Professional Documents
Culture Documents
Ø Ù Ø Ù Ø Ø Ù Ø Ù Ø Ø Ù Ù Ø Ù Ù Ø Ù Ù Ù Ø Ù Ù Øºø Ø Ù
Ø Ù Ø Ù Ø Ø Ù Ø Ù Ø Ø Ù Ù Ø Ù Ù Ø Ù Ù Ù Ø Ù Ù Øºø Ø Ù
Ø Ù Ø Ù Ø Ø Ù Ø Ù Ø Ø Ù Ù Ø Ù Ù Ø Ù Ù Ù Ø Ù Ù Øºø Ø Ù
fb.com/Elkanounia.Ma twitter.com/ElkanouniaMa
مسلك القانون -السداسية الثانية الفوج الخامس
وحدة :القانون الجنائي العام
الموسم الجامعي 9191 - 9102
األستاذ :سعيد الوردي
تفريد العقاب
-أسباب تخفيف العقوبة -
تقديم
لقد أدى التطور الذي شهدته التشريعات الجنائية المعاصرة إلى إقرار مجموعة من المبادئ
منها مبدأ تفريد العقاب ،الذي يقضي بضرورة وضع عدة عقوبات مختلفة للفعل الجرمي
الواحد ،ووضع حد أدنى وحد أقصى للعقوبة ،وتخويل القاضي سلطة تقديرية لتوقيع
العقوبات المناسبة لكل مجرم على حدة بناء على مجموعة من المعطيات الشخصية والعينية،
وهذه العملية هي التي تسمى بتفريد العقاب ،حيث يحدد المشرع الظروف التي يكون لها أثر
في تشديد العقوبة أو تخفيفها.
وتبعا لذلك أصبحت معظم التشريعات تعتنق تقسيما للظروف يفرق بينهما بسبب األثر
المترتب عل يها ،فتلك التي تؤدي إلى تشديد العقوبة تسمى ظروفا مشددة ،وتلك التي تؤدي
إلى تخفيفها يطلق عليها الظروف المخففة 1.وقد سار التشريع المغربي بدوره على هذا النهج
وهو ما سنراه من خالل:
المطلب األول :أسباب تخفيف العقوبة
1
-عبد الحميد الشواربي :مرجع سابق ،ص .51
1
المطلب األول :أسباب تخفيف العقوبة
إن غاية القاضي الجنائي من تطبيق القانون هي النطق بعقوبة جنائية عادلة ومناسبة للجاني ،
تأخذ بعين االعتبار ظروفه الشخصية التي دفعته الرتكاب الجريمة وكذا الظروف العينية
التي أحاطت به عند ارتكابه لها ،والقاضي بطبيعة الحال ال يمكنه الوصول إلى هذه الغاية ما
لم يتم تمكينه من سلطة لتفريد العقاب ،تخوله الحق في تخفيف العقوبة ،وهذه السلطة منها ما
هو منصوص عليه قانونا ويسمى باألعذار القانونية – الفقرة األولى – ومنها ما هو متروك
لسلطة القاضي التقديرية ويسمى بالظروف القضائية المخففة – الفقرة الثانية -
الفقرة األولى :األعذار القانونية
لقد نظم المشرع المغربي األعذار القانونية في الفصول من 541إلى 541من ق ج.
وبالرجوع إلى الفصل 541نجده ينص على أن األعذار هي حاالت محددة في القانون على
سبيل الحصر ،يترتب عليها ،مع ثبوت الجريمة وقيام المسؤولية ،أن يتمتع المجرم إما
بعدم العقاب ،إذا كانت أعذارا معفية ،وإما بتخفيض العقوبة ،إذا كانت أعذارا مخفضة.
وينبغي عدم الخلط بين األعذار القانونية حتى ولو كانت أعذارا معفية وبين أسباب
التبرير أو األسباب المبررة ،فاألعذار القانونية تقتضي وجود جريمة ووجود شخص
1
مسؤول عن ارتكابها ،أما أسباب التبرير فهي تمحو هذه الجريمة.
ويتضح من خالل الفصل 541أعاله أن األعذار القانونية يحددها القانون على سبيل
الحصر ،وهي تكون على صورتين إما معفية من العقاب – أوال – وإما مخفضة للعقوبة –
ثانيا -
أوال :األعذار القانونية المعفية من العقاب
األعذار المعفية أو موانع العقاب هي أسباب لإلعفاء من العقاب ،على الرغم من بقاء أركان
الجريمة كافة وشروط المسؤولية عنها متوافرة .فالعذر المعفي ال ينفي ركنا للجريمة أو
شرطا للمسؤولية عنها ،بل هو على نقيض ذلك يفترض جريمة متوافرة األركان ويفترض
مسؤولية نشأت ع نها ،أي أنه يفترض جريمة ارتكبت وشخصا مسؤوال عنها ،ولكن يحول
2
دون أن ترتب المسؤولية نتيجتها الطبيعية وهي توقيع العقوبة.
فاألعذار القانونية المعفية يترتب عليها إذن مع ثبوت الجريمة وقيام المسؤولية ،أن يتمتع
المجرم بعدم العقاب ،وهي محددة في القانون على سبيل الحصر وال يمكن للقاضي أن يجتهد
في إضافة أعذار أخرى أو أن يحذف أعذارا موجودة.
وبالرجوع إلى نصوص القانون الجنائي يتضح لنا أن غالبية حاالت اإلعفاء قد قررها
المشرع ألسباب خاصة يقدرها ،ارتأى فيها ضرورة عدم عقاب الجاني عما ارتكبه من
2
جرائم تقديرا منه العتبارات خاصة رأى أنها أولى باالهتمام والرعاية من مجرد الرغبة في
عقاب الجاني عن تلك الجرائم .وتتنوع العلل التي من أجلها قرر المشرع المغربي هذه
األعذار المعفية من العقاب تقديرا منه لمصلحة تترتب على عدم العقاب تفوق بكثير تلك التي
1
ستحقق بعقاب الجاني عن جريمته.
وحسب الفصل 544من ق ج فاألعذار القانونية مخصصة ،ال تنطبق إال على جريمة أو
جرائم معينة .وهي مقررة في الكتاب الثالث من هذا القانون المتعلق بمختلف الجرائم .ومعنى
ذلك أن القاضي ال يجوز له أن يعفي الجاني من العقاب إال إذا توافرت شروط اإلعفاء كما
حددها المشرع.
ومن األمثلة التي يمكن إيرادها في هذا اإلطار نذكر ما يلي:
-اإلعفاء من العقوبة فيما يتعلق بالجرائم المشار إليها في الفصول 101إلى ،101األشخاص
الذين انخرطوا في العصابات المسلحة من غير أن يباشروا فيها قيادة ما ولم يتولوا فيها أي
وظيفة مع ينة ،وعالوة على ذلك فإنهم انسحبوا منها عند أول إنذار يصدر من السلطات
المدنية أو العسكرية ،أو انسحبوا بعد ذلك ولكن قبض عليهم خارج أماكن التجمع الثوري،
دون أن يحملوا سالحا ودون أن يبدوا مقاومة(.الفصل 151ق ج)
-اإلعفاء من العقاب ،بالنسبة للسارق إذا كان المال المسروق مملوكا لزوجه أو ألحد فروعه.
(الفصل 114ق ج)
-جواز إعفاء األقارب واألصهار إلى غاية الدرجة الرابعة ألحد المساهمين في العصابة أو
االتفاق إذا قدموا له مسكنا أو وسائل تعيش شخصية فقط (الفصل 191ق ج)
غير أنه ال بد من التنبيه إلى أن الفصل 541من ق ج يرتب على األعذار المعفية منح
المؤاخذ اإلعفاء المانع من العقاب ،غير أن القاضي يبقى له الحق في أن يحكم على المعفى
بتدابير الوقاية الشخصية أو العينية ما عدا اإلقصاء.
وما نص عليه هذا الفصل نجد تطبيقاته في عدة فصول من ق ج نذكر منها الفصل 179الذي
ينص على أنه يتمتع بعذر معف من العقاب ،بالشروط المقررة في الفصلين 541و ،541أحد
الجناة في الجرائم المشار إليها في الفصول 171إلى ،177إذا أخطر بها السلطات اإلدارية
أو القضائية وكشف عن شخصية الجناة اآلخرين وكان ذلك قبل تمام الجريمة وقبل أية
متابعة؛ وكذلك إذا مكن من القبض على بقية الجناة ولو كان ذلك بعد ابتداء المتابعة .إال أنه
يجوز أن يحكم عليه بالمنع من اإلقامة من عشر إلى عشرين سنة.
نخلص مما سبق إلى أن األعذار المعفية من العقاب هي أعذار محددة قانونا على سبيل
الحصر ،وأنها تعفي من العقاب ،وهي مبنية على المصلحة فرغم توافر عناصر الجريمة
يعتبر القانون أن مصلحة المجتمع تتطلب أن يمنح نوع من المكافأة لبعض المجرمين تحفيزا
3
لهم على اإلفالت من العقاب وتجنيب المجتمع شرورهم .إال أن هذه األعذار ال تكون دائما
معفية من العقوبة بل قد ينحصر أثرها فقط في تخفيض العقوبة.
ثانيا :األعذار القانونية المخفضة للعقوبة
يقصد باألعذار القانونية المخففة أو المخفضة تلك األسباب التي يستخلصها المشرع من
حاالت العقاب وينص عليها حصرا باعتبارها ظروفا مخففة يتعين على القاضي ضرورة
1
مراعاة أحكامها وترتيب أثرها المخفف وجوبا متى توفرت شروطها.
وتتميز األعذار المخففة عن ظروف التخفيف بأنها منصوص عليها في القانون بالنسبة لكل
جريمة بمفردها بينما ظروف التخفيف متروكة لتقدير القاضي يمكن له منحها في جميع
الجرائم ما لم يوجد نص صريح يمنعه من ذلك .كما تتميز أيضا بكون تخفيف العقوبة معها
يختلف من عذر آلخر حيث يحدد هذا التخفيف نفس النص الذي يقرر العذر ،بينما يخضع
تخفيض العقوبة مع ظروف التخفيف لقواعد عامة تعرض لها المشرع في المواد من -547
2
515من ق ج.
أما األمثلة على األعذار المخفضة للعقوبة في القانون الجنائي فكثيرة نورد منها ما يلي:
-جرائم الضرب والجرح إذا ارتكبت ضد شخص بالغ عند مفاجأته متلبسا بهتك أو بمحاولة
هتك عرض بعنف أو بدون عنف ،على طفل دون الثامنة عشرة( .الفصل 415من ق ج)
-جرائم الضرب والجرح ،إذا ارتكبت ضد شخص بالغ عند مفاجأته متلبسا باغتصاب أو
بمحاولة اغتصاب( .3الفصل 415ق ج)
-جرائم القتل أو الجرح أو الضرب ،إذا ارتكبها أحد الزوجين ضد الزوج اآلخر وشريكه
عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية( .4الفصل 457من ق ج)
ونتساءل في هذا اإلطار عن مدى إلزامية تمتيع المتهم بهذا العذر المخفض للعقوبة عند
توافره ؟ الجواب نجده في نازلة عرضت على محكمة النقض رفضت فيها غرفة الجنايات
تمتيع المتهم بقتل زوجته وشريكها وثالثة من أبنائه إثر ضبطها متلبسة بالخيانة الزوجية ،
بالعذر المخفض للعقوبة وحكمت عليه باإلعدام مبررة ذلك بخطورة األفعال وبشاعتها إذ
شملت ثالثة أوالد بعد قتل أمهم وال ذنب لهم سوى أنهم سيبلغون عنه ما ارتكبه تجاه أمهم
وخ ادمه ،واستنتجت انعدام الشفقة األبوية باستعماله أخطر الوسائل .وهو القرار الذي أيدته
5
محكمة النقض بعلله ورفضت طلب النقض الذي تقدم به المتهم.
4
وكما سبقت اإلشارة فإن األعذار المخففة محددة بموجب القانون ،وال يمكن للقاضي أن
يمنح أعذارا غير منصوص عليها ،إال أنه رغم ذلك فقد نص الفصل 411من ق ج على أنه
ال يوجد مطلقا عذر مخفض للعقوبة في جناية قتل األصول.
كما أن المشرع قد حدد مقدار خفض العقوبة عندما يثبت العذر القانوني ،حيث تخفض
العقوبات طبقا لما هو محدد في الفصل 411من ق ج كما يلي:
- 5الحبس من سنة إلى خمس في الجنايات المعاقب عليها قانونا باإلعدام أو السجن المؤبد.
- 1الحبس من ستة أشهر إلى سنتين في جميع الجنايات األخرى.
- 1الحبس من شهر إلى ثالثة أشهر في الجنح.
ويعني ذلك أن القاضي ال يملك أية سلطة تقديرية واسعة فيما يخص األعذار القانونية
المخفضة للعقوبة حيث يكون محكوما بالنصوص القانونية السالفة الذكر ،وذلك على خالف
ما هو عليه األمر في الظروف القضائية المخففة حيث منحه المشرع سلطة تقديرية واسعة
في تنزيلها.
الفقرة الثانية :الظروف القضائية المخففة
الظروف القضائية المخففة هي أسباب للتخفيف تخول القاضي – في نطاق قواعد حددها
القانون – الحكم بعقوبة تقل عن الحد األدنى المقرر للجريمة 1.حيث جرى المشرع على
تقدير العقوبة بحدين أدنى وأقصى مراعيا في ذلك أغلبية الحاالت العادية الرتكاب كل
جريمة .ولكن إلى جانب هذه الحاالت الغالبة توجد أخرى استثنائية ترتكب فيها الجريمة في
ظروف خاصة أو يكون المجرم نفسه محاطا بظروف شخصية يجب أخذها بعين االعتبار
لخفض العقوبة عن الحد األدنى ،هذه الظروف منها ما نص عليه القانون فيدخل في زمرة
األعذار الق انونية التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة ،ومنها ما أسند تقديره إلى القاضي
وسماها ظروف التخفيف القضائية 2.وهي التي سنتناولها من خالل التطرق لتحديد ماهيتها–
أوال – ثم نتعرض للسلطة التقديرية للقاضي إزاء الظروف القضائية المخففة – ثانيا – ثم
أخيرا أثر هذه الظروف على وصف الجريمة – ثالثا -
أوال :ماهية الظروف القضائية المخففة
نظم المشرع الجنائي المغربي ظروف التخفيف في الفصول من 546إلى 515من ق
ج ،وحسب الفصل 546فإنه " إذا تبين للمحكمة الزجرية ،بعد انتهاء المرافعة في القضية
المطروحة عليها ،أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس بالنسبة لخطورة األفعال
المرتكبة ،أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم ،فإنها تستطيع أن تمنحه التمتع بظروف التخفيف،
إال إذا وجد نص قانوني يمنع ذلك.
ومنح الظروف المخففة موكول إلى تقدير القاضي ،مع التزامه بتعليل قراره في هذا
الصدد بوجه خاص ،وآثار الظروف المخففة شخصية بحتة ،فال تخفف العقوبة إال فيما يخص
المحكوم عليه الذي منح التمتع بها.
5
ومنح الظروف المخففة ينتج عنه تخفيف العقوبات المطبقة ،ضمن الشروط المقررة في
الفصول التالية".
ويتبين من خالل هذا الفصل أن ظروف التخفيف هي تلك الظروف واألحوال التي ترك
المشرع أمر تحديدها لفطنة القاضي وخبرته ،فالمشرع لم يحدد الظروف المخففة ولم يضع
ضوابط تعين القاضي على استخالصها ،بل ترك ذلك كله لفطنته وحسن تقديره ومن تم
كانت غير محددة عددا وغير معرفة مضمونا.1
فكلما تبين للقاضي أثناء نظره في الدعوى أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس
بالنسبة لخطورة األفعال المرتكبة ،أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم ،فإنه يستطيع مبدئيا أن
يمنحه التمتع بظروف التخفيف ،إال إذا وجد نص قانوني يمنعه من ذلك .وتمتيع المتهم
بظروف التخفيف هو من األمور الموكولة لسلطة القاضي التقديرية وال يلزمه في ذلك سوى
تعليل قراره بكيفية توضح األسباب التي استند عليها في منح ظروف التخفيف.
ولقد وضع المشرع في الفصول من 547إلى 515من ق ج 2مجموعة من الضوابط
التي يجب على القاضي الرجوع إليها عند تقدير العقوبة بمناسبة تمتيع المتهم بظروف
التخفيف ،وحدد مقدار العقوبة الذي يمكن للقاضي أن يطبقه فإذا كان مثال الحد األدنى
للعقوبة المقررة هو عشر سنوات سجنا فإن القاضي يمكنه أن يطبق السجن من خمس إلى
عشر سنوات ،أو عقوبة الحبس من سنتين إلى خمس .وإذا كان الحد األدنى للعقوبة المقررة
هو خمس سنوات سجنا فإنها تطبق عقوبة الحبس من سنة إلى خمس .فالمشرع منح للقضاء
سلطة تقديرية في اختيار العقوبة لكنه رغم ذلك وضع حدين أدنى وأقصى للعقوبة التي يجب
النطق بها بعد تمتيع المتهم بظروف التخفيف.
هذا ويجب التأكيد على أن تمتيع المتهم بظروف التخفيف يقتضي وجوبا النزول عن الحد
األدنى للعقوبة ،فظروف التخفيف ال تعني أبدا الحكم بالحد األدنى المقرر للعقوبة ،بل تعني
النزول عن هذا الحد .ويعتبر هذا المقتضى من النظام العام يمكن لمحكمة الطعن إثارته
3
تلقائيا.
كما تجدر اإلشارة إلى أنه هناك حاالت تكون فيها المحكمة ملزمة بالبث في وجود أو عدم
وجود ظروف التخفيف ،كما هو الشأن بالنسبة لغرفة الجنايات التي يجب عليها كلما قررت
إدانة المتهم أن تبت في وجود ظروف مخففة أو عدم وجودها ،وذلك طبقا لما تنص عليه
المادة 410من ق م ج 4.ويعتبر هذا األمر إجراء مسطري جوهري ،حيث دأبت محكمة
-1محمود نجيب حسني :مرجع سابق ،ص .711
2
-راجع الفصول 515 – 510 – 549 – 547 – 547من ق ج.
-3انظر قرار صادر عن محكمة النقض تحت عدد 5-176في الملف الجنحي رقم 9497-96بتاريخ 5997/04/11منشور بالموقع االلكتروني:
https://www.mahkamaty.com/زيارة الموقع تمت بتاريخ 6دجنبر .1059
4
-تنص المادة 410من ق م ج على أنه " يتداول أعضاء غرفة الجنايات في شأن إدانة المتهم وفي العقوبة ،معتبرين على األخص الظروف
المشددة وحاالت األعذار القانونية إن وجدت.
يجب على الرئيس أن يدعو الهيئة كلما قررت إدانة المتهم ،أن تبت في وجود ظروف مخففة أو عدم وجودها.
تنظر غرفة الجنايات ،عند االقتضاء ،في منح المحكوم عليه إيقاف تنفيذ العقوبة وفي تطبيق العقوبات اإلضافية أو اتخاذ تدابير وقائية.
يتخذ القرار في جميع األحوال باألغلبية ،ويقع التصويت على التوالي بخصوص كل نقطة على حدة".
6
النقض على نقض وإبطال القرارات التي تصدرها غرفة الجنايات دون أن تتعرض للبث في
1
وجود أو عدم وجود الظروف المخففة.
نخلص إذن إلى أن الظروف القضائية المخففة هي ظروف منح المشرع للقضاء سلطة
استخالصها من الوقائع والظروف المحيطة بكل مجرم على حدة ،و الظروف التي يعتمدها
القضاء للقول بتخفيف العقوبة كثيرة ومتنوعة يمكن حصر أهمها فيما يلي:
-الظروف االجتماعية :وهي كثيرة يدخل في إطارها كل ما له عالقة بظروف المتهم
األسرية ككونه المعيل الوحيد لألسرة مثال أو كونه رجال مسنا أو امرأة حامل أو لها
أطفال صغار في حاجة ماسة لرعايتها.
-الظروف الصحية :ككونه مريضا بمرض عضال يستوجب متابعة طبية مستمرة
يجعله غير قادر على تحمل مشاق العقوبة .كحالة المريض بمرض السرطان أو كونه
يخضع لعملية تصفية الدم.
-الظروف المهنية :كأن يكون المتهم تلميذا أو طالبا يتابع دراسته حيث يتم أخذ هذا
المعطى بعين االعتبار لتمتيعه بظروف التخفيف وتفادي الحكم عليه بعقوبات سالبة
للحرية حتى ال يؤثر ذلك على مستقبله نتيجة ظهور العقوبة في سجله العدلي.
-انعدام السوابق الجنائية :ويدل ذلك على عدم خطورة المتهم ،مما يستوجب تمتيعه
بظروف التخفيف لتشجيعه على تصحيح سلوكه وعدم االنسياق وراء الجريمة.
-الخطورة اإلجرامية :وهي تعبر عن ذلك االستعداد الذي يتواجد لدى الشخص
وبمقتضاه يكون من المحتمل إقدامه على ارتكاب جرائم مستقبلية ،فهي قدرة
الشخص على ارتكاب الجرائم ،مما يجعلها حالة نفسية يعتد بها القانون في تقدير
العقوبة والشكل الذي تكون عليه تلك العقوبة 2.وكلما تبين بأن المتهم ال يتوفر على
3
خطورة إجرامية أمكن تمتيعه بظروف التخفيف والعكس صحيح.
إذن كانت هذه أهم األسباب التي يتم االستناد إليها لتبرير تمتيع المتهم بظروف التخفيف،4
وذلك بطبيعة الحال يخضع للسلطة التقديرية للقاضي مما يجعلنا نتساءل عن حدود هذه
السلطة في مجال منح ظروف التخفيف أو االمتناع عن منحها.
ثانيا :السلطة التقديرية للقاضي إزاء الظروف القضائية المخففة
لقد الحظنا من خالل دراسة الظروف القضائية المخففة للعقوبة أن المشرع لم يحددها كما
فعل في األعذار القانونية ،ولم يضع ضوابط يمكن االهتداء بها لتقرير أو نفي هذه الظروف
-1انظر في شأن هذه القرارات وغيرها ذ أحمد الخمليشي " :شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثاني" ،مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
بالرباط ،الطبعة الثانية ،ص .191
2
-مأمون دمحم سالمة :مرجع سابق ،ص .507
-3فقد رفضت غرفة الجنايات االستئنافية لدى محكمة االستئناف بمكناس بعد تداولها في شأن تمتيع المتهم بظروف التخفيف القضائية منحه التمتع
بهذه الظروف معللة رفضها بخطورة اإلصابات الالحقة بالضحية والتي تنم عن وجود خطورة إجرامية في شخصية المجرم حيث كانت الجريمة
تتجلى في محاولة القتل العمد عن طريق الطعن بواسطة سالح أبيض .انظر قرار رقم 95بتاريخ 1057/01/01صادر عن غرفة الجنايات
االستئنافية بمكناس في ملف جنائي استئنافي رقم ،1056/616وهو غير منشور.
-4وتجدر اإلشارة إلى أن بعض المحاكم ال تكلف نفسها عناء إبراز نوعية الظروف التي اعتمدتها لتبرير تمتيع المتهم بظروف التخفيف ،حيث
تكتفي بإيراد عبارة " وحيث إن العقوبة الحبسية المحكوم بها بالنظر لظروف المتهم االجتماعية والشخصية تبقى غير مناسبة مما يتعين التخفيض
منها" ،أنظر مثال قرار صادر عن محكمة االستئناف بمكناس تحت عدد 5114في الملف رقم 57/704بتاريخ ، 1057/01/10غير منشور.
7
،بل ترك ذلك لسلطة القاضي التقديرية التي يستعملها للتخفيف من حدة العقوبة عندما تتوافر
أسباب أو ظروف لها عالقة بشخص المتهم أو بمالبسات ارتكابه للجريمة ،فيقرر تمتيعه
بالظروف القضائية المخففة فينزل عن الحد األدنى المقرر للعقوبة أو يجعلها عقوبة موقوفة
التنفيذ .وهذا يدل على أن للقاضي سلطة تقديرية واسعة في هذا المجال.
والسلطة التقديرية هي مفهوم قانوني يتحدد في ضوء النصوص والقواعد التي تبين قواعدها
وضوابط استخدامها دون أن يؤثر وجود تلك القواعد القانونية على وجود السلطة التقديرية
ذاتها 1.وقد أثارت السلطة التقديرية جدال كبيرا بين من يرى فيها ضرورة ملحة يجب
توسيعها ،ومن يرى عكس ذلك ويقول بضرورة تقويضها.
وإذا كانت الصورة الواضحة للظروف القضائية المخففة في القانون الجنائي المغربي هي
التي تسمح للقاضي بالنزول عن الحد األدنى للعقوبة المقررة في النص القانوني ،فإن جانبا
من الفقه يرى بكون السلطة التقديرية للقاضي تبرز أيضا في الحاالت التي يكتفي فيها
المشرع بالنص على الحد األقصى والحد األدنى للعقوبة المقررة للجريمة.
وهذه السلطة التقديرية التي يستقل بها قضاة الموضوع الختيار العقوبة المناسبة بين الحد
األدنى والحد األقصى الذي نص عليه المشرع ال يجب أن تترك دون ضوابط ،فالقاضي
ملزم بتبرير أخذه بالحد األدنى دون الحد األقصى أو العكس .ذلك أنه من الطبيعي فيمن كان
مخيرا بين أمرين مختلفين عن بعضهما اختالفا ظاهرا أن يعلل سبب اختياره جانب الشدة مع
جواز اختياره جانب التخفيف.
وال بد من اإلشارة إلى أن المحكمة ملزمة عند نظرها في الجنايات بالجواب عن طلب تمتيع
المتهم بظروف التخ فيف ،وأن تتداول في إمكانية تمتيعه بهذه الظروف حتى ولو لم يطلبها ،
ويجب على المحكمة أن تعلل رأيها بمنح أو عدم منح المتهم ظروف التخفيف .وعلى خالف
ذلك فهي غير ملزمة بالجواب أو التداول في هذه الظروف عندما يتعلق األمر بالجنح أو
المخالفات ،فقط يجب عليها عندما تأخذ بهذه الظروف أن تبرز األسباب التي دعتها إلى ذلك.
ثالثا :أثر الظروف القضائية المخففة على وصف الجريمة
إن الحديث عن أثر الظروف القضائية المخففة يجرنا إلى التساؤل عن الحالة التي يكون فيها
القانون يقرر للجريمة عقوبة جناية ولكن القاضي لم يحكم إال بعقوبة جنحة ،فهل تعد
الجريمة جناية باعتبار العقوبة التي يقررها القانون لها أم تعد جنحة باعتبار العقوبة التي
نطق بها القاضي ؟.
في هذا اإلطار يذهب جانب من الفقه إلى القول بأن الجريمة تتحول إلى جنحة ،سواء أكان
التخفيف لتوافر عذر قانوني أم لتوافر ظرف مخفف ،ودليلهم في ذلك أن القانون هو الذي
يقرر للجريمة العقوبة المخففة التي نطق بها القاضي .فإذا كان التخفيف لتوافر عذر فالقانون
هو الذي نص على العذر وحدد العقوبة عند توافره على نحو ملزم للقاضي .أما إذا كان
1
-مأمون دمحم سالمة :مرجع سابق ،ص .77
8
التخفيف لتوافر ظرف فالقانون هو الذي خول للقاضي سلطة التخفيف ،إذ أنه يحدد جسامة
الجريمة على نحو مجرد ولم يكن في وسعه أن يحدد جسامتها في كل حالة على حدة فأناب
1
القاضي عنه في ذلك ،فما يقرره يعد صادرا عن القانون.
في حين اعتبر رأي آخر أن األسباب المخففة القانونية هي التي تؤثر في طبيعة الجرم وتنزل
العقوبة من الجناية إل ى الجنحة ألن هذا النزول من عمل القانون وال خيار للقانون فيه ،أما
األسباب المخففة التقديرية فهي من عمل القاضي وتابعة لرأيه فإن شاء استعملها وإن شاء
ردها ولذلك فإنها ال تبدل وصف الجريمة وال تغير نوعها ،وتبقى الجناية محتفظة بطبيعتها
2
وكامل مقوماتها وآثارها القانونية في التكرار والتقادم والعفو العام.
وبالرجوع إلى التشريع الجنائي المغربي نجد أن أثر الظروف المخففة على العقوبة يختلف
تبعا الختالف نوع العقوبة المقررة للجريمة في القانون ،فالعقوبات الجنائية أكثر تأثرا
بظروف التخفيف من العقوبات الجنحية ،بينما عقوبات المخالفات ال تتغير مع الظروف
المخففة إال بشكل محدود .وذلك حسب األحكام الواردة في المواد من 547إلى 515من ق
ج 3.والتي بناء عليها يمكن التمييز في أثر الظروف المخففة على العقوبة بين الجنايات ،
الجنح والمخالفات.
ففيما يخص الجنايات تتأثر العقوبات وفقا لما هو محدد في الفصلين 547و 547على
الشكل التالي:
إذا كانت العقوبة المقررة في القانون هي اإلعدام فإن محكمة الجنايات تطبق عقوبة -
السجن المؤبد أو السجن من عشرين إلى ثالثين سنة.
إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن المؤبد فإنها تطبق عقوبة السجن من عشر إلى -
ثالثين سنة.
إذا كان الحد األدنى للعقوبة المقررة هو عشر سنوات سجنا فإنها تطبق السجن من خمس -
إلى عشر سنوات ،أو عقوبة الحبس من سنتين إلى خمس.
إذا كان الحد األدنى للعقوبة المقررة هو خمس سنوات سجنا فإنها تطبق عقوبة الحبس -
من سنة إلى خمس.
إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن من خمس إلى عشر سنوات فإنها تطبق عقوبة -
الحبس من سنة إلى خمس.
إذا كانت العقوبة الجنائية المقررة مصحوبة بغرامة فإن محكمة الجنايات يجوز لها أن -
تخفض الغرامة إلى مائة وعشرين درهما ،أو أن تحذفها.
في الحالة التي تحكم فيها محكمة الجنايات بعقوبة الحبس عوضا عن إحدى العقوبات -
الجنائية فإنه يجوز لها أن تحكم عالوة على ذلك ،بغرامة من مائة وعشرين إلى ألف
1
-عبد الحميد الشواربي :مرجع سابق ،ص .57
-2نقض سوري – جناية 401قرار 101تاريخ ، 5966/6/19أورده أديب استانبولي ،مرجع سابق ،ص .171
-3أحمد الخمليشي :شرح القانون الجنائي ،مرجع سابق ،ص .177
9
ومائتي درهم ،وبالمنع من اإلقامة والحرمان من الحقوق المشار إليها في الفقرتين األولى
والثانية من الفصل ،16لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات( .الفصل 547ق ج)
-إذا كانت العقوبة المقررة في القانون هي اإلقامة اإلجبارية فإن القاضي يحكم بالتجريد
من الحقوق الوطنية أو الحبس من ستة أشهر إلى سنتين .وإذا كانت العقوبة المقررة هي
التجريد من الحقوق الوطنية ،يحكم القاضي إما بعقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين
أو بالحرمان من بعض الحقوق المشار إليها في الفصل ( .16الفصل 547ق ج).
أما فيما يتعلق بالجنح فيكون تأثير الظروف المخففة على العقوبة على الشكل التالي:
-في الجنح التأديبية ،بما في ذلك حالة العود ،يستطيع القاضي ،في غير األحوال التي
ينص فيها القانون على خالف ذلك ،إذا كانت العقوبة المقررة هي الحبس والغرامة أو
إحدى هاتين العقوبتين فقط ،وثبت لديه توفر الظروف المخففة ،أن ينزل بالعقوبة عن
الحد األدنى المقرر في القانون ،دون أن ينقص الحبس عن شهر واحد والغرامة عن
مائة وعشرين درهما( .الفصل 549من ق ج)
-في الجنح الضبطية ،بما في ذلك حالة العود ،يستطيع القاضي ،في غير األحوال التي
ينص فيها القانون على خالف ذلك ،إذا ثبت لديه توفر الظروف المخففة ،وكانت
العقوبة المقررة هي الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين فقط أن ينزل بالعقوبة
عن الحد األدنى المقرر في القانون دون أن ينقص الحبس عن ستة أيام والغرامة عن
اثني عشر درهما .ويجوز له أيضا أن يحكم بإحدى العقوبتين فقط ،كما يجوز له أن
يحكم بالغرامة عوضا عن الحبس ،على أن ال تقل الغرامة في أي حال عن الحد
األدنى المقرر في المخالفات .وفي حالة الحكم بالغرامة عوضا عن الحبس إذا كانت
العقوبة المقررة في القانون هي الحبس وحده ،فإن الحد األقصى لهذه الغرامة يمكن
أن يصل إلى خمسة آالف درهم( .الفصل 510من ق ج)
وأخيرا فيما يتعلق بالمخالفات وبما في ذلك حالة العود يستطيع القاضي ،إذا ثبت لديه توفر
الظروف المخف فة ،أن ينزل بعقوبة االعتقال والغرامة إلى الحد األدنى لعقوبة المخالفات
المقررة في هذا القانون ويجوز له أن يحكم بالغرامة عوضا عن االعتقال ،في الحالة التي
يكون فيها االعتقال مقررا في القانون(.الفصل 515من ق ج)
10