Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 24

‫ٌ‬

‫دراسات أدبيّة‪:‬‬

‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع"‬

‫”‪Critical Views on the “Risālah al-Tawābiʿ wa al-Zawābiʿ‬‬

‫”‪Analisis Kritis terhadap “Risālah al-Tawābiʿ wa al-Zawābiʿ‬‬

‫‪‬‬
‫نوال مصطفى إبراهيم‬
‫‪‬‬
‫مرمي جرب فرحيات‬
‫ملخص البحث‪:‬‬
‫يرمي هذا البحث إىل النظر يف واحدة من الطرائق الفريدة يف طرح املواقف النقدية لدى واحد من‬
‫الكتّاب األندلسيني الناهبني‪ ،‬مجع يف شخصيته األدبية بني الشعر والكتابة النثرية والنقد‪ ،‬مما جتلّى يف‬
‫ثين رسالته املوسومة بـ"التوابع والزوابع" اليت عمل عربها على إبراز شخصيته األدبية الشاملة‪ ،‬وإثبات‬
‫تفوقه على معاصريه ومنافسيه من األدباء ‪-‬شعرائهم وناثريهم‪ -‬بأسلوب جيمع بني اجلد واهلزل‬
‫فصور رحلة خيالية التقى فيها توابع الشعراء والكتاب العرب القدامى‪،‬‬ ‫والفكاهة والسخرية والتخييل‪ّ .‬‬
‫وأجرى بينهم حوارات ومناظرات‪ ،‬كشفت منازهلم األدبية‪ ،‬ويف الوقت نفسه التمس فيها التقدير الذي‬
‫افتقده بني معاصريه‪ ،‬يف دنيا اخليال أو عامل اجلن‪ .‬وبرز فيها شاعراً وكاتباً فذاً يفوقهم‪ ،‬وناقداً حيذو‬
‫حذو النقاد املشارقة مبا ق ّدمه من وقفات ونظرات نقدية‪ ،‬عاجل فيها مجلة من القضايا النقدية اليت كانت‬
‫مدار حبث وجدل يف املشرق العريب‪ ،‬كقضايا املوهبة واإلهلام‪ ،‬والنظم والنثر‪ ،‬والقدمي واحملدث‪ ،‬واملوازنة‪،‬‬
‫والسرقات؛ فش ّكلت رسالته إسهاماً يف جمال النقد األندلسي يواكب يف طبيعته ومساته ما كان عليه‬
‫النقد يف املشرق العريب‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬نقد‪ -‬شعر‪ -‬نثر‪ -‬ختييل‪ -‬أندلسي‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪This paper attempts to uncover one of the unique methods in putting‬‬
‫‪forward literary critical views of one of the most brilliant Andalusian‬‬

‫‪ ‬أستاذة مساعدة‪ ،‬دكتوراه يف األدب والنقد‪ ،‬اجلامعة اهلامشية ‪-‬اململكة األردنية اهلامشية– األردن‪.‬‬
‫‪ *‬أستاذة مشاركة يف األدب والنقد‪ ،‬جامعة عجلون الوطنية‪/‬كلية اآلداب‪- ،‬اململكة األردنية اهلامشية‪ -‬األردن‪.‬‬
"‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع‬

writers who had talents in poetry, prose writing and literary criticism. His
talent was apparent in his masterpiece the “Risalah al-Tawabi‘ wa al-
Zawabi‘, in which he poured his talent to manifest his comprehensive
literary character that surpassed his contemporaries and competitors, be
they poets or prose writers. He wrote this story with unique combination
of styles; seriousness, humor, irony and imagination. He wrote about an
imaginary journey where he met with the servants of the classical Arab
poets and writers from among the jinn and had conversations and
discussions with them to realize their status and to invoke from them an
appreciation to his own work which was not forthcoming from his
contemporaries in the imaginative world of demons. He appeared in the
story as a poet and writer who overcome his contemporaries; he sounded
as though he was a critic from the Eastern school of criticism when he
spoke of his critical views and casted his analysis. He tried to deal with
some topics and controversial views that were debated aggressively
among the proponents of the Eastern school, namely: the issue of talent
and inspiration, poetry and prose, classic and contemporary, comparison
and literary plagiarism. In this manner, this work was a huge contribution
to the field of literary criticism in Andalusia that kept up with the
characteristics of literary criticism in the eastern part of the Arab world.

Keywords: Criticism– Poem– Prose– Imagination– Andalusia.

Abstrak:
Kajian ini berusaha untuk menyingkap salah satu daripada keunikan
metode yang digunakan dalam melontarkan pandangan secara kritis oleh
salah seorang penulis agung Andalus. Beliau berbakat besar dalam
menghasilkan puisi, prosa dan kritikan sastera. Bakat beliau ini dapat
dilihat dengan jelas di dalam karya agungnya “Risalah al-Tawabi‘ wa al-
Zawabi‘, yang menonjolkan kebolehan semula jadi beliau dalam bidang
sastera, malah mengatasi orang sezamannya sama ada para penyair atau
pun penulis prosa. Apa yang menarik dalam karya yang dihasilkan ialah
kenyataan beliau yang bernada serius, lelucon, sinis, sarkastik dan fantasi.
Beliau telah menulis sebuah pengembaraan di alam fantasi yang mana
beliau telah bertemu dengan para penyair serta penulis Arab klasik yang
terdiri daripada kalangan jin dan berlaku perbualan serta perbincangan
antara beliau dan mereka. Tulisan beliau ini telah mendapat pengiktirafan
dan melangkaui orang sezamannya dalam menulis fantasi tentang alam
jin. Bahkan terserlah kebolehan beliau sebagai seorang penyair, penulis
dan pengkritik yang hebat dalam karya ini. Kritikannya yang pedas dan
tajam menunjukkan seolah-olah beliau merupakan seorang pengkritik
agung daripada aliran kritikan Timur. Hal ini dapat dilihat melalui
perbincangan yang melibatkan isu-isu kontroversi di kalangan para
penyokong aliran tersebut seperti perkara-perkara yang berkaitan dengan
bakat dan ilham, puisi dan prosa, klasik dan kontemporari, perbandingan
dan plagiarisme dalam kesusasteraan. Oleh yang demikian, karya beliau
telah memberi sumbangan yang besar terhadap bidang kritikan sastera di
Andalus yang mana telah mendukung ciri-ciri kritikan sastera di timur
Arab.
531 ‫م‬4152 ‫يونيو‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪Kata kunci: Kritikan- Puisi- Prosa- Fantasi- Andalus.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ابن شهيد‪ ،‬أبو عامر أمحد بن عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك بن مروان بن ذي الوزارتني بن شهيد‬
‫األندلسي القرطيب (‪241-384‬هـ)‪ 5.‬كان أبوه من أهل السياسة واألدب‪ ،‬وكان يف أيام عبد الرمحن‬
‫الناصر له شعر وبديهة‪ 4.‬شهد أبو عامر بن شهيد ‪-‬الشاعر الكاتب‪ -‬فرتتني من تاريخ األندلس‪:‬‬
‫األولى يف ظل الدولة العامرية‪ ،‬وهي أزهى عصور التاريخ األندلسي‪ ،‬والثانية يف عهد الفتنة الرببريّة اليت‬
‫‪3‬‬
‫متخض عنها اهنيار الدولة اإلسالمية وتفكك األندلس دويالت متناحرة يف ظل حكم ملوك الطوائف‪.‬‬
‫وكان ابن شهيد من أصحاب امللكات املزدوجة‪ ،‬ترك آثاراً شعرية ونثرية على قدر من اجلودة الفنية‪ ،‬وقد‬
‫شهد له ابن خلكان بأنه‪( :‬كان من أعلم أهل األندلس‪ ،‬متفنناً بارعاً يف فنونه)‪ 2.‬ووصفه ابن بسام‬
‫احلمام أو َج َّد فزئري األسد الضرغام‪ ،‬نظم‬
‫فسجع َ‬ ‫بأنه‪( :‬كان شيخ احلضرة العظمى وفتاها‪ ...‬إ ْن هزل ْ‬
‫‪1‬‬
‫كما اتسق ال ّدر على النحور ونثْر كما ُخلِط املسك بالكافور)‪.‬‬
‫وتشري أخبار ابن شهيد إىل أنه اتصل باحلكام‪ ،‬وحاول بلوغ رتبة الوزارة فناهلا‪ ،‬إذ إنه مل يصل إىل‬
‫منزلة الكتابة يف الديوان ليلقب بالوزير الكاتب‪ ،‬على شدة تشوقه إىل بلوغ هذا الشرف‪ ،‬أسوة بغريه من‬
‫الوزراء األدباء‪ 1.‬فقد كان للكتّاب يف اجملتمع األندلسي منزلة عظيمة‪ ،‬حيث ميكننا القول بإن ارتباط‬
‫خطة الكتابة بالرياسة والسلطان‪ ،‬السبب األول يف شهرة الكتّاب وذيوع صيتهم ووقوفهم مع القضاة يف‬
‫موقف متقارب يف نظر العامة واخلاصة من التعظيم واملكانة‪ 7.‬أسهمت املنافسة من أجل العطاء –كان‬
‫تفوقه– واحلريّة‬
‫هناك ديوان يف األندلس للشعراء ال يُقيّد فيه اسم الشاعر لينال العطاء إال بعد أن يثبت ّ‬
‫النسبية واالنفتاح على الثقافات‪ ،‬والوقوف على تطورات الشعر العريب‪ ،‬والكتابة الفنيّة يف مدارسها‬
‫املشرقية‪ ،‬إىل حد كبري يف تعميق النظرة إىل الظواهر اإلنسانية‪ ،‬ومن بينها الشعر واألدب عامة‪ ،‬ويف منو‬
‫الشعور بالشخصية يف العلم واألدب‪ 8،‬وكذلك يف جمال استقواء النزعة النقدية بُعيد الفتنة‪ ،‬لتخلخل‬
‫املقاييس واضطراهبا يف احلياة االجتماعية واألدبية‪ 9،‬األمر الذي ّأدى إىل شحذ مهم الكتّاب والشعراء‪،‬‬
‫وتعدد اهتماماهتم‪ ،‬مما كان له أبلغ األثر يف حركة النقد يف األندلس‪.‬‬
‫يف ظل هذه الظروف‪ ،‬برزت شخصية ابن شهيد‪ ،‬وتعددت اهتماماته األدبية‪ ،‬إذ أشارت املصادر‬
‫إىل أنه ترك إضافة إىل شعره جمموعة من املؤلفات‪ ،‬منها كتاب (كشف الدك وإيقاع الشك) و(رسالة‬
‫التوابع والزوابع)‪ ،‬و(حانوت عطار)‪ ،‬وجمموعة أخرى من الرسائل مل يصل إلينا منها سوى فصول من‬
‫رسالة (التوابع والزوابع)‪ 51،‬أوردها ابن بسام يف الذخرية‪ ،‬و(مجلة رسائل خمتلفة األغراض يف فنون الفكاهة‬
‫‪55‬‬
‫وأنواع التعريض واألهزال)‪.‬‬

‫العدد األول‬ ‫‪531‬‬


‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع"‬

‫كان ابن شهيد من الشعراء األندلسيني املشهورين‪ ،‬وكان من أسرة شاعرة‪ ،‬عاجل معظم األغراض‬
‫الشعرية التقليدية واملستجدة‪ ،‬إال أن روح الشرق ظلّت مسيطرة عليه شكالً ومضموناً‪ ،‬حيث يرى‬
‫البستاين أنه (طلب اجلديد يف انسحابه على أذيال القدمي دون أن يكون له أسلوب شخصي مييّزه من‬
‫‪54‬‬
‫غريه إذا ذكرت أساليب الشعراء)‪.‬‬
‫غري أن طبيعة الشعر األندلسي الذي ترىب على الذوق احملدث‪ ،‬بدت واضحة يف شعر ابن شهيد‪،‬‬
‫كما هي عند غريه من شعراء األندلس‪ ،‬إذ (مل ْيعده النّـ َفس الشعري واحلس املرهف وبراعة الوصف‬
‫وحسن الرتكيب‪ . ..‬تروقك منه نفحات زكية الشعور‪ ،‬دقيقة التصوير‪ ،‬حمكمة التعبري‪ ،‬فيها من احلياة‬
‫واحلركة واللون والنظم ما جييز له الوقوف جبانب الشعراء احملسنني‪ ،‬على اعتدال درجة اإلحسان‬
‫واخنفاضها عن درجة اإلبداع)‪ 53.‬بينما يرى أمحد هيكل أ ّن من أهم مسات شعر ابن شهيد (القدرة‬
‫الفائقة على التصوير‪ ،‬وربط الطبيعة بالنفس اإلنسانية‪ ،‬وتناول القدمي بطريقة جديدة‪ ،‬تالئم العصر والبيئة‬
‫ومظاهر احلياة‪ ،‬مث األخذ بأسلوب القص واحلوار‪ ...‬مع إيثار لسهولة اللفظ ووضوح املعىن وبساطة‬
‫الرتكيب وانفتاح املوسيقى)‪ 52.‬ويذكر ابن بسام أنّه كان (يف سرعة البديهة وحضوراجلواب وح ّدته‪ ،‬مع رقّة‬
‫‪51‬‬
‫حواشي كالمه وسهولة ألفاظه وبراعة أوصافه‪ ،‬ونزاهة مشائله وخالئقه آية من آيات اهلل خلقه)‪.‬‬
‫وكان ابن شهيد جيمع إىل فن الشعر‪ -‬كغريه من كبار شعراء األندلس – فن النثر‪ .‬ذكر أبو مروان‬
‫بن حيّان بأنه كان يدعو قرحيته إىل ما شاء من نثره ونظمه يف بديهته ورويته‪ 51.‬ولعل رسالة (التوابع‬
‫والزوابع) هي خري مثال على فنه النثري‪ ،‬واليت –كما يرى منجد مصطفى هبجت– تُع ّد بكرا يف جمال‬
‫تضمن ضروبا من املزج بني النثر والشعر‬‫الرسائل األدبية‪ ...‬من حيث أسلوهبا األديب املتميّز‪ ،‬الذي ّ‬
‫يتضمن أدب احلوار واملساجلة واستنطاق احليوان مع طرائف مستملحة‪ 57،)...‬فنجده‬ ‫بأسلوب قصصي ّ‬
‫يف خمتلف رسائله وفصوله حمدثاً‪ ،‬يسوق اخلرب والنادرة وحيسن السرد واألداء‪ ،‬ويعىن بالتحليالت النفسية‬
‫‪58‬‬
‫وتصوير األخالق واألشكال‪ ....‬مستنداً إىل علم الفراسة يف ذكر أشكال الذين فسدت روحانيتهم‪.‬‬
‫فين الشعر والنثر‪ ،‬كانت من مسات كبار شعراء األندلس‪ ،‬ولعل ما يثري الدهشة هو‬
‫فظاهرة اجلمع بني ّ‬
‫‪59‬‬
‫اإلجادة فيهما على حد سواء‪.‬‬
‫ويشري ياقوت احلموي إىل املنزلة العظيمة البن شهيد‪ ،‬اليت تضارع منزلة اجلاحظ وسهل بن‬
‫هارون‪ ،‬فيقول‪ ( :‬وله من التصرف يف وجوه البالغة وشعاهبا مقدار ينطق فيه بلسان مركب من لساين‬
‫ظ من ذلك بسق فيه‪ ،‬ومل‬‫عمرو وسهل‪ ...‬وأنّه من العلماء باألدب ومعاين الشعر وأقسام البالغة‪ ،‬وله ح ّ‬
‫‪41‬‬
‫دق أسلوهبم وملكوا ناصية‬
‫ير لنفسه يف البالغة أحداً جياريه)‪ ،‬إذ كان من الكتّاب اجمليدين الذين ّ‬
‫البيان‪ ،‬يف وقت كان فيه النثر األندلسي يقتفي أثر قرينه املشرقي‪ ،‬وينسج على منواله ويسري على‬
‫‪45‬‬
‫هنجه‪ .‬لقد مجع ابن شهيد بني صفيت الشاعر والناثر‪ ،‬فكان من الذين جعلوا كثرياً من نتاجهم جامعاً‬

‫‪537‬‬ ‫يونيو ‪4152‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫لصفتيهم ومشتمالً على فنيهم‪ 44،‬وكان حني وفاته حامل لواء الشعر والبالغة‪ ،‬مل خيلف لنفسه نظريا يف‬
‫هذين العلمني مجلة‪ 43،‬وهو ما نلحظه يف رسالته (التوابع والزوابع)‪ ،‬حيث اشتملت على بعض أشعاره‬
‫وبعض من نثره‪ ،‬األمر الذي هيأه ألن يويل النقد األديب اهتمامه وعنايته‪ ،‬بوصفه شاعراً ناقداً‪ ،‬تصدر‬
‫أحكامه عن جتربة وممارسة وليس أقواالً نظرية حسب‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬جند آراءه مشفوعة باملثل والشاهد‪ ،‬وتثري قضايا نقدية كان هلا مساس بشعره ونثره‪ ،‬ألن‬
‫معظم آراء ابن شهيد صادرة عن وعي ورأي جترييب ال نظري‪ ،‬ودارت مالحظاته حول مشاكل كان له‬
‫‪42‬‬
‫خصومه من العيوب يف كالمه ونظمه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فيها ضلع‪ ،‬وناقش أموراً أخذها على غريه‪ ،‬أو ع ّدها‬
‫فقد كان لشاعرية ابن شهيد وسخريته وجدة ذكائه وذوقه دور يف توجيه اهتماماته األدبية وآرائه‬
‫النقدية‪ ،‬اليت انطلقت من إعجابه بنفسه ‪-‬بنثره وشعره‪ -‬ومل يبلغ ناقد أندلسي آخر مبلغه يف إرهاف‬
‫الذوق واإلحساس باجلمال الفين‪ ،‬وقد اختذ من شاعريته وسيلة للتعبري عن آرائه النقدية بطريقة‬
‫التصوير‪ 41،‬وكان له إسهام يف جمال النقد‪ ،‬مبا وضعه من آراء ومالحظات نقدية حول جمموعة من‬
‫القضايا النقدية املطروحة على الساحة األدبية يف ذلك احلني‪ ،‬وخباصة تلك اليت تضمنتها رسالة (التوابع‬
‫يرجح زكي مبارك أ ّهنا أُلّفت بني عامي (‪217 -214‬هـ)‪ 41،‬بينما يرجح البستاين أ ّهنا‬
‫والزوابع)‪ ،‬اليت ّ‬
‫أبصرت النور بعد سنة ‪252‬هـ‪ 47.‬ويؤكد بعض النقاد أهنا مل تصلنا كاملة‪ ،‬وقد بلغ إلينا منها ما أثبته أبو‬
‫‪48‬‬
‫احلسن علي بن بسام الشنرتيين األندلسي يف القسم األول من كتابه الذخرية يف حماسن أهل اجلزيرة‪.‬‬

‫النقد في رسالة التوابع والزوابع‪:‬‬


‫كشف ابن شهيد يف هذه الرسالة عن مجلة من اآلراء النقدية مستعرضاً قدرته على اإلبداع الفين‪ ،‬شاعراً‬
‫وخطيباً وناقداً‪ ،‬بأسلوب ميزج فيه بني اجلد واهلزل والسخرية‪ ،‬حيث خيرج كثريا –كما يرى إحسان‬
‫عباس– عن حدود الناقد النزيه إىل السخرية والذم‪ 49،‬قاصداً الطعن على منافسيه من الوزراء واألدباء‬
‫وأهل السياسة والقلم‪ ،‬مث منافحته عن أدبه بالرد على غمزات نقاده‪ ،‬مث إظهار حماسنه وفضائله يف‬
‫‪31‬‬
‫يرد النقاد دوافع كتابة هذه الرسالة إىل ما كان يلقاه ابن شهيد من أدباء‬
‫املتقدمني واملتأخرين‪ .‬ولذلك‪ّ ،‬‬
‫يلق ما يستحق من التكرمي‪ ،‬ومل يُق ّدر أدبه بينهم حق قدره‪ ،‬بل كان هدفاً للطعن عليه والنيل‬
‫زمانه‪ ،‬فلم َ‬
‫منه‪ ،‬فأراد أن مينح نفسه حقها وأن ينال من الذين أمهلوا ذكره‪ ،‬حقداً وحسداً‪ ،‬فراح يلتمس التقدير يف‬
‫دنيا اخليال أو يف عامل اجلن‪ ،‬وحرص هنالك على أن ُجياز من كل شاعر فحل‪ ،‬ومن كل كاتب م ْذره‪،‬‬
‫وصنّفت هذه الرسالة على أهنا قصة طويلة‪ ،‬استطاع صاحب الذخرية أن حيفظ لنا طرفاً منها يصلح يف‬ ‫ُ‬
‫حد ذاته ألن يكون قصة مكتملة رغم اجتزائه‪ ،‬فكانت يف املقدمة من ألوان األدب اإلمتاعي األندلسي‬
‫‪35‬‬
‫خاصة والعريب عامة‪.‬‬

‫العدد األول‬ ‫‪538‬‬


‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع"‬

‫وجه ابن شهيد رسالته إىل صديقه أيب بكر بن حزم‪ ،‬ليعرض فيها أروع إنتاجه ويتهكم مبن كان‬
‫ّ‬
‫‪34‬‬
‫وصور فيها رحلته اخليالية إىل عامل اجلن عن طريق جين امسه زهري بن منري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يكايده من أهل قرطبة‪،‬‬
‫ولقاءه هناك بتوابع الشعراء والكتّاب وزوابعهم‪ ،‬فالتقى أصحاب امرئ القيس وطرفة بن العبد وقيس بن‬
‫اخلطيم‪ ،‬وغريهم من شعراء اجلاهلية‪ ،‬كما التقى أصحاب بعض الشعراء العباسيني مثل البحرتي وأيب متام‬
‫حتول إىل‬
‫وأيب نواس‪ ،‬وصاحب املتنيب‪ ،‬فتناشدوا الشعر‪ ،‬وخرج من كل لقاء بشهادة اإلجازة والتفوق‪ ،‬مث ّ‬
‫مقابلة توابع الكتّاب مثل اجلاحظ وعبد احلميد الكاتب وبديع الزمان‪ ،‬وأخذ يدفع عن نفسه وعن أدبه‬
‫التهم ويشتكي أهل عصره‪ ،‬وتنتهي تلك اللقاءات بإجازته شاعراً وخطيباً‪ ،‬مث حيضر ابن شهيد جملس‬
‫نقد لنقاد اجلن‪ ،‬ويدور احلديث حول عدة قضايا‪ ،‬ويف ختام الرحلة يلتقي يف نادي احلمري اجلين األديب‬
‫ببغلة أديبة ناقدة‪ ،‬هي بغلة أيب عيسى‪ ،‬وحيتكم إليها يف شعر لبغل وآخر حلمار‪ ،‬وتعرتضه أوزة عاقلة‬
‫ألحد الشيوخ حياورها يف الشعر واخلطابة‪ ،‬وينتصر عليها‪.‬‬
‫وبني موقفه‬
‫وقد اتضح يف ثين الرسالة‪ ،‬أ ّن هناك عدداً من القضايا النقدية‪ ،‬عرض هلا ابن شهيد ّ‬
‫منها‪ ،‬وإن كان العنصر النقدي فيها –كما يرى إحسان عباس– (حمدود ال يتع ّدى جمال ما استحسنه‬
‫ابن شهيد من شعر هذا الشاعر أو ذاك‪ ...‬ويقارن بني بعض املعاين املتشاهبة عند الشعراء)‪ 33.‬وعلى‬
‫الرغم من أن هذه القضايا مل تكن جديدة على الساحة النقدية األندلسية واملشرقية‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫إمجاع النقاد على أن هذه الرسالة‪ ،‬وغريها من الرسائل األندلسية‪ ،‬كانت صدى لتأثري الرسائل املشرقية‪،‬‬
‫فإن ابن شهيد كانت له آراؤه اخلاصة فيها‪ ،‬سيما وأنه مل يرتك قضية من قضايا النقد األديب العريب يف‬
‫عصره‪ ،‬تقريباً‪ ،‬إال أثارها يف رسالته‪ ،‬وكان له فيها رأي‪ .‬ومن هذه القضايا‪:‬‬
‫‪-‬اإلبداع واإللهام‪:‬‬
‫تضمنة يف عنواهنا (التوابع والزوابع) ‪ ،‬وتدور حول‬
‫لعل القضية األوىل اليت تواجهنا يف رسالة ابن شهيد ُم َّ‬
‫‪31‬‬
‫الفين‪ 32.‬والتوابع‪ :‬مجع تابع وتابعة‪ ،‬وهي (الرئي من اجلن‪ ،‬جنيّة تتبع اإلنسان)‪،‬‬
‫مفهوم اإلهلام واإلبداع ّ‬
‫والزوابع‪ :‬مجع زوبعة‪ ،‬وهي (اسم شيطان مارد أو رئيس من رؤساء اجلن)‪ 31،‬ورمبا كان اختيار ابن شهيد‬
‫فسر هبا فكرة اإلهلام أو حلظة‬
‫هلذا العنوان يشي مبوقفه حيال هذه القضية‪ ،‬القدمية احلديثة‪ ،‬اليت كانت تُ َّ‬
‫اإلبداع‪.‬‬
‫إن فكرة شياطني الشعر وعالقة الشعراء باجلن قدمية‪ ،‬وقد استفاض احلديث فيها يف الثقافة‬
‫وفهم بواعث اإلبداع‪،‬‬
‫العربية‪ ،‬فهي الرمز األسطوري الذي حاول به العرب تفسري عملية اخللق الفين ْ‬
‫وذلك الغموض الذي يكتنف شخصية الفنان‪ ،‬وما يتمتع به من قدرة خارقة على اإلبداع‪ُ ،‬خيّل إليهم‬
‫أهنا ال ميكن أن تكون من صنع البشر‪ ،‬األمر الذي ّأدى إىل افرتاض وجود قوى روحية غريبة توحي‬
‫إليهم‪ 37.‬ولذلك‪ ،‬ارتبطت عملية اإلبداع عند الشاعر باجلنون‪ ،‬ولعل ذلك يرتد إىل أ ّن يف كلمة اجلنون‬
‫‪539‬‬ ‫يونيو ‪4152‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫نفسها‪ ،‬إن كانت تعين املالئكة والشياطني‪ ،‬ما يشري إىل اإلحساس بالغموض‪ ،‬إذ هي من االجتنان أي‬
‫‪38‬‬
‫التسرت واخلفاء‪.‬‬
‫وقد شاعت فكرة اإلهلام القائمة على هذا التفسري اخلرايف ‪-‬الذي جيعل لكل شاعر شيطاناً يوحي‬
‫إليه‪ -‬بني العرب منذ القدم‪ ،‬وقد ساعد على ذلك الشعراء أنفسهم‪ ،‬حني أكدوا هذا الزعم بأشعارهم‪،‬‬
‫وباإلشارة إىل أمساء شياطينهم‪ ،‬من ذلك قول الشاعر أيب النجم الراجز‪:‬‬
‫‪39‬‬
‫شـيطانه أنثى وشـيطاين ذكـر‬ ‫إنـي وكل شـاعر من البشـر‬

‫استقر عند العرب من معتقدات وأساطري وخرافات‬


‫وردها إىل ما ّ‬‫فسر اجلاحظ هذه الظاهرة ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫تصورها هلم‬
‫شّت‪ ،‬ومن مثّ تصديق الناس لظاهرة شياطني الشعر‪ ،‬اليت ّ‬
‫حول ظهور اجلن ومتثّلها هلم بصور ّ‬
‫أوهامهم ومعتقداهتم اخلرافية‪ 21،‬األمر الذي يؤدي إىل سقوط فكرة شياطني الشعراء من اعتبارات النقاد‬
‫يف تفسري العالقة بني اإلهلام وقدرة الشاعرعلى اإلبداع‪ .‬غري أ ّن هذه القضية ظلت مثار جدل النقاد يف‬
‫خمتلف العصور األدبية وعند أصحاب النظريات املختلفة‪ ،‬مثل نظرية اإلنتاج األديب احلديثة‪ ،‬اليت رفض‬
‫يرد اإلنشاء األديب إىل عامل الغيب وجيعله وحياً ينزل على‬
‫أصحاهبا مفهوم اخللق ألنه م ْشبع بالقداسة‪ّ ،‬‬
‫‪25‬‬
‫بعض األصفياء من بين البشر‪.‬‬
‫وكما يبدو جلياً‪ ،‬فإن اختيار ابن شهيد هذا العنوان لرسالته يأيت انسجاماً مع اإلطار الفين الذي‬
‫اختاره هلا‪ ،‬وهو هذه الرحلة اخليالية إىل عامل اجلن‪ ،‬ليكون يف ذلك نوع من اإلثارة والتشويق‪ ،‬حياول به‬
‫أن ُحيرز قصب السبق هبذا ا ألسلوب اجلديد الذي قد يكون استوحاه من قصة اإلسراء واملعراج‪ .‬واعتمد‬
‫فكرة شياطني الشعراء‪ ،‬رغبة منه يف إبراز قدرته على اإلبداع‪ ،‬وإلضفاء هالة من التعظيم على نفسه‪،‬‬
‫وتفوق عليهم‪.‬‬
‫يدفعه إعجاب غري حمدود بنفسه وبفنّه حيث التقى بشياطني صفوة شعراء وكتّاب العربية ّ‬
‫ولعل فيما أجراه ابن شهيد على لسان صاحبه أيب بكر يف بداية الرسالة ما يؤكد إعجابه بنفسه‪ ،‬واحلرص‬
‫‪24‬‬
‫فاساقط‬
‫وهز جبذع خنلة الكالم ّ‬ ‫فقلت‪ :‬كيف أُويت احلكم صبيّا‪َّ ،‬‬ ‫على إظهار تفوقه وفضله‪ .‬يقول‪َ ( :‬‬
‫عليه رطباً جنيّاً ؛ ّأما إن به شيطاناً يهديه‪ ،‬وشيصباناً يأتيه! وأقسم أ ّن له تابعة تنجده وزابعة تؤيده‪ ،‬ليس‬
‫‪23‬‬
‫هذا يف قدرة اإلنس وال هذا النّـ َفس هلذه النّـ ْفس‪.)...‬‬
‫ولعل قضية البيان وكيف يتأتى لإلنسان‪ ،‬هل هو مكتسب أم موهبة من اهلل تعاىل‪ ،‬كانت من‬
‫القضايا اليت كان البن شهيد سهم فيها يف رسالته؛ فهو يرى أن البيان موهبة من اهلل تعاىل‪ ،‬وال يُكتسب‬
‫اكتساباً عن طريق الدرس واملذاكرة‪ ،‬أو عن طريق املعلمني أو املؤدبني‪ ،‬حيث يرى أن ال دخل هلم فيه‪،‬‬
‫يقول‪( :‬قلت‪ :‬ليس هو من شأهنم‪ ،‬إمنا هو من تعليم اهلل تعاىل‪ .‬حيث قال‪( :‬الرمحن علّم القرآن‪ ،‬خلق‬
‫‪22‬‬
‫اإلنسان علّمه البيان)‪.‬‬

‫العدد األول‬ ‫‪521‬‬


‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع"‬

‫فالبيان عند ابن شهيد موهبة من اهلل تعاىل واألدب يصدر عنه‪ ،‬وهو طبع يف النفس ال يكتسب‬
‫اكتساباً‪ ،‬وإن زعم –أحيانا– أ ّن البيان قد يُعلَّم مع صعوبة ذلك‪ ،‬وح ّد ذلك عنده الطبع‪ 21.‬وال قيمة‬
‫كسر‪.‬‬ ‫للعمل اإلبداعي بدونه‪ ،‬يقول يف حواره مع صاحب أيب القاسم‪( :‬ليس من شعر يـُ َف َّسر وال ٍ‬
‫أرض تُ َّ‬
‫كالمك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك من أنفاسك‪ ،‬والعنرب من أنْقاسك‪ ،‬وحّت يكون مساقُك عذباً و ُ‬ ‫هيهات‪ ،‬حّت يكون املس ُ‬
‫رطْباً‪ ،‬ونـَ َف ُسك من ن ْف ِسك وقليبُك من قلبك‪ ،‬وحّت تتناول الوضيع فرتفعه‪ ،‬والرفيع فتضعه‪ ،‬والقبيح‬
‫‪21‬‬
‫فتحسنه)‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومل خيرج ابن شهيد عن مفهوم املوهبة عند من سبقه من النقاد‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬وكان مدركاً لطبيعتها‬
‫وألمهيتها يف العمل اإلبداعي؛ فقد أمجع النقاد‪ ،‬قدمياً وحديثاً‪ ،‬على ضرورة توافر املوهبة والطبع يف العمل‬
‫اإلبداعي‪ ،‬وركزوا على أثرها يف حتديد قيمة األثر الفين ‪-‬كما هو عند إليوت‪ 27،-‬واستقر رأيهم على أ ّن‬
‫املطبوعني هم املقتدرون على القول دون معاناة‪ .‬غري أهنم أدركوا أن الطبع وحده ال يكفي خللق الفنان‬
‫أو األديب‪ .‬لذلك رأوا أنه ال ب ّد من التفاعل بني الطبيعة والصناعة الفنية ‪-‬البعيدة عن التكلف‪ -‬وبني‬
‫يذمونه هو‬
‫عفو البديهة وك ّد الرويّة‪ ،‬وهم على الرغم من إقرارهم هذا جلانب الصنعة يف اإلبداع‪ ،‬فإن ما ّ‬
‫‪28‬‬
‫طغيان الصنعة إىل حد تصبح فيه هي الغاية‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬جند ابن شهيد يُعلي من شأن املوهبة ويُقدِّمها على العلم يف عملية اإلبداع الفين‪ ،‬غري‬
‫أنّه‪ ،‬على الرغم من ذلك‪ ،‬كان ال يرى االعتماد على املوهبة حسب‪ ،‬إمنا يرى ‪-‬إىل ذلك‪ -‬ضرورة‬
‫صقلها باالطالع على الثقافات املتنوعة‪ ،‬والدرس حبفظ الغريب وإجادة النحو‪ .‬وهو ما يسميه النقد‬
‫املعاصر بأسس العمل األديب‪ 29،‬يتضح ذلك يف حواره مع األوزة األديبة‪ ،‬حيث يقول على لساهنا‪( :‬وأنا‬
‫‪11‬‬
‫إمنا أردت بذلك إحسان النحو والغريب اللذين مها أصل الكالم ومادة البيان)‪.‬‬
‫ولعل حوار ابن شهيد مع تابع أيب القاسم اإلفليلي خري ما يوضح رأيه يف قضية املوهبة واملؤدبني‪،‬‬
‫كمغن وسط ال ُحيسن فيُطرب وال‬
‫ّ‬ ‫يقول‪( :‬فقال يل‪ :‬دع عنك أنا أبو البيان‪ ،‬قلت اله اهلل! إمنا أنت‬
‫قلت‪ :‬ليس هو من شأهنم)‪ 15.‬فخصومة ابن شهيد للمعلمني‬ ‫يُسيء فيُلهي‪ .‬قال‪ :‬لقد علّمنيه املؤدبون‪ُ ،‬‬
‫واملؤدبني كانت تدور حول مفهومه لدور املوهبة والتعلم يف اإلبداع الفين‪ ،‬إذ إن اخلصومة بينه وبينهم‬
‫‪14‬‬
‫فأحب أن يبني هلم بُعد ما بني املوهبة واالكتساب‪،‬‬
‫َّ‬ ‫تدور يف دعاواهم بأهنم يستطيعون تعليم البيان‪،‬‬
‫وأن املعلمني قد وقفت هبم صنعتهم اليت تقوم على احلفظ واللغة دون اإلبداع‪ ،‬يف مرتبة وسطى دون‬
‫اإلحسان ودون اإلساءة‪ ،‬وما ذاك إال ألهنم يفتقدون املوهبة الفطرية يف أدهبم ونقدهم‪ 13،‬وأضاف‬
‫القول بأهنم ال حيسنون الكتابة والشعر لضعف روحانياهتم وسوء فهمهم وغالظة أكبادهم‪ 12،‬ولذلك‪،‬‬
‫‪11‬‬
‫شر الكتّاب عنده من ميرون على القراء فال يكون هلم قادح وال مادح وال عدو وال صديق‪.‬‬
‫فإن ّ‬

‫‪525‬‬ ‫يونيو ‪4152‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫ولعل اعتداد ابن شهيد بشخصيّته وبذكائه وعلو منزلته هو سبب هذه اخلصومة وهذا املوقف من‬
‫شن‬
‫املعلمني‪ ،‬يقول‪( :‬وقليل االلتماح من النظر يزيدين‪ ،‬ويسري املطالعة من الكتب يُفيدين‪ ،‬إذ صادف ّ‬
‫العلم طبقة)‪ 11،‬مؤكداً بذلك موهبته وجريان طبعه‪ .‬ويؤكد إحسان عباس ذلك بقوله‪( :‬وكان إعجابه‬
‫‪17‬‬
‫بذاته قد وضعه موضع من ينظر إىل اللغويني من عل)‪.‬‬
‫رد هذه اخلصومة وهذا التحامل إىل إميان ابن شهيد بأن اإلبداع الفين فطرة من اهلل تعاىل‪،‬‬
‫وميكن ّ‬
‫وأن املوهبة هي األساس يف العمل األديب‪ ،‬وبدوهنا ال ميكن أن يق ّدم أدباً ذا قيمة مهما حاول أن يستويف‬
‫‪18‬‬
‫مسائل النحو وحفظ الغريب‪.‬‬
‫ويؤكد ابن شهيد أن األديب مهما بلغت عنده قوة املوهبة الفنية‪ ،‬ال ميكن له أن يستغين عن‬
‫التزود بالثقافة األدبية واللغوية‪ ،‬حّت يصقل موهبته اليت هي من شروط اإلبداع الفين‪ ،‬ويتضح ذلك من‬ ‫ّ‬
‫ورجح منزلة املوهبة شرطاً‬
‫خالل مناقشته ألنف الناقة شيطان اإلفليلي‪ ،‬اليت عرض فيها لثقافة األديب ّ‬
‫لإلبداع الفين‪ .‬ولعل آراء ابن شهيد يف الطبع واملوهبة املؤيدة بالثقافة اللغوية والنحوية واألدبية‪ ،‬ليست‬
‫جديدة علينا‪ ،‬لكن تفسري الطبع بأنه غلبة النفس على اجلسم مل يرد عند املشارقة‪ ،‬ويرد إحسان عباس‬
‫‪19‬‬
‫ذلك إىل أنه رمبا كان من أثر ابن حزم صديقه‪.‬‬

‫‪ -‬النظم والنثر‪:‬‬
‫من القضايا اليت أثارها ابن شهيد يف رسالته‪ ،‬قضية النظم والنثر‪ .‬وهي قضية جتريدية‪ ،‬أثارت كثرياً من‬
‫اجلدل بني النقاد يف القرنني الثالث والرابع اهلجريني‪ ،‬وهي مشكلة نبعت من فكرة الصدق والكذب يف‬
‫الفكر الفلسفي الذي يقول بصدق اخلطابة وكذب الشعر‪ ،‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬ذهب كل فريق حيتج لرأيه‬
‫يف أيهما أفضل الشعر أم النثر حيث يؤكد معظم الباحثني املعاصرين أن التصور العريب القدمي لألدب قام‬
‫‪11‬‬
‫على هذا التصنيف الثنائي‪.‬‬
‫لقد ذهب املرزوقي إىل أن النثر أفضل من الشعر‪ ،‬مستدالً على ذلك بعدة أمور‪ ،‬لعل أوجهها أن‬
‫إعجاز القرآن مل يقع بالنظم‪ ،‬وهلذا كان النثر أوقع شأناً من الشعر‪ ،‬ومن مثّ تأخرت مرتبة الشعراء عن‬
‫الكتّاب‪ ،‬ويرى أنه بسبب اختالف املبنيني‪ -‬مبىن الشعر ومبىن النثر‪ ،‬كان من الصعب على املرء أن‬
‫‪15‬‬
‫جيمع وحيسن بينهما بالتساوي‪ ،‬أي أن يكون شاعراً كاتباً‪.‬‬
‫ورد حجج املرزوقي مبيناً أن جميء القرآن الكرمي منثوراً‬ ‫فضل ابن رشيق الشعر على النثر‪ّ ،‬‬ ‫بينما ّ‬
‫أظهر يف اإلعجاز لقوم شعراء‪ ،‬وأعجز اخلطباء وليس خبطبة‪ ،‬واملرتسلني وليس برتسل‪ ،‬وأن العرب حني‬
‫وبني جالل الشعر يف رفع الوضيع ووضع‬
‫حاروا يف أمره مسّوه شعراً ملا يف قلوهبم من هيبة الشعر وفخامته‪ّ ،‬‬
‫‪14‬‬
‫الشريف‪.‬‬

‫العدد األول‬ ‫‪524‬‬


‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع"‬

‫غري أن هذه القضية مل تتخذ يف األندلس األبعاد نفسها‪ ،‬واحل ّدة اليت كانت هلا يف املشرق؛‬
‫لذلك‪ ،‬جاء حبث ابن شهيد يف هذه القضية ليس من باب املفاضلة بني األجناس‪ ،‬بل من باب إبراز‬
‫تفوقه وفضله على خصومه‪ ،‬بصفته جامعاً حمسناً للفنّني معاً‪ .‬إذ كان اهتمامه بالشعر ال يقل عن‬
‫اهتمامه بالنثر‪ ،‬يتضح ذلك يف قوله‪( :‬تذاكرت يوماً مع زهري بن منري أخبار اخلطباء والشعراء‪ ...‬فقال‬
‫يل‪ :‬حللت أرض اجلن أبا عامر فبمن تريد أن تبدأ؟ فقلت‪ :‬اخلطباء أوىل بالتقدمي‪ ،‬لكين إىل الشعراء‬
‫أشوق)‪ 13.‬ويبدو أن تقدمي ابن شهيد للخطباء كان من باب متكنه بالنثر وإجادته له وإبداعه فيه أكثر‬
‫من متكنه بالشعر فاخلطباء عنده أوىل بالتقدمي‪ ،‬وهم عنده فرسان الكالم‪ ،‬لذلك جنده ينتزع إجازة‬
‫الشاعرية من الشعراء‪ ،‬ليثبت تفوقه‪ ،‬يف حني جند الكتّاب يعرتفون له بالفضل يف اخلطابة مسبقاً‪.‬‬
‫بالتفوق واإلعجاب بفنه حيث يقول‪( :‬إنك‬ ‫ففي لقائه مع صاحب اجلاحظ عتبة بن أرقم‪ ،‬أقر له ّ‬
‫‪12‬‬
‫أقر له اجلاهلي واحملدث حني أنشدهم شعره‪ ،‬من ذلك قوله‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد‬ ‫هذا‬ ‫خلطيب وحائك للكالم جميد)‪.‬‬
‫ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدارهتا األوىل ُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـي فناءه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫خليل ـ ـ ـ ـ ّـي عوج ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ــارك اهلل فيكم ـ ـ ـ ــا‬
‫‪ ...‬إىل آخر األبيات‪ ،‬فشهد له ابو اخلطّار صاحب قيس بن اخلطيم وأجازه بقوله ‪ :‬لنعم ما ختلّصت‪:‬‬
‫‪11‬‬
‫إذهب فقد أجزتك‪.‬‬
‫بالتفوق وإجازته حيث أنشد‪:‬‬ ‫ومنه أيضا شهادة حسني الدنان صاحب أيب نواس له ّ‬
‫ـت بص ـ ــفو مخـ ـ ــوره‬
‫مخ ـ ــر الص ـ ــبا مزج ـ ـ ْ‬ ‫أدرت ب ـ ـ ـ ـ ــديره‬ ‫ٍ‬
‫ـرب ح ـ ـ ـ ـ ــان ق ـ ـ ـ ـ ــد ُ‬
‫ول ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫‪11‬‬
‫‪ ...‬إىل آخر األبيات‪.‬‬
‫وهو عندما حيوز على إعجاب النقاد بالشهادة له بالتفوق يف الشعر قدر تفوقه يف النثر‪ ،‬يتيه‬
‫عجباً بنفسه وال يعود يكرتث بأيهما يُقدَّم‪ ،‬يف الشعر أو يف اخلطابة‪ ،‬فنجده يقول على لسان عتبة بن‬
‫بعربة‪ .‬وما‬
‫حرية ‪ ،‬وتفتق أمساعنا منك ْ‬ ‫لنخبِطُ منك ببيداء ْ‬
‫أرقم وأيب ُه ْبرية صاحب عبد احلميد‪( :‬إنّا ْ‬
‫فقلت‪ :‬اإلنصاف أوىل‪ ،‬والصدع باحلق أحجى‪ ،‬وال ب ّد من قضاء‪.‬‬ ‫ندري أنقول‪ :‬شاعر أم خطيب؟ ُ‬
‫‪17‬‬
‫فقاال‪ :‬اذهب فإنك شاعر خطيب)‪.‬‬
‫ويرى ابن شهيد أ ّن حسن الديباجة واجلوهر يف عملية النظم والتأليف تقوم على حسن استعمال‬
‫ما بني احلروف والكلمات من قرابة‪ ،‬وقدرة األديب على تركيب صور الكالم‪ ،‬ووضع الغريب يف موضعه‬
‫الالئق به‪ 18.‬يقول‪( :‬إ ّن للحروف أنسابا وقر ٍ‬
‫ابات تبدو يف الكلمات‪ ،‬فإذا جاور النسيب النسيب‪،‬‬
‫ومازج القريب القريب‪ ،‬طابت األلفة وحسنت الصحبة‪ ،‬وإذا ُرّكبت صور الكالم من تلك‪ ،‬حسنت‬
‫ست قوانني من الكالم‪ ،‬من طلب هبا‬ ‫ِ‬
‫املناظر وطابت املخابر‪ ...‬وللعذوبة إذا طُلبت والفصاحة إذا التُم ْ‬
‫أدرك ومن نكب عنها قصر‪ ...‬وكما ختتار مليح اللفظ ورشيق الكالم‪ ،‬فكذلك جيب أن ختتار مليح‬
‫‪19‬‬
‫النحو وفصيح الغريب‪ ،‬وهترب عن قبيحه)‪.‬‬

‫‪523‬‬ ‫يونيو ‪4152‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫لذلك‪ ،‬يعيب ابن شهيد على الناثرين من أهل زمانه‪ ،‬ويعترب أ ّن كالمهم (ليس لسيبويه فيه عمل‪،‬‬
‫وال للفراهيدي إليه طريق‪ ،‬وال للبيان عليه مسة)‪ 71.‬ويسخر كذلك ممن يتّهمه بِقلّة االطّالع‪ ،‬ويتح ّداهم‬
‫‪75‬‬
‫وبني أ ّن (إصابة البيان ال يقوم هبا حفظ‬
‫بنثره يف مثل وصف الربغوث والثعلب‪ ،‬فاستحسنوا منه ذلك‪ّ .‬‬
‫‪74‬‬
‫كثري الغريب واستيفاء مسائل النحو‪ ،‬وإمنا يقوم هبا الطبع مع وزنه من هذين‪ :‬النحو والغريب)‪.‬‬
‫يتّضح من ذلك‪ ،‬أ ّن ابن شهيد يف مالحظاته ال يشري إىل اخلصائص واألسس الفنية اليت يراها لكل‬
‫ومفصل‪ ،‬بل يعتمد اإلشارة السريعة أو املالحظة اليسرية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫جنس أديب‪ ،‬شعراً كان أم نثراً‪ ،‬بشكل دقيق‬
‫وذلك ال يؤصل لقاعدة نقدية أو مجالية يف تفكريه النقدي‪ ،‬وقد يعود ذلك إىل أ ّن نقده مل يكن حصيلة‬
‫تأمل طويل ودقيق يف هذه املسائل‪ ،‬ورمبا انصرف مهّه إىل اهلدف الذي من أجله ألّف الرسالة‪ ،‬وهو إبراز‬
‫تفوقه والنّيل من خصومه‪.‬‬

‫‪ -‬القديم والمحدث‪:‬‬
‫من القضايا النقدية اليت شغلت حيزاً من ساحة النقد األديب العريب القدمي قضيّة القدمي واحملدث‪ ،‬ويُعد‬
‫الصراع الذي دار حوهلا سبباً من أسباب خصب هذا النقد وحيويته‪ .‬وكان استعمال الناقد القدمي‬
‫ملصطلح (احملدث) قد اقرتن بالزمن‪ ،‬أي أن احملدث هو (املعاصر)‪ ،‬مث إن ح ّد التوليد واإلحداث كان‬
‫متعلقاً حب ّد السابق القدمي‪ ،‬فليس احملدث أو املولد جمرد ظاهرة زمنيّة‪ ،‬وإمنا هو ما وقعت الزيادة واإلضافة‬
‫فيه‪ 73.‬فقد كان مصطلح (احملدث) موضع نظر عند النقاد العرب القدامى‪ ،‬وهو مصطلح نسيب‪ ،‬إذ إن‬
‫كل قدمي من الشعراء هو حمدث يف عصره‪ ،‬ولكل عصر حداثته‪ ،‬وكل حداثة صائرة إىل هنايتها لتصبح‬
‫قدمياً‪.‬‬
‫وقد شهدت ساحة النقد العريب القدمي مواقف خمتلفة للنقاد حول هذه القضية‪ ،‬فمنهم من‬
‫تعصب للقدمي و ّاختذ من شعر األوائل منوذجاً ومقياساً للجودة الفنية‪ ،‬ورأى أنه األصل وما جاء بعده‬
‫ّ‬
‫فرعاً عليه‪ ،‬كما نرى يف قول ابن رشيق‪ ( :‬وإمنا مثل القدماء واحملدثني كمثل رجلني‪ :‬ابتدأ هذا بناء‬
‫فأحكمه وأتقنه‪ ،‬مث أتى اآلخر فنقشه وزيّنه‪ ،‬والكلفة ظاهرة على هذا‪ ،‬وإن حسن‪ ،‬والقدرة ظاهرة على‬
‫ذلك‪ ،‬وإن خشن)‪ 72،‬ومنهم من ّاختذ موقفاً توفيقياً بني القدمي واحملدث من الشعر‪ ،‬ورأى أن اجلودة هي‬
‫للقدم أو احلداثة‪ ،‬مثل املربد‪ ،‬واجلاحظ الذي ُع ّد أشجع التوفيقيني عامة‪،‬‬‫مقياس الشعر‪ ،‬دون اعتبار ِ‬
‫‪71‬‬
‫ضل قصيدة أليب نواس على قصيدة للمهلهل يف الشاعرية‪.‬‬ ‫حني ذهب يف ّ‬
‫كذلك‪ ،‬نظر ابن قتيبة بعني العدل إىل الفريقني فيما اختاره من شعر كل شاعر يف طبقاته‪ .‬فلم‬
‫ُجي ّل املتقدم من الشعراء لتقدمه‪ ،‬ومل حيتقر املتأخرمنهم لتأخره‪ ،‬إذ إ ّن قضية القدمي واحملدث يف الفن مل‬
‫تكن مقياسا للجودة عنده‪ .‬يتضح ذلك يف قوله‪( :‬ومل يقصر اهلل العلم والشعر والبالغة على زمن دون‬

‫العدد األول‬ ‫‪522‬‬


‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع"‬

‫خص به قوما دون قوم‪ ،‬بل جعل ذلك مشرتكا مقسوما بني عباده يف كل دهر‪ ،‬وجعل كل قدمي‬
‫زمن وال ّ‬
‫‪71‬‬
‫حديثا يف عصره وكل شرف خارجيّة يف أوله)‪.‬‬
‫ويبدو أن ابن شهيد كان من أصحاب النظرة التوفيقية بني القدمي واحملدث من الشعر‪ ،‬وهي نزعة‬
‫غلبت على النقد يف األندلس‪ ،‬حيث كان تعايش القدمي واحملدث مسة من مسات الشعر األندلسي‪ .‬فلم‬
‫يتعصب ابن شهيد لقدمي من باب احملافظة‪ ،‬وال حملدث من باب املعاصرة‪ ،‬بل كان يعجبه مجال العمل‬
‫األديب الفين وتأثريه يف النفس دون النظر إىل قِدمه أو حداثته‪ ،‬ويتضح ذلك يف حماورته لعتيبة بن نوفل‬
‫تابع الشاعر القدمي امرئ القيس‪ ،‬حيث يقول‪( :‬فقال يل انشد‪ ،‬فقلت السيد أوىل باإلنشاد‪ ...‬مث رَكزها‬
‫وجعل ينشد‪:‬‬
‫شوق بعدما كان أقصرا‪...‬‬
‫مسا لك ٌ‬

‫َّت قوى نفسي وأنشدت‪:‬‬ ‫حّت أكملها مث قال يل‪ِ :‬‬


‫فهممت باحليصة مث اشتد ْ‬
‫ُ‬ ‫أنشد؛‬
‫شجْته ٍ‬
‫مغان من ُس ْليمى و ْأدؤر‬ ‫ُ‬
‫‪77‬‬
‫‪ ...‬إىل آخر األبيات)‪.‬‬
‫إن تقدمي ابن شهيد لتابع امرئ القيس دليل على إعجابه بشعر الشاعر وتقدميه له‪ ،‬ويبدو أن‬
‫هذا اإلعجاب ناجم عن شدة تأثري شعر امرئ القيس يف نفسه‪ ،‬حّت إنه مل يستطع الصمود أمامه‬
‫وحدثته نفسه باالهنزام واهلرب‪ ،‬وال خيفى يف هذا ما أراد ابن شهيد التعبري عنه‪ ،‬وكذلك جرى مع تابع‬
‫طرفة‪.‬‬
‫عرب ابن شهيد يف حماورته مع عتّاب بن جبناء تابع أيب متّام عن إعجابه وإجالله‬
‫وإىل ذلك‪ ،‬فقد ّ‬
‫له‪ ،‬وهو شاعر حمدث‪ ،‬حيث يقول‪( :‬فقلت‪ :‬وما الذي أسكنك قعر هذه العني يا عتاب؟ قال‪ :‬حيائي‬
‫من التحسن باسم الشِّعر وأنا ال أحسنه‪ ،‬فصحت‪ :‬ويلي منه؛ كالم حمدث ورب الكعبة! واستنشدين‬
‫فلم أنشده إجالالً له‪ .‬مث أنشدته‪:‬‬
‫يق‪ ،‬فِراقها‬
‫ظعن الفر ُ‬
‫ت‪ ،‬إذ َ‬
‫أبَ َكْي َ‬
‫‪78‬‬
‫‪ ...‬إىل آخر األبيات)‪.‬‬
‫ويتضح من ذلك أن ابن شهيد مل يتخذ من القدمي أو احملدث مقياساً للشعر‪ ،‬بل كان مقياسه‬
‫مجال الشعر وعذوبته‪ ،‬ومل يكن إعجابه بأيب نواس يقل عن إعجابه بطرفة‪ ،‬وال يقل إكباره للمتنيب عن‬
‫إكباره المرئ القيس‪ ،‬األمر الذي يؤكده عدم اقتصاره يف رحلته على مقابلة تابع وشياطني كتّاب وشعراء‬
‫عصر دون آخر‪ ،‬ألنه كما قال خريوش‪( :‬فهو يستجيب للجمال الفين الصادر عن طبع روحاين صاف‪،‬‬
‫‪79‬‬
‫ولكنّه ال يقلل من قيمة املعىن أو أثر العاطفة يف جمال اإلبداع)‪.‬‬

‫‪521‬‬ ‫يونيو ‪4152‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫ويتضح من ذلك أيضا‪ ،‬قبول ابن شهيد فكرة اختالف الذوق واألسلوب باختالف العصور‬
‫واألمم‪ ،‬يقول ‪( :‬وكما أ ّن لكل مقام مقاال‪ ،‬فكذلك لكل عصر بيان ولكل دهر كالم‪ ،‬ولكل طائفة من‬
‫هتش لسواه‪ .‬وكما َّ‬
‫أن للدنيا دوال‪،‬‬ ‫األمم املتعاقبة نوع من اخلطابة وضرب من البالغة ال يوافقها غريه‪ ،‬وال ُّ‬
‫‪81‬‬
‫فكذلك للكالم نـُ َق ٌل وتغايـٌُر يف العادة)‪.‬‬

‫‪ -‬المعارضـات‪:‬‬
‫حظيت املعارضة باهتمام كبري يف ساحة النقد األديب‪ ،‬وع ّدها النقاد وسيلة من وسائل النقد وحمكاً‬
‫للجدة وسبيالً إىل الرفض‪ ،‬وهنجاً يف التحدي‪ ،‬ووسيلة للتربيز والتفوق‪ 85.‬وقد بدا اهتمام ابن شهيد هبذا‬
‫الفن واضحاً يف معارضاته لكتّاب املشرق وشعرائه‪ ،‬وخباصة الفحول واملشهورين منهم‪ ،‬فهو يبين قصائده‬
‫على حبور قصائدهم وقوافيها‪ ،‬ويأخذ من معانيها وألفاظها‪ ،‬وحيرص على التفوق عليهم‪.‬‬
‫لقد حرص ابن شهيد على معارضة الكتّاب والشعراء املشارقة‪ ،‬ورمبا كان ذلك بدافع شخصي‪،‬‬
‫هو إثبات التفوق أمام معاصريه وخصومه أو رمبا كان بدافع إثبات الشخصية األندلسية‪ ،‬ووجود األدب‬
‫األندلسي إىل جانب األدب املشرقي‪ .‬فقد سعى ابن شهيد خللق أدب أصيل يكون أندلسياً يف روحه‬
‫‪84‬‬
‫املعارض‪.‬‬
‫وموطنه‪ ،‬وإن كانت املعارضة حتمل ‪-‬ضمناً‪ -‬نوعاً من اإلعجاب واالعرتاف باإلبداع لألدب َ‬
‫وقد رأى ابن شهيد أن التفوق على املعارض هو األساس يف هذا الفن‪ ،‬مع الزيادة يف املعاين بإبداع ٍ‬
‫معان‬ ‫َ‬
‫جديدة‪ .‬لذا وجدناه يعارض مشاهري األدب العريب وعمالقته‪ ،‬فيتفوق وينتصر تارة‪ ،‬ويأخذ بعقوهلم‬
‫ويستويل على إعجاهبم تارة أخرى‪ .‬فقد عارض رائية ابن أيب ربيعة وعارض بائية البحرتي‪ ،‬وعارض املتنيب‬
‫وامرأ القيس وطرفة‪ .‬وأمثال هذه املعارضات وما يشاكلها كثري يف شعر أبن شهيد‪.‬‬
‫ففي معارضته للمتنيب يقول‪( :‬فقال يل فاتك بن الصقعب‪ :‬فهل جاذبت أنت أحداً من الفحول؟‬
‫قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قول أيب الطيب‪:‬‬
‫وأتـ ـ ــرك الغيـ ـ ــث يف غمـ ـ ــدي وأنتج ـ ـ ــع‬ ‫أأخل ـ ـ ــع اجملـ ـ ـ ــد عـ ـ ـ ــن كتفـ ـ ـ ــي وأطلبـ ـ ـ ــه‬
‫قال يل‪ :‬مباذا؟ قلت‪ :‬بقويل‪:‬‬
‫لص ـ ـ ـ ـ ــبا فتح ـ ـ ـ ـ ـ ّدر‬
‫ـزل هب ـ ـ ـ ـ ــا ري ـ ـ ـ ـ ــح ا ّ‬
‫تـ ـ ـ ـ ـ ّ‬ ‫ـرف رأس ـ ــها‬
‫وم ـ ــن قب ـ ــة ال ي ـ ــدرك الط ـ ـ ُ‬
‫‪ ...‬إىل آخر األبيات‪ .‬فقال‪ :‬واهلل لئن كان الغيث أبلغ‪ ،‬فلقد زدت زيادة مليحة طريفة‪ ،‬واخرتعت معاين‬
‫لطيفة"‪ .83‬وقد أجازه اجلميع معجبني بشعره شاهدين له بالتفوق (إما الستحساهنم لفنه أو لتفوقه‬
‫‪82‬‬
‫عليهم كما حال خلياله أن يصور له ذلك اتفوق)‪.‬‬
‫كما حاول ابن شهيد أن يؤكد تفوقه يف جمال النثر‪ ،‬مبعارضة اجلاحظ وعبد احلميد الكاتب وبديع‬
‫الزمان‪ ،‬حيث يقول إنه قابل بأرض اجلن ُزبْدة احلَِقب صاحب بديع الزمان‪ ،‬فقال له‪( :‬يا زبدة احلقب‪،‬‬
‫العدد األول‬ ‫‪521‬‬
‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع"‬

‫اقرتح يل‪ .‬قال‪ :‬صف جارية‪ .‬فوصفتها‪ .‬قال‪ :‬أحسنت ما شئت أن حتسن! قلت‪ :‬امسعين وصفك للماء‪.‬‬
‫قال‪ :‬ذلك من العقم‪ ...‬فقلت انظره يا سيدي‪ ،‬كأنه عصري صباح‪ ،‬أو ذوب قمر لياح‪ ...‬فلما انتهيت‬
‫‪81‬‬
‫يف الصفة‪ ،‬ضرب زبدة احلقب األرض برجله‪ ،‬فانفرجت له عن مثل برهوت‪ ،‬وتدهدى إليها‪.)...‬‬
‫وهكذا كان يرد على صاحب اجلاحظ بكالم على طريقة اجلاحظ ‪ ،‬وعلى صاحب عبد احلميد بكالم‬
‫مياثل ب ه طريقة عبد احلميد‪ ،‬من ذلك رسالته يف احللواء حيث استحسنا سجعه فيها‪( ،‬وقاال‪ :‬إ ّن‬
‫‪81‬‬
‫لسجعك موضعا من القلب‪ ،‬ومكانا من النفس وقد أعرتَه من طبعك وحالوة لفظك‪.)...‬‬
‫هكذا‪ ،‬يرى ابن شهيد يف املعارضة سبيال ملبارزة الشعراء واألدباء‪ ،‬ونوعا من إثبات الذات والقدرة‬
‫على اإلبداع‪.‬‬

‫‪ -‬الموازنـة‪:‬‬
‫من قضايا النقد العريب القدمي املوازنة‪ ،‬حيث دعت إليها احلاجة لالرتفاع عن سذاجة النقد القائم على‬
‫املفاضلة‪ ،‬وحلسم الصراع الدائر بني املتطرفني يف املفاضلة بني الشعراء‪ .‬وكان البن شهيد رأي يف هذه‬
‫القضية النقدية‪ ،‬اليت كثر احلديث فيها يف ذلك العصر‪ ،‬وخباصة عند املشارقة‪ ،‬حيث عرض هلا يف‬
‫رسالته‪ ،‬حماوالً إثبات فضل الشعر األندلسي على الشعر املشرقي‪ ،‬وفضله هو على غريه من الشعراء‬
‫املعاصرين والسابقني‪.‬‬
‫وميكن القول إن رسالة ابن شهيد ‪-‬بشكل عام‪ -‬تقوم على املوازنة واملفاضلة‪ ،‬إذ إن موازنته مل‬
‫ختل من املفاضلة‪ ،‬وذلك امليل الشرس‪ ،‬يف كثري من األحيان‪ ،‬إىل إظهار تفوقه على الشعراء من خمتلف‬
‫ُ‬
‫العصور‪ .‬فقد عُقد جملس أدب جملموعة من نقاد اجلن‪ ،‬ذُكر فيه بعض أعالم الشعراء من اجلاهليني‬
‫واإلسالميني والعباسيني‪ ،‬وكانت جلسة موازنة يعرضون فيها ألقواهلم يف مقام وصف الطيور‪ ،‬فيمن زاد‬
‫قصر‪ ،‬ليحسم يف هناية اجللسة أحد نقاد اجلن هذه املوازنة‪ ،‬برتجيح ك ّفة ابن شهيد‬ ‫فأحسن‪ ،‬ومن ّ‬
‫ودل بلفظة‬
‫وإعالن تفوقه‪ ،‬يقول‪( :‬ولكن الذي خلّص هذا املعىن كله‪ ،‬وزاد فيه‪ ،‬وأحسن الرتكيب‪ّ ،‬‬
‫دل عليه شعر النابغة وبيت املتنيب‪ ،‬من أن القتلى اليت أكلتها الطري أعداء املمدوح‪ ،‬فاتك‬
‫واحدة على ما ّ‬
‫بن الصقعب يف قوله‪:‬‬
‫لقيت ِص َ‬
‫يد ال ُكماة سباع‬ ‫إذا ْ‬ ‫وتدري سباع الطري أ ّن ُكماتَهُ‬
‫‪ ...‬فاهتز اجمللس لقوله‪ ،‬وعلموا صدقه‪ ،‬فقلت لزهري‪ :‬من فاتك بن الصقعب؟ قال‪ :‬يعين نفسه)‪ 87.‬أي‬
‫أن فاتك بن الصقعب هذا ما هو إال ابن شهيد األندلسي نفسه الذي استجاد نقاد اجلن شعره‪ ،‬وق ّدموه‬
‫على غريه من الشعراء‪.‬‬

‫‪527‬‬ ‫يونيو ‪4152‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫وقد حاول ابن شهيد يف هذه املوازنة تأكيد موهبته الشعرية‪ ،‬وقدرته يف نقد الشعر‪ ،‬فقد قامت‬
‫موازنته على أسس نقدية واضحةيف دقة التعبري عن املعىن وحسن التخلص فيه‪ ،‬مع حسن الرتكيب‬
‫وإجيازه‪ 88.‬وهو يف ذلك مل خيرج عن طبيعة النقد يف عصره‪ ،‬وأن موازنته اعتمدت على اإلشارة السريعة‪،‬‬
‫وإن كانت ال ختلو من نظرة العارف بصنعته‪ ،‬إذ ال جمال يف رسالته للفحص والتأمل‪ ،‬كماهو احلال يف‬
‫مجيع القضايا اليت أُثريت فيها‪.‬‬
‫‪ -‬الســرقات‪:‬‬
‫ُشغل النقد العريب القدمي يف القرن الرابع هبذه القضية بشكل خاص أكثر من غريها من القضايا النقدية‪،‬‬
‫ويتجلّى ذلك فيما دار حول أيب متام والبحرتي واملتنيب‪ .‬فقد أُلفت كتب كثرية يف هذه القضية‪ ،‬تكشف‬
‫عن سرقات الشعراء‪ ،‬وتتحدث عن هذه الظاهرة وما يتصل هبا من أمور‪-‬وفق ما يرى أصحاهبا‪ -‬مثل‬
‫ختل تلك املؤلفات من‬
‫وفيم تكون‪ ،‬وما هو مقبول منها وما هو مرفوض‪ .‬ومل ُ‬
‫حتديد أبواب السرقة‪َ ،‬‬
‫املغاالة والبعد عن املوضوعية‪ ،‬يف غالب األحيان‪ .‬وتعددت املصطلحات اخلاصة هبذه القضية‪ ،‬فهي عند‬
‫أخذ‪ ،‬وهي عند غريهم استعارة‪.‬‬ ‫بعض النقاد سرقة‪ ،‬وهي عند آخرين ْ‬
‫وقد استنفذت هذه املشكلة كثرياً من جهد النقاد الذين تص ّدوا هلا‪ ،‬بينما مل يعرها آخرون اهتماماً‬
‫إلمياهنم بأ ّن السرقة قد أصبحت قاعدة عامة يف احلياة الشعرية‪ 89،‬ومل تعد أمراً أساسياً يف النقد األديب‪.‬‬
‫وهذه القضية من القضايا النقدية اليت أثارها ابن شهيد يف رسالته‪ ،‬وحاول أن يعرض آراءه فيها‬
‫على لسان شيخ من اجلن يعلّم ابنه صناعة الشعر‪ ،‬يقول‪( :‬إذا اعتمدت معىن قد سبقك إليه غريك‬
‫أرق حاشيته‪ ،‬فاضرب عنه مجلة‪ ،‬وإن مل يكن ب ّد ففي غري العروض اليت تقدم إليها ذلك‬
‫وأحسن تركيبه‪ ،‬و ّ‬
‫‪91‬‬
‫احملسن‪ ،‬لتنشط طبيعتك وتقوى منتك)‪.‬‬
‫فكان ابن شهيد يؤمن أن الشعر إبداع واخرتاع‪ ،‬كما هو عند اجلاحظ واجلرجاين وابن طباطبا‬
‫وغريهم ممن كان يؤمن بأن الشعر طريقة يف اإلبداع حتفل بالفن واجلمال‪ ،‬ويلفت ابن شهيد حبس نقدي‬
‫إىل أن هناك معاين مسبوقة قد ُشهد هلا بالفضل‪ ،‬فإذا اضطر الشاعر هلا فليأخذ وليتفوق عليها يف غري‬
‫عروضها وإال فال‪ ،‬ويعلل ذلك بأن حماولة اإلبداع واالخرتاع تصقل املوهبة وتنشطها وتقويها‪.‬‬
‫وخيالف البستاين ابن رشد يف مسألة العروض‪ ،‬فيقول‪( :‬ولسنا على رأي أيب عامر يف هذه‬
‫القضية‪ ،‬فالسرقات الشعرية ال خيفيها اختالف العروض‪ ،‬وال يشفع شيء ملستحلّها إال إذا ولّد منها‬
‫صورا أو معاين جديدة حيق له أن ي ّدعيها‪ ،‬كما قال أبو نواس‪:‬‬
‫وداوين ب ـ ـ ـ ــاليت كان ـ ـ ـ ــت ه ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ــداء‬ ‫دع عنـ ـ ــك لـ ـ ــومي فـ ـ ــإ ّن اللـ ـ ــوم إغ ـ ـ ـراء‬
‫وهو مأخوذ من قول األعشى‪:‬‬
‫‪95‬‬
‫وأخ ـ ـ ـ ـ ــرى ت ـ ـ ـ ـ ــداويت منه ـ ـ ـ ـ ــا هب ـ ـ ـ ـ ــا)‬ ‫وك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأس ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـربت عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّذة‬

‫العدد األول‬ ‫‪528‬‬


‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع"‬

‫ويتضح من ذلك‪ ،‬األسس اليت ارتضاها ابن شهيد يف األخذ‪ ،‬فهو عنده درجات‪ ،‬فهناك من‬
‫يقصر فهو يسيء‪ 94.‬فقد جعل اإلبداع والتفوق على‬ ‫الشعراء من يأخذ ويزيد فهو حمسن‪ ،‬ومنهم من ّ‬
‫قصر‪ ،‬وفضل‬
‫يتبني تقصري املُ ّ‬
‫املعاين املسبوقة بالزيادة وحسن الرتكيب مقياساً لألخذ احلسن‪ ،‬يقول‪( :‬وإمنا ّ‬
‫وج ْد فُسحة لفكرة‪ ،‬وال‬
‫الركب وازدمحت احللق‪ ،‬واستُعجل املقال ومل تُ َ‬
‫املربز‪ ،‬إذا اصط ّكت ُّ‬
‫السابق ّ‬
‫أمكنت نظرة لرويّة)‪ 93.‬يؤكد ذلك ما جاء يف احلوار الذي جرى بينه وبني فاتك بن الصقعب‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫( فقلت‪ :‬جد أرضنا‪ ،‬أعزك اهلل‪ ،‬بسحابك‪ ،‬وأمطرنا بعيون آدابك‪ .‬قال‪ :‬سل عما شئت‪ .‬قلت‪ :‬أي معىن‬
‫سبقك إىل اإلحسان فيه غريك‪ ،‬فوجدته حني رمته صعباً عليك‪ ،‬إال أنك نفذت فيه؟ قال‪ :‬معىن قول‬
‫الكندي‪:‬‬
‫مس ــو حب ــاب امل ــاء ح ــاالً عل ــى ح ــال‬ ‫مسـ ـ ـ ــوت إليه ـ ـ ـ ـا بعـ ـ ـ ــدما نـ ـ ـ ــام أهلهـ ـ ـ ــا‬
‫الدنو منه‬
‫قلت‪ :‬أعزك اهلل‪ ،‬هو من العقم‪ ،‬أال ترى عمر بن أيب ربيعة وهو من أطبع الناس‪ ،‬حني رام ّ‬
‫واإلملام به‪ ،‬كيف افتضح يف قوله‪:‬‬
‫أزور‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـت ِمشــيةَ الـ ـ‬
‫ورك ـ ـ ـ ــين خي َف ـ ـ ـ ــة الق ـ ـ ـ ــوم ُ‬
‫ُحب ـ ـ ـ ــاب ُ‬ ‫ـت عــين النــوم أقبلـ ُ‬
‫ون ّفضـ ُ‬
‫‪92‬‬
‫قال‪ :‬صدقت‪ ،‬إنه أساء قسمة البيت‪ ،‬وأراد أن يلطف التوصل‪ ،‬فجاء مقبالً بركن كركنه أزور)‪.‬‬
‫ويربز ابن شهيد تفوقه يف حسن األخذ واإلبداع‪ ،‬يف حماكاته ملعىن بيت املتنيب‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫ونـ ـ ـ ـ ـ ــام ونامـ ـ ـ ـ ـ ــت عيـ ـ ـ ـ ـ ــون العسـ ـ ـ ـ ـ ــس‬ ‫ومل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأل م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكره‬
‫دن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـو رفي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق درى وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتمس‬ ‫دنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوت إلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى بعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده‬
‫‪91‬‬
‫‪ ....‬إىل آخر البيت‪.‬‬
‫وم ْن أجاد من السابقني‪.‬‬
‫ويرى ابن شهيد أن األخذ ‪-‬إن كان ال بد منه‪ -‬يكون مبجاراة الفحول َ‬
‫ولعل ذلك يعود إىل ما عرف عنه من ولع مبجاراة الفحول ومعارضاهتم‪ ،‬مؤكداً بذلك أسسه يف األخذ‪،‬‬
‫ألنه يدافع عن جزء مهم من طريقته‪ ،‬ومولع مبساحات الفحول واجلري على حلبتهم واألخذ عنده أمر‬
‫‪91‬‬
‫مسلم به مندوب له‪.‬‬
‫نتبني جودة املعىن احملدث وجود معىن سابق عليه‪ ،‬وإال فكيف تكون‬ ‫يشرتط ابن شهيد‪ ،‬لكي ّ‬
‫علمت َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫املقارنة وبيان اجلودة ‪-‬حسب رأيه‪ -‬إن مل يكن هناك ما يقارن به‪ ،‬يقول‪( :‬قال‪َ :‬أو ما‬
‫الواصف إذا وصف شيئاً مل يُتقدَّم إىل صفته‪ ،‬وال ُسلّط الكالم على نـَ ْعته‪ ،‬اكتفى بقليل اإلحسان‪،‬‬
‫‪97‬‬
‫وصف يُعرف بوصفه‪ ،‬وال جرى مساق يُضاف إىل مساقه)‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫واجتزى بيسري البيان‪ ،‬ألنه مل يتق ّد ْم‬
‫وذهب يف مقام آخر إىل أن املعىن البديع ال يضر صاحبه أن يتتلمذ الشاعر فيه على من سبقه من‬
‫الشعراء‪ ،‬وإن احلسن والرباعة ال تتوافر يف املعىن إال إذا كان مسبوقاً بغريه كي تتضح فيه املقايسة‬

‫‪529‬‬ ‫يونيو ‪4152‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫واملمايزة‪ 98.‬ويرى ابن شهيد أن الضرورة قد تكون سبباً لألخذ‪ ،‬حني يُضطر الشاعر إىل معاجلة بعض‬
‫املعاين اليت سبقه إليها غريه‪ ،‬وإال اهتم بصدق شاعريته‪ .‬يتضح ذلك يف حديثه مع صاحب املتنيب ُم ِّربرا‬
‫هتمة التناول‪ ،‬بقوله‪ ( :‬فقال‪ :‬إنه يتناول‪ ،‬قلت للضرورة الدافعة وإال فالقرحية غري صادعة والشفرة غري‬
‫‪99‬‬
‫قاطعة)‪.‬‬
‫وهكذا حاول ابن شهيد أن يضع أسساً مقبولة لألخذ‪ ،‬مل خترج يف معظمها عما كان يدور يف‬
‫الساحة النقدية من آراء‪.‬‬

‫‪ -‬السـجع‪:‬‬
‫كان لطغيان السجع على أساليب الكتابة الفنية‪ ،‬يف عصر ابن شهيد‪ ،‬أثر يف توجيه النقد األديب العريب‬
‫القدمي حيث شكل ظاهرة أسلوبية كان للنقاد فيها نظر‪ ،‬فما صدر منه عن طبع جيري يف العمل األديب‬
‫جمرى الطراز من الثوب‪ ،‬كان مقبوالً وحمموداً عندهم‪ ،‬بينما ع ّدوا اإلكثار منه مساجة وفظاعة‪.‬‬
‫وقد كان البن شهيد آراؤه يف هذه القضية‪ ،‬حرص على أن يُنطق توابع الكتاب هبا‪ ،‬من ذلك ما‬
‫قاله صاحب اجلاحظ عتبة بن أرقم وصاحب عبد احلميد أبو هبرية‪ ،‬حني قرأ عليهما رسالة احللواء‬
‫أعرته من طبعك‪ ،‬وحالوة‬‫فاستحسناها وقاال‪( :‬إن لسجعك موضعاً من القلب ومكاناً من النفس‪ ،‬وقد ْ‬
‫غينه‪ 511.)...‬فكان حيبذ السجع اجلاري على الطبع‪ ،‬ويرفض‬‫لفظك ومالحة سوقك ما أزال أفْنه ورفع ْ‬
‫السجع املتكلف‪ ،‬الذي كان يراه يف أهل عصره‪ .‬كما يرفض اإلكثار منه ويع ّده عيباً ينال من قيمة‬
‫العمل‪ .‬فقد شهد له تابع اجلاحظ عتبة بن أرقم بالتمكن والتقدم يف الشعر والنثر‪ ،‬ولكنه أخذ عليه‬
‫اإلكثار من السجع فيما يكتبه‪ ،‬حيث قال‪( :‬إنك خلطيب‪ ،‬وحائك للكالم جميد‪ ،‬لوال أنك مغرى‬
‫‪515‬‬
‫بالسجع فكالمك نظم ال نثر)‪.‬‬
‫وقد دافع ابن شهيد عن نفسه متعلال بالذوق العام الذي كان سائداً يف عصره‪ ،‬وأنه جياريهم‬
‫وخياطبهم مبا يشهدون له فيه بالتقدم‪ ،‬وأنه ليس جاهالً بأمر السجع‪ ،‬يقول‪( :‬ليس هذا أعزك اهلل مين‬
‫ولكين عدمت ببلدي فرسان الكالم ودهيت‬‫جهالً بأمر السجع‪ ،‬وما يف املماثلة واملقابلة من فضل‪ّ ،‬‬
‫بغباوة أهل الزمان‪ ...‬قال‪ :‬فكيف كالمهم بينهم؟ قلت‪ :‬ليس لسيبويه فيه عمل‪ ،‬وال للفراهيدي إليه‬
‫طريق‪ ،‬وال للبيان عليه مسة‪ .‬إمنا هي لكنة أعجمية يؤدون هبا املعاين تأدية اجملوس والنبط‪ ،‬فصاح‪ :‬إنّا هلل‪،‬‬
‫ويطري لك ذكرا‬‫ذهبت العرب وكالمها! ارمهم يا هذا بسجع الكهان‪ .‬فعسى أن ينفعك عندهم‪ّ ،‬‬
‫‪514‬‬
‫فيهم)‪.‬‬

‫الخاتم ـة‪:‬‬

‫العدد األول‬ ‫‪511‬‬


‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع"‬

‫إن الناظر يف رسالة ابن شهيد "التوابع والزوابع" يلحظ أنه مل يرتك قضية من قضايا النقد األديب العريب يف‬
‫عصره‪ ،‬إال وكان له رأي فيها‪ ،‬ومل يرتك شاعراً كبرياً أو كاتباً جميداً إال ونازله وتفوق عليه‪ ،‬فعمل على‬
‫ويعرب عن مواقفه من قضايا الساحة‬
‫إنطاق اجلن بآراء َم ْن ينتسبون إليهم‪ ،‬ليجد مناسبة يربز فيها تفوقه ّ‬
‫النقدية‪ ،‬من خالل املناقشات اليت كانت تدور بينه وبينهم‪.‬‬
‫وأما القضايا اليت عرض هلا هذا البحث‪ ،‬فهي من أبرز القضايا اليت أثارها ابن شهيد يف رسالة‬
‫التوابع والزوابع‪ ،‬وهي عينها القضايا اليت كانت مدار جدل يف املشرق العريب‪ .‬عاجلها ابن شهيد بأسلوب‬
‫حكائي مشوق‪ ،‬فنجده يف الرسالة حم ّدثاً يسوق اخلرب والنادرة‪ ،‬ويعتمد التحليالت النفسية‪ .‬واتكأ فيها‬
‫على مرجعية تارخيية وأخرى دينية وثقافية‪ ،‬ولعل أبرزها هذه الرحلة اخليالية املستوحاة من قصة اإلسراء‬
‫واملعراج‪ ،‬وكذلك استحضار عامل اجلن وتشخيصه‪ ،‬الذي قابل فيه توابع الشعراء والكتاّب‪ ،‬فكان‬
‫احلديث على ألسنتهم‪.‬‬
‫وقد أتاح هذا األسلوب (الرحلة اخليالية) البن شهيد‪ ،‬التنقل يف عوامل متباينة‪ ،‬وإجراء حوارات مع‬
‫شعراء وكتّاب تباعدت عصورهم واختلفت أساليبهم‪ ،‬وإن مل ختتلف القضايا‪ .‬على أن اختياره للشعراء‬
‫والكتّاب مل يكن اعتباطيا‪ ،‬وإمنا ليثري قضية ما أبدع فيها الشاعر أو الكاتب امل ْستَحضر‪ ،‬وليربز ابن‬
‫ُ‬
‫شهيد‪ ،‬يف الوقت ذاته إبداعه وتفوقه‪ ،‬فكانت مسألة االختيار حبد ذاهتا تُعد قضية نقدية استوقفت‬
‫النقاد‪.‬‬
‫وكما يبدو‪ ،‬فإ ّن وقفات ابن شهيد الناقدة تنطوي على حماولة للدفاع عن الشخصية األندلسية‪،‬‬
‫من خالل خلق تلك األجواء اليت تسمح باملقارنة بينه وبني هؤالء املبدعني‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة أيضاً إىل أن آراء ابن شهيد ونظراته النقدية تعكس طبيعة النقد العريب يف ذلك‬
‫العصر‪ ،‬وماهية القضايا اليت عاجلها ذلك النقد‪ .‬وقد جاءت تلك النظرات سريعة وموجزة‪ ،‬وكأين به يريد‬
‫أن يكون له سهم يف كل قضية‪ ،‬حذا فيه حذو نقاد املشرق العريب‪ ،‬غري أنّه عرض تلك القضايا بأسلوب‬
‫مييل إىل الفكاهة والسخرية والتخييل‪.‬‬

‫هوامش البحث‪:‬‬

‫‪5‬انظر‪ :‬ابن خلكان‪ ،‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬حتقيق‪ :‬إحسان عباس‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الثقافة‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪551‬؛ وياقوت‬
‫احلموي‪ ،‬شهاب الدين بن عبد اهلل‪ ،‬معجم األدباء‪ ،‬ط‪( ،3‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪5981 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.441‬‬
‫‪ 4‬انظر‪ :‬ياقوت احلموي‪ ،‬شهاب الدين بن عبد اهلل‪ ،‬معجم األدباء‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.445‬‬
‫‪ 3‬انظر‪ :‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬ديوانه ورسائله‪ ،‬حتقيق‪ :‬حمىي الدين ديب‪( ،‬بريوت‪ :‬املكتبة العصرية‪،‬‬
‫‪5997‬م)‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪ 2‬ابن خلكان‪ ،‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.551‬‬

‫‪515‬‬ ‫يونيو ‪4152‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪1‬‬
‫ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬حتقيق‪ :‬إحسان عباس‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الثقافة‪5997 ،‬م)‪،‬‬
‫ج‪ ،5‬ص‪.595‬‬
‫‪1‬انظر‪ :‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬حتقيق‪ :‬بطرس البستاين‪( ،‬بريوت‪ :‬دار صادر‪،‬‬
‫‪5917‬م)‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ 7‬انظر‪ :‬الداية‪ ،‬حممد رضوان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي في األندلس‪( ،‬بريوت‪ :‬دار األنوار‪5918 ،‬م)‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ 8‬انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي عند العرب‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الثقافة‪5985 ،‬م)‪ ،‬ص‪.273-274‬‬
‫‪ 9‬انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ األدب األندلسي‪ :‬عصر سيادة قرطبة‪ ،‬ط‪( ،1‬بريوت‪ :‬دار الثقافة‪5978 ،‬م)‪ ،‬ص‪.525‬‬
‫‪ 51‬انظر‪ :‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ 55‬ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬ص‪.331-595‬‬
‫‪ 54‬البستاين‪ ،‬بطرس‪ ،‬مقدمة رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬حتقيق‪ :‬بطرس البستاين‪ ،‬ط‪( ،5‬بريوت‪ :‬دار صادر‪5981 ،‬م)‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ 53‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.23-24‬‬
‫‪ 52‬هيكل‪ ،‬أمحد‪ ،‬األدب األندلسي من الفتح إلى سقوط الخالفة‪ ،‬ط‪( ،51‬القاهرة‪ :‬دار املعارف‪5981 ،‬م)‪ ،‬ص‪.374‬‬
‫‪ 51‬ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬ص‪.593-594‬‬
‫‪ 51‬انظر‪ :‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.594‬‬
‫‪ 57‬هبجت‪ ،‬منجد مصطفى‪ ،‬األدب األندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة‪ ،‬ط‪( ،4‬عمان‪ :‬دار الياقوت‪4115 ،‬م)‪ ،‬ص‪.459‬‬
‫‪ 58‬انظر‪ :‬البستاين‪ ،‬بطرس‪ ،‬مقدمة رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ 59‬انظر‪ :‬الشكعة‪ ،‬مصطفى‪ ،‬األدب األندلسي‪ :‬موضوعاته ومقاصده‪ ،‬ط‪( ،2‬بريوت‪ :‬دار النهضة العربية‪5979 ،‬م)‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪41‬‬
‫ياقوت احلموي‪ ،‬شهاب الدين بن عبد اهلل‪ ،،‬معجم األدباء‪ ،‬ص‪444-445‬؛ وانظر‪ :‬احلميدي‪ ،‬أبو عبد اهلل بن أيب نصر األزدي‪،‬‬
‫جذوة المقتبس في ذكر والة األندلس‪( ،‬الدار املصرية للتأليف والرتمجة‪5911 ،‬م)‪ ،‬ص‪.533‬‬
‫‪ 45‬انظر‪ :‬الشكعة‪ ،‬مصطفى‪ ،‬األدب األندلسي‪ :‬موضوعاته ومقاصده‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ 44‬انظر‪ :‬هيكل‪ ،‬أمحد‪ ،‬األدب األندلسي من الفتح إلى سقوط الخالفة‪ ،‬ص‪.317‬‬
‫‪ 43‬انظر‪ :‬احلميدي‪ ،‬أبو عبد اهلل بن أيب نصر األزدي‪ ،‬جذوة المقتبس في ذكر والة األندلس‪ ،‬ص‪.531-531‬‬
‫‪42‬انظر‪ :‬الداية‪ ،‬حممد رضوان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي في األندلس‪ ،‬ص‪.491‬‬
‫‪ 41‬انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي عند العرب‪ ،‬ص‪.282‬‬
‫‪ 41‬انظر‪ :‬مبارك‪ ،‬زكي‪ ،‬النثر العربي في القرن الرابع‪( ،‬بريوت‪ :‬دار اجليل‪5971 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.459‬‬
‫‪ 47‬انظر‪ :‬البستاين‪ ،‬بطرس‪ ،‬مقدمة رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ 48‬انظر‪ :‬ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬ص‪421‬؛ والبستاين‪ ،‬بطرس‪ ،‬مقدمة التوابع والزوابع‪،‬‬
‫ص‪13‬؛ وهبجت‪ ،‬منجد مصطفى‪ ،‬األدب األندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة‪ ،‬ص‪.459‬‬
‫‪ 49‬انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ األدب األندلسي‪ :‬عصر سيادة قرطبة‪ ،‬ص‪.521‬‬
‫‪ 31‬البستاين‪ ،‬بطرس‪ ،‬مقدمة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ 35‬انظر‪ :‬الشكعة‪ ،‬مصطفى‪ ،‬األدب األندلسي‪ :‬موضوعاته ومقاصده‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫‪ 34‬انظر‪ :‬ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬ص‪421‬؛ واألندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد‬
‫امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪87‬؛ وهبجت‪ ،‬منجد مصطفى‪ ،‬األدب األندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة‪،‬‬
‫ص‪.441‬‬
‫‪ 33‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ األدب األندلسي‪ :‬عصر سيادة قرطبة‪ ،‬ص‪.524‬‬
‫‪ 32‬انظر‪ :‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.87‬‬

‫العدد األول‬ ‫‪514‬‬


‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع"‬

‫‪ 31‬ابن منظور‪ ،‬حممد بن مكرم بن علي‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬باب العني فصل التاء‪.‬‬
‫‪ 31‬السابق نفسه‪ ،‬باب العني فصل الزاي‪.‬‬
‫‪ 37‬انظر‪ :‬إمساعيل‪ ،‬عز الدين‪ ،‬التفسير النفسي لألدب‪( ،‬بريوت‪ :‬دار العودة‪ ،‬د‪ .‬ت)‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪ 38‬انظر‪ :‬الزيدي‪ ،‬توفيق‪ ،‬مفهوم األدبية في التراث النقدي إلى نهاية القرن الرابع‪( ،‬دمشق‪ :‬منشورات عيون‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ 39‬ابن قتيبة الدينوري‪ ،‬أبو حممد عبد اهلل بن مسلم‪ ،‬الشعر والشعراء أو طبقات الشعراء‪ ،‬حتقيق‪ :‬مفيد قمحيىة وحممد أمني الضناوي‪،‬‬
‫ط‪( ،4‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪4114 ،‬م)‪ ،‬ص‪.318‬‬
‫‪21‬‬
‫انظر‪ :‬اجلاحظ‪ ،‬أبو عثمان عمرو بن حبر‪ ،‬الحيوان‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪( ،‬بريوت‪ :‬دار اجليل‪5991 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪،574‬‬
‫وص‪.411-429‬‬
‫‪ 25‬انظر‪ :‬الواد‪ ،‬حسني‪ ،‬في مناهج الدراسات األدبية‪( ،‬تونس‪ :‬سراس للنشر‪5981 ،‬م)‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪24‬‬
‫انظر‪ :‬بكار‪ ،‬يوسف حسني‪ ،‬بناء القصيدة في النقد العربي القديم في ضوء النقد الحديث‪ ،‬ط‪( ،4‬بريوت‪ :‬دار األندلسي‪،‬‬
‫‪5983‬م)‪ ،‬ص‪.13-27‬‬
‫‪ 23‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ 22‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.541‬‬
‫‪ 21‬انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ األدب األندلسي‪ :‬عصر سيادة قرطبة‪ ،‬ص‪.523‬‬
‫‪ 21‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.541‬‬
‫‪ 27‬انظر‪ :‬العشماوي‪ ،‬حممد زكي‪ ،‬قضايا النقد األدبي بين القديم والحديث‪( ،‬بريوت‪ :‬دار النهضة العربية‪5982 ،‬م)‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪ 28‬انظر‪ :‬الزيدي‪ ،‬توفيق‪ ،‬مفهوم األدبية في التراث النقدي إلى نهاية القرن الرابع‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ 29‬انظر‪ :‬بكار‪ ،‬يوسف حسني‪ ،‬بناء القصيدة في النقد العربي القديم في ضوء النقد الحديث‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ 11‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.515‬‬
‫‪ 15‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.541‬‬
‫‪ 14‬انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي عند العرب‪ ،‬ص‪.271‬‬
‫‪ 13‬انظر‪ :‬عليان‪ ،‬مصطفى‪ ،‬تيارات النقد األدبي في األندلس في القرن الخامس الهجري‪( ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪5987 ،‬م)‪،‬‬
‫ص‪.179‬‬
‫‪ 12‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 11‬انظر‪ :‬مبارك‪ ،‬زكي‪ ،‬النثر الفني في القرن الرابع‪ ،‬ص‪.335‬‬
‫‪ 11‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ 17‬انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي عند العرب‪ ،‬ص‪.271‬‬
‫‪ 18‬هيكل‪ ،‬أمحد‪ ،‬األدب األندلسي من الفتح إلى سقوط الخالفة‪ ،‬ص‪.395‬‬
‫‪ 19‬انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي عند العرب‪ ،‬ص‪279‬؛ وعباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ األدب األندلسي‪ :‬عصر سيادة قرطبة‪،‬‬
‫ص‪.523‬‬
‫‪ 11‬انظر‪ :‬مشبال‪ ،‬حممد‪" ،‬البالغة ومقولة اجلنس األديب"‪ ،‬عالم الفكر‪ ،‬الكويت‪4115 ،‬م‪ ،‬مج‪ ،31‬ع‪ ،5‬ص‪.13‬‬
‫‪ 15‬انظر‪ :‬املرزوقي‪ ،‬علي بن أمحد بن حممد بن احلسن‪ ،‬شرح ديوان الحماسة‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد أمني وعبد السالم هارون‪ ،‬ط‪( ،2‬بريوت‪ :‬دار‬
‫اجليل‪5978 ،‬م)‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫‪ 14‬انظر‪ :‬ابن رشيق‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬العمدة‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حمىي الدين عبد احلميد‪ ،‬ط‪( ،2‬بريوت‪ :‬دار اجليل‪5974 ،‬م)‪ ،‬ج‪،5‬‬
‫ص‪.43-59‬‬
‫‪ 13‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.95‬‬

‫‪513‬‬ ‫يونيو ‪4152‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪ 12‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪551‬؛ وانظر‪ :‬ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬ص‪.418‬‬
‫‪ 11‬انظر‪ :‬ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬ص‪.413-414‬‬
‫‪ 11‬انظر‪ :‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.411‬‬
‫‪ 17‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪535‬؛ وانظر‪ :‬ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن‬
‫علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬ص‪.478‬‬
‫‪ 18‬انظر‪ :‬خريوش‪ ،‬حسني يوسف حسني‪ ،‬ابن بسام وكتابه الذخيرة‪( ،‬عمان‪ :‬دار الفكر للنشر والتوزيع‪5982 ،‬م)‪ ،‬ص‪.441‬‬
‫‪ 19‬ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬ص‪.432-433‬‬
‫‪ 71‬السابق نفسه‪.449-448 ،‬‬
‫‪ 75‬انظر‪ :‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.472‬‬
‫‪ 74‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.435‬‬
‫‪ 73‬انظر‪ :‬اخلبو‪ ،‬حممد‪ ،‬مدخل إلى الشعر العربي الحديث‪( ،‬تونس‪ :‬دار اجلنوب للنشر‪5991 ،‬م)‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫‪ 72‬ابن رشيق‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬العمدة‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪ 71‬انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي عند العرب‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪ 71‬ابن قتيبة الدينوري‪ ،‬أبو حممد عبد اهلل بن مسلم‪ ،‬الشعر والشعراء أو طبقات الشعراء‪ ،‬ص‪.55-51‬‬
‫‪ 77‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪ 78‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫‪ 79‬خريوش‪ ،‬حسني يوسف حسني‪ ،‬ابن بسام وكتابه الذخيرة‪ ،‬ص‪.441‬‬
‫‪ 81‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.11-19‬‬
‫‪ 85‬انظر‪ :‬عليان‪ ،‬مصطفى‪ ،‬تيارات النقد األدبي في األندلس في القرن الخامس‪ ،‬ص‪.351‬‬
‫‪ 84‬ا انظر‪ :‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬مقدمة الديوان‪ ،‬حتقيق‪ :‬يعقوب زكي‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الكاتب العريب‪،‬‬
‫د‪ .‬ت)‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ 83‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.538-537‬‬
‫‪ 82‬الشكعة‪ ،‬مصطفى‪ ،‬األدب األندلسي‪ :‬موضوعاته ومقاصده‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ 81‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.549-548‬‬
‫‪ 81‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.544‬‬
‫‪ 87‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.532-534‬‬
‫‪ 88‬انظر‪ :‬عليان‪ ،‬مصطفى‪ ،‬تيارات النقد األدبي في األندلس في القرن الخامس‪ ،‬ص‪.354‬‬
‫‪ 89‬انظر‪ :‬عباس‪ ،‬إحسان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي عند العرب‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ 91‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪532‬؛ وانظر‪ :‬ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن‬
‫علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬ص‪.422‬‬
‫‪ 95‬البستاين‪ ،‬بطرس‪ ،‬مقدمة رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ 94‬انظر‪ :‬الداية‪ ،‬حممد رضوان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي في األندلس‪ ،‬ص‪.313‬‬
‫‪ 93‬ابن بسام الشنرتيين‪ ،‬أبو احلسن علي‪ ،‬الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‪ ،‬ص‪.422‬‬
‫‪ 92‬األندلسي‪ ،‬عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‪ ،‬رسالة التوابع والزوابع‪ ،‬ص‪.531‬‬
‫‪ 91‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.531-531‬‬
‫‪ 91‬الداية‪ ،‬حممد رضوان‪ ،‬تاريخ النقد األدبي في األندلس‪ ،‬ص‪.312-313‬‬

‫العدد األول‬ ‫‪512‬‬


"‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع‬

.547‫ ص‬،‫ رسالة التوابع والزوابع‬،‫ عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‬،‫ األندلسي‬:‫ ا انظر‬97
.182‫ ص‬،‫ تيارات النقد األدبي في األندلس في القرن الخامس‬،‫ مصطفى‬،‫ عليان‬:‫ انظر‬98
.554‫ ص‬،‫ رسالة التوابع والزوابع‬،‫ عبد امللك بن أمحد بن عبد امللك ابن شهيد‬،‫ األندلسي‬99
.544‫ ص‬،‫ السابق نفسه‬511
.551‫ ص‬،‫ السابق نفسه‬515
.557-551‫ ص‬،‫ السابق نفسه‬514

References: :‫المراجع‬
ʿabbās, ʾiḥsān, Tārīkh al-ʾadab al-ʾandalusī: ʿaṣr Siyādah Qurṭubah, 5th edition,
(Beirut: Dār al-Thaqāfah, 5978).

ʿabbās, ʾiḥsān, Tārīkh al-Naqd al-ʾadabī ʿinda al-ʿarab, (Beirut: Dār al-
Thaqāfah, 5985).

Al-ʾandalusiy, ʿabd ʾal-Malik Bin ʾaḥmad Bin ʿabd ʾal-Malik ʾibn Shahīd,
Dīwānuhu warasāʾiluhu, ed. Muḥiy al-Dīn Dīb, (Beirut: al-Maktabah al-
ʿaṣriyyah, 5997).

Al-ʾandalusiy, abd ʾal-Malik Bin ʾaḥmad Bin ʿabd ʾal-Malik ʾibn Shahīd ʾibn
Shahīd, Muqaddimah al-Dīwān, ed. Yaʿqūb Zakī, (Cairo: Dār al-Kātib al-
ʿarabī, no date).

Al-ʾandalusiy, abd ʾal-Malik Bin ʾaḥmad Bin ʿabd ʾal-Malik ʾibn Shahīd, Risālah
al-Tawābiʿ wa al-Zawābiʿ, ed. Baṭras al-Bustāniy, (Beirut: Dār Ṣādir,
5917).

Al-ʿashmāwiy, Muḥammad Zaki, Qaḍāyā al-Naqd al-ʾadabī bayna al-Qadīm


wa al-Ḥadīth, (Beirut: Dār al-Nahḍah al-ʿarabiyyah, 5982).

Al-Bustāni, Buṭrus, Muqaddimah Risālah al-Tawābiʿ wa al-Zawābiʿ, ed. Buṭrus


al-Bustāni, 1st edition, (Beirut: Dār Ṣādir, 5981).

Al-Dāyah, Muḥammad Riḍwān, Tārīkh al-Naqd al-ʾadabī fī al-ʾandalus,


(Beirut: Dār al-ʾanwār, 5918).

Al-Ḥumaydiy, ʾabū ʿabd Allāh Bin ʾabī Naṣr al-ʾazdiy, Jadhwah al-Muqtabis fī
Dhikr Wulāh al-ʾandalus, (al-Dār al-Miṣriyyah liltaʾlīf wa al-Tarjamah,
5911).

511 ‫م‬4152 ‫يونيو‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

Al-Jāḥiẓ, ʾabū ʿuthmān ʿamrū Bin Baḥr, al-Ḥaywān, ed. ʿabd al-Salām Hārūn,
(Beirut: Dār al-Jīl, 5991).

Al-Khabu, Muḥammad, Madkhal ʾilā al-Shiʿr al-ʿarabiy al-Ḥadīth, (Tunis: Dār


al-Janūb lilnashr, 5991).

Al-Marzūqiy, ʿalī Bin ʾaḥmad Bin Muḥammad Bin al-Ḥasan, Sharḥ Dīwān al-
Ḥammāsah, ed. ʾaḥmad ʾamīn wa ʿabd al-Salām Hārūn, 4th edition,
(Beirut: Dār al-Jīl, 5978).

Al-Shakʿah, Muṣṭafā, al-ʾadab al-ʾandalusiy: Mawḍūʿātuh wa Maqāṣiduh, 2th


edition, (Beirut: Dār al-Nahḍah al-ʿarabiyyah, 5979).

Al-Wād, Ḥusain, fī Manāhij al-Dirāsāt al-ʾadabiyyah, (Tunisia: Sirās lilnashr,


5981).

Al-Zaidi, Tawfīq, Mafhūm al-ʾadabiyyah fī al-Turāth al-Naqdī ʾilā Nihāyah al-


Qarn al-Rābiʿ, (Damascus: Manshūrāt ʿuyūn, no date).

Bahjat, Munjid Muṣṭafā, al-ʾadab al-ʾandalusī min al-Fatḥ ḥattā Suqūṭ


Gharnāṭah, 4nd edition, (Amman: Dār al-Yāqūt, 4115).

Bakkār, Yūsuf Ḥusain, Bināʾ al-Qaṣīdah fī al-Naqd al-ʿarabī al-Qadīm fī Ḍawʾ


al-Naqd al-Ḥadīth, 4nd edition, (Beirut: Dār al-ʾandalusi, 5983).

Haikal, ʾaḥmad, al-ʾadab al-ʾandalusiy min al-Fatḥ ʾilā Suqūṭ al-Khilāfah, 51th
edition, (Cairo: Dār al-Maʿārif, 5981).

ʾibn Bassām al-Shantirīni, ʾabu al-Ḥasan ʿalī , al-Dhakhīrah fī Maḥāsin ʾahl al-
Jazīrah, ed. ʾiḥsān ʿabbās, (Beirut: Dār al-Thaqāfah, 5997), Vol.5.

ʾibn Khalikān, Wafiyyāt al-aʿyān wa ʾanbāʾ ʾabnāʾ al-Zamān, ed. ʾiḥsān ʿabbās,
(Beirut: Dār al-Thaqāfah, no date).

ʾibn Qutaybah al-Daynūrī, ʾabū Muḥammad ʿabd Allāh Bin Muslim, al-Shiʿr wa
al-Shuʿarāʾ ʾaw Ṭabaqāt al-Shuʿarāʾ, ed. Mufīd Qamḥiyyah
wamuḥammad ʾamīn al-Ḍanāwī, 4nd edition, (Beirut: Dār al-Kutub al-
ʿilmiyyah, 4114).

‫العدد األول‬ 511


"‫نظرات نقدية يف "رسالة التوابع والزوابع‬

ʾibn Rashīq, ʾabū al-Ḥasan ʿalī, al-ʿumdah, ed. Muḥammad Muḥiy al-Dīn ʿabd al-
Ḥamīd, 2th edition, (Beirut: Dār al-Jīl, 5974), Vol.5.

ʿilayyān, Muṣṭafā, Tayyārāt al-Naqd al-ʾadabiy fī al-ʾandalus fī al-Qarn al-


Khāmis al-Hijriy, (Beirut: Muʾassasah al-Risālah, 5987).

ʾismāʿīl, ʿizz al-Dīn, al-Tafsīr al-Nafsi lilʾadab, (Beirut: Dār al-ʿūdah, no date).

Kharyūsh, Ḥusain Yūsuf Ḥusain, ʾibn Bassām wa Kitābuhu al-Dhakhīrah,


(Amman: Dār al-Fikr lilnashr wa al-Tawzīʿ, 5982).

Mishbāl, Muḥammad, "al-Balāghah wa Maqūlah al-Jins al-ʾadabiy", ʿālam al-


Fikr, Kuwait, 4115, Vol.31, No.5.

Mubārak, Zaki, al-Nathr al-ʿarabiy fī al-Qarn al-Rābiʿ, (Beirut: Dār al-Jīl, 5971).

Yāqūt Al-Ḥamawiy, Shihāb al-Dīn Bin ʿabd ʾallah, Muʿjam al-ʾudabāʾ, 3rd
edition, (Beirut: Dār al-Fikr, 5981).

517 ‫م‬4152 ‫يونيو‬

You might also like