Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 14

‫دور تدفقات االستثمارات األجنبية المباشرة في القضاء على البطالة في الجزائر‬

)2016-2002( ‫خالل الفترة‬


The role of foreign direct investment flows in eliminating
unemployment in Algeria –during the period (2002-2016(

‫ عبد الرحمان عبد القادر‬.‫د‬


‫جامعة أدرار‬
‫ حساني بن عودة‬.‫أ‬
2 ‫جامعة وهران‬
:‫ملخص‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى إبراز دور تدفقات االستثمارات األجنبية المباشرة الواردة إلى‬
‫ من خالل توفير مناصب الشغل والتقليل من‬،‫الجزائر في تخفيف الضغط على سوق العمل‬
‫ وقد خلصت الدارسة إلى مجموعة من النتائج منها أن االستثمارات األجنبية‬،‫حجم البطالة‬
‫ تحسين‬،‫ التي تسمح بتحقيق النمو االقتصادي‬،‫المباشرة نوع من أنواع االستثمارات الدولية‬
‫ حيث تعاني الجزائر من ضعف في استقطاب‬،‫ توفير مناصب الشغل‬،‫ميزان المدفوعات‬
،‫ رغم جميع اإلصالحات المبرمجة في هذا اإلطار‬،‫تدفقات االستثمارات األجنبية المباشرة‬
‫( من‬2016-2002) ‫وقد سمحت االستثمارات األجنبية المباشرة الواردة للجزائر في الفترة‬
‫ خاصة في قطاعات الصناعة والبناء واألشغال العمومية‬،‫امتصاص جزء هام من البطالة‬
‫ وقد أوصت الدراسة بضرورة العمل على إرساء مبادئ الحكم الراشد لتفعيل‬،‫والخدمات‬
.‫مناخ االستثمار المحلي تجاه الشركاء األجانب‬
.‫ التنمية االقتصادية‬،‫ الجزائر‬،‫ البطالة‬،‫االستثمارات األجنبية المباشرة‬: ‫الكلمات المفتاحية‬
Abstract:
This study aims to highlight the role of foreign direct investment flows in
Algeria in alleviating the pressure on the labor market by providing jobs and reducing
unemployment. The study concluded that a number of international investments,
Economic growth, improvement in the balance of payments, job creation, where
Algeria is weak in attracting foreign direct investment flows, despite all the reforms
programmed in this framework, and allowed foreign direct investment received for
Algeria in the period (2002-2016) of the absorption of a significant part of
unemployment, especially in the sectors of industry, construction, public works and
services, and recommended the study of the need to work to establish the principles
of good governance to activate the domestic investment climate towards foreign
partners.
Keywords: foreign direct investment, unemployment, Algeria, economic
development.
Résume:
Cette étude a pour but de mettre en évidence le rôle des flux d'investissements
directs étrangers en Algérie pour alléger la pression sur le marché du travail en créant
des emplois et en réduisant le chômage. pour réaliser la croissance économique,
d'améliorer la balance des paiements, des emplois, où Algérie souffre de faiblesse
pour attirer les flux d'investissements étrangers directs, en dépit de toutes les réformes
programmées dans ce cadre, il a permis aux entrées d'IDE en Algérie durant la période
(2002-2016) de l'absorption d'une partie importante du chômage, notamment dans les
secteurs de l'industrie, du bâtiment, des travaux publics et des services, et a
recommandé l'étude de la nécessité de travailler pour établir les principes de bonne
gouvernance.

143
Mots-clés: IDE, chômage, Algérie, development économique

144
‫مقدمة‪:‬‬
‫لقد عرف االستثمار األجنبي المباشر تطوراً كبيراً في االقتصاد العالمي‪ ،‬وهذا بالنظر‬
‫إلى ارتفاع إجمالي تدفقات رأس المال األجنبي بين الدول إلى مستويات قياسية غير مسبوقة‪،‬‬
‫وهذا يعود إلى عدة عوامل؛ منها ما هو متعلق بتغير طبيعة الحركة االقتصادية والتجارية‬
‫الدولية واالقتصاد الدولي‪ ،‬وميوله إلى االنفتاح الحر والمباشر على األسواق الدولية‪ ،‬ومنها‬
‫عوامل تتعلق بتغير نظرة العديد من دول العالم إلى فحوى هذه االستثمارات‪ ،‬وتراجع في‬
‫الذهنيات التي ترى في االستثمار األجنبي المباشر الوارد نوع جديد من أنواع الهيمنة‬
‫االستعمارية‪ ،‬وفي هذا الصدد يكفي اإلشارة إلى أهمية االستثمارات األجنبية المباشرة في نقل‬
‫رؤوس األموال األجنبية‪ ،‬وانتقال الخبرات وفنيات العمل والتكنولوجيا الحديثة‪ ،‬وزيادة‬
‫التنافسية بين مختلف القطاعات االقتصادية‪ ،‬باإلضافة إلى عامل مهم يتعلق بتوفير فرص العمل‬
‫لجزء من الطاقة البشرية المعطلة‪ ،‬سواء من أصحاب الشهادات أو من ذوي المستويات العلمية‬
‫البسيطة‪.‬‬
‫والجزائر كغيرها من الدول‪ ،‬تسعى جاهدة لالستفادة من االستثمارات األجنبية‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل تهيئة مناخ االستثمارات األجنبية لالستفادة منها في تقلي معدالت البطالة‪ ،‬وزيادة‬
‫رصيد احتياطي العملة الصعبة‪ ،‬وبالتالي دفع عجلة التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫تحاول هذه الدراسة ومن خالل كل ما سبق لإلجابة عن اإلشكالية الرئيسة التي تتمحور‬
‫حول‪ :‬ما مدى مساهمة تدفق االستثمار األجنبي المباشر في التوظيف والقضاء على البطالة‬
‫في الجزائر؟‬
‫ومن هذه اإلشكالية الرئيسية للبحث‪ ،‬تتفرع العديد من التساؤالت الفرعية التي يمكن أن‬
‫نوضحها بالشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي األهمية االقتصادية لالستثمار األجنبي المباشر؟‬
‫‪ -‬ما هو حجم تطورات ظاهرة البطالة في الوطن العربي والجزائر؟‬
‫‪ -‬ما هو دور االستثمارات األجنبية المباشرة في القضاء على البطالة في الجزائر؟‬
‫منهج البحث‪ :‬لإلجابة على اإلشكالية المطروحة في هذا البحث والوصول إلى النتائج المرجوة‬
‫منه‪ ،‬قمنا باالعتماد على المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬باعتباره األسلوب المناسب لمثل هذه‬
‫المواضيع‪ ،‬من خالل وصف الظاهرة وتحليل البيانات والمعطيات المتعلقة بها‪.‬‬
‫خطة البحث‪ :‬لتحقيق أهداف البحث‪ ،‬قمنا بتقسيم هذه الدراسة إلى المحاور اآلتية‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬واقع االستثمار األجنبي المباشر في الجزائر‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬اإلطار النظري للبطالة‪ ،‬مع اإلشارة إلى تطورها بالجزائر‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬مساهمة تدفقات االستثمارات األجنبية المباشرة في الحد من البطالة في الجزائر‬
‫المحور األول‪ :‬واقع االستثمار األجنبي المباشر في الجزائر‬
‫يشكل االستثمار األجنبي المباشر إحدى اآلليات الداعمة للتنمية االقتصادية في العالم‪،‬‬
‫باعتباره قناة لنقل التكنولوجيا من الشركات العالمية الكبرى إلى الشركات الصغيرة في الدول‬
‫المتخلفة‪ ،‬باإلضافة إلى االنتقال الهام لرؤوس األموال الموجهة لالستثمارات والمساهمة في‬
‫توفير الوظائف والتقليل من مستوى البطالة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف االستثمار األجنبي المباشر‪:‬‬
‫يعرف صندوق النقد الدولي االستثمار األجنبي المباشر "على أنه نوع من أنواع‬
‫االستثمارات الدولية‪ ،‬الذي يتضمن قيام مصلحة طويلة األجل بين مستثمر في دولة أجنبية‬

‫‪145‬‬
‫ومؤسسة مقيمة في دولة الضيافة (الدولة المضيفة لالستثمار)‪ ،‬حيث تشمل هذه المصلحة أحقية‬
‫المستثمر األجنبي بحصوله على درجة من النفوذ في إدارة المؤسسة"‪.1‬‬
‫كما تعرف منظمة التعاون والتنمية االقتصادية (‪ )OCDE‬أيضا ً‪" :‬االستثمار األجنبي‬
‫المباشر بأنه عملية استثمار من قبل مقيم في دولة معينة‪ ،‬يتحصل من خاللها على فائدة وعلى‬
‫سلطة في مؤسسة مقامة في بلد آخر‪ ،‬هذه العملية يمكن أن تكون من أجل إقامة مؤسسة جديدة‬
‫أو تغير ملكية مؤسسة موجودة من قبل أو استحداث وسائل عمل جديدة"‪.2‬‬
‫ومنظمة األمم المتحدة للتجارة والتنمية بدورها تعتبر أن‪ " :‬االستثمار األجنبي المباشر‬
‫يشتمل على عالقة طويلة األجل بين المستثمر األجنبي والمؤسسة المضيفة‪ ،‬ويعكس مصلحة‬
‫ورقابة مستديمة بواسطة مستثمر في مشروع مقيم في اقتصاد ينتمي لدولة غير دولة المستثمر‬
‫األصلية‪ ،‬ويتم بواسطة األفراد باإلضافة إلى منشآت األعمال"‪.3‬‬
‫وأيضا ً األستاذ علي لطفي يعرف‪" :‬االستثمارات األجنبية المباشرة على أنها مشاريع‬
‫مقامة محليا ً يتم إدارتها من قبل أجانب‪ ،‬بسبب تملكهم لجزء أو كل الحص في هذه الشركات‪،‬‬
‫وغالبا ً ما تتم هذه العمليات من قبل الشركات المتعددة الجنسيات‪ ،‬وتتضمن االستثمارات‬
‫األجنبية المباشرة عدة أنواع من بينها االستثمارات الثابتة كالمصانع واآلالت‪ ،‬استثمارات‬
‫المخزن والمواد الخام‪ ،‬المنتجات النهائية استثمارات عقارية كالمساكن وعمليات اإلسكان‬
‫عقاري‪4"...‬‬

‫أما الدكتور عبد السالم أبو قحف فيقول‪" :‬أن االستثمار األجنبي المباشر ينطوي على تملك‬
‫المستثمر األجنبي لجزء أو كل االستثمارات في مشروع معين‪ ،‬باإلضافة إلى قيامه بالمشاركة‬
‫في إدارة المشروع مع المستثمر الوطني في حالة االستثمار المشترك‪ ،‬أو سيطرته الكاملة على‬
‫اإلدارة والتنظيم في حالة ملكيته المطلقة للمشروع االستثماري‪ ،‬فضالً عن قيام المستثمر‬
‫األجنبي بتحويل كمية من الموارد المالية والتكنولوجية والخبرة الفنية في جميع المجاالت إلى‬
‫الدول المضيفة"‪.5‬‬
‫وعليه يمكننا تعريف االستثمارات األجنبية المباشرة على أنها جميع المشاريع طويلة‬
‫األجل التي تدار من قبل األجانب غير المقيمين بالدولة‪ ،‬سواء من خالل ملكيتهم المطلقة لهذه‬
‫المشاريع أو عن طريق الشراكة‪ ،‬وغالبا ً ما تقام هذه االستثمارات من قبل الشركات المتعددة‬
‫الجنسيات‪ ،‬وهي شركات تتميز بالتفوق التكنولوجي والوفرة في رؤوس األموال وضخامة‬
‫اإلنتاج‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬اآلثار االقتصادية لالستثمارات األجنبية المباشرة‬
‫يمكننا في هذا الصدد اإلشارة إلى اآلثار االيجابية والسلبية لالستثمار األجنبي المباشر في‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬اآلثار اإليجابية لالستثمارات األجنبية المباشرة‪ :‬إن االستثمار األجنبي المباشر باعتباره‬
‫عملية تشاركية ما بين المستثمر األجنبي والدولة المضيفة‪ ،‬عملية هادفة إلى تحقيق مبدأ ربح‬
‫الطرفين‪ ،‬حيث يتحقق للمستثمر الولوج إلى أسواق جديدة أكثر اتساعا ً مما يرفع اإلنتاج ويزيد‬
‫من العوائد‪ ،‬باإلضافة إلى إمكانية استثمار فوائضه المالية الذاتية أو من القروض في مجاالت‬

‫‪ -1‬قدي عبد المجيد‪" ،‬المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية (دراسة تحليلية تقيميه)"‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر ‪ ،2006‬ص‪.251‬‬
‫‪2-Caroule balusse," l’investissement", Bréal, France ,2007, p 18.‬‬
‫‪ -3‬حسن بن رفدان الهجهوج‪" ،‬اتجاهات ومحددات االستثمار األجنبي المباشر في دول مجلس التعاون الخليجي"‪ ،‬مؤتمر‬
‫التمويل واالستثمار‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬جامعة الدول العربية مصر ‪ ،2006‬ص‪.56‬‬
‫‪ -4‬علي لطفي‪" ،‬االستثمارات العربية ومستقبل التعاون االقتصادي العربي"‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬جامعة الدول‬
‫العربية‪ ،‬مصر ‪ ،2009‬ص‪.07‬‬
‫‪ -5‬عبد السالم أبو قحف‪" ،‬نظريات التدويل وجدوى االستثمارات األجنبية"‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬مصر‪ ،2001 ،‬ص‪.13‬‬

‫‪146‬‬
‫جديدة وفروع خارجية‪ ،‬أما بالنسبة للدول المضيفة للمستثمر فعادة ما تكون آثارها تتمحور في‬
‫‪1‬‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ ‬المساهمة في خلق فرص عمل وفي رفع إنتاجية هذا العنصر‪ ،‬وبالتالي الحد من البطالة‪.‬‬
‫‪ ‬تمنح عملية توطن االستثمارات المقامة من قبل الشركات المتعددة الجنسيات‪ ،‬والتي تتميز‬
‫بالتفوق التكنولوجي من تحويل هذه التكنولوجيا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى الدول‬
‫المضيفة‪ ،‬عن طريق عمليات التماس والتحاكي أثناء العمل‪.‬‬
‫‪ ‬تساهم االستثمارات األجنبية المباشرة في زيادة السلع والخدمات المحلية‪ ،‬وبذلك تنخفض‬
‫فاتورة الواردات ويتحسن من خاللها الميزان التجاري‪.‬‬
‫‪ ‬تساهم االستثمارات األجنبية المباشرة في االستغالل الكامل لعوامل اإلنتاج من األرض‬
‫واليد العاملة ورؤوس األموال بشكل أكثر كفاءة‪.‬‬
‫‪ ‬تعمل االستثمارات األجنبية المباشرة على الرفع من القدرات الرأسمالية للدولة المضيفة‪،‬‬
‫من خالل إجمالي التدفقات المالية الداخلة والخارجة‪.‬‬
‫‪ ‬تؤثر االستثمارات األجنبية المباشرة على ميزان المدفوعات بشكل إيجابي؛ عندما يتم‬
‫استخدام مدخالت اإلنتاج الوطني في المشاريع االستثمارية‪ ،‬والتي تؤدي في النهاية إلى إعطاء‬
‫ديناميكية للمؤسسات والموارد الوطنية‪.‬‬
‫‪ -2‬اآلثار السلبية لالستثمارات األجنبية المباشرة‪ :‬بالنسبة للنواحي السلبية التي تخلفها إقامة‬
‫مشاريع أجنبية مباشرة على المستوى المحلي‪ ،‬فتكمن في إمكانية تخص هذه االستثمارات‬
‫األجنبية في مشاريع ضارة بالبيئة والمحيط كإنتاج الفحم‪ ،‬أو استغالل الغابات‪ ،‬أو المشاريع‬
‫البتروكيمياوية التي تفرغ مخلفاتها في البحر‪ ،‬أو تلك النشاطات اإلنتاجية التي تخت في إنتاج‬
‫المواد المشعة‪ ،‬كما يمكن أن تتحول المشاريع األجنبية إلى نقمة على االقتصاد الوطني جراء‬
‫القيام بتحويل الفوائد على االستثمار إلى الخارج دون إعادة استثمارها محلياً‪ ،‬أو استخدام‬
‫تكنولوجيا عالية دون العمل على نقلها إلى الصناعات المحلية‪ ،‬أو أن يتم استغالل الحوافز‬
‫الجبائية التسهيالت الضريبية إلضعاف الصناعات المحلية‪ ،‬التي تتميز بقدرات تنافسية ضعيفة‬
‫مقارنة بتلك األجنبية‪ ،‬كما عرفت بعض الدول التي عملت على تحفيز االستثمارات األجنبية‬
‫المباشرة تحوال في أنماط االستهالك المحلية والتوجه نحو السلع والخدمات ذات الطابع‬
‫األجنبي‪ ،‬ومن جانب آخر يمكن أن يؤدي التغلغل الكبير لشركات عمالقة مثل الشركات المتعددة‬
‫الجنسيات من التحكم في مستويات السيطرة والحكم لدى الدول الفقيرة‪ ،‬وإمالء قراراتها عل‬
‫الحكام والمسؤولين‪.2‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬تدفقات االستثمار األجنبي المباشر الوارد إلى الجزائر‬
‫لقد نفذت الجزائر برامج إصالح واسع لنظام االستثمارات الوطنية واألجنبية منذ االنفتاح‬
‫االقتصادي والتوجه نحو اقتصاد السوق في بداية التسعينيات‪ ،‬كما سمح تحسن المؤشرات‬
‫االقتصادية الكلية لالقتصاد الوطني بداية من سنة ‪ 2000‬من تحسن مناخ االستثمار على غرار‬
‫انخفاض الدين الخارجي‪ ،‬تطور معدل النمو‪ ،‬تحسن ميزان المدفوعات‪ ،‬ارتفاع احتياطي‬
‫الصرف‪ ،...‬إلى جانب جاذبية الجزائر االستثمارية من ناحية الموقع االستراتيجي‪ ،‬حجم‬
‫السوق‪ ،‬اتساع السوق المحلي‪ ،‬البنية التحتية‪ ،‬وفرة الموارد الطبيعية كالبترول والغاز‬
‫والمعادن‪ ،‬الثروة البشرية‪.‬‬
‫كل هذه العوامل كان من المفروض أن تكون أكثر تحفيزاً لحجم تدفقات االستثمارات‬
‫األجنبية المباشرة الوافدة؛ إال أن األرقام ال تعكس هذا األمر‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد عبد العزيز وآخرون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ .132‬وانظر أيضاً‪ :‬بولرباح غريب‪" ،‬العوامل المحفزة لجذب‬
‫االستثمارات األجنبية المباشرة وطرق تقييمها دراسة حالة الجزائر"‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬العدد ‪ ،10‬جامعة ورقلة‪ ،‬سنة ‪،2012‬‬
‫ص ‪ .100‬وانظر كذلك‪ :‬علي لطفي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ -2‬عدي قصور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.354‬‬

‫‪147‬‬
‫‪ -1‬تطور حجم االستثمارات األجنبية الواردة إلى الجزائر‪ :‬إن تدفقات االستثمارات األجنبية‬
‫المباشرة الوافدة إلى الجزائر سارت على نحو متذبذب‪ ،‬على الرغم من كافة المعطيات‬
‫االقتصادية اإليجابية للفترة الممتدة من سنة ‪ 2000‬إلى سنة ‪ ،2016‬حيث لم تصل االستثمارات‬
‫إلى قيمة ‪ 2.8‬مليار دوالر على طول فترة الدراسة والشكل التالي يبين ذلك‪:‬‬
‫شكل رقم (‪ :)01‬االستثمارات األجنبية المباشرة الواردة خارج المحروقات للفترة )‪-2000‬‬
‫‪ )2016‬بمليون دوالر‬
‫‪2638‬‬ ‫‪2746‬‬
‫‪2571‬‬
‫‪2300‬‬
‫‪1841‬‬
‫‪1686‬‬ ‫‪1691‬‬ ‫‪1637‬‬
‫‪1500‬‬ ‫‪1503‬‬
‫‪1113‬‬ ‫‪1065‬‬ ‫‪1156‬‬
‫‪881‬‬
‫‪637‬‬
‫‪280‬‬

‫‪2000‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2016‬‬
‫‪-403‬‬

‫المصدر‪ :‬إعداد الباحثين باالعتماد على معطيات البنك الدولي‪ ،‬متوفر على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ ،https://data.worldbank.org/indicator/BX.KLT.DINV.CD.WD?locations=DZ‬تاريخ االطالع ‪2017/12/20‬‬
‫نالحظ من خالل الشكل أعاله؛ أن االستثمارات األجنبية المباشرة في الجزائر تنخفض‬
‫وترتفع من سنة إلى أخرى‪ ،‬حيث ارتفعت من ‪ 280‬مليون دوالر في سنة ‪ 2000‬إلى ‪2746‬‬
‫مليون دوالر سنة ‪2009‬؛ نتيجة تحسن استقرار الوضع السياسي واألمني في البالد‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى إصدار قانون ‪ 01/03‬الخاص باالستثمار‪ ،‬الذي قدم امتيازات وإعفاءات ضريبية هامة‬
‫للمستثمرين‪ ،‬باإلضافة إلى إنشاء الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار‪ ،‬لمتابعة االستثمارات‬
‫الوطنية واألجنبية‪.‬‬
‫ثم انخفضت قيمة االستثمارات األجنبية المباشرة الواردة إلى الجزائر إلى ‪ 2.300‬مليار‬
‫دوالر سنة ‪ ،2010‬ثم ارتفعت سنة ‪ 2011‬إلى ‪ 2.571‬مليار دوالر بانخفاض بنسبة ‪ ،%11.78‬ثم‬
‫انخفضت في سنة ‪ 2012‬إلى ‪ 1.5‬مليار دوالر‪ ،‬ثم إلى (‪ )403 -‬مليون دوالر أمريكي في سنة‬
‫‪ ،2015‬وهو أكبر انخفاض في حجم تدفقات االستثمارات األجنبية المباشرة في فترة الدراسة‪،‬‬
‫بسبب القوانين التحفظية الجديدة التي تم اإلعالن عنها‪ ،‬والتي أدت إلى انخفاض االستثمارات‬
‫األجنبية المباشرة إلى حدودها الدنيا‪ ،‬وبسبب العديد من المشاكل التي صرح بها المستثمرون‬
‫األجانب؛ والمتمثلة في استمرار اإلجراءات البيروقراطية وتفشي الرشوة والمحسوبية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى آثار الصدمة النفطية إثرا تراجع أسعار النفط إلى مستويات منخفضة‪ ،‬وقد شهدت‬
‫سنة ‪ 2016‬ارتفاع في قيمة االستثمارات األجنبية المباشرة وصل إلى ‪ 1637‬مليون دوالر‪،‬‬
‫بسبب انتعاش االستثمارات في القطاع العقاري والبناء واألشغال العمومية‪ ،‬وكذا التوقيع على‬
‫العديد من القرارات الهامة في مجال تحسين مناخ األعمال‪.‬‬
‫‪ -2‬أهم الدول المستثمرة خارج المحروقات في الجزائر‪ :‬نالحظ من خالل الشكل أسفله أن‬
‫استثمارات الدول العربية تحتل الصدارة من مجمل الدول المستثمرة في الجزائر‪ ،‬بإجمالي‬
‫استثمارات قدرت سنة ‪ 2017‬بـ ‪ 997.528‬مليون دج‪ ،‬وأغلبها استثمارات الشركات المصرية‬
‫واالستثمارات التونسية في مشاريع البناء والتعمير البنوك والتأمينات والخدمات المصرفية‪،‬‬
‫مصانع اإلسمنت والصناعات الزجاجية‪ ،‬شركات اإلعالم اآللي‪ ،‬االستثمارات الليبية في‬
‫مشاريع الفندقة والسياحة‪ ،‬باإلضافة إلى استثمارات الدول األوروبية‪ ،‬وأهمها االستثمارات‬
‫اإلسبانية في البنوك والتأمينات‪ )group ortiz construction( ،‬البناء واألشغال العمومية‪،‬‬
‫واالستثمارات الفرنسية في مشاريع البرمجيات ‪ Bnp Paribas‬للبنوك والتأمينات ‪Hiram‬‬
‫‪ Finance‬والصناعات الكيميائية‪ Lafarge ،‬لإلسمنت والتعدين‪ ،‬باإلضافة إلى الصناعات‬
‫الغذائية‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫شكل رقم (‪ :)02‬ترتيب الدول المستثمرة خارج المحروقات في الجزائر للفترة (‪)2016-2002‬‬
‫بمليون دينار جزائري‬
‫االتحاد األوروبي; ‪;677,209‬‬
‫‪%23‬‬ ‫افريقيا; ‪%0 ;5,686‬‬
‫أوروبا; ‪%33 ;955,161‬‬
‫آسيا; ‪%6 ;163,102‬‬
‫استراليا; ‪%0 ;2,974‬‬
‫أمريكا ; ‪%2 ;68,163‬‬
‫‪Autre; 32,745; 1%‬‬

‫مستثمرين متعددي الجنسيات;‬


‫الدول العربية; ‪;997,528‬‬ ‫‪%1 ;24,085‬‬
‫‪%35‬‬

‫المصدر‪ :‬إعداد الباحثين باالعتماد على إحصائيات الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار‪ ،‬متوفر على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪، http://www.andi.dz/index.php/fr/declaration-d-investissement/bilan-des-declarations-d-investissement-2002-2015‬‬
‫تاريخ االطالع‪2017-12-30 :‬‬

‫كما نجد االستثمارات اآلسيوية من خالل استثمارات الصين في إقامة البنية التحتية‬
‫ومشاريع األشغال العمومية (‪ )china state consrtuction‬صناعة السيارات‪ ،‬واالستثمارات‬
‫التركية الموجهة إلى الصناعات الغذائية وصناعة األلبسة (‪ ،)taypa tekstil‬وكذا المشاريع‬
‫الخدماتية األخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬التوزيع القطاعي لالستثمارات األجنبية المباشرة خارج المحروقات في الجزائر‪ :‬تتميز‬
‫تدفقات االستثمارات األجنبية المباشرة خارج المحروقات‪ ،‬باالنخفاض الشديد مقارنة‬
‫باالستثمارات األجنبية في قطاع المحروقات‪ ،‬حيث تتركز هذه االستثمارات في قطاع الصناعة‬
‫والبناء واألشغال العمومية‪.‬‬
‫شكل رقم (‪ :)03‬التوزيع القطاعي لالستثمارات األجنبية المباشرة خارج المحروقات في الجزائر‬
‫للفترة (‪)2016-2002‬‬
‫النقل‬ ‫الفالحة السياحة‬ ‫الصحة‬ ‫االتصاالت‬
‫‪%3‬‬ ‫‪%2 %2‬‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪%0‬‬

‫الخدمات‬
‫‪%16‬‬

‫الصناعة‬
‫البناء واألشغال العمومية‬ ‫‪%60‬‬
‫‪%16‬‬

‫المصدر‪ :‬إعداد الباحثين باالعتماد على إحصائيات الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار‪ .‬متوفر على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ ، http://www.andi.dz/index.php/fr/declaration-d-investissement/bilan-des-declarations-d-investissement-2002-2015‬تاريخ االطالع‪-30 :‬‬
‫‪2017-12‬‬
‫نالحظ من خالل الشكل أعاله‪ ،‬أنه من بين ‪ 822‬مشروع استثماري أجنبي منجز في الفترة‬
‫(‪ ،)2016-2002‬نجد ‪ 495‬مشروع في قطاع الصناعة بنسبة ‪ ،%60‬بسبب تركز االستثمارات‬
‫قي ميدان الصناعات الكيماوية واألخرى المرافقة لالستثمار في المحروقات‪ ،‬تليها االستثمار‬
‫في قطاع البناء واألشغال العمومية بـ ‪ 137‬مشروع‪ ،‬نظراً لفتح أالف الورشات الخاصة ببناء‬
‫المساكن والبنية التحتية والطرقات والهياكل الفنية عبر مختلف بقاء الوطن‪ ،‬ثم نجد مشاريع‬
‫الخدمات بـ ‪ 130‬مشروع‪ ،‬ثم باقي القطاعات األخرى من النقل‪ ،‬السياحة‪ ،‬الفالحة‪ ،‬الصحة‬
‫واالتصاالت‪.‬‬
‫وعليه يمكننا االستنتاج مما سبق ذكره‪ ،‬هو ضعف تدفقات االستثمارات األجنبية الوافدة‬
‫إلى الجزائر‪ ،‬خاصة االستثمارات خارج قطاع المحروقات‪ ،‬باإلضافة إلى تركزها في قطاعات‬
‫الصناعة والبناء واألشغال العمومية والخدمات‪ ،‬وهذا راجع إلى ضعف بيئة االستثمار المحلية‬

‫‪149‬‬
‫وضعف المناخ المؤسساتي الذي ال يجذب الشركاء األجانب خاصة في ميادين سهولة القوانين‬
‫واستقرارها‪ ،‬حوكمة النظام اإلداري وغياب البيروقراطية والفساد‪ ،‬توفر الوعاء العقاري‪...‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬اإلطار النظري للبطالة‪ ،‬مع اإلشارة إلى تطورها بالجزائر‬
‫أقرت العديد من الدراسات االقتصادية النظرية والتطبيقية لالستثمارات األجنبية المباشرة‪،‬‬
‫دور هاته االستثمارات األجنبية المباشرة في المساهمة في خلق فرص عمل جديدة‪ ،‬مما يعمل‬
‫على تقلي حجم البطالة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬مفهوم البطالة‪:‬‬
‫البطالة ترتبط بوصف حالة المتعطلين عن العمل القادرين عليه ويبحثون عنه‪ ،‬إال أنهم ال‬
‫يجدونه‪ .1‬كما يعرف المكتب الدولي للعمل البطال‪ :‬على أنه الشخ الذي تتوفر فيه الشروط‬
‫اآلتية‪ :‬أن ال يملك عمالً‪ ،‬وأن يكون باحثا ً عن العمل‪ ،‬وأن يكون على استعداد للعمل‪ ،‬وأن يقوم‬
‫فعالً بالبحث عن عمل وال يجده‪ ،‬كما يجب التنويه هنا‪ ،‬إلى أن هذا التعريف يخت بفئة من‬
‫المجتمع التي تملك القدرة على العمل‪ ،‬وهو المفهوم الذي ينطبق مع مفهوم قوة العمل؛ والذي‬
‫يعني وجود جزء من المجتمع له الرغبة‪ ،‬والقدرة البدنية والمعنوية‪ ،‬والقوة الالزمة للقيام‬
‫بالعمل‪ ،‬ويتخطى السن القانونية الخاصة بذلك‪ .2‬كما يعرف األستاذ إبراهيم مدكور البطالة‪:‬‬
‫" على أنها حالة عدم االستخدام التي تمس األشخاص القادرين على العمل‪ ،‬والذين ليس لديهم‬
‫الفرصة السامحة للعمل‪ ،‬أو هي عبارة عن توقف غير طوعي عن العمل بسبب عدم وجود‬
‫وظيفة أو عمل"‪.3‬‬
‫وقد أوضح العديد من االقتصاديين أن سبب البطالة يعود إلى االختالل الحاصل بين الطلب‬
‫على العمل مع عرضه‪ ،‬أو عدم توازن سوق العمل‪ ،‬الذي يمتزج فيه العديد من المعطيات منها‬
‫سلوكيات العمال‪ ،‬وطالبي العمل أنفسهم وقرارات أرباب العمل‪ ،‬باإلضافة إلى السياسة‬
‫المفروضة من قبل الدولة المتعلقة بالشغل‪ ،‬وتكمن مخاطر البطالة في أنها تستبعد جزء من‬
‫القدرات والطاقات الكامنة في المجتمع‪ ،‬مما يعمل على ضياع عنصر من عناصر اإلنتاج وهو‬
‫المورد البشري‪ ،‬وتشكل فرصة التكلفة الضائعة الناجم عن عدم تشغيلها‪.4‬‬
‫ثانياً‪ :‬دائرة البطالة ضمن حجم السكان اإلجمالي‪:‬‬
‫تتميز دائرة السكان في أي قطر باحتوائها على فئتين من السكان‪ ،‬األولى فئة السكان غير‬
‫النشطين وهم األفراد دون سن العمل أو تجاوزه‪ ،‬باإلضافة إلى الفئة األخرى من المقعدين‬
‫والمرضى والذين يعانون من مشاكل جسدية ونفسية‪ ،‬تعيقهم على مزاولة أنشطة عملية تدر‬
‫عليهم أرباحا ً أو أجوراً معينة‪ ،‬باإلضافة إلى فئة السكان النشطين‪ ،‬وهم السكان الدين يسمح لهم‬
‫سنهم بأداء الوظائف واألعمال‪ ،‬ولإلشارة أنه ال يوجد سن عالمي موحد لمجال القدرة على‬
‫العمل‪ ،‬ففي أمريكا وحسب مكتب اإلحصائيات العمل األمريكي فإنه يتراوح من (‪ )59-16‬سنة‬
‫بينما في فرنسا وحسب المعهد الوطني لإلحصاء والدراسات االقتصادية (‪ )INSEE‬فإنه يشير‬
‫إلى أن سن بدء العمل هو ‪ 15‬سنة‪ ،‬أما بالنسبة إلى الجزائر واستنادا إلى الديوان الوطني‬
‫لإلحصائيات (‪ )ONS‬فإن المجال العمري للعمل هو (‪ )60-16‬سنة‪ ،‬وعليه فإذا أخذنا المجال‬
‫التالي فإن دائرة السكان تساوي‪:‬‬
‫دائرة السكان= الفئة النشطة ‪ 16 ‬سنة‪ 60 -‬سنة ‪ + ‬الفئة غير النشطة ‪ 16 ‬سنة‪ 60  -‬سنة ‪‬‬

‫‪ -1‬بسام العمري وآخرون‪ " ،‬إسقاطات على مؤشرات العمالة في سلطنة عمان"‪ ،‬فعاليات ورشة عمل البطالة في دول مجلس‬
‫التعاون لدول الخليج العربية نحو إستراتيجية للحد من أثارها‪ ،‬الدوحة من ‪ 23-21‬أكتوبر ‪ ،2008‬ص ‪..07‬‬
‫‪ -2‬محمد بن عبد هللا البكر‪ " ،‬البطالة واآلثار النفسية"‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪ ،‬الرياض‪ ،‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم مدكور‪ " ،‬معجم العلوم االجتماعية"‪ ،‬الهيئة المصرية للكتاب‪ ،‬مصر ‪ ،1975‬ص ‪.75‬‬
‫‪ - 4‬عبد الجبار محمود العبيدي‪ " ،‬البطالة بين اشتراطات البيئة التقنية والخطل السياسي واالجتماعي"‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫االقتصادية واإلدارية‪ ،‬المجلد ‪ ،19‬العدد ‪ ،71‬ص ‪.217‬‬

‫‪150‬‬
‫غير أن سوق العمل يهتم فقط بالفئة األول‪ ،‬وهي الفئة النشطة والتي بدورها تنقسم إلى جزئين‪:‬‬
‫الجزء األول يتمثل في الفئة النشطة العاملة وهم مجموع السكان المشتغلون سواء لدى الدولة‬
‫كالمعلمين‪ ،‬اإلداريين‪ ،...‬أو يشتغلون بشكل خاص عند أنفسهم أو عند الغير‪ ،‬والجزء الثاني‬
‫فيتمثل في الفئة العاطلة عن العمل والتي نطلق عليها حجم البطالة الموجود داخل القوة النشطة‪،1‬‬
‫بحيث‪ :‬الفئة النشطة ‪ 16 ‬سنة‪ 60 -‬سنة ‪ = ‬الفئة النشطة العاملة‪ +‬الفئة النشطة العاطلة‬
‫وللحصول على معدل البطالة (‪ )Unemployment Rate‬من دائرة السكان يكفي‬
‫‪2‬‬
‫استخدام المعادلة التالية‪:‬‬

‫ثالثاً‪ :‬أنواع البطالة‪:‬‬


‫يوجد هناك العديد من األنواع المتباينة لظاهرة البطالة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬البطالة االحتكاكية‪ :‬وهي الحالة التي تتميز بوجود بطالة رغم وجود عرض عمل‪ ،‬وتفسر‬
‫هذه الحالة باحتالل اآلالت التقنية في مجاالت العمل‪ ،‬مما يتيح فعالية أكبر في اإلنتاج وسرعة‬
‫أقوى في األداء‪ ،‬كما يصعب مهمة تلقي األيدي العاملة لتكنولوجيا تسيير واستخدام هذه اآلالت‪.3‬‬
‫‪ -2‬البطالة الموسمية‪ :‬وهي ناتجة عن التغيرات الموسمية لبعض النشاطات االقتصادية‬
‫كالزراعة مثالً‪ ،‬والتي تتطلب توفر أيدي عاملة في أوقات معينة من السنة في الخريف وقت‬
‫البذر وفي الصيف وقت الحصاد‪ ،‬بحيث تشكل الفترات األخرى بطالة حقيقية للعديد من‬
‫األشخاص الذين يزاولون نشاطاتهم عند المزارعين‪.4‬‬
‫‪ -3‬البطالة المقنعة‪ :‬وهي البطالة التي تنتج عن وجود حجم معين من العمالة الفائضة عن‬
‫الحاجة الحقيقية للمنشأة‪ ،‬بحيث أنه لو تم استبعادهم بشكل نهائي عن العمل؛ فإن ذلك ال يؤثر‬
‫على مستوى اإلنتاج‪ ،‬أو بعبارة أخرى أنه ال توجد قيمة مضافة يتم توليدها من قبل هذا الفائض‬
‫من العمال‪.‬‬
‫‪ -4‬البطالة الهيكلية‪ :‬هي حالة تعطل جزء من القوى العاملة بسبب التطورات التي تؤدي إلى‬
‫اختالف متطلبات هيكل وبنية االقتصاد الوطني عن طبيعة ونوع العمالة المتوفرة‪.5‬‬
‫‪ -5‬البطالة االختيارية‪ :‬البطالة االختيارية هي البطالة التي تنشأ عن عدم الرغبة في العمل‪،‬‬
‫بسبب عدم مالءمة بعض النشاطات االقتصادية الموجودة‪ ،‬من حيث الجهد أو األجر أو المكان‬
‫أو طبيعة العمل‪.6‬‬
‫‪ -6‬البطالة الدورية‪ :‬تعتبر البطالة الدورية أشد أنواع البطالة تحديا ً للدول الصناعية الكبرى‪،‬‬
‫بصفتها سمة من سمات النظم الرأسمالية‪ .7‬وتظهر هذه البطالة بشكل دوري غير منتظم نتيجة‬
‫التقلبات التي تطرأ على االقتصاد في حد ذاته‪ ،‬بحيث تؤدي حاالت انخفاض الطلب الكلي من‬

‫‪ -1‬البشير عبد الكريم‪ " ،‬دالالت معدل البطالة والعمالة ومصداقيتهما في تفسير فعالية سوق العمل"‪ ،‬مجلة اقتصاديات شمال‬
‫إفريقيا‪ ،‬العدد السادس‪ ، ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪ -2‬وليد ناجي الحيالي‪ " ،‬دراسة بحثية حول البطالة"‪ ،‬دراسة مقدمة إلى األكاديمية العربية بالدنمارك‪ ،‬كلية اإلدارة واالقتصاد‪،‬‬
‫متوفر على الرابط التالي‪ ،http://www.alsafwabooks.com/download-book.php?id=532 :‬ص‪.09‬‬
‫‪ -3‬البشير عبد الكريم‪ " ،‬تصنيفات البطالة ومحاولة قياس الهيكلية والمحبطة منها خالل عقد التسعينيات"‪ ،‬مجلة اقتصاديات‬
‫شمال إفريقيا‪ ،‬العدد األول‪ ،‬السداسي الثاني‪ ،‬جامعة الشلف ‪ ،2004‬ص‪.149‬‬
‫‪ -4‬وليد ناجي الحيالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬
‫‪ -5‬خالد وصفي وأحمد حسين الرفاعي‪ " ،‬مبادئ االقتصاد الكلي بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬االردن‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.268‬‬
‫‪ -6‬البشير عبد الكريم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.165‬‬
‫‪ - 7‬جمال حسن أحمد عيسى السراحنة‪ " ،‬مشكلة البطالة وعالجها دراسة مقارنة بين الفقه والقانون"‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2000 ،‬ص ‪.108‬‬

‫‪151‬‬
‫جهة إلى فقدان جزء من القوة العاملة لوظائفها‪ ،‬والعكس صحيح عند ارتفاع الطلب الكلي للسلع‬
‫والخدمات من جهة أخرى‪.1‬‬
‫رابعاً‪ :‬عالقة البطالة بالنمو والتضخم‪:‬‬
‫للبطالة عالقة هامة ومباشرة مع المؤشرات االقتصادية األخرى كالنمو االقتصادي‬
‫والتضخم‪.‬‬
‫‪ -1‬عالقة البطالة بالنمو االقتصادي‪ :‬من المؤكد أن تكون العالقة عكسية بين النمو االقتصادي‬
‫والبطالة؛ بحيث إذا ارتفع معدل النمو االقتصادي انخفضت البطالة‪ ،‬وفي هذا الصدد يوجد‬
‫‪2‬‬
‫اتجاهان‪:‬‬
‫‪ -‬االتجاه األول‪ :‬حسب التحليل الكينزي الذي يركز على سياسة إنعاش الطلب‪ ،‬فإن البطالة‬
‫تنخفض بشكل تلقائي من جراء ارتفاع النمو االقتصادي‪ ،‬وارتفاع الطلب على اليد العاملة من‬
‫طرف المؤسسات‪.‬‬
‫‪ -‬االتجاه الثاني‪ :‬يرتكز هذا االتجاه على أن تخفيض البطالة عن طريق ارتفاع النمو‪ ،‬يتم من‬
‫خالل دعم العرض وزيادة ربحية ومردودية المشاريع‪ .‬العالقة القياسية الرائجة بين النمو‬
‫االقتصادي والبطالة هي عالقة (‪ ،)okun‬حيث تختلف نسبة تأثير النمو على البطالة من دولة‬
‫إلى أخرى‪ ،‬حسب درجة مرونة البطالة (‪ )b‬في استجابتها للتغير االيجابي للنمو االقتصادي‪،‬‬
‫حيث تفترض عالقة (‪ )okun‬أنها تتراوح بين ‪ 0.32-‬و‪ 0.36-‬في االتحاد األوروبي ومنطقة‬
‫اليورو‪ ،‬وهو ما يعني ضرورة تحقيق نمو قدره ‪ %3‬لتخفيض البطالة بنسبة ‪ %1‬بالنسبة لهذه‬
‫الدول‪.‬‬
‫‪ -2‬عالقة البطالة بالتضخم‪ :‬التضخم هو االرتفاع المستمر في المستوى العام لألسعار لفترة‬
‫طويلة نسبياً‪ ،‬وهناك عالقة سببية عكسية ما بين البطالة ومعدل التضخم‪ ،‬وقد أكدها في عام‬
‫(‪ )1960‬عالم االقتصاد " اديموند فليبس " ومثل ذلك بمنحنى يسمى منحنى فيليبس ( ‪Phillips‬‬
‫‪ ،)curve‬وهي العالقة التي أكدتها فيما بعد العديد من الدراسات التطبيقية األخرى‪.3‬‬
‫خامساً‪ :‬تطور معدالت البطالة في الجزائر‪:‬‬
‫بلغ معدل البطالة في الجزائر ‪ %10.5‬في سنة ‪ ،2016‬وتمثل بطالة الشباب (‪ 24-16‬سنة)‬
‫نسبة ‪ ،4%26.7‬والشكل التالي يوضح تطورات معدل البطالة في الجزائر للفترة (‪.)2016-2000‬‬
‫شكل رقم (‪ :)04‬معدل البطالة في الجزائر للفترة (‪ )2016-2000‬الوحدة‪% :‬‬

‫‪28,9‬‬ ‫‪27,3‬‬
‫‪23,7‬‬
‫‪17,7‬‬
‫‪15,3‬‬ ‫‪13,8‬‬
‫‪12,3‬‬ ‫‪11,3‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪10,6‬‬ ‫‪11,2‬‬
‫‪10,2‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪9,8‬‬ ‫‪10,5‬‬

‫‪2000‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2016‬‬

‫المصدر‪ :‬إعداد الباحثين باالعتماد على إحصائيات وزارة المالية الجزائرية‪ ،‬متوفرة على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ ، http://www.dgpp-mf.gov.dz/images/stories/PDF/retrospective/population/emploi_chomage2017.pdf‬تاريخ االطالع‪:‬‬
‫‪.2017/12/30‬‬
‫يمكننا تقسيم الشكل أعاله إلى قسمين‪:‬‬

‫‪ -1‬البشير عبد الكريم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.155‬‬


‫‪ -2‬مختاري فيصل‪ " ،‬العالقة بين البطالة والنمو االقتصادي"‪ ،‬الندوة العربية حول البطالة‪ ،‬جامعة البليدة‪ ،‬أيام ‪ 25‬و‪27‬‬
‫أفريل ‪ ، ،2006‬ص‪.04‬‬
‫‪ -3‬وليد ناجي الحيالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬
‫‪4- Ministère des finances ; direction générale de la prévision et des politiques sur : www.dgpp-‬‬
‫‪mf.gov.dz/index.php/retrospective ,vu le 30/12/2017.‬‬

‫‪152‬‬
‫‪ -1‬القسم األول‪ :‬ويمتد عبر الفترة (‪ ،)2009-2000‬حيث شهدت فيها معدالت البطالة في‬
‫الجزائر تراجعا ً محسوساً‪ ،‬حيث انخفضت النسبة من ‪ %28.9‬سنة ‪ 2000‬إلى ‪ %11.3‬سنة‬
‫‪ ،2009‬وهذا راجع إلى العديد من التدابير واالقتراحات التي قدمتها الحكومة في هذا الشأن‬
‫تزامنا مع الصدمة البترولية االيجابية التي أدت إلى ارتفاع أسعار البترول في السوق الدولية‬
‫ومن ثمة ارتفاع اإليرادات الوطنية‪ ،‬حيث قامت الحكومة في هذا الصدد بـ‪:‬‬
‫‪ ‬تسطير برنامج اإلنعاش االقتصادي للفترة (‪ )2004-2000‬بغالف مالي قدره ‪ 525‬مليار‬
‫دج موجه لبرامج التنمية الفالحية الريفية وبرامج تمويل برامج دعم الشباب‪.‬‬
‫‪ ‬إعالن البرنامج الخماسي التكميلي للفترة (‪ 2005‬إلى ‪ )2009‬بميزانية قدرها ‪ 4200‬مليار‬
‫دج لدعم النمو واستحداث مليوني منصب عمل‪.‬‬
‫‪ -2‬القسم الثاني‪ :‬ويمتد عبر الفترة (‪ ،)2016-2010‬حيث عرفت معدالت البطالة استقراراً في‬
‫حدود ‪ %10.44‬كمتوسط لهذه الفترة‪ ،‬نتيجة استمرار الدولة في سياسات دعم التشغيل والقضاء‬
‫على البطالة واالعتماد على آليات مباشرة لتشغيل الشباب وهي‪ :‬القرض المصغر‪ ،‬صندوق‬
‫الزكاة‪ ،‬وكالة تشغيل الشباب‪ ،‬البرنامج الوطني لتأهيل المؤسسات‪ ،‬الوكالة الوطنية للتنمية‬
‫االجتماعية‪ ،‬الصندوق الوطني للتامين على البطالة‪ ،‬عقود اإلدماج المهني‪ ،‬الشبكات‬
‫االجتماعية‪ ،‬صندوق ضمان القروض الموجهة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬مساهمة تدفقات االستثمارات األجنبية المباشرة في الحد‬
‫من البطالة في الجزائر‬
‫يعتبر التأثير على سوق العمل والحد من مستويات البطالة أحد ايجابيات االستثمارات‬
‫األجنبية المباشرة‪ ،‬حسب العديد من الدراسات النظرية والتطبيقية‪ ،‬وهذا من خالل تأثيرها‬
‫الموجب على منحنيات اإلنتاج‪ ،‬ومن ثم الدفع بعجلة عرض العمل‪ ،‬وتقلي الطلب عليه مما‬
‫ينجم عليه تقلي معدالت البطالة‪ ،‬وقد عملت الجزائر وكثفت جهودها من أجل زيادة تدفقات‬
‫االستثمارات األجنبية المباشرة الوافدة‪ ،‬لزيادة التوظيف والقضاء على البطالة المتفاقمة في‬
‫الجزائر‪ ،‬نتيجة لعدة أسباب من بينها النمو الديمغرافي المتزايد‪ ،‬تمركز السكان في المدن‬
‫وهجرة األرياف رغم كل المحاوالت لتثبيتهم في األرياف‪ ،‬زيادة التسرب المدرسي‪ ،‬ضعف‬
‫التشغيل في القطاع الصناعي‪ ،‬تزايد حدة البطالة االحتكاكية نتيجة دخول المعدات واآلالت‬
‫الحديثة لخط اإلنتاج‪....‬‬
‫أوالً‪ :‬دور االستثمارات األجنبية المباشرة في التشغيل في الجزائر‪ :‬سنقوم في هذا الصدد‬
‫بدراسة حجم التوظيف في الشركات األجنبية العاملة في مختلف القطاعات االقتصادية خارج‬
‫المحروقات‪ ،‬وتحليل توزيع هاته االستثمارات عبر القطاعات المختلفة‪.‬‬
‫نالحظ من خالل الشكل أدناه المبين لعدد المشتغلين في االستثمارات المعلنة لدى وكالة‬
‫(‪ )ANDI‬للفترة (‪ )2016-2002‬التفاوت النسبي إلجمالي التشغيل في االستثمارات الوطنية مقابل‬
‫االستثمارات المختلطة سواء األجنبية أو بالشراكة‪ ،‬حيث من ضمن ‪ 1138412‬منصب عمل‬
‫وفرته مجموع االستثمارات المقامة في الفترة قيد الدراسة‪ ،‬نجد أن ‪ 119525‬منصب شغل‬
‫مقترن باالستثمارات المختلطة‪ ،‬أي بنسبة تقدر بـ ‪ ،%10.49‬في حين يقدر التشغيل في‬
‫االستثمارات الوطنية ب ‪ 1018887‬نصب شغل أي ما يمثل ‪ %89.50‬من إجمالي المشتغلين‪،‬‬

‫‪153‬‬
‫شكل رقم (‪ :)05‬نسبة التشغيل في االستثمارات األجنبية المباشرة مقارنة بإجمالي‬
‫االستثمارات في الجزائر للفترة (‪)2016-2002‬‬
‫استثمارات مختلطة;‬
‫‪119525‬‬

‫استثمارات المحليين;‬
‫‪1018887‬‬

‫المصدر‪ :‬إعداد الباحثين باالعتماد على إحصائيات الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار‪ ،‬متوفر على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪، http://www.andi.dz/index.php/fr/declaration-d-investissement/bilan-des-declarations-d-investissement-2002-2015‬‬
‫تاريخ االطالع‪.2017-12-30 :‬‬
‫غير أننا نالحظ من جانب آخر أن عدد االستثمارات المختلطة وصل إلى ‪ 822‬مشروع‬
‫بمعدل توظيف قدره ‪ 145‬منصب شغل لكل مشروع‪ ،‬في حين وصل عدد المشاريع المقامة من‬
‫قبل المحليين إلى ‪ 62982‬مشروع‪ ،‬بمعدل توظيف قدره ‪ 16‬منصب شغل لكل مشروع‪ ،‬وهو‬
‫إن دل على شيء؛ فإنما يدل على القيمة الحقيقية للتوظيف في المشروعات المختلطة عكس‬
‫المشاريع االستثمارية المقامة من قبل المحليين‪.‬‬
‫وقد بلغ عدد مشروعات االستثمارات األجنبية في الجزائر ‪ 381‬مشروعا خالل الفترة ما‬
‫بين ‪ 2003‬و ‪ ،2015‬تم تنفيذها من طرف ‪ 315‬شركة عربية وأجنبية‪ ،‬وتشير التقديرات إلى أن‬
‫التكلفة االستثمارية اإلجمالية لتلك المشروعات تبلغ نحو ‪ 60‬مليار دوالر‪ ،‬وتوظف ‪ 92‬الف‬
‫عامل‪.1‬‬
‫ثانياً‪ :‬التوزيع القطاعي للمشتغلين في مشاريع االستثمارات األجنبية المباشرة في الجزائر‬
‫يسمح هذا الجانب من الدراسة بتحليل أهم القطاعات االقتصادية التي تستقطب أكبر عدد من‬
‫العمال لدى االستثمارات األجنبية المباشرة المقامة في الجزائر‪ ،‬والشكل أدناه يوضح ذلك‪.‬‬
‫لقد وصل عدد المشتغلين في المشاريع المقامة من قبل االستثمارات األجنبية المباشرة في‬
‫الجزائر إلى ‪ 119525‬منصب عمل في الفترة (‪ ،)2016-2002‬من خالل ‪ 822‬مشروع‪ ،‬حيث‬
‫نالحظ من الشكل أدناه ‪ ،‬أن التوظيف في االستثمارات األجنبية في الجزائر يتركز في قطاع‬
‫الصناعة ب ‪ 70793‬منصب شغل‪ ،‬تتوزع في نشاطات الصناعات الغذائية‪ ،‬الصناعات‬
‫الكيمائية‪ ،‬الصيدلة‪ ،‬التعدين‪ ،‬صناعة اإللكترونيك وصناعة االسمنت‪ ،...‬بقيمة مالية وصلت‬
‫إلى ‪ 1783922‬مليون دج‪ ،‬وقطاع البناء واألشغال العمومية الذي يوظف ‪ 23.040‬منصب عمل‪،‬‬
‫مع انطالق مشاريع بناء السكنات وإنجاز الطرقات‪ ،‬وقد قامت بهذه المشاريع كل من الصين‬
‫اإلمارات العربية المتحدة وإسبانيا وفرنسا بقيمة مالية قدرت ب ‪ 77661‬مليون دج‪ ،‬ثم قطاع‬
‫الخدمات بـ ‪ 13342‬منصب شغل في الخدمات البنكية والتأمينات‪ ،‬حيث وصلت المبالغ‬
‫المستثمرة في هذا القطاع إلى ‪ 119139‬مليون دج‪.‬‬

‫‪ 1‬المؤسسة العربية لضمان االستثمار وائتمان الصادرات‪ " ،‬مناخ األعمال في الدول العربية‪ :‬مؤشر ضمان جاذبية االستثمار‬
‫‪ ،"2016‬الكويت‪ ،2016 ،‬ص ‪.118‬‬

‫‪154‬‬
‫شكل رقم (‪ :)06‬التشغيل في االستثمارات األجنبية المباشرة المنجزة في مختلف القطاعات‬
‫للفترة (‪)2016-2002‬‬
‫الفالحة‬ ‫‪618‬‬
‫االتصاالت‬ ‫‪1500‬‬
‫النقل‬ ‫‪1727‬‬
‫الصحة‬ ‫‪2196‬‬
‫السياحة‬ ‫‪6309‬‬
‫الخدمات‬ ‫‪13342‬‬
‫البناء واألشغال العمومية‬ ‫‪23040‬‬
‫الصناعة‬ ‫‪70793‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪10000‬‬ ‫‪20000‬‬ ‫‪30000‬‬ ‫‪40000‬‬ ‫‪50000‬‬ ‫‪60000‬‬ ‫‪70000‬‬ ‫‪80000‬‬

‫المصدر‪ :‬إعداد الباحثان باالعتماد على احصائيات الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار‪ ،‬متوفر على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪، http://www.andi.dz/index.php/fr/declaration-d-investissement/bilan-des-declarations-d-investissement-2002-2015‬‬
‫تاريخ االطالع‪.2017-12-31 :‬‬
‫وقد شهد قطاع السياحة تطوراً من حيث االستثمارات األجنبية المقامة‪ ،‬والتي وصلت سنة‬
‫‪ 2017‬إلى ‪ 14‬مشروع سياحي بمبلغ ‪ 113.772‬مليون دج‪ ،‬وحجم توظيف قدره ‪ 6309‬منصب‬
‫عمل‪ ،‬في حين تبقى القطاعات األخرى كالصحة‪ ،‬النقل االتصاالت والفالحة ال تمثل في مجملها‬
‫سوى ‪ 42‬مشروع استثماري‪ ،‬أما من ناحية التوظيف فقد ساهمت االستثمارات األجنبية في‬
‫هذه القطاعات ب ‪ 6041‬منصب عمل‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫تحظى االستثمارات األجنبية المباشرة أهمية كبيرة في الحياة االقتصادية للدول النامية‪،‬‬
‫من خالل مساهمتها الفعالة في تحقيق النمو االقتصادي‪ ،‬تحسين موازين المدفوعات نقل‬
‫التكنولوجيا الحديثة وكفاءة العمل في الشركات المضيفة‪ ،‬زيادة معدالت التوظيف ورفع الضغط‬
‫تدريجياً عن سوق العمل‪ ،‬وفي الجزائر الحظنا من خالل المعطيات التي تقدمها الوكالة الوطنية‬
‫لتطوير االستثمار (‪ )ANDI‬أن مساهمة الشركاء األجانب في دعم التوظيف والقضاء على‬
‫البطالة في الفترة (‪ ،)2016-2002‬كانت جد إيجابية‪ ،‬خاصة في قطاع الصناعة والبناء واألشغال‬
‫العمومية والخدمات‪.‬‬
‫نتائج البحث‪ :‬لقد سمحت لنا هذا الدراسة بالخروج بمجموعة من النتائج التي تتلخ في النقاط‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬االستثمارات األجنبية المباشرة نوع من أنواع التمويل الدولي الذي يسمح بتملك المستثمر‬
‫األجنبي لمشاريع في دول غير دولته األصلية‪.‬‬
‫‪ -‬لالستثمارات األجنبية المباشرة دور هام في تحقيق النمو‪ ،‬تحسين ميزان المدفوعات‪ ،‬نقل‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬توفير مناصب الشغل‪ ،...‬كما تنطوي على بعض السلبيات المرتبطة بتحويل‬
‫األموال دون إعادة استثمارها وعدم المحافظة على البيئة‪...‬‬
‫‪ -‬تعاني الجزائر من ضعف في التدفقات الوافدة من االستثمارات األجنبية المباشرة وتركزها‬
‫في قطاع المحروقات‪ ،‬وهذا نتيجة ضعف مناخ االستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬البطالة مشكلة اقتصادية واجتماعية تعاني منها العديد من دول العالم‪ ،‬ولها آثار على حياة‬
‫وسلوك الفرد وعلى المجتمع‪ .‬وهناك عدة أنواع من البطالة مرتبطة بمسبباتها وظروف‬
‫نشأتها‪ ،‬كالبطالة االحتكاكية‪ ،‬الهيكلية‪ ،‬الموسمية‪ ،‬االختيارية‪ ،‬الدورية‬
‫‪ -‬رغم كل الجهود المبذولة في الجزائر لتحسين مستوى التوظيف وتوفير فرص العمل‪ ،‬إال أن‬
‫معدالت البطالة ال تزال مرتفعة نوعا ً ما‪.‬‬
‫‪ -‬لقد سمحت االستثمارات األجنبية المباشرة الوافدة إلى الجزائر في الفترة (‪)2016-2002‬‬
‫بامتصاص جزء هام من الطلب على العمل‪.‬‬
‫‪ -‬تتميز المشاريع األجنبية المقامة بالجزائر بأنها مشاريع كثيفة العمل‪ ،‬مقارنة بتلك المشاريع‬
‫الوطنية‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫توصيات البحث‪:‬‬
‫‪ -‬إرساء مبادئ الحوكمة الراشدة لتفعيل مناخ االستثمار الوطني تجاه الشركاء األجانب‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع االستثمارات األجنبية المباشرة في القطاعات خارج المحروقات‪.‬‬
‫‪ -‬إيجاد قنوات تواصل أكثر فعالية بين المؤسسات الوطنية وشريكتها األجنبية في ميادين‬
‫التكنولوجيا والمعرفة وتكوين الموارد البشرية‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير السوق المالي بشكل يسمح بتمويل مالي كافي سواء للشركات الوطنية أو األجنبية‪.‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ -1‬إبراهيم مدكور‪ " ،‬معجم العلوم االجتماعية"‪ ،‬الهيئة المصرية للكتاب‪ ،‬مصر‪.1975 ،‬‬
‫‪ -2‬قدي عبد المجيد‪ " ،‬المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية (دراسة تحليلية تقيميه)"‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد السالم أبو قحف‪ " ،‬نظريات التدويل وجدوى االستثمارات األجنبية"‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ -4‬خالد وصفي وأحمد حسين الرفاعي‪ " ،‬مبادئ االقتصاد الكلي بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬دار وائل للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬االردن‪.2002 ،‬‬
‫‪ -5‬جمال حسن أحمد عيسى السراحنة‪ " ،‬مشكلة البطالة وعالجها دراسة مقارنة بين الفقه والقانون"‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2000 ،‬‬
‫‪ -6‬محمد بن عبد هللا البكر‪" ،‬البطالة واآلثار النفسية"‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪ ،‬الرياض‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -7‬بولرباح غريب‪ " ،‬العوامل المحفزة لجذب االستثمارات األجنبية المباشرة وطرق تقييمها دراسة حالة‬
‫الجزائر"‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬العدد ‪ ،10‬جامعة ورقلة‪ ،‬سنة ‪2012‬‬
‫‪ -8‬البشير عبد الكريم‪ " ،‬دالالت معدل البطالة والعمالة ومصداقيتهما في تفسير فعالية سوق العمل"‪ ،‬مجلة‬
‫اقتصاديات شمال إفريقيا‪ ،‬العدد السادس‪.‬‬
‫‪ -9‬البشير عبد الكريم‪ " ،‬تصنيفات البطالة ومحاولة قياس الهيكلية والمحبطة منها خالل عقد التسعينيات"‪،‬‬
‫مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا‪ ،‬العدد األول‪ ،‬السداسي الثاني‪ ،‬جامعة الشلف ‪. 2004‬‬
‫‪ -10‬عبد الجبار محمود العبيدي‪ " ،‬البطالة بين اشتراطات البيئة التقنية والخطل السياسي واالجتماعي"‪ ،‬مجلة‬
‫العلوم االقتصادية واإلدارية‪ ،‬المجلد ‪ ،19‬العدد ‪.71‬‬
‫‪ -11‬المؤسسة العربية لضمان االستثمار وائتمان الصادرات‪ " ،‬مناخ األعمال في الدول العربية‪ :‬مؤشر ضمان‬
‫جاذبية االستثمار ‪ ،"2016‬الكويت‪.2016 ،‬‬
‫‪ -12‬علي لطفي‪ " ،‬االستثمارات العربية ومستقبل التعاون االقتصادي العربي"‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية‬
‫اإلدارية‪ ،‬جامعة الدول العربية‪ ،‬مصر ‪.2009‬‬
‫‪ -13‬بسام العمري وآخرون‪ " ،‬إسقاطات على مؤشرات العمالة في سلطنة عمان"‪ ،‬فعاليات ورشة عمل البطالة‬
‫في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نحو إستراتيجية للحد من أثارها‪ ،‬الدوحة من ‪ 23-21‬أكتوبر ‪.2008‬‬
‫‪ -14‬حسن بن رفدان الهجهوج‪ " ،‬اتجاهات ومحددات االستثمار األجنبي المباشر في دول مجلس التعاون‬
‫الخليجي"‪ ،‬مؤتمر التمويل واالستثمار‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬جامعة الدول العربية مصر ‪.2006‬‬
‫‪ -15‬مختاري فيصل‪ " ،‬العالقة بين البطالة والنمو االقتصادي"‪ ،‬الندوة العربية حول البطالة‪ ،‬جامعة البليدة‪،‬‬
‫أيام ‪ 25‬و‪ 27‬أفريل ‪2006‬‬
‫‪ -16‬وليد ناجي الحيالي‪ " ،‬دراسة بحثية حول البطالة"‪ ،‬دراسة مقدمة إلى األكاديمية العربية بالدنمارك‪ ،‬كلية‬
‫اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬متوفر على الرابط التالي‪http://www.alsafwabooks.com/download- :‬‬
‫‪book.php?id=532‬‬
‫‪17- Caroule balusse," l’investissement", Bréal, France ,2007.‬‬
‫‪18- www.dgpp-mf.gov.dz‬‬
‫‪19- www.andi.dz‬‬
‫‪20- data.worldbank.org‬‬

‫‪156‬‬

You might also like