Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 119

‫ﺟ ﺎﻣﻌﺔ ﳏـــــﻤﺪ ﺑﻮﺿ ﯿﺎف ‪ -‬اﳌﺴ ﯿ‬

‫ﳇ ﯿﺔ اﳊﻘـــﻮق واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ‬


‫ﻗﺴﻢ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ‬

‫اﳌﻀﺎﻣﲔ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﲅ ا ٕﻻدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬


‫ﻣﺬ ﺮة ﻣﳬ ﳌﻘ ﻀﯿﺎت ﻧﯿﻞ ﺷﻬﺎدة اﳌﺎﺳﱰ ﰲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ‬
‫ﲣﺼﺺ‪ :‬إدارة و ﺣﲀﻣﺔ ﳏﻠﯿﺔ‬

‫ٕاﴍاف ا ٔﺳﺘﺎذ‪:‬‬ ‫ﻣﻦ ٕا ﺪاد اﻟﻄﺎﻟﺒﺔ‪:‬‬


‫د‪ .‬اﻟﺴﻌﯿﺪ ﳇﯿﻮات‬ ‫ﻣ ﲑة ﺷﺎﯾﺐ ذراع‬

‫ﳉﻨﺔ اﳌﻨﺎﻗﺸﺔ‬
‫رﺋ ﺴﺎ‬ ‫ا ٔﺳﺘﺎذ‪ :‬ﻧﻮري دوﱊ‬
‫ﻣ ﺎﻗﺸﺎ‬ ‫ا ٔﺳﺘﺎذ‪ :‬د‪ .‬ﶊﺪ ﺑﻠﻌﺴﻞ‬
‫ﻣﴩﻓﺎ‬ ‫ا ٔﺳﺘﺎذ‪ :‬د‪ .‬اﻟﺴﻌﯿﺪ ﳇﯿﻮات‬
‫اﻟﺴﻨﺔ اﳉﺎﻣﻌﯿﺔ‪2016/2015:‬‬
‫ﻛﻠﻤ ــﺔ ﺷﻜـ ــﺮ‬
‫ﻋز و ﺟل‬ ‫إن اﻟﺷﻛر ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون أوﻻ و أﺧﯾرا‬
‫ﻓﻧﺣﻣده ﺣﻣدا ﻛﺛﯾرا ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾﻘﮫ‬
‫ﻟﻧﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ أﺗﻘدم ﺑﺟزﯾل اﻟﺷﻛر و اﻟﺗﻘدﯾر و اﻻﺣﺗرام و‬
‫اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﻔﺿل‬
‫ﻟﻸﺳﺗﺎذ اﻟﻛرﯾم" ﻛﻠﯾوات اﻟﺳﻌﯾد" اﻟذي ﻛﺎن ﻋوﻧﺎ و ﺳﻧدا‬
‫ﻟﻲ ﻣن‬
‫ﺧﻼل اﻟﻧﺻﺎﺋﺢ اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﮭﺎ ﻟﻲ طوال ﻓﺗرة اﻹﺷراف ﻋﻠﻰ‬
‫ھذه اﻟﻣذﻛرة‪ ،‬و ﺗوﺟﯾﮭﻲ و‬
‫ﺗﺷﺟﯾﻌﻲ و ﻧﺳﺄل ﷲ أن ﯾﺟزﯾﮫ ﻋﻧﺎ ﺧﯾر اﻟﺟزاء آﻣﯾن‪.‬‬
‫و إﻟﻰ اﻟﺷﻣوع اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗرق ﻟﺗﻧﯾر درب اﻟﻌﻠم إﻟﻰ ﻛل ﻣن‬
‫ﻋﻠﻣﻧﺎ ﺣرﻓﺎ و ﻛﺎن ﻟﻧﺎ ﻋوﻧﺎ ﻓﻲ‬
‫ﻛل أطواري اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ إﻟﻰ ﻛل أﺳﺎﺗذﺗﻲ اﻟﻛرام ﺣﻔظﮭم ﷲ‬
‫إﻫﺪاء‬

‫اﻫﺪي ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ إﻟﻰ ‪:‬‬

‫اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ اﻟﻜﺮﻳﻤﻴﻦ و إﻟﻰ زوﺟﻲ وإﺧﻮﺗﻲ و إﻟﻰ ﻛﻞ‬


‫ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻨﻲ و اﺧﺬ ﺑﻴﺪي و أﻧﺎر ﻟﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻠﻢ و‬
‫اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪.‬‬

‫ﻣﻨﻴ ـﺮة‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬
‫ﻣﻘدﻣــــــــــﺔ‬

‫ﯾﻌد اﻹﻧﺳﺎن ذو طﺑﯾﻌﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﯾﺗﻛﺗل ﻣﻊ ﺑﻧﻲ ﺟﻧﺳﻪ ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﺑﺷرﯾﺔ‪ ،‬ذات‬
‫اﻫﺗﻣﺎﻣﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻣﺗﻧوﻋﺔ‪ .‬ﻟذا ﻓوﺟود اﻹدارة ﺣﺗﻣﻲ ﻓﻲ ﻛل اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗﻠك إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت‬
‫ﻣﺎدﯾﺔ وﻓﻧﯾﺔ وطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺗﺳﺎﻋدﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق أﻫداﻓﻬﺎ وﺗﻧﻔﯾذ واﺟﺑﺎﺗﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻓﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾزﺧر ﺑﺎﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﻧظﯾم أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ وﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﺗﻲ‬
‫أﻧﺷﺄت ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ وﻧﺟﺎﺣﻬﺎ أو ﻓﺷﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺎ ﺗﺻﺑو إﻟﯾﻪ‪ ،‬وﻫذا ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ‬
‫ﻧوﻋﯾﺔ اﻷداء اﻹداري وﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻪ وﻣﻘدرة ﻗﺎدﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد اﻷﻫداف اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺑﻲ رﻏﺑﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫وﺧﻠق أﻧظﻣﺔ ﺟدﯾدة ﺗﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن ﺗﺟﻧﯾد اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ‪ ،‬وﻟذﻟك ﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن دراﺳﺔ‬
‫اﻟﻧﻣﺎذج واﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻧﺎﺟﺣﺔ ﻟﺗطور ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﻧﺟد أن ﻣﻔﻬوم ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻣر ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗطورات‪،‬ﻣﻊ اﺧﺗﻼف اﻟﻧظم‬


‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﻛﻣت اﻟﻌﺎﻟم واﻟظروف واﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻛذﻟك‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻌد ظﺎﻫرة ﻣن‬
‫ظواﻫر اﻟﺗﻌﺎون اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ‪،‬ﺣﯾث أﻧﻬﺎ ﻋﻠم ﻟﻪ أﺳﺳﻪ وﻣﺑﺎدﺋﻪ اﻟﺟوﻫرﯾﺔ‪ ،‬إﻻ اﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﻧظر‬
‫إﻟﯾﻬﺎ ﻛﺄﺣد اﻟﻔﻧون اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ داﺧل ﻧطﺎق اﻟﻔن اﻟﻌﺎم‪ ،‬اﻟذي ﯾدرس اﻟﺗﻌﺎون اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ‬
‫ﻫو ﺗﻠﺑﯾﺔ ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫ﻣﺟﺗﻣﻌﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻر‪.‬وﻟﻛن ﯾﺑﻘﻰ اﻟﻬدف اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻬﺎ‬
‫ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﻣطﻠوب‪ ،‬وﺗﺣﻘﯾق اﻟرﻗﻲ واﻟرﺷد ﻓﻲ اﻷداء داﺧل اﻹدارات اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻊ‬
‫اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ وﺗﺷﺟﯾﻊ اﻻرﺗﻘﺎء ﺑﻣﺳﺗوى اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻣﻘدﻣﺔ وﺟودﺗﻬﺎ‪ ،‬وﺗﻘﻠﯾل ﺗﻛﺎﻟﯾﻔﻬﺎ‬
‫واﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﺳﺗﻬﻼك اﻟﻣوارد‪.‬‬

‫ﻟذﻟك ﻧﺟد أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة ظﻬرت ﺗﺣدﯾﺎت ﻋدﯾدة ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﻋﻠﻰ اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻣن أﻫم ﻫذﻩ اﻟﺗﺣدﯾﺎت اﺧﺗﻼف دور اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ‪ ،‬ﺗﺧﺻﯾص وﺗطور‬
‫ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻻﺗﺻﺎﻻت واﻟﻌوﻟﻣﺔ‪.‬وﻟﻛﻲ ﯾﺗﻣﻛن اﻟﻘطﺎع اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﻣن ﻣواﺟﻬﺔ ﺗﻠك‬
‫اﻟﺗﻐﯾرات اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ واﻟﺑﯾﺋﯾﺔ¸ﯾﻧﺑﻐﻲ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟﺗطورات اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻹدارة¸وﻛذا ﺗﺟﺎرب اﻟدول اﻷﺧرى ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﻫذﻩ اﻟﺗﻐﯾرات‪.‬‬

‫أ‬
‫أﻫﻣﯾﺔ اﻟدراﺳــﺔ‪:‬‬

‫ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص أﻫﻣﯾﺔ اﻟدراﺳﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻗﻠﺔ اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎول اﻟﻣﺿﺎﻣﯾن اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻌﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ -2‬إن اﻟﻣوﺿوع ﯾﺗﻧﺎول دراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺗﻲ ﻫﻲ اﻟرﻛﯾزة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻷي دوﻟﺔ ﺣدﯾﺛﺔ‪.‬‬

‫أﻫداف اﻟدراﺳــﺔ‪:‬‬

‫ﯾﻣﺛل اﻟﻬدف اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻟﻠدراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻘق ﻣن اﻓﺗراﺿﺎﺗﻪ واﻟﺗوﺻل إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑﺷﺎن‬
‫ﺗﺳﺎؤﻻت ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺑﺣث‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﺑرز أﻫداف اﻟدراﺳﺔ ﻓﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ أﻫم اﻟﺗطورات اﻟﺗﻲ ﻣر ﺑﻬﺎ ﺣﻘل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﺑر اﻟﻌﺻور‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻣﻌرﻓﺔ ﻣدى ﺗﺄﺛﯾر ﻫذا اﻟﺣﻘل اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى‪.‬‬

‫‪ -3‬دراﺳﺔ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﺗﻐﯾر دور اﻟدوﻟﺔ واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺑررات اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣوﺿوع‪:‬‬

‫ﻟﻌل اﻫﺗﻣﺎم اﻟﺑﺎﺣث ورﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﻧﺎول ﻣوﺿوع ﻣﻌﯾن‪ ،‬ﻫو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻋﺗﺑﺎرات ذاﺗﯾﺔ ﺗرﺗﺑط ﺑﺷﺧص اﻟﺑﺎﺣث‪ ،‬وﺗوﺟﻪ اﻫﺗﻣﺎﻣﺎﺗﻪ ﺑﺣﻛم اﻟﻣﯾل ﻧﺣو ﻣوﺿوﻋﺎت‬
‫ﻣﻌﯾﻧﺔ‪.‬و أﺧرى ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺗرﺗﺑط ﺑﻣواﺻﻔﺎت ﻣوﺿوع اﻟدراﺳﺔ ﻣن ﺣﯾث ﻗﯾﻣﺗﻪ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬وﻛذا‬
‫ﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﺑﺣث ﻓﯾﻪ‪ ،‬وﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص أﻫم ﻣﺑررات ﺗﻧﺎول ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﻣﺑررات اﻟذاﺗﯾﺔ‪:‬‬

‫‪ ‬واﻟﺗﻲ ﺗﻧطﻠق ﻓﻲ أوﻟﻬﺎ ﻣن اﻻﻫﺗﻣﺎم اﻟﺷﺧﺻﻲ‪ ،‬وﻣن ﻋﻣق ﺗﺧﺻﺻﻧﺎ اﻷﻛﺎدﯾﻣﻲ‬


‫ﺑﻣوﺿوع اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺗﻣﺛل ﻣرﺗﻛز اﻟﻧﻬوض ﺑﺟودة اﻟﺣﻛم‪.‬‬

‫ب‬
‫‪ ‬ﻛﻣﺎ ﯾﻌد ﻣوﺿوع دراﺳﺗﻧﺎ ذو أﻫﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﯾﺗﻲ‪ ،‬وﻛذﻟك إرادﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ‬
‫ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺣﺳﺎﺳﺔ واﻟﻣﻌﺎﺻرة‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﻣﺎزاﻟت ﻣﺣل ﺟدل ﻟدى اﻟﻌدﯾد ﻣن‬
‫اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟدارﺳﯾن ﻓﻲ ﺣﻘل اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬وﻛﻣﺎ ﺗﻧﺑﻊ إرادﺗﻧﺎ‪ ،‬ﻣن ﻛﺛرة ﻣﺷﺎﻫدة ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻣواطن ﻣن ﺛﻘل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻹدارﯾﺔ‬

‫) اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻠﺑﯾروﻗراطﯾﺔ( دﻓﻌﺗﻧﻲ ﻟدراﺳﺔ ﻣﺛل ﻫذا اﻟﻣوﺿوع‪.‬‬

‫إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾدان‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -(2‬اﻟﻣﺑررات اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ‪:‬‬

‫ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻧﻘص اﻟواﺿﺢ اﻟذي ﺗﻌﺎﻧﯾﻪ ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد‬ ‫‪‬‬
‫ﺑوﺿﯾﺎف ﺑﺎﻟﻣﺳﯾﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬وﺗﻧﺑﺛق‬
‫ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻣن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻣوﺿوع اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗوﻓر ﻋﻧﺻر اﻟﺟدة ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣوﺿوع ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟطرح اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻷﻛﺎدﯾﻣﻲ‪ ،‬وﻣﺣدودﯾﺔ اﻟدراﺳﺎت واﻷﺑﺣﺎث اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ‬
‫ﺑﻪ‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ ﯾﺷﺟﻊ اﻟدارﺳﯾن ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻻﺟﺗﻬﺎد‪ ،‬وﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺛراء اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ ﺟواﻧﺑﻪ اﻟﻧظرﯾﺔ‬
‫واﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ‪.‬‬
‫أدﺑﯾﺎت اﻟدراﺳــــﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺗﺑرز اﻟدراﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﺗﻬﺎ ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ ﺑﻌﻧوان ﺣﺎﻟﺔ "ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن"‪ ،‬رؤﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻧﻬﺿﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫرة –ﻛﻠﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎد واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪-‬‬
‫اﻟﻌدد اﻷول‪ ،‬أﻛﺗوﺑر ‪.1999‬ﺣﯾث ﺗﻧﺎوﻟت ﺗطور اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘدﯾم ﺗﺣﻠﯾل وﺗﻔﺳﯾر‬
‫ﻷﻫم اﻟﻣدارس واﻟﻣﻧظورات اﻟﻛﺑرى وﺗطور اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬وأدوات اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ‬
‫واﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﻣﺣورﯾﺔ ﻟﻠﺣﻘل اﻟﻣﻌرﻓﻲ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻛذﻟك ﻧﺟد دراﺳﺔ ﻋﺑد اﻟﻣﻌطﻲ ﻣﺣﻣد ﻋﺳﺎف ﺗﺣت ﻋﻧوان" ﻧﺣو ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ‬
‫ﻟﻺدارة"‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ ﻛﻠﯾﺔ ﺑﻐداد ﻟﻠﻌﻠوم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟﺛﻼﺛون‪ .2012،‬واﻟذي ﺗﺣدث‬

‫ج‬
‫ﻓﯾﻬﺎ ﻋن ﺗطور ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻹدارة اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﻓﯾﻬﺎ ﻣراﻋﺎة ﻋﻧﺻرﯾن ﻫﺎﻣﯾن ﻫﻣﺎ‪ :‬ﻣﻌرﻓﺔ ﺧﺻﺎﺋص‬
‫وﺣدة اﻟﺑﻧﺎء اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺗﻣﯾﯾز أو ﻋدم اﻟﺧﻠط ﺑﯾن ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ وﻓﻠﺳﻔﺔ اﻹدارة ‪ .‬ﻛﻣﺎ‬
‫ﺗﺣدث ﻋن ﻧﻣوذج اﻹدارة ﺑﺎﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ أو ﻣﺎ اﺳﻣﺎﻩ ﺑﻧﻣوذج اﻟﺗﻔوق اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ‪.‬‬

‫إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟدراﺳــﺔ‪:‬‬

‫ﺗﻧﺣﺻر إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟدراﺳﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫‪ ‬ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺿﺎﻣﯾن اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﺷﺗﻣل ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ؟‬

‫وﯾﺷﺗق ﻣن ﺻﻣﯾم ﻫذا اﻟﺳؤال اﻟرﺋﯾﺳﻲ أﺳﺋﻠﺔ ﻓرﻋﯾﺔ ﺗﻣﺛﻠت ﻓﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﻟﻧﺎ ﺗﻘدﯾم ﺧدﻣﺎت أﻛﺛر و أﻓﺿل ﺑﺎﻟﻣوارد اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ؟‬

‫‪ -2‬ﻛﯾف ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻣن اﻟﺧدﻣﺎت ﻣﻊ إﻧﻔﺎق ﻗدر أﻗل‬

‫ﻣن اﻷﻣوال ؟‬

‫‪ -3‬ﻫل ﯾؤدي ﺗﻘدﯾم ﻫذﻩ اﻟﺧدﻣﺎت إﻟﻰ ﺗﺣﺳﯾن اﻟﻌداﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ؟‬

‫ﻓـرﺿﯾــﺎت اﻟدراﺳﺔ‪:‬‬

‫ﺗﻣﺛﻠت ﻓرﺿﯾﺎت اﻟدراﺳﺔ ﻓﻲ ‪:‬‬

‫اﻟﻔرﺿﯾﺔ اﻷوﻟﻰ‪ :‬ﻗد ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻧﺟﺎح اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻣرﻫون ﺑﻛﻔﺎءة وﺟودة إدارﺗﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫اﻟﻔرﺿﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ :‬ظﻬور ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻛﻔﯾل ﺑﺗوﻓﯾر وﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟدراﺳﺔ‪:‬‬

‫ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻫذﻩ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ وﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﯾﺛﯾرﻫﺎ اﻟﻣوﺿوع ‪ ،‬ﺳﻧﻘوم ﺑﺈﺗﺑﺎع ﻣﻧﻬﺞ‬
‫ﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾن أوﺟﻪ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟدراﺳﺔ ﯾوﺻﻠﻧﺎ ﻓﻲ اﻷﺧﯾر إﻟﻰ ﺗﺣﻠﯾل ﺷﺎﻣل ﻟﻛل ﺟواﻧب‬

‫د‬
‫اﻟﻣوﺿوع ‪ ،‬وﻫذا ﺑﺎﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟوﺻﻔﻲ ﺑﺄﺳﻠوب ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟوﺻف‪ ،‬اﻟذي ﻧﺣﺎول‬
‫ﻣن ﺧﻼﻟﻪ اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم وﻧوازن ﻋﻠﻰ ﺿوءﻩ ﻣﺧﺗﻠف اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت واﻻﺧﺗﻼﻓﺎت‬
‫وﻧﺟﻣﻊ ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﻼﺣظﺎت واﻻﻧﺗﻘﺎدات ‪ ،‬ﻣﻊ اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻣﻘﺎرن وﺗوظﯾﻔﻪ ﻋﻧد اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى‬
‫‪ ،‬ﻛﻣﺎ اﻋﺗﻣدﻧﺎ ﻛذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ اﻟذي ﯾوﺿﺢ ﻟﻧﺎ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗطور اﻹدارة ﻛﻧﺷﺎط ﻋﺑر‬
‫ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﺻور واﻟﻣراﺣل اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺷﻬدﻫﺎ اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ اﻟدراﺳﺔ‪:‬‬

‫ﺗﺗﺿﻣن دراﺳﺔ اﻟﻣوﺿوع ﻣﻘدﻣﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﯾﺗﺑﻌﻬﺎ ﺛﻼث ﻓﺻول ﺛم اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﺗطرﻗﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻷول إﻟﻰ اﻹطﺎر أﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻗد ﺑدأﻧﺎ ﻓﻲ ﻫذا‬
‫اﻟﻔﺻل ﺑﺎﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻛذا ﺗطورﻫﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻘد ﺧﺻص ﻟﺿﺑط اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻌرﻓﻲ ﻟﺣﻘل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬وﻓﯾﻪ ﺗم‬
‫اﻟﺗطرق ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺑﻘﯾﺔ اﻟﻌﻠوم‪ ،‬وﻛذا أﻫم ﻣداﺧل دراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻛذا إﺑراز‬
‫ﺗﺄﺛﯾر ﺣﻘل إدارة اﻷﻋﻣﺎل ﻋﻠﻰ ﺣﻘل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫وأﺧﯾ ار اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث اﻟذي ﺗطرﻗﻧﺎ ﻓﯾﻪ إﻟﻰ ﻧﻣطﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﺗﻐﯾر دور اﻟدوﻟﺔ‬
‫واﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻌﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬و اﻟذي ﺗﺿﻣن ﺛﻼث اﺗﺟﺎﻫﺎت ﻓﻛرﯾﺔ ﻟﻌﻠم اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ) اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻛفء‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻛفء اﻟﻌﺎدﻟﺔ‪ ،‬ﻣن ﻛﻔﺎءة اﻹدارة إﻟﻰ ﻛﻔﺎءة اﻟﺣﻛم‬
‫واﻹدارة ﻣﻌﺎ(‪.‬‬

‫ﻫذا وﻗد اﺣﺗوى ﻛل ﻓﺻل ﻋﻠﻰ ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ أوﻟﻪ وﻋﻠﻰ ﺧﻼﺻﺔ واﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت ﻓﻲ اﻷﺧﯾر‪.‬‬

‫وأﺧﯾ ار أﺗﻣﻣﻧﺎ اﻟدراﺳﺔ ﺑﺧﺎﺗﻣﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣوﺿوع‪.‬‬

‫ه‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪:‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎھﯾﻣﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪:‬اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﺗﻌد اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ اﻷﻫداف ﺳواء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎدي أو اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬وﻣﺣﻠﯾﺔ ﻛﺎﻧت أو ﻣرﻛزﯾﺔ‪ .‬ﻓﻼ ﯾوﺟد ﻣﺎ ﻫو أﻫم ﻣن‬
‫اﻹدارة ﻓﻲ ﻣﻬﻣﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺗرﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﻧﻔﯾذ وﺗﻧﺳﯾق اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬وﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ﺑواﺳطﺔ اﻷﻓراد اﻟذﯾن‬
‫ﯾﻘوﻣون ﺑﺗﻠك اﻟوظﺎﺋف اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛﻠﻬﺎ اﻹدارة ﻟﻠﺧروج ﺑﻬﺎ ﻣن داﺋرة اﻟﺗﺧﻠف إﻟﻰ طرﯾق اﻟﺗﻘدم‪،‬‬
‫واﻟﻠﺣﺎق ﺑرﻛب اﻟﺣﺿﺎرة واﻟرﺧﺎء‪.‬‬

‫و إن أﺧذ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻬذﻩ اﻷﻫﻣﯾﺔ ﻟم ﯾﺣدث ﻓﺟﺄة ودﻓﻌﺔ واﺣدة‪ ،‬ﺑل ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣراﺣل‬
‫طوﯾﻠﺔ ﻣن اﻟﺗطور ﺑدأت ﻣﻊ ﻓﺟر اﻟﺗﺎرﯾﺦ‪ ،‬واﺳﺗﻣرت ﺣﺗﻰ ﯾوﻣﻧﺎ ﻫذا‪.‬‬

‫وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﺳﻧﻘوم ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔﺻل اﻟﺗﻣﻬﯾدي ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﺗطورﻫﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ وﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﻫل اﻹدارة ﻫﻲ ﻋﻠم أم ﻓن أم ﻣﻬﻧﺔ‪ ،‬وﻛذا اﻟﺗطرق‬
‫إﻟﻰ أﻫﻣﯾﺔ ووظﯾﻔﺔ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻠﻲ أو اﻟﻣرﻛزي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫إن ﻧﻘطﺔ اﻟﺑداﯾﺔ ﻓﻲ دراﺳﺔ أي ﻋﻠم ﻣن اﻟﻌﻠوم ﻫﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم ﻫذا اﻟﻌﻠم‪ ،‬وذﻟك ﻗﺑل‬
‫اﻟﺧوض ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺷﻣﻠﻬﺎ ﻫذا اﻟﻌﻠم‪.‬‬

‫ﻓﻣﻔﻬوم اﻹدارة ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣﻔﻬوم ﺣدﯾث اﻟﻧﺷﺄة‪ ،‬أﻣﺎ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺗطﺑﯾق و‬
‫اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻓﻣﻔﻬوﻣﻪ ﻗدﯾم ﻗدم اﻟﺑﺷرﯾﺔ وﻋﺻورﻫﺎ‪ ،‬ﺣﯾث أﻧﻬﺎ وﺟدت ﻓﻲ ﻛل اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ‬
‫ﺑﺄﺻوﻟﻬﺎ و ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻬﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ إذا ﻓﻬﻲ ﺗرﺗﺑط ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت أو اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﺗﻌرﯾف اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم‪ :‬أﺻﺑﺣت اﻹدارة ﻓﻲ وﻗﺗﻧﺎ اﻟﺣﺎﺿر ﻣن أﻫم ﺣﻘﺎﺋق‬
‫اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت و ﻓﻲ ﻛل‬
‫اﻟدول‪ ،‬و ﻟﻬﺎ اﻟﯾد ﻓﻲ ﺗﻘرﯾر اﻷﻣور و ﺗﺻرﯾف ﺷؤون اﻟﺣﯾﺎة وﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﺗﻲ ﯾطﻣﺢ‬
‫‪1‬‬
‫إﻟﯾﻬﺎ ﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬ﺑﺄﻋﻠﻰ ﻗدر ﻣﻣﻛن ﻣن اﻟﻛﻔﺎءة‪ ،‬ووﻓق رﻏﺑﺎت إو ﯾرادات ﻣواطﻧﯾﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻟذﻟك ﻓﻛﻠﻣﺔ اﻹدارة ﻣﺄﺧوذة ﻣن ﻛﻠﻣﺔ )‪ (Administre‬أي ﯾدﯾر‪ ،‬و ﻫذا اﻟﻔﻌل ﻣﺷﺗق ﺑدورﻩ‬
‫ﻣن اﻷﺻل اﻟﻼﺗﯾﻧﻲ و ﻫو )‪ ،(Administrare‬و ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ ﺣﺳب ﻗﺎﻣوس‬
‫) ‪، diriger ،fournir، Aider ، Servir ( Le Petit Larousse1982‬أي ﯾﺧدم و ﯾﺳﺎﻋد و‬
‫ﯾورد‪ ،‬وﯾوﺟﻪ‪ ،...‬ﻟﻬذا ﻓﺈن ﻛﻠﻣﺔ اﻹدارة ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ :‬ﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن ﻛﻠﻣﺔ‪ :‬أدار‪ ،‬ﯾدﯾر‪ ،‬أي‬
‫ﯾﺧطط و ﯾﻧظم و ﯾوﺟﻪ و ﯾراﻗب‪...‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ" اﻷﺳس و اﻟوظﺎﺋف و اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ ،‬ط‪ ،7‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‬
‫اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺷﻘري‪ ،2013،‬ص ‪.3‬‬

‫‪10‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫و ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﺈن ﻛﻠﻣﺔ اﻹدارة ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻧﯾﺎن‪ 1.‬اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷول "ﻋﺎم"‪ :‬دل ﻋﻠﻰ إدارة‬
‫اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻬدف اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم و إذا ﻣﺎ أﺿﯾف إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ "ﺧﺎص"‪ :‬دل ﻋﻠﻰ‬
‫‪2‬‬
‫إدارة اﻟﻣﺷروﻋﺎت اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ و اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻬدف اﻟرﺑﺢ‪.‬‬

‫و ﻗد ﻋﺑر اﻟﻛﺛﯾرون ﻋن ﻣﻌﻧﻰ اﻹدارة ﺑطرق ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ و ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﺳﺗﻌراض ﻣﻠﺧص ﻋن‬
‫أﺑرز ﻣﺎ ﻗدﻣﻪ ﻫؤﻻء ﺣول ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﻋرﻓت داﺋرة اﻟﻣﻌﺎرف ﻟﻠﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻹدارة ﺑﺄﻧﻬﺎ‪ »:‬اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﻧﻔﯾذ‬
‫ﻏرض ﻣﻌﯾن‪ ،‬واﻹﺷراف ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾﻘﻪ‪ ،‬و ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﻣﺷﺗرك ﻷﻧواع و درﺟﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﺟﻬد اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ‪ ،‬اﻟذي ﯾﺑذل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ «‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺟون ﻣﻲ ‪ John M‬ﻓﻌرف اﻹدارة ﺑﺄﻧﻬﺎ‪ » :‬ﻓن اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ أﻗﺻﻰ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﺑﺄﻗل‬
‫ﺟﻬد‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن ﺗﺣﻘﯾق أﻗﺻﻰ رواج و ﺳﻌﺎدة ﻟﻛل ﻣن ﻣﻧﺎﺻب اﻟﻌﻣل و اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن‪ ،‬ﻣﻊ ﺗﻘدﯾم‬
‫‪4‬‬
‫أﻓﺿل ﺧدﻣﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ «‪.‬‬

‫ﺑﻌدﻣﺎ ﺗوﺻﻠﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﻌرﯾف اﻹدارة‪ ،‬ﻓﻣﺎذا ﻋن ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ؟‬

‫ﻓﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻠﻐوي ﻣن اﻷﺻل اﻟﻼﺗﯾﻧﻲ‪ :‬ﺟﺎء اﻟﻣﻔﻬوم ﻣن ﻛﻠﻣﺔ )‪ (Administrare‬ﺣﯾث اﻟﻣﻘطﻊ‬


‫‪ ، Ad = To‬واﻟﻣﻘطﻊ ‪، Ministrate = Serve‬أي أن اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﯾﻌﻧﻲ" ﺗﻘدﯾم ﺧدﻣﺔ"‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫ﻛﻠﻣﺔ )‪ (public‬ﻓﺗﻌﻧﻲ "اﻟﻌﺎﻣﺔ" أو اﻟﺟﻬﺎت اﻟرﺳﻣﯾﺔ أو اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ .‬و ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﻘول‬

‫‪1‬‬
‫ﺑن ﻋﯾﺷﺔ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد‪))،‬اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر((‪) ،‬أطروﺣﺔ دﻛﺗوراﻩ‪ .‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫اﻟﺟزاﺋر)‪ ،(2011/2010 ¸(1‬ص ‪.24‬‬
‫‪2‬‬
‫طﻠق ﻋوض اﷲ اﻟﺳواط‪ ،‬طﻠﻌت ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﺳﻧدي‪ ،‬طﻼل ﻣﺳﻠط اﻟﺷرﯾف‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم‪-‬اﻟوظﺎﺋف‪-‬اﻷﻧﺷطﺔ‪،‬‬
‫د‪.‬م‪.‬ن‪ :‬دار ﺣﺎﻓظ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ 3‬ﻣوﺳﻰ ﺧﻠﯾل‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬اﻟﻣﺑﺎدئ‪ -‬اﻟوظﺎﺋف‪ -‬اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺑﯾروت‪ :‬ﻣﺟد اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر‬
‫واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،2005 ،‬ص‪.16‬‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪،‬ص ‪.16‬‬

‫‪11‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫)‪ (public Service‬ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ " اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ"‪ ،‬ﻟذﻟك ﺗﻌﻧﻲ )‪(Public Administation‬‬
‫‪1‬‬
‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬أو اﻹدارة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﺗﻌﻧﻲ ﻋﻣوﻣﯾﺔ اﻹدارة ‪،‬أﻧﻬﺎ ﺗرﻣﻲ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻣﺿﻣوﻧﻬﺎ اﻟﺷﺎﻣل‪ ،‬و‬
‫ﺑﻣﺎ ﯾﻧطوي ﻋﻠﯾﻪ ذﻟك ﻣن أﻫداف وﺧطط و ﺳﯾﺎﺳﺎت ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ‪ ،‬واﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﺻطﻼﺣﻲ‪:‬‬
‫"اﻹدارة "و"اﻟﻌﺎﻣﺔ "ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن ﺗﻌرﯾف اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ » :‬ﺑﺄﻧﻬﺎ أﺳﻠوب ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪،‬‬
‫أو ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻷﻋﻣﺎل و اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻐرض ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﺗﻲ ﺗرﻣﻲ إﻟﯾﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﺄﻛﺑر ﻛﻔﺎﯾﺔ و ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ«‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﻧﺟد ﺗﻌرﯾف اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﯾوﻧﺎرد ﻫواﯾت ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ‪ »:‬ﻛل اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺳﺗﻬدف ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ « ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻌرﻓﻬﺎ اﻷﺳﺗﺎذان ‪ Phiffner،Presthuse‬ﺑﻌﺑﺎرة‬
‫ﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﺑﺄن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟواﺳﻊ‪ »:‬ﺗﻧﺳﯾق اﻟﺟﻬود اﻟﻣﺗﻌددة ﺑﻘﺻد ﺗﺣﻘﯾق‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ « ‪.‬ﻛﻣﺎ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﺑﺄﻧﻬﺎ‪ »:‬ﺗﺗﻛون أﺳﺎﺳﺎ ﻣن ﻣﺟﻣوع اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت و‬
‫اﻹﺟراءات و اﻟﺧطوات اﻟﺗﻲ ﻫدﻓﻬﺎ ﺗﻧﻔﯾذ أو ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ «‪.3‬‬

‫أﻣﺎ دراﻛر ﻓﯾﻌرف اﻹدارة ﺑﺄﻧﻬﺎ‪ »:‬وظﯾﻔﺔ و ﻣﻌرﻓﺔ‪ ،‬وﻋﻣل ﯾﺗم إﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬و ﯾطﺑق اﻟﻣدﯾرون‬
‫‪4‬‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻫذﻩ اﻟوظﺎﺋف وﺗﻠك اﻷﻋﻣﺎل «‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾرى ﻛوﻧﺗز و أدوﻧﺎل أن اﻹدارة ﻫﻲ‪ » :‬وظﯾﻔﺔ ﺗﻧﻔﯾذ اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﺧﻼل اﻵﺧرﯾن«‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﺗؤﻛد دراﺳﺎت أﺧرى ﺑﺄن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام اﻟﻧظرﯾﺎت واﻷﺟﻬزة اﻹدارﯾﺔ‬

‫‪1‬‬
‫ﻣوﻓق ﺣدﯾد ﻣﺣﻣد‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬ﻫﯾﻛﻠﺔ اﻷﺟﻬزة وﺻﻧﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت وﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺑراﻣﺞ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬ط‪،1‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار اﻟﺷروق‬
‫ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،2000 ،‬ص‪.17‬‬
‫‪2‬‬
‫دروﯾش ﻣﺣﻣد اﺑراﻫﯾم‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬ﻣطﺑﻌﺔ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪ ،2008،‬ص ‪.13‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻧﺻر ﻣﻬﻧﺎ‪ ،‬ﺗﺣدﯾث ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻣﺣﻠﯾﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬ﻣؤﺳﺳﺔ ﺷﺑﺎب اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ‪ ،2005،‬ص‪.30‬‬
‫‪4‬‬
‫اﺣﻣد ﻓوزي ﻣﻠوﺧﯾﺔ‪ ،‬اﻹدارة ﻟرﺟﺎل اﻷﻋﻣﺎل واﻟﺣﻛوﻣﺎت‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬ﻣرﻛز اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب‪ .2009 ،‬ص‪.8‬‬
‫‪5‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.8‬‬

‫‪12‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻟﻼﺿطﻼع ﺑﻣﻬﺎم ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ و ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻣن أﺟل ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻬﺎم‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ واﻟﺧدﻣﺎت‪.‬‬

‫و ﺑﻬذا ﺗﻛون اﻹدارة ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗوﺟﯾﻪ وﻗﯾﺎدة ﻟﻠﺟﻬود اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﺧطﯾط و‬
‫اﻟﻘررات و اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻬﺎز اﻟﺗﻧﻔﯾذي ﻟﻠدوﻟﺔ ﺑﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟواﺳﻊ ‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر‬
‫اﻟﺗﻧﺳﯾق و اﺗﺧﺎذ ا‬
‫‪2‬‬
‫أن ﻫذﻩ اﻟوظﺎﺋف ﻫﻲ اﻟرﻛﺎﺋز أو اﻷﺳس و اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣﻧﻬﺎ اﻹدارة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈﻧﻪ ﻟﯾس ﻣن اﻟﺳﻬل وﺿﻊ ﺗﻌرﯾف واﺣد ﻋﺎم و ﺷﺎﻣل و ﻣﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻟﻺدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﯾرﺟﻊ ذﻟك ﻟﻸﺳﺑﺎب اﻵﺗﯾﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬إن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻌﻧﺻر اﻟﺑﺷري و ﻣن ﺛم‬
‫ﯾﺻﻌب اﻟﺗﻌﻣﯾم‪ ،‬و ﺗﻌدد وﺟﻬﺎت اﻟﻧظر ﻷي ﻣﻔﻬوم أو ﻣﺻطﻠﺢ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺗﻌدد ﻣدارس اﻹدارة و ﻣﻧﺎﻫﺟﻬﺎ و ﻣن ﺛم اﺧﺗﻼف اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت ﺣﺳب اﻟﻣدرﺳﺔ اﻹدارﯾﺔ‬
‫‪ -3‬ﺗﻌدد ﻣداﺧل دراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﺳب ﻣﺟﺎل اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟذي ﯾﺷﺗق ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗﻌرﯾف‪ ،‬ﻫل‬
‫ﻫﻲ ﻣﻌرﻓﺔ إدارﯾﺔ أم ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ أم ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪....‬‬
‫ﻓﺎﻹدارة ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت و اﻟﺑراﻣﺞ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﻟﯾﺳت ﻏﺎﯾﺔ‪ ،‬إﻧﻣﺎ‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﺟرد وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻫدف ﻣﻌﯾن‪.‬‬
‫وﯾﻣﻛن ﺗﻌرﯾف اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ‪ » :‬أﺳﻠوب ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و اﻷﺳس اﻹدارﯾﺔ‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻘق أﻫداف اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ «‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‪ ،‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم واﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻟﻲ أﺳﻠوب اﻟﺣﻛم واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻧﯾوﯾورك‪ :‬اﻟﻣﺟﻠس‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪3/ 27،‬آذار‪/‬ﻣﺎرس‪ ،2006‬ص‪.6‬‬

‫‪2‬‬
‫اﺣﻣد ﻓوزي ﻣﻠوﺧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻫﺎﻟﺔ ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﻋﻧﺑﻪ‪ ،‬ﻧﯾﻔﯾن ﻋزت اﻟﺣﺑﯾﺷﻲ‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرة‪ ،2008 ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪4‬‬
‫اﺣﻣد ﻣﺻطﻔﻰ ﺧﺎطر‪ ،‬اﻹدارة وﻣﻧظﻣﺎت اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ :‬اﻷﺳس اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬اﻟﻣﻛﺗب‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﺣدﯾث‪ ،2007 ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪13‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻧﺷﺄة اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬


‫ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﯾﻌﺗﺑر ﺣدﯾث اﻟﻧﺷﺄة‪ ،‬إذ ﻻ ﯾرﺑو ﻋﻣرﻩ ﻋﻠﻰ ﻗرن‬
‫ﻣن اﻟزﻣﺎن ‪ ،‬أو ﯾزﯾد ﻋﻧﻪ‪ ،‬ﻓﺈن اﻹدارة ﻛﻧﺷﺎط ﺣﻛوﻣﻲ ﯾرﺟﻊ ﻋﻣوﻣﺎ إﻟﻰ آﻻف اﻟﺳﻧﯾن‪ ،‬و‬
‫ﺳﻧﻌرض أﻫم ﻣراﺣﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ‪:‬‬

‫ﻋرﻓت ﻣﺻر اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺛﻼث آﻻف ﻋﺎم ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد ﻧظﺎﻣﺎ ﺑﯾروﻗراطﯾﺎ ﻣﺗﻘدﻣﺎ‪ 1.‬ﺣﯾث ﻛﺎن‬
‫ﻟﻬﺎ ﻧﺻﯾب ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺑزوغ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ اﻟﻣﻌروﻓﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﻟﻲ‪ ،‬و ﻓﻲ ظﻬور اﻟﻔﻛر‬
‫اﻹداري و اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻔرﻋوﻧﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧب ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻬرﻣﻲ‪ ،‬ﺣﯾث‬
‫ﯾﻛون ﻓﻲ ﻗﻣﺔ اﻟﻬرم ﻓرﻋون ﻣﻠك ﻣﺻر‪ ،‬ﺛم ﺗﺣت ﻫذﻩ اﻟﻘﻣﺔ ﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﺗﺳﻠﺳل ﺗﻧﺎزﻟﻲ أﺧذ ﻓﻲ‬
‫اﻻﺗﺳﺎع‪-‬اﻟﻧﺑﻼء‪ ،-‬ﺛم ﻛﺑﺎر ﻣوظﻔﻲ اﻟدوﻟﺔ ‪ ،‬ﺛم اﻟﻛﺗﺎب واﻟﺣرﻓﯾﯾن و اﻟﻌﻣﺎل ﻏﯾر اﻟﻣﻬرة‪ ،‬ﺛم‬
‫اﻟﻔﻼﺣون‪ 2.‬ﺣﯾث أﻧﻬم اﺳﺗﻌﻣﻠوا اﻟﺗﺧطﯾط ﻣن أﺟل اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣوارد اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ‪ :‬ﻓﻔﻲ ﺟزﯾرة‬
‫أﺳوان ﺑﻣﺟرى اﻟﻧﯾل‪ ،‬ﺗم اﻟﻧﺣت ﻋﻠﻰ ﺻﺧورﻫﺎ ﺑﺎﻟﻬﯾروﻏﻠﯾﻔﯾﺔ ‪ -‬ﻣﻘﯾﺎس ﯾوﺿﺢ ﻣﻧﺳوب ﻣﯾﺎﻩ‬
‫اﻟﻧﯾل‪ ،-‬ﺑواﺳطﺗﻪ ﯾﻘدرون ﻣﺳﺗوى اﻟﻔﯾﺿﺎن‪ ،‬و ﻛﻣﯾﺔ اﻟﻣﯾﺎﻩ‪ ،‬و ﻧوع اﻟﻣﺣﺎﺻﯾل‪ ،‬و ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ‬
‫ﺣﺳﺎﺑﯾﺔ ﯾﻘدرون ﻫل ﻫﻧﺎك ﻓﺎﺋض ﻟﻠﺧزن أم ﻗﺣط‪ .‬وﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺗﻣﺎﺛل إﻟﻰ ﺣد ﻛﺑﯾر اﻟﺗﺧطﯾط‬
‫‪3‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﺻﯾﻧﯾﺔ‪:‬‬

‫إن اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﯾن ﻗدﯾﻣﺎ ﺗرﻛت أﺛ ار ﻛﺑﯾرا‪ ،‬ﺣﯾث إن ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ ﻛﺎﻧت ﺑﻬﺎ‬
‫إدارة ﻋظﯾﻣﺔ‪ ،‬واﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك إﻗﺎﻣﺔ ﺳور اﻟﺻﯾن اﻟﻌظﯾم اﻟذي ﻛﺎن ﻫدﻓﻪ ﻫو ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺣﻣد إﺑراﻫﯾم دروﯾش ‪ ،‬ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣد ﺑدران‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻧﻌﯾم إﺑ ارﻫﯾم اﻟظﺎﻫر‪ ،‬أﺳﺎﺳﯾﺎت اﻹدارة‪ :‬اﻟﻣﺑﺎدئ و اﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻋﻣﺎن‪ :‬ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب اﻟﺣدﯾث ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ‪،‬‬
‫وﺟدا ار ﻟﻠﻛﺗﺎب اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ‪ ، 2009،‬ص‪.27‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺻﺎﻟﺢ ﺷﺎﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋذي‪ ،‬اﻹدارة‪ :‬أﺻوﻟﻬﺎ و أﻓﻛﺎرﻫﺎ‪ ،‬ﺑﻐداد‪ :‬دار اﻟﻌراب ودار ﻧور ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر واﻟﺗرﺟﻣﺔ‪،2010 ،‬‬
‫ص‪.29‬‬

‫‪14‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﺣﯾث ﯾﻌد اﺣد ﻋﺟﺎﺋب اﻟدﻧﯾﺎ ﻓﻲ ﯾوﻣﻧﺎ ﻫذا‪ .‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ظﻬور اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺻﻧﺎﻋﺎت واﻟﺣرف‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﺄﻛد ﻋﻠﻰ اﻹدارة اﻟﺣﻛﯾﻣﺔ‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﻟوﻻﻫﺎ ﻟﻣﺎ اﻧﺗﻌﺷت ﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟورق و اﻟطﺑﺎﻋﺔ‪ ،‬ﺑل إن‬
‫ﻧظﺎم اﻷﺳرة ﻛوﺣدة ﻣﻧﺗﺟﺔ ظﻬرت ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﯾن اﻟﻘدﯾﻣﺔ ‪ ،‬ﺑﻌدﻫﺎ اﻧﺗﺷرت ﻓﻲ ﺷرق‬
‫آﺳﯾﺎ ﻣﺗﻰ ﺻﺎرت أﺳﻠوب ﻟﺗﺟﻣﯾﻊ اﻟﺻﻧﺎﻋﺎت اﻟوﺳﯾطﺔ وأﺻﺑﺣت ﺗدرس ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫد ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ‬
‫ﻛﻧظﺎم ﻋﻣل ﺟدﯾد ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺗوظﯾف اﻷﯾدي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻛﺛﯾرة اﻟﻌدد دون اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻟوﺟود ﻣﺻﺎﻧﻊ‬
‫ﻛﺑﯾرة ﻣﻌﻘدة اﻟوظﺎﺋف‪ 1.‬وﻋﻠﻰ ذﻛر اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﺻﯾﻧﯾﺔ ﻧﺟد اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻛوﻧﻔوﺷﯾوﺳﯾﺔ ﻟرﺟل‬
‫اﻟﺻﯾن اﻟﻌظﯾم وﻓﯾﻠﺳوﻓﻬﺎ ﻛوﻧﻔوﺷﯾوس )‪ (479-551‬ق‪.‬م‪ ،‬اﻟذي ﺗوﻟﻰ إدارة إﺣدى اﻟدوﯾﻼت‬
‫اﻷﺳرﯾﺔ‪ ،‬و ﺑﻔﺿل ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ اﻹدارﯾﺔ و ﺣﺳن ﻗﯾﺎدﺗﻪ‪ ،‬ﺗم اﻹطﺎﺣﺔ ﺑﻪ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻔرغ ﺑﻌدﻫﺎ ﻟﻧﺷر‬
‫‪2‬‬
‫ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻹدارة‪.‬‬

‫و ﻣن أﻫم ﻣﺑﺎدئ ﻛوﻧﻔوﺷﯾوس ﺑﺷﺄن اﻟدوﻟﺔ و اﻹدارة ﻧذﻛر أﻫﻣﻬﺎ‪:‬‬


‫أ‪ .‬أن اﻹدارة اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ﻫﻲ وﺳﯾﻠﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎﻟﺢ‪.‬‬
‫ب‪ .‬ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﻛم أن ﯾﻘود اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟﺣﻛﻣﺔ و ﯾﻛﺑﺢ ﺟﻣﺎﺣﻬم ﺑﺎﻟﻠﺑﺎﻗﺔ‪ ،‬و ﻋﻧدﺋذ ﺗﺳودﻫم‬
‫اﻟطﯾﺑﺔ و اﻟﺻﻼح‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ج‪ .‬اﻹدارة اﻟﻘوﯾﺔ و اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺻﺎﻟﺣﺔ و اﻟﻣﻠﺗزﻣﺔ أداة اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﺑﺎﺑﻠﯾﺔ ‪:‬‬


‫ﺧﻠﻘت ﻫذﻩ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻵﺛﺎر اﻟداﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣدى اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ و‬
‫إدارﺗﻬﺎ ﺑﻔﻌﺎﻟﯾﺔ‪ .‬ﻫذا إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻫﺗﻣﺎم ﺣﻣوراﺑﻲ ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻹدارﯾﺔ ﻟﺗﻧظﯾم ﻧﺷﺎط‬
‫ﺗداول اﻷﻣوال واﻷراﺿﻲ واﻟﻌﻘﺎرات واﻟﺗﺟﺎرة واﻷﺳرة واﻟﻌﻣل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اﺣﻣد ﻣﺻطﻔﻰ ﺧﺎطر‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﺎﻣر اﻟﻛﺑﯾﺳﻲ‪ ،‬اﻟﻔﻛر اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ‪ :‬اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﺑﯾن اﻟﺗﻘﻠﯾد و اﻟﻣﻌﺎﺻرة‪ ،‬ط‪ ،1‬دﻣﺷق‪ :‬دار اﻟرﺿﺎ ﻟﻠﻧﺷر‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص ‪.25‬‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪،‬ص ‪.26‬‬

‫‪15‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫و ﻣن ﺑﯾن ﺗﻠك اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺟور واﻟﺣواﻓز واﻟرﻗﺎﺑﺔ واﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬


‫‪1‬‬
‫واﻟﺳﻠطﺔ وﻏﯾرﻫﺎ‪.‬‬

‫‪ -4‬اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ‪:‬‬

‫إو ذا اﻧﺗﻘﻠﻧﺎ إﻟﻰ دوﻟﺔ اﻟﻣدﯾﻧﺔ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ "‪ "City State‬ﺣﯾث ﻛﺎن اﻟﻌﺎﻟم اﻹﻏرﯾﻘﻲ اﻟﻘدﯾم‬
‫ﯾﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬ﻟوﺟدﻧﺎ أن وظﯾﻔﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻗد أﻧﯾطت ﺑﻣﺟﻠس اﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ‪،‬‬
‫وﻫو أﺣد اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ظل اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟدوﻟﺔ اﻟﻣدﯾﻧﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﻋرﻓت ﻧظﺎم‬
‫اﻹدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ‪ ،‬وﻛﺎﻧت دوﻟﺔ ﻣدﯾﻧﺔ أﺛﯾﻧﺎ ﻣﻘﺳﻣﺔ إﻟﻰ ﺣواﻟﻲ ﻣﺎﺋﺔ ﻗﺳم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻗﺑﻠﻲ و ﻟﯾس‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﻠﻰ أﺳﺎس إﻗﻠﯾﻣﻲ‪.‬‬
‫‪ -5‬اﻟﺣﺿﺎرة اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ‪:‬‬

‫ﻧظرة ﻣﺗﻔﺣﺻﺔ ﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟروﻣﺎن ﻓﻲ ظل اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ ﻣﻧذ ﻗﯾﺎم اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ‬


‫ﺣواﻟﻲ ﺳﻧﺔ )‪ 500‬ق‪.‬م(‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﺷﯾر إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻘرار اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و اﻟذي أدى ﺑدورﻩ إﻟﻰ اﺳﺗﻘرار‬
‫إداري ﺗﻣﯾز ﺑﻔﻛر ﻗﺎﻧوﻧﻲ‪ ،‬و ﻧظم ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدﻗﺔ واﻟﺿﺑط واﻷﺣﻛﺎم‪ ،‬و ﺑﻔﺿل ﻫذا‬
‫اﻟﺗراث اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺗﻣﻛﻧت اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﺳﻠطﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ‪ ،‬ﯾﺳﺎﻋدﻫﺎ‬
‫ﻧظﺎم إداري ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻘوة‪ 3.‬أﻣﺎ اﻟﺗﻌﯾﯾن ﻓﻲ اﻟوظﯾﻔﺔ ﻛﺎن ﯾﺗم ﺑﻘرار إﻣﺑراطوري‬
‫ﺑﻌد اﺧذ رأي رﺋﯾس اﻹدارة اﻟﻣﺧﺗص‪ .‬و ﻛﺎن ﯾﺗم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟوراﺛﺔ أو ﺷراء اﻟوظﯾﻔﺔ‪ ،‬و ﻛﺎن‬
‫اﻟﻣﻌﯾن ﯾﻣر ﺑﻔﺗرة ﺗدرﯾﺑﯾﺔ ﯾﺗﻠﻘﻰ ﻓﯾﻬﺎ ﻗﺳطﺎ ﻣن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ إذا ﻛﺎن ﻣن ﻛﺑﺎر‬
‫اﻟﻣوظﻔﯾن‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣن ﺻﻐﺎر اﻟﻣوظﻔﯾن ﻓﺎﻧﻪ ﯾﺗدرب ﻋﻠﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ أداء اﻷﻋﻣﺎل اﻟروﺗﯾﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﻣﻐرﺑﻲ‪ ،‬اﻹدارة‪ :‬اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﺗوﺟﻬﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﻟﻣدﯾر اﻟﻘرن اﻟﺣﺎدي واﻟﻌﺷرﯾن‪ ،‬ﻣﺻر‪:‬‬
‫اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﺻرﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،2006 ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺣﻣد إﺑراﻫﯾم دروﯾش و ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣد ﺑدران‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺻﺎﻟﺢ ﺑن ﺣﺑﺗور‪ ،‬أﺻول وﻣﺑﺎدئ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻋﻣﺎن‪ :‬اﻟدار اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ودار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‬
‫ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،2000 ،‬ص‪.49‬‬

‫‪16‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫أﻣﺎ ﻋن ﻧظﺎم اﻟﺗرﻗﻲ ﻣﺣﻛوﻣﺎ ﺑﻣﺑدأ اﻻﻗدﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻟوﺳﺎطﺔ و اﻟﻣﺣﺳوﺑﯾﺔ ﻛﺎن ﻟﻬﻣﺎ‬
‫‪1‬‬
‫دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧظﺎم‪.‬‬
‫وﺑﻌد اﻧﺣﻼﻟﻬﺎ و ﺳﻘوطﻬﺎ ورﺛت اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟﺑﯾزﻧطﯾﺔ ﺗراﺛﻬﺎ اﻹداري اﻟﺗﻲ ﻋﺎﺻرت‬
‫‪2‬‬
‫ظﻬور اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -6‬اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪:‬‬

‫ﻟﻘد ﻛﺎﻧت اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺿرب اﻷﻣﺛﺎل ﻓﻲ اﻟﻧزاﻫﺔ‬
‫واﻟﻣﻘدرة‪ ،‬وﻗد اﺗﺳﻣت ﺑﺎﻟﻣروﻧﺔ و اﻟﺳﻬوﻟﺔ ﻫذا إﻟﻰ ﺟﺎﻧب أﻓﻛﺎرﻫم اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹدارة‪ ،‬ﻓﺿﻼ ﻋن‬
‫‪3‬‬
‫اﻟروح اﻟدﯾﻧﯾﺔ و اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎدت ﺗﻠك اﻹدارة‪.‬‬
‫ﻓﻠﻘد أﺳس اﻟﻣﺳﻠﻣون ﺣﺿﺎرة إﺳﻼﻣﯾﺔ زاﻫرة اﻣﺗدت ﻟﻘرون ﻋدﯾدة ﺑﻌد ﺳﻧﺔ ‪ 600‬م‬
‫ﺣﺗﻰ أﺻﺑﺣت ﺧﻼل ﻓﺗرة ﻗﺻﯾرة إﻣﺑراطورﯾﺔ واﺳﻌﺔ‪ ،‬ﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‬
‫واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﺗﻧظﯾم ﺣﯾﺎة اﻷﻓراد ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ‪.‬‬
‫وأﺑدﻋت اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ وﺗطوﯾر ﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ و‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﺗطﺑﯾق اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻣﺳﺎواة ‪.‬‬
‫إن إﻗﺎﻣﺔ أول دوﻟﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻛﺎﻧت ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﻋﺑﻘرﯾﺔ وﺟود اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ‬
‫اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ﺑﺻﻔﺗﻪ ﻗﺎﺋدا وﻣؤﺳﺳﺎ ﻟﻸﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﻧﺷﺄت وﺗرﻋرﻋت ﻋﻠﻰ أﺳﺎس‬
‫ﺷرﻋﻲ وﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ إو دارﺗﻬﺎ‪ ،‬وﺗﻣﯾزت وظﺎﺋﻔﻬﺎ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟﺑﺳﺎطﺔ وﻋدم اﻟﺗﻌﻘﯾد ﻧظ ار‬
‫‪4‬‬
‫ﻟدور اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺣدود ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻋن اﻹدارة ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻘد ﻧﺷﺄة ﻓﻲ اﻟﺑﻠدان اﻷﻧﺟﻠوﺳﻛﺳوﻧﯾﺔ و ﺗﺣدﯾدا ﻓﻲ‬
‫اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‪ ،‬وﻫﻲ أول دوﻟﺔ أﺳﻬﻣت ﻓﻲ ﻧﺷﺄة و ﺗﺄﺳﯾس وﺗطﺑﯾق ﻋﻠم اﻹدارة‬

‫‪1‬‬
‫ﺣﺳﯾن ﻋﺛﻣﺎن ﻣﺣﻣد ﻋﺛﻣﺎن‪ ،‬أﺻول ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺑﯾروت‪ :‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ ،2007،‬ص‪.18‬‬

‫‪2‬ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺻﺎﻟﺢ ﺑن ﺣﺑﺗور‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪،‬ص‪.49‬‬


‫‪3‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﻣﻐرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪،‬ص‪.28‬‬
‫‪4‬‬
‫ﻣوﻓق ﺣدﯾد ﻣﺣﻣد‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪17‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﻛﺎن ودرو وﯾﻠﺳون‪ ،‬اﻟذي ﻟﻌب دو ار ﻫﺎﻣﺎ ﻓﻲ وﺿﻊ ﻣﻧﻬﺞ ﻋﻠﻣﻲ‬
‫ﻟﻬذا اﻟﻌﻠم‪.‬‬
‫واﻟﻣﻼﺣظ أن ﻣﺎ دﻓﻌﻪ إﻟﻰ ذﻟك اﻧﺗﺷﺎر ظﺎﻫرة اﻟﻔﺳﺎد ﻓﻲ اﻟﺟﻬﺎز اﻹداري ﻓﻲ أواﺧر‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ‪ ،‬ﺣﯾث ﻛﺎن أول ﻣن ﻧﺎدى ﺑوﺟوب اﻟﺑدء ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ اﻹﺻﻼح اﻹداري‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ أن ﻋﻠﻣﺎء اﻹدارة ﻓﻲ ﻏرب أوروﺑﺎ و أﻣرﯾﻛﺎ‪ ،‬ﻛﺎن ﻟﻬم اﻟدور اﻟﺑﺎرز ﻓﻲ ﺗﻧﺷﯾط‬
‫اﻟﻔﻛر اﻹداري و ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ‪ ،‬ﻓظﻬرت اﻹدارة ﻛﻌﻠم‪ ،‬ﻟﻪ أﺻوﻟﻪ و ﻗواﻧﯾﻧﻪ و ﻣﺑﺎدﺋﻪ‪ ،‬و ﻧظرﯾﺎﺗﻪ ﻓﻲ‬
‫ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر‪ ،‬وأواﺋل اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪ .‬ﺣﯾث و ﺿﻊ اﻟﻌﺎﻟم"ﻣﺎﻛس ﻓﯾﺑر" ﻧظرﯾﺔ‬
‫اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ‪ ،‬ﺛم ﺗﻼ ذﻟك اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻓرﯾدﯾرﯾك ﺗﺎﯾﻠور ﻋن اﻹدارة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ‪،‬وﻛذا د ارﺳﺎت اﻟﻌﺎﻟم‬
‫اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻫﻧري ﻓﺎﯾول‪ ،‬وظﻬور اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ ‪ ،‬وﻣن أﻫم روادﻫﺎ‪ :‬ﺟورج اﻟﺗون ﻣﺎﯾو‪.‬‬
‫ﺑﻌدﻫﺎ ظﻬر اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻌﻠم اﻟﻧﻔس اﻹداري‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺑدو واﺿﺣﺎ ﻓﻲ دراﺳﺎت ﻣﺎﺳﻠو و‬
‫‪2‬‬
‫ﻫﯾرزﺑرج ‪ ،‬ﺣﯾث ﻛوﻧت ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺎت ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﻣدارس اﻟﻔﻛر اﻹداري‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ أن ﻣن أﻫم أﺳﺑﺎب ظﻬور ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﺗطورﻩ ﻫو‪:‬‬


‫‪ -‬اﻟﺗطور اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ اﻟﺣدﯾث‪ .‬واﻟﺛورة اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬زﯾﺎدة ﻣﺟﺎل اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ و اﺗﺳﺎﻋﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻧﺣو ﻣزﯾد ﻣن اﻟﺗﺧﺻص و اﻟﺗﻧوع ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺻﺎﻟﺢ ﺑن ﺣﺑﺗور‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻧﻌﯾم إﺑ ارﻫﯾم اﻟظﺎﻫر‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪18‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬طﺑﯾﻌﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻫﻧﺎ‪ ،‬ﻣﺎﻫﯾﺔ وﺟوﻫر وﻛﯾﺎن اﻹدارة وﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﺗﻌﺗﺑر ﻋﻠﻣﺎ أو ﻓﻧﺎ‪.‬‬

‫و ﯾرﺟﻊ ذﻟك إﻟﻰ أن اﻹدارة ﻗد ﻧﺷﺄت ﻓﻲ ﺑداﯾﺎﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ﻣﺳﺗﻧدة إﻟﻰ اﻟﺧﺑرات و اﻟﻣﻬﺎرات‬
‫اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻓ ارد‪ ،‬أﻛﺛر ﻣن اﻋﺗﻣﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﺗوﺿﯾﺢ‬
‫طﺑﯾﻌﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺑﻌد ﺛﺎﻟث وﻫو اﻹدارة ﻛﻣﻬﻧﺔ‪ .‬و ﻫذا ﻣﺎ ﺳﯾﺗم ﺗوﺿﯾﺣﻪ ﻻﺣﻘﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬اﻹدارة ﻛﻌﻠم‬

‫ﯾرى اﻟﺑﻌض ﻣن ﻋﻠﻣﺎء و ﻛﺗﺎب اﻹدارة أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ ﻋﻠم و ﻟﯾﺳت ﺑﻔن‪ ،‬ﻓﺈذا‬
‫ﻛﺎن اﻟﻌﻠم ﻟﻐﺔ ﯾﻌﻧﻲ‪ :‬إدراك اﻟﺷﻲء ﺑﺣﻘﯾﻘﺗﻪ‪ ،‬وﻫو اﻟﯾﻘﯾن و اﻟﻣﻌرﻓﺔ و ﯾﻌﻧﻲ اﺻطﻼﺣﺎ» ﺟﻣﻠﺔ‬
‫أو ‪ » :‬ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﺑﺎدئ و اﻟﻘواﻋد‬ ‫اﻟﺣﻘﺎﺋق و اﻟوﻗﺎﺋﻊ و اﻟﻧظرﯾﺎت و ﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﺑﺣث‪«...‬‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﺷرح ﺑﻌض اﻟظواﻫر و اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ «‪.‬‬

‫ﻓﺈن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ و اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻧدت ﻓﻲ وﺟودﻫﺎ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ و اﻟﻣﻼﺣظﺔ‪ ،‬و ﻗﺎﻣت ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣن اﻟدراﺳﺔ و اﻟﺑﺣث‪ ،‬ﻓﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠم ﻟﻪ‬
‫‪2‬‬
‫ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ‪ ،‬إو طﺎرﻩ‪ ،‬وﻣﻧﺎﻫﺟﻪ‪ ،‬وﻧظﺎﻣﻪ اﻟﻔﺎﺣص‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟدارس ﻟﻌﻠم اﻹدارة ﯾدرس ﻧظرﯾﺎت و ﻣﻔﺎﻫﯾم ﻣﺛﻠﻪ ﻣﺛل أي ﻋﻠم ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﻌﺗرف‬
‫ﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻟطب و اﻟﻬﻧدﺳﺔ و اﻟﻔﯾزﯾﺎء و اﻟﻛﯾﻣﯾﺎء‪ .‬ﻓﺎﻟﺗﺷﻛﯾك ﺑوﺟود ﻋﻠم اﻹدارة ﺑﺣﺟﺔ أن اﻹﻧﺳﺎن‬

‫‪1‬ﻋﻣﺎر ﻋواﺑدي ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول –اﻟﻧظﺎم اﻹداري‪ ، -‬ط‪ ،4‬اﻟﺟزاﺋر‪ :‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪،2002 ،‬‬
‫ص‪.25‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻧﺻر ﻣﻬﻧﺎ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ص ‪.41-40‬‬

‫‪19‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻻ ﯾﻣﻛن و ﺿﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺧﺗﺑر‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻣﻊ اﻟﻣواد اﻟﻛﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ وﻻ اﻟﺗﺣﻛم ﺑﺳﻠوﻛﻪ‪ ،‬ﺗﺷﻛﯾك‬
‫‪1‬‬
‫ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﺣﻠﻪ‪.‬‬

‫و ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺎن اﻹدارة ﻋﻠم ‪ ،‬ﺣﯾث اﺳﺗﻣد رواد اﻹدارة و ﻣﻔﻛرﯾﻬﺎ و اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ‬
‫ﻣﺟﺎﻻﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻠوب اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث‪ ،‬واﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺎﻫدة ﻟﻠظواﻫر‬
‫واﻟﻣوﺿوﻋﺎت ﻣﺣل اﻟﺑﺣث‪ ،‬ﺛم اﺳﺗﺧﻼص أﻓﻛﺎر ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﻣﺷﺎﻫدة‪ ،‬ﺛم و ﺿﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ‬
‫ﻣن اﻻﻓﺗراﺿﺎت ﺗﻔﺳر ﺳﻠوك ﻫذﻩ اﻟظواﻫر‪ ،‬وﺑﻧﺎءا ﻋﻠﯾﻪ أﻣﻛن اﻟﺗوﺻل إل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن‬
‫اﻟﻣﺑﺎدئ و اﻟﻘواﻋد ﻓﻲ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧواﺣﻲ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺗﺧطﯾط ‪ ،‬و اﻟﺗﻧظﯾم و اﻟﺗوﺟﯾﻪ‪ ،...‬و‬
‫‪2‬‬
‫ﻛذا ﺳﻠوك اﻷﻓراد و اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت و اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ و ﻏﯾرﻫﺎ‪.‬‬

‫و اﻟﻘول ﺑﺄن اﻹدارة ﻋﻠم‪ ،‬ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ أﺳﺎﻟﯾب اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣﺟﺎﻻت‬
‫اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻣﺛل‪ :‬اﻟﺗﺧطﯾط و اﻟﺗﻧظﯾم و اﻟدراﺳﺎت اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧظﯾم ﻏﯾر اﻟرﺳﻣﻲ‪ ،‬و‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬و ﻋﻣﻠﯾﺔ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘ اررات و إدارة اﻟﻣوارد اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﻣن أﻧﺻﺎر اﺗﺟﺎﻩ ﻋﻠﻣﯾﺔ اﻹدارة ﻧﺟد اﻷﺳﺗﺎذ ﺟرﯾﻔت ﺑﻘوﻟﻪ‪ » :‬أن رﺟل اﻹدارة ﻣطﺑق‬
‫ﻟﻸﺳﻠوب اﻟﻌﻠﻣﻲ ﺑﺎﻟطرﯾﻘﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﺧدﻣﻬﺎ اﻟﻣﻬﻧدس أو اﻟطﺑﯾب‪ .‬ﺳﯾﻛون ﻫﻧﺎك داﺋﻣﺎ‬
‫ﺟﺎﻧب اﻟﻔن ﻓﻲ اﻹدارة ﻛﻣﺎ ﻫو ﻓﻲ اﻟﻬﻧدﺳﺔ أو اﻟطب‪ ،‬و ﻟﻛن ﻣﻘدار اﻟﻔن ﺳﯾﺗﺿﺎءل ﻛﻠﻣﺎ‬
‫ﺣﻠت اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣﺣل اﻟﻔﻠﻛﻠور اﻹداري‪ .‬ﺻﺣﯾﺢ أن طﺑﯾب اﻟﯾوم أرﻗﻰ ﺑﻛﺛﯾر ﻣن‬
‫طﺑﯾب اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر‪ ،‬وﻟﻛن ذﻟك ﯾﻌزى ﻓﻘط إﻟﻰ ﺗواﻓر اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺑدرﺟﺔ اﻛﺑر‪ ،‬وﻻ‬
‫‪4‬‬
‫ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﻛوﻧﻪ ﻓﻧﺎﻧﺎ ﻛﺑﯾ ار «‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻫﺎﻧﻲ ﺧﻠف اﻟطرواﻧﺔ‪ ،‬ﻧظرﯾﺎت اﻹدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ و وظﺎﺋﻔﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار أﺳﺎﻣﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ، 2011،‬ص‪.30‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣد إﺑراﻫﯾم‪ ،‬ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم أﺳﺎﻣﺔ‪ ،‬أﺻول وﻣﺑﺎدئ اﻹدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ ،‬د م ن‪ ،‬د د ن‪ ،2007 ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪،‬و آﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪،‬ص ‪.7‬‬
‫‪4‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻧﺻر ﻣﻬﻧﺎ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪20‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫و ﻣﻊ ﻫذا ﻓﻼ ﯾﻛﻔﻲ ﺗﻌﻠم اﻹدارة ﻣن اﻟﻛﺗب أو ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺎت اﻟدراﺳﺔ ﻓﻘط‪ ،‬و إﻧﻣﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و اﻟﺧﺑرة اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ‪ ،‬ﻓﺿﻼ ﻋن اﻟﻣوﻫﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻲ أﻣور ﻻزﻣﺔ و ﺿرورﯾﺔ‪.‬‬
‫و دﻟﯾﻠﻧﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻫو أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻛﺗب و اﻟﻣراﺟﻊ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻷي طﺑﯾب أن ﺗﺟﻌﻠﻪ‬
‫ﻗﺎد ار ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺷﺧﯾص اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﻸﻣراض‪ ،‬ﻣﺎ ﻟم ﯾدﻋم دراﺳﺗﻪ ﻫذﻩ ﺑﺎﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ و اﻟﺗﻌﻠم ﻣن‬
‫ﺗﺟﺎرب اﻵﺧرﯾن‪ ،‬ﺑل ﻻ ﺑد ﻣن ﺗواﻓر اﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻟدى اﻟﻔرد أﯾﺿﺎ‪ .‬ﺗﻠك اﻟﻣﻘوﻣﺎت‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻠﻪ ﻗﺎد ار ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام ﻣﺑﺎدئ ﻋﻠم اﻹدارة و ﻧظرﯾﺎﺗﻬﺎ اﺳﺗﺧداﻣﺎ ﺳﻠﯾﻣﺎ‪ .‬وﻫﻧﺎ ﯾﺄﺗﻲ‬
‫‪1‬‬
‫دور ﻓن اﺳﺗﺧدام ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﻧظرﯾﺎت‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻹدارة ﻛﻔن‬

‫ﯾرى اﻟﺑﻌض ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻹدارة أن ﺣﻘﯾﻘﺔ طﺑﯾﻌﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ أﻧﻬﺎ ﻓن و ﻟﯾﺳت ﺑﻌﻠم‪.‬‬
‫وﻗدم أﻧﺻﺎر اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻧظرﯾﺗﻬم ﻫذﻩ ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷﺳﺎﻧﯾد و اﻟﺣﺟﺞ اﻟﻘوﯾﺔ‬
‫ﻣﻧﻬﺎ‪:‬‬

‫‪ -1‬إن اﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ ﻓن و ﻟﯾﺳت ﻋﻠم‪ ،‬إﻧﻣﺎ ﺣﺗﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث أن اﻹدارة‬
‫ﺗﺗﺣﻘق و ﺗوﺟد ﺑطرﯾﻘﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻷﻧﺷطﺔ داﺧل اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻛذﻟك ﯾﺳﺗدل أﻧﺻﺎرﻫﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺈﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻹدارة‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻘوﻟون ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﻣﻠﯾﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪،‬‬
‫ﺣﯾث أن اﻟﻣﻬﺎرات اﻹدارﯾﺔ ﻻ ﺗﺑﺎع إو ﻧﻣﺎ ﻫﻲ ﻣوﻫﺑﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗﻧد أﻧﺻﺎرﻫﺎ إﻟﻰ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻗدم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث وﺟدت ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرات‬
‫اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻗﺑل ظﻬور اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﻣدارس اﻟﻔﻛر اﻹداري‪.2‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﺗﻌﻧﻲ اﻹدارة ﻛﻔن اﻟﺗوﺟﯾﻪ و اﻟﺗﻌﺎون و اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد ﻣن اﺟل ﺗﺣﻘﯾق ﻫدف‬
‫‪3‬‬
‫أو ﻏرض ﻣﻌﯾن‪ ،‬أو ﺗﻧﺳﯾق اﻟﻣﺟﻬودات اﻟﻔردﯾﺔ و اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺻﺎﻟﺢ ﺷﺎﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋذي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﻣﺎر ﻋواﺑدي ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪،‬ص ص‪.22-21‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣوﻓق ﺣدﯾد ﻣﺣﻣد‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪21‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫و ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ ﻧﺟد أن ﻫﻧﺎك ﺟﺎﻧب اﻟﻔن ﻓﻲ اﻹدارة ‪ ،‬و ﯾﺗرﻛز ﻓﻲ ﻓﻛرة ﻣن ﯾوﻟد‬
‫ﻗﺎﺋدا‪ ،‬أو ﻣن ﻛﺎﻧت ﻟدﯾﻪ ﺳﻣﺎت ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻗﯾﺎدﯾﺔ ﯾﺻﻘﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺧﺑرة و اﻟﺗﺟرﺑﺔ‪ ،‬و ﻣن ﺛم ﯾﺳﺗطﯾﻊ‬
‫‪1‬‬
‫أن ﯾﺣﺳن و ﯾﺟﯾد ﻓن اﻹدارة ﺑطرﯾﻘﺔ ﻧﺎﺟﺣﺔ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣدﯾر ﻣﺛﻼ ﯾﺣﺗﺎج ﻟﺧﺑرة و ﻣﻬﺎرة و ذﻛﺎء ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻣﻠﻪ‪ ،‬و ﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ اﻟﻌﻧﺻر‬
‫اﻟﺑﺷري ﻟﺣﻔزﻩ ﻋﻠﻰ اﻷﻫداف اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻷن ﻟﯾس ﻛل ﻣن درس ﻋﻠم اﻹدارة ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾﻘﻪ‬
‫‪2‬‬
‫ﻓﻔن اﻹدارة ﻫو اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾق اﻹدارة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ أن ﻣن اﻟﺿروري ﻟﻣن ﯾﺗوﻟﻰ أي وظﯾﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻹدارة أن ﯾﺗوﻓر ﻟدﯾﻪ اﻟﻘدرة‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﺻرﯾف اﻷﻣور و اﻟﻣﻬﺎرات ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣواﻗف اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻬﻪ‪ ،‬و ﺣﺳن اﻟﺗﻘدﯾر‬
‫و ذﻟك طﺑﻌﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻠم اﻹداري اﻟذي ﯾﺗوﻓر ﻟدﯾﻪ‪ ،‬و ذﻟك ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ‬
‫‪3‬‬
‫و اﻟﻛﻔﺎءة ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﻣﻧﺷودة‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ اﻋﺗﻣد أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻓﻲ ﺗدﻋﯾم ﻣذﻫﺑﻬم اﻟﻘﺎﺋل ﺑﺎن اﻹدارة ﻓن‪ ،‬إﻟﻰ أن اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد ﻏﺎﻣﺿﺔ ‪ ،‬و ﻏﯾر ﻣؤﻛدة ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﻠم‪ ،‬أو ﻫﻲ‬
‫ﺑﺎﻷﺣرى ﻣﺟرد ﺗوﺟﯾﻬﺎت ﯾﺳﺗﻌﺎن ﺑﻬﺎ دون أن ﯾﻛون ﻟﻬﺎ أي ﺻﺑﻐﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ أو ﻣﺣﻘﻘﺔ‪.‬‬
‫واﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺣﺗﻣﻲ ﻟﻧﺷﺎط اﻹدارة ‪ ،‬ﯾرى أﺻﺣﺎﺑﻪ أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﻘوم‬
‫ﻋﻠﻰ أﺳس ﺷﺧﺻﯾﺔ ﺗرﺗﺑط ﺑﺄﺷﺧﺎص اﻟﻘﺎﺋﻣﯾن ﺑﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻣﺿﻰ‪ ،‬دون اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ أﯾﺔ ﻗواﻋد‬
‫ﻣوﺿوﻋﯾﺔ‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﺑدوا ﺟﻠﯾﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻧﺟﺎح اﻹدارات اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻓﺿﻼ ﻋن ﻧﺟﺎح اﻹدارات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻣزاوﻟﺔ ﻧﺷﺎطﻬﺎ‪ ،‬و اﻹدارة اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻗﺑل‬
‫‪4‬‬
‫ظﻬور ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺛوﺑﻪ اﻟﺟدﯾد‪.‬‬
‫و اﻵن ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻹدارة ﺑﺟﺎﻧب ﻛوﻧﻬﺎ ﻋﻠﻣﺎ ﻓﻬﻲ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻓن وأن ﻓﻧﻬﺎ‬
‫ﯾرﺗﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻠم و ﻣﺑﺎدﺋﻪ و ﻗواﻋدﻩ و ﻧظرﯾﺎﺗﻪ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻫﺎﻧﻲ ﺧﻠف اﻟط اروﻧﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻧﻌﯾم إﺑراﻫﯾم اﻟظﺎﻫر‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣد إﺑراﻫﯾم‪ ،‬أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم ﻣﺻطﻔﻰ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪،‬ص ‪.107‬‬
‫‪4‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻧﺻر ﻣﻬﻧﺎ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص‪.39‬‬

‫‪22‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫و ﻓن اﻹدارة ﻓﻲ ﻧظرﻧﺎ‪ ،‬ﻣوﻫﺑﺔ ﻻ ﺗﺗواﻓر إﻻ ﻷﻋداد ﻗﻠﯾﻠﺔ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص‪ ،‬و ﻣﻧﻪ‬


‫ﻓﺎﻟﻣوﻫﺑﺔ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺻﻘل ﻟﺗﻧﻣﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻫذا اﻟﺻﻘل ﻻ ﯾﺗم إﻻ ﺑﺎﻟدراﺳﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻹدارة ﻛﻣﻬﻧﺔ‬


‫ﯾرى ﺟﺎﻧب آﺧر ﻣن ﻛﺗﺎب و ﻋﻠﻣﺎء اﻹدارة‪ ،‬ﺑﺄن اﻹدارة ﻟﯾﺳت ﺑﻔن أو ﻋﻠم و إﻧﻣﺎ ﻫﻲ‬
‫اﺣﺗراف و ﻣﻬﻧﺔ ﺗﺗطﻠب ﻗد ارت و ﺑراﻋﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﺗﻛﺗﺳب ﺑﺎﻻﺣﺗراف ﻓﻲ اﻟﻣﻬﻧﺔ‪ .‬ﻓﺎﻹداري‬
‫اﻟﻧﺎﺟﺢ و اﻟﻔﻌﺎل ﻫو ذﻟك اﻟﻣﻬﻧﻲ اﻟﻣﺣﺗرف ﻛﺎﻟطﺑﯾب و اﻟﻣﻬﻧدس و اﻟﻣﻌﻠم و اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ‪ ...‬و‬
‫ﯾﺳﺗﻧد أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻛون اﻹدارة ﻣﻬﻧﺔ و ﻟﯾﺳت ﺑﻔن أو ﻋﻠم إﻟﻰ ﻧﺳﺑﯾﺔ ﻋﻠم اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻓرع ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬أي أﻧﻬﺎ ﻏﯾر ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣﺛل اﻟﻘواﻋد و اﻟﻣﺑﺎدئ‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﯾﻣﻛن ﺗﺣدﯾد أﻫم ﻣﻌﺎﻟم اﻟﻣﻬﻧﺔ و ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻟﻣﻬﻧﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎرف و اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب ﺗدرﯾﺑﺎ ﻋﻘﻠﯾﺎ و‬
‫ﺗﻘﺗﺻر ﻣﻌرﻓﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺋﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن اﻟﻧﺎس‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺗﻘﺿﻲ اﻟﻣﻬﻧﺔ ﻣدة طوﯾﻠﺔ ﻣن اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ أﻛﺛر ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺷطﺔ‬
‫اﻟﺟﺳﻣﯾﺔ أو اﻟﯾدوﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺗﺗطﻠب اﻟﻣﻬﻧﺔ ﻣدة طوﯾﻠﺔ ﻣن اﻟﺗدرﯾب و اﻟﺗﺧﺻص‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺗﺗﻣﯾز اﻟﻣﻬﻧﺔ ﺑﻣدى ﻣن اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف و اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ إﻋطﺎء اﻟﺣﻛم‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺗرﻛز اﻟﻣﻬﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺧدﻣﺔ اﻵﺧرﯾن‪ ،‬و ﺗرﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻣؤداة أﻛﺛر ﻣن ﺗرﻛﯾزﻫﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫‪2‬‬
‫ﺟﻣﻊ اﻟﻣﺎل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﻣﺎر ﻋواﺑدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪2‬ﻫﺎﻧﻲ ﺧﻠف اﻟطراوﻧﺔ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪،‬ص ‪.31‬‬

‫‪23‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬أﻫﻣﯾﺔ و وظﺎﺋف اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫إن ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟدول اﻟﯾوم‪ ،‬ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌد اﻟرﻛﯾزة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻬﺎ‪ ،‬و‬
‫واﺣدة ﻣن أﻫم وظﺎﺋف اﻟدوﻟﺔ‪ .‬ﺣﯾث أن وظﯾﻔﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻧﺣﺻر ﻓﻲ‬
‫ﺗوﻓﯾر اﻷﻣن اﻟداﺧﻠﻲ و اﻟﺧﺎرﺟﻲ‪ .‬أﻣﺎ ﺣدﯾﺛﺎ ﻓﺗزاﯾد اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻟﺗﺳﺎﻫم ﻫﺎﺗﻪ اﻷﺧﯾرة‬
‫ﻓﻲ رﻓﻊ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻌﯾﺷﻲ ﻟرﻗﻲ ﻣواطﻧﯾﻬﺎ ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘدﯾم اﻟﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬أﻫﻣﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻷﻫﻣﯾﺔ ﺗﻧﺑﻊ ﻣن ﻋدة ﺣﻘﺎﺋق و ﻫﻲ‪:‬‬

‫أوﻻ‪ :‬أن اﻹدارة ﻫﻲ اﻷﺳﺎس ﻟﻧﺟﺎح أي ﻋﻣل ﯾﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾق أﻫداف ﻣﺷﺗرﻛﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬أن اﻹدارة ﻫﻲ اﻟﺣﺎﻓز اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺟﻬود اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬و ﻫﻲ اﻟﻣدﯾرة ﻟﻠﻌﻧﺎﺻر اﻟﻼزﻣﺔ‬
‫ﻟﻺﻧﺗﺎج‪ ،‬و ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣل ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻋﻠﻰ ﺗﺣﺳﯾن ﺳﻣﻌﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘدﯾم أﻓﺿل‬
‫اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت و اﻟﺧدﻣﺎت ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬أن اﻹدارة ﻫﻲ ﻋﯾن اﻟﻣﺷروع اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ و اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬و ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻣد اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﺑﺎﻟﺧﻠق و‬
‫اﻹﺑداع و اﻟﺗﺻور اﻟﺑﻧﺎء ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﻣﺷﺎﻛﻠﻪ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫راﺑﻌﺎ‪ :‬ﻫﻲ ﻣﺣور اﻟﻧﺷﺎطﺎت و اﻷواﻣر و ﻣﺣور وﺿﻊ اﻷﻓراد ﻻﺳﺗﻘﺑﺎل اﻟﻘ اررات و ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن إرﺟﺎع أﻫﻣﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺗوﺟﻪ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺧرﯾﺟﯾن إﻟﻰ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث أﻧﻬم ﯾﻣﺛﻠون‬
‫ﻣدﯾرو اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻓﻲ اﻟﺣﻛوﻣﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺻﺎﻟﺢ ﺑن ﺣﺑﺗور‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪،‬ص‪.44‬‬

‫‪24‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫‪ -2‬إن اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺧرﯾﺟﯾن ﻣن اﻟﻛﻠﯾﺎت اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻛﺎﻟﻣﻬﻧدﺳﯾن وﻏﯾرﻫم ﻋﻧدﻣﺎ‬


‫ﯾﻌﻣﻠون ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬و ﯾﺻﺑﺣوا ﻣدﯾرﯾن ﻟﻸﻗﺳﺎم اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻣﻠون ﺑﻬﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫ﻟﻠﺗرﻗﯾﺔ‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ ﯾﺗطﻠب ﻣﻧﻬم اﻹﻟﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺧﺑراﺗﻬم اﻟﻔﻧﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬إن اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺧرﯾﺟﯾن اﻟﻠذﯾن ﻻ ﯾرﻏﺑون ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ‪ ،‬و ﯾرﻏﺑون ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﻣل ﻓﻲ أﻋﻣﺎل ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻻ ﺑد أن ﯾﺗﻌﺎﻣﻠوا ﻣﻊ اﻟﺟﻬﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل‬
‫اﺳﺗﺧراج أوراق اﻟﻣﺷروع أو أن ﯾﺗﻘدم ﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺔ ﻋﺎﻣﺔ ‪ ،‬أو ﺗﺗم اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻋدة‬
‫‪1‬‬
‫ﺟﻬﺎت‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻧﺟد ﻛذﻟك أن أﻫﻣﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺗﺟﺳد ﻓﻲ ‪:‬‬
‫‪ -1‬أﻧﻬﺎ ﻣﺛل اﻟﻘﻠب‪ ،‬ﻓﻬﻲ اﻟﻌﺿو اﻟﻣﺳؤول ﻋن ﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻣﺛل اﻟﻘﻠب‬
‫اﻟﻣﺳؤول ﻋن إﻣداد اﻟﺟﺳم ﺑﺎﻟدم اﻟﻼزم ﻟﺑﻘﺎﺋﻪ‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻹدارة ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﻟﻬﺎ أﻫﻣﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ‪ ،‬إو ﻧﻣﺎ ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ‪.‬‬
‫‪ -3‬أﻫﻣﯾﺔ اﻹدارة ﻣﺳﺗﻣ دة ﻣن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﻔروض أن ﺗﺣﻘﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ‬
‫اﻟﻣﺟﺎﻻت‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺻور ﻣﻧظﻣﺔ أو ﺷرﻛﺔ أو ﻣؤﺳﺳﺔ ﺑدون إدارة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -5‬اﻹدارة ﻣطﻠوﺑﺔ و ﺿرورﯾﺔ ﻟﻛل أﻧﺷطﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪ ،‬وﻟﻛل ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻹدارة‪.‬‬
‫ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﻷي ﻣﻧظﻣﺔ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻛﻔﺎءة واﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ أﻫداﻓﻬﺎ ﺑدون إدارة ﺟﯾدة‪.‬‬
‫ﻓﻘد أﺛﺑﺗت اﻟﺗﺟﺎرب و اﻟدراﺳﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ أن ﺗﻘدم وازدﻫﺎر اﻟﺷﻌوب ﻻ ﯾﻌود ﻟﻛﺛرة ﺛرواﺗﻬﺎ‬
‫اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﺑﺷرﯾﺔ‪ ،‬ﺑل إﻟﻰ وﺟود إدارة واﻋﯾﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺳﯾﯾر ﻫذﻩ اﻟﺛروات‪ ،‬ﺑﻣﺎ ﯾﻠﺑﻲ‬
‫ﺣﺎﺟﯾﺎت و رﻏﺑﺎت أﻓرادﻫﺎ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻫﺎﻟﺔ ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﻋﻧﺑﻪ‪ ،‬ﻧﯾﻔﯾن ﻋزت اﻟﺣﺑﯾﺷﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻧﻌﯾم إﺑراﻫﯾم اﻟظﺎﻫر‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪25‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻓﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺗﻲ اﻫﺗﻣت ﺑﺗﻧﻣﯾﺔ ﻣواردﻫﺎ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﻣطﻠوب ووﻓﻘﺎ ﻟﻣﺑﺎدئ‬
‫اﻹدارة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺣﻘﻘت ﻧﻣوا ﻋﺎﻟﯾﺎ ﻓﻲ ﺷﺗﻰ اﻟﻣﯾﺎدﯾن رﻏم اﻓﺗﻘﺎرﻫﺎ ﻟﻠﻣوارد اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫‪ ،‬وأﻓﺿل ﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ ذاﻟك ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﯾﺎﺑﺎن وﻣﺎﻟﯾزﯾﺎ و ﻫوﻟﻧدا‪.‬‬
‫ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟد ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻏﻧﯾﺔ ﺑﺛروات طﺑﯾﻌﯾﺔ و ﻣوارد ﺑﺷرﯾﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬ﻟﻛﻧﻬﺎ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن‬
‫اﻟﺟوع و اﻟﻔﻘر و اﻟﻣرض و اﻧﺗﺷﺎر اﻟﺟﻬل‪ ،‬ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻧﻘص اﻟﻛوادر اﻹدارﯾﺔ اﻟﻛفءة‪ ،‬و ﻟﻌل‬
‫دول اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺛﺎﻟث اﺑﺳط ﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟك‪ .‬و ﻫذا ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ ﻣﻘوﻟﺔ دراﻛر ﻋﻧدﻣﺎ ﻗﺎل‪ »:‬اﻧﻪ ﻻ‬
‫ﺗوﺟد دول ﻣﺗﺧﻠﻔﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ و إﻧﻣﺎ ﻫﻧﺎك دول ﻣﺗﺧﻠﻔﺔ إدارﯾﺎ‪ ،‬ﺣﯾث أن ﻛل اﻟﺗﺟﺎرب ﻓﻲ اﻟدول‬
‫اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ ﺗؤﻛد أن اﻹدارة ﻫﻲ اﻟﻣﺣرك اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ‪ ،‬و ﻣن ﻏﯾر ﺗواﻓر ﻫذا اﻟﻌﻧﺻر ﻻ ﯾﻣﻛن‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺗواﻓرت ﺟﻣﯾﻊ ﻋﻧﺎﺻر اﻹﻧﺗﺎج اﻷﺧرى« ‪.‬‬
‫و ﻣﺟﻣل اﻟﻘول أن أﻫﻣﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق أﻫداف اﻟدوﻟﺔ‬
‫ﻣن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺑراﻣﺞ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌﻠﯾم‪ ،‬و ﻧﺷر اﻟوﻋﻲ‪ ،‬و اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﻛذا‬
‫ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ و اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﻣواطﻧﯾن‪ ،‬و ﺗوﻓﯾر اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ‪ .‬وﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أن‬
‫‪2‬‬
‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ اﻟﻘوة اﻟﺣﯾوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻌب دو ار ﻓﻌﺎﻻ و ﻣﻠﻣوﺳﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬وظﺎﺋف اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﻻ ﯾوﺟد اﺗﻔﺎق ﺑﯾن ﻛﺗﺎب اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣول وظﺎﺋﻔﻬﺎ و ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾرى ﻫﻧري‬
‫ﻓﺎﯾول‪ ،‬وﻫو ﻣن أواﺋل اﻟﻛﺗﺎب ﻓﻲ اﻹدارة‪ ،‬أن اﻟوظﺎﺋف اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻟﻺدارة ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻟﺗﺧطﯾط ‪. Planning‬‬
‫‪ -2‬اﻟﺗﻧظﯾم ‪. Organization‬‬
‫‪ -3‬اﻟﻘﯾﺎدة ‪.Command‬‬

‫‪ -4‬اﻟﺗﻧﺳﯾق ‪.Coordinate‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﯾوﺳف ﻛﺎﻓﻲ‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻹدارﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ :‬ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻋﻣﺎن‪ :‬ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌرﺑﻲ ﻟﻠﻧﺷر‬
‫واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،2013 ،‬ص ص ‪.23-22‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣود اﻟﻣﺑﯾض‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣﺻر ‪ :‬دار ﺷرﻛﺔ اﻟﺣرﯾري ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ‪ ،2008 ،‬ص‪.16‬‬

‫‪26‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫‪. Control‬‬ ‫‪ -5‬اﻟرﻗﺎﺑﺔ‬

‫وﻟﻘد اﻫﺗم ﻓﺎﯾول ﺑﺎﻟوظﯾﻔﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪ ،‬و ﺑﯾن أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠوظﺎﺋف اﻷﺧرى ‪ ،‬و ﺗﻧﺎول‬
‫‪1‬‬
‫ﺷﺎﻏﻠﻬﺎ‪ ،‬و ﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﺗوﻓر ﻓﯾﻬم ﻣن ﺻﻔﺎت ﺗؤﻫﻠﻬم ﻟﺣﺳن اﻹدارة‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ أن ﻫﻧﺎك ﺛﻼث ﻣﻔﺎﻫﯾم ﺗﺗﻧﺎول ﻣوﺿوع وظﯾﻔﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻣﻔﻬوم اﻷول‪ :‬ان وظﺎﺋف اﻹدارة ﻟﯾﺳت ﺣﻛ ار ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى إداري ﻣﻌﯾن دون اﻵﺧر وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ‬
‫ﻓﻬﻲ ﺗﻣﺎرس ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﯾﺧﺗﻠف اﻟﺗﻌﺎطﻲ ﻣﻊ وظﺎﺋف اﻹدارة ﻓﻲ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت‬
‫اﻹدارﯾﺔ ﺳواء ﻣن ﺣﯾث ﺗﺄﺛﯾرﻫﺎ ﻋﻠﻰ أداء اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻛﻛل‪ ،‬أو ﻣن ﺣﯾث اﻟوﻗت اﻟﻣﻣﻧوح ﻟﻬﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻧظر إﻟﻰ وظﺎﺋف اﻹدارة ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ وظﺎﺋف أو ﺣﻠﻘﺎت ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﺑل‬
‫ﯾﺟب اﻟﻧظر إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ وظﺎﺋف ﻣﺗﺻﻠﺔ‪ ،‬ﻣﺗﻧﺎﺳﻘﺔ و ﻣﺗﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض ﻣن ﺣﯾث‬
‫ﻗوة اﻟﺗﺄﺛر و اﻟﺗﺄﺛﯾر‪ ،‬ﻓوظﺎﺋف اﻹدارة ﻛﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻛل ﻋﺿو ﻓﯾﻪ وظﯾﻔﺔ و ﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ‬
‫‪2‬‬
‫اﻷﻋﺿﺎء اﻷﺧرى‪.‬‬

‫و ﻋﻠﻰ ﻛل ﺣﺎل ﯾﻣﻛن ﺗﻘﺳﯾم اﻟوظﺎﺋف و اﻟﻣﻬﺎم اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﻬﺎ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ أرﺑﻊ‬
‫ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻛﺎﻵﺗﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷوﻟﻰ‪ :‬اﻟﻣﻬﺎم اﻟﺳﯾﺎدﯾﺔ" ‪ ،" Primacy Tasks‬وﺗﺷﻣل ﺛﻼﺛﺔ أﻧواع‪:‬‬

‫– ﻣﻬﺎم ﺳﯾﺎدﯾﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ‪ :‬ﻛوظﯾﻔﺔ اﻟدﻓﺎع‪.‬‬


‫– ﻣﻬﺎم ﺳﯾﺎدﯾﺔ داﺧﻠﯾﺔ‪ :‬ﻛﺎﻟﺷرطﺔ و اﻟﻘﺿﺎء‪.‬‬
‫– ﻣﻬﺎم ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟدﻗﯾق‪ :‬و ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ إدارة اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﻣﻐرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫‪2‬‬
‫ﻛﺎﻣل ﺑرﺑر‪ ،‬اﻹدارة ﻋﻣﻠﯾﺔ و ﻧظﺎم ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺑﯾروت‪ :‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،1996 ،‬ص ‪.16‬‬

‫‪27‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ :‬اﻟﻣﻬﺎم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ "‪ ،"Economic Tasks‬وﺗﺣﺗوي ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻧواع‪:‬‬

‫– اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺻدار اﻟﻧﻘود‪ ،‬و ﻛذا اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺳﺎﺋر ﻧواﺣﻲ‬
‫اﻟﺣﯾﺎة اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و أﯾﺿﺎ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﺳﯾق اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ و اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ‪ :‬اﻟﻣﻬﺎم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ "‪ ،"Social Tasks‬وﺗﺗﺿﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﺎم‪:‬‬


‫– اﻷﻋﻣﺎل واﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻﺣﺔ و اﻹﺳﻛﺎن و ﻛذا اﻟدﻓﺎع ﻋن ﻣﺻﺎﻟﺢ و ﺣﻘوق‬
‫اﻟﻌﻣﺎل و ﺗوزﯾﻊ اﻟدﺧول ﻟﻠطﺑﻘﺎت اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟراﺑﻌﺔ‪ :‬اﻟﻣﻬﺎم اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ أو اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ "‪ ،"Educational Tasks‬و ﺗﺗﻣﺛل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫– اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻣﺟرد‪ ،‬و ﻛذا ﺗﻌﻠﯾم اﻷطﻔﺎل و اﻟﺷﺑﺎب‪ ،‬و ﺗﻧظﯾم اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ‪ ،‬و‬
‫‪1‬‬
‫ﻛذا ﺗطوﯾر اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ أن ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﻘﺳم وظﯾﻔﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺗﯾن وﻫﻣﺎ‪ :‬وظﯾﻔﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ووظﯾﻔﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر‪ .‬ﻓوظﯾﻔﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ‬
‫ﻛﺎﻧت ﺗﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﻧطﺎق ﺿﯾق ﻣﺣدود‪ ،‬ذﻟك أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺻون اﻷﻣن‪ ،‬إو ﻗﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﻌدل ﺑﯾن اﻟﻧﺎس‪ .‬ذﻟك أن اﻟﻣذﻫب اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﯾﺳﺗوﺟب ﻗﺻر ﻧﺷﺎط اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ إﺷﺑﺎع‬
‫اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺟز اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺧﺎص ﻋن إﺷﺑﺎﻋﻬﺎ‪.‬‬
‫أﻣﺎ وظﯾﻔﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر_ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺑﻧﻲ اﻷﻓﻛﺎر اﻟداﻋﯾﺔ إﻟﻰ‬
‫ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ و اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺷﯾوع اﻟﻧظﺎم اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ_ أدى إﻟﻰ إﻟﻘﺎء‬
‫اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻋﺑﺎء ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر‪ ،‬و ﺳﺑب ذﻟك أن اﻹدارة‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ اﻹدارة اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﻟﻰ ﻣﻬﻣﺔ ﺗﻧﻔﯾذ ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﺷﺗﻰ اﻟﻣﺟﺎﻻت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺟدي ﻋرﯾف‪ ))،‬ﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻹدارﯾﺔ ودورﻫﺎ ﻓﻲ ﺣل ﻣﺷﻛﻼت اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬دراﺳﺔ ﻣﯾداﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣدﯾرﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻼذﻗﯾﺔ((¸)ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﺷرﯾن‪ -‬ﺳورﯾﺎ‪ ،(2008 ،‬ص ص ‪. 42-41‬‬

‫‪2‬‬
‫ﺣﺳﯾن ﻋﺛﻣﺎن ﻣﺣﻣد ﻋﺛﻣﺎن‪ ،‬أﺻول ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺑﯾروت‪ :‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ ،2007 ،‬ص ص‬
‫‪.134-133‬‬

‫‪28‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻟﻘد ﺗﺑﻠورت ﻧظرة ﻋﻠﻣﺎء اﻹدارة ﻧﺣو اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ وظﺎﺋف أﺳﺎﺳﯾﺔ وﻫﻲ‪:‬‬

‫‪ °‬اﻟﺗﺧطﯾط ‪Planning‬‬

‫‪ °‬اﻟﺗﻧظﯾم ‪Organizing‬‬

‫‪ °‬اﻟﺗوﺟﯾﻪ ‪Directing‬‬
‫‪ °‬اﻟﺘﻨﺴﯿﻖ ‪Coordination‬‬
‫‪ °‬اﻟرﻗﺎﺑﺔ ‪Controlling‬‬

‫ﻓﻬذﻩ اﻟﻌﻧﺎﺻر إذا ﻛﺎﻧت ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠﺗطﺑﯾق ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﻓﻬﻲ ﻏﯾر‬
‫ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ‪ .‬و ﻟﻬذا وﺟب إﺿﺎﻓﺔ ﻋﻧﺻرﯾن آﺧرﯾن ﻫﻣﺎ‪:‬‬
‫‪ °‬ﺗﻬﯾﺋﺔ اﻟﻘوى اﻟﺑﺷرﯾﺔ ‪Sttafing‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ °‬اﻻﺑﺗﻛﺎر واﻹﺑﺪاع ‪Innovation‬‬

‫‪ -1‬اﻟﺗﺧطﯾط ‪Planning:‬‬

‫ﻫﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ وﺿﻊ أﻫداف اﻟﻣﻧظﻣﺔ وﺗﺣدﯾد اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠوﺻول إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺄﺣﺳن‬
‫اﻷﺣوال‪ .‬إن ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺧطﯾطﯾﺔ أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻹدارﯾﺔ وﺗﺷﻛل اﻟﻘﺎﻋدة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻟﻠوظﺎﺋف اﻹدارﯾﺔ اﻷﺧرى‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣﺣددة ﻟﻼﺗﺟﺎﻩ وﻣﻘررة وﺟﻬﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻣرﻏوب ﺑﻬﺎ‬
‫وأﻓﺿل اﻟطرق ﻟﻠوﺻول إﻟﯾﻬﺎ‪ .‬ﻓﻌدم ﻛﻔﺎءة اﻟﺗﺧطﯾط ﯾﻧﻌﻛس ﺑﻧﺗﺎﺋﺞ ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧد ﻋدم إدراك ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ‪ ،‬وﻋدم ﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻧﺎﺻر و ﻗوة اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻼﺳﺗﻔﺎدة‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻷﻫداف‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟﺗﻧظﯾم‪Organizing:‬‬

‫إن وظﯾﻔﺔ اﻟﺗﻧظﯾم ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺗﺣدﯾد اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﻣﺧططﺔ و ﺗﺟﻣﯾﻊ‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻧﺷﺎطﺎت ﻓﻲ إطﺎر أو ﻫﯾﻛل ﻣﺗﻌﺎون ﯾﺿﻣﻬﺎ‪ ،‬ﺛم إﺳﻧﺎد ﻫذﻩ اﻟﻧﺷﺎطﺎت إﻟﻰ وظﺎﺋف‬

‫ﻣﺻطﻔﻰ ﯾوﺳف ﻛﺎﻓﻲ‪ ،‬واﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫‪1‬‬

‫‪ 2‬ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻬدي ﻣﺣﺳن اﻟﻌﺎﻣري‪ ،‬طﺎﻫر ﻣﺣﺳن ﻣﻧﺻور اﻟﻐﺎﻟﺑﻲ‪ ،‬اﻹدارة واﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬ط‪ ،2‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار واﺋل‪ ،2008 ،‬ص‬
‫‪.203‬‬

‫‪29‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻣﺣددة ﯾﺗوﻻﻫﺎ أﺷﺧﺎص ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ اﻻﺗﺻﺎل ﺑﺑﻌﺿﻬم‪ ،‬وراﻏﺑون ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف‬
‫اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻓﺑدون اﻟﺗﻧظﯾم ﯾﻔﻘد اﻟﺗﺧطﯾط أﻫﻣﯾﺗﻪ‪ ،‬وﯾﻔﺷل اﻷﻓراد‪ ،‬وﺗﻧﻬﺎر اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪ ،‬وﻣن ﺛم‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﻔﻘد اﻟﻣﻧظﻣﺔ أو اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﺣد اﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﺑﻘﺎﺋﻬﺎ وﻧﻣوﻫﺎ‪.‬‬
‫‪ -3‬اﻟﺗوﺟﯾﻪ‪Directing:‬‬

‫ﻫﻲ وظﯾﻔﺔ إدارﯾﺔ ﺗﻧطوي ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎدة اﻷﻓراد واﻹﺷراف ﻋﻠﯾﻬم وﺗوﺟﯾﻬﻬم إو رﺷﺎدﻫم ﺣول‬
‫ﻛﯾﻔﯾﺔ أداء اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬وﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻧﺳﯾق ﺑﯾن ﻣﺟﻬداﺗﻬم وﺗﻧﻣﯾﺔ روح اﻟﺗﻌﺎون ﺑﯾﻧﻬم ﻣن اﺟل‬
‫‪2‬‬
‫ﺗﺣﻘﯾق ﻫدف ﻣﺷﺗرك‪.‬‬

‫‪ -4‬اﻟﺗﻧﺳﯾق‪Coordination :‬‬

‫ﯾرى ﻫﺎروﻟد ﻛوﻧﺗز و ادوﻧﯾل ‪ Harold Koontz and Donnel‬ﻓﻲ ﺗﻧﺳﯾق أﻫم ﻣﻛوﻧﺎت‬
‫اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ وﻫو اﻷﺳﺎس ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻣدﯾر ﻟﻬذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺣﯾث ﯾﺣﻘق اﻟﺗﻧﺳﯾق اﻟوﻓﺎق‬
‫ﺑﯾن اﻟﻣﺟﻬودات اﻟﻔردﯾﺔ داﺧل اﻟﻣﻧﺷﺎة‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺗﻧﺳﯾق ﻋﻣل أﺻﯾل ﻟﻠﻣدﯾر و ﻣن واﺟﺑﻪ أن ﯾﻧﺳق داﺋﻣﺎ ﺑﯾن أوﺟﻪ اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫‪3‬‬
‫ﺗﻌﻣل ﺗﺣت ﻗﯾﺎدﺗﻪ و ﺳﻠطﺎﺗﻪ‪.‬‬
‫‪ -5‬اﻟرﻗﺎﺑﺔ‪Controlling :‬‬

‫وﻫﻲ أﺧر وظﯾﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬وﺗﻌﻧﻲ ﺑﻘﯾﺎس اﻷﻫداف واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗم ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ‬
‫وﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺳﺗوﯾﺎت أداء اﻷﻓراد واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت وﻣﻘﺎرﻧﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ واﻛﺗﺷﺎف أي‬
‫‪4‬‬
‫ﺗﻔﺎوت‪ ،‬واﺗﺧﺎذ اﻹﺟراءات اﻟﺗﺻﺣﯾﺣﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ وﺗﻌﺗﺑر اﻟرﻗﺎﺑﺔ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗطوﯾر وﺗﺣﺳﯾن اﻷداء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﺷﯾر اﻟﻌﻼق‪ ،‬اﻹدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ :‬ﻧظرﯾﺎت وﻣﻔﺎﻫﯾم‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار اﻟﯾﺎزوردي اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،2008 ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪.28‬‬ ‫ﻣﺻطﻔﻰ ﯾوﺳف ﻛﺎﻓﻲ‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫ﺣﺳﯾن ﺣرﯾم‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ :‬اﻟﻧظرﯾﺎت واﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ ووظﺎﺋف اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار وﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺣﺎﻣد‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،2006‬ص ‪.21‬‬

‫‪30‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول‪:‬‬

‫ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﻌد اﺳﺗﻌراض ﻫذا اﻟﺟزء ﻣن اﻟدراﺳﺔ‪ ،‬واﻟذي رﻛزﻧﺎ ﻓﯾﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ ﺗوﺟﯾﻪ اﻟﺟﻬود اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺧطﯾط واﻟﺗﻧظﯾم‪ ،‬واﻟﺗﻧﺳﯾق واﻟرﻗﺎﺑﺔ‬
‫ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻘق أﻫداف اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺣﺎﺟﺎﺗﻪ‪.‬‬
‫ﻓﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺣداﺛﺔ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻗدﯾﻣﺔ ﻗدم اﻟﺗﺎرﯾﺦ‪ ،‬واﺑﺳط دﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك‬
‫اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﻬﺎ ﻣﺻر اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎ‪ ،‬وﻛذا ﺣﺿﺎرة اﻟﺻﯾن اﻟﻌظﯾﻣﺔ واﻟروم‪ ..‬إﻟﻰ‬
‫ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﺣﺿﺎرات‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻷواﺋل ﻗد رﻛزوا ﻋﻠﻰ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻌﻠم ﻟﻪ أطرﻩ اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﯾزة‪ ،‬ﻟﻛن‬
‫اﻟﻌدﯾد ﻣﻧﻬم ﯾﻌﺗﺑر اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻧﺎ ﻟﻪ ﻗواﻋدﻩ وأﺳﺳﻪ‪ ،‬وأﯾﺿﺎ ﻣﻬﻧﺔ ﻟﻬﺎ ﻣواﺻﻔﺎت‬
‫وﺧﺻوﺻﯾﺎت ﻋرﻓﺗﻬﺎ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣﻧذ اﻟﻘدم‪.‬‬
‫وأﺧﯾ ار أوردت ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔﺻل أﻫﻣﯾﺔ ووظﯾﻔﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق‬
‫أﻫداف اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﻣﺛل اﻟﻘوة اﻟﺣﯾوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻌب دو ار ﻓﻌﺎﻻ وﻣﻠﻣوﺳﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة أﻓراد‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬
‫اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻌرﻓﻲ ﻟﺣﻘل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﻌرﻓﻲ ﻟﺣﻘل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﺗﻌددت ﻧظرﯾﺎت اﻟﻔﻛر اﻹداري‪ ،‬وﺧﺿﻌت ﻟﺗطور ﻋﺑر اﻟزﻣن‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺗﺎﺑﻊ‬
‫اﻟﻣراﺣل اﻟﺗﻲ ﻣر ﺑﻬﺎ اﻟﻔﻛر اﻹداري ﻓﻲ ﺗطورﻩ ﻣن ﺧﻼل إﻟﻘﺎء اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ اﻟﻣدارس اﻹدارﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬واﻫم ﻣداﺧل دراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻫذا إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻋﻼﻗﺔ اﻹدارة ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى‪،‬‬
‫ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻫﻲ اﺣد ﻓروع اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﺑد ﻣن دراﺳﺔ ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻌﻠوم واﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم إو دارة اﻟﻣﺷروﻋﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺧﺎﺻﺔ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول‪ :‬اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى‬

‫ﻟم ﺗﻌد اﻟﻌﻠوم ﺗﻘﺳم إﻟﻰ ﻋﻠوم ﻧظرﯾﺔ وأﺧرى ﻋﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬وﻟم ﯾﻌد ﻛل ﻋﻠم ﻣﺳﺗﻘل ﺑذاﺗﻪ‪ ،‬ﺑل‬
‫أﺻﺑﺣت اﻟﻌﻠوم ﻣﺛل اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﻧﻌﯾش ﻓﯾﻪ ﻗرﯾﺔ ﺻﻐﯾرة‪ ،‬ﯾﺗﺄﺛر ﻓﯾﻬﺎ ﻛل ﻋﻠم ﺑﺎﻵﺧر وﯾؤﺛر‬
‫ﻓﯾﻪ‪ ،‬و ﻣﺛﺎل ذﻟك ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻪ وﺛﯾق اﻟﺻﻠﺔ ﺑﻌدة ﻋﻠوم ﻣن أﻫﻣﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‬


‫ﻋﻧد اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻘول أن ﻫذا اﻟﻌﻠم ﯾدور ﻓﻠﻛﻪ ﻧﺣو اﻟﺑﺣث‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻛﻧف اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬و ﻟذﻟك ﻓﻬو ﯾﻌﻧﻰ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻧظم و‬
‫اﻟﻘواﻧﯾن و اﻟﺣﻛوﻣﺎت و ﻛذا اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻧﺟدﻩ ﯾﻬﺗم ﺑﺎﻟﻣﻧظﻣﺎت و اﻟﻌﻼﻗﺎت‬
‫اﻟدوﻟﯾﺔ و طﺎﻟﻣﺎ أن ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﯾﻬﺗم ﺑﻧﺷﺎط اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻬو ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟﺟﻬﺎز اﻟﺗﻧﻔﯾذي ارﺗﺑﺎطﺎ‬
‫‪1‬‬
‫وﺛﯾﻘﺎ ﺣﯾث ﯾﻣﻛن أن ﻧﺷﯾر إﻟﻰ اﻟﺟﻬﺎز اﻟﺗﻧﻔﯾذي ﺑﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ﺣﯾث أن ﻫﻧﺎك ﺻﻠﺔ وﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪ ،‬إذا ﺗﻌد اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻷداة اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺋﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ )ﻣﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ(‪ ،‬ﻣن أﺟل ﺗﻧﻔﯾذ‬
‫ﺳﯾﺎﺳﺗﻬﺎ و ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻓﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﯾﺳت ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﻫﻲ أداة ﻣن‬
‫أدواﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻣوﺿوﻋﺎ ﻣن ﻣوﺿوﻋﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬و ﻣن ﺛﻣﺔ ﺗﺻﺑﺢ ﻧظﺎﻣﺎ ﻓرﻋﯾﺎ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‬
‫اﻟﻌﺎم‪ ،‬و ﻫذا ﻻ ﯾﻠﻐﻲ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﻻ ﯾﻠﻐﯾﻬﺎ ﻛﺣﻘل دراﺳﻲ ﻣﺗﻣﯾز ﻛذﻟك ﻧﻼﺣظ‬
‫ﺑﺄن ﻋﻠم اﻹدارة ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻋﺗﻣﺎدا ﻛﺑﯾ ار ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺗﺣدد و ﺗرﺳم اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻌﺎم‬
‫ﻟﻠدوﻟﺔ ‪ ،‬و اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺷرف ﻋﻠﻰ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﻣﻧﺷودة‪ ،‬و ﻫذا ﯾوﺿﺢ‬
‫ﻟﻧﺎ أن رﻗﺎﺑﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻓرع ﻣن ﻓروع ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻬﻲ ﺗﻬدف ﻟﺗﺣﻘﯾق و اﻧﺟﺎز اﻷﻫداف اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﻟﻬﺎ دور ﻫﺎم ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ‬
‫اﻟﻘرار‪ ،‬و ﻛذا رﻓﻊ اﻟﺗوﺻﯾﺎت إﻟﻰ اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻸﺧذ ﺑﻬﺎ‪ .‬ﻓﺎﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟداﻋﻲ إﻟﻰ‬

‫‪1‬‬
‫ﺛﺎﻣر ﻣﻠوح اﻟﻣطﯾري‪ ،‬ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻔﻛر اﻹداري و اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ‪،‬ط‪ ،1‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬دار اﻟﻠواء ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪،‬‬
‫‪ ،1990‬ص‪.32‬‬

‫‪34‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫اﻟرﺑط ﺑﯾن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ‪ ،‬ﯾﻌﺗﺑرﻫﺎ أداة اﻟﺳﻠطﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣددﻫﺎ اﻟدوﻟﺔ‪،‬‬
‫و اﻟﺗﻲ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ اﺻطﻼح " اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ" ‪ ،‬أﻧﺻﺎرﻫﺎ ﻫم ‪ :‬دﯾﻣوك ‪ ،‬ﻟﯾوﻧﺎرد ﻫواﯾت‬
‫و ﻣن اﻟﻌرب ﻧﺟد ﺗوﻓﯾق رﻣزي ‪ ،‬و ﺣﻣدي أﻣﯾن ‪....‬‬

‫ﻓﻬذا اﻟﺟﺎﻧب أو اﻻﺗﺟﺎﻩ ﯾؤﺧذ ﻋﻠﯾﻪ اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب "اﻟﻐﺎﺋﻲ" ﻟﻺدارة‪ ،‬و ﻫو ﺗﻧﻔﯾذ‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و أﻫﻣل اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻌﺿوي ﻟﻬﺎ‪ .‬و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﻣﯾزﻫﺎ ﻋن اﻹدارات اﻷﺧرى ‪ ،‬و‬
‫‪1‬‬
‫ﺑﺎﻷﺧص إدارة اﻟﻣﺷروﻋﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﻧﺟد ﻫﻧﺎك وﺟﻪ أﺧر ﻣن أوﺟﻪ اﻟﺗﻘﺎرب ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺗﺟﻠﻰ ذﻟك ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗداﺧل اﻟﻌﺿوي ﺑﯾن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻟﺣﻛوﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻣﺛﻼ ﻧﺟد ﻛل وزﯾر ﯾﺳﺗﺣوذ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺗﯾن‬
‫اﻷوﻟﻰ أﻧﻪ ﯾﺷﺗرك ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ‪ ،‬و اﻟﺻﻔﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أﻧﻪ ﯾرأس ﻓﻲ اﻟوﻗت‬
‫ﻧﻔﺳﻪ اﻟﺟﻬﺎز اﻹداري اﻟﺧﺎص ﺑو ازرﺗﻪ‪.‬‬

‫ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟد ﻣظﺎﻫر اﻻﺳﺗﻘﻼل واﺿﺣﺔ ﻣن ﺣﯾث أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﺛﺑﺎت و‬
‫اﻻﺳﺗﻘرار‪ ،‬و أن رﺟﺎل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻ ﺑد ﻣن دواﻣﻬم ﻓﻲ ﻣﻧﺎﺻﺑﻬم ﻷداء اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ و‬
‫ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟد رﺟﺎل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﺳﺗﻘرار وﺗﻐﯾر‪ ،‬وﻫذا راﺟﻊ‬
‫ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﻧﺻب دراﺳﺔ ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻣذاﻫب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬و‬
‫ﺳﻠطﺎت اﻟدوﻟﺔ اﻟﺛﻼث و ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﻬﺎ ﻣن ﺑﺣوث و دراﺳﺎت‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪2‬‬
‫ﯾرﺗﻛز اﻫﺗﻣﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﺷﺎط اﻹداري‪.‬‬
‫و ﻧﻼﺣظ ﺑﺄن اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻛري اﻟذي ﯾﻧﺎدي ﺑﺿرورة ﻓﺻل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻋن اﻹدارة ﻗد‬
‫ﺗﻌرض ﻟﻠﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﻘد ﻧظ ار ﻟﺗﻌذر ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق اﻟﻔﻛري ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﺑن ﻋﯾﺷﺔ‪))،‬اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ و اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر((‪) ،‬أطروﺣﺔ دﻛﺗوراﻩ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن‬
‫ﻋﻛﻧون اﻟﺟزاﺋر ‪ ،(2011/ 2010،‬ص‪.29‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﻣﻐرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ص ‪.56-55‬‬

‫‪35‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻋﻠم اﻻﻗﺗﺻﺎد‬

‫إن ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﯾﻬدف ﻣن ﺧﻼل ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺟﺎح و‬
‫اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬إﻻ أن ﺑﺎﺣﺛﯾﻬﺎ ﯾﺳﻌون إﻟﻰ اﻟﺗرﺷﯾد ﻓﻲ اﻟﻣوارد ذات اﻟطﺎﺑﻊ اﻹﻧﺗﺎﺟﻲ و اﻟﺧدﻣﻲ‪،‬‬
‫ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق ﻋﻧﺻر اﻟﻛﻔﺎءة و اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻ ﺗﻘدم ﺧدﻣﺎﺗﻬﺎ‬
‫ﺑﻣﻘﺎﺑل ﻣﺎدي أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟك‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻋﻛس ﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ إدارة اﻷﻋﻣﺎل ‪ ،‬ﻟﻛن ﯾﺑﻘﻰ ﻫدف‬
‫ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻛﻔﺎءة ﻫو اﻟذي ﯾﺣﻘق أﻛﺑر ﻗدر ﻣن اﻟﻔﺎﺋدة و ﯾﺗﺟﻧب أﻗل ﻗدر ﻣﻣﻛن ﻣن اﻟﺧﺳﺎرة ‪،‬‬
‫ﻷﻧﻪ رﻛن أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻘﯾﯾم ﺑﻌض اﻻﻧﺟﺎزات اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﻬﺎ ﺑﻌض اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﺗﺗﺟﺳد ﻟﻧﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻌﻠم اﻻﻗﺗﺻﺎد ﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟذي‬
‫ﯾﺣظﻰ ﺑﺎﻫﺗﻣﺎم اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن و اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﯾن ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﻋﺎﻧت‬
‫ﻛﺛﯾ ار ﻣن وﯾﻼت اﻟﺗﺧﻠف اﻻﻗﺗﺻﺎدي‪.‬‬

‫ﻓﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟدول ﻻ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗوازن اﻟداﺧﻠﻲ و اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻓﻘط‪ ،‬و‬
‫‪1‬‬
‫إﻧﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر ﻛوادر إدارﯾﺔ ﻛفءة ‪ ،‬و ذو ﺧﺑرة ﻋﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺣﯾث أﺻﺑﺣت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ_ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎد_ ذو أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة و‬
‫ﺑﺎﻟﺧﺻوص إذا أﻧﯾطت ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻧﻬوض ﺑﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ‪ ،‬و اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣن ﻗﺑل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﻫﻧﺎ ﺗﺑدو ﻋﻼﻗﺔ وﺛﯾﻘﺔ ﺟدا‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻬدف ﻛﻼﻫﻣﺎ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق أﻓﺿل اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ‬
‫ﺑﺄﻗل اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف ﻟذﻟك ﻛﺎن ﻻ ﺑد ﻟﻠﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ أن ﯾﻠﻣوا ﺑﺎﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫‪3‬‬
‫اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﻟﻛﻔﺎﯾﺔ و اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬طراﺑﻠس‪ :‬اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻣﻔﺗوﺣﺔ ‪ ، 2001 ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪ ،‬و آﺧرون ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻫﺎﻧﻲ ﺧﻠف اﻟطراوﻧﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.35‬‬

‫‪36‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫ﺣﯾث أن ﻋﻠم اﻻﻗﺗﺻﺎد ﯾﻬدف ﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﻣوارد و اﺳﺗﻐﻼﻟﻬﺎ اﺳﺗﻐﻼﻻ أﻣﺛل ﻟﺗﻠﺑﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت و اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻸﻓراد‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﺗﻬدف إﻟﯾﻪ اﻹدارة ﻣن ﺧﻼل ﺗوظﯾف و‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﻧﺳﯾق اﻟﺟﻬود و اﻟﻣوارد‪ ،‬ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻘق أﻓﺿل اﺳﺗﻐﻼل ﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻓد راﺳﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎد و اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻧﺟدﻫﺎ ﺗﺗواﻓق ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن‪ ،‬و ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد‬
‫ﻣن اﻷوﺟﻪ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣوﺿوﻋﺎت ‪ ،‬ﻣﺛل ‪ :‬اﻟﺣﺳﺎب اﻟﺧﺗﺎﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻣﯾزاﻧﯾﺔ و اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﯾﺷﺗرك ﻓﯾﻬﺎ ﻛل ﻣن دارﺳﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎد‪ .‬ﻓﺎﻟدوﻟﺔ ﻫﻧﺎ ﺗﻘوم ﺑﺈرﺳﺎء‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻘواﻋد اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻼﻗﺗﺻﺎد اﻟﻌﺎم‪ ،‬و ﺗوﻛل ﻣﻬﻣﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ إﻟﻰ اﻷﺟﻬزة اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث‪:‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻋﻠم اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري‬

‫ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﺧﻠط ﺑﯾن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ‪،‬ﺣﯾث أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻫو ﻋﺑﺎرة‬
‫ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﺗﺑﯾن ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻣن‬
‫ﺟﻬﺔ‪ ،‬و ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ و ﺑﯾن اﻷﻓراد ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﯾﻛوﻧوا ﻋﻠﻰ دراﯾﺔ ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ‬
‫ﺑﺳﻠطﺎﺗﻬم‪ ،‬و ﺑﺣﻘوﻗﻬم و واﺟﺑﺎﺗﻬم ﺣﯾﺎل ﺑﻌﺿﻬم اﻟﺑﻌض ‪ ،‬ﻓﻬو ﻋﻠم ﻣﺳﺗﻘل ﺑﺣد ذاﺗﻪ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ ﻧﺷﺎط ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣل اﻷﺟﻬزة‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ و اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ‬

‫ﻛﻣﺎ ﻧﺟد اﻻﺧﺗﻼف واﺿﺢ ﺑﯾن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻋﻠم اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻣن ﺧﻼل‬
‫اﻟﻣوظف اﻟﻌﺎم‪ .‬ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﯾﻬﺗم ﺑﻛل ﻣﺎ ﻫو ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ ﻣﺳﯾرة ﺣﯾﺎﺗﻪ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ إﻟﻰ‬
‫ﻧﻬﺎﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل ﺷروط اﻟﺗوظﯾف‪ ،‬و طرق اﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬وﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣوظف اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻹدارة‪.‬‬
‫ﻛذﻟك ﺗﺣدﯾد ﺣﻘوق اﻟﻣوظف و واﺟﺑﺎﺗﻪ و اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌرض ﻓﯾﻬﺎ ﻟﻠﻌﻘﺎب و اﻟﺗﺄدﯾب‬

‫‪1‬‬
‫ﺣﺳﯾن ﺣرﯾم‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ :‬اﻟﻧظرﯾﺎت و اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ و وظﺎﺋف اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻋﻣﺎن ‪ :‬دار ﻣﻛﺗﺑﺔ‬
‫اﻟﺣﺎﻣد‪.2006 ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪2‬‬
‫طﻠق ﻋوض اﷲ اﻟﺳواط ‪ ،‬طﻠﻌت ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﺳﻧدي ‪ ،‬طﻼل ﻣﺳﻠط اﻟﺷرﯾف‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪،‬ص‪.13‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﻣﻐرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ص ‪.57-56‬‬

‫‪37‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫و ﻣﺎ إﻟﻰ ﻏﯾر ذﻟك‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻋﻠم اﻹدارة ‪ ،‬ﻧﺟدﻫﺎ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن ﻣﺎ ذﻛر ﺳﺎﺑﻘﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﺗﻌرض ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣوظف‬
‫اﻟﻌﺎم ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻔﻧﻲ‪ ،‬و ﻟﯾس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ‪ .‬ﻓﻣﺛﻼ ﻧﺟد أن ﻫﺎﺗﻪ اﻷﺧﯾرة ﺗﻘوم ﺑﺗدرﯾب اﻟﻔرد ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟﺷروط‪ ،‬و ﻫل ﻫذا اﻟﺗدرﯾب ﺳﺎﺑق أم ﻻﺣق ﻟﻼﻟﺗﺣﺎق ﺑﺎﻟﻌﻣل‪ ،‬و‬
‫ﻛذا دراﺳﺔ أﻓﺿل اﻷﺳﺎﻟﯾب ﻟﺗﻌﯾﯾن و ﺗرﻗﯾﺔ اﻟﻣوظف‪ ،‬و ﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻣرؤوﺳﯾن‪ ،‬و ﺗﺣﻔﯾزﻫم‬
‫‪1‬‬
‫و ﻗﯾﺎدﺗﻬم ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ‬

‫و ﻓﻲ ﻣﺣﺎول أﺧرى ﻟﻠﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن‪ ،‬ذﻫب رأي آﺧر إﻟﻰ أن ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻫو ﻓرع ﻣن ﻓروع اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﯾﻌﻧﻲ ﺑوﺻف و ﺷرح ﺗﻛوﯾن و ﻧﺷﺎط وآراء و ﺳﻠوك‬
‫اﻟرﺟﺎل و اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟذﯾن ﯾﻛوﻧون ﺟﻬﺎز اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻫو ﻣﺟﻣوﻋﺔ‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟﻧﺷﺎط اﻹداري‪.‬‬

‫و ﻣﻧﻪ ﻧﺟد أن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻟﻘﺎﻧون ﻛﺎﻧت ﻓﯾﻣﺎ ﺳﺑق ﻋﻼﻗﺔ اﻧدﻣﺎج و‬
‫ﺗﻛﺎﻣل ‪ ،‬و ﻫذا راﺟﻊ إﻟﻰ أن ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻧﺷﺄ ﺑﺎﻟﺗﺄﺛر ﺑﺎﻟﻣدﺧل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﺳﯾطر‬
‫ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر‪ ،‬و أواﺋل اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﺟﺳد اﻟﺑﺎﺣث وودورو وﻟﺳون اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن ﻣن ﺧﻼل ﻣﺑدأﻩ ﻓﻲ ﻓﺻل‬
‫اﻟﺳﻠطﺎت‪ ،‬ﻟﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ‪ .‬ﻓﻬذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﺷﯾر إﻟﻰ اﻟﺣدود و ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺗوازن ﺑﯾن‬
‫اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺛﻼث ‪ -‬اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ و اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ و اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ‪ -‬ﻓﻛل ﺳﻠطﺔ ﻣن اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺛﻼث ﻟﻬﺎ‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ‪ ،‬و وظﺎﺋﻔﻬﺎ و اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ‪ ،‬ﻣﺣﻣد ﻓرﯾد اﻟﺻﺣن‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪ :‬اﻟﻣﺑﺎدئ و اﻟﺗطﺑﯾق ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدارﯾﺔ‪ :‬اﻟدار اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪،‬‬
‫‪ ، 2003‬ص ‪.50‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺣﺳﯾن ﻋﺛﻣﺎن ﻣﺣﻣد ﻋﺛﻣﺎن‪ ،‬أﺻول ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ط‪ ، 1‬ﺑﯾروت ‪ :‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ ،2007 ،‬ص ‪.159‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪38‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫و ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻫذا اﻻﺧﺗﻼف ﻧﺟد أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﺳﺗﻔﺎدت ﻣن ﻋﻠم اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻧﯾن و اﻟﻘواﻋد و اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم ﺗﺻرﻓﺎت اﻷﻓراد‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن‬
‫‪1‬‬
‫اﻻﻟﺗزام ﺑﻬﺎ و اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻟذﻟك ﻋﻠﻰ رﺟل اﻹدارة أن ﯾﻛون ذو ﻣﻌرﻓﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬و ﻫذا ﺿروري ﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﺧﺎﻟف‬
‫اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬و ﯾﻧﺳﺟم ﻣﻌﻪ‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﻧﺟدﻩ ﻟدى رﺟل اﻹدارة ﻓﻲ إدارة اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬اﻟذي‬
‫ﯾﻠﺗزم و ﯾطﺑق اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم اﻟﻧﺷﺎط اﻻﻗﺗﺻﺎدي و ﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻪ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬ﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ذو ﻋواﻗب ﻏﯾر ﻣﺣﻣودة‪.‬‬

‫و ﻣﻧﻪ ﻧﺳﺗﺧﻠص أن ﻟﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻗواﻧﯾن و ﺗﺷرﯾﻌﺎت ﺗﺿﺑطﻪ ﻟﺿﻣﺎن ﺑﻘﺎﺋﻪ و اﺳﺗﻣرارﻩ‬
‫و دﯾﻣوﻣﺗﻪ‪ ،‬و ﻣﻌرﻓﺔ اﻹداري ﺑﻣﺛل ﻫﺎﺗﻪ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت أﻣر ﺿروري ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﺗﻛون ﻗ ارراﺗﻪ و‬
‫‪3‬‬
‫أﻓﻌﺎﻟﻪ ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﻣﻊ ﻫذﻩ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ‪ ،‬و ﻻ ﺗﺧﺎﻟﻔﻬﺎ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣد إﺑراﻫﯾم ‪ ،‬أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم ﻣﺻطﻔﻰ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻫﺎﻧﻲ ﺧﻠف اﻟطراوﻧﺔ ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺣﺳﯾن ﺣرﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص‪.39،‬‬

‫‪39‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣداﺧل دراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﻟﻘد ﺗﻌددت اﻟﻣداﺧل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑدراﺳﺔ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺗﻌدد اﻟﻣدارس اﻟﺗﻲ ﻋﻧﯾت‬
‫ﺑدراﺳﺔ ﻫذا اﻟﻌﻠم‪ ،‬إﻻ اﻧﻪ ﯾﻣﻛن أن ﻧﻘﺗﺻرﻫﺎ ﺑﺻورة إﺟراﺋﯾﺔ ﻓﻲ)‪ (07‬ﻣداﺧل وﻫﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬اﻟﻣدﺧل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ‬


‫ﯾﻌد اﻟﻣدﺧل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻣن أﻗدم اﻟﻣداﺧل ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ذﻟك رﻏم وﺟود‬
‫و ظﻬور ﻣداﺧل أﺧرى‪ ،‬إﻻ أن ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﯾﺣظﻰ ﺑﺄﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻛﻣﻧﻬﺞ ﻟدراﺳﺔ اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺧﺻوﺻﺎ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ و ﻣﺻر‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﯾﻘوم اﻟﻣدﺧل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻘواﻋد و اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق ﻋﻠﻰ‬
‫ﻧﺷﺎط اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻹدارﯾﺔ و اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ و ﺗﺿﺑط ﻫذا اﻟﻧﺷﺎط‪ .‬ﻣﻊ اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻘوق‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ و اﻟواﺟﺑﺎت اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛوﻣﺔ‪ ،‬و ﻛذا اﻟطرق اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺻل ﺑﻬذا‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻧﺷﺎط‪.‬‬
‫و ﻣن أﻫم اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬم اﻹدارة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت‪ ،‬و‬
‫طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ‪ ،‬و ﻛذا طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري ﺑﺎﻟدوﻟﺔ‪ ،‬و ﻣدى ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﻠطﺔ‬
‫اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ‪ .‬و ﻋﻣوﻣﺎ ﯾﺳﺗﻬدف ﻫذا اﻟﻣدﺧل اﺗﻔﺎق أﻋﻣﺎل اﻹدارة و‬
‫‪2‬‬
‫ﻧﺷﺎطﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﺑدأ اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ‪.‬‬
‫و ﻗد وﺟﻬت ﻋدة اﻧﺗﻘﺎدات ﻷﻧﺻﺎر ﻫذا اﻟﻣﻧﻬﺞ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺟﻌل ﺑﻌض ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون أﻧﻔﺳﻬم‬
‫ﯾﻌدوﻧﻪ ﻣﻧﻬﺟﺎ ﻗﺎﺻ ار‪ ،‬ﯾﻣﺛل ﻧظرة ﺿﯾﻘﺔ إﻟﻰ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ذﻟك ﻟﻸﺳﺑﺎب اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬
‫‪ -‬إﻗﺗﺻﺎرﻩ ﻋﻠﻰ ﺳرد اﻟﻧﺻوص و ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬إﻏﻔﺎﻟﻪ ﻟﻠﺟواﻧب اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أﺣﻣد ﻓوزي ﻣﻠوﺧﯾﺔ‪ ،‬اﻹدارة ﻟرﺟﺎل اﻷﻋﻣﺎل و اﻟﺣﻛوﻣﺎت ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬ﻣرﻛز اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب ‪ ،2009 ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺻﺎﻟﺢ ﺑن ﺣﺑﺗور‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.95‬‬

‫‪40‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫‪ -‬إﻏﻔﺎﻟﻪ اﻟﻣؤﺛرات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﺛر ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‬


‫اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬إﻏﻔﺎﻟﻪ اﻟﻌواﻣل اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺛرت ﻓﻲ ﻧﺷﺄة اﻟﻧظﺎم اﻹداري و ﻓﻲ ﺗطورﻩ و ﻧﺟﺎﺣﻪ‬
‫أو ﻓﺷﻠﻪ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻋدم دراﺳﺔ ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﻟﻠﻧظﺎم ﻟﻺداري ﻛﻛﺎﺋن ﺣﻲ‪ ،‬و اﻗﺗﺻﺎرﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻣدﺧل اﻟﺑﻧﺎﺋﻲ اﻟوﺻﻔﻲ‬


‫ظﻬر ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﻓﻲ أواﺋل اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ‪ ،‬و ﻛﺎن ﻟﯾوﻧﺎرد ﻫواﯾت ‪Leonard White‬‬

‫ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺔ اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟذﯾن ﺣددوا إطﺎر ﻫذا اﻟﻣدﺧل‪ ،‬ﺣﯾث وﺿﺢ ﻣﻘوﻣﺎت اﻹدارة ﻓﻲ اﻟﻌﻧﺎﺻر‬
‫اﻵﺗﯾﺔ‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻟﺗﻧظﯾم‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟﻘوى اﻟﺑﺷرﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬اﻟﺗﻣوﯾل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -4‬اﻟﺗﺷرﯾﻊ و اﻟﺿواﺑط اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫إذ ﯾرﻛز ﻫذا اﻟﻣﻧﻬﺞ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺑﯾﺎن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة و ﺗﻛوﯾﻧﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ‬
‫ﯾﻬﺗم ﺑﺗﺣدﯾد ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳﻠطﺔ و اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬و دراﺳﺔ ﻣﺷﺎﻛل اﻟﺗﻧﺳﯾق و اﻻﺗﺻﺎل ﺑﯾن‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﺧﺗﻠف اﻟوﺣدات ﻟﻠﺟﻬﺎز اﻹداري‪ ،‬و ﻫﻲ ﻣﺷﺎﻛل ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﺗﺿﺧم اﻷﺟﻬزة اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾرﻛز ﻛذﻟك ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﺧرﯾطﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻟﻠﺗﻧظﯾم اﻹداري ﻟﻠدوﻟﺔ ﻟﻺﻟﻣﺎم‬
‫ﺑﺧﺻﺎﺋص اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و وظﺎﺋﻔﻬﺎ‪ ،‬و ﺗﻔﻬم طﺑﯾﻌﺔ ﻋﻣل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﺧطوط اﻟﺳﻠطﺔ‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻓﺗﺣﻲ ﻣﺣﻣود‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬ط‪ ، 1‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬ﻋﻣﺎد ﺷؤون اﻟﻣﻛﺗﺑﺎت ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻣﻠك‬
‫ﺳﻌود‪،1985،‬ص‪.12‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺣﺳﯾن ﻋﺛﻣﺎن ﻣﺣﻣد ﻋﺛﻣﺎن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.76‬‬

‫‪41‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫و اﻻﺗﺻﺎل و ﻣ ارﻛز اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ‪ ،‬و اﺗﺧﺎذ اﻟﻘ اررات ﻓﻲ اﻟﺗﻧظﯾم‪.‬‬


‫و أﻫم اﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﻣوﺟﻬﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣدﺧل ﺗﺗﺧﻠص ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -‬إن اﻟﺧرﯾطﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﺗظﻬر ﻧﻣﺎذج اﻟﺳﻠطﺔ اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬و ﻻ ﺗظﻬر اﻟﺳﻠطﺔ‬
‫ﻏﯾر اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﻣؤﺛرة ﻓﻲ ﺳﻠوك و اﺗﺟﺎﻩ اﻟﺗﻧظﯾم‪.‬‬
‫‪ -‬إن اﻟﺧرﯾطﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻻ ﺗظﻬر اﻷﻫﻣﯾﺔ اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ﻟﻛل ﻣﻧطﻘﺔ وظﯾﻔﯾﺔ أو وﻛﺎﻟﺔ‬
‫ﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬إن ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﯾﻬﻣل ﺟواﻧب اﻻرﺗﺑﺎط و اﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺎز اﻟﺣﻛوﻣﻲ و ﺑﯾن ﺑﯾﺋﺗﻪ‬
‫اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻛذﻟك ﯾﻬﻣل اﻟﻣدﺧل اﻟﻧظرة ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‬
‫‪1‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﻬﻣل اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬و ﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ و دواﻓﻊ ﺳﻠوﻛﻬﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻟﻣدﺧل اﻟوظﯾﻔﻲ‬


‫ﯾﻌﺗﻣد اﻟﻣدﺧل اﻟوظﯾﻔﻲ ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ وظﺎﺋف اﻹدارة و ﻋﻧﺎﺻر‬
‫اﻟﻌﻣل اﻹداري‪ ،‬اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻷي ﻧﺷﺎط إﻧﺳﺎﻧﻲ ﻟﺗﺣﻘﯾق أﻫداف ﻣﻌﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﯾﺳﺎﻋد ﻓﻬم ﻫﺎﺗﻪ اﻟوظﺎﺋف‪ ،‬و ﻛذا ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣل اﻹداري‪ ،‬ﻓﻲ زﯾﺎدة ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ ﻋﻣل‬
‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺑواﺳطﺔ اﻻﺳﺗﺧدام و اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن أﺳﺎﻟﯾب ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣﺗطورة ﻓﻲ ﻛل ﻣن ﻣﺟﺎل‪:‬‬
‫اﻟﺗﺧطﯾط‪ ،‬اﻟﺗﻧظﯾم‪ ،‬اﻟﺗوﺟﯾﻪ‪ ،‬اﻟرﻗﺎﺑﺔ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫و ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﺧﺗﻼف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﺣوﻟﻬﺎ‪ ،‬إﻻ أن ﻏﺎﻟﺑﯾﺗﻬم اﺗﻔﻘوا ﺣول ﻫذﻩ اﻟوظﺎﺋف‪.‬‬
‫ﻓﻬذا اﻟﻣدﺧل ﯾﻌﺗﻣد ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌرﯾف ﺑوظﺎﺋف اﻟﻣدﯾر‪ ،‬و اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ أن‬
‫ﻓﻛرة اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬أو اﻹدارة اﻟﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﺗﺗﻛون ﻣن ﻋدد ﻣن اﻟوظﺎﺋف ﻻ ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف‬
‫اﻟﻣﻧظﻣﺎت و ﻻ ﺑﺎﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺎرس ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬و ﻻ ﺑﺎﻟظروف اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق ﻓﯾﻬﺎ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣود اﻟﻣﺑﯾض‪ ،‬و آﺧرن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ص‪.33-32‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﻣﻐرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪42‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫و ﻗد أﺳس ﻫذا اﻟﻣدﺧل اﻟراﺋد ﻫﻧري ﻓﺎﯾول ‪ ،‬اﻟذي ﯾﻌد اﻟراﺋد اﻷول ﻟﺣرﻛﺔ اﻹدارة‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻏﯾر أن ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﺗﻌرض ﻟﻧﻘد ﻣن ﻗﺑل اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺳﻠوﻛﯾﯾن ‪ ،‬اﻟذﯾن ﻧظروا إﻟﻰ‬
‫اﻟﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ اﻟﻣطروﺣﺔ ﺿﻣن ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻛﺗﺎﺑﺎت ﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ‪ ،‬ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ‬
‫اﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻛﻣؤﺳﺳﺎت ﻣﻐﻠﻘﺔ و ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋن اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ اﻷﺧرى‪ ،‬و أن اﻟﻣﻌرﻓﺔ‬
‫اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻋﻧدﻫﺎ ﻫﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﻛﻣؤﺳﺳﺎت ﻣﻐﻠﻘﺔ و ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋن اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ‬
‫اﻷﺧرى‪ ،‬و أن اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻋﻧدﻫﺎ ﻫﻲ ﻣﻌرﻓﺔ إدارﯾﺔ ﺑﺣﺗﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﻣﻼﺣظﺔ و اﻟﺗﺟﺎرب‬
‫اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻣﻬد ﻟﺑﻧﺎء اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻧظرﯾﺔ ‪ ،‬و ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺛرت اﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﻣوﺟﻬﺔ ﻟﻬذا‬
‫اﻟﻣدﺧل إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن اﻟﻣﺣﻔز ﻟﺗوﻟﯾد أﻓﻛﺎر ﻣﺿﺎدة‪ ،‬ﺗﺣوﻟت ﻟﻣداﺧل اﻧﺿﺞ ﻟدراﺳﺔ اﻟﺗﻧظﯾم و‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟراﺑﻊ‪ :‬اﻟﻣدﺧل اﻟﺳﻠوﻛﻲ‬


‫ﺟﺎء اﻟﻣدﺧل اﻟﺳﻠوﻛﻲ ﻛرد ﻓﻌل ﻵراء اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻓﻲ اﻹدارة‪ ،‬اﻟﺗﻲ أﻫﻣﻠت ﺟﺎﻧب‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬و دورﻫﺎ ﻓﻲ اﻹدارة‪ .‬و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻹطﺎر اﻟﻔﻛري ﻟﻬذا اﻟﻣدﺧل ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﯾﻪ‬
‫وﺻف ﻣدرﺳﺔ ﻓﻛرﯾﺔ أو إطﺎر ﻧظري ﻋﺎم أو ﺑﺎرادﯾم "‪ "Paradigm‬ﺣﯾث أن ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﺗم‬
‫ﺗطوﯾرﻩ ﻣن طرف ﺗوﻣﺎس ﻛوﻫن ‪ ،Thomas Kuhun‬ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ ﺑﺧﺻوص ﺗﺗﺑﻊ ﺗطور‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﻬﯾﻛل اﻟﺑﯾﺎﻧﻲ ﻟﻠﺛورة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻧﺟد ﺑﺄن ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﻧﺷﺄ ﻣن ﺧﻼل إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻛل ﻣن ﻛﺗﺎب ﻋﻠم اﻟﻧﻔس و‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣﻠﯾل ﺳﻠوك اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻹدارﯾﺔ ‪ ،‬ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻣﻧظﻣﺎت إدارﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ أو‬
‫ﺧﺎﺻﺔ‪ .‬ﺣﯾث ﯾرﻛز اﻟﻣدﺧل اﻟﺳﻠوﻛﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔرد ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل أﻧﻪ ﯾرى ﺑﺄن‬
‫اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري ﻣﺎ ﻫو إﻻ ﺗﺟﻣﻊ إﻧﺳﺎﻧﻲ‪ ،‬و اﻟذي ﯾﺷﻛل ﻓﯾﻪ اﻟﻔرد ﻗوة دﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺔ ﻣﺣرﻛﺔ‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺻﺎﻟﺢ ﺑن ﺣﺑﺗور‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﺎﻣر اﻟﻛﺑﯾﺳﻲ‪ ،‬اﻟﻔﻛر اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ‪ :‬اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﺑﯾن اﻟﺗﻘﻠﯾد واﻟﻣﻌﺎﺻرة‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺳورﯾﺎ‪ :‬دار اﻟرﺿﺎ ﻟﻠﻧﺷر‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص ‪.64‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪.112 ،‬‬

‫‪43‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫ﻟﻠﺗﻧظﯾم ‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻛﻔﺎءﺗﻪ أو ﺿﻌﻔﻪ‪ .‬ﻓﻬذا اﻟﻣدﺧل ﯾرﻛز ﻓﻲ وﺻوﻟﻪ ﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت ﺣول‬
‫‪1‬‬
‫ﻣوﺿوع اﻟﺗﻧظﯾم و اﻹدارة‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﺧدام اﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣدﺧل رﻛز ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻔﯾز اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻣن أﺟل اﻟرﻓﻊ ﻣن ﻣﻌﻧوﯾﺎﺗﻬم ‪ ،‬و‬
‫ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪ ،‬و أﯾﺿﺎ ﯾﺷﻣل ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ ﻣوﺿوع و ﻣﺟﺎل اﻟﻘﯾﺎدة ‪ ،‬و ﻋﻼﻗﺗﻬﺎ‬
‫ﺑﻧﺟﺎح اﻟﻣﺷروع ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾزات و اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤدي و ﺗؤﺛر‬
‫ﻓﻲ ﻧﺟﺎح اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻧﺟﺎح اﻟﻣﺷروع‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﯾﻬﺗم أﯾﺿﺎ اﻟﻣدﺧل اﻟﺳﻠوﻛﻲ ﺑﻣﺟﺎل اﻻﺗﺻﺎﻻت ‪ ،Communication‬و ﻛذا‬


‫‪2‬‬
‫ﺎرﺗﻬم‪.‬‬
‫اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن و ﺗطوﯾر ﻣﻬ ا‬
‫و ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﯾرى اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻛﺗﺎب أن ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﻻ ﯾﻛﻔﻲ وﺣدﻩ ﻟدراﺳﺔ اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻧﺎك ﺟواﻧب ﻋدﯾدة ﻟم ﺗﺣظﻰ ﺑﺎﻫﺗﻣﺎم رواد اﻟﻣدﺧل اﻟﺳﻠوﻛﻲ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻟم‬
‫ﯾﺄﺧذ ﻓﻲ اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﻌواﻣل و اﻟﻘوى اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ أﻫﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠوك و أداء اﻟﻣﻧظﻣﺎت‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻣدﺧل اﻟﺳﻠوﻛﻲ رﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠﻣﻧظﻣﺎت ﺧﺎﺻﺔ اﻷﻓراد‪ ،‬و أﻫﻣل‬
‫اﻟﻌواﻣل اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﻛذا اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟدور اﻟذي ﺗﻠﻌﺑﻪ ﻓﻲ ﺗﺄﺛﯾرﻫﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺧﺎﻣس‪ :‬اﻟﻣدﺧل اﻟﺑﯾﺋﻲ )اﻹﯾﻛوﻟوﺟﻲ(‬


‫إن ﻛﻠﻣﺔ "اﯾﻛوﻟوﺟﻲ" ‪ " Ecology‬ﻫﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻷﺻل اﻹﻏرﯾﻘﻲ " إﯾﻛوس"‬
‫‪ Ekos‬أي ‪ :‬ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣﯾط ﺑﺎﻟﻣرء ﻓﯾﺻﺑﺢ ﻣﺳﻛﻧﻪ‪ ،‬و ﻛﻠﻣﺔ " ﻟوﺟﻲ " ‪ Logy‬ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ‪ :‬ﻋﻠم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫و ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺻطﻠﺢ ‪ :‬ﻫو اﻟﻌﻠم اﻟذي ﯾﻬﺗم ﺑﺎﻟﻣﺣﯾط و ﺑﺎﻟﺑﯾﺋﺔ و اﻟﻣؤﺛرات اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻬﺎ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣود اﻟﻣﺑﯾض‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﺷﯾر اﻟﻌﻼق ‪ ،‬إدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ :‬ﻧظرﯾﺎت و ﻣﻔﺎﻫﯾم‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار اﻟﯾﺎزوردي اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ ‪،2008،‬ص ‪.47‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح‪ ،‬ﻣﺣﻣد ﻓرﯾد اﻟﺻﺣن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪4‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺻﺎﻟﺢ ﺑن ﺣﺑﺗور‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.98‬‬

‫‪44‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫و ﻣﻧﻪ ﻧرى أن أﺻﺣﺎب ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﯾرون ﺑﺄن ﻧﺟﺎح اﻟﻧظﺎم اﻹداري ﻣرﻫون ﺑظروف اﻟﺑﻼد‬
‫اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻌﺎدات و اﻟﺗﻘﺎﻟﯾد‪ .‬و ﻫذا ﻟﯾس ﻟﻠدﻋوة إﻟﻰ ﻋدم اﻟﺗﻐﯾﯾر و إﻧﻣﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟدول وﻓق ﻣﻧظور ﻫذا اﻟﻣدﺧل أن ﺗﻛﯾف ﻧظﻣﻬﺎ اﻹدارﯾﺔ ﻛﻠﻣﺎ ﺗﻐﯾرت اﻟظروف ﻓﺎﻟﻧظﺎم‬
‫اﻹداري اﻟﻧﺎﺟﺢ ﯾﺗﻛﯾف ﻟﯾس ﻓﻘط ﺑظروف اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻓﻘط‪ .‬و إﻧﻣﺎ ﯾﺄﺧذ ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺑﺎن أﯾﺿﺎ‬
‫ظروف و ﻋواﻣل اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ‪ .‬ﻷن اﻟدول ﺣﺎﻟﯾﺎ أﺻﺑﺣت ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻌﯾش ﺑﻣﻌزل ﻋن‬
‫‪1‬‬
‫ﻏﯾرﻫﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﯾوم أﺻﺑﺢ ﻛل ﻣﺗﻛﺎﻣل و ﻣﺗراﺑط و ﻣﺗداﺧل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻪ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﺑرز ﻫذا اﻟﻣدﺧل أﯾﺿﺎ أن ﻧﺟﺎح اﻟﻧظم اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺎ‪ ،‬ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﻧﺟﺎﺣﻪ‬
‫ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ آﺧر‪ .‬و ذﻟك ارﺟﻊ ﻻﺧﺗﻼف اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ‪.‬‬

‫و ﻟﻌل أﺑرز ﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻫو ﻓﺷل اﻟﻣﺳﺗﻌﻣر اﻻﻧﺟﻠﯾزي ﻓﻲ ﻧﻘل و ﺗطﺑﯾق ﺟﻬﺎزﻩ‬
‫اﻹداري ﻓﻲ اﻟﻬﻧد‪ ،‬و ﻛذا اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﺗطﺑﯾق ﻧظﺎم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر‪ .‬و ﻫذا ﻛﻠﻪ‬
‫راﺟﻊ ﻻﺧﺗﻼف اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﯾن‪.‬‬

‫و ﻧﺟد أن ﻫذا اﻟﻣدﺧل اﻟﺑﯾﺋﻲ ﻫو ﻣدﺧل ﺣدﯾث إﻻ أن ﻟﻪ ﺟذور ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻣﺗﺄﺻﻠﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺻﯾن اﻟﻘدﯾﻣﺔ‪ .‬و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ ﻣﻘوﻟﺔ اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﺻﯾﻧﻲ اﻟﻌظﯾم ﻛوﻧﻔوﺷﯾوس ﺳﻧﺔ ‪50‬‬
‫ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد‪ " .‬ﯾﻠزم ﻗﺑل و ﺿﻊ أي ﻧظﺎم إداري ﻷي ﺑﻠد دراﺳﺔ اﻟظروف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و‬
‫‪2‬‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﻠد"‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﻧﻼﺣظ ﺑﺄن ﻫذا اﻟﻣدﺧل أﯾﺿﺎ ﻻ ﯾﺧﻠو ﻣن اﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﻣوﺟﻬﺔ ﻟﻪ‪ .‬ﺑﺣﯾث أن دراﺳﺔ‬
‫ﺟﻣﯾﻊ ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﻣﻣﯾزاﺗﻪ‪ ،‬ﻣن إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﻣﺎدﯾﺔ ﻛﺎﻧت أو ﺑﺷرﯾﺔ أو ﺣﺿﺎرﯾﺔ‪ ،‬ﻫﻲ‬
‫ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣرﻫﻘﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن اﻟﻌواﻣل اﻟﺑﯾﺋﺔ ﻫﻲ ﻋواﻣل ﺳرﯾﻌﺔ اﻟﺗطور و اﻟﺗﻐﯾر‪ ،‬و أن اﻟﻠﺣﺎق ﺑﻬﺎ‬
‫ﻫﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣرﻫﻘﺔ أﻛﺛر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑواﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ص ‪.117-116‬‬
‫‪2‬‬
‫أﺣﻣد ﻓوزي ﻣﻠوﺧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ص ‪.35-34‬‬

‫‪45‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺳﺎدس‪ :‬اﻟﻣدﺧل اﻟﻣﻘﺎرن‬

‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣدﺧل اﻟﻣﻘﺎرن ﻣن اﻟﻣداﺧل اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬ﺣﯾث ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ‬
‫دراﺳﺔ ﻧظم و ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻹدارة ﻓﻲ ﺑﻠدﯾن أو أﻛﺛر‪ ،‬و ﻫذا ﻣن أﺟل اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻗواﻋد أﺻوﻟﯾﺔ‬
‫ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ و اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﻬﺎ‪ .‬و ذﻟك ﻟﻠﻧﻬوض ﺑﻣﺳﺗوى اﻹدارة ورﻗﯾﻬﺎ‪.1‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻗد ﺗﻛون اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﻧظﺎم اﻹداري اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻣﺛﻼ ﻣﻊ ﻧظﯾرﻩ‬
‫ﻓﻲ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة أو ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻗد ﺗرﺗﻛز اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻋﻠﻰ أﺣد أو ﺑﻌض ﺟواﻧب اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺛل ‪ :‬اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن ﻣظﺎﻫر اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ و ﻣظﺎﻫر اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﻧد‬
‫ﻣﺛﻼ‪.‬‬
‫إن ﻣﻧطق ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﻻ ﯾﻌﺗﺑر أن اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻣظﺎﻫر اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﯾﻣﻧﻊ‬
‫‪2‬‬
‫ﻣن وﺟود ﻗواﻋد و ﻣﺑﺎدئ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫و ﻣن أﺳﺑﺎب اﻧﺗﺷﺎر ﻫذا اﻟﻣدﺧل و زﯾﺎدة اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻪ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻧﺟد‪:‬‬
‫أ‪ .‬اﻟﺗطور ﻓﻲ وﺳﺎﺋل اﻟﻧﻘل و اﻟﻣواﺻﻼت ﺟﻌل ﻣن اﻧﺗﻘﺎل اﻟﺧﺑرات ﺑﯾن اﻟدول أﻣ ار‬
‫ﺳﻬﻼ‪.‬‬
‫ب‪ .‬اﻟدور اﻟذي ﺗﻠﻌﺑﻪ اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬و ﻣﺎ ﺗﻘدﻣﻪ ﻣن ﺧدﻣﺎت و ﻣﻌوﻧﺎت ﻟﻠدول ﻟﻠﻧﻬوض‬
‫ﺑﺄﻧظﻣﺗﻬﺎ اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬
‫ج‪ .‬زﯾﺎدة ﻋدد اﻟدول اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﺎﺑﻪ ﻓﻲ ظروﻓﻬﺎ‪ ،‬و رﻏﺑﺔ ﺣﻛوﻣﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻬوض و‬
‫اﻟرﻗﻲ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺗﻰ اﻟﻣﯾﺎدﯾن و اﻟﻣﺟﺎﻻت‪ ،‬ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ و اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ و اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ‪...‬اﻟﺦ‬
‫و ﻣﻧﻪ ﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺧﺑرات اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻹداري‪.‬‬
‫و ﻧﻼﺣظ أن ﻫذا اﻟﻣدﺧل وﺟﻬت ﻟﻪ ﻋدة اﻧﺗﻘﺎدات ﺗﺗﺟﺳد ﻓﻲ ﺻﻌوﺑﺔ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن‬
‫اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬وذﻟك راﺟﻊ ﻻﺧﺗﻼف ظروف اﻟدول ﻋن ﺑﻌﺿﻬﺎ‪ ،‬أو ﺣﺗﻰ داﺧل اﻟدوﻟﺔ‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺻﺎﻟﺢ ﺑن ﺣﺑﺗور ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪2‬‬
‫أﺣﻣد ﻓوزي ﻣﻠوﺧﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻣود اﻟﻣﺑﯾض‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪46‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫اﻟواﺣدة‪ .‬ﻓﺈذا ﻣﻛن ﺗطوﯾﻊ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺎت ﻟظروف اﻟدوﻟﺔ ﻓﻬذا ﯾﺗطﻠب وﺟود ﺧﺑراء ﻣﺗﺧﺻﺻﯾن‬
‫داﺧل اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻌذر ﯾﺳﺗﻌﺎن ﺑﺧﺑراء أﺟﺎﻧب ﻣﻣﺎ ﯾزﯾد اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف وﻋﺎﺋق اﻟﻠﻐﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺳﺎﺑﻊ‪ :‬ﻣدﺧل اﻟﻧظم‬

‫ﻟﻘد اﻗﺗﺑس اﻟﺑﺎﺣﺛون ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣدﺧل اﻟﻧظم ﻫذا ﻣن ﻋﻠوم أﺧرى‪ .‬ﻧظ ار ﻟﻣﺎ‬
‫ﺣﻘﻘﻪ ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﻣن أﺳﺎﻟﯾب ﺟدﯾدة ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل‪ ،‬ﺳﻣﺣت ﻟﻠدارﺳﯾن أن ﯾﻧظروا ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎﻛل و‬
‫اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻬﻬﺎ اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣن ﻣﻧظور ﻛﻠﻲ‪.‬‬
‫ﺣﯾث أن ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﯾﺳﻌﻰ ﺑﺎﺣﺛوﻩ إﻟﻰ ﺗطوﯾر ﻧظرﯾﺔ ﻟﻔﻬم اﻟﻧظم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ و اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ﺣﯾث ﺑرز ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﻣﻧذ ﻋﻘد اﻟﺧﻣﺳﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪.‬‬
‫ﻓﻬذا اﻟﻣدﺧل ‪ -‬ﻣدﺧل اﻷﻧظﻣﺔ‪ -‬ﯾﻌد ﻣن اﻟﻣداﺧل اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و‬
‫ﻫو ﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻣﻔﻬوم اﻟﻧظم‪ ،‬و ﻫو ﯾﻌﻧﻲ اﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻛﻧظﺎم ﻣﺗﻛﺎﻣل ﻣﺗراﺑط ﯾﺗﻛون‬
‫‪2‬‬
‫ﻣن ﻋدة أﻧظﻣﺔ ﻓرﻋﯾﺔ‪ ،‬ﺗﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻫدف اﻟﻧظﺎم‪.‬‬
‫و ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣدﺧل ﻓﺈن اﻟوﻛﺎﻟﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﻌد ﺟزءا ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻹداري ﻟﻠدوﻟﺔ‪،‬‬
‫و ﺗﺗﺄﺛر ﺑﺎﻟﻘوى اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠﺑﯾﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬و ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﺗﺻدر ﻫﺎﺗﻪ اﻷﺧﯾرة ‪-‬‬
‫اﻟوﺣدة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪-‬ﻗ اررات ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟﺑﯾﺋﺔ‪ ،‬و طﺑﻘﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣدﺧل ﻓﺈن اﻟﻧظﺎم اﻹداري‬
‫‪3‬‬
‫ﯾﺗﻛون ﻣن ﻣدﺧﻼت و ﻣﺧرﺟﺎت‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﺗﺗﻛون اﻟﻣدﺧﻼت ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣطﺎﻟب و اﻟﺗﺄﯾﯾد و اﻟﻣوارد و اﻟﻌﻘوﺑﺎت ‪ ،‬و‬
‫اﻟﺿﻐوط اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﺟزء ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻹداري ﻟﻠدوﻟﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻣﺧرﺟﺎت ﻓﻬﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻗ اررات و ﺳﯾﺎﺳﺎت و ﻣوارد و ﻣﻌﻠوﻣﺎت‪....‬اﻟﺦ‪ ،‬اﻟﺗﻲ‬
‫‪4‬‬
‫ﺗﻧﺗﺟﻬﺎ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.120‬‬


‫‪2‬‬
‫ﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣود اﻟﻣﺑﯾض‪ ،‬وآﺧرون ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪3‬‬
‫أﺣﻣد ﻓوزي ﻣﻠوﺧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪4‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﻣﻐرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪47‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﻫﻧﺎك أﯾﺿﺎ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﺣوﯾﻠﯾﺔ ‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل ﻛﺎﻓﺔ اﻷﻧﺷطﺔ‬
‫اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺗﺣوﯾل اﻟﻣدﺧﻼت إﻟﻰ ﻣﺧرﺟﺎت ﻣن ﺗﺧطﯾط و ﺗﻧظﯾم و ﺗوﺟﯾﻪ‪ ،‬و إﺻدار أواﻣر‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫ﻋن اﻟﺗﻐذﯾﺔ اﻟﻣرﺗدة ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺗﺑر اﻟوﺳﯾﻠﺔ ﻹظﻬﺎر ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻧظﺎم‪ ،‬و اﻟﺗﺄﻛد ﻣن أداﺋﻪ ﺑطرﯾﻘﺔ‬
‫ﺳﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﻣﻛن ﻋن طرﯾﻘﻬﺎ اﺗﺧﺎذ اﻹﺟراءات اﻟﺗﺻﺣﯾﺣﯾﺔ أوﻻ ﺑﺄول‪ ،‬و ﻣراﺟﻌﺔ اﻟﻘ اررات‬
‫‪1‬‬
‫و اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت ﺣﺗﻰ ﯾﺗم ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف ﺑﻔﺎﻋﻠﯾﺔ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻟﻛن ﻣدﺧل اﻟﻧظم ﻟم ﯾﺳﻠم ﻣن اﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن إﺟﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬
‫‪ -1‬إن ﺗﺄﻛﯾد ﻣدﺧل اﻟﻧظم ﻋﻠﻰ أن ﻛل أﺟزاء اﻟﻧظﺎم اﻹداري ﻣﺗداﺧﻠﺔ و ﺗرﺑطﻬﻣﺎ ﻋﻼﻗﺎت‬
‫اﻋﺗﻣﺎد ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ‪ ،‬ﻟم ﯾﺗﺑﻊ ﺑﺗﻔﺳﯾر ﯾوﺿﺢ اﺗﺟﺎﻫﺎت و ﻣﻘدار اﻟﺗﻐﯾر ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺟزء‬
‫ﺑﺑﻘﯾﺔ اﻷﺟزاء اﻷﺧرى‪ .‬ﻣﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﻌدم اﻟوﺿوح و اﻟدﻗﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬إن اﺳﺗﺧدام أﺻﺣﺎب ﻫذا اﻟﻣدﺧل ﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ﻣﻌﯾﻧﺔ و ﺗﻌرﯾﻔﻬﺎ ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻋﺎﻣﺎ‪ ،‬ﻗد ﻻ ﯾﻣﻛن‬
‫اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻣن ﻗﯾﺎس ﻣﻔﺎﻫﯾم ﻣﺛل اﻟﺗﺄﯾﯾد و اﻟﻣطﺎﻟب و اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻗﯾﺎﺳﺎ دﻗﯾﻘﺎ ﺑﺣﯾث‬
‫ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻘﺎرن ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ﻓﻲ ﺑﻠدان و ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬إن إﺷﺎرة أﺻﺣﺎب ﻫذا اﻟﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺟرد ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺣوﯾل‬
‫اﻟﻣدﺧﻼت إﻟﻰ ﻣﺧرﺟﺎت ‪ ،‬ﺟﻌﻠت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻧﺎﻗدﯾن ﯾﻘوﻟون و ﯾﺻﻔون اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‬
‫اﻟﺗﺣوﯾﻠﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺻﻧدوق ﻣﻐﻠق‪ ،‬ﻻ ﯾوﺿﺢ ﻋﻧﺎﺻرﻩ ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗﻔﺻﯾل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻣود اﻟﻣﺑﯾض‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ اﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ص ‪.122-121‬‬

‫‪48‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﺗﺄﺛﯾر ﺣﻘل إدارة اﻷﻋﻣﺎل ﻋﻠﻰ ﺣﻘل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﻋرﻓت اﻹدارة ﺧﻼل ﺗطورﻫﺎ ﻣدارس ﻓﻛرﯾﺔ ﻋدﯾدة ﻛﺎﻧت ﻛل ﻣﻧﻬﺎ ﺗﺣﺎول اﻟﻌﻣل ﻣن‬
‫اﺟل ﺗﻧﻣﯾﺔ ﻫﯾﻛل ﻣﻌرﻓﻲ ﻟﻺدارة ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺣل اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬وزﯾﺎدة إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﻧﺷﺎت اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻣن أﺷﻬر ﻫذﻩ اﻟﻣدارس ﻫﻲ‪ :‬اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺣدﯾﺛﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ )‪( Classic School‬‬

‫ﺣﯾث ﺗﻘوم ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﻧﺷﺄت ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر‬
‫و ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣوظﻔﯾن‪ .‬و ﻧﺷﺄت ﻋن ﻓرﺿﯾﺔ آدم ﺳﻣﯾث‬
‫اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن اﻟﺣواﻓز اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗﺣﻔز اﻷﻓراد ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪ :‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺟب ﺗوﻓﯾر‬
‫ﻓرص اﻟرﺑﺢ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ أن ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻧﺟدﻫﺎ ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﺛﻼث ﻓروع و ﻫﻲ ‪:‬‬
‫– اﻹدارة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫– اﻟﻣﺑﺎدئ اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫– اﻹدارة اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ .1‬اﻹدارة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ :‬ﻧﺟدﻫﺎ ﺗرﻛز ﻋﻠﻰ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟطرق اﻟﻌﻣل اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺣﻘﺎﺋق و اﻟﺛواﺑت ‪ ،‬و ﻟﯾس ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﻣﯾن و اﻟﺣدس و ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ‪ ،‬و ﻗد أوﺟدت ﻟذﻟك ﺑﻌض‬
‫اﻟ ﻣﻔﺎﻫﯾم و اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻬل ﻣن ﻋﻣل اﻹدارة و ﺗرﻓﻊ ﻣن إﻧﺗﺎﺟﯾﺗﻬﺎ‪ .‬و ﻣن أﺷﻬر‬
‫‪2‬‬
‫روادﻫﺎ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫زﯾد ﻣﺛﯾر ﻋﺑوي‪ ،‬ﺳﺎﻣﻲ ﻣﺣﻣد ﻫﺷﺎم ﺣرﯾز‪ ،‬ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ و اﻟﺗطﺑﯾق‪ ،‬ﻋﻣﺎن ‪ :‬دار اﻟﺷروق‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.17‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣوﺳﻰ ﺧﻠﯾل ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪49‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫أ‪ -‬ﻓرﯾدﯾرﯾك ﺗﺎﯾﻠور ‪:(1915 -1856) Frederick Taylor‬‬


‫ﻛﺎن ﺗﺎﯾﻠور ﻣﻬﻧدﺳﺎ ﻣﯾﻛﺎﻧﯾﻛﯾﺎ ﻓﻲ أﺣد ﻣﺻﺎﻧﻊ اﻟﺻﻠب‪ .‬و ﻗد ﻻﺣظ أن اﻟطرق اﻟﺗﻲ‬
‫ﯾﺗﺑﻌﻬﺎ اﻟﻌﻣﺎل ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻟﻬم طرﻗﺎ ﻋﻘﯾﻣﺔ ﻓﻲ أﻏﻠب اﻷﺣوال ‪ ،‬ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺧﺳﺎرة و ﺗﺑذﯾر ﻓﻲ‬
‫اﻷﻣوال ﻟذﻟك أﺧذ ﯾﻘوم ﺑدراﺳﺔ دﻗﯾﻘﺔ و ﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﻌﻣل اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻛل ﻣرﺣﻠﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﺗﻧﺎول‬
‫ﻛل ﻣرﺣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣﻼﺣظﺔ و اﻟﺗﺣﻠﯾل و اﻟﺗﺟرﯾب‪ ،‬و ﻛذا ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻌﻣل و اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﺣرﻛﺎت اﻟزاﺋدة‬
‫ﺛم ﺗﻘدﯾر اﻟزﻣن اﻟﻼزم ﻟﻛل ﺣرﻛﺔ ﻣن اﻟﺣرﻛﺎت ﺗﻘدﯾ ار ﺿرورﯾﺎ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻧﻼﺣظ ﺑﺄن ﺟﻬود ﺗﺎﯾﻠور ﻟم ﺗﻘف ﻋﻧد دراﺳﺔ اﻟﺣرﻛﺔ و اﻟزﻣن ﻓﻘط ‪ ،‬ﺑل ﺗﻌداﻩ‬
‫‪1‬‬
‫ﻟدراﺳﺔ اﻟﻣواد و اﻷداة و اﻟﻌدد ‪ ،‬ﻟﻛﻲ ﯾﺳﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣل ﻋﻣﻠﻪ و ﯾزﯾد ﻣن إﻧﺗﺎﺟﻪ‪.‬‬
‫ﺣﯾث رﻛز اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺑدال اﻹدارة اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﺑﺎﻹدارة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻋن طرﯾق ﺗطوﯾر‬
‫اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﻛﺛر ﻋﻠﻣﺎﻧﯾﺔ و ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ‪ ،‬و ذﻟك ﻟﺿﻣﺎن اﻟﻔﺎﺋدة اﻟﻘﺻوى ﻷﺻﺣﺎب اﻟﻣؤﺳﺳﺎت و‬
‫ﻛذا اﻟﻣوظﻔﯾن‪ ،‬ﺣﯾث ﻗﺎم ﺑوﺿﻊ أرﺑﻌﺔ ﻣﺑﺎدئ ﺗﻌد ﻛﺄﺳﺎس ﻟﻺدارة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و ﻫﻲ ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬
‫‪ -‬ﯾﺟب ﺗﺟزﺋﺔ ﻛل وظﯾﻔﺔ إﻟﻰ ﻋﻧﺎﺻر‪ ،‬و إﺗﺑﺎع اﻷﺳﻠوب اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ اﻧﺟﺎز ﻛل ﻋﻧﺻر‬
‫ﯾﻧﺑﻐﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣوظﻔﯾن ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋﻠﻣﻲ‪ ،‬ﺛم ﺗدرﯾﺑﻬم ﻋﻠﻰ أداء اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ أﻛﻣل‬
‫وﺟﻪ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺿرورة ﺗﻌﺎون ﻛل ﻣن اﻹدارة و اﻟﻌﻣﺎل ﻟﺿﻣﺎن أداء ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻬﺎم ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب ﻋﻠﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻟﻠﻣﻬﺎم واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﻣﺎل و اﻟﻣدﯾرﯾن‪ :‬ﺑﻘﯾﺎم اﻹدارة ﺑﺎﻟﺗﺧطﯾط و ﺗرك‬
‫‪2‬‬
‫ﺣرﯾﺔ اﻹﻧﺟﺎز ﻟﻠﻌﻣﺎل‪.‬‬
‫ب‪-‬ﻫﻧري ﻏﺎﻧت ‪:(1919-1861 )Henry gantt‬‬
‫ﻗﺎم ﻫﻧري ﻏﺎﻧت ﺑﺗﻌدﯾل ﻧظرﯾﺔ ﺗﺎﯾﻠور اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ )) ﻧظﺎم إﻧﺗﺎج اﻟوﺣدات((‪ ،‬و ﺗم‬
‫اﺳﺗﺑداﻟﻪ ﺑﻧظﺎم آﺧر ﯾﻌﺗﻣد ﻣﻔﻬوﻣﻪ ﻋﻠﻰ )) ﻧظﺎم أﺟر اﻟﻣﻬﻣﺔ و اﻟﻣﻛﺎﻓﺄة(( ‪ ،‬ﺑﺎﺳﺗﺧدام ﺗﻘﻧﯾﺎت‬
‫ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺗﺳﻬل ﻣن اﻧﺗﺷﺎر اﻹدارة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و ﺗوﺳﯾﻌﻬﺎ ﺣﯾث ﯾﻌﺗﻘد ﺑﺄن ﻫذا اﻟﻧظﺎم ﯾرﻓﻊ ﻣن‬

‫‪1‬‬
‫أﺣﻣد ﻣﺻطﻔﻰ ﺧﺎطر‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪،‬ص ص ‪.32-31‬‬
‫‪2‬‬
‫زﯾد ﻣﻧﯾر ﻋﺑوي‪ ،‬ﺳﺎﻣﻲ ﻣﺣﻣد ﻫﺷﺎم ﺣرﯾر‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص‪.18‬‬

‫‪50‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﺣواﻓز اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﻣﺎل‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺳﺗﻧد ﻧظﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻛرة اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪ :‬ﺗﺣدﯾد أﻫداف اﻹﻧﺗﺎج‪،‬‬
‫ﻓﺈذا ﺣﻘق اﻟﻌﺎﻣل اﻟﻬدف ﯾﻛﺎﻓﺄ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ أﺟرﻩ اﻟﯾوﻣﻲ‪ ،‬و ﻛذﻟك ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣدﯾرﯾن ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ و اﻟﻌﻛﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺎﻣل ﻻ ﯾﺗﻘﺎﺿﻰ ﺳوى أﺟرﻩ ﻓﻘط‪.‬‬
‫ج‪ -‬ﻓراﻧك و ﻟﯾﻠﯾﺎن ﺟﯾﻠﺑرت ‪(1972-1878) Franck et liliane Gilbert‬‬
‫)‪:(1924-1868‬‬
‫ﻗﺎﻣﺎ اﻟزوﺟﯾن ﻓراﻧك و ﻟﯾﻠﯾﺎن ﺟﯾﻠﺑرت ﺑﺗطوﯾر ﻣﻌدات ﻟﻐرض دراﺳﺔ اﻟوﻗت و اﻟﺣرﻛﺔ‬
‫و ﻛذﻟك ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ‪ .‬و ﻛﺎن اﻟﻬدف ﻣن اﻟدراﺳﺔ ﺗﻘﻠﯾل اﻟوﻗت اﻟﺿﺎﺋﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ‪ ،‬و‬
‫ﻫو ﻣﺎ ﯾﻌرف اﻟﯾوم ﺑﺗﺑﺳﯾط اﻷﻋﻣﺎل )‪ (Work Simplification‬و اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ‬
‫)‪ 2.(Standardization‬ﺑﻬدف رﻓﻊ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻋن طرﯾق ﺣذف اﻟﺣرﻛﺎت اﻟزاﺋدة ‪ ،‬و‬
‫ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟزﻣن اﻟﻣﻌﯾﺎري اﻟﻼزم ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻛل ﺣرﻛﺔ ﻣن اﻟﺣرﻛﺎت‪.‬‬
‫‪.2‬اﻟﻣﺑﺎدئ اﻹدارﯾﺔ ‪: le management administrative‬‬
‫ﻧﺟدﻫﺎ ﻗد رﻛزت ﻋﻠﻰ أداء اﻟﻣدﯾرﯾن‪ ،‬و ﻟﯾس ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬم ﻟﻠوظﺎﺋف‬
‫اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬و ﻣن اﺑرز روادﻫﺎ‪:‬‬
‫أ‪ .‬ﻫﻧري ﻓﺎﯾول ‪ : (1925 - 1841) Henry Fayol‬ﻛﺎن ﻫﻧري ﻓﺎﯾول ﻣدﯾ ار ﻹﺣدى‬
‫ﺷرﻛﺎت اﻟﺣدﯾد و اﻟﺻﻠب اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻟﻧﺣو ‪ 30‬ﻋﺎﻣﺎ‪ .‬ﻗﺑل ﻛﺗﺎﺑﺗﻪ ﻟﻣؤﻟﻔﻪ )اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و‬
‫اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ( ﺣﯾث أﺷﺎر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ إﻟﻰ أن اﻟﻣدﯾر ﯾﻘوم ﺑﺧﻣس وظﺎﺋف رﺋﯾﺳﯾﺔ ﻫﻲ‪ :‬اﻟﺗﺧطﯾط‪،‬‬
‫اﻟﺗﻧظﯾم‪ ،‬إﺻدار اﻷواﻣر‪ ،‬اﻟﺗﻧﺳﯾق‪ ،‬و اﻟرﻗﺎﺑﺔ‪ .‬ﻛﻣﺎ وﺿﻊ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﻌدد ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻹدارﯾﺔ‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﯾرﯾن إﺗﺑﺎﻋﻬﺎ ﻋﻧد ﺗﻧﻔﯾذﻫم ﻟوظﺎﺋﻔﻬم‪.‬‬
‫وﺗﺗﻠﺧص ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷرﺑﻌﺔ ﻋﺷر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -‬ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻣل‪ :‬أي اﻟﺗﺧﺻﺻﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم و ﺗﻧﻔﯾذ اﻷﻋﻣﺎل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣوﺳﻰ ﺧﻠﯾل‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻬدي ﻣﺣﺳن اﻟﻌﺎﻣري‪ ،‬طﺎﻫر ﻣﺣﺳن ﻣﻧﺻور اﻟﻐﺎﻟﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺑﺷﯾر اﻟﻌﻼق ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .،‬ص ‪.4‬‬

‫‪51‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫‪ -‬اﻟﺳﻠطﺔ‪ :‬و ﻫﻲ ﺣق اﻟﻣدﯾرﯾن ﺑﺈﺻدار اﻷواﻣر ﻹﻧﺟﺎز اﻟﻧﺷﺎطﺎت‪.‬‬


‫‪ -‬اﻻﻧﺿﺑﺎط‪ :‬ﺗﺳﺗﻠزم اﺣﺗرام أﻓراد اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﻟﻠﻘواﻋد و اﻟﻌﻘود اﻟﺗﻲ ﺗﺳﯾر اﻟﻣؤﺳﺳﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬وﺣدة اﻷﻣر أو اﻟﻘﯾﺎدة‪ :‬ﺗﻌﻧﻲ ﺗﻠﻘﻰ اﻷﻓراد ﻟﻸواﻣر ﻣن رﺋﯾس واﺣد ﻣن دون ﺳواﻩ‪.‬‬
‫‪ -‬وﺣدة اﻟﺗوﺟﯾﻪ‪ :‬وﯾدل ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎد رﺋﺎﺳﺔ و ﺧطﺔ واﺣدة ﻟﻛل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻧﺷطﺔ ذات‬
‫اﻟﻬدف اﻟواﺣد‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺧﺿوع ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪ :‬ﺣﯾث ﯾﺗطﻠب ﻫذا اﻟﺗﻌﺎون و اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ و ﺗﻧﻣﯾﺔ روح‬
‫اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ‪ ،‬و ﻫذا ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﻔﺿﯾل اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻣﻛﺎﻓﺄة اﻷﻓراد ‪ :‬ﻣﻣﺎ ﯾوﻓر رﺿﻲ اﻟﻌﻣﺎل و أﺻﺣﺎب اﻟﻌﻣل‪ .‬و ﯾﻧﺎﺳب ﻣﺳﺗوى‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻣﻌﯾﺷﺔ و ﺳوق اﻟﻌﻣل و وﺿﻊ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﻣرﻛزﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗدرج اﻟﺳﻠطﺔ )ﺧطﺔ اﻟﺳﻠطﺔ(‪ :‬و ﺗﻌﻧﻲ ﺗﺳﻠﺳل اﻟﺳﻠطﺔ ﻣن أﻋﻠﻰ إﻟﻰ أﺳﻔل‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺗرﺗﯾب‪ :‬و ﯾرﺗﺑط ﺑﺗرﺗﯾب اﻷﺷﯾﺎء و اﻷﺷﺧﺎص‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﻣﺳﺎواة‪ :‬و ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﺗﺣﻘﯾق اﻟرؤﺳﺎء اﻟﻌدل و اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن‪.‬‬
‫‪ -‬اﺳﺗﻘرار اﻟﻌﻣﺎﻟﺔ‪ :‬و ﯾرﺗﺑط ﺑﺿرورة ﺧﻔض ﻣﻌدل دوران اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻧظ ار ﻟﺧطورة ارﺗﻔﺎع‬
‫ﻫذا اﻟﻣﻌدل و ﻛذا ﺗﻛﻠﻔﺗﻪ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﻣﺑﺎدرة ‪ :‬و ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ اﺗﺳﺎع اﻟﻣﺟﺎل أﻣﺎم اﻟﻣرؤوﺳﯾن ﻟﻠﻣﺑﺎدرة و اﻻﺑﺗﻛﺎر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬اﻟﺗﻌﺎون ‪ :‬و ﯾﻌﻧﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ و ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌﻣل اﻟﻔرﯾﻘﻲ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اﻹدارة اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ) ‪:( Bureaucratic Management‬‬
‫إن اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺑﺳﯾط ﺗﻌﻧﻲ" ﺣﻛم اﻟﻣﻛﺗب "‪ ،3‬ﺣﯾث ﺗﺗﻌدد ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻫذا‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﻣﻔﻬوم ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺷﺎع ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣوﺳﻰ ﺧﻠﯾل ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪،‬ص ‪.28‬‬
‫‪2‬‬
‫أﺣﻣد ﻣﺻطﻔﻰ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣوﺳﻰ ﺧﻠﯾل ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪4‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪ ،‬واﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪52‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫‪ -‬ﻗد ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﺗﻧظﯾﻣﺎ إدارﯾﺎ ﺿﺧﻣﺎ " ‪ " Large_ Scole Organization‬ﯾﺗﺳم‬
‫ﺑﺧﺻﺎﺋص و ﻣﻣﯾزات ﻣﻌﯾﻧﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬و ﻗد ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺳﻠطﺔ )‪ (Authority‬اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻣوظف اﻟﻌﺎم أو اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﻲ‪.‬‬
‫‪ -‬و ﻫﻧﺎك اﺗﺟﺎﻩ ﯾﻘول إن اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﻫﻲ ﻧﻣط ﻣﻌﯾن ﻣن اﻟﺳﻠوك اﻟذي ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻘواﻋد )‪ (Role‬و اﻹﺟراءات اﻟﻣﺣددة ﺳﻠﻔﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻛﻣﺎ أن ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ذﻟك اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟذي ﯾﺣﻘق ﻗدر أﻛﺑر ﻣن اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ‪ ،‬و‬
‫ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟﺗﻧظﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑدﻗﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬و ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﻧظر ﻟﻠﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﻛﻣﻔﻬوم ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻌد اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﻣﺻد ار‬
‫ﻟﻠروﺗﯾن و ﺗﻌﻘﯾد اﻹﺟراءات‪ ،‬و ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺟﻣﺎﻫﯾر‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﯾﻌد ﻣﺎﻛس وﯾﺑر ﻫو راﺋد ﻫذﻩ اﻹدارة‪ ،‬و ﻗد ﺷﻐل ﻋدة ﻣﻧﺎﺻب و وظﺎﺋف‬
‫ﻋﺎﻣﺔ و ﺧﺎﺻﺔ ‪ ،‬ﻣن ﻣﺳﺗﺷﺎر ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ أﺳﺗﺎذ ﺟﺎﻣﻌﻲ‪ ،‬و ﻣﻧﻪ إﻟﻰ ﻛﺎﺗب و‬
‫ﻋﺎﻟم اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪ ،‬ﺣﯾث طور ﻣﻔﻬوم اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ‪ ،‬ﻣن أﺟل ﺗوﻓﯾر ﺣد أﻋﻠﻰ ﻣن اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ‬
‫‪1‬‬
‫اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﺣﯾث رﻛزت ﻫذﻩ اﻹدارة ﻋﻠﻰ ﺧﺻﺎﺋص و ﻣﻧطق ﺗرﺷﯾد ﻋﻣل اﻷﺟﻬزة اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬

‫إن وﯾﺑر ﯾرى ﻣﻧطﻘﻪ و ﻗﻧﺎﻋﺗﻪ ﺑﺄن اﻻﻧﺿﺑﺎط ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ‪ ،‬ﺣد اﻻﻟﺗزام ﺑﺣرﻓﯾﺔ اﻟﻘواﻋد‬
‫و اﻟﻘواﻧﯾن‪ ،‬ﯾﺟﻧب اﻟﻣرء اﺣﺗﻣﺎﻻت اﻻﻧزﻻق ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾؤﻛد أﯾﺿﺎ ‪ ،‬أن اﻟﻘواﻧﯾن و‬
‫اﻟﻠواﺋﺢ و اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ‪ ،‬ﻫﻲ أﺳس رﻗﺎﺑﯾﺔ ذاﺗﯾﺔ ﻻ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗﺄوﯾﻼت ‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﯾﺟب ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﺣذاﻓﯾرﻫﺎ‪ ،‬و إﻻ وﻗﻌت ارﺗﺑﺎﻛﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺗؤﺛر ﻓﻲ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻋﺎﺟﻼ أم أﺟﻼ‪.‬‬
‫و ﻣﻧﻪ ﻧﺟد ﺑﺄن اﻟﻌﺎﻟم اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﻣﺎﻛس وﯾﺑر‪ ،‬ﻗد وﺟد ﻓﻲ ﻧﻣوذﺟﻪ اﻟﺑﯾروﻗراطﻲ اﻟذي‬
‫ﺟﺎء ﺑﻪ‪ ،‬إﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﻛل ﺗﺳﺎؤﻻﺗﻪ و ﺗطﻠﻌﺎﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﺻﺑو إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻔﻛري اﻹداري‬

‫‪1‬‬
‫ﻣوﺳﻰ ﺧﻠﯾل ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﺷﯾر اﻟﻌﻼق‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.71‬‬

‫‪53‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫و ﻫذا ﺑﻐﯾﺔ وﺻوﻟﻪ ﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫ﺣﯾث ﯾرى ﻣﺎﻛس وﯾﺑر أن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺑﯾروﻗراطﻲ اﻟﻣﺛﺎﻟﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻷﺳس اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬
‫‪ .1‬ﻫﻧﺎك ﻣﺟﺎﻻت ﻟﻠﺗﺧﺻص اﻟوظﯾﻔﻲ ﻣﺣددة رﺳﻣﯾﺎ وﺛﺎﺑﺗﺔ‪ ،‬و ﺗﻧظم اﻟﻘواﻋد ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺣدﯾد‬
‫اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟوظﯾﻔﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﺗوزﯾﻊ اﻟﻧﺷﺎطﺎت و اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺗﺳﯾﯾر دﻗﺔ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺑﯾروﻗراطﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﺿﺎء‬
‫ﺑطرﯾﻘﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ‪.‬‬
‫‪ .3‬ﺗوزع اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﻋطﺎء اﻷواﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟواﺟﺑﺎت اﻟﻣﺣددة ﺑﺷﻛل رﺳﻣﻲ‪.‬‬
‫‪ .4‬ﺗوﺟد طرق و أﺳﺎﻟﯾب ﻣﺣددة ﻟﻠﻌﻣل و ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﻬﺎم‪ ،‬و ﻣﻧﻪ ﻻ ﯾﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﺗﻧظﯾم‬
‫اﻟﺑﯾروﻗراطﻲ إﻻ ﻣن ﻛﺎن ﻣؤﻫﻼ‪.‬‬
‫‪ .5‬ﯾﻧﻘﺳم اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺑﯾروﻗراطﻲ إﻟﻰ ﻋدة ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻣﺗﺧذا ﺷﻛﻼ ﻫرﻣﯾﺎ‪.‬‬
‫‪ .6‬ﺗﻌﺗﻣد إدارة اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺑﯾروﻗراطﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﻧدات " ‪."document‬‬
‫‪ .7‬ﺗطﺑق اﻹدارة ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻗواﻋد وﺗﻌﻠﯾﻣﺎت ﻟﻠﻌﻣل ﺗﺗﺻف ﺑﺎﻟﺷﻣول و اﻟﺛﺑﺎت‬
‫اﻟﻧﺳﺑﻲ‪ .‬ﻓﻛﻠﻣﺎ زاد ﻓﻬم اﻟﻣوظف ﻟﺗﻠك اﻟﻘواﻋد و اﻹﺟراءات زادت و ارﺗﻔﻌت ﺧﺑرﺗﻪ و‬
‫ﻛﻔﺎءﺗﻪ‪.‬‬

‫وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ ﺑﺎن ﻣﺷﻛﻼت اﻟﻣدارس اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻫﺗﻣت ﻓﻘط ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب‬
‫اﻟرﺳﻣﻲ‪ ،‬وأﻏﻔﻠت اﻟﺟﺎﻧب ﻏﯾر اﻟرﺳﻣﻲ ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ‪ ،‬ﺑﻣﺎ ﻟﻪ ‪ Compartmental‬ﻣن ﻗوة وﺗﺄﺛﯾر‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ‪ .‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻬﺎ اﻓﺗرﺿت ﺗﻧظﯾم وظﯾﻔﻲ ﻏﯾر ﻣﻧﺎﺳب ﻣن ﺧﻼل إﺧﺿﺎع‬
‫اﻟﻌﺎﻣل اﻟواﺣد ﻟﺳﻠطﺔ أﻛﺛر ﻣن ﻣدﯾر واﺣد‪ .‬وﻫذا ﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ ﻓرﯾدﯾرﯾك ﺗﺎﯾﻠور ﻣﻣﺎ ﯾﺧل ﺑﻣﺑدأ‬
‫‪2‬‬
‫وﺣدة اﻷﻣر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر و آﺧرون ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ص ‪.40-39‬‬
‫‪2‬‬
‫ﯾﺳﻣﯾﻧﺔ ﻋﯾرش‪ ))،‬اﻟﺗﻧظﯾم اﻻداري ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‪ :‬دراﺳﺔ ﻣﯾداﻧﯾﺔ ﻻﻗﺳﺎم ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻻﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ((‪)،‬ﻣذﻛرة‬
‫ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻻﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‪ ،(2009/2008 ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪54‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ )‪(Le management‬‬


‫ﻟﻘد اﻫﺗم و طور اﻟﺳﻠوﻛﯾون ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗد أﻫﻣﻠﻪ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾون ﻣن ﻗﺑﻠﻬم ‪ ،‬و ﻛذا ﻣﺎ ﻓﺷﻠوا‬
‫ﺑﺗﺣﻘﯾﻘﻪ ﻓﻲ ﻧظرﯾﺎﺗﻬم و ﻣﻌﺗﻘداﺗﻬم‪ .‬ﺣﯾث اﻫﺗﻣت ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻣدرﺳﺔ ﺑدراﺳﺔ ﺳﻠوﻛﯾﺎت اﻷﻓراد داﺧل‬
‫اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪ ،‬و ﻛذا دراﺳﺔ ﻛل اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت‪.‬‬
‫ﺣﯾث رﻛزت ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﺗوﻓﯾر ﻣﻧﺎخ وﺟو وظﯾﻔﻲ ﯾﺳﺎﻋد اﻟﻌﻣﺎل ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺳﺟﺎم ﻣﻊ‬
‫ﺑﻌﺿﻬم اﻟﺑﻌض‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺗﺣﺳﯾن اﻷداء‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺳﺗوى ﺟﯾد ﻣن‬
‫‪1‬‬
‫اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬
‫و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﺟﺳدﻩ اﻟﻣﺑدأ اﻟذي ﯾﻘول‪ ›› :‬ﺣﯾث أن اﻟﻧﺎس ﯾﻌﻣﻠون ﻣﻊ ﺑﻌﺿﻬم اﻟﺑﻌض‬
‫ﻛﺟﻣﺎﻋﺎت ﻟﻐرض ﺗﺣﻘﯾق أﻫداف اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻣن اﻟﺿروري أن ﯾﻔﻬم اﻟﻧﺎس ﺑﻌﺿﻬم‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﺑﻌض‹‹‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﻧﺟد أن ﺑوادر ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻔﻛر اﻟﺳﻠوﻛﻲ و اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ظﻬرت ﻣﻧذ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻌﺷرﯾﻧﺎت‬
‫ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻹداري ‪ ،‬ﺣﯾث أن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻛﺑﯾرة ﻣن اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ ﻗد‬
‫ﻣﺛﻠت ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷﻓﻛﺎر و اﻟرؤى اﻟﺗﻲ ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ أن اﻷداء اﻟﺟﯾد ﯾرﺗﺑط ﺑﻣﺗﻐﯾرات ﺳﻠوﻛﯾﺔ و‬
‫إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬و ﻣن أﻫم اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺑﻬﺎ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻣدرﺳﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺿرورة اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻔرد‬
‫اﻟﻌﺎﻣل و اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧظر إﻟﻰ رﺿﺎﻫم و ﺗطوﯾر اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬم و‬
‫‪3‬‬
‫ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﺗﺣﻘق أﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ‪ ،‬و ﻗد ﺟﺎءت ﻛرد ﻋﻠﻰ أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ‪.‬‬
‫إذا اﻫﺗﻣت ﺑﺎﻟﻔرد ﺑﺎﻟﻣرﺗﺑﺔ اﻷوﻟﻰ و أﻋطت اﻟﻌﻣل ﻣرﺗﺑﺔ ﺛﺎﻧوﯾﺔ‪ ،‬وﯾﻌود اﻟﻔﺿل ﻓﻲ ﻫذا‬
‫إﻟﻰ رواد ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ‪ ،‬و ﻣن أﻫﻣﻬم‪:‬‬
‫‪ .1‬إﻟﺗون ﻣﺎﯾو ‪ :E . Mayo‬و ﻟد ﻓﻲ اﺳﺗراﻟﯾﺎ و اﻟﺗﺣق ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻧﺳﻠﻔﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ اﻟو‪.‬م‪.‬أ‪،‬‬
‫ﺛم ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺎرد‪ .‬و ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة ﻗﺎد ﻓرﯾﻘﺎ ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن أﺟرى ﻣﻌﻬم ﺗﺟﺎرﺑﻪ اﻟﻣﺷﻬورة‬

‫‪1‬‬
‫ﻣوﺳﻰ ﺧﻠﯾل ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﺷﯾر اﻟﻌﻼق ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻬدي ﻣﺣﺳن اﻟﻌﺎﻣري ‪ ،‬طﺎﻫر ﻣﺣﺳن ﻣﻧﺻوري اﻟﻐﺎﻟﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪55‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺟﺎرب "اﻟﻬﺎوﺛورن"‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺗﺟرﺑﺗﻪ اﻷوﻟﻰ ﻋﻬد ﺑدراﺳﺔ أﻋراض ظﺎﻫرة زﯾﺎدة ﻣﻌدﻻت‬
‫دوران اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻣﺻﻧﻊ ﻟﻠﻧﺳﯾﺞ ﻓﻲ ﻓﯾﻼدﻟﻔﯾﺎ‪ ،‬ﺣﯾث ﻛﺎن ﻣﻌدل اﻟدوران ﻣرﺗﻔﻊ ﻓﻲ أﻗﺳﺎم و‬
‫‪1‬‬
‫ﻣﻧﺧﻔض ﻓﻲ أﺧرى‪.‬‬

‫و ﺗﻌﺗﺑر ﻫذﻩ اﻟﺗﺟﺎرب ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺑداﯾﺔ ﺣرﻛﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ .‬إذ ﻟﻔﺗت اﻷﻧظﺎر إﻟﻰ‬
‫ﻣطﺎﻟب اﻷﻓراد اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬و ﻓﺗﺣت أﻓﺎق ﺟدﯾدة ﻓﻲ إدارة اﻷﻓراد و ﻛذا ﺗﺣﻘﯾق‬
‫اﻷﻫداف ﺳواء اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ أو اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﯾﻣﻛن اﻟﻘول إن ﺗﺟﺎرب "ﻫﺎوﺛورن" ﻗدﻣت ﻟﻠﻔﻛر اﻹداري ﻣدرﺳﺔ ﺟدﯾدة‪ ،‬ﺗؤﻣن‬
‫ﺑﺄﻫﻣﯾﺔ ﺗﺣﺳﯾن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟرﺋﯾس و اﻟﻣرؤوس‪ .‬و ﻗد أﻓرزت ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌدﯾدة ﻣن‬
‫اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺑﻊ ﺟذورﻫﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻣن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻧﺎﻫﺎ ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ‪.‬‬

‫و ﻣن أﻣﺛﻠﺔ ﻫذﻩ اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ أﺑراﻫﺎم ﻣﺎﺳﻠو ‪ ،‬و ﻛرس‬
‫‪2‬‬
‫أرﺟﯾرز‪ ،‬و دوﺟﻼس ﻣﺎﻛروﺟر ‪ ،‬و رﯾﻧزس ﻟﯾﻛرت‪ ،‬و ﻓرﯾدرﯾك ﻫﯾرﻧزﺑرج و ﻏﯾرﻫم ‪.‬‬

‫‪ .2‬اﺑراﻫﺎم ﻣﺎﺳﻠو ‪ :Maslow theoy‬ﺗﻌﺗﺑر أﻋﻣﺎل أﺑراﻫﺎم ﻣﺎﺳﻠو ) ‪(1970-1908‬‬


‫اﺷﺗﻬر‬ ‫ﺣول اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻧﻘﻠﺔ ﻧوﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹدارة ‪ ،‬ﻓﻣن اﻟﻣﻼﺣظ أن ﻣﺎﺳﻠو‬
‫ﺑﻧظرﯾﺗﻪ " اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﺗﺻﺎﻋدﯾﺔ" ‪ .‬اﻟﺗﻲ ﻋﺎﻟﺟت اﻟﺣواﻓز اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ و اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﻹﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎت‬
‫اﻟﻔرد ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪ .‬ﺣﯾث ﻗﺳﻣت ﺗﻠك اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺣﺎﺟﺎت إﻟﻰ ﺧﻣﺳﺔ ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻫرﻣﯾﺔ‪:‬‬
‫اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﻔﺳﯾوﻟوﺟﯾﺔ ) اﻟﻣﺳﺗوى اﻷدﻧﻰ‪ ،‬ﺣﺎﺟﺎت اﻷﻣﺎن‪ ،‬ﺣب اﻵﺧرﯾن ‪ ،‬اﻻﺣﺗرام و اﻟﺗﻘدﯾر‬
‫ﻟﻶﺧرﯾن‪ ،‬و ﺗﺣﻘﯾق اﻟذات(‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻛﺎﻣل ﺑرﺑر‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﺷﯾر اﻟﻌﻼق ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣوﺳﻰ ﺧﻠﯾل‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪56‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫‪ .3‬دوﻏﻼس ﻣﺎﻛرﯾﻐر ‪ ) M. Gregors‬ﻧظرﯾﺔ ‪ X‬و ﻧظرﯾﺔ ‪:(Y‬‬


‫إن ﻣن أﺑرز اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟت اﻟﻌﻧﺻر اﻟﺑﺷري ﻓﻲ اﻹدارة‪ ،‬و ﻣﻬدت ﻟﻌﻠم إدارة‬
‫اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻫﻲ ﻧظرﯾﺔ "‪ "X‬و "‪ ،"y‬و اﻟﺗﻲ ﺗرﻛز ﻋﻠﻰ ﺳﻠوك اﻟﺛواب و اﻟﻌﻘﺎب ﻟﻸﻓراد‪ .‬و‬
‫ﻛذا ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﻛﺎﻓﺄة ﻓﻲ اﻟﻌﻣل‪ .‬ﺣﯾث ﺗﺄﺛر دوﻏﻼس ﻣﺎﻛرﯾﻐر ) ‪ (1964-1906‬ﺑدراﺳﺎت‬
‫ﻫﺎوﺛورن و ﻣﺎﺳﻠو‪ ،‬و ﻗد ﺑدا ﻫذا واﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﻣﺷﻬور " ‪The Human Side of‬‬

‫‪، "Enterprise‬اﻟذي ﻗدم ﻓﯾﻪ وﺟﻬﺔ ﻧظر ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﻋﻧﺎﯾﺔ اﻟﻣدراء ﺑﺎﻟﺟواﻧب‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬و ﺗﺣﻘﯾق اﻟذات ﻟﻠﻌﺎﻣﻠﯾن ‪ ،‬ﻛﻣﺎ دﻋﺎﻫم إﻟﻰ اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫أﺳﺎس اﻟﻧظرة اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻟﻠﻌﻣل‪ ،‬وﺳﻣﺎﻫﺎ ﻧظرﯾﺔ " ‪ ، " X‬إﻟﻰ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻧظرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ‪ ،‬و اﻟﺗﻲ أطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻧظرﯾﺔ " ‪. "Y‬‬

‫ﯾﺷﯾرن إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺗﯾن ﻣن اﻻﻓﺗراﺿﺎت‪ ،‬و ﺟوﻫر ﻫذﻩ‬


‫ا‬ ‫ﻓﻛل ﻣن اﻟﺣرﻓﯾن " ‪"Y " ، "X‬‬
‫اﻻﻓﺗراض ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ ﺳﻠوك اﻟﻣدﯾرﯾن ﺗﺟﺎﻩ ﻣوظﻔﯾﻬم‪.‬‬

‫ﻓﻧظرﯾﺔ ‪ Y‬ﻫﻲ ﻧظرﯾﺔ ﺗﺷﺎؤﻣﯾﺔ ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻣوظف ﺷﺧص ﺳﻠﺑﻲ ﯾﺟب دﻓﻌﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﺑطﺑﯾﻌﺗﻪ ﻻ ﯾﺣب اﻟﻌﻣل‪ ،‬أﻣﺎ ﻧظرﯾﺔ ‪ Y‬ﻓﻬﻲ ﻧظرﯾﺔ ﺗﻔﺎؤﻟﯾﺔ‪ ،‬ﺗرى ﺑﺎن‬
‫اﻟﻣوظف ﯾﺣب اﻟﻌﻣل و ﻣﺳﺗﻌد ﻟﺗﺣﻣل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫إﻻ أن أﻫم اﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﺗﻲ وﺟﻬت ﻟﻬﺎﺗﻪ اﻟﻣدرﺳﺔ‪:‬‬


‫‪ (1‬اﺳﺗﺧدام ﻣﻔﺎﻫﯾم وﻣﺻطﻠﺣﺎت ﺻﻌﺑﺔ وﻣﻌﻘدة ﻓﻲ اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎﺗﻬﺎ ﻛﺎن ﯾﺻﻌب ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ أو ﻗد ﺗطﺑق ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﺧﺎطﺋﺎ‪.‬‬
‫‪ (2‬ﻫﻧﺎك ﺗﻧﺎﻗﺿﺎت ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗوﺑﻠت‬
‫ﺑﺎﻟرﻓض ﻓﻲ ﺑﻌﺿﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣدراء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻬدي ﻣﺣﺳن اﻟﻌﺎﻣري‪ ،‬طﺎﻫر ﻣﺣﺳن ﻣﻧﺻور اﻟﻐﺎﻟﺑﻲ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.64‬‬

‫‪57‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫‪1‬‬
‫‪ (3‬اﻫﺗﻣت ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن وأﻏﻔﻠت ﺟواﻧب ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟدراﺳﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ‬

‫‪ -1‬ﻣدرﺳﺔ ﻋﻠم اﻹدارة‪.Management Science School :‬‬


‫ﻫﻲ ﻣدرﺳﺔ ﺗوﻓق ﺑﯾن اﻫﺗﻣﺎم اﻹدارة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺑﺎﻹﻧﺗﺎج و اﻟﻛﻔﺎءة و ﻋﻣﻠﯾﺔ‬
‫اﻟﺗﺧطﯾط‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻛﻔﺎءة إﻧﺟﺎ از ﯾﺗﺑﻊ اﻟﺗﺧطﯾط اﻟﺳﻠﯾم‪ .‬ﺣﯾث ﺗﻌﺗﻣد ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺣﺎﺳوب و اﻟﻧﻣذﺟﺔ ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻣن أﺟل اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣﻠﯾﺎت رﯾﺎﺿﯾﺔ و ﺣﺳﺎﺑﯾﺔ ﻣﻌﻘدة‪ .‬وﻫذا ﻛﻠﻪ‬
‫ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﻣﺛﻠﻰ ﻣﺛل اﻟﺑرﻣﺟﺔ اﻟﺧطﯾﺔ‪ ،‬و ﻧظرﯾﺔ اﻟﻘ اررات اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق ﻓﻲ‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺟﺎﻻت ﻋدﯾدة ﻟﺣل اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻣدرﺳﺔ اﻟﻧظم ‪System Management School :‬‬

‫ﺗرﻛز ﻣدرﺳﺔ اﻟﻧظم ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎد ﺣﻠول و طرﯾﻘﺔ ﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر ﻟﻛﺎﻓﺔ اﻟﻌواﻣل اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ‬
‫اﻟداﺧﻠﯾﺔ و اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻛﻛل واﺣد ﻣﺗﻛﺎﻣل‪ .‬ﺣﯾث أن اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻫﻧﺎ ﺗﺗﻛون ﻣن أﺟزاء ﺗرﺗﺑط‬
‫ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﻌﻼﻗﺔ ﺗﻔﺎﻋل و ﺗداﺧل‪ ،‬أي أن ﻛل ﺟزء ﯾؤﺛر ﻓﻲ اﻵﺧر و ﯾﺗﺄﺛر ﺑﻪ‪ .‬و أن اﻟﻛﯾﺎن‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﻛﻠﻲ ﯾﺗﺄﺛر ﺟﻣﯾﻌﺎ‪ ،‬و ﯾؤﺛر ﻓﯾﻪ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣﻧظﻣﺔ ﺣﺳب ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻫﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ) ﺗﺳوﯾق‪،‬‬
‫إﻧﺗﺎج ‪ ،‬ﺗﻣوﯾل( ‪ .‬ﻫذﻩ اﻷﻧظﻣﺔ ﯾﻘوم ﻛل ﻧظﺎم ﻣﻧﻬﺎ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟوظﺎﺋف اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ‪ ،‬و‬
‫‪4‬‬
‫ﻟﻛﻧﻬﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺗﻬدف ﻓﻲ اﻟﻧﻬﺎﯾﺔ ﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻛﻧظﺎم ﻛﺎﻣل ﻣﺗﻛﺎﻣل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻧﺎدﯾﺔ ﻋطﺎر‪ )) ،‬اﻟﺗﺳﯾﯾر اﻟﻌﻣوﻣﻲ اﻟﺟدﯾد ﻛﺄداة ﻟﺗﺣﺳﯾن اﻟﻘطﺎع اﻟﻌﺎم‪ :‬اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﻔوﯾض ﺗﺳﯾﯾر‬
‫اﻟﻣﯾﺎﻩ((‪ ) ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ وﻋﻠوم اﻟﺗﺳﯾﯾر‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﺑﻲ ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد‪ -‬ﺗﻠﻣﺳﺎن‪،‬‬
‫‪ ،(2015/2014‬ص ‪.29‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﺷﯾر اﻟﻌﻼق‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر ‪ ،‬وآﺧرون ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪4‬‬
‫ﻧﻌﯾم إﺑراﻫﯾم اﻟظﺎﻫر‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.78‬‬

‫‪58‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫ﻓﺎﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﻣوﺟﻬﺔ إﻟﯾﻬﺎ ﻫﻲ اﻧﺗﻘﺎدات ﻣﺟردة وﻟﯾﺳت ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﻧظﯾرﯾﺔ ﺗﺻﻠﺢ ﻟﻠﻧﻘﺎش أﻛﺛر ﻣن‬
‫‪1‬‬
‫ﺗرﺟﻣﺗﻬﺎ ﻟﻠواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ‪ ،‬ﺣﯾث ﻻﺗﺗﻌرض ﻟﻌﻣﻠﯾﺎت ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻛﺻﻧﻊ اﻟﻘ اررات ﻣﺛﻼ‪.‬‬

‫‪-3‬اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻣوﻗﻔﯾﺔ )اﻟظرﻓﯾﺔ(‪.Contingency Management School :‬‬

‫ﻟﻘد ظﻬرت اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣوﻗﻔﯾﺔ ﻓﻲ اﻹدارة ﺳﻧﺔ ‪ ،1970‬و ﺗﻌﻧﻲ أن ﻛل ظرف إداري‬
‫ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ طرﯾﻘﺔ ﺗﻛون ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋن طرﯾﻘﺔ اﻟظرف أو اﻟﻣوﻗف‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻟﯾﺳت ﻫﻧﺎك طرﯾﻘﺔ‬
‫واﺣدة ﺗﻧﺎﺳب ﺟﻣﯾﻊ اﻟظروف‪ .‬و إﻧﻣﺎ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟﻣوﻗف ﻧﻔﺳﻪ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ دﻋت ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻣدرﺳﺔ إﻟﻰ وﺟوب ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺑﺎدئ و اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻹدارﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﯾﺗﻼءم ﻣﻊ‬
‫‪2‬‬
‫اﻟظروف اﻟﺗﻲ ﺗﻣر ﺑﻬﺎ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻧﺟد ﻛل ﻣن ﺑﯾرﻧز و ﺳﺗوﻛر ‪ Baruz and Staucher‬في‬
‫ﻣﺻﺎﻧﻊ اﻟﻧﺳﯾﺞ‪ ،‬و ﺑﻌض اﻟﺷرﻛﺎت اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗوﺻل إﻟﻰ أن ﺳﯾﺎدة أي‬
‫ﻣن اﻟﻣدﺧﻠﯾن‪ :‬ﻣدﺧل اﻵﻻت ) اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ( أو اﻟﻣدﺧل اﻟﻌﺿوي ) اﻟﺳﻠوﻛﻲ( أﻧﻣﺎ ﯾﺗوﻗف‬
‫‪3‬‬
‫ﻋﻠﻰ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻬﺎم اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻘد وﺟﻬت اﻧﺗﻘﺎدات ﻟﻬذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺗوﺣﯾد اﻟﻧظرﯾﺎت واﻷﻓﻛﺎر اﻹدارﯾﺔ‬
‫‪4‬‬
‫ﻣﻊ ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض‪ ،‬رﻏم اﻻﺧﺗﻼف اﻟﻛﺑﯾر ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺎت‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻣدرﺳﺔ اﻹدارة ﺑﺎﻷﻫداف‪Management By Objectives :‬‬

‫اﻹدارة ﺑﺎﻷﻫداف )‪ ، (MBO‬أو ﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻹدارة ﺑﺎﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ‪ .‬ﺗﻌود ﺟذورﻫﺎ‬


‫اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻛﺎﺗب اﻹداري ﺑﯾﺗر دراﻛر ‪ .Peter F . Drucker‬ﻣن أﺻل ﻧﻣﺳﺎوي‪ ،‬ﺣﯾث‬
‫ﻛﺎن ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﺗﻌزﯾز اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻟﻠرؤﺳﺎء و اﻟﻣرؤوﺳﯾن‪ .‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻫﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن‬
‫أﺳﻠوب إداري ‪ .‬ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ‪ ،‬ﺣﯾث أن أﻫم ﻣﺑﺎدئ دراﻛر ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻧﺎدﯾﺔ ﻋطﺎر‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻫﺎﻧﻲ ﺧﻠف اﻟطراوﻧﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.223‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺑﺷﯾر اﻟﻌﻼق‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪4‬‬
‫ﯾﺳﻣﯾﻧﺔ ﻋﯾرش‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪59‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫أ‪ .‬أن ﯾﻌﻣل اﻟﻣرؤوﺳﯾن ﺑﺎﻟﺗﻧﺳﯾق ﻣﻊ اﻟرﺋﯾس و إﺑﻼﻏﻪ ﺑﻛل ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﺣﻘق و ﻣﺎ ﺗﺣﻘق‪ ،‬و‬
‫ﻣﺎ ﻫﻲ أﻫم اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺗﻲ ﺗم اﻟﺗﻌرض ﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫ب‪ .‬ﺑﻌد اﻧﺗﻬﺎء اﻟﻔﺗرة ﯾﺟﺗﻣﻊ اﻟرﺋﯾس ﻣﻊ اﻟﻣرؤوس ﻟﺗﻘﯾﯾم ﻣﺎ ﺗم إﻧﺟﺎزﻩ إو ﺻﻼح اﻟﻣﺷﺎﻛل‬
‫ﻟﺗﺟﻧﺑﻬﺎ ﻻﺣﻘﺎ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ج‪ .‬ﯾﻘوم اﻟرﺋﯾس ﺑﺗﻘﯾﯾم أداء ﻣرؤوﺳﯾﻪ‪.‬‬
‫و ﯾﻘول ﻋدد ﻣن اﻟﺧﺑراء ﻓﻲ اﻹدارة‪ ،‬أن اﻹدارة ﺑﺎﻟﻬدف ﻫﻲ ﺟوﻫر اﻹدارة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن‬
‫ﻏرض اﻹدارة ﻫو ﺗﺣﻘﯾق أﻫداف ﻣﺣددة‪ .‬و ﻟذا ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﯾر ﻟﯾﻛون ﻣدﯾ ار ﻧﺎﺟﺣﺎ أن‬
‫ﯾﺳطر اﻷﻫداف اﻟﻣراد ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ‪ ،‬و ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ذﻟك ﯾﻣﺎرس اﻟﻣدﯾر ﻧﺷﺎطﺎت ﺗﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟوظﺎﺋف‬
‫‪2‬‬
‫اﻹدارﯾﺔ‪ .‬و اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل أﺑﻌﺎد اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﻣدرﺳﺔ اﻹدارة اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﯾﺔ‪:‬‬
‫ﻫﻧﺎك د ارﺳﺎت ﻛﺛﯾرة ﺗﻛﻠﻣت ﻋن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﯾﺔ‪ .‬و ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺗﻪ ﻣن ﻧﺟﺎح ‪ ،‬ﺣﯾث ﻧﺟد‬
‫وﻟﯾم أوﺗﺷﻲ ‪ William Ouchi‬ﻫو ﻣن وﺿﻊ ﻣﻧﻬﺟﺎ اﻹدارة ‪ ،‬اﺳﻣﺎﻩ " ﻧظرﯾﺔ ‪ "Z‬اﻟذي ﯾﻣﺛل‬
‫ﺗطوﯾ ار ﻟﻠﻧﻣوذج اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻹدارة‪ ،‬وﯾﺗﻼءم ﻣﻊ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﻧﺎت ‪1981‬‬

‫و ﻣرﺟﻊ ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﻔوق إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت‬
‫اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‪ ،‬رﻏم ﺗﻔوق ﻫﺎﺗﻪ اﻷﺧﯾرة ﻣن ﺣﯾث وﻓرة رأس اﻟﻣﺎل و ﻋدد اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن‪...‬‬
‫و ﯾﻛﻣن اﻟﺳر ﻓﻲ ﻧﺟﺎح اﻹدارة اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﺟدارة ﻓﻲ اﻟﺗﻌﯾﯾن و‬
‫اﻟﺗدرﯾب اﻟﻣﺳﺗﻣر‪ ،‬و ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﻛﺎﻓﺄة‪ ،‬و اﻋﺗﻣﺎد اﻷﺳﻠوب اﻟﺗﺷﺎرﻛﻲ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘ اررات‪ ،‬و ﺻﻧﻊ‬
‫ﺟو ﻋﺎﺋﻠﻲ داﺧل اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬و ﻛذا اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻘرار اﻟوظﯾﻔﻲ ﻟﻸﻓراد‪ .‬ﻓﺎﻹدارة ﻓﻲ‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﯾﺎﺑﺎن ﺗدور ﺣول ﻓﻠﺳﻔﺔ ﺧﻠق اﻟﻌﺎﻣل اﻟﺳﻌﯾد ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻪ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻧﻌﯾم إﺑراﻫﯾم اﻟظﺎﻫر‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﺷﯾر اﻟﻌﻼق ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻫﺎﻧﻲ ﺧﻠف اﻟطراوﻧﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ص‪.225-224‬‬

‫‪60‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫ﺣﯾث ﻧﺟد أن اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﯾﺔ ﻟﻘت إﻋﺟﺎب ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻹدارﯾﯾن‪ ،‬و ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻌرﺑﻲ ‪ .‬ﻷن ﻧﺟﺎح ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ و ﺑﻬذﻩ اﻟﺳرﻋﺔ ﯾﺗطﻠب إﻟﻘﺎء اﻟﺿوء ﻋﻠﯾﻬﺎ واﻟﻌودة‬
‫إﻟﻰ اﻟﺟذور اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬و ﻛذا طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺑﯾﺋﺔ ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬و اﻟﻣﻧطﻠﻘﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ و اﻟﺗرﺑوﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﻲ‪ ،1‬اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﺣب و اﻟﺗﺿﺎﻣن و اﻟﺗﻛﺎﻓل و اﻻﺣﺗرام ‪ ،‬و ﺗﺑﺎدل اﻟﺛﻘﺔ و ﻛذا‬
‫اﻟﺣذق و اﻟﻔطﻧﺔ‪...‬‬
‫وﻣﻣﺎ ﻻﺷك ﻓﯾﻪ أن دراﺳﺔ ﺟواﻧب اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﯾﺔ وﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ ﺗﻘدم ﻟﻧﺎ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟدروس‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗرﺷﺎد ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﯾرة اﻹﻧﻣﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠدول اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ‪ .‬ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ‬
‫ﻓﻬم ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟﻧظم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ…‬
‫داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﻓﻬم ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن ذﻟك اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣن‬
‫‪2‬‬
‫ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺑﺷﯾر اﻟﻌﻼق ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪،95‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.79‬‬

‫‪61‬‬
‫اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﺤﻘﻞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬


‫ﺗم اﻟﺗﻌرض ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔﺻل ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣدارس اﻹدارﯾﺔ اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ‪ ،‬ﺑﺎﺧﺗﻼف أزﻣﻧﺗﻬﺎ‬
‫وﺑﯾﺋﺗﻬﺎ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ زﯾﺎدة إو ﺛ ارء اﻟرﺻﯾد اﻟﻣﻌرﻓﻲ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗطرﻗﻧﺎ إﻟﻰ أﻫم‬
‫اﻟﻣداﺧل اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﺑﯾن أن ﻫﻧﺎك ﺳﺑﻌﺔ ﻣداﺧل أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﻌﻛس‬
‫طﺑﯾﻌﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﺗداﺧل ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻊ ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻷﺧرى‪ ،‬وﻛذا ﺗﻧوع‬
‫اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻘل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ دﻓﻌت اﻟﻌدﯾد‬
‫ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب وأطر ﻓﻛرﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى‪ ،‬واﻟذي ﻧﺟم ﻋﻧﻪ‬
‫ﺗﻧوع ﻓﻲ اﻟﻣداﺧل اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث‪:‬‬
‫ﻧﻣطﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﺗﻐﯾر دور اﻟدوﻟﺔ واﻻﺗﺟﺎھﺎت‬
‫اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻌﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﻧﻣطﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﺗﻐﯾر دور اﻟدوﻟﺔ واﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻌﻠم‬
‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫إن اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟداﺧﻠﻲ واﻟﺧﺎرﺟﻲ ﯾﺗطﻠب ﻣﻧﺎ‬
‫ﺿرورة إﺣداث ﺗﻐﯾﯾرات ﺟذرﯾﺔ ﻓﻲ أﺳﻠوب اﻹدارة ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬وﻛﯾﻔﯾﺔ أداﺋﻬﺎ‬
‫وﺗﻘدﯾﻣﻬﺎ ﻟﻠﺧدﻣﺎت‪ ،‬وﻫذا ﯾﺳﺗﻠزم ﺗﺑﻧﻲ ﻣﻔﻬوم ﺣدﯾث ﻟﻺﺻﻼح اﻹداري ﯾواﻛب اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺗﻲ‬
‫ﯾﻣر ﺑﻬﺎ اﻟﺟﻬﺎز اﻟﺣﻛوﻣﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟم ﯾﻌد ﻗﺎد ار ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ‬
‫اﻟﺗطورات اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪.‬‬

‫وﯾﻬدف ﻫذا اﻟﻔﺻل إﻟﻰ اﻟﺗطرق ﻟدور اﻟدوﻟﺔ وﺗطورﻩ ﻣن ﻣﻔﻬوم اﻟدوﻟﺔ اﻟﺣﺎرﺳﺔ إﻟﻰ‬
‫ﻣﻔﻬوم اﻟدوﻟﺔ ذات اﻟوظﺎﺋف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬إﻟﻰ ﻣﻔﻬوم دوﻟﺔ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻣواطﻧﯾﻬﺎ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ‪:‬اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻛري اﻷول " اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻛفء"‬


‫إن ﻏﺎﯾﺔ اﻹدارة وﻗﯾﻣﺗﻬﺎ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق أﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎءة أداء ﻣﻣﻛﻧﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬ﻧﺷﺄة و ﺗطور اﻟﻣﻧظور اﻟﻔﻛري اﻷول‬

‫ﻫﻧﺎك ﺷﺑﻪ اﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ أن ﻫﻧﺎك ﻋﻼﻗﺔ وﺛﯾﻘﺔ ووطﯾدة ﺑﯾن دور اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب‪ ،‬و‬
‫ﺗطور اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺳواء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻷﻛﺎدﯾﻣﻲ ﻛﺣﻘل ﻋﻠﻣﻲ أو ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ‬
‫ﻛﻣﻬﻧﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر‪ .‬و ﻣﺛﺎل ذﻟك اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﺳﺎدت ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرة‪ ،‬و دﻋﺎة ﻣﺑدأ " دﻋﻪ‬
‫ﯾﻌﻣل دﻋﻪ ﯾﻣر" ‪ ." Laissez faire laissez passer‬ﺣﯾث ﻛﺎن دور اﻟدوﻟﺔ ﻣﻘﺻور ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﻣﺎﯾﺔ و ﺗوﻓﯾر اﻷﻣن ﻟﻠﻣواطﻧﯾن‪ .‬أﻣﺎ وظﺎﺋﻔﻬﺎ اﻷﺧرى ﺗرﻛﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻗوى اﻟﺳوق‪ .‬ﻫذا ﻣﺎ أدى‬
‫‪1‬‬
‫إﻟﻰ ﺗوﺳﯾﻊ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺣﺟم أو اﻟوظﯾﻔﺔ‪.‬‬

‫و ﻣﻊ أواﺋل اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر‪ ،‬وأواﺋل اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﺣدﺛت ﺗﻐﯾﯾرات ﻫﺎﻣﺔ ﻛﺎن‬
‫ﻟﻬﺎ أﺛر ﻋﻠﻰ اﻹدارة ‪ .‬ﻓﻘد ﻛﺎﻧت أوروﺑﺎ ﻓﻲ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ﺗﺳﺗﺧدم أﺳﺎﻟﯾب إﻧﺗﺎج‬
‫ﻛﺎﻧت ﺗﺳﺗﺧدم ﻟﻣﺎ ﯾﻘرب ﻋن ﻋﺷرﯾن ﻗرﻧﺎ‪.‬‬

‫إﻻ اﻧﻪ وﺑﻌد ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ﺣدﺛت اﻟﺛورة اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺻﺎﺣﺑﺗﻬﺎ‬
‫ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻻﺧﺗراﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﻏﯾرت ﻣن ﺻورة اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ و ﺣﻠت اﻵﻟﺔ ﻣﺣل اﻟطﺎﻗﺔ‬
‫اﻟﺑﺷرﯾﺔ‪ 2.‬وﻣﻊ ﺑداﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﺗﺳﻌﯾﻧﺎت ﻣر اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺗﺣوﻻت ﻛوﻧﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺳﺑوﻗﺔ رأﺳﯾﺎ و أﻓﻘﯾﺎ‪ ،‬و‬
‫ﻧﻘﺻد ﺑرأﺳﯾﺎ أن ﻫذﻩ اﻟﺗﻐﯾرات ﻛﺎﻧت واﺳﻌﺔ اﻻﻧﺗﺷﺎر‪ ،‬وأﻓﻘﯾﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﺗﺄﺛﯾراﺗﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﺷدﯾدة‬
‫اﻟﻌﻣق‪ ،‬و ﻣن أﺑرز ﻫذﻩ اﻟﺗﺣوﻻت ﻧﺟد‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﻪ‪ ) ،‬ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن ﻋﺷرﯾن‪ :‬رؤﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ(‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻧﻬﺿﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد اﻷول‪ ،‬أﻛﺗوﺑر‬
‫‪،1999‬ص‪.74‬‬
‫‪2‬‬
‫أﺣﻣد ﻣﺻطﻔﻰ ﺧﺎطر‪ ،‬اﻹدارة و ﻣﻧظﻣﺎت اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ :‬اﻷﺳس اﻟﻧظرﯾﺔ و اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬اﻟﻣﻛﺗب‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﺣدﯾث‪ ،2007 ،‬ص‪.28‬‬

‫‪65‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫‪ -1‬ظﻬور اﻟﻧظﺎم اﻟﺗﺟﺎري اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﺟدﯾد‪ :‬اﻟذي اﺗﺿﺣت ﻣﻌﺎﻟﻣﻪ ﺑﻌد ﺟوﻟﺔ أورﺟواي‬
‫)‪ (1993-1986‬اﻟﺗﻲ أﺳﻔرت ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت ﻣﻬدت اﻟطرﯾق ﻟظﻬور ﻧظﺎم‬
‫ﺗﺟﺎري دوﻟﻲ ﺟدﯾد‪ ،‬ﺗم ﻋﻠﻰ إﺛرﻫﺎ إﻧﺷﺎء ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ )‪ ،(WTO‬و ﻛذا ﺗﺣرﯾر‬
‫اﻟﺗﺟﺎرة و ﺣﻘوق اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻔردﯾﺔ‪...‬‬
‫‪-2‬ﻋوﻟﻣﺔ اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﺗﺑﺎدل‪ :‬ﺣﯾث أن ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﺑدأ ﯾﻛﺗﺳب أﺑﻌﺎدا ﺟدﯾدة ‪ ،‬ﻓﻬﻲ‬
‫ﻟﯾﺳت ﻣﺟرد ﺗﻧﻔﯾذ أﻋﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج أو اﻟﺗﺻدﯾر أو اﻟﺗرﺧﯾص ﺑﺎﻹﻧﺗﺎج ﺧﺎرج ﺣدود ‪ ،‬و‬
‫ﻟﻛﻧﻬﺎ ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل ﻧﻣو اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟﻣﻧظﻣﺎت و ﻫﯾﺎﻛﻠﻬﺎ و ﺛﻘﺎﻓﺗﻬﺎ ‪ ،‬أي أﻧﻬﺎ ﺳﻠوك‬
‫ﺗﻧظﯾﻣﻲ ﻣﺗطور ﺗﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﺑﻬدف اﻟﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﻛﺔ‪.‬‬
‫‪-3‬ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت‪ :‬ﺣﯾث ظﻬرت ﺧﻼل اﻟﺧﻣﺳﯾن ﻋﺎﻣﺎ اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ ﻣﻌﺎرف ﻟم ﺗﻛن‬
‫ﻣوﺟودة ﻣﺛل‪ :‬ﻧظم اﻟذﻛﺎء اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ‪ ،‬وﺷﺑﻛﺎت اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت أﻫﻣﻬﺎ‪ :‬اﻹﻧﺗرﻧت‪ ،‬واﻟﺗﺟﺎرة‬
‫‪1‬‬
‫اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‪...‬‬
‫و ﻛﺎن ﻟﻠﺗوﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ و اﻟﻣواﺻﻼت‪ ،‬و ﻛذا ظﻬور وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم اﻷﺛر اﻟﻛﺑﯾر‬
‫ﻓﻲ زﯾﺎدة اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺟﻬﺎز إداري ﯾﺳﺎﻧد اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ وظﯾﻔﺗﻬﺎ اﻟﺟدﯾدة ﻛدوﻟﺔ راﻋﯾﺔ و ﻣﻧظﻣﺔ‬
‫‪2‬‬
‫ﻟﻸﻧﺷطﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻘد ﺗم اﻟﺗﺣول إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ‪ ،‬وﻛذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت‬
‫اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻧﺻف اﻷول ﻣن ﺛﻼﺛﯾﻧﺎت اﻟﻘرن اﻟﻣﻧﺻرم‪ ،‬وذﻟك ﺑﻌد أن ﺗرﺳﺧت ﻗواﻋد اﻟﻣرﺣﻠﺔ‬
‫اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ‪ -‬ﺑروز اﻟﻘﺎﻧون ﻛﺄﻫم ﻣﻧظم ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟﻣﻧظﻣﺎت‪ -‬وﺑﻌد أن أﺛﺑﺗت‬
‫ﻫﺎوﺛورن و ﻣﺎ أﻋﻘﺑﻬﺎ‪ .‬إن ﺗﺣﻘﯾق أﻓﺿل أداء ﻣن ﻗﺑل اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﯾﻔﺗرض ﻓﻲ‬
‫ٍ‬ ‫ﺑﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺗﺟﺎرب‬
‫اﻹدارة أن ﺗطور ﻓﻲ ﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬واﻟﻧظر ﻟﻠﻘواﻧﯾن واﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت ﻣن اﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣﺳطرة ﺳﻠوك‬
‫إﻟﻰ إطﺎر ﺣرﻛﺔ‪ ،‬وﻣن اﻟﻧظر إﻟﯾﻬﺎ ﻛﻬدف إﻟﻰ أداة ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ وﺣﺳب‪ ،‬وﻣن ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻻﻧﺻﯾﺎع‬
‫اﻟﺣرﻓﻲ إﻟﻰ اﻻﻫﺗﻣﺎم اﻟﻛﺎﻓﻲ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻠﯾن‪ ،‬ﻟﯾﺻﺑﺢ ﻋﻠﻰ اﻹدارة ﺗﺧطﯾط وﺗﺣدﯾد اﻷﻫداف ﻛﻣﺎ‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺣﻣود أﺣﻣد اﻟﺧطﯾب‪ ،‬اﻹدارة‪ :‬ﻣدﺧل اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬اﻷﺳراء اﻟطﺑﺎﻋﺔ‪ ،2007 ،‬ص ص ‪.354-353‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.75‬‬

‫‪66‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫وﻧوﻋﺎ وزﻣﺎﻧﺎ وﺗﻛﻠﻔﺔ ﺛم ﻣطﺎﻟﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﺑﺣرﯾﺔ اﻟﺗﺻرف‪ ،‬إو ظﻬﺎر ﻣﺑﺎدراﺗﻬم إو ﺑراز طﺎﻗﺎﺗﻬم‬
‫‪1‬‬
‫وﻛﻔﺎءاﺗﻬم ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻘق ﻫﺎﺗﻪ اﻷﻫداف ﺑﺄﻛﺑر ﻛم وأﻋﻠﻰ ﺟودة‪ ،‬وأﻗل وﻗت وأﻗل ﺗﻛﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﺳﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣﻧظور‬

‫اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾرﺗﻛز ﻋﻠﯾﻪ ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻫو‪ :‬ﻛﯾف ﯾﺟب أن ﺗدار اﻟﺣﻛوﻣﺔ؟ واﻹﺟﺎﺑﺔ‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑﻧﺎﻫﺎ أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻫﻲ أن اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﯾﺟب أن ﺗدار ﺑﺄﻗﺻﻰ ﻛﻔﺎءة و اﻗل ﺗﻛﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫وﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ﻫذا اﻟﻬدف ﯾﺟب وﺿﻊ ﻗواﻋد ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺗرﺳﻲ دﻋﺎﺋم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺗﻣﻛن‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻘﺎﺋﻣﯾن ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻬدف و اﻟوﺻول إﻟﻰ إدارة ﻋﺎﻣﺔ أﻓﺿل‪.‬‬
‫و ﺑﻣﺎ أن اﻹدارة ﻫﻲ اﻟﻌﺿو اﻟﻣﺳؤول ﻋن ﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﻬﻣﺗﻬﺎ ﺗﺗﻠﺧص‬
‫ﻓﻲ ﺗﻘرﯾر اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺣددة اﻟﻣطﻠوب ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ‪ ،‬واﺧﺗﯾﺎر" أﺻﻠﺢ" اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟواﺟب اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ‬
‫ﻟﺗﺣﻘﯾق ﺗﻠك اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ‪ ،‬و ﻋﻣل اﻟﺗرﺗﯾﺑﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﺳﺗﺧدام ﺗﻠك اﻟﻌﻧﺎﺻر أﻓﺿل اﺳﺗﺧدام ‪ ،‬ﻣﻊ‬
‫ﺿﻣﺎن اﻻﺳﺗﻣ اررﯾﺔ ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﺣدث ﺗوازن ﺑﯾن ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻷﺟل اﻟﻘﺻﯾر واﻷﺟل اﻟطوﯾل‪.‬‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن اﻹدارة ﻣﻠﺗزﻣﺔ أﻣﺎم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﻌدة اﻟﺗزاﻣﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ﻟﻠﻧﺗﺎﺋﺞ‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﻘررة‪) ،‬اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ‬
‫‪.(EFFECTIVENESS‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻲ ﺗﻘرر اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ أﺣﺳن اﺳﺗﺧدام‪ ) ،‬اﻟﻛﻔﺎءة‬
‫‪.( Efficiency‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻷﺧﻼﻗﯾﺎت و ﺑﺗﺣﻘﯾق إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن‪.(ethics ).‬‬
‫راﺑﻌﺎ‪ :‬اﻻﻟﺗزام ﺑﺗﺣﻘﯾق ﺗوازن ﺑﯾن ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻷﺟل اﻟﻘﺻﯾر و اﻷﺟل اﻟطوﯾل‪Time ) .‬‬

‫‪.(frame‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻣﻌطﻲ ﻣﺣﻣد ﻋﺳﺎف‪ ) ،‬ﻧﺣو ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﻟﻺدارة ‪ :‬ﻟﻠﺗﻔوق )‪ ( 1‬ﻓﻠﺳﻔﺔ( ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ ﻛﻠﯾﺔ ﺑﻐداد ﻟﻠﻌﻠوم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ ‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟﺛﻼﺛون‪ ،2012 ،‬ص ص‪.185-184‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪،‬ص ‪.76‬‬

‫‪67‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﻓﺎﻹدارة اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺣﻘق اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ وﺟدت " اﻟﻣؤﺳﺳﺔ " ﻣن أﺟﻠﻬﺎ إدارة ﺳﯾﺋﺔ‪ ،‬وﻏﯾر‬
‫ﻓﻌﺎﻟﺔ ‪ ، Ineffective‬ﻓﺎﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ‪ Effectiveness‬ﻫﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻹدارة ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻘق اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ‪ ،‬و اﺳﺗﺧدام ﻋﻧﺎﺻر أﻗوى‬
‫‪1‬‬
‫ﻣن اﻟﻼزم ﺿﯾﺎع ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن اﻻﺳﺗﺧدام اﻷﺿﻌف ﻣن اﻟﻼزم ﻟن ﯾﺣﻘق اﻟﻬدف‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻧﻣوذج اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﯾﺿﻊ اﻟﺗرﻛﯾز اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎز اﻟﻣﻬﻣﺔ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬
‫ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣوارد‪ ،‬ﺣﯾث أن ﻣن اﻟﺳﻣﺎت اﻟﻣﻣﯾزة ﻟﻠﻧﻣوذج اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻫو اﻟﺗرﻛﯾز ﻓﻲ ﺧطﺎﺑﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔﺎءة‪ ،‬ﻟﻛن ﻫﺎﺗﻪ اﻷﺧﯾرة ﺻﻌﺑﺔ اﻟﻘﯾﺎس ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟﻛﻠﻲ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟﺟزﺋﻲ ﻓطﺑﻌﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔﺎءة ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟزﻣﺎن‬
‫) ﻣﺛﺎل‪ :‬زﯾﺎدة إﻧﺗﺎج ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣوارد أﻛﺛر ﻣن اﻟﻌﺎم اﻟﻣﺎﺿﻲ(‪ .‬أو اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻧﻔس اﻟوﺣدة‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ " اﻟﺳﻠﻊ" ﻟﻛن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻷﻋﻠﻰ ﻋﻣوﻣﺎ‪.‬‬
‫و اﻹدارة اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺳﺗﺧدم اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻲ ﺗﻘرر اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ أﻓﺿل اﺳﺗﺧدام إدارة ﺳﯾﺋﺔ‪،‬‬
‫ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻹدارة اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧدم ﻋﻧﺎﺻر أﻛﺛر ﻣن اﻟﻼزم إدارة ﺳﯾﺋﺔ و ﻏﯾر ﻛفءة‪.‬‬
‫و ﻫﻛذا إن اﻟﻣطﻠوب داﺋﻣﺎ ﻫو اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﺎدﯾﺔ و اﻟﺑﺷرﯾﺔ أﺣﺳن اﺳﺗﺧدام‬
‫أي ﺑﻛﻔﺎءة ‪ ،Efficient‬وطﺑﯾﻌﻲ ﯾﻣﻛن ﻗﯾﺎس اﻟﻛﻔﺎءة ﺑﻘﺳﻣﺔ اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧﺎﺻر‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ و اﻹدارة )‪(1926-1900‬‬

‫إن ارﺑطﺔ اﻷﺻل اﻟﻣﺷﺗرك ﺑﯾن اﻹدارة واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ‪ ،‬أوﺟدت ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن‬
‫ﻣﺟﺎﻟﻲ ﻧﺷﺎطﻬﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺣدد اﻷﻫداف و ﺗﺗﺧذ اﻟﻘ اررات ‪ ،‬ﺛم ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق‬
‫اﻹدارة ﻋﺑﺊ ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻧﺎك إذن ارﺗﺑﺎط وﺛﯾق ﺑﯾن اﻹدارة و اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺟﻌل ﻣن ﻣﯾدان اﻹدارة‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﯾد اﻟﻬواري‪ ،‬اﻹدارة ‪ :‬اﻷﺻول و اﻷﺳس اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻘرن ال ‪ ،21‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬دار اﻟﺟﯾل ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ ‪ ،2002 ،‬ص ص ‪-40‬‬
‫‪.41‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Pfiffner, James p, « traditional public Administration versus the new public : management‬‬
‫‪accountability versus efficiency» . Published in Institutionenbildung in Regierung und Verwaltung:‬‬
‫‪Festschrift Konig fur Klaus, Berlin, 2004 ,P7.‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺳﯾد اﻟﻬواري ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪،‬ص ‪.20‬‬

‫‪68‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﺎ ‪ -‬ﻣﺎ ﻫو إﻻ ﻧﺗﺎج اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﺑﻬﺎ و ﻣﺎ ﯾﺣﯾط ﻫذﻩ‬
‫اﻟﺑﯾﺋﺔ ﻣن ظروف ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ و ﺟﻐراﻓﯾﺔ‪ -‬وأن اﻹدارة ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ اﻧﻌﻛﺎس ﻟﻠﻔﻛر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﺳﺎﺋد‪.‬‬
‫و ﻣﺎ ﺗؤﻣن ﺑﻪ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻣن أﻓﻛﺎر و ﻣﺑﺎدئ ‪ ،‬وﻣﺎ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾﻘﻪ ﻣن أﻫداف‪ ،‬ذﻟك‬
‫أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻓﻬم و ﺗﺣﻠﯾل أداء اﻹدارة و اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣﻛم ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬إﻻ ﺑﻔﻬم اﻟﻘوى اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و‬
‫طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﺳﺎﺋد أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪.1‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﻧﺟد أن ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﯾﻣﺛل ﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ و اﻹدارة وﯾطﺎﻟب ﺑﺎﻟﻔﺻل ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ و‬
‫ﯾﻧطﻠق ﻣن أﻓﻛﺎر وودرو وﯾﻠﺳون و ﻛﺗﺎﺑﺎت ‪ ، Frank Goodnow‬اﻟﺗﻲ ﺗﻘول ﺑﺄن اﻟﺣﻛوﻣﺔ‬
‫ﻟﻬﺎ وظﯾﻔﺗﺎن ﻣﺗﻣﺎﯾزﺗﺎن‪ :‬اﻷوﻟﻰ ﻫﻲ ﺻﻧﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت وﻫﻲ اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻣﻌﺑرة ﻋن اﻹرادة‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ‪ ،‬واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ ﻫذﻩ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت و ﻫذا ﻫو ﻣﺟﺎل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬و‬
‫ﻋﺎدة ﻣﺎ ﯾﺷﺎر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟدارﺳﺎت إﻟﻰ ﻛﺗﺎﺑﺎت ‪ Leonard white‬ﻛﻣﻣﺛل ﻟﻬذا اﻻﺗﺟﺎﻩ‪ ،‬ﺣﯾث‬
‫أﻛد ‪ L. white‬ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪ ،‬و طﺎﻟب ﺑﺎﻟﺗرﻛﯾز‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟوﻗﺎﺋﻊ و اﻟﺣﻘﺎﺋق و ﻛل ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻣﺎ ﺣﯾﺎدﯾﺎ أو ﻣوﺿوﻋﯾﺎ ‪“Value‬‬
‫‪2‬‬
‫”‪ Free‬ﻏﯾر ﻣﺗﺣﯾز ﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ أو ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺣددة ﻣن اﻟﻘﯾم‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﻧﺟد أن وظﯾﻔﺔ اﻟﻣﺟﺎل اﻷول ﻣن اﻟﻣﻌرﻓﺔ أو اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻧﺣﺻر ﻓﻲ اﻟﺣﻘﺎﺋق‬
‫ووظﯾﻔﺔ اﻟﻣﯾدان اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻣﻌرﻓﺔ أو اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻘﯾم‪.‬‬
‫و ﻟﻛن ﯾﻼﺣظ أن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﺣﻘﺎﺋق و اﻟﻘﯾم ﻫﻲ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣر ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺻﻌﺑﺔ إن ﻟم‬
‫‪3‬‬
‫ﺗﻛن ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟراﺑﻊ ‪ :‬ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة ) ‪(1937-1927‬‬

‫ﻟﻘد ﺗﻧﺎول ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة ‪ ،‬و أﻛد ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻣﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ذﻟك ﻣن‬
‫ﺧﻼل اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة وﺟود ﻣﺑﺎدئ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺗﺣﻛم اﻹدارة ‪ ،‬ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻬﺗﻣﯾن و اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﺑن ﻋﯾﺷﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑواﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪69‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﻓﻲ ﺣﻘل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ و ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾق أﻫداﻓﻬﺎ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ‪ ،‬و أن ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ وﻓﻘﺎ‬
‫ﻟﺗﻌرﯾﻔﻬﺎ ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠﺗطﺑﯾق ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن اﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ أو اﻟﺑﯾﺋﺔ أو ﺣﺗﻰ اﻹطﺎر‬
‫اﻟﻣؤﺳﺳﻲ‪.‬‬

‫و ﯾﻌ ــد ﻛﺗ ــﺎب ‪ Willoughby‬اﻟ ــذي ظﻬ ــر ﻋ ــﺎم ‪ 1927‬ﺗﺣ ــت ﻋﻧـ ـوان " ﻣﺑـ ــﺎدئ اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣـﺔ " ‪ " Principles of Public Administration‬ﻧﻘطـﺔ اﻟﺑداﯾـﺔ ﻟﻬـذا اﻟﻣﻧظـور ‪ .‬ﻟﯾﺗﺑﻌـﻪ ﺑﻌـد‬
‫‪Creative‬‬ ‫ذﻟ ــك ﺳ ــﯾل ﻣ ــن اﻟﻛﺗﺎﺑ ــﺎت أﻫﻣﻬ ــﺎ ﻛﺗ ــﺎب ‪ Mary Parker Follet‬و ﻋﻧواﻧ ــﻪ "‬
‫‪1‬‬
‫"‪ Experience‬وﻛﺗﺎب ‪ Fayol‬وﻋﻧواﻧﻪ "‪."Industrialand General Management‬‬
‫إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻛل ﻣن ‪ Guliek‬و ‪ ،Urwiek‬اﻟﻠذﯾن ﺳﻧﺗﻌرض ﻟﻬﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻟوﺛرﺟوﻟﯾك ) ‪:(Luther Gulick‬‬

‫أﺳﻬم اﻟﻛﺎﺗب اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻓﻲ ﺗطوﯾر ﻧظرﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻛﺗﺎﺑﻪ" وظﯾﻔﺔ اﻟﻣدﯾر‬
‫اﻟﺗﻧﻔﯾذي"‪ ،‬ﺑﻘوﻟﻪ‪ " :‬ﻣﺎ ﻫﻲ وظﯾﻔﺔ وﻋﻣل اﻟﻣدﯾر اﻟﺗﻧﻔﯾذي "؟ وﻛﺎﻧت إﺟﺎﺑﺗﻪ ﺗﺗﻠﺧص ﺑﻛﻠﻣﺔ‬
‫واﺣدة أﺳﻣﺎﻫﺎ) ‪ ، (POSDCORB‬واﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل ﺑداﯾﺔ ﻟﺳﺑﻊ ﻛﻠﻣﺎت أو ﺳﺑﻊ ﻧﺷﺎطﺎت ﻟﻠﻌﻣل‬
‫اﻹداري و ﻫﻲ‪ ):‬اﻟﺗﺧطﯾط "‪ ،"Planning‬اﻟﺗﻧظﯾم " ‪ ، "Organizing‬اﻟﺗوظﯾف "‪، "Staffing‬‬
‫اﻟﺗوﺟﯾﻪ "‪ ، "Directing‬اﻟﺗﻧﺳﯾق " ‪ ، "Coordinating‬إﻋداد اﻟﺗﻘﺎرﯾر "‪، "Reporting‬إﻋداد‬
‫اﻟﻣﯾزاﻧﯾﺔ "‪. "Budgeting‬‬

‫ب‪ -‬ﻟﯾﻧدول أوروﯾك ) ‪:(Lyndall F.urwick‬‬


‫ﻛﺎن ﻟﯾﻧدول أوروﯾك ﻋﻘﯾد ﻓﻲ اﻟﺟﯾش اﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ ‪ ،‬و ﻟد ﺳﻧﺔ‪ ، 1891‬و ﻟد ﺳﻧﺔ‪ 1891‬و ﺗﻌﻠم‬
‫ﻓﻲ أﻛﺳﻔورد‪ ،‬و إﺷﺗﻐل ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻣﺻﻧﻊ ﻣﻊ أوﻟﯾﻔر ﺷﻠﯾون‪ ،‬و ﺗﻔرغ ﻟﻠﻌﻣل اﻻﺳﺗﺷﺎري‪ ،‬و‬
‫ﺗﻘﺎﻋد ﻋن اﻟﻌﻣل ﻟﯾﻌﯾش ﻓﻲ اﺳﺗراﻟﯾﺎ ﺑﻌد ذﻟك ‪ ،‬ﻗﺎم ﺑﺗﺄﻟﯾف ﻋدد ﻣن اﻟﻛﺗب و ﻫﻲ‪:‬‬
‫– اﻹدارة اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ‪.1933‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.68‬‬

‫‪70‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫– اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﺗﻧظﯾم ‪.1938‬‬
‫– اﻹدارة اﻟدﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺔ ‪.1940‬‬
‫– أﺳس اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪.1943‬‬
‫– ﺗطور اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪.1951‬‬
‫– اﻟﻛﺗﺎب اﻟذﻫﺑﻲ ﻓﻲ اﻹدارة ‪.1958‬‬
‫و ﻣﺎ ﯾﻬﻣﻧﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻫو ﻛﺗﺎب " أﺳس اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ"‪ ،‬اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺟﻣﯾﻌﺎ‬
‫ﻟﺧﻣس ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﺎﻫﺎ اﻟﻛوﻟوﻧﯾل أوروﯾك ﻓﻲ ﻟﻧدن ﺳﻧﺔ ‪ ،1942‬ﻓﻔﻲ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ﻗﺎم ﺑدﻣﺞ‬
‫‪1‬‬
‫ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﺟﻣﻊ و اﻟﺗﻣﺣﯾص ﻣن ﻛﺗﺎﺑﺎت ﻣﻧظرﯾن ﺳﺎﺑﻘﯾن‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻧﺟد أن ﻛل ﻣن إﻟﺗون ﻣﺎﯾو و ﻣﺎري ﺑﺎرﻛر ﻓوﻟﯾت ‪ ،‬اﻟﻠذان ﻗﺎﻣﺎ ﺑﺗطوﯾر ﻣﺎ‬
‫ﯾﺳﻣﻰ "اﻟﻣﺑﺎدئ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻺدارة " و ﺑذﻟك ﯾﻛوﻧﺎ ﻗد وﺿﻌﺎ إﺣدى ﻣداﺧل دراﺳﺔ اﻹدارة و‬
‫ﺗدﻋﻰ "اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ"‪.‬‬
‫وﺑﯾن ﺳﻧﺗﻲ ‪ 1920-1890‬ﺑﻘﯾت اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗدرس ﺑﺎﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ اﻟوﺻﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻛدراﺳﺔ ﺟﻬﺎز اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪ ،‬و ﻟم ﺗﺑدأ اﻟدراﺳﺔ ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‬
‫إﻻ ﺑﻌد ﺳﻧﺔ ‪ ،1926‬ﺣﯾث ﻧﺷر اﻟﻣؤرخ ﻟﯾوﻧﺎرد ﻫواﯾت ﻛﺗﺎﺑﻪ و اﻟذي ﯾﺣﺗوي ﻋﻠﻰ ﻣواﺿﯾﻊ‬
‫إدارة اﻷﻓراد و اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري و ﻧظم اﻟرواﺗب‪...‬‬
‫و اﺳﺗﻣرت ﻫذﻩ اﻟوﺿﻌﯾﺔ إﻟﻰ أن ﺟﺎء ﺷﯾﺳﺗر ﺑرﻧﺎرد ‪ Chester Bernard‬و ﻧﺷر‬
‫ﻛﺗﺎﺑﻪ وظﺎﺋف اﻟﻣدﯾر" ‪ ، " The Fonctions Of The executive‬و أﻛد ﻋﻠﻰ أن دراﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ‬
‫اﻹدارﯾﺔ ﻻ ﺗﺗم ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺎس اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﺑﺈﺻدار اﻷواﻣر ﻓﻘط‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻗﺑوﻟﻬﺎ ﻣن‬
‫‪2‬‬
‫ﺟﺎﻧب اﻟﻣرؤوﺳﯾن ‪ ،‬و ﻋﻠﻰ وﺿوح اﻻﺗﺻﺎﻻت ﺑﯾن اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1948‬أﻛد ﺟون ﺟﺎوس ‪ John Gaus‬ﻋﻠﻰ اﻟدور اﻟﻣؤﺛر ﻟﻠﺑﯾﺋﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟدرﺳﺎت اﻟﺗﻲ‬
‫اﻹدارة ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺔ" ﺗﺄﻣﻼت ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ"‪ ،‬و ﺑذﻟك ﻓﺗﺢ اﻟطرﯾق ﻟﻠﻌدﯾد ﻣن ا‬

‫‪1‬‬
‫إﺑراﻫﯾم ﻋﺑد اﷲ اﻟﻣﻧﯾف‪ ،‬ﺗطور اﻟﻔﻛري اﻹداري اﻟﻣﻌﺎﺻر ‪ ،‬ط‪ ، 1‬د م ن‪ :‬د د ن‪ ،1993،‬ص ص ‪.224-220‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣوﻓق ﺣدﯾد ﻣﺣﻣد‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ص ‪.37-36‬‬

‫‪71‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﻔ ﻬم اﻷوﺿﺎع و اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻌواﻣل و‬


‫اﻟظروف و اﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾط ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻹداري و ﯾﻌﯾش ﻓﯾﻬﺎ‪.‬‬
‫و ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ 1949‬أوﺿﺢ ﺟﯾﻣس ﻓﯾﺳﻠر ‪ James Fesler‬دور اﻟﻌواﻣل اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﺧطﯾط اﻟﻘوﻣﻲ ‪ ،‬ﻣؤﻛدا دور اﻟﻌواﻣل اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وذﻟك ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺔ" اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ و‬
‫‪1‬‬
‫اﻹدارة "‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﺑرز ﻋدد آﺧر ﻣن اﻟﻣﻔﻛرﯾن ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻔﺗرة )‪ ،(1950-1927‬اﻧﺗﻘدوا آراء زﻣﻼﺋﻬم‬
‫ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔﻛرﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺧﺻوص اﻟدﻋوة إﻟﻰ ﻓﺻل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣن‬
‫ﻧﺎﺣﯾﺔ‪ ،‬وﻣﺣﺎوﻟﺔ إرﺳﺎء ﻣﺑﺎدئ ﻓﻛرﯾﺔ أو اطر ﻧظرﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى‪.‬‬
‫ﻓﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻌدﯾد ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻟم ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺟﺎﻻ ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻓﻲ ﺣد‬
‫‪2‬‬
‫ذاﺗﻪ ﻣن ﺣﯾث وﺟود أطر وأﺳﺎﻟﯾب ﺑﺣث ﻣﺗﻣﯾزة‪.‬‬
‫و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻹدارة و اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻛﺎﻧت ﺟد ﺻﻌﺑﺔ إن ﻟم ﺗﻛن‬
‫ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن اﻻﻧﺗﻘﺎد اﻟذي ﺗﻌرض ﻟﻪ ﻫذا اﻟﻣﻧظور ‪ ،‬ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أن ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة ﻫﻲ‬
‫ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺗﻬﺎ ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ‪ ،‬و أﻧﻪ ﻟﯾس ﻫﻧﺎك ﻣﺑﺎدئ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺻﺎﻟﺣﺔ اﻟﺗطﺑﯾق ﻓﻲ ﻛل‬
‫زﻣﺎن و ﻣﻛﺎن ‪ ،‬و ﻟﻘد ﺑدا ذﻟك واﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺎت ‪ Chester Bernard‬و ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻧﻬﺎ "‬
‫‪ "The Fonction of executive‬و ‪ Robert Dahl‬ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪ ،The Science of Public Administration‬و ﻛﺗﺎﺑﻪ " اﻟﺳﻠوك اﻹداري‪ :‬دراﺳﺔ اﻻﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻹدارﯾﺔ"‪ ،‬اﻟذي ﻫﺎﺟم ﻓﯾﻪ ‪ Dahl‬ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة ‪ ،‬و أوﺿﺢ أن ﻛل ﻣﺑدأ ﻣن‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ ﻟﻪ ﻣﺎ ﯾﻧﺎﻗﺿﻪ‪ ،‬ﻣﺛل ﻣﺑدأ ﺗﺿﯾق اﻟﺳﯾطرة و اﻟﺗﺣﻛم اﻟذي ﯾﺗطﻠب ﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘ اررات و ﺗﻧظﯾم ﻫرﻣﻲ ﻣﺗدرج ﯾﺗﻌﺎرض ﻓﻲ ﺟوﻫرﻩ ﻣﻊ ﻣﺑدأ ﺗﻌظﯾم اﻻﺗﺻﺎﻻت اﻟذي ﯾﻔﺗرض‬
‫وﺻول ﻧﻔس اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻟﻛل اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر ‪ ،‬و أﺧرون ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﻪ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪72‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻛﻣﺎ أن ﺳﺎﯾﻣون ‪ H.Simon‬اﻧﺗﻘد اﻟﻣﺑﺎدئ اﻹدارﯾﺔ أو ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫طورﻫﺎ ﺟوﻟﯾك و أروﯾك ﻋﻠﻰ أﺳﺎس وﺟود ﻣﺑدأ ﻣﻘﺎﺑل ﻟﻛل ﻋﻧﺻر ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺳﺑﻌﺔ‬
‫اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﺗﻔوﯾض اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻛرة ﺗطوﯾر ﻣﺑﺎدئ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹدارة‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟدﻋوة إﻟﻰ ﻗﯾﺎم ﻋﻠم ﻣﺳﺗﻘل وﻣﺟرد ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬أﺛﺎر اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﺳﺎؤﻻت ﺣول‬
‫طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﯾﻌﺎﻟﺟﻬﺎ اﻟﻌﻠم اﻟﺟدﯾد‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ و أن اﻟﻌدﯾد ﻣﻧﻬﺎ ذو طﺎﺑﻊ‬
‫ﻣﻌﯾﺎري ‪ . Normative Character‬ﻣﺛل ﻣوﺿوع اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻛذا اﻟﻘﯾم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫و ﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﺟد أن اﻗﺗراح ﺳﺎﯾﻣون ﺑﻔﺻل اﻹدارة ﻋن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻧﺗﻘد ﻣن ﺟﺎﻧب ﻋﻠﻣﺎء‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ و اﻹدارة ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء‪ ،‬ﻧظ ار ﻟطﺑﯾﻌﺗﻪ اﻟﻣرﻛﺑﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ‪ ،‬و ﻧظ ار ﻷن اﻟوﻗت ﻛﺎن‬
‫‪1‬‬
‫ﻏﯾر ﻣﻧﺎﺳب ﻟﻔﺻل اﻹدارة ﻋن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ص ‪.68-67‬‬

‫‪73‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻛري اﻟﺛﺎﻧﻲ" اﻹدارة اﻟﻛفء اﻟﻌﺎدﻟﺔ"‬

‫إن ﻓﻛرة اﻻﻧﺻﯾﺎع ﻟﻠﻘﺎﻧون ﻗد ﺗﺣﻣل ﻓﻲ طﯾﺎﺗﻬﺎ اﻟﺗﻌﺳف واﻻﺳﺗﺑداد ﺣﯾث ﻻﺑد ﻟﻠﺳﻠطﺔ‬
‫إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﺗﺣﻘﯾﻘ ﻬﺎ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻛﻔﺎءة و اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ أن ﺗﻠﺗزم ﺑﺗطﺑﯾق اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻣﺳﺎواة ﻷﻧﻬﺎ أﺳﺎس‬
‫ﻛﻔﺎءة اﻹدارة‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬ﻧﺷﺄة و ﺗطور اﻟﻣﻧظور اﻟﻔﻛري اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫اﺗﺳﻣت ﻓﺗرة اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت ﺑﺎﺗﺳﺎع دور اﻟدوﻟﺔ ‪ ،‬و ظﻬور دوﻟﺔ اﻟرﻓﺎﻫﺔ‪ .‬ﺣﯾث ﻫﻧﺎك أﺣداث‬
‫ﺗرﻛت ﺑﺻﻣﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺟم وﻧطﺎق اﻟﺣﻛوﻣﺔ ‪ ،‬ﻣﺛل أﺣداث اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ و اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﻛذا اﻟﻛﺎﺳد اﻟﻌظﯾم و ﻏﯾرﻩ‪ ،...‬ﻫذا إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺗﺳﺎع ﻧطﺎق اﻟﺣﻛوﻣﺔ ازداد ﺣﺟم‬
‫اﻟﻘطﺎع اﻟﻌﺎم‪ ،‬و أﺻﺑﺣت اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ أﻛﺛر ﻋددا‪ ،‬و ﺑذﻟك ازدادت ﺗطﻠﻌﺎت‬
‫اﻟﻣواطﻧﯾن أﻛﺛر ﻧﺣو اﻟﺣﻛوﻣﺔ‪ ،‬و أطﻠق ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة ﺑﻔﺗرة اﻟﺗوﻗﻌﺎت اﻟﻣﺗزاﯾدة‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل‬
‫ﺗدﺧل اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬أدى إﻟﻰ ﺷﻌور اﻟﻣواطﻧﯾن ﺑﺎﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺣﻛوﻣﺗﻬم و ﻗدرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﺣﯾﺎة و ﻣﻌﯾﺷﺔ أﻓﺿل‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﻣﯾزت ﻓﺗرة اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت ﺑظﻬور‬
‫اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ‪ ،‬و اﻟﺗﻲ طﺎﻟﺑت اﻟدوﻟﺔ ﺑﻣزﯾد ﻣن اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟب ‪ ،‬ﻫذا‬
‫ﻣﺎ ﺣﺗم ﻋﻠﻰ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣواﻛﺑﺔ اﻟﺗﻐﯾ ارت ‪ ،‬ﻟذﻟك ظﻬر ﻣﻧظور اﻹدارة اﻟﻛفء اﻟﻌﺎدﻟﺔ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ﺣﯾث ﻛﺎن ﻣﻔﺎدﻩ أن ﺗﻛون اﻟﻌداﻟﺔ و اﻟﻣﺳﺎواة أﺳﺎس ﻛﻔﺎءة اﻹدارة‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣﻧظور‬

‫ﯾﻣﺛل ﻫذا اﻟﻣﻧظور إﯾذاﻧﺎ ﺑﺛورة إدارﯾﺔ ﺟدﯾدة‪ ،‬و ﺑﺧﺎﺻﺔ أﻧﻪ أﺻﺑﺢ ﻣن اﻟواﺿﺢ ﻟدى‬
‫اﺑرز اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻹدارﯾﯾن ‪ ،‬أن " ﻧﻣوذج اﻹدارة ﺑﺎﻟﻛﻔﺎءة " ﻟﯾس ﻫو اﻟﻧﻣوذج اﻹداري اﻷﻣﺛل أو‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.78‬‬

‫‪74‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫اﻟﻘﺎﺑل ﻟﻠﺗﻌﻣﯾم‪ ،‬و ﻗد ﺗﺄﻛد أن ﻫﻧﺎك ﻋدم وﺿوح ﺣول طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧﻣوذج اﻟذي ﯾﻔﺗرض ﺑﻧﺎؤﻩ‬
‫ﻟﯾﻛون ﻫو اﻟﻧﻣوذج اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻷﻣﺛل‪.1‬‬

‫ﺣﯾث ظﻬر ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻓﻲ اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت ﻛرد ﻓﻌل ﻻﻫﺗﻣﺎم اﻟﻣﻧظور اﻟﺗﻘﻠﯾدي ‪-‬ﻣﻧظور‬
‫ﻛﻔﺎءة اﻹدارة‪ -‬اﻟﻣﻐﺎﻟﻰ ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻘق أﻗﺻﻰ ﻋﺎﺋد ﺑﺄﻗل ﺗﻛﻠﻔﺔ‪ .‬و ﻟﻘد‬
‫اﻧﺗﻘد أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻟﻣﻧظور و ﺟﻌل ﺗﺣﻘﯾق أﻗﺻﻰ ﻋﺎﺋد ﺑﺄﻗل ﺗﻛﻠﻔﺔ ﻫو اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻺدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و طﺎﻟﺑوا ﺑﺿرورة إدراج ﻗﯾم أﺧرى ﻣﺛل اﻟﻌداﻟﺔ و اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ واﻟﻣﺳﺎواة‪.‬‬

‫و ﯾﺗﻣﺛل اﻟﺳؤال اﻟﻣﺣوري ﻟﻬذا اﻟﻣﻧظور ﻓﻲ ‪ :‬ﻟﻣن ﯾﺗم ﺗﺣﻘﯾق أﻗﺻﻰ ﻛﻔﺎءة ﺑﺄﻗل‬
‫ﺗﻛﻠﻔﺔ؟ و ﻓﻲ أﯾﺔ ﻣﺟﺎﻻت أو ﺧدﻣﺎت ؟ ﻛﻣﺎ أن أﺳﺎس ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻫو إرﺳﺎء اﻟﺑﻌد‬
‫‪2‬‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻹدارة‪ ،‬أي ﻧﺣو إدارة ﻋﺎﻣﺔ أﻛﺛر اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻣطﺎﻟب اﻟﻣواطﻧﯾن‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﺗﻣﺛل اﻟﻌداﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﺗﻠﺧﯾﺻﺎ ﻟﻠطﺎﺋﻔﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﻣن ﻓرﺿﯾﺎت‬
‫اﻟﻘﯾم‪ ،‬أي أن اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺗﻌددﯾﺔ ﺗﻘوم ﺑﺻورة ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﯾز ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺎت اﻟراﺳﺧﺔ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻘرة و ﻋﻣﻼﺋﻬﺎ ﻣن اﻷﻗﻠﯾﺔ اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ) ﻣﺛل و ازرة اﻟزراﻋﺔ و اﻟﻣزارﻋﯾن اﻟﻛﺑﺎر( و ﺿد‬
‫ﺗﻠك اﻷﻗﻠﯾﺎت ) ﻣﺛل اﻟﻌﻣﺎﻟﺔ اﻟزراﻋﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﻣﻬﺎﺟرة واﻟﻣﺳﺗوطﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳواء( اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺗﻘر إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣوارد اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪ ،‬و ﺗﺻﺑﺢ ﻧﺗﯾﺟﺔ ذﻟك اﻻﻧﺗﺷﺎر اﻟواﺳﻊ ﻟﻠﺑطﺎﻟﺔ و اﻟﻔﻘر و‬
‫اﻷﻣراض و اﻟﺟﻬل ‪ ،‬و اﻧﻌدام اﻷﻣل ﻓﻲ ﻋﺻرﻩ ﻣن اﻟﻧﻣو اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻏﯾر اﻟﻣﺳﺑوق‪.‬‬

‫إن اﻟﺣرﻣﺎن اﻟﻣﺳﺗﻣر وﺳط اﻟوﻓرة ﺳوف ﯾﺗﻣﺧض ﻋﻧﻪ ﺗﻣرد واﺳﻊ اﻟﻧطﺎق‪ ،‬و اﻟﺗﻣرد‬
‫ﯾﺗﺑﻌﻪ اﻟﻘﻣﻊ اﻟذي ﯾﻠﯾﻪ اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﺗﻣرد‪ ،‬و ﻫﻛذا دواﻟﯾك‪ ،‬و ﻣن اﻟﻣرﺟﺢ أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻣﻌطﻲ ﻣﺣﻣد ﻋﺳﺎف‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.189‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.79‬‬

‫‪75‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺷل ﻓﻲ ﻋﻣل ﺗﻐﯾﯾرات ﺗﺳﻌﻰ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﺣرﻣﺎن اﻷﻗﻠﯾﺎت ‪ ،‬و ﺳوف ﺗﺳﺗﺧدم ﻓﻲ اﻟﻧﻬﺎﯾﺔ‬
‫‪1‬‬
‫إﻟﻰ ﻗﻬر ﺗﻠك اﻷﻗﻠﯾﺎت‪.‬‬

‫و ﻗد رﻛز ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم "‪، "public Interest‬و إن ظل‬
‫ﻣﻔﻬوم اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟدرﺟﺔ ﻣن اﻷﻫﻣﯾﺔ ‪ ،‬ﺣﯾث أن اﺗﺳﺎع ﺣﺟم اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻹدارﯾﺔ‬
‫و ﺗﻌدد اﻟﺑراﻣﺞ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ‪ ،‬دﻓﻊ اﻟﺑﻌض ﻟدراﺳﺔ ﻣراﺣل ﺗطور اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ‪ ،‬و ﻣدى ﻛﻔﺎءﺗﻬﺎ‬
‫داﺧل اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻛﺑﯾرة‪ .‬ﻛﻣﺎ أﺳﻬم اﻟﺗطور اﻟذي ﺣدث ﻓﻲ ﻧظرﯾﺎت اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار‪ ،‬و إدﺧﺎل‬
‫اﻟﻌواﻣل اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ و اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ ﻓﯾﻪ إﻟﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﺳﺗﺧدام اﻟﻣوارد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑطرﯾﻘﺔ‬
‫ﺗﺣﻘق ﻣزﯾدا ﻣن اﻟﻛﻔﺎءة و اﻟﻌداﻟﺔ‪ ،‬و ﻟﻘد ﺷﻬدت ﻓﺗرة اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت ظﻬور اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣدارس‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ اﻷﺛر اﻟﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ ﺗطور ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ ‪:‬‬


‫ﺣﺎوﻟت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ إﻟﻰ اﻟوﺻول ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ‬
‫ﻣن ﺣﯾث دﻗﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾل و اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎس و اﻟﺗﻔﺳﯾر و اﻟﺗﻧﺑؤ ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺳﺎدت ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة‬
‫ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﺗﻘﯾﯾم ﻣدى ﻗرب أو ﺑﻌد اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋن ﻣﻔﻬوم " اﻟﻌﻠم " ‪ ،‬و ﻣن ﻫﻧﺎ‬
‫‪3‬‬
‫ﺛﺎرت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﺳﺎؤﻻت ﺣول ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑوﺻﻔﻪ ﻋﻠﻣﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﺑدأت اﻟدراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﯾد اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﺳﯾﺎرت و ﻣﺎرش ‪، cyert‬‬
‫‪ . March‬ﺣﯾث ﯾﻣﺛل ﻧﻘﻠﻪ ﻧوﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻛرة اﻹداري ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻔﻛر اﻟﻧﯾوﻛﻼﺳﯾﻛﻲ اﻟﺗﻘﻠﯾدي‪.‬‬
‫و ﻣﻊ ظﻬور اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ اﻧﺗﻘﻠت وﺣدة اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻣن اﻟﻣﻧظﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﻔرد ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ‬
‫اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﺗﻘﻠﯾدي اﻟذي ﯾﺗزﻋﻣﻪ ﻣﺎﻛس ﻓﯾﺑر‪ ،‬اﻟذي أوﺿﺢ ﺑﺄن اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ‬

‫‪1‬‬
‫ﺟﻲ م ‪ .‬ﺷﺎﻓرﯾﺗز‪ ،‬أﻟﺑرت ك‪ .‬ﻫﺎﯾد ‪ ،‬ﺳﺎﻧدراج‪ .‬ﺑﺎرﻛس ‪ ،‬ﻣؤﻟﻔﺎت ﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪)،‬ﺗرﺟﻣﺔ و ﻣراﺟﻌﺔ ﻧﺧﺑﺔ ﻣن‬
‫اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻌرﺑﻲ(‪ ،‬ط‪ ، 2‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬ﻣﻌﻬد اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر‪،‬‬
‫‪ ، 2004‬ص‪.388‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ‪ ،‬ص ‪.79‬‬

‫‪76‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫"اﻟروﺗﯾن" ﻛﻣﻔﻬوم ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺗزم ﺑﺄﺳس و إﺟراءات ﻣدوﻧﺔ وﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺳﻠﻔﺎ‪،‬‬
‫ﻣرﻋﺎة ﻷي ظرف‬
‫و ﺗطﺑﻘﻬﺎ ﺑﺷﻛل رﺳﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ‪ ،‬دون أي اﺟﺗﻬﺎد اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ أو ا‬
‫ﺧﺎرﺟﻲ‪ ،‬و أن اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ظل اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﺗﺗﺳم ﺑﻣواﺻﻔﺎت و ﺧﺻﺎﺋص ﻣﻌﯾﻧﺔ‬
‫ﻣﺛل ‪ :‬ﺣظر اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﺑﯾن اﻟرؤﺳﺎء و اﻟﻣرؤوﺳﯾن‪ ،‬وأن اﻟﻠواﺋﺢ و اﻟﻧظم‬
‫ﻫﻲ أﺳﺎس وﺟود اﻹدارة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ‪ ،...‬و اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أن ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ رﻏم أﻧﻬﺎ ﻫدﻓت إﻟﻰ ﺑﻧﺎء‬
‫ﻧﻣوذج إداري ﻣﺛﺎﻟﻲ ‪ ،‬إﻻ أﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐت ﻓﻲ ﻧﻣوذﺟﻬﺎ اﻟذي ﺗﻌﺗﺑرﻩ ﻧﻣوذج ﺻﺎﻟﺢ ﻷي ﻣﻧظﻣﺔ‪،‬‬
‫وﻫذا ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬ﻻن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻐﯾر رﺳﻣﻲ‪ ،‬وﻣروﻧﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ واﻹﺟراءات‪ ،‬وﻛذا ظروف اﻟﺑﯾﺋﺔ‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻣﺣﯾطﺔ و ﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟك‪ ...‬ﻛﻠﻬﺎ ﻋواﻣل ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻹدارﯾﺔ‬
‫‪ -2‬ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪:‬‬
‫إن ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﯾﻣﺛل ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎﺟﯾﺔ ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ أﻧﺟﺢ اﻟﺣﻠول اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ‬
‫ﻟﻠﻣﺷﻛﻼت و اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻪ اﻟﺣﻛوﻣﺎت و اﻟدول ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﻣﺛل ﺟﻬدا ﻣﺗواﺻﻼ ﻣﻧذ اﻟﻘدم‬
‫ﻓﻲ ﺗﻔﺿﯾل اﻟﺧﯾﺎرات و إﻗرار اﻟﻘ اررات و اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﺗﺟﺎرب و اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت‪.‬‬
‫و ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻗﺎﻣت ﻋﻠﻰ أﺳس ﻟم ﺗﻛن ﺑﻣﺣض اﻟﺻدﻓﺔ‪ ،‬و‬
‫إﻧﻣﺎ أﻗﯾﻣت ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣﻠﯾﻼت ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬ﻛﻣﺎ أن ﺗوﺟﻬﺎت اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣؤﺳﺳﺎت‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻓﻲ دول اﻟﻌﺎﻟم‪ ،‬ﺣﺗﻣت اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻐرض رﻓﻊ‬
‫‪2‬‬
‫ﻛﻔﺎءة اﻟﺑراﻣﺞ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﺗرﺟﻊ ﻧﺷﺄة ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ ﻫﺎروﻟد ﻻﺳوﯾل ‪ Lasswell‬و ﻛﺗﺎﺑﻪ‬
‫"‪ "The policy Science‬اﻟذي ظﻬر ﻓﻲ اﻟﺧﻣﺳﯾﻧﺎت ‪ ،‬ﺣﯾث ﻛﺎن ﻫذا اﻟﻌﻠم ﻣرﺗﺑطﺎ إﻟﻰ ﺣد‬
‫ﻛﺑﯾر ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪،‬و ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﺎدة ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم اﻷﻣرﯾﻛﻲ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺛﺎﻣر ﻣﻠوج اﻟﻣطﯾري ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ص ‪.56-55‬‬
‫‪2‬‬
‫أﺣﻣد طﯾﻠب ‪ ))،‬دور اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻓﻲ رﺳم اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ‪ :‬دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺟﻠس اﻟوطﻧﻲ اﻻﻗﺗﺻﺎدي و‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ((‪ ) ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﯾﺳﺗر ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻹﻋﻼم ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن ﯾوﺳف ﺑن ﺧدة‪-‬اﻟﺟزاﺋر ‪،(2007/2006 ،‬‬
‫ص ‪.13‬‬

‫‪77‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫و ﻣﻊ ظﻬور اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت ﺗزاﯾد اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻣﻧﻬﺞ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧظم‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﻠـوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪ ، System Analysis‬اﻟذي اﻫﺗم ﺑﺗﺣﻠﯾل ﻣدﺧـﻼت و ﻣﺧرﺟﺎت اﻟﻧظﺎم‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪.‬‬

‫‪ -‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻧظم‪:‬‬
‫ﺣﯾث ﺗﻧدرج ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﺗﺣت ﻣظﻠﺔ اﻟﺗوﺟﻬﺎت اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﻧطﻠق‬
‫أﺳﺎﺳﻲ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻠواﻗﻊ ) اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ(‪ ،‬و ﻫﻲ أﺣد‬
‫ﻣﺧرﺟﺎﺗﻪ ‪ ،‬و ﯾﻌود اﻟﻔﺿل ﻓﻲ إرﺳﺎء ﻗواﻋد ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ إﻟﻰ ﻋﺎﻟم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻷﻣرﯾﻛﻲ داﻓﯾد‬
‫إﺳﺗون ‪ ،‬ﺛم ﺗﺑﻌﻪ آﺧرون ﻛﺄﻟﻣوﻧد و دوﯾش و ﻏﯾرﻫم‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺎﻫﯾم أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻛﺈطﺎر ﺗﺣﻠﯾﻠﻲ ﯾﺑﺳطﻪ إﯾﺳﺗون ﻓﻲ داﺋرة‬
‫ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ذات طﺎﺑﻊ دﯾﻧﺎﻣﯾﻛﻲ ﻣن اﻟﺗﻔﺎﻋﻼت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑدأ ﺑﺎﻟﻣدﺧﻼت )‪(Inputs‬و ﺗﺗﻣﺛل‬
‫ﻓﻲ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻠﻘﺎﻩ اﻟﻧظﺎم ﻣن ﻣطﺎﻟب أو ﺗﺄﯾﯾد‪ ،‬وﺑواﺳطﺗﻬﺎ ﯾﺗم ﺗﺣرﯾك اﻟﻧظﺎم داﺧل ﻣﺎ ﯾﺳﻣﯾﻪ‬
‫إﯾﺳﺗون "ﺑﺎﻟﻌﻠﺑﺔ اﻟﺳوداء" ‪ ،‬ﻟﯾﺗم ﺗﺣوﯾﻠﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد إﻟﻰ ﻣﺧرﺟﺎت ) ‪ (Out Puts‬و ﻫﻲ ﻣﺎ‬
‫ﯾطرﺣﻪ اﻟﻧظﺎم إﻟﻰ اﻟﺑﯾﺋﺔ ﻓﻲ ﺷﻛل ﻗ اررات أو ﻣوارد أو ﺳﯾﺎﺳﺎت وﻏﯾرﻩ ‪...‬‬

‫و ﺗﻧﺗﻬﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗﻐذﯾﺔ اﻹﺳﺗرﺟﺎﻋﯾﺔ )‪ (Feed Back‬اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط ﺑﯾن ﻧﻘطﺗﻲ اﻟﺑداﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫و اﻟﻧﻬﺎﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣدﺧﻼت و اﻟﻣﺧرﺟﺎت ﻛرد ﻓﻌل ﻣﺎ أﺣدﺛﺗﻪ اﻟﻣﺧرﺟﺎت‪.‬‬
‫ﻟﻘد ﻛﺎن ﻟﻧ ﺷﺄة ﻋﻠم ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت ﻣن ﺑوﺗﻘﺔ ﻣﺎدة ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم اﻷﻣرﯾﻛﻲ أﺛرﻩ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻷطر اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل ﺣﯾث ﻋﻛﺳت إﻟﻰ ﺣد ﻛﺑﯾر ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‬
‫اﻷﻣرﯾﻛﻲ ‪ ،‬و ﻛذا اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ داﺧﻠﻪ‪ ،‬و ﺗﺄﺛﯾر ﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺿﻐط و‬
‫ﻏﯾر ذﻟك ﻣن ﺳﻣﺎت ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة‪ .‬وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق أﻏﻔﻠت‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪2‬‬
‫أﺣﻣد طﯾﻠب‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪،‬ص ص‪.47-46‬‬

‫‪78‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻫذﻩ اﻷطر دور اﻟﻌﺎﻣل اﻟﺧﺎرﺟﻲ وﺗﺄﺛﯾرﻩ ﻋﻠﻰ ﻣراﺣل ﺻﻧﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟدول‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة ‪New Public Administration:‬‬

‫ﻓﻲ ﺳﺗﯾﻧﺎت اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ وﻣﻊ وﺟود ﺗﻐﯾرات ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫ﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻻﺣﺗﺟﺎﺟﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﺿﻐوط اﻟﺣرب اﻟﺑﺎردة وظروف ﺣرب‬
‫اﻟﻔﯾﺗﻧﺎم‪ ،‬ﺑرزت اﻟدﻋوة ﻹﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ أﻣرﯾﻛﺎ ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺳﻔﺔ‬
‫اﻟ ـ‪ ، Phenomenology‬ﻗﺎدﻫﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻔﻛرﯾن واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﯾن‪ .‬وﻣن ذﻟك اﻟﺣﯾن‬
‫واﻟدﻋوة ﻟﻠﺗﻐﯾﯾر ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺗواﻟﻰ وﺑﺄﺳﻣﺎء ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑدءا ﻣن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة وﻣن‬
‫‪2‬‬
‫ﺛﻣﺔ اﻟﺣدﯾث ﻋن ﻧﻣوذج ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ‪.‬‬
‫ﯾﺷﻣل‬ ‫إن ﻣﺻطﻠﺢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة "‪"New Public Administation‬‬
‫ﻣﺟﻣوﻋﺔ واﺳﻌﺔ ﻣن اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت و وﺟﻬﺎت اﻟﻧظر اﻟﺗﻲ ﺗﻬدف إﻟﻰ اﻟﺗﻐﻠب ﻋﻠﻰ أوﺟﻪ اﻟﻘﺻور‬
‫اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻣوذج اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﯾث ﯾﻌرف روﺑرت ﺑن ‪ Robert Behn‬اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة ﺑﺄﻧﻬﺎ ‪ »:‬ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﻛﺗﯾك و اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﻌزﯾز‬
‫‪3‬‬
‫أداء اﻟﻘطﺎع اﻟﻌﺎم‪« ...‬‬
‫و ﯾﻌﻧﻲ اﻻﻟﺗزام اﻷﺳﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻌداﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة ﺗﺣﺎول‬
‫اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ اﺳﺗﯾﻌﺎب ﻗﻧﺎﻋﺔ دواﯾت واﻟدو ﺑﺄن ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻟم ﯾﺳﺗوﻋب ﺑﺻورة ﻣرﺿﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺿﺎﻣﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ ﻟﻠﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت ‪ .‬و ﺗﺳﻌﻰ اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة إﻟﻰ ﺗﻐﯾﯾر ﺗﻠك اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت و اﻟﻬﯾﺎﻛل اﻟﺗﻲ ﺗﺣول ﻣﻧﻬﺟﯾﺎ دون اﻟﻌداﻟﺔ‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ 2‬اﺣﻣد ﻛرﯾم ﺟﺎﺳم‪) ،‬اﻟ ـ ـ‪) phenomenology‬اﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﺟذور( ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻣواﺟﻬﺔ ﻣﺷﺎﻛل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ‬
‫‪.100‬‬ ‫اﻟﻌراق(‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻹدارة واﻻﻗﺗﺻﺎد‪-‬ﺑﻐداد‪ ،‬اﻟﻌدد ﺳﺑﻌﺔ وﺗﺳﻌون‪ ،2013 ،‬ص‬
‫‪3‬‬
‫‪James P pfiffner ¸op cit ،P3.‬‬

‫‪79‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫و ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ذﻟك اﻟﺳﻌﻲ ﻧﺣو اﻟﺗﻐﯾﯾر ﻣن أﺟل اﻟﺗﻐﯾﯾر ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻣل ﻧﺣو اﻟﺳﻌﻲ ﻹﺣداث‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺗﻐﯾﯾرات اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺳن أﻫداﻓﻬﺎ‪ -‬اﻹدارة اﻟﺟﯾدة و اﻟﻛﻔﺎءة و اﻻﻗﺗﺻﺎد و اﻟﻌداﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.-‬‬

‫ﻓﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻟـ ﻏﺎي ﺑﯾﺗرز ﺷﻣﻠت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﺻﻼﺣﺎت ‪ ،‬ﺣﺎوﻟت ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣدى اﻟﻌﻘدﯾن اﻟﻣﺎﺿﯾﯾن ﻣن ﺗﺣﺳﯾن اﻟﻛﻔﺎءة ﻣن ﻗﺑل اﻟﺣﻛوﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻣﻧﺎﻫﺞ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة " ‪ " NPM‬ﺷﻣﻠت ﻣزﯾدا ﻣن اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ‪ ،‬اﻟﻣروﻧﺔ و اﻟﺗﺣرر‬
‫‪2‬‬
‫ﻣن اﻟﻘﯾود اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬و ﻛذا اﺳﺗﺧدام آﻟﯾﺎت اﻟﺳوق اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﺟزء ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ) ‪(1970-1950‬‬

‫ظﻬر ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻛرد ﻓﻌل ﻟﻼﻧﺗﻘﺎدات اﻟﺗﻲ وﺟﻬت ﻷدﺑﯾﺎت اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة‬
‫اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ و ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺳﯾﻣون اﻟرد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣدﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻪ ﻋﻠم اﻹدارة ‪ ،‬ﺣﯾث أﻛد‬
‫ﻋﻠﻰ أﻫﻣﯾﺔ وﺟود ﻣدرﺳﺗﯾن ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺗﺣﺎول أوﻻﻫﻣﺎ وﺿﻊ اﻷﺳﺎس اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻟﺣﻘل‬
‫ﻋﻠم اﻹدارة ﻣن ﺗﺣدﯾد ﻟﻠﻣﻔﺎﻫﯾم وﺗطوﯾر ﻟﻠﻣﻧﻬﺎﺟﯾﺔ و اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻧظرﯾﺎت‪ .‬وﺗرﻛز اﻷﺧرى‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻌﻣﻠﻲ ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﺗﻬﺗم ﺑﺎﻷﺳﺎس ﺑﺗﻘوﯾﺔ ﻗدرة اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻘدﯾم ﺣﻠول ﻟﻠﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻪ اﻟﺣﻛوﻣﺔ‪. 3‬‬

‫ﻓﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺳﻧﺔ ‪ 1950‬ﺗﺣدﺛت ﻋن اﻟﺣﻘل أو اﻟﻣﺟﺎل ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ " اﻟﺗرﻛﯾز"‪،‬‬


‫"اﻻﻫﺗﻣﺎم" أو ﺣﺗﻰ "ﻛﻣرادف " ﻟﻠﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1962‬ﻟم ﺗﻛن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣدرﺟﺔ ﻓﻲ أﺣد ﻓروع اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺗﻘرﯾر ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻓرع ﻣن ﻓروع ﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‪ .‬و ﻓﻲ‬
‫‪ 1964‬ﻓﻲ ﺗﻘرﯾر ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ أﺷﺎروا إﻟﻰ أن إﻋﺎدة اﻟﻧظر أو ﻣراﺟﻌﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﺎن‬

‫‪1‬‬
‫ﺟﻲ م‪ .‬ﺷﺎﻓرﯾﻧز‪ ،‬اﻟﺑر ت ك‪.‬ﻫﺎﯾد ‪ ،‬ﺳﺎﻧدراج‪ .‬ﺑﺎرﻛس ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ص ‪.389-338‬‬
‫‪2‬‬
‫‪James P . pfiffner ¸op cit P4.‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪80‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻣﻧزﻟق أو ﻧﻘطﺔ ﺿﻌف ﻓﻲ ﻧﻔوذ ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪ ،‬وﻣؤﺷ اًر ﻋﻠﻰ ﺗراﺟﻊ اﻫﺗﻣﺎم أﻋﺿﺎء ﻫﯾﺋﺔ‬
‫اﻟﺗدرﯾس ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻣوﻣﺎً‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﻛﺗب واﻟدو ‪ WALDO‬ﺳﻧﺔ ‪ 1968‬أن ‪ » :‬اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وراء ﺳﻠوك ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‬
‫ﻫو ﻓﻲ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة و ﻏﺎﻟﺑﺎً ﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ اﻻزدراء اﻟﻌﻠﻧﻲ أو اﻟﻌداﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻧﺣن اﻵن ﺑﺎﻟﻛﺎد ﻧرﺣب‬
‫‪1‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺑﯾت ﺑﺷﺑﺎﺑﻧﺎ « "‪.‬‬

‫ﻓﺎﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﺗﻲ وﺟﻬت إﻟﻰ دﻋﺎة ﻓﺻل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ دﻓﻌت ﻣن ﺟدﯾد‬
‫اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة )‪ (1970-1950‬إﻟﻰ اﻟﺗﻣﺳك ﺑوﺟود ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹدارة و اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪ ،‬ورﻛز‬
‫اﻟﺑﺎﺣﺛون ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺑﻧﺎء وﺗطوﯾر أطر ﻧظرﯾﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ‪ ،‬و اﻟﻬدف ﻣﻧﻬﺎ زﯾﺎدة و ﺗﻘوﯾﺔ‬
‫اﻟرواﺑط اﻟوﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾن ﻣﺟﺎﻟﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪.‬‬

‫ﻋن طرﯾق اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻣواﺿﯾﻊ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻣﺛل اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬و ﺗﺟﺎﻫل دراﺳﺔ‬
‫ﻣواﺿﯾﻊ ذات ﺻﻠﺔ ﺑﺈدارة اﻷﻋﻣﺎل‪.‬‬

‫ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة وﺻﻠت ﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹدارة و اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ إﻟﻰ ﺣد اﻟﺗطرف‬
‫ﻣن ﻗﺑل ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻟذﯾن اﻋﺗﺑروا أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣرادﻓﺔ ﺗﻣﺎﻣﺎً ﻟﻌﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪ ،‬و ﻟﯾس‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺟرد ﻓرع ﻣن ﻓروﻋﻪ‪.‬‬

‫وﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1972‬أﺟرﯾت دراﺳﺔ ﻷﻛﺑر ﺧﻣس ﻣﺟﻼت ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ‪،‬‬
‫و أﺷﺎرت إﻟﻰ أن ‪ 4‬ﻓﻘط ﻣن اﻟﻣﻘﻼت ﻧﺷرت ﺑﯾن ﺳﻧﺗﻲ ‪ 1960‬و ‪ 1970‬ﯾﻣﻛن أن ﺗدرج‬
‫ﻓﻲ ﻓﺋﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت اﻟﻔﺋﺔ اﻟوﺣﯾدة اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ﻣن ﺑﯾن ‪ 15‬اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق‬
‫ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪nicholas henry, paradigms of public administration , jul-aug 1975 ,PP 381-382.‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪3‬‬
‫‪nicholas henry, op. cit, p 382.‬‬

‫‪81‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟراﺑﻊ‪ :‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﺟزء ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻹدارﯾﺔ )‪(1970-1956‬‬

‫ظﻬر ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻓﻲ ﻧﻔس ﻓﺗرة ظﻬور اﻟﻣﻧظور اﻟﻣﻌﺑر ﻋن اﻹدارة ﻛﺟزء ﻣن اﻟﻌﻠوم‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬وﻫو ﯾرى اﻹدارة ﻛﺟزء ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﻧﻼﺣظ أن ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﯾﻌﺑر ﻋن أزﻣﺔ ﻫوﯾﺔ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻣﺣﺎوﻟﺗﻪ‬
‫اﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﻰ اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻘرﯾﺑﺔ ﻣﻧﻪ‪ ،‬ﺣﯾث طﺎﻟب أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ‬
‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ أﺣد ﻓروع اﻟﻌﻠوم اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬وﻋﻣﻠوا ﻋﻠﻰ ﺗدﻋﯾم ﻋﻼﻗﺗﻬم ﺑﺄﻗﺳﺎم إدارة‬
‫اﻷﻋﻣﺎل‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﺳﻣﺢ ﻟﻠﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺳﻧﺔ ‪ 1956‬ﺑﻧﺷر دراﺳﺎﺗﻬم ﻷول ﻣرة‬
‫‪1‬‬
‫ﻓﻲ دورﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻓﻠﻘد ﻗوي اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة ﺑﺧﺻوص اﻟدﻋوة إﻟﻰ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن‬
‫ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻣﺧض ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف ﻋﻘد ﻣؤﺗﻣر ﻋﻠﻣﻲ ﻓﻲ ‪ 1968‬ﺟﻣﻊ‬
‫اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻓﻲ ﺣﻘل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻫدﻓﻪ ﺗﺣدﯾد ﻫوﯾﺔ و اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻋﻠم اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾد أو اﻟﻣﺳﺗﻘل ﻋن ﻓروع اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻷﺧرى‪.‬‬

‫وﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣؤﺗﻣر ﻣﯾﻧوﺑروك ‪ MINNOW BROOK‬اﻟذي ﻋﻘد ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﯾراﻛو از‬
‫ﺑﺎﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺣﺎور ﺗﻧﺻب‬
‫ﻓﻲ ﻣﻌظﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ إﻋطﺎء أﻫﻣﯾﺔ ﻣﻠﺣوظﺔ ﻟﻣوﺿوع اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﺟدﯾد أو اﻟﻣﺳﺗﻘل‪.‬‬

‫و ﻟﻘد أﺻﺑﺣت وﺣدة اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻫﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬وﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﻛﯾز‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ وﻋﻠﻰ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻧظﯾم ﻛﺗﺎﺑﺎت ﻛل ﻣن ‪ March‬و‪ James G، Simon‬ﻋن اﻟﻣﻧظﻣﺎت و‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.70‬‬

‫‪82‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪James‬‬ ‫ﻋن اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ ﻟﻠﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬وﻛذا ﻛﺗﺎب‬ ‫‪ March‬و‪Richard Cyert‬‬

‫‪ Thomson‬ﺗﺣت ﻋﻧوان ‪ :‬اﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣرﻛﺔ ﺳﻧﺔ ‪.1967‬‬

‫وﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺣﺳب اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن أن ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻟم ﯾﺿف ﻟﻌﻠم اﻹدارة ﺳوى ﺑﻌض‬
‫اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻟدراﺳﺎت اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬

‫و أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻧﺿﻣﺎم ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ إدارة اﻷﻋﻣﺎل أو اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أﺗﺎح‬
‫اﻟﻔرﺻﺔ إﻟﻰ إﻋﺎدة ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻌﺎم و اﻟﺧﺎص‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﻟﻸﺳف ﻟم ﯾﺗﻣﺧض ﻋن ﻫذا‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺟدل ﺳوى اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺎزال ﯾﺑﺣث ﻋن ﻫوﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.71‬‬

‫‪83‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻛري اﻟﺛﺎﻟث ﻣن ﻛﻔﺎءة اﻹدارة إﻟﻰ ﻛﻔﺎءة اﻟﺣﻛم‬
‫واﻹدارة ﻣﻌﺎً‬

‫ﻟم ﯾﻌد اﻟﺣدﯾث ﻓﻲ ﻫذا اﻟوﻗت ﻋن إدارة ﻛﻔﺋﺔ أو إدارة ﺟﯾدة‪ ،‬إو ﻧﻣﺎ اﻟﺑﺣث ﻋن ﺣﻛم ﺟﯾد‬
‫اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ‪ ،‬اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ‪ ،‬وﺳﯾﺎﺳﯾﺎ‪ ،‬ﻋن طرﯾق إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﺗﺳﺧرﻫﺎ ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻻﺗﺻﺎل‪،‬‬
‫ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻛﻔﺎءة واﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول ‪ :‬ﻧﺷﺄة و ﺗطور اﻟﻣﻧظور اﻟﻔﻛري اﻟﺛﺎﻟث‬

‫أدى ﻟﺟوء اﻟدول إﻟﻰ اﻟﺧﺻﺧﺻﺔ اﻟﻐﯾر ﻣﻘﻧﻧﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ظل ﺗﺣرﯾر اﻟﺗﺟﺎرة ‪ ،‬واﻟﺳﻌﻲ ﻟﺗﺣﻘﯾق‬
‫اﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳوق اﻟﺣر ﻓﻲ ظل اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻣﺗﻧﺎﻣﯾﺔ‪ ،‬وﻧﺷﺄة اﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻣﺗﻌددة‬
‫اﻟﺟﻧﺳﯾﺎت ﻛﻛﯾﺎﻧﺎت اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋﻣﻼﻗﺔ ﻗد ﺗﻔوق ﻗدراﺗﻬﺎ اﻟﻘدرات اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﺑﻌض اﻟدول‪،‬‬
‫ﺟﻠب ﺻﻌوﺑﺎت أﻣﺎم ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺎت ودﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ وﺳﺎﺋل أﺧرى ﻟﺗﺣﻘﯾق أرﺑﺎح ﺗﺣت‬
‫ﺳﺗﺎر ﻧﺷﺎطﺎﺗﻬﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺿﺧﻣﺔ‪ ،‬ﻓظﻬرت ﻣﻣﺎرﺳﺎت ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻣﺛل ﻏﺳل اﻷﻣوال‪،‬‬
‫واﻻﺣﺗﻛﺎر‪ ،‬واﻹﻏراق‪...‬ﺣﯾث ﻧﺷﺄت اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت ﻓﻌﺎﻟﺔ ﺗﻘﻠل ﻣن اﻹﻫﻣﺎل وﺳوء اﻹدارة‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻌﻛس ﺳﻠﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻣو اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟوطﻧﻲ‪.‬‬

‫وﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﻫذﻩ اﻟﺗﻐﯾرات و ﻣﻊ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﯾﻌود ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن‬
‫ﺟدﯾد ﻟﯾطرح اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺑق ﻟـ وﯾﻠﺳن أن طرﺣﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺗﻪ اﻟﺷﻬﯾرة ‪ 1887‬وﻫﻲ‪ :‬ﻛﯾف‬
‫ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻟدﯾﻧﺎ إدارة ﺣﻛوﻣﯾﺔ ﺟﯾدة؟ ﻛﯾف ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻟدﯾﻧﺎ ﺣﻛوﻣﺔ ﺗﻌﻣل ﺑﻛﻔﺎءة‬
‫‪2‬‬
‫أﻋﻠﻰ وﺗﻛﻠﻔﺔ أﻗل؟‪.‬‬

‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪ ،‬واﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.563‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.83‬‬

‫‪84‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﺳﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣﻧظور‬

‫إن اﻟﻬدف اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻫو ﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﻣﺳﺎر اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻟﻠﻣﻧظﻣﺎت‬


‫اﻟرﺑﺣﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻣراﻗﺑﺔ ﺗﺻرﻓﺎﺗﻬﺎ وﻣواﺟﻬﺔ أي اﻧﺣراف أو ﻧﺷﺎط ﻣﺷﺑوﻩ ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧظﻣﺎت‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬ﺑﻬدف ﺗﺣﺳﯾن إدارﺗﻬﺎ وزﯾﺎدة ﻗدراﺗﻬﺎ وزﯾﺎدة ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ وﻛﻔﺎءة اﻷداء‪ ،‬واﻟﻌﻣل‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر ﻣﻧﺎخ ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ إو ﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ واﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻟﺗﻔﻌﯾل دور اﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﻣن ﺧﻼل‬
‫‪1‬‬
‫اﻟدﻋم واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ‪.‬‬

‫إن اﻟﺣدﯾث ﻫﻧﺎ ﻟﯾس ﻓﻘط ﻋن إدارة ﺟﯾدة و ﻟﻛن ﻋن ﺣﻛم ﺟﯾد‪ ،‬ﺣﯾث ظﻬرت‬
‫اﻷدﺑﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣدث ﻋن ﺣﻛم ﺑﻼ ﺣﻛوﻣﺔ‪ ،‬واﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻬﻠﻬﻠﺔ أو اﻟﻣﻔرﻏﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة‬
‫ظﻬرت ﺛﻼﺛﺔ اﺗﺟﺎﻫﺎت ﻓﻛرﯾﺔ ﺗﺣﺎول اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﻣطروﺣﺔ وﺗوﺿﺢ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻌﺎﻣل‬
‫ﻣﻊ اﻟﺗﻐﯾر اﻟﺣﺎدث ﻓﻲ دور اﻟدوﻟﺔ ﻣن أﻫم ﻫذﻩ اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت‪:‬‬

‫‪ -‬اﺗﺟﺎﻩ اﻹدارة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة ‪New public Management.‬‬

‫– اﺗﺟﺎﻩ إﻋﺎدة اﺧﺗراع اﻟﺣﻛوﻣﺔ ‪Reinventing Gouvernement.‬‬

‫– اﺗﺟﺎﻩ إدارة ﺷﺋون اﻟدوﻟﺔ و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ‪. Gouvernance‬‬


‫‪ -1‬اﻹدارة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة‪.New public Management :‬‬
‫ﯾﻧطﻠق ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻘدﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪:‬‬
‫‪ -‬ﺗﻌد اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ أﻛﺛر ﻛﻔﺎءة ﻣن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﺗﺳم ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة‬
‫ﺑﺎﻟﺑطء ﻓﻲ اﻹﺟراءات واﻟﺗﻌﻘﯾد و اﻟﻬﯾرارﻛﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣدة‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻔﯾﺑري ﻟم ﺗﻌد ﺗﺻﻠﺢ ﻟﻠﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ‪ ،‬ﻷن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ‬
‫ﺗﺗطﻠب ﻣروﻧﺔ و ﻗدرة أﻛﺑر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻛﯾف و اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪ ،‬واﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.563‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪85‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪ -‬ﻻ ﯾوﺟد ﺣل واﺣد ﻟﻠﻣﺷﻛﻼت اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﻟﻛن اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ و‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺧروج ﻣن ﺟﻣودﻫﺎ ﯾﻛون ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻬﯾﻛﻠﺔ‪ ،‬وﺗطﺑﯾق ﻧظم إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪.‬‬

‫أ‪ -‬إﻋﺎدة ﻫﻧدﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ‪:‬‬

‫اﻧﺗﺷر ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة ﺑﺻورة ﻣذﻫﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻗطﺎع اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺣﻛوﻣﻲ‪ ،‬وﻫﻧﺎك ﻣن ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ اﺳم "اﻟﻬﻧدرة "‪،‬وﻫﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﻋرﺑﯾﺔ ﺟدﯾدة‬
‫ﻣرﻛﺑﺔ ﻣن ﻛﻠﻣﺗﻲ "ﻫﻧدﺳﺔ" و"إدارة"‪.‬‬

‫ﺣﯾث ظﻬر ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻓﻲ اﻟﺗﺳﻌﯾﻧﺎت ﻛﻔﻠﺳﻔﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﺗﺣﺎول ﺗﺣﻘﯾق اﻟطﻔرات اﻟﻧوﻋﯾﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻘطﺎع اﻟﻌﺎم و اﻟﺧﺎص ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء‪.‬‬

‫وﯾﻌود اﻟﻔﺿل ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻰ ﻛل ﻣن اﻟﺧﺑﯾر اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻣﺎﯾﻛل ﻫﺎﻣر ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺗﻪ" إﻋﺎدة ﺑﻧﺎء‬
‫اﻟﻌﻣل" )‪ (Reengineering Work‬ﻓﻲ ﻣﺟﻠﺔ )‪ (Harvard Business Review‬ﺳﻧﺔ ‪،1990‬‬
‫وﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﻣﺷﻬور إﻋﺎدة ﺑﻧﺎء اﻟﻣؤﺳﺳﺔ)‪(REENGINEERING THE CORPORATION‬‬
‫ﺳﻧﺔ ‪ ،1993‬اﻟذي ﺷﺎرك ﻓﻲ ﺗﻘدﯾﻣﻪ ﺟﯾﻣس ﺷﺎﻣﺑﻲ‪ ،‬واﻟﻣﺳﻣﯾﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠـ ‪Reenginering‬‬
‫‪2‬‬
‫اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬ ‫ﻫﻲ إﻋﺎدة اﻟﻬﻧدﺳﺔ‪ ،‬إﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء‪ ،‬ﻫﻧدﺳﺔ اﻟﺗﻐﯾﯾر‪،‬اﻟﻬﻧدرة‪ ،‬اﻟﻬﻧدﺳﺔ‬

‫* أﻫداف اﻟﻬﻧدرة‪:‬‬

‫ﺗﺳﻣﻰ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻋﺗﻣﺎدﻫﺎ ﻣدﺧل إﻋﺎدة ﻫﻧدﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ‬
‫إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق أﻫداف ﻋدﯾدة واﻟﺗﻲ ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -‬اﻟﺗﺳرﯾﻊ ﻓﻲ أداء اﻟﺧدﻣﺎت ﻣﻊ إﺿﻔﺎء طﺎﺑﻊ اﻟﺗﻣﯾز ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ -‬اﻟﺗﻘﻠﯾص ﻣن اﻟﺗﻌﻘﯾدات واﻹﺟراءات اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪، ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣرام اﺳﻣﺎﻋﯾل اﻻﻏﺎ‪)) ،‬دراﺳﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻹﻋﺎدة ﻫﻧدﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ" اﻟﻬﻧدرة" ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎرف ﻓﻲ ﻗطﺎع ﻏزة((¸)ﻣذﻛرة‬
‫ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرة‪ ،‬اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪ -‬ﻏزة‪ ،(2006 ،‬ص‪.32‬‬

‫‪86‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪ -‬اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻬرﻣﻲ إﻟﻰ اﻷﻓﻘﻲ ‪.‬‬

‫‪ -‬اﻟﺣد ﻣن اﻟدور اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻠوﺳﯾط ﺑﯾن اﻟﻣوظﻔﯾن واﻟﻣدﯾر‪.‬‬

‫‪ -‬ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻻﺑﺗﻛﺎر ودﻋم اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺣﻘﻘﺔ وﺗﺣﻔﯾز وﻣﻛﺎﻓﺄة اﻟﻣوظﻔﯾن‪.‬‬

‫‪ -‬ﺗﻘﻠﯾص ﻋدد اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ )إدارات اﻗل‪ ،‬وظﺎﺋف اﻗل‪ ،‬رﻗﺎﺑﺔ وﺗﻛﺎﻟﯾف اﻗل(‪.‬‬

‫إن ﻓﻠﺳﻔﺔ إﻋﺎدة ﻫﻧدﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ ﺗﻬدف أﺳﺎﺳﺎ ﻹﺣداث ﺗﻐﯾﯾرات ﺟذرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف‬
‫‪1‬‬
‫ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪.‬‬

‫ب‪ -‬إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪:‬‬

‫ﻟﻘد ظﻬر ﻣﻔﻬوم اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪ ،‬و أﺻﺑﺢ‬
‫اﻟﯾوم وﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻌوﻟﻣﺔ و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ أﻣ اًر ﺣﯾوﯾﺎً و ﺿرورة ﻣﻠﺣﺔ ﻻ ﻏﻧﻰ‬
‫ﻋﻧﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻊ ﺗطور وﺳﺎﺋل اﻻﺗﺻﺎل اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ ،‬وﺷﯾوع اﺳﺗﺧدام اﻻﻧﺗرﻧت‪ ،‬وﺗﺣول اﻟﻌﺎﻟم إﻟﻰ ﻗرﯾﺔ‬
‫ﺻﻐﯾرة‪ ،‬ﺗﻼﺷت اﻟﺣدود‪ ،‬واﻗﺗرﻧت اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺑﺎﻟﻌوﻟﻣﺔ‪ ،‬وﺑرز دور اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻟﯾﺻﺑﺢ‬
‫اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻣرﺟﺢ‪ ،‬وأﺻﺑﺣت اﻟﺟودة ﻣرادﻓﺔ ﻟﻠوﺟود‪ ،‬ﺣﯾث أﺻﺑﺣت ﻟﻐﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗﺣﻛم ﺣرﻛﺔ‬
‫اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ‪ ،‬وﻣن ﯾﻌﻣل ﺑﺷﻛل أﻓﺿل ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺟودة ﯾﺻﺑﺢ أﻛﺛر اﻧﺗﺷﺎ ار ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺎﻟم‪ .2‬ﻓﺎ ﻟﻔﻛرة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﻔﻬوم إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻫﻲ ﺣﻣل اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺗﺣﺳﯾن اﻟﻣﺳﺗﻣر ﺑﻬدف ﺗﺣﻘﯾق رﺿﺎء اﻟﻌﻣﯾل‪ ،‬و ﻫﻧﺎك اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﻌﺎرﯾف ﻹدارة اﻟﺟودة‬
‫اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ )‪.3 (TQM‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻧﺑﯾل ﺳوﻓﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪2‬‬
‫طﺎﻫر ﻣﺣﺳن ﻣﻧﺻور‪ ،‬ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑﺎس اﻟﺧﻔﺎﺟﻲ ‪،‬ﻗراءات ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻹداري اﻟﻣﻌﺎﺻر‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار اﻟﯾﺎزوردي اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر‬
‫واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،2008 ،‬ص‪.97‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﺣﻣود أﺣﻣد اﻟﺧطﯾب‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.364‬‬

‫‪87‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﺣﯾث ﻋرﻓﻬﺎ ﻛوﺷن ﺑﺄﻧﻬﺎ‪ » :‬ﻧظﺎم ﻣﺳﺗﻣر ﻟﺗﺣﺳﯾن اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت و اﻟﺧدﻣﺎت ﻹﺣراز رﺿﺎ‬
‫اﻟزﺑون و ﻗﻧﺎﻋﺗﻪ ﻣن‪ ،‬ﺧﻼل إﺷراك ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرص ﻋﻠﻰ اﻟﺟودة و‬
‫ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻛﻣﻲ ﻟﺑﻠوغ اﻟﺗﺣﺳﯾن اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻟﺧدﻣﺎت و ﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟﻣﻧظﻣﺔ« ‪.1‬‬

‫و ﻋرﻓﻬﺎ ﺟوران ‪ JUREN‬ﻛﻧظﺎم إداري ﯾﺳﺗﺧدم أدوات ﻟزﯾﺎدة اﻧﺗﻣﺎء اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﺑﺄﻧﻬﺎ‪:‬‬
‫"ﻧظﺎم إداري ﯾطﺑق ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷدوات اﻟﻣطورة ﻷﺣداث ﺗﻐﯾﯾرات ﻓﻲ ﺗوﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن وزﯾﺎدة‬
‫‪2‬‬
‫اﻧﺗﻣﺎﺋﻬم إﻟﻰ اﻟﻣﻧظﻣﺔ «‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﺗﻌرف ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻘﯾﯾس اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ‪» :‬ﻋﻘﯾدة أو ﻋرف ﻣﺗﺄﺻل‬
‫أو ﺷﺎﻣل ﻓﻲ أﺳﻠوب اﻟﻘﯾﺎدة و اﻟﺗﺷﻐﯾل ﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻣﺎ‪ ،‬ﺑﻬدف اﻟﺗﺣﺳﯾن اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻷداء ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣدى اﻟطوﯾل ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻣﺗطﻠﺑﺎت و ﺗوﻗﻌﺎت اﻟزﺑﺎﺋن ﻣﻊ ﻋدم إﻏﻔﺎل ﻣﺗطﻠﺑﺎت‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﯾن و ﺟﻣﯾﻊ أﺻﺣﺎب اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻵﺧرﯾن «‪.‬‬

‫ورﻏم اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﯾف إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗرﻛز ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ ﻋﻧﺎﺻر ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻫﻲ أن اﻟﺟودة‬
‫اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺣﺳﯾن ﻣﺳﺗﻣرة‪ ،‬وﺗﻬﺗم ﺑﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺑﺷر‪ ،‬و اﺳﺗﺧدام اﻟطرق اﻟﻛﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺛم اﻟﺗرﻛﯾز‬
‫ﻋﻠﻰ رﺿﺎء اﻟﻌﻣﯾل‪ .‬وﺗﻌﻧﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ " ‪ «Total‬إدﺧﺎل ﻛل ﻓرد وﻛل ﺷﻲء ﻓﻲ ﻧطﺎق‬
‫اﻟﺗﺣﺳﯾن‪ ،‬وﻛﻠﻣﺔ اﻟﺟودة »‪ «Qualité‬ﺗﺷﯾر إﻟﻰ اﻹﺷﺑﺎع اﻟﻛﺎﻣل ﻟﻠﻌﻣﯾل داﺧﻠﯾﺎً وﺧﺎرﺟﯾﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻛﻠﻣﺔ إدارة ‪ Management‬و ﺗﻌﻧﻲ ﻗﯾﺎدة اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﻓر اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﻣﻼﺋم وﺗﺣﺎﻓظ‬
‫‪4‬‬
‫ﻋﻠﯾﻪ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وﺳﯾﻠﺔ واﻋر ‪ ،‬دور اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﺳﯾن ﺟودة اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ و ازرة اﻟداﺧﻠﯾﺔ و اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ‪-‬‬
‫اﻟﺟزاﺋر‪ ¸-‬ﻣداﺧﻠﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻠﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ ﺣول إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﺑﻘطﺎع اﻟﺧدﻣﺎت ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ :‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻧﺗوري ﺑﻘﺳﻧطﯾﻧﺔ‪ ،‬د‬
‫ت ن‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر ‪ ،‬وآﺧرون ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.484‬‬
‫‪3‬‬
‫وﺳﯾﻠﺔ واﻋر ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪4‬ﻣﺣﻣود أﺣﻣد اﻟﺧطﯾب‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.364‬‬

‫‪88‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫وﻣن ﻫﻧﺎ ﻧ ﺳﺗﺧﻠص ﺑﺄن إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﺗﻧﺎول ﺑﻌض اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺛل‪:‬‬

‫‪ -‬ﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﻲ ﺟﻬود اﻟﺗﺣﺳﯾن اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻟﻠﻣﻧﺗﺟﺎت أو اﻟﺧدﻣﺎت‪.‬‬


‫‪ -‬اﻟﺗﻧﺳﯾق و اﻟﺗﻌﺎون ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ اﻹدارات و اﻷﻗﺳﺎم وﻓرق اﻟﻌﻣل ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺟودة‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺗزام اﻹدارة اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﺑﻬدف اﻟﺗﺣﺳﯾن اﻟﻣﺳﺗﻣر ‪.‬‬
‫‪ -‬اﺳﺗﻣ اررﯾﺔ اﻟﺗﺣﺳﯾن ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﺧطوات اﻟزاﺋدة و ﺗﺑﺳﯾط‬
‫اﻹﺟراءات‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت و اﻟﻧﺷﺎطﺎت ﺑدﻻً ﻣن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ‪.‬‬
‫‪ -‬اﺳﺗﺧدام اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻹﺣﺻﺎﺋﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻘﯾﺎس اﻟﺟودة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬اﺳﺗﺧدام أﺳﺎﻟﯾب اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﺿﻣﺎن ﻋدم اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء‪.‬‬

‫و ﻣن ﺑﯾن إﺳﻬﺎﻣﺎت رواد إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻧﺟد‪:‬‬

‫‪ -‬ﺟوزﯾف ﺟوران ) ‪:(JOSEPH M. JURAN‬‬

‫ﻫو ﻋﺎﻟم أﻣرﯾﻛﻲ و ﯾﻌﺗﺑر ﻣن اﻟرواد اﻷواﺋل اﻟذﯾن أﺳﻬﻣوا ﻓﻲ ﻧﺷر إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪،‬‬
‫و ﻫو ﺻﺎﺣب اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﻣﺷﻬورة " اﻟﺟودة ﻻ ﺗﺣدث ﺑﺎﻟﺻدﻓﺔ ﺑل ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣﺧططﺎً ﻟﻬﺎ"‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﺑرزت اﻫﺗﻣﺎﻣﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺟودة ﺳﻧﺔ ‪ ،1950‬ﻋﻧدﻣﺎ أﺻدر ﻛﺗﺎﺑﻪ "اﻟﺳﯾطرة اﻟﻧوﻋﯾﺔ"‪،‬‬
‫وﻛﺎن ﻣن أﻫم إﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻪ و ﺿﻊ ﻋﺷر ﺧطوات ﻫﺎﻣﺔ ﻻ ﺑد ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ أن ﺗﺗﺑﻌﻬﺎ ﻋﻧد ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ‬
‫‪2‬‬
‫ﺑرﻧﺎﻣﺞ إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪.‬‬

‫و ﻫذﻩ اﻟﺧطوات ﺗﺗﻣﺛل ﻓﯾم ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ (1‬ﺧﻠق وﻋﻲ ﺣول اﻟﺣﺎﺟﺔ و ﺿرورة ﺗﺣﺳﯾن اﻟﻧوﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪ ،‬وآﺧرون ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.486‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑد اﻟرءوف ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي ﻣﻧﺻور‪)) ،‬ﺗﺻ ور ﻣﻘﺗرح ﻟﺗوظﯾف ﻣﺑﺎدئ إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدارس اﻟﺛﺎﻧوﯾﺔ‬
‫ﺑﻣﺣﺎﻓظﺎت ﻏزة((‪) ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪-‬ﻏزة‪ ، (2005 ،‬ص ‪.124‬‬

‫‪89‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪ (2‬وﺿﻊ أﻫداف ﻟﻠﺗﺣﺳﯾن اﻟداﺋم‪.‬‬
‫‪ (3‬ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺷروﻋﺎت ﻟﺣل اﻟﻣﺷﻛﻼت‪.‬‬
‫‪ (4‬ﺗدرﯾب ﻛل ﻓرد ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺷﺄة‪.‬‬
‫‪ (5‬ﺗﻘدﯾم ﺗﻘﺎرﯾر ﺗﻘدم اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫‪ (6‬اﻹﻗرار ﻟﻶﺧرﯾن ﺑﺎﻹﻧﺟﺎز‪.‬‬
‫‪ (7‬إﯾﺻﺎل اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠﯾن‪.‬‬
‫‪ (8‬ﺑﻧﺎء ﺗﻧظﯾم ﻟﺗﺣﻘﯾق ﺗﻠك اﻷﻫداف ﯾدور ﺣول اﻟﺗﻘﺎط اﻵﺗﯾﺔ‪ :‬ﻣﺟﻠس اﻟﻧوﻋﯾﺔ‪ ،‬و‬
‫ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺷﻛﻼت‪ ،‬و اﺧﺗﯾﺎر ﻣﺷروع ﻣﺎ‪ ،‬و ﺗﻌﯾﯾن ﻓرق ﻋﻣل و اﺧﺗﯾﺎر ﻗﺎدة ﺗﻠك‬
‫اﻟﻔرق‪.‬‬
‫‪ (9‬ﺣﻔظ ﺳﺟﻼت اﻟﻧﺟﺎح‪.‬‬
‫‪ (10‬إدﺧﺎل ﺗﺣﺳﯾﻧﺎت ﺳﻧوﯾﺔ ﻓﻲ أﻧظﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ و ﻋﻣﻠﯾﺎﺗﻬﺎ واﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺎﻟرﻗم‬
‫‪1‬‬
‫وﻗوة اﻟدﻓﻊ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم‪.‬‬

‫و ﻧﻼﺣظ أن ﺟوران ‪ JURAN‬ﻗد ﻗﺎم ﺑﺗوﺿﯾﺢ ﻫذﻩ اﻟﺧطوات ﻣن ﺧﻼل ﺛﻼﺛﺔ أﺑﻌﺎد و‬
‫ﻫﻲ‪:‬‬

‫‪ (1‬ﺗﺧطﯾط اﻟﺟودة‪.‬‬
‫‪ (2‬رﻗﺎﺑﺔ اﻟﺟودة‪.‬‬
‫‪ (3‬ﺗﺣﺳﯾن اﻟﺟودة‪.‬‬

‫و ﺑذﻟك رﻛز ﺟوران ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣﺳﯾن ‪ ،‬و إﺷراك ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣوظﻔﯾن وﺗدرﯾﺑﻬم ﻋﻠﻰ‬
‫أﺳﺎﻟﯾب ﺣل اﻟﻣﺷﻛﻼت ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺟودة‪ ،‬إذ اﻋﺗﺑرﻫﺎ ﻧﻘطﺔ اﻧطﻼق ﺗطﺑﯾق ﻓﻠﺳﻔﺔ إدارة‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫طﺎﻫر ﻣﺣﺳن ﻣﻧﺻور‪ ،‬ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑﺎس اﻟﺧﻔﺎﺟﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑد اﻟرؤوف ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي ﻣﻧﺻور‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.124‬‬

‫‪90‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫‪ -‬إدوارد دﯾﻣﯾﻧﻎ ) ‪:(EDWARDS DEMING‬‬

‫أﻣرﯾﻛﻲ ﻋﻣل ﻣﺳﺗﺷﺎر و ﻟﻘب ﺑﺄب ﺛورة إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬اﻫﺗم ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻹﺣﺻﺎﺋﻲ ﻣن‬
‫ﺧﻼل ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻹﺣﺻﺎﺋﯾﺔ ‪ ،SPC‬و ﺳﺎﻫم ﺑﻘﺳط وﻓﯾر ﻓﻲ ﻧﺟﺎح وﺗﻔوق اﻟﯾﺎﺑﺎن ﻓﻲ‬
‫اﻟﺟودة ‪ ،‬و ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1960‬ﺗم ﺗﻘﻠﯾدﻩ وﺳﺎم اﻹﻣﺑراطور ﻫﯾروﻫﯾﺗو ﺗﻛرﯾﻣﺎً ﻟﻪ ﻋﻠﻰ إﺳﻬﺎﻣﻪ ﻓﻲ‬
‫ﻧﻬﺿﺔ اﻟﯾﺎﺑﺎن‪ ،‬وﻫو ﻗﺎﺋل‪" :‬إذا أرﯾد ﻟﻲ أن أﻟﺧص رﺳﺎﻟﺗﻲ ﻟﻺدارة ﻓﻲ ﻋدة ﻛﻠﻣﺎت‪ ،‬ﻓﺈﻧﻲ أﻗول‬
‫‪1‬‬
‫أﻧﻬﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎً ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺄن ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺧﻔﯾض اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت"‪.‬‬

‫و ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1965‬ﺗﺄﺳﺳت ﺑﺎﺳﻣﻪ ﺟﺎﺋزة ﺗﻣﻧﺢ ﻷﺣﺳن ﻣﻧظﻣﺔ ﺗﻣﯾز ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧوﻋﯾﺔ‬
‫اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻌرف دﯾﻣﯾﻧﻎ ﺑﻧﻘﺎطﻪ اﻷرﺑﻌﺔ ﻋﺷرة ‪ ،‬وﻫﻲ ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﺛﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻬدف ﻧﺣو ﺗﺣﺳﯾن اﻹﻧﺗﺎج واﻟﺧدﻣﺎت‪.‬‬


‫‪ -2‬ﺗﺑﻧﻲ ﻫذﻩ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺟدﯾدة‪.‬‬
‫‪ -3‬إﯾﻘﺎف اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﺗﯾش اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧوﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -4‬إﯾﻘﺎف إﻋطﺎء اﻷﻋﻣﺎل ﻟﻶﺧرﯾن ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺳﻌر وﺣدﻩ و ﯾﺟب ﺗﺧﻔﯾض اﻟﻛﻠﻔﺔ‬
‫اﻟﻛﻠﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﺗﺣﺳﯾن ﻧظﺎم اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﺧدﻣﺔ ﺑﺎﺳﺗﻣرار‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -6‬إدﺧﺎل اﻟﺗدرﯾب ﻓﻲ اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫‪ -7‬اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺈﯾﺟﺎد اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻣن أﺟل ﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻋﻠﻰ ﺣﺳن اﺳﺗﺧدام‬
‫اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت و اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﻟﺗﺣﻘﯾق أداء أﻓﺿل ﯾﺳﺎﻋد اﻟطﻼب ﻋﻠﻰ اﻻﺑﺗﻛﺎر واﻹﺑداع‪.‬‬
‫‪ -8‬ﺗﺟﻧب اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺧوف ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن ﻛل ﻓرد ﻣن أداء ﻋﻣﻠﻪ ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺔ ﺗرﺑوﯾﺔ ﺗﺗﺳم‬
‫ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ و ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻣﺷﻛﻼت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻗوﯾدر ﻋﯾﺎش ‪ ،‬ﻣدﺧل إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻛﻣﺣدد ﻟﻸداء اﻟﻣﺗﻣﯾز ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪ ،‬ﻣداﺧﻠﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻠﻣؤﺗﻣر اﻟدوﻟﻲ ﺣول‬
‫اﻷداء اﻟﻣﺗﻣﯾز ﻟﻠﻣﻧظﻣﺎت واﻟﺣﻛوﻣﺎت‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ :‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ورﻗﻠﺔ ‪ 09/08 ،‬ﻣﺎرس ‪ ،2005‬ص ‪.4‬‬
‫‪2‬‬
‫طﺎﻫر ﻣﺣﺳن ﻣﻧﺻور‪ ،‬ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑﺎس اﻟﺧﻔﺎﺟﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪91‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫‪ -9‬ﻛﺳر اﻟﺣواﺟز ﺑﯾن اﻷﻗﺳﺎم اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و ﺗﺷﻛﯾل ﻓرق اﻟﻌﻣل ﻣن ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻗﺳﺎم و‬
‫اﻹدارات ﺑﺷﻛل ﺗﻌﺎوﻧﻲ ﺑﻧﺎء‪.‬‬
‫‪ -10‬اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن ﺗردﯾد اﻟﺷﻌﺎرات و اﻟﻧﺻﺎﺋﺢ اﻟﻣﺑﺎﺷرة‪.‬‬
‫‪ -11‬ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﺳﻠوك اﻟﻘﯾﺎدي اﻟﻔﻌﺎل ﻟدى اﻷﻓراد‪.‬‬
‫‪ -12‬ﺗﺣﺳﯾن و ﺗﻔﻌﯾل اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟﻌﻣﺎل و اﻟﻣدﯾرﯾن‪.‬‬
‫‪ -13‬إﻧﺷﺎء ﺑرﻧﺎﻣﺞ ﻣﺗﻛﺎﻣل ﻟﻼﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺗدرﯾب و اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟذاﺗﻲ ﻣن ﻗﺑل ﻛل ﻓرد‪.‬‬
‫‪ -14‬ﺗدرﯾب أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺈﺣداث ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻐﯾﯾر اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺟودة ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻت اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻛﺎﯾرو إﯾﺷﯾﻛﺎوا ) ‪:(KAURO ISHIKAWA‬‬

‫ﯾﻌرف ﺑﺄﻧﻪ اﻷب اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﺣﻠﻘﺎت اﻟﺟودة ‪ ،‬واﻋﺗﺑر اﻟﺗدرﯾب و اﻟﺗﻌﻠﯾم ﻟﻠﻣوظﻔﯾن ﻛﺑداﯾﺔ و‬
‫ﻧﻬﺎﯾﺔ ﻟﻠﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬وأﻛد ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﺳﺗﺛﻣﺎر اﻹدارة اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ذﻟك‪ 2،‬درس إﯾﺷﯾﻛﺎوا‬
‫ﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺳﯾطرة اﻟﻧوﻋﯾﺔ ﺳﻧﺔ‪ ،1950‬ﺣﯾث ﻗدم طرﯾﻘﺔ ﺟدول اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﯾﺎﺑﺎن ﺳﻧﺔ ‪ ،1955‬و‬
‫ﻛﺎﻧت ﻟﻪ ﻣﺳﺎﻫﻣﺎت ﻋدﯾدة ﻓﻲ طرق اﻟﺳﯾطرة اﻟﻧوﻋﯾﺔ‪ ،‬أﻋد ﻣﺧططﺎً ﻣﻔﯾداً و ﻣﻬﻣﺎً ﺟداً‬
‫ﻣﻌروف ﺑﺎﺳم ﻣﺧطط اﻟﺳﺑب و اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬أوﺟد و طور ﻣﻔﺎﻫﯾم ﺟدﯾدة أﺧرى ﻣﺛل اﻟﻌﯾب‬
‫ﺑﺣﯾث ﺻﺎر ﻟﻪ ﺻدى واﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص‬ ‫اﻟﺻﻔري)‪( ZERO DEFECT‬‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﯾﺎﺑﺎن ﻓﻲ اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪.‬‬

‫‪ -‬ﻓﯾﻠﯾب ﻛروﺳﺑﻲ ) ‪:( PHILIP CROSBY‬‬

‫ﯾﻌد ﻛروﺳﺑﻲ ‪ CROSBY‬ﻣن أﺷﻬر اﻟرواد ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺟودة وأﺳﺎﻟﯾب ﺗطوﯾرﻫﺎ‪،‬‬


‫واﻧﺗﺷرت ﺷﻬرﺗﻪ ﺳﻧﺔ ‪ 1979‬ﺑﻌد ﻧﺷر ﻛﺗﺎﺑﻪ "‪ ،"QUALITY IS STILL FREE‬وﻫو أول ﻣن‬

‫‪1‬‬
‫ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑد اﻟرؤوف ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي ﻣﻧﺻور‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻗوﯾدر ﻋﯾﺎش ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫‪3‬طﺎﻫر ﻣﺣﺳن ﻣﻧﺻور ‪ ،‬ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑﺎس اﻟﺧﻔﺎﺟﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪92‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪1‬‬
‫طرح ﻣﺻطﻠﺢ " ‪ " ZERO DEFCT MANAGEMENT‬إذ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ إدارة ﺑﻼ ﻋﯾوب‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﻛرس ﺟﻬودﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺣﺳﯾن اﻟﻧوﻋﯾﺔ و ﺗﻘﻠﯾل ﻛﻠﻔﻬﺎ‪ ،‬و ﻟﻪ أرﺑﻊ أﺳﺎﺳﯾﺎت ﻓﻲ إدارة‬
‫اﻟﻧوﻋﯾﺔ ﯾﺳﻣﯾﻬﺎ اﻟﻣطﻠﻘﺎت ) ‪ (THE ABSOUTES‬و ﻫﻲ‪:‬‬

‫‪ (1‬ﺗﻌرف اﻟﻧوﻋﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻣﻊ اﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت‪.‬‬


‫‪ (2‬ﺗﺗﺣﻘق اﻟﻧوﻋﯾﺔ ﺑﺎﻟوﻗﺎﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن ﺗﻘوﯾم اﻷداء ‪.‬‬
‫‪ (3‬ﻣﻌﯾﺎر أداء اﻟﻧوﻋﯾﺔ ﻫو ﻻ ﻋﯾوب ) أﺧطﺎء ( ﻣطﻠﻘﺎً‪.‬‬
‫‪ (4‬ﺗﻘﺎس اﻟﻧوﻋﯾﺔ ﺑﺎﻟﺛﻣن اﻟﻣﺣﻘق ﻣن ﻋدم اﻟﺗطﺎﺑق ﻣﻊ اﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت أو اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر وﻟﯾس‬
‫ﺑﻣؤﺷرات ﻣﻌﯾﻧﺔ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣﺑدأ اﻟوارد ﻓﻲ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻌﻣل ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣﺗﻘﻧﺎً ﻣن أول ﻣرة‪.‬‬

‫‪ -‬أﻫداف إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪:‬‬

‫ﺗﺳﻌﻰ إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ إﻟﻰ ﺧﻠق ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺗﻣﯾزة ﻓﻲ اﻷداء ﻟﺗﺣﺳﯾن اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل‬
‫اﻟﻣراﺟﻌﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣرة ﻟﻠﻣﻧﺗﺟﺎت واﻟﺧدﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘدﻣﻬﺎ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬ﻻﻛﺗﺷﺎف أوﺟﻪ اﻟﻘﺻور‬
‫وﻋﻼﺟﻬﺎ أوﻻً ﺑﺄول‪ ،‬واﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﺧطوات اﻟزاﺋدة ﻟﺗﻘﻠﯾص ﺗﻛﻠﻔﺔ اﻹﻧﺗﺎج ‪ ،‬و ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﻣﻧﺢ‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﺧدﻣﺔ أو اﻟﻣﻧﺗﺞ ﻣﯾزة ﺗﻧﺎﻓﺳﯾﺔ ﺗﺳﻬم ﻓﻲ زﯾﺎدة اﻟطﻠب ﻋﻠﯾﻪ‪.‬‬

‫ج‪-‬اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‪:‬‬

‫ﺗوﺟد ﺗﻌﺎرﯾف وأﻟﻔﺎظ ﻛﺛﯾرة ﺷﺎﺋﻌﺔ اﻻﺳﺗﺧدام ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻣﺛل‪ :‬اﻷﻋﻣﺎل‬
‫اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‪ ،‬واﻹدارة اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟرﻗﻣﯾﺔ ‪ ،...‬وﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‬
‫‪ ،e-government‬ﯾﻣﺛل ﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻷﻋﻣﺎل اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ‪ e-business‬اﻟذي ﯾﺷﯾر إﻟﻰ‬
‫اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت و اﻟﻬﯾﺎﻛل اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻔق ﻣﻊ إﻣداد اﻟﺧدﻣﺎت اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣواطﻧﯾن وﻣؤﺳﺳﺎت اﻷﻋﻣﺎل‬

‫‪1‬‬
‫ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑد اﻟرؤوف ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي ﻣﻧﺻور‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪2‬‬
‫طﺎﻫر ﻣﺣﺳن ﻣﻧﺻور‪ ،‬ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑﺎس اﻟﺧﻔﺎﺟﻲ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر و آﺧرون ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.497‬‬

‫‪93‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪1‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء‪.‬‬

‫ﻓﻬﻧﺎك ﻣن وﺻﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ" اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻋﺑر اﻻﻧﺗرﻧت "وﻣﻧﻬم ﻣن أﺷﺎر‬
‫إﻟﯾﻬﺎ "ﺑﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ" وﻏﯾرﻩ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﺷﺎﻣل ﻟﻠﻣﻔﻬوم ﻓﻬو‪ ":‬أن اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻫﻲ‬
‫اﻟﻧﺳﺧﺔ اﻻﻓﺗراﺿﯾﺔ ﻋن اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ أي اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻣﻊ ﻓﺎرق أن اﻷوﻟﻰ ﺗﻌﯾش ﻓﻲ‬
‫اﻟﺷﺑﻛﺎت اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ وأﻧظﻣﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎﺗﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﺣﺎﻛﻲ وظﺎﺋف اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗواﺟد ﺑﺷﻛل‬
‫ﻣﺎدي ﻓﻲ أﺟﻬزة اﻟدوﻟﺔ"‪ .‬وﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﺗﻘدم‬
‫ﺧدﻣﺎت ﻛﻣﺎ ﺗﻔﻌل اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ‪ ،‬ﻟﻛن اﻟﻔﺎرق ﯾﺗم ﻣن ﺧﻼل ﻛﯾﺎن اﻟﻛﺗروﻧﻲ ﺑدل اﻷوراق و‬
‫اﻟﺗﻌﻘﯾدات اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬واﻟذي ﯾﻔﯾد ﻓﻲ اﻷﺧﯾر أن اﻷوﻟﻰ ﻟﯾﺳت ﺑدﯾﻼ ﻋن اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻟﻛﻧﻬﺎ اﻟوﺟﻪ‬
‫‪2‬‬
‫اﻵﺧر ﻟﻬﺎ ﺿﻣن اﻟﻧﺳق اﻟرﻗﻣﻲ‪.‬‬

‫ﺣﯾث ﻣن أﻫم أﻫداف اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﺗﺑﺎدل اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﺑدرﺟﺔ‬
‫اﻛﺑر ﻣن اﻟﺳرﻋﺔ و اﻟﺳﻬوﻟﺔ‪ ،‬وﻣﯾﻛﻧﺔ ﻛﺛﯾر ﻣن إﺟراءات و أﺳﺎﻟﯾب اﻟﻌﻣل ﻣن أﺟل ﺧﻔض‬
‫اﻟﺗﻛﻠﻔﺔ‪ ،‬وﺗﺧﻔﯾض اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻛﺗﺎﺑﯾﺔ‪ ،‬وﺗﺧﻔﯾض ﻋبء إﻋداد اﻟﺗﻘﺎرﯾر‪ ،‬ﺳواء ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻬﺎت‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ أو ﻋﻠﻰ ﻗطﺎع اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬وﻓﺿﻼ ﻋن ذﻟك اﻟﺗﯾﺳﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻣواطﻧﯾن ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫أﺳﺑﺎب ظﻬور اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‪:‬‬

‫أﺛرت اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت و اﻻﺗﺻﺎﻻت ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ ﻫذا‪،‬ﻋﻠﻰ ﺟل‬


‫ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺣﯾﺎة‪ ،‬ودﻓﻌت ﻹﺣداث ﺗﻐﯾﯾرات ﻫﺎﺋﻠﺔ وﻣؤﺛرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ‪،‬ﺣﻣﻠﺗﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣول إﻟﻰ اﻟﻧﻣط اﻻﻟﻛﺗروﻧﻲ‪ ،‬وﻣن ﻫذﻩ اﻷﺳﺑﺎب‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﺣر ﻗدوري اﻟرﻓﺎﻋﻲ‪) ،‬اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ وﺳﺑل ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ‪ :‬ﻣدﺧل اﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ(‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎت ﺷﻣﺎل اﻓرﯾﻘﯾﺎ‪ ،‬اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻧﺻرﯾﺔ‪-‬ﺑﻐداد‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟﺳﺎﺑﻊ‪ ،2009 ،‬ص ‪.308‬‬
‫‪2‬‬
‫اﺣﻣد ﺑن ﻋﯾﺷﺎوي‪)،‬اﺛر ﺗطﺑﯾق اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ)‪ (e-g‬ﻋﻠﻰ ﻣؤﺳﺳﺎت اﻷﻋﻣﺎل(‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺑﺎﺣث‪،‬اﻟﻌدد اﻟﺳﺎﺑﻊ‪،‬‬
‫‪ ،2010/2009‬ص‪. 288‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻟﯾﻠﻰ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﺑرادﻋﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.74‬‬

‫‪94‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫أﺳﺑﺎب ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ) ظﻬور ﻣﻔﻬوم اﻟﻌوﻟﻣﺔ‪ ،‬دﻋم اﻟﺑﻧك اﻟدوﻟﻲ ﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺑﻠدان اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ‪ ،(...‬أﺳﺑﺎب ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ ) ظﻬور ﺷﺑﻛﺔ اﻻﻧﺗرﻧت وﻣﺎ ﺻﺎﺣﺑﻬﺎ ﻣن ﺗﻐﯾﯾرات‪،(...‬‬
‫و أﺳﺑﺎب اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﺛل )ظﻬور اﻟﺗﺟﺎرة اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺗوﺟﻪ ﻧﺣو ﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﺧﺻﺧﺻﺔ وﻣﺎ‬
‫‪1‬‬
‫ﯾﺗطﻠﺑﻪ ﻣن ﺗواﺻل ﻣﻊ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻘطﺎﻋﺎت‪.(...‬‬

‫‪-‬أﻫداف اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‪:‬‬

‫ﯾﻣﻛن إﯾﺟﺎز ﺑﻌض أﻫداف اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪-1‬اﻧﻌﻛﺎس اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻏﯾر اﻟظﺎﻫرة‬
‫ﻟﻠﻣﺗﻌﺎﻣﻠﯾن‪ ،‬ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳرﻋﺔ‪ ،‬واﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ‪ ،‬إو ﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ‪ ،‬واﻟﻛﻔﺎءة وﻓﺎﻋﻠﯾﺔ‬
‫ﻋﻣﻠﯾﺎت إو ﺟراءات أداء أﻧﺷطﺔ اﻹدارة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪.‬‬

‫‪-2‬ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺗوﺟﻪ ﻧﺣو ﺗﺣﻘﯾق ﺣﺎﺟﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﺗوﻗﻌﺎﺗﻪ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣرﺿﯾﺔ ﻋن طرﯾق‬
‫ﺗﺑﺳﯾط اﻟﺗﻔﺎﻋل و اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﻋﻠﻰ وﺳﺎﺋل اﻻﺗﺻﺎل‪.‬‬

‫‪-3‬ﺗﻌزﯾز وﺗدﻋﯾم ﻓرص اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ و اﻹﺻﻼح اﻹداري و اﻻﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬إذ ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺔ اﻟﺣﻛوﻣﺔ‬
‫اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻣﺳﺎﻋدة ﻣؤﺳﺳﺎت اﻷﻋﻣﺎل و ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﺗوﺳطﺔ و اﻟﺻﻐﯾرة اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺑﻛﺔ‬
‫ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻣطﻠوﺑﺔ‪ ،‬وذﻟك ﺑﻬدف ﺗﺣﻘﯾق أﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻣﻊ أﺣﺳن أداء‪.‬‬

‫‪-4‬ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻌﻠم و اﻟﺗدرﯾب ﻣدى اﻟﺣﯾﺎة ﻟزﯾﺎدة اﻻﺑﺗﻛﺎر و اﻹﺑداع ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬ﻟﻛﻲ ﯾﻣﻛﻧﻪ ﻣن‬
‫اﻟﺗﻧﺎﻓس و اﻟﺗواﺟد ﻓﻲ ﻋﺎﻟم ﺳرﯾﻊ اﻟﺗﻐﯾر‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘدﯾم ﺧدﻣﺎت اﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﺑطرﯾﻘﺔ رﻗﻣﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫ﻋن ﺑﻌد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اﺣﻣد ﺑن ﻋﯾﺷﺎوي¸اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق¸ص ص ‪.289 -288‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﺣر ﻗدوري اﻟرﻓﺎﻋﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.311‬‬

‫‪95‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫د‪ -‬اﻟﺗﺣوﯾل اﻟﺷﺎﻣل ﻟﻠﻣﻧظﻣﺎت‪:‬‬


‫‪ ‬ﻧﻣوذج ﻛﻠﯾﻣﺎن ) ‪ (RALPH KILMAN‬ﻟﺗﺣوﯾل اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪:‬‬

‫ﯾﺿﻊ ﻛﯾﻠﻣﺎن ﻧﻣوذﺟﺎ ﻟﺗﺣوﯾل اﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻣﻛون ﻣن ﺧﻣﺳﺔ ﻣﺣﺎور وﻫﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﺑﯾﺋﺔ‪ :‬ﺣﯾث ﯾرﻛز ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺳرﯾﻌﺔ وﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟدوﻟﻲ و‬
‫ﻛذا اﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻬﺗم ﺑد ارﺳﺔ أﺻﺣﺎب اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ :‬ﯾﺷﯾر إﻟﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ اﻟﻣﺳﺗﻧدات اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣوي اﻟﺗﻧظﯾم اﻟرﺳﻣﻲ‬
‫واﻟرؤﯾﺔ¸ واﻟرﺳﺎﻟﺔ¸واﻷﻫداف¸واﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ¸ وﻧظم اﻟﺛواب واﻟﻌﻘﺎب‪.‬‬
‫‪ -3‬اﻟﻣدﯾر‪ :‬وﻫﻧﺎ ﯾﻬﺗم ﻛﯾﻠﻣﺎن ﺑﺎﻟﻧﻣط اﻟﻘﯾﺎدي ﻛﻣﺎ ﯾظﻬر ﻓﻲ ﻣﻬﺎرات اﻟﺗﻌﺎﻣل وﻛﻔﺎءة‬
‫ﺗﺷﺧﯾص اﻟﻣﺷﻛﻼت وﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻘرارات‪.‬‬
‫‪ -4‬اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت وﻓرق اﻟﻌﻣل ‪ :‬ﺣﯾث ﯾﻬﺗم ﺑﺗﺑﺎدل اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت و ﻓرق‬
‫اﻟﻌﻣل وﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻘ اررات اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣن ﻣﻧظور اﻻﺑﺗﻛﺎر و اﻟرﺷﺎدة و اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -5‬اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ‪ :‬وﻫو ﯾﺷﯾر إﻟﻰ أن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﺗﺷﻣل ﺟزأﯾن ‪ :‬ﺟزء ﻣﻌﻧوي وأﺧر ﻣﺎدي ‪.‬‬

‫ه‪-‬اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠم‪:‬‬

‫اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻣﺔ ﻫﻲ ا ﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﻠﺗطوﯾر ﺑﺷﻛل ﻣﺳﺗﻣر ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌﻠم ﻣن‬
‫ﺗﺟﺎرﺑﻬﺎ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬وﺗراﻛم ﺧﺑراﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺗﺳﺑﻬﺎ ﻣن ﺧﺑرات أﻋﺿﺎﺋﻬﺎ واﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﺑﻬﺎ‪ .‬وﺗرﺗﻛز‬
‫ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻌﻠم ﻋﻠﻰ ﻣﻘوﻣﺎت‪ :‬اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت وأﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠم‪ ،‬واﻟﻌﻣل ﺑروح اﻟﻔرﯾق‪ ،‬وأﻫﻣﯾﺗﻪ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠم اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ اﻟذي ﯾﺿﺎﻋف اﻟﺗﻌﻠم اﻟﻔردي‪ ،‬وﺗﻣﻛﯾن اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣرﯾرﻫم‬
‫ﻣن أي ﻗﯾود ﺗﻌوق ﺗﻌﻠﻣﻬم وﻣﺷﺎرﻛﺗﻬم ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘ اررات وﺗﺣﻘﯾق أﻫداف اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻛﺟوﻫر ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻌﻠﯾم واﻟﺗﻌﻠم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﯾد اﻟﻬواري ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.484‬‬
‫ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻧﻣر‪ ،‬واﺧرون‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.539‬‬
‫‪2‬‬

‫‪96‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻓﺎﻟﻔﻛرة اﻟﻣﺣورﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻫﻲ" ﺗﺷﺧﯾص اﻟﻣﺷﻛﻼت"¸ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺻﻣﻣﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻛﻔﺎءة‪ .‬ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر ﺑﯾﺗر ﺳﯾﻧﺞ ‪ PETER SENGE‬ﻣن أول اﻟﻣﻔﻛرﯾن‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠم‪ .1‬واﻟذي وﺿﻊ ﻧﻣوذﺟﻪ ﺳﻧﺔ ‪ ،1990‬وﺿﻊ ﻓﯾﻪ ﺧﻣﺳﺔ أﺳس ﯾﻧﺑﻐﻲ‬
‫أن ﺗﻠﺗزم ﺑﻬﺎ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ أن ﺗﻛون ﻣﻧظﻣﺔ ﻣﺗﻌﻠﻣﺔ وﻫﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻧظﻣﻲ " ‪ :"SYSTEM THINKING‬وﻫو ﻣﻧﻬﺞ إو طﺎر ﻋﻣل ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ‬
‫رؤﯾﺔ اﻟﻛل ﺑدل اﻟﺟزء‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟﺗﻣﯾز اﻟذاﺗﻲ" ‪ :" PERSONAL MASTERY‬وﻫو اﻟﻌﻣل ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗوﺿﯾﺢ وﺗﺣدﯾد اﻟرؤﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑدﻗﺔ ووﺿوح‪ ،‬ورؤﯾﺔ اﻟواﻗﻊ ﺑﻣوﺿوﻋﯾﺔ‪،‬ﻣﻣﺎ‬
‫ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺗرﻛﯾز اﻟﺟﻬود واﻟﻣﺛﺎﺑرة‪.‬‬
‫‪ -3‬اﻟﻧﻣﺎذج اﻟذﻫﻧﯾﺔ " ‪ :" MENTAL MODELS‬وﻫﻲ ﺗﻠك اﻻﻓﺗ ارﺿﺎت واﻟﺗﻌﻣﯾﻣﺎت‬
‫واﻟﺻور اﻟذﻫﻧﯾﺔ اﻟراﺳﺧﺔ ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎق ‪،‬واﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﺗﺻور اﻟﻧﺎس ﻟﻠﻌﺎﻟم و‬
‫ﺗﻔﺳﯾرﻫم ﻟﻸﺣداث وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ -4‬اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ " ‪ :" SHARED VISION‬وﻫﻲ ﻗدرة ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓراد ﻋﻠﻰ‬
‫رﺳم ﺻورة ﻣﺷﺗرﻛﺔ أو ﻣﺗﻣﺎﺛﻠﺔ ﻟﻠﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻣﻧﺷود‪.‬‬
‫‪ -5‬اﻟﺗﻌﻠم اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ " ‪ :» TEAM LEARNING‬وﻫﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻣوﺟﺑﻬﺎ ﯾﺗم‬
‫‪2‬‬
‫ﺗﻧظﯾم وﺗرﺗﯾب وﺗوﺣﯾد ﺟﻬود ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓراد ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣرﻏوﺑﺔ‪.‬‬

‫‪ -(2‬اﺗﺟﺎﻩ إﻋﺎدة اﺧﺗراع اﻟﺣﻛوﻣﺔ‪:‬‬

‫ﯾﺄﺗﻲ ﻣدﺧل إﻋﺎدة اﺧﺗراع اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﺗﺣوﻻت ﻋﻣﯾﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ‬
‫ﻣﻧذ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر وﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن¸اﻟﺗﻲ أﺻﺎﺑت اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ و أﻟﻘت‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﯾد اﻟﻬواري‪ ،‬ااﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.490‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﺣﺳﯾن رﯾﺎض زاﯾد‪ ،‬ﺧﺎﻟد أﺣﻣد ﺑوﺑﺷﯾت ‪ ،‬ذﻋﺎر ﺷﺟﺎع ﺿﯾف اﷲ اﻟﻣطﯾري‪ ،‬اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻣﺔ وﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﻬﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘطﺎﻋﺎت اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﺑﺎﻟﺟﺑﯾل ‪ ،‬ﻣداﺧﻠﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻠﻣؤﺗﻣر‬
‫اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻧﺣو أداء ﻣﺗﻣﯾز ﻓﻲ اﻟﻘطﺎع اﻟﺣﻛوﻣﻲ ‪،‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬ﻗﺎﻋﺔ اﻟﻣﻠك ﻓﯾﺻل‬
‫ﻟﻠﻣؤﺗﻣرات‪ 4/1،‬ﻧوﻓﻣﺑر ‪ ،2009‬ص ‪.5‬‬

‫‪97‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﺑظﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻣن أﺟل ﺗﻣﻛﯾﻧﻬﺎ ﻣن ﻣواﻛﺑﺔ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﺣدﯾﺎت‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ – اﻟداﺧﻠﯾﺔ و اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ‪ -‬ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻠزم ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﺎت اﺗﺧﺎذ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻹﺟراءات واﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻹﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ ﺑﻬدف ﻣواﻛﺑﺔ ﻣﺧﺗﻠف‬
‫اﻟﺗﺣدﯾﺎت‪. 1‬‬

‫ﻓﺎﺗﺟﺎﻩ إﻋﺎدة اﺧﺗراع اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺗﻧﺳب اﻟدﻋوة إﻟﻰ ﻛﺗﺎب ﺷﻬﯾر ﻟﻠﻛﺎﺗﺑﯾن أوﺳﺑورن و‬
‫ﺟﯾﺑﻠر‪ ،‬ﺻدر ﺳﻧﺔ‪ 1992‬ﯾﺣﻣل ﻧﻔس اﻟﻌﻧوان‪ .‬و ﻛﺎن ﻟﻬذا اﻟﻛﺗﺎب ﺗﺄﺛﯾر ﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ ﺣرﻛﺔ‬
‫اﻹﺻﻼح اﻹداري ﻓﻲ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ‪،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻌد ﻣن أﻫم ﻣﺎ ﯾﻣﺛل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة‬
‫ﺷﺎﻓرﯾﺗز و راﺳل‬ ‫‪،‬وﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗرﺟﻣﺗﻬﺎ ﻹﺣداث إﺻﻼح إداري ﺣﻛوﻣﻲ ﺷﺎﻣل‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺧﺗﻠف‬
‫ﻣﻊ ﻧﺳب ﺑداﯾﺔ ﺣرﻛﺔ إﻋﺎدة اﻻﺧﺗراع إﻟﻰ أوﺳﺑورن و ﺟﯾﺑﻠر ‪ ،‬وﻟﻛﻧﻬﻣﺎ ﯾرﯾﺎن أن اﻟﺣرﻛﺔ‬
‫ﺑدأت ﻗﺑل ذﻟك ﻣﻧذ اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﻧﺎت¸ﻟﻣواﺟﻬﺔ اﻻﻧﺧﻔﺎض اﻟﻣﻠﺣوظ ﻓﻲ اﻹﯾرادات اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫أوﺳﺑورن و ﺟﯾﺑﻠر ﻣﺟرد ﺗﺻﻧﯾف‬ ‫اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة أﺛﻧﺎء ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة‪ ،‬وأن ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ‬
‫ﻟﻸﻋﻣﺎل‪ ،‬ﻛﺎﻧت ﻗد ﺑدأﺗﻬﺎ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻣﻧذ ﻓﺗرة ﺳﺎﺑﻘﺔ‪.2‬‬

‫ﻛﻣﺎ أن أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ طﺎﻟﺑوا ﺑﺗﻐﯾﯾر ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﻓﻲ اﻹدارات اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪،‬‬
‫وأﻛدوا ﻋﻠﻰ أن اﻹﻓﻼس اﻹداري ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ ﻟﯾس ﻣﺻدرﻩ ﻋدم ﻛﻔﺎءة اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن‪ ،‬وﻟﻛن ﻫو ﻧﺗﺎج‬
‫ﻛﻔﺎءة اﻟﻧظﺎم اﻹداري‪ ،‬ﻓﺎﻟﻧظﺎم اﻟﺑﯾروﻗراطﻲ اﻟﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻬرﻣﯾﺔ‬ ‫ﻟﻠﺑﯾروﻗراطﯾﺔ وﻋدم‬
‫واﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت اﻟﻣﺗزﻣﺗﺔ واﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ ﯾﻘﺗل اﻟﻘدرات اﻹﺑداﻋﯾﺔ‪ ،‬وﻫو ﻧظﺎم ﻻ ﯾﺗﻼءم ﻣﻊ ﻋﺻر‬
‫اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺳرﯾﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌرﻓﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﻟﻲ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺣﻣد اﻟﺷﺎﯾب‪ )) ،‬اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻛﺂﻟﯾﺔ ﻟﺗوطﯾد اﻟﺣﻛم اﻟﺟﯾد‪ :‬دراﺳﺔ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺗﻘدم و اﻟﻧﺎﻣﻲ(( ‪،‬‬
‫)ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺣﺎج ﻟﺧﺿر‪ -‬ﺑﺎﺗﻧﺔ‪ ، (2009/2008 ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻟﯾﻠﻰ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﺑرادﻋﻲ ‪ )،‬اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻹﺻﻼح اﻹداري ‪ :‬دراﺳﺔ ﻣﺳﺣﯾﺔ(‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ ﻓﺻﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎد و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫرة – ﻣﺻر‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟﻌﺷرون‪ ،‬ﯾوﻟﯾو ‪ ،2004‬ص ‪.70‬‬

‫‪98‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻟذﻟك ﻻ ﺑد ﻣن اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن ﺣﻛوﻣﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ إﻟﻰ ﺣﻛوﻣﺔ ﺗﺗﺑﻧﻰ أﻓﻛﺎر اﻟﻘطﺎع‬
‫اﻟﺧﺎص‪ ،‬وﺗﻛون ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺣﻛوﻣﺔ رواد "‪ " ENTREPRENEUR‬ذات ﺛﻘﺎﻓﺔ إدارﯾﺔ ﺗﺗﺳم‬
‫ﺑﺎﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬

‫أ‪ .‬اﻟﺣد ﻣن اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ و اﻟروﺗﯾن‪.‬‬


‫ب‪ .‬اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑرﺿﺎء اﻟﻣﺗﻌﺎﻣﻠﯾن ﻣﻊ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻋن ﺧدﻣﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺛل أي‬
‫ﻣﻧظﻣﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪.‬‬
‫ج‪ .‬ﺗﻣﻛن اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻣن أﺟل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ أﻓﺿل‪.‬‬
‫د‪ .‬ﺗﺣﻘﯾق أﻓﺿل اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﺑﺄﻗل اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف‪.1‬‬

‫وﻣﺛل ﺟﻣﯾﻊ ﺣرﻛﺎت اﻹﺻﻼح اﻹداري ﻧﺟد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎرﺿﯾن واﻟﻣؤﯾدﯾن‪،‬‬


‫ﺣﯾث داﻓﻊ ﻛل ﻣن دﻧﻬﺎرت و ﺟرﺑز ﻋن اﻟﺣرﻛﺔ¸ وأﺷﺎر إﻟﻰ إﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ﺣرﻛﺔ إﻋﺎدة اﻻﺧﺗراع‬
‫اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ إﻋداد أﻧظﻣﺔ إدارﯾﺔ أﻛﺛر ﻣروﻧﺔ وأﻛﺛر اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ¸ وﻓﻲ ﺟﻬﺎز إداري ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻠﺑﯾﺔ اﺣﺗﯾﺎﺟﺎت ﻋﻣﻼﺋﻪ طﺑﻘﺎً ﻟﻸوﻟوﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺣددوﻧﻬﺎ ‪.2‬‬

‫‪ -3‬إدارة ﺷؤون اﻟدوﻟﺔ واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪" GOVERNANCE" :‬‬

‫ﯾﻧطﻠق ﻣﻔﻬوم إدارة ﺷﺋون اﻟدوﻟﺔ و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ‪ ،‬ﻟﻣﺎ ﻫو أﺑﻌد ﻣن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻷدوات‬
‫واﻟﻌﻼﻗﺎت واﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺣﻛم‪ ،‬ﻟﯾﺷﻣل ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟﺣﻛوﻣﺔ واﻟﻣواطﻧﯾن‪ ،‬أو‬
‫ﻛﺟزء ﻣن ﻣؤﺳﺳﺎت ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬و ﯾﻧﺻب ﻋﻠﻰ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻔﻌﺎﻟﯾﺔ‬
‫اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈدارة ﺷﺋون اﻟدوﻟﺔ و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ‪ ،‬وأﯾﺿﺎً ﺑﺎﻟﻘﯾم اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗوﯾﻬﺎ ﻣﺛل‪:‬‬
‫اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ واﻟرﻗﺎﺑﺔ واﻟﻧزاﻫﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ وﻗد ظﻬرت اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﺷورات وﺗﻘﺎرﯾر اﻟﺑﻧك اﻟدوﻟﻲ‪،‬‬
‫ﺗوﺟﯾﻬﺎﺗﻪ ﺣول ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﻛﻔﺎءة اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬وﻛذا ﻣﺣﺎرﺑﺔ‬ ‫ﺿﻣن‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻟﯾﻠﻰ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﺑرادﻋﻲ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.72‬‬

‫‪99‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﻔﺳﺎد‪ ،‬و اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻘﯾم اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﺷرة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻐرﺑﻲ‪ ،‬ﺑﻣﺎ ﯾﻛﻔل‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﻣﺗﺣﻘﻘﺔ واﻟﻣﺳﺎواة‪ ،‬وﻗدرة اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺎدة اﻟﻘﺎﻧون‪.‬‬

‫وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﻋدم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺗﻌرﯾف ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم إﻻ أﻧﻪ ﯾﻛﺎد ﯾﻛون ﻫﻧﺎك اﺗﻔﺎق‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺿﻣوﻧﻪ‪ ،‬واﻟذي ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗوﺳﯾﻊ ﻧطﺎق اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﺗوى اﻟرﺳﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗوى‬
‫ﻏﯾر اﻟرﺳﻣﻲ‪ ،‬إو دﺧﺎل ﻓواﻋل أﺧرى ﺟدﯾدة ﻣﺛل‪ :‬ﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ و اﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص‬
‫ﻓﻲ ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﺗﻛون طرﻓﺎً أﺳﺎﺳﯾﺎً ﻓﻲ ﻣﻌﺎدﻟﺔ إدارة ﺷﺋون اﻟدوﻟﺔ واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬وﻓﻲ‬
‫إطﺎر اﻧﻌﻛﺎس ﻣﻔﻬوم إدارة ﺷﺋون اﻟدوﻟﺔ و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ¸ ﯾﻣﻛن رﺻد ﺛﻼﺛﺔ‬
‫ﺗﺄﺛﯾرات أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫أ‪ .‬ﯾﺣﻣل ﻣﻔﻬوم إدارة ﺷﺋون اﻟدوﻟﺔ و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﯾن طﯾﺎﺗﻪ ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﻛﺎﻣﻠﻲ ﺑﯾن‬
‫اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾرﺑط ﺑﯾن دراﺳﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺣﻛوﻣﺎت‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ‪.‬‬
‫ب‪ .‬ﻣﻔﻬوم اﻟﺷﺑﻛﺎت ﻛﺑدﯾل ﻟﻠﺑﯾروﻗراطﯾﺔ‪ :‬ﻧﺟد اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻷﻣرﯾﻛﯾﯾن دﯾﻔﯾد أوزﺑورن‬
‫‪ ،DAVID OSBORN‬و ﺗﯾد ﺟﺎﺑﻠر ‪ TED GABLER‬ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻬﻣﺎ "إﻋﺎدة اﺧﺗراع أﻣرﯾﻛﺎ "‬
‫ﺳﻧﺔ‪ ،1992‬و ﻗد ﻧﺎﺷد ﻓﯾﻪ اﻟﻣؤﻟﻔﺎن اﻟﺟﻬﺎز اﻟﺣﻛوﻣﻲ‪ ،‬ﺑﺄن ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﺷراﻛﺔ ﻣن‬
‫اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻼﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬ﺑدﻻً ﻣن أن ﺗﺗوﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ‬
‫اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﺟزة‪ ،‬ﻫذا ﻣﺎ دﻓﻊ ﺑﯾﺗر دراﻛر ﺳﻧﺔ‪ 1994‬إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎداة ﺑﺿرورة ﻗﯾﺎم‬
‫ﻗطﺎع اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺟدﯾد وﻣﺳﺗﻘل¸ﻣﻛون ﻣن ﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ واﻟﺟﻣﻌﯾﺎت اﻟﺧﯾرﯾﺔ‬
‫وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﻏﯾر اﻟرﺑﺣﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻲ ﺗﺗوﻟﻰ ﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت‬

‫‪1‬‬
‫ﻓﻬﻣﻲ ﺧﻠﯾﻔﺔ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔﻬداوي‪ ،‬أﺛﯾر أﻧور ﺷرﯾف‪)،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻣن ﻣﻧظور اﻟﺣﺎﻛﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟﯾدة‪ :‬دراﺳﺔ‬
‫ﻣﻌرﻓﯾﺔ وﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ(‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷﻧﺑﺎر ﻟﻠﻌﻠوم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،2008 ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.88‬‬

‫‪100‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﺗﻌﺗﺑر ﻣن ﻣﻬﺎم اﻷﺟﻬزة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣن ﺗﻌرﯾف اﻟﻧﺎس ﺑﺣﻘوﻗﻬم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺣث ﻋﻠﻰ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ‬
‫‪1‬‬
‫ﺑﻬﺎ‪...‬‬

‫وﻫﻛذا أﺻﺑﺢ اﻟﺣﻛم ﯾﺗﺿﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﻣﺗداﺧﻠﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن اﻟﻘطﺎع‬


‫اﻟﻌﺎم واﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص واﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺗطوﻋﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﺗﺷﺗرك ﻣﻌﺎً ﻓﻲ ﺗوﻓﯾر اﻟﺧدﻣﺔ‪ ،‬وﺗﺑﺎدل‬
‫اﻟﻣوارد واﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻌد ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻧظﻣﺎت ﺷﺑﻛﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﺷﺟﻊ اﻟﺣﻛوﻣﺔ‬
‫اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺑﯾن اﻟﻘطﺎﻋﯾن اﻟﻌﺎم واﻟﺧﺎص‪ .‬وﺗﺗﻣﺗﻊ ﻫذﻩ اﻟﺷﺑﻛﺎت ﺑﺎﺳﺗﻘﻼل ذاﺗﻲ وﻻ ﺗزﯾد‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻋن ﻛوﻧﻬﺎ أﺣد اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺷﺑﻛﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘل‪.‬‬

‫ج‪ .‬اﻟﺗﺣول ﻧﺣو ﻛﻔﺎءة اﻟﺣﻛم واﻹدارة ﻣﻌﺎً‪ :‬ﻟﻘد ﺑﺎت واﺿﺣﺎً ﻣدى اﻟﺗداﺧل ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‬
‫و اﻹدارة‪ ،‬وﺑﯾن ﺻﻧﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ وﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ‪ ،‬وﺑذﻟك أﺻﺑﺢ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻓﺳﺎد اﻹدارة ﯾﻌﻧﻲ ﻓﺳﺎد‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ و اﻟﻌﻛس‪ ،‬ﻣﻣﺎ أدى ﻟذﯾوع ﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ و اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ واﻟﻧزاﻫﺔ وﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﻔﺳﺎد ﻓﻲ‬
‫‪3‬‬
‫أدﺑﯾﺎت اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﺈدارة ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ‬

‫ﯾرى ﻫﻧري ﻧﯾﻛوﻻس أﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺗﺄﺛﯾر ﻛﺗﺎﺑﺎت ﺳﯾﻣون ‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﻟم ﯾﺣدث‬
‫ﺗﻘدم ﻣﻠﺣوظ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ " ﻛﻌﻠم" ‪ ،‬ﻓﻣﺎزاﻟت أﻏﻠب اﻟدراﺳﺎت ذات طﺑﯾﻌﯾﺔ و‬
‫ﺻﻔﯾﺔ ﺗﺑﺣث ﻓﯾﻣﺎ ﻫو ﻗﺎﺋم ﺑﺎﻟﻔﻌل‪ ،‬وﻟﯾس ﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻛﻣﺎ أن اﻟﺟدل ﻣﺎ زال ﺳﺎﺋداً ﺣول‬
‫ﻣﺎ ﯾﺟب أن ﺗدرﺳﻪ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﻛﯾف ﺗدرﺳﻪ؟ وﯾﺑدو ذﻟك واﺿﺣﺎً ﻣن ﺳﯾﺎدة اﻟﺟدل ﺣول‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﺎم واﻟﺧﺎص‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أﺳﯾﺎ ﺑﻠﺧﯾر‪ )) ،‬إدارة اﻟﺣﻛﻣﺎﻧﯾﺔ ودورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﺳﯾن اﻷداء اﻟﺗﻧﻣوي‪ :‬ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ و اﻟﺗطﺑﯾق((‪ ) ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻛﻠﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻹﻋﻼم‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن ﯾوﺳف ﺑن ﺧدة‪ -‬اﻟﺟزاﺋر ‪ ، (2009،‬ص ‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.72‬‬

‫‪101‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻓﻬذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷﺧﯾرة ﻓﻲ ﺗطور طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹدارة و اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻣﺛﻠت ﻓﻲ‬
‫اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻣﺟﺎل أو ﻋﻠم ﻣﺗﺧﺻص ﻣن ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﺎت‬
‫ﻣن ﻫذا اﻟﻘرن‪ ،‬ﺣﯾث اﺳﺗﻘﻠت وأﺳﺳت أﻗﺳﺎم ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة‪ ،‬وﺑﻌض‬
‫اﻟدول اﻷﺧرى‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﻣﻛن اﻟﺑﺎﺣﺛون ﻣﻧذ ﻋﻘد اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﺎت ﻣن ﺗطوﯾﻊ و ﺗطﺑﯾق أﺳﺎﻟﯾب اﻟﺑﺣث‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹدارة‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﻣﻧﻬﺎ ﺑﻧظرﯾﺎت اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺗﻲ ﺗم ﺗﻛﯾﯾﻔﻬﺎ ﻣﻊ‬
‫‪1‬‬
‫اﻟظروف اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣل ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫و ﻣﻊ ذﻟك ‪ ،‬ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻣﯾدان ﻻ ﯾظﻬر ﻛﻣوﺿﻊ ﻣﻧﺎﺳب ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻌواﻣل‬


‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺟوﻫرﯾﺔ اﻟﻔرﯾدة ﻣن ﻧوﻋﻬﺎ ﻟﻠﺑﻠدان اﻟﻣﺗطورة‪ ،‬ﻓﺎﺧﺗﯾﺎر ﻫذﻩ اﻟظواﻫر ﻗد ﯾﻛون إﻟﻰ‬
‫ﺣد ﻣﺎ ﻛﯾﻔﻲ ﻓﻲ ﺟﺎﻧب ﻣن ﺟواﻧب اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻟﻛﻧﻬﺎ ﺗﺷﺗرك ﻓﻲ ﻛوﻧﻬﺎ ﺻﺎرﻣﺔ‪ ،‬ﺗﺗطﻠب‬
‫ﺗﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘدرات اﻟﻔﻛرﯾﺔ‪ ،‬وﺗﻣﯾل إﻟﻰ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻛس اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺣﺿرﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌﻼﻗﺎت‬
‫‪2‬‬
‫اﻹدارﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪ ،‬اﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ و اﻟﻘﯾم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟﺷؤون اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺑداﯾﺔ ﻫذا اﻟﻣﻧظور ﻛﺎﻧت ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﯾد اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻋﻠم اﻹدارة ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻌﻠوم‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻟﻌﻠوم اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬و ظﻬرت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣؤﻟﻔﺎت اﻟﺗﻲ ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣﺛل ﻛﺗﺎب‬
‫‪ David Rosenblom‬ﺑﻌﻧوان" ‪Public Administration Theory And the‬‬
‫‪ " Separation Of Power‬وﻟﻘد ﺷﻬدت ﻓﺗرة ‪ 1978 -1973‬ازدﯾﺎد أﻗﺳﺎم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬و‬
‫اﻟﺗﺣﺎق اﻟطﻼب ﺑﻬﺎ‪ ،‬وﻧﻼﺣظ أن ﻓﺗرة ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﺎت و ﺑداﯾﺔ اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﻧﺎت ﺷﻬدت ﺗﺣوﻻً ﺟذرﯾﺎً‬
‫ﺣﯾث ﻟم ﺗﺻﻣد اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ طوﯾﻼً‪ ،‬وﺣﯾث ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ طﻐت ﻣدارس ﻓﻛرﯾﺔ ﺟدﯾدة‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﺎﻷﺳـﺎس ﻋﻠﻰ اﻟـﺗدﺧـل ﺑﯾن إدارة اﻷﻋﻣﺎل واﻹدارة اﻟﻌـﺎﻣﺔ إﻟﻰ ﺣـد أـﺻﺑﺢ ﻣﻌﻪ ﻣﺻـﯾر‬
‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣوﺿﻊ ﺗﺳﺎؤل‪ ،‬و ﺑدأ اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻛـﻠﯾﺎت و أﻗﺳـﺎم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﯾﻐـﯾر ﻣـن‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪2‬‬
‫‪NICHOLAS HENRY¸OP CIT¸ P 383.‬‬

‫‪102‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪1‬‬
‫اﺳﻣﻬﺎ ﻟﺗﺻﺑﺢ ﻛﻠﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻟﺷﺋون اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺑﻘﺎء‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن ﻧﺄﺧذ ﻓﻲ اﻻﻋﺗﺑﺎر أن ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠم ﺟدﯾد ﯾﺣﺎول أن ﯾﺷق‬
‫طرﯾﻘﻪ اﻟﺧﺎص ﺑﻪ‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﺣرص اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﻪ ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻣﺟرد‬
‫ﺣب اﻻﻧﻔﺻﺎل ﻋن ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪ ،‬ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ ذﻟك ﺗطﺑﯾق ﻣﺑﺎدئ وأﺳس ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣﺟردة‬
‫ﻣﺳﺗﻘﺎة ﻣن اﻟﺧﺑرة أو ﻣن ﻓروع ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ ﺳﻠوك اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓطﺑﯾﻌﺔ‬
‫اﻟﺗداﺧل ﺑﯾن ﻓروع اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗدﻓﻊ ﺑﻌﻠﻣﺎء اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ‬
‫ﺑﺎﻷطر اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺛﺑﺗت ﺟدواﻫﺎ وﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻓروع اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬اﻷﻣر اﻟذي ﯾؤﻛد‬
‫ﻋﻠﻰ أن اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻋﻠم ﻣن اﻟﻌﻠوم ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة إﻟﻐﺎء ﻛﺎﻓﺔ ارﺗﺑﺎطﺎﺗﻪ وﻋﻼﻗﺎﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﻌﻠوم‬
‫‪2‬‬
‫اﻷﺧرى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﻠوى ﺷﻌراوي ﺟﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺧﺷﯾم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.72‬‬

‫‪103‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻧﻤﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث‪:‬‬

‫إن ﻣﺎ ﺗﺷﻬدﻩ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن ﺗﺣدﯾﺎت ﻣﻌﺎﺻرة ﺗﺳﺗوﺟب اﻟﺗﺣول ﻋن اﻷﺳﺎﻟﯾب‬


‫اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻐﯾﯾر ﺑﺎﺗﺟﺎﻩ أﺳﺎﻟﯾب أﻛﺛر دراﻣﺎﺗﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺻﻼح واﻟﺗطوﯾر‪.‬‬

‫إن اﻟدﻋوة ﻟﻠﺗﻐﯾﯾر ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺗواﻟﻰ وﺑﺄﺳﻣﺎء ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑدءا ﻣن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﺟدﯾدة )‪ (NPM‬وﻣن ﺛﻣﺔ اﻟﺣدﯾث ﻋن ﻧﻣوذج ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﻣرو ار ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻬﻧدﺳﺔ‬
‫اﻹدارﯾﺔ وﺻوﻻ إﻟﻰ اﻟدﻋوة إﻟﻰ إﻋﺎدة اﺧﺗراع اﻟﺣﻛوﻣﺔ‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ا ﺧﺗﻼف اﻟﻣﺳﻣﯾﺎت إﻻ أﻧﻬﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺗدﻋو إﻟﻰ اﻟﺗﺣول ﻣن اﻟﺷﻛل اﻟﻘدﯾم ﻟﻺدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﺷﻛل اﻟﺟدﯾد ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻌدد ﻣن اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﺑﺗﻘﻠﯾص دور اﻟدوﻟﺔ‪،‬‬
‫واﻟﺗﻐﯾﯾر ﻓﻲ آﻟﯾﺎت ﻋﻣل اﻟﺣﻛوﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺗﻐﯾﯾر أﺳﻠوب اﻹدارة‪ .‬وﺑذﻟك ﺗﺻﺑﺢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫أﻛﺛر ﻛﻔﺎءة‪ ،‬وأﻛﺛر ﺗﻛﯾﻔﺎ وﻣن ﺛﻣﺔ أﻛﺛر ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ‬

‫اﻟﺧﺎﺗـﻣـــــــــــــــــــــــﺔ‬

‫أﺻﺑﺣت اﻹدارة ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ اﻟﺣدﯾث ﺣﻘل ﻣﻌرﻓﻲ ﻣﺗﻧوع ﯾزﺧر ﺑﺎﻟﻣﻔﺎﻫﯾم‬


‫واﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﻣﺗﺷﻌﺑﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺑﺎت ﻟﻬﺎ ﻣﺑﺎدئ وأﺳس ﻛﺛﯾرة ﺗﺗﺟدد ﻣﻊ ﺗﺟدد‬
‫اﻟظروف اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳود ﺧﻼل ﻓﺗرات ﺗطور ﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻔﻛر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ‬
‫ﺳﻌﯾﻪ ﻹﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ‪ ،‬وﺗﺣﺳﯾن ﻣﺳﺗوى اﻟﺣﯾﺎة وﺳﻌﺎدﺗﻪ‪.‬‬

‫ﻓﺑﻌد ﺗﻐﯾر دور اﻟدوﻟﺔ وظﻬور ﻣﺎﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺣﻛم اﻟراﺷد وﺑروز اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﺟدﯾدة اﻟﻬﺎدﻓﺔ ﻹﺻﻼح اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ‪ ،‬وﺗوﺟﯾﻬﻬﺎ ﻧﺣو ﺗﻌزﯾز ﻛﻔﺎءﺗﻬﺎ‬
‫إو ﻧﺗﺎﺟﯾﺗﻬﺎ وﺗﺣﺳﯾن ﻗدرﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺎت وﺗﻔﻌﯾل اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ‪ ،‬وﺗﺣﻘﯾق اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ‬
‫اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻓﻲ ﺻﻧﺎﻋﺔ واﺗﺧﺎذ اﻟﻘ اررات اﻟرﺷﯾدة اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن ﺗﻘدﯾم‬
‫أﻓﺿل اﻟﺧدﻣﺎت ﺑﺄﻗل اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف‪.‬‬

‫ﻓﻬﻲ ﺗدﻋو ﻟﻠﺣد ﻣن اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺎت وﺗﻌوﯾﺿﻬﺎ‬


‫ﺑﺎﻻﺳﺗﺧدام واﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص واﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻛﺂﻟﯾﺎت ﺑدﯾﻠﺔ‬
‫ﻟﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺎت‪.‬‬

‫وﻗد أوﺿﺣت اﻟدراﺳﺔ أن اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟم ﯾﻌد ﻗﺎد ار ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻣﺗﺳﺎرﻋﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ ،‬وأن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟدول أﺧذت ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻷﺳﻠوب اﻟﺑﯾروﻗراطﻲ اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻟﻺدارة ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺗﺣول ﻧﺣو ﻣﻧظور ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ﺳوف ﯾﻌطﻲ ﻟﻌﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﻔرﺻﺔ ﻟرﺻد وﺗﺣﻠﯾل ودراﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟﺗﻐﯾرات‪ ،‬وﻣﻌرﻓﺔ دور اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻟﺟدد وﻣدى‬
‫ﺗﺄﺛﯾرﻫم ﻓﻲ ﺻﻧﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣـــــﺔ اﻟﻣــــــراﺟﻊ‬

‫ا(‪ -‬اﻟﻛﺗـــــب‪:‬‬

‫‪ -‬ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪:‬‬

‫‪ -(1‬اﺑ ارﻫﯾم ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣد‪ ،‬ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم أﺳﺎﻣﺔ‪ ،‬أﺻول وﻣﺑﺎدئ اﻹدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ ،‬د م‬
‫ن‪ ،‬د د ن‪.2007 ،‬‬
‫‪ -(2‬اﻟﻬواري ﺳﯾد‪،‬اﻹدارة‪ :‬اﻷﺻول واﻷﺳس اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻘرن ‪ ،21‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬دار اﻟﺟﯾل‬
‫ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ¸‪2002.‬‬
‫‪ -(3‬اﻟطراوﻧﺔ ﻫﺎﻧﻲ ﺧﻠف‪ ،‬ﻧظرﯾﺎت اﻹدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ ووظﺎﺋﻔﻬﺎ‪،‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار أﺳﺎﻣﺔ‬
‫ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪.2011،‬‬
‫‪ -(4‬اﻟﻛﺑﯾﺳﻲ ﻋﺎﻣر‪ ،‬اﻟﻔﻛر اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ‪ :‬اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﺑﯾن اﻟﺗﻘﻠﯾد واﻟﻣﻌﺎﺻرة‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دﻣﺷق‪ :‬دار اﻟرﺿﺎ ﻟﻠﻧﺷر‪.2004 ،‬‬
‫‪ -(5‬اﻟﻣﺑﯾض ﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣود‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣﺻر‪ :‬دار ﺷرﻛﺔ اﻟﺣرﯾري‬
‫ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ‪.2008،‬‬
‫‪ -(6‬اﻟﻣطﯾري ﺛﺎﻣر ﻣﻠوح‪ ،‬ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻔﻛر اﻹداري واﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ‪ ،‬ط‪ ،1‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪:‬‬
‫دار اﻟﻠواء ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪.1990 ،‬‬
‫‪ -(7‬اﻟﻣﻧﯾف اﺑراﻫﯾم ﻋﺑد اﷲ‪ ،‬ﺗطور اﻟﻔﻛر اﻹداري اﻟﻣﻌﺎﺻر‪،‬ط‪ ،1‬د‪.‬م‪.‬ن‪ :‬د‪.‬د‪.‬ن‪.1993،‬‬
‫‪ -(8‬اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾق‪ ،‬اﻟﻣﻧﺻورة‪:‬‬
‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرة‪.2008 ،‬‬
‫‪ -(9‬اﻟﻧﻣر ﺳﻌود ﺑن ﻣﺣﻣد‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬اﻷﺳس واﻟوظﺎﺋف واﻻ ﺗﺟﺎﻫﺎت‬
‫اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ ،‬ط‪ ،7‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺷﻘري‪.2013 ،‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -(10‬اﻟﺳواط طﻠق ﻋوض اﷲ‪ ،‬وﺳﻧدي طﻠﻌت ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب‪ ،‬واﻟﺷرﯾف طﻼل ﻣﺳﻠط‪،‬‬
‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم‪-‬اﻟوظﺎﺋف‪-‬اﻷﻧﺷطﺔ‪ ،‬د‪.‬م‪.‬ن‪ :‬دار ﺣﺎﻓظ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪)،‬د‪.‬ت‪.‬ن(‪.‬‬
‫‪ -(11‬اﻟﻌﺎﺋذي ﺻﺎﻟﺢ ﺷﺎﻓﻲ‪ ،‬اﻹدارة‪ :‬أﺻوﻟﻬﺎ وأﻓﻛﺎرﻫﺎ‪ ،‬ﺑﻐداد‪ :‬دار اﻟﻌراب ودار ﻧور‬
‫ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر واﻟﺗرﺟﻣﺔ‪.2010 ،‬‬
‫‪ -(12‬اﻟﻌﺎﻣري ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻬدي ﻣﺣﺳن‪ ،‬اﻟﻐﺎﻟﺑﻲ طﺎﻫر ﻣﺣﺳن ﻣﻧﺻور‪ ،‬اﻹدارة واﻷﻋﻣﺎل‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار واﺋل‪.2008 ،‬‬
‫‪-(13‬اﻟﻌﻼق ﺑﺷﯾر‪،‬اﻹدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ :‬ﻧظرﯾﺎت وﻣﻔﺎﻫﯾم‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار اﻟﯾﺎزوردي اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪.2008 ،‬‬
‫‪ -(14‬اﻟﺧطﯾب ﻣﺣﻣود اﺣﻣد‪ ،‬اﻹدارة ﻣدﺧل اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ :‬اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻹدارة اﻟﻣﻧظﻣﺎت‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣوﺟﺔ اﻟراﺑﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬اﻹﺳراء ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ‪.2007 ،‬‬
‫‪ -(15‬اﻟظﺎﻫر ﻧﻌﯾم اﺑراﻫﯾم‪ ،‬أﺳﺎﺳﯾﺎت اﻹدارة‪ :‬اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻋﻣﺎن‪:‬‬
‫ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب اﻟﺣدﯾث ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬وﺟدا ار ﻟﻠﻛﺗﺎب اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ‪. 2009،‬‬
‫‪ -(16‬ﺑن ﺣﺑﺗور ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺻﺎﻟﺢ‪ ،‬أﺻول وﻣﺑﺎدئ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻋﻣﺎن‪:‬‬
‫اﻟدار اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ودار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪.2000 ،‬‬
‫‪ -(17‬ﺑرﺑر ﻛﺎﻣل‪ ،‬اﻹدارة ﻋﻣﻠﯾﺔ وﻧظﺎم‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺑﯾروت‪ :‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت‬
‫واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪.1996 ،‬‬
‫‪ -(18‬ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻋﺑد اﷲ أﻣﯾن‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻣﻌﺎﺻرة‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬ﺷرﻛﺔ ﻧﺎس ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ‪،‬‬
‫‪.2003‬‬
‫‪ -(19‬دروﯾش ﻣﺣﻣد اﺑراﻫﯾم‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬ﻣطﺑﻌﺔ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪،‬‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ -(20‬ﺣرﯾم ﺣﺳﯾن‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ :‬اﻟﻧظرﯾﺎت واﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ ووظﺎﺋف اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪،‬‬
‫ط‪،1‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار وﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺣﺎﻣد‪.2006،‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ -(21‬ﻛﺎﻓﻲ ﻣﺻطﻔﻰ ﯾوﺳف‪ ،‬وآﺧرون‪ ،‬اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻹدارﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ :‬ﻣﺑﺎدئ اﻹدارة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫ﻋﻣﺎن‪ :‬ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌرﺑﻲ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪.2013 ،‬‬
‫‪ -(22‬ﻣﻬﻧﺎ ﻣﺣﻣد ﻧﺻر‪ ،‬ﺗﺣدﯾث ﻓﻲ‪ :‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻣﺣﻠﯾﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬ﻣؤﺳﺳﺔ‬
‫ﺷﺑﺎب اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ‪.2005،‬‬
‫‪ -(23‬ﻣﺣﻣد ﻣوﻓق ﺣدﯾد‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬ﻫﯾﻛﻠﺔ اﻷﺟﻬزة وﺻﻧﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت وﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺑراﻣﺞ‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬ط‪،1‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار اﻟﺷروق ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪.2000 ،‬‬
‫‪ -(24‬ﻣﺣﻣود ﻣﺣﻣد ﻓﺗﺣﻲ‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬ﻋﻣﺎدة‬
‫ﺷؤون اﻟﻣﻛﺗﺑﺎت ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻣﻠك ﺳﻌود‪.1985 ،‬‬
‫‪ -(25‬ﻣﻠوﺧﯾﺔ اﺣﻣد ﻓوزي‪ ،‬اﻹدارة ﻟرﺟﺎل اﻷﻋﻣﺎل واﻟﺣﻛوﻣﺎت‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬ﻣرﻛز اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﻛﺗﺎب‪.2009 ،‬‬
‫‪ -(26‬ﻣﻧﺻور طﺎﻫر ﻣﺣﺳن‪ ،‬اﻟﺧﻔﺎﺟﻲ ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑﺎس‪ ،‬ﻗراءات ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻹداري اﻟﻣﻌﺎﺻر‪،‬‬
‫ﻋﻣﺎن‪ :‬دار اﻟﯾﺎزوردي اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪.2008 ،‬‬
‫‪ -(27‬ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد‪ ،‬اﻟﺻﺣن ﻣﺣﻣد ﻓرﯾد‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﺗطﺑﯾق‪،‬‬
‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬اﻟدار اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪.2003 ،‬‬
‫‪ -(28‬ﻋﺑوي زﯾد ﻣﻧﯾر‪ ،‬ﺣرﯾز ﺳﺎﻣﻲ ﻣﺣﻣد ﻫﺷﺎم‪ ،‬ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ‬
‫واﻟﺗطﺑﯾق‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار اﻟﺷروق‪.2005 ،‬‬
‫‪ -(29‬ﻋواﺑدي ﻋﻣﺎر‪ ،‬اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري‪ :‬اﻟﺟزء اﻷول –اﻟﻧظﺎم اﻹداري‪ ، -‬ط‪،4‬‬
‫اﻟﺟزاﺋر‪ :‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪.2002 ،‬‬
‫‪ -(30‬ﻋﻧﺑﻪ ﻫﺎﻟﺔ ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب‪ ،‬اﻟﺣﺑﯾﺷﻲ ﻧﯾﻔﯾن ﻋزت‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬ﻛﻠﯾﺔ‬
‫اﻟﺗﺟﺎرة‪.2008 ،‬‬
‫‪ -(31‬ﻋﺛﻣﺎن ﺣﺳﯾن ﻋﺛﻣﺎن ﻣﺣﻣد‪ ،‬أﺻول ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺑﯾروت‪:‬‬
‫ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪.2007 ،‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ -(32‬ﻗطﯾش ﻋﺑد اﻟﻠطﯾف‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬ﻣن اﻟﻧظرﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺗطﺑﯾق‪ -‬دراﺳﺔ‬
‫ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،-‬ط‪ ،1‬ﺑﯾروت‪ :‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪.2012 ،‬‬
‫‪ -(33‬ﺧﻠﯾل ﻣوﺳﻰ‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬اﻟﻣﺑﺎدئ‪ -‬اﻟوظﺎﺋف‪ -‬اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺑﯾروت‪:‬‬
‫ﻣﺟد اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪.2005 ،‬‬
‫‪ -(34‬ﺧﺷﯾم ﻣﺻطﻔﻰ ﻋﺑد اﷲ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬طراﺑﻠس‪:‬‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻣﻔﺗوﺣﺔ‪.2001،‬‬
‫‪ -(35‬ﺧﺎطر اﺣﻣد ﻣﺻطﻔﻰ‪ ،‬اﻹدارة وﻣﻧظﻣﺎت اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ :‬اﻷﺳس اﻟﻧظرﯾﺔ‬
‫واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﺣدﯾث‪.2007 ،‬‬
‫‪ -(36‬ﺟﻲ م‪.‬ﺷﺎﻓرﯾﺗز‪ ،‬اﻟﺑرت ك‪.‬ﻫﺎﯾد‪ ،‬ﺳﺎﻧدراج‪.‬ﺑﺎرﻛس‪ ،‬ﻣؤﻟﻔﺎت ﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪) ،‬ﺗرﺟﻣﺔ وﻣ ارﺟﻌﺔ‪ :‬ﻧﺧﺑﺔ ﻣن اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻌرﺑﻲ(‪.‬‬
‫ط‪ ،2‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬ﻣﻌﻬد اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر‪.2004،‬‬

‫ب(‪ -‬اﻟدورﯾﺎت‪:‬‬
‫‪ -(1‬اﺣﻣد ﻛرﯾم ﺟﺎﺳم‪) ،‬اﻟ ـ ـ‪) phenomenology‬اﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﺟذور( ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻣواﺟﻬﺔ‬
‫ﻣﺷﺎﻛل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌراق(‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻹدارة واﻻﻗﺗﺻﺎد‪-‬ﺑﻐداد‪ ،‬اﻟﻌدد ﺳﺑﻌﺔ وﺗﺳﻌون‪،‬‬
‫‪2013.‬‬
‫‪ -(2‬اﻟﺑرادﻋﻲ ﻟﯾﻠﻰ ﻣﺻطﻔﻰ¸)اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻹﺻﻼح اﻹداري‪:‬‬
‫دراﺳﺔ ﻣﺳﺣﯾﺔ(‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ ﻓﺻﻠﯾﺔ¸ﻛﻠﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎد واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫرة‪ -‬ﻣﺻر‪ ،‬اﻟﻌدد‬
‫اﻟﻌﺷرون‪ ،‬ﯾوﻟﯾو‪.2004‬‬

‫‪ -(3‬اﻟﻔﻬداوي ﻓﻬﻣﻲ ﺧﻠﯾﻔﺔ ﺻﺎﻟﺢ‪ ،‬ﺷرﯾف اﺛﯾر اﻧور‪) ،‬اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻣن ﻣﻧظور‬
‫اﻟﺣﺎﻛﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟﯾدة‪ :‬دراﺳﺔ ﻣﻌرﻓﯾﺔ وﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺗﺎﺻﯾﻠﯾﺔ(‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻻﻧﺑﺎر ﻟﻠﻌﻠوم‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟﺛﺎﻧﻲ‪.2008 ،‬‬
‫‪ -(4‬اﻟرﻓﺎﻋﻲ ﺳﺣر ﻗدوري‪) ،‬اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ وﺳﺑل ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ‪ :‬ﻣدﺧل اﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ(‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ‬
‫اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎت ﺷﻣﺎل إﻓرﯾﻘﯾﺎ‪-‬ﺑﻐداد‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟﺳﺎﺑﻊ‪.2009 ،‬‬
‫‪ -(5‬ﺑن ﻋﯾﺷﺎوي اﺣﻣد‪) ،‬اﺛر ﺗطﺑﯾق اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ )‪ (e-g‬ﻋﻠﻰ ﻣؤﺳﺳﺎت اﻷﻋﻣﺎل(‪،‬‬

‫‪109‬‬
‫ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺑﺎﺣث‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟﺳﺎﺑﻊ‪.2010/2009 ،‬‬
‫‪ -(6‬ﺟﻣﻌﺔ ﺳﻠوى ﺷﻌراوي‪) ،‬ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪ :‬رؤﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ(‪،‬‬
‫ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻧﻬﺿﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎد واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪-‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬اﻟﻌدد اﻷول‪ ،‬أﻛﺗوﺑر‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ -(7‬ﻋﺳﺎف ﻋﺑد اﻟﻣﻌطﻲ ﻣﺣﻣد‪)،‬ﻧﺣو ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﻟﻺدارة‪ :‬ﻟﻠﺗﻔوق)‪ (1‬ﻓﻠﺳﻔﺔ(‪،‬‬
‫ﻣﺟﻠﺔ ﻛﻠﯾﺔ ﺑﻐداد ﻟﻠﻌﻠوم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟﺛﻼﺛون‪ ،‬ﺳﻧﺔ ‪.2012‬‬

‫ج(‪ -‬اﻟﺗﻘﺎرﯾر‪:‬‬

‫‪ -(1‬اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‪ ،‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم واﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻟﻲ أﺳﻠوب اﻟﺣﻛم‬


‫واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻧﯾوﯾورك‪ :‬اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪ 27،‬ﻣﺎرس ‪.2006‬‬
‫‪ -(2‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺛﺎﻟث اﻟﺑﺣوث اﻹدارﯾﺔ واﻟﻧﺷر‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪:‬‬
‫اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ 15/14 ،‬ﻣﺎﯾو‪.2003‬‬

‫د(‪ -‬اﻟﻣواد ﻏﯾر اﻟﻣﻧﺷورة‪:‬‬


‫‪-‬رﺳﺎﺋل اﻟدﻛﺗوراﻩ‪:‬‬
‫‪ -(1‬ﺑن ﻋﯾﺷﺔ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد‪))،‬اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻻدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر((‪،‬‬
‫)أطروﺣﺔ دﻛﺗوراﻩ‪ .‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر)‪.(2011/2010 ¸(1‬‬
‫‪ -‬رﺳﺎﺋل اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪:‬‬

‫‪ -(1‬اﻻﻏﺎ ﻣرام اﺳﻣﺎﻋﯾل‪)) ،‬دراﺳﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻹﻋﺎدة ﻫﻧدﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ" اﻟﻬﻧدرة" ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺻﺎرف ﻓﻲ ﻗطﺎع ﻏزة((‪) ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرة‪ ،‬اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪ -‬ﻏزة‪،‬‬
‫‪.(2006‬‬
‫‪ -(2‬اﻟﺷﺎﯾب ﻣﺣﻣد‪)) ،‬اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻛﺂﻟﯾﺔ ﻟﺗوطﯾد اﻟﺣﻛم اﻟﺟﯾد‪ :‬دراﺳﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺗﻘدم واﻟﻧﺎﻣﻲ((‪) ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺣﺎج‬
‫ﻟﺧﺿر‪-‬ﺑﺎﺗﻧﺔ‪.(2009/2008 ،‬‬
‫‪ -(3‬أﺳﺎﺑﻊ ﺻﺑﺎح‪)) ،‬اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺑﯾروﻗراطﻲ واﻟﻛﻔﺎءة اﻹدارﯾﺔ((‪) ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪،‬‬
‫ﻣﻌﻬد ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع واﻟدﯾﻣوﻏراﻓﯾﺎ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻧﺗوري‪ -‬ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ‪.(2007/2006 ،‬‬

‫‪110‬‬
‫‪ -(4‬ﺑﻠﺧﯾر أﺳﯾﺎ‪)) ،‬إدارة اﻟﺣﻛﻣﺎﻧﯾﺔ ودورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﺳﯾن اﻷداء اﻟﺗﻧﻣوي‪ :‬ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ‬
‫واﻟﺗطﺑﯾق((‪) ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻹﻋﻼم‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن ﯾوﺳف ﺑن ﺧدة‪-‬‬
‫اﻟﺟزاﺋر‪.(2009 ،‬‬
‫‪ -(5‬طﯾﻠب اﺣﻣد‪)) ،‬دور اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻓﻲ رﺳم اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر‪ :‬دراﺳﺔ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺟﻠس اﻟوطﻧﻲ اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ((‪) ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻹﻋﻼم‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن ﯾوﺳف ﺑن ﺧدة‪-‬اﻟﺟزاﺋر‪.(2007/2006 ،‬‬
‫‪ -(6‬ﻣﻧﺻور ﻧﻌﻣﺔ ﻋﺑد اﻟرؤوف ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪)) ،‬ﺗﺻور ﻣﻘﺗرح ﻟﺗوظﯾف ﻣﺑﺎدئ إدارة‬
‫اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدارس اﻟﺛﺎﻧوﯾﺔ ﺑﻣﺣﺎﻓظﺎت ﻏزة((‪) ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ‬
‫اﻟﺗرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪-‬ﻏزة‪.(2005 ،‬‬
‫‪ -(7‬ﺳوﻓﻲ ﻧﺑﯾل‪)) ،‬دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻣوظﻔﯾن ﻧﺣو اﻟﺗﻐﯾﯾر اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ‬
‫ﻣوظﻔﻲ ﺧزﯾن وﻻﯾﺔ ﺟﯾﺟل((‪)،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﻋﻠوم‬
‫اﻟﺗﺳﯾﯾر‪.(2011/2010 ،‬‬
‫‪ -(8‬ﻋطﺎر ﻧﺎدﯾﺔ‪)) ،‬اﻟﺗﺳﯾﯾر اﻟﻌﻣوﻣﻲ اﻟﺟدﯾد ﻛﺂﻟﯾﺔ ﻟﺗﺣﺳﯾن اﻟﻘطﺎع اﻟﻌﺎم‪ :‬اﻟﺗﺟرﺑﺔ‬
‫اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﻔوﯾض ﺗﺳﯾﯾر اﻟﻣﯾﺎﻩ((‪) ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر¸ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ وﻋﻠوم اﻟﺗﺳﯾﯾر‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﺑﻲ ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد‪-‬ﺗﻠﻣﺳﺎن‪،‬‬
‫‪.(2015/2014‬‬
‫‪ -(9‬ﻋﯾرش ﯾﺳﻣﯾﻧﺔ‪)) ،‬اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‪ :‬دراﺳﺔ ﻣﯾداﻧﯾﺔ ﻷﻗﺳﺎم‬
‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ((‪)،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر¸ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻻﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‬
‫واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‪.(2009/2008 ،‬‬
‫‪ -(10‬ﻋرﯾف ﻣﺟدي‪ ))،‬ﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻹدارﯾﺔ ودورﻫﺎ ﻓﻲ ﺣل ﻣﺷﻛﻼت اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬دراﺳﺔ ﻣﯾداﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣدﯾرﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻼذﻗﯾﺔ((‪)،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎد‪،‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﺷرﯾن‪ -‬ﺳورﯾﺎ‪.(2008 ،‬‬

‫‪111‬‬
‫د(‪ -‬اﻟﻣﻠﺗﻘﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟوطﻧﯾﺔ‪:‬‬
‫‪ -(1‬واﻋر وﺳﯾﻠﺔ‪ ،‬دور اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﺳﯾن ﺟودة اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ :‬ﻻ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ و ازرة اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ‪-‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ﻣداﺧﻠﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻠﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ ﺣول إدارة‬
‫اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﺑﻘطﺎع اﻟﺧدﻣﺎت‪ ،‬اﻟﺟ ازﺋر‪ :‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻧﺗوري ﺑﻘﺳﻧطﯾﻧﺔ‪ ،‬د ت ن‪.‬‬
‫‪ -(2‬زاﯾد ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﺣﺳﯾن رﯾﺎض‪ ،‬ﺑوﺑﺷﯾت ﺧﺎﻟد اﺣﻣد‪ ،‬اﻟﻣطﯾري ذﻋﺎر ﺷﺟﺎع ﺿﯾف‬
‫اﷲ‪ ،‬اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻣﺔ وﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘطﺎﻋﺎت‬
‫اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﺑﺎﻟﺟﺑﯾل‪ ،‬ﻣداﺧﻠﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻠﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻧﺣو‬
‫اداء ﻣﺗﻣﯾز ﻓﻲ اﻟﻘطﺎع اﻟﺣﻛوﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ :‬ﻗﺎﻋﺔ اﻟﻣﻠك ﻓﯾﺻل‬
‫ﻟﻠﻣؤﺗﻣرات‪ 4/1 ،‬ﻧوﻓﻣﺑر‪.2009‬‬
‫‪ -(3‬ﻋﯾﺎش ﻗوﯾدر‪ ،‬ﻣدﺧل إدارة اﻟﺟودة اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻛﻣﺣدد ﻟﻸداء اﻟﻣﺗﻣﯾز ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺎت‪،‬‬
‫ﻣداﺧﻠﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻠﻣؤﺗﻣر اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻷداء اﻟﻣﺗﻣﯾز ﻟﻠﻣﻧظﻣﺎت واﻟﺣﻛوﻣﺎت‪،‬‬
‫اﻟﺟزاﺋر‪ :‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ورﻗﻠﺔ‪ 09/08 ،‬ﻣﺎرس ‪.2005‬‬

‫و(‪ -‬اﻟﻣراﺟﻊ اﻻﺟﻧﺑﯾﺔ‪:‬‬


‫‪1)- Pfiffner, James p, « traditional public Administration versus the new public :‬‬
‫‪management accountability versus efficiency» . Published in‬‬
‫‪Institutionenbildung in Regierung und Verwaltung: Festschrift Konig fur Klaus,‬‬
‫‪Berlin, 2004.‬‬
‫‪2)-nicholas henry, paradigms of public administration , jul-aug 1975.‬‬

‫‪112‬‬
‫ﻓﻬﺮس اﶈﺘﻮ ت‬
‫ﳇﻤﺔ ﺷﻜﺮ‬
‫اﻻٕﻫﺪاء‬
‫أ‬ ‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬
‫اﻟﻔﺼﻞ ا ٔول‪ :‬اﻻٕﻃﺎر اﳌﻔﺎﻫﳰﻲ ﻟﻼٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪10‬‬ ‫اﳌﺒﺤﺚ ا ٔول‪ :‬ﻣﻔﻬﻮم اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪10‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ ا ٔول‪ :‬ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪14‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬ﺸ ٔة اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪19‬‬ ‫اﳌﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬ﻃﺒﯿﻌﺔ اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪19‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ ا ٔول‪ :‬اﻻٕدارة ﻌﲅ‬
‫‪21‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﱐ‪:‬اﻻٕدارة ﻛﻔﻦ‬
‫‪23‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬اﻻٕدارة ﳈﻬﻨﺔ‬
‫‪24‬‬ ‫اﳌﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ٔ :‬ﳘﯿﺔ و وﻇﺎﺋﻒ اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪24‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ ا ٔول‪ٔ :‬ﳘﯿﺔ اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪26‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬وﻇﺎﺋﻒ اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪31‬‬ ‫ﻼﺻﺔ اﻟﻔﺼﻞ ا ٔول‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬اﻟﺴﯿﺎق اﳌﻌﺮﰲ ﳊﻘﻞ اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪34‬‬ ‫اﳌﺒﺤﺚ ا ٔول‪ :‬اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺑﻘ ﺔ اﻟﻌﻠﻮم ا ٔﺧﺮى‬
‫‪34‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ ا ٔول‪ :‬اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﲅ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ‬
‫‪36‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﲅ ﻗ ﺼﺎد‬
‫‪37‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﲅ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻻٕداري‬
‫‪40‬‬ ‫اﳌﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬ﻣﺪا ﻞ دراﺳﺔ اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪40‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ ا ٔول‪ :‬اﳌﺪ ﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮﱐ‬
‫‪41‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬اﳌﺪ ﻞ اﻟﺒﻨﺎﰄ اﻟﻮﺻﻔﻲ‬
‫‪42‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬اﳌﺪ ﻞ اﻟﻮﻇﯿﻔﻲ‬
‫‪43‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬اﳌﺪ ﻞ اﻟﺴﻠﻮﰾ‬

‫‪113‬‬
‫‪44‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﳋﺎﻣﺲ‪ :‬اﳌﺪ ﻞ اﻟﺒ ﱩ ) ﻜﻮﻟﻮ (‬
‫‪46‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺴﺎدس‪ :‬اﳌﺪ ﻞ اﳌﻘﺎرن‬
‫‪47‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺴﺎﺑﻊ‪ :‬ﻣﺪ ﻞ اﻟﻨﻈﻢ‬
‫‪49‬‬ ‫اﳌﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﺗ ٔﺛﲑ ﺣﻘﻞ إدارة ا ٔﻋﲈل ﲆ ﺣﻘﻞ اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪49‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ ا ٔول‪ :‬ا راﺳﺎت اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ‬
‫‪58‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬ا راﺳﺎت اﳊﺪﯾﺜﺔ‬
‫‪62‬‬ ‫ﻼﺻﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﱐ‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﳕﻄﯿﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺗﻐﲑ دور ا و و ﲡﺎﻫﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻟﻌﲅ اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪65‬‬ ‫اﳌﺒﺤﺚ ا ٔول‪ :‬ﲡﺎﻩ اﻟﻔﻜﺮي ا ٔول "اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻜﻒء"‬
‫‪65‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ ا ٔول‪ :‬ﺸ ٔة وﺗﻄﻮر اﳌﻨﻈﻮر اﻟﻔﻜﺮي ا ٔول‬
‫‪67‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬اﻟﺴﲈت ا ٔﺳﺎﺳﯿﺔ ﻟﻬﺬا اﳌﻨﻈﻮر‬
‫‪68‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﺛﻨﺎﺋﯿﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ واﻻٕدارة)‪(1926-1900‬‬
‫‪69‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬ﻣ ﺎدئ اﻻٕدارة)‪(1937-1926‬‬
‫‪74‬‬ ‫اﳌﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬ﲡﺎﻩ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺜﺎﱐ "اﻻٕدارة اﻟﻜﻒء اﻟﻌﺎد "‬
‫‪74‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ ا ٔول‪ :‬ﺸ ٔة وﺗﻄﻮر اﳌﻨﻈﻮر اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺜﺎﱐ‬
‫‪74‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻬﺬا اﳌﻨﻈﻮر‬
‫‪80‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ)‪(1970-1950‬‬
‫‪81‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬اﻻٕدارة ﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﻻٕدارﯾﺔ)‪(1970-1956‬‬
‫‪84‬‬ ‫اﳌﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﲡﺎﻩ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺜﺎﻟﺚ"ﻣﻦ ﻛﻔﺎءة اﻻٕدارة إﱃ ﻛﻔﺎءة اﳊﲂ واﻻٕدارة ﻣﻌﺎ"‬
‫‪84‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ ا ٔول‪ :‬ﺸ ٔة وﺗﻄﻮر اﳌﻨﻈﻮر اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺜﺎﻟﺚ‬
‫‪85‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﱐ‪ :‬اﻟﺴﲈت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻬﺬا اﳌﻨﻈﻮر‬
‫‪101‬‬ ‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬اﻻٕدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰷٕدارة ﺎﻣﺔ ﻣﺴﺘﻘ‬
‫‪104‬‬ ‫ﻼﺻﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‬
‫‪105‬‬ ‫اﳋﺎﲤـــــــــــﺔ‪.‬‬
‫‪106‬‬ ‫ﻗﺎﲚﺔ اﳌﺮاﺟﻊ‬
‫‪113‬‬ ‫ﻓﻬﺮس اﶈﺘﻮ ت‬

‫‪114‬‬
‫ﻣﻠﺧص اﻟدراﺳﺔ ‪:‬‬

‫ﯾﺳﻌﻰ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ إﺟراءاﺗﻪ إﻟﻰ ﻋرض ﺗطور اﻹدارة ﺑﯾن اﻟﻣﺎﺿﻲ واﻟﺣﺎﺿر‪ ،‬ﻓﺿﻼً‬
‫ﻋن ﻋرض ﻣﺳﺎھﻣﺎت اﻟﻣﻔﻛرﯾن وﺗﺄﺛﯾراﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻛر اﻹداري ‪.‬وﺗوﺻل اﻟﺑﺣث إﻟﻰ أن اﻹدارة‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺎم ﺗم ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ ﺑﺄﺷﻛﺎل ﺷﺗﻰ ﻣن ﻗﺑل اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ‪ ،‬إﻻ أّن اﻹدارة ﺑوﺻﻔﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻣًﺎ ﻟﻪ ﻗواﻋد وأﺻول وﻧظرﯾﺎت و ﻣﻔﺎﻫﯾم ﯾﻌ ّد ﺣدﯾﺛﺎ ﻣًﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻌﻠوم أﺧرى‪.‬‬

‫ﺣﯾث اﺗﺳﻣت اﻟﺳﻧوات اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ ﺑﺗطورات وﺗﺣدﯾﺎت ﻋدﯾدة ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﯾرات ﻣﺑﺎﺷرة‬
‫ﻋﻠﻰ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬وﻣن أﻫم ﻫذﻩ اﻟﺗﺣدﯾﺎت اﺧﺗﻼف دور اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ‪ ،‬ﺗطور‬
‫ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻻﺗﺻﺎﻻت واﻟﻌوﻟﻣﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻣﺗﻐﯾرات ﯾﺗطﻠب ﺿرورة أﺣداث ﺗﻐﯾﯾرات ﺟذرﯾﺔ ﻓﻲ أﺳﻠوب اﻹدارة‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﻘدﯾﻣﻬﺎ ﻟﻠﺧدﻣﺎت‪ ،‬وﻫذا ﯾﺳﺗﻠزم ﺗﺑﻧﻰ ﻣﻔﻬوم ﺟدﯾد ﻟﻺدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﯾﺗﻼءم واﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺗﻲ ﯾﻣر ﺑﻬﺎ اﻟﺟﻬﺎز اﻟﺣﻛوﻣﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟم‬
‫ﯾﻌد ﻗﺎد ار ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺗطورات اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ .‬وﯾﻬدف ﺑﺣﺛﻧﺎ إﻟﻰ إﻟﻘﺎء اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎﻣﯾن‬
‫اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻌﻠم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻓﻘﺎً ﻟﻣﻔﻬوم اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪.‬‬
ABSTRACT :

In the research procedures, the researchers try to determine answers for the
research questions by presents the development of management between past
and now, and present the main participations of the management thinkers and its
reflects on managerial thinking.

The research concluded that the management in general concept is


exercised in the ancient civilization, but the management as a science, rules,
theories and concepts is concerned are modern in compare with other sciences.

Considering the last years which were characterized by several


developments and challenges, this was affected directly on the public
management .and from the most important challenges the different role of the
state, environmental changes ,the technological development of information and
communication, and globalisation

Whereas¸ to deal with this variables need the necessity to produce stem
changement in the management method of the governmental organization and
the manner of delivery to the services, and this in fact require to adopt new
concept of public management witch is suitable whith the changement that the
governmental device cross,in which the traditional concept of public
management was not able to deal with this new developments. And the purpose
of our project in to shed the light on the intellectual contents for the science of
public administration according to the concept of New Public Management.

You might also like