(مستمرون) خطبة الجمعة الأولى من شهر جماد الأول 1445هـ - ١٠٢٤٠١

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫وزارة اإلرشاد وشؤون الحج والعمرة‬

‫قطاع اإلرشاد‬
‫اإلدارة العامة للخطباء والمرشدين‬

‫الرقم‬ ‫التاريخ‬ ‫العنوان‬


‫(‪)18‬‬ ‫‪1445/5/4‬هـ ‪2023/11/17‬م‬ ‫(مستمرون في نصرة القضية الفلسطينية)‬
‫الخطبة األولى‬
‫ــولُه‬ ‫س ْ‬ ‫ور ُ‬ ‫أن سي َدنا ُم َح امــداً عب ُدهُ َ‬ ‫الحق ال ُمبين‪ ،‬وأش َه ُد ا‬ ‫ُّ‬ ‫ب العالمين‪ ،‬وأَش َه ُد أن ََل إلهَ اإَل هللا الملكُ‬ ‫الحم ُد هلل َر ِّ‬
‫صليْتَ‬‫ا‬ ‫ص ِّل على ُم َح امــ ٍد وعلى آل ُم َح امــدٍ‪ ،‬وبار ْك على ُم َح امــ ٍد وعلى آل ُم َح امــدٍ‪ ،‬كما َ‬ ‫ِّ‬
‫خات ُم النبيين‪ ،‬اللهم َ‬
‫ص َحابه األخيار‬ ‫ضاك عن أَ ْ‬ ‫وارض اللا ُهم بر َ‬ ‫َ‬ ‫إبراهيم إنك حمي ٌد مجيدٌ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫إبراهيم وعلى آل‬ ‫َ‬ ‫وبار ْكتَ على‬ ‫َ‬
‫المنتجبين‪ ،‬وعن سائر ع َبادك الصالحين والمجاهدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ /‬أيها اإلخوة المؤمنون‪:‬‬
‫ير‬‫َّللا َخبِ ٌ‬ ‫س َما قَ َّد َمتْ ِلغَ ٍد َواتَّقُوا َّ‬
‫َّللاَ إِ َّن َّ َ‬ ‫ظ ْر نَ ْف ٌ‬
‫َّللا َو ْلتَ ْن ُ‬ ‫يقول هللا سبحانه وتعالى‪{:‬يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آَ َمنُوا اتَّقُوا َّ َ‬
‫ون}‪.‬هذه اآلية المباركة هي جرس تنبيه لنا نحن الذين نعيش في غمرة الغفلة عن المستقبل‬ ‫ِب َما تَ ْع َملُ َ‬
‫األخروي األبدي الذي يتحدد فيه مصيرنا؛ فيكون اإلنسان إما من أهل الجنة أو من أهل النار وَل مصير‬
‫ثالث بينهما‪ ،‬وإذا لم نسلك طريق الجنة فالبديل هو الضياع والشقاء في الدنيا والعذاب األليم في اآلخرة‪،‬‬
‫ّللا) فهو يوحي لنا بأن األمر في أقصى درجات‬ ‫وعندما يُص ِّدر هللا هذه اآلية المباركة بقوله‪( :‬اتاقُوا ا َ‬
‫األهمية؛ فيجب أن نتقي هللا في اَللتزام بهذا التوجيه اإللهي المهم‪ ،‬ولنفهم أيضا ً بأن مخالفة هذا التوجيه‬
‫يترتب عليها سوء المصير والعياذ باهلل‪.‬‬
‫عباد هللا‪:‬‬
‫إن الكثير منا يرسم لنفسه طريقا ً سهلة إلى الجنة‪ ،‬ويجتزئ من الدين ما هو سه ٌل تطبيقه‪ ،‬ويبتعد ع ِّما يرى‬ ‫ِّ‬
‫فيه مشقة عليه‪ ،‬بينما هللا أنزل إلينا الدين كامالً فلن يقبله منا إَل كامالً‪ ،‬ولنا في رسول هللا محمد صلى هللا‬
‫عليه وعلى آله وسلم أسوة حسنة؛ فقد كان يتحرك كعب ٍد هلل سبحانه وتعالى في كل ما يأمره هللا به‪ ،‬فكان‬
‫العابد األول‪ ،‬وكان المجاهد األول‪ ،‬وكان اآلمر بالمعروف والناهي عن المنكر‪ ،‬وكان الحريص على‬
‫علَ ْي ُك ْم‬ ‫يص َ‬ ‫علَ ْي ِه َما َ‬
‫عنِتُّ ْم َح ِر ٌ‬ ‫يز َ‬ ‫هداية الناس‪ ،‬والذي يشق عليه معاناتهم كما قال هللا جل شأنه‪(:‬ع َِز ٌ‬
‫وف َر ِحي ٌم)‪.‬‬
‫ين َر ُء ٌ‬ ‫ِبا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬
‫وقد ربِّى األمة على أن تكون جس ًدا واح ًدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر وال ُح ِّمى‪،‬‬
‫تفرقت تحت عناوين متعددة فأصبح الكثير من المسلمين َل يستشعرون‬ ‫ولكن األمة اليوم ‪ -‬أيها اإلخوة ‪ -‬قد ِّ‬
‫مسؤوليتهم تجاه بعضهم البعض‪ ،‬وَل يقفون مع الشعب الفلسطيني المظلوم‪ ،‬بينما يأتي أعداء هذه األمة‬
‫ويتفردوا بمن شاؤوا؛ فيرتكبون الجرائم الفظيعة بحق هذه‬ ‫ِّ‬ ‫من اليهود والنصارى ليعززوا هذا التفرق‬
‫األمة‪ ،‬ويتوحدون ضدنا‪ ،‬ويقفون مع كيان اَلحتالل الظالم والمجرم‪ ،‬وهم من قد ألقى هللا بينهم العداوة‬
‫ظلما ً‪ .‬فأين‬ ‫والبغضاء‪ ،‬بينما الكثير من أبناء اإلسالم َل يهمه ما يحصل وَل يبالي بتلك الدماء المسفوكة ُ‬
‫هؤَلء من الحديث المشهور عن رسول هللا صلى هللا عليه وعلى آله وسلم‪( :‬من أصبح َل يهتم بأمر‬
‫المسلمين فليس من المسلمين‪ ،‬ومن سمع مناديا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس من المسلمين)‪ ،‬وَل قيمة‬
‫ألي طقوس عبادية نؤديها ونحن َل نستشعر مسؤوليتنا أمام هللا‪ ،‬وَل نوالي أولياءه وَل نعادي أعداءه‪.‬‬
‫أيها المؤمنون‪:‬‬
‫إن ما يحصل في هذه األيام من إجرام وطغيان يهودي بحق المظلومين في فلسطين‪ ،‬وما نشاهده جميعا ً‬ ‫ِّ‬
‫من مجازر فظيعة بحق األطفال والنساء التي وصلت إلى حد اَلستهداف للمستشفيات التي يأوي إليها‬
‫هؤَلء هربًا من جحيم الغارات اإلسرائيلية؛ يستدعي منا أن نعمل كلِّما بإمكاننا أن نعمله مما يرفع المؤاخذة‬
‫بأن كلما‬ ‫اإللهية والحرج علينا أمام هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬واليهود والنصارى بذلك يشهدون على أنفسهم ِّ‬
‫‪-1-‬‬
‫صادر عن اإلدارة العامة للخطباء والمرشدين بديوان عام الوزارة‬
‫قاله القرآن الكريم عنهم له شواهده الكثيرة من واقعهم‪ ،‬ولكننا ‪ -‬أيها اإلخوة ‪ -‬عندما ابتعدنا عن القرآن‬
‫الكريم تم ِّك ن األعداء من إذَلل هذه األمة وقهرها‪ ،‬على الرغم من التجارب المريرة التي خاضتها هذه‬
‫وتمر علينا خصوصا نحن أمة محمد صلوات هللا عليه‬ ‫ِّ‬ ‫مرت‬ ‫األمة معهم‪ ،‬وما أكثر العبر والدروس التي ِّ‬
‫سطره القرآن‬ ‫وعلى آله؛ ألننا آخر األمم وأمامنا رصيد هائل من األحداث والدروس والعبر‪ ،‬سواء ما ِّ‬
‫الكريم‪ ،‬أو ما نعايشه في زماننا هذا؛ فمن العجيب أن تضل أمةٌ بين يديها هذا الرصيد العظيم‪ ،‬ومن‬
‫أن هذه األمة تتعرض لضربات متتابعة من قبَل أعدائها دون أن تستفيق وتعود إلى القرآن الكريم‬ ‫العجيب ِّ‬
‫الذي فيه الحل والمخرج لها تحت راية األعالم الحقيقيين الذين يهتدون ويهدون بالقرآن‪ ،‬وَل أد ِّل على‬
‫وضع األمة المؤسف مما نشاهده من ذل وهوان تحت أقدام من ضرب هللا عليهم الذلة والمسكنة‪.‬‬
‫أيها اإلخوة المؤمنون‪:‬‬
‫أليس من الذل والهوان أن يتداعى زعماء الغرب الكافر إلى كيان العدو اإلسرائيلي معلنين تضامنهم‬
‫ومساندتهم لهذا الكيان المجرم الظالم بينما الكثير من زعماء هذه األمة َل يجرؤون حتى على إعالن‬
‫التضامن مع المظلومين في فلسطين؟! وقد شاهدتم القمة المخزية لقادة سبع وخمسين دولة عربية‬
‫وإسالمية‪ ،‬وشاهدتم حال البعض ممن بلغ به النفاق إلى اإلساءة للمجاهدين في غزة الذين يخوضون‬
‫سودت وجه العدو اإلسرائيلي‪ ،‬وأظهرت هشاشته وضعفه‪ ،‬وقمعت كبرياءه وجبروته‪.‬‬ ‫معركة ِّ‬
‫شخص واحد‪ ،‬وليس‬ ‫ٍ‬ ‫وقد خرجوا ببيان ضعيف وهزيل كان يمكن أن يصدر من مدرسة ابتدائية أو من‬
‫أن زعماء‬ ‫سخ َر منه العدو اإلسرائيلي‪ ،‬وفهموا منه ِّ‬ ‫من سبع وخمسين دولة بثقلها وإمكانياتها‪ ،‬وهذا البيان َ‬
‫العرب والمسلمين يراعونه‪ ،‬ويكبلون األمة حتى َل تتخذ أي إجراء عملي أو تقف موقفًا حاز ًما ولو بالحد‬
‫األدنى‪ .‬وبعض الدول العربية لم تكتف بالتخاذل بل لها تواطؤ تحت الطاولة مع األمريكي ليفعل العدو‬
‫اإلسرائيلي ما يريد في غزة‪ ،‬وها هو النظام السعودي يعلن عن موسم الرقص والمجون في الرياض بينما‬
‫تتعرض غزة للجرائم الرهيبة‪ ،‬وتعيش المأساة الكبيرة‪ ،‬وابتعدوا بذلك عن كل القيم اإليمانية واإلنسانية‬
‫واألعراف القبلية‪.‬‬
‫إخوة اإليمان‪:‬‬
‫والتعريف الكامل بخطورتهم على هذه األمة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫التوصيف الكامل لليهود والنصارى‪،‬‬ ‫َ‬ ‫إن القرآن الكريم قد قدِّم‬ ‫ِّ‬
‫أن هذا القرآن هو كتابٌ لألمة إلى آخر أيام الدنيا‪ِّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫وق ِّدمهم بأنهم األعداء الرئيسيون لها‪ ،‬وهذا يشهد ب ِّ‬
‫الذي أنزله هو هللا الذي يعلم السر في السماوات واألرض‪ ،‬ويعلم ما ستواجهه هذه األمة في مستقبلها‪،‬‬
‫اق َوفِي‬ ‫سنُ ِري ِه ْم آيَاتِنَا فِي ْاْلفَ ِ‬ ‫وأنه لم يأت الواقع متخلفا ً عما أورده القرآن الكريم‪ ،‬قال هللا جل شأنه‪َ ( :‬‬
‫ش ْي ٍء ش َِهيدٌ)‪ .‬وعندما نعود إلى القرآن‬ ‫علَى ك ُِل َ‬ ‫ف ِب َر ِبكَ أَنَّهُ َ‬ ‫ق أَ َولَ ْم يَ ْك ِ‬
‫س ِه ْم َحتَّى يَتَبَ َّي َن لَ ُه ْم أَنَّهُ ا ْل َح ُّ‬ ‫أَ ْنفُ ِ‬
‫الكريم فإننا نجده يحمل اإلدانة الكاملة لليهود الذين طالما حاولوا تقديم أنفسهم أمام العالم بصورة مغايرة‬
‫لحقيقتهم‪ ،‬وإذا بمصاديق اآليات القرآنية التي تحدثت عنهم تتجلى في الواقع بشكل عجيب؛ ألن معنى آيات‬
‫هي‪ :‬أعالم على حقائق‪ :‬حقائق من الهدى‪ ،‬وحقائق من واقع الحياة‪ ،‬وحقائق من مستقبل الغيب‪ ،‬فما‬
‫شاهدناه وشاهده العالَم من إجرام ودموية اليهود خصوصا ً في هذه األيام هو مصداق لقول هللا سبحانه‬
‫ِين أَش َْركُوا) وقوله تعالى‪{ :‬يَاأَ ُّي َها‬ ‫ِين آ َمنُوا ا ْليَ ُهو َد َوالَّذ َ‬ ‫َاوةً ِللَّذ َ‬‫عد َ‬ ‫اس َ‬ ‫ش َّد النَّ ِ‬ ‫وتعالى عن اليهود‪( :‬لَتَ ِجدَنَّ أَ َ‬
‫ضا ُء ِم ْن أَ ْف َوا ِه ِه ْم َو َما‬
‫ت ا ْلبَ ْغ َ‬‫عنِتُّ ْم قَ ْد بَ َد ِ‬
‫اَل َودُّوا َما َ‬ ‫طانَةً ِم ْن دُونِ ُك ْم ََل يَأْلُونَ ُك ْم َخبَ ً‬ ‫ِين آ َمنُوا ََل تَتَّ ِخذُوا بِ َ‬ ‫الَّذ َ‬
‫وَل ِء ت ُ ِحبُّونَ ُه ْم َو ََل يُ ِحبُّونَ ُك ْم َوت ُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون‬ ‫ون ‪َ .‬هاأَ ْنت ُ ْم أ ُ َ‬
‫ت إِ ْن ُك ْنت ُ ْم تَ ْع ِقلُ َ‬ ‫ُورهُ ْم أَ ْكبَ ُر قَ ْد بَيَّنَّا لَ ُك ُم ْاْليَا ِ‬
‫صد ُ‬ ‫ت ُ ْخ ِفي ُ‬
‫علَ ْي ُك ُم ْاألَنَا ِم َل ِم َن ا ْلغَي ِْظ قُ ْل ُموتُوا ِبغَي ِْظ ُك ْم ِإنَّ َّ َ‬
‫َّللا‬ ‫عضُّوا َ‬ ‫ب ك ُِل ِه َو ِإذَا لَقُو ُك ْم قَالُوا آ َمنَّا َو ِإذَا َخلَ ْوا َ‬ ‫ِبا ْل ِكتَا ِ‬
‫صبِ ُروا َوتَتَّقُوا ََل‬ ‫سيِئَةٌ يَ ْف َر ُحوا بِ َها َوإِ ْن تَ ْ‬ ‫س ْؤهُ ْم َوإِ ْن ت ُ ِص ْب ُك ْم َ‬ ‫سنَةٌ تَ ُ‬ ‫س ُك ْم َح َ‬ ‫س ْ‬‫ُور ‪ .‬إِ ْن تَ ْم َ‬ ‫صد ِ‬ ‫ت ال ُّ‬ ‫ع ِلي ٌم بِذَا ِ‬ ‫َ‬
‫ط)‪.‬‬ ‫ون ُم ِحي ٌ‬ ‫َّللا ِب َما يَ ْع َملُ َ‬
‫ش ْيئًا ِإنَّ َّ َ‬ ‫يَض ُُّر ُك ْم َك ْي ُدهُ ْم َ‬
‫وقد رأ ينا تجليات هذه اآليات في هذه األيام من خالل التصريحات التي صدرت من قادة وشخصيات‬
‫بارزة في كيان العدو اإلسرائيلي‪ ،‬وكذلك من مستوطنين؛ فذاك يصفهم بالحيوانات‪ ،‬وذاك يقترح بأن‬
‫تُضرب غزة بقنبلة نووية‪ ،‬وذاك يوصي الجيش بأن يقتلوا حتى األطفال والنساء‪ ،‬وهم ينطلقون في ذلك‬
‫‪-2-‬‬
‫صادر عن اإلدارة العامة للخطباء والمرشدين بديوان عام الوزارة‬
‫من منطلق ديني وثقافي تربِّوا عليه‪ .‬فعجبا ً وهللا ‪ ..‬ممن يواليهم أو يوالي أولياءهم بعد كل هذا الوضوح‬
‫في الحقائق‪ ،‬فما بقي بعد هذا إَل إيمان صريح أو نفاق صريح‪.‬‬
‫قلت ما سمعتم وأستغفر هللا العلي العظيم لي ولكم‪ ،‬فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫الخطبة الثانية‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وصلى هللا وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين‪ ،‬ورضي هللا عن صحبه‬
‫المنتجبين‪.‬‬
‫أيها اإلخوة المؤمنون‪:‬‬
‫منذ أن َجثَ َم العدو الصهيوني اليهودي على جزء من هذه األمة وهو ينتظر الفرصة المناسبة ليحتز رأسها‬
‫ويُجْ هز عليها‪ ،‬وقد تجلى خالل خمس وسبعين سنة من عمر هذا الكيان أن َل حل معه إَل الجهاد والمقاومة‪،‬‬
‫جرب العرب والمسلمون كل العناوين فلم تُفلح؛ ألنها عناوين لم تنطلق من القرآن الكريم؛ فلهذا فشلوا‬ ‫وقد ِّ‬
‫وخابوا وخسروا‪ ،‬فليس أمامنا ‪ -‬أيها اإلخوة ‪ -‬إَل العودة إلى القرآن الكريم واَلنطالقة العملية على أساسه؛‬
‫ألن موقفنا من قضية فلسطين والمسجد األقصى هو موقف إيماني بدافع المسؤولية اإليمانية‪ ،‬وَل يمكن‬
‫التخلي عنه تحت أي ظرف من الظروف‪ ،‬ونحن في اليمن بفضل هللا سبحانه وتعالى لم نتخ ال عن القضية‬
‫الفلسطينية ونحن تحت الحديد والنار‪ ،‬وقدمنا التضحيات والشهداء في هذا الطريق؛ ألن من أبرز أسباب‬
‫العدوان علينا من البداية هو موقفنا من أعداء اإلسالم من اليهود والنصارى‪ ،‬وإذا نظرنا إلى منظومة‬
‫العدوان من أئمة الكفر وأئمة النفاق سنجد أنهم متناغمون في مخططاتهم ضد من يعادي أمريكا وإسرائيل‬
‫من حركات الجهاد والمقاومة في فلسطين وغير فلسطين‪ ،‬فَ َمن الذي تصدر العدوان علينا إَل الدول التي‬
‫طبِّعت مع العدو اإلسرائيلي‪ ،‬و َمن الذي ساندهم من أدوات الداخل إَل الذين تسابقوا إلى كسب ود األمريكي‬
‫بأن من ْ‬
‫يقبل‬ ‫من قَبل العدوان على بلدنا وأثنائه‪ ،‬وتجلت في هذه األيام‪ :‬الحقيقة التي أطلقها السيد القائد ِّ‬
‫بأمريكا سيقبل حتما ً بإسرائيل‪ ،‬أما المجاهدون الذين أعلنوا البراءة من أعداء هللا من البداية فقد أثبتت‬
‫فتحولت صرخاتهم إلى صواريخ‪ ،‬و َمسيراتُهم إلى‬ ‫ِّ‬ ‫تحركهم؛‬
‫ُّ‬ ‫األحداث مصداقية موقفهم‪ ،‬وجدوائية‬
‫ُمسيِّرات‪ ،‬وأتبعوا القول بالفعل‪ ،‬وما ذلك الموقف العظيم من السيد القائد يحفظه هللا إَل تجليا ً لعظمة هذا‬
‫مفوضا له في اتخاذ القرارات التي يتخذها بدافع المسؤولية‬ ‫ف وراءه الشعب اليمني العظيم ِّ‬ ‫القائد الذي اص َ‬
‫ط ا‬
‫غير مبا ٍل بتهديدات أمريكا؛ بل إنه ر ِّد على أول تهديد لها ر ًدا عمليا ً مباشراً بإطالق دفعات من‬
‫أمام هللا َ‬
‫الصواريخ والطائرات ال ُمسيرة في نفس ال لحظة‪ ،‬وقال لها بأننا لسنا كبقية دول المنطقة حتى نتلقى توجيهاتنا‬
‫منكم‪ ،‬وأمام تهديدات أمريكا بإعادة الحرب‪ ،‬وإفشال اَلتفاق الذي كان وشي ًكا مع دول العدوان‪ ،‬وكذا أيقاف‬
‫المساعدات؛ أجاب بأننا غير مكترثين بذلك؛ ألن موقفنا هو موقف مبدئي ديني ناب ٌع من إيماننا‪ ،‬وليس‬
‫للمزايدة‪ ،‬أو لتحقيق أهداف خاصة؛ فنحمد هللا على هذا المشروع الجهادي العظيم‪ ،‬وعلى هذه القيادة التي‬
‫شرفنا هللا بها‪ ،‬وعلى هذه المواقف التي تُبيِّض وجوهنا أمام هللا وأمام العالم بكله‪.‬‬
‫ِّ‬
‫وقد أعلن السيد القائد وشعبنا اليمني العظيم أننا سنستمر في موقفنا الواضح والمعلن والمساند للقضية‬
‫الفلسطينية‪ ،‬وسنستمر في إرسال الصواريخ والطائرات ال ُمسيرة إلى عمق كيان اَلحتالل‪ ،‬ولن نتردد في‬
‫مكان تصل إليه أيدينا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫توجيه الضربات على العدو اإلسرائيلي داخل فلسطين أو خارجها في كل‬
‫وها هي سفن العدو اإلسرائيلي في البحر األحمر وباب المندب َل تجرؤ أن ترفع أعالمها في الوقت الذي‬
‫يرتفع علَمها في عواصم بعض الدول العربية‪ ،‬ويحتاجون إلى التمويه في سواحلنا وإغالق أجهزة‬
‫لكن أعيننا مفتوحة؛ لرصدهم والظفر بهم؛ لضربهم واستهدافهم بقوة هللا العزيز الجبار‪.‬‬ ‫التعارف؛ ِّ‬
‫ونقول لدول الجوار افتحوا لنا طريقًا بريِّا؛ ليذهب مئات اآلَلف من شعبنا للمواجهة المباشرة مع كيان‬
‫اَلحتالل‪ ،‬وجربونا لنثبت صدقنا في ذلك‪ ،‬أما من يزايد علينا أو يشكك في موقفنا؛ فإننا نقول له‪ :‬تفضل‬
‫لمواجهة العدو اإلسرائيلي ونحن سنشيد بك‪ ،‬ونثني عليك؛ ألن المطلوب منا جميعًا كمسلمين أن يكون لنا‬
‫موقف في نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم‪.‬‬
‫‪-3-‬‬
‫صادر عن اإلدارة العامة للخطباء والمرشدين بديوان عام الوزارة‬
‫عباد هللا‪:‬‬
‫في ظل ما يتعرض له أبناء غزة من مجازر وحشية من قبل قوات اإلحتالل الصهيوني الغاصب‪ ،‬جاء قرار الحكومة‬
‫بمقاطعة البضائع األمريكية وكذا منتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني وهذه المقاطعة اَلقتصادية تعد سالحا ً‬
‫استراتيجيا ً دعاء إليه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان هللا عليه قبل أكثر من عشرين عاماً‪ ،‬وهو ما يتوجب‬
‫علينا جميعا ً التفاعل مع هذا القرار وأن نتوجه لشراء المنتجات المحلية ومنها المنتجات الزراعية والصناعات التحويلية‬
‫من عص ائر وبسكويتات وكيك وغيرها‪ ،‬فهناك الكثير من منتجات األسر اليمنية والتي باتت تتواجد في معظم السوبرات‬
‫والمحالت التجارية‪ ،‬ومنها ما يتوفر كل خميس في سوق الخميس بميدان التحرير والذي يباع فيه منتجات محلية ‪%100‬‬
‫عصائر ومخلالت ومالبس واكسسورات وعطور ومنظفات فالمقاطعة اَلقتصادية فرصة للتوسع في اإلنتاج المحلي‪،‬‬
‫ومنها القطاع الزراعي والصناعي‪ ،‬فالكل معني والكل مسؤول‪ ،‬فكل لاير تشتري به منتجات أمريكية وصهيونية يتم به‬
‫شراء رصاصة تقتل مواطن في غزة‪.‬‬
‫أيها المؤمنون‪:‬‬
‫أن لهؤَلء الشهداء فضالً عظيما ً علينا؛‬ ‫ونحن على مقربة من الذكرى السنوية للشهيد‪ :‬يجب أن نستشعر ِّ‬
‫فلوَلهم ل ُكنِّا نرزح تحت وطأة أمريكا أ ِّم اإلجرام‪ ،‬ول ُكناا فقدنا ديننا وكرامتنا اإلنسانية‪َ ،‬ولَكم أن تتصوروا‬
‫ماذا لو تمكنت أمريكا مع المنافقين في بلدنا العظيم؟ وماذا كانوا سيفعلون؟‬
‫عدونا هو ذاته عدو فلسطين‪ ،‬والمؤامرات علينا هي نفسها‬ ‫وشهداؤنا هم شهدا ٌء في طريق القدس؛ ألن ِّ‬
‫التي يتآمرون بها على فلسطين وعلى كل الشعوب الحرة؛ فعلينا أن نستعد للذكرى السنوية للشهيد بما‬
‫كرمهم؛ فنهانا عن‬ ‫يليق بها؛ فهي عظيمة بعظمة من نحيي ذكراهم‪ ،‬وكيف َل نُكرمهم وهللا الكريم هو من ِّ‬
‫َّللا أَ ْم َواتًا بَ ْل‬‫سبِي ِل َّ ِ‬‫ِين قُتِلُوا فِي َ‬ ‫سبَنَّ الَّذ َ‬ ‫(و ََل تَحْ َ‬
‫أن نعتبرهم أمواتا في قرارة أنفسنا كما قال جل شأنه‪َ :‬‬
‫(و ََل تَقُولُوا ِل َم ْن‬ ‫ون)‪ ،‬ونهانا عن أن نقول قوَلً أنهم أموات‪ ،‬فقال سبحانه وتعالى‪َ :‬‬ ‫أَحْ يَا ٌء ِع ْن َد َر ِب ِه ْم يُ ْر َزقُ َ‬
‫ون)؛ فسالم هللا على الشهداء في سبيل هللا ورحمته‬ ‫شعُ ُر َ‬ ‫َّللا أَ ْم َواتٌ بَ ْل أَ ْحيَا ٌء َولَ ِك ْن ََل تَ ْ‬ ‫سبِي ِل َّ ِ‬ ‫يُ ْقتَ ُل فِي َ‬
‫ورضوانه‪.‬‬
‫عباد هللا ‪:‬‬
‫ّللا َو َم َالئ َكتَهُ‬ ‫امتثاَل لقول هللا‪{ :‬إ ان ا َ‬ ‫ً‬ ‫أكثروا في هذا اليوم وأمثاله من الصالة والسالم على سيدنا محمد وآله‬
‫سلِّ ُموا تَسْلي ًما} اللهم فصل وسلم على سيدنا محمد بن‬ ‫علَيْه َو َ‬ ‫صلُّوا َ‬ ‫ي َيا أَيُّ َها الاذينَ آَ َمنُوا َ‬ ‫علَى الناب ِّ‬ ‫صلُّونَ َ‬ ‫يُ َ‬
‫عبد هللا بن عبد المطلب بن هاشم‪ ،‬وعلى أخيه اإلمام علي‪ ،‬وعلى فاطمة البتول الزهراء‪ ،‬وعلى ولديهما‬
‫الحسن والحسين‪ ،‬وعلى جميع آل رسول هللا‪ ،‬وارض اللهم برضاك عن أصحابه األخيار المنتجبين‪ ،‬وعن‬
‫سائر عبادك الصالحين والمجاهدين‪.‬‬
‫فرجته‪ ،‬وَل حاجة هي لك رضا ً ولنا فيها‬ ‫اللهم َل تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنبا ً إَل غفرته‪ ،‬وَل هما ً إَل ِّ‬
‫س َرافَنَا فِي أَ ْم ِرنَا َوثَ ِبتْ أَ ْقدَا َمنَا‬ ‫{ر َّبنَا ا ْغ ِف ْر لَنَا ذُنُوبَنَا َو ِإ ْ‬
‫سرتها يا أرحم الراحمين‪َ ،‬‬ ‫صالح إَل قضيتها وي ِّ‬
‫ين} وانصرنا يا هللا على أمريكا وإسرائيل وعمالئهم من المنافقين فإنهم َل‬ ‫علَى ا ْلقَ ْو ِم ا ْلكَافِ ِر َ‬ ‫ص ْرنَا َ‬ ‫َوا ْن ُ‬
‫نصرا عاج ًال يا قوي يا عزيز‪ ،‬اللهم‬ ‫ً‬ ‫يعجزونك‪ ،‬اللهم ثبِّت أقدام إخواننا المجاهدين في فلسطين‪ ،‬وانصرهم‬
‫وفرج عن أسرانا‪ ،‬واكشف عن مصير‬ ‫ارحم الشهداء في سبيلك واجزهم عنا خير الجزاء‪ ،‬واشف جرحانا‪ِّ ،‬‬
‫مفقودينا‪ ،‬وانصر وأيِّد واحفظ قائدنا بحفظك‪.‬‬
‫سنَةً‬ ‫{ر َّبنَا آَتِنَا فِي ال ُّد ْنيَا َح َ‬ ‫اب} َ‬ ‫ً‬
‫غ قُلُوبَنَا بَ ْع َد ِإ ْذ َه َد ْيتَنَا َو َه ْب لَنَا ِم ْن لَ ُد ْنكَ َر ْح َمة ِإنَّكَ أَ ْنتَ ا ْل َو َّه ُ‬ ‫{ر َّبنَا ََل ت ُ ِز ْ‬‫َ‬
‫اب النَّ ِار}‪.‬‬‫عذ َ‬ ‫َ‬ ‫سنَة َوقِنَا َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫َوفِي ْاْل ِخ َر ِة َح َ‬
‫عباد هللا‪:‬‬
‫َاء َوا ْل ُم ْنك َِر َوا ْلبَ ْغي ِ يَ ِع ُ‬
‫ظ ُك ْم لَعَلَّ ُك ْم‬ ‫اء ذِي ا ْلقُ ْربَى َويَ ْن َهى ع َِن ا ْلفَ ْحش ِ‬ ‫ان َو ِإيتَ ِ‬‫س ِ‬ ‫اإلحْ َ‬‫َّللا يَأْ ُم ُر ِبا ْلعَ ْد ِل َو ْ ِ‬
‫{ ِإنَّ َّ َ‬
‫ون}‪.‬‬ ‫تَذَك َُّر َ‬

‫‪-4-‬‬
‫صادر عن اإلدارة العامة للخطباء والمرشدين بديوان عام الوزارة‬

You might also like