Professional Documents
Culture Documents
Moralization of The Moroccan Administration PDF
Moralization of The Moroccan Administration PDF
Moralization of The Moroccan Administration PDF
ISSN: 2701-9233
DOI :
ملخص
تعرف اإلدارة العمومية املغربية مجموعة من االختالالت الهيكلية التي تقف عائقا أمام لعب أدوارها في التنمية
املستدامة والشاملة .ولتجاوز هذه اإلشكاالت ،عملت الدولة املغربية منذ مدة وعبر مراحل على بلورة مجموعة من
اإلصالحات ،وذلك بإدخال مجموعة من التعديالت ،والتغييرات ،واملستجدات ،من أجل أن تواكب املستجدات
الداخلية والخارجية ،وتالئم األرضية الجذابة الستقطاب املستثمرين ،وأن تكون أكثر حداثة وعصرنة ،وتلبي حاجيات
ومتطلبات املواطنين .وتتجلى أهم التعديالت في تخليق املرفق العمومي من خالل اعتماد مقاربات ،وآليات وأدوات،
ووسائل ،حديثة ،تعتبر الركيزة األساسية للنهوض بها ،كالتصريح اإلجباري باملمتلكات ،واإلعالن عن الهيئة املركزية
للوقاية من الرشوة .كما تم العمل على تخليق الحياة العامة والسياسية ،عبر األحزاب السياسية واملجتمع املدني،
وتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية ،وجعل اإلدارة العمومية املغربية أكثر انفتاحا على املرتفقات واملرتفقين.
الكلمات املفتاحية :اإلدارة ؛ التخليق ؛ املواطنة ؛ مقاربات وآليات التخليق اإلداري.
Abstract
mandatory declaration of ownership and the announcement of the central authority for the
prevention of corruption, also the moralization of public and political life, through political
parties and civil associations, to simplify procedures and administrative procedures, and to
make Moroccan public administration more open to public services and citizens.
مقدمة
والعصرية عنصرا من عناصر التنمية ،وذات تأثير مهم على الحياة اليومية للمواطنات الحديثة لقد أصبحت اإلدارة
واملواطنين ،لتلبية متطلباتهم اآلنية واملستقبلية ،كما يمكن اعتبارها أحد الركائز األساسية للدولة الحديثة ،ومظهرا من
مظاهر السيادة ،وآلية لتنزيل املخططات والبرامج الحكومية ،باإلضافة إلى كونها أداة لتأمين سير املرافق العمومية املختلفة.
فدور اإلدارة "يزاوج بين تقديم الخدمات واالستماع ملتطلبات املرتفق ذاتيا كان أو معنويا وبين تحقيق أهداف بعيدة ،منها
مطلب الديمقراطية والتنمية" )موالي محمد البوعزاوي ،2015 ،ص ،(13لذلك تمت إحاطتها بمفهوم التخليق الذي يكون
"مبنيا على تيسير عالقة املواطنات واملواطنين باإلدارة ،وخدمة مصالحهم املشروعة ،وحل دراسة مشاكلهم بما يلزم من
العناية ،وحمايتهم من التعسف والشطط في استعمال السلطة" (تقرير مجموعة العمل بشأن دور الرقابة في التخليق
وتوصياتها ،2008 ،ص .)80
واإلدارة الفعالة ،والجيدة ،والخدومة ،هي التي تنهج سياسة القرب من املواطنين (ات) ،وتعمل جاهدة على توفير الخدمات
العمومية لهم ،وتضطلع إلى استعمال ظروف مالئمة الستقبالهم وإرشادهم ،والبحث عن اهتماماتهم ،واألجوبة عن أسئلتهم
واستفساراتهم ،بكل جدية وحزم .وقد حاولت الحكومات املتعاقبة القيام بإصالحات جذرية وعميقة لتخليق املرفق العمومي
ليكون في خدمة الصالح العام ،لكن هذه اإلصالحات باءت بالفشل ،مما زاد من تعميق الهوة بين الطالب للخدمة والحاجة
واإلدارة العمومية املغربية ،ألن اإلدارة املغربية عرفت وال تزال تعرف البيروقراطية ،باعتبارها بناء أجوف أو آلية جامدة ال تقوم
على العقالنية ،بل تتحكم فيها آليات تقليدية وعالقات شخصانية تطغى على معظم أعمالها (محمد أمين بن عبد هللا،
،1996/1995ص .)7
ونستنتج أن الوقت الحاضر يتطلب القيام بثورة على العقليات الكالسيكية السائدة من أجل التغيير ،والتحديث،
والعقلنة ،والتخليق ،لإلدارة املغربية واملنشآت العمومية ،لكي تكون منسجمة مع ذاتها ومع املواطن ،بهدف تحقيق التنمية
الشاملة واملستدامة .وقد كانت الندوة حول "دعم األخالقيات في املرفق العام" من تنظيم وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح
اإلداري يومي الجمعة والسبت 29و 30أكتوبر سنة ،1999الطريق نحو تخليق اإلدارة عن طريق إصدار العديد من القوانين،
بحيث وجه من خاللها ملك املغرب رسالة تقول ..." :فإن أول واجبات املرفق العام أن يلتزم باألخالق الحميدة ،وأن يخدم
املواطنين باإلخالص الجدير بالشأن العام واملصلحة العليا ،على النحو الذي يقتضيه االختيار الديمقراطي في دولة الحق
والقانون ."...ونالحظ أن الرسالة امللكية كانت واضحة ،ومؤطرة ،وموجهة ،لإلدارة العمومية املغربية ،إذ تدعو إلى ترسيخ
التخليق ،والشفافية ،والديمقراطية ،وخدمة املواطن ،ومحاربة كل أشكال الفساد ،واالنخراط في الالمركزية أو اإلدارة املحلية،
2
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
باإلضافة إلى التحلي باالستقامة ،والنزاهة ،واملواطنة الحقيقية ،وبترشيدها ،وعقلنتها ،وتأهيلها وتأهيل مواردها البشرية،
وإستصدار النصوص والتشريعات ،ملعالجة األعطاب واالختالالت التي تعاني منها اإلدارة املغربية.
إن دراسة وتحليل موضوع التخليق اإلداري باإلدارة املغربية ،يتطلب طرح اإلشكالية املحورية ملوضوعنا كما يلي :ماهي
آليات تخليق اإلدارة املغربية والحياة العامة واملقاربات التي تم اعتمادها لالنفتاح على املرتفقين ؟
وقبل أن نتطرق لدراسة حيثيات هذه اإلشكالية ،ال بد أن نقوم بتوضيح موجز لبعض املفاهيم األساسية املؤطرة
ملضمونها.
-اإلدارة :تعني" القيام بتحديد ما هو مطلوب عمله من العاملين بشكل صحيح ،وبأفضل الطرق وأقل التكاليف ،كما تدل
على أنها وظيفة يتم بموجبها القيام برسم السياسات والتنسيق بين أنشطة اإلنتاج والتوزيع واملالية ،والقيام بأعمال الرقابة
النهائية على كافة أعمال التنفيذ ،..... ،من خالل عملية اجتماعية تقع عليها مسؤولية التخطيط الفعال ووضع اللوائح املتعلقة
بعمل املشروع" (عمر محمد دره ،2009 ،ص .)17وتعني أيضا" ،عملية تخطيط وتنظيم وصنع قرار وقيادة ورقابة أنشطة
األعضاء ،واستخدام كل املوارد التنظيمية -البشرية واملالية واملادية واملعلوماتية -بغرض إنجاز األهداف بكفاءة وفعالية ،وهي
عمليات فكرية تنعكس في الواقع العملي بشكل ممارسات في مجال التخطيط والتنظيم والقيادة والرقابة للموارد البشرية
واملادية واملعلوماتية" (عمر محمد دره ،2009 ،ص ،)18بمعنى أن اإلدارة "ترسم الخطط وتضع السياسات واإلجراءات وتنظم
وتراقب وتوجه األفراد العاملين الوجهة الصحيحة لتحقيق األهداف" (عمر محمد دره ،2009 ،ص .)18
-التخليق :هناك من ذهب إلى اعتباره مؤشر من مؤشرات القضاء على كل األسباب الخاصة بالفساد ،واالجتهاد أكثر إلى ترسيخ
قيم النزاهة ،والشفافية ،والديمقراطية ،الكتساب اإلنسان الحقوق والحريات على قدم املساواة .وهناك من ذهب إلى أنه مسألة
تتعلق بتطبيق أساليب وأهداف تتعلق بالتدبير والتسيير ،وآخرون اعتبروه تضافر للجهود والتشارك بين الدولة وفعاليات املجتمع
املدني ،لكي تكون الجهود واألهداف موحدة ومشتركة ملواجهة آفة الفساد ،والرشوة ،واملحسوبية ،والتسلط ،واستغالل النفوذ،
لتكون اإلدارة أكثر جرأة على التخليق والتحلي بمبادئ القيم اإلنسانية واألخالقية ،وكما يعرف االستاذ إدريس جردان األخالقيات
من التدبير العمومي على أنها مزيج من القوانين ذات املصدر االخالقي ،وهناك شبه إجماع على ان أخالقيات املرفق العام يقصد
به املنظومة املشكلة من الضوابط واملبادئ التي تنظم تسيير وتدبير الشأن العام ،وتوجه الحياة العامة واملمارسة املهنية
للموظف العمومي ،وبعبارة أخرى هي مجموعة من السلوكيات واملسلكيات التي يقوم بها املوظف في إطار عرفي أو قانوني .وإن
االلتزام بإعادة االعتبار لألخالقيات ،والعمل على تقريب اإلدارة أكثر فأكثر من املواطنين يقتض ي مقاربة جديدة تعتمد الحكامة
الجيدة كمنهاج يقوم على ربط املسؤولية باملحاسبة ،وفق مبادئ العدالة ،واملساواة ،والكفاءة ،والجودة ،ويعصمها من
السقوط في براثن الفساد واستغالل املنصب أو املتاجرة به (محمد الزاهي ،2016/2015 ،ص ،)225وأن منطق الحكامة
اإلدارية يظل في األساس منطلقا أخالقيا يتسم بغياب مظاهر الغش ،والرشوة ،وكل مظاهر الفساد (Emmanuel OKOMBA,
) ،2010, P 31خاصة وأن من مؤشرات أزمة اإلدارة املعاصرة ،تتمثل في ضعف أخالقيات املرفق العمومي ،وفشل البنيات
اإلدارية التقليدية بمختلف األمراض التي خلقتها وعلى رأسها انعدام الشفافية (محمد الهيني 18 ،و 19ماي ،2003ص .)4
-املواطنة :هو مصطلح قديم حديث ،يضع األسس والقواعد الناظمة للتعايش والتكامل والوحدة بين مكونات املجتمع
الواحد ،وانعدام املواطنة في مجتمع ما ،يمكن أن يؤدي إلى الفوض ى وغياب العدالة االجتماعية ،ومع الوقت يمكن أن
يؤدي إلى حروب أهلية أو طائفية بين مكونات املجتمع الواحد (حزب البعث العربي االشتراكي ،سلسلة الدراسات ،عدد ،65ص
3
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
،)30 :وقد اتجهت إرادة مغرب العهد الجديد نحو ترسيخ ثقافة جديدة لحقوق اإلنسان ،مبنية على عدة مبادئ سامية
وتوجهات أساسية ،والتي أصبحت تتبلور بشكل فعلي وملموس ،من خالل اتخاذ عدة تدابير تروم باألساس تحقيق األهداف
التالية :تحديد املفهوم الجديد للسلطة قوامه رعاية مصالح املواطن وصون كرامته والحفاظ على حقوقه ،وتنمية التواصل
بين املواطن واإلدارة ،ثم تحقيق مصالحة بين املواطن واإلدارة ،والحد من البيروقراطية ،باإلضافة إلى تخليق املرفق العام،
وتحقيق اإلدارة املواطنة (مصطفى التراب ،2005 ،ص .)29
-مقاربات وآليات التخليق اإلداري :ونعني باملقاربات التي تم اعتمادها لتخليق اإلدارات العمومية املغربية ،كل من املقاربة
القانونية من خالل تطبيق النصوص التشريعية والقانونية ملحاربة الفساد والرشوة ،واملقاربة اإلصالحية من خالل ترسيخ
العدالة القضائية النزيهة بإلزام اإلدارة بتعليل قراراتها السلبية أمام املحاكم اإلدارية واملحاكم املالية ،ثم إصالح نظام
الصفقات العمومية لتعزيز التنافسية والشفافية ،باإلضافة إلى إصدار قانون رقم 06-99الخاص بتحرير األسعار واألثمان،
وتوفير الخدمة اإللكترونية .ونعني باآلليات كل من القانون األول هو القانون رقم 25ـ 92املنفذ بظهير رقم 1.92.143املؤرخ
في 12جمادى الثاني 7( 1413دجنبر )1992املتعلق بالتصريح اإلجباري باملمتلكات على موظفو ومستخدمو الدولة
والجماعات املحلية ،واملؤسسات العمومية ،وأعضاء الحكومة ،وأعضاء مجلس النواب ،ومجلس الجماعات املحلية ،والغرف
املهنية ،وتتمثل في املمتلكات العقارية ،والقيم املنقولة التي يملكونها أو يملكها أبناؤهم القاصرون ،وأيضا من بين أهم اآلليات
الهيئة املركزية للوقاية من الرشوة التي تم تغيير اسمها حسب الدستور املغربي الجديد بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من
الرشوة ومحاربتها ،بهدف االنتقال من صالحيات الوقاية إلى وظيفة الوقاية والتتبع ومحاربة الرشوة.
وسنقوم معالجة إشكالية هذا املوضوع ،وفق محاور تهم آليات وأسس تخليق اإلدارة املغربية والحياة العامة ،ثم املقاربات
التي تم اعتمادها من أجل التخليق وانفتاح اإلدارة العمومية على املرتفقين.
املحوراألول " :تخليق اإلدارة املغربية والحياة العامة :األهداف وآليات التطبيق"
شهد املغرب منذ فجر االستقالل إلى وقتنا الحاضر عدة برامج تهم إصالح اإلدارة ،استهدفت هيكلتها من الناحية البشرية،
والقانونية ،واملؤسساتية ،وبالرغم من ذلك ،فإن "السياق الحالي لهذه اإلدارة ،يفرض إعادة النظر فيها كجهاز وكنظام" (عبد
الواحد أورزيق ،2003 ،ص 3و .)9وقد كسب املغرب الرهانات عبر تطوير بنائه السياس ي ،وتكرس تنافسيته االقتصادية ،رغم
ما واجهه نموذجه التنموي من صعوبات حالت دون تحقيق التنمية البشرية واالجتماعية املنشودة ،بما يستجيب لحاجيات
املواطنين.
-1أهداف وآليات تخليق اإلدارة املغربية
لقد شكلت اإلدارة املغربية والحياة العامة إحدى اإلكراهات التي لم تساير وتيرة التغيرات واملتطلبات املجتمعية ،ولم
تواكب مستلزمات التنمية الشاملة ،بفعل العديد من الصعوبات البنيوية ،املتمثلة نسبيا في افتقادها للكفاءة ،والنجاعة،
والحكامة الرشيدة.
-1.1أهداف تخليق اإلدارة املغربية
تبنت معظم الدول رؤية ومقاربة ونموذجا جديدا في تسيير وتدبير املرافق العمومية ،تتجلى في النزاهة ،والشفافية،
والفعالية ،واملسؤولية ،والجودة ،وتكريس دولة الحق والقانون ،وفق منطق الحكامة اإلدارية التي تسعى أخالقيا ،ملحو كل
4
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
األمور املتعلقة بالغش والرشوة ،واملغرب سعى جاهدا ملواكبة املستجدات من خالل تخليق اإلدارة ،والتصدي ملظاهر الفساد،
من أجل الحصول على املساعدات املالية لتدعيم البرامج واملشاريع التنموية .وإن تطبيق ما يفرضه قانون 03.01من ضوابط
قانونية ثابتة ،وقواعد أخالقية راسخة ،بتعليل القرارات اإلدارية الفردية ،خصوصا تلك الواردة تعدادها حصرا في املادة
الثانية ،سيساهم مساهمة فعالة وناجعة في تخليق املرفق العام ،وترسيخ قيم املواطنة املسؤولة ،ألن تعليل القرار اإلداري،
سيفرض االبتعاد عن ممارسة كل أشكال التعسف أو الشطط في حق املواطن ،نتيجة لثقل البيروقراطية التي ولدت في نفسه
شعورا بعدم تواصل السلطة معه .وحينئذ ستبرهن اإلدارة عن إرادتها الصلبة في تحقيق مصالحة بينها وبين املواطن عساه "أن
يمحو ما تخاذ في نفسه من رواسب سلبية تجاهها ،بفعل ما يمكن أن يشعر به الحقا من دفء في العالقة التي تربطه بها"
(مصطفى التراب ،2005 ،ص ،)35 :وقد عمل دستور فاتح يوليوز لسنة ،2011دورا محوريا وأساسيا في اإلصالح ،وتأكيده على
دور الحكامة اإلدارية الجيدة ،واملشاركة واإلشراك ،وتكريس األهداف واملقومات التي جاء بها املفهوم الجديد للسلطة ،والتي
يدخل ضمنها مبدأ التخليق اإلداري للمرافق العمومية .فما هي آليات تخليق اإلدارة العمومية ومرافقها ؟
2-1آليات تخليق اإلدارة العمومية
تتمثل آليات تخليق اإلدارة العمومية في التصريح اإلجباري باملمتلكات وفي الهيئة املركزية للوقاية من الرشوة.
أ -التصريح اإلجباري باملمتلكات
إذا أردنا أن نقطع مع املاض ي فيما يخص أشكال الفساد والرشوة ،فال بد من االرتكاز على آلية من آليات التخليق ،والتي
تتعلق بقانون التصريح اإلجباري للممتلكات (القانون األول هو القانون رقم 25ـ 92املنفذ بظهير رقم 1.92.143املؤرخ في 12
جمادى الثاني 7( 1413دجنبر )1992يتكون من 9مواد ،واملادة 1تتكلم عن الفئات التي يشملها أو يطبق عليها القانون والذين
يتعين عليهم التصريح بممتلكاتهم وهو موظفو ومستخدمو الدولة والجماعات املحلية واملؤسسات العمومية وأعضاء الحكومة
وأعضاء مجلس النواب ومجلس الجماعات املحلية والغرف املهنية وتشمل املمتلكات العقارية والقيم املنقولة التي يملكونها أو
يملكها أبناؤهم القاصرون) كأسلوب من األساليب العصرية والحديثة التي تحد من تفاقم االرتشاء ،واستغالل املناصب
واملسؤوليات الكبرى للحصول على األموال.
ومن هذا املنطلق ،البد من إلزام كل أعضاء الحكومة ،والنواب ،والقضاة ،واملوظفون الساميون ،ورؤساء مجالس الجهات
واألقاليم والجماعات ،واملؤسسات العمومية ،بالتصريح اإلجباري وامللزم للممتلكات ،وذلك للحد من نزيف هدر املال
العمومي ،وتفادي االنحرافات الخطيرة ،ومظاهر الفساد ،والرشوة ،في اإلدارات واملنشآت واملرافق العمومية ،وقد نص القانون
عدد 25/92بتاريخ 07دجنبر ،1992واملتعلق بإقرار موظفي الدولة ،واملؤسسات العمومية ،وأعضاء مجلس النواب،
واملستشارين ،والجماعات املحلية ،ومجالس الجماعات املحلية ،واملؤسسات الحكومية ،والغرف املهنية ،بالتصريح باملمتلكات
الذي رصد املشرع بشأنه سنة 2008مجموعة من القوانين (الجريدة الرسمية تحت عدد 5679بتاريخ 03نونبر ،)2008تميزت
عن التشريع السابق (القانون رقم 25ـ 92بتاريخ 7دجنبر 1992املتعلق بإقرار موظفي ومستخدمي الدولة والجماعات املحلية
واملؤسسات العمومية وأعضاء الحكومة واعضاء مجلس النواب ومجالس الجماعات املحلية والغرف املهنية باملمتلكات
العقارية والقيم املنقولة التي يملكونها أو يملكوها أوالدهم القاصرون) ،بدقة تحديد األشخاص امللزمين بالتصريح ،وآليات
املراقبة والتتبع ،وع ناصر الثروة الخاضعة للتصريح ،ومسطرة اإلحالة على السلطات املعنية ،ورصد العقوبات املترتبة عن
املخالفات في املوضوع ،لتشكل إحدى اآلليات األساسية للحفاظ على نظافة الذمم املالية للمسؤولين عن تدبير الشأن العام.
5
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
ونالحظ بمقابل ذلك ،محدودية فعالية هذه القوانين على مستوى املمارسة ،نظرا التساع دائرة امللزمين الذي حتم على املجلس
األعلى للحسابات االقتصار على تلقي التصاريح وتشكيل هياكل لتتبع تطورها (من الهيئة املركزية للوقاية من الرشوة إلى الهيئة
الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها سنة ،2013/2012ص .)39
ولتعزيز قيم النزاهة ،والشفافية ،والتخليق ،فقد نص القانون على ضرورة تصريح هؤالء بممتلكاتهم مباشرة بعد تعيينهم
أو تنصيبهم ،لترى الدولة تطور ثرواتهم ومصادرها ،وذلك من أجل تكريس الجانب الوقائي لدعم األخالقيات والتخليق باملرافق
العمومية اإلدارية ،وبغية توطيد حكامة إدارية فعالة وحيدة تتمثل في تفعيل آلية التصريح اإلجباري للممتلكات ،كما نص
دستور سنة ،2011في الفصل 158على ما يلي " :يجب على كل شخص منتخبا أو معينا في القانون ،يمارس مسؤولية عمومية
أن يقوم طبقا للكيفيات املحددة في القانون ،تصريحا كتابيا باملمتلكات واألصول التي في حيازته ،بصفة مباشرة أو غير مباشرة،
بمجرد تسليمه ملهامه وخالل ممارستها وعند انتهائها".
ب -الهيئة املركزية للوقاية من الرشوة
لقد بادر املغرب إلى االنخراط الفعلي والتدريجي في دينامية مكافحة الفساد من خالل اعتماد برنامج عمل للحكومة في هذا
الشأن ،والتصديق على اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد بتاريخ 9ماي ،2007والشروع في تعزيز اإلطار القانوني
واملؤسساتي ملكافحة الفساد.
وفي هذا السياق ،أحدثت الهيئة املركزية للرشوة لدى الوزير األول بموجب مرسوم بتاريخ 13مارس ،2007بتجاوب مع
مقتضيات املادة 6من اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد .ويرى بعض الخبراء واألساتذة الباحثين أن التصريح باملمتلكات
السالف الذكر غير قادر على محاربة كل املظاهر املشينة ،واملخلة ،بشفافية اإلدارة العمومية ،من استغالل للنفوذ ،والرشوة،
واملحسوبية ،واإلفالت من العقاب ،مما جعل املجتمع املدني يطالب بوجود آليات أخرى للحد من هذه اآلفات ،بحيث برزت
الجمعية املغربية ملحاربة الرشوة (ترانسبارانس ي املغرب) باعتبارها جمعية حقوقية ،تهدف إلى محاربة كل أشكال الرشوة،
واملحسوبية ،واستغالل النفوذ .وكان إحداث "الهيئة املركزية للوقاية من الرشوة" بواسطة مرسوم بتاريخ 13مارس ،2007
استجابة لتلميع صورة املغرب بانفتاحه وانخراطه في البعد الدولي ملحاربة الفساد ،وأكد ذلك ،من خالل املصادقة على اتفاقية
األمم املتحدة ملكافحة الفساد ،التي تنص في مادتها السادسة على ضرورة وجود هيئة وطنية مستقلة ،تتوفر على املوارد املادية
والبشرية الالزمة ،وتتولى الوقاية من الفساد ،ولها عدة صالحيات ،أهمهما :أنها آلية لتبليغ السلطات القضائية عن جميع
األفعال التي تشكل رشوة يعاقب عليها القانون ،وآلية لتتبع وتقييم املنجزات في هذا املجال ،كما أنها رأي للهيئة املركزية للوقاية
من الرشوة ،وهيئة لتنسيق سياسات الوقاية من الرشوة ،ومنتدى لإلعالم والتواصل والتحسيس .ثم أنها قوة استشارية
واقتراحية في مجال الوقاية من الرشوة ،وأداة لرصد ظاهرة الرشوة وجمع املعلومات وتدبير قاعدة معطيات ،باإلضافة إلى
تخويلها صالحية رفع تقرير سنوي إلى الوزير األول ووزير العدل.
ونشير في هذا الصدد ،إلى أن الخطاب امللكي بمناسبة عيد العرش لسنة ،2005أقر ما يلي ..." :يجب اإلسراع بتحديث اإلدارة،
بما يكفل فعاليتها ،حتى نجعل من خدمة الصالح العام ،ومن القرب من املواطن الشاغل ،وموازاة لذلك ،نؤكد على وجوب تخليق
الحياة العامة ،بمحاربة كل أشكال الرشوة ،ونهب ثروات البالد واملال العام ،إننا لنعتبر أي استغالل للنفوذ والسلطة ،إجراما في
حق املواطن ،ال يقل شناعة عن املس بحرماته ،وفي هذا الشأن ،نؤكد على االلتزام بروح املسؤولية ،والشفافية ،واملراقبة،
واملحاسبة ،والتقويم ،في ظل سيادة القانون وسلطة القضاء" .وغني عن التذكير أن االنتقال من هيئة مركزية للوقاية من الرشوة
6
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
بمواصفات وإكراهات معينة إلى هيئة وطنية دستورية مستقلة ،وبمقومات أساسية جديدة ،يؤهلها للمساهمة في التأسيس للنقلة
الدستورية النوعية ،شريطة أن يتم التفاعل اإليجابي للسلطات والفعاليات املجتمعية املعنية معها ،لتمكينها من االضطالع باملهام
املوكولة لها وفق املقاربة الشمولية واملندمجة املعتمدة ،من أجل املساهمة في االستجابة املثلى ملتطلبات التخليق الشامل
ومكافحة الفساد (من الهيئة املركزية للوقاية من الرشوة إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والرقابة من الرشوة ،2013/2012 ،ص :
.)10
سيساهم القيام بتخليق اإلدارة العمومية في تخليق الحياة العامة بشكل عام ،وذلك بمحاربة كافة مظاهر الفساد التي
تفشت وتراكمت خالل عقود من الزمن .فكيف يتم تخليق الحياة العامة ؟
-2تخليق الحياة العامة
تتجلى محاوالت تخليق الحياة العامة سواء من جانب املؤسسات والهيئات الرقابية ذات الطابع التقليدي ،أو من جانب
املؤسسات السياسية كالبرملان ،أو القضائية كاملحاكم املالية واإلدارية كاملفتشيات العامة للوزارات ،أو من جانب هيئات
املجتمع املدني كالجمعية املغربية ملحاربة الرشوة أو الهيئة الوطنية لحماية املال العام باملغرب ،وكل هذه املحاوالت لم تكن
كافية لتخليق الحياة العامة (محمد الزاهي ،2016/2015 ،ص .)229
1-2تطبيق القانون مدخل أساس ي للتخليق
إن تخليق الحياة العامة بالبالد من املداخل املهمة واملحورية لتـأسيس مبادئ وقيم جديدة في تسيير وتدبير الشأن العام،
وتهذيب الحياة السياسية أيضا ،وذلك من خالل مراقبة املسؤولية للمحاسبة والتتبع ،ومن خالل الرجوع إلى تطبيق سيادة
القانون والقواعد العامة للنصوص التشريعية والقانونية ،بالتشبث بمبادئ االستقامة ،والشفافية ،ومحاربة الرشوة،
والفساد ،واملشاركة الفعالة ،والبناءة ،للمواطنين في صناعة الرأي والقرار ،من أجل ترسيخ القواعد الفعالة للديمقراطية
الحداثية البناءة ،وتثبيت قواعد ومبادئ مواطنة راسخة ومتجذرة في املجتمع املغربي ،وبناء نهج سياس ي عقالني مبني على
النقاش ،والحوار ،واالختالف ،والتعارض ،مما يمكن الفاعلين السياسيين والهيئة املنتخبة على التربية على الثقافة السياسية
املبنية على تخليق املرافق العامة لتخدم الحياة العامة والخاصة للمواطن ،بتفعيل مقتضيات الظهير الشريف عدد 1.11.91
الصادر بتاريخ 29يوليوز 2011الذي أشار ألول مرة إلى تخليق الحياة العامة من خالل إلزام السلطات العمومية الوقاية ،طبقا
للقانون من كل أشكال االنحراف املرتبطة بنشاط اإلدارات والهيئات العمومية ،وباستعمال األموال املوجودة تحت تصرفها،
وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها ،والزجر عن االنحرافات ،ومعاقبة الشطط في استعمال مواقع النفوذ واالمتياز،
ووضعيات االحتكار والهيمنة ،واملمارسات املخالفة ملبادئ املنافسة الحرة واملشروعة في العالقات االقتصادية.
2-2إسهام اإلرادة السياسية العليا في تطبيق مبادئ التخليق
استجابة للرغبة امللكية الراسخة في التعجيل باتخاذ ما يلزم من إجراءات لتخليق الحياة العامة واإلدارة العمومية على وجه
الخصوص ،تم نسخ القانون رقم 25.92الذي ظل قاصرا عن تحقيق األهداف املرجوة بقانون 54.06املتعلق بإحداث
التصريح اإلجباري لبعض منتخبي املجالس املحلية والغرف املهنية وبعض فئات املوظفين أو األعوان العموميين بممتلكاتهم
(القانون رقم 54.06املتعلق بإحداث التصريح اإلجباري لبعض منتخبي املجالس املحلية والغرف املهنية وبعض فئات املوظفين
أو األعوان العموميين بممتلكاتهم ،الجريدة الرسمية رقم 5679الصادر يوم االثنين 3نونبر ،2008ص .)4014وقد ألزم
الفصل 155من الدستور جميع أعوان املرفق العمومي بأداء عملهم وفق احترام القانون ،والتزام الحياد ،والنزاهة ،والشفافية،
7
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
مع تقديم األشخاص املنتخبين أو الذين يمارسون املسؤولية العمومية تصريحات كتابية عن األصول واملمتلكات التي بحوزتهم،
سواء أثناء تسلم املهام أو عند االنتهاء منها .ويعتبر املجلس األعلى للحسابات حسب الفقرة األخيرة من الفصل 147من
الدستور املسؤول األول عن مراقبة وتتبع التصريح باملمتلكات.
ولتكريس ثقافة سياسية بناءة مبنية على ضمان الثقة ،والشفافية ،والنزاهة ،والولوج إسوة بالدول الديمقراطية الحداثية
التي لها حياة مرفقية جذابة وفعالة ،فقد خول الدستور لسنة 2011الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة بمهام املبادرة،
والتنسيق ،واإلشراف ،وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد ،وتلقي ونشر املعلومات في هذا املجال ،واملساهمة في
تخليق الحياة العامة ،وترسيخ مبادئي الحكامة الجيدة ،وثقافة املرفق العام ،وقيم املواطنة املسؤولة (نظرا لألهمية التي تحتلها
الهيئة املركزية للوقاية من الرشوة في تخليق الحياة العامة ،جاء الدستور املغربي الجديد ليعرض التحوالت في هذا االتجاه،
حيث تم تغيير اسم الهيئة من الهيئة املركزية للوقاية من الرشوة ،إلى تسميتها بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة
ومحاربتها ،هادفا من وراء الهيئة ذلك االنتقال من صالحيات الوقاية إلى وظيفة الوقاية والتتبع ومحاربة الرشوة ،وللمزيد من
التفاصيل يراجع في هذا الصدد :كريم لحرش "،الدستور الجديد للمملكة املغربية ،شرح وتحليل ،سلسلة النصوص
التشريعية والعمل القضائي" ،العدد ،2سنة ،2013ص .)214
وقد أشار النظام الداخلي على مدونة السلوك واالخالق النيابية إلى "ترسيخ قيم املواطنة ،وإيثار الصالح العام واملسؤولية
والنزاهة ،وااللتزام باملشاركة الكاملة والفعلية ،في جميع أشغال البرملان ،واحترام الوضع القانوني للمعارضة البرملانية ولحقوقها
الدستورية ،لجعل البرملان فضاء أكثر مصداقية وجاذبية ،من شأنه أن يحقق املصالحة مع كل من أصيب بخيبة األمل في
العمل الساس ي وجدواه في تدبير الشأن العام ."....وإذا كان التخليق مبدأ لدمقرطة اإلدارة العمومية وجعلها أكثر فاعلية في
خدمة املواطنات واملواطنين ،فإنها تعتمد على مقاربات حديثة لتحقيق ذلك .فما هي املقاربات التي تم اعتمادها لتخليق املرفق
العمومي ؟
املحورالثاني " :املقاربات املعتمدة لتخليق اإلدارة العمومية"
تسعى الدولة املغربية إلى محاربة كافة أشكال الفساد املادي واملعنوي ،عبر تخليق اإلدارة العمومية وترسيخ قيم النزاهة
والشفافية والديمقراطية الكتساب املواطنات واملواطنين الحقوق والحريات على قدم املساواة ،فما هي املقاربات التي تم
اعتمادها بهدف تحقيق التنمية في شتى املجاالت ؟
-1سياق تطبيق مقاربات التخليق اإلداري
يعتبر املغرب من بين الدول التي اتبعت مقاربة شمولية لتحديث الجهاز اإلداري وتعزيز وتنمية االستثمار وتشجيع النمو
االقتصادي واالجتماعي ،من أجل اإلحاطة بتدني الخدمات والحاجيات الخاصة باملرافق العمومية باإلدارة املغربية ،نظرا
النهيار وغياب القيم واألخالقيات.
1-1املتدخلون في مجال التخليق اإلداري
ينهج املغرب كما هو معلوم ،مقاربة شمولية ،وخالقة ،وممتازة ،وفاعلة ،لتخليق الجهاز اإلداري ،بمشاركة كل الفعاليات
واملتدخلين في الشأن العام ؛ الدولة ،واألحزاب السياسية ،والنقابات ،واملجتمع املدني ،والرجال والنساء ،والفاعلين
االقتصاديين ،والجمهور ،وكما يعرف الجميع ،فإن الدولة انتقلت من الدولة الحارسة أو الدركي إلى الدولة الراعية أو املنتجة،
ثم إلى الدولة الضابطة من خالل التنسيق ،وذلك بالتخلي تدريجيا عن الدولة الكنزية املتدخلة (حسن طارق ،2016 " ،ص
8
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
،)94من خالل هيئات مكلفة (باعتبار أن السلطة السياسية أصبح يصعب عليها شيئا فشيئا مواكبة العمل واملراقبة في العديد
من القطاعات بسبب تشعب أعمالها ،مثل :القطاع السمعي البصري ،والهجرة واملهاجرون ،واملعلوماتية ،والشباب والرياضة،
والقطاعات االقتصادية ،واملالية ،والبنوك ،واالتصاالت ،والتأمينات).
ويتعلق األمر هنا بهيئات الضبط والهيئات اإلدارية املستقلة ،ومن أهم أهدافها :اإلصالح ،والتحديث ،والتخليق ،وخلق
مفهوم جديد للسلطة ،عبر استعمال مبادئ الديمقراطية وحقوق اإلنسان ،وذلك تفاديا للنهج التقليدي البيروقراطي ،بهدف
تحسين املردودية ،وجعل اإلدارة في خدمة املواطنين ،وإضعاف املنطق اإلداري املخزني التقليدي ،في مقابل تحديث وعصرنة
دور الدولة في املجال اإلداري ،وذلك من خالل دور التنسيق والضبط الذي تقوم به هذه اآلليات (غزالن املجاهد ،2019 ،ص :
142و .)143
ونالحظ حاليا ،أن املغرب اعتمد مقاربة أكثر نجاعة للتخليق ،تتجلى في تكوين وتأهيل العنصر البشري ،وأيضا في تعميم
التحفيز والتشجيع.
2-1مقاربات التخليق املعتمدة باإلدارات العمومية املغربية
إن أهم املقاربات التي استعملت أو تلزم أن تكون باإلدارات العمومية املغربية ،تتمثل في :املقاربة القانونية التي تتعلق
بتطبيق النصوص التشريعية والقانونية بالجهاز اإلداري املغربي ملحاربة الفساد والرشوة عن طريق التخليق .واملقاربة
اإلصالحية تتجلى في إعادة الثقة بين اإلدارة واملرتفق ومعالجة التفاوتات في األجور وترسيخ العدالة القضائية النزيهة بخلق
املحاكم اإلدارية واملحاكم املالية وإلزام اإلدارة بتعليل قراراتها السلبية .وأجرأة اإلدارات العمومية بتعليل قراراتها السلبية في
حق موظفيها وأعوانها .ثم إصالح نظام الصفقات العمومية بمرسوم رقم )1998/12/20( 482-98-2لتعزيز التنافسية
والشفافية ،وإصدار قانون عدد 06-99الخاص بتحرير األسعار واألثمان ،وتوفير 40خدمة إلكترونية ببعض اإلدارات
العمومية ،باإلضافة إلى الرقم األخضر املتعلق بالتبليغ عن الرشوة ،080004747وقانون أكتوبر 2011املتعلق بحماية
الشهود واملبلغين بالرشوة ،واالختالس ،واستغالل النفوذ.
وقد ساعد تطبيق هذه املقاربات على ظهور واقع جديد بمواصفات متغيرة على ما كان عليه في السابق ،فما هو واقع تخليق
اإلدارة العمومية ؟ واآلليات املساهمة في ذلك ؟
-2و اقع تخليق اإلدارة العمومية
ينتج عن ضعف األخالقيات في اإلدارة والفساد اإلداري سلوك إداري سيئ ،ينعكس باألساس على السير العادي للجهاز
اإلداري واملرافق العمومية ،كما ينعكس على عالقات اإلدارة باملواطن الذي أصبح يفقد ثقته فيها ،كما هو الشأن بالنسبة
لالرتشاء ،واستغالل النفوذ ،واالختالس ،وأيضا ،بالنسبة للتوظيف السلبي للسلطة التقديرية واستغالل املنصب ألغراض
سياسية وحزبية ،واالستغالل الالمشروع للممتلكات العمومية ،واملعاملة التفضيلية إزاء املواطنين ،وغيرها .فما هي اختالالت
اإلدارة العمومية ؟
1-2االختالالت التي تعرقل السيرالجيد لإلدارة العمومية
يظل أخطر سلوك مشين يلقي بظالله القاتمة على عالقة اإلدارة باملواطن ،يتمثل في اإلرشاء واالرتشاء ،الذي يضرب في
العمق االقتصادي الوطني ،ويشوه وجه اإلدارة والدولة (فائزة بلعسري ،2005 ،ص ،)70الش يء الذي يدعو إلى التأسيس،
والتحسيس ،والتعبئة ،لترسيخ قيم األخالق في تدبير الشأن العام ،والتخلق في تسيير وتدبير الجهاز اإلداري املغربي ،ألننا نالحظ
9
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
في الظروف الراهنة ،أن هناك مجموعة من السلوكيات واالنحرافات التي توجد بعقليات املديرين واملسؤولين واملوظفين
باإلدارة ،مما ينذر بواقع أخالقي وقيم جد خطيرة تسود بهذه اإلدارة ،كالريع ،والفساد ،والرشوة ،واملحسوبية ،واستغالل
النفوذ ،والسلطة ،وعدم تطبيق مبادئ الحكامة الجيدة ،واملراقبة ،واالفتحاص.
وفي هذا الصدد ،البد أن نشير إلى املشاكل التي تعيشها الوظيفة العمومية ،والتي تنعكس على سلوك اإلدارة مع املتعاملين
معها ،وأهمها :سوء توزيع املوظفين وعدم تحكم اإلدارة في أعدادهم ،رغم االنفراج الذي حصل مؤخرا على إثر املغادرة الطوعية
لبعض املوظفين ،وعدم انسجام بعض مقتضيات النظام األساس ي العام للوظيفة العمومية مع التطورات التي عرفتها اإلدارة ،ثم
غياب سياسة توقعية للموارد البشرية ،وإشكالية منظومة الترقي وتقييم أداء املوظفين ،باإلضافة إلى عدم عدالة منظومة األجور
(فائزة بلعسري ،2005 ،ص 70 :و.)71
كما نشير إلى أن التخليق باإلدارة العمومية املغربية ما زال بعيدا عن األهداف املسطرة ،وما زالت تعتريه ترسبات إدارية
كإشكال االنحراف ،ومظاهر الريع ،والفساد اإلداري ،وكل السلوكيات واملنحرفة واملخالفة للقيم األخالقية ،والتي ترتبط بهذه
الظواهر التي ال زالت تشكل عائقا في وجه استكمال بناء معالم دولة الحق والقانون وتستدعي طرح أسئلة كبرى على جميع
املتدخلين.
2-2ترسيخ آليات التخليق باإلدارة العمومية
إن التخليق الحقيقي والواقعي منبعه النزاهة ،وزجر املخالفين ،والتحفيز ،والتشجيع ،في أفق ترسيخ القيم األخالقية
باإلدارات العمومية عن طريق املقاربات التشاركية واإلشراك .وللتوضيح أكثر ،نورد أهم آليات التخليق التي يجب ترسيخها
لتنمية اإلدارة املغربية.
أ -املواطنة والتخليق
إن اإلدارة املغربية املواطنة ملزمة أن تكون عند حسن املواطن ،باالستماع إليه وتقبل انتقاداته وتساؤالته ،وأن تهيء له
األمكنة املالئمة واملناسبة ليكون اإلرشاد واالستقبال أرفع ما يكون ،مما سيمهد إلدارة خلوقة ومتخلقة ،تقوم بالواجب،
وتحافظ على الحق والقانون ،وعلى مبادئ العدالة والحرية ،كما أن اإلدارة املواطنة هي تحسيس ،وتعبئة ،وإلزام املوظف أو
املستخدم أو املسؤول بأن يقوم بالواجب وشعوره بتقديم خدمات جليلة وأكثر جودة إلى املواطن ،وهذا يدخل ضمن الشعور
بالحس الوطني ،ويؤدي إلى ترسيخ قيم األخالق ،وقيم املواطنة ،وقيم التخليق ،وقيم الخلق الحميد.
وتظل املواطنة بشكل من األشكال إحدى نقط االرتكاز القيمية ،لتجاوز النظرة التواكلية واالنتظار ،بل والسلبية التي قد
تطبع سلوك الشعب املغربي ،فمنذ اإلعالن عن مبادرة التنمية البشرية في خطاب 18ماي ،2005نجد امللك يجعل من بين
مرتكزات املبادرة "املواطنة الفاعلة والصادقة" ،ويلح في خطاب افتتاح الدورة التشريعية الرابعة للبرملان في أكتوبر 2005
(خطاب ملك املغرب بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الرابعة للبرملان ،يوم الجمعة 14أكتوبر ،)2005على ضرورة توعية كل
مغربي بأن مصيره يتوقف على مبادرته وإقدامه على العمل الجماعي ،وفي خطاب العرش بتاريخ 30يوليوز ( 2005خطاب
العرش الذي وجهه جاللة امللك محمد السادس إلى األمة بمدينة طنجة بتاريخ 30يوليوز ،)2005يلح كذلك على ترسيخ قيم
املواطنة املسؤولة ،باعتبارها الغاية والوسيلة للنهوض باألوراش الكبرى للبالد .وهكذا يؤكد أن املواطنة الكاملة التي ننشد لكافة
املغاربة ،بمرجعياتها الدينية ،والوطنية ،والتاريخية ،املتمثلة في اإلسالم ،وامللكية ،والوحدة الترابية ،والديمقراطية (،)...
10
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
وستبقى املواطنة الحقيقية ناقصة ،وصورية ،وهشة ،وغير مكتملة ،ما لم يتم توطيدها بمضمون اقتصادي واجتماعي (حسن
طارق ،2007 ،ص .)10
ولترسيخ وتخليق قيم املواطنة باإلدارة العمومية املغربية ،يجب أن تعمل الدولة جاهدة ما دامت هناك ضرائب ،وعدم
توفر فرص شغل بكثرة ،وتقلص الوظائف العمومية ،أن توفر للمواطن الصحة الجيدة ،والخدمات املمتازة ،والتعليم املجاني
والفعال وذو املردودية ،والعدالة النزيهة ،بعيدة عن الرشوة ،والزبونية ،واملحسوبية ،باإلضافة إلى توفير مالعب رياضية
للجميع ،وبيئة ثقافية رزينة ومواتية ،لكي يشعر املواطنون(ات) بأنهم يتمتعون باملواطنة وينعمون بالحياة الكريمة والسعادة
الدائمة.
وقد عمل املغرب خالل العقود األخيرة على ترسيخ األركان املتعلقة بدولة الحق والقانون ،والرفع من قيمة اإلنسان بحقوقه
كاملة دون نقصان ،من خالل التأسيس والبناء لدولة حديثة وعصرية ،وذلك بإدخال تعديالت جذرية على املنظومة التشريعية
والقانونية لكي تكون مالئمة ومنسجمة مع املواثيق واملعاهدات العاملية ،ومبادئ الشريعة اإلسالمية السمحة ،وكذا التحوالت
االقتصادية ،واالجتماعية ،والسياسية ،التي تعرفها البالد ،ثم إصدار مجموعة من الظهائر والنصوص القانونية ،وهي كما يلي
:ظهير 16يوليوز ( 1957الظهير الشريف رقم 1.00.01الصادر في 9ذي القعدة 15( 1420فبراير )2000الجريدة الرسمية
عدد ،4777بتاريخ 13مارس ،2000الصفحة 417بتنفيذ القانون رقم 98ـ 11املغير واملتمم بموجبه الظهير الشريف رقم
1.57.119الصادر في 18من ذي الحجة 16( 1376يوليوز )1957املتعلق بتأسيس الجمعيات) يهتم بالحريات العامة ،وظهير
15نونبر ( 1958الظهير الشريف رقم 1.02.206الصادر في 12من جمادى األولى 23( 1423يوليوز )2002الجريدة الرسمية
عدد 5046بتاريخ 10أكتوبر ،2002الصفحة 2892بتنفيذ القانون رقم 00ـ 75املغير واملتمم بموجبه الظهير الشريف رقم
1.58.376الصادر في 3جمادى األولى 15( 1378نونبر )1958املتعلق بالنقابات املهنية) الذي ينص على الحق في تأسيس
التجمعات العمومية والجمعيات وقانون الصحافة ،وظهير ( 1990/04/20الظهير الشريف رقم 1.90.12الصادر في 14من
رمضان 20( 1410أبريل )1990الجريدة الرسمية عدد 4044بتاريخ 2ماي ،1990الصفحة ،759املجلس االستشاري لحقوق
اإلنسان) الخاص باملجلس االستشاري لحقوق اإلنسان ،والقانون عدد 41/90الخاص بإحداث املحاكم اإلدارية (الجريدة
الرسمية عدد 18 ، 4227جمادى األولى 3( 1414نونبر )1993ص ،69 :قانون رقم 90ـ 41تحدث بموجبه املحاكم اإلدارية) ،ثم
دساتير اململكة لسنوات 1992و 1996و ،2011املتضمنون على الحقوق املتعارف عليها دوليا ،وإحداث املندوبية للوزارة
املكلفة بحقوق اإلنسان في أبريل ،1911مع اإلعالن عن املفهوم الجديد للسلطة سنة ،1999لتنمية التواصل بين اإلدارة
واملواطن والعمل على تحقيق مصالحة بين اإلدارة واملواطن ومحاربة البيروقراطية وتخليق املرفق العمومي وتعزيز ثقافة اإلدارة
املواطنة.
ب -املجتمع املدني والتخليق
يتمثل االلتزام العام للمجتمع املدني في تلقين أفراده قيم األخالق والشعور باملسؤولية ،وأيضا ،في رصده لالنحرافات
القانونية ومقاومتها بردود الفعل املناسبة ،ولكي يتمكن املجتمع املدني من الوفاء بهذا االلتزام ،يجب نشر الوعي بين أفراده عن
طريق تعميم التعليم والتوعية العامة ،وسلوك سياسة االنفتاح بمختلف أنواعه من طرف األجهزة اإلدارية حتى يتمكن من أداء
دوره على الوجه املطلوب (آمنة حطان ،2009-2008 ،ص .)259ويتطلب تخليق اإلدارة املغربية واملؤسسات العمومية ،تظافر
الجهود وإشراك الجميع ،بما فيهم املجتمع املدني ،واألحزاب السياسية ،والنقابات ،قصد محاربة كل األشكال املؤدية إلى
11
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
السلوكيات واالنحرافات التي تس يء وتمس الجهاز اإلداري املغربي ،ويتعلق األمر هنا بمحاربة الريع ،والرشوة ،والفساد،
واملحسوبية ،والتزوير ،وخيانة األمانة ،والحصول على منافع غير شرعية ،واستغالل السلطة والنفوذ ،واختالس ونهب املال
العمومي .فالكل يجب أن يلتزم ويحارب كل تلك اآلفات املشينة ،بالتعبئة ،والتوعية ،والتحسيس ،لتسود القيم األخالقية،
والسلوكات الحميدة ،واالستقامة ،عن طريق فئات املجتمع املدني الذي له دور محوري في تحديث وعصرنة وتأهيل املرافق
واملؤسسات واملنشآت العمومية .ويمكن أن نقول بأن املجتمع املدني يقوم بأدوار أساسية ،تتمثل في السهر على تعبئة
وتحسيس التجمعات والساكنة باملظاهر املنافية لألخالق داخل اإلدارة ،والقيام بدورات تكوينية وتأطيرية تهم األخالق وتحمل
املسؤولية ،ثم محاربة كل أشكال الفساد والرشوة ،وعدم السكوت عن انحرافات اإلدارة ،وضرورة فضحها واإلخبار عنها،
باإلضافة ضرورة إشراكه والتشاور معه في اتخاذ القرارات اإلدارية.
ج -األحزاب السياسية والتخليق
أصبح تخليق الحياة العامة من بين الركائز األساسية داخل املجتمع املغربي ،قصد النهوض بالديمقراطية الحداثية،
وتحقيق التنمية املستدامة والشاملة ،ومحاربة كل اإلشكاالت املؤدية إلى الفساد والرشوة والزبونية ،واألمر يزداد تعقيد عندما
تصبح هذه اآلفة داخل مؤسسات الدولة بما فيها العدالة والصحة والتعليم واإلعالم واألحزاب السياسية (هناك العديد من
التعاريف التي أعطيت للحزب السياس ي ،ويمكن اإلشارة إلى تعريفين أساسين باعتبارهما األكثر تداوال بين علماء السياسة :
األول تعريف ؛ واسع يعود ملاكس فيبر الذي عرف األحزاب السياسية بكونها "جمعيات تقوم على التزام بالشكليات ،هدفها
هو مد مناضليها النشيطين بحظوظ مثلى أو مادية ملتابعة أهداف موضوعية أو الحصول على امتيازات شخصية أو تحقيق
االثنين معا" .والتعريف الثاني :تعريف ضيق لكنه أكثر دقة من سابقه وهو يعود لـ البالومبارا وفينر ،في مؤلفهما الشهير
األحزاب والتنمية السياسية ،ويركز هذا التعريف على أربعة شروط حتى يمكن القول بوجود حزب سياس ي وهي .1 :تنظيم دائم
ومستمر .2 ،تنظيم محلي وطيد ،يقيم صالت منتظمة ومتنوعة على املستوى املحلي والوطني .3 ،إرادة واعية للقادة الوطنيين
واملحليين ملمارسة السلطة لوحدهم أو مع الغير .4 ،البحث عن دعم شعبي من خالل االنتخابات أو بطرق أخرى .جان ماري
دانكان؛ علم السياسة ،ترجمة محمد عرب صاصيال ،املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيروت ،الطبعة الثانية،
سنة ،1995ص ،)212مما يستوجب ضرورة التوعية والتحسيس بالتخليق داخل األجهزة اإلدارية ،وباحترام القانون ،والحق،
واملشاركة الفعلية للجميع ،لكي تسود الشفافية ،والنزاهة ،والترشيد ،وتشجيع االستثمار ،والتنافسية ،والشفافية ،وتحقيق
التنمية الشاملة.
لقد أصبح التخليق داخل اإلدارة حاليا ،ركيزة أساسية للبالد واألحزاب السياسية إلسهامه في تنظيم املواطنين في الحياة
العامة وتأهيل نخب قادرة على تحمل املسؤوليات العمومية وتنشيط الحقل السياس ي (راجع املادة 2من القانون رقم 36.04
املتعلق باألحزاب السياسية ،جريدة رسمية عدد ،5397بتاريخ 20فبراير ،)2006وإذا أعطت الدساتير املغربية مكانة أساسية
ومهمة لألحزاب السياسية ،ونصت في الدستور األخير على املهام املنوطة بها كمدرسة تعليمية تقوم بدور التربية والتأطير
والتحسيس والتعبئة والتكوين وترسيخ قيم األخالق واملواطنة ،فقد أصبح مطلوب وبكل إلحاح من األحزاب بعدما وصلنا في
مسارنا الديمقراطي إلى مرحلة املشاركة في ممارسة السلطة انتهاج مبادئ الحكامة (أصبح األمر يقتض ي من األحزاب اعتماد مبادئ
الحكامة في تدبيرها اليومي وفي انتخاب أجهزتها الوطنية والجهوية واملحلية ،وفي تصريف االختالف داخلها واقتران املسؤوليات فيها بناء
على عناصر االنتخاب والتعاقد التي تفسح املجال للتقييم واملحاسبة) حتى تكون مؤهلة كفاية ألداء الوظائف الجديدة التي باتت
12
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
مطلوبة منها ،خاصة إذا علمنا أنه ال يمكن إسناد هذه الوظيفة ألية جهة أو منظمة أخرى غير األحزاب السياسية ،لرفع
مستوى التحدي والرهان املطروح عليها.
إن األحزاب السياسية ملزمة اليوم بجعل التخليق داخل مؤسسات الدولة من بين املنابع الرفيعة واملهمة لترسيخ قيم
الوطن ،والوطنية ،واملواطنة ،والحداثة ،والديمقراطية ،ومدعوة بكل روح وطنية للقيام بأدوارها ومهامها في ترسيخ
الديمقراطية والحداثة الفعلية ،واملصالحة بينها وبين املواطن ،وتأطيره وتكوينه ودعمه لإلشراك في تدبير الشؤون العامة،
وتأهيل وتنمية املشاريع االجتماعية والسياسية واالقتصادية ،وتقديم األطر والنخب الكفؤة لتقلد املسؤوليات داخل
مؤسسات الدولة واألجهزة اإلدارية ،من أجل النهوض بترسيخ القيم األخالقية ،والقضاء على مظاهر الفساد والريع ،والفقر،
والتهميش ،والبطالة.
د -سياسة القرب وتبسيط املساطرواإلجراءات اإلدارية
إن تقريب اإلدارة من املواطنين يعتبر عمال دؤوبا وشموليا ،عبر تبني استراتيجية لالنفتاح على محيطها ،وهذا لن يتأتى إال
من خالل مجهودات متواصلة لتطوير اإلدارة وتحديثها ،ليس فقط عبر تحسين مناهجها وطرق عملها ،بل أيضا على مستوى
إدماج املرافق العمومية في وسطها االجتماعي ،والرفع من قدراتها على إعالم مواطنيها وإقناعهم بجدوى املشاركة في مختلف
قراراته ،وإقامة توافق حولها (محمد الزاهي ،2015/2014 ،ص ،)236ومنذ عقود واملغرب يعمل جاهدا على بناء دولة الحق
والقانون ،وهذا رهين بأن تكون اإلدارة العمومية خدومة للمواطن واملقاولة ،باعتبار أن املغرب مجبر أن يتحدى الرهانات
الداخلية والعاملية ،فيما يخص امليادين االقتصادية ،واالجتماعية ،والسياسية ،قصد جلب االستثمارات ،واالرتكاز بالدرجة
األولى على املقاولة باعتبارها عنصرا حيويا وفاعال أساسيا في خدمة االقتصاد الوطني ،لكن بشرط أن تكون األرضية مواتية لها
عن طريق تبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية داخل الجهاز اإلداري املغربي (هناك منشور الوزير األول عدد 99/31الصادر في
23نونبر 1999حول تبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية ،كما نشير إلى أن مجلس النواب صادق في جلسته العمومية
املنعقدة بتاريخ 14يناير ،2020وباإلجماع على مشروع قان ــون رقم 55/19يتعلــق بتبسيـط املساطر واإلجراءات القانونية الذي
أعدته وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة ووزارة الداخلية ،والذي يهدف إلى وضع املبادئ العامة واألس ــس املنظمة للمساطر
واإلجراءات اإلدارية املتعلقة بالخدمات املقدمة للمرتفقين ،وبالتالي تحسين جودة الخدمات املقدمة للمرتفقـين عموما،
واملستثمرين على وجه الخصوص) ،لتكون العالقة بين اإلدارة واملرتفقين مبنية على الثقة ،والنزاهة ،والشفافية ،وروح املبادرة،
ألن تبسيط املساطر اإلدارية يعتبر أحد الرهانات واألولويات في تقريب وعصرنة اإلدارة ،كما يأخذ أهمية أولى وطنية إلدخال
التعديالت لنصل إلى إدارة فعالة تساهم في تحسين مناخ األعمال واالستثمار.
وتكمن أهمية تبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية في الوصول إلى الدقة والفعالية واملرونة في الجهاز اإلداري ،والتحكم
والضبط في تعامل اإلدارة مع املرتفقين ،وحماية حريات وحقوق األفراد ضد أي تالعب ،ثم إضفاء الشرعية والعقالنية على
القرارات املتخذة.
وهذا ما أكده ملك املغرب بقوله" :إن هدف اإلجراءات العمومية ،التسهيل والتيسير ،وليس التعقيد والتعسير ،وهو منهاج
لترسيخ روح االستقامة ،والوضوح ،والشفافية ،والتعجيل في إيصال النفع للناس ،لذلك أمرنا بتبسيط اإلجراءات ،وتحيين
النصوص اإلدارية ،وتحديث وسائل التدبير ،والعمل على التوقيع املستمر بين املقتضيات اإلدارية وروح العصر التي طبعت
13
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
اليوم كل العالقات البشرية" (الرسالة امللكية املوجهة إلى أشغال الندوة الوطنية لتخليق املرفق العام بتاريخ 29و 30أكتوبر
1999املنعقد بمدينة الرباط ،من تنظيم وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح).
فكيف ساهمت آليات التخليق في انفتاح اإلدارة العمومية على املرتفقين وفي خدمتهم ؟
املحورالثالث " :التخليق و انفتاح اإلدارة العمومية على املرتفقين "
لقد انخرط املغرب منذ سنوات في بناء الدولة الديمقراطية ،وكانت املرافق العمومية هدفا للمطالب االجتماعية ،من
مختلف حركات املجتمع املدني ،كما يجد صدى له في مختلف املنشورات ،والتصريحات ،وتحاليل املنظمات الدولية املهتمة
بهذه القضايا.
-1محاربة الفساد ومقومات اإلصالح
إن رفض "الفساد" بجميع أشكاله ،من الرشوة ،والزبونية ،وتضارب املصالح ،واالمتيازات ،وغياب العدل ،ورفض كل
أشكال الشطط في استعمال السلطة ،وتبديد األموال العامة ،يسير في نفس االتجاه مع النهوض بثقافة الشفافية ،واملسؤولية،
وتقديم الحساب ،ومع إدارة املواطن لالنخراط في الحياة العامة ،والتمتع بشكل كامل بحقوقه املدنية والسياسية واالقتصادية
(املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،2013 ،ص .)34وقدنهج املغرب تبعا لذلك سياسة تحسين استقبال املواطنات
واملواطنين ،وكذا إعادة االعتبار والثقة بين اإلدارة واملرتفقين ،لتكون بذلك اإلدارة العمومية املغربية قد اتجهت نحو اتباع
مناهج ،وبرامج ،وسلوكات االنفتاح اتجاه املرتفقين ،والتعاطي مع أسئلتهم ،واستفساراتهم ،ومشاكلهم ،بهدف أن يكون
األسلوب املتبع من طرفها مرن ،وسلس ،ويتشبع بروح املواطنة الحقة ،واملتجذرة في التاريخ العميق للمغرب املبني على روح
التماسك والتضامن والتعاون.
وحسب املادة 156من دستور اململكة التي تنص على أن املرافق العمومية "تتلقى مالحظات مرتفقيها ،واقتراحاتهم وتظلماتهم،
وتؤمن تتبعها" ،فقد صدرت وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري ،تصورا ملشروع جديد يتعلق بانفتاح اإلدارة على املرتفقين،
وقد تجسد هذا التصور في ميثاق االنفتاح الذي يتضمن عشرة التزامات اتجاه املرتفقين ،والتي تهتم بالجودة واالنفتاح واالستقبال
والتعامل الجاد والجيد مع املواطن ،ملواجهة االنغالق ،وضعف في التدبير والتسيير اإلداري ،وغياب الحكامة اإلدارية التي تحول
دون تحقيق الخدمة العمومية في أحسن وأجود الظروف.
وكما هو معلوم ،تعيش اإلدارة تحديات مهمة ،مما يتطلب اتخاذ سياسة جريئة وبناءة للتخلص من الرواسب والسلوكات
التقليدية ،واالنخراط في عملية اإلصالح ،بهدف تحديث وتحسين الحكامة العمومية ،كما تم التعبير عن ذلك بوضوح على أعلى
مستويات الدولة ،وتندرج إرادة اإلصالح هذه ،في سياق وطني وأيضا دولي ،يتسم بالتفكير العميق حول السياسات العمومية،
وبالتالي حول إعادة تحديد مهام اإلدارة على ضوء الدور الجديد للدولة ،وتقوية عدم التركيز اإلداري ،وتبسيط املساطر
اإلدارية ،وتحديث الوظيفة العمومية وتدبير املوارد البشرية لإلدارة ،والنهوض بالحكومة االلكترونية ،وتحديث نظام ميزانية
الدولة باالستفادة من عملية إصالح مهمة تتمحور حول النتائج واإلداء (املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،2013 ،ص
.)41
-2انفتاح اإلدارة واملر افق العمومية لخدمة املواطن
يسارع املسؤولون الحاليون الزمن إلدخال إصالحات وآليات تساهم في تطوير اإلدارة على التواصل مع املواطن ،تماشيا مع
روح العصر الذي يتطلب االنفتاح ،والحوار ،والتشارك ،واملشاركة ،مع الجميع ،وكذا بإدخال أساليب جديدة وعصرية في
14
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
االستقبال ،والحوار ،واالنفتاح ،لتمكين أكبر عدد من املواطنين (ات) من االستفادة من الخدمات العمومية بشكل شفاف،
ونزيه ،وديمقراطي ،بعيدا عن الزبونية ،واملحسوبية ،والرشوة .وقد نص الفصل 27من دستور سنة 2011في هذا اإلطار ،على
الحقوق املشروعة للمرتفقين للحصول على املعلومات وهي حقوق أساسية ومهمة ،لكن يجب اعتماد تدابير قانونية فعالة
لتكون على أرض الواقع ،ومن تم الوصول إلى إدارة منفتحة وغير معقدة ومتمتعة بالشجاعة والكفاءة ،وأيضا ،هناك أمور
يجب على اإلدارة اتباعها لتكون لها قدرة سياسية إدارية منفتحة على املجتمع املدني واألحزاب السياسية والنقابات والنساء
والرجال والصغار والكبار ،منها إعادة االعتبار إلى القيم األخ ــالقية ،والسل ــوك األخ ــالقي ،وتـرسيخ قي ــم املــواطنة الخالقة
واملبدعة ،عن طريق تدبير عمومي شفاف وناجع وذو مردودية عالية وممتازة.
وإن تحسين العالقة بين اإلدارة واملواطنين واملقاوالت ،هو الشرط الضروري لخلق بيئة مناسبة لالستثمار والنمو ،كما
يشكل جزءا أساسيا من التوجهات االستراتيجية التي حددها ميثاق حسن التدبير ،والتي تسمح بضمان مستوى أكثر توافقا
لتطبيق جيد ملبدأ القرب (عبد العزيز أشرقي ،2009 ،ص .)198وانفتاح اإلدارة واملنشآت واملرافق العمومية لن يكون بدون
وجود عنصر بشري متمكن ،ومتمرس ،ومكون قادر على روح التحدي اآلني والعصري واملستقبلي ،بتطوير وعقلنة الجهاز
اإلداري امللبي لحاجيات ومتطلبات املرتفق عن طريق التشارك ،واملشاركة ،واالنفتاح.
فلو أمعنا النظر جليا في السلطة والجهاز اإلداري ،لوجدنا أنهما يشكالن أكبر جزء من املشاكل التي يواجهها املواطنون،
والدليل على ذلك ،هو الشعور بالغربة واالبتعاد الذي يحس به الكثير من املواطنين اتجاه تلك اإلدارات ،والشعور كذلك بعدم
الثقة ووجود العواقب الخانقة التي يفرضها السلوك البيروقراطي (ياسر العدوان ،1987 ،ص ،)21كما نالحظ أن هناك بعض
املسؤولين باإلدارة العمومية ال زالوا يمارسون التسلط واستعمال السلطة اتجاه املرتفقين عوض أن يكونوا منفتحين ويأخذوا
الحاجيات والخدمات املتعلقة باملواطن فوق كل اعتبار .وتدفعنا هذه األفعال إلى القول إن الدستور الجديد لسنة ،2011
ينص على خروج مؤسسة الوسيط للدفاع عن الحقوق ،والحريات ،ورفع الشكايات ،والتظلمات ضد اإلدارة ،مما سيؤدي إلى
التصالح بين اإلدارة واملواطن ،وتفعيل املفهوم الجديد للسلطة ،طبقا ملبدأ القانون ،واإلنصاف ،والشفافية ،والنزاهة،
واملصلحة العامة.
خاتمة
نستخلص من كل ما تم التطرق إليه في محاور هذه املقالة ،أن املرافق العمومية تمثل هوية املجتمع ومعيار رقيه أو تأخره،
حتى باتت التعبير القانوني لفلسفة سياسة الدولة ،واملرتكز األساس ي في تحديثها ،فهي العمود الفقري للدولة الديمقراطية،
وأداة لتطبيق استراتيجية التنمية ،وتنفيذ البرامج الحكومية ،لذلك ،نشهد بصوابية العالقة بين املرفق العمومي واملجتمع،
واملعبر عنها بكون كل تخليق في املرافق العمومية هو تخليق في املجتمع نفسه ،ولهذا أولى الدستور املغربي الجديد أهمية خاصة
ملبادئ الحكامة الجيدة في تنظيم املرافق العمومية على أساس املساواة بين املواطنات واملواطنين في الولوج إليها ،واإلنصاف في
تغطية التراب الوطني واالستمرارية في أداء الخدمات.
ونشير إلى أن تخليق الحياة السياسية والعامة ،وإصالح املرافق واإلدارات العمومية ،وعقلية اإلنسانة واإلنسان ،واملسؤولة
واملسؤول ،واملوظفة واملوظف ،لن يتأتى إال مع وجود إرادة سياسية حقيقية وتظاهر كل الفاعلين في التدبير ،ثم تأهيل العنصر
البشري ،باإلضافة إلى استعمال آليات التحفيز ،واملحاسبة ،والعقاب ،وتعميم اإلدارة االلكترونية لتسهيل الولوج إلى املعلومة،
واستغالل التكنولوجيا ملحاربة الرشوة والشطط في استعمال السلطة ،وإدراج التربية على التخليق في املناهج الدراسية،
15
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
وتنظيم حمالت للتوعية والتحسيس تنشر مبادئ األخالق وقيم السلوك الحسن ،مما سيؤدي إلى ثورة إدارية فعالة ،وناجعة،
وفعالة ،ورقي في التدبير اإلداري إلى مكانة متميزة ،مما يجعل عجلة االقتصاد والسياسة تخطو نحو تنمية شاملة ومندمجة تعم
أرجاء البالد جميعها.
16
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
❖ فائزة بلعسري" ،دور والي املظالم في صيانة الحقوق وتطوير اإلدارة" ،ديوان املظالم ،مجلة متخصصة نصف سنوية،
اإلدارة املواطنة واملبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،العدد الثالث ،دجنبر .2005
❖ حسن طارق" ،امللكية واإلصالح مالحظات أولية" ،مجلة فكر ونقد ،العدد ،87مارس سنة .2007
❖ ياسر العدوان" ،دور اإلدارة في تحديد نمط عالقتها مع املواطنين وأثرها على االستجابة اإلدارية" ،مجلة الشؤون اإلدارية،
العدد السابع ،سنة .1987
❖ حزب البعث العربي االشتراكي ،القيادة القومية ،مكتب الثقافة واإلعداد الحزبي" ،املواطنة والسيادة الوطنية" ،سلسلة
الدراسات ،عدد .65
❖ الندوة الوطنية املنظمة من طرف وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري ،تحت الرعاية السامية لصاحب الجاللة
محمد السادس حول موضوع "دعم األخالقيات باملرفق العام" ،املنعقدة بالرباط وذلك يومي الجمعة والسبت 29و 30أكتوبر
.1999
❖ تقرير املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي" ،حكامة املرافق العمومية" ،املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي،
إحالة ذاتية رقم ،13سنة .2013
❖ تقرير الهيئة املركزية للوقاية من الرشوة إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها سنة .2013-2012
❖ القانون رقم 25ـ 92بتاريخ 7دجنبر 1992املنفذ بظهير رقم 1.92.143املؤرخ في 12جمادى الثاني.1413
❖ الرسالة امللكية املوجهة إلى أشغال الندوة الوطنية لتخليق املرفق العام بتاريخ 29و 30أكتوبر 1999املنعقد بمدينة
الرباط ،من تنظيم وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح.
❖ خطاب ملك املغرب بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الرابعة للبرملان وذلك يوم الجمعة 14أكتوبر .2005
❖ خطاب العرش الذي وجهه جاللة امللك محمد السادس إلى األمة بمدينة طنجة بتاريخ 30يوليوز .2005
❖ تقرير مجموعة العمل بشأن دور الرقابة في التخليق وتوصياتها ،اإلصالح اإلداري باملغرب على ضوء التجارب األجنبية،
منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،سلسلة ،نصوص ووثائق ،العدد ،195 :الطبعة األولى.2008 ،
❖ ظهير شريف رقم 1.00.01صادر في 9ذي القعدة 15( 1420فبراير )2000الجريدة الرسمية عدد 4777بتاريخ 13مارس
2000بتنفيذ القانون رقم 98ـ 11املغير واملتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.57.119الصادر في 18من ذي الحجة 1376
( 16يوليوز .)1957
❖ ظهير شريف رقم 1.02.206صادر في 12من جمادى األولى 23( 1423يوليوز )2002الجريدة الرسمية عدد 5046بتاريخ
10أكتوبر 2002بتنفيذ القانون رقم 00ـ 75املغير واملتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.58.376الصادر في 3جمادى األولى
15( 1378نونبر .)1958
❖ ظهير شريف رقم 1.90.12صادر في 14من رمضان 20( 1410أبريل )1990الجريدة الرسمية عدد 4044بتاريخ 2ماي
.1990
❖ القانون رقم 54.06بإحداث التصريح اإلجباري لبعض منتخبي املجالس املحلية والغرف املهنية وبعض فئات املوظفين أو األعوان
العموميين بممتلكاتهم ،الجريدة الرسمية رقم 5679الصادر يوم االثنين 3نونبر .2008
❖ القانون رقم 36.04املتعلق باألحزاب السياسية ،جريدة رسمية عدد 5397 :بتاريخ 20فبراير .2006
17
املجلد ،..العدد 2022 ،.. ISSN: 2701-9233
❖ منشور الوزير األول عدد 99/31الصادر في 23نونبر 1999حول تبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية.
❖ مشروع قانون رقم 55/19الذي أعدته وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة ووزارة الداخلية وتمت املصادقة عليه
بتاريخ 14يناير ،2020يتعلـق بتبسيط املساطر واإلجراءات القانونية.
❖ الجريدة الرسمية عدد 4227ـ 18جمادى األولى 3( 1414نونبر )1993ص ،69 :قانون رقم 90ـ 41تحدث بموجبه
محاكم إدارية.
❖ الجريدة الرسمية تحت عدد 5679بتاريخ 03نونبر .2008
❖ Emmanuel OKomba, « la gouvernance une affaire de société, analyse mythivmétrique de la
performance », (l’harmattan 201).
18