗرى أن اﻟ ّ
ّ
ﺗذھب ﻟﺗﻔﻌﻠﮫ .ﻓﻲ طرﯾﻖ اﻟﺗﺎو ،أﻧت أﻋﻣﻰ ،وﻋﯾك أن ﺗﺗﻌﻠم ﻛﯾف ﺗﻛون أﻋﻣﻰ .أﻧت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أﺑدًا
أن ﺗرى إﻟﻰ أﯾن ﯾذھب طرﯾﻖ اﻟﺗﺎو ،أﻧت ﻓﻘط ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻛون ھﻧﺎك ﻣﻌﮫ .اﻟﺷﺧص اﻷﻋﻣﻰ ﯾﺳﯾر
ﻓﻲ ﺷوارع اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻣﺳﺗﻌﻣﻼ ﻋﺻﻰ ﺑﯾده .ﻟﻧُطﻠﻖ ﻣﺳ ّﻣﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻌﺻﺎة :ھﻲ اﻟﺑﺎﺣﺛﺔ ﻋن
ﺑﺣواف اﻷﻣﺎﻛن ،ھﻲ اﻟﻣﻼﻣﺳﺔ ﻟطﺎﻗﺔ اﻟﯾن واﻟﯾﺎﻧﻎ .اﻟﻧﺎس اﻟﺗﻲّ ﺷﺎﻋرة اﻟﻣﺗطرﻓﺔ ،ھﻲ اﻟ ّ
ّ اﻷﻣﺎﻛن
ﺗﺳﯾر ﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﺗﻠك اﻟﻌﺻﻰ ﺗﻠوح ﺑﮭﺎ ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣن طرف ﻵﺧر .ھؤﻻء اﻟﻧﺎس ﻻ ﯾﺣﺎوﻟون ﻣﻌرﻓﺔ أﯾن
ﺳﯾر .ھم ﯾﺣﺎوﻟون اﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﮭم أن ﯾﺳﯾروا ،ﺑل ﯾﺣﺎوﻟون ﻣﻌرﻓﺔ أﯾن ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﮭم اﻟ ّ
اﻷﻣﺎﻛن اﻟﻣﺗطرﻓﺔ .إذا ﻛﻧت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗرى طرﯾﻘك ،ﻓﻛل ﻣﺎ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ھو
ﺑﺎﻻﻣﺗﻧﺎن .وﻣﺎ اﻋﺗدت ﻋﻠﻰ وﺟوده ﻛﻣﻘﺎﺿﺎة ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﺻﺎر اﻵن اﺣﺗراﻣﺎ ،وﺣﺑﺎ ،واﻋﺗزازا .أن ﺗﻣﯾز
اﻷﺷﯾﺎء ﻣﻌﻧﺎه أن ﺗﻘوم ﺑﻣﻘﺎﺿﺎﺗﮭﺎ .وﻟﻛن أن ﺗرى وﺗﺧﺗﺑر وﺗﺣﺗرم ﻣﻌﻧﺎه أن ﺗﺳﺎھم ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﺑدﻻ ﻣن
إطﻼق اﻷﺣﻛﺎم.
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻣﺷﻲ وﺳط ﺣدﯾﻘﺔ ﻧﺑﺎﺗﯾﺔ ﺟﻣﯾﻠﺔ ،ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻻﻧﻔﺗﺎح واﻟﺧﻔﺔ .ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟﺣب .ﺗرى اﻟﺟﻣﺎل .أﻧت
ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺻدر أﺣﻛﺎﻣﺎ ﺑﺧﺻوص ﺷﻛل وﻣوﻗﻊ ﻛل ورﻗﺔ .اوراق اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت ﻣن ﻛﺎﻓﺔ اﻷﺣﺟﺎم وﻛﺎﻓﺔ
اﻷﺷﻛﺎل وﺗﺗﻔرع إﻟﻰ اﺗﺟﺎھﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .وھذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣﻧﮭﺎ أوراﻗﺎ ﺟﻣﯾﻠﺔ .ﻣﺎذا ﻟو أﻧك ﺷﻌرت ﺑﮭذا
اﻟﺷﻌور ﻧﻔﺳﮫ ﺗﺟﺎه اﻟﺑﺷر؟ ﻣﺎذا ﻟو أﻧﮫ ﻟم ﯾﻛن ﻟزا ًﻣﺎ ﻋﻠﯾﮭم أن ﯾرﺗدوا اﻟﻣﻼﺑس ﻧﻔﺳﮭﺎ ،أو أن ﯾؤﻣﻧوا
اﻟﺗﺻرﻓﺎت إﯾّﺎھﺎ؟ ﻣﺎذا ﻟو أﻧﮭم ﻛﺎﻧوا ﻛﺎﻟزھور ،وﺑدوا ﻟك أﻧﮭم
ّ ﯾﺗﺻرﻓوا
ّ ﺑﺎﻟﻣﻌﺗﻘدات ﻧﻔﺳﮭﺎ ،أو أن
ﺟﻣﯾﻌﺎ ً ﺟﻣﯾﻠﯾن؟
ﻟو ﺣدث ذﻟك ﺗﻛون ﻗد ﺣﺻﻠت ﻋﻠﻰ ﻟﻣﺣﺔ ﻣن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ .ھذه ھﻲ أﻓﺿل وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻣﻌرﻓﺗﮫ .راﻗب ﻣﺎ
اﻟذي ﯾﺣدث ﻟك ﻣن ﺗﻐﯾّرات ﻛﻠّﻣﺎ ﺗﻘرﺑت ﻣﻧﮫ أﻛﺛر .إﻧﮭﺎ ﺑﺻدق اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟوﺣﯾدة اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺑﮭﺎ أن
ﺗﻌرف أي ﺷﻲء ﻋﻧﮫ .ﻟو ﺣﺎوﻟت أن ﺗﻘرأ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻛﺗب ،ﻓﺈﻧك ﺳﺗﺟد رﺑﻣﺎ ﺧﻣﺳﺔ ﻛﺗب أﺧرى
ﺗُﻧﺎﻗض ﻣﺎ ﻗرأﺗﮫ ﻓﻲ أﺣد ﺗﻠك اﻟﻛﺗب .وﻓﻲ أﻓﺿل اﻷﺣوال ،ﺳﺗﺟد ﺧﻣﺳﺔ ﺗﻔﺳﯾرات ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب
ﺿﺎ
ﺻﺎ آﺧر ﯾﺣﻣل ﺷﮭﺎدة اﻟدﻛﺗوراه ﻗد ﯾﻘول ﺷﯾﺋﺎ ﻧﻘﯾ ًﻧﻔﺳﮫ .ﺑﻌﺿﮭﺎ ﯾﻘول ﺷﯾﺋًﺎ ،ﻓﺗﺟ ّد ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﺷﺧ ً
ﻟﻣﺎ ﻗرأت .إذا ﻣﺎ اﻋﺗﻣدت ﻓﻲ ﺑﺣﺛك ﻋن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻓﺣﺗﻣﺎ ﺳﺗﺟد ﻣن ﯾﺧﺎﻟﻔك
اﻟرأي .وھذا ﻛﻠّﮫ ﺟزء ﻣن ﻟﻌﺑﺔ اﻟﻌﻘل.
ّ
ﯾﺗﻌرض ﻟﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن .ھذا ﻣﺎ ّ اﻟط ُرق .ﻣﻌرﻓﺔ ﷲ ﺗﻧﺑﻊ ﻣن ﺗﺟرﺑﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾّﺔُﻌرف ﺑﮭذه ّ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﯾ َ
ّ
ﯾﺣدث ﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻣﺎرس ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺗﺄ ّﻣل .ھذا ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋن اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣﻧﺧﻔض واﻟﮭﺎﺑط
اﻟﺗﺣوﻻت .ﻛل ﻣﺎّ ﺗﺗﺣرك ﺗﺟﺎه اﻟروح ،وﻓﻲ ﺗو ّﺟﮭك إﻟﯾﮭﺎ ﺗﺣدث داﺧﻠك ﻣﺧﺗﻠف ّ ﻣن ذاﺗك .أﻧت
ّ
ﻋﻠﯾك ﻓﻌﻠﮫ ھو ﻣراﻗﺑﺗﮭﺎ ،وﻋﻧدھﺎ ﺳﺗﻼﺣظ أﻧّك ﺗﻣﯾل وﺗﻘﺗرب ﻧﺣو اﻟﺗﺣﻠﻲ ﺑﺻﻔﺎت اﻟﺧﺎﻟﻖ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ.
رأﯾت ھذه اﻟﺻﻔﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺗﺗﻛﺷف ﻓﻲ داﺧﻠك ﺷﯾﺋًﺎ ﻓﺷﯾﺋًﺎ .وﻣﻊ َ وﻛﻠّﻣﺎ ﺗراﺟﻌت أﻛﺛر إﻟﻰ اﻟوراء،
ﻛل ﺧطوة ﻓﻲ اﻟطرﯾﻖ ﻧﺣو اﻟﺧﺎﻟﻖ ،ﺳﺗﺣظﻰ ﺑﻠﻣﺣ ٍﺔ ﻣ ّﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ اﻟوﺟود ﻓﻲ ذﻟك
ﻲ اﻹﻟﮭﻲ. اﻟﻣﺣﯾط اﻟروﺣ ّ
ﻣروا ﺑﺗﺟﺎرب داﺧﻠﯾﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺷر ﯾؤﻣﻧون ﺑوﺟود اﻟﻘدرات واﻟﻘوى اﻹﻟﮭﯾّﺔ .ھؤﻻء ﯾﻛوﻧون ﻗد ّ ھﻧﺎك ٌ
اﻟﻘوة
اﻟﻘوة اﻟﻌﺎرﻓﺔ ﺑﻛل ﺷﻲءّ ، ﺗﻛﻔﻲ ﻟﻣﻌرﻓﺗﮭم ﺑوﺟود ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟوﻋﻲ اﻹﻟﮭﻲ .رﺑﻣﺎ رأوا ﻟﻣﺣﺔ ﻣن ّ
ﻗوةﻛﻠﯾّﺔ اﻟوﺟود ،واﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء ،واﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻛل ﺷﻲء وﻓﻲ ﻛل وﻗت وﺑﺎﻟﺗﺳﺎوي .إﻧﮭﺎ ّ
اﻹدراك اﻟﻛوﻧﻲ.
ﻛﯾف ﯾﺑدو اﻟﺧﻠﻖ ﻟﻣن وﺻل إﻟﻰ ﺗﻠك اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟروﺣﯾﺔ؟ ﻣﺎ اﻟذي ﯾراه اﻟﻣرء ﻋﻧدﻣﺎ ﯾذھب إﻟﻰ
اﻟﻣﺎوراء وﯾرى اﻟﻛون ﻣن ﺧﻼل وﺟود ﷲ؟ إﻧﮭم ﯾرون اﻷﺷﯾﺎء دون إطﻼق أﺣﻛﺎم ﻋﻠﯾﮭﺎ .اﻷﺣﻛﺎم
ﺗﺧﺗﻔﻲ وﺗﺗﻼﺷﻰ ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ .ﻟﻛن ھﻧﺎك ﺟﻣﺎل أﻛﺛر ﻟﯾُرى .ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﺣﯾﻧﮭﺎ ﯾﺷﻌُر وﺣﺎل ﻧﻔﺳﮫ ﯾﻘول،
"اﻵن أﺳﺗطﯾﻊ رؤﯾﺔ اﻟورود ﻛﻠّﮭﺎ ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ .اﻵن أﺷﻌر ﺑﺣبّ أﻛﺑر وﺗﻌﺎطف أﻛﺑر وﻓﮭم أﻛﺑر وإﻋﺟﺎب
واﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻛون ".ھﻛذا ﺗﺑدو اﻷﺷﯾﺎء ّ أﻛﺑر ﺑﻛ ّل اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﺑﯾر
ﻓﻲ ﻋﯾن اﻟﻘدّﯾس .واﻟﻘدّﯾس اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ھو اﻟﻘدّﯾس اﻟﻣﺳﻛون ﺑﺎ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
ﷲ ھو اﻟﻣﺣﺑّﺔ .وﻧﺣن ﻧﻌﻠ ُم ﺟﻣﯾﻌﻧﺎ أن اﻟﺣب اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻻ ﯾﻘﺎﺿﻲ .اﻟﺣب ﻻ ﯾرى ﺷﯾﺋﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺑوب
ﺗﻠوث وﻻ ﺷواﺋب .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن اﺣﺗﻣﺎﻟﯾﺔ ﺑﺳﯾطﺔ ﻟﮭذا اﻟﺗﻠوث .ﺑﻐض ﺳوى اﻟﺟﻣﺎل .ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ّ
اﻟﻧظر ﻋ ّﻣﺎ ھو ﻋﻠﯾﮫ ،ﻓﻠﯾس ھﻧﺎك ﺳوى اﻟﺟﻣﺎل .ھذا ﻣﺎ ﯾُرى ﻣن ﺧﻼل اﻟﺣبّ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ .ھﻛذا ﺗﺑدو
اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﺧﻼل ﻋﯾون اﻟﺣب ،اﻟﻌﯾن اﻟﻣﻣﺗﻠﺋﺔ ﺑﺣُبّ أزﻟﻲ وﻋﺎطﻔﺔ ﻏﯾر ﻣﺷروطﺔ.
ﻟو أﻧك أﺣﺑﺑت ﺑﺻدق ﺷﺧﺻﺎ ﻣﺎ ،ﻓﺄﻧت ﺗﻌﻠم ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺎ ھو اﻟﺣب .أن ﺗﺣب أﺣدا ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن ﺗﺣﺑﮫ
أﻛﺛر ﻣن ﻧﻔﺳك .ﻟو أﻧّك ﺗﺣبّ أﺣدًا ﻣﺎ ،ﻓﺣﺑّك ﻟﮫ ﯾرى أﺑﻌد ﻣن إﻧﺳﺎﻧﯾّﺗﮫ .ﺣﺑّك ﯾﺣﺗﺿن اﻟوﺟود
اﻟﻛﺎﻣل ﻟﻣن ﺗﺣب ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن أﺧطﺎء ﻣﺎﺿﯾﺔ وﻧﻘوص ﺣﺎﻟﯾﺔ .اﻟﺣبّ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ھو اﻟﺣب اﻟذي ﯾﺷﺑﮫ
ﺗﻛرس ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻣن ﺣﯾﺎﺗﮭﺎ ﻟطﻔﻠﮭﺎ اﻟذي ﯾواﺟﮫ ﺻﻌوﺑﺎت ﺟﺳدﯾّﺔ أو ﻋﻘﻠﯾّﺔ .ھﻲ ﺗرى ﺣبّ اﻷم اﻟﺗﻲ ّ
ﻗﺎﺻرا.
ً ﺻﺎ أوأن اﺑﻧﮭﺎ ﺟﻣﯾل .ھﻲ ﻻ ﺗر ّﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘص اﻟذي ﯾﻌﺎﻧﯾﮫ ،ھﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ ﺗراه ﻧﺎﻗ ً
ﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾرى اﻟﻛون اﻟذي ﺧﻠﻘﮫ ﺑﻧظرة اﻷم ﺗﻠك إﻟﻰ وﻟدھﺎ .إذا ﻟم ﺗُدرك ﺑﻌ ُد ھذه اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ،
ﻲ
وﺑدﻻ ﻣن ﺗﺷﺟﯾﻌك ﻋﻠﻰ أن ﺗﺷﻌر ﺑﺄﻧك ﻣﺣﻣ ّ ً ﺳﺗﻛون ﻗد ﺳﻘطت ﻓﯾﻣﺎ ﺗ ّم ﺗﻠﻘﯾﻧك إﯾّﺎه ﺧﻼف ذﻟك.
اﻟﻘوة اﻹﻟﮭﯾّﺔ اﻟﺗﻲ أوﺟ َدﺗك ،ﺗم ﺗﻠﻘﯾﻧك أﻧّك ّ
وﻣﺣط ﻓﺧر واﺣﺗرام ﻣن ﻗِﺑَل ّ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل وﻣﺣﺑوب ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل
ﻣﺣط ُﻣﻘﺎﺿﺎة و ُﻣﺣﺎﻛﻣﺔ .وﻷﻧﮫ ﺗم ﺗﻠﻘﯾﻧك ذﻟك ،ﻓﺄﻧت اﻵن ﺗﺷﻌر ﺑﺎﻟذﻧب واﻟﺧوف .ﻟﻛن اﻟﺷﻌور ّ
ﺳﺑﯾل إﻟﻰ اﻻﺗﺻﺎل ﺑﺎ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ھﻣﺎ ﻓﻘط ﯾﻐﻠﻘﺎن اﻟﻘﻠب .اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھﻲ أن ﺑﺎﻟذﻧب واﻟﺧوف ﻻ ﯾﻔﺗﺣﺎن اﻟ ّ
طرﯾﻖ ﷲ ھو اﻟﻣﺣﺑّﺔ ،وأﻧت ﺗرى ذﻟك ﺑﺄ ّم ﻋﯾﻧك .ﻟو أﻧّك اﺳﺗطﻌت وﻟو ﻟﻠﺣظﺔ أن ﺗﻧظر ﻷﺣد ﻣﺎ
ﺑﻌﯾون اﻟﺣبّ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،ﺳﺗﻌﻠم أن ﺗﻠك ﻟﯾﺳت ﻋﯾﻧﯾك .ﻋﯾﻧك ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗرى ﻛ ّل ذﻟك اﻟﺣبّ .ﻋﯾﻧك
ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻛون ﻏﯾر ﻣﺷروطﺔ إطﻼﻗًﺎ .ﻋﯾﻧك ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أﺑدًا وﻟو ﺑﻌد ﻣﻼﯾﯾن اﻟﺳﻧﯾن أن ﺗرى
ﻓﻘط اﻟﺟﻣﺎل واﻟﻛﻣﺎل اﻟﺧﺎﻟص ﻟﻣن ﺗُﺣبّ .ﺗﻠك اﻟﻌﯾون ھﻲ ﻋﯾون ﷲ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظر إﻟﯾك أﻧت اﻟﻣﺧﻠوق.
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗد ّﺧل ﯾد ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﺗﻌطﻲ ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ ﻣن ﺧﻼﻟك ،ﻓﻠﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﺷﻲء ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻌطﯾﮫ.
اﻟرﻣﻖ اﻷﺧﯾر .ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻟن ﯾﺧطر ﺣﺗﻰ ﺑﺑﺎﻟك ي ﺗﻔﻛﯾر وﺳﺗظ ّل ھﻛذا ﺣﺗﻰ ّ ﺣﯾﻧﮭﺎ أﻧت ﺳﺗُﻌطﻲ دون أ ّ
ُ
ي ﺷﻲء .ﺳﺗُﻌطﻲ ﻣﺣﺑوﺑك أي ﺷﻲء وﻛل ﺷﻲء .ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻌﺗرﯾك اﻟﺷﻌور ﺑﮭذا اﻟﻧوع ﻣن أن ﺗﺑﺧل ﺑﺄ ّ
أن ھذا اﻟﺣب ﻗﺎدم ﻣن ﻣﺻدر آﺧر أﻋظم ﻣﻧك .إﻧّﮫ ﺣبّ ﻓوق ﻧطﺎق وﻗدرة اﻟﺣبّ ،ﺗﺷﻌر ﺣﯾﻧﮭﺎ ّ
اﻟﺑﺷر .إﻧﮫ اﻟوﺟود اﻹﻟﮭﻲ اﻟ ُﻣ ِﺣبّ دون ﺷروط وﻻ أﻧﺎﻧﯾﺔ .اﻟﻣﻌﻠّﻣون اﻟروﺣﺎﻧﯾّون ﺗﻛﻠّﻣوا ﻋن ﻧوﻋﯾّﺔ
ﯾﺗﺣرك اﻹﻧﺳﺎن ﻧﺣو ّ ذﻟك اﻟﺣب .واﻟﻣﻌﻠّﻣون اﻟذﯾن ﺗﺟﺎوزوا ذواﺗﮭم ﻗﺎﻟوا إن ﺗﻠك اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺗﺣدث ﻋﻧدﻣﺎ
اﻟروح .ھﻛذا ﺗﻧظر اﻟروح إﻟﻰ اﻟﺧﻠﻖ .ھذا ﻣﺎ ﯾﻔﺗرض أن ﯾﺗ ّم ﺗﻠﻘﯾﻧﮫ ﻟك .ﻣﮭﻣﺎ ﻋﻣﻠت وﻣﮭﻣﺎ ﺻﻧﻌت
ﺳﺗﻛون دو ًﻣﺎ ﻣﺣﺑوﺑًﺎ ﻣن رﺑّك.
ﺳﻼم ﻷﺗﺑﺎﻋﮫ ﺣﻛﺎﯾﺔ اﻻﺑن اﻟﻣﺑذّر ،اﻟذي ﺗرك اﻟﺑﯾت وذھب ﺑﻌﯾدا وﺑﻌﺛر ﻛل روى اﻟﻣﺳﯾﺢ ﻋﻠﯾﮫ اﻟ ّ
أﻣﻼﻛﮫ .ﻟﻛن ﻋﻧدﻣﺎ ﻋﺎد إﻟﻰ أﺑﯾﮫ طﺎﻟﺑًﺎ اﻟﻌَون ،ﻗﺎم أﺑﯾﮫ ﺑﻣﻌﺎﻣﻠﺗﮫ ﺑطرﯾﻘﺔ أﻓﺿل ﻣن اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﻌﺎﻣل
ﺳر اﻟﻣﺳﯾﺢ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺳﻼم ذﻟك ﺑﺄﻧّﮫ ﺣدث ﻷن اﻻﺑن ﺑﮭﺎ اﺑﻧﮫ اﻵﺧر اﻟذي ﺑﻘﻲ ﻣﻌﮫ وﻛﺎن ﯾﻌﻣل ﻣﻌﮫ .وﻓ ّ
اﻟذي ﻟم ﯾذھب ﺑﻌﯾدًا اﻋﺗﺎد أن ﯾﻛون داﺋ ًﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾت ،ﻟﻛن اﻻﺑن اﻟﻣﺑذّر ﻛﺎن ﺿﺎﺋﻌًﺎ ،وأﺑوه ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
ﺷوق ﻟﮫ .ﻟم ﺗﻛن ھﻧﺎك ﻣﻘﺎﺿﺎة وﺣﺳﺎب .ﻛﺎن ھﻧﺎك ﺣُبّ ﻓﻘط.
ھل ﺗرﯾد أن ﺗﻌرف ﻛﯾف ﯾﻧظر ﷲ إﻟﻰ ھذا اﻟﻌﺎﻟم؟ ھل ﺗرﯾد أن ﺗﻌرف ﻛﯾف ﯾﺷﻌر ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺗﺟﺎه ھذه اﻷﻧواع اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻟﺑﺷر؟ اﻧظر إذن إﻟﻰ اﻟﺷﻣس .ھل ﺗﺷرق اﻟﺷﻣس ﻋﻠﻰ اﻟﻘدّﯾس أﻛﺛر
ﻣن إﺷراﻗﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺧﺎص اﻵﺧرﯾن؟ ھل اﻟﮭواء اﻟﻣﺗﺎح ﻟﻠﻘدّﯾس أﻛﺛر ﻣن اﻟﮭواء اﻟﻣﺗﺎح ﻟﻶﺧرﯾن؟
ھل اﻟﻣطر ﯾﺳﻘط ﻋﻠﻰ أﺣد اﻷﺣﯾﺎء دون اﻟﺣﻲ اﻵﺧر؟
ﺳﻧﯾن .ﻟﻛن إذا و ّﺟﮭت ﻋﯾﻧﯾك ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻧظر ﺑﻌﯾدا ﻋن أﺷﻌّﺔ اﻟﺷﻣس وﺗﻌﯾش ﻓﻲ اﻟظﻼم ﻣﺋﺎت اﻟ ّ
ﺑﺎﺗﺟﺎه أﺷﻌّﺔ اﻟﺷﻣس ﺳﺗراھﺎ ھﻧﺎك ﻣوﺟودة داﺋﻣﺎ ً وﺳﺗﺑﻘﻰ .إﻧﮭﺎ ﻣوﺟودة ھﻧﺎك ﻟك ،وﺑﺎﻟﻘدر ﻧﻔﺳﮫ
ﻟﻠﺷﺧص اﻵﺧر اﻟذي اﺧﺗﺎر أن ﯾﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭﺎ وﺑﺄﺷﻌّﺗﮭﺎ ﻣﺋﺎت اﻟﺳﻧﯾن .ﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻟﮫ ھذه
ﻗوة ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧﺎﺻﯾﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ .اﻟﻔﺎﻛﮭﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺟﺎر ﺗﻣﻧﺢ ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻟﻣن ﯾرﯾدھﺎ .ھل ﺗرى أن أﯾّﺔ ّ
ي ﻣﺧﻠوﻗﺎت ﺧﻠﻘﮭﺎ ﷲ ﻓﻲ اﻟﻛون ﻏﯾر ﻋﻘل اﻹﻧﺳﺎن ﺗﻣﺎرس ﻓﻌﻼ ﺗﻣﯾّز أﺣدًا ﻋن آﺧر؟ ھل ھﻧﺎك أ ّ
ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟ ُﻣﻘﺎﺿﺎة؟ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻛﻠّﮭﺎ ﺗﻌطﻲ وﺗﻌطﻲ ﻟﻣن ﯾرﯾد أن ﯾﺳﺗﻘﺑل .وﻟو اﺧﺗرت أن ﻻ ﺗﺄﺧذ ،ﻓﻠن
ﺗﻘوم ﺑﻣﻌﺎﻗﺑﺗك .أﻧت ﻣن ﯾﻌﺎﻗب ﻧﻔﺳﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻷﻧك اﺧﺗرت أن ﻻ ﺗﺄﺧذ .ﻟو ﻗﻠت ﻟﻠﺿوء" ،أﻧﺎ ﻟن أﻧظر
إﻟﯾك .أﻧﺎ ﺳﺄﻋﯾش ﻓﻲ اﻟظﻠﻣﺔ" .اﻟﺿوء ﺳﯾﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟوﺟود.
ﺷﻣس .ﻟو اﺧﺗﺑﺄت ﻋن اﻟﺷﻣس ﺳﻧوات طوﯾﻠﺔ وﻗررت ﻓﺟﺄة اﻟﺧروج ﻋﻼﻗﺗك ﺑرﺑّك ﺗﺷﺑﮫ ﻋﻼﻗﺗك ﺑﺎﻟ ّ
ﻣن ظﻠﻣﺗك ،ﻓﺳﺗرى أن اﻟﺷﻣس ھﻧﺎك وﻣﺎ ﺗزال ﺗﺷرق وﻛﺄﻧك ﻟم ﺗﻐﺎدر ﻗط .أﻧت ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ
ﺷﻣس .واﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻣﻧوال ﻟو أﻧك ي أﻋذار .ﻓﻘط ﻋﻠﯾك أن ﺗرﻓﻊ رأﺳك وﺗﻧظر إﻟﻰ اﻟ ّ ﺗﻘدﯾم أ ّ
ﺑدﻻ ﻣن ذﻟك ﺳﻣﺣت ﻟﻠﺷﻌور اﺧﺗرت أن ﺗﺗوﺟﮫ إﻟﻰ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ .ﻓﻘط ﻗم ﺑﺎﻟﺗو ّﺟﮫ إﻟﯾﮫ .ﻟﻛن ﻟو أﻧك ً
ﻗوة اﻟرب ﺳوى ﻏرورك .ﻻ أﺣد ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻹﺳﺎءة إﻟﻰ ﷲ .ﷲ ﺑﺎﻟذﻧب أن ﯾﺗدﺧل ،ﻓﻠﯾس ﯾﻣﻧﻊ ﻋﻧك ّ
وﻋطف وﺣﻣﺎﯾﺔ وﻋطﺎء .أﻧت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗوﻗف ﺣبّ ﷲ ﻟك .ﺗﻣﺎ ًﻣﺎ ْ ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺗﮫ ﻧور وﻣﺣﺑّﺔ
ﺷﻣس اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻣﻧﻊ ﻧورھﺎ ﻋن اﻟﻛون وﻋﻧك .أﻧت ﻓﻘط ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺧﺗﺎر أن ﻻ ﺗﻧظر ﻛﺎﻟ ّ
إﻟﯾﮭﺎ .ﻟﻛن ﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﻧظرت إﻟﯾﮭﺎ ﻓﺳﺗرى أﻧﮭﺎ ﻣوﺟودة ھﻧﺎك.
ﺑﻌودﺗك إﻟﻰ اﻟروح ،ﺳﺗرى أن ﺗﻠك اﻟﻌﯾﻧﯾن ھﻣﺎ اﻟﻠﺗﺎن ﺗﺣرﺳﺎن اﻟﻛون .وأن ذﻟك اﻟﻘﻠب ھو اﻟذي ﯾﻧﯾر
ﺳﺎ ﺟﻣﯾﻠﺔ. ﻛل ﺷﻲء وﻛل ﺷﺧص ﻓﻲ ھذا اﻟﻛون .وﻋﺑر ﺗﻠك اﻟﻌﯾﻧﯾن ،ﺗﺑدو ﺣﺗﻰ أﻛﺛر اﻟﻣﺧﻠوﻗﺎت ﺑؤ ً
إن ﷲ ﯾﺄﺳﻰ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧظر إﻟﻰ ﻛوﻛب اﻷرض. ھذا ھو اﻟﺟزء اﻟذي ﻻ ﯾُدرﻛﮫ أﺣد .ﯾُﺣبّ اﻟﻧﺎس اﻟﻘول ّ
وﯾﻘول اﻟﻘدّﯾﺳون إﻧّﮫ ﯾﻔرح ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧظر إﻟﻰ اﻷرض وﺗﺣت ﻛﺎﻓّﺔ اﻟظروف وﻓﻲ ﻛل اﻷوﻗﺎت .اﻟﻔرح
ﻲ وﻧﻌﻣﺔ ﻛوﻧﯾّﺔ .ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻓﻌﻠﺗﮭﺎ ،ﻓﺄﻧت ﻟن ھو ﻣﺎ ﯾﻌرﻓﮫ ﷲ .وﺟود ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أزﻟ ّ
ﺗﻛون اﻟﺷﻲء أو اﻟﺷﺧص اﻟذي ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻣﻧﻊ وﺟود اﻟﺣبّ واﻟﻧور ﻓﻲ ھذا اﻟﻛون.
اﻟﺟﻣﺎل اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﯾﻛﻣن ﻓﻲ أﻧك ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺧﺗﺑر ھذا اﻟﻔرح وھذه اﻟﻧﺷوة .وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻹﺣﺳﺎس
ﺳﺗﺗﻌرف ﻋﻠﻰ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧﺎﻟﻖ .وﻋﻧدھﺎ ﻟن ﯾﺳﺗطﯾﻊ أﯾّﺎ ﻛﺎن أن ﯾُﻐﺿﺑك أو ﯾﺧﯾّب ّ ﺑﮭذه اﻟﺑﮭﺟﺔ ،ﻋﻧدھﺎ
ّ
ي ﻣﺷﻛﻠﺔ .ﺳﺗﺑدو اﻷﺷﯾﺎء ﻛﻠﮭﺎ ﺟز ًءا ﻣن رﻗﺻﺔ ﺟﻣﯾﻠﺔ ﻟﻠﺧﻠﻖ ظﻧّك .ﻻ ﺷﻲء ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺳﺑّب ﻟك أ ّ
ً
وﺑدﻻ ﻣن ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺧزي. ﺷف أﻣﺎﻣك .ﺣﺎﻟﺗك اﻟطﺑﯾﻌﯾّﺔ ﺳﺗرﺗﻘﻲ أﻛﺛر وأﻛﺛر .ﺳﺗﺷﻌُر ﺑﺎﻟﺣبّ ً ﺗﺗﻛ ّ
ﻋدم ﻗدرﺗك ﻋﻠﻰ اﻟﻧظر إﻟﻰ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺳﺑب ﻣﺎ اﻗﺗرﻓﺗﮫ أو ﻣﺎ ﻗﻠﺗﮫ ﻣن ذﻧب ،ﺳﺗراه ﻣﻠﺟﺄ ً ﻟك دون ﻗَﯾد
أو ﺷرط.
أن ﷲ ﺧﻠﻘك ﻛﻲ ﯾُﻘﺎﺿﯾك .أﻧت ﺗﺣظﻰ ﺑربّ ُﻣ ِﺣبّ .ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،أﻧت ﻓ ّﻛر ﻣﻠﯾﺎ ﻓﻲ ھذا ،واﺗرك ﻓﻛرة ّ
ﺗﺣﻣل اﻟﻣﺣﺑّﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻧﺣو ﷲ .واﻟﺣبّ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻛون أي ﺷﻲء آﺧر ﻏﯾر اﻟﺣبّ ﻧﻔﺳﮫ .إﻟﮭك ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ ﻓرح وأﻧت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻋﻣل ﺷﻲء ﺗﺟﺎه ذﻟك .وإذا ﻛﺎن ﷲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓرح ،ﻓﺈﻧّﻲ أﺗﺳﺎءل :ﻣﺎ
اﻟذي ﯾﻘوﻟﮫ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧظر إﻟﯾك؟
اﻟﻣؤﻟّف
ﺣﺎز ﻣﺎﯾﻛل ﺳﯾﻧﻐر ﻋﻠﻰ درﺟﺔ اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻻﻗﺗﺻﺎد ﻣن ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓﻠورﯾدا ﻋﺎم .1971وأﺛﻧﺎء
ﺗﺣﺿﯾره رﺳﺎﻟﺔ اﻟدﻛﺗوراه ،اﺧﺗﺑر ﺻﺣوة داﺧﻠﯾّﺔ ﻋﻣﯾﻘﺔ دﺧل ﻋﻠﻰ أﺛرھﺎ ﻓﻲ ﻋزﻟﺔ ﻟﻠﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻋﻠم
ﺳس ﻓﻲ ﻋﺎم " 1975ﻣﻌﺑد اﻟﻛون" وھو ﻣرﻛز ﯾُﻌﻧﻰ ﺑرﯾﺎﺿﺔ اﻟﯾوﻏﺎ واﻟﺗﺄ ّﻣل ﺣﯾث اﻟﯾوﻏﺎ واﻟﺗﺄ ّﻣل .أ ّ
ﻲ .وﻋﺑر ﺳﻧوات طوﯾﻠﺔ، ﺳﻼم اﻟداﺧﻠ ّ
ﯾﺗواﻓد إﻟﯾﮫ أﻧﺎس ﻣن ﻣﺧﺗﻠف اﻷدﯾﺎن واﻟﻣﻌﺗﻘدات ﻛﻲ ﯾﺧﺗﺑروا اﻟ ّ
ﻗدّم ﺳﯾﻧﻐر ﻣﺳﺎھﻣﺎت رﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻗطﺎﻋﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻛﺎﻻﻗﺗﺻﺎد واﻟﻔﻧون واﻟﺗﻌﻠﯾم واﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾّﺔ
وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺑﯾﺋﺔ.
اﻟﻣﺗرﺟﻣﺔ
اﻟدﻛﺗورة ھﯾﺎم ﻋﺑداﻟﺣﻣﯾد ،إﻋﻼﻣﯾﺔ إﻣﺎراﺗﯾﺔ ،وأول إﻣرأة ﺗﺗﺑوأ ﻣﻧﺻب رﺋﯾس ﺗﺣرﯾر ﺟرﯾدة ﯾوﻣﯾﺔ
ﻓﻲ اﻻﻣﺎرات ھﻲ )إﻣﯾرﺗس ﺗوداي( اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﺑﺎﻻﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ .وﻗد ﺑدأت ﻋﻣﻠﮭﺎ اﻟﺻﺣﻔﻲ ﻓﻲ ﺟرﯾدة
اﻟﺑﯾﺎن ﻣﺣررة وﻛﺎﺗﺑﺔ ﻋﻣود ﻓﻲ ﻗﺳم اﻟﻣﺣﻠﯾﺎت ،ﺛم اﻟﻘﺳم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ وﻗﺳم اﻟﺗرﺟﻣﺔ ،وﺗوﻟت إدارة ﻗﺳم
اﻟﺗطوﯾر ﻓﻲ ﺟرﯾدة اﻟﺑﯾﺎن .وﺳﺑﻖ ﻟﮭﺎ أن ﻗدﻣت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻗﺻﺻﯾﺔ ﯾﺎﺑﺎﻧﯾﺔ ﻣﺗرﺟﻣﺔ ﻋن اﻻﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ
ﺻدرت ﺑﺎﺳم )اﻟﺷﺎﻋر اﻟﻧﻣر( ﻋن اﻟﻣﺟﻣﻊ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﺑوظﺑﻲ .1995وﺗم اﺧﺗﯾﺎر ﻋدد ﻣن ﻗﺻص
)اﻟﺷﺎﻋر اﻟﻧﻣر( ﻟﺗدرﯾﺳﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻧﺎھﺞ اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟﺗﻌﻠﯾم ﻓﻲ اﻻﻣﺎرات.
ﻗدﻣت اﻟدﻛﺗورة ھﯾﺎم ﺧﻼل ﻣﺳﯾرﺗﮭﺎ ،اﻟﻌﺷرات ﻣن اﻟﺗﺣﻘﯾﻘﺎت اﻟﺻﺣﻔﯾﺔ واﻟﺗﻐطﯾﺎت واﻟﺣوارات
وﺣﺻدت ﺑﮭﺎ ﻋددا ً ﻣن اﻟﺟواﺋز اﻟﺻﺣﻔﯾﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﻋﻣودھﺎ اﻷﺳﺑوﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻔﺣﺔ اﻷﺧﯾرة
ﺑﺟرﯾدة اﻟﺑﯾﺎن .وﺷﺎرﻛت ﻛرﺋﯾﺳﺔ ﺗﺣرﯾر ﻣن ﺿﻣن اﻟوﻓد اﻟﺻﺣﻔﻲ اﻟﻣراﻓﻖ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺳﻣو اﻟﺷﯾﺦ
ﻣﺣﻣد ﺑن راﺷد آل ﻣﻛﺗوم ﻧﺎﺋب رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ رﺋﯾس ﻣﺟﻠس اﻟوزراء ﺣﺎﻛم دﺑﻲ ﻓﻲ زﯾﺎراﺗﮫ
اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﻰ ﻛل ﻣن اﻟﺻﯾن وﻛورﯾﺎ اﻟﺟﻧوﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم .2007وھﻲ أﯾﺿﺎ ً ﻋﺿو ﻟﺟﻧﺔ ﺗﺣﻛﯾم
ﻣﺳﺎﺑﻘﺔ أﻓﻼم اﻟطﻔل ﻓﻲ ﻣﮭرﺟﺎن أﺑوظﺑﻲ اﻟﺳﯾﻧﻣﺎﺋﻲ .2014وﻋﺿو ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻔرز ﻟﺟﺎﺋزة دﺑﻲ
ﻟﻠﺻﺣﺎﻓﺔ ﻟﻌدة ﺳﻧوات.
اﻟﻣراﺟﻊ
Freud, Sigmund. 1927. The Ego and the Id. Authorized translation.1
by Joan Riviere. London: Leonard & Virginia Woolf at the Hogarth
Press, and the Institute of Psycho-Analysis.
2. Holy Bible: King James Version. Grand Rapids, MI: Zondervan.
3. Maharshi, Ramana. 1972. The Spiritual Teachings of Ramana
Maharshi. Copyright 1972 by Sri Ramanasramam. Biographical
sketch and glossary copyright 1998 Shambhala Publications, Inc.
Boston: Shambhala Publications, Inc.
4. Merriam-Webster. 2003. Merriam-Webster’s Collegiate Dictionary.
11th ed. Springfield, MA: Merriam-Webster.
5. Microsoft Encarta Dictionary by Microsoft. Accessed April 17,
2007.
http://encarta.msn.com/encnet/features/dictionary/dictionaryhome.as
px.
6. Plato. 1998 edition. Republic. Translated with an introduction and
notes by Robin Waterfield. New York: Oxford University Press, Inc.
7. Yamamoto, Kosho. 1973 edition. The Mahaparinirvana Sutra.
Translated from the Chinese of Kumarajiva. The Karin
Buddhological Series No. 5. Yamaguchi-en, Japan: Karinbunko.
ﺗﻌﺎﻟﯾم إﺿﺎﻓﯾﺔ
ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘﺎرئ أن ﯾﺟد ﻣﻌﻠوﻣﺎت إﺿﺎﻓﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﻟو رﻏب ﻓﻲ أن ﯾﻛﻣل رﺣﻠﺗﮫ اﻟروﺣﺎﻧﯾﺔ وذﻟك ﺑزﯾﺎرة
ﻲ:
اﻟﻧﻣو اﻟروﺣ ّ
ّ اﻟﻣزود ﺑﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺣﺎﺿرات ﺣول
ّ اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ ﻟﻠﻛﺎﺗب ﻣﺎﯾﻛل ﺳﯾﻧﻐر
www.untetheredsoul.com