مالات الصين وتحديات صراع الهيمنة الدولية عمار

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

‫العدد ‪4‬‬ ‫‪ 27‬يونيو‪/‬حزيران ‪2020‬‬

‫نرشة غري دورية تصدر عن أسباب للشئون الجيوسياسية‬


‫مآالت‬
‫دولية‬
‫نشرة تقدم أبرز القراءات للتوجهات المستقبلية مرتبطة بالتحوالت في موازين‬
‫القوى على الساحة الدولية؛ استراتيجيا‪ ،‬جيوبوليتكس‪ ،‬االقتصاد واألمن الدوليين‪،‬‬
‫وظواهر ذات صلة‪ ،‬في قالب يخدم صناع القرار والباحثين‬

‫الصني وتحديات رصاع الهيمنة الدولية‬

‫•يستمر العامل يف االبتعاد عن نظام الهيمنة أحادي القطبية األمرييك‪ ،‬الذي ُوجد يف الفرتة‬ ‫موجز‬
‫ِ‬
‫متعدد األقطاب‪ ،‬تظهر فيه الصني كدولة صاعدة بقوة تمتلك‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،1989-2008‬إىل نظام‬ ‫تنفيذي‬
‫مزيج القدرة االقتصادية والعسكرية والديموغرافية‪ ،‬والطموح لتشكيل نظام دويل جديد‪.‬‬
‫•تستفيد الصني من بعض العوامل الجيوسياسية؛ فالعالقات بني اليابان والصني يف‬
‫تحسن يف اآلونة األخرية‪ ،‬وكوريا الجنوبية تحتاج إىل الصني بجانبها إلبقاء التقارب بني‬
‫الكوريتني على املسار الصحيح‪ .‬وعلى الرغم من أن معظم الدول اآلسيوية وازنت حىت‬
‫اآلن بحذر بني عالقاتها االقتصادية مع الصني وعالقاتها األمنية مع الواليات املتحدة‪،‬‬
‫يخلص بعضها إىل مسار امليض قدماً يف االصطفاف مع الخطط الصينية‬ ‫ُ‬ ‫لكن قد‬
‫املستقبلية املتعلقة بالتجارة واألمن اإلقليمي‪ .‬يف حني ستمنع االنقسامات داخل االتحاد‬
‫األورويب ورضورة اإلبقاء على تعاون براغمايت مع الصني يف مناطق أخرى‪ ،‬حدوث تصعيد‬
‫كبري بني الطرفني‪.‬‬
‫•ومع ذلك‪ ،‬ما يزال لدى الصني ما يدفعها للتحرك بحذر‪ ،‬يف ظل تباطؤ مر ّ‬
‫جح تدريجي‬
‫للنمو املحلي على املدى املتوسط ليصل إىل نحو ‪ 5%‬بحلول عام ‪ ،2029‬وتفاقم‬
‫مشكالت اقتصادية هيكلية على إثر ِّ‬
‫تفش كوفيد‪.-19‬‬
‫•يف الحرب التجارية اليت مازالت تميل نتائجها لصالح واشنطن‪ ،‬واإلجماع النائش يف‬
‫واشنطن حول تبين سياسة صناعية نشطة على املستوى الغريب ملواجهة االسرتاتيجيات‬
‫الصينية؛ مثل مبادرة “الحزام والطريق” و”صنع يف الصني ‪ .”2025‬باإلضافة إىل ذلك‪،‬‬
‫أصبحت الحاجة ماسة ملوازنة موقع الصني ببديل آخر‪ ،‬أو بدائل‪ ،‬وهو ما يفتح الباب‬
‫لفرص جيوسياسية أكرب لقوى مثل الهند‪.‬‬
‫•وربما نشهد وقوع صدام عريض بحري يف آسيا واملحيط الهادئ على وقع انتشار الجيش‬
‫األمرييك بأعداد وصفتها الصني مؤخراً بـ“غري مسبوقة”‪ .‬وستمنح املواجهة الهندية الصينية‪،‬‬
‫فرصة للواليات املتحدة لنقل الهند من نهج عدم االنحياز إىل مزيد من التعاون العسكري‬
‫مع واشنطن وحلفائها ضد بكني‪ ،‬بينما ستعزز الصني مشاركتها مع دول أخرى يف جنوب‬
‫آسيا‪ ،‬مثل باكستان ونيبال‪ ،‬مع استبعاد رصاعاً صينياً هندياً رصيحاً على املدى القريب‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ 27‬يونيو‪/‬حزيران ‪2020‬‬

‫العدد ‪4‬‬ ‫مآالت دولية‬

‫سياسة صينية حذرة يف طر يقها للعدوانية‬


‫متعدد األقطاب‪ ،‬فإن الواليات املتحدة والصني هما الدولتان الوحيدتان اللتان تملكان‬ ‫ّ‬ ‫•يف مسار نظام‬
‫فرصة‪ .‬ففي حني تملك روسيا القوة العسكرية والطموحات الدولية‪ ،‬إال أن لديها اقتصاد وسكان أصغر‬
‫لكن اقتصادها أصغر بكثري‬‫بكثري وأقل تنوعاً وأ كرث شيخوخة‪ .‬وبينما تملك الهند عدد سكان ُيقارَن بالصني‪َّ ،‬‬
‫وأقل تطوراً‪ ،‬ونظامها السيايس أ كرث تشظياً‪ ،‬ما يجعل أولويتها للقضايا الداخلية يف املستقبل املنظور‪ .‬أما‬
‫االتحاد األورويب‪ ،‬فيواجه انقساماً داخلياً مزتايداً‪ ،‬ويفتقر إىل وجود سياسة خارجية موحدة على نحو يصعب‬
‫ً‬
‫محتمال للعامل‪.‬‬ ‫معه أن يكون قائداً‬
‫تبنت بكني بصورة مطردة سياسة خارجية أ كرث حزماً ونشاطاً منذ عام ‪ 2010‬تقريباً‪ ،‬على خلفية مطالبها‬ ‫• َّ‬
‫يف بحر الصني الجنويب وبحر الصني الرشيق‪ .‬ومنذ وصول “يش جني بينغ” إىل السلطة عام ‪ُ ،2012‬تعسكر‬
‫ِ‬
‫الصني سياستها الخارجية يف بحر الصني الجنويب‪ُ ،‬‬
‫وت ِّ‬
‫روج ملبادرة “الحزام والطريق” لدى بلدان يف آسيا‬
‫وإفريقيا والرشق األوسط وأوروبا‪.‬‬
‫•مقارنة بالقوى األخرى‪ ،‬مازالت الصني أقل “عدوانية”؛ حيث مل تهاجم دولة ذات سيادة منذ غزوها الوجزي‬
‫لشمايل فيتنام يف ‪ .1979‬وسيعتمد املدى الذي تصبح فيه الصني أ كرث “عدوانية” على الطريقة اليت تترصف‬
‫بها الواليات املتحدة وحلفاؤها‪ .‬فكلما زاد الضغط الخارجي على الصني‪ ،‬زادت مقاومتها‪ .‬ومما يثري قلق بكني‬
‫على نحو خاص االنتقاد األمرييك للمشكالت الداخلية الصينية‪ ،‬مثل االضطرابات يف هونغ كونغ وإقليم‬
‫ٍ‬
‫شينجيانغ‪ ،‬والدعم األمرييك املتصاعد لتايوان‪ ،‬اليت تعتربها الصني مقاطعة منشقة عنها‪.‬‬
‫•ما يزال لدى الصني ما يدفعها للتحرك بحذر إىل حد ما‪ ،‬حىت يمكنها نرث بذور االنقسامات بني الواليات‬
‫املتحدة وحلفائها‪ ،‬مثل االتحاد األورويب واليابان وكوريا الجنوبية‪ ،‬فالعالقات بني االتحاد األورويب والصني يف‬
‫الوقت الراهن متوترة إىل حد ما بسبب التجارة وكوفيد ‪ ،19‬يف حني أن العالقات بني اليابان والصني يف‬
‫تحسن يف اآلونة األخرية‪ .‬وتحتاج كوريا الجنوبية إىل الصني بجانبها إلبقاء التقارب بني الكوريتني على املسار‬
‫تبنت الصني خطاباً قاسياً على نحو مزتايد على الصعيد الدويل‪ ،‬فإنَّها قد تثري قلق حلفاء‬ ‫الصحيح‪ .‬وإن َّ‬
‫ٍ‬
‫واشنطن وتستعدي بلداناً أخرى تسعى لعالقات أوثق مع الصني‪ ،‬مثل الفلبني‪.‬‬
‫•يعمل االتحاد األورويب على تعزيز موقفه االسرتاتيجي إزاء الصني منذ مارس‪/‬آذار ‪ ،2019‬حني أيَّد قادة دول‬
‫االتحاد األورويب ‪ 10‬إجراءات تجاه بكني‪ ،‬بما يف ذلك مسائل الزناعات املتعلقة بالدعم الحكومي للصناعات‬
‫(‪ )subsidies‬والنقل القرسي للتكنولوجيا‪ ،‬واملعاملة باملثل يف سوق املشرتيات الصينية‪ ،‬وقواعد االستثمار‬
‫األجنيب‪ ،‬والبنية التحتية الحساسة‪ .‬وأحرز االتحاد األورويب بعض التقدم تجاه تحقيق تلك األهداف َّ‬
‫لكنه‬
‫واجه انقسامات داخلية منعته إىل حد كبري من االستفادة من وزنه االقتصادي لتحقيق أغراض جيوسياسية‪.‬‬
‫بأن بكني استغلت‬ ‫•العالقات بني االتحاد األورويب والصني ستتدهور بصورة ما يف خضم التصورات املزتايدة َّ‬
‫ٍ‬
‫جائحة كوفيد ‪ 19‬على نحو غري عادل‪ .‬مع ذلك‪ ،‬ستمنع االنقسامات داخل االتحاد األورويب ورضورة اإلبقاء‬
‫ٍ‬
‫على تعاون براغمايت مع الصني يف مناطق أخرى حدوث تصعيد كبري مثل الحرب التجارية األمريكية الصينية‪.‬‬
‫ستشهد هذه الدينامية تعزيز العوائق أمام الرشكات اململوكة للحكومة الصينية يف السوق األوروبية‪ ،‬من بني‬
‫تتبن بعض الحكومات الوطنية إجراءات أحادية إذا منعت العوائق الهيكلية االتحاد‬‫ّ‬ ‫االعتبارات الرئيسية‪ .‬وقد‬
‫من اتخاذ إجراءات موحدة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ 27‬يونيو‪/‬حزيران ‪2020‬‬

‫العدد ‪4‬‬ ‫مآالت دولية‬

‫ثالث مشكالت هيكلية بعد كورونا‬

‫دعم صندوق النقد الدويل‪:‬‬


‫جح أن تشهد الصني عام ‪ 2021‬نمواً يصل إىل نحو ‪ ،6%‬يتحول إىل تباطؤ تدريجي ليصل إىل نحو‬ ‫من املر ّ‬
‫تفش كوفيد ‪ 19‬إىل تفاقم ثالث مشكالت هيكلية أساسية‪ ،‬من شأنها‬‫‪ 5%‬بحلول عام ‪ .2029‬حيث أ ّدى ِّ‬
‫أن ُتؤثّر على النمو على املدى املتوسط والبعيد‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ .1‬تدهور الرتكيبة املؤسسية‬
‫تتوقع ‪ Fitch Solutions‬تراجعاً يف حصة الرشكات الخاصة من االقتصاد الصيين لصالح املؤسسات‬ ‫ّ‬
‫تفش كوفيد‪ .-19‬ويمثل القطاع الخاص نسبة ‪ 22.8%‬من إجمايل األصول‬ ‫اململوكة للدولة عقب انتهاء ّ‬
‫مقارنة بـ ‪ 3%‬فقط يف فرباير‪/‬شباط عام ‪ ،2001‬لكن هذا االتّجاه بلغ‬‫ً‬ ‫الصينية يف فرباير‪/‬شباط عام ‪،2020‬‬
‫ً‬
‫عرضة لإلغالق بسبب أوال الحرب التجارية بني الواليات املتحدة‬ ‫ذروته بالفعل‪ ،‬حيث باتت الرشكات الخاصة‬
‫جح أن ُتواصل حصة األصول األجنبية انكماشها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫والصني‪ ،‬ثم تداعيات كوفيد ‪ .19‬ويف الوقت ذاته‪ ،‬من املر ّ‬
‫حظر أو ُيق ّيد داخلها االستثمار األجنيب‪ ،‬فإن حصة األصول‬‫فرغم جهود الحكومة لتقليل القطاعات اليت ُي َ‬
‫األجنبية يف الصني ُتواصل انكماشها منذ األزمة املالية العاملية‪ ،‬حيث تراجعت من ‪ 27.4%‬يف مايو‪/‬أيار ‪2008‬‬
‫تتبن املؤسسات األجنبية اسرتاتيجية “الصني زائد واحد”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إىل ‪ 19.2%‬يف فرباير‪/‬شباط املايض‪ .‬لذا‪ ،‬سزيداد‬
‫عن طريق نقل جزء على األقل من عملياتها داخل الصني إىل إحدى األسواق الناشئة اآلسيوية األخرى‪.‬‬
‫ٍ‬
‫‪“.2‬مؤسسات الزوميب” املُثقلة بأعباء الديون نتيجة عقد من الحوافز‬
‫تتضاعف االتجاهات السلبية يف الرتكيبة املؤسسية بسبب تطبيق املزيد من التدابري التحفزيية‪ ،‬بغرض‬
‫تخفيف التباطؤ االقتصادي نتيجة كوفيد‪ .-19‬وتنطوي التدابري التحفزيية الصينية منذ األزمة املالية العاملية‬
‫على مخاطر كبرية من سوء االستثمار‪ ،‬إذ ُتحافظ على بقاء الرشكات غري املنتجة اليت كانت ستنهار من دونها‪،‬‬
‫ويحرم املؤسسات األكرث إنتاجية من رأس املال؛ حيث تراجع العائد على أصول املؤسسات من ذروته يف عام‬
‫‪ 2011‬عند نسبة ‪ ،8.3%‬إىل ‪ 5.2%‬يف عام ‪ .2019‬سيحظى هذا االتجاه باملزيد من الزخم نتيجة حوافز‬
‫حدد حجم االئتمان املُتاح لتمويل االستثمارات‬ ‫جائحة كوفيد‪ ،-19‬ومن ثم زيادة أعباء الديون املُرهقة‪ ،‬ما ُي ّ‬
‫والنمو املستقبلي‪.‬‬
‫‪ .3‬استمرار سياسة التح ّول إىل إبطاء النمو‬
‫نتوقع من بكني أن تواصل تح ّولها يف اتّجاه نمو أبطأ خالل‬ ‫ّ‬ ‫نظراً للحاجة إىل عالج املشكالت الهيكلية أعاله‪،‬‬
‫خفض الحكومة حوافزها تدريجياً‪،‬‬ ‫نتوقع يف حال عدم وقوع املزيد من األزمات أن ُت ّ‬ ‫ّ‬ ‫السنوات املقبلة‪ .‬وبالطبع‬
‫وتستأنف جهود كبح نمو الدين أو حىت تخفيض املديونية‪ ،‬وتسمح بدرجة أ كرب من الغربلة يف االقتصاد‬
‫ٍ‬
‫أولوية أساسية يف السياسات بمجرد أن يصري االقتصاد‬ ‫ً‬ ‫مثل‬‫أن هذا األمر س ُي ّ‬
‫لضمان الكفاءة العامة‪ .‬ونعتقد ّ‬
‫مستقراً بما يكفي للسيطرة على االضطرابات‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ 27‬يونيو‪/‬حزيران ‪2020‬‬

‫العدد ‪4‬‬ ‫مآالت دولية‬

‫سالسل التور يد‪ :‬االنتقال من الصني إىل الهند‬


‫• ُت َعد سلسلة اإلمداد األمريكية حاسمة يف عمل جزء كبري من سلسلة اإلمداد العاملية‪ .‬واألمر نفسه ينطبق على‬
‫الصني‪ .‬وكما تسببت الحرب العاملية األوىل وصوال إىل الكساد الكبري يف تقييد الواردات ورضب الجزء األمرييك‬
‫تقلص الطلب يف معظم‬ ‫يف سلسلة التوريد؛ يحدث األمر نفسه اآلن مع الصني نتيجة ألزمة كوفيد ‪ ،19‬إذ ُّ‬
‫وتعذر تلبية الطلب املتصاعد على بعض املنتجات‪ ،‬مثل املواد الصيدالنية‪ .‬كما رضب الفريوس الصني‬ ‫َّ‬ ‫البلدان‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وتعطلت سلسلة إمداداتها الداخلية أو أعيد توجيهها لتلبية االحتياجات الصينية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬أدرك‬ ‫نفسها‪،‬‬
‫أن االعتماد على دولة واحدة يف سلسلة إمدادهم أمرٌ محفوف باملخاطر‪ .‬ال يعين هذا َّ‬
‫أن الثقة يف‬ ‫املستوردون َّ‬
‫أن غياب التنويع يف سلسلة اإلمداد باتت مخاطره أوضح‪.‬‬ ‫الصني قد تبددت‪ ،‬لكن يعين َّ‬
‫•ستفعل الصني ما فعلته الواليات املتحدة بعد عقدين من الكساد والحرب‪ ،‬وهو أن تخلق طلباً محلياً‬
‫فضل املُنتج منخفض التكلفة‪ ،‬يكون السؤال اآلن‬ ‫ضخماً ليدفع اقتصادها‪ .‬وبما َّ‬
‫أن الرأسمالية العاملية ُت ِّ‬
‫ِ‬
‫هو‪َ :‬من سيأخذ مكان الصني؟ الخيار األول الواضح هو الهند‪ ،‬فهي خامس أ كرب اقتصاد يف العامل وبها عدد‬
‫ضخم من السكان املتنوعني والفقراء بشكل عام‪ ،‬أي قوة عاملة تتقاىض رواتب منخفضة‪ ،‬كما لديها درجة‬
‫من االنضباط وثقافة ريادة األعمال‪ ،‬شبيهة بالصني يف عام ‪.1980‬‬
‫•لكن يف حني تصدر الصني ما قيمته تريليونا دوالر سنوياً‪ ،‬ال تتجاوز صادرات الهند ‪ 345‬مليار دوالر فقط‪.‬‬
‫شكل الصادرات ‪ 19%‬من الناتج املحلي اإلجمايل للصني‪ ،‬و‪ 14%‬من الناتج املحلي اإلجمايل للهند‪ .‬نمت‬ ‫وت ِّ‬
‫ُ‬
‫الهند اعتماداً على الطلب املحلي‪ ،‬وينبغي أن تكون مرحلة نموها املقبلة هي الزيادة يف الصادرات‪ .‬ومن َث َّم‪،‬‬
‫يف نفس اللحظة اليت تنخرط فيها الصني يف رصاع عميق متعدد األبعاد مع أ كرب زبون لها‪ ،‬لدى الهند فرصة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫فإن لدى الهند مصلحة‬‫َّ‬ ‫أن الهند والصني تنظران إىل بعضهما كخصمني‬ ‫فريدة إلفادة اقتصادها‪ .‬وبما َّ‬
‫اسرتاتيجية وكذلك اقتصادية يف هذه الخطوة‪.‬‬
‫•تمنح املواجهة الهندية الصينية‪ ،‬اليت تعود ألكرث من نصف قرن‪ ،‬الواليات املتحدة فرصة من شأنها أن تجعل‬
‫طور الواليات املتحدة واليابان وأسرتاليا والهند تحالفاً بحرياً‬ ‫االصطفاف االقتصادي بني الطرفني أ كرث جاذبية‪ُ .‬‬
‫وت ِّ‬
‫َّ‬
‫يتطلب أي الزتام‪،‬‬ ‫سمى “الحوار األمين الرباعي”‪ .‬والهند على وجه الخصوص حذرة من أي تحالف رسمي‬ ‫ُي َّ‬
‫ّ‬
‫لكن هذا مل يمنع البحرية الهندية من إجراء مناورات يف غرب املحيط الهادي مع حلفائها يف التحالف الرباعي‪.‬‬
‫مهما يف املواجهة بني الواليات املتحدة والصني‪ .‬داخلياً‪ ،‬خطت الحكومة الهندية‬
‫•الهند يف وضع مهيأ لتكون الع ًبا ً‬
‫خطوات مهمة يف التنمية العسكرية واالقتصادية‪ ،‬على الرغم من استمرار االنقسام سياسياً واجتماعياً‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬تعترب الهند مشرت مهم لألسلحة من روسيا يف وقت تحتاج فيه موسكو إىل قطاع التصدير لتعويض‬
‫انخفاض أسعار الطاقة‪ .‬وهو ما يعزز فرص نيودلهي للقيام بدور مزتايد يف تشكيل الشؤون الدولية‪.‬‬
‫•بصورة عامة‪ ،‬ليس من املتوقع رصاعا صينيا هنديا رصيحا‪ ،‬حىت يف أعقاب التوتر الحدودي املتصاعد منذ‬
‫أسابيع والذي بلغ ذروته باشتباك غري مسبوق ‪ -‬من ناحية عدد القتلى يف الجانبني ‪ -‬منتصف يونيو حزيران‬
‫الجاري‪ .‬يشري هذا الحادث إىل تدهور كبري يف العالقات الصينية الهندية‪ ،‬كما أضاف مزيدا من الحواجز أمام‬
‫التجارة الثنائية واالستثمار‪ .‬ومن الناحية االسرتاتيجية‪ ،‬ستنتقل الهند على األرجح من نهج عدم االنحياز إىل‬
‫مزيد من التعاون العسكري مع الواليات املتحدة وحلفائها‪ ،‬بينما ستعزز الصني مشاركتها مع دول أخرى يف‬
‫جنوب آسيا‪ ،‬مثل باكستان ونيبال‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ 27‬يونيو‪/‬حزيران ‪2020‬‬

‫العدد ‪4‬‬ ‫مآالت دولية‬

‫سياسة أمر يكية أ كرث حزماً إلعاقة الصني‬


‫•هناك إجماع نائش يف الواليات املتحدة حول الحاجة إىل سياسة صناعية نشطة ملواجهة االسرتاتيجيات‬
‫الصينية مثل مبادرة الحزام والطريق وصنع يف الصني ‪ .2025‬على الرغم من استمرار وجود عقبات يف هذا‬
‫النهج يف الكونجرس‪ ،‬إال أن القلق بشأن طموحات الصني التكنولوجية يساعد على تجاوز تلك العقبات‪.‬‬
‫•من أجل هذا‪ ،‬ص ّعدت واشنطن من إجراءات تهدف إلضعاف روابط رشكة هواوي ‪ Huawei‬الصينية‪ ،‬وتقييد‬
‫تدفقات التكنولوجيا األمريكية إىل الرشكات الصينية األخرى‪ .‬باإلضافة إىل تعزيز هدف ضمان أن تصبح‬
‫الواليات املتحدة املكان املفضل للصناعات التكنولوجية املتقدمة للرشكات املحلية واألجنبية على حد سواء‪.‬‬
‫أهم هذه اإلجراءات‪:‬‬
‫‪1.‬توقيع اتفاقية مع عمالق صناعة الرقائق املهيمن عامليا‪ :‬رشكة تصنيع أشباه املوصالت التايوانية (‪)TSMC‬‬
‫الستثمار ما يصل إىل ‪ 12‬مليار دوالر يف منشأة تصنيع يف أريزونا‪ ،‬واليت ستساعد على ترسيخ الرشكة بقوة‬
‫أ كرب يف سلسلة التوريد األمريكية‪ .‬حيث من املحتمل أن تجلب رشكة ‪ ،TSMC‬اليت تنتج ‪ 90٪‬من اإلنتاج‬
‫العاملي من الرقائق املتقدمة‪ ،‬رشكات سلسلة التوريد املهمة‪ ،‬وتقوم بالبحث والتطوير يف الواليات املتحدة‪،‬‬
‫وتدريب املئات من املهندسني األمريكيني يف تايوان لتكون قادرة على تشغيل املصنع الجديد‪ ،‬مما يؤدي إىل‬
‫نقل املعرفة اليت تفيد الصناعة األمريكية بمرور الوقت‪.‬‬
‫‪2.‬إلزام مصنعي الرقائق من داخل وخارج الواليات املتحدة الذين يستخدمون تكنولوجيا أمريكية (معدات‬
‫صناعة أو برامج التصميم أو أمور تخضع للملكية الفكرية) بالحصول على ترخيص قبل شحن الرقائق‬
‫الدقيقة إىل عمالقة التكنولوجيا الصينية مثل ‪ .Huawei‬هذا اإلجراء أجرب رشكة ‪ TSMC‬على تعليق طلبات‬
‫جديدة لهوواي‪.‬‬
‫‪3.‬مرشوع القانون املقدم من قبل مجموعة من النواب األمريكيني من الحزبني‪ ،‬بهدف تخصيص حوافز حكومية‬
‫لعمليات تصنيع أشباه املوصالت املتقدمة يف الواليات املتحدة‪ .‬يقرتح ما يسمى قانون إنشاء حوافز مفيدة‬
‫إلنتاج أشباه املوصالت من أجل أمريكا (قانون ‪ )CHIPS for America‬عرشات املليارات من الدوالرات من‬
‫الحوافز ومبادرات البحث على مدى السنوات الخمس إىل العرش القادمة‪ ،‬واليت تركز على تصنيع أشباه‬
‫املوصالت املتقدمة‪ ،‬لتتناسب مع الحزم املماثلة اليت تقدمها دول مثل أملانيا وإرسائيل وسنغافورة‪.‬‬
‫‪4.‬تستهدف الواليات املتحدة التوصل إلجراءات تنظيمية يف مجال الذكاء االصطناعي‪ ،‬من خالل مجموعة‬
‫السبع واملفوضية األوروبية‪ ،‬واليت قد تفيض إلنشاء جبهة مشرتكة الستبعاد الصني وعزلها يف هذا املجال‬
‫التكنولوجي الهام‪ .‬كما تروج اإلدارة األمريكية ملبادرات أخرى مصممة لتقييد الصني وخلق مساحة أ كرب‬
‫للرشكات األمريكية‪ .‬تم تصميم شبكة االزدهار االقتصادي ‪ ،The Economic Prosperity Network‬على‬
‫سبيل املثال‪ ،‬لبناء رشاكات مع الدول والرشكات ومنظمات املجتمع املدين اليت “ترتكز على الثقة وتعمل من‬
‫خالل مجموعة من مبادئ الثقة”‪ .‬وهذا يعين استبعاد البائعني “غري املوثوق بهم” املزعومني مثل ‪Huawei‬‬
‫و‪ ZTE‬من شبكات االتصاالت ووضع معايري عالية للرشكات املشاركة يف مشاريع البنية التحتية الحيوية‬

‫‪5‬‬
‫‪ 27‬يونيو‪/‬حزيران ‪2020‬‬

‫العدد ‪4‬‬ ‫مآالت دولية‬

‫ّ‬
‫التحديات بعيدة املدى‬ ‫التوتّرات الجيوسياسية ُ‬
‫ستفاقم‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫وسيتجلى يف‬ ‫•ربما سيتعدى اضطراب العالقات بني الصني والغرب إىل تدهور يف العالقات الدبلوماسية‪،‬‬
‫استطالع أجرته مؤسسة ‪ُ ،Pew Research Center‬ن َ‬
‫ش‬ ‫ٌ‬ ‫حالة الواليات املتحدة أ كرث من غريها‪ ،‬إذ أشار‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫أن ‪ 66%‬من املشاركني كان رأيهم يف الصني سلبيا‪ ،‬يف حني أعرب ‪ 26%‬فقط عن‬ ‫‪ 21‬أبريل‪/‬نيسان‪ ،‬إىل ّ‬
‫آراء إيجابية يف الصني‪ ،‬وهذه أسوأ نتيجة منذ عام ‪ .2005‬وأعقب ذلك الكشف عن تقرير صيين داخلي‬
‫أن املشاعر العاملية املُعادية للصني بلغت أعلى‬ ‫عرضه وزير أمن الدولة على املكتب السيايس للحزب‪ّ ،‬‬
‫حذر من ّ‬
‫مستوياتها منذ أعمال القمع اليت وقعت يف ساحة “تيانانمن” عام ‪.1989‬‬
‫•ويزداد املوقف توتراً بسبب الخطوات التصعيدية من الجانبني‪ ،‬حيث وافق مجلس الشيوخ األمرييك‬
‫باإلجماع على “مرشوع قانون حقوق اإليغور اإلنسانية”‪ ،‬الذي ُيطالب بعقوبات على املسؤولني الصينيني‪،‬‬
‫وس ُيمرَّر على األرجح أيضاً يف مجلس النواب‪ .‬وعلى الجانب الصيين تم تعليق صادرات اللحوم من أربع‬
‫مجازر آلية أسرتالية‪ ،‬وفرض تعريفات جمركية بنسبة ‪ 80%‬على الشعري األسرتايل‪ .‬وتأيت تلك الخطوات يف‬
‫تفش املرض‪ .‬ويف الوقت‬ ‫احتجاج على الدعوات األسرتالية إىل فتح تحقيق ُمستقل حول تعامل الصني مع ّ‬
‫تفش املرض‪ ،‬واستجابوا لدعوة الرئيس‬ ‫أعد الدبلوماسيون الصينيون دفاعاً عنيفاً ٍعن تعامل بكني مع ّ‬
‫ذاته‪ّ ٍ ،‬‬
‫جدال كبرياً يف الديمقراطيات‬
‫ً‬ ‫“يش جني بينغ” الذي طالبهم بإظهار “الروح القتالية”‪ .‬لكن تعليقاتهم أثارت‬
‫الغربية‪ ،‬حيث تم استدعاء سبعة سفراء صينيني لالحتجاج على تعليقاتهم‪.‬‬
‫تفش املرض ستأيت بآثار عكسية‪،‬‬‫أن سعي الصني الحازم للسيطرة على الرواية املُحيطة بتعاملها مع ّ‬ ‫ّ‬
‫ونتوقع ّ‬ ‫•‬
‫كما ستسفر تداعياتها عن دعوة عاملية أ كرث تصميما لفتح تحقيق مع بكني‪ .‬ولن يكون من السهل على الصني‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تسويق رسدية تجاوزها لألزمة بشكل جيد‪ ،‬وبأنها قادرة على مساعدة البلدان األخرى؛ إذ خرجت تقارير عن‬
‫شكوى بلدان َّ‬
‫تلقت املعدات الطبية الصينية من أنَّها معيبة أو دون املعايري‪.‬‬

‫مخاطر الحرب الصينية األمر يكية‬


‫إىل جانب التوتر الدبلومايس والحرب التجارية‪ ،‬ينترش الجيش األمرييك يف منطقة آسيا واملحيط الهادئ‬
‫بأعداد وصفتها الصني مؤخرا بـ “غري مسبوقة”‪ ،‬محذرة من خطر وقوع صدام عريض بحري بني الصني‬
‫وأمريكا‪ .‬وتتلخص مخاطر الصدام العسكري فيما يلي‪:‬‬
‫‪1.‬بحر الصني الجنويب‪ :‬قد يندلع الرصاع عقب تصادم َعرَيض أو خطأ يف الحسابات العسكرية بني الطائرات أو‬
‫السفن البحرية األمريكية والصينية‪ ،‬أو أن ُيسقط أحد الطرفني طائرة ركاب بالخطأ للجانب اآلخر‪ .‬وللسيناريو‬
‫ِ‬
‫الصدامي سوابق مماثلة‪ ،‬منها حادثة جزيرة هاينان عام ‪ ،2001‬حني اضطرت طائرة تجسس أمريكية إىل‬
‫الهبوط يف الصني بعد االصطدام بمقاتلة صينية فوق بحر الصني الجنويب‪.‬‬
‫‪2.‬بحر الصني الرشيق‪ :‬تواصل الصني املطالبة بتبعية جزر سينكاكو ُ‬
‫(تعرَف يف الصني بجزر دياويو) اليت تديرها‬
‫اليابان‪ .‬وعلى الرغم من الهدود املخيم على امللف منذ ‪ ،2012‬إال أن أي تحرك صيين للسيطرة على واحدة‬
‫أو أ كرث من تلك الجزر غري املأهولة قد يدفع اليابان الستدعاء معاهدتها األمنية مع الواليات املتحدة‪.‬‬
‫‪3.‬تايوان‪ :‬مل تتخل الصني قط عن فكرة استخدام القوة للسيطرة على تايوان‪ .‬وقد يمثل إعالن تايوان االستقالل‬
‫رسمياً‪ ،‬أو تأسيس حضور عسكري أمرييك على الجزيرة‪ ،‬مربراً للحرب‪ .‬وقد تمتنع الصني عن الغزو‪ ،‬وتلجأ‬

‫‪6‬‬
‫‪ 27‬يونيو‪/‬حزيران ‪2020‬‬

‫العدد ‪4‬‬ ‫مآالت دولية‬

‫بدال من ذلك إلطالق وابل صاروخي ضخم أو تفرض حصاراً بحرياً على تايوان‪ .‬ويمكن أن يدفع هذا‬ ‫ً‬
‫الواليات املتحدة إلرسال قوات عسكرية لحماية الجزيرة‪.‬‬
‫‪4.‬شبه الجزيرة الكورية‪ :‬قد يؤدي اندالع رصاع إىل نشوب حرب وكالة‪ ،‬تدعم فيها الصني كوريا الشمالية‬
‫وتدعم الواليات املتحدة كوريا الجنوبية‪ .‬وقد تقاتل الصني بالتحديد ملنع كوريا الجنوبية‪ ،‬املدعومة من الواليات‬
‫املتحدة‪ ،‬من السيطرة على كوريا الشمالية وتأسيس وجود عسكري على الحدود الكورية الصينية‪.‬‬
‫‪5.‬مواقع أخرى‪ :‬على فرض مواصلة الصني توسيع أنشطتها العسكرية يف الخارج على مدى العقد املقبل‪ ،‬قد‬
‫تدخل القوات العسكرية الصينية واألمريكية يف اشتباك يف مناطق مثل جنوب املحيط الهادي أو املحيط‬
‫الهندي أو حىت يف الخليج‪ .‬ويف أي سيناريو للرصاع‪ ،‬نتوقع أن تظهر الهجمات اإللكرتونية املتبادلة بصورة بارزة‪.‬‬

‫مراجع استند عليها التقر ير‪:‬‬

‫•تقرير ‪ Political Risk Strategy‬الصادر عن ‪ ،Fitch Solution‬يونيو‪/‬حزيران ‪2020‬‬


‫•تقرير ‪ Global Strategy‬الصادر عن ‪ ،Fitch Solution‬يونيو‪/‬حزيران ‪2020‬‬
‫ •‬ ‫‪Fitch Solution, Political Risk Strategy, Vol. 4 Issue 5, June 2020‬‬
‫ •‬ ‫‪Fitch Solution, Global Strategy, Vol. 4 Issue 7, June 2020‬‬
‫ •‬ ‫‪George Friedman, From China to India, Geopolitical Futures, June 2, 2020‬‬
‫ •‬ ‫‪Allison Fedirka, India Rising, Geopolitical Futures, June 26, 2020‬‬
‫ •‬ ‫‪Paul Triolo & Kevin Allison, In struggle with China, US advances industrial policy of its own, Eurasia Group, June 11, 2020‬‬
‫ •‬ ‫‪The Economist Intelligence Unit, Indian and Chinese casualties in border clash, June 17, 2020‬‬

‫هذه النرشة غري دورية تصدر عن أسباب للشئون الجيوسياسية ‪ -‬يمكنكم االطالع‬
‫على املزيد من اصداراتنا عرب موقعنا اإللكرتوين ‪www.asbab.com‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪ 27‬يونيو‪/‬حزيران ‪2020‬‬

‫العدد ‪4‬‬ ‫مآالت دولية‬

‫‪8‬‬

You might also like