التواصل مع كتابات قصص األطفال في

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 102

‫وزارة ّ‬

‫التعلٌم العالً والبحث العلمً‬


‫‪MINISTERE DE L’ENSEIGNEMENT SUPERIEUR ET DE LA RECHERCHE SCIENTIFIQUE‬‬
‫ⵏⴰⵏⵙⵓ ⵉⴸⴰⵏⵓ ⴴ ⴴⵉⵏⵏⵓ ⴸⴻⵎⵍⴻⵙⵓ ⵏ ⴼⵉⵍⵖⴰ‬
‫ⵓⵣⵣⵓ ⵉⵣⵉⵝ ⵏ ⵕⴻⵎⵎⴻⵄⵎ ⵝⴰ ⴸⵓⵍⵓⵎⵍ ⵏ ⵝⵉⵡⴰⴸⵙⴰⵝ‬

‫‪UNIVERSITE MOULOUD MAMMERI DE TIZI - OUZOU‬‬ ‫جامعة مولود معمري ‪ -‬تٌزي ‪ -‬وزو‬
‫‪FACULTE DES LETTRES ET DES LANGUES‬‬ ‫كلٌة اآلداب وال لّغات‬
‫‪Département de Langue et littérature Arabes‬‬ ‫قسم ال لّغة العربٌة وآدابها‬
‫رقم الترتيب‪.............‬‬
‫الرقم التسلسلي‪...........‬‬

‫تخرج لنيل شهادة الماستر‬


‫مذكرة ّ‬
‫الميذان‪ :‬لغة وأدب عربي‬
‫الفرع‪ :‬لغة وأدب عربي‬
‫التخصص‪ :‬أدب مغاربي‬
‫انعنىان‬

‫التواصل مع كتابات قصص األطفال في‬


‫الجزائر‬

‫إعداد الطالبتن‪:‬‬ ‫إشراف‪:‬‬

‫‪ -‬نسيمة دراجي‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬مصطفى درواش‬


‫‪ -‬صوفيا صدوقي‬
‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫د‪ /‬عمي حمدوش‪ ،‬أستاذ محاضر صنؼ "أ"‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.............‬رئيسا‬
‫أ‪.‬د‪ /‬مصطفى درواش‪ ،‬أستاذ التعميـ العالي‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ......‬مشرفا ومقر ار‬

‫د‪ ./‬نبيمة زويش‪ ،‬أستاذة محاضرة صنؼ "أ"‪ ،‬جامعة م ولود معمري‪ ،‬تيزي وزو ‪ ...........‬ممتحنا‬

‫السنة الجامعية‪2016/2015 :‬‬


‫كهمة شكر‬
‫وجل الذي وفّقنا يف إجناز هذا العمل‬
‫عز ّ‬‫نشكر اهلل ّ‬
‫نتقدم جبزيل الشكر والتقدير إىل األستاذ املشرف "مصطفى درواش" الذي أشرف على‬
‫كل اإلمتنان والعرفان‪.‬‬
‫إجناز هذا العمل وله منا ّ‬
‫كما نتقدم بالشكر إىل كل من ساعدنا يف إجناز هذا العمل من قريب أو من بعيد‪.‬‬
‫إهذاء‬
‫والدي اللّذين سعيا في نجاحي أطال اهلل في عمرهما‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إلى‬
‫إلى أخي العزيز‬
‫إلى زوجي ورفيق دربي وسندي‬
‫وإلى صديقتي‬

‫‪ ‬نسيمة‬
‫إهذاء‬

‫والدي العزيزين ّأمي وأبي‪ ،‬أتمنى لهما طول العمر‬


‫ّ‬ ‫أهدي هذا العمل المتواضع إلى‬
‫كل التوفيق في حياتهم والنجاح في مشوارهم ال ّدراسي‬
‫وأيضا إلى إخوتي وأتمنى لهم ّ‬
‫وحياتهم المهنية‪.‬‬

‫‪ ‬صوفيا‬
‫مقذمة‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫يعد التواصؿ عممية ن قؿ األفكار والتجارب والمعارؼ والمشاعر بيف ال ّذوات‬


‫والجماعات‪ .‬قد يكوف ىذا التواصؿ ذاتيا‪ ،‬شخصيا أو تواصبل غيرياّ‪ ،‬وقد يبنى عمى الموافقة‬
‫أو عمى المعارضة إنو عممية يتـ مف خبلليا نقؿ رسالة معينة أو مجموعة مف الرسائؿ مف‬

‫معيف إلى مستقبِؿ‪ ،‬كما ّ‬


‫يعد مف الرّكائز اليامة التي يعتمد عمييا المتكمموف‬ ‫مرسؿ أو مصدر ّ‬
‫لمتأثير في األشخاص الذيف يخاطبونيـ بوسائط لغوية أو غير لغوية‪.‬‬
‫مف أىـ المياديف المحققة لمعممية التواصمية الخطاب األدبي مف حيث ىو نتاج مؤلؼ‬
‫يعد ركيزة مف‬
‫إف أدب األطفاؿ ّ‬
‫(كاتب) غايتو تبميغ رسالة معينة إلى القارئ أو المتمقي‪ّ .‬‬
‫ركائز األجناس األدبية المؤثرة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في عقؿ الطفؿ وجدانو ومثؿ‬
‫ىذا التأثير الذي يستجيب لو الطفؿ بسيولة‪ ،‬يحقؽ أىدافو المبتغاة ويتمظير في مختمؼ‬
‫الفنوف مف مسرح وأناشيد وأغاف وكتب وقصص‪.‬‬
‫الموجية لمطفؿ مف أنجع السبؿ لتحقيؽ التواصؿ‪ .‬فيي مف المرجعيات التي‬
‫ّ‬ ‫تعد القصة‬
‫يتصفحيا الطفؿ لمحصوؿ عمى المعرفة وتسمح بتكوينو معرفيا وفكريا واجتماعيا‪ ،‬كما أنيا‬
‫تسعى إلى إيصاؿ وتبميغ رسائؿ ىادفة ‪ .‬فالطفؿ بحاجة لوساطة يتواصؿ بيا مع المجتمع‪.‬‬
‫فالقصة‪ ،‬لـ تيمؿ الكينونة الطفولية وذلؾ بحاجتو لمترفيو والترويح عف نفسو‪ ،‬وليذا ارتأينا‬
‫البحث في ىذا الموضوع محاوليف اإلجابة عف األسئمة اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬ما أدب األطفاؿ وما أنواعو وأىدافو؟‬
‫‪ -‬ما مدى إسياـ القصة في تحقيؽ العممية التواصمية؟‬
‫‪ -‬ما أىـ المقومات الفاعمة في القصة الستكماؿ ىذه العممية؟‬
‫‪ -‬ىؿ ألدب األطفاؿ في الجزائر خصوصية تضاعؼ مف التواصؿ معو ؟‬
‫سعيا منا لئلجابة عف ىذه األسئمة ‪ ،‬اعتمدنا في بحثنا عمى إجراءات منيجية ومعرفية‬
‫(المنيج السيميائي والمنظور البنيوي)‪ ،‬تخصصت في إشكالية التواصؿ وفي عبلقتو بأدب‬
‫األطفاؿ ‪ .‬مف ىنا ارتأينا وضع خطة تساعد عمى اإلحاطة ولو بشكؿ جزئي بيذا الموضوع‪.‬‬
‫مقدمة‬

‫مف ىنا ارتأينا بحثنا التقسيـ اآلتي‪ :‬مقدمة‪ ،‬مدخؿ‪ ،‬فصميف وخاتمة‪.‬‬
‫خصص المدخؿ في البحث في طبيعة التواصؿ وعناصره ووظائفو وتداعياتو‪ .‬وعنوف‬
‫الفصؿ األوؿ بػ (أدب األطفاؿ) تناولنا فيو المفاىيـ النظرية المتعمقة بالموضوع (أدب‬
‫األطفاؿ‪ ،‬نشأتو‪ ،‬أنواعو‪ ،‬أىدافو)‪ .‬أما الفصؿ الثاني الموسوـ بػ (البنى المؤسسة لقصص‬
‫األطفاؿ) فقد قمنا فيو بالتطبيؽ عمى مجموعة مف القصص إلظيار أىـ المقومات والمبادئ‬
‫لبناء القصة قصد تحقيقيا لمتواصؿ‪.‬‬
‫أما الخاتمة فقد خصصت ألىـ المبلحظات والنتائج التي تـ التوصؿ إلييا‪.‬‬
‫اعتمدنا في بحثنا عمى مراجع أىميا‪ :‬التواصؿ والتفاعؿ في الوسط المدرسي "تاعوينات‬
‫عمي"‪ ،‬النص األدبي لؤلطفاؿ في الجزائر‪ ،‬دراسة فنية في فنونو وموضوعاتو "العيد جمولي"‪،‬‬
‫األدب العربي لمطفولة‪ ،‬دراسة تحميمية ألدب الطفؿ في الوطف العربي "أحمد زلط"‪ ،‬مقدمة في‬
‫ثقافة وأدب األطفاؿ "مفتاح محمد دياب"‪ ،‬أدب األطفاؿ "عبد المعطي نمر موسى‪ ،‬محمد‬
‫عبد الرحيـ الفيصؿ" ‪.‬‬
‫لقد اعترضت سبيؿ البحث بعض الصعوبات يمكف حصرىا في‪ :‬ندرة المراجع التي‬
‫تحوييا مكتبة القسـ لكثرة طمبيا‪ ،‬إلى جانب ضيؽ الوقت الذي لـ يسمح لنا باإلحاطة الكمية‬
‫بما يتضمنو العنواف‪.‬‬
‫في آخر المقدمة ال يفوتنا إال أف نتقدـ بجزيؿ الشكر والتقدير إلى األستاذ الدكتور‬
‫المشرؼ "مصطفى درواش" الذي لـ يبخؿ عمينا بتقديـ النصائح والتوجييات‪ ،‬ونرجو أف نكوف‬
‫قد وفقنا في بحثنا ىذا‪.‬‬
‫وهلل الشكر‪.‬‬
‫مذخم‬
‫في مصطلح التواصل‬

‫‪ - 1‬طبيعة التواصل‬
‫‪ - 2‬عناصر التواصل‬
‫‪ - 3‬وظائف التواصل‬
‫مدخل‬

‫مكوف أساس في‬


‫ّ‬ ‫التواصؿ جوىر العبلقات اإلنسانية‪ ،‬وعنصر ىاـ في الحياة‪ .‬وىو‬
‫الرابط الذي يوثؽ‬
‫نجاح الفرد مع محيطو اإلجتماعي والميني وجسر لمعبور إلى اآلخر‪ ،‬و ّ‬
‫العبلقة ّإنو‪ « :‬بمعناه العادي كبلـ شفوي أو مكتوب يرسمو إنساف إلى إنساف آخر أو آخريف‬
‫ضمف معارؼ اكتسبيا شخص وىو أيضا يتبادؿ المعمومات التي تعطي أىـ األشكاؿ التي‬
‫( ‪)1‬‬
‫إف التواصؿ ىو حالة مف الفيـ‬
‫يتـ تبادليا والتّكمـ بيا استنادا إلى الوضع المّغوي» ‪ّ .‬‬
‫ألنو‬
‫المتبادؿ بيف نظاميف أو كيانيف يكوف أحد ىذه األنظمة مرسبل ويكوف اآلخر مستقببل‪ّ .‬‬
‫يعتمد عمى المّغة‬ ‫في تبادؿ معمؽ لممعمومات واألفكار والمشاعر والقناعات والمبررات‬
‫المّفظية أو غير لفظية‪.‬‬
‫يستحيؿ الحديث عف التواصؿ‪ ,‬إذا لـ نشر إلى وجود رسالة معينة مشتركة بيف ركيزتيف‬
‫أساسيتيف ىما‪ :‬المرسؿ والمرسؿ إليو (المتمقي)‪ .‬فيو العممية التي يتـ مف خبلليا نقؿ رسالة‬
‫الركائز اليامة التي يعتمد عمييا المتكمموف‬
‫معينة أو مجموعة مف الرسائؿ‪ ،‬كما يعد مف ّ‬
‫لمتأثير في األشخاص الذيف يخاطبونيـ لمتفاعؿ معيـ‪« :‬التواصؿ تكويف عبلقة متبادلة بيف‬
‫حية ال تنقطع حتى تعود مف‬
‫طرفيف أو بتعبير آخر انفتاح الذات عمى اآلخريف في عبلقة ّ‬
‫جديد»( ‪ّ ، )2‬إنو تحقيؽ واببلغ الرسالة المتضمنة في الخطابات المختمفة‪.‬‬
‫التواصؿ تبادؿ التفاعؿ بيف مرسؿ ومستقبؿ بواسطة الكبلـ أو بوسائط لغوية (الرموز‪،‬‬
‫يعرفو محمد رضا‬
‫معيف‪ّ .‬‬
‫اإلشارات) وأنماط السموؾ عبر رسائؿ منطوقة مف أجؿ بموغ ىدؼ ّ‬
‫بأنو‪ « :‬العممية أو الطريقة التي يتّـ عف طريقيا انتقاؿ المعارؼ مف فرد إلى آخر‬
‫البغدادي ّ‬
‫أو مجموع ة مف األفراد‪ ،‬حتى يصبح مشاعا بينيـ‪ ،‬ومف ثـ تؤدي إلى تبادؿ التفاعؿ»( ‪.)3‬‬
‫وعميو‪ ،‬يعد نقبل وتبادال لؤلفكار بيف األفراد بغرض التفاىـ بينيـ‪.‬‬

‫‪ - 1‬بشير ابرير‪ ،‬التواصؿ مع النص‪ ،‬مجمة في العموـ المّ ساف والتكنولوجيا‪ ،‬ع‪ ،10‬البحوث العممية والتقنية لترقية المّغة‬
‫العربية‪ ،‬الجزائر‪ ،2005 ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو ‪ ,‬ص‪.17‬‬
‫‪ - 3‬ت اعوينات عمي‪ ،‬التواصؿ والتفاعؿ في الوسط المدرسي‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص‪.13‬‬

‫‪9‬‬
‫مدخل‬

‫أف المعنى يبقى واحدا‬ ‫ِ‬


‫إف تعريؼ مصطمح التواصؿ اختمؼ مف باحث إلى آخر‪ ,‬إالّ ّ‬
‫ّ‬
‫وىو تبادؿ األفكار والمعارؼ والمشاعر بيف األ فراد باإلرساؿ واإلستقباؿ‪ .‬ويعد أىـ دور تقوـ‬
‫بو العممية التواصمية‪ ,‬التي تبنى عمى أركاف أساسية لنجاحيا ‪.‬‬
‫ىناؾ تعاريؼ أخرى لمتواصؿ حسب نقاد آخريف‪ .‬فمف منظور محمود الحيمة ىو‪:‬‬
‫« عممية اجتماعيو حيث يقتضي تحقيقيا طرفيف‪ ،‬مرسؿ ومستقبؿ‪ ،‬ونشوء تفاعؿ بينيما ينتج‬
‫عنيما نقؿ أفكار والمعمومات والميارات أو ِ‬
‫االتجاىات أو المشاعر إزاء موضوع (محو‬
‫( ‪)1‬‬
‫فإف التواصؿ ىو عممية متبادلة متفاعمة مف خبلؿ تبادؿ اآلراء‬
‫التواصؿ)» ‪ .‬وعميو ّ‬
‫معيف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألفكار والقيـ واالتجاىات مف أجؿ بموغ ىدؼ ّ‬
‫كما يمكف أف نجد تعريفا آخر لمتواصؿ‪ ،‬وذلؾ حسب الباحث األمريكي "شارلز كولي"‬

‫) ‪ (Charles Coolyis‬ىو مف أىـ التعريفات التي ِاتفؽ عمييا الكثير مف ّ‬


‫الدارسيف وعدوىا‬
‫األقرب إلى مياديف التربية والتعميـ‪« :‬التواصؿ ىو الميكانيزـ الذي بواسطتو توجد العبلقات‬
‫الرموز ال ّذىنية مع وسائؿ تبميغيا عبر المجاؿ وتعزيزىا في‬
‫اإلنسانية وتتطور‪ّ .‬إنو يشمؿ كؿ ّ‬
‫الزماف‪ ،‬يتضمف أيضا تقاسيـ الوجو وتعابير وىيئات الجسـ والحركات ونظرة الصوت‬
‫والكممات والكتابات والمطبوعات والتميغرافات‪ ،‬وكؿ ما يشممو آخر ما تـ ِاكتشافو في الزماف‬
‫( ‪)2‬‬
‫إف التواصؿ أساس بناء العبلقات في المجتمع باستخداـ أساليب مختمفة بما في‬
‫والمكاف» ‪ّ .‬‬
‫ذلؾ اإلشارات واإليماءات واأللواف والمخططات‪.‬‬
‫الرسالة التي يترتب عنيا‬
‫األوؿ في عممية التواصؿ وىو مصدر ّ‬
‫يعد المرسؿ العنصر ّ‬
‫المقدـ‪ ،‬إذ يعد ركنا حيويا في الدائرة‬
‫ّ‬ ‫التفاعؿ في موقؼ التواصؿ‪« :‬وىو مصدر الخطاب‬
‫يوجو‬
‫التواصمية المّفظية‪ ،‬حيث يكوف فردا أو جماعة‪ .‬فيو الباعث األوؿ عمى إنشاء خطاب ّ‬
‫إلى المرسؿ إليو في شكؿ رسالة‪ .‬وقد تداوؿ المّسانيوف ىذا العامؿ في قوالب اصطبلحية‬

‫‪ - 1‬ت اعوينات عمي‪ ،‬التواصؿ والتفاعؿ في الوسط‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪2‬‬
‫الفني في تنمية التواصؿ اإلجتماعي لدى طبلب المرحمتيف المتوسطة والثانوية‬
‫‪ -‬ناصر محمد عثماف السيري‪ ،‬التعبير ّ‬
‫بمدينة الطارؼ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬رسالة الماجستير‪ ،2010 ،‬ص‪.13‬‬

‫‪10‬‬
‫مدخل‬

‫متباينة مف الباث والمخاطب أو الناقؿ والمتحدث»( ‪ ، )1‬وبالتالي ال يمكف اإلستغناء عنو بأي‬
‫الجيد عمى "رسالتو‬
‫حالة مف األحواؿ‪ ،‬وعميو يجب أف يكوف متمكنا وقاد ار عمى التعبير ّ‬
‫المّفظية حيث تتطمب قدرة فيزيولوجية عمى بثّيا وقدرة عمى كتابتيا أو بعبارة لسانية ّأدؽ‪ ،‬أف‬
‫يتمتع عمى األقؿ بإحدى القدرتيف العبلمة الصوتية أو األشكاؿ الخطّية"( ‪ ،)2‬ليكوف بذلؾ‬
‫أما المرسؿ إليو فيو أساس تصميـ الرسالة‬
‫قاد ار عمى تحديد اليدؼ أو األىداؼ مف رسالتو‪ّ .‬‬
‫التواصمية يتمقى الرسالة ويحاوؿ فيـ محتواىا والتأثر بيا‪ ،‬لكوف كؿ عناصر عممية التواصؿ‬
‫تعمؿ مف أجمو ‪« :‬يقابؿ المرسؿ داخؿ الدارة التواصمية المّفظية في أثناء التخاطب‪ ،‬قد أطمؽ‬
‫عميو مجا از المصطمح الفيزيائي (المستقبؿ) ) ‪ ،(le récepteur‬ويقوـ المرسؿ إليو بعممية‬
‫"التفكيؾ" ) ‪ (décodage‬لكؿ أجزاء الرسالة سواء كانت كممة أـ جممة أـ نصا»( ‪ ،)3‬ومف ثـ‬
‫يكوف المرسؿ إليو (المستقبؿ) متمقيا أو مستقببل لمرسالة ‪،‬التي يقوـ بتفكيكيا لمعرفة مقاصد‬
‫وأىداؼ المرسؿ الكبلمية‪ ،‬لتكوف لو القدرة عمى تبادؿ األدوار مع مرسؿ الرسالة‪ ،‬وىذا ما‬
‫حاوؿ "فرناند دي سوسير" إظياره مف خبلؿ مخطط لتناوب األدوار في العممية التواصمية‪:‬‬
‫المتحاور (ب)‬ ‫ترميز‬ ‫المتحاور (أ)‬
‫متسمع‬ ‫رسالة (‪)1‬‬ ‫يتحدث‬
‫تفكيك‬

‫تفكيك‬

‫المتحاور (ب)‬ ‫ترميز‬ ‫المتحاور (أ)‬


‫متحدث‬ ‫رسالة (‪)2‬‬ ‫متسمع‬
‫( ‪)4‬‬
‫شكل رقم (‪ :)01‬مخطط يمثل تناوب األ دوار في العممية التواصمية‬

‫‪ - 1‬طاىر بف حسيف بومزبر ‪ ،‬التواصؿ المساني والشعرية‪ ،‬مقاربة تحميمية لنظرية ي اكبسوف‪ ،‬منشورات االختبلؼ‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫الجزائر‪ ،2007 ،‬ص‪24‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نف سو‪ ,‬صفحة نفسيا‪.‬‬
‫‪ - 4‬طاىر بومزبر‪ ،‬التواصؿ المّ ساني والشعرية‪ ,‬مقاربة تحميمية لنظرية ي اكبسوف‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪11‬‬
‫مدخل‬

‫أف عمى المستقبؿ القدرة عمى التفكير‬


‫ومف خبلؿ كؿ ما ذكر أعبله والشكؿ‪ ،‬يبلحظ ّ‬
‫واإلبتكار وتب ادؿ األدوار مع مرسؿ الرسالة‪.‬‬
‫تعد الرسالة محور العممية التواصمية‪ ،‬فيي محتوى المعمومات والمفاىيـ والميارات‬
‫ّ‬
‫والقيـ‪ ،‬التي يريد المرسؿ إرساليا إلى المستقبميف لتعديؿ سموكيـ‪ .‬يقوـ المرسؿ بصياغتيا‬
‫الرسالة والمستقبميف‬
‫بالمّغة المّفظية أو الغير لفظية بمزيج مف المّغتيف وفقا لطبيعة محتوى ّ‬
‫لما يكوف‬
‫وىي اليدؼ مف عممية اإلتصاؿ‪« :‬تتجسد عنيا أفكار المرسؿ في صور سمعية ّ‬
‫الرسالة مكتوبة‪ ،‬وقد تكوف وردت في‬
‫التخاطب شفييا وتبدو عبلمات خطية عندما تكوف ّ‬
‫قاموس المّسانيات بمعناىا العاـ‪ّ ،‬إنيا وحدة اإلشارات المتعمقة بقواعد اإلستقباؿ عف طريؽ‬
‫الرسالة مناسبا‬
‫قناة‪ ،‬حيث تستعمؿ كوسيمة مادية لئلتصاؿ» ‪ .‬وعميو يجب أف يكوف مقصد ّ‬
‫( ‪)1‬‬

‫لميوؿ وحاجات وقدرات المستقبميف ومستواىـ الثقافي والمعرفي‪ ،‬ويكوف معناىا صحيحا عمميا‬
‫خاليا مف التكرار والتعقيد‪.‬‬
‫أف الوظيفة ال ّشعرية‬
‫في دراسة ياكبسوف لوظيفة المّغة والتواصؿ المّفظي‪ ،‬ذىب إلى ّ‬
‫يوجو رسالة إلى المرسؿ‬
‫إف المرسؿ ّ‬
‫النحو التّالي ‪ّ «:‬‬
‫إنفعالية إفيامية‪ .‬والخطاب لديو يتـ عمى ّ‬
‫إليو‪ ,‬ولكي تكوف الرسالة فاعمة فإنيا تقتضي بادئ ذي بدء سياقا تحيؿ إليو‪ ...‬سياؽ‪ ،‬قاببل‬
‫الرسالة‬
‫أف يكوف لفظيا أو قاببل ألف يكوف كذلؾ‪ ،‬وتقتضي ّ‬
‫إما ْ‬
‫ألف يدركو المرسؿ إليو‪ ،‬وىو ّ‬
‫بعد ذلؾ سننا مشتركا كمّيا أو جزئيا‪ ،‬بيف المرسؿ والمرسؿ إليو‪ ،‬اتصاال يسمح ليا بإقامة‬
‫التواصؿ والحفاظ عميو»( ‪ ، )2‬ويمثؿ ذلؾ بالخطاطة التالية‪:‬‬

‫‪ - 1‬طاىر بومزبر‪ ،‬التواصؿ المّ ساني والشعرية ‪ ،‬ص‪.27‬‬


‫‪ - 2‬روماف ياكبسوف ‪ ،‬ست محاضرات في الصوت والمعنى‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسف كاظـ‪ ،‬وعمي حاكـ صالح‪ ،‬المركز الثقافي‬
‫العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪ ،1994 ،‬ص‪,‬ص ‪27,28‬‬

‫‪12‬‬
‫مدخل‬

‫سياؽ‬
‫مرسؿ ‪ ......................‬رسالة ‪ .........................‬مرسؿ إليو‬
‫اتصاؿ‬
‫سنف‬
‫ولكؿ عامؿ مف العوامؿ السابقة وظيفة لسانية مباينة لآلخر‪ ،‬وبيذا فإف المّغة ال‬
‫مما يجعميا محور الخطاب األدبي‪ ...« :‬إف‬
‫تستغني عف جمالية اإلتقاف كحضور وتفوؽ‪ّ ،‬‬
‫اإلبداع يكمف في توظيؼ المّغة توظيفا جماليا يقوـ عمى ميارة اإلختبار واجادة التأليؼ وىي‬
‫( ‪)1‬‬
‫إف اإلختيار ليس لعبة يتسمى بيا الكاتب ّإنو‪ « :‬ناتج عمى‬
‫عناصر المدرسة البنيوية» ‪ّ ،‬‬
‫بينما يعتمد التأليؼ وبناء‬ ‫أساس قاعدة التماثؿ والمشابية والمغايرة والترادؼ والطباؽ‬
‫المتوالية عمى المجاورة‪ ،‬وتسقط الوظيفة ال ّشعرية مبدأ التماثؿ لمحور اإلختيار عمى محورا‪،‬‬
‫المكوف لممتوالية»( ‪ ، )2‬فاإلختيار إذف خاضع ألسس‬
‫ّ‬ ‫التأليؼ ويرفع التماثؿ إلى مرتبة الوسيمة‬
‫القوؿ الجمالية ال إلى ما يفرضو المقاـ‪.‬‬

‫‪- 1‬المرسل )‪:(Destinateur‬‬

‫ىو‪« :‬مصدر الخطاب المقدـ‪ ,‬إذ يعتبر ركنا حيويا في الدارة التواصمية المّفظية‪ ،‬فيو‬
‫يوجو إلى المرسؿ إليو في شكؿ رسالة‪ ،‬وقد تداوؿ‬
‫األوؿ عمى إنشاء خطاب ّ‬
‫الباعث ّ‬
‫المّسانيوف ىذا العامؿ في قوالب إصطبلحية متباينة مثؿ‪ :‬الباث والخاطب أو الناقؿ أو‬
‫( ‪)3‬‬
‫األوؿ في بداية العممية التواصمية‪.‬‬
‫إف المرسؿ يمثؿ العنصر ّ‬
‫المتحدث» ‪ّ .‬‬

‫‪ - 1‬ناظـ حسف‪ ،‬مفاىيـ الشعرية‪ ،‬المركز الثقافي‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪ ،1994 ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ - 2‬روماف ياكبسوف ‪ ،‬ست محاضرات في الصوت والمعنى‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫‪13‬‬
‫مدخل‬

‫‪-2‬المرسل إليه )‪:(destinataire‬‬


‫ّإنو‪« :‬يقابؿ المرسؿ داخؿ الدائرة التواصمية المّفظية أثناء التخاطب‪ ،‬وقد أطمؽ عميو‬
‫مجا از المصطمح الفيزيائي‪ :‬المستقبؿ )‪ (le récepteur‬ويقوـ المرسؿ إليو بعممية التفكيؾ‬
‫فالمرسؿ إليو‬ ‫( ‪)1‬‬
‫الرسالة سواء أكانت كممة أـ جممة‪ ،‬أـ نصا‪»...‬‬
‫)‪ (décodage‬لكؿ أجزاء ّ‬
‫الرسالة‪ ،‬حيث ّأنو يمعب دو ار ىاما في العممية التواصمية المّفظية‪.‬‬
‫ىو الذي يتمقى ّ‬
‫‪- 3‬الرسالة )‪: (message‬‬
‫الرسالة ‪«:‬ىي الجانب الممموس في العممية التخاطبية حيث‬
‫أف ّ‬
‫حسب ياكبسوف ّ‬
‫لما يكوف التخاطب شفييا‪ ،‬وتبدو عبلمات‬
‫تتجسد عندىا أفكار المرسؿ في صور سمعية ّ‬
‫خطية عندما تكوف الرسالة مكتوبة‪ ،‬وقد وردت في قاموس المّسانيات بمعناىا العاـ‪ّ ،‬أنيا‬
‫وحدة اإلشارات المتعمقة بقواعد تركيبات محدودة (مضبوطة) يبعثيا جياز البث (اإلرساؿ)‬
‫( ‪)2‬‬
‫فالرسالة تمّثؿ‬
‫ّ‬ ‫إلى جياز اإلستقباؿ عف طريؽ قناة حيث تستعمؿ كوسيمة مادية لئلتصاؿ»‬
‫ومحدد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫معيف‬
‫محتوى اإلرساؿ وتتمحور حوؿ إطار مرجعي ّ‬
‫‪- 4‬السنن )‪: (code‬‬
‫تعددت إصطبلحات المّسانيات حوؿ ىذا العامؿ‪ ،‬بعض النقاد ِاستعممو‪« :‬مصطمح‬
‫ّ‬
‫فضؿ "النظاـ ‪ "système‬أو "القدرة ‪ "compétence‬وعمى‬ ‫المّغة )‪ (langue‬وآخروف‬
‫فإنيا ذات مدلوؿ واحد يحي ؿ عمى "نظاـ ترميز ‪ "un code‬مشترؾ كمّيا‬
‫اختبلفيا في الدواؿ‪ّ ,‬‬
‫أو جزئيا بيف المرسؿ والمتمقي‪ ،‬ويمثّؿ السنف القانوف المنظـ لمقيـ اإلخبارية واليرـ التسمسمي‬
‫الذي ينتظـ عبر نقاطو التقميدية المشتركة بيف المرسؿ والمرسؿ إليو كؿ نمط تركيبي فمنو‬
‫معينة حيث يعمؿ عمى الترميز )‪ (codage‬واليو‬
‫ينطمؽ الباث عندما يرسؿ رسالة خطابية ّ‬
‫يعود كذلؾ عندما يستقبؿ رسالة ما فيفكؾ رموزىا بحثا عف القيمة اإلخبارية التي شحنت بيا‬

‫‪ - 1‬الطاىر بف حسيف بومزبر‪ ،‬التواصؿ المساني والشعرية‪ ،‬مقاربة تحميمية لنظرية روماف ي اكبسوف‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.27‬‬

‫‪14‬‬
‫مدخل‬

‫‪ّ . )1 (»décodage‬إنو نظاـ ترميز مشترؾ كميا أو جزئيا بيف المرسؿ والمتمقي‪ ،‬حيث ينطمؽ‬
‫الرسائؿ لمبحث عف‬
‫منو المرسؿ في الترميز‪ .‬ويعود المرسؿ إليو حيف يفكؾ رموز إحدى ّ‬
‫الرسالة‪.‬‬
‫القيمة اإلخبارية التي تحمميا ّ‬
‫‪- 5‬السياق ( ‪:)contexte‬‬
‫ألح ياكبسوف عمى‪« :‬السياؽ باعتباره العامؿ المفعؿ لمرسالة بما يمده بو مف ظروؼ‬
‫ومبلبسات توضيحية‪ ،‬ويدعى أيضا المرجع (‪ (le référant‬باصطبلح غامض نسبيا‪ ،‬وىو‬
‫فالسياؽ مف خبلؿ اشتراط لفظيتو أو قبولو ألف‬
‫إما يكوف لفظيا‪ ،‬أو قاب بل ألف يكوف كذلؾ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫( ‪)2‬‬
‫إف لكؿ رسالة‬
‫يتمظير لفظيا ‪ -‬يكوف حسب ياكبسوف قد ‪ -‬حصر في السياؽ المّفظي» ‪ّ .‬‬
‫مكوناتيا الجزئية أو تفكؾ رموزىا السننية إالّ‬
‫مرجعا تحيؿ عميو وسياقا معينا مضبوطا‪ ،‬وألف ّ‬
‫باإلحالة عمى المبلبسات التي أن جزت فييا ىذه الرسالة وقد يكوف لفظيا أو غير لفظي‪– .‬‬
‫‪- 6‬القناة (‪:)le canal‬‬
‫أف الرسالة تتطمب ِاتصاؿ أي قناة فيزيائية‪ ،‬وتواصؿ‬
‫ورد في قاموس المّسانيات‪ّ « :‬‬
‫فيزيولوجي بيف المرسؿ والمرسؿ إليو يسمح ليما بإقامة ِاتصاؿ والحفاظ عميو وذلؾ قصد‬
‫التأكد مف سبلمة الممر الذي ت نتقؿ عبره الرسالة المتبادلة بيف المرسؿ والمرسؿ إليو‪ ،‬إف ما‬
‫ينجز عبر ىذه القناة مف جيد إلقامة التواصؿ والحفاظ عميو ىو جيد خاص بمغة الطيور‬
‫الناطقة‪ ،‬إذ يقوـ الطرفاف المتصبلف بتوظيؼ ىذا العامؿ التواصمي‪ ،‬قصد تمرير أنماط‬
‫تعبيرية خاصة قصد التأكد فقط مف سبلمة الممر‪ ،‬ووصوؿ الرسالة سميمة إلى جياز‬
‫( ‪)3‬‬
‫إف القناة ىي الممر الفيزيولوجي بيف المرسؿ والمرسؿ إليو‪ ،‬حيث أنّيا تسمح‬
‫اإلستقباؿ» ‪ّ .‬‬
‫إما عف طريؽ النطؽ أو بِ َوسا َ‬
‫طة الكتابة‪.‬‬ ‫بانتقاؿ الرسالة‪ّ ،‬‬

‫‪ - 1‬الطاىر بف حسيف بومزبر‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.28- 27‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪15‬‬
‫مدخل‬

‫ال يمكف اإلستغناء عف ىذه العوامؿ الستة في التواصؿ المّفظي عند روماف ياكبسوف‪.‬‬
‫المكونة التي يقوـ عمييا التواصؿ عنده‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فيي مف العناصر‬
‫وظا ئف التواصل (المغوية) عند رومان ياكبسون‪:‬‬
‫مف خبلؿ تحميؿ ىذه العوامؿ األساسية‪ ،‬يمكف التوصؿ إلى الوظائؼ التي تنتجيا‪.‬‬
‫فكؿ عامؿ مف ىذه العوامؿ‪ ،‬ينتج وظيفة لسانية مختمفة وىي عمى النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪- 1‬الوظيفة التعبيرية (االنفعالية) )‪: )expressive‬‬
‫تتمثؿ في‪ « :‬الرسائؿ التي تركز عمى الحمولة اإلنفعالية والوجدانية‪ ،‬ومف ثـ فإنيا‬
‫ترتبط بالمرسؿ‪ ،‬أي تقدـ ِانطباعو وانفعالو تجاه شيء ما‪ ،‬وترتبط ىذه الوظيفة ببنية تعبيرية‬
‫خاصة عمى مستوى النحو والصوت والمعجـ‪ ،‬ويترتب عف ىذا تبايف بيف ظواىر لسانية‬
‫متنوعة»( ‪ . )1‬فيي تركز عمى المرسؿ‪ ،‬حيث أنّيا تعبر بصفة مباشرة عف موقؼ المتكمـ وما‬
‫إما كاذبا أو صادقا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫معيف يكوف ّ‬
‫يتحدث عنو‪ ،‬وتنزع الى تقديـ انطباع أو إنفعاؿ ّ‬
‫‪- 2‬الوظيفة المرجعية (‪: (référentiel‬‬
‫ىي في منظور البعد المّساني‪« :‬تتفرع عف الشكؿ التواصمي المتمثؿ في "السياؽ"‬
‫ويمكف أف تتحقؽ في المّغة اليومية والمّغة العممية‪ ،‬ألف الرسائؿ في ىذه الحالة تعتمد عمى‬
‫أف الغرض مف التواصؿ يتمثؿ‬
‫المواضعة المّغوية المشتركة بيف أفراد الجماعة المّسانية‪ ،‬كما ّ‬
‫في اإلببلغ ذي الطبيعة النفعية‪ ،‬وما دامت الرسائؿ المّفظية ال تتنوع باإلقتصار عمى وظيفة‬
‫بعينيا‪ ،‬بؿ تتنوع تبعا ليرمية الوظائؼ»( ‪ . )2‬حينما تتجو الرسالة إلى السياؽ وتركز‪ ،‬عميو‬
‫يكمف دور المّغة ىنا في اإلحالة عمى أشياء وموجودات تتحدث عنيا عف طريؽ الرموز حيث‬
‫أف المّغة رموز معبرة عف األشياء‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ - 1‬عبد القادر الغزالي‪ ،‬المسانيات ونظرية التواصؿ‪ ،‬روماف ياكبسوف نموذجا‪ ،‬دار الحوار سوريا‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص‪.48‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪16‬‬
‫مدخل‬

‫‪ - 3‬الوظيفة اإلفهامية ) ‪:(conative‬‬


‫الموجو لممستمع صبغة األداة التمييزية التي‬
‫ىذه الوظيفة‪ « :‬تكتسي نوعية اإلببلغ ّ‬
‫النحوية بخصصيات‬
‫تطبع الرسائؿ بدالالت خاصة‪ ،‬وتتسـ تمظيراتيا وبناىا التركيبية و ّ‬
‫مكونات الجممة والخطاب وأقساـ الطبقات التعبيرية‪ ،‬فالوظيفة اإلفيامية‬
‫تعيف تعالؽ ّ‬
‫محددة‪ّ ،‬‬
‫التي تتصؿ وتركز عمى المرسؿ إليو‪ ،‬تحدد لنفسيا إطا ار خاصا لمتبادالت العبلئقية‬
‫النحوي األكثر خموصا في النداء‬
‫والتمفصبلت المّسانية التي تتفاعؿ داخميا‪ ،‬فيي تجد تعبيرىا ّ‬
‫واألمر‪ ،‬المّذاف ينحرفاف مف وجية نظر تركيبية وصرفية وحتى فونولوجية»( ‪ .)1‬تكثر في ىذه‬
‫أف اإلثارة عامؿ أساس في‬
‫الوظيفة مخاطبة اآلخر وتحاوؿ التأثير فيو واقناعو واثارتو‪ ،‬حيث ّ‬
‫تحريؾ نوازع ردود فعؿ المتمقي‪.‬‬
‫‪ - 4‬الوظيفة اإل نتباهية ) ‪: (phatique‬‬
‫أف‪« :‬الوظيفة اإلنتباىية تيدؼ إلى إقامة التواصؿ والحفاظ‬
‫يؤكد "ياكبسوف" عمى ّ‬
‫عميو‪ ،‬وذلؾ باستخداـ أشكاؿ تعبيرية وسمسبلت لفظي ة في لحظات معينة‪ ،‬قصد التأكد مف‬
‫إستمرار التواصؿ وصحة تمثؿ المستمع مضموف اإلببلغ الحقيقي‪ ،‬وتأخذ ىذه الوظيفة أبعادا‬
‫الرغبة في إقامة التواصؿ‪ ،‬وتحقيؽ جمالية تتفاعؿ مع‬ ‫فنية توفرىا ّ‬
‫تشكيمية توظؼ ألغراض ّ‬
‫الجممة المعرفية الخاصة»( ‪ .)2‬فيذه الوظيفة توظؼ إلثارة ِانتباه المخاطب‪ ،‬والتأكد مف ّأنو‬
‫جاىز لئلستقباؿ والتمقي‪.‬‬
‫‪ - 5‬الوظيفة الميتالسانية ) ‪: (metalinguistique‬‬
‫التمييز‪ « :‬بيف مجاليف‬
‫يذىب الباحث عبد القادر الغزالي إلى أنّو بيذه الوظيفة يمكف ّ‬
‫األوؿ وتمثمو المّغة الواصفة المعتمدة في الدراسة العممية التي تتخذ مف المّغة‬
‫لغوييف‪ ،‬المجاؿ ّ‬
‫أما المجاؿ الثاني فيرتبط بعمميات الشرح التي تتخمؿ التواصؿ في الكبلـ‬
‫موضوعا ليا‪ّ ،‬‬

‫‪ - 1‬عبد القادر الغزالي‪ ،‬المسانيات ونظرية التواصؿ‪ ،‬روماف ياكبسوف نموذجا‪ ،‬ص‪.49- 48‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو ص‪.49‬‬

‫‪17‬‬
‫مدخل‬

‫اليومي‪ ،‬وىي ترمي إلى تحقيؽ درجة قصوى مف التمثؿ لدى المستمع»( ‪ ، )1‬فيذه الوظيفة تقوـ‬
‫بشرح المصطمحات والمفاىيـ الصعبة‪ ،‬كشرح قواعد المّغة والكممات الغامضة الموجودة في‬
‫النقدية الموظفة في أثناء الشرح‪.‬‬
‫النص‪ ،‬والمفاىيـ ّ‬
‫ّ‬
‫‪- 6‬الوظيفة الشعرية ) ‪:(poétique‬‬
‫الرسائؿ التي تييمف فييا ىذه الوظيفة عمى‬
‫ّإنيا مف المنظور المّساني والنقدي‪ّ « :‬تركز ّ‬
‫أف ىذه الوظيفة ال تقتصر عمى الشعر‪ ،‬واّنما‬
‫الرسالة ذاتيا‪ ،‬وينبو روماف ياكبسوف إلى ّ‬
‫ّ‬
‫ينبغي دراستيا في أشكاؿ الرسائؿ المّفظية األخرى‪ ،‬وكذلؾ غير المفظية‪ ،‬وتعمؿ ىذه الوظيفة‬
‫عمى إبراز قيمة الكممات واألصوات والتراكيب في ذاتيا‪ ،‬مكسبة ّإياىا قيمة مستقمة»( ‪.)2‬‬
‫فاليدؼ مف ىذه العممية ىو البحث عما يجعؿ مف الرسالة رسالة شعرية أو أجناسية جمالية‪،‬‬
‫وذلؾ بالبحث عف الخصائص الشعرية والجمالية‪.‬‬
‫إف لمعممية التواصمية أىدافا واضحة ومؤثرة في حياة اإلنساف‪ ،‬فيي تخرجو مف عزلتو وتشعره‬
‫ّ‬
‫بأنو إنساف يمتمؾ القدرة لئلطبلع عمى أخبار غيره‪ ،‬وتتيح لو المجاؿ لتبادؿ األفكار واآلراء‬
‫ّ‬
‫واإلنسجاـ عمى المستوى اإلجتماعي‪ .‬فالتواصؿ يؤمف التفاعؿ الحضاري بيف المجتمعات‬
‫( ‪)3‬‬
‫فإف التواصؿ‬
‫‪ .‬وعميو ّ‬ ‫حوؿ العالـ إلى قرية صغيرة‬
‫ويساعد عمى نقؿ الثقافات‪ .‬فقد ّ‬
‫ضروري في حياة الفرد والمجتمع لئلستمرار العبلقات بمختمؼ أنماطيا ومقاصدىا ومراتبيا‪.‬‬
‫ألنو نتاج مؤلؼ‬
‫مف أىـ المياديف المحققة لمعممية التواصمية‪ ,‬الخطاب األدبي‪ّ ،‬‬
‫معينة إلى القارئ أو المتمقي‪ .‬وأدب األطفاؿ أحد أىـ ىذه الوسائط‬
‫(كاتب) غايتو تبميغ رسالة ّ‬
‫التي تظير ىذا النمط مف الخطابات األدبية‪ ،‬وتبرز فييا عمميات التواصؿ وذلؾ بيف‬
‫الكتابات واألطفاؿ‪ .‬يختمؼ مف حيث فنونو (أجناسو) مف قصة ومسرح وكتب و ٍ‬
‫أغاف وأناشيد‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد القادر الغزالي‪،‬المسانيات و نظرية التواصؿ‪ ،‬ص‪.50‬‬


‫‪- 2‬المرجع نفسو صفحة نفسيا‪.‬‬
‫‪ - 3‬ينظر ‪ :‬تاعوينات عمي‪ ،‬تواصؿ وتفاعؿ مدرسي‪ ،‬ص‪.51- 50‬‬

‫‪18‬‬
‫مدخل‬

‫الموجية لمطفؿ تعد مف أنجع السبؿ لتحقيؽ التواصؿ‪ّ .‬إنيا مف المرجعيات التي‬
‫لكف ال قصة ّ‬
‫ّ‬
‫يتفحصيا الطفؿ لمحصوؿ عمى زٍاد معرفي متنوع‪ ،‬يسمح بتكوينو معرفيا وفكريا واجتماعيا‪.‬‬
‫أف قصص األطفاؿ ال تيمؿ كينونتو الطفولية لحاجتو إلى الترفيو عف نفسو وليذا‬
‫كما ّ‬
‫فإف لمقصة أبعادا وأىدافا تواصمية قصد إيصاؿ الرسائؿ التثقيفية والتربوية والتعميمية لما ليا‬
‫ّ‬
‫مف وقع في نفس الطفؿ‪ّ .‬إنو بحاجة لوساطة يتصؿ بيا مع مجتمعو‪.‬‬
‫فإف لؤلدب وظيفة تواصمية‪ ،‬ولكف ال يجب أف تتجاوز وظائؼ التواصؿ عمى تعددىا‬
‫ّ‬
‫وتنوعيا مف‪ :‬الوظيفة المعرفية والوظيفة التعبيرية والوظيفة اإلنتباىية والوظيفة اإلفيامية‬
‫وكمّيا تنصب في وعاء واحد ىو تحقيؽ رسالة تواصمية صحيحة‪.‬‬
‫إف أدب األطفاؿ عامة‪ ،‬ىو أحد أىـ وسائط التواصؿ بيف الطفؿ والكاتب وال يمكف‬
‫ّ‬
‫الخوض في إشكالية التواصؿ مع قصص األطفاؿ إالّ بعد البحث في طبيعة أدب األطفاؿ‬
‫وأنواعو وأىدافو‪.‬‬
‫أف التواصؿ ظاىرة إنسانية عمى جانب كبير مف الحساسية والتعقيد‬
‫يتبيف ّ‬
‫مف ىنا‪ّ ،‬‬
‫والفاعمية‪ .‬وستظير ىذه المزايا أكثر في مقروئية المذكرة لما اصطمح عميو بأدب األطفاؿ ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫انفصم األول‬
‫في مصطهح أدب األطفال‬
‫‪- 1‬في أدب األطفال‬
‫‪ - 2‬مفهىو أدب األطفال‬
‫‪ - 3‬أنىاعه‬
‫‪- 4‬أهذافه‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪- 1‬في أدب األطفال‪:‬‬


‫حي‬
‫مجرد كائف ّ‬
‫النمو في ذاتيا ولذاتيا‪ .‬فطفؿ اليوـ لـ يعد ّ‬
‫إف الطفولة مف أىـ مراحؿ ّ‬
‫ّ‬
‫في طريقو لممجيوؿ مف مراحؿ الحقة في طفولتو وشبابو‪ ،‬بؿ ىو طفؿ الخبرة المكتسبة في‬
‫كأنو القرية الصغيرة‬
‫المتطورة‪ ،‬الّتي جعمتو ال يعيش حاضره في عالـ ّ‬
‫ّ‬ ‫عالـ التّقنيات الحديثة‬
‫الزمانية‪ .‬وأصبحت العبلقات األساسية فيو شبكة مترابطة‪.‬‬
‫الّتي ذابت فيو المسافات المكانية و ّ‬
‫يتيسر عميو‬
‫وتطور خبراتو ال ّشخصية ّ‬
‫ّ‬ ‫الجيد في تربيتو ونشأتو‬
‫طفؿ‪ ،‬الذي يبلقي اإلعداد ّ‬
‫فال ّ‬
‫فيـ الحاضر المبني عمى أساس منجزات الماضي بما فيو مف أصالة وتراث‪.‬‬
‫المستقبؿ اآلتي في كثير مف صوره وأشكالو ومصطمحاتو‬ ‫يدرؾ بفضؿ ذلؾ كمّو‬
‫ودالالتو ومفاىيمو الفمسفية‪ .‬فالطفولة في ىذا العالـ الّذي ال يستقيؿ بو األطفاؿ وحدىـ‪ .‬فكؿ‬
‫نمر مرور‬
‫من ا يحمؿ في أعماقو طفبل يحب أف يغني ويقفز ويمرح‪ ,‬فبذلؾ ال يمكف أف ّ‬
‫واحد ّ‬
‫( ‪)1‬‬
‫وذلؾ يكوف بإنشاء أدب خاص بيـ‪.‬‬ ‫الكراـ عمى ىذه المرحمة الميمة في حياة الفرد‬
‫الجدات‬
‫األميات و ّ‬
‫أف ىذا األدب‪ ،‬أدب قديـ حديث فقد كانت ّ‬
‫يرى أحد الباحثيف ّ‬
‫النوـ‪ .‬وكانت ىذه األساطير والخرافات‬
‫يقصصف األساطير والخرافات لؤلطفاؿ خصوصا قبؿ ّ‬
‫القوي الذي بضربة واحدة يقتؿ‬
‫خيؿ الطفؿ ّأنو ذلؾ البطؿ ّ‬
‫ت ّشد إىتماـ األطفاؿ‪ ،‬وكثي ار ما يت ّ‬
‫مائة رجؿ‪ ،‬أو أف يقتمع شجرة ضخمة وكثي ار ما كاف األطفاؿ يطمبوف مف األميّات اإلستمرار‬
‫أي تسجيؿ‬
‫بالرغـ مف ذلؾ لـ يكف ىناؾ ّ‬
‫التوقؼ‪ ،‬لكف ّ‬
‫في سرد تمؾ الحكايات حينما تحاولف ّ‬
‫لحياة الطفولة وأدب أطفاليا‪ ،‬ما عدا المصريِّيف القدماء‪ ،‬فقد قاموا بتدويف حياة األطفاؿ‬
‫وآدابيـ في نقوش وصور عمى جدراف قصورىـ وعمى قبورىـ وكتبوىا عمى أوراؽ البردى‪،‬‬
‫فإف القرآف‬
‫السنيف لتبيِّف أف األطفاؿ بقوا أطفاالً‪ ،‬وفي العصر اإلسبلمي ّ‬
‫الّتي قاومت آالؼ ّ‬
‫الكريـ ِاعتمد عمى القصص كإحدى الطرائؽ والوسائؿ لميداية والعبرة والتّفكير لقولو تعالى‪:‬‬
‫نقص عميؾ أحسف القصص‪( ‬سورة يوسؼ اآلية ‪.)3‬‬
‫‪‬نحف ّ‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬عبد الفتاح شحدة أبو معاؿ أدب األطفاؿ وثقافة الطفؿ جامعة القدس المفت وحة‪ ،‬الشركة العربية لمتسويؽ‬
‫والتوريدات‪ 9002،‬ص ‪.92- 92‬‬

‫‪21‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كاف األطفاؿ ينبيروف ِّ‬


‫بكؿ ما كانوا يسمعونو مف قصص عف الّنبي (صمى اهلل عميو‬
‫الديني إالّ أّنو لـ يتّـ‬
‫النشاط القصصي ّ‬
‫الرغـ مف ّ‬
‫(كقصة اإلسراء والمعراج)‪ .‬وعمى ّ‬
‫ّ‬ ‫وسمّـ)‪،‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫الموجية لمطفؿ عمى الّرغـ مف كثرتيا‪ .‬ليذا‬
‫ّ‬ ‫شاطات‬‫الن‬
‫ّ‬ ‫كؿ‬ ‫أىممت‬ ‫فقد‬ ‫‪.‬‬ ‫أي منيا‬
‫تسجيؿ ّ‬
‫محمد مفتاح‬
‫بي إلى غاية العصر الحديث‪ .‬يرى ّ‬ ‫مقيدا في عالمنا العر ّ‬
‫ظ ّؿ ىذا األدب محبوسا ّ‬
‫الرواية والقصص والحكايات والخرافات‪ ،‬التي‬
‫أف البداية الحقيقية ليذا األدب تعتمد عمى ّ‬‫ّ‬
‫وقوة لمواجية ىذه‬
‫ّتركز عمى الفروسية والمغامرة وحاجة القبيمة إلى أطفاؿ يمتمكوف شجاعة ّ‬
‫ولما جاء اإلسبلـ‬
‫اليجمات وأيضا الحكايات‪ ،‬الّتي كانت تروي العادات العربية األصيمة‪ّ .‬‬
‫النبوية بما ذكر مف قصص وحكايات في مصادر أدب‬
‫السنة ّ‬
‫تأثّر ىذا األدب بالقرآف و ّ‬
‫بي ألنو جاء متأخ ار عف سواه مف األمـ األخرى مثؿ األورو ّبييف‪ .‬وقد‬
‫األطفاؿ في العالـ العر ّ‬
‫ساعدت العوامؿ اآلتية عمى أف يأخذ أدب األطفاؿ العربي الحديث بعده اإلنتاجي واإلبداعي‬
‫مف خبلؿ ‪:‬‬
‫النوادي والمكتبات ومجبلّت الحائط واإلذاعة‬
‫المدرسيف في تأسيس ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬زيادة اىتماـ‬
‫المدرسية‬
‫العامة في المدف‬
‫ّ‬ ‫‪ِ -‬انتشار المكتبات‬
‫‪ -‬زيادة الوعي الثقافي والتّربوي عند الكثير مف األسر العربية‬
‫السكاف ِوارتفاع المستوى المعيشي‬
‫‪ -‬زيادة عدد ّ‬
‫النشر والمطابع بشكؿ كبير‬
‫‪ -‬انتشار دور ّ‬
‫‪ -‬زيادة عمى ذلؾ دور التّوجيو وبخاصة عند اإلنجميزية والفرنسية ولعب بعض الكتّاب‬
‫ىاما في أدب األطفاؿ العربي أمثاؿ (رفاعة الطيطاوي) الذي كانت كؿ‬ ‫دو ار ّ‬
‫( ‪)2‬‬
‫ِاىتماماتو ترجمة الحكايات الفرنسية واالنجميزية الخاصة باألطفاؿ إلى الّمغة العربية‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬عبد الفتاح شحدة أبو معاؿ‪ ،‬آدب األطفاؿ وثقافة الطفؿ‪ ،‬ص‪. 92‬‬
‫الدولية لمنّ شر والتوزيع‪ ،‬ص ‪.97- 72- 72‬‬
‫الدار ّ‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬مفتاح محمد دياب‪ ،‬مقدمة في ثقافة وأدب األطفاؿ‪ّ ،‬‬
‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الدوؿ األوروبية إالّ ّأنو تأخر في الظيور‬


‫وبالرغـ مف قدـ أدب األطفاؿ وانتشاره في ّ‬
‫ّ‬
‫أف البداية اقتصرت عمى الترجمة مف‬
‫في عالمنا العربي‪ .‬وعمى الّرغـ مف ذلؾ‪ ،‬إالّ ّ‬
‫بي‪.‬‬
‫المّغتيف األجنبيتيف إلى الّمغة العربية وبيذا يكوف حديث الظيور في عالمنا العر ّ‬
‫ومقوماتو الجمالية والفنّية تظير مع بداية‬
‫ّ‬ ‫أدب األطفاؿ حديث النّشأة بدأت مبلمحو‬
‫القرف العشريف لمميبلد‪ ،‬فك ّؿ عمؿ جديد لـ تنضج معالمو بصورة جمّية إالّ مف عدة سنيف‬
‫وحتّى مف حيث المضموف لـ يكف يراعى فيو قواعد الكتابة لذلؾ الشخص‪ ،‬ال ّذي لديو عالـ‬
‫ألف ال ُكتّاب ال يكادوف يراعوف مستواه‬
‫ينفرد بو‪ .‬فيذا األدب ظ ّؿ حبيسا لمقواعد القديمة‪ّ ،‬‬
‫ينتموف إليو فكانوا يعاممونيـ معاممة الكبار أحيانا في كتاباتيـ وال‬
‫الفكري وعالميـ‪ ،‬ال ّذي ّ‬
‫النظريات التّربوية الحديثة نمت في أفراد المجتمع وانعكس‬
‫تطور ّ‬‫لكف مع ّ‬
‫سيما في القصص‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫السف والقبوؿ واإلىتماـ بعالـ‬ ‫ِ‬
‫ذلؾ عمى كتابات الكتّاب‪ ،‬حيث امتازت ىذه المرحمة بمراعاة ّ‬
‫الطفولة‪.‬‬
‫تجاوز الكتّاب المرحمة الخطرة‪ ،‬ومرحمة المغامرة لتعدية ك ّؿ العقبات التّي كشؼ عنيا‬
‫النور مف أجؿ إسعاد األطفاؿ وتثقيفيـ وتيذيبيـ والعمؿ عمى تربيتيـ وانماء روح‬
‫ليخرج إلى ّ‬
‫( ‪)1‬‬
‫النوع مف‬
‫أف ىذا ّ‬
‫الرغـ‪ ،‬مف ّ‬
‫بأنو عمى ّ‬
‫وحب القراءة فييـ ‪ .‬مف خبلؿ ىذا‪ ،‬نبلحظ ّ‬
‫ّ‬ ‫التعمّـ‬
‫الرواج بيف‬
‫حيز كبير وناؿ حقو مف ّ‬
‫تمكف مف أخذ ّ‬
‫ّ‬ ‫األدب حديث في العالـ العربي‪ ،‬إالّ ّأنو‬
‫أوساط األطفاؿ وأخذ عناية كبيرة مف الكتاب‪.‬‬
‫فما ىذا األدب؟ وما أنواعو؟ وفيـ تتجمّى أىدافو؟‬

‫فنية‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬جامعة تممساف‪،‬‬


‫محمد مرتاض‪ ،‬مف قضايا أدب األطفاؿ‪ ،‬دراسة تاريخية ّ‬
‫‪ -‬ينظر‪ّ :‬‬
‫‪1‬‬

‫الساحة المركزية‪ ،‬بف عكنوف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.62- 62‬‬

‫‪23‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪- 2‬مفهىو أدب األطفال‪:‬‬


‫ومتغير األبعاد طبقا إلعتبارات‬
‫ّ‬ ‫متعدد الجوانب‬
‫ّ‬ ‫إف أدب األطفاؿ أدب واسع المجاؿ‪،‬‬
‫ّ‬
‫الموجو إليو ىذا األدب‪ ،‬وغير ذلؾ مف االعتبارات‪...‬‬
‫السف ّ‬
‫كثيرة مثؿ‪ :‬نوع األدب نفسو‪ ،‬و ّ‬
‫مجرد القصة أو الحكاية النثرية أو ِّ‬
‫الشعرية‪ ،‬واّنما يشمؿ المعارؼ‬ ‫فأدب األطفاؿ ال يعني ّ‬
‫مادة عممية‪ ،‬أـ تمثيميات أـ‬
‫إف كؿ ما ُيكتب لؤلطفاؿ سواء كاف قصصا أو ّ‬
‫اإلنسانية كمّيا‪ّ .‬‬
‫مج بلت أو برامج إذاعية أو تمفزيونية أو‬
‫معارؼ عممية أـ أسئمة وتفسيرات في كتب أو ّ‬
‫( ‪)1‬‬
‫النتاج األدبي‪ ،‬الذي‬
‫بأنو ّ‬
‫غيرىا‪ ،‬كمّيا مواد تشكؿ أدب األطفاؿ ‪ .‬كما عرؼ أدب األطفاؿ ّ‬
‫التذوؽ‪ ،‬ووفؽ طبيعة‬
‫وقدرتيـ عمى الفيـ و ّ‬
‫ا‬ ‫يتبلءـ مع األطفاؿ حسب مستوياتيـ وأعمارىـ‬
‫العصر وبيا يتبلءـ مع المجتمع ال ّذي يعيشوف فيو‪ ...‬فبل يمكف أف نبحث عف أدب األطفاؿ‬
‫بالصورة التّي يعرفيا ىذا العصر كما ال يمكف أف نبحث عف سيماتو وطبيعتو وأذواقو‬

‫وأسموبو ‪ .‬وىكذا نبلحظ ِاختبلفا أو ّ‬


‫( ‪)2‬‬
‫تعدد اآلراء حوؿ أدب األطفاؿ‪.‬‬
‫الفنية التّي تنتقؿ‬
‫الموجو لمطفؿ‪ ،‬أو األعماؿ ّ‬
‫إ ّف مصطمح أدب األطفاؿ ىو األدب ّ‬
‫لؤلطفاؿ عف طريؽ وسائؿ اإلتّصاؿ المختمفة‪ ،‬والتّي تشتمؿ عمى أفكار وأخيمة‪ ،‬وتعبِّر عف‬
‫أحاسيس تتفؽ ومستويات نمو الطفؿ‪.‬‬
‫وتتجسد فيو المعمومات بأسموب بسيط‬
‫ّ‬ ‫ُينشئ أدب األطفاؿ عالما شائؽ المتعة والتّرفيو‬
‫خاصة بما‬
‫ّ‬ ‫يتوجو إلى عالـ الصغار بصفة‬
‫ومشوؽ‪ « :‬إف أدب األطفاؿ ىو لوف مف األدب ّ‬
‫يقد مو ليـ مف المعرفة واألخبار في قالب المتعة واإلثارة التي تستمد روعتيا مف عالـ‬
‫ّ‬
‫( ‪)3‬‬
‫حيث يتمتع بو‬
‫ُ‬ ‫أف ىناؾ عبلقة متعة ومنفعة بيف األطفاؿ وآدابيـ‪،‬‬
‫نبلحظ ّ‬ ‫الصغار»‬
‫ّ‬
‫وينتفَع منو‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ - 1‬إسماعيؿ عبد الفتّاح‪ ،‬أدب األطفاؿ في العالـ المعاصر‪ ،‬رؤية نقدية تحم يمية الناشر مكتبة الدار العربية لمكتاب ط‪،7‬‬
‫القاىرة‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫محمد حسف بريغش‪ ،‬أدب األطفاؿ‪ ،‬أىدافو وسماتو‪ ،‬مؤسسة الرسالة لمطباعة والنشر والتوزيع‪،‬ط‪ ،9‬بيروت‪،‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ّ :‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ ،7222‬ص‪.62‬‬
‫‪ - 3‬إسماعيؿ عبد الفتاح‪ ،‬معايير جودة كتب األطفاؿ‪ ،‬العربي لمنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،7‬القاىرة‪ ،9077 ،‬ص ‪.77- 70‬‬

‫‪24‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفنية الجمالية في أدب األطفاؿ‪ ،‬ميما تكف المضاميف والقيـ‬


‫البد مف توافر المعايير ّ‬
‫ّ‬
‫(إنو فف وابداع)‪ .‬وىذه شيادة أخرى ألديب األطفاؿ والباحث في أدبيـ حيث‬
‫رفيعة وىامة ّ‬
‫الفف الخالص‪...‬‬
‫تتحوؿ إلى نوع مف ّ‬
‫إف كتب األطفاؿ يجب أف ّ‬
‫يوسؼ عبد التّواب يقوؿ‪ّ « :‬‬
‫الجيد ال يقتصر عمى المضموف مف أفكار وقيـ بؿ يتمثّؿ‬
‫أو بكممة أخرى‪ :‬أدب األطفاؿ ّ‬
‫أف المضموف وال ّشكؿ دائما‬
‫فنية مختمفة حيث ّ‬
‫بال ّشكؿ مف لغة وأسموب وخياؿ وعناصر ّ‬
‫( ‪)1‬‬
‫ّإنو متكامؿ ال يمكف فصؿ عنصر عف آخر‪ .‬واذا‬ ‫متبلحماف يصعب الفصؿ بينيما»‬
‫النوع األدبي‪.‬‬
‫حاولنا فعؿ ذلؾ فإنو حتما سوؼ نؤدي إلى اختبلؿ في المعنى الحقيقي ليذا ّ‬
‫ثار إيجابية في تكوينيـ وبناء شخصياتيـ‪.‬‬
‫أما أحمد زلط فيرى أف ألدب األطفاؿ آ ا‬
‫ّ‬
‫النمط مف اإلبداع‬
‫أف ىذا ّ‬ ‫المميزة مف أدب الكبار‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬ ‫الموجو لمطفؿ لو طبيعتو‬
‫فاألدب ّ‬
‫النمو المّغوي و ِ‬
‫االنفعاؿ‬ ‫األدبي يقوـ بوظائؼ التّربية الوجدانية‪ ،‬أو الوظيفة األخبلقية و ّ‬
‫التذوؽ الفنِّي عند الطفؿ واكتسابو لمقيـ‬
‫ّ‬ ‫الحس الجمالي أو‬
‫اإليجابي باألدب بتنمية ِّ‬
‫والسموكيات والميارات المّغوية والتّعبير والميؿ إلى المّغة وآدابيا‪ ،‬ومف ثـ التّعبير السميـ عف‬
‫مطالبو وأفكاره ومشاعره( ‪ .)2‬وعميو فإف ليذا األدب فوائد وأىدافا تعود عمى شخصية ونفسية‬
‫ميمة في‬
‫سويا‪ .‬أصبح أدب األطفاؿ يحتؿ مكانة ّ‬
‫الطفؿ باإليجاب فتجعؿ منو شخصا ّ‬
‫العصر الحديث نتيجة لوعي المجتمعات المتقدمة‪ ،‬ومدى إسيامو في تربية الطفؿ وتثقيفو‬
‫ويحبو‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحرة واختيار ما يجذبو‬
‫فكريا واجتماعيا ونفسيا وخمقيا مف خبلؿ القراءة ّ‬

‫‪ - 1‬إسماعيؿ عبد الفتاح‪ ،‬معايير جودة كتب األطفاؿ‪ ،‬ص‪.79‬‬


‫لمن شر والتّوزيع‪ ،‬ط‪ ،9‬القاىرة‪،7226 ،‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬أحمد زلط‪ ،‬أدب األطفاؿ أصولو مفاىيمو ورواده‪ ،‬الشركة العربية ّ‬
‫‪2‬‬

‫ص‪.32‬‬

‫‪25‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ - 3‬أنىاع أدب األطفال‪:‬‬


‫لمالو مف تأثير واضح في‬
‫الروافد الثقافية لشخصية الطفؿ‪ّ ،‬‬
‫إف أدب األطفاؿ ىو أحد ّ‬
‫ّ‬
‫تربيتو وتنشئتو اإلجتماعية‪ ،‬إذ ال يمكف لو أف يعيش منعزال عف الناس‪ ،‬فيو الباحث عف‬
‫نمو نفوس األطفاؿ مف خبلؿ القصص والبطوالت وأخبار‬
‫خمؽ اإلتجاىات اإليجابية في ّ‬
‫رجاؿ التاريخ‪ ،‬والمساعد عمى تكويف ال ّذوؽ الفنّي واألدبي العممي‪ ،‬مف سماع موسيقى ومعرفة‬
‫القصة‪ ،‬الّتي تحتؿ المكانة األولى في‬
‫ّ‬ ‫نمو أذواقيـ مف خبلؿ‬
‫الفنوف الجميمة والعامؿ عمى ّ‬
‫أدب األطفاؿ والّتي ليا تأثير كبير في اكتشاؼ ميوالتيـ ومياراتيـ في سف مبكرة‪ .‬تستخدـ‬
‫أف‬
‫األسرة والمدرسة ىذا األدب مف أجؿ المساعدة في تكويف شخصية الطفؿ وصقميا‪ .‬كما ّ‬
‫العديد مف المؤسسات اإلجتماعية ووسائؿ اإلعبلـ المختم فة تسير عمى المنحنى نفسو‪ .‬فأدب‬
‫األطفاؿ يتخذ أشكاال عديدة ويكتب في مجاالت واسعة مختمفة‪ .‬واذا كانت ثقافة األطفاؿ‬
‫تعني الكتب والمجاالت والمقاالت التي ي قرؤونيا واألفبلـ والمسارح التي يشاىدونيا واألغاني‬
‫الخاصة بيـ( ‪ ،)1‬فاألنواع األدبية الموجية لمطفؿ مختمفة ومتنوعة بيف شعر ونثر وقصص‪.‬‬
‫مف ىنا يمكف ضبط األنواع األدبية‪ ،‬التي تشكؿ مادة أدب األطفاؿ العربي مع التجارب‬
‫الزمنية مع ذيوع (التّنوع األدبي) والوسيط الناقؿ‬
‫األدبية‪ ،‬التعريب والتأليؼ طواؿ تمؾ الفترة ّ‬
‫لو في سائر األقطار العربية‪ ،‬إذ يستطيع تحديد األنواع الشعرية ونظائرىا في فنوف النثر‬
‫لؤلطفاؿ( ‪ .)2‬فأدب األطفاؿ ثري مف حيث تمظيراتو في األغاني واألناشيد واألشعار وقصص‬
‫وحكايات ومسرحيات‪ ،‬األمر الذي جعؿ منو محط اىتماـ واقباؿ مف الطفؿ‪ّ .‬إنو الدعامة‬
‫األساسية في بناء شخصيتو‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬عبد المعطي نمر موسى‪ ،‬محمد عبد الرحيـ الفيصؿ‪ ،‬أدب األطفاؿ‪،‬دار الكندي لمنثر و التوزيع‪،‬األردف‬
‫ص‪.36‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬أحمد زلط‪ ،‬أدب الطفؿ دراسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪ ،‬دار الوفاء لدينا الطباعة والنشر‪ ،‬ط‪،9‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.733‬‬

‫‪26‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إف أدب األطفاؿ‪ ...‬كممة مركبة تحوي في طياتيا كؿ ما يقدمو ىذا األدب لمطفؿ مف‬
‫ّ‬
‫نثر وشعر‪ ،‬ومف خبلؿ ما يحويو مف رسوـ وصور ونماذج مكتوبة أو إخراج‪ ،‬ما يساعد‬
‫سمو في القيـ واالنطباعات وأنماط السموؾ‪ ،‬حتى يصؿ‬
‫الرفيع وال ّ‬
‫الفني ّ‬
‫التذوؽ ّ‬
‫ّ‬ ‫الطفؿ عمى‬
‫بذلؾ إلى تحقيؽ ما أريد لو مف أىداؼ منشودة( ‪ .)1‬كاف القصد خدمة وتثقيؼ وترفيو الطفؿ‬
‫مف خبلؿ التنوع في األنماط واألشكاؿ األدبية‪ .‬فثقافة األطفاؿ يعنى بيا‪ ،‬أدبيـ وكؿ ما يوجو‬
‫ليـ مف أفبلـ وقصص ومسارح و ٍ‬
‫أغاف و النقطة األساسية في بداية كؿ ىذه األنواع األدبية‪،‬‬
‫الجيد المناسب‪ .‬وعميو كاف اىتماـ كت اب األطفاؿ بيذه النقطة لكونيـ الدعامة‬
‫ىي النص ّ‬
‫( ‪)2‬‬
‫فالنص في ىذه األعماؿ األدبية يجب أف‬
‫األولى التي يمكف أف ترفع ىذا الصرح الشامخ ‪ّ .‬‬
‫المميزة و معرفة القواعد السميمة لمكتابة‬
‫ّ‬ ‫يكوف مراعيا لمراحؿ نمو األطفاؿ وخصائصيا‬
‫الفنية‬
‫الفنية‪ .‬وعميو يجب عمى كاتب األطفاؿ أف يكوف عمى عمـ باألساليب ّ‬
‫األدبية ّ‬
‫الدرامية البلّزمة لكتابة قصة أو مسرحية أو أنشودة أو أغنية‪ .‬وأف تكوف لديو خبرة‬
‫والنظريات ّ‬
‫بقاموس األطفاؿ المحدود حتى يمكف مف القوؿ ّأنو حقؽ ىذا المّوف مف ألواف األدب بنجاح‪.‬‬

‫أ ‪-‬انقصة‪:‬‬
‫تعددت مفاىيـ القصة بسبب تعدد وجيات النظر‪ّ .‬إنيا تختمؼ مف كاتب آلخر‪ ،‬فعند‬
‫ّ‬
‫محمد تونسي ىي‪ « :‬مجموعة مف األحداث التي يروييا الكاتب فيي تتناوؿ حادثة واحدة أو‬
‫عدة‪ ،‬تتعمؽ بشخصيات إنسانية مختمفة تتبايف أساليب عيشيا وتصرفيا في الحياة‬
‫حوادث ّ‬
‫عمى غرار ما تتبايف حياة الناس عمى وجو األرض ويكوف نصيبيا في القصة متفاوت مف‬
‫حيث التأثير والتأثر»( ‪ .)3‬فالقصة ىي أحداث يروييا الكاتب عمى لساف شخصيات مختمفة‬
‫تتعمؽ بحياتيـ و تصوراتيـ ووجيات نظرىـ ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬أحمد نجيب‪ ،‬المضموف في كتب األطفاؿ‪ ،‬دراسات في أدب األطفاؿ‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫‪ - 3‬محمد يوسؼ نجـ‪ ،‬فف القصة‪ ،‬دار صادر لمطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،7222 ،7‬ص‪.02‬‬

‫‪27‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويضيؼ أيضا‪ « :‬إ ّف القصة حوادث يخترعيا الخياؿ وىي بيذا ال تعرض لنا الواقع كما‬
‫السير‪ ،‬وانما تبسط أمامنا صورة مموىة منو‪ ،‬وال يفرض في الكاتب‬
‫تعرضو كتب التاريخ و ّ‬
‫الذي يتجو اتجاىا واقعيا في قصتو أف يعرض عمينا مف الحوادث ما سبؽ وقوعيا فعبل أو ما‬
‫ثبتت صحتو بالوثائؽ والمستندات وال مف الشخصيات و ما لو ذكر في سجؿ المواليد‬
‫والوف يات ولكف عميو أف يقنعو إلمكاف حدوث مثؿ ىذه الحوادث ووجود مثؿ ىذه الشخصيات‬
‫التي نحياىا ونعرفيا»( ‪ .)1‬فالقصة ليست بالضرورة واقعا حقيقيا‪ ،‬لو سند تاريخي واّنما تكوف‬
‫مف إبداع خياؿ الكاتب وخبراتو ورؤاه ‪.‬‬
‫بأنيا وسيمة مف وسائؿ التعبير الفني ينشرىا الكاتب فيبرز‬
‫يعرفيا أحد الباحثيف‪ّ «:‬‬
‫كما ّ‬
‫بيا ما يشغؿ الناس مف أمور الحياة وما تصؼ بو نفوسيـ»( ‪ّ .)2‬إنيا وسيمة إلبراز ما يشغؿ‬
‫الناس مف أمور الحيا ة‪ ،‬وما تتصؼ بو نفوسيـ مف خبلليا‪ ،‬كما يذىب عبد العزيز شرؼ في‬
‫خيمة أو بسط‬
‫مرت بخاطر الكاتب أو تسجيؿ صورة بيا مت ّ‬
‫إف القصة عرض لفكرة ّ‬
‫القوؿ‪ّ « :‬‬
‫لعاطفة اختمجت في صدره أو كؿ أولئؾ مجتمعيف»( ‪ .)3‬فالقصة عرض لفكرة وتسجيؿ لصورة‬
‫وبسط لعاطفة‪ ،‬اليدؼ منيا التأثير في النفوس ونشر األفكار والمعارؼ‪.‬‬
‫الموجهة لمطفل‪:‬‬
‫القصة ّ‬
‫القصة المكتوبة لؤلطفاؿ جزء مف القصة وفرع منيا‪ ،‬يقوؿ محمد مرتاض‪ «:‬فبل فرؽ‬
‫بيف قصة الكبار وقصة الصغار إال في التبسيط والتوضيح والتحميؿ واإلبتعاد عف الغموض‬
‫المموج‪ ،‬والبد لئلضافة إلى ذلؾ أف تشتمؿ القصة عمى مغزى أخبلقي يدفع‬
‫ّ‬ ‫المفرط والتعقيد‬

‫‪ - 1‬محمد يوسؼ نجـ‪،‬فف القصة‪ ،‬ص‪.70‬‬


‫‪ - 2‬العيد جمولي‪ ،‬النص األدبي لؤلطفاؿ في الجزائر‪ ،‬دراسة تاريخية فنية في فنونو وموضوعاتو بمساىمة والية ورقمة‪ ،‬دار‬
‫ىومة‪ ،‬ط‪ ،9000 7‬ص‪.67‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫الموجية لمكبار ال تختمؼ كثي ار عف القصة‬
‫الطفؿ إلى التفكير والتركيز» ‪ .‬إذف القصة ّ‬
‫إف ليما ىدفا أخبلقيا تربويا يدفع الطفؿ إلى التفكير‪.‬‬
‫لمصغار‪ّ ،‬‬
‫الموجية ّ‬
‫ّ‬
‫متعدد المضاميف يكتبيا الكبار‬
‫ّ‬ ‫فني‬
‫كما يعرفيا أحمد زلط عمى ّأنيا‪ « :‬لوف قرائي ّ‬
‫لؤلطفاؿ وتشمؿ عمى عناصر منيا الحدث‪ ،‬الشخصيات‪ ،‬بيئة القصة‪( ،‬الزماف والمكاف)‬
‫السرد القصصي واألسموب العقدة الفنية‪ ،‬االنفراج (الحؿ)‪ ،‬اليدؼ‪ ،‬ويراعي الكاتب تمؾ‬
‫ّ‬
‫العناصر لتناسب المراحؿ والخصائص العمرية النم ائية عند األطفاؿ وقدراتيـ في اإلستيعاب‬
‫الحرة»( ‪ .)2‬فمنو‬
‫فعاؿ في المنيج التربوي والمدرسي وفي القراءة ّ‬
‫والتمقي لكوف ّأنيا وسيط ّ‬
‫الموجية لمطفؿ يجب أف تكوف أكثر بساطة ومراعاة لممراحؿ العمرية لو‪.‬‬
‫يظير أف القصة ّ‬
‫تنقسـ قصص األطفاؿ إلى أنواع تتمثؿ فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬القصص االجتماعية‬
‫‪ -‬القصص التاريخية‬
‫‪ -‬القصص الدينية‬
‫‪ -‬القصص الخيالية والعممية‬
‫‪ -‬قصص البطوالت والمغامرات‬
‫‪ -‬القصص اليزلية والرسوـ‬
‫‪ -‬قصص الحيواف‬
‫‪ ‬القصص االجتماعية‪:‬‬
‫عبارة عف موضوعات مستمدة مف الواقع‪ ،‬مف حيث أنيا تصور إحدى البيئات مف‬
‫طبيعة وعادات وتقاليد ومشاكؿ‪ ،‬فيي تصور الحياة كما ىي بالنسبة لمطفؿ‪ « :‬تدؿ تسميتيا‬
‫أف موضوعيا ىو الحياة اإل جتماعية داخؿ البيت وخارجو‪ ،‬فيذه القصص تعزز اتصاؿ‬
‫عمى ّ‬

‫‪- 1‬العيد جمولي النص األدبي لؤلطفاؿ في الجزائر‪ ،‬الصفحة‪. 67‬‬


‫‪ - 2‬احمد زلط‪ ،‬أدب الطفؿ العربي‪ ،‬دراسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪ ،‬ص ‪.727- 720‬‬

‫‪29‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الطفؿ بمجتمعو وتطمعو عمى مشكبلتو وقضاياه وتعرفو بالمجتمعات الخارجية‪ ،‬طبائعيا‬
‫وعاداتيا وأنماط حياتيا وكؿ ما يتصؿ بيا وىي كذلؾ مسرح مف مسارح البطوالت الوطنية‬
‫المتمثمة في حب الوطف والدفاع عنو والتغني ببطوالتو وأمجاده»( ‪ . )1‬ففي داخؿ البيت تعيش‬
‫وتقوـ عبلقات اآلباء واألبناء وبيف اإلخوة وخارج البيت الجيراف وزمبلء الدراسة‬
‫ّ‬ ‫األسرة‬
‫أعضاء النادي‪ ،‬محطة القطار‪ .‬كؿ ىذه األماكف تصمح إلكتشاؼ موضوعات قصصية‬
‫ىدفيا توجيو السموؾ اإلجتماعي وتربية الحسف ال ّذوقي العاـ والحرص عمى الممكية العامة‬
‫التي تيدؼ إلى حفظ الجماعة وتقوية أواصرىا‪ .‬حظي ىذا النوع مف القصص بنسبة إقباؿ‬
‫محدودة مف األطفاؿ وىذا يعني أف الطفؿ ال يميؿ كثي ار إلى قراءة الواقع واإلرتباط بو أو‬
‫إدراؾ جوانبو‪.‬‬
‫يقوؿ أحد الباحثيف‪ « :‬إذا كاف الطفؿ يبدأ باإلىتماـ بالواقع وارتباطاتو‪ ،‬وىي مرحمة ال‬
‫يكوف قد استطاع فييا أف يممؾ المغة أو القراءة المستمرة لفترة طويمة فمربما كانت الصيغة‬
‫(الرسوـ) مع تعميقات مختصرة‪ ،‬توضح داللة الرسـ‬
‫ّ‬ ‫المناسبة لمقصة اإلجتماعية ىي قصة‬
‫وتنمي فكرة القصة»( ‪ . )2‬فالقصة االجتماعية ىي مف القصص‪ ،‬التي تصور البيئة مف حيث‬
‫الطبيعة التي يعيشيا الناس وعاداتيـ‪.‬‬
‫‪ ‬القصص التاريخية‪:‬‬
‫قصص شائقة حوادثيا وشخصياتيا مف التاريخ‪ ،‬حيث ّأنيا تنمي الشعور بالجنس‬
‫والقومية التي ينتمي إلييا الطفؿ‪ «:‬فاليدؼ مف القصة التاريخية ىو إرضاء نزعة الطفولة‬
‫وعشؽ الشجاعة عند الطفؿ وتنمية الحس اإلنتمائي لموطف وكذلؾ بغرض تنمية المعمومات‬
‫واغناء الخياؿ والتعريؼ بطرفي الصراع وموقع الحركة وظروفيا وكيفية التخطيط ليا‬
‫قيمة تفتح الذىف عمى أفاؽ ربط‬
‫وتنفيذىا وىذا كمو يضيؼ إلى القارئ الصغير معمومات ّ‬

‫‪ - 1‬عمر األسعد‪ ،‬أدب األطفاؿ‪ ،‬عالـ الكتب الحديث‪ 7222 ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ - 2‬محمد حسف عبد اهلل‪ ،‬قصص األطفاؿ ومسرحيـ‪ ،‬دار قباء لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،9007،‬ص ‪.26- 26‬‬

‫‪30‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫األسباب بالنتائج وكيفية مواجية اإلحتماالت وأىمية اليقظة والمفاجأة والتّضحية مف أجؿ‬
‫أف الطفؿ المستمع أو القارئ أو المشاىد‬
‫تحقيؽ األىداؼ وىذا ينبغي عمى المؤلؼ أف يراعي ّ‬
‫سرعاف ما يتعمؽ بالشخصية التاريخية»( ‪ .)1‬فالقصة التاريخية تساعد الطفؿ عمى تخيؿ أبطاؿ‬
‫التميز و المفاضمة و المفاخرة ‪.‬‬
‫أوطانو وجعمو منيـ مثاال لو يحتذي ّ‬
‫الدينية‪:‬‬
‫‪ ‬القصص ّ‬
‫ىي التي تستمد أحداثيا مف النص الديني‪ ،‬تتناوؿ موضوعات دينية كالعبادات والعقائد‬
‫أعده اهلل تعالى لعباده مف ثواب أو عقاب‪ «:‬القصص الدينية‬
‫والمعامبلت واألخبلؽ وما ّ‬
‫الديف‬
‫ىدفيا التعريؼ بسير الرسؿ (عمييـ السبلـ) وما واجيوه مف صعاب في سبيؿ نشر ّ‬
‫الصحابة‬
‫الديف وسير ّ‬
‫ومقاومة الفكر وتعميؽ اإليماف باهلل سبحانو وتعالى وتعميـ فرائض ّ‬
‫الرسوؿ (ص) والفتوحات اإلسبلمية وقصص الحيواف في القرآف الكريـ‪،‬‬
‫وأبطاؿ غزوات ّ‬
‫أف اإليماف باهلل أساس الوجود اإلنساني‬
‫فموضوعات ىذه القصص ىي األخبلؽ حيث تؤكد ّ‬
‫أف الموقع الذي‬
‫الفاضؿ والحر وتحث عمى اعتناؽ صفات الخير وتنفر مف ال ّشر وال شؾ ّ‬
‫الد ينية يدؿ عمى أىمية القيـ في حياة الطفؿ وتطمعو إلى المثالية»(‪ .)2‬إ ّف‬
‫نالتو القصص ّ‬
‫الدينية في نفوس األطفاؿ وتعمميـ‬
‫الدينية تعد إحدى الوسائؿ اإليجابية لتكويف العقيدة ّ‬
‫القصة ّ‬
‫القيـ واألخبلؽ الحسنة‪ّ .‬إنيا إحدى الوسائط لتكويف العقيدة الدينية في نفوسيـ‪.‬‬
‫‪ ‬القصص الخيالية والعممية‪:‬‬
‫حكايات تقوـ عمى افتراض شخصيات وأعماؿ خارقة ال وجود ليا في عالـ الواقع‬
‫يعرؼ محمد حسف عبد اهلل القصص الخيالية عمى أنّيا‪:‬‬
‫وتدور حوؿ أحداث غير حقيقية‪ّ .‬‬
‫«نوع مف أنواع القصص التي تجري أحداثيا المتخيمة في عصور سابقة وأبطاليا مف‬
‫حيوانات المخموقات العجيبة (األسطورية) او الجف والسحرة وفي ىذه القصص تتجمى فييا‬

‫‪ - 1‬محمد حسف عبد اهلل‪ ،‬قصص األطفاؿ ومسرحيـ‪ ،‬ص ‪.26- 23‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.20- 22‬‬

‫‪31‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫طبائع الشعوب والعصور وأخبلؽ البشر في صراع الخير مع ال ّشر‪ ،‬وأىـ ىذه القصص‬
‫(ألؼ ليمة وليمة) ومف بيف حكاياتيا (السندباد البحري) ‪(،‬اندرسوف واألميرة المسحورة)‪( ،‬أمير‬
‫( ‪)1‬‬
‫الفنية واقعية مف‬
‫القصر الذىبي) و(سندريبل)» ‪ .‬كؿ ىذه القصص خيالية‪ ،‬لكف المعالجة ّ‬
‫حيث اإلىتماـ بالفعؿ اإلنساني وتحميؿ الطبيعة البشرية فقصة (سندريبل) مثبل خيالية ولكنّيا‬
‫صورت حياة ومشاعر وأفعاؿ في إطار الواقع‪ ،‬ممكنة الحدوث‪.‬‬
‫أما القصص العممية‪:‬‬
‫‪ّ ‬‬
‫فتتضمف بعض الحقائؽ والمعمومات عف الحيواف أو النبات وبعض المظاىر مف‬
‫ّ‬
‫الطبيعة والنواحي الجغرافية بصورة مبسطة‪ « :‬ىذه القصص تقوـ عمى استغبلؿ الميؿ‬
‫الفطري لدى اإلنساف لمتأثير باألسموب الجميؿ الذي يعتمد عمى التصوير وينتقي الكممات‬
‫والعبارات ذات الجرس المجيب ويرسـ جوا عاطفيا يثير اإلنفعاؿ وتتخذ ىذه القصة‬
‫تقوـ عمى‬ ‫موضوعيا مف اإلختراعات واإلكتشافات وىناؾ أيضا قصة (الخياؿ العممي)‬
‫فرضيات غي ر عممية لكف المؤلؼ يقوـ بتوصيؿ المعمومات بطريقة تثير خياؿ الطفؿ عمى‬
‫التفكير كما أنيا تبدأ مف مخترعات موجودة فعبل كما تطرؽ إلى اإلنساف اآللي والكواكب‬
‫البعيدة‪ .‬ومف بيف ىذه القصص‪( :‬قمب روعة في البناء)‪( ،‬أسمحة الحيواف)‪( ،‬بتيوفف يسمع‬
‫( ‪)2‬‬
‫مخيمة األطفاؿ وتوجيييـ نحو البحث‬
‫فيذا النوع مف القصص يقوـ عمى إثارة ّ‬ ‫بالعصا)»‬
‫وشيؽ‪.‬‬
‫العممي‪ ،‬وي ّبيف ليـ حقائؽ العمـ بأسموب ممتع ّ‬
‫‪ ‬قصص المغامرات و القصص البوليسية‪:‬‬
‫نوع مف القصص يعرؼ بالقصص المغامرات أو بمقصص البوليسية‪ .‬قصص تدور‬
‫حوؿ جريمة ارتكبيا شخص أو أكثر‪ .‬يسعى أبطاليا إلى كشؼ الجناة عف طريؽ سمسمة مف‬
‫األحداث‪ «:‬فالقصص البوليسية واسعة اإلنتشار وتقوـ عمى توقع حدوث جريمة لتحقيؽ ىدؼ‬

‫‪ - 1‬محمد حسف عبد اهلل‪ ،‬قصص األطفاؿ ومسرحيـ‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.23- 29‬‬

‫‪32‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يحدث ضر ار او وقوع جريمة بالفعؿ (كالقتؿ أو السرقة أو أس ارر الدولة أو اختطاؼ أو تدمير‬
‫منشآت وسدود)‪ .‬ويكوف ىدؼ الشرطة منع وقوع الجريمة في الحالة األولى والقبض عمى‬
‫الجناة ومعاقبتيـ وفي الحالة الثانية مف الحبكة تعتمد عمى اإلتقاف بحيث ال تبدو ساذجة‬
‫مكشوفة وال يسيؿ تحديد خاتمة الحدث قبؿ الوصوؿ إليو واليدؼ مف ىذه القصص ىو‬
‫المبارة بيف‬
‫ا‬ ‫اإل كتشاؼ والمتعة‪ ،‬واستغبلؿ الذكاء في الربط والمقارنة والتذكر والتوقع مثؿ‬
‫الجاني وأجيزة العدالة (الشرطة والقضاء) فيي دائما تعتمد عمى الذكاء عدا ىدؼ المتعة‬
‫وىناؾ أىداؼ أخرى تربوية تعرؼ الطفؿ ببعض سمبيات المجتمع التي سمحت بحدوث‬
‫الجريمة وتعرفيا ببعض القوانيف والنظـ والسموكيات المرغوبة أو المرفوضة بحيث تساؽ‬
‫( ‪)1‬‬
‫النوع مف القصص ينمي داخؿ الطفؿ نوازع الشجاعة والقوة ويجعؿ‬
‫بأسموب وأحكاـ» ‪ .‬ىذا ّ‬
‫منو شخصا يسعى دائما إلى تحقيؽ بطولة ما تميزه مف سواه وتثير تفكيره‪.‬‬
‫‪ ‬قصص الرسوم والهزلية‪:‬‬
‫الرس وـ توقؼ اإلقباؿ عمييا في سف التاسعة تقريبا‪ .‬ومع ذلؾ فإنيا تخاطب‬
‫قصص ّ‬
‫أف الصورة ىي التي تؤدي الدور‬
‫مستويات متفاوتة في قدرتيا عمى القراءة عمى الرغـ مف ّ‬
‫الرسوـ ىي ّأوؿ ما يخاطب‬
‫األساس في جذب اإلنتباه وتساعد عمى تجسيد المعنى ‪«:‬فقصة ّ‬
‫الطفؿ‪ ،‬ويمكف اإل ستعانة بيا حتى قبؿ مرحمة القراءة كأف يرسـ مشيد كامؿ وبجواره نفس‬
‫ويكوف منو قصة حيث يكتشفيا مف‬
‫المشيد وقد ت قص شيئا‪ ،‬ونتركو لمطفؿ كي يتأممو ويرتبو ّ‬
‫خبلؿ تصوره لمعبلقة بيف األشياء مثبل‪( :‬أرض فييا زرع وأزىار)‪( ،‬أرض جرداء)‪( ،‬أرض‬
‫الرسوـ دائما أداة ناجحة إذا ما أجيد إخراجيا‬
‫تروي بالماء وفييا فبلح يزرع)‪ ،‬وتكوف قصة ّ‬
‫الفني وانتقاء عناصرىا الفكرية والمغوية لتحريؾ خياؿ الطفؿ واجتذابو إلى التعبير عف أفكاره‬

‫‪ - 1‬سمير عبد الوىاب أحمد ‪ ،‬قصص وحكايات األطفاؿ وتطبيقاتيا العممية‪ ،‬دار المسيرة لمنشر والتوزيع والطباعة‪،‬ط‪7‬‬
‫عماف‪ ،9006،‬ص‪.69‬‬

‫‪33‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫الرسوـ تساعد الطفؿ عمى فيمو‬
‫قصة ّ‬
‫الرمز إلى كممات» ‪ .‬يبلحظ أف ّ‬
‫وتمرينو عمى تحويؿ ّ‬
‫الرسوـ والعبارات الموجودة مف تحت الرسوـ‪.‬‬
‫لتمؾ القصة وذلؾ مف خبلؿ ّ‬
‫‪ ‬أما القصص الهزلية‪:‬‬
‫تتميز بالقصر والبساطة‪ ،‬وتكوف عقدتيا في النياية وتستمد موضوعاتيا مف‬
‫قصص ّ‬
‫الحياة اليومية‪ « :‬فتقوـ بتضخيـ العيوب إلثارة الضحؾ وتتضمف التّكرار الذي يعتبر عنصر‬
‫ىاـ مف عناصرىا وتظـ أحيانا مواعظ خمقية يمكف تطبيقيا في المواقؼ الحياتية فقيمتيا‬
‫التربوية تتركز في إمتاع الطفؿ والترويح عف نفسو والتنفيس عف الضغوط التي تحيط‬
‫بيـ»( ‪ .)2‬فيذا ال صنؼ مف القصص يساعد الطفؿ عمى الترويح عف النفس ويبعده عف كؿ‬
‫الضغوطات التي تحيط بو‪ ،‬حيث أف المواقؼ المضحكة‪ ،‬التي تتضمنيا تبيج قمبو‪.‬‬
‫‪ ‬قصص الحيوان‪:‬‬
‫ألف شخصيات ىذه القصص مف الحيواف‪ .‬شاع ىذا النوع مف‬
‫سميت بيذا النوع‪ّ ،‬‬
‫القصص منذ القدـ‪ ،‬وأقبؿ عميو األطفاؿ في شتى ب قاع العالـ‪ « :‬وتتمثؿ في القصص التي‬
‫تقوـ الحيوانات بدور الشخصيات فييا‪ ،‬ومنيا قصص المغامرات أو بطولة أو خياؿ عممي‬
‫وتناوؿ ىذه القصص الصفات والخصائص والميزات التي تتميز بيا ىذه الحيوانات (الكمب ‪-‬‬
‫الوفاء‪ ،‬الثعمب ‪ -‬المكر‪ ،‬الحمامة ‪-‬الوداعة‪ ،‬النمؿ ‪ -‬النشاط) وقد تكوف ىذه القصص‬
‫( ‪)3‬‬
‫إف ىذا النمط مف الق صص يحبو األطفاؿ ويتعمقوف بو ألنيـ يستطيعوف أف يقبموا‬
‫خيالية» ‪ّ .‬‬
‫عميو دوف ممؿ‪ .‬فيذه القصص كانت منذ القدـ مثبل‪( :‬كميمة ودمنة) التي تعتبر مف أروع‬
‫قصص الحيواف وىذه القصص وردت أيضا في القرآف الكريـ كونيا تحوي أخبلقا تربوية‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد حسف عبد اهلل‪ ،‬قصص األطفاؿ ومسرحيـ‪ ،‬ص‪.22- 26‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- 03/05/2016 23h.24‬‬ ‫‪Https/old/uqu.edu.sa/page/ar/106419‬‬
‫‪ - 3‬إيماف البيقاعي‪ ،‬المتقف في أدب األطفاؿ والشباب‪ ،‬دار الناشر‪ ،‬الراتب الجامعية‪ ،‬ص‪.736‬‬

‫‪34‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪- 1‬عناصر تناء قصص األطفال ومقىماتها‪:‬‬


‫الجيدة ىي التي تتناوؿ موضوعا يثير انتباه الطفؿ‬
‫إف الفكرة ّ‬
‫أ ‪-‬الموضوع اإلشكالي‪ّ :‬‬
‫لضخامتو‪ ،‬أو لغرابتو أو ل ّذتو أو إلستيوائو النفسي‪ ،‬والفكرة ىي قمب القصة‪ .‬وكمّما اتخذت‬
‫الفكرة طريقا مقبوال ومنطقيا في تطورىا‪ ،‬كانت نيايتيا أكثر ثباتا وات فاقا مع بقية المواقؼ‬
‫والحوادث‪« :‬تجري أحداث القصة في إطارىا‪ ،‬وحسف اختيار ىذه الفكرة يمثؿ الخطوة األولى‬
‫اليامة في طريقة إنتاج قصة ناجحة ومف الميـ أف يكوف لكاتبيا وضوح تصوري كامؿ لفكرة‬
‫قصتو ألف ىذا يمثؿ األساس الذي ستبني عميو مختمؼ العمميات الفنية األخرى بوعي كامؿ‬
‫وادراؾ تاـ ال يشبو التشويش ‪ ،‬فتختمؼ الفكرة باختبلؼ قرائيا وفي اختبلؼ مستوياتيـ الفكرية‬
‫واإل جتماعية ومجاالت اىتماميـ المختمفة وخبراتيـ السابقة كما تختمؼ الفكرة باختبلؼ‬
‫الموضوع الذي تدور حولو القصة فعمى سبيؿ المثاؿ‪ :‬فإف في القصص البوليسية غموض‬
‫مف نوع خاص قد ال يتوفر في القصص اإلجتماعية»( ‪ .)1‬إ ّف الفكرة تشكؿ عنص ار أساسا في‬
‫ومصدر مف مصادر اإلعجاب‪ ،‬ونحف نق أرىا‪.‬‬
‫ا‬ ‫الفني لمقصة‬
‫البناء ّ‬
‫ب ‪ -‬الزمان والمكان‪ :‬متى وأيف حدثت وقائع القصة‪« :‬الزماف والمكاف عنصراف ىاماف‬
‫مف عناصر القصة‪ .‬واف ليما تأثير في تحديد حوادث القصة وتسمسميا وفي اختيار أدوار‬
‫( ‪)2‬‬
‫إف بيئة القصة الزمانية والمكانية ىي الوعاء الذي تدور فيو‬
‫الشخصيات وبناء األحداث» ‪ّ .‬‬
‫أحداثيا‪ ،‬ويجب أف تكوف واضحة ويمكف تصديقيا‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الحدث‪ :‬مجموعة الوقائع المتتابعة والمترابطة‪ ،‬التي تسرد في شكؿ فني محبوؾ‬
‫ومؤثر‪ ،‬بحيث تشد إلييا الطفؿ دوف عوائؽ فتصؿ إلى عقمو في انسجاـ ونظاـ « كؿ‬
‫كاتب قصص األطفاؿ أف يختار الحدث الذي لو أثر إنساني في نفس الطفؿ»(‪ . )3‬إف‬

‫‪ - 1‬عبد المعطي نمر موسى‪ ،‬محمد عبد الرحيـ الفيصؿ‪ ،‬أدب األطفاؿ‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫األحداث ىي مجموعة وقائع صغيرة مترابطة تصؿ إلى عقؿ الطفؿ في انسجاـ ونظاـ‬
‫فبل ينصرؼ عما يق أر أو يسمع ما يسيـ سمبا في تشتت ذىنو‪.‬‬
‫د ‪ -‬ال بناء والحبكة‪ :‬ىو إحكاـ بناء القصة بطريقة مقنعة وتكوف الحوادث والشخصيات‬
‫مرتبطة ارتباطا منطقيا‪ ،‬يجعؿ مف مجموعيا وحدة متماسكة األجزاء ذات داللة محددة‪،‬‬
‫وىي تتطمب نوع مف الغموض الذي تتضح أس ارره في وقتيا المناسب‪ «:‬بعد أف تتضح‬
‫تكوف بنية‬
‫الكاتب فما عميو إالّ أف يختار سمسمة مف الحوادث ّ‬ ‫الفكرة في ذىف‬
‫قصصية‪ ،‬فالحبكة سمسمة مف الحوادث يكوف التركيز فييا عمى األسباب والنتائج‬
‫( ‪)1‬‬
‫ىناؾ صورتاف رئيستاف لبناء الحبكة في القصة ىما‪:‬‬ ‫بطريقة منطقية مقنعة»‬
‫‪ -‬صورة البناء‪ :‬وىي «الحالة ال يكوف ىناؾ عبلقة منتظمة بيف الوقائع تعتمد وحدة‬
‫السرد عمى شخصية البطؿ‪ ،‬وتمتقي الشخصيات وتفترؽ دوف أف يكوف ىناؾ وحدة عفوية‬
‫( ‪)2‬‬
‫وىو كؿ ما يكوف فييا الحدث مرتبط بالواقع‪.‬‬ ‫واضحة»‪.‬‬
‫‪ -‬الصورة العضوية‪ :‬فييا «يرسـ الكاتب تصميما ىيكميا واضحا لقضيتو وبنظـ‬
‫الشخصيات والحوادث بحث يؤدي كؿ منيما دوره في مكانو المناسب لتؤدي إلى نياية‬
‫مرسومة»( ‪ .)3‬فعميو يجب أف تكوف الحادثة ذات قيمة مرتبطة ببقية األحداث وبفكرة‬
‫القصة‪ ،‬وال يجب اإلكثار مف األحداث‪ ،‬حتى يتمكف الطفؿ مف التركيز عمى الحدث‬
‫الرئيسي‪.‬‬
‫ه ‪ -‬الشخصيات‪ :‬عنصر ىاـ مف عناصر البناء لمقصة فالشخصيات تعمؿ مجتمعة‬
‫إلبراز الفكرة التي مف أجميا وضعت القصة‪« :‬يقدـ الكاتب في قصتو مجموعة مف‬
‫الشخصيات بعد أف يختارىا بدقة لتدور مع ما رسمو مف وقائع وأحداث في فمؾ واحد‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد المعطي نمر موسى‪ ،‬محمد عبد الرحيـ الفيصؿ‪ ،‬أدب األطفاؿ‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويختمؼ الكتاب في المصادر التي يستوحوف منيا شخصيات قصصيـ‪ ،‬فقد يأخذونيا مف‬
‫التاريخ أو مف مبلحظاتيـ المباشرة أو مف محيطيـ الخاص وقد يبتدعونيا مف خياليـ‬
‫( ‪)1‬‬
‫لكف يجب أف يكوف الحوار مقنعا مع أبعادىا الجسيمة والعقمية والنفسية واالجتماعية»‬
‫والشخصيات تنقسـ إلى نوعيف‪:‬‬
‫‪ -‬الشخصية المسطحة أو الجاهزة‪« :‬وىي الشخصية ذات البعد الواحد التي لتصرفاتيا‬
‫في القصة دائما طابع واحد‪ ،‬وعندما تظير تكوف مكتممة ال تتغير في مختمؼ مراحؿ‬
‫( ‪)2‬‬
‫ذات أفعاؿ ال تتغير‪.‬‬ ‫العرض القصصي»‬
‫‪ -‬الشخصية المستديرة (النامية)‪« :‬ليذه الشخصية ذات أبعاد متعددة تنمو مع نمو‬
‫القصة وتظير لنا المواقؼ المتعددة وجوانب جديدة منيا لـ تكف واضحة عند التعرؼ إلى‬
‫ىذه الشخصية ألوؿ مرة»( ‪ .)3‬فالشخصيات محور أساس في البناء الفني لمقصة‪ .‬ومف‬
‫أىـ سمات شخصيات قصص األطفاؿ‪ :‬الوضوح التميز التشويؽ‪.‬‬
‫و ‪ -‬العقدة‪ :‬تعد مف أىـ العناصر الييكمية لمقصة‪ .‬فبل يمكف تصور قصة ما بدوف عقدة‬
‫تتأزـ فييا األحداث‪ « :‬ىي النقطة التي تتشابؾ عندىا األحداث وتتعقد المواقؼ (نقطة‬
‫التأزـ) ويشعر القارئ أو المتمقي أنو البد مف حؿ»( ‪ .)4‬ال تخمو أي قصة مف عقدة أو‬
‫الموجية لمطفؿ يتوجب أف تكوف‬
‫مشكمة أو موقؼ معيف أو ظروؼ خاصة‪ ،‬وفي القصة ّ‬
‫عقدة واحدة بسيطة‪ ،‬ألف الطفؿ ليس لو القدرة عمى فيـ القصص المركبة‪.‬‬
‫ي ‪ -‬الحل‪ :‬ىو انفراج األحداث‪ ،‬بمثابة نياية لمقصة خاصة النياية السعيدة ألنيا‬
‫المفضمة لدى األطفاؿ‪ « :‬ييدؼ القاص في أخر قصتو إلى إيجاد نقطة انفراج بمثابة‬
‫نياية‪ ،‬وعادة ما تكوف النياية سعيدة في قصص األطفاؿ أو توحي باألمؿ والسعادة واف‬

‫‪ - 1‬عبد المعطي نمر موسى‪ ،‬محمد عبد الرحيـ الفيصؿ‪ ،‬أدب األطفاؿ‪ ،‬ص‪32‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 32‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ال صفحة نفسيا‪.‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪37‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الشر ال يدوـ»( ‪ ، )1‬إف مف شأف الحؿ أو النياية في قصص األطفاؿ أف يجعميا أكثر‬
‫تفاؤال بالحياة‪ ،‬وتترسخ في أنفسيـ أف لكؿ مشكمة حبل يظير واضحا‪.‬‬

‫‪- 2‬أسهىب كتاتة انقصة (انسرد)‪:‬‬


‫الصورة الفنية المغوية المناسبة التي يستعمميا الكاتب ولو ىذا أف يختار بيف عدة طرؽ‬
‫مختمفة‪« :‬السرد ىو تصوير الحوادث واألفكار والنفسيات عف طريؽ المغة ويجب أف يكوف‬
‫طويبل ممبل لؤلطفاؿ»( ‪ .)2‬والسرد يكوف بحسب العبلقة بيف زمف الراوي وزمف الحدث‪ ،‬وىو‬
‫ثبلثة انواع‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الطريقة المباشرة‪ :‬في ىذه الحالة يتولى الكاتب عممية السرد بعد أف يتخذ لنفسو‬
‫موقفا خارج أحداث القصة‪« :‬وىي أف يتولى الكاتب عممية سرد األحداث بعد أف يتخذ‬
‫لنفسو مكانا خارج أحداث العمؿ القصصي‪ ،‬كما ىو الحاؿ في بعض القصص‬
‫التاريخية»( ‪ .)3‬ففي ىذا النوع مف السرد يكوف الكاتب مخفيا‪ ،‬إذ ال يظير لو أي وجود‪.‬‬
‫ب ‪ -‬طريقة السرد الذاتي‪ :‬فييا يكتب المؤلؼ عمى لساف إحدى شخصيات القصة‪:‬‬
‫« ووفقا ليذه الطريقة إف الكاتب يكتب عممو القصصي عمى لساف احد شخصيات ىذا‬
‫العمؿ‪ ،‬كما ىو الحاؿ في قصة "جزيرة الكنز"»( ‪ . )4‬السرد يكوف ظيور الكاتب فيو عف‬
‫طريؽ لساف إحدى الشخصيات في القصة فيكوف لو ظيور نصفي‪.‬‬
‫ج ‪ -‬طريقة الوثائق‪ :‬فييا يكتب المؤلؼ القصة ويقدميا عف طريؽ عرض مجموعة مف‬
‫الكاتب القصة عف طريؽ‬ ‫الخطابات أو اليوميات أو الوثائؽ المختمفة‪ « :‬وفييا يقدـ‬
‫عرض مجموعة مف الرسائؿ واليوميات ومعظـ المؤلفيف والكتاب يستخدموف الطريقة‬

‫‪ - 1‬عبد المعطي نمر موسى‪ ،‬محمد عبد الرحيـ الفيصؿ‪ ،‬أدب األطفاؿ‪ ،‬ص ‪. 66- 69‬‬
‫‪ - 2‬محمد السيد حبلوة‪ ،‬االدب القصصي لمطفؿ‪( ،‬منظور اجتماعي ونفسي)‪ ،‬كمية رياض األطفاؿ‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،9003‬ص‪.62‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المباشرة وطريقة السرد الذاتي لسيولتيا ومناسبتيا لؤلطفاؿ»( ‪ .)1‬وميما تختمؼ الطرائؽ‬
‫أف اليدؼ يظؿ واحدا وىو نقؿ األفكار واآلراء بأسموب‬
‫في الكتابة لؤلطفاؿ وفنونيا‪ ،‬إالّ ّ‬
‫من اسب ولغة واضحة ومفردات مختارة لتناسب كؿ المراحؿ العمرية والنمو النفسي لمطفؿ‪.‬‬
‫د ‪ -‬المغة‪« :‬تختار األلفاظ المناسبة لقاموس الطفؿ المغوي وقدرتو عمى استعماليا ويراعى‬
‫في األسموب أف يكوف بسيطا واضحا‪ ،‬بعيدا عف التعقيد‪ .‬ويمجأ المؤلؼ لسرد حوادث‬
‫قصتو»( ‪ ،)2‬إف بمراعاتو في أسموب العرض لو أكبر أثر في نفس القارئ‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد سيد حبلوة‪ ،‬األدب القصصي لمطفؿ‪( ،‬منظور اجتماعي ونفسي)‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.67‬‬

‫‪39‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ج ‪-‬أغاني وأناشيذ األطفال‪:‬‬


‫تعد األغاني واألناشيد مف أحد أىـ األعماؿ األدبية‪ ،‬التي تمقى انتشا ار ورواجا واسعا‬
‫بيف أوساط الصغار والكبار‪ ،‬لما ليا مف تأثير فييـ وفي شخصياتيـ ونفسيتيـ فيي تحتوي‬
‫عمى موسيقى واي قاع وصور شاعرية تخاطب الوجداف وتثير في النفس أحاسيس الفف‬
‫والجماؿ‪ ،‬إنّيا أقرب ألواف األدب إلى طبيعة التذوؽ‪ ،‬يغمب عمييا طابع االنفعاؿ والوجداف‪.‬‬
‫ولؤلطفاؿ في طبيعتيـ استعداد فطري لمتغني‪ ،‬وليذا فإف النماذج الجيدة تكوف ذات شأف كبير‬
‫في ىذا المجاؿ‪.‬‬
‫أكدت التربية الحديثة عمى أىمية األغاني واألناشيد بالنسبة لؤلطفاؿ الصغار‪ ،‬ودعت‬
‫إلى تدريبيـ عمى أدائيا وحفظيا وتداوليا فيما بينيـ‪ ،‬مف أجؿ ضماف انتشارىا وبقائيا‪.‬‬
‫تعرؼ األغاني عمى أنيا قطع شعرية سيمة في أسموب نظميا وفي مضامينيا‪ ،‬حيث‬
‫تنظـ عمى وزف خاص وتصمح لتؤدى جماعيا أو فرديا بيف األطفاؿ في مناسبات خاصة أو‬
‫في المدارس و األعياد الوطنية‪.‬‬
‫‪ - 7‬األغاني ‪:‬‬
‫تنوعت األغاني في مقاصدىا وأنواعيا بحيث تثري العممية التعميمية نشاطاتيا‬
‫الجيد في (مبناه ومعناه) يصرؼ أذىاف الناشئ عف‬
‫ومناسباتيا طواؿ العاـ الدراسي‪ .‬والنشيد ّ‬
‫األغاني أو العبارات المبتذلة‪ ،‬التي قد يسمعيا األطفاؿ في بيئاتيـ المختمفة‪ .‬والنشيد يكتبو‬
‫الكبار ليناسب الصغار مف أعمار مختمفة‪ ،‬مف جية يسمييـ ومف جية أخرى يثقفيـ وينمي‬
‫أفكارىـ ويفتح ليـ أفاؽ المعرفة والتعمـ واإلطبلع عمى ثقافتيـ( ‪.)1‬‬
‫لؤلغاني واألناشيد أىمية كبيرة‪ ،‬تعود لؤلمور اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬ت بعث في النفس البشرية وبخاصة األطفاؿ سرو ار وبيجة‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬عبد المعطي نمر موسى‪ ،‬محمد عبد الرحمف الفيصؿ‪ ،‬أدب األطفاؿ‪ ،‬ص ‪.66- 67‬‬

‫‪40‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -‬تكثيؼ مواىب األطفاؿ ومواطف اإلبداع لدييـ مثؿ الصوت المعبر والجميؿ وفف‬
‫االنتماء وموىبة التأليؼ و التمحيف‪.‬‬
‫‪ -‬إنيا وسيمة مف وسائؿ التعميـ بما تحتويو مف مضاميف أخبلقية ووطنية واجتماعية‬
‫ودينية‪.‬‬
‫‪ -‬تخمص الطفؿ مف الخجؿ واالنطواء والتردد واالنفعاالت الضارة‪.‬‬
‫‪ -‬تميب الروح الوطنية وتثير الحماس في النفس اإلنسانية‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫كما لبلغاني‬ ‫‪ -‬تسيـ في تجويد عممية النطؽ وتيذيب السمع وحسف اإلصغاء‬
‫واألناشيد مقاييس خاصة تتمثؿ فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬أف تكوف مبلئمة لقدرات الطفؿ الصوتية والتعبيرية‪.‬‬
‫‪ -‬أف تكوف كمماتيا بسيطة ومناسبة لقاموس الطفؿ المغوي‪.‬‬
‫‪ -‬أف يتصؼ لحف األغاني بالبساطة‪.‬‬
‫‪ -‬يفضؿ أف يصاحب غناء األطفاؿ آالت موسيقية‪ ،‬شريطة أف تكوف مناسبة لطابع‬
‫األغاني‪.‬‬
‫‪ -‬أف تستوحي كمماتيا مف بيئة الطفؿ‪ ،‬ومف األناشيد التي حولو‪.‬‬
‫ت ضفي جو المحبة بيف الطفؿ وبيف ما يحيط بو مف مشاىد الطبيعة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تنمي في الطفؿ الشعور بالسعادة والمحبة( ‪.)2‬‬
‫تتشعب أغاني األطفاؿ إلى‪:‬‬
‫‪ -‬أغاني روضة األطفاؿ‪.‬‬
‫‪ -‬أغاني المعب وأغاني المناسبات‪.‬‬
‫‪ -‬األناشيد المتنوعة‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬عبد المعطي نمر موسى‪ ،‬محمد عبد الرحيـ الفيصؿ‪ ،‬أدب األطفاؿ‪... ،‬ص‪.62‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.60‬‬

‫‪41‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إف أغاني األطفاؿ عبارة عف منظومة خفيفة قصيرة‪ ،‬تتكرر بعض مفرداتيا وترتبط‬
‫ّ‬
‫ارتباطا وثيقا باإليقاع النغمي الموسيقي‪ ،‬باإلضافة إلى إيقاعيا الشعري‪ ،‬إذ تمعب الحركة‬
‫دورىا الممحوظ مع بنية تمؾ األغاني‪ّ .‬إنيا تتردد بشكؿ فردي أو جماعي‪.‬‬
‫أ ‪ -‬غاني روضة األطفال‪:‬‬
‫ّإنيا أغاني سيمة ترفييية ومثقفة‪ ،‬وىي‪ «:‬موجية في األساس إلى أطفاؿ الروضة في‬
‫سف ما قبؿ االلتحاؽ بالمدرسة (‪ 2- 3‬سنوات) وتكتب مف شاعر أو مرب ليرددىا األطفاؿ‬
‫وتميؿ إلى اإليجاز واإليقاع الحركي والتكرار المغوي والتنغيـ الموسيقي‪ .‬ومنيا مثاؿ ذلؾ‪:‬‬
‫مف ساعة صحوي لمنوـ‬ ‫صمواتي خمس في اليوـ‬
‫حمدا هلل عمى نعمو‬ ‫شك ار هلل عمى كرمو‬
‫صارت مف أجمؿ عاداتي‬ ‫ال أترؾ أبدا صمواتي‬
‫ومنيا كذلؾ‪:‬‬
‫يا عصفوري‬ ‫غرد غرد‬
‫في البستاف‬ ‫غرد غرد‬
‫باأللحاف‬ ‫غرد وافرح‬
‫( ‪)1‬‬
‫يا عصفوري‬ ‫غرد غرد‬
‫ّإنيا أغاني ضرورية لمطفؿ في ىذا العمر‪ ،‬تنمي أفكاره وتثقفو وتحسف مف أدائو ومف‬
‫لغتو إنيا ثقافتو‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أغاني المعب والمناسبات‪:‬‬
‫نوع مف األغاني الترفييية يغنى في المناسبات أو أثناء لعب األطفاؿ في وقت الفراغ‬
‫أو استراحة المدرسة‪ « :‬لوف ثاف مف ألواف أغاني األطفاؿ‪ ،‬كتابي حركي مثؿ أغاني الروضة‬
‫إال أنو يتنوع في الشكؿ والمضموف ف أغاني األلعاب قد يكتبيا شاعر أو مرب أو تنتج عف‬

‫‪ - 1‬احمد زلط‪ ،‬أدب الطفؿ‪ ،‬دراسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪ ،‬ص ‪767- 760‬‬

‫‪42‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التأليؼ التمقائي والمصاحب أللعابيـ أو أدوارىـ في المعب الفردي أو الجماعي‪ ،‬وأغنية‬


‫المعب تتوجو لمبنيف والبنات أو لمنوعيف معا‪ ،‬في شكؿ أداء فردي أو جماعي وتطوؿ‬
‫المقطوعة الشعرية بحيث تتضاعؼ شكبل مف أغنية الروضة لذا فالوعاء العروضي يكوف في‬
‫( ‪)1‬‬
‫ىذا النوع يكوف ىدفو الترفيو‪.‬‬ ‫األغمب في مجزوءات البحور السريعة الراكضة»‬
‫يقوؿ الشاعر السعودي عبد اهلل خالد الخالد‪:‬‬
‫(حرامي وعسكر)‬
‫ىيا أىرب ال تتأخر‬ ‫انا حرامي نحف العسكر‬
‫ىيا رفاقي فمنتأىب‬ ‫أقفز وأجر مثؿ األرنب‬
‫ال تدعوه منا ييرب‬
‫أمسؾ فيذا كمتا يديو‬ ‫انت سعيد سد عمي ػ ػ ػو‬
‫أنا سأكبؿ رجميو‬
‫أنت حرامي؟ ال صدقني‬ ‫ىيا ألقوه في السجف‬
‫أنا مسكيف‪ ....‬دعني ‪ ....‬دعني‬
‫ال صدقني انا لـ أفعؿ‬ ‫كيؼ تسرؽ لمف المغزؿ‬
‫أنا مسكيف‪ .....‬دعني أرحؿ‬
‫ىيا دعوني فكوا حبسي‬ ‫أيف المغزؿ؟ تحت الكرسي‬
‫حاف اآلف وقت الدرس‬
‫ىذه األغاني تربي الطفؿ وتنمي حصيمتو المغوية وتقوي روابط األخوة بيف األطفاؿ‬
‫وتعوده عمى الحفظ‪ .‬لذا فيي ضرورية لؤلطفاؿ الصغار‪.‬‬
‫وتوسع األفكار‪ّ ،‬‬

‫‪ - 1‬احمد زلط‪ ،‬أدب الطفؿ العربي دراسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪ ،‬ص‪.762- 763‬‬

‫‪43‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ - 2‬األناشيد‪:‬‬
‫عبارة عف مقطوعات شعرية مرفوقة بمحف‪ ،‬يضفي عمييا رونقا حسنا‪ ،‬يطرب السامع‬
‫ويجمب انتباىو‪ « :‬النشيد لوف أدبي متعدد يؤلؼ ويمحف ليخاطب جميور الطفولة بؿ الفتياف‬
‫وىو عبارة عف منظومة شعرية صدوية اإليقاع المغوي والموسيقي يردده األطفاؿ بصوت عاؿ‬
‫فالنشيد والتناشد ىو رفع الصوت بالغناء واألطفاؿ ميالوف بطبيعتيـ إلى التغني باألناشيد‬
‫في أذىانيـ ونفوسيـ المثؿ والقيـ المرجوة في تنشئتيـ»( ‪ .)1‬تتنوع األناشيد بحيث‬ ‫وتطبع‬
‫تثري العممية التعميمية ونشاطاتيا ومناسباتيا طواؿ العاـ الدراسي‪ .‬والنشيد الجيد في مبناه‬
‫ومعناه يصرؼ أذىاف األطفاؿ عف األغاني المرذولة أو العبارات المبتذلة‪ ،‬التي قد يسمعيا‬
‫في بيئتو‪ .‬واذا كاف النشيد يكتبو الكبار ليناسب المراحؿ العمرية لمطفؿ (شكبل ومضمونا) فإف‬
‫النشيد في ضوء ذلؾ‪ ،‬يتنوع إلى‪:‬‬
‫النشيد الديني والوطني الترويجي التعميمي والوصفي‪ .‬كؿ ىذه األناشيد ذات أىداؼ‬
‫تربوية متكاممة‪ ،‬فاألناشيد بدورىا تكمؿ األغاني‪ .‬لقيمتيا التربوية والتعميمية والتثقيفية‪ ،‬وتفتح‬
‫أبوابا عديدة لمتطمع عمى ثقافة األجياؿ الماضية واالستفادة منيا( ‪ .)2‬وليذا فإف ىذا الضرب‬
‫مف الفف يكوف مصدر إلياـ وجذب لؤلطفاؿ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬النشيد الديني‪:‬‬
‫ىو نشيد يتناوؿ موضوعات دينية قيمة « أنشودة تناوؿ أسس العقيدة أو شؤوف الديف‬
‫وفي مقدمتيا محاكاة الخالؽ عز وجؿ وىي لوف صافي مف ألواف التعبير األدبي (الشعري)‬
‫( ‪)3‬‬
‫وفي ىذا يقوؿ الشاعر إبراىيـ أبو عباد‪:‬‬ ‫الموجو لمطفؿ في سائر أقطار األمة»‬
‫أنو أحمى ندا‬ ‫أنا مسمـ ىذا شعاري‬
‫سوؼ امضي منشدا‬ ‫أنا مسمـ ىذا نشيدي‬

‫‪ - 1‬احمد زلط‪ ،‬أدب الطفؿ العربي‪ ،‬دراسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪ ،...‬ص‪.766‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.762‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.762‬‬

‫‪44‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أحمي الببلد مف الردا‬ ‫أنا مسمـ بعقيديتي‬


‫تستعمؿ المغة أكثر في نشيد مماث ؿ لتخاطب مرحمة الطفولة المبكرة عمى لساف الشاعر‬
‫سييد جوده السحار في قولو‪:‬‬
‫يا ذا الكرـ‬ ‫يا رّبنا‬
‫كؿ النعـ‬ ‫يا واىبا‬
‫نعـ األب‬ ‫ىذا أبي‬
‫كـ يتعب‬ ‫مف أجمنا‬
‫يا رّبنا‬
‫مما‬
‫يبيف عقيدة ديننا الحنيؼ ويثبتنا عمى طاعة الخالؽ ورسولو الكريـ ّ‬
‫فالنشيد الديني ّ‬
‫يبعث فينا الراحة والسبلـ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬النشيد الوطني‪ :‬أناشيد تغنى بيا الثوار والمجاىدوف« تعبي ار عف حبيـ لوطنيـ‬
‫ورغبتيـ في الحفاظ عمى أمنو واستق ارره‪ ،‬إنو أنشودة حماسية يتغنى بيا األطفاؿ في‬
‫مدارسيـ ومعاىدىـ وحفبلتيـ وأياميـ الوطنية ومناسباتيـ المختمفة‪ ،‬حيث يعمؽ النشيد‬
‫الوطني في الناشئيف االنتماء والمواطنة الصحيحة بما يتمتع بو مف نظـ إيقاعي صدوي‬
‫ومفردات رنانة ومنو نورد تمؾ النماذج ونستيميا بشعر مف يجد العمـ والعروبة رمو از‬
‫( ‪)1‬‬
‫نحو‪:‬‬ ‫لموطف شعا ار وانتماء»‬
‫مف الشاـ لبغداد‬ ‫ببلد العرب أوطاني‬
‫إلى مصر فتطواف‬ ‫ومف نجد إلى يمف‬
‫إلى العميا بالعمـ‬ ‫فيبوا يا بني قومي‬
‫ببلد العرب أوطاني‬ ‫وغنوا يا بني أمي‬

‫‪ - 1‬أحمد زلط‪ ،‬أدب الطفؿ العربي د راسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪ ،‬ص‪762‬‬

‫‪45‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وقوؿ أحدىـ‪:‬‬
‫عش خافقا فوؽ اليمـ‬ ‫عش لمعروبة يا عمـ‬
‫فينا الكرامة واليمـ‬ ‫ناـ الزماف ولـ تنـ‬
‫عش لمعروبة يا عمـ‬
‫فالنشيد الوطني يحدث أث ار حماسيا في أي قطر عربي حيث يتـ ترديده في المناسبات‬
‫( ‪)1‬‬
‫وكؿ ذلؾ مف‬ ‫المختمفة مثؿ األعياد الوطنية كعيد اإلستقبلؿ وعيد اندالع الثورة المجيدة‬
‫أجؿ إحياء ىذه المناسبات السعيدة وابقائيا دائمة الذكر وخالدة في أذىاف األجياؿ‪.‬‬
‫النشيد الترويحي‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫نشيد تربوي ىاد ؼ يبلزـ الطفؿ في حياتو اليومية‪ ،‬يقوؿ الباحث أحمد زلط ّأنو ‪ «:‬لوف‬
‫مف ألواف األناشيد ذات اليدؼ التربوي وىو معادؿ موصوغي بأغاني األلعاب الشعبية‪ ،‬التي‬
‫تفجر الطاقات في الطفؿ (أدباء‪ ،‬األدب العربي الحديث والمعاصر) يعزفوف عف تأليؼ‬
‫األناشيد الترويحية‪.‬‬
‫بينما أغاني المعب او أناشيد الترويح عف الطفؿ تمثؿ ظاىرة تأليفية واسعة في أدب‬
‫المغات المقارنة فميتنا نتعاوف لتتوسع في ذلؾ الموف الترويحي الذي يبلزـ الطفؿ خارج‬
‫المدرسة في رحبلتو ومع أترابو وفي عطبلتو‪.‬في ىذا الحوار اآلتي بيف الطفؿ والكتاب نممس‬
‫خفة الطفؿ بنطاؽ ما ال ينطؽ»( ‪.)2‬يقوؿ الشاعر محمد السنيوني ‪:‬‬
‫يبكيؾ يا كتابي؟‬ ‫الطفؿ قاؿ‪ :‬ما الذي‬
‫أبكي عمى شبابي‬ ‫فقاؿ‪ :‬منذ جئت ىنا‬
‫لمسجف والعذابي‬ ‫أنت قد اشتريتني‬
‫مف خيرة الصحاب‬ ‫نسيت أني صاحب‬

‫‪ - 1‬احمد زلط‪ ،‬أدب الطفؿ دراسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪،‬ص‪.762‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.723- 729- 720‬‬

‫‪46‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ييدي إلى الصواب‬ ‫أني أنا النور الذي‬


‫في صحبة الكتاب‬ ‫إق أر فكؿ نيضة‬
‫يجد في طبلبي‬ ‫أو فبعني لمذي‬
‫فيذا النشيد ىدفو تربية األجياؿ والترفيو عنيـ‪ ،‬حيث يفجر فييـ الطاقة والرغبة في‬
‫الميؿ إلى األناشيد واالستماع إلييا واالقتداء بأبعادىا الوطنية‪.‬‬
‫د ‪ -‬النشيد التعميمي‪:‬‬
‫أناشيد تعميمية ىدفيا مساعدة الطفؿ عمى التعمـ واالستيعاب‪ ،‬كما تعوده عمى الدراسة‬
‫والقراءة لضماف نجاحو‪ « :‬يعد التعمـ مف خبلؿ األناشيد المدرسية وفقا لممراحؿ العمرية‬
‫لمتبلميذ ىدفا تربويا تسعى المناىج المعاصرة لتحقيقو ليا لو مف فوئد متعددة كالحفاظ عمى‬
‫المغة نطقا صحيحا وابانة مرجوة وكذلؾ تعمـ ميارات القراءة والكتابة مف مضاميف األناشيد‬
‫ومحتواىا والنشيد التعميمي لوف مبسط مف الشعر التعميمي لكنو خفيؼ الوزف منعـ األلحاف‬
‫يميؿ إلى الحركة شانو سائر األناشيد األنفة»( ‪ .)1‬مثاؿ ذلؾ انشودة (التمميذ النجار) لمحمد‬
‫اليراوى يقوؿ فيو‪:‬‬
‫وبعد الظير نجار‬ ‫انا في الصبح تمميذ‬
‫وأزميػ ػ ػ ػ ػ ػ ػؿ ومنشار‬ ‫قممي قمـ قرطاس‬
‫فما في صنعي عار‬ ‫وعممي إف يكف شرؼ‬
‫ولمصناع مقد ار‬ ‫فممعمماء مرتبة‬
‫فالنشيد التعميمي ييدؼ إلى تطوير النشء واألجياؿ الصاعدة ويعمميـ ويث قفيـ ويفتح‬
‫أفاؽ المعرفة والعمـ ويوصميـ إلى أعمى المراتب‪.‬‬

‫‪ - 1‬احمد زلط‪ ،‬أدب األطفاؿ دراسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪ ،‬ص ‪.722- 726‬‬

‫‪47‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫د ‪-‬انمسرح‪:‬‬
‫مسرح الطفؿ‪ :‬فف مف الفنوف األدبية‪ ،‬وىو عبارة عف صورة لغوية تتكوف مف مجموعة‬
‫مف العناصر‪ ،‬التي تأخذ شكميا النيائي عمى المسرح‪ ،‬إنو‪« :‬أحد اىـ وسائط ادب الطفولة‬
‫في العصر الحديث‪ ،‬وسيط مركب العناصر‪ ،‬يتوجو لمرحمة عمرية طويمة ومتدرجة مف عمر‬
‫االنساف‪ ،‬ويتميز مسرح الطفؿ مف الوسائط الثقافية واإلعبلمية الموازية لو في القدرة عمى‬
‫مخاطبة عق ؿ الطفؿ ووجدانو في أشكاؿ فنية متنوعة ال تتوافر عناصرىا في الوسائؿ األخرى‬
‫كالكتاب والمجمة واإلذاعة والتمفزة‪ ،‬فمسرح الطفؿ يستمد فعمو التأثيري مف خصائصو الذاتية‬
‫الحية وعناصره السمعبصرية مف خبلؿ االستعانة بالنصوص األدبية والدراما المبسطة (فنوف‬
‫الشعور والحركة) باإلضافة الى قدرة مسرح الطفؿ عمى توظيؼ تقنيات الفنوف المجمعة مف‬
‫صوت وصورة وأزياء ودمى مسرح الطفؿ‪ ،‬احد أىـ الوسائط الثقافية‪ ،‬المركبة الفعالة في‬
‫العصر الحديث‪ ،‬إذا كانت الطفولة مرحمة تتسـ بالنمو المطرد والتداخؿ كذلؾ‪ ،‬فإف كؿ‬
‫مرحمة نيائية ترتبط في مسرح الطفؿ بمتوسط المراحؿ العمرية ليـ‪ .‬فأطفاؿ مرحمة ما قبؿ‬
‫المدرسة ليـ عروضيـ الخاصة والعروض المسرحية التي تقدميا ألطفاؿ مرحمة الطفولة‬
‫الوسطى تختمؼ عما ت قدمو ألطفاؿ الفتياف»( ‪ .)1‬فمسرح الطفؿ ىو ذلؾ العمؿ الفني‪ ،‬الذي‬
‫تعد مادتو األولى النص التأليفي الموجو لمطفؿ‪ ،‬والذي يناسب مراحؿ أعمارىـ‪ ،‬ومف ثـ ينتقؿ‬
‫الى خشبة المسرح لعرض تمثيمي درامي مبسط‪.‬‬
‫فمسرح الطفؿ يبنى عمى قواعد وأسس ضرورية وعمى أحداث وممثميف وأدوار يمعبونيا‬
‫بحرفية واحتراـ حتى نقوؿ عف ذلؾ العمؿ الفني بانو مسرحي‪« :‬إف ىذا النمط مف االبداع‬
‫بحاجة الى توجيو السياسات القطرية الثقافية لتشيد مسارح لؤلطفاؿ والعواصـ والمدف الكبرى‬
‫في مقار متخصصة مستقمة‪ ،‬تشيد العروض المسرحية واالحتفاالت الغنائية وأعياد األطفاؿ‬
‫ومناسباتيـ‪ ،‬فيو مكاف يذىب اليو األطفاؿ ويتعرفوف عميو ويمعبوف فوؽ خشبتو أدوا ار عديدة‬

‫‪ - 1‬أحمد زلط‪ ،‬ادب الطفؿ العربي‪ ،‬دراسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪ ،‬ص ‪.191- 190‬‬

‫‪48‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تنوع المسرحيات تبعا لتنوع موضوعاتيا‪ ،‬ويستقطب ىذا التنوع األطفاؿ جميعا لميوليـ‬
‫ومنازعتيـ المختمفة وتصنؼ حسب موضوعاتيا»( ‪ ، )1‬فالمسرح يؤثر تأثي ار كبي ار في األطفاؿ‪،‬‬
‫المذيف يبدوف ردود أفعاؿ شديدة نحو االعماؿ التي تقدـ ليـ عمى خشبة المسرح‪ ،‬فيبكوف تارة‬
‫ويضحكوف تارة أخرى ويدؿ ذلؾ عمى شدة تأثرىـ واندماجيـ الطبيعي مع تمؾ األحداث‪.‬‬
‫الموجية لمطفؿ وتأتي فيما يأتي‪:‬‬
‫عدة أنواع مف المسارح ّ‬
‫ىناؾ ّ‬
‫‪ -‬المسرحية التربوية التوجيهية‪ :‬التي تتخذ مف االخبلؽ والفضائؿ محو ار ليا «فتختار‬
‫خمقا مف اخبلؽ الفضيمة وتركز عمييا ويدور حولو حوار الممثميف‪ ،‬مدعما بأمثمة مف الواقع‬
‫التاريخي والمعاصر‪ ،‬وىذا التنوع مف المسرحيات يترؾ أث ار كبي ار في عقؿ الطفؿ وتفكيره‬
‫وانطباعا قويا في نفسو ووجدانو ويكسبو الفضائؿ عف طريؽ التمقيف ويحييو بيا عف طريؽ‬
‫التقرير واإلنساف»( ‪ .)2‬فالمسرحية التربوية والتوجييية تساعد الطفؿ عمى اكتساب االخبلؽ‬
‫والفضائؿ وىناؾ المسرحية التاريخية‪ ،‬التي تتحدث عف أىـ الشخصيات التاريخية واالمراء‬
‫والوزراء « فتأخذ موضعيا مف حادثة تاريخية او شخصية شييرة‪ ،‬ليا فائدة لمطفؿ فيتعرؼ‬
‫عمى الحادثة التاريخية مف قريب‪ ،‬فيمـ بتفاصيميا فيأخذ البطؿ حقوقو المسرحية مف إنجازات‬
‫خمدت اسمو وأبقت عمى ذكره»( ‪ .)3‬الطفؿ يتعرؼ عمى ىذه التفاصيؿ مف جوانب مختمفة مف‬
‫حيث العبلقات بيف الناس‪ ،‬والمباس والسبلح والشخصيات المشيورة‪.‬‬
‫تعالج المسرحية اإلجتماعية قضايا المجتمع وشؤونو‪ ،‬فتعرضيا عرضا شيقا حيث‬
‫أّنيا‪ « :‬تمتمس ليا سبؿ العبلج وىو أسموب عممي مشوؽ في تعريؼ الطفؿ بالواقع الذي‬
‫يعيش فيو والمجتمع الذي ينتمي اليو ومشكبلتو‪ ،‬والتصدي لكؿ المشكبلت والتغمب‬

‫‪ - 1‬عمر االسعد‪ ،‬ادب االطفاؿ‪ ،‬عالـ الكتب الحديث‪ ،2003 ،‬ص‪.104‬‬


‫نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ - 2‬المرجع‬
‫‪- 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.105‬‬

‫‪49‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عمييا»( ‪ .)1‬فيذه الخبرات ال يسكبيا الطفؿ مف كتب المدرسة أو الكتب المقروءة‪ ،‬فيي واقع‬
‫يعيش فييا الطفؿ أثناء عرض المسرحية ويتفاعؿ مع تمؾ األحداث بعقمو وبكؿ حواسو‪.‬‬
‫ىناؾ نوع أخر مف المسرح وىي المسرحية العممية التي تتناوؿ مسألة عممية‪ ،‬فتزيد‬
‫الطفؿ معرفة بموضوع مف المواضيع العممية التي يتناوليا كتابو المدرسي « فيي بمثابة وسيمة‬
‫إيضاحية معينة تعزز المادة التعميمية وتوضحيا وتقربيا الى أذىاف األطفاؿ»( ‪ ،)2‬فيذا النمط‬
‫مف المسرح‪ ،‬يفتح أماـ الطفؿ آفاؽ العموـ الواسعة‪ ،‬ويمده بالخياؿ العممي‪ ،‬الذي يساعده في‬
‫فيـ المنجزات الحالية‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫مخطط لمسرح الطفولة من النواة (الدمية) الى المسرح‬

‫المسرح التقميدي "مسرح الكبار ‪-‬مسرح الطفل"‬

‫األرجواز‬ ‫خيال الظل‬

‫الدمى‬ ‫المسرح‬
‫التربوي‬
‫المدرسي‬

‫الماريونيت‬ ‫القفاز‬

‫مسرح العرائس‬

‫‪ - 1‬عمر االسعد‪ ،‬ادب االطفاؿ‪ ،‬ص‪.106‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬
‫‪ - 3‬احمد زلط‪ ،‬ادب الطفؿ العربي‪ ،‬دراسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪ ،‬ص‪.193‬‬

‫‪50‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪- 4‬أهذاف أدب انطفم‬


‫ميما يكف نوع النص األدبي المقدـ لمطفؿ‪ ،‬فبلبد مف أف يحقؽ جممة مف األىداؼ‬
‫يضعيا الكاتب‪ ،‬حيف يقوـ بإعداد النص « فيتضمف مف ىذا النص األدبي أىدافا بمقدار ما‬
‫يتمثؿ الطفؿ تمؾ األىداؼ يكوف نموه باتجاىات النمو المختمفة‪ :‬العقمي والتربوي والمسمكي‬
‫والمعرفي والمغوي‪ ،‬فبل خير إذف في نص ال يسيـ في تنمية الطفؿ في ىذه الجوانب أو‬
‫بعضيا عمى األقؿ‪ .‬فالنص األ دبي يشترط كؿ ىذه األىداؼ بؿ تحقؽ أىدافو بجممة مف‬
‫النصوص حيث انيا تتكامؿ وتتظافر في تحقيؽ جممة مف األىداؼ المرسومة‪ .‬ولما كاف‬
‫يوجو إليو‪ ،‬كاف ّأوؿ األىداؼ التي يسعى‬
‫الطفؿ في مراحؿ تفتح إدراكو يتقبؿ ما يقاؿ لو وما ّ‬
‫النص إلى تحقيقو ىو اليدؼ العقائدي‪ ،‬فالطفؿ ينشأ عمى ذلؾ وينمي في روحو‬
‫إلييا كاتب ّ‬
‫أساسيات العقيدة وأركانيا‪ ،‬وواجباتو بطريقة مشوقة فييا القدوة الحسنة أكثر مما فييا مف‬
‫اإلمبلء والتمقيف فعمى النص األدبي المعد لؤلطفاؿ أف تكوف أىدافو تربوية وسموكية ومف‬
‫خبلليا يعمؿ المؤلؼ عمى إ كساب الطفؿ قيما واتجاىات تكوف في مجموعيا أساسا قويا‬
‫لبياف أخبلقي متماسؾ وسموؾ اجتماعي راؽ»( ‪ ،)1‬وعميو فميذا األدب ىدؼ أساس وىو‬
‫التربية الدينية‪ ،‬واذا كانت ىذه األىداؼ أساسية يسعى إلييا أدباء األطفاؿ الى تحقيقيا فإف‬
‫سعييـ لتحقيؽ األىداؼ المعرفية والمغوية في النصوص األدبية لؤلطفاؿ أوجب وأكد ذلؾ‪:‬‬
‫«أف المغة وعاء الفكر‪ ،‬واف الطفؿ إذا وعى طائفة مف المعارؼ العامة فبلبد مف معرفة‬
‫األلفاظ ودالالتيا وأساليب استخداميا‪ ،‬ليكوف قاد ار عمى التعبير الصحيح عف تمؾ المعارؼ‪.‬‬
‫األلفاظ والتراكيب المغوية تكتسب اكتسابا االدب بخصائصو الذاتية‪ ،‬تكسب الفرد الجمع بيف‬
‫الواقعية والمثالية‪ ،‬والمذىب الفني يعكس سموؾ شخصية الفرد‪ ،‬لذلؾ يبلحظ أ ّف أدب الطفولة‬
‫ييدؼ فييا الى تكويف المواطف السوي‪ ،‬فبل جنوح وال انحراؼ وأفكارىا في آف واحد‪ ،‬أو بعبارة‬
‫أخرى المبلحظات الصحيحة (ومنيا أدب الطفؿ بوسائطو) تؤدي إلى نتائج صحيحة وأىميا‬

‫‪ - 1‬عمر األسعد‪ ،‬ادب الطفؿ‪ ،‬ص‪.107‬‬

‫‪51‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بناء اإلنساف السوي»( ‪ .)1‬فيذه األىداؼ تساعد الطفؿ عمى إكتساب المعرفة المّغوية التي‬
‫تمكنو مف تفعيؿ الذات المبدعة‪ ،‬عمى مستوى التمقي و التقدير‪.‬‬
‫أ ّما عنصر اإلسياـ في تحقيؽ نظرية التربية المتكاممة « فيو مف بيف األىداؼ المركبة‬
‫التي تشمؿ عمى اكتساب الطفؿ بعض الميارات والسموكات والعادات في المدرسة وخارجيا‪،‬‬
‫أي تنمية النواحي العقمية والنفسية واالجتماعية والصحية وذلؾ مف خبلؿ تنمية الميارات‬
‫المغوية أي بالقراء ة والكتابة واالستماع والحديث‪ ،‬تنمية العادات الصحية السميمة وذلؾ بتوجيو‬
‫الطفؿ ألساليب النظافة والوقاية وسموؾ المحافظة عمى صحة البدف والصحة العامة‪ ،‬إضافة‬
‫الى ذلؾ تساعده عمى ترقية الجانب النفسي وذلؾ بترقية األحاسيس والمشاعر واالندماج مع‬
‫االخريف والتكيؼ مع طبق ات المجتمع حتى يكتسب القيـ الخمقية»( ‪ .)2‬نبلحظ أ ّف ىذا العنصر‬
‫إما داخؿ‬
‫مف بيف أىـ األىداؼ التي تكسب الطفؿ السموكات الصحيحة والتقيد بالعادات‪ّ ،‬‬
‫المدرسة او خارجيا‪ ،‬ويتعمـ أيضا سموؾ المحافظة عمى صحة البدف‪.‬‬
‫ومف ىنا‪« :‬ييدؼ أدب األطفاؿ الى تكويف المواطف تكوينا صحيحا‪ ،‬وشريحة مف‬
‫األدباء المتأدبيف في أي مجتمع ينشؤوف عمى حب االدب والميؿ الى فنونو‪ ،‬فيضمنيـ‬
‫المجتمع في ضوء ذلؾ مواطنيف أ سوياء في سائر مراحؿ نموىـ حتى الكيولة وذلؾ الف‬
‫تضاؼ الى قاموس الطفؿ المغوي حيث تعمؿ عمى تطويره واغنائو‪ ،‬فبل يجوز أف نجعؿ مف‬
‫أطفالنا حقوؿ تجارب سيئة ونماذج الخاطئة مف القصص والكتب والحكايات‪ ،‬وال تعود عمييـ‬
‫إال بآثارىـ السمبية العميقة والبد مف أ ْف تخضع ىذه المطبوعات قبؿ إخراجيا لئليجاز مف‬
‫ىيئة متخصصة وتابعة لوزراء اإلعبلـ والتربية والتعميـ والجيات المعنية بالطفؿ»( ‪.)3‬‬

‫‪ - 1‬عمر األسعد‪ ،‬ادب الطفؿ‪ ،‬ص‪.107‬‬


‫‪ - 2‬احمد زلط‪ ،‬األدب العربي لمطفولة‪ ،‬دراسة تحميمية ألدب الطفؿ في الوطف العربي‪ ،‬ىيئة النيؿ العربية لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص‪.212‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.231‬‬

‫‪52‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الموجية لم طفؿ البد مف مراعاتيا قبؿ طباعتيا مف قبؿ الييئات المعنية‬


‫إ ّف المطبوعات ّ‬
‫حتى ال يقع الطفؿ في ىذه األخطاء الفادحة‪ ،‬مما تيدؼ إليو العقيدة‪ ،‬فميس مف قبيؿ التوارد‬
‫اف تكوف اوؿ آيات التنزيؿ القرآني (اقرأ) والقراءة بمعناىا الواسع دعوة متكاممة لمنظر والعمؿ‬
‫اقرأ وربك األكرم‪،‬‬ ‫وال عمؿ دوف نظر والعمـ وسيمة لنذكر كؿ ما خمقو سبحانو تعالى‪ :‬‬

‫الذي علّم بالقلم‪ ،‬علّم اإلنسان ما لم يعلم ‪( ‬سورة العلق‪ ،‬اآليات‪)5- 3‬‬
‫مف بيف ىذه األ ىداؼ الحفاظ عمى المغة العربية‪ ،‬فيقاس تقدـ أي جماعة بشرية لغوية‬
‫بمدى محافظة أىميا عمى المغة العربية أي لغة األـ‪ ،‬والعمؿ الدؤوب عمى سيروراتيا‬
‫وتجديدىا وتذوقيا‪ « :‬فتعمو لغتو وتزداد اشراقا ووضوحا في مجالي التعبير والتفكير إضافة‬
‫الى ذلؾ نمو الذوؽ االدبي‪ ،‬والتنفيس االنفعالي وتخفيؼ حدة القمؽ حيث ييدؼ ىذا النمط‬
‫مف االدب يدفع الى إخراج المكبوتات لدى األطفاؿ‪ ،‬فيتغمبوف عمى مخاوفيـ وتوترىـ وذلؾ‬
‫حيث يغني األطفاؿ أناشيدىـ‪ ،‬واغاني ألعابيـ وىذا يكاد يكوف أشبو بفطرية التطيير التي قاـ‬
‫بيا أرسطو حوؿ اآلثار المترتبة عف األدب والفف‪ .‬ونضيؼ إلى ذلؾ تشجيع الطفؿ عمى‬
‫حرية التعبير وأساليب التفكير‪ ،‬حيث أنيا تقوـ عمى تشجيع األطفاؿ عف التعبير عمى‬
‫مشاعرى ـ وافكارىـ بحرية وطبلقة‪ ،‬بقدر ما يمدىـ بخبرات التفكير الناقد التي تزيد في‬
‫الموازنات واستنتاج العبلقات الخيالية (الذىنية والمفظية)» ( ‪ . )1‬فأىداؼ الطفؿ كثيرة ومتنوعة‬
‫تساعد الطفؿ عمى إكتساب المّغة‪ ،‬وتفتح لو مجاؿ المعرفة وتزوده بالمعمومات البلزمة إضافة‬
‫الى ذلؾ تخفؼ مف حدة قمقو‪.‬‬
‫عنصر آخر‪ ،‬أال وىو رعاية الطفؿ الموىوب وتشجيعو‬
‫ا‬ ‫نضيؼ إلى ىذه األىداؼ‬
‫حيث أنو‪« :‬أحد أىـ األىداؼ التي يقصد إلييا مف الدراسة أو القراءة أدب الطفولة‪ .‬ويتحقؽ‬
‫ىذا اليدؼ عف طريؽ المدرسة واألسرة ومراكز رعاية الموىوبيف حيث يتـ اكتشاؼ المواىب‬
‫األدب ية والفنية عند الطفؿ‪ ،‬إضافة الى ذلؾ العناية التربوية بتمؾ الفئة الموىوبيف‪ ،‬حيث‬

‫‪ - 1‬أحمد زلط‪ ،‬أدب األطفاؿ أصولو مفاىيمو ورواده ‪ ،‬ص‪.215‬‬

‫‪53‬‬
‫أدب األطفال‪ :‬مفهومه‪ -‬أنواعه‪ -‬أهدافه‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تنفجر طاقاتيـ في مياديف االبداع واالبتكار»( ‪ .)1‬فكؿ ىذه التشجيعات يتمقاىا مف األسرة‬
‫ويكوف في ضوئو شخصيتو‪.‬‬
‫والمجتمع الذي يعيش فيو ّ‬
‫كما ييدؼ ىذا الصنؼ مف اإلبداع األدبي إلى ‪ «:‬ترسيخ دعائـ االيماف والعمـ‬
‫والفضيمة لدى الطفؿ‪ ،‬إضافة الى ذلؾ تنمية حواس الطفؿ االدراكية وتوسيع رفعو الخيالي‪،‬‬
‫وتنمية ميارات المبلحظة والتأمؿ واالكتشاؼ فيما خمقو اهلل سبحانو وتعالى‪ ،‬وتمقيف القيـ‬
‫والسموكات»( ‪ .)2‬كؿ ىذا يساعد الطفؿ عمى التذكير بوجود اهلل (سبحانو وتعالى) وقدرتو عمى‬
‫ىذا الكوف‪.‬‬
‫نستنتج أف التسمية والفكاىة واالستمتاع ىدؼ وظيفي يسعى أدب الطفؿ الى تحقيقو‬
‫واستغبللو مف خبلؿ تقديـ الوظيفة الترويحية‪ ،‬في ألواف التعبير األدبي لؤلطفاؿ‪ ،‬أ ّما الوظيفة‬
‫الفنية‪ ،‬فيي اكس اب الطفؿ الخصائص الفنية لمنص األدبي لؤلطفاؿ‪ ،‬م ّما يناسب أعمارىـ‬
‫ّ‬
‫وتنمو تمؾ الخصائص باضطراب النمو (االبتعاد عف التعقيد الفني) واالبتعاد كذلؾ عف‬
‫الوضوح المبالغ فيو لدرجة السطحية والتقريرية‪ .‬أ ّما الجمالية كيدؼ فتعني إبراز قيـ األشياء‬
‫التي تثير اإلحساس بجماليا‪ ،‬أي تقدير الجماؿ في البيئة المحيطة بالطفؿ في شتى‬
‫مظاىرىا‪.‬‬
‫إف أدب األطفاؿ أدب ثري متنوع مف شعر ونثر‪ ،‬وأف لو أىدافا يسعى مف خبلليا إلى‬
‫بناء شخصية الطفؿ مف كؿ النواحي‪ :‬اجتماعية‪ ،‬نفسية‪ ،‬أخبلقية وتربوية‪ ،‬إذ إنو ال يمكف أف‬
‫ينشأ الطفؿ سويا مف دوف أ دب مخصص لو‪ ،‬يحكي ذوقو وتفكيره وأنماط نشاطاتو‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد زلط‪ ،‬أدب األطفاؿ أصولو مفاىيمو ورواده ‪ ،‬ص‪.216‬‬


‫‪ - 2‬عمر االسعد‪ ،‬ادب الطفؿ‪ ،‬ص‪.76- 72‬‬

‫‪54‬‬
‫انفصم انثاني‬
‫انثنى انمؤسسة نقصص‬
‫األطفال‬
‫‪- 1‬الشخصية في نقد فيليب هامون‪.‬‬
‫‪- 2‬التواصل الزماني والمكاني‪.‬‬
‫‪- 3‬طبيعة اللّغة‪.‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪- 1‬انشخصية عنذ فيهية هامىن‪:‬‬


‫تعد الشخصية في األعماؿ األدبية قطبا في االستقطاب والحضور والتأويؿ‪ ،‬كؿ شيء‬
‫يتحرؾ ضمنيا‪ ،‬وفي منطقيا وفمسفتيا ورؤاىا‪ ،‬السيما إذا تعمؽ األمر بالشخصية (البطؿ)‬
‫وىو ما أسس عميو فيميب ىاموف تصوره النقدي واألدبي‪ ،‬حيف أبرز حساسية ىذا الركف مف‬
‫أركاف السرد القصصي والروائي ويزداد األمر أىمية عندما تكوف المدونة أدبا خاصا‪ ،‬ىو‬
‫أدب قصص األطفاؿ‪ ،‬كيؼ شكؿ فيو الشخصية وكيؼ تتحوؿ إلى أفعاؿ وقيـ‪.‬‬
‫الدراسات إذ إنيا جاءت مكممة‬
‫تعد دراسات فميب ىاموف لمشخصية مف بيف أحد أىـ ّ‬
‫عرفيا في مقاربة أولى‪« :‬مفيوما سميولوجيا‪ ،‬بصفتيا مرفيما مزدوج‬
‫لمدراسات السابقة‪ّ .‬‬
‫التكويف‪ّ ،‬إنيا مورفيـ ثابت ومتجؿ مف خبلؿ داؿ منفصؿ (مجموعة مف اإلشارات) يحيؿ‬
‫مدلوؿ منفصؿ (معنى أو قيمة الشخصية) وعمى ىذا األساس ستتحدد الشخصية مف خبلؿ‬
‫شبكة عبلئقية مف التشابيات والتراتبية واالنتظاـ (توزيعيا) ىي ما يشيدىا عمى مستوى الداؿ‬
‫والمدلوؿ تزامنيا أو تعاقبيا‪ ،‬إلى مجموعة أخرى مف الشخصيات‪ ،‬سواء عمى مستوى السياؽ‬
‫األدبي القريب (شخصيات الرواية نفسيا‪ ،‬العمؿ األدبي نفسو) أو السياؽ البعيد (في الغياب‪:‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫فإف ىاموف ينظر لمشخصية‪ ،‬عمى أنيا وحدة داللية‬
‫شخصيات النوع نفسو)» ‪ .‬وعميو‪ّ ،‬‬
‫النص بدالالت جديدة‪ ،‬فبل‬
‫(عبلمة) قابمة لمتحميؿ والوصؼ فالقارئ ىو الذي يعيد خمؽ ّ‬
‫يمكننا أف نغفؿ عف التفاعؿ الذي يحصؿ بيف مختمؼ عناصر القصة فالشخصية ال وجود‬
‫ليا إالّ في إطار زماني ومكاني معيف يحدد مبلمحيا اإلجتماعية والسيكولوجية والعمرية‪،‬‬
‫فالبيئة دور ىاـ في بناء الشخصية ويؤدي عامؿ الزمف دور ميـ في وسـ الشخصية بصفات‬
‫مادية ومعنوية‪.‬‬
‫األوؿ في النص الحكائي تكوف عبارة عف بياض داللي‪،‬‬
‫إف الشخصية في ظيورىا ّ‬
‫ّ‬
‫السرد بإسياـ مف القارئ‪.‬‬
‫يتـ ممؤه مع تطور عممية ّ‬

‫‪ - 1‬فميب ىاموف‪ ،‬سميولوجية الشخصيات الروائية‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعيد بف كراد‪ ،‬دار الحوار لمنشر والتوزيع‪ ،‬البلّدقية‪ ،‬دمشؽ‪،‬‬
‫ص‪.38‬‬

‫‪56‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫قاـ فميب ىاموف بتقسيـ الشخصيات إلى ثبلث فئات‪:‬‬


‫‪ -‬فئة الشخصيات المرجعية ‪ :(personnages référentiels‬تحيؿ ىذه الفئة‬
‫مف الشخصيات‪« :‬شخصيات تاريخية (نابميوف الثالث‪ ،‬آلكسندر دوما شخصيات‬
‫أسطورية (فينوس‪ ،‬زوس) شخصي ات مجازية (الحب‪ ،‬الكراىية) شخصيات اجتماعية‬
‫(العامؿ‪ ،‬الفارس‪ ،‬المحتاؿ) عمى معنى ممتمئ وثابت حددتو ثقافة ما‪ ،‬كما تحيؿ عمى‬
‫أدوار وبرامج واستعماالت ثابتة( ‪.)1‬‬
‫‪ -‬فئة الشخصيات اإلشارية ) ‪ :(personnage embrayeurs‬إنيا دليؿ حضور‬
‫المؤلؼ أو القارئ أو ما ينوب عنو في النص‪ :‬شخصيات ناطقة باسمو شخصيات‬
‫عابرة‪ ،‬كتاب‪ ،‬رواة‪ ،‬أدباء‪.‬‬
‫‪ -‬فئة الشخصيات اإلستذكارية ) ‪ :(personnages anaphorique‬ما يحدد ىذه‬
‫الفئة ىو مرجعية النسؽ الخاص بالعمؿ وحده والنظاـ الخاص بو( ‪.)2‬‬

‫ولقد سمؾ فيميب ىاموف في تحميمو لمشخصية أف يخرج مف كؿ التحميبلت والدراسات‬


‫التي سبقتو بنظرية أقرب لمكماؿ وقد اختصر مقاربتو في ثبلثة محاور أساسية‪ :‬المحور‬
‫األوؿ يتعمؽ بداؿ الشخصية‪ ،‬المحور الثاني يتعمؽ بمدلوؿ الشخصية والثالث مستويات‬
‫وصؼ الشخصية‪.‬‬

‫‪- 1‬فميب ىاموف‪ ،‬سيميولوجية الشخصيات الروائية‪ ،‬ص ص‪.36- 35‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.39- 38‬‬

‫‪57‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أ ‪-‬مذنىل انشخصية‪:‬‬
‫ىو مجموع ما يقاؿ عنيا بواسطة جمؿ متفرقة في النص أو بواسطة أقواليا‪،‬‬
‫تصريح اتيا وأقواليا وسموكيا‪ ،‬والمدلوؿ في شخصية قصص األطفاؿ يتحدد مف خبلؿ‬
‫مختمؼ الدواؿ المشكمة ليا‪ « :‬تعد الشخصية وحدة داللية‪ ،‬وذلؾ في حدود كونيا مدلوال‬
‫منفصبل وسنفترض أف ىذا المدلوؿ قابؿ لمتحميؿ والوصؼ‪ ،‬واذا قبمنا فرضية المنطؽ القائمة‬
‫بأف الشخصية تتولد مف وحدات المعنى وأف ىذه الشخصيات ال تبنى إال مف خبلؿ جمؿ‬
‫( ‪)1‬‬
‫أي أف‬ ‫تتمفظ بيا أو يتمفظ بيا عنيا‪ ،‬فإنيا ستكوف سندا لصيانة الحكاية وتحوالتيا»‬
‫الشخصية عند فميب ىاموف تولد مف المعنى والجمؿ التي يتمفظ بيا أو غيره مف‬
‫الشخصيات‪ ،‬ومنو فإف المكوف األساس لمدلوؿ الشخصية ىو مجموع أوصافيا وظائفيا‬
‫ومختمؼ عبلقاتيا بالشخصيات األخرى‪ ،‬وذلؾ مف خبلؿ ما تقولو أو تفعمو أو ما يقاؿ‬
‫ويستنتج عنيا‪.‬‬

‫وىذا ما وضحو مف خبلؿ جدولو الذي يتضمف الصفات الداللية لمشخصية الجنس‪،‬‬
‫األصؿ الجغرافي‪ ،‬األيديولوجيا‪ ،‬الثروة والشكؿ اآلتي يوضح ذلؾ( ‪:)2‬‬
‫الثروة‬ ‫األصل الجغرافي االيديولوجيا‬ ‫المحاور الجنس‬
‫الشخصيات‬
‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪1‬‬
‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪2‬‬
‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪3‬‬
‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪4‬‬
‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪5‬‬

‫‪ - 1‬فميب ىاموف‪ ،‬سيميولوجية الشخصيات الروائية‪ ،‬ص‪.39- 38‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.44‬‬

‫‪58‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وعميو‪ ،‬مف خبلؿ الجدوؿ يمكف في أثناء التطبيؽ بإبراز شخصيات النص السردي‬
‫وفؽ روابط التشابو واالختبلؼ‪ ،‬أما بالنسبة لمجدوؿ الثاني فيو خاص بوظائؼ الشخصية‬
‫وىو يشتمؿ عمى ستة محاور‪ :‬الحصوؿ عمى مساعدة‪ ،‬توكيؿ‪ ،‬قبوؿ‪ ،‬تعاقد‪ ،‬الحصوؿ عمى‬
‫معمومات‪ ،‬الحصوؿ عمى متاع‪ ،‬مواجية ناجحة‪ ،‬وىذه المحاور موضحة في الشكؿ ‪.2‬‬

‫قبو و و و و و و و و و ووول الحص و و و ووول الحص و و و ووول مواجهو و و و و ووة‬ ‫الوظائؼ الحص و و و ووول توكيل‬
‫ناجعة‬ ‫عم و و و و و و و و و و ووى عمى متاع‬ ‫التعاقد‬ ‫عم و و و و و و و و و و ووى‬ ‫الشخصيات‬
‫معمومات‬ ‫مساعدة‬
‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪1‬‬
‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪2‬‬
‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪3‬‬
‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪4‬‬
‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪5‬‬
‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪Ø‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الشخصية ‪6‬‬

‫يبلحظ أف ىاموف ىنا أراد الحصوؿ عمى تراتبي داخؿ المحاور الستة المشار بيدؼ‬
‫التمييز بيف الشخصيات الرئيسية والثانوية‪.‬‬

‫ب ‪-‬دال انشخصية‪:‬‬
‫إف عممية تقديـ الشخصية داخؿ الفضاء النصي ىي عممية تتـ بطرؽ مختمفة ومتنوعة‬
‫وىذا األمر راجع إلى اعتبارات كثيرة أىميا طبيعة النص السردي في حد ذاتو‪ ،‬وذلؾ مف‬
‫حيث األسماء الشخصيات وأعمارىـ فإعطاء عمر محدد لمشخصية مف شأنو أف يزيؿ‬
‫الغموض كما قد يفسر العبلقة القائمة بيف الشخصيات وعنصر الزماف‪« :‬يتـ تقديـ‬

‫‪59‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الشخصية ووضعيا عمى خشبة النص اعتمادا عمى داؿ منفصؿ‪ ،‬أي عمى مجموعة متناثرة‬
‫مف اإلشارات التي يمكف تسميتيا "سمة" الشخصية‪ .‬وتتحدد الخصائص العامة ليذه السمة‬
‫في جزء ىاـ منيا‪ ،‬باالختيا ارت الجمالية لمكاتب‪ ،‬فقد يقتصر المونولوج الغنائي‪ ،‬او السيرة‬
‫الذاتية عمى جذر منسجـ ومحدود مف الناحية النحوية )‪ ،)1 (»(je, me, moi‬فإف إعطاء‬
‫وسـ لمشخصيات كنسبيـ إلى مينتيـ كالطبيب‪ ،‬الفبلح‪ ،‬الصيدلي‪ ،‬الخباز‪ ،‬صاحب المطعـ‪،‬‬
‫التاجر أو إلى أوطانيـ‪ ،‬كالجزائري‪ ،‬السوري‪ ،‬التونسي‪ ،‬الفمسطيني‪ ،‬الفرنسي وكؿ ىذه‬
‫األسماء واأللقاب والميف تشكؿ ما يسمى بمقومات اليوية األساسية لمشخصية أو مصطمح‬
‫البطاقة الداللية‪ ،‬وعميو‪ ،‬فإف الداؿ عند ىاموف يتخذ عدة أسماء أو صفات تمخص ىويتيا‪.‬‬

‫ج ‪-‬مستىيات وصف انشخصية‪:‬‬


‫يرى ىاموف أف الشخصية عبلمة‪ ،‬مورفيما ال متواصبل‪« :‬واذا اعتبرنا الشخصية عبلمة‬
‫أي مورفيما منفصبل مثبل فإننا سننظر إلييا باعتبارىا تكميمية أو مركبة‪ ،‬يستدعي ىذا التحديد‬
‫مقولة "مستويات" الوصؼ "وكما ىو معروؼ فإف ىذه المقولة تعد عنص ار أساسيا في‬
‫المسانيات وفي كؿ فعالية سيميائية‪ ،‬ترتبط العبلمة باإلضافة إلى العبلقات التي تنسجيا مع‬
‫وحدات مف المستوى نفسو مع وحدات مف مستوى أعمى (وحدات قد تكوف أكثر عمقا‪ ،‬أو‬
‫أكاثر تجريدا أو أكثر اتساعا)‪ ،‬ومع أخرى مف مستوى ادنى (الصفات‪ ،‬المميزة المكونة‬
‫لمعبلمة)‪ ،‬كما أشرنا إلى ذلؾ سابقا»( ‪ ، )2‬ومعنى ىذا أف كؿ شخصية تربطيا بباقي‬
‫ال شخصيات عبلقات مف مستويات ثبلثة‪ ،‬المستوى نفسو‪ ،‬مستوى أعمى‪ ،‬مستوى أدنى‪.‬‬
‫إف النتيجة التي يمكف اف نخرج بيا مف خبلؿ قراءة أراء فيميب ىاموف عف الشخصية‬
‫ىي‪ :‬ضرورة تركيز عمى الدور ال عمى الشخصية فيو يرى أف ىناؾ فرقا بينيما فالدور أعـ‬

‫‪ - 1‬فميب ىاموف‪ ،‬سميولوجية الشخصيات الروائية‪ ،‬ص ص‪.59- 58‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وأشمؿ مف الشخصية‪ ،‬أي باعتبارىا كائنا إنسانيا‪ ،‬الشخصية عنده قضية لغوية ومفيوـ‬
‫معنوي يشمؿ كؿ مف إنساف‪ ،‬حيواف جماد وحتى األفكار‪.‬‬

‫‪ ‬مدلول الشخصية‬
‫في مجموعة مف القصص التي قمنا بتحميميا لوحظ أف الشخصيات تـ وضع أسماء‬
‫عمـ ليا‪ ،‬شخصيات أخرى تركت دوف تحديد‪ ،‬شخصيات لـ تحدد عمى االطبلؽ‪ ،‬وقمنا‬
‫قصة مف القصص الثبلث التي ىي‬
‫المقومات األساسية لمشخصيات الواردة في كؿ ّ‬
‫ّ‬ ‫بتمخيص‬
‫مجاؿ البحث عمى النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬الشخصية في قصة‪ :‬الصداقة‪:‬‬
‫الصفات‬ ‫المهنة‬ ‫السن‬ ‫الجنس‬ ‫الكنية او‬ ‫االسم‬ ‫مقومات‬
‫المعنوية‬ ‫المادية‬ ‫المقب‬ ‫الهوية‬
‫الشخصيات‬
‫حكيمة‬ ‫ممكة النمؿ صغيرة‬ ‫دوف‬ ‫حيواف‬ ‫الممكة‬ ‫الشخصية ‪ 1‬دوف‬
‫شجاعة‬ ‫تحديد‬ ‫تحديد‬
‫طيب‬ ‫ضخـ‬ ‫‪/‬‬ ‫دوف‬ ‫حيواف‬ ‫الفيؿ‬ ‫الشخصية ‪ 2‬دوف‬
‫عمبلؽ‬ ‫تحديد‬ ‫تحديد‬
‫شجعاف‬ ‫صغار‬ ‫حماية‬ ‫دوف‬ ‫حيواف‬ ‫الجنود‬ ‫الشخصية ‪ 3‬دوف‬
‫الممكة‬ ‫تحديد‬ ‫تحديد‬
‫أنؼ طويؿ شرير‬ ‫‪/‬‬ ‫دوف‬ ‫أكؿ النمؿ حيواف‬ ‫الشخصية ‪ 4‬دوف‬
‫تحديد‬ ‫تحديد‬

‫أوؿ مبلحظة يمكننا تسجيمي ا مف الجدوؿ ىي عدـ تحديد أسماء عمـ لكؿ الشخصيات‪،‬‬
‫فإف المعمومات‬
‫واالكتفاء بتحديد جنسيا‪ ،‬فيي كميا حيوانات‪ ،‬ذكر ألقابيا وصفاتيا‪ ،‬وعميو‪ّ ،‬‬
‫المقدمة كافية لسبب منطقي ومقنع‪ ،‬مما ال يدع مجاال لمخمط فيما بينيا بالنسبة لمطفؿ‪،‬‬

‫‪61‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والمبلحظ أيضا التركيز عمى بعض الصفات التي ىي عبلمات دالة عمى ك ّؿ حيواف‪ ،‬فالفيؿ‬
‫مثبل رمز لمضخامة وكبر الحجـ والقوة‪ ... « :‬إقترب فيؿ ضخـ وكبير مف أحد مساكف مممكة‬
‫النمؿ وكاد يدوسيا بأقدامو العمبلقة»( ‪ ، )1‬وأما النممة فيي مخموؽ صغير الحجـ‪ ،‬ضعيؼ‪،‬‬
‫فأي مخموؽ آخر وحتى إف كاف صغي ار يمكنو أف يدوسيا ويقضي عمييا‪ ...« :‬فيرعت‬
‫ّ‬
‫( ‪)2‬‬
‫فصغر الحجـ واليروب‬ ‫الممكة الصغيرة مسرعة إليو قبؿ أف يدوسيـ فينيييـ عف آخرىـ»‬
‫واالرتعاش كميا عبلمات دالة عمى الضعؼ‪ ،‬أما بالنسبة آلكؿ النمؿ فطوؿ أنفو دليؿ عمى‬
‫طمعو وجشعو ألنو يستعمؿ خرطومو الطويؿ إللتياـ النمؿ‪ ... « :‬ىاجـ آكؿ النمؿ ذو األنؼ‬
‫الطويؿ مساكف النمؿ قصد أكؿ النمؿ وافتراسو»( ‪ ، )3‬فكؿ ىذه الصفات المذكورة ىي عبلمات‬
‫داللية لكؿ شخصية في ىذه القصة‪.‬‬
‫الشخصية في قصة جحا والمص والحمار الضاحك‪:‬‬
‫الصفات‬ ‫المهنة‬ ‫السن‬ ‫الجنس‬ ‫الكنية او‬ ‫االسم‬ ‫مقومات‬
‫المعنوية‬ ‫المادية‬ ‫المقب‬ ‫الهوية‬
‫الشخصيات‬
‫طيب‬ ‫رجؿ قوي‬ ‫تاجر‬ ‫رجؿ‬ ‫ذكر‬ ‫دوف‬ ‫الشخصية ‪ 1‬جحا‬
‫غبي‬ ‫بالغ‬ ‫تحديد‬
‫دوف تحديد مخادع‬ ‫لص‬ ‫رجؿ‬ ‫ذكر‬ ‫دوف‬ ‫الشخصية ‪ 2‬سمير‬
‫سارؽ‬ ‫بالغ‬ ‫تحديد‬
‫دوف تحديد‬ ‫أذناف‬ ‫حمار‬ ‫دوف‬ ‫حيواف‬ ‫حمار‬ ‫الشخصية ‪ 3‬دوف‬
‫طويبلف‬ ‫تحديد‬ ‫تحديد‬
‫ذيؿ طويؿ‬
‫بني المّوف‬

‫‪ - 1‬لوناس ع‪ /‬الكريـ‪ ،‬دار كرـ اهلل‪ ،‬القبة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.2‬‬


‫‪ - 2‬المصدر نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬
‫‪ - 3‬المصدر نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫السف‪ ،‬المينة‬
‫مف ىذه القصة نجد تحديدا لعناصر ثبلثة لمقومات اليوية‪ :‬الجنس‪ّ ،‬‬
‫واىماؿ العناصر المتبقية‪ ،‬والسبب في ذلؾ ىو التركيز عمى الفكرة‪ ،‬لذلؾ ورد عدد قميؿ مف‬
‫الشخصيات فقد تـ حصرىا في جحا والمّص والحمار‪.‬‬
‫فالفكرة ىنا إذا ال تتطمب وجود عدد كبير مف الشخصيات‪ ،‬فممؾ جحا لمحمار وحممو‬
‫أف جحا كاف يشاطر حماره األتعاب‪،‬‬
‫لؤلعباء‪ ،‬داؿ عمى فقره وحاجتو‪ ،‬وىذا ظاىر‪ّ ...« :‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫أما بالنسبة‬
‫فاألتعاب والصعاب داؿ عمى الفقر والحاجة‪ّ ،‬‬ ‫والسيما عندما تواجيو الصعاب»‬
‫فإف كؿ ما ورد عنو ىي عبلمات دالة عمى المكر والخداع‪ ...« :‬فجأة فرح المّص بعد‬
‫لمّص ّ‬
‫إف اىتدى إلى حيمة ليخطؼ حمار جحا»( ‪ .)2‬ىذه الصفات تدؿ كمّيا عمى المكر والخداع‬
‫تعزز في الطفؿ الذكاء ونبذ الغباء واالحتياؿ عمى اآلخر‪.‬‬
‫ومف شأنيا أف ّ‬
‫الشخصيات في قصة زمردة والقبعة الوردية‪:‬‬
‫الصفات‬ ‫المهنة‬ ‫السن‬ ‫الجنس‬ ‫الكنية او‬ ‫االسم‬ ‫مقومات‬
‫المعنوية‬ ‫المادية‬ ‫المقب‬ ‫الهوية‬
‫الشخصيات‬
‫متكبرة‬ ‫حموة‬ ‫أميرة‬ ‫فتاة‬ ‫أنثى‬ ‫أميرة‬ ‫زمردة‬ ‫الشخصية ‪1‬‬
‫جميمة‬ ‫صغيرة‬
‫دوف تحديد‬ ‫غني‬
‫ّ‬ ‫دوف‬ ‫رجؿ‬ ‫ذكر‬ ‫األب‬ ‫دوف‬ ‫الشخصية ‪2‬‬
‫تحديد‬ ‫بالغ‬ ‫تحديد‬
‫دوف تحديد دوف تحديد‬ ‫امرأة راشدة دوف‬ ‫أنثى‬ ‫األـ‬ ‫دوف‬ ‫الشخصية ‪3‬‬
‫تحديد‬ ‫تحديد‬
‫دوف تحديد‬ ‫حسناء‬ ‫أميرة‬ ‫فتاة‬ ‫أنثى‬ ‫أميرة‬ ‫نور القمر‬ ‫الشخصية ‪4‬‬
‫جميمة‬ ‫صغي ةر‬

‫‪- 1‬آمنة أشمي‪ ،‬جحا والحمار والمص الضاحؾ‪ ،‬المكتبة الخضراء لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪ - 2‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫‪63‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫دوف تحديد شريرة‬ ‫دوف‬ ‫عجوز‬ ‫أنثى‬ ‫الساحرة‬ ‫دوف‬ ‫الشخصية ‪5‬‬
‫تحديد‬ ‫تحديد‬
‫دوف تحديد خبيث‬ ‫خادـ‬ ‫دوف‬ ‫حيواف‬ ‫الوطواط‬ ‫دوف‬ ‫الشخصية ‪6‬‬
‫الشريرة‬ ‫تحديد‬ ‫تحديد‬
‫دوف تحديد مطيعات‬ ‫خدمة‬ ‫فتيات‬ ‫أنثى‬ ‫خادمات‬ ‫دوف‬ ‫الشخصية ‪7‬‬
‫القصر‬ ‫تحديد‬

‫في الجدوؿ السابؽ نبلحظ أف ىناؾ غنى واضحا في البطاقة الداللية لمختمؼ‬
‫الشخصيات وتأتي في المرتبة األولى مف حيث ثراء المعمومات المقدمة‪ ،‬خانات كؿ مف‬
‫السف‬
‫الكنية والجنس فقد تـ تحديد جنس كؿ الشخصيات وكذلؾ كنياتيـ‪ ،‬ثـ تمييا خانة ّ‬
‫متبوعة بخانة المينة‪ ،‬وأخي ار خانة كؿ مف األسماء والصفات‪ ،‬وىذا التحديد عائد الى كثرة‬
‫الشخصيات فكؿ المعمومات المقدمة تدؿ عمى مرجعية إجتماعية‪ ،‬ومبلحظة أخرى يمكف‬
‫اإلشارة إلييا‪ ،‬ىي أف الكنيات متداولة ومحببة جدا لدى األطفاؿ‪ ،‬فشخصية األميرة عبلمة‬
‫دالة عمى الغنى والجماؿ‪ ... « :‬األميرة الحموة زمردة يحممف ليا ما أحضره ليا والدىا مف‬
‫أفخر الثياب وأجودىا»( ‪ .)1‬ما يظير ىنا بأنيا كانت ذات أصوؿ كريمة أي ّأنيا كانت أميرة‬
‫أما الساحرة فيي عبلمة دالة عمى الشر والكره والخبث‪ ... « :‬حاف الوقت وخطتي‬
‫غنية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الجديدة كيؼ أنقض عمى زمردة انقضاضا وأتخمص منيا وأرتاح»( ‪ .)2‬ىذا يدؿ عمى سوء‬
‫طباعيا وظمميا‪ ،‬األمر الذي يؤثر في نفسية األطفاؿ وينفّرىـ‪ ،‬مما يفقد العبلقة كؿ ضروب‬
‫التواصؿ‪.‬‬

‫‪- 1‬وريدة كروش‪ ،‬مغامرات زمردة‪ ،‬دار الطبع ‪ ،Index‬ص‪.3‬‬


‫‪ - 2‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫‪64‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬دال الشخصية‪:‬‬
‫في الجدوؿ الموالي سنحاوؿ رصد أىـ الصفات واألحواؿ لمختمؼ الشخصيات الواردة‬
‫في القصة‪ ،‬التي يبحث فييا‪ .‬وسنركز عمى الموصوفات (الشخصيات) ومصدر الوصؼ أو‬
‫مصدر المعمومات عف الشخصية‪ ،‬وأبرز صفات كؿ شخصية وأحواليا وسنعتمد في ىذا‬
‫النوعي‪.‬‬
‫الكمي و ّ‬
‫عمى مقياسيف ّ‬
‫االحوال‬ ‫محتوى الوصف‬ ‫الموصو‬ ‫المحاور‬
‫الحالة األولى الحالة الثانية‬ ‫ف‬ ‫مصدر الوصف‬
‫مساعدتو لغيره دفعت بيـ‬ ‫القوة‪،‬‬
‫اقترب فيؿ ضخـ كبير كاد يدوسيا ّ‬ ‫الفيؿ‬ ‫المؤلؼ‬
‫الى مساعدتو عند وقوعو‬ ‫الضخامة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بأقدامو العمبلقة‬
‫في الشرؾ‪ ،‬األمر الذي‬ ‫الغرور‬ ‫نظر إلييا الفيؿ متعجبا مف شجاعتيا‬
‫أدى إلى انكسا هر والتزامو‬ ‫االفتخار‬ ‫أعتذر ِ‬
‫لؾ أيتيا الممكة الشجاعة‬
‫بالصداقة مع النممة‪.‬‬ ‫لب الفيؿ نداء الصديقة‬
‫ّ‬
‫ىرع الفيؿ إلى المساعدة‬
‫رمى الفيؿ آكؿ النمؿ بقوة‬
‫شكر الفيؿ النممة‬
‫صغيرة‪ ،‬حكيمة‪ ،‬شجاعة‪ ،‬لطيفة‪ ،‬غير خائفة مرتعشة غاضبة عمى الفيؿ وتحذيره‬ ‫النممة‬
‫ّ‬ ‫المؤلؼ‬
‫مف ىدوء واطمئناف لمساعدة‬ ‫مرتعبة‬ ‫ناكرة لمجميؿ‬ ‫الممكة‬
‫الفيؿ ليا‬ ‫الفيؿ‬
‫الشعور بالرضا لتمكنيا مف‬ ‫طالبة‬
‫لممساعدة رادة مساعدة الفيؿ وتخميصو‬
‫مف أسره‬ ‫لمجميؿ‪.‬‬
‫خائؼ التوسؿ االعتضار‬ ‫والشعور القوة‪،‬‬ ‫واليجوـ‬
‫الشر‬
‫ّ‬ ‫عبلمات‬ ‫آكؿ‬ ‫المؤلؼ‬
‫التوعد بعدـ االقتراب مف‬ ‫وحب النفس والقضاء عمى االفتراس‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بالجوع‬ ‫النمؿ‬
‫مرة اخرى‬
‫الطمع‪ ،‬الجوع النمؿ ّ‬ ‫الغير‬

‫‪65‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أف كؿ األوصاؼ وردت عمى لساف‬


‫مف خبلؿ المعطيات الواردة في الجدوؿ‪ ،‬نبلحظ ّ‬
‫المؤلؼ‪ ،‬فقد رّكز عمى جوانب كثيرة م ف المبلمح الخارجية مف شكؿ وطريقة المشي والحجـ‬
‫وعند اإلشارة إلى حجـ الفيؿ‪ ،‬عبلمة دالة عمى أنو كاف كبي ار وضخما‪ .‬فكما ىو معموـ فالفيؿ‬
‫رمز القوة والضخامة‪ ،‬ويستخدـ قوتو في الخير وتحقيؽ العدؿ‪ ،‬كما أنو يستخدميا في الشر‬
‫والظمـ‪ .‬وبما أنو كاف يرفض مساعدة النممة‪ ،‬فيذا دليؿ عمى احتماؿ ثاف أي أنو كاف متكب ار‬
‫وفخو ار بنفسو‪ ،‬ومع ىذا فقد تغير وضعو وأصبح صديقا متسامحا‪.‬‬
‫إف وفرة المعمومات عف الفيؿ تجعؿ منو الشخصية الرئيسة في القصة وىذا استنادا إلى‬
‫فإف‬
‫الوظائؼ التي قاـ بيا واألوصاؼ التي ُوسـ بيا وبالنسبة لمشخصيتيف النممة وآكؿ النمؿ‪ّ ،‬‬
‫المقدمة عنيما تبقياف رم از لمحكمة والشجاعة بالنسبة لمنممة حتى واف كانت في‬
‫ّ‬ ‫المعمومات‬
‫األصؿ ضعيفة الجسـ‪ ،‬صغيرة الحجـ‪ ،‬فقد تجمت شجاعتيا في وقوفيا أماـ الفيؿ وتحذيرىا‬
‫لو مف أف ييدـ بيوتيـ « ‪ ...‬تسمقت ممكة النمؿ جسد الفيؿ العمبلؽ حتى وصمت إلى مرمى‬
‫عينية‪ ،‬ثـ قالت‪ :‬رويدؾ ّأييا الفيؿ فمقد كدت تدوس مساكننا فتقتمنا جميعا بأقدامؾ‬
‫العمبلقة»( ‪ .)1‬تجمت شجاعتيا وحكمتيا في طريقة مخاطبتيا لمفيؿ‪ ،‬وذكائيا وحكمتيا تجميا‬
‫ميما في الحياة‪ ،‬وىو عدـ التكبر‬
‫عندما أنقذتو مف الشباؾ التي وقع فييا وتمقينو درسا ّ‬
‫بالمظير وأف الحجـ والض خامة والقوة ليست كؿ شيء‪ .‬فالذكاء واستعماؿ العقؿ يمعباف دو ار‬
‫ميما فاعبل « ‪ ...‬تخمص الفيؿ مف الشبكة فوقؼ عمى أقدامو وشكر ممكة النمؿ‪ ،‬وىكذا نجا‬
‫الفيؿ مف الصياديف المتوحشيف الباحثيف عف العاج فكانت ىذه ىي ثمرة الصداقة بيف الفيؿ‬
‫وممكة النمؿ فنفع كؿ واحد اآلخر وانتفع‪ ،‬وىذه ىي الصداقة الحقيقية أخذ وعطاء»( ‪.)2‬‬
‫وعميو‪ ،‬يمكف تأويؿ ما وقع بيف األسد والنممة عمى أنو عبلمة دالة عمى الصداقة الحقيقية‪،‬‬
‫وأىمية أف يكوف الفرد متواضعا ومحسنا ومساعدا لسواه‪.‬‬

‫‪ - 1‬لوناس ع‪/‬كريـ‪ ،‬الصداقة‪ ،‬ص‪.2‬‬


‫‪- 2‬المصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪66‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫في قصة جحا والمّص والحمار الضاحك‪:‬‬


‫األحوال‬ ‫محتوى الوصف‬ ‫الموصوف‬ ‫المحاور‬
‫الحالة الثانية‬ ‫الحالة األولى‬ ‫مصدر الوصف‬
‫بالرضا‬ ‫رجؿ بالغ‪ ،‬فقير صاحب الحمار فقره وحاجتو دفعا شعوره‬ ‫جحا‬ ‫المؤلؼ‬
‫حمؿ واالطمئناف إلطبلؽ‬ ‫إلى‬ ‫بو‬ ‫يحمؿ األتعاب‬
‫قميؿ الذكاء ىمس في أذف األتعاب ومواجية سراح الحماؿ‬
‫بعدـ‬ ‫الصعاب وتحميمو وتوصيتو‬ ‫الحمار‬
‫حما هر معصية أمو حتى ال‬ ‫متأثر‪ ،‬استغراب الناس ألمره‪ ،‬عمى‬
‫ضرب جحا الحمار‪ ،‬جمس جحا األثقاؿ‪ ،‬حزنو عمى ينسخو اهلل م ةر ثانية‬
‫لحما هر‬ ‫مفكرا‪ ،‬وضع يديو عمى لحيتو فقدانو‬
‫بسبب غبائو‬ ‫السوداء‬
‫ونفاؽ يأسس وفقدانو لؤلمؿ‬ ‫رجؿ بالغ‪ ،‬ماكر‪ ،‬ذكي‪ ،‬اىتدى خداع‬ ‫المّص‬ ‫المؤلؼ‬
‫اخذ لعدـ بيع الحمار‬ ‫إلى حيمة‪ ،‬أخذه لمحمار وذلؾ ومحاولة‬
‫لصاحبو‬ ‫الغير إرجاعو‬ ‫بتظاىره بانو رجؿ وتعرض ممتمكات‬
‫والكذب جحا‬ ‫لممسخ إعادتو لمحمار لعدـ بالحيمة‬
‫والسرقة‬ ‫قدرتو عمى بيعو‬

‫إف ممفوظات الوصؼ المعطاة حوؿ شخصية جحا دالة عمى فقره وعجزه وشعوره‬
‫ّ‬
‫بالعجز‪ ،‬وكذا حاجتو لمماؿ غباؤه الذي أ دى بو إلى خسارة حماره‪ ،‬فكؿ ىذه الممفوظات‬
‫( يحمؿ األتعاب واألثقاؿ‪ ،‬بكى جحا‪ ،‬فرح بعودة الحمار) كميا دالة عمى فقره وعدـ مقدرتو‬
‫عمى شراء حمار آخر وىي أيضا ممفوظات دالة عمى غبائو وعدـ استعمالو لمذكاء واألمر‬
‫الذي جعؿ منو طعما لمص ولعؿ أبرز العبلمات الدالة عمى غبائو‪« :‬أخذ جحا يبكي متأث ار‬
‫باألغنية التي غناىا المص ثـ اختنؽ ويمسح دموعو ويردد األغنية مع المص واخذ يؤكد لو‬

‫‪67‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫السيئة تدفع‬
‫فإف ىذه الخصمة ّ‬
‫إلى عدـ ضرب أمو ثـ اطمؽ جحا صراحو» ‪ .‬وعميو‪ّ ،‬‬
‫بصاحبيا إ لى التيمكة لذلؾ تظير فييا فكرة تشجيع استعماؿ العقؿ لدى األطفاؿ‪.‬‬
‫في قصة زمردة والقبعة الوردية‪:‬‬
‫االحوال‬ ‫محتوى الوصف‬ ‫الموصوف‬ ‫المحاور‬
‫الحالة الثانية‬ ‫الحالة األولى‬ ‫مصدر الوصف‬
‫الى‬ ‫شعورىا عودتيا‬ ‫األميرة الحموة‪ ،‬ارتدت فستانا جميبل‪ ،‬حزنيا‪،‬‬ ‫زمردة‬ ‫المؤلؼ‬
‫بالقمؽ خوفا مف عدـ طبيعتيا‪ ،‬استغفارىا‬ ‫ارتداء القبعة‪ ،‬استيزائيا بالخادمة‬
‫وشعورىا‬ ‫لذنبيا‬ ‫جماليا‬ ‫شعورىا بالذنب‬
‫والرضا‬ ‫وأخذت بالبكاء واإلستغفار مف شدة الشعور بالغيرة وعدـ بالسعادة‬
‫عمى نفسيا‬ ‫الرضا بالنفس‬ ‫الندـ‪ ،‬حمدت اهلل عمى نجاتيا‬
‫وتأثرىا‬ ‫شديدة الجماؿ والبياء‪ ،‬حسنة الطمة‪ ،‬فرح وسرور وسعادة غضبيا‬ ‫نور القمر‬ ‫المؤلؼ‬
‫بعيد وشعورىا بالحزف لما‬ ‫أجمؿ األميرات‪ ،‬ألطفيـ‪ ،‬ومحترمة الحتفاليا‬
‫فعمتو زمردة‬ ‫ميبلدىا‬ ‫لمغير ومحبة لمجميع‬
‫بالسعادة غضب الساحرة‬ ‫عجوز شمطاء شريرة‪ ،‬حسودة غيورة‪ ،‬شعورىا‬ ‫الساحرة‬ ‫المؤلؼ‬
‫تمكنيا مف شعورىا بالخسارة‬ ‫تكره الجميع‪ ،‬تحب نشر الحقد والقوة‬
‫لصيحة‬ ‫زعزعة ايماف زمردة اطبلقيا‬ ‫والبغضاء وافساد األخبلؽ‬
‫الساح ةر الشعور بالقير‪ّ ،‬فر‬ ‫ضحؾ‬
‫لنجاح منيا الوطواط ىاربا‬ ‫الشريرة‬
‫الساح ةر‬ ‫نياية‬ ‫الخطة‬
‫وضحؾ المأساوية‬ ‫قيقية‬
‫بمذة‬ ‫لشعورىا‬
‫االنتصار‬

‫‪ - 1‬آمنة أشمي‪ ،‬جحا والمص والحمار الضاحؾ‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫‪68‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عمى خبلؼ القصة السابقة‪ ،‬تـ في ىذه القصة منح معمومات عف كؿ شخصية‪ ،‬األمر‬
‫الذي أدى لتحديد الشخصيات الفاعمة فييا وىي (زمردة‪ ،‬نور القمر‪ ،‬والساحرة) والعبلقة‬
‫القائمة منذ األزؿ بيف الخير والشر وطريقة األشرار في محالة نشر المشاكؿ والعداوة‬
‫والبغضاء بيف الناس وافساد العبلقات وىذا ما كانت تسعى إليو الساحرة في ىذه القصة‪:‬‬
‫«حاف الوقت اآلف لخطتي الجديدة كي أنقض عمى زمردة انقضاضا فأتخمص منيا‬
‫( ‪)1‬‬
‫أف الخير دائما ينتصر عمى الشر وىذا ما أظيرتو زمردة‬
‫وأرتاح» ‪ ،‬وعمى الرغـ مف ىذا إالّ ّ‬
‫عندما واجيت الساحرة الشريرة وطمبت العفو والمغفرة مف اهلل‪ « :‬ففرحت وحمدت اهلل تعالى أف‬
‫( ‪)2‬‬
‫بيذه األلفاظ‬ ‫نجاىا مف تمؾ القبعة الغريبة وعقدت العزـ مف أف ال تسخر مف الناس ثانية»‬
‫عبلمة دالة عمى أف الخير يبقى والشر يزوؿ‪.‬‬

‫‪ - 1‬وريدة كروش‪ ،‬مغامرات زمردة‪ ،‬ص‪.4‬‬


‫‪ - 2‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪69‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪- 2‬انمكان وانزمان في انقصة‪:‬‬


‫ىو أيف ومتى وقعت أحداث القصة‪.‬‬

‫أ ‪-‬انمكان‪:‬‬
‫ىو أيف وقعت القصة‪ :‬يقصد بالبيئة المكانية‪ ،‬المكاف الذي جرت فيو أحداث القصة‪،‬‬
‫وقد تـ تصنيؼ البيئة المكانية مف حيث البيئة الجغرافية مف (ريؼ‪ ،‬مدف‪ ،‬غابات‪ ،‬جزر‪،‬‬
‫كواكب)‪ .‬ومف حيث المستوى االجتماعي واإلقتصادي (في المدينة أحياء غنية‪ ،‬متوسطة‪،‬‬
‫فقيرة)‪ .‬في الريؼ (بيوت أعياف‪ ،‬متوسطة‪ ،‬فقيرة)‪ .‬وتـ ذلؾ بموجب القرائف الواردة في‬
‫القصة عف مستوى الدخؿ وتوفر األثاث‪ ،‬المسكف‪ ،‬المبلبس‪ ،‬أدوات الترفيو‪...‬إلخ»(‪ .)1‬ىو‬
‫وعاء لمحدث والشخصية ومسرح األحداث‪.‬‬
‫‪ ‬المكان في قصة الصداقة ‪ :‬دارت مشاىد قصة (الصداقة) في إطار مكاني محدد‬
‫(الغابة)‪ « :‬يحكى أنو كانت أحد ممالؾ النمؿ تعيش بسبلـ في الغابة»( ‪ .)2‬حيث تمثؿ موطف‬
‫عيش الحيوانات بكؿ أنواعيا‪ .‬فاتضح األفؽ المكاني واضحا مف خبلؿ أحداث جرت‬
‫مجرياتيا في محيط الغابة وفضائيا‪ ،‬حيث دلت عبارات وألفاظ القصة عمى ذلؾ داللة‬
‫واضحة (الغابة‪ ،‬النمؿ‪ ،‬الفيؿ‪ ،‬األشجار‪ ،‬آكؿ النمؿ)‪ .‬فساىـ ذلؾ في اكتماؿ الصورة القصية‬
‫ومنحت تمؾ األلف اظ القصة خاصية التفاعؿ‪.‬‬
‫‪ ‬المكان في قصة زمردة والقبعة الوردية‪ :‬فالمكاف في ىذه القصة عبارة عف بناء‬
‫معروؼ وخاصة لدى األطفاؿ (القصر)‪ ،‬حيث أف أحداث القصة دارت في إطار مكاني‬
‫محدد ولـ يتغير المتمثؿ في قص ة زمردة‪ ،‬وىو نقطة انطبلؽ األحداث والشخصيات عمى حد‬
‫سواء‪« :‬ىا ىف خادمات القصر يقفف عمى الباب»( ‪ . )3‬وقد تنوع ذكر المكاف في ىذه القصة‬

‫‪ - 1‬أمؿ حمدي دكاؾ‪ ،‬القصة في مجبلت األطفاؿ‪ ،‬منشورات الييئة العامة السورية لمكتاب‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشؽ‪2012 ،‬‬
‫ص‪.129‬‬
‫‪ - 2‬لوناس ع‪ /‬الكريـ‪ ،‬قصة الصداقة‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪ - 3‬وريدة كروش‪ ،‬مغامرات زمردة ‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫‪70‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لكف الموقع الرئيسي يبقى واحد ىو القصر‪ .‬لكف ىناؾ تفرعات عنو وىذا مف خبلؿ األلفاظ‬
‫الدالة عميو (حماـ القصر‪ ،‬حديقة القصر‪ ،‬قصر نور القمر)‪ .‬فعميو يمكف لممتمقي (الطفؿ)‬
‫مف الوىمة األولى لقراءتو ل مقصة أف يدرؾ ويتخيؿ بفطرتو مكاف ىذه القصة لكوف أف ىذا‬
‫النوع مف القصص محبب لديو‪.‬‬
‫يصرح الكاتب‬
‫ّ‬ ‫الضاحك‪ :‬فميس بالضرورة أف‬
‫‪ ‬المكان في قصة جحا والمّص والحمار ّ‬
‫بمكاف القصة‪ ،‬إنما تد ّؿ عميو األحداث كما حدث في قصة (جحا والمص والحمار الضاحؾ)‬
‫لتعطي الشعور بأف األحداث التي تقع في القرية تبعث بالطمأنينة والحياة الساذجة‪ ،‬وما في‬
‫القرية مف تعاوف وتعارؼ ورتابة في الحياة تجعؿ األحداث تسير ببطيء‪ ،‬إلى جانب ما فييا‬
‫مف فقر وجيؿ‪ ،‬كما يمكف أف تكوف مكاف لتعشيش الشر والتخطيط لو‪ ،‬وىذا ما حدث مع‬
‫جحا في السوؽ بعد تعرضو إلى السرقة واالحتياؿ‪ ،‬كوف أف ىذا المكاف (السوؽ) ىو جزء‬
‫مف أجزاء القرية يجتمع فيو مختمؼ أفراد المجتمع (األميف‪ ،‬الزبوف‪ ،‬والسارؽ) «بينما كاف‬
‫يسير مع حماره متجيا لمسوؽ»( ‪ . )1‬فالسوؽ ىو المكاف الرئيسي لؤلحداث لكف ىناؾ أمكنة‬
‫فرعية ال يمكف تجاوزىا المتمثمة في بيت جحا‪» :‬فعاد جحا إلى بيتو»( ‪ .)2‬وبيت السارؽ‪:‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫لكف كبل المكانيف لـ يكف ليما دور كبير في القصة لكوف‬ ‫« فعاد السارؽ إلى بيتو كذلؾ»‪.‬‬
‫أف السوؽ ىو المكاف األساس والرئيس في سير أحداث القصة‪.‬‬

‫‪ - 1‬آمنة أشمي‪ ،‬جحا والمص والحمار الضاحؾ‪ ،‬ص‪.2‬‬


‫‪ - 2‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪ - 3‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.8‬‬

‫‪71‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ب ‪-‬انزمان‪:‬‬
‫ىو متى حدثت وقائع القصة‪« :‬ويقصد بالزماف الفترة الزمنية التي تمت مف خبلليا تمؾ‬
‫األ حداث وقد تـ تصنيؼ الزمف الذي وقعت خبللو حوادث القصة إلى زمف قديـ‪ ،‬معاصر‪،‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫فزمف القصة ىو المدة الزمنية الذي تقع فيو األحداث‪.‬‬ ‫مستقبمي»‪.‬‬
‫الزمن في قصة الصداقة ‪ :‬في ىذه القصة لـ يصرح الكاتب بالزمف بؿ أشار إليو‬ ‫‪‬‬
‫مف خبلؿ عدة ألفاظ تجعؿ الطفؿ قاد ار عمى تحديد الزمف‪ ،‬وىو فصؿ مف فصوؿ‬
‫السنة‪ ،‬المتمثؿ في فصؿ الشتاء‪ « :‬في أحد األياـ سقط المطر بغ ازرة كبيرة»( ‪ .)2‬وكذلؾ‪:‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫واستطاعت األحداث المصبوبة في ىذا القالب‬ ‫«خافت الممكة مف حدوث طوفاف»‪.‬‬
‫القصي أف تتفاعؿ بواسطة عنصر الزماف وبقية العناصر لتوصيؿ األىداؼ المقصودة‬
‫مف القصة‪.‬‬
‫‪ ‬الزمن في قصة زمردة والقبعة الوردية ‪ :‬تدور أحداث ىذه القصة في فترة زمنية‬
‫واحدة‪ ،‬متمثمة في يوـ واحد لكف ىناؾ اختبلؼ في األوقات مف (صباح‪ ،‬وقت الظييرة‪،‬‬
‫ومساء)‪ ،‬وقد كاف ليذا االختبلؼ الزمني وقعا أس اسيا في سير األحداث فكؿ فترة لعبت‬
‫دو ار مختمفا عف اآلخر‪ .‬ففي فترة ال صباح يظير في استعداد تحضير زمردة نفسيا‬
‫لمذىاب إلى حفؿ عيد ميبلد صديقتيا نور القمر‪« :‬زمردة مدعوة اليوـ لحضور حفؿ‬
‫( ‪)4‬‬
‫أما فترة الظييرة فقد كانت انطبلقة لحدث آخر وذلؾ في‬ ‫صديقتيا نور القمر»‪.‬‬
‫انطبلؽ زمردة لحضور الحفؿ‪« :‬وىكذا واصمت زمردة طريقيا نحو القصر لحضور‬
‫( ‪)5‬‬
‫أما الفترة المسائية فكانت ىي ختاـ األحداث‪ ،‬وذلؾ بوصوؿ زمردة إلى‬ ‫الحفمة»‪.‬‬
‫القصر ودخوليا لمحفؿ‪« :‬وأخي ار وصمت زمردة إلى القصر وحضرت حفمة عيد‬

‫‪ - 1‬أمؿ حمدي دكاؾ‪ ،‬القصة في مجبلت األطفاؿ‪ ،‬ص‪.129‬‬


‫‪ - 2‬لوناس ع‪ /‬الكريـ‪ ،‬ق صة الصداقة ‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ - 3‬المصدر نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬
‫‪ - 4‬وريدة كروش‪ ،‬مغامرات زمردة ‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪ - 5‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.7‬‬

‫‪72‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫فالوثوب الزمني الذي أراد الكاتب تحقيقو مف مشاىد القصة حتى وصؿ‬ ‫الميبلد»‪.‬‬
‫إلى حالة مف إكماؿ الصورة الذىنية أماـ المتمقي الصغير‪ .‬فالبعد الزماني موازي لمبعد‬
‫المكاني فقد كاف مكمبل إلطار المؤثرات الداخمية التي بنى عمييا ىذا العمؿ الفني‬
‫ومنحتو روح الواقعية‪.‬‬
‫إف الزمف في ىذه القصة غير‬
‫‪ ‬الزمن في قصة جحا والمص والحمار الضاحك‪ّ :‬‬
‫واضح‪ ،‬أي أف الكاتب لـ يصرح بو‪« :‬ذات يوـ»( ‪ .)2‬فالزمف ىنا كاف يوما مف أياـ‬
‫السنة في وقت النيار‪ ،‬ألنو زمف العمؿ والتسوؽ وىو معروؼ يسيؿ عمى الصغار‬
‫تضمينو بالفترة‪ ،‬وقوؿ مثؿ ذلؾ في القصة‪« :‬وبعد مدة توقؼ وأخذ جحا يجذبو‬
‫( ‪)3‬‬
‫ففي وقت زمني واحد حدثت عدة وقائع وأحداث مختمفة‪ ،‬مف ذىاب جحا‬ ‫إليو»‪.‬‬
‫إلى السوؽ وتعرضو لمسرقة واالحتياؿ مف طرؼ المص إلى عودتو إلى بيتو كانت‬
‫نياية األحداث‪ .‬فالزمف لـ يتغير فحتما فإف الصغير قادر عمى توقع أنو عمى مدار‬
‫يوـ واحد في أوقات مختمفة يمكف حدوث عدة وقائع‪.‬‬

‫‪ - 1‬وريدة كروش‪ ،‬مغامرات زمردة ‪ ،‬ص ‪.10‬‬


‫‪ - 2‬آمنة أشمي‪ ،‬جحا والمص والحمار الضاحؾ ‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪ - 3‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫‪73‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪- 3‬طثيعة انهغة‪:‬‬


‫إف القصد بالمغة في القصة‪« :‬األلفاظ التي يستخدميا الكاتب وىي أحد األركاف‬
‫األساسية في القصة‪ ،‬وبما أف المغة وسيمة لعمميات عقمية مختمفة كالتفكير والتخيؿ والتذكر‪،‬‬
‫لذلؾ فإف المغة التي تكتب بيا القصة تساعد األلفاظ عمى تنمية قدراتيـ العقمية إلى جانب‬
‫إنماء ثروتيـ المغوية‪ ،‬وفي مرحمة الطفولة تزداد المفردات ويزداد فيميا‪ ،‬ويزيد إتقاف الخبرات‬
‫المغوية ويظير الفيـ‪ ،‬كما يستطيع الطفؿ التمييز بيف المترادفات ويكشؼ عف األضداد‪،‬‬
‫األسماء الدالة عمى أعبلـ أو أشياء‪ ،‬وبيف األفعاؿ الدالة عمى فعؿ وحركة‪ ،‬وىو يق أر ليفيـ‬
‫معناىا ويستطيع أف يعبر عف عناصرىا الرئيسية»( ‪ .)1‬فمكؿ مرحمة مف مراحؿ الطفولة‬
‫قاموس لغوي خاص‪ ،‬ويشتمؿ عمى مفردات وتعابير يستخدميا أطفاؿ ىذه المرحمة‪ ،‬لذلؾ‬
‫يعتمد المؤلؼ في القصص الموجية لؤلطفاؿ عمى قوائـ مف المفردات المستمدة مف المغة‬
‫المألوفة لدييـ‪ ،‬والمستخدمة في حياتيـ العادية حتى يتمكف األطفاؿ مف فيميا واستيعابيا‪.‬‬

‫ولعؿ مف المفيد ىنا أف نتطرؽ إلى ميمة البد مف مراعاتيا في المغة القصصية‬
‫المقدمة لمطفؿ وىي أنيا تختمؼ في بعض طرائقيا عف المغة التي تقدـ لمكبار والختبلؼ‬
‫القدرات المعرفية والخمفيات الثقافية‪ ،‬فضرورة تصميـ المغة التي تبني الصورة القصصية‬
‫بشكؿ يوازي ثقافة الطفؿ وادراكو‪ .‬فجاءت قصة (الصداقة) عمى سبيؿ المثاؿ ذات لغة يسيرة‬
‫تخاطب السف المبكرة لمطفؿ حسب سيولة ألفاظيا وتراكيب عباراتيا‪( :‬يعمؿ بنشاط‪ ،‬يعيشوف‬
‫في طمأنينة‪ ،‬النممة غاضبة‪ ،‬سقط المطر غزيرا‪ ،‬صديقيا الفيؿ‪ ،‬جذع األشجار) أنظر قصة‬
‫الصداقة‪ .‬فقد حرص الكاتب لمرقي بمغة المتمقي في سف الطفولة‪ ،‬حيث تظير فييا لغة‬
‫فصيحة عالية اختارىا الكاتب ليعالج قضية الصداقة والتعاوف‪ « :‬قالت النممة سأساعدؾ إف‬
‫شاء اهلل‪ ،‬سأعود قريبا بالمساعدة وكذلؾ فكانت ىذه ىي ثمرة الصداقة بيف الفيؿ وممكة‬

‫‪ - 1‬أمؿ حمدي دكاؾ‪ ،‬القصة في مجبلت األطفاؿ‪ ،‬ص ‪.57‬‬

‫‪74‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫فالمكتبة الجيدة أنتجت تجارب فنية جمالية تجعؿ القارئ يدرؾ الشخصيات‬ ‫النمؿ»‬
‫والعناصر ا ألساسية في محط ىذه القصة‪ .‬فقد كانت الوظيفة األخبلقية ظاىرة في ىذه‬
‫القصة‪.‬‬
‫وفي قصة جحا جاءت المغة بسيطة‪ ،‬فصيحة‪ ،‬قريبة لمعامية قد اتخذت شكميف فصيح‬
‫قريب مف العامي‪ ،‬وعامي صرؼ‪ ،‬واألوؿ مثؿ جمؿ الحوار‪ « :‬فالتفت جحا خمفو ليعرؼ أنو‬
‫( ‪)2‬‬
‫والثاني مثؿ قولو‪« :‬أجمستؾ عمى‬ ‫يجر رجبلّ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬مف أنت؟ قاؿ المص‪ :‬أنا حمارؾ»‪.‬‬
‫حجري»‪ )3 (.‬كما أنو نبلحظ وجد االستيتار مف قبؿ المص وباستخدامو يتأكد تنوع األنماط‬
‫المغوية لمكاتب فقد استعمؿ لغة قصصية متوسطة بيف العامية والفصحى عمى مدار واسع‬
‫وكانت في مجمميا مفيومة‪ ،‬واضحة تقرب األطفاؿ منيا وىذا سبب مف أسباب لعدـ تحديد‬
‫السف الموجية لو ‪( :‬كنت سيء السيرة‪ ،‬مسخني اهلل حمارا‪ ،‬يا سميري يا صغيري‪ ،‬أرضعتؾ‬
‫مف صدري‪ ،‬ضعؼ إيمانؾ)‪ ،‬ينظر جحا والمص والحمار الضاحؾ‪ ،‬فباعتماد الكاتب عمى‬
‫ىذه المغة يكوف قد قاـ بالمزج بيف المغة األدبي ة الراقية والمغة العامية لينمي أثر التذوؽ‬
‫المغوي لمناشئة ويكوف بذلؾ قد أدى الوظيفة اإلببلغية‪.‬‬
‫أما بالنسبة لقصة زمردة والقبعة الوردية قد اعتمد الكاتب عمى أفكار وألفاظ عبر عنيا‬
‫تعبي ار دقيقا‪ ،‬واضحا محددا يستدعي مف الطفؿ فيـ معانييا واستعماليا بوضوح‪« :‬حاف‬
‫( ‪)4‬‬
‫فالمغة في ىذه القصة تعمؿ عمى تكويف‬ ‫الوقت اآلف لخطتي الجديدة ألنقض عمى زمردة»‪.‬‬
‫المفاىيـ الحسية والمفاىيـ المجردة‪ ،‬وتعمؿ عمى تنمية التخيؿ والتذكر ألف المغة تيسر الذاكرة‬
‫( ‪)5‬‬
‫كما أف الكاتب اعتمد عمى المغة‬ ‫لدرجة واضحة‪ « :‬في طريقيا إلى قصر صاحبتيا»‪.‬‬
‫التصويرية في ىذه القصة فقد كاف يحاوؿ رسـ صورة عف القصر وأجواء الحفؿ في ذىف‬

‫‪ - 1‬لوناس ع‪ /‬الكريـ‪ ،‬قصة الصداقة ‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪ - 2‬آمنة أشمي‪ ،‬جحا والمص والحمار الضاحؾ ‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪ - 3‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ - 4‬وريدة كروش‪ ،‬مغامرات زمردة ‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪ - 5‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪7‬‬

‫‪75‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الطفؿ (كانوا يمعبوف‪ ،‬جماؿ زمردة‪ ،‬نياية الحفؿ)‪ ،‬ينظر قصة زمردة والقبعة الوردية‪ ،‬فكاف‬
‫يسعى الكاتب إلى اإلثارة النفسية ورسـ أجواء مختمفة لبعض المواقؼ (مواجية زمردة‬
‫لمشريرة‪ ،‬وصوليا إلى الحفؿ)‪ ،‬وقد ابتعد أيضا عف استخداـ العبارات والتراكيب العامية عمى‬
‫عكس ما حدث في قصة جحا‪ .‬وىنا كاف ليذه القصة ضربا جديدا مف المواقؼ‪ ،‬يتربى عمى‬
‫أساسيا الطفؿ ويؤدي الوظيفة األخبلقية‪.‬‬
‫فالمغة في مجمميا إطار وواجية البناء الفني لمقصة الموجية لمطفؿ‪.‬‬

‫أما أسموب كتابة القصة فإف لو شأنا في إيصاؿ ما ييدؼ إليو الكاتب في تواصمو مع‬
‫الطفؿ‪ ،‬سواء كاف ذلؾ فكرة أو قيمة أو حتى حقيقية عممية ومعرفية‪« :‬إف األسموب يجب أف‬
‫يتناسب مع مستوى الطفؿ المغوي مف جية وطبيعة الموضوع المطروح مف جية أخرى‪،‬‬
‫وتتمثؿ قدرة األسموب في قدرتو عمى إيقاظ حواس الطفؿ واثارتو وجذبو كي يندمج بالقصة‬
‫عف طريؽ نقؿ انفعاالت الكاتب في ثنايا عممو القصصي‪ ،‬وتكويف الصورة الحسية والذىنية‬
‫المناسبة»( ‪ .)1‬فاألسموب ينبغي أف يكوف بعيدا عف التعقيد والغموض‪ ،‬بحيث يسيؿ عمى‬
‫الطفؿ التوصؿ إلى محتوى الفكرة المتضمنة في القصة‪ .‬وىذا ما يبلحظ في القصص الثبلث‬
‫إذ إف المؤلؼ اعتمد عمى األسموب السردي الحواري في روايتو لمقصص‪ .‬ففي قصة‬
‫(الصداقة) كاف يسرد األحداث والحوار الذي جرى بيف كؿ مف النممة والفيؿ‪ .‬األمر نفسو‬
‫بالنسبة لقصة (جحا والمص والحمار الضاحؾ)‪ ،‬فالقصة كانت كميا عبارة عف حوار بيف‬
‫جحا والحمار والمص‪.‬‬
‫األمر نفسو في قصة (زمردة والقبعة الوردية)‪ ،‬حيث اعتمد الكاتب عمى أسموب السرد‬
‫البسيط لؤلحداث واألسموب الحواري إليصاؿ الفكرة والقيمة مف القصة‪ .‬وذلؾ في كؿ مف‬
‫حوار زمردة ونفسيا‪ ،‬وحوارىا مع اآلخريف‪.‬‬

‫‪ - 1‬أمؿ حمدي دكاؾ‪ ،‬القصة في مجبلت األطفاؿ‪ ،‬ص‪.58‬‬

‫‪76‬‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والطبيعي فإف خاتمة كؿ مف ىذه القصص كانت سارة‪ ،‬طيبة ومحببة لؤلطفاؿ‪ .‬تحمؿ‬
‫معاني انتصار الخير عمى الشر‪ .‬تدفع الطفؿ لمتفكير والتخيؿ واالستنتاج‪ ،‬وعميو فإف ىذا‬
‫النمط مف التشكيؿ السردي لمقصة قد حقؽ الوظيفة التواصمية بيف الطفؿ والكاتب عندما‬
‫يتمكف مف فيـ واستيعاب ما تتضمنو وأوحت إليو كؿ ىذه القصص‪.‬‬
‫و عميو فإف الكاتب اعتمد عمى معايير لغوية في كتابة القصة ‪ ،‬فقد جمع بيف المغة‬
‫الفصحى و العامية لئلقتراب مف الطفؿ كونيا لغة فييا ألفاظ ذات دالالت أخبلقية ‪،‬و‬
‫مجردة ‪.‬‬
‫معايير حسية ٌ‬

‫‪77‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫توصمنا في ختاـ بحثنا إلى المبلحظات والنتائج اآلتية‪:‬‬


‫‪ -‬التواصؿ عممية تبادؿ األفكار والمعارؼ بيف المرسؿ والمتمقي‪ ،‬سواء كانت شفوية أو‬
‫مكتوبة‪ .‬ولنجاح العممية التواصمية البد مف توافر أركاف تحقؽ التواصؿ متمثمة في‬
‫مجموعة مف الوظائؼ المغوية منيا‪ :‬الوظيفة التعبيرية‪ ،‬الوظيفة الشعرية والوظيفة‬
‫االنتباىية‪.‬‬
‫‪ -‬إف كؿ وظيفة مكممة ألخرى مف حيث التركيز عمى جانب معيف مف جوانب التواصؿ‬
‫المختمفة‪.‬‬
‫‪ -‬التواصؿ ينفي الصراع واإلقصاء وال يعترض عمى االختبلؼ اإلبداعي الذي بو تتنوع‬
‫التصورات ووجيات النظر واألفكار‪.‬‬
‫‪ -‬أدب األطفاؿ جنس أدبي ثري ومتنوع مف مسرح وأناشيد وقصص‪ ،‬يمعب دو ار ىاما‬
‫في تنشئة الطفؿ‪.‬‬
‫‪ -‬تعد القصة أحد أىـ األجناس األدبية التي تستيوي الطفؿ‪.‬‬
‫‪ -‬تخت مؼ األبعاد التواصمية في القصص الموجية لمطفؿ فكؿ واحدة تحمؿ رسالة معينة‪،‬‬
‫قد تكوف أخبلقية‪ ،‬أو دينية أو تثقيفية أو ترفييية‪ ،‬كما يمكف أف تحمؿ أكثر مف‬
‫رسالة‪.‬‬
‫‪ -‬الشخصيات في قصص األطفاؿ نموذج يحتذى ويتأثر الطفؿ بيا كثي ار ويحاوؿ دائما‬
‫تقمص أدوارىا وتبني مواقفيا‪.‬‬
‫‪ -‬يعد اإلطار الزماني والمكاني الوعاء الحاوي لؤلحداث‪ ،‬ففيو تتبمور وتتأزـ ويكوف الح ّؿ‬
‫ىو العنصر الرئيس حيث يمعب دو ار في جعؿ أحداث القصة واقعية‪.‬‬
‫‪ -‬الدور الميـ لمعبلمات غير المغوية‪ ،‬بما فييا لغة الجسد في إيصاؿ الرسالة إلى‬
‫المتمقي (الطفؿ) ألف األصـ واألبكـ بمجرد مشاىدتو لمحركات واإلشارات يفيـ‬
‫المقصود‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫خاتمة‬

‫‪ -‬إف القصة الموجية لمطفؿ مف بيف أحد أىـ عوامؿ التواصؿ بيف الطفؿ والكاتب‪ ،‬ومف‬
‫ىنا تكوف القصة قد حققت العممية التواصمية‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫قائمة انمصادر وانمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪- 1‬المصادر‪:‬‬
‫‪ -‬آمنة أشمي‪ ،‬جحا والحمار والمص الضاحؾ‪ ،‬المكتبة الخضراء لمطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬شراقة‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ -‬وردية كروش‪ ،‬مغامرات زمردة‪ ،‬دار الطبع‪.Index ،‬‬
‫‪ -‬لوناس ع‪/‬الكريـ‪ ،‬قصة الصداقة‪ ،‬دار كرـ اهلل‪ ،‬القبة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ - 2‬الكتب المترجمة‪:‬‬
‫‪ .1‬روماف ياكبسوف ‪ ،‬ست محاضرات في الصوت والمعنى‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسف كاظـ‪ ،‬وعمي‬
‫حاكـ صالح‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪1994 ،‬‬
‫‪ .2‬فميب ىاموف‪ ،‬سميولوجية الشخصيات الروائية‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعيد بف كراد‪ ،‬دار الحوار‬
‫لمنشر والتوزيع‪ ،‬البلّد قية‪ ،‬سوريا‬
‫‪- 3‬الكتب‪:‬‬

‫لمنشر والتّوزيع‪،‬‬
‫‪ .7‬أحمد زلط‪ ،‬أدب األطفاؿ أصولو مفاىيمو ورواده‪ ،‬الشركة العربية ّ‬
‫ط‪ ،9‬القاىرة‪7226 ،‬‬
‫أحمد زلط‪ ،‬أدب الطفؿ دراسة معاصرة في التأصيؿ والتحميؿ‪ ،‬ط‪ ،9‬دار الوفاء‬ ‫‪.9‬‬
‫لدينا الطباعة والنشراف‪ ،6306632 ،‬اإلسكندرية‬
‫احمد زلط‪ ،‬األدب العربي لمطفولة‪ ،‬دراسة تحميمية ألدب الطفؿ في الوطف العربي‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ىيئة النيؿ العربية لمنشر والتوزيع‪2008 ،‬‬
‫أح مد نجيب‪ ،‬أدب األطفاؿ‪ ،‬عمـ وفف‪ ،‬دراسات في أدب األطفاؿ‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪.6‬‬
‫العربي‪،‬‬
‫‪ .6‬إسماعيؿ عبد الفتّاح‪ ،‬أدب األطفاؿ في العالـ المعاصر‪ ،‬رؤية نقدية تحميمية الناشر‬
‫مكتبة الدار العربية لمكتاب ط‪ ،7‬القاىرة‬
‫إسماعيؿ عبد الفتاح‪ ،‬معايير جودة كتب األطفاؿ‪ ،‬العربي لمنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،7‬‬ ‫‪.2‬‬
‫القاىرة‪9077 ،‬‬

‫‪82‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أمؿ حمدي دكاؾ‪ ،‬القصة في مجبلت األطفاؿ‪ ،‬منشورات الييئة العامة السورية‬ ‫‪.7‬‬
‫لمكتاب‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشؽ‪2012 ،‬‬
‫إيماف البيقاعي‪ ،‬المتقف في أدب األطفاؿ والشباب‪ ،‬دار الناشر‪ ،‬الراتب الجامعية‬ ‫‪.2‬‬
‫بشير ابرير‪ ،‬التواصؿ مع النص‪ ،‬مجمة في العموـ المّساف والتكنولوجيا‪ ،‬ع‪10‬ف‬ ‫‪.9‬‬
‫البحوث العممية والتقنية لترقية المّغة العربية‪ ،‬الجزائر‪2005 ،‬‬
‫‪ .10‬ت اعوينات عمي‪ ،‬التواصؿ والتفاعؿ في الوسط المدرسي‪ ،‬أوالد سيدي شيخ‪،‬‬
‫الح ارش‪ ،‬الجزائر‪2009 ،‬‬
‫‪ .77‬سمير عبد الوىاب أحمد‪ ،‬قصص وحكايات األطفاؿ وتطبيقاتيا العممية‪ ،‬دار‬
‫المسيرة لمنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عماف‪ ،‬ط‪9006،7‬‬
‫‪ .12‬الطاىر بف حسيف بومزبر‪ ،‬التواصؿ المساني والشعرية‪ ،‬مقاربة تحميمية لنظرية‬
‫روماف جاكبسوف‬
‫لنظرية جاكبسوف‪،‬‬ ‫‪ .13‬طاىر بومزبر‪ ،‬التواصؿ المساني والشعرية‪ ،‬مقاربة تحميمية‬
‫ط‪ ، 2‬منشورات االختبلؼ‪ ،‬الجزائر‪2007 ،‬‬
‫‪ .76‬عبد الفتاح تشحدة أبو معاؿ أدب األطفاؿ وثقافة الطفؿ جامعة القدس المفتوحة‪،‬‬
‫الشركة العربية لمتسويؽ والقوريدات‪.‬‬
‫‪ .15‬عبد القادر الغزالي‪ ،‬المسانيات ونظرية التواصؿ روماف ياكبسوف نموذجا‪ ،‬ص‪- 48‬‬
‫‪.49‬‬
‫‪ .16‬عبد القادر الغزالي‪ ،‬المسانيات ونظرية التواصؿ‪ ،‬روماف ياكبسوف نموذجا‪ ،‬دار‬
‫الحوار سورية‪ ،‬ط‪.2003 ،1‬‬
‫‪ .72‬عبد المعطي نمر موسى‪ ،‬محمد عبد الرحمف الفيصؿ‪ ،‬أدب األطفاؿ‬
‫‪ .72‬عمر األسعد‪ ،‬أدب األطفاؿ‪ ،‬عالـ الكتب الحديث‪7222 ،)72( ،‬‬
‫‪ .19‬عمر االسعد‪ ،‬ادب االطفاؿ‪ ،‬عالـ الكتب الحديث‪2003 ،‬‬
‫‪ .90‬العيد جمولي‪ ،‬النص األدبي لؤلطفاؿ في الجزائر‪ ،‬دراسة تاريخية فنية في فنونو‬
‫وموضوعاتو بمساىمة والية ورقمة‪ ،‬ط‪ ،7‬دار ىومة‪ ،9000 ،‬ص‪.67‬‬

‫‪83‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .97‬محمد السيد حبلوة‪ ،‬االدب القصصي لمطفؿ‪( ،‬منظور اجتماعي ونفسي)‪ ،‬كمية‬
‫رياض األطفاؿ‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪9003 ،‬‬
‫محمد حسف بريغش‪ ،‬أدب األطفاؿ‪ ،‬أىدافو وسماتو‪ ،‬مؤسسة الرسالة لمطباعة‬‫ّ‬ ‫‪.99‬‬
‫والنشر والتوزيع‪،‬ط‪ ،9‬بيروت‪7222 ،‬‬
‫‪ .93‬محمد حسف عبد اهلل‪ ،‬قصص األطفاؿ ومسرحيـ‪ ،‬دار قباء لمطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاىرة‪9007،‬‬
‫لمنشر والتوزيع‬
‫الدولية ّ‬
‫الدار ّ‬
‫‪ .96‬محمد دياب‪ ،‬مقدمة في ثقافة وأدب األطفاؿ‪ّ ،‬‬
‫فنية‪ ،‬ديواف المطبوعات‬
‫محمد مرتاض‪ ،‬مف قضايا أدب األطفاؿ‪ ،‬دراسة تاريخية ّ‬‫ّ‬ ‫‪.96‬‬
‫الجامعية‪ ،‬جامعة تممساف‪ ،‬الساحة المركزية‪ ،‬بف عكنوف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.62- 62‬‬
‫‪ .92‬محمد يوس ؼ نجـ‪ ،‬فف القصة‪ ،‬دار صادر لمطباعة والنشر‪ ،‬ط‪،7222 ،7‬‬
‫ص‪.02‬‬
‫الفني في تنمية التواصؿ اإلجتماعي لدى‬
‫‪ .27‬ناصر محمد عثماف السيري‪ ،‬التعبير ّ‬
‫طبلب المرحمتيف المتوسطة والثانوية بمدينة الطارؼ‪ ،‬رسالة الماجستير‪2010 ،‬‬
‫‪ .28‬ناظـ حسف‪ ،‬مفاىيـ الشعرية‪ ،‬المركز الثقافي‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪1994 ،‬‬
‫‪ - 4‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫‪https/old/uqu.edu.sa/page/ar/106419‬‬

‫‪84‬‬
‫انمالحق‬
‫المالحق‬

‫التصميـ‪ :‬لوناس ع‪ /‬الكريـ‬


‫الرسـ‪ :‬فاروؽ وزاف‬
‫المؤلؼ‪ :‬دار كرـ اهلل‬
‫حقوؽ الطبع محفوظة‬
‫‪Lot JO1 lotissement n° 2 Jolie Vue‬‬
‫‪Kouba-Alger‬‬
‫‪Tél/Fax : 021 46 11 92‬‬
‫‪Email : bsbaihi@yahoo.com‬‬

‫‪86‬‬
‫المالحق‬

‫الصداقة‬

‫يحكى أنو كانت أحد ممالؾ النمؿ تعيش بسبلـ في الغابة يتعاوف أفرادىا والكؿ يعمؿ‬
‫بجد ونشاط في نظاـ رائع وتناسؽ بديع‪.‬‬
‫وكانت تحكميـ ممكة حكيمة‪ ،‬جعمت أفرادىا يعيشوف في أمف ورخاء وطمأنينة‪.‬‬
‫ولكف في أحد األياـ وبينما كاف النمؿ مطمئف في مساكنو اقترب فيؿ ضخـ وكبير مف‬
‫أحد مساكف مممكة النمؿ وكاد يدوسيا بأقدامو العمبلقة‪ ،‬فمما رآه الجنود أسرعوا إلخبار‬
‫ممكتيـ فيرعت مسرعة إليو قبؿ أف يدوسيـ فينيييـ عف أخرىـ‪.‬‬
‫تسمقت ممكة النمؿ جسد الفيؿ العمبلؽ حتى وصمت إلى مرمى عينيو ثـ قالت‪ :‬رويدؾ‬
‫أييا الفيؿ فمقد كدت تدوس مساكننا فتقتمنا جميعا بأقدامؾ العمبلقة‪.‬‬
‫نظر إلييا الفيؿ متعجبا مف شجاعتيا وقاؿ‪ :‬كنت ما ار ولـ أشعر بكـ‪ ،‬كاف لزاما عميكـ‬
‫أف ال تبنوا مساكنكـ في الطرقات‪.‬‬
‫فردت عميو النممة غاضبة‪ :‬وأيف تريدنا أف نبني؟ أفي راسؾ الكبير‪.‬‬
‫ضحؾ الفيؿ مف قوليا حتى كادت تسقط الممكة مف فوؽ راسو‪.‬‬
‫ثـ قاؿ‪ :‬إنؾ حقا نممة شجاعة لـ تج أر حتى األسود عمى مواجيتي والكبلـ معي‪ .‬ولكف‬
‫مف ايف جاءتؾ كؿ ىذه الشجاعة رغـ صغر جسمؾ؟‬
‫قالت الممكة‪ :‬أنا مسؤولة عف مممكة كاممة واف لـ أتحمؿ مسؤولياتي اتجاىو أفراد‬
‫مممكتي فبل أستحؽ أف أكوف ممكة عمييـ‪.‬‬
‫قاؿ الفيؿ‪ :‬أعتذر لؾ أيتيا الممكة الشجاعة لقد أعجبتني شجاعتؾ وفصاحتؾ‪.‬‬
‫قالت الممكة‪ :‬قبمت اعتذارؾ أييا الفيؿ المطيؼ واشكرؾ عمى تفيمؾ‬

‫‪87‬‬
‫المالحق‬

‫قاؿ الفيؿ سأسكف قريبا مف مساكنكـ وبيذا سأصبح جا ار لكـ‪ ،‬واف احتجت إلي فإني‬
‫في خدمتؾ‪.‬‬
‫كما أتمنى أف تقبمي صداقتي لؾ أيتيا الممكة الشجاعة‪.‬‬
‫فرحت الممكة بقوؿ الفيؿ وقبمت صداقتو فأصبحا صديقيف وجاريف في نفس الوقت‪.‬‬
‫في أحد األساـ سقط المطر بغ ازرة كبيرة دوف انقطاع فخافت ممكة النمؿ أف يحدث‬
‫طوفاف كبير يجرؼ مساكف النمؿ فيقضي عمييا وتذكرت صديقيا الفيؿ الذي عرض عمييا‬
‫مساعدتو إف ىي احتاجت إليو‪.‬‬
‫فذىبت مسرعة إليو‪ ،‬وقالت لو‪ :‬أغثنا يا صديقي الفيؿ قبؿ أف يحؿ الطوفاف الى‬
‫مساكننا فيقضي عمينا‪.‬‬
‫لبى الفيؿ نداء صديقتو فأسرع ببناء سور كبير بجذوع األشجار والتراب حوؿ مساكف‬
‫النمؿ‪.‬‬

‫تواصؿ سقوط األمطار لثبلثة أ ياـ بميالييا دوف انقطاع ولكف السور صمد في وجو‬
‫الطوفاف والمطر الغزير‪ .‬فحمدت ممكة النمؿ اهلل عمى النجاة وذىبت عند صديقيا الفيؿ‬
‫وسكرتو عمى مساعدتو‪.‬‬
‫فقاؿ الفيؿ‪ :‬إنؾ صديقتي ومف واجبي مساعدتؾ‪.‬‬
‫فقالت الممكة‪ :‬سأرد لؾ صنيعؾ ومعروفؾ معنا يا أييا الصديؽ الوفي‪.‬‬
‫فضحؾ ا لفيؿ مف قوليا وقاؿ ليا‪ :‬أنا أقوى مخموؽ في األرض يا صديقتي الممكة‬
‫ولست بحاجة الى مساعدة أحد‪.‬‬
‫وستجديني في خدمتؾ متى احتجت إلي‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫المالحق‬

‫ومضت األياـ وجاء ذلؾ اليوـ الذي ىاجـ فيو آكؿ النمؿ ذو األنؼ الطويؿ مساكف‬
‫النمؿ قصد أكؿ النمؿ وافتراسو وتفرؽ في الغابة فأسرعت ممكة النمؿ الى صديقيا الفيبل‬
‫طالبة مساعدتو ومستنجدة بو‪.‬‬
‫فيرع الفيؿ الى مساعدة صديقتو قبؿ أف يأكميـ آكؿ النمؿ‪ .‬ولما وصؿ إليو أمسكو‬
‫بخرطومو الطويؿ ورفعو عاليا ثـ قاؿ لو‪ :‬إف عدت الى مياجمة النمؿ فسوؼ أقتمؾ‪.‬‬
‫أفيمت‪...‬‬
‫فقاؿ آكؿ النمؿ خائفا‪ :‬لف أعود مجددا الى مياجمة النمؿ أعدؾ يا سيدي الفيؿ‬
‫فمتطمقني فإني أكاد أختنؽ‪.‬‬
‫رمى الفيؿ آكؿ النمؿ بقوة عمى األرض ثـ وضع قدمو عمى راسو وقاؿ لو‪ :‬إف عدت‬
‫الى مياجمة صديقتي الممكة والنمؿ فسوؼ أسحؽ رأسؾ بقدمي‪.‬‬
‫فقاؿ آكؿ انمؿ‪ :‬لف أعدد أقسـ لؾ فإني ال أريد أف أموت تحت قدمؾ الكبيرة‪.‬‬
‫أطمؽ الفيؿ آكؿ النمؿ فمـ يعد ييدد ويياجـ الممكة مف ذلؾ اليوـ فاستراح النمؿ مف‬
‫شره‪ .‬بفضؿ مساعدة الفيؿ لصديقتو الممكة‪.‬‬
‫وىذا صارت ممكة النمؿ تمجأ الى صديقيا الفيؿ كمما احتاجت الى مساعدتو وقوتو‪.‬‬
‫فكاف الفيؿ يساعدىا في كؿ مرة بدوف ضجر وال ممؿ‪.‬‬
‫كانت ممكة النمؿ تقوؿ في كؿ مرة يساعدىا فييا سأرد لؾ جميمؾ ذات يوـ يا صديقي‬
‫الفيؿ الطيب‪.‬‬
‫لكف الفيؿ يقوؿ ليا أنا اقوى مخموقات اهلل ولست في حاجة لمساعدة أحد‪.‬‬
‫وفي أحد االساـ جاء أحد جنود النمؿ الى الممكة يجري وقاؿ ليا‪ :‬سيدتي الممكة لقد‬
‫وقع صديقؾ الفيؿ في فخ الصياديف مف البشر‪.‬‬
‫أسرعت ممكة ا لنمؿ الى مكاف الفيؿ فوجدتو عالقا في شبكة صيد كبيرة وىو يتخبط فييا‬
‫فاقتربت منو وقالت لو‪ :‬ما الذي أصابؾ يا صديقي؟‬

‫‪89‬‬
‫المالحق‬

‫فقاؿ ليا‪ :‬لقد وقعت في ىذه الشبكة المعينة التي وضعيا لي الصياديف‬
‫قالت النممة لماذا أوقعوؾ في ىذه الشبكة‬
‫قاؿ الفيؿ مف اجاؿ أنيابي فيي تساوي عندىـ ثروة غالية وأنت تريف رغـ قوتي لـ‬
‫أستطع أف أخمص نفسي منيا واف وجدوني قبؿ أف أخمص نفسي منيا فسيقتمونني حتى‬
‫يسيؿ عمييـ قطع أنيابي وأخذىا‬
‫قالت الممكة‪ ":‬سأساعدؾ يا صديقي وأرد لؾ جزء مف معروفؾ وأفضالؾ عمي‬
‫قاؿ الفيؿ‪ :‬كيؼ ستقدريف عمى مساعدتي وأنت مجرد مخموؽ ضعيؼ الجسـ‪.‬‬
‫قالت النممة‪ :‬سأساعدؾ إف شاء اهلل سأعود قريبا بالمساعدة فبل تقمؽ يا صديقي‪.‬‬
‫عادت الممكة لجمبب المساعدة فأرسمت جنودا لطمب يد العوف مف ممالؾ النمؿ‬
‫األخرى‪ ،‬فيب النمؿ مف كؿ مكاف وحدب فصار جيشا كبي ار فتوجو الى مكاف الفيؿ وقرص‬
‫بأنيابو الشبكة فتقطعت‬
‫تخمص الفي ؿ مف الشبكة فوقؼ عمى أقدامو وشكر ممكة النمؿ‬
‫وىكذا نجى الفيؿ مف الصياديف المتوحشيف الباحثيف عف العاج‬
‫فكانت ىذه ىي ثمرة الصداقة بيف الفيؿ وممكة النمؿ فنفع كؿ واحد اآلخر وانتفع وىذه‬
‫ىي الصداقة الحقيقية أخذ وعطاء‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫المالحق‬

‫مغامرات جحا‬

‫جحا والمص والحمار الضاحك‬


‫بقمم‪ :‬آمنة أشمي‬
‫لجحا حمار غريب األطوار واألخبار‪ ،‬التي كانت العجائز واألميات‪ ،‬تحكييا لؤلطفاؿ‬
‫الصغار‪ ،‬والسيما في ليالي الشتاء الثمجية والمطيرة‪ ،‬ومف طرائؼ ما يحكى عف جحا وحماره‬
‫أف جحا كاف يشاطر حماره األتعاب‪ ،‬وال سيما عندما تواجو الصعاب‪ ،‬فكاف يحمؿ عف حماره‬
‫األثقاؿ ويضاحكو كما يعؿ مع الرجاؿ‪.‬‬
‫وذات يوـ بينما كاف يسير مع حماره وىو متجو إلى السوؽ‪ ،‬كاف لص يتبعو‪ ،‬يريد أف‬
‫يفتؾ الحمار ليبيعو في ىذا النيار‪.‬‬
‫فكر المص فيما سيفعمو مع جحا‪ ،‬وكيؼ يفتؾ منو الحمار؟‬
‫فيؿ يخطفو منو في غفمة؟ أـ ىناؾ طريقة أخرى؟‬
‫وفجأة فرح المص بعد أف اىتدى إلى حيمة‪ ،‬فقد شاىد المص جحا يحمؿ أثقاؿ الحمار‬
‫ويجره بحبؿ‪ ،‬فتقدـ المص وخمع الحبؿ مف رقبة الحمار‪ ،‬ووضعو في رقبتو ىو وأخذ يسير‬
‫وراءه‪.‬‬
‫وبعد مدة توقؼ المص فأخذ جحا يجذبو إليو‪ ،‬لكف المص لـ يتقدـ‪ ،‬فالتفت جحا ليعرؼ‬
‫يجر رجبل‪ ،‬فقاؿ‪ :‬مف أنت؟ قاؿ المص‪ :‬أنا حمارؾ‪.‬‬
‫أنو ّ‬
‫قاؿ جحا‪ ":‬وأيف ىما أذناؾ وذيمؾ؟ قاؿ المص‪ ":‬لقد اختفت بعد أف تحولت إلى رجؿ‪.‬‬
‫فقاؿ جحا‪ :‬وما سبب ذلؾ؟‬
‫عمي مسخني‬
‫أجابو المص‪ :‬لقد كنت سيء السيرة وأعصي أمي وأضربيا‪ ،‬فمما دعت ّ‬
‫اهلل حمارا‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫المالحق‬

‫واني ندمت عمى عصيانيي ألمي بعد أف تذكرت تمؾ األغنية التي كانت تغنيا لي أمي‬
‫وأنا صغير إذ كانت تقوؿ‪:‬‬
‫أرضعتؾ مف صدري‬ ‫يا سميري يا صغير يا سميري‬
‫ووىبتؾ عمري‬ ‫وأجمستؾ عمى حجري‬
‫فأخذ جحا يبكي متأث ار بيذه األغنية ثـ أخذ يختنؽ وىو يمسح دموعو ويردد األغنية مع‬
‫المص‪.‬‬
‫تقدـ منو المص وىو يحاوؿ اف يسكتو وأخذ يؤكد لو بأنو ال يعود إلى ضرب أمو أو‬
‫عصيانيا‪.‬‬
‫ثـ أطمؽ جحا سراحو‪ ،‬وأخذ يوصيو‪ :‬كف عاقبل‪ ،‬محبا ألمؾ مطيعا ليا‪ ،‬عامبل‬
‫بنصائحيا‪ ،‬واذا غمبؾ الشيطاف وضعؼ في صدرؾ اإليماف فغف أغنية أمؾ ليرؽ قمبؾ‪ .‬ثـ‬
‫عانقو وأطمؽ سراحو بعد ذلؾ‪.‬‬
‫توجو جحا إلى السوؽ ليشتري حما ار آخر ألنو ال يستطيع أف يعيش دونو‪ ،‬وىو يرفع‬
‫يديو إلى السماء داعيا اهلل إلى أف يوفقو إلى حمار لـ يعص أمو كيذا الحمار‪.‬‬
‫أما المص فقد عاد إلى الحمار‪ ،‬وأخذه إلى السوؽ ليبيعو‪ .‬وبينما كتاف جحا يدور في‬
‫سوؽ الحمير إذ بو يصادؼ حماره فعرفو‪.‬‬
‫فتقدـ منو وىمس في أذن و وىو يقوؿ‪ :‬ىؿ غمبؾ الشيكاف وضعؼ في قمبؾ اإليماف أييا‬
‫المعيف ىؿ غضبت عميؾ أمؾ وجعت عميؾ فمسخؾ اهلل حمارا؟ إني واهلل لف أشتريؾ أبدا‪.‬‬
‫فالتفت إليو الناس وأخذوا يستغربوف وال سيما بعد اف سمعوه يقوؿ‪:‬‬
‫لقد أوصيتؾ أف ال تعصي أمؾ أييا المعيف‬
‫لكف جحا لـ ييتـ بضحؾ الناس فأخذ يقوؿ‪:‬‬
‫لقد قمت‪ :‬كف عاقبل‪ ،‬والعف الشيطاف‪ ،‬وحاوؿ في كؿ مرة أف تتذكر أغنية أمؾ‪ ،‬ليرؽ‬
‫أمؾ‪ ،‬ثـ أخذ يغني‪:‬‬

‫‪92‬‬
‫المالحق‬

‫أرضعتؾ مف صدري‬ ‫يا سميري يا صغير يا سميري‬


‫ووىبتؾ عمري‬ ‫وأجمستؾ عمى حجري‬
‫وأخذ يجذب الحمار مف أذنيو وىو يقوؿ‪:‬‬
‫غف‪ ،‬كي ال يسيطر عميؾ الشيطاف‪ ،‬ويمؤل قمبؾ بالنسياف‪ ،‬ففتح الحمار شفتيو ونيؽ‪.‬‬
‫ّ‬
‫فضربو جحا وىو يقوؿ‪ :‬غف يا حمار‪ .‬فرفع الحمار أحد أرجمو إلى جحا وأخذ يشير‬
‫إليو وكأنو يقوؿ أنت الحمار‪.‬‬
‫تقدـ جحا مف حماره و ىو يقوؿ ‪ :‬ىيا نغني معا‪ :‬سأرددىا معؾ و رفع جحا صوتو و‬
‫ىو يغني ‪:‬‬
‫أرضعتؾ مف صدري‬ ‫ي ا سميري يا صغير يا سميري‬
‫ووىبتؾ عمري‬ ‫وأجمستؾ عمى حجري‬
‫فرفع الحمار رأسو نحو صاحبو ونيؽ لكف جحا أخذ يجذبو مف أذنيو‪ ،‬وىوة يقوؿ‪ :‬غف‬
‫كي ال يسيطر عميؾ النسبياف فيغمبؾ الشيطاف‪ .‬فضحؾ الناس وفتح الحمار شفتيو وأخذ‬
‫يحرؾ رأسو مبر از أسنانو‪ ،‬قاؿ النسا إنو يضحؾ‪.‬‬
‫ثـ انصرؼ جحا ليشتري حما ار آخر لكنو لـ يجد ما يناسبو فعاد إلى بيتو‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫المالحق‬

‫سمسمة قصصية تربوية لألطفال‬

‫مغامرات زمردة‬

‫زمردة والقبعة الوردية‬

‫بقمم‪ :‬وريدة كروش‬

‫‪94‬‬
‫المالحق‬

‫زمردة والقبعة الوردية‬

‫‪95‬‬
‫المالحق‬

‫بين الساحرة وزمردة صراع ال ينتهي‬


‫بين الحق والباطل‪ ،‬بين الخير والشر‬
‫تابع مغامرات لتعرف كيف ينتصر‬
‫الحق على الباطل دائما‪...‬‬

‫‪96‬‬
‫المالحق‬

‫مردة يحممف ليا ما‬


‫ىف خادمات القصر يقفف عمى باب غرفة األميرة الحموة ز ّ‬
‫ىا ّ‬
‫مردة مدعوة اليوـ لحضور حفؿ صديقتيا‬
‫أحضره ليا والدىا مف أفخر الثّياب وأجودىا‪ ،‬فز ّ‬
‫البد ليا أف تظير في أبيى حمّة‪.‬‬
‫األميرة نور القمر و ّ‬
‫مردة لـ يعجبيا أي مف الفساتيف التي ارتدتيا‪ ،‬عمى الرغـ مف أف والدتيا أقسمت‬
‫لكف ز ّ‬
‫بذليا بأغمط األيماف أنيا أبيرتيا‪ ،‬ذلؾ أف ابنتيا تعمـ جيدا أف نور القمر ىي أجمؿ األميرات‬
‫وطالما تغنى بحسنيا أىؿ الببلد مف العباد‪ .‬وىي اليوـ تريد أف تكوف أجمؿ منيا‪ ،‬ولكف عمى‬
‫ما يبدو ىييات‪ ،‬إذ كمما ارتدت فسانا جميبل ورأت نفسيا في المرآة تخيمت لو أف نور القمر‬
‫لبستو‪ ،‬فتحزف وتنزعو بسرعة البرؽ وتقوؿ‪ :‬ستكوف أجمؿ مني ال محالة‪.‬‬
‫ومضى نصؼ يوـ وزمردة لـ يعجبي ا فستاف واحد مما ارتدت‪ ،‬وكانت الساحرة الشريرة‬
‫ترقبيا مف كرتيا العجيبة مع وطواطيا الخادـ وتضحؾ وتقوؿ‪ :‬الحقيرة كانت تعتقد أنيا‬
‫جميمة جدا وانظر الى حاليا اليوـ وقد اكتشفت أنيا مجرد فتاة بشعة أما الوطواط فيتعجب‬
‫مردة أف توصؼ بالبشعة! ثـ استرسمت الساحرة في‬
‫مف قوؿ ساحرتو فكيؼ لفتاة في جماؿ ز ّ‬
‫مردة انقضاضا فأتخمص منيا‬
‫القوؿ‪ :‬حاف الوقت اآلف لخطتي الجديدة كي أنقض عمى ز ّ‬
‫وأرتاح‪.‬‬
‫تعجب الوطواط الخادـ ثانية وقاؿ‪ :‬موالتي‪ ،‬سبؽ وأف جربت حظؾ مع ىذه األميرة ولـ‬
‫تنجحي في قتميا فأنى لؾ ذلؾ اآلف وقد عادت مطيعة لربيا؟‬
‫فاستشاطت الساحرة الشريرة غضبا وقالت‪ :‬أييا الوطواط الخبيث‪ ،‬إف كنت خسرت‬
‫المعركة فمـ أخسر الحرب بعد‪ ،‬وقد فكر ت بعد الذي رأيتو اليوـ في خطة لف تتمكف مف‬
‫اكتشافيا أبدا وسوؼ لف يحؿ الظبلـ قبؿ أف نحتفؿ جميعا بمقتؿ زمردة‪.‬‬
‫مردة نحو الحماـ القصر لتغسؿ يدييا قبؿ أف تتناوؿ الطعاـ‬
‫وحاف وقت الغذاء فذىبت ز ّ‬
‫وما إف دخمت حتى وجدت قبعة وردية جميمة عمى األرض‪ ،‬فأمسكت بيا وقالت‪ :‬ترى لمف‬
‫ىذه القبعة الجميمة؟ سأسأؿ أميي عنيا‪ ،‬ثـ نظرت في المرآة وفكرت ىنيية‪ :‬قبؿ أف أفعؿ‬

‫‪97‬‬
‫المالحق‬

‫سأرتدييا وبينما ىي كذلؾ إذ وجدت ورقة داخؿ القبعة وقد كتب عمييا‪ :‬قبؿ أف ترتديني‬
‫مردة األمر ثـ قالت‪ :‬سأجرب السخرية مف نور القمر‪ ،‬وأخذت‬
‫اسخر مف أحد فاستغربت ز ّ‬
‫تضحؾ وتقوؿ‪ :‬تمؾ البمياء التي تعتقد أنيا جميمة‪ ،‬ثـ ارتدتيا فوقع ما لـ يكف في الحسباف‪،‬‬
‫مردة في غاية الجماؿ وتبدلت الثياب التي كانت عمييا فصارت تمبس أجمؿ‬
‫لقد صارت ز ّ‬
‫فستاف وتتحمى بأث مف أنواع الحمي‪ ،‬فصاحت قائمة‪ :‬ما كانت القبعة الغريبة؟ وحيف نزعتيا‬
‫عادت الى ما كانت عميو فجربت أف ترتدييا ثانية فمما فعمت بقيت كما عي فأدركت أف‬
‫مردة فرحا وقالت‪:‬‬
‫عمييا أف تسخر مف أحد حتى تتحوؿ الى أجمؿ الجميبلت‪ ،‬فتبسمت ز ّ‬
‫يبدو أنني وجدت ىذه القبعة في الموعد المناسب‪ ،‬سأرتدييا قبؿ ذىابي الى حفمة عيد ميبلد‬
‫نور القمر وبيذا سأكوف أجمؿ األميرات ال محالة‪.‬‬
‫ضحكت الساحرة الشريرة بشدة وضحؾ معيا الوطواط طربا بنجاح الخطة وقاؿ‪ :‬ىنيئا‬
‫لؾ يا موالتي‪ ،‬لقد قربت نياية ىذه األميرة‪ ،‬فأجابت الساحرة‪ :‬ليس بعد‪ ،‬أرجو أال تستفيؽ ىذه‬
‫المرة إال وقد تمكنت منيا‪.‬‬
‫مردة واحدا مف أجمؿ فساتينيا ووضعت القبعة الوردية عمى‬
‫وفي المساء‪ ،‬ارتدت ز ّ‬
‫راسيا فسألتيا أميا عف القبعة‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬إنيا قبعة عجيبة جدا يا أمي‪ ،‬سأحكي لؾ حكايتيا بعد عودتي مف الحفؿ بإذف‬
‫اهلل‪ ،‬ثـ ركبت مع خادمتيا العربة وشرع السائؽ يقود الحصاف‪.‬‬
‫مردة القبعة الوردية مف عمى رأسيا والتفتت‬
‫وفي طريقيا الى قصر صاحبيا خمعت ز ّ‬
‫إلى خادمتيا وجعمت تضحؾ وتقوؿ‪ :‬ما ىذه التي تمبسينيا؟ إنؾ تظيريف بشعة جدا‪،‬‬
‫فاندىشت الخادمة مما تقولو األميرة زمردة‪ ،‬إذ ليس مف عادتيا أبدا أف تسخر مف اآلخريف‬
‫وتستيزئ بيـ‪ ،‬فشعرت بالميانة وأخذت الدموع تنساب مف عمى خدييا‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫المالحق‬

‫مردة فانيمكت بحاؿ القبعة التي لـ تغيرىا كما فعمنت في حماـ القصر‪ ،‬فبل‬
‫أما ز ّ‬
‫الثياب تبدلت وال الحمي ظيرت وقالت‪ :‬ترى لما ال تريد ىذه القبعة أف تغيرني‪ ،‬لقد استيزأت‬
‫بخادمتي المسكينة كما طمب مني‪.‬‬
‫وكانت الساحرة الشريرة تراقب ما يحدث‪ .‬فقيقيت وقالت‪ :‬ىا قد عصيت أيتيا الحقيرة‬
‫المعينة وسخرت مف غيرؾ‪ ،‬وسأتمكف منؾ اآلف‪ ،‬ثـ أمرت الوطواط بأف ينطؽ الطبلسـ‬
‫المبيمة فقاؿ‪ :‬أيتيا القبعة الوردية كوني نصفؾ قبعة ونصفؾ أفعى‪.‬‬
‫مردة قمقة مف مظيرىا وتفكر فيما ستكوف عميو نور القمر مف حسف‬
‫وبينما كانت ز ّ‬
‫وج ماؿ تحولت نصؼ القبعة الى أفعى والتفت عمى رقبتيا فجعمت تصرخ بشدة‪ ،‬حاولت‬
‫الخادمة أف تنقذىا دوف جدوى فجعمت تصرخ بأعمى صوتيا مستنجدة بالسائؽ‪.‬‬
‫وما إف سمع السائؽ الصراخ حتى أوقؼ الحصاف وراح مسرعا يفحص العربة فإذا‬
‫بزمردة تبكي بشدة وقد التفت األفعى عمى رقبتيا لتخن قيا حاوؿ الساؽ أف ينقذىا منيا لكنو لـ‬
‫مردة تفكر فيما فعمت إذ البد وأنيا أذنبت ذنبا عظيما واهلل‬
‫يستطع وفي تمؾ األثناء كانت ز ّ‬
‫تعالى يعاقبيا اآلف‪ ،‬وسرعاف ما تذكرت لقد سخرت مف خادمتيا المطيعة‪ ،‬واستيزأت‬
‫بمظيرىا وأىانتيا‪ ،‬فجعمت تبكي وتستغفر نادمة عما فعمت وتقوؿ‪ :‬سامحني يا رب‪ ،‬سامحني‬
‫لف أكرر ما فعمت اليوـ أبدا‪ ،‬لف أسخر بعد ىذه المحظة مف أحد مف خمقؾ‪ ،‬وكانت كمما‬
‫ذكرت ىذه الكممات الرقيقة وسكبت مف عينييا الجميمتيف دموع الحسرة والندـ عف فعمتيا‬
‫والتوبة منيا تبلشت األفعى شيئا فشيئا حتى اختفت فصاحت الساحرة الشريرة في مغارتيا‬
‫صيحة فر منيا وطواطيا الخادـ وىي تقوؿ‪ :‬لئف تمكنت مف النجاة اليوـ فمف ينقذكـ مني‬
‫أحد أبدا‬
‫مردة طريقيا نحو قصر نور القمر وحضرت حفمة عيد ميبلدىا‪،‬‬
‫وىكذا واصمت ز ّ‬
‫مردة وطيبتيا ففرحت وحمدت اهلل تعالى أف نجاىا مف‬
‫وكانت كؿ االميرات منبيرات بجماؿ ز ّ‬
‫تمؾ القبعة الغريبة‪.‬‬
‫وعقدت العزـ عمى أال تسخر مف الناس ثانية‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫الفهرس‬
‫المالحق‬

‫كممة شكر‬
‫إىداء‬
‫إىداء‬
‫مقدمة ‪1 ..............................................................................‬‬
‫مدخؿ ‪8 ..............................................................................‬‬
‫الفصل األول‬
‫في مصطمح أدب األطفال‬
‫‪- 1‬في أدب األطفاؿ ‪20 ................................................................‬‬
‫‪- 2‬مفيوـ أدب األطفاؿ ‪20 .............................................................‬‬
‫‪ - 3‬أنواعو ‪20 .........................................................................‬‬
‫‪- 4‬أىدافو ‪20 ..........................................................................‬‬
‫‪- 1‬في أدب األطفاؿ‪21 ............................................................. :‬‬
‫‪- 2‬مفيوـ أدب األطفاؿ‪24 ........................................................... :‬‬
‫‪ - 3‬أنواع أدب األطفاؿ‪26 ........................................................... :‬‬
‫أ ‪-‬القصة‪27 ..................................................................... :‬‬
‫‪- 1‬عناصر بناء قصص األطفاؿ ومقوماتيا ‪35 ................................... :‬‬
‫‪- 2‬أسموب كتابة القصة (السرد)‪38 .............................................. :‬‬
‫ج ‪-‬أغاني وأناشيد األطفاؿ‪40 ..................................................... :‬‬
‫د ‪-‬المسرح‪48 .................................................................. :‬‬
‫‪- 4‬أىداؼ أدب الطفؿ ‪51 .............................................................‬‬

‫‪101‬‬
‫المالحق‬

‫الفصل الثاني‬
‫البنى المؤسسة لقصص األطفال‬
‫‪- 1‬الشخصية عند فيميب ىاموف‪56 ................................................... :‬‬
‫أ ‪-‬مدلوؿ الشخصية‪58 ............................................................ :‬‬
‫ب ‪-‬داؿ الشخصية‪59 ............................................................ :‬‬
‫ج ‪-‬مستويات وصؼ الشخصية‪60 ................................................. :‬‬
‫‪- 2‬المكاف والزماف في القصة‪70 ..................................................... :‬‬
‫أ ‪-‬المكاف‪70 ..................................................................... :‬‬
‫ب ‪-‬الزماف‪72 .................................................................... :‬‬
‫‪- 3‬طبيعة المغة‪74 .................................................................. :‬‬
‫خاتمة ‪78 .............................................................................‬‬
‫قائمة المصادر والم راجع ‪81 ............................................................‬‬
‫المبلحؽ ‪85 ...........................................................................‬‬
‫الفيرس ‪100 ..........................................................................‬‬

‫‪102‬‬

You might also like