Professional Documents
Culture Documents
طريق الحرير تقرير مركز الجزيرة
طريق الحرير تقرير مركز الجزيرة
عزت شحرور*
مدير مكتب قناة الجزيرة في بكين
11مايو/أيار 2017
Al Jazeera Centre for Studies
Tel: +974-44663454
jcforstudies@aljazeera.net
http://studies.aljazeera.net
الصين قوة دولية ومبادرتها "الحزام والطريق" بمثابة هجوم اقتصادي ناعم وسيحمل في طياته مخاوف لقوى إقليمية ودولية كثيرة (الجزيرة)
ملخص
تؤكد الورقة أن مبادرة الحزام والطريق هي المحرك األساسي للسياسة الصينية داخليًّا وللدبلوماسية الصينية خارجيًّا .وهي
المشروع األساس للرئيس الصيني شي جينبينغ .وتهدف المبادرة إلى ربط العالم بالصين بطرق ومسارات للتبادل التجاري
والسياسي لتكون بمثابة هجوم اقتصادي ناعم سيحمل في طياته مخاوف سياسية وأمنية لقوى إقليمية ودولية كثيرة .لذلك
سيتوقف نجاح هذه المبادرة على قدرة الصين على طمأنة جوارها اإلقليمي والمجتمع الدولي بأن مبادرتها ًّ
فعًل للكسب
ًّ
فضًل عن حل خًلفاتها مع الخصوم والمنافسين وتعزيز عًلقاتها مع األصدقاء .وتواجه المبادرة تحديات من المشترك،
داخلها بسبب طبيعة النظام الصيني المغلق اقتصاديًّا والمتحفظ سياسيًّا ،وألن مسارات "الحزام والطريق" لم تحدد بدقة ،كما
أنها مرشحة للتغيير والتعديل ما يضفي عليها مزيدًّا من الغموض .ونظ ًّرا الرتباطها الوثيق بالرئيس الصيني الحالي ،فإن
مصيرها مهدد ،وقد تنتهي بمجرد انتهاء واليته عام .2022
منذ أن أطلق الرئيس الصيني شي جينبينغ خًلل زيارته إلى كازخستان عام 2013مبادرته "البناء المشترك للحزام
االقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين" المعروفة اختصارًّ ا باسم "حزام واحد
وطريق واحد" ،باتت هذه المبادرة تش ِّكل المحرك األساس للسياسة الصينية داخليًّا وللدبلوماسية الصينية خارجيًّا .وأدرجت
رسميًّا عام 2014ضمن خطة أعمال الحكومة .ومذاك تُعقد من أجلها المؤتمرات والندوات وتُفرد لها وسائل اإلعًلم
الصينية مساحات واسعة من التقارير والتحليًلت .وها هي الصين تستضيف قمة خاصة للمبادرة يحضرها نحو 28رئيسًّا
ورئيس دولة بينهم الرئيس الروسي فًلديمير بوتين ،واألمين العام لألمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ،ورئيس البنك الدولي
جيم يونغ كيم ،والمديرة اإلدارية لصندوق النقد الدولي كريستين الجارد ،باإلضافة إلى نحو 1200شخصية ممثلين عن
نحو 60منظمة إقليمية ودولية ،ومدراء شركات ورواد أعمال وخبراء مال وصحفيون من 110دولة(.)1
لم يكن الرئيس شي جينبينغ أول من أطلق المبادرة ،فقد سبقه رئيس الوزراء الصيني األسبق لي بنغ بعشرة أعوام خًلل
ضا رئيس الوزراء الياباني هاشيموتو عام 1997
جولة له في دول آسيا الوسطى عام .1994وكانت الفكرة قد راودت أي ًّ
2
بهدف تعزيز التعاون بين بًلده ودول آسيا الوسطى وجنوب القوقاز .وكانت الهند من جهتها قد اقترحت فكرة مشابهة عام
2002تحت اسم "ممر مواصًلت شمال ـ جنوب" يربط الهند بروسيا عبر إيران والقوقاز .كما اقترح االتحاد األوروبي
عام 2009ما عرف باسم "برنامج طريق الحرير الجديد" لمد خط أنابيب ينقل الغاز الطبيعي من آسيا الوسطى إلى أوروبا
بهدف تقليل االعتماد على الغاز الروسي .ولم تكن الواليات المتحدة بعيدة عن مثل هذه المبادرات ،فقد اقترحت عام 2011
استراتيجية طريق الحرير الجديدة أو ما عُرف في حينه باسم "طريق الحرير الحديدي" ،الذي يهدف إلى بناء شبكة خطوط
حديدية لتعزيز التعاون االقتصادي بين أفغانستان وجمهوريات آسيا الوسطى ودول جنوب آسيا .لكن الرؤية األكثر وضوحًّا
تولدت من بنات أفكار شو شن دا ،نائب رئيس الهيئة الوطنية العامة للضرائب في الصين ،الذي قدمها كمقترح لوزارة
التجارة الصينية تحت عنوان "خطة مارشال الصينية" مقتسبًّا االسم من المبادرة المعروفة لوزير الخارجية األميركي
جورج مارشال لمساعدة الدول األوروبية في إعادة إعمار ما دمرته الحرب العالمية الثانية وبناء اقتصاداتها من جديد.
وجاءت مبادرة شو كرد صيني على األزمة المالية والركود االقتصادي العالمي عام .2008وتقوم الفكرة على استخدام
االحتياطي االستراتيجي الصيني من العملة لمنح قروض إلى الدول النامية ،تستخدم لبناء مشاريع تنفذها شركات صينية في
تلك الدول .وسرعان ما تلقف الرئيس الصيني شي جينبينغ الفكرة وجرى تطويرها بعد سلسلة من النقاشات وجلسات
العصف الذهني في أروقة مراكز البحث وأوعية الفكر الحزبية والحكومية الصينية لتصبح بعد ذلك "مبادرة الحزام
والطريق".
من الواضح أن جمهوريات آسيا الوسطى وما تمتلكه من الغاز الطبيعي والموارد األولية والموقع الجغرافي كانت دائ ًّما
العامل المشترك والمحرك الرئيس في كل تلك المبادرات ،لكن العامل المشترك اآلخر هو أن كل تلك المبادرات لم تبصر
النور ولم تتحول إلى واقع ملموس ألسباب ليس هنا محل تفصيلها .فهل يمكن لمبادرة الرئيس الصيني أن تشكل استثناء
وتنجح حيث فشل غيرها؟ لإلجابة على هذا السؤال ،نحتاج إلى التعرف على أهداف المبادرة وأدوات تنفيذها والتحديات
التي قد تواجهها ،مع محاولة استشراف مستقبلها.
أهداف المبادرة
تهدف المبادرة إلى محاولة إحياء طريقي الحرير البحري (الحزام) والبري (الطريق) اللذين كانا يربطان الصين بالعالم قبل
ثًلثة آالف عام ،ويتم من خًللهما تبادل السلع والمنتجات كالحرير والعطور والبخور والتوابل والعاج واألحجار الكريمة
وغيرها ،وكذلك تبادل الثقافات والعلوم .وتقوم المبادرة على مبادئ وميثاق األمم المتحدة والمبادئ الخمسة للتعايش السلمي
كاالحترام المتبادل للسيادة الوطنية ،وسًلمة األراضي وعدم االعتداء ،وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ،والمنفعة
المتبادلة(.)2
وترتكز المبادئ الحاكمة لتطبيق المبادرة على التنسيق السياسي بين الدول وتعزيز التواصل والحوار والتجارة دون عوائق
لتهيئة الظروف الًلزمة للتنمية االقتصادية .وتتضمن المبادرة نحو ألف مشروع ستنفذ تدريجيًّا ،تسعى إلى ربط دول آسيا
وإفريقيا وأوروبا عبر شبكة مواصًلت معقدة من الجسور والطرقات والسكك الحديدية والطائرات والبواخر ،وكذلك بناء
موانئ ومطارات وإنشاء مناطق تجارة حرة .إلى جانب أنابيب النفط والغاز وخطوط الطاقة الكهربائية وشبكات اإلنترنت
والبنية التحتية .وقد القت المبادرة تجاوبًّا ومشاركة نشطة من نحو سبعين دولة مطلة على هذا الخط بما فيها دول عربية
وشرق أوسطية .ويغطي نطاق المبادرة نحو 70دولة في القارات الثًلث آسيا وإفريقيا وأوروبا ،وينقسم إلى ثًلث
مستويات(:)3
3
المناطق المركزية :تضم ًّ
كًل من الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى الخمس.
المناطق المحاذية :تشمل الدول األعضاء الدائمين والمراقبين في منظمة تعاون شنغهاي والدول التسع لًلتحاد
االقتصادي (الهند ،باكستان ،إيران ،أفغانستان ،منغوليا ،روسيا البيضاء ،أرمينيا ،أوكرانيا ومولدافيا).
المناطق التشعبية :تشمل دول غرب آسيا (الدول العربية) ودول االتحاد األوروبي ،وتمتد أيضًّ ا إلى اليابان
وكوريا الجنوبية وغيرها من دول شرق آسيا.
كما تشمل المبادرة ستة ممرات اقتصادية أساسية تش ِّكل أعصاب شبكة التجارة والنقل والتنمية اإلقليمية والدولية القادمة
وهي(:)4
.1الجسر القاري األوراسي الجديد.
.2ممر الصين منغوليا روسيا.
.3ممر الصين آسيا الوسطى غرب آسيا.
.4ممر الصين شبه الجزيرة الهندية.
.5ممر الصين باكستان.
.6ممر بنغًلديش الصين الهند ميانمار.
تعتبر كافة أجهزة الحزب ومؤسسات الدولة ومراكز البحث ووسائل اإلعًلم والشركات المملوكة للدولة أدوات هامة
لدراسة المبادرة والترويج لها داخليًّا وخارجيًّا .ويُعتبر بنك االستثمار اآلسيوي للبنية التحتية وبنك دول بريكس وصندوق
طريق الحرير باإلضافة إلى مساهمات الشركات الصينية وتوفير الدعم الشعبي أهم األدوات واألذرع المالية لضمان نجاح
وتمويل مشاريع المبادرة .وقد حرصت الصين بعد عام على إطًلق مبادرتها ،أو باألحرى مبادرة رئيسها ،إلى إخراجها
من اإلطار النظري إلى التنفيذي .فبادرت في أكتوبر/تشرين األول 2014إلى تأسيس بنك االستثمار اآلسيوي للبنية التحتية
ورصدت له 50مليار دوالر .وسرعان ما تجاوز رأسمال البنك 100مليار دوالر بعد مساهمة بعض الدول فيه بما في
ذلك دول عربية .ويقدم البنك اآلسيوي لًلستثمار في البنية األساسية وصندوق طريق الحرير وصناديق التعاون متعددة
األطراف والثنائية ،دع ًّما ماليًّا للمشروعات في إطار المبادرة والتي أقر منها حتى اآلن نحو ألف مشروع.
واستثمرت الصين ما يربو على 50مليار دوالر في البًلد المشاركة فى المبادرة ،وقامت شركات صينية ببناء إجمالي 56
منطقة تعاون اقتصادي وتجاري في هذه الدول .وحققت حوالي 1.1مليار دوالر من العائدات الضريبية ،ووفرت 180ألف
فرصة عمل محلية.
واستثمرت الشركات الصينية 2.95مليار دوالر في 43دولة على طول منطقة الحزام والطريق في الربع األول من العام
2017فقط ،أي ما يعادل 14.4في المائة من إجمالي االستثمارات الخارجية مقارنة بتسعة في المائة في الفترة نفسها من
العام .2016وبلغ إجمالي قروض البنك االئتماني المتعدد األطراف أكثر من 2مليار دوالر .بينما بلغت قيمة الصفقات
التجارة بي ن الصين والدول الواقعة على طول الحزام والطريق حوالي 913مليار دوالر في عام ،2016أي أكثر من ربع
إجمالي قيمة التجارة الصينية(.)5
4
تحديات وعقبات على الطريق
مع بزوغ نجم الصين كقوة دولية ،فإن الهجوم االقتصادي الناعم الذي تشنه عبر مبادرتها البد أن يحمل في طياته
ضا مخاوف سياسية وأمنية لقوى إقليمية ودولية كثيرة ،وخاصة لدول الجوار التي تشهد عًلقاتها معها توترات
أي ًّ
ونزاعات .لذلك يبقى نجاح هذه المبادرة مرتبطًّا بقدرة الصين على طمأنة جيرانها وحل خًلفاتها معهم ،وإال فإن الكثير من
األشواك ستنبت على طريق الحرير هذا وتهدد مستقبله.
على الرغم من مرور ما يقارب خمسة أعوام على إطًلق المبادرة ،وعلى الرغم من إطًلق الصين ما سمي
"خطة عمل المبادرة" ،إال أنها حتى اآلن ال تزال تعاني من ضبابية وعدم وضوح سواء على صعيدها النظري أو
على صعيد صيغها التنفيذية .ويطغى عليها الطابع الشعاراتي والدعائي والترويجي أكثر من التركيز على الفحوى
والمضمون .و لم تصدر حتى اآلن خارطة رسمية توضح الدول التي سيمر عبرها كل من الحزام أو الطريق ،فقد
تُرك الباب مفتو ًّحا أمام الدول والمنظمات لًلنضمام والمشاركة في الوقت الذي تراه مناسبًّا .وهو ما دفع ببعض
المراقبين إ لى اعتبار أن موافقة الكثير من الدول ،خاصة النامية منها ،جاء فقط من أجل إرضاء الصين وقيادتها
أو من أجل الحصول على بعض الدعم المادي أو بناء المشاريع التي تقدمها الصين لتلك الدول.
تسعى الصين من خًلل المبادرة إلى تصدير وتعميم نموذجها التنموي ،لكن هذا النموذج ال يزال حتى اآلن في
إطاره التجريبي .ومن المبكر الحكم عليه فيما إذا كان بالفعل نموذ ًّجا ناج ًّحا يمكن تعميمه واالحتذاء به ،خاصة في
ظل ما يشهده من مشاكل وأزمات سواء على صعيد تراجع األداء االقتصادي والمالي ،أو على صعيد استشراء
ًّ
وصوال إلى تأثيراته البيئية الفساد ،مرو ًّرا بغياب العدالة االجتماعية وتنامي الفجوة الكبيرة بين الفقراء واألغنياء،
المدمرة.
تسعى الصين من خًلل مبادرتها إلى إيجاد خطوط إمداد دائمة ومستقرة لتلبية احتياجاتها من الطاقة عبر شبكة
من أنابيب النفط والغاز ،وكذلك ضمان تدفق المواد األولية إليها عبر شبكة من السكك الحديدية والبحرية،
وضمان المحافظة على أسواق لبضائعها .لكنها في الوقت ذاته تبقي على أسواقها محصنة أمام الواردات
األجنبية ،كما تدفع بشركاتها وتوفر لها الدعم لًلستثمار الخارجي في الوقت الذي تبقي فيه أبواب االستثمار في
بعض القطاعات الصينية مو صدة أمام االستثمار األجنبي .وعلى الرغم من الشعارات البراقة التي ترفعها الصين
حول البناء المشترك للمبادرة والمنفعة المتبادلة وغيرها ،إال أن ما تتميز به السياسة االقتصادية والتجارية
الصينية من أنانية قد تكون مثار تساؤل وعدم رضى لدى الكثير من الدول.
باإلض افة إلى أن آلية عمل المبادرة تقوم على التعاون متعدد األطراف بين الصين وبعض المنظمات اإلقليمية ،إال
أنها في جزئها األوسع تقوم على أساس التعاون الثنائي بين الصين والدول المشاركة في المبادرة .وهذا ما يمكن
أن يؤدي إلى بروز تناقضات كبرى في بناء مشاريع في بعض الدول قد تهدد األمن القومي لدول أخرى مشاركة
في المبادرة ،ما سيهدد تماسكها في المستقبل.
5
تسعى الصين إلى تنمية بعض أقاليمها الفقيرة مثل إقليمي التيبت وشينجيانغ اللذين يعتبران محطتين هامتين على
طريق المبادرة ،وذلك من خًلل بناء وتشييد مشاريع تنموية كبرى .وهناك خشية دولية من أن تكون لهذه
المشاريع آثار كارثية على التوازن الديمغرافي وعلى طمس الهويتين الثقافيتين والدينيتين لسكان اإلقليمين
المضطربين.
ما من شك بأن الصين تسعى من خًلل هذه المبادرة إلى تحصين وضعها الجيوستراتيجي ،وتعزيز االستقرار
وبناء الثقة السياسية إقليميًّا مع دول الجوار ،وعالميًّا مع القوى الكبرى ،لكنها حتى اآلن لم تنجح في حل الكثير
من مشاكلها ،خاصة الحدودية ،سواء البرية أو البحرية مع معظم دول الجوار .وبعض هذه المشاكل تصل إلى حد
األزمات والنزاعات كما هو الحال مع الهند ًّ
برا أو في بحري الصين الشرقي والجنوبي بح ًّرا.
تحظى القارة اإلفريقية على أهمية خاصة في الرؤية االستراتيجية الصينية ،فالصين تعتبر أكبر شريك تجاري
إلفريقيا ،وثاني أكبر مقصد لًلستثمارات الصينية الخارجية .لكن حجم التنافس الدولي على القارة السمراء البد أن
يش ِّكل أحد العقبات والتحديات أمام طموحات المبادرة الصينية.
يحظى الشرق األوسط بأهمية كبيرة في هذه المبادرة ،باعتباره أحد أهم مصادر الطاقة بالنسبة إلى الصين ،أو
واحدًّا من األسواق االستهًلكية الهامة للبضائع الصينية وكذلك لًلستثمارات ،باإلضافة إلى موقعه االستراتيجي
كجسر على طريق المب ادرة يوصلها إلى منتهاها في أوروبا .لكن ما يعاني منه الشرق األوسط ودوله من أزمات
وصراعات وانعدام لًلستقرار يبقى أحد التحديات الكبيرة أمام المبادرة الصينية في ظل عزوف الصين عن
االنخراط في لعب دور سياسي في قضايا المنطقة.
تعتبر دول آسيا الوسطى محطات هامة على طريق المبادرة .وهنا البد أن تزداد حدة المنافسة االستراتيجية بين
طموحات روسيا في بناء االتحاد األوراسي ،وبين طموحات الصين في بناء مبادرة الحزام والطريق.
تخشى دول كثيرة في االتحاد األوروبي أن تزيد المبادرة من حجم الصادرات الصينية إلى دول االتحاد ،وهو ما
سيؤدي إلى عدم تمكن دول االتحاد من حل أحد أكبر المشاكل استعصاء مع الصين ،وهو إصًلح الخلل في عدم
تكافؤ الميزان التجاري بين الصين ودول االتحاد ،والذي يميل بشكل كبير لصالح الصين.
تسعى الصين أيضًّ ا إلى محاولة تغيير نمطية النظام الدولي الحالي ،أو على األقل في شقه االقتصادي ،من نظام
تهيمن عليه الواليات المتحدة إلى نظام متعدد األقطاب تكون الصين أحدها .وهذا ما ال يمكن أن تسلم به واشنطن
بسهولة ،خاصة مع تنامي دور القوى الشعبوية والحمائية في االقتصادات الدولية السيما في الواليات المتحدة؛
حيث سيكون من الصعب على الصين إحداث اختراقات لعولمة االقتصاد وفق رؤيتها الخاصة.
مع تفشي ظاهرة اإلرهاب الدولي والقرصنة والجريمة المنظمة وكذلك النزاعات وبؤر التوتر وانعدام االستقرار
في العديد من الدول والمناطق التي تش ِّكل مفاصل هامة بالنسبة إلى المبادرة فإن مثل هذه التهديدات األمنية ستبقى
تشكل تحديًّا كبي ًّرا وخطي ًّرا أمام حماية أنابيب النفط والغاز والسكك الحديدية والخطوط البحرية ،وستحتاج إلى
الكثير من االستثمارات للحد منها.
6
خاتمة
نظرا الرتباط المبادرة بشكل وثيق بصاحبها الرئيس الصيني شي جينبينغ ،فإن استمرارها وديمومتها بهذا الزخم وبتسخير
كل إمكانات الحزب والدولة إلنجاحها ،سيبقى مرهونًّا بوجود الرئيس على رأس الهرم السياسي الصيني .وسينتهي بمجرد
انتهاء واليته عام . 2022إال إذا تمكن الرئيس من إحداث تغييرات دستورية تسمح له بالبقاء لفترة رئاسية ثالثة ،أو أن
يضمن بأن خليفته سيواصل على ذات النهج .وهذا مستبعد وفق الثقافة والتقاليد الصينية بأن يأتي رئيس جديد ،ليبني أمجاده
على إنجازات غيره.
_________________________________
المراجع
وكالة األنباء الصينية" ،ماذا ينتظر العالم من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي؟" 1 ،مايو/أيار .2017 -1
http://arabic.china.org.cn/txt/2017 -05/01/content_40727792.htm
"الرؤية والتحرك للدفع بالتشارك في بناء الحزام االقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين" 28 ،مارس/آذار .2015 -2
http://www.fmprc.gov.cn/ara/zxxx/t1252002.shtml
جانغ يون لينغ" ،الحزام والطريق :تحوالت الدبلوماسية الصينية في القرن ،"21ترجمة آية محمد الغازي( ،دار صفصافة للنشر والتوزيع ،الجيزة ،)2017 ،ص 436 . -3
"ماذا ينتظر العالم من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي؟" ،مصدر سابق. -4
7