Ø Ù Ø Ù Ø Ø Ù Ø Ù Ø Ø Ù Ù Ø Ù Ù Ø Ù Ù Ù Ø Ù Ù غø Ø Ù

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

‫ﻣوﻗﻊ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ‬ www.elkanounia.

com ‫ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟﻌروض زوروا‬

fb.com/Elkanounia.Ma twitter.com/ElkanouniaMa
‫مسلك القانون ‪ -‬السداسية الثانية الفوج الخامس‬
‫وحدة ‪ :‬القانون الجنائي العام‬
‫الموسم الجامعي ‪9191 - 9102‬‬
‫األستاذ‪ :‬سعيد الوردي‬

‫تفريد العقاب‬
‫‪ -‬أسباب تخفيف العقوبة ‪-‬‬
‫تقديم‬
‫لقد أدى التطور الذي شهدته التشريعات الجنائية المعاصرة إلى إقرار مجموعة من المبادئ‬
‫منها مبدأ تفريد العقاب ‪ ،‬الذي يقضي بضرورة وضع عدة عقوبات مختلفة للفعل الجرمي‬
‫الواحد ‪ ،‬ووضع حد أدنى وحد أقصى للعقوبة ‪ ،‬وتخويل القاضي سلطة تقديرية لتوقيع‬
‫العقوبات المناسبة لكل مجرم على حدة بناء على مجموعة من المعطيات الشخصية والعينية‪،‬‬
‫وهذه العملية هي التي تسمى بتفريد العقاب ‪ ،‬حيث يحدد المشرع الظروف التي يكون لها أثر‬
‫في تشديد العقوبة أو تخفيفها‪.‬‬
‫وتبعا لذلك أصبحت معظم التشريعات تعتنق تقسيما للظروف يفرق بينهما بسبب األثر‬
‫المترتب عل يها ‪ ،‬فتلك التي تؤدي إلى تشديد العقوبة تسمى ظروفا مشددة ‪ ،‬وتلك التي تؤدي‬
‫إلى تخفيفها يطلق عليها الظروف المخففة‪ 1.‬وقد سار التشريع المغربي بدوره على هذا النهج‬
‫وهو ما سنراه من خالل‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أسباب تخفيف العقوبة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد الشواربي‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪1‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬أسباب تخفيف العقوبة‬
‫إن غاية القاضي الجنائي من تطبيق القانون هي النطق بعقوبة جنائية عادلة ومناسبة للجاني ‪،‬‬
‫تأخذ بعين االعتبار ظروفه الشخصية التي دفعته الرتكاب الجريمة وكذا الظروف العينية‬
‫التي أحاطت به عند ارتكابه لها ‪ ،‬والقاضي بطبيعة الحال ال يمكنه الوصول إلى هذه الغاية ما‬
‫لم يتم تمكينه من سلطة لتفريد العقاب ‪ ،‬تخوله الحق في تخفيف العقوبة‪ ،‬وهذه السلطة منها ما‬
‫هو منصوص عليه قانونا ويسمى باألعذار القانونية – الفقرة األولى – ومنها ما هو متروك‬
‫لسلطة القاضي التقديرية ويسمى بالظروف القضائية المخففة – الفقرة الثانية ‪-‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬األعذار القانونية‬
‫لقد نظم المشرع المغربي األعذار القانونية في الفصول من ‪ 541‬إلى ‪ 541‬من ق ج‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الفصل ‪ 541‬نجده ينص على أن األعذار هي حاالت محددة في القانون على‬
‫سبيل الحصر‪ ،‬يترتب عليها‪ ،‬مع ثبوت الجريمة وقيام المسؤولية‪ ،‬أن يتمتع المجرم إما‬
‫بعدم العقاب‪ ،‬إذا كانت أعذارا معفية‪ ،‬وإما بتخفيض العقوبة‪ ،‬إذا كانت أعذارا مخفضة‪.‬‬
‫وينبغي عدم الخلط بين األعذار القانونية حتى ولو كانت أعذارا معفية وبين أسباب‬
‫التبرير أو األسباب المبررة ‪ ،‬فاألعذار القانونية تقتضي وجود جريمة ووجود شخص‬
‫‪1‬‬
‫مسؤول عن ارتكابها ‪ ،‬أما أسباب التبرير فهي تمحو هذه الجريمة‪.‬‬
‫ويتضح من خالل الفصل ‪ 541‬أعاله أن األعذار القانونية يحددها القانون على سبيل‬
‫الحصر‪ ،‬وهي تكون على صورتين إما معفية من العقاب – أوال – وإما مخفضة للعقوبة –‬
‫ثانيا ‪-‬‬
‫أوال ‪ :‬األعذار القانونية المعفية من العقاب‬
‫األعذار المعفية أو موانع العقاب هي أسباب لإلعفاء من العقاب ‪ ،‬على الرغم من بقاء أركان‬
‫الجريمة كافة وشروط المسؤولية عنها متوافرة‪ .‬فالعذر المعفي ال ينفي ركنا للجريمة أو‬
‫شرطا للمسؤولية عنها ‪ ،‬بل هو على نقيض ذلك يفترض جريمة متوافرة األركان ويفترض‬
‫مسؤولية نشأت ع نها ‪ ،‬أي أنه يفترض جريمة ارتكبت وشخصا مسؤوال عنها ‪ ،‬ولكن يحول‬
‫‪2‬‬
‫دون أن ترتب المسؤولية نتيجتها الطبيعية وهي توقيع العقوبة‪.‬‬
‫فاألعذار القانونية المعفية يترتب عليها إذن مع ثبوت الجريمة وقيام المسؤولية‪ ،‬أن يتمتع‬
‫المجرم بعدم العقاب‪ ،‬وهي محددة في القانون على سبيل الحصر وال يمكن للقاضي أن يجتهد‬
‫في إضافة أعذار أخرى أو أن يحذف أعذارا موجودة‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى نصوص القانون الجنائي يتضح لنا أن غالبية حاالت اإلعفاء قد قررها‬
‫المشرع ألسباب خاصة يقدرها ‪ ،‬ارتأى فيها ضرورة عدم عقاب الجاني عما ارتكبه من‬

‫‪ -1‬وزارة العدل ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.571‬‬


‫‪ -2‬محمود نجيب حسني ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.757‬‬

‫‪2‬‬
‫جرائم تقديرا منه العتبارات خاصة رأى أنها أولى باالهتمام والرعاية من مجرد الرغبة في‬
‫عقاب الجاني عن تلك الجرائم‪ .‬وتتنوع العلل التي من أجلها قرر المشرع المغربي هذه‬
‫األعذار المعفية من العقاب تقديرا منه لمصلحة تترتب على عدم العقاب تفوق بكثير تلك التي‬
‫‪1‬‬
‫ستحقق بعقاب الجاني عن جريمته‪.‬‬
‫وحسب الفصل ‪ 544‬من ق ج فاألعذار القانونية مخصصة‪ ،‬ال تنطبق إال على جريمة أو‬
‫جرائم معينة‪ .‬وهي مقررة في الكتاب الثالث من هذا القانون المتعلق بمختلف الجرائم‪ .‬ومعنى‬
‫ذلك أن القاضي ال يجوز له أن يعفي الجاني من العقاب إال إذا توافرت شروط اإلعفاء كما‬
‫حددها المشرع‪.‬‬
‫ومن األمثلة التي يمكن إيرادها في هذا اإلطار نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اإلعفاء من العقوبة فيما يتعلق بالجرائم المشار إليها في الفصول ‪ 101‬إلى ‪ ،101‬األشخاص‬
‫الذين انخرطوا في العصابات المسلحة من غير أن يباشروا فيها قيادة ما ولم يتولوا فيها أي‬
‫وظيفة مع ينة‪ ،‬وعالوة على ذلك فإنهم انسحبوا منها عند أول إنذار يصدر من السلطات‬
‫المدنية أو العسكرية‪ ،‬أو انسحبوا بعد ذلك ولكن قبض عليهم خارج أماكن التجمع الثوري‪،‬‬
‫دون أن يحملوا سالحا ودون أن يبدوا مقاومة‪(.‬الفصل ‪ 151‬ق ج)‬
‫‪ -‬اإلعفاء من العقاب‪ ،‬بالنسبة للسارق إذا كان المال المسروق مملوكا لزوجه أو ألحد فروعه‪.‬‬
‫(الفصل ‪ 114‬ق ج)‬
‫‪ -‬جواز إعفاء األقارب واألصهار إلى غاية الدرجة الرابعة ألحد المساهمين في العصابة أو‬
‫االتفاق إذا قدموا له مسكنا أو وسائل تعيش شخصية فقط (الفصل ‪ 191‬ق ج)‬
‫غير أنه ال بد من التنبيه إلى أن الفصل ‪ 541‬من ق ج يرتب على األعذار المعفية منح‬
‫المؤاخذ اإلعفاء المانع من العقاب‪ ،‬غير أن القاضي يبقى له الحق في أن يحكم على المعفى‬
‫بتدابير الوقاية الشخصية أو العينية ما عدا اإلقصاء‪.‬‬
‫وما نص عليه هذا الفصل نجد تطبيقاته في عدة فصول من ق ج نذكر منها الفصل ‪ 179‬الذي‬
‫ينص على أنه يتمتع بعذر معف من العقاب‪ ،‬بالشروط المقررة في الفصلين ‪ 541‬و‪ ،541‬أحد‬
‫الجناة في الجرائم المشار إليها في الفصول ‪ 171‬إلى ‪ ،177‬إذا أخطر بها السلطات اإلدارية‬
‫أو القضائية وكشف عن شخصية الجناة اآلخرين وكان ذلك قبل تمام الجريمة وقبل أية‬
‫متابعة؛ وكذلك إذا مكن من القبض على بقية الجناة ولو كان ذلك بعد ابتداء المتابعة‪ .‬إال أنه‬
‫يجوز أن يحكم عليه بالمنع من اإلقامة من عشر إلى عشرين سنة‪.‬‬
‫نخلص مما سبق إلى أن األعذار المعفية من العقاب هي أعذار محددة قانونا على سبيل‬
‫الحصر ‪ ،‬وأنها تعفي من العقاب ‪ ،‬وهي مبنية على المصلحة فرغم توافر عناصر الجريمة‬
‫يعتبر القانون أن مصلحة المجتمع تتطلب أن يمنح نوع من المكافأة لبعض المجرمين تحفيزا‬

‫‪ -1‬جعفر العلوي ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.564‬‬

‫‪3‬‬
‫لهم على اإلفالت من العقاب وتجنيب المجتمع شرورهم‪ .‬إال أن هذه األعذار ال تكون دائما‬
‫معفية من العقوبة بل قد ينحصر أثرها فقط في تخفيض العقوبة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬األعذار القانونية المخفضة للعقوبة‬
‫يقصد باألعذار القانونية المخففة أو المخفضة تلك األسباب التي يستخلصها المشرع من‬
‫حاالت العقاب وينص عليها حصرا باعتبارها ظروفا مخففة يتعين على القاضي ضرورة‬
‫‪1‬‬
‫مراعاة أحكامها وترتيب أثرها المخفف وجوبا متى توفرت شروطها‪.‬‬
‫وتتميز األعذار المخففة عن ظروف التخفيف بأنها منصوص عليها في القانون بالنسبة لكل‬
‫جريمة بمفردها بينما ظروف التخفيف متروكة لتقدير القاضي يمكن له منحها في جميع‬
‫الجرائم ما لم يوجد نص صريح يمنعه من ذلك‪ .‬كما تتميز أيضا بكون تخفيف العقوبة معها‬
‫يختلف من عذر آلخر حيث يحدد هذا التخفيف نفس النص الذي يقرر العذر ‪ ،‬بينما يخضع‬
‫تخفيض العقوبة مع ظروف التخفيف لقواعد عامة تعرض لها المشرع في المواد من ‪-547‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 515‬من ق ج‪.‬‬
‫أما األمثلة على األعذار المخفضة للعقوبة في القانون الجنائي فكثيرة نورد منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬جرائم الضرب والجرح إذا ارتكبت ضد شخص بالغ عند مفاجأته متلبسا بهتك أو بمحاولة‬
‫هتك عرض بعنف أو بدون عنف‪ ،‬على طفل دون الثامنة عشرة‪( .‬الفصل ‪ 415‬من ق ج)‬
‫‪ -‬جرائم الضرب والجرح‪ ،‬إذا ارتكبت ضد شخص بالغ عند مفاجأته متلبسا باغتصاب أو‬
‫بمحاولة اغتصاب‪( .3‬الفصل ‪ 415‬ق ج)‬
‫‪ -‬جرائم القتل أو الجرح أو الضرب‪ ،‬إذا ارتكبها أحد الزوجين ضد الزوج اآلخر وشريكه‬
‫عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية‪( .4‬الفصل ‪ 457‬من ق ج)‬
‫ونتساءل في هذا اإلطار عن مدى إلزامية تمتيع المتهم بهذا العذر المخفض للعقوبة عند‬
‫توافره ؟ الجواب نجده في نازلة عرضت على محكمة النقض رفضت فيها غرفة الجنايات‬
‫تمتيع المتهم بقتل زوجته وشريكها وثالثة من أبنائه إثر ضبطها متلبسة بالخيانة الزوجية ‪،‬‬
‫بالعذر المخفض للعقوبة وحكمت عليه باإلعدام مبررة ذلك بخطورة األفعال وبشاعتها إذ‬
‫شملت ثالثة أوالد بعد قتل أمهم وال ذنب لهم سوى أنهم سيبلغون عنه ما ارتكبه تجاه أمهم‬
‫وخ ادمه ‪ ،‬واستنتجت انعدام الشفقة األبوية باستعماله أخطر الوسائل‪ .‬وهو القرار الذي أيدته‬
‫‪5‬‬
‫محكمة النقض بعلله ورفضت طلب النقض الذي تقدم به المتهم‪.‬‬

‫‪ -1‬جعفر العلوي ‪ :‬مرجع سابق ‪.566 ،‬‬


‫‪ -2‬أحمد الخمليشي‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬تم تغيير وتتميم هذا الفصل بمقتضى المادة الثالثة من القانون رقم ‪ 14.01‬المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬سالف الذكر‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬نفس اإلحالة‪.‬‬
‫‪ -5‬انظر قرار غرفة الجنايات بمحكمة االستئناف بمراكش عدد ‪ 57‬بتاريخ ‪ 5971/05/57‬وقرار محكمة النقض الصادر في شأنه منشور بمجلة‬
‫المحاكم المغربية عدد ‪ 61‬ص ‪ ، 11‬وانظر تعليق على هذا القرار لألستاذ دمحم مبخوت منشور على الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪https://mofawad.blogspot.com/2013/10/blog-post_3070.html‬‬

‫‪4‬‬
‫وكما سبقت اإلشارة فإن األعذار المخففة محددة بموجب القانون ‪ ،‬وال يمكن للقاضي أن‬
‫يمنح أعذارا غير منصوص عليها ‪ ،‬إال أنه رغم ذلك فقد نص الفصل ‪ 411‬من ق ج على أنه‬
‫ال يوجد مطلقا عذر مخفض للعقوبة في جناية قتل األصول‪.‬‬
‫كما أن المشرع قد حدد مقدار خفض العقوبة عندما يثبت العذر القانوني ‪ ،‬حيث تخفض‬
‫العقوبات طبقا لما هو محدد في الفصل ‪ 411‬من ق ج كما يلي‪:‬‬
‫‪ - 5‬الحبس من سنة إلى خمس في الجنايات المعاقب عليها قانونا باإلعدام أو السجن المؤبد‪.‬‬
‫‪ - 1‬الحبس من ستة أشهر إلى سنتين في جميع الجنايات األخرى‪.‬‬
‫‪ - 1‬الحبس من شهر إلى ثالثة أشهر في الجنح‪.‬‬
‫ويعني ذلك أن القاضي ال يملك أية سلطة تقديرية واسعة فيما يخص األعذار القانونية‬
‫المخفضة للعقوبة حيث يكون محكوما بالنصوص القانونية السالفة الذكر ‪ ،‬وذلك على خالف‬
‫ما هو عليه األمر في الظروف القضائية المخففة حيث منحه المشرع سلطة تقديرية واسعة‬
‫في تنزيلها‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الظروف القضائية المخففة‬
‫الظروف القضائية المخففة هي أسباب للتخفيف تخول القاضي – في نطاق قواعد حددها‬
‫القانون – الحكم بعقوبة تقل عن الحد األدنى المقرر للجريمة‪ 1.‬حيث جرى المشرع على‬
‫تقدير العقوبة بحدين أدنى وأقصى مراعيا في ذلك أغلبية الحاالت العادية الرتكاب كل‬
‫جريمة‪ .‬ولكن إلى جانب هذه الحاالت الغالبة توجد أخرى استثنائية ترتكب فيها الجريمة في‬
‫ظروف خاصة أو يكون المجرم نفسه محاطا بظروف شخصية يجب أخذها بعين االعتبار‬
‫لخفض العقوبة عن الحد األدنى‪ ،‬هذه الظروف منها ما نص عليه القانون فيدخل في زمرة‬
‫األعذار الق انونية التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة ‪ ،‬ومنها ما أسند تقديره إلى القاضي‬
‫وسماها ظروف التخفيف القضائية‪ 2.‬وهي التي سنتناولها من خالل التطرق لتحديد ماهيتها–‬
‫أوال – ثم نتعرض للسلطة التقديرية للقاضي إزاء الظروف القضائية المخففة – ثانيا – ثم‬
‫أخيرا أثر هذه الظروف على وصف الجريمة – ثالثا ‪-‬‬
‫أوال ‪ :‬ماهية الظروف القضائية المخففة‬
‫نظم المشرع الجنائي المغربي ظروف التخفيف في الفصول من ‪ 546‬إلى ‪ 515‬من ق‬
‫ج ‪ ،‬وحسب الفصل ‪ 546‬فإنه " إذا تبين للمحكمة الزجرية‪ ،‬بعد انتهاء المرافعة في القضية‬
‫المطروحة عليها‪ ،‬أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس بالنسبة لخطورة األفعال‬
‫المرتكبة‪ ،‬أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم‪ ،‬فإنها تستطيع أن تمنحه التمتع بظروف التخفيف‪،‬‬
‫إال إذا وجد نص قانوني يمنع ذلك‪.‬‬
‫ومنح الظروف المخففة موكول إلى تقدير القاضي‪ ،‬مع التزامه بتعليل قراره في هذا‬
‫الصدد بوجه خاص‪ ،‬وآثار الظروف المخففة شخصية بحتة‪ ،‬فال تخفف العقوبة إال فيما يخص‬
‫المحكوم عليه الذي منح التمتع بها‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود نجيب حسني ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.711‬‬


‫‪ -2‬أحمد الخمليشي ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.174‬‬

‫‪5‬‬
‫ومنح الظروف المخففة ينتج عنه تخفيف العقوبات المطبقة‪ ،‬ضمن الشروط المقررة في‬
‫الفصول التالية"‪.‬‬
‫ويتبين من خالل هذا الفصل أن ظروف التخفيف هي تلك الظروف واألحوال التي ترك‬
‫المشرع أمر تحديدها لفطنة القاضي وخبرته ‪ ،‬فالمشرع لم يحدد الظروف المخففة ولم يضع‬
‫ضوابط تعين القاضي على استخالصها ‪ ،‬بل ترك ذلك كله لفطنته وحسن تقديره ومن تم‬
‫كانت غير محددة عددا وغير معرفة مضمونا‪.1‬‬
‫فكلما تبين للقاضي أثناء نظره في الدعوى أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس‬
‫بالنسبة لخطورة األفعال المرتكبة‪ ،‬أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم‪ ،‬فإنه يستطيع مبدئيا أن‬
‫يمنحه التمتع بظروف التخفيف‪ ،‬إال إذا وجد نص قانوني يمنعه من ذلك‪ .‬وتمتيع المتهم‬
‫بظروف التخفيف هو من األمور الموكولة لسلطة القاضي التقديرية وال يلزمه في ذلك سوى‬
‫تعليل قراره بكيفية توضح األسباب التي استند عليها في منح ظروف التخفيف‪.‬‬
‫ولقد وضع المشرع في الفصول من ‪ 547‬إلى ‪ 515‬من ق ج ‪ 2‬مجموعة من الضوابط‬
‫التي يجب على القاضي الرجوع إليها عند تقدير العقوبة بمناسبة تمتيع المتهم بظروف‬
‫التخفيف ‪ ،‬وحدد مقدار العقوبة الذي يمكن للقاضي أن يطبقه فإذا كان مثال الحد األدنى‬
‫للعقوبة المقررة هو عشر سنوات سجنا فإن القاضي يمكنه أن يطبق السجن من خمس إلى‬
‫عشر سنوات‪ ،‬أو عقوبة الحبس من سنتين إلى خمس‪ .‬وإذا كان الحد األدنى للعقوبة المقررة‬
‫هو خمس سنوات سجنا فإنها تطبق عقوبة الحبس من سنة إلى خمس‪ .‬فالمشرع منح للقضاء‬
‫سلطة تقديرية في اختيار العقوبة لكنه رغم ذلك وضع حدين أدنى وأقصى للعقوبة التي يجب‬
‫النطق بها بعد تمتيع المتهم بظروف التخفيف‪.‬‬
‫هذا ويجب التأكيد على أن تمتيع المتهم بظروف التخفيف يقتضي وجوبا النزول عن الحد‬
‫األدنى للعقوبة ‪ ،‬فظروف التخفيف ال تعني أبدا الحكم بالحد األدنى المقرر للعقوبة ‪ ،‬بل تعني‬
‫النزول عن هذا الحد‪ .‬ويعتبر هذا المقتضى من النظام العام يمكن لمحكمة الطعن إثارته‬
‫‪3‬‬
‫تلقائيا‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أنه هناك حاالت تكون فيها المحكمة ملزمة بالبث في وجود أو عدم‬
‫وجود ظروف التخفيف ‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لغرفة الجنايات التي يجب عليها كلما قررت‬
‫إدانة المتهم أن تبت في وجود ظروف مخففة أو عدم وجودها ‪ ،‬وذلك طبقا لما تنص عليه‬
‫المادة ‪ 410‬من ق م ج‪ 4.‬ويعتبر هذا األمر إجراء مسطري جوهري ‪ ،‬حيث دأبت محكمة‬
‫‪ -1‬محمود نجيب حسني ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.711‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬راجع الفصول ‪ 515 – 510 – 549 – 547 – 547‬من ق ج‪.‬‬
‫‪ -3‬انظر قرار صادر عن محكمة النقض تحت عدد ‪ 5-176‬في الملف الجنحي رقم ‪ 9497-96‬بتاريخ ‪ 5997/04/11‬منشور بالموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪ https://www.mahkamaty.com/‬زيارة الموقع تمت بتاريخ ‪ 6‬دجنبر ‪.1059‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 410‬من ق م ج على أنه " يتداول أعضاء غرفة الجنايات في شأن إدانة المتهم وفي العقوبة‪ ،‬معتبرين على األخص الظروف‬
‫المشددة وحاالت األعذار القانونية إن وجدت‪.‬‬
‫يجب على الرئيس أن يدعو الهيئة كلما قررت إدانة المتهم‪ ،‬أن تبت في وجود ظروف مخففة أو عدم وجودها‪.‬‬
‫تنظر غرفة الجنايات‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬في منح المحكوم عليه إيقاف تنفيذ العقوبة وفي تطبيق العقوبات اإلضافية أو اتخاذ تدابير وقائية‪.‬‬
‫يتخذ القرار في جميع األحوال باألغلبية‪ ،‬ويقع التصويت على التوالي بخصوص كل نقطة على حدة"‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫النقض على نقض وإبطال القرارات التي تصدرها غرفة الجنايات دون أن تتعرض للبث في‬
‫‪1‬‬
‫وجود أو عدم وجود الظروف المخففة‪.‬‬
‫نخلص إذن إلى أن الظروف القضائية المخففة هي ظروف منح المشرع للقضاء سلطة‬
‫استخالصها من الوقائع والظروف المحيطة بكل مجرم على حدة ‪ ،‬و الظروف التي يعتمدها‬
‫القضاء للقول بتخفيف العقوبة كثيرة ومتنوعة يمكن حصر أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الظروف االجتماعية‪ :‬وهي كثيرة يدخل في إطارها كل ما له عالقة بظروف المتهم‬
‫األسرية ككونه المعيل الوحيد لألسرة مثال أو كونه رجال مسنا أو امرأة حامل أو لها‬
‫أطفال صغار في حاجة ماسة لرعايتها‪.‬‬
‫‪ -‬الظروف الصحية‪ :‬ككونه مريضا بمرض عضال يستوجب متابعة طبية مستمرة‬
‫يجعله غير قادر على تحمل مشاق العقوبة‪ .‬كحالة المريض بمرض السرطان أو كونه‬
‫يخضع لعملية تصفية الدم‪.‬‬
‫‪ -‬الظروف المهنية‪ :‬كأن يكون المتهم تلميذا أو طالبا يتابع دراسته حيث يتم أخذ هذا‬
‫المعطى بعين االعتبار لتمتيعه بظروف التخفيف وتفادي الحكم عليه بعقوبات سالبة‬
‫للحرية حتى ال يؤثر ذلك على مستقبله نتيجة ظهور العقوبة في سجله العدلي‪.‬‬
‫‪ -‬انعدام السوابق الجنائية‪ :‬ويدل ذلك على عدم خطورة المتهم ‪ ،‬مما يستوجب تمتيعه‬
‫بظروف التخفيف لتشجيعه على تصحيح سلوكه وعدم االنسياق وراء الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬الخطورة اإلجرامية‪ :‬وهي تعبر عن ذلك االستعداد الذي يتواجد لدى الشخص‬
‫وبمقتضاه يكون من المحتمل إقدامه على ارتكاب جرائم مستقبلية ‪ ،‬فهي قدرة‬
‫الشخص على ارتكاب الجرائم ‪ ،‬مما يجعلها حالة نفسية يعتد بها القانون في تقدير‬
‫العقوبة والشكل الذي تكون عليه تلك العقوبة‪ 2.‬وكلما تبين بأن المتهم ال يتوفر على‬
‫‪3‬‬
‫خطورة إجرامية أمكن تمتيعه بظروف التخفيف والعكس صحيح‪.‬‬
‫إذن كانت هذه أهم األسباب التي يتم االستناد إليها لتبرير تمتيع المتهم بظروف التخفيف‪،4‬‬
‫وذلك بطبيعة الحال يخضع للسلطة التقديرية للقاضي مما يجعلنا نتساءل عن حدود هذه‬
‫السلطة في مجال منح ظروف التخفيف أو االمتناع عن منحها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬السلطة التقديرية للقاضي إزاء الظروف القضائية المخففة‬
‫لقد الحظنا من خالل دراسة الظروف القضائية المخففة للعقوبة أن المشرع لم يحددها كما‬
‫فعل في األعذار القانونية ‪ ،‬ولم يضع ضوابط يمكن االهتداء بها لتقرير أو نفي هذه الظروف‬

‫‪ -1‬انظر في شأن هذه القرارات وغيرها ذ أحمد الخمليشي ‪" :‬شرح قانون المسطرة الجنائية ‪ ،‬الجزء الثاني" ‪ ،‬مكتبة المعارف للنشر والتوزيع‬
‫بالرباط ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬مأمون دمحم سالمة ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.507‬‬
‫‪ -3‬فقد رفضت غرفة الجنايات االستئنافية لدى محكمة االستئناف بمكناس بعد تداولها في شأن تمتيع المتهم بظروف التخفيف القضائية منحه التمتع‬
‫بهذه الظروف معللة رفضها بخطورة اإلصابات الالحقة بالضحية والتي تنم عن وجود خطورة إجرامية في شخصية المجرم حيث كانت الجريمة‬
‫تتجلى في محاولة القتل العمد عن طريق الطعن بواسطة سالح أبيض‪ .‬انظر قرار رقم ‪ 95‬بتاريخ ‪ 1057/01/01‬صادر عن غرفة الجنايات‬
‫االستئنافية بمكناس في ملف جنائي استئنافي رقم ‪ ،1056/616‬وهو غير منشور‪.‬‬
‫‪ -4‬وتجدر اإلشارة إلى أن بعض المحاكم ال تكلف نفسها عناء إبراز نوعية الظروف التي اعتمدتها لتبرير تمتيع المتهم بظروف التخفيف ‪ ،‬حيث‬
‫تكتفي بإيراد عبارة " وحيث إن العقوبة الحبسية المحكوم بها بالنظر لظروف المتهم االجتماعية والشخصية تبقى غير مناسبة مما يتعين التخفيض‬
‫منها" ‪ ،‬أنظر مثال قرار صادر عن محكمة االستئناف بمكناس تحت عدد ‪ 5114‬في الملف رقم ‪ 57/704‬بتاريخ ‪ ، 1057/01/10‬غير منشور‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ ،‬بل ترك ذلك لسلطة القاضي التقديرية التي يستعملها للتخفيف من حدة العقوبة عندما تتوافر‬
‫أسباب أو ظروف لها عالقة بشخص المتهم أو بمالبسات ارتكابه للجريمة ‪ ،‬فيقرر تمتيعه‬
‫بالظروف القضائية المخففة فينزل عن الحد األدنى المقرر للعقوبة أو يجعلها عقوبة موقوفة‬
‫التنفيذ‪ .‬وهذا يدل على أن للقاضي سلطة تقديرية واسعة في هذا المجال‪.‬‬
‫والسلطة التقديرية هي مفهوم قانوني يتحدد في ضوء النصوص والقواعد التي تبين قواعدها‬
‫وضوابط استخدامها دون أن يؤثر وجود تلك القواعد القانونية على وجود السلطة التقديرية‬
‫ذاتها‪ 1.‬وقد أثارت السلطة التقديرية جدال كبيرا بين من يرى فيها ضرورة ملحة يجب‬
‫توسيعها ‪ ،‬ومن يرى عكس ذلك ويقول بضرورة تقويضها‪.‬‬
‫وإذا كانت الصورة الواضحة للظروف القضائية المخففة في القانون الجنائي المغربي هي‬
‫التي تسمح للقاضي بالنزول عن الحد األدنى للعقوبة المقررة في النص القانوني ‪ ،‬فإن جانبا‬
‫من الفقه يرى بكون السلطة التقديرية للقاضي تبرز أيضا في الحاالت التي يكتفي فيها‬
‫المشرع بالنص على الحد األقصى والحد األدنى للعقوبة المقررة للجريمة‪.‬‬
‫وهذه السلطة التقديرية التي يستقل بها قضاة الموضوع الختيار العقوبة المناسبة بين الحد‬
‫األدنى والحد األقصى الذي نص عليه المشرع ال يجب أن تترك دون ضوابط ‪ ،‬فالقاضي‬
‫ملزم بتبرير أخذه بالحد األدنى دون الحد األقصى أو العكس‪ .‬ذلك أنه من الطبيعي فيمن كان‬
‫مخيرا بين أمرين مختلفين عن بعضهما اختالفا ظاهرا أن يعلل سبب اختياره جانب الشدة مع‬
‫جواز اختياره جانب التخفيف‪.‬‬
‫وال بد من اإلشارة إلى أن المحكمة ملزمة عند نظرها في الجنايات بالجواب عن طلب تمتيع‬
‫المتهم بظروف التخ فيف‪ ،‬وأن تتداول في إمكانية تمتيعه بهذه الظروف حتى ولو لم يطلبها ‪،‬‬
‫ويجب على المحكمة أن تعلل رأيها بمنح أو عدم منح المتهم ظروف التخفيف‪ .‬وعلى خالف‬
‫ذلك فهي غير ملزمة بالجواب أو التداول في هذه الظروف عندما يتعلق األمر بالجنح أو‬
‫المخالفات‪ ،‬فقط يجب عليها عندما تأخذ بهذه الظروف أن تبرز األسباب التي دعتها إلى ذلك‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أثر الظروف القضائية المخففة على وصف الجريمة‬
‫إن الحديث عن أثر الظروف القضائية المخففة يجرنا إلى التساؤل عن الحالة التي يكون فيها‬
‫القانون يقرر للجريمة عقوبة جناية ولكن القاضي لم يحكم إال بعقوبة جنحة ‪ ،‬فهل تعد‬
‫الجريمة جناية باعتبار العقوبة التي يقررها القانون لها أم تعد جنحة باعتبار العقوبة التي‬
‫نطق بها القاضي ؟‪.‬‬
‫في هذا اإلطار يذهب جانب من الفقه إلى القول بأن الجريمة تتحول إلى جنحة ‪ ،‬سواء أكان‬
‫التخفيف لتوافر عذر قانوني أم لتوافر ظرف مخفف ‪ ،‬ودليلهم في ذلك أن القانون هو الذي‬
‫يقرر للجريمة العقوبة المخففة التي نطق بها القاضي‪ .‬فإذا كان التخفيف لتوافر عذر فالقانون‬
‫هو الذي نص على العذر وحدد العقوبة عند توافره على نحو ملزم للقاضي‪ .‬أما إذا كان‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬مأمون دمحم سالمة ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫‪8‬‬
‫التخفيف لتوافر ظرف فالقانون هو الذي خول للقاضي سلطة التخفيف ‪ ،‬إذ أنه يحدد جسامة‬
‫الجريمة على نحو مجرد ولم يكن في وسعه أن يحدد جسامتها في كل حالة على حدة فأناب‬
‫‪1‬‬
‫القاضي عنه في ذلك ‪ ،‬فما يقرره يعد صادرا عن القانون‪.‬‬
‫في حين اعتبر رأي آخر أن األسباب المخففة القانونية هي التي تؤثر في طبيعة الجرم وتنزل‬
‫العقوبة من الجناية إل ى الجنحة ألن هذا النزول من عمل القانون وال خيار للقانون فيه ‪ ،‬أما‬
‫األسباب المخففة التقديرية فهي من عمل القاضي وتابعة لرأيه فإن شاء استعملها وإن شاء‬
‫ردها ولذلك فإنها ال تبدل وصف الجريمة وال تغير نوعها ‪ ،‬وتبقى الجناية محتفظة بطبيعتها‬
‫‪2‬‬
‫وكامل مقوماتها وآثارها القانونية في التكرار والتقادم والعفو العام‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى التشريع الجنائي المغربي نجد أن أثر الظروف المخففة على العقوبة يختلف‬
‫تبعا الختالف نوع العقوبة المقررة للجريمة في القانون ‪ ،‬فالعقوبات الجنائية أكثر تأثرا‬
‫بظروف التخفيف من العقوبات الجنحية ‪ ،‬بينما عقوبات المخالفات ال تتغير مع الظروف‬
‫المخففة إال بشكل محدود‪ .‬وذلك حسب األحكام الواردة في المواد من ‪ 547‬إلى ‪ 515‬من ق‬
‫ج‪ 3.‬والتي بناء عليها يمكن التمييز في أثر الظروف المخففة على العقوبة بين الجنايات ‪،‬‬
‫الجنح والمخالفات‪.‬‬
‫ففيما يخص الجنايات تتأثر العقوبات وفقا لما هو محدد في الفصلين ‪ 547‬و ‪ 547‬على‬
‫الشكل التالي‪:‬‬
‫إذا كانت العقوبة المقررة في القانون هي اإلعدام فإن محكمة الجنايات تطبق عقوبة‬ ‫‪-‬‬
‫السجن المؤبد أو السجن من عشرين إلى ثالثين سنة‪.‬‬
‫إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن المؤبد فإنها تطبق عقوبة السجن من عشر إلى‬ ‫‪-‬‬
‫ثالثين سنة‪.‬‬
‫إذا كان الحد األدنى للعقوبة المقررة هو عشر سنوات سجنا فإنها تطبق السجن من خمس‬ ‫‪-‬‬
‫إلى عشر سنوات‪ ،‬أو عقوبة الحبس من سنتين إلى خمس‪.‬‬
‫إذا كان الحد األدنى للعقوبة المقررة هو خمس سنوات سجنا فإنها تطبق عقوبة الحبس‬ ‫‪-‬‬
‫من سنة إلى خمس‪.‬‬
‫إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن من خمس إلى عشر سنوات فإنها تطبق عقوبة‬ ‫‪-‬‬
‫الحبس من سنة إلى خمس‪.‬‬
‫إذا كانت العقوبة الجنائية المقررة مصحوبة بغرامة فإن محكمة الجنايات يجوز لها أن‬ ‫‪-‬‬
‫تخفض الغرامة إلى مائة وعشرين درهما‪ ،‬أو أن تحذفها‪.‬‬
‫في الحالة التي تحكم فيها محكمة الجنايات بعقوبة الحبس عوضا عن إحدى العقوبات‬ ‫‪-‬‬
‫الجنائية فإنه يجوز لها أن تحكم عالوة على ذلك‪ ،‬بغرامة من مائة وعشرين إلى ألف‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد الشواربي‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -2‬نقض سوري – جناية ‪ 401‬قرار ‪ 101‬تاريخ ‪ ، 5966/6/19‬أورده أديب استانبولي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪ -3‬أحمد الخمليشي ‪ :‬شرح القانون الجنائي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.177‬‬

‫‪9‬‬
‫ومائتي درهم‪ ،‬وبالمنع من اإلقامة والحرمان من الحقوق المشار إليها في الفقرتين األولى‬
‫والثانية من الفصل ‪ ،16‬لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات‪( .‬الفصل ‪ 547‬ق ج)‬
‫‪ -‬إذا كانت العقوبة المقررة في القانون هي اإلقامة اإلجبارية فإن القاضي يحكم بالتجريد‬
‫من الحقوق الوطنية أو الحبس من ستة أشهر إلى سنتين‪ .‬وإذا كانت العقوبة المقررة هي‬
‫التجريد من الحقوق الوطنية‪ ،‬يحكم القاضي إما بعقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين‬
‫أو بالحرمان من بعض الحقوق المشار إليها في الفصل ‪( .16‬الفصل ‪ 547‬ق ج)‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالجنح فيكون تأثير الظروف المخففة على العقوبة على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬في الجنح التأديبية‪ ،‬بما في ذلك حالة العود‪ ،‬يستطيع القاضي‪ ،‬في غير األحوال التي‬
‫ينص فيها القانون على خالف ذلك‪ ،‬إذا كانت العقوبة المقررة هي الحبس والغرامة أو‬
‫إحدى هاتين العقوبتين فقط‪ ،‬وثبت لديه توفر الظروف المخففة‪ ،‬أن ينزل بالعقوبة عن‬
‫الحد األدنى المقرر في القانون‪ ،‬دون أن ينقص الحبس عن شهر واحد والغرامة عن‬
‫مائة وعشرين درهما‪( .‬الفصل ‪ 549‬من ق ج)‬
‫‪ -‬في الجنح الضبطية‪ ،‬بما في ذلك حالة العود‪ ،‬يستطيع القاضي‪ ،‬في غير األحوال التي‬
‫ينص فيها القانون على خالف ذلك‪ ،‬إذا ثبت لديه توفر الظروف المخففة‪ ،‬وكانت‬
‫العقوبة المقررة هي الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين فقط أن ينزل بالعقوبة‬
‫عن الحد األدنى المقرر في القانون دون أن ينقص الحبس عن ستة أيام والغرامة عن‬
‫اثني عشر درهما‪ .‬ويجوز له أيضا أن يحكم بإحدى العقوبتين فقط‪ ،‬كما يجوز له أن‬
‫يحكم بالغرامة عوضا عن الحبس‪ ،‬على أن ال تقل الغرامة في أي حال عن الحد‬
‫األدنى المقرر في المخالفات‪ .‬وفي حالة الحكم بالغرامة عوضا عن الحبس إذا كانت‬
‫العقوبة المقررة في القانون هي الحبس وحده‪ ،‬فإن الحد األقصى لهذه الغرامة يمكن‬
‫أن يصل إلى خمسة آالف درهم‪( .‬الفصل ‪ 510‬من ق ج)‬
‫وأخيرا فيما يتعلق بالمخالفات وبما في ذلك حالة العود يستطيع القاضي‪ ،‬إذا ثبت لديه توفر‬
‫الظروف المخف فة‪ ،‬أن ينزل بعقوبة االعتقال والغرامة إلى الحد األدنى لعقوبة المخالفات‬
‫المقررة في هذا القانون ويجوز له أن يحكم بالغرامة عوضا عن االعتقال‪ ،‬في الحالة التي‬
‫يكون فيها االعتقال مقررا في القانون‪(.‬الفصل ‪ 515‬من ق ج)‬

‫‪10‬‬

You might also like