Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 90

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعــة ‪ 8‬مـاي ‪ – 1945‬قـالـمـــة‬
‫كلية اآلداب واللغات‬
‫قسم اللغة واألدب العربي‬

‫مطبوعة بيداغوجية في مقياس المصطلحية‬


‫لطلبة الليسانس (السداسي الخامس) من نظام (ل‪.‬م‪.‬د)‬
‫في تخصص‪ :‬لسانيات عامة‪ ،‬موسومة بـ‪:‬‬

‫محاضرات‬
‫في مقياس المصطلحية‬

‫الدكتور‪ /‬عبد الرحمان جودي‬

‫السنة الجامعية‪2018-2017 :‬‬


‫مقدمة‬

‫هذه الدروس هي نافذة للطالب في مرحلة الليسانس‪ ،‬يط ّل من خاللها على هذا العلم الحديث‪،‬‬
‫الذي نشأ عند الغرب ونقله العرب إلى لغتهم متوسلين آليات ومقاييس ارتضتها الفراد والمؤسسات الرسمية‬
‫وغير الرسمية‪ ،‬ليصبح له أعالم ومكتبة زاخرة تجاوزت النمط الورقي القديم إلى نمط إلكتروني حديث‬
‫ويسخر التطور التكنولوجي لتوفير خدمات للعلماء والباحثين‪.‬‬

‫وقد تجلّى الدرس المصطلحي العربي الحديث في نوعين من الكتابات‪:‬‬

‫‪ -‬كتابة مصطلحية تقليدية‪ :‬ظهرت مع بداية عصر النهضة‪ ،‬وال زالت أقالم بعض الدارسين المعاصرين‬
‫إلى يومنا تحافظ على مالمحها‪ ،‬وشغلها الشاغل إبراز الدور الريادي للغة العربية وتراثها المصطلحي‬
‫التليد‪ ،‬مما يجعله جزءا من إشكاالت الفكر العربي اإلسالمي الحديث‪ .‬غير إننا نفتقد (حين نطلع على‬
‫غالبية أعمال رواد هذا الخطاب) إلى الدرس الوصفي لموضوعات المصطلحية العربية‪ ،‬ذلك أن أعالمه‬
‫نصنف كتابات المجامع‬
‫ّ‬ ‫السلف في المجال المصطلحي‪ .‬ويمكن أن‬
‫اقتصروا على إعادة تـقديم منجزات ّ‬
‫اللغوية والعلمية في هذا النمط‪.‬‬

‫‪ -‬كتابة مصطلحية معاصرة‪ :‬ارتكزت على المبادئ النظرية والمنهجية التي جاءت بها المصطلحية‬
‫الغربية في إطار النظريتيـن العامة والخاصـة للمصطلحيـة‪.‬‬

‫ويمكن أن نستشف من األبحاث المصطلحية المقدمة في الندوات والمؤتمرات وحلقات التعريب‬


‫أن "المصطلحية العربية" ال زالت في مهدها على المستويين النظري‬
‫والبحوث اللسانية األكاديمية ّ‬
‫والتطبيقي على السواء‪ ،‬فآليات صناعة المصطلح الصادرة عن مجامع اللغة العربية ومكتب تنسيق‬
‫تنسيقي أكبر‪ ،‬تجنبا للفوضى المصطلحية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التعريب ال زالت في حاجة إلى جهد‬

‫إن الكشف عن بعض األسماء المشهورة في هذا الميدان يدلّنا على الجهود الكبيرة التي ُب ِذلَت وال‬
‫ّ‬
‫زالت تبذل في سبيل تطوير األبحاث المصطلحية‪ ،‬في الجانب التنظري منها‪ ،‬والتوثيق المصطلحي على‬
‫حد سواء‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪1‬‬
‫مدخل إىل عمل إملصطلح‬
‫( إلنشأة وإلتطور )‬
‫‪ -1‬مدخل إلى علم المصطلح ‪ :‬المفهوم ‪ ،‬النشأة ‪ ،‬التطور‪ ،‬المجال‬

‫أوال‪ :‬المصطلح واالصطالح‬

‫‪ -1‬في المعجم العربي القديم‪:‬‬

‫أن كلمة "مصطلح" مشتقة من اصطلح القوم‬


‫إن التعريف اللغوي يشير إلى ّ‬
‫أ– الداللة اللغوية‪ّ :‬‬
‫معينة‪ ،‬وقد تشيع تسمية وتنتشر أكثر من‬
‫على األمر؛ أي اتفقوا عليه‪ ،‬فقد يختلف أناس على تسمية ّ‬
‫غيرها من األسماء األخرى المقترحة‪ ،‬فتلقى القبول ويصطلح الناس عليها‪ ،‬فتكون "مصطلحا" بينهم‪ .‬ومن‬
‫السلم بينهم‪ .‬ويمكن أن‬
‫الصلح و ّ‬
‫هنا‪ ،‬فاالصطالح في المعاجم العربية القديمة هو‪ :‬تصالح القوم ووقوع ّ‬
‫نمثل لذلك من بعض المعجمات‪:‬‬

‫"الصالَح"‪ :‬ضد الفساد‪ ،‬صلح يصلَح‬


‫َّ‬ ‫جاء في معجم لسان العرب تحت مادة (صلح)‪ « :‬صلح‪:‬‬
‫كصلُح‪ ...‬واالستصالح نقيض االستفساد‪ ...‬والصُّلح‪ :‬تصالح القوم‬
‫ويصلُح صالحا وصلوحا‪ ...‬وصلَح َ‬
‫وصالحوا وأصلحوا وتصالحوا واصَّالحوا‪ ...‬بمعنى واحد»(‪.)1‬‬
‫الصلح السلم‪ .‬وقد اصطلحوا َ‬
‫بينهم‪ ،‬و ّ‬
‫و(الصلح بالضم)‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وجاء في تاج العروس‪ « :‬الصالح ضد الفساد‪ ...‬وأصلحه ضد أفسده‪...‬‬
‫السلم (بكسر السين)‪ ...‬و(الصُّلح) أيضا اسم جماعة متصالحين‪( ...‬واصطلحا‬
‫تصالح القوم بينهم وهو ّ‬
‫اصالحا)‪( ...‬وتصالحا واصتلحا) ‪ ...‬كل ذلك بمعنى واحد‪( ...‬واستصلح)‪ :‬نقيض استفسد‪...‬‬
‫و ّ‬
‫(واالصطالح) اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص»(‪.)2‬‬

‫الشيء يصلُح صلوحا‪...‬‬


‫ُ‬ ‫الصالح ضد الفساد‪ ،‬تقول‪ ،‬صلُح‬
‫وفي تاج اللغة وصحاح العربية‪ّ « :‬‬
‫الصالح (بكسر الصاد)‪ :‬المصالحة»(‪.)3‬‬
‫و ّ‬

‫(‪ )1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مجلد‪ ،8‬ص‪ .267‬مادة [صلح]‪.‬‬


‫(‪ )2‬الزبيدي‪ :‬تاج العروس‪ ،‬ج‪ ،6‬ص ‪.547‬‬
‫(‪ )3‬الجوهري‪ :‬تاج اللغة وصحاح العربية‪ .‬ج‪ ،1‬ص‪.384-383‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -1‬مدخل إلى علم المصطلح ‪ :‬المفهوم ‪ ،‬النشأة ‪ ،‬التطور‪ ،‬المجال‬

‫وفي المصباح المنير‪( « :‬صلُح) بالضم‪ ...،‬خالف فسد‪ ،‬وصلح يصلح‪ ...‬فهو صالح‪...‬‬
‫والصُّلح‪ ...‬وهو التوفيق‪ ...‬وأصلحت بين القوم وفقت‪ .‬وتصالح القوم واصطلحوا‪.)1(»...‬‬

‫الصالح نقيض الفساد واإلصالح‬


‫وقال األزهري في التهذيب‪" :‬الصُّلح" تصالح القوم بينهم‪ ،‬و ّ‬
‫اصالحوا بمعنى واحد»(‪.)2‬‬
‫نقيض اإلفساد‪ ...‬وتصالح القوم و ّ‬
‫أما معنى‬
‫السلم‪ ،‬و ّ‬
‫فاالصطالح هو تواضع واتّفاق على معروف‪ ،‬ومعنى االتّفاق مأخوذ من داللة ّ‬
‫المعروف فمأخوذ من نقيض الفساد‪ .‬فيكون بذلك معنى االصطالح في اللغةّ هو اتّفاق على معروف‬
‫وتواضع عليه‪.‬‬

‫وصيغة لفظ "مصطلح" هي اسم مفعول من "اصطلح" على تقدير متعلق محذوف‪ ،‬نحو (عليه)‪،‬‬
‫الصريح‪.‬‬
‫ويعتبره البعض مصد ار ميميا يراد به معنى المصدر ّ‬

‫ب– الداللة االصطالحية‪:‬‬

‫أن‬
‫النظر على ّ‬
‫إن أكثر أهل ّ‬
‫أساس االصطالح قائم على المواضعة‪ ،‬كما قال ابن جني وغيره‪ّ ،‬‬
‫أصل اللغة هو المواضعة(‪ ،)3‬والمواضعة هي االتفاق‪ ،‬واالصطالح من الجذر [ص‪.‬ل‪.‬ح] وتقليباته وهو‬
‫االتفاق‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس تكون اللغة عامة قائمة على المواضعة واالتفاق‪ ،‬واالصطالح قائم أيضا على‬
‫أن اللغة هي اصطالح عام بين عموم المتكلمين‪ ،‬أما االصطالح فهو اتفاق‬
‫أن الفرق‪ :‬هو ّ‬
‫االتفاق‪ ،‬إال ّ‬
‫خاص بين فئة من المتكلمين مخصوصة‪.‬‬

‫(‪ )1‬الفيومي‪ :‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.472‬‬


‫(‪ )2‬األزهري (أبو منصور محمد بن أحمد)‪ :‬تهذيب اللغة‪ ،‬الدار المصرية للتأليف والترجمة‪ ،‬تح‪ :‬عبد الكريم العزباوي‪.1964 .‬‬
‫ج‪ ،4‬ص‪ .243‬مادة [صلح]‪.‬‬
‫(‪ )3‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.51‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -1‬مدخل إلى علم المصطلح ‪ :‬المفهوم ‪ ،‬النشأة ‪ ،‬التطور‪ ،‬المجال‬

‫محدد‪ ،‬بحيث إذا ذكر‬


‫و"المصطلح" كلمة وضعتها فئة مخصوصة في ميدان معين بإزاء مفهوم ّ‬
‫ذلك اللفظ ال يراد به غير هذا المفهوم‪ .‬ومن أبرز تعريفات االصطالح في المعجم العربي القديم‪ ،‬ما جاء‬
‫أن االصطالح « اتفاق‬
‫في تاج العروس للزبيدي وفي الجاسوس على القاموس لفارس الشدياق‪ ،‬وهو ّ‬
‫طائفة مخصوصة على أمر مخصوص»(‪ .)1‬واعتبر الكفوي االصطالح «اتفاق القوم على وضع الشيء‪،‬‬
‫وقيل إخراج الشئ عن معناه اللغوي إلى معنى آخر لبيان المراد»(‪ .)2‬وقال الشريف الجرجاني‪:‬‬
‫«االصطالح عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن موضعه األول»(‪ .)3‬أما عند‬
‫فإن االصطالحات هي األلفاظ الموضوعة للحقائق"(‪.)4‬‬
‫القرافي‪ّ « :‬‬

‫ويرى فخر الدين الرازي أن االصطالحات هي عرف خاص بكل طائفة من أهل العلم‪ ،‬كالنقض‬
‫النصب والجر‪:‬‬
‫والكسر والقلب والجمع والفرق‪ :‬للفقهاء‪ ،‬والجوهر والعرض والكون‪ :‬للمتكلمين‪ ،‬والرفع و ّ‬
‫الناس على جعل األصوات‬
‫للنحاة‪ .‬واالصطالح –عنده‪ -‬اتفاق على وضع اسم للشيء‪ ،‬أي اتفاق ّ‬
‫ّ‬
‫المقطعة والحروف المركبة معرفات لما في الضمائر‪ .‬فاالصطالح يعرف كل واحد صاحبه ما ضميره‬
‫أن النّاس اصطلحوا على جعل تلك‬
‫عن طريق األلفاظ والكتابة لكون اللفظ مفيدا للمعنى بالوضع‪ .‬أي‪ّ « :‬‬
‫منا فافهموا أنا‬
‫اللفظة المخصوصة معرفة لذلك الشيء المخصوص‪ ،‬فكأنهم قالوا‪ :‬متى سمعتم هذه اللفظة ّ‬
‫أردنا ذلك المعنى الفالن»(‪.)5‬‬

‫وفي التّداول‪ ،‬يتخ ّذ كثير من الدارسين اللفظين‪" :‬مصطلح" واصطالح" مترادفين‪ ،‬وفي ذلك نظر؛‬
‫يتضمن معنى الشمولية‪ ،‬بينما "المصطلح" يتضمن معنى الفردية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِإذ المصدر في اللغة العربية‬

‫(‪ )1‬الزبيدي‪ :‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.551‬‬


‫وينظر‪ :‬مادة (صلح) في الجاسوس على القاموس لفارس الشدياق‪.‬‬
‫(‪ )2‬الكفوي‪ :‬الكليات‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫(‪ )3‬الشريف الجرجاني‪ :‬التعريفات‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫(‪ )4‬القرافي‪ :‬شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول ‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬كتاب فخر الدين الرازي‪ :‬التفسير الكبير‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ .102‬وكتاب المحصول في علم األصول‪ :‬ج‪ ،1‬ص‪.41-40‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -1‬مدخل إلى علم المصطلح ‪ :‬المفهوم ‪ ،‬النشأة ‪ ،‬التطور‪ ،‬المجال‬

‫‪ -‬فاالصطالح هو‪ :‬مجموع مفردات خاصة تستعمل في ميدان من ميادين المعرفة أو ميدان مهني‪.‬‬

‫‪ -‬والمصطلح هو‪ :‬مفردة من االصطالح؛ أي كلمة من مجموع مفردات خاصة ال تستعمل في الكالم‬
‫العادي الجاري على ألسنة الناس‪.‬‬

‫‪ -2‬في المعجم العربي الحديث‪:‬‬


‫تعددت التعريفات لمفهوم المصطلح عند الكتاب في العصر الحديث إلى أنها تدور في بوتقة‬
‫ّ‬
‫واحدة‪ ،‬ويمكن أن نذكر بعضا منها‪:‬‬

‫ودعمه بالتمثيل زيادة في التوضيح‬


‫عرف مصطفى الشهابي المصطلح وفقا لما ورد عند القدامي‪ّ ،‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫والبيان إذ يقول‪ « :‬المصطلح العلمي هو لفظ اتفّق العلماء على اتخاذه للتعبير عن معنى من المعاني‬
‫العلمية؛ فالتصعيد مصطلح كيمياوي‪ ،‬والهيولى مصطلح فلسفي‪ ،‬والجراحة مصطلح طبي‪ ،‬والتطعيم‬
‫مصطلح زراعي وهكذا»(‪.)1‬‬

‫‪ -‬وعلي القاسمي أورد تعريف المنظمة العالمية للتقييس (‪ )ISO‬للمصطلح في قوله‪ « :‬ك ّل وحدة لغوية‬
‫دالة مؤلفة من كلمة (مصطلح بسيط) أم كلمات متعددة (مصطلح مركب) وتسمى مفهوما محددا بشكل‬
‫وحيد الوجهة داخل ميدان ما‪ ،‬وغالبا ما يدعى بالوحدة المصطلحية في أبحاث علم المصطلح»(‪ .)2‬وهذا‬
‫التعريف يشير إلى ما يهدف إليه المصلحيون من مقابلة اللفظ الواحد للمفهوم الواحدن كما أشار إلى بناء‬
‫المصطلح الذي يكون لفظا مفردا ويكون مركبا‪.‬‬

‫الشاهد البوشيخي فقد أراد أن يضع تعريفا جامعا مانعا يحيط بالمصطلح من جميع جوانبه «‬ ‫أمّا‬ ‫‪-‬‬
‫المصطلح العلمي أو التقني هو اللفظ الذي خصصه االستعمال في علم من العلوم أو فن من الفنون أو‬
‫صناعة من الصناعات بمفهوم معين؛ فإذا أطلقه مستعملوه من أصحاب تلك العلوم والفنون والصناعات‪،‬‬

‫(‪ )1‬الشهابي‪ :‬المصطلحات العلمية‪ ،‬ص‪.3‬‬


‫(‪ )2‬علي القاسمي‪ :‬مقدمة في علم المصطلح‪ ،‬ص‪.215‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -1‬مدخل إلى علم المصطلح ‪ :‬المفهوم ‪ ،‬النشأة ‪ ،‬التطور‪ ،‬المجال‬

‫كان المقصود به هو ما اصطلحوا عليه وتعارفوا على مدلوله‪ ،‬دون ما سوى ذلك من الدالالت األخرى‬
‫جر أو نصب أو فتح عند‬
‫التي قد تكون لذلك اللفظ فيما يسيح بين عامة متكلمي اللغة‪ :‬فإذا أطلق لفظ ّ‬
‫الن حاة كان المقصود به مخالفا لما هو معروف في اللغة المشتركة‪ ،‬وكثي ار ما يحدث أن يداول اللفظ عدد‬
‫ّ‬
‫من المتخصصين في علوم مختلفة‪ ،‬فيعطيه كل واحد منهم داللة مخالفة لما عند اآلخر»(‪.)1‬‬

‫‪ -3‬في المعجم الغربي‪:‬‬

‫يوجد شبه اتّفاق بين اللغات األوروبية في األلفاظ التي تقابل كلمة مصطلح في العربية‪ ،‬ففي‬
‫الفرنسية "‪ ،"terme‬وفي اإلنجليزية "‪ ،"term‬وفي اإليطالية "‪ ،"termine‬وفي اإلسبانية "‪ ،"termino‬وفي‬
‫الحد‬
‫ّ‬ ‫البرتغالية "‪ ،"termo‬تقترب من حيث الكتابة والنطق من الجذر اليوناني "‪ "termo‬الذي يعني‬
‫الفاصل‪ ،‬كما تعني كلمة "‪ "terminus‬المجال والحيز‪.‬‬

‫نسية و"‪"term‬‬
‫فمعجم "هاشات "‪ "hachette‬مثال ُيرجع لفظ مصطلح "‪ "terme‬في اللغة الفر ّ‬
‫"الحد"‪ ،‬أي ما يح ّد الشيء أو المعنى(‪.)2‬‬
‫ّ‬ ‫باللغة اإلنجليزية‪ ،‬إلى أصله الالتيني ومعناه‬

‫ومعجم "‪ "Le petit Robert‬يعرف المصطلح على ّأنه‪ « :‬مجموعة من المصطلحات التقنية‬
‫(‪)3‬‬
‫فيعرفه على ّأنه‪ « :‬كلمات‬
‫أما المعجم اإلنكليزي "‪ّ ،"Oxford‬‬
‫ممحظة لتقنية معينة أو علم معين» ‪ّ .‬‬
‫معينة»(‪ ،)4‬فهو يقترب من حيث اللفظ والمعنى من سابقه‬
‫خاصة أو تعبيرات تستعمل في موضوعات ّ‬
‫الفرنسي‪.‬‬

‫محدد‪ ،‬وبمجال‬
‫والمتأمل في تعريفات المعجمات الغر ّبية يالحظ ّأنها ربطت المصطلح بمفهوم ّ‬
‫معين‪ ،‬تميي از له من األلفاظ التي يتداولها الناس في اللغة العامة‪.‬‬
‫تقني ّ‬
‫علمي أو ّ‬
‫ّ‬

‫(‪ )1‬الشاهد البوشيخي‪ :‬مشروع المعجم التاريخي للمصطلحات العلمية‪ ،‬ط‪ .1‬مطبعة أنفو برانت‪ ،‬فاس‪.2002 .‬‬
‫‪(2) Dictionnaire Hachette, le dictionnaire de notre temps. 1990, p:1488.‬‬
‫‪(3) Larousse, dictionnaire de français, 2010. P:419.‬‬
‫‪(4) Oxford LEARNER,S POCKET Dictionary, fourth edition. p: 458.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -1‬مدخل إلى علم المصطلح ‪ :‬المفهوم ‪ ،‬النشأة ‪ ،‬التطور‪ ،‬المجال‬

‫كما نالحظ توافق بين المواضعة العر ّبية والمواضعة الغر ّبية للمصطلح‪ ،‬في انتقال اللفظ من اللغة‬
‫أن ك ّل علم ينحت لنفسه من‬
‫العامة إلى اللغة الخاصة‪ ،‬بحيث تضيق داللته ومجال استعماله‪ ،‬ذلك « ّ‬
‫فإن‬
‫الجماعية ّ‬
‫ّ‬ ‫اللغة معجما خاصا‪ ،‬واذا كانت األلفاظ المتداولة في رصيد اللغة صورة للمواضعة‬
‫يتحول إلى اصطالح داخل‬
‫المصطلح العلمي في سياق نفس النظام اللغوي يصبح مواضعة مضاعفة إذا ّ‬
‫االصطالح»(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬علم المصطلح والمصطلحية‬

‫‪ -1‬المفهوم‬

‫أحد المفاهيم الحديثة نسبيا في علوم اللغة الحديثة‪ ،‬يسعى إلى تحديد معايير وضع المصطلحات‬
‫عرف بأنه « علم‬
‫العلمية الحديثة‪ ،‬ودراسة تكوين المصطلحات‪ ،‬ومدى تمثلها للبناء المعرفي‪ ،‬لذلك ُي ّ‬
‫تعبر عنها»(‪ .)2‬فيدرس الجانب‬
‫يبحث في العالقة بين المفاهيم العلمية والمصطلحات اللغوية‪ ،‬التي ّ‬
‫العملي التي يعني المشتغل بالمصطلح حال وضع المصطلحات أو نقلها من لغة أخرى‪ ،‬من جميع‬
‫مستواياتها‪ :‬الصوتية (ظاهرة االقتراض)‪ ،‬والتركيبية (االشتقاق والنحت والتركيب والتعبيرات‬
‫الصعوبات التي تعرقل العمل‪ ،‬ويعمل على إيجاد الحل المناسب‬
‫االصطالحية)‪ ،‬والداللية‪ ،‬فينظر في ّ‬
‫مستهديا بالنظريات والمناهج المطروحة في هذا المجال(‪.)3‬‬

‫ويتنازع دراسة المصطلح علمان‪ :‬علم المصطلح ويقابل المصطلح النظري "‪،"Terminologie‬‬
‫تعددت المحاوالت التي تسعى إلى تمييز‬
‫والمصطلحية ويقابل القسم التطبيقي "‪ ."Terminographie‬وقد ّ‬
‫العلمين من بعضهما البعض‪ ،‬منها ما جاءت به الندوة اللغوية األروبية(‪ )1993 LSP‬التي لخصت الفرق‬

‫(محمد)‪ :‬المصطلح األصولي ومشكلة المفاهيم‪ ،‬ص‪.31‬‬


‫ّ‬ ‫(‪ )1‬علي جمعة‬
‫(‪ )2‬علي القاسمي‪ :‬مقدمة في علم المصطلح‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )3‬صافية زفنكي‪ :‬المناهج المصطلحية‪ ،‬مشكالتها التطبيقية ونهج معالجتها‪ ،‬منشورات و ازرة الثقافة ـ الهيئة العامة السورية‬
‫للكتاب‪ .2010 ،‬ص‪.10‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -1‬مدخل إلى علم المصطلح ‪ :‬المفهوم ‪ ،‬النشأة ‪ ،‬التطور‪ ،‬المجال‬

‫أن‪ Terminology « :‬يتضمن موضوعات كالنظرية التّصورية‪ ،‬وعالقة المصطلحات‪ ،‬وبنية‬


‫بينهما في ّ‬
‫المصطلح‪ ،‬وتتضمن المصطلحية ‪ Terminography‬والمعجمية أو صناعة المعجمات ‪Lexicography‬‬
‫موضوعات‪ ،‬كتصاميم البيانات‪ ،‬وتسجيل المعايير‪ ،‬واستخالص المصطلح‪ ،‬و تعريفات‪ ،‬وموسوعات»(‪.)1‬‬

‫وعلى الرغم من هذا‪ ،‬يجد المتصفح للكتب التي حاولت تعريف المصطلحية خلطا كبي ار واختالفا‬
‫يعدهما مترادفين‪ ،‬ومن يترجم "‪ "Terminologie‬مصطلحية‪،‬‬
‫ّبينا بين الترجمات والتسميات‪ ،‬بين من ّ‬
‫و"‪ "Terminographie‬علم المصطلح‪ ،‬والعكس بالعكس‪.‬‬

‫‪ -2‬مجاالت الدراسة‪:‬‬

‫تتناول المصطلحية جوانب ثالثة متصلة من البحث العلمي والدراسة الموضوعية(‪ ،)2‬وهي‪:‬‬

‫أ‪ -‬تبحث المصطلحية في العالقات بين المفاهيم المتداخلة ( الجنس – النوع‪ ،‬والكل‪ -‬الجزء)‪.‬‬
‫والتي تتثمل في صورة أنظمة المفاهيم التي تشكل األساس في وضع المصطلحات المصنفة التي تعبر‬
‫عنها في علم من العلوم‪.‬‬

‫ب‪ -‬تبحث المصطلحية في المصطلحات اللغوية‪ ،‬والعالقات القائمة بينها‪ ،‬ووسائل وضعها‪،‬‬
‫وفروع علم األلفاظ أو المفردات‪ ،‬وعلم تطور دالالت األلفاظ‪.‬‬

‫ج‪ -‬تبحث المصطلحية في الطرائق العامة المؤدية إلى تكوين اللغة العلمية والتقنية بصرف‬
‫النظر عن التطبيقات العملية في لغة طبيعية بذاتها‪ .‬وتصبح المصطلحية بذلك علماً مشتركاً بين علم‬
‫اللغة‪ ،‬والمنطق والوجود‪ ،‬واإلعالميات‪ ،‬والموضوعات المتخصصة وكذلك علم المعرفة‪ ،‬والتصنيف‪.‬‬

‫وهذه العلوم كلها تتناول التنظيم الشكلي للعالقة المعقدة بين المفهوم والمصطلح‪.‬‬

‫(‪ )1‬صافية زفنكي‪ :‬المناهج المصطلحية‪ ،‬مشكالتها التطبيقية ونهج معالجتها‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫(‪ )2‬علي القاسمي‪ :‬مقدمة في علم المصطلح‪ ،‬ص‪.19-18‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -1‬مدخل إلى علم المصطلح ‪ :‬المفهوم ‪ ،‬النشأة ‪ ،‬التطور‪ ،‬المجال‬

‫‪ -3‬تطور علم المصطلح‬

‫سارت المصطلحية بخطى متسارعة نظ ار للتطـور المتالحق والحـاجة الماسة إلـى التـواصل بيـن‬
‫العلماء النــاطقين بلغات مختــلفة‪ ،‬ألجل التبادل العـلـمي والتـقني والتـجـاري للخـدمـات المعـرفيـة‪ ...‬حتـى‬
‫صــارت علـم ـاً قائمـاً بـذاتــه لــه قواعده وخصـوصيـّاته‪.‬‬

‫دولـٍي مــن الخب ـراء ‪-‬مـا بي ــن‬ ‫ٍ‬


‫وقد برز االهتمام جـلّي ـاً بهذا العلم فـي دول أوربـ ــا؛ فأصدر فـريـق ْ‬
‫عــامي ‪ 1906‬و‪ -1928‬معــجم شــلـومــان ‪ Schlomann‬الم ـصـّور للمـصـطـلحـات التقــنيـة فــي (‪)16‬‬
‫ورتِب المعجم على أساس المفاهيم‪ ،‬والعالقات القائمة بينها‪ ،‬فتصنيف‬ ‫ـست (‪ )06‬ل ــغات‪ُ ،‬‬
‫مجلداً‪ ،‬وب ّ‬
‫ويوضحه‪ ،‬كما أصدر فوستر كتاب "التوحيد‬
‫ّ‬ ‫حد ذاته ُيسهم في توضيح داللة المصطلح‬
‫المفاهيم في ّ‬
‫الدولي للغات الهندسية"‪ ،‬وخاصة الهندسة الكهربائية عام ‪.)1(1931‬‬

‫وت ّشكلت (اللجنة التقنية للمصطلحات) ضمن االتّحاد العالمي لجمعيات المقاييس الوطنية‬
‫(‪ٍ ،)ISA‬‬
‫بطلب أكاديمية العلوم السوفياتية‪ ،‬عام ‪ .1936‬حلّت محلها –بعد الحرب العالمية الثانية‪ -‬لجنة‬
‫جديدة تسمى (اللجنة التقنية ‪ )37‬المتخصصة في وضع مبادئ المصطلحات وتنسيقها‪ ،‬وهي تندرج‬
‫ضمن المنظمة العلمية للتوحيد المعياري (‪ )ISO‬التي مقًّرها جنيف(‪.)2‬‬

‫فينا عام‬
‫وقد تسارع هذا التطور عندما تأســس مركز المعلومات الدولي للمصطلحات في ّ‬
‫(‪ ،)1971‬بالتعاون بين الحكومة النمساوية واليونيسكو؛ حيث سعى إلى إيجاد ّحلول لمشكالت المصطلح‬
‫المنهجية‪ ،‬من خالل عقده لعدة نشاطات عالمية‪ :‬كانت أوالها ندوة حول التعاون الدولي في حـقل‬
‫فينا عام (‪ ،)1975‬والمؤتمــر األول لبنــوك المصطــلحات الدولي ــة الذي نظّـم كــذلك في‬
‫المصطلحات في ّ‬
‫فيينــا عام (‪ ،)1979‬وكان آخــرها الن ـ ــدوة التي نظّــمها بالتعاون مـع أكـاديميــة الع ـلــوم الســوفــياتية في‬

‫(‪ )1‬ينظر محمد علي الزركان‪ :‬الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث‪ ،‬ص‪.458 -457‬‬
‫(‪ )2‬في الفرنسية "‪ ،"Organisation internationale de normalisation‬في اإلنجليزية " ‪International‬‬
‫‪."Organization for Standardization,‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -1‬مدخل إلى علم المصطلح ‪ :‬المفهوم ‪ ،‬النشأة ‪ ،‬التطور‪ ،‬المجال‬

‫موسكــو وباالش ـتـراك مع المنـظمة الـدوليــة لتوحيــد المصطلحات والمركز الدولي لتوثيق المصطلحات‬

‫والجمعية الدولية لعلم اللغة التطبيقي ومكتب تنسيق التعريب عام (‪ُ )1979‬ب ِح َ‬
‫ث خاللها الـمشكالت‬
‫النظريــة والمنهجيــة في عل ــم المصطلحات(‪.)1‬‬

‫ويميز أحد الباحثين بين أربع مراحل للتطور هذا العلم(‪:)2‬‬


‫ّ‬

‫‪ -1‬مرحلــــة األصـول (‪ :)1960–1930‬التي ظهرت فيها النصوص األولى النظرية لفوستر‪،‬‬


‫تميزت بوضع آليات منهجيات عمل مصطلحي تأخذ بعين االعتبار الخصوصية‬
‫ولوت ‪ ،‬كما ّ‬
‫المنظمة للمصطلحيات‪.‬‬

‫تطور في الحاسوبيات الثقيلة وتقنيات التوثيق‪،‬‬


‫ًا‬ ‫‪ -2‬مرحلة الهيكــلة (‪ :)1975 –1960‬التي شهدت‬
‫كما بدأت تظهر فيها بنوك المعطيات‪ ،‬وبذلك بدأ التأسيس المصطلحية التي تتموقع في مسار‬
‫توحيد اللغة‪.‬‬

‫‪ -3‬مرحلـــة التشـعـــب (‪ :)1980-1975‬والتي لعبت فيها المصطلحية دواًر كبي ار في مسار تحديث‬
‫وعصرنة لغة المجتمع ‪ ،‬وذلك بظهور عدة مشاريع تهتم بهذا المجال‪.‬‬

‫‪ -4‬مرحلة اآلفــــــــــاق الكــبـرى (منذ ‪ :)1985‬والتي ــشهدت ظهور توج ــهات جديدة‪ ،‬فمن جهة كانت‬
‫تحولها‪ ،‬ومن جهة ثانية أصبحت تحتِ إم ـرة المصطلحيين وسائل عمل‬
‫قمة ّ‬
‫الحاسوبيات في ّ‬
‫وموارد أحسن مالءمة لحاجياتهم‪ ،‬كما بدأت تظهر صناعات اللغة‪ ،‬وتبوأت المصطلحية فيها‬
‫جس ار أساسياً‪ ،‬باإلضافة إلى خلق شبكات دولية تجمع مختلف البلدان ذات االهتمام بالمشاكل‬
‫المشتركة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر محمد علي الزركان‪ :‬الجهود اللغوية في المصطلح العلمي ‪ .‬ص ‪.150 – 151‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ماريا تيري از كابري‪ :‬المصطلحية النظرية والمنهجية والتطبيقات‪ .‬ص‪.1‬‬

‫‪11‬‬
‫آليات صناعة املصطلح‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫أن من خصائص اللغة البشرية قدرتها على استيعاب المفاهيم‬


‫ثبت في خلد اللسانيين في عمومهم ّ‬
‫وتتطور باستخدام آليات لسانية في مستوياتها المختلفة؛ وتتكاثر‬
‫ّ‬ ‫المستجدة في حياة اإلنسان‪ ،‬فتنمو‬
‫المتجددة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ألفاظها وتزيد تراكيبها وتتولّد مدلوالتها‪ ،‬بما يسمح لإلنسان بالتواصل في شتى المواقف الحياتية‬

‫الحية عمرا‪ ،‬قد خضعت الختبار قدراتها على‬


‫تعد من أطول اللغات العالمية ّ‬
‫واللغة العربية التي ّ‬
‫استيعاب المفاهيم الجديدة ال ّشديدة التدفّق عبر التاريخ‪ ،‬فبعد أن كانت معزولة في بيئة محدودة العناصر‬
‫وتطوقها لغات ذات حضارة‪ ،‬استطاعت أن تخرج من قوقعتها وتخرج من إطار لغة األدب والمشافهة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وتغدو لغة العلم والكتابة‪ ،‬وتصير مصد ار القتراض اللغات وتعانق العالمية‪.‬‬

‫المقننة الخاصة بالتّطور اللغوي‪ ،‬وصناعة المصطلح‬


‫وهي في كلّ هذا لجأت إلى الوسائل اللغوية ّ‬
‫ونموه‪ ،‬والتي يمكن أن نجملها في هذه الوسائل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬االشتقاق‬

‫االشتقاق آلية من اآلليات التي تستخدمها اللغة العربية في التنمية اللغوية والثراء بمفردات جديدة‬
‫تلبي مستجدات العصر‪ ،‬فتسير على خطى ناموس الطبيعة وقانون الحياة‪ ،‬وتتكاثر من داخلها‪ ،‬وهو ما‬
‫ّ‬
‫الصلة(‪.)1‬‬
‫يجعل ألفاظها تنتظم في أسر وثيقة ّ‬
‫شق الشيء‪ ،‬وأصله من َّ‬
‫الشق وهو نصف ال ّشيء‪ ،‬أو جانب منه‪ ،‬ومن‬ ‫واالشتقاق في اللغة من َّ‬
‫ِ‬
‫الجبل أي في ناحيته(‪ ،)2‬و«اشتقاق‬ ‫قعد في ٍّ‬
‫شق من‬ ‫فرقهم‪ ،‬وقالوا‪َ :‬‬ ‫ثمة قالوا‪َّ :‬‬
‫شق عصا المسلمين أي َّ‬
‫ال ّشيء‪ :‬بنيانه من المرتَ َجل‪ ،‬واشتقاق الكالم‪ :‬األخ ُذ فيه يمينا وشماال‪ ،‬واشتقاق الحرف من الحرف‪ :‬أخذه‬
‫منه‪.)3(»...‬‬

‫(‪ )1‬شحادة الخوري‪ :‬دراسات في المصطلح والترجمة والتعريب‪ ،‬المركـز العربـي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر – بدمشق‪.‬‬
‫‪ .2015‬ج‪ ،2‬ص‪.112‬‬
‫(‪ )2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ :‬مجلد‪ ،8‬ص‪.112‬‬
‫(‪ )3‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ :‬مجلد‪ ،8‬ص‪.112‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫وفصلوا فيه القول‪ ،‬فهذا السيوطي يقول‪ :‬هو « أخ ُذ صيغة من أخرى‪،‬‬


‫ّ‬ ‫عرفه اللغويون قديما‬
‫وقد َ‬
‫ومادة أصلية‪ ،‬وهيئةَ تركيب لها؛ ُلي َد ّل بالثانية على معنى األصل‪ ،‬بزيادة مفيدة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مع اتّفاقهما معنى‬
‫وحذر من َح ِذر‪ .‬وطريق معرفته تقليب تصاريف‬
‫ٌ‬ ‫ألجلهما اختلفا حروفا أو هيئة؛ كضارب من ضرب‪،‬‬
‫الكلمة حتّى يرجع منها إلى صيغة هي أصل الصيغ داللة اطراد أو حروفا غالبا كضرب فإنه دال على‬
‫مطلق الضرب فقط»(‪ ،)1‬وهو ما ذهب إليه ابن فارس حين قال‪ « :‬أجمع أهل اللغة إالّ من ش ّذ منهم –‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِ‬
‫مشتق من االجتنان‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫بعض الكالم من بعض‪ ،‬واسم الجن‬
‫َ‬ ‫تشتق‬
‫ّ‬ ‫أن العرب‬
‫العرب قياسا‪ ،‬و ّ‬ ‫للغة‬ ‫ّ‬
‫أجّنه اللّي ُل‪ ،‬وهذا جنين‪ ،‬أي هو في بطن‬
‫تدالن أبدا على الستر؛ تقول العرب للدرع ُجّنة‪ ،‬و َ‬
‫النون ُ‬
‫الجيم و ّ‬
‫أ ّمه»(‪.)2‬‬
‫فهو انتزاع كلمة من كلمة أخرى مع تناسب بينهما في المعنى‪ ،‬وتغيير في اللفظ بين األصل‬
‫المنتزع منه والفرع المنزوع‪.‬‬
‫ونحا المحدثون في تعريفهم لالشتقاق هذا المنحى‪ ،‬فيعرفه علي القاسمي قائال‪ :‬صياغة لفظة من‬
‫لفظة أخرى على أن يكون ‪-‬هناك‪ -‬تناسب بينهما في اللفظ والمعنى(‪.)3‬‬
‫أن االشتقاق يبحث في أصول الكلمات وفروعها والعالقات بينهما‪ ،‬فمن المادة‬
‫ومؤدى هذا ّ‬
‫المعجمية [ك‪ ،‬ت‪ ،‬ب] نصوغ المصدر "كتابة"‪ ،‬والفعل الماضي “كتب“‪ ،‬والفعل المضارع “يكتب“‪ ،‬وفعل‬
‫األمر "اكتب"‪ ،‬واسم الفاعل ”كاتب“‪ ،‬واسم المفعول “مكتوب“‪ ،‬واسم المكان "مكتب"‪...‬‬

‫حظي االشتقاق باهتمام علماء اللغة قديما وحديثا‪ ،‬وهو ما جعل دراسته مترامية عبر العصور‬
‫مستمرة‪ ،‬وما يجعل الدارس أمام نتاج علمي ضخم يصعب عليه االغتراف منه واالختيار‪ .‬ومن دالئل‬
‫قسموه إلى أقسام‪ ،‬منها‪:‬‬
‫وتعمقهم في جوانبه أن ّ‬
‫اهتمامهم به ّ‬

‫(‪ )1‬السيوطي‪ :‬المزهر في علوم اللغة وأنواعها‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.346‬‬


‫(‪ )2‬ابن فارس‪ ،‬الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كالمها‪ ،‬تح‪ :‬مصطفى الشويمي‪ ،‬مؤسسة بدران‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪1964‬م‪ .‬ص‪.57‬‬
‫(‪ )3‬علي القاسمي‪ :‬مقدمة في علم المصطلح‪ ،‬ص‪.98‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫الصغير (األصغر)‪:‬‬
‫‪ -1‬االشتقاق ّ‬
‫الصيغة مع تشابه بينهما في المعنى واتّفاق في الحروف‬
‫هو انتزاع كلمة من أخرى بتغيير ّ‬
‫األصلية وفي ترتيبها‪ ،‬كاشتقاق ضارب ومضروب وتضارب ومضاربة من ضرب‪ .‬يقول الشريف‬
‫ّ‬
‫ب من‬
‫ض َر َ‬
‫تناسب في الحروف والتركيب‪ ،‬نحو َ‬
‫ٌ‬ ‫الجرجاني‪ « :‬االشتقاق الصغير هو أن يكون بين اللفظين‬
‫َّ‬
‫الضرب»(‪ .)1‬فيحافظ في هذا النوع على الحروف األصلية وترتيبها في جميع المشتقات‪ ،‬مع ذلك التناسب‬
‫ألن إدراكه ال يحتاج إلى جهد وكثير فكر‪.‬‬
‫ويسمى كذلك األصغر؛ ّ‬
‫في المعنى‪ُ .‬‬

‫ب‪ -‬االشتقاق الكبير(يسمى القلب)‪:‬‬


‫وسماه (األكبر)(‪ ،)2‬وهو انتزاع كلمة من أخرى‬
‫ونبه إليه ّ‬
‫خص له بابا‪ّ ،‬‬
‫يعد ابن جني ّأول من ّ‬
‫ّ‬
‫النوع من‬
‫بتغيير في تركيب بعض أحرفها مع تشابه بينهما في المعنى واتّفاق في األحرف‪ ،‬ويقابل هذا ّ‬
‫الصرفي القائم على إبدال حروف اللغة(‪.)3‬‬
‫االشتقاق ما ُيدعى بالقلب اللغوي تميي از له من القلب ّ‬
‫فيحافظ فيه على التناسب بين الكلمتين (األصلية والمشتقة) في اللفظ والمعنى‪ ،‬من دون‬
‫المحافظة على ترتيب الحروف‪ ،‬ويشيع في الكلمات الثالثية وتقاليبها‪ ،‬كانتزاع" "جبذ" من "جذب"‪ ،‬و"حمد"‬
‫"جش"‪.‬‬
‫و"شج" من ّ‬
‫ّ‬ ‫من "مدح"‪،‬‬
‫وهذا الضرب من االشتقاق قليل في العربية‪ ،‬وصعب المنال‪ ،‬يعسر معه الوصول إلى المعنى‬
‫التمحل لربط بعضها ببعض كما فعل ابن جني(‪.)4‬‬
‫ّ‬ ‫الجامع بين تقاليبه الستة‪ ،‬وكثي ار ما يؤول األمر إلى‬

‫ج‪ -‬االشتقاق األكبر ( يسمى االبدال)‪:‬‬

‫(‪ )1‬الشريف الجرجاني‪ :‬كتاب التعريفات‪ ،‬ص‪.27‬‬


‫(‪ )2‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.88‬‬
‫(‪ )3‬السيوطي‪ :‬المزهر في علوم اللغة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.274‬‬
‫(‪ )4‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.89‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫هو أخذ كلمة من أخرى بتغيير بعض أحرفها مع تشابه بينهما في المعنى واتّفاق في األحرف‬
‫المغيرة‪ ،‬أو صفاتها‪ ،‬أو فيهما معا‪ ،‬ويقابل هذا ما ُيعرف باإلبدال اللغوي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الثابتة‪ ،‬وفي مخارج األحرف‬
‫الرجس(‪.)1‬‬
‫الرجز و ّ‬
‫كثلب وثلم‪ ،‬وجثا وجذا‪ ،‬و ّ‬
‫ويحافظ فيه على التناسب بين اللفظين في المعنى والمخرج‪ ،‬واختالف في بعض الحروف‪ ،‬التي‬
‫"الرجز"‬
‫تكون من ذات المخرج أو قريبة منه‪ ،‬مثل‪" :‬عنوان" و"علوان"‪" ،‬ثلب" و"ثلم"‪" ،‬جثا" و"جذا"‪ّ ،‬‬
‫و"الرجس"‪.‬‬
‫ّ‬
‫(الصغير)‪ ،‬هو أكثر أنواع االشتقاق إثراء للغة‬
‫ّ‬ ‫النوع األول من االشتقاق‬
‫أن ّ‬‫يتّفق العلماء على ّ‬
‫مدها بمصطلحات للمفاهيم المستجدة في ميدان العلوم المختلفة‪ ،‬واالعتماد فيه‬
‫ثمة ّ‬
‫بمفردات جديدة‪ ،‬ومن ّ‬
‫الصيغ المعيارية الذي يقبل للقياس عليه‪ ،‬فإذا كان األوائل استخدموا صيغا من المادة‬
‫الكم من ّ‬
‫على ذلك ّ‬
‫المعجمية الواحدة‪ ،‬فكثير من صيغ المادة ذاتها لم يستخدم‪ ،‬ويمكن لالحق االشتقاق قياسا وسماعا‬
‫بالتوسع في المعنى األصلي مبالغة‪ ،‬ومطاوعة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫للحصول على مصطلحات منتزعة من مادة عربية‪،‬‬
‫وتعدية‪ ،‬وطلبا‪...‬‬

‫ثانيا‪ :‬المجاز‬

‫الشيء‬
‫َ‬ ‫"جاز‬
‫المجاز آلية من آليات وضع المصطلحات‪ ،‬عرفته العرب منذ القديم‪ ،‬فهو « من َ‬
‫بأنه "مجاز"‪ ،‬على معنى ّأنهم جازوا‬
‫صف ّ‬ ‫تعداه‪ .‬واذا عدل باللفظ عما يوجبه أصل اللغة‪ ،‬و ِ‬
‫َي ُجوزه"‪ ،‬إذا َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األصلي‪ ،‬أو جاز هو مكانه الذي ُوضع فيه َّأوال»(‪ .)2‬وهو ك ّل لفظ أريد به غير ما وضع له‬
‫َّ‬ ‫موضعه‬
‫َ‬ ‫به‬
‫في وضعه األول‪ ،‬لرابط؛ لذلك يشترط في اللفظ شرطان كي يسمى مجازا‪ « :‬أولهما أن يكون منقوال عن‬
‫يتميز عن اللفظ المشترك‪ ،‬والثاني أن يكون ذلك النقل لمناسبة بينهما‬
‫معنى وضع اللفظ بإزائه أوال وبهذا ّ‬

‫(‪ )1‬السيوطي‪ :‬المزهر في علوم اللغة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.347‬‬


‫(‪ )2‬عبد القاهر الجرجاني‪ :‬أسرار البالغة في علم البيان‪ ،‬تحقيق عبد الحميد هنداوي‪ ،‬ص‪.278‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫وعالقة»(‪.)1‬‬

‫المجاز يم ّكن العالم ‪-‬باستخدام هذه اآللية‪ -‬من نقل الكلمة من المعنى اللغوي إلى معنى علمي‪،‬‬
‫وهو ما فعله العلماء األولون حين عمدوا إلى وضع المصطلحات على شاكلة "الرفع" و"النصب" و"الجر"‬
‫و"الهمز"؛ فالمتأمل في األلفاظ االصطالحية المتداولة في مختلف العلوم العربية اإلسالمية يجدها ألفاظا‬
‫قديمة ُو ِسعت مجاالتُها الداللية عن طريق المجاز‪ ،‬وهو ما يؤدي بالضرورة إلى إمكانية استخدام‬
‫المرة الواحدة‬
‫متعددة؛ على نحو ما نجده في كلمة "الرجعة" التي تعني ّ‬
‫المصطلح الواحد في تخصصات ّ‬
‫الرجوع في الطالق الذي ليس ببائن‪ ،‬وفي علم الكالم هي رجوع اإلمام بعد‬
‫الرجوع‪ ،‬وفي الفقه هي ّ‬
‫من ّ‬
‫موته أو غيبته‪ ،‬وفي التنجيم تعني سير الكواكب‪ ،‬فاللفظ "الرجعة" تجاوز معناه األصلي إلى غيره بقرينة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة تدل على ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬أهميته‪:‬‬

‫أهلتها لتواكب الحياة‬


‫مد اللغة العربية بالمفردات التي ّ‬
‫المجاز من وسائل التنمية اللغوية‪ ،‬أسهم في ّ‬
‫المتجددة عبر العصور‪ ،‬وتناوله الدراسون على ّأنه أحد أوجه النقل أو التحويل الداللي للفظ‪ ،‬فهو ينقل‬
‫ّ‬
‫تكرر على مسامع متكلّمي اللغة ك ّل حين حتى‬
‫األلفاظ من معاني مألوفة إلى أخرى لم تُؤلف‪ ،‬وما تلبث ّ‬
‫يستسيغوها ويألفوها‪.‬‬

‫ومن أمثلة األلفاظ التي نقلت من طريق المجاز‪:‬‬

‫خالصه‪ ،‬ونقل إلى الداللة على‬


‫ُ‬ ‫‪ -‬لفظ "الفصاحة" كان يد ّل على اللّبن الذي أزيل رغوه وبقى‬
‫حسن الكالم وجودته‪ ،‬برابط الجودة والخلوص‪.‬‬

‫التردد والحيرة‬
‫‪ -‬لفظ "الشك" كان يد ّل على الوخز بشيء دقيق يؤلم الجسم‪ ،‬ونقل إلى الداللة على ّ‬

‫(‪ )1‬فخر الدين الرازي‪ :‬نهاية اإليجاز في دراية اإلعجاز في علوم البالغة وبيان إعجاز القرآن الكريم‪ ،‬مطبعة اآلداب والمؤبد‪،‬‬
‫القاهرة‪ .‬مصر‪1317 .‬هـ‪ .‬ص‪.47‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫الرحة‪.‬‬
‫النفس والعقل‪ ،‬برابط األلم وعدم ّا‬
‫وعدم اليقين مما يؤلم ّ‬

‫‪-‬لفظ "اإلبهام" كان يد ّل على الظّالم الكثيف الذي ال يمكن تمييز األشياء فيه‪ ،‬ونقل إلى الداللة‬
‫على الغموض واشتباه المقصود‪ ،‬برابط صعوبة الرؤية بالبصر والبصيرة‪.‬‬

‫ولما جاء اإلسالم أثرى اللغة العربية بنقل الكثير من األلفاظ من داللتها التي ألِفَها ّ‬
‫الناس إلى‬
‫دالالت إسالمية خالصة‪ ،‬مثل‪ :‬اإلسالم‪ ،‬والقرآن‪ ،‬واإليمان‪ ،‬والجهاد‪ ،‬والحق‪ ،‬والباطل‪ ،‬والصوم‪ ،‬والركوع‪،‬‬
‫والصراط‪ ،‬والطهارة‪ ،‬والقنوت‪ ،‬والعرش‪ ...‬واستغل العلماء العرب المسلمون هذه اآللية في توفير األلفاظ‬
‫الصرف واإلعراب‬
‫النحو و ّ‬
‫الدالة على المفاهيم المستحدثة في العلوم التي ظهرت في عصورهم‪ ،‬مثل‪ّ :‬‬
‫والعلوم الشرعية والحضارية‪.)1(...‬‬

‫لكن المجاز ‪-‬اليوم‪ -‬غدا قليل الجدوى في ميدان صناعة المصطلح‪ ،‬من حيث اعتماده على‬
‫ويصعب أن تتقاطع األذواق واللغة العربية ثرية باأللفاظ المترادفة‪ ،‬ومن‬
‫ُ‬ ‫االرتجال الذي ينبني على ال ّذوق‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫في عصر يشهد تدفّقا كبي ار في‬ ‫المتعددة‬
‫ّ‬ ‫الرد لالستقرار على لفظ من األلفاظ‬
‫مدة األخذ و ّ‬
‫حيث ّ‬
‫سدا لكل باب من شأنه‬
‫أن المصطلحية تجنح إلى المعيارية وتعتمد على االتفاق ّ‬
‫المفاهيم‪ ،‬ضف إلى ذلك ّ‬
‫التعدد الذي يؤدي بدوره إلى الفوضى المصطلحية والغموض‪ .‬ومن زاوية أخرى فإ ّن المجاز‬
‫أن يؤدي إلى ّ‬
‫يخص إيجاد ألفاظ جديدة لمفاهيم جديدة مستحدثة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يختص بنقل ألفاظ موجودة وضعت لمعان‪ ،‬وال‬
‫ّ‬

‫ثالثا‪ :‬النحت‬

‫‪ -1‬المفهوم‪:‬‬

‫النحت آلية من آليات صناعة المصطلح‪ ،‬عرفته العرب منذ القدم‪ ،‬ونال حظوة عند علماء اللغة‬
‫ّ‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مصطفى الحيادرة‪ :‬من قضايا المصطلح اللغوي العربي (الكتاب األول)‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫مدة‬
‫(‪ )2‬اعتمدت كلمة «هاتف» عوضا من الكلمة المعربة «تليفون»‪ ،‬لكنهما ما زاال يسيران على األلسن جنبا إلى جنب منذ ّ‬
‫تقارب الخمسين سنة أو تزيد‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫من أمثال الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب "العين"‪ ،‬وابن السكيت في "إصالح المنطق"‪ ،‬والجوهري‬
‫في "الصحاح" والثعالبي في "فقه اللغة"‪.‬‬

‫حت‬
‫الن ُ‬ ‫شر والقشر‪ ،‬و ّ‬‫الن ُ‬
‫حت ّ‬ ‫الن ُ‬
‫النحت في اللغة األخذ والتّنقيص والتّقليل‪ ،‬جاء في لسان العرب‪ّ :‬‬ ‫وّ‬
‫ونحت الجب َل ين ِحتُه‪:‬‬
‫َ‬ ‫وين َحتُهَا نحتا فانتَ َحتَت‪...‬‬ ‫ِ‬
‫النجار الخشب‪ :‬نحت الخشبة ونحوها َينحتُهَا َ‬ ‫نحت ّ‬
‫ُ‬
‫صه‪ ،‬و َأرقَّه على التَّشبِيه(‪ .)1‬وفي محيط المحيط‪ « :‬نحت القلم‬ ‫اإلنسان‪َ :‬نقَ َ‬
‫َ‬ ‫البعير و‬
‫َ‬ ‫ت السَّفَ ُر‬
‫ون َح َ‬
‫ط َعه‪َ ...‬‬
‫قَ َ‬
‫السفر البعي َر صاحبه أنضاهُ»(‪.)2‬‬
‫ُ‬ ‫والعود‪ ..‬براه‪ .‬والحجر سواه وأصلحه‪ .‬والخشبة نجرها‪ .‬ونحت‬

‫النحيتة التي‬
‫النحت قد يأخذ سبال أخرى في المعنى غير االنتقاص والتقليل‪ ،‬ومن ذلك ّ‬
‫ولكن ّ‬
‫تعني طبيعة اإلنسان التي بني عليها‪ ،‬وقد خلق اهلل اإلنسان في أحسن تقويم‪ ،‬ومنه أيضا قوله تعالى‪:‬‬
‫ون ال ِج َبا َل ُبُيوتا﴾(‪ .)3‬وفي ذلك داللة على تمام‬ ‫ِ‬ ‫ض تَتَّ ِخ ُذ ِ‬
‫﴿وَب َّوأَ ُكم ِفي األَر ِ‬
‫ور َوتَنحتُ َ‬
‫ص ا‬‫ون من ُسهُولِهَا قُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الصنع ودقته‪ ،‬يقول ابن فارس‪ « :‬نحت كلمة تدل على نج ِر شيء وتسويته بحديدة ‪ ...‬وانحيتة‪ :‬الطبيعة‪،‬‬
‫يريدون الحالة التي ينحت عليها اإلنسان‪ ،‬كالغريزة التي غرز عليها اإلنسان»(‪ .)4‬وفي هذا إشارة إلى ما‬
‫النحت من هندسة وتنسيق وتسوية‪.‬‬
‫في ّ‬

‫وفي االصطالح هو‪ « :‬انتزاع كلمة من كلمتين أو أكثر على أن يكون تناسب في اللفظ والمعنى‬
‫بين المنحوت والمنحوت منه»(‪.)5‬‬

‫النحت دفعا لاللتباس الذي يكتنف المنسوب إلى أسماء األماكن‬


‫ولقد احتاجت العرب قديما إلى ّ‬
‫واألعالم المركبة تركيبا إضافيا؛ إذ ينسبون إلى أحد طرفيها‪ ،‬ويؤدي ذلك إلى غموض فنحتوا من الطرفين‬

‫(‪ )1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مجلد ‪،10‬ص‪.67‬‬


‫(‪ )2‬بطرس البستاني‪ :‬محيط المحيط (قاموس مطول للغة العربية)‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪ .1978 ،‬ص ‪.882-881‬‬
‫(‪ )3‬سورةاألعراف‪ ،‬اآلية ‪.70‬‬
‫(‪ )4‬ابن فارس‪ :‬مقاييس اللغة‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫(‪)5‬ابن فارس‪ :‬مقاييس اللغة‪ ،‬ص‪.70‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫قسي‬
‫النسب إلى عبد شمس‪ ،‬ومر ّ‬ ‫عبشمي في ّ‬
‫ّ‬ ‫النسب على هذا األساس‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫كلمة واحدة وعاملوها في ّ‬
‫النسب إلى امرئ القيس‪ .‬وتبعهم المحدثون في ذلك فقالوا‪" :‬البرمائي" من "البر والماء"‪ ،‬و"القروسطي"‬
‫في ّ‬
‫من القرون الوسطى‪ ،‬و"الزمكان" من الزمان والمكان‪...‬‬

‫‪ -2‬أنواع النحت في اللغة العربية‪:‬‬

‫النطق بهما كليهما أو‬


‫أ‪ -‬النحت الفعلي‪ :‬انتزاع فعل من فعلين أو كلمتين أو أكثر ليد ّل على ّ‬
‫على مضمونهما‪ ،‬ومن األمثلة المتداولة‪“ :‬حوقل“ المأخوذة من ال حول وال قوة إال باهلل‪” ،‬حمدل“ المنتزعة‬
‫من الحمد هلل‪ ،‬و"سبحل" قال سبحان اهلل‪" ،‬بأبأ" قال بأبي أنت‪" ،‬بعثر" بعث وأثار‪" ،‬بلطح" بلط وبطح‪...‬‬

‫ي“ التي تشير إلى‬


‫ب‪ -‬النحت النسبي‪ :‬نسبة شخص أو شيء إلى مكانين‪ ،‬كما في‪” :‬طبرخز ّ‬
‫النسبة إلى بلدتي طبرستان وخوارزم معا‪ ،‬أو ينسب إلى اسم مكان أو قبيلة مركب تركيبا إضافيا مثل‬
‫ي" نسبة إلى عبد الدار‪.‬‬
‫”عبشمي“ المنحوتة من عبد شمس‪" ،‬عبدر ّ‬

‫ج‪ -‬النحت الوصفي‪ :‬انتزاع صفة من كلمتين لتدل على معناهما‪ ،‬كما في‪ِ ” :‬‬
‫صل َدم“ وهو شديد‬
‫"الصقعب" من‬ ‫الحافر المنحوتة من ”الصلد“ ”الصدم“ ‪ِ ،‬‬
‫و"ض َبطر" من ضبط وضبر وهو للرجل الشديد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصعب‪.‬‬
‫الصقب و ّ‬
‫المنحوتة من ّ‬

‫د‪ -‬ال ّنحت االسمي‪ :‬انتزاع اسم من كلمتين‪ ،‬كما في‪” :‬جلمود“ المنحوتة من جلد وجمد ومثل‬
‫وقر‪ ،‬وعقابيل من ُعقبى وعلّة‪.‬‬
‫للب َرد المنحوتة من حب ّ‬
‫” َحبقَر“ َ‬

‫‪ -3‬صور الكلمات المنحوتة‪:‬‬

‫‪ [ -‬كلمة أجنبية ‪ +‬كلمة أجنبية]‪ :‬كما في كلمتي "تلغراف" [‪ ،]Télé+graphe‬و"تلفون"‬


‫[‪ ]Télé+phone‬اللتين دخلتا اللغة العربية عن طريق التعريب‪.‬‬

‫‪ [ -‬كلمة عربية ‪ +‬كلمة عربية]‪ :‬كما في "متشائل" المنحوتة من متشائم ومتفائل‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫‪ [ -‬كلمة عربية ‪ +‬كلمة أجنبية]‪ :‬كما في "كهرومغناطيسي" المنحوتة من كهرباء التي عرفتها‬
‫العربية قبل النهضة‪ ،‬ومغناطيسي المقترضة‪ ،‬جمالوجيا في "‪ "esthetics‬وفكرولوجيا في "‪."ideology‬‬

‫‪[ -‬حرف أو ظرف ‪ +‬كلمة عربية]‪ :‬هذه صورة للنحت شاعت في العصر الحديث‪ ،‬تتخذ شكل‬
‫تركيب مزجي باإللصاق‪ ،‬مثل‪ :‬ال مركزية‪ ،‬وال إرادي‪ ،‬وال سلكي‪ ،‬وال أخالقي‪ ،‬وال شعوري‪ ،‬أو مثل‪ :‬فوق‬
‫سمعي‪ ،‬وفوق بنفسجي‪ ،‬وفوق صوتي‪ ،‬وفوق إشباعي‪ ،‬وفوق مجهري‪ ،‬تحت الحمراء‪ ،‬وما ورائي‪...‬‬

‫‪ -4‬طريقة النحت‪:‬‬

‫من خالل أمثلة النحت نالحظ ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬عدم التقيد بأخذ الكلمة المنحوتة من جميع كلمات الجملة المنحوت منها‪ .‬كما في ”هيلل“ منحوتة من‬
‫جملة (ال إله إال اهلل)‪.‬‬

‫‪ -‬عدم التقيد بأخذ عدد من الحروف من كل كلمة؛ ففي حين أخذت كلمة ” َمشأ َل“ حرفا واحدا من كل‬
‫كلمة من جملة (ما شاء اهلل) نجد أن كلمة ” َحسب َل“ أخذت ثالثة حروف من الكلمة األولى وحرفا‬
‫واحدا من الكلمة الثانية من جملة (حسبي اهلل)‪ .‬أما كلمة ”مشكن“ فلم تأخذ أي حرف في لفظ‬
‫الجاللة في جملة (ما شاء اهلل كان)‪.‬‬

‫‪ -‬عدم التقيد بترتيب الحروف األصلية للجملة المنحوت منها مثل ”طبلق“ المأخوذة من جملة (أطال اهلل‬
‫بقاءك)‪.‬‬

‫‪ -‬عدم االلتزام بالحركات والسكنات األصلية مثل “ َسب َح َل“ المنحوتة من (سبحان اهلل)‪.‬‬

‫‪ -5‬دور النحت في صناعة المصطلح‪:‬‬

‫النحت وسيلة فاعلة في توليد األلفاظ في اللغة العربية‬


‫تباينت مواقف العلماء العرب من اتّخاذ ّ‬
‫واصطناع المصطلحات العلمية‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫‪ -‬منهم من يق ّره كآلية من آليات صناعة المصطلح‪ ،‬ويؤكد على وجود هذه الظاهرة في التراث‬
‫يمد اللغة العربية بعدد‬
‫العربي‪ ،‬ويتّخذ من األمثلة التي ساقها العلماء شاهدا على ذلك‪ ،‬و ّأنه بإمكانه أن ّ‬
‫من المصطلحات العلمية‪ ،‬خاصة في صورته اإللصاقية‪.‬‬

‫أن النحت –وان ُوجد في‬‫أن اللغة العربية اشتقاقية بطبعها‪ ،‬و ّ‬
‫يقره‪ ،‬بدعوى ّ‬
‫‪ -‬ومنهم من ال ّ‬
‫أن‬
‫مر تاريخها الطويل‪ ،‬كما ّ‬
‫مد اللغة العربية بالثروة اللغوية على ّ‬
‫التراث‪ -‬أمثلته قليلة ودوره يسير في ّ‬
‫المنحوت يطمس معنى المنحوت منه‪ ،‬ويبقى تخريج المنحوت منه إال ضربا من التّخمين والتأويل البعيد‬
‫واالجتهاد الذي ال يالقي القبول دائما(‪.)1‬‬

‫الضرورة العلمية‬
‫النحت عندما تلجئ ّ‬
‫وكان قرار المجامع اللغوية في الوطن العربي أن أجازت ّ‬
‫بأن النحت « ظاهرة لغوية احتاجت إليها اللغة‬
‫نص عليه مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ّ :‬‬
‫إليه‪ ،‬من ذلك ما ّ‬
‫العربية قديما وحديثا‪ ،‬ولم يلتزم فيه األخذ من ك ّل الكلمات‪ ،‬وال موافقة الحركات والسكنات‪ ،‬وقد وردت من‬
‫هذا النوع كثرة تجيز قياسه‪ ،‬ومن ثم يجوز أن ينحت من كلمتين أو أكثر اسم أو فعل عند الحاجة‪ ،‬على‬
‫أن يراعي ما أمكن استخدام األصلي من الحروف دون الزوائد‪ ،‬فإن كان المنحوت اسما اشترط أن يكون‬
‫النسب‪ ،‬وان كان فعال كان وزن (فَعلَ َل) أو (تَفَعلَ َل) إال إذا‬
‫على وزن عربي‪ ،‬والوصف منه بإضافة ياء ّ‬
‫لضرورة غير ذلك‪ ،‬وذلك جريا على ما ورد من الكلمات المنحوتة»(‪.)2‬‬
‫اقتضت ا ّ‬

‫النحت بغية ترجمة بعض المصطلحات‬


‫أن اللغة العربية اليوم في حاجة إلى ّ‬
‫الرغم من ّ‬
‫وعلى ّ‬
‫العلمية‪ ،‬ولكن النحت يحتاج إلى ذوق سليم خاصة‪ ،‬فقد تكون الترجمة بكلمتين عربيتين أو أكثر داللة‬
‫النحت‬
‫يفسر قلّة استخدام ّ‬
‫على المعنى من نحت كلمة عربية واحدة ال يستسيغها الذوق العام‪ .‬وهذا ما ّ‬
‫إن بعضهم يقدر أن المنحوتات الشائعة الناجحة‬
‫عند القدامى والمحدثين في صناعة المصطلحات‪ ،‬حتّى ّ‬
‫مست ثالثة معاجم أصدرها‬
‫تعد على األصابع‪ ،‬وال تتجاوز المئة‪ ،‬وما يؤكد ذلك الدراسة التي ّ‬
‫في العربية ّ‬

‫(‪ )1‬ترزي فؤاد‪ :‬االشتقاق‪ ،‬ص‪.358‬‬


‫(‪ )2‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ :‬مجموعة الق اررات العلمية في خمسين عاما (‪ ،)1984 – 1934‬ص‪.22-21‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫مكتب تنسيق التعريب ( في الفيزياء والنفط والطب) ال يوجد سوى ثالثة عشر (‪ )13‬مصطلحا وضعت‬
‫بواسطة النحت(‪.)1‬‬

‫علميا بأكثر من كلمة‪ ،‬عوضا من إيجاد‬


‫ّ‬ ‫فاللغة العربية لغة اختزال‪ ،‬وال ضير في أن تؤدي معنى‬
‫سد باب النحت‪ ،‬بل حصره في الضرورة‪،‬‬
‫ألفاظ يشوبها لبس ويشتكل معناها على العربي‪ ،‬وهذا ال يعني ّ‬
‫وعندما تعوز الحاجة إليه(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬جامعة الدول العربية‪ ،‬المكتب الدائم للتنسيق والتعريب في الوطن العربي‪ :‬مجلة اللسان العربي‪ ،‬الرباط‪ .‬العدد‪.19‬‬
‫(‪ )2‬األمير مصطفى الشهابي‪ :‬المصطلح العلمي في اللغة العربية في القديم والحديث‪ ،‬ص‪.112-111‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫رابعا‪ :‬الترجمة‬

‫يتم بمقتضاها البحث في المعاجم‬


‫تعد الترجمة من اآلليات المعينة على وضع المصطلحات؛ إذ ّ‬
‫ّ‬
‫يمس هذه‬
‫اللغوية العربية عن دوال عربية موجودة من قبل لتقابل مدلوالت لدوال أجنبية‪ ،‬من دون أن ّ‬
‫المعرب والدخيل الذين يؤخذ فيها الدال والمدلول‬
‫ّ‬ ‫أي تغيير صرفي أو تركيبي‪ ،‬على خالف‬
‫الدوال العربية ّ‬
‫معا ويؤدي ذلك إلى ميالد وحدة لغوية جديدة‪ ،‬وفي الترجمة يكتفى بإعادة بعث الوحدات اللغوية القديمة‬
‫بمدلوالت جديدة‪.‬‬

‫النقل‪ .‬وفي‬
‫والترجمة في المعاجم اللغوية العربية يراد بها جملة معان منها‪ :‬التّفسير‪ ،‬واإليضاح‪ ،‬و ّ‬
‫المفسر‪ ،‬وقد ترجمه وترجم عنه»(‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫ذلك قال ابن منظور‪ « :‬الترجمان‪:‬‬

‫فالواضح أن ابن منظور َّ‬


‫أكد في تعريفه على المادة اللغوية وطريقة نطقها والقياس عليها مقيما‬
‫المعنى على التفسير واإلبانة‪ ،‬أما المصباح المنير فجاء فيه‪ « :‬ترجم فالن كالمه إذا َّبينه وأوضحه‪،‬‬
‫وترجم كالم غيره إذا َّ‬
‫عبر بلغة غير لغة المتكلم»(‪ ،)2‬فنظر إلى المعنى من زاويتين‪.‬‬

‫‪ -1‬داللة كلمة ترجم‪ :‬تحمل مادة ترجم اللغوية داللة معجمية ودالالت سياقية متعددة‪.‬‬

‫• ترجم‪ :‬نقل نصا من لغة إلى لغة أخرى مغايرة‪ :‬ترجم نصا إلى الفرنسية‪ ،‬وترجم برقية هاتفية‬
‫ك رموزها ونقلها كلمة كلمة‪.‬‬
‫السلكية‪ :‬ف ّ‬

‫• وترجم فكرة الفيلسوف فسَّرها وشرحها‪.‬‬

‫السير والتّراجم‪.‬‬
‫• وترجم حياة األديب‪ :‬كتب سيرته وتاريخ حياته‪ ،‬ومنه فن ّ‬
‫• وترجمة ذاتية‪ :‬كتب سيرة حياته بنفسه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.219‬‬


‫(‪ )2‬الفيومي‪ :‬المصباح المنير‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.84‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫فن الترجمة وِاتّخذها مهنة‪ :‬يترجم الوثائق والنصوص‪.‬‬


‫• المترجم‪ :‬من حذق ّ‬

‫وأما اصطالحا فإن التعاريف االصطالحية ِاتفقت‪ :‬أن كلمة ترجمة تدل على نقل األلفاظ‬
‫والمعاني واألساليب من لغة إلى أخرى مع المحافظة على التكافؤ ومن دون اإلخالل بالمعنى(‪.)1‬‬

‫فعدوا الترجمة علما فرعيا من اللّسانيات التطبيقية‪،‬‬


‫وقد ذهب اللسانيون إلى أبعد من ذلك‪ّ ،‬‬
‫فقالوا‪ :‬إن الترجمة عملية لسانية لنقل المكافآت بين لغتين مختلفتين‪ ،‬وقد تكون أكثر من ذلك ألنها تبحث‬
‫النص الذي تتجاوز لسانيته(‪.)2‬‬
‫السمات المنغرسة في ّ‬
‫في ّ‬

‫(‪ )1‬جورج مونان‪ :‬علم اللغة والترجمة‪ ،‬ترجمة أحمد زكريا إبراهيم‪،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪2002 .‬م‪ .‬ص‪.10‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫‪ -3‬جهود العلماء العرب والمسلمين قديما في ترجمة المصطلحات‪:‬‬

‫تفطن العلماء القدامى إلى أهمية نقل ذخائر األمم األخرى إلى العربية‪ ،‬فاقتحموا مجاالت العلوم‬
‫وأثبتوا أن اللغة العربية باستطاعتها أن تتبنى المصطلحات العلمية في الفلسفة والطب‪ ،‬والفلك‪ ،‬والفيزياء‪،‬‬
‫والرياضيات‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬والزراعة‪ ،‬والصناعة ‪ ...‬وغيرها من العلوم‪.‬‬

‫وعرفت الحضارة العربية اإلسالمية حركة علمية رائدة‪ ،‬فلقد أدخل المترجمون النصوص العلمية‬
‫إلى العربية‪ ،‬ودمجوا المصطلحات في جملة ألفاظها؛ فاتسعت معاجمها وغدت هذه المصطلحات صالحة‬
‫للتعبير عن العلوم إجماال‪.‬‬

‫ومن العلماء الذين برزوا في ترجمة المصطلحات األجنبية إلى العربية نذكر حنين بن‬
‫كثير بمنطق أرسطو وترجم‬
‫ا‬ ‫هتم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إسحاق(ت‪264‬هـ) الذي أُثر عنه مؤلفات علمية وفلسفية هامة‪ ،‬فقد ا ّ‬
‫نظر إلتقانه اليونانية والسريانية‪ ،‬وقد تعددت لديه المصطلحات فكان يدقق في المصطلح حتى‬
‫غالبيته‪ ،‬ا‬
‫يهتدي إلى إيجاد ما يقابله باللغة العربية‪.‬‬

‫من المصطلحات الفلسفية التي ترجمت إلى اللغة العربية‪ :‬األزل‪ -‬األبد‪ -‬القديم‪ -‬الحديث‪-‬‬
‫العلّة‪ -‬الوجود‪ -‬العدم‪ -‬الصورة‪ -‬المعلوم‪.‬‬

‫‪ -4‬الترجمة عند المحدثين‪:‬‬

‫انصرف العلماء المحدثون إلى ترجمة مصادر العلم ومراجعه في مختلف التخصصات‪ ،‬وقد سعى‬
‫كل مترجم إلى وضع تعابير وألفاظ تروق له وقد ال تروق لغيره‪ ،‬وأدى هذا إلى فوضى الترجمة في العديد‬
‫من القضايا التي تهم ميدان المصطلح‪ ،‬وبات ضروريا وضع شروط صحيحة عامة متفق عليها بين‬
‫المنصبة‪ ،‬على غرار ما‬
‫ّ‬ ‫العواصم العربية في ترجمة المصطلح‪ ،‬وأن يوكل األمر إلى المؤسسات العلمية‬
‫يقوم به مكتب تنسيق التعريب بالرباط التابع للجامعة العربية‪ ،‬أو المجامع اللغوية العربية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫‪ -5‬أنواع الترجمة‪:‬‬

‫اعتمد الفيلسوف المغربي "طه عبد الرحمن" تقسيما للترجمة يتلخص في ثالثة أنواع(‪:)1‬‬

‫أ‪ -‬الترجمة التحصيلية‪( :‬وتسمى النقل أو الترجمة الحرفية)‪ ،‬يعطي المترجم األولوية‬
‫لالعتبارات اللغوية‪ ،‬فينشغل بالمطابقة بين اللغتين المنقول منها والمنقول إليها من حيث المعجم أو من‬
‫حيث التراكيب‪ ،‬وتستعمل في النصوص النفعية والعلمية‪.‬‬

‫ب‪ -‬الترجمة التوصيلية‪( :‬وتسمى الترجمة التقريبية)‪ ،‬يسعى المترجم إلى إيجاد المعاني التي‬
‫تقرب النص األصل إلى النص الهدف‪ ،‬فيلجأ إلى إجراء تغييرات شكلية مستعينا بمختلف الوسائل‬
‫كالتكييف واالقتباس‪ .‬كما يطلق على هذا النوع من الترجمة أيضا "الترجمة غير المباشرة"‪ ،‬فيتحرر‬
‫المترجم ‪-‬أثناء عمله‪ -‬من كلمات النص األصلي وتراكيبه‪ ،‬ويعمل على نقل المضامين الفكرية للنص‬
‫المصدر إلى الهدف‪.‬‬

‫ج‪ -‬الترجمة التأصيلية‪( :‬وتسمى الترجمة التأسيسية)‪ ،‬فال يكفي في هذا النوع من‬
‫الترجمة أن يتوفر المترجم على الكفاءة اللغوية التي تنهض على نقل األلفاظ‪ ،‬كما في الترجمة‬
‫التحصيلية‪ ،‬وال على معرفة المضامين كما في الترجمة التوصيلية‪ ،‬وانما يشترط عليه إدراك المقاصد‬
‫بحيث يستطيع التفاعل مع النص المترجم والتحاور معه في إطار المجال التواصلي للمتلقي‪ ،‬فينتج عنه‬
‫إدماج النص المترجم في البيئة المعرفية واللغوية والثقافية المتلقية‪.‬‬

‫وينكب انشغال المترجم في الطريقة التحصيلية على القضايا اللغوية للنص‪ ،‬أما في الطريقة‬
‫التوصيلية‪ ،‬فعلى الجوانب االستشكالية والبناء االستداللي للنص‪ ،‬وفي الطريقة التأصيلية على التصرف‬
‫في المضامين المنقولة لتناسب الثقافة المتلقية‪.‬‬

‫(‪ )1‬علي القاسمي‪ :‬الترجمة في تجربة المغرب العربي‪ ،‬ص ‪.82-81‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫‪ -5‬إشكالية ترجمة المصطلح في الوطن العربي‪:‬‬

‫شهد القرن التاسع عشر موجة من التطورات مست مختلف المعارف اإلنسانية‬
‫والتكنولوجية‪ ،‬مما أدى إلى ظهور مفاهيم علمية حديثة تم التعبير عنها بمصطلحات جديدة‪،‬‬
‫وما لوحظ أن هناك غيابا لالنسجام بين هذه المفاهيم المتنامية والمصطلحات المعبرة عنها‪ .‬فأفرزت هذه‬
‫الظاهرة وضعا يتسم بالنقص الكبير في هذه المصطلحات‪ ،‬والسيما في الدول العربية لكونها دوال مستهلكة‬
‫وليست منتجة‪ .‬ومن األسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة‪:‬‬

‫* بعض المدرسين تلقوا تعليمهم باللغة األجنبية‪.‬‬

‫* حداثة الجامعات واعتمادها على المدرسين األجانب‪.‬‬

‫* التطور السريع للعلوم والتكنولوجية المصحوب ببطء حركة التعريب في الوطن العربي‪.‬‬

‫* كثرة المصطلحات األجنبية التي تقدر بحوالي‪ 50‬إلى ‪ 100‬مصطلح يوميا‪.‬‬

‫* تخوف بعض األساتذة من التدريس بالعربية‪ ،‬ألن ذلك يحتاج إلى جهد كبير‪.‬‬

‫* تفضيل بعض الباحثين النشر باللغة األجنبية‪ ،‬وذلك ألن قراءها أكثر بالنسبة للناشر‬
‫(‪)1‬‬
‫باللغة العربية‪.‬‬

‫وهذا ما يجعل األمر عسي ار على المعرب والمترجم على حد سواء‪ ،‬وبالتالي سيؤثر سلبا‬
‫في عملية الترجمة‪ ،‬ألن المترجم يبقى عاج از عن إيجاد المقابل للمصطلح األجنبي على الرغم من‬
‫كون الفكرة المراد التعبير عنها واضحة في ذهنه‪ .‬وال يعود السبب األساسي لهذا الوضع إلى‬
‫ضعف اللغة العربية أو عجزها على التعبير عن حاجات المجتمع ومتطلباته إزاء اللغة األجنبية‪ ،‬أو عدم‬
‫قدرتها على استيعاب كل هذه المفاهيم الجديدة‪ ،‬ولكن يعود إلى اللغويين الذين تقع مسؤولية النجاح أو‬
‫اإلخفاق على عاتقهم‪ .‬وهذا ما سيؤدي إلى ظهور مشكلة المصطلحات‪ .‬كما يعود السبب أيضا إلى‬

‫(‪ )1‬خضر بن عليان القرشي‪ :‬تعريب العلوم ووضع المصطلحات‪ ،‬مجلة اللسان العربي‪ ،‬عدد ‪ .1983 ،22‬ص ‪.144‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫غياب استراتيجية واضحة أو عدم إتباع منهج واضح لوضع المصطلح المالئم‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى‬
‫عشوائية انتقاء المصطلح واستعماله‪.‬‬

‫وهناك إشكال آخر يواجهه المترجم أثناء الترجمة‪ ،‬وهو اختالف ترجمة المصطلح الواحد في عدة‬
‫معاجم‪ ،‬فال يوجد إجماع على المصطلح المترجم‪ ،‬بل يبقى مجرد اقتراح فردي يضعه كل مؤلف لمعجم‬
‫معين‪ .‬أضف إلى ذلك غياب مؤسسات وطنية للترجمة عموما والمصطلح خصوصا ذات استراتيجيات‬
‫وأهداف واضحة‪.‬‬

‫ويمكن حصر اإلشكاليات اللغوية التي يواجهها المترجم في وضع المصطلح المالئم في النقاط‬
‫اآلتية(‪:)1‬‬

‫عدم االطالع على التراث اللغوي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عدم التقيد بمنهجية واضحة لوضع المصطلحات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫خلط المترجم العربي بين السياقات المختلفة للفظ الواحد‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عدم المكافأة بين الرصيد المعرفي لأللفاظ المترجمة وبين الرصيد اللغوي‪ ،‬ونقصد بهذا عدم‬ ‫‪‬‬
‫وجود ألفاظ عربية كافية تقابل الفيض الهائل من المصطلحات االختصاصية المتزايدة‪.‬‬

‫تغير مدلول المصطلح بتغير الزمن‪ ،‬ولهذا يجب على المترجم أن يمتلك ثقافة واسعة لإلحاطة‬ ‫‪‬‬
‫بهذا المصطلح‪.‬‬

‫ويجدر اإلشارة إلى أن البلدان العربية تميزت بحركة ترجمية محدودة في الوقت الراهن‪ ،‬قلّما تلقى‬
‫فيها إجماعا حول المصطلحات العلمية على نحو ما نراه في ترجمة المصطلح اللساني‪.‬‬

‫(‪ )1‬سعيدة عمارة كحيل‪ :‬دراسات الترجمة‪ ،‬دار المجدالوي للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ .2011 .‬ص‪.36‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫خامسا‪ :‬التعريب‬

‫‪ -1‬المفهوم‪:‬‬

‫التعريب في مدلوله االصطالحي يدخل ضمن ظاهرة لغوية عالمية يطلق عليها "االقتراض‬
‫كثير من‬
‫ا‬ ‫اللّغوي" (‪)emprunt‬؛ فاللغة العربية اقترضت الكثير من الكلمات غير العربية‪ ،‬وأقرضت‬
‫مفرداتها إلى اللّغات األخرى‪ ،‬وهو دأب اللغات عبر التاريخ في تطورها وتعايشها؛ تستقطب المفاهيم‬
‫الجديدة وتسوعب المستحدثات‪ .‬ولم تسلم لغة من لغات العالم من هذه الظاهرة‪ ،‬واذا مثلنا للغات العالمية‬
‫تضم سبع مائة (‪ )700‬كلمة ذات أصول عربية‪ ،‬واللغة األولى على‬
‫ّ‬ ‫أن اللغة الفرنسية‬
‫اليوم‪ ،‬نجد ّ‬
‫تضم ألف (‪ )1000‬كلمة ذات أصل عربي(‪.)1‬‬
‫الصعيد العالمي‪ ،‬اإلنجليزية ّ‬
‫ّ‬

‫تتفوه به العرب على منهاجها‬


‫وعرف ابن منظور التعريب بقوله « تعريب االسم األعجمي‪ ،‬أن ّ‬
‫ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫المعرب هو ما استعمله العرب من األلفاظ‬
‫عربته العرب وأعربته أيضا» ‪ ،‬وقال السيوطي‪ّ « :‬‬
‫فنقول ّ‬
‫الموضوعة لمعان في غير لغتها‪ ،‬وعن تعريب االسم األعجمي " أن تتفوه به العرب على منهاجها"»(‪.)3‬‬

‫عرفه حسن ظاظا بقوله‪« :‬هو لفظ استعاره العرب الخلص في عصر‬
‫وفي العصر الحديث ّ‬
‫أمة أخرى واستعملوه في لسانهم»(‪ .)4‬وحاول مجمع اللغة العربية أن يجمع مفهوم‬
‫االحتجاج باللغة من ّ‬
‫المعرب بالقول «ك ّل ما استعمل في اللغة العربية من ألفاظ سواء ألحقت بأبنية عربية أم لم تلحق»()‪،‬‬
‫لكن هذا يجمع بين المعرب والدخيل الذين يفق بينهما المحدثون؛ إذ يرون أن الدخيل ما أخذته اللغة‬
‫العربية من غيرها من اللغات بعد عصر االحتجاج‪ ،‬وؤتى بالكلمة كما هي أو بتغيير طفيف في‬

‫(‪ )1‬مجلة اللسان العربي‪ ،‬العدد ‪ ،39‬ص‪.37‬‬


‫(‪ )2‬لسان العرب‪ ،‬مجلد‪ ،10‬ص‪.83‬‬
‫(‪ )3‬المزهر‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.268‬‬
‫(‪ )4‬حسن ظاظ‪ :‬كالم العرب –من قضايا اللغة العربية‪ ،‬ص‪.79‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫النطق(‪ .)1‬ويمكن أن نجمل الفرق بين المعرب والدخيل في نقطتين‪:‬‬

‫‪ -‬المعرب ما أدخل عليه تغيير ليلحق باألبنية العربية‪ ،‬والدخيل ما حافظ على بنيته الغريبة في‬
‫اللغى العربية‪.‬‬

‫‪ -‬المعرب ما استعمله العرب الخلص في عصر االحتجاج‪ ،‬والدخيل ما جاء بعد ذلك‪.‬‬

‫وقد عرفت العربية هذه الظاهرة عبر تاريخها الطويل؛ فالشعر الذي قيل في العصر الجاهلي فيه‬
‫من ألفاظ األقوام والحضارات التي اتّصل بها العرب من روم وفرس وحبش وأنباط وهنود‪ ...‬وغيرهم‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عجت أشعار العصر األموي‪،‬‬
‫فاأللفاظ مثل‪ :‬السجنجل‪ ،‬الزئبق‪ ،‬األرندج‪ ...‬هي ألفاظ معربة ‪ .‬كما ّ‬
‫والعباسي خصوصا بالمعرب من األلفاظ‪ ،‬حينما تعاطى الشعراء مع ألفاظ الحضارة بالعيش في القصور‬
‫النحل‪ ،‬ولم يجد العلماء أي حرج في إدخال المصطلحات العلمية إلى اللغة العربية لما‬
‫واختالط الملل و ّ‬
‫كانوا بصدد ترجمة الكتب العلمية من اليونانية والسريالية والهندية‪...‬‬

‫يتمسك‬
‫ويمكن أن نشير إلى الجدل الذي دار حول وجود المعرب من األلفاظ في القرآن الكريم‪ ،‬إذ ّ‬
‫فريق من العلماء بعربية األلفاظ التي وردت في القرآن الكريم سندهم في ذلك اآليات من قوله تعالى‪﴿ :‬إنا‬
‫عز وج ّل ﴿قرآنا َع َربيا غير ذي عوج لَ َعلَهم َيتَقُون﴾‬
‫أنزلناه قرآنا عربيا لَ َعلَكم تَعقلُون﴾[يوسف‪ ،]2/‬وقوله ّ‬
‫إن األلفاظ من مثل‪ :‬سجيل‪ ،‬مشكاة‪ ،‬أباريق‪ ،‬استبرق‪ ،‬قسورة‪ ،‬فردوس‪ ...‬ليست‬
‫[الزمر‪ ،]28/‬وفريق قال ّ‬
‫بالصحابة من األعاجم في فهم بعض هذه األلفاظ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من اللسان العربي‪ ،‬وكانوا يستعينون‬

‫بأن هذه األلفاظ الواردة في القرآن قد‬


‫وكان تخريج بعض العلماء موفقا بين الرأيين‪ ،‬فارتؤوا ّ‬
‫الزمن من قبل أن ينزل بها القرآن الكريم(‪.)3‬‬
‫اقترضها العرب وسارت على ألسنتم لفترة من ّ‬

‫(‪ )1‬حسن ظاظ‪ :‬كالم العرب –من قضايا اللغة العربية‪ ،‬ص‪.268‬‬
‫(‪ )2‬مجلة اللسان العربي‪ ،‬العدد‪ ،39‬ص‪.38‬‬
‫(‪ )3‬مجلة اللسان العربي‪ ،‬العدد ‪ ،39‬ص‪.39‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫‪ -2‬وظيفة التعريب في صناعة المصطلح‪:‬‬

‫صار التعريب اليوم أداة فعالة في ِاستقبال مسميات المخترعات واالبتكارات الجديدة على اختالف‬
‫حقولها وتخصُّصاتها‪ ،‬وال يمكن االستغناء عنه إطالقا‪ ،‬وال غنى عنه لتيسير األداء العلمي العربي والعمل‬
‫على توحيده‪ ،‬وال ينبغي أن نستهجنه ويخطئ من يعتقد أنه ال يالئم الذوق العربي‪ ،‬فاأللفاظ عندما تعرب‬
‫وتُتداول ِباستمرار تستقيم على اللّسان العربي وتشيع على األلسنة وتصبح جزء من المتن األصيل للغة‪،‬‬
‫بل وتشتق منها األفعال‪ ،‬فقد ِاشتق القدماء من الديباج‪َّ ،‬‬
‫دبج والديباجة والتدبيج واشتق المحدثون من‬
‫مبستر‪ :‬بستر وبسترة‪ ،‬ومن الرسكلة‪ :‬رسكل ُيرسكل رسكلة‪ ،‬ومن الفبركة‪ :‬فبرك يفبرك‪ ،‬ومن الكهرباء‪:‬‬
‫مكن َن‪ ،‬المكننة‪ ،‬ومن‬
‫ومتلفز‪ ،‬ومن الميكانيك‪َ :‬‬
‫ٌ‬ ‫كهرب يكهرب كهربأة‪ ،‬ومن التلفزيون‪ :‬تلفَ َز وتلفزة‪،‬‬
‫البالستيك نقول البالستيكية‪ ،‬ومن المازوت نقول محرك مازوتي‪.‬‬

‫‪ -3‬قواعد تعريب المصطلح األجنبي‪:‬‬

‫عند تعريب األلفاظ األجنبية‪ ،‬ينبغي مراعاة بعض القواعد التي وضعتها المجامع العربية‬
‫وتضمنتها توصيات ندوة توحيد منهجيات وضع المصطلح‪ ،‬وأهم هذه التوصيات(‪:)1‬‬

‫أ‪ -‬ترجيح ما سهل نطقه في رسم األلفاظ المعربة عند اختالف نطقها في اللغات األجنبية‪ ،‬فإذا‬
‫(‪)2‬‬
‫نختار النطق األول‬ ‫ُوجدت طريقتان لنطق الكلمة الواحدة باللغة االنجليزية‪ ،‬مثال ”تُليب“ و“تيوليب“‬
‫ألنه أيسر‪.‬‬

‫ب‪ -‬التغيير في شكله حتى يصبح موافقا للصيغة العربية ومستساغا‪ .‬وقد يشمل هذا التغيير‬
‫أصوات الكلمة أو صيغها أو كليهما ‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬كلمة “فيلوسوفيا“ اليونانية التي ُعربت بلفظ‬
‫”فلسفة“ على وزن ”فعللة“‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مجلة مجع اللغة العربية األردني‪ ،‬ج‪.220 ،12-11‬‬


‫(‪ )2‬نوع من األزهار‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫ج‪ -‬اعتبار المصطلح عربيا يخضع لقواعد اللغة‪ ،‬ويجوز فيه االشتقاق والنحت‪ ،‬وتسخدم فيه‬
‫أدوات البدء واإللحاق مع موافقته للصيغة العربية‪ .‬ومن أمثلة ذلك الكلمة المقترضة ”تلفون“ التي اشتق‬
‫منها على وزن ”فعلل“‪ :‬تَلفَ َن يتلفن تلفنة‪.‬‬

‫المعرب منها خاصة‪ ،‬بالشكل حرصا على صحة نطقها ودقة‬


‫د‪ -‬ضبط المصطلحات عامة‪ ،‬و َّ‬
‫أدائها‪.‬‬

‫‪ -4‬الدالالت المختلفة للفظ التعريب‪:‬‬

‫بعد استقراء االستعمال اللغوي الحديث للفظ التعريب وجدنا لهذه الكلمة أربع دالالت رئيسة‬
‫نجملها فيما يأتي مرتبة من الخاص إلى العام‪:‬‬

‫أ‪ -‬التعريب هو نقل الكلمة األجنبية ومعناها إلى اللغة العربية كما هو دون تغيير فيها أو مع‬
‫إج ارء تغير وتعديل لينسجم نطقها مع النظامين الصوتي والصرفي للغة العربية لتتفق مع الذوق العام‬
‫للسامعين ‪ ،‬ولتيسير االشتقاق منها‪ .‬وعند نقل اللفظ األجنبي كما هو إلى اللغة العربية يسمى دخيال‪،‬‬
‫وعند تغييره يسمى معربا‪ .‬ويطلق على هذه العملية برمتها االقتراض اللغوي أو االستعارة اللغوية‪.‬‬

‫ب‪ -‬التعريب هو نقل معنى اللفظ األجنبي وهذا االستعمال يسمى حقيقة ترجمة وليس تعريبا‪.‬‬

‫ج‪ -‬التعريب هو استخدام اللغة العربية لغة لإلدارة أو التدريس أو لكليهما ‪ .‬وقد استخدم لفظ‬
‫التعريب بهذا المعنى مع إقدام الدول األوربية وخاصة بريطانيا وفرنسا وايطاليا على استعمار البالد‬
‫العربية أو فرض الحماية والوصاية عليها‪ .‬وقامت هذه األقطار بفرض لغاتها في التدريس واإلدارة‪.‬‬

‫وعندها بدأت المطالبة بإحالل اللغة العربية محل اللغات األجنبية في المجالين المذكورين‪ .‬وهكذا‬
‫يصبح التعريب بهذا المعنى اختيا ار أساسيا وحضاريا‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫د‪ -‬التعريب هو اتخاذ قطر بأكمله اللغة العربية لغة حضارية له أي تصبح لغة التخاطب والكتابة‬
‫السائدة فيه ‪ ،‬وتمثل الثقافة العربية اإلسالمية ‪.‬‬

‫وفي حقيقة األمر استخدم التعريب بهذا المعنى في صدر اإلسالم إبان الفتوحات اإلسالمية‪،‬‬
‫والتعريب بهذا المعنى عملية تمت نتيجة لتظافر عوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية‬

‫‪34‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫ملحق‬

‫المبادئ األساسية في منهجية وضع واختيار المصطلحات العلمية التي أقرتها ندوة توحيد‬
‫منهجيات وضع المصطلحات العلمية الجديدة‪:‬‬
‫‪ -1‬ضرورة وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة بين مدلول المصطلح اللغوي ومدلولـه االصطالحي‪ ،‬وال‬
‫يشترط في المصطلح أن يستوعب كل معناه العلمي‪.‬‬
‫‪ -2‬وضع مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد‪ ،‬ذي المضمون الواحد‪ ،‬في الحقل الواحد‪.‬‬
‫‪ -3‬تجنب تعدد الدالالت للمصطلح الواحد في الحقل الواحد‪ ،‬وتفضيل اللفظ المختص على اللفظ‬
‫المشترك‪.‬‬
‫‪ -4‬استقراء واحياء التراث العربي‪ ،‬وخاصة ما استعمل منه أو ما استقر منه من مصطلحات علمية‬
‫عربية صالحة لالستعمال الحديث‪ ،‬وما ورد فيه من ألفاظ معربة‪.‬‬
‫‪ -5‬مسايرة المنهج الدولي في اختيار المصطلحات العلمية‪:‬‬
‫أ‪ -‬مراعاة التقريب بين المصطلحات العربية والعالمية لتسهيل المقابلة بينهما للمشتغلين بالعلم‬
‫ودارسيه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫لتصنيف المصطلحات حسب حقولها وفروعها ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬اعتماد التصنيف العشري الدولي‬
‫ت‪ -‬تقسيم المفاهيم واستكمالها وتحديدها وتعريفها وترتيبها حسب كل حقل ‪.‬‬
‫ث‪ -‬اشتراك المختصين المنتجين والمستهلكين في وضع المصطلحات ‪.‬‬
‫ج‪ -‬مواصلة البحوث والدراسات ليتيسر االتصال على الدوام بين واضعي المصطلحات ومستعمليها ‪.‬‬
‫‪ -6‬استخدام الوسائل اللغوية في توليد المصطلحات العلمية الجديدة باألفضلية طبقا للترتيب التالي‪:‬‬
‫التراث‪ ،‬فالتوليد (بما فيه من مجاز‪ ،‬واشتقاق‪ ،‬وتعريب‪ ،‬ونحت)‪.‬‬
‫‪ -7‬تفضيل الكلمات العربية الفصيحة المتواترة على الكلمات المعربة ‪.‬‬

‫‪ 1‬تصنيف ديوي العشري‪ :‬وضع هذا النظام األمريكي (ملفل ديوي) وهو أول نظام تصنيف من نظم تصنيف المكتبات بالمعنى‬
‫الحديث وأكثرها شهرة في نفس الوقت‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫‪ -8‬تجنب الكلمات العامية إال عند االقتضاء‪ ،‬بشرط أن تكون مشتركة بين لهجات عربية عديدة‪ ،‬وأن‬
‫يشار إلى عاميتها بأن توضع بين قوسين مثال ‪.‬‬
‫‪ -9‬تفضيل الصيغة الجزلة الواضحة‪ ،‬وتجنب النافر والمحظور من األلفاظ ‪.‬‬
‫‪ -10‬تفضيل الكلمة التي تسمح باالشتقاق على الكلمة التي ال تسمح به ‪.‬‬
‫‪ -11‬تفضيل الكلمة المفردة؛ ألنها تساعد على تسهيل االشتقاق‪ ،‬والنسبة‪ ،‬واإلضافة‪ ،‬والتثنية‪ ،‬والجمع ‪.‬‬
‫‪ -12‬تفضيل الكلمة الدقيقة على الكلمة العامة أو المبهمة‪ ،‬ومراعاة اتفاق المصطلح العربي مع المدلول‬
‫العلمي للمصطلح األجنبي‪ ،‬دون تقيد بالداللة اللفظية للمصطلح األجنبي ‪.‬‬
‫‪ -13‬في حالة المترادفات‪ ،‬أو القريبة من الترادف‪ ،‬تفضل اللفظة التي يوحي جذرها بالمفهوم األصلي‬
‫بصفة أوضح ‪.‬‬
‫‪ -14‬تفضل الكلمة الشائعة على الكلمة النادرة أو الغريبة إال إذا التبس معنى المصطلح العلمي بالمعنى‬
‫الشائع المتداول لتلك الكلمة ‪.‬‬
‫‪ -15‬عند وجود ألفاظ مترادفة في مدلولها‪ ،‬ينبغي تحديد الداللة العلمية الدقيقة لكل واحد منها‪ ،‬وانتقاء‬
‫اللفظ العلمي الذي يقابلها‪ .‬ويحسن عند انتقاء مصطلحات من هذا النوع أن تجمع كل األلفاظ ذات‬
‫المعاني القريبة أو المتشابهة الداللة وتعالج كلها كمجموعة واحدة ‪.‬‬
‫‪ -16‬مراعاة ما اتفق المختصون على استعماله من مصطلحات ودالالت علمية خاصة بهم‪ ،‬معربة‬
‫كانت أو مترجمة ‪.‬‬
‫‪ -17‬التعريب عند الحاجة‪ ،‬وخاصة المصطلحات ذات الصيغة العالمية‪ ،‬كاأللفاظ ذات األصل اليوناني‬
‫أو الالتيني أو أسماء العلماء المستعملة مصطلحات‪ ،‬أو العناصر والمركبات الكيماوية ‪.‬‬
‫‪ -18‬عند تعريب األلفاظ األجنبية يراعى ما يأتي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ترجيح ما سهل نطقه في رسم األلفاظ المعربة عند اختالف نطقها في اللغات األجنبية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬التغيير في شكله‪ ،‬حتى يصبح موافقا للصيغة العربية ومستساغا ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬

‫جـ‪ -‬اعتبار المصطلح المعرب عربيا‪ ،‬يخضع لقواعد اللغة العربية‪ ،‬ويجوز فيه االشتقاق والنحت‪،‬‬
‫وتستخدم فيه أدوات البدء واإللحاق‪ ،‬مع موافقته للصيغة العربية ‪.‬‬
‫د‪ -‬تصويب الكلمات العربية التي حرفتها اللغات األجنبية‪ ،‬واستعمالها باعتماد أصلها الفصيح ‪.‬‬
‫هـ‪ -‬ضبط المصطلحات عامة والمعرب منها خاصة بالشكل حرصا على صحة نطقه ودقة أدائه‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫هجود علامء العربية يف صناعة املصطلح‬
‫‪ 3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬

‫المصطلحية علم حديث النشأة في الغرب‪ ،‬ولم يخص علماء العربية دراسة المصطلح بعلم‬
‫الصرف والمنطق والفلسفة‪ ...‬ومن يق أر الكتب التراثية قراءة‬
‫النحو و ّ‬
‫خالص كما فعلوا مع علوم اللغة و ّ‬
‫أن العناية بالمصطلح شغلت بال‬
‫نعده تأسيسا عربيا لهذا العلم؛ ذلك ّ‬
‫أن ّ‬‫متأنية يقف على ما يمكن ّ‬
‫العلماء ابتداء من صدر اإلسالم‪ ،‬لتنتشر في السذاحة الفكرية العربية بعد ذلك‪ ،‬إذ تفرقت مجاالته في‬
‫أن‬
‫مباحث من كتب الحديث والتّفسير والفقه واألصول والبالغة وعلم الكالم والمنطق والفلسفة‪ ...‬ذلك ّ‬
‫مست المفاهيم التي شاعت في الجاهلية‪ ،‬وسعت‬
‫الفكر العربي اإلسالمي جاء في صورة رسالة تغييرية ّ‬
‫إلى بناء نسق مفهومي جديد يقوم على أساس العقيدة الجديدة وما حملته من أفكار جديدة ومفاهيم‬
‫مصطلحي خاص ينبئ عن هويته الفكرية في جميع نواحي الحياة بتفرعاتها‬
‫ّ‬ ‫مستحدثة‪ ،‬وترجم ذلك رصيد‬
‫الصالة‬
‫الوحي والتّوحيد والحرام والحالل والقيامة والوضوء و ّ‬
‫ّ‬ ‫وتفاصيلها‪ ،‬فألفينا مصطلحات من قبيل‪:‬‬
‫الدعوة والمؤمن والفاسق واألمة والملّة والجهاد والخالفة والشريعة والشورى‪ ...‬وهي‬
‫الحج و ّ‬
‫الزكاة و ّ‬
‫الصوم و ّ‬
‫و ّ‬
‫بي قبل انتشار‬
‫مصطلحات تحمل في طياتها شحنة عقدية جعلتها متميزة من المفاهيم التي ألفها العر ّ‬
‫الدعوة المحمدية في حنايا جزيرة العرب‪ ،‬وهو ما استدعى أن ينبري علماء مخلصون إلحاطة هذا النظام‬
‫ّ‬
‫المفهومي الجديد بالدرس والضبط والتأطير حتى برزت علوم لم يكن للعرب سابق عهد بها؛ كعلم‬
‫مصطلح الحديث‪ ،‬وعلم التفسير‪ ،‬وعلم الفقه‪ ،‬وعلم األصول‪ ،‬وعلم الكالم والفلسفة‪...‬‬

‫بالدرس المصطلحي فيما يأتي‪:‬‬


‫ويمكن أن نستجلي احتفاء علماء ك ّل فن ّ‬

‫أوال‪ -‬صناعة المصطلح عند علماء الحديث‬

‫لما انتشر اإلسالم في أرجاء الجزيرة العربية‪ ،‬ظهرت حاجة المسلمين إلى تدوين ك ّل ما يتعلّق‬
‫الوحي‪ ،‬وتلتها خطوة أخرى في تدوين الحديث واالهتمام به إلى أن‬
‫ّ‬ ‫بال ّشرع‪ ،‬فكانت البداية مع تدوين‬
‫ارتقى إلى درجة العلم (علم الحديث)‪ ،‬بل وقد عرف بـ(علم المصطلح)؛ وسبب هذه التسمية يعود إلى أَّنه‬
‫علم يهتم باصطالحات أهل الحديث‪ ،‬من تعريف وشرح وايضاح لما اصطلحوا عليه من ألفاظ متداولة‬
‫يمسها تحريف أو زيادة أو نقصان‪ ،‬لذلك‬
‫السنة النبوية من دون أن ّ‬
‫في هذا العلم‪ ،‬وقد ارتبطت نشأته بنقل ّ‬

‫‪39‬‬
‫‪ 3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬

‫تصب في هذا المضمار‪،‬‬


‫ّ‬ ‫بالصدق في روايته‪ ،‬فكانت المفاهيم والمصطلحات‬
‫ّ‬ ‫ارتبط مصطلح الحديث‬
‫السند‪ ،‬والعدل والثقة‪ ،‬والثبت‪ ،‬والمبتدع‪ ،‬والحسن والصحيح والضعيف‪ ،‬والجرح والتعديل‪،‬‬
‫الرواة‪ ،‬و ّ‬
‫كـ‪:‬عدالة ّ‬
‫والمرسل والمنقطع‪ ،‬والمفصل والمعلق‪ ،‬والغريب‪ ،‬والفرد‪ ،‬والشاذ‪ ،‬والمعلول‪ ،)1(...‬وكان لمصطلح الحديث‬
‫صدى في المصطلح اللغوي عند الخليل بن أحمد الفراهيدي(ت ‪170‬هــ) ومن جاء بعده‪ ،‬نظ ار للبيئة التي‬
‫نشأوا فيها‪ ،‬واستقوا منها تكوينهم األولي‪ ،‬وهي بيئة فرض فيها المحدثون سيطرتهم على ساحة الفكر‪،‬‬
‫النصوص على منوال‬
‫الصحيحة‪ ،‬وسعى األدباء إلى توثيق ّ‬
‫فجنح اللغويون إلى جمع اللّغة من مصادرها ّ‬
‫أصلوا األصول لعملهم‪ ،‬أو كما يقول الدكتور فاروق حمادة‪ « :‬إذا كان‬
‫سنوا القواعد و ّ‬
‫المحدثين الذين ّ‬
‫تشربوه‬
‫فإن اللغويين قد ّ‬
‫تميز به الفكر العربي اإلسالمي‪ّ ،‬‬
‫النقدي الذي ّ‬
‫أسسوا المصطلح ّ‬
‫المحدثون قد ّ‬
‫وقدموا من خالله أعظم ما تمتلكه األمة‬
‫وساهموا في تثبيته وتدعيمه‪ ،‬وعملوا به في مجال تخصصهم‪ّ ،‬‬
‫من رصيد؛ أال وهو اللغة العربية»(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪ -‬صناعة المصطلح عند المفسرين‬

‫وتجسد ذلك بوضوح في التفاسير‬


‫ّ‬ ‫نال المصطلح حظوةً عند المفسرون‪ ،‬ونظروا إليه نظرة عناية‪،‬‬
‫خصص الجزء‬
‫التي أفردت مداخل للتعريف بالمصطلحات‪ ،‬فالرازي (ت‪606‬هــ) صاحب "التفسير الكبير" ّ‬
‫األول منه معظمه لشرح حدود المصطلحات اللغوية والنحوية والفقهية التي أوردها‪ .‬والراغب األصفهاني‬
‫(ت‪ 502‬هـ) صاحب "المفردات في غريب القرآن" اعتنى بتيسير المفردات الغريبة الواردة في القرآن‪ ،‬إذ‬
‫ِ‬
‫اللفظية‬ ‫ِ‬
‫العلوم‬ ‫آن العلوم اللفظية‪ ،‬ومن‬ ‫شتغ َل به من ِ‬
‫علوم القر ِ‬ ‫يقول في المقدمة‪ « :‬أو َل ما يحتاج أن ي َ‬
‫ائل الم ِ ِ‬
‫من أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األلفاظ الم ِ‬
‫ِ‬
‫ك‬
‫أن يدر َ‬ ‫عاو ِن ل ْ‬
‫من يريد ْ‬ ‫مفردات القر ِ‬
‫آن في كونه ْ‬ ‫فتحصيل معاني‬ ‫فردة‪،‬‬ ‫تحقيق‬
‫السمين الحلبي (ت‪756‬هـ) صاحب كتاب "عمدة الحفاظ في تفسير أشرف‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫معان َيه‪ . »..‬وكذلك فعل ّ‬

‫(‪ )1‬فاروق حمادة‪ :‬تأسيس المصطلح النقدي بين المحدثين واألدباء‪ ،‬ص‪.391-390‬‬
‫(‪ )2‬فاروق حمادة‪ :‬تأسيس المصطلح النقدي بين المحدثين واألدباء‪ ،‬ص‪.400‬‬
‫(‪ )3‬الراغب األصفهاني (أبو القاسم الحسين بن محمد بن الفضل)‪ :‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬تحقيق محمد سيد كيالني‪ ،‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ .‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ 3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬

‫مهمةٌ‪ ،‬ومن جملتِها المحتاج‬ ‫آن جمةٌ‪ ،‬ومعرفتَها َّ‬


‫مؤكدةٌ َّ‬ ‫علوم القر ِ ّ‬
‫َ‬ ‫األلفاظ"‪ ،‬حيث يقول في مقدمته‪َّ « :‬‬
‫فإن‬
‫ِ‬
‫معانيه اللطيفة؛ إذ بذلك يترقَّى إلى‬ ‫ألفاظه الشر ِ‬
‫يفة‪ ،‬ومعرفة‬ ‫ِ‬ ‫المعول في ِ‬
‫فهمه عليها‪ ،‬مدلوالت‬ ‫إليها‪ ،‬و َّ‬
‫اله‪ ،‬واشارة مو ِ‬
‫اعظه وأمثاله»(‪ .)1‬وقد انتشر مصطلح‬ ‫وبيان حالله وحرامه‪ ،‬ومناصي أقو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحكامه‪،‬‬ ‫معرفة‬
‫الصحابي عبد اهلل بن عباس –رضي اهلل عنه‪ -‬صاحب المقولة المشهورة‪« :‬إذا‬
‫"غريب القرآن" ابتداء من ّ‬
‫سألتم عن شيئ من غريب القرآن فالتمسوه في الشعر‪ ،‬فإن الشعر ديوان العرب»(‪ .)2‬ليبدأ في القرن الثاني‬
‫الهجري تأليف الكتب وليمتد التأـليف فيه عبر العصور المختلفة(‪.)3‬‬

‫وقد اعتنى المفسرون بشرح ألفاظ القرآن الكريم‪ ،‬وأولوها عناية خاصة‪ ،‬بالتحقيق في معانيها‬
‫االصطالحية‪ ،‬بل ّإنها اتّخذت في كثير من األحايين منعرجا خطيرا؛ فاتّجه المفسرون بالمصطلحات‬
‫يدعم االنتماء المذهبي والكالمي(‪ .)4‬فكانت العناية بتوضيح الحدود وتبيان المفاهيم‪ ،‬و«قد‬
‫القرآنية اتّجاها ّ‬
‫أودعوا في هذه التفاسير مادة فقهية وافية من أهم عناصرها دراسة المصطلح القرآني‪ ،‬وابراز معانيه‬
‫اللغوية والشرعية‪ ،‬وبيان ما ينضوي تحته من المسائل والنكت العلمية والفقهية‪ .‬وهم بذلك أغنوا المصطلح‬
‫القرآني‪ ،‬بل يغوص في عمقه‪ ،‬ويغور في كنهه الستنباط األحكام منه‪ ،‬واستنباط عللها ومقاصدها‬

‫(‪ )1‬السمين الحلبي (أحمد بن يوسف بن عبد الدائم)‪:‬عمدة الحفاظ في تفسير أشرف األلفاظ‪ ،‬ط‪ ،1‬تحقيق‪ :‬محمد باسل عيون‬
‫السود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ .1996.‬ج‪ ،1‬ص‪.37‬‬
‫(‪ )2‬السيوطي‪ :‬المزهر في علوم االللغة وأنواعها‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ .1987.‬ج‪ ،2‬ص‪.302‬‬
‫(‪ )3‬نذكر من أمثلتها‪" :‬األشباه والنظائر" لمقاتل بن سليمان(ت‪150‬هـ)‪ ،‬و"غريب القرآن" ألبي قيد السدوسي (ت‪195‬هـ)‪،‬‬
‫و"غريب القرآن" ألبي محمد يحي اليزيدي(ت‪202‬هـ)‪ ،‬و"غريب القرآن" للنضر بن شميل (ت‪203‬هـ)‪ ،‬و"غريب القرآن"‬
‫لألصمعي(ت‪213‬هـ)‪ ،‬و"غريب القرآن" لألخفش األوسط (ت‪215‬هـ)‪ ،‬و"غريب القرآن" للقاسم بن سالم (ت‪224‬هـ)‪،‬‬
‫و"غريب القرآن" لمحمد بن سالم الجمحي (ت‪231‬ه)‪ ،‬و"غريب القرآن" ألبي عبيد بن محمد الهروي (ت‪401‬هـ) و"غريب‬
‫القرآن" لمكي بن محمد القيسي (ت‪437‬هـ)‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬أحمد أبو يزيد‪ :‬مدخل لدراسة جهود المفسرين في تفسير المصطلح القرآني‪ ،‬مجلة دراسات مصطلحية‪ ،‬عدد‪.2002 ،2‬‬
‫(‪ )4‬فالمعتزلة واألشاعرة وأهل السنة –مثال‪ -‬فسروا األلفاظ الدالة على الصفات اإللهية‪ ،‬وبعض المصطلحات؛ نحو الهداية‬
‫والضالل والفسق واإليمان والكفر واإلرادة والمشئية والقضاء والقدر‪ ...‬بما يتوافق ومذهبهم العقدي‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ 3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬

‫ومناطاتها الشرعية»(‪ ،)1‬على نحو ما ورد في تفسير "الجامع ألحكام القرآن" لإلمام القرطبي‪ ،‬وتفسير‬
‫آيات "أحكام القرآن" للجصاص الحنفي(ت‪370‬هـ)‪ ،‬وتفسير "أحكام القرآن" البن العربي المالكي‬
‫(ت‪543‬هـ)‪ ،‬وتفسير"أحكام القرآن" للكيا الهراسي الشافعي (ت‪504‬هـ)‪...‬‬

‫ثالثا‪ -‬صناعة المصطلح عند المناطقة والفالسفة‬

‫بدهي أن نلفي الفالسفة يهتمون بحدود المصطلحات والمفاهيم‪ ،‬وهو ما كان عند الفالسفة‬
‫المسلمين والمناطقة كابن سينا والفارابي والغزالي والكندي والرازي وابن تيمية واخوان الصفا‪ ...‬وغيرهم‪،‬‬
‫النظر في هذا الكتاب‬
‫الحد‪ « :‬و ّ‬
‫للحد وأقسامه وشروط بنائه‪ ،‬في مثل قول الغزالي في كتاب ّ‬
‫حين عرضوا ّ‬
‫الحد مجرى القوانين الكلية (والثاني) في الحدود المفصلة»(‪ .)2‬كما‬
‫يحصره فنان (األول) فيما يجري من ّ‬
‫أتم التعريفات(‪)3‬؛ ألنه يعرف المصطلح‬
‫بالحد التام ّ‬
‫ّ‬ ‫وعدوا التعريف‬
‫الرسم إلى تام وناقص‪ّ ،‬‬
‫الحد و ّ‬
‫قسموا ّ‬
‫ّ‬
‫بحد‬
‫بمجموع األجزاء الداخلة فيه‪ ،‬وعند المناطقة تعريف بالذاتية (الجنس القريب‪+‬الفصل) ومثلوا لذلك ّ‬
‫اإلنسان فقالوا‪:‬‬

‫اإلنسان (النوع) = حيوان (جنس قريب) ‪ +‬ناطق (فصل)‬

‫يعرف المصطلح إال ببعض أجزائه المساوية‬


‫الحد الناقص الذي ال ّ‬
‫وهو مطرد ومنعكس‪ ،‬بخالف ّ‬
‫مكون إما من‪:‬‬
‫له‪ .‬وهو عند المناطقة ّ‬

‫حد اإلنسان‪ :‬اإلنسان= موجود‪ +‬ناطق‪.‬‬


‫جنس بعيد ‪ +‬فصل؛ كقولهم في ّ‬

‫أو من الفصل فقط؛ كقولهم‪ :‬اإلنسان =الناطق‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمد الروكي‪ :‬جهود الفقهاء في دراسة المصطلح القرآني‪ ،‬ص‪.32‬‬


‫(‪ )2‬الغزالي‪ :‬معيار العلم في فن المنطق‪ ،‬ط‪ ،2‬المطبعة العربية‪ ،‬مصر‪ .1927 .‬ص‪.170‬‬
‫(‪ )3‬السكاكي (ت‪626‬هـ)‪ :‬مفتاح العلوم‪ ،‬ط‪ .2‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ .1987 .‬ص‪.463‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ 3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬

‫(‪)1‬‬
‫وميزوا بين تعريف المصطلح‬
‫تخصه ‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫أما تعريف المصطلح بالّرسم فهو تعريف له بصفات‬
‫تعرف بمقتضاه المصطلحات بلوازمها فقط(‪.)2‬‬
‫برسم تام يتضمن أجزاء المفهوم ولوازمه‪ ،‬ورسم ناقص ّ‬

‫الرسم التام تعرف حقيقة اللفظ ببعض أجزائه وبعض لوازمها‪ ،‬ويمكن صياغة ذلك على‬
‫ففي ّ‬
‫ال ّشكل التالي‪:‬‬

‫الرسم التام = أجزاء الماهية ‪ +‬لوازم‪ ،‬أو‪ :‬الرسم التام = جنس قريب ‪+‬الزمة‬

‫حد اإلنسان‪ :‬اإلنسان= حيوان‪ +‬ضاحك‬


‫ومثال ذلك قولهم في ّ‬

‫وفي الرسم الناقص تعرف حقيقة اللفظ بما يتركب من أجزاء ولوازم فقط‪ .‬ويمكن صياغة ذلك‬
‫على الشكل التالي‪:‬‬

‫رسم ناقص = جنس بعيد ‪ +‬الزمة‪ ،‬ومثاله اإلنسان= موجود ‪ +‬ضاحك‬

‫أو‪ :‬رسم ناقص = الزمة‪ ،‬ومثاله‪ :‬اإلنسان= الضاحك‬

‫معينة في صياغة‬
‫لقد جاء الفالسفة والمناطقة المسلمون بأنواع من التعريفات‪ ،‬ضبطوا طرقا ّ‬
‫التعريف‪ ،‬بنيت على مجموعة من المبادئ الواجب اتّباعها‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪-‬اجتناب تعريف المصطلح بنفسه‪.‬‬

‫‪ -‬اجتناب تعريف المصطلح بما ال يعرف إال به‪.‬‬

‫‪ -‬اجتناب تعريف المصطلح بما هو أخفى منه‪.‬‬

‫‪ -‬اجتناب تعريف المصطلح بما يساويه معرفة أو جهالة‪.‬‬

‫(‪ )1‬إخوان الصفا‪ :‬رسائل إخوان الصفا‪ ،‬القسم الثالث‪ ،‬الرسالة العاشرة‪ :‬الحدود والرسوم‪ .‬ص‪.168‬‬
‫(‪ )2‬السكاكي‪ :‬مفتاح العلوم‪ ،‬ص‪ .436‬وابن سينا‪ :‬رسالة الحدود‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ 3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬

‫‪ -‬احترام التعريف في الحد‪ :‬فإذا وجد للتعريف جنس قريب وآخر بعيد وجب إيراد القريب‪ ،‬واذا‬
‫وجد للحد جنس وفصل‪ ،‬وجب االبتداء بذكر الجنس ثم الفصل‪ ،‬ويعلّق الغزالي على ذلك بالقول‪« :‬‬
‫فرعاية الترتيب في هذه األمور شرط للوفاء بصناعة الحدود‪ ،‬وهو في غاية العسر‪.)1(»..‬‬

‫رابعا‪ -‬صناعة المصطلح عند المتكلمين‬

‫وجد المتكلمون في المصطلح مادة خصبة تخدم انشغاالتهم وتوجهاتهم في استحداث المفاهيم‬
‫وتفريعها حسب ما يقتضيه منحاهم الفكري ومذهبهم العقدي‪ ،‬وحرصوا على توليد مصطلحات لمفاهيم‬
‫حديثة؛ كالجوهر والعرض والوجود والماهية‪ ...‬يقول الجاحظ –في هذا اإلطار‪ -‬عن جمهور المتكلمين‪:‬‬
‫« تخيروا تلك األلفاظ لتلك المعاني‪ ،‬وقد اشتقوا لها من كالم العرب تلك األسماء‪ ،‬وهم اصطلحوا على‬
‫تسمية ما لم يكن له في لغة العرب اسم‪ ،‬فصاروا في تلك سلفا لكل خلف‪ ،‬وقدوة لكل تابع‪ ،‬ولذلك قالوا‪:‬‬
‫العرض والجوهر والماهية‪.)2(»...‬‬

‫بأن‬
‫الصياغة اللفظية حظوة عندهم‪ ،‬وقالوا ّ‬
‫توجه المعتزلة إلى ألفاظ القرآن الكريم‪ ،‬ونالت ّ‬
‫ومن ثمة ّ‬
‫مردها إلى حسن تخير األلفاظ‪ ،‬وانتقاء المصطلحات‪ ،‬وحسن التّصرف في اللغة‬
‫المهارة في إتقان الكالم ّ‬
‫بأن المعاني ال تتفاوت‬
‫وآلياتها المفيدة في صياغة األلفاظ‪ ،‬واالبتكار في استعمالها‪ .‬كما اعتقدوا ّ‬
‫وتتفاضل‪ ،‬وأن األلفاظ متناهية ألنها مركبة من الحروف المتناهية‪ ،‬والمركب من المتناهي متناه‪ .‬أما‬
‫المعاني فهي غير متناهية‪ ،‬وال يجوز فيها التفاضل بين الفصحاء والبلغاء‪ ،‬وانما التفاضل في األلفاظ‬
‫توجه يتوافق والدراسات المصطلحية الحديثة التي جعلت من التوليد والوضع أحد‬
‫وحسن صياغتها‪ .‬وهو ّ‬
‫أهم قضاياها‪ ،‬واجتهدت في ضبط آليات الصياغة اللفظية المنتجة ألجود المصطلحات وأدقها تعبي ار عن‬
‫المفهوم‪.‬‬

‫(‪ )1‬الغزالي‪ :‬معيار العلم‪ ،‬ص‪.181‬‬


‫(‪ )2‬الجاحظ‪ :‬البيان والتبيين‪،‬ج‪ ،1‬ص‪.139‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ 3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬

‫بالتصورات التي‬
‫ّ‬ ‫صبوا اهتمامهم على االصطالح وعالقته‬
‫وذات األمر نجده عند األشاعرة الذين ّ‬
‫إن اللغة نظام من العالقات‪ ،‬ومجموعة من الروابط‬
‫تدور في الخواطر‪ ،‬وأهميته في البيان‪ .‬وذهبوا ّ‬
‫الداللية والمفاهيمية التي تنشأ بين األلفاظ الداخلة في تراكيب لغوية يسند بعضها إلى بعض‪ .‬ويرى‬
‫األشاعرة أن األلفاظ التي هي أوضاع اللغة لم توضع معانيها في أنفسها‪ ،‬ولكن ألن يضم بعضها إلى‬
‫بعض فيعرف ما بينها من فوائد‪ .‬فاأللفاظ في معتقدهم لم توضع لتعرف بها المعاني؛ ألن المعاني‬
‫معروفة وموجودة في األذهان قبل وضع األلفاظ‪ .‬كذلك وظيفة األسماء‪ ،‬ليست لتعرف مسمياتها بها‪،‬‬
‫وانما وظيفتها اإلشارة إليها‪.‬‬

‫ونجد من المسائل التي شغلت الباقالني(ت‪403‬هـ) مسألة اللفظ والمعنى‪ ،‬والصلة بينهما‪ ،‬فقد‬
‫ارتبطت هذه المسألة عنده بالبحث عن مواطن اإلعجاز خدمة للنص القرآني‪ .‬فقد استطاع أن يدرك ما‬
‫لأللفاظ من دور في صنع العبارة‪ ،‬وما للمعاني من مكانة في التعبير‪ ،‬بحسب ارتباط أحدهما باآلخر(‪،)1‬‬
‫عده من أنصار الصياغة اللفظية حسب ائتالف المعاني مع األلفاظ‪.‬‬
‫فيمكن ّ‬

‫تعد المفاهيم‬
‫لقد كانت نظرة األشاعرة قريبة من النظرة المصطلحية في العصر الحديث التي ّ‬
‫والمصطلحات مترابطة نسقيا وتركيبيا في ما بينها‪.‬‬

‫ولقد ذهب األصوليون واللغويون األشاعرة إلى أن األلفاظ لم توضع بإزاء الماهيات الخارجية‪،‬‬
‫وانما وضعت بإزاء الصور الذهنية‪ ،‬ودليلهم في ذلك هو كون اللفظ يتغير بتغير الصور في الذهن‪ .‬ومن‬
‫مبادئهم أن الغرض من وضع األلفاظ ليس إفادة المعاني المفردة‪ ،‬ولكن إفادة التركيب والنسب بين‬
‫المفردات؛ كالفاعلية والمفعولية وغيرها(‪ .)2‬وهذا يقترب مما دعت إليه المدرسة النمساوية‪-‬األلمانية التي‬
‫ظهرت مع أطروحات "أوجين فوستر" ‪-‬ببرلين سنة ‪ -1939‬والذي يعد الرجل الذي وضع األساس‬

‫(‪ )1‬الباقالني‪ :‬إعجاز القرآن‪ ،‬المطبعة السلفية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪1349 .‬هـ‪ .‬ص‪.165‬‬
‫(‪ )2‬أحمد أبو زيد‪ :‬نظرية النظم بين المعتزلة واألشاعرة‪ .‬مجلة كلية اآلداب‪ ،‬فاس‪ .‬عدد خاص‪ .4‬ندوة المصطلح النقدي سنة‬
‫‪1988‬م‪ .‬ص‪.345‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ 3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬

‫النظري الذي تستمد منه هذه المدرسة مبادئها بمعية (داهلبيرك) و(يرزيك) و(هوفمان)‪ .‬ومن أهم مبادئ‬
‫هذه المدرسة‪ :‬أن المفاهيم تخضع لتسلسل بنيوي‪ ،‬وتحدد في إطار عالقة بعضها ببعض‪.‬‬

‫خامسا‪ -‬صناعة المصطلح عند األصوليين‬

‫تجلّت عناية األصوليون بالمصطلح في تخصيصهم مباحث في كتبهم لدراسة المصطلح وبيان‬
‫معانيه ومدلوالته‪ ،‬على نحو ما فعل ابن حزم في تفسره حين وسم أحد أبوابه‪" :‬باب األلفاظ الدائرة بين‬
‫أهل النظر"(‪ .)1‬والباجي في مقدمة المنهاج(‪ ،)2‬وخصص الرازي مقدمة كتاب "المحصول في علم أصول‬
‫الفقه" للمصطلحات األصولية الرائجة في عصره(‪ ،)3‬وأما القرافي فقد جعل مدخال في كتابه "شرح تنقيح‬
‫الحد وأنواعه وفروعه(‪ ،)4‬وقد يتجاوز األمر الباب والمقدمة والمدخل‪ ،‬إلى تصنيف‬
‫األصول" عالج فيه ّ‬
‫حد فيه‬
‫المصنفات في التعريفات والحدود‪ ،‬على نحو كتاب "الحدود" البن عرفة(ت‪803‬هـ)‪ ،‬الذي ّ‬
‫المصطلح األصولي والفقهي‪ ،‬وشرحه محمد األنصاري الرصاع في كتابه "شرح حدود ابن عرفة"‪.‬‬

‫ويرى األصوليون أن األلفاظ والمصطلحات هي باب التواصل والتعبير عن دقائق العلوم‪ ،‬وعن‬
‫المجردات والمفاهيم الموجودة والمعدومة الحادثة والقديمة‪ .‬هذا الرأي نجده مثال عند البيضاوي في "نهاية‬
‫السول في شرح منهاج الوصول"‪ ،‬وعند الرازي‪ ،‬خاصة ما قاله عن اللفظ واإلشارة في قاموسه‪.‬‬

‫السبق في االشتغال بعالقة اللفظ بالمعنى‪ ،‬والمنطوق‬


‫إن األصوليين قد حازوا قصبة ّ‬
‫ويمكن القول ّ‬
‫بالمضمون‪ ،‬والمصطلح بالمفهوم‪ ،‬فكانت السند المتين لحججهم في نظرياتهم في أصل نشأة اللغة‪ ،‬وخير‬
‫أقره األصوليون في هذا الشأن جواز اصطالحية االسم العلم؛ كونه يكتسي دالالت اصطالحية عند‬
‫ما ّ‬
‫اقترانه بمفهوم معين‪ ،‬فاالسم (حاتم) اصطلح عليه للداللة على الجود‪ ،‬واالسم (زهير) اصطلح عليه‬

‫(‪ )1‬ابن حزم‪ :‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬الباب الخامس‪ ،‬ص‪.32‬‬


‫(‪ )2‬أبو الوليد الباجي‪ :‬المنهاج في ترتيب الحجاج‪.‬‬
‫(‪ )3‬فخر الدين الرازي‪ :‬المحصول في علم األصول‪ ،‬مقدمة الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )4‬القرافي‪ :‬شرح تنقيح الفصول‪ ،‬ص‪.11-6‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ 3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬

‫للداللة على التم ّكن في الشعر‪ ،‬واالسم (فرعون) اصطلح عليه للداللة على الظلم‪ ،‬واالسم (موسى)‬
‫اصطلح عليه للداللة على قهر الظلم‪ ،‬حتّى قيل‪" :‬لكل فرعون موسى"‪.‬‬

‫قسموا الدوال إلى ثالثة أنواع(‪:)1‬‬


‫وقد ّ‬

‫‪-‬الدال اللفظي الطبيعي‪ :‬كاألصوات التي يصدرها اإلنسان للتعبير عن المرض‪ ،‬كمصطلح‬
‫األنين‪.‬‬

‫‪ -‬الدال اللفظي العقلي‪ :‬كداللة اللفظ على وجود المتلفظ‪ ،‬إذ يستحيل صدور اللفظ دون متلفظ‪.‬‬

‫‪ -‬الدال اللفظي الوضعي‪ :‬وهو داللة األلفاظ المصطلح عليها بإزاء المعاني‪.‬‬

‫وقسموا الحقيقة إلى أقسام‪:‬‬

‫‪ -‬الحقيقة األصلية‪ :‬هي كون اللفظ في أول ما وضع له في أصل اللغة‪.‬‬

‫‪ -‬الحقيقة الشرعية‪ :‬تخص الدالالت الشرعية التي تط أر على اللفظ‪ ،‬فتخرجه من وضعه األول‬
‫إلى وضع جديد‪ ،‬كمصطلحات‪ :‬الزكاة والصوم والحج والصالة‪...‬‬

‫‪ -‬الحقيقة العرفية العامة‪ :‬تخص مدلوالت األلفاظ التي بات متعارفا عليها عند الناس في غير‬
‫أصلها الذي كانت عليه‪ ،‬نحو حصر مفهوم الدابة في الحمار‪ ،‬بينما الدابة هي ّكل ما يدب على األرض‬
‫من إنسان وحيوان‪...‬‬

‫‪ -‬الحقيقة العرفية الخاصة‪ :‬تخص المدلوالت التي نشأت بين فئة العلماء في فرع من العلوم‪ ،‬أو‬
‫النحاة‪ ،‬والعمود‬
‫بين فئة الحرفيين في حرفة من الحرف؛ نحو مصطلحات الرفع والنصب والخفض عند ّ‬
‫والوتد والصدر عند العروضيين‪.‬‬

‫(‪ )1‬مصطفى بن حمزة‪ :‬إسهام األصوليين في دراسة صلة اللفظ بالمعنى‪ ،‬ص‪.458‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ 3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬

‫إن العلماء العرب المسلمين قد عنوا أيما عناية بالمصطلحات ومفاهيمها‬


‫وبعد ك ّل هذا نقول ّ‬
‫وقدموا الكثير في تحديدها‪ ،‬وان كانوا لم يستخدموا المصطلحات المتعارف عليها‬
‫وباأللفاظ وتعريفاتها‪ّ ،‬‬
‫أن ما يقصده بالصناعي‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫اليوم صراحة‪ ،‬فمن قول ابن فارس (لكل لفظ اسمان لغوي وصناعي) نفهم ّ‬
‫هو االصطالحي ال غير‪.‬‬

‫علم قديم في غايته وموضوعه‪ ،‬وحديث‬


‫أن علم المصطلح ‪-‬كما قال بعضهم‪ٌ -‬‬
‫ومنه نخلص إلى ّ‬
‫في مناهجه ووسائله‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن فارس‪ ،‬الصاحبي في فقه اللغة‪ ،‬المكتبة السلفية‪ ،‬القاهرة‪1910 ،‬م‪ .‬ص‪.44‬‬

‫‪48‬‬
‫املصطلحية وعمل صناعة املعامج‬
‫‪ -4‬المصطلحية وعلم صناعة المعاجم‬

‫تباينت آراء المختصين في شأن عالقة المصطلحية بالمعجمية‪ ،‬فعدها فريق منهم علما مستقال‬
‫عن المعجمية؛ وفريق ثان يراها امتدادا لها‪ ،‬وما الفصل بينهما إال فصال مصطنعا‪ ،‬إذ زوايا االلتقاء‬
‫بينهما كثيرة‪ ،‬والنشاط المصطلح هو جزء من النشاط المعجمي‪.‬‬

‫‪ -1‬موقع المصطلح من المعجم‪:‬‬

‫إن المصطلح وحدة معجمية تحولت من حالة إلى أخرى؛ تحولت من حالة الكلمة في اللغة‬
‫العامة‪ ،‬إلى حالة المصطلح في اللغة الخاصة بشروط محددة‪ ،‬ووفق ذلك ارتحلت من المعجم العام إلى‬
‫بحث في المعجم بالضرورة‪.‬‬
‫المعجم الخاص؛ ويترتب عليه أن يكون البحث المصطلحي ٌ‬

‫واذا كان البحث المعجمي نال حظوة عند الدارسين‪ ،‬وشهد تطو ار ملحوظا‪ ،‬نجد في المقابل‪:‬‬
‫البحث المصطلحي بقي بعيدا عن مجريات االهتمام والتطور‪ ،‬إذ حافظ الدارسون على نظرتهم القديمة‬
‫إلى المعجم بعده قائمة من األلفاظ مرتبة وفق ترتيب ما تقابل بمعانيها‪ ،‬وجسدت هذه النظرة في إنشاء‬
‫معاجم مصطلحية في ميادين علمية وفنية متعددة‪ :‬البالغة والنقد والفلسفة وعلم االجتماع‪ ...‬وغيرها‪.‬‬

‫وقد نتج عن ارتحال المصطلحات مسألة المدخل وكيفية التمثيل لها؛ هل يكون لها مدخالن؟‪:‬‬
‫مدخل يعرف الوحدة المعجمية بعدها كلمة تنتمي إلى اللغة العامة‪ ،‬ومدخل آخر يعرف مفهوم الوحدة‬
‫المعجمية بعدها مصطلحا ينتمي إلى اللغة الخاصة‪ .‬أم إن التمثيل للمصطلحات سيكون في سياق‬
‫اعتنبار المصطلحات ُمفردات مشتقة اشتقاقا دالليا من كلمات أصول‪.‬‬

‫‪ -2‬النظام المصطلحي والنظام المعجمي‬

‫إذا نظرنا إلى الموضوع نظرة عامة‪ ،‬ألفينا أن األمر يتعلق بالعموم والخصوص‪ ،‬ذلك أن البحث‬
‫المعجمي مادته اللغة المشتركة؛ التي قوامها ألفاظ اللغة العامة‪ ،‬أما المصطلحية فمادتها اللغة الخاصة؛‬

‫‪50‬‬
‫‪ -4‬المصطلحية وعلم صناعة المعاجم‬

‫التي قوامها المصطلحات العلمية أو التقنية التي خصصها التداول في مجال من المجاالت (العلمية‪،‬‬
‫التقنية‪ ،‬الفنية‪ ،)..‬من دون االلتفات إلى دالالتها األخرى الشائعة بين اللغة العامة‪.‬‬

‫فالنظام المعجمي ينظر إلى المجموعات المعجمية على أساس أنها أبنية متكاملة من الوحدات‬
‫تربط بينها خصائصها الوظائفية والتركيبية‪ ،‬وهي مستمدة من الخبرات المحصلة من تفاعل الفرد مع‬
‫البيئة التي يحيا فيها‪ .‬وفي هذا اإلطار تظهر المادة المصطلحية داخل الجداول المعجمية االسمية‪ ،‬فهي‬
‫متوفرة داخل النظام المعجمي في شكل دوال‪ ،‬ويتم اختيارها ثم إعادة توزيعها وتنظيمها ألجل إثراء فروع‬
‫المعرفة المختلفة‪ ،‬وتسهيل التواصل بين أهل االختصاص‪.‬‬

‫ويعن من هنا‪ ،‬أن الفرق البين بين هذين العلمين هو في طبيعة الوحدات؛ إذ البحث المصطلحي‬
‫سم ذا الشحنة‬
‫يحصر اهتمامه في االسم فقط‪ ،‬بعده أداة أساسة في التسمية والتعيين‪ ،‬ويخص اال َ‬
‫المفهومية الخاصة‪ .‬أما البحث المعجمي فيحتفي بالمفردات اللغوية "فعال" كانت أو "اسما"‪.‬‬

‫فموضوع المصطلحية هو البحث في المصطلحات من حيث مكوناتها ومفاهيمها ومناهج توليدها‪،‬‬


‫وموضوع المعجمية هو البحث في الوحدات المعجمية من حيث مكوناتها وأصولها واشتقاقها ودالالتها‬
‫وعالقاتها‪ .‬والمبدأ في هذا التوصيف هو أن الوحدات المعجمية إما أن تكون عامة‪ ،‬واما أن تكون‬
‫مخصصة؛ فإذا كانت عامة كانت لفظا لغويا عاما منتميا إلى الرصيد المعجمي العام قابال الكتساب‬
‫خصائص معينة‪ ،‬مثال الداللة اإليحائية واالشتراك‪ ،‬واذا كانت مخصصة كانت مصطلحا‪.‬‬

‫وعلى مستوى العالقات االستبدالية والعالقات التركيبية التي توجد بين الوحدات المعجمية‪ ،‬نجد‬
‫أن الدرس المصطلحي يركز على العالقات االستبدالية حال دراسة المصطلحات لضبط األنساق‬
‫المفهومية المنظمة داخل الحقول المعرفية‪- ،‬وهذا يمثل نقطة التقاء مع علم المعاجم‪ ،-‬والفرق يكمن في‬
‫أن البحث المعجمي تركز على العالقات التركيبية بين الوحدات المعجمية بصورة مكثفة‪ ،‬بينما تأتي هذه‬
‫العالقات في الصف الثاني في البحث المصطلحي‪ ،‬وهذا ال يعني إهمالها تماما‪ ،‬إذ كثي ار ما يعتمد‬
‫البحث المصطلحي على دور السياق للحيلولة دون الوقوع في شراك واللبس الغموض‪ .‬فعندما يكون‬

‫‪51‬‬
‫‪ -4‬المصطلحية وعلم صناعة المعاجم‬

‫ٍ‬
‫مختلفة نلجأ إلى السياق‪ ،‬نحو مصطلح "جذر" الذي‬ ‫المصطلح الواحد مشتركا بين تخصصات في ٍ‬
‫علوم‬
‫يوظف في اللغة والرياضيات بداللة مختلفة(‪.)1‬‬

‫إن توجه البحث المصطلحي إلى جمع المصطلحات ووصفها ومعالجتها في ميدانها المختص‪،‬‬
‫لهو اتجاه برغم اتي يعنى بالمستوى التطبيقي الذي تتطلبه الحاجة العلمية التطبيقية بين المختصين‬
‫والباحثين‪ ،‬حتى تتيسر لهم لغة االتصال والتواصل‪ .‬وهذا ما جعل أهم البحوث المؤسِّسة لعلم‬
‫المصطلحية تتسم بالتطبيق قبل التنظير على غرار ما فعله فيستر‪ ،‬ولهذا لم تظهر الدراسات النظرية‬
‫والتنظيرية إال في نهاية القرن العشرين‪.‬‬

‫وبما أن علم المصطلح عرف بأنه العلم الذي يبحث في العالقة بين المفاهيم العلمية واأللفاظ‬
‫اللغوية التي تعبر عنها‪ ،‬فهو من هذه الزاوية يلتقي مع المعجمية التي تبحث في داللة األلفاظ وتصنيفها‬
‫وضبط مقاييسها المعجمية من بنية وتكوين واشتقاق توليد‪ ،‬وهي مسائل تشترك فيها مع المصطلحية‬
‫التطبيقية‪.‬‬

‫أما من ناحية اآلليات التطبيقية‪ :‬نجد المصطلحية والمعجمية يلتقيان في اآلليات التي تعتمد في‬
‫التسمية؛ كالتوليد واالشتقاق وصناعة المعجم وجمع المدونة‪ ،‬على الرغم من االختالف البين في األهداف‬
‫النظرية؛ فإذا كانت المصطلحية تُعنى بتسمية المفاهيم التي ترتكز على ضبط المصطلحات‪ ،‬بغرض‬
‫إيجاد لغة خاصة بمجال علمي أو تقني‪ ،‬فإن المعجمية تُعنى بتسمية األشياء العامة التي تدخل في لغة‬
‫التواصل العادي‪ ،‬لذا نجد تيري از كابري تنظر إلى المصطلح نظرة لسانية؛ فتقرر « أن الطبيعة اللغوية‬
‫المزدوجة للمصطلحات باعتبارها كلمات‪/‬عبارات (تسميات) تنتمي بصورتها إلى اللغة‪ ،‬تجعلها ال تنأى‬
‫عن الحدود التي أقرها دي سوسير بخصوص الدليل اللغوي‪ .‬فتُصبح المقاربة اللسانية للمعارف المحصلة‬
‫مصطلحيا أم ار ممكنا ‪-‬على الرغم من كونها خارجية بما أنها تنتقل من األشياء (فيزيائية أو غيرها) نحو‬
‫التسميات‪ ،‬وهذا مرو ار من تحديد مفاهيم المصطلحات‪ُّ .-‬‬
‫تظل لسانية بما أن المصطلحات تُوصف وفق‬

‫(‪ )1‬عبد القادر بوشيبة‪ ،‬محاضرات في علم المفردات وصناعة المعاجم‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -4‬المصطلحية وعلم صناعة المعاجم‬

‫لنظام ٍ‬
‫عام من حيث دالالتها مع جواز‬ ‫ٍ‬ ‫أي كلمة أو متتالية من الكلمات‪ .‬وتُخضع‬
‫لساني مثلها مثل ِّ‬
‫ٍّ‬ ‫تحليل‬
‫مناقشة أمر تعريفاتها المحددة والمتفق عليها»(‪.)1‬‬

‫‪ -3‬المسار المصطلحي والمسار المعجمي‪:‬‬

‫إن اعتماد المصطلحية المقاربة المفهومية (‪ ،)Onomasiologie‬واعتماد صناعة المعاجم‬


‫المقاربة اللفظية (‪ )Sémasiologie‬تعد أول بادرة لالختالف بين العلمين‪ ،‬فإذا كان األول ينطلق من‬
‫المفاهيم وينشد التسمية‪ ،‬فإن الثاني ينطلق من الواقع اللغوي ساعيا إليجاد مرجعية مالئمة لهذا‬
‫االستعمال‪ ،‬يقول يوسف مقران‪ « :‬ليست المصطلحية إال انعكاسا لنظامها المفهومي الخاص‪ ،‬مما يجعل‬
‫صناعة المعاجم أول من يتعرض النقالبات هذه الحقيقة بعد تصفية منهج المصطلحيات باعتبار‬
‫المسماة بـ "‪( "Onomasiologie‬االنطالقة من المفاهيم نحو‬
‫المعارف على الرغم من أن هذه المقاربة ُ‬
‫ف على طرفي نقيض منها "‪ "Sémasiologie‬المقاربة اللفظية»(‪.)2‬‬
‫التسميات) ال تتنكر لما يبدو أنه واق ٌ‬

‫فمن هذا المنطلق المنهجي نجد أن المصطلحية تبدأ من المفاهيم المجردة في الذهن لتصل إلى‬
‫الواقع اللغوي في االستعمال‪ ،‬فتدرس األلفاظ اللغوية بحثا عما يناسب تسمية المفاهيم‪ ،‬وفي الجانب‬
‫المقابل تبدأ المعجمية من الواقع اللغوي وتسعى إليجاد مدلوالت تتناسب مع األلفاظ والموجودات‪ ،‬إذ «‬
‫وض ِع‬ ‫ِ‬
‫األشياء والمفاهيم قر ٍ‬
‫يب من ْ‬ ‫ِ‬
‫تسمية‬ ‫نهج‬
‫منهج يعتمد على ِ‬ ‫التطبيقي على‬ ‫ِ‬
‫المصطلحات‬ ‫علم‬
‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫يرتكز ُ‬
‫القوائِم‪ ،‬وعليه‪ :‬يكتسب كل تصور باستطاعته أن يشكل موضوع تسمية مدخال‪ ،‬في حين ال يكرس‬
‫المؤلف الذي يتسم بطبيعة معجمية مدخال لتسمية أدنى اسم مندرج‪ .‬واعتبر فيستر أن اللسانيات‬
‫والمصطلحية ينطلقان من مبادئ مختلفة لمعالجة اللغة‪ .‬فإذا كانت المعجمية‪ ،‬وهي مبحث لساني‪ ،‬تنطلق‬
‫من الكلمة دون البحث في شتى معانيها‪ ،‬فإن المصطلحية تنطلق من البحث في قضايا المفهوم دون‬

‫(‪ )1‬يوسف مقران‪ :‬المصطلح اللساني المترجم‪ ،‬ص‪.118‬‬


‫(‪ )2‬يوسف مقران‪ :‬المصطلح اللساني المترجم‪ ،‬ص‪.119-118‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -4‬المصطلحية وعلم صناعة المعاجم‬

‫التركيز على قضايا التسمية ومشاكل النطق وشكل الكلمة التي هي من قضايا اللسانيات»(‪.)1‬‬

‫وقد جسد (كابري) هذا التوجه في هذا الشكل‪:‬‬

‫المقاربة اللفظية (‪)Sémasiologie‬‬

‫االنطالقة من ال ّتسمية إلى المفهوم‬

‫المعجمية‬

‫التسمية‬
‫المفهوم‬

‫المصطلحية‬

‫االنطالقة من المفهوم إلى التسمية‬

‫المقاربة المفهومية(‪)Onomasiologie‬‬

‫شكل(‪ )01‬عمل المق اربة اللفظية والمق اربة المفهومية‬

‫إن الدراسة المصطلحية تختلف كثي ار عما هو في صناعة المعاجم‪ ،‬فنجدها تسعى إلى وضع‬
‫مصطلحات تلقى القبول‪ ،‬وتتحد النظرة حولها‪ ،‬ثم ترتيبها في ميادين العلوم التي تنتمي إليها‪ ،‬فعملها ليس‬
‫وصفيا –كما هو الحال في صناعة المعاجم‪ -‬بل هو عمل تعييري بالدرجة األولى‪.‬‬

‫والمعاجم المصطلحية تكون معاجم معيارية تسعى على ربط حبل التواصل بين المختصين في‬
‫ميدان علمي أو تقني‪ ،‬بناء على التعليمات والتوصيات التي تصدرها الهيئات العلمية القطرية والدولية‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ماي تري از كابري‪ ،‬المصطلحية‪ :‬النظرية والمنهج والتطبيقات‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫هجـود ا ألفـــراد واملؤسسات‬
‫يف صناعة املصطلح‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪ -‬تمهيد‪:‬‬

‫ظهر االهتمام بقضية المصطلح العلمي العربي مع بداية ازدهار حركة الترجمة والتأليف في الربع‬
‫الثاني من القرن التاسع عشر‪ ،‬وكانت البداية بجهود فردية؛ من اختص بعلم من العلوم مترجما وناقال إلى‬
‫العربية‪ ،‬ومن صنف معجمات أعجمية شاملة‪ ،‬ومن حقق في مصطلحات ونشرها في المجالت العلمية‬
‫أو اللغوية أو صنف معاجم مزدوجةاللغة‪.‬‬

‫وقد ظهرت معاجم المصطلحات‪ :‬أحادية اللغة‪ ،‬وثنائية‪ ،‬ومتعددة اللغات‪ ،‬في مختلف‬
‫االختصاصات‪ :‬في الجيولوجية‪ ،‬وفي الجغرافية‪ ،‬والطب‪ ،‬والفلك‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬والعلوم السلكية والالسلكية‪،‬‬
‫والفيزياء‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬وعلوم الحاسبات‪ ...‬صدرت من أفراد‪ ،‬وهيئات ومؤسسات رسمية وغير رسمية‬
‫باختالف توجهاتها وأهدافها؛ من مؤسسات ذات أهداف لغوية‪ ،‬ومؤسسات ذات أهداف علمية أو تقنية أو‬
‫ثقافية‪ ،‬ومؤسسات ذات أهداف تجارية‪.‬‬

‫وتأتي المجامع اللغوية على رأس المؤسسات ذات األهداف اللغوية‪ ،‬مثل‪ :‬مجمع اللغة العربية‬
‫بدمشق (تأسس عام ‪ ،)1919‬ومجمع اللغة العربية في القاهرة (تأسس ‪ .)1932‬والمجمع العلمي العراقي‬
‫(تأسس ‪ ، )1947‬ومجمع اللغة العربية األردني (تأسس ‪ ،)1976‬فقد تكفلت بصناعة معجمات كثيرة في‬
‫الفنون العلوم‪ ،‬كما كان للجامعات في البالد العربية وأساتذتها دور ال يستهان به‪ ،‬وكذلك الشأن التحاد‬
‫المجامع اللغوية العلمية العربية‪ ،‬والمكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي‪.‬‬

‫ومن المؤسسات ذات األهداف العلمية‪ ،‬نذكر‪ :‬أكاديمية البحث العلمي بالقاهرة‪ ،‬المنظمة العربية‬
‫للعلوم اإلدارية‪ ،‬والمنظمة العربية للمواصفات والمقاييس‪ ،‬اتحاد األطباء العرب‪ ،‬واتحاد البريد العربي‪.‬‬

‫والمؤسسات التجارية التي أسهمت في صناعة المصطلح ونشره‪ ،‬نذكر‪ :‬دور النشر الكبرى في‬
‫الوطن العربي‪ ،‬مثل مكتبة لبنان في بيروت‪ ،‬واألهرام بالقاهرة‪ ،‬وبعض المراكز المتخصصة في التعريب‬
‫والترجمة التابعة لمنظمات وجامعات‪ ،‬والمركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق (التابع‬
‫للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم)‪ ،‬والمركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية (أكمل) بالكويت‬

‫‪56‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫(مجلس وزراء الصحة العرب)‪ .‬ومعهد الدراسات واألبحاث للتعريب في الرباط‪ ،‬ولجان الترجمة والتعريب‬
‫في الو ازرات المختلفة في بعض الدول العربية‪ ،‬التي أصدرت مجالت متخصصة بالتعريب‪.‬‬

‫إيمانا منها بأهمية المصطلح في التحكم في العلوم والتقنيات الحديثة‪ ،‬قد هبت المراكز والمكاتب‬
‫والمعاهد إلى إحداث ِّ‬
‫الشعب وخلق اللجان والخاليا‪ ،‬وانشاء قواعد المعطيات وتصنيف المؤلفات واصدار‬
‫المجالت واعداد المعجمات‪ ،‬لمساعدة المترجمين والمعلمين والمؤلفين على ترجمة المصطلحات األجنبية‪،‬‬
‫سدا لباب الفوضى في النقل والترجمة‪ ،‬والحيلولة دون تعدد المصطلحات للمفهوم الواحد‪ ،‬ودخول‬
‫المصطلحات األجنبية إلى اللغة العربية من غير ضابط وال معيار ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجهـود الفـــردية في صناعة المصطلح‬

‫بذل العـلـماء من مختـلف البـلدان الع ـربية جهودا في مجــال المصطلحات وتـوحيــدها ال ينــكرها إال‬
‫جاحد؛ فكـ ــانت الب ــدايـات األولى في مصـر مـع رفاعة الطـهطــاوي وفارس الشـدياق ورفـاقهما الذيـن‬
‫كـانت لـهم اتـصــاالت مـع الغ ــرب أين نشـطـت حــركة التألي ــف وت ــرجمة الكتـب األجنبيــة(‪.)1‬‬
‫ومن الجهـود العديدة والمتنوعة‪ :‬البحث فـي مشكــالت المصطلحات اللغـوية‪ ،‬وكــان ذلـك فــي‬
‫سـوريا ولبنــان وتــونس‪ ...‬وغــيرها من خــالل نخــبة مـن العـلـماء المحدثيـن‪ ،‬مـن بينـم‪ :‬عـ ــلي عبد الواح ــد‬
‫واف ـ ــي ومحمـد منـ ــدور وتــمام ح ــسان ومحم ـ ــود الســعران وعبـد الس ــالم المســدي ومحمـد رش ــاد الحم ـزاوي‪،‬‬
‫إذ تــركـزت جــل بحــوثهم علـى د ارسـة األلفـاظ والمصطلح ــات الع ـربية القدي ــمة منـها والحديــثة‪ ،‬وربطــها‬
‫بالمصطلحـات األجنبيــة الحـاملة لمختــلف العـلـوم‪ ،‬إلـى جـانب وضع معــاجم ومنظــومات مصطلحـية‬
‫تجمعــها‪ ،‬وكــذا البحث في مشكـالتهـا‪ ،‬والسعي إلى توحـيـدها بشتـى الطـرق والوسائـل‪.‬‬
‫وقـد شـاعت فكـرة تـوحيد المصطلحـات في العصر الحديث‪ ،‬فأخـذ العلـمـاء المحـدثون يطلـقون علـى‬
‫هذه الفـكرة ( التوحيد المعياري)‪ ،‬فنــجد علي القاسمي يقدم تعريـفاً لهذه اللفظـة فيقـول‪ « :‬يعني التــوحيد‬
‫المعيـاري بصـورة عــامة‪ :‬تخصيص مصطلح واحــد للمفهـوم العـلمـي الواحـد‪ ،‬وذلك بالتخـلص من التـرادف‬

‫(‪ )1‬ينظر مصطفى طاهر الحيادرة‪ ،‬من قضايا المصطلح اللغوي العربي( الكتاب األول )‪ .‬ص‪.154‬‬

‫‪57‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫واالشتـراك اللفظي‪ ،‬وكـل ما يـؤدي إلى الغمـوض وااللتبـاس في اللغـة العلمـية والتقنيـة"(‪ ،)1‬فعلـي القـاسمي‬
‫تبنـى هذه الفكـرة وعـالجهـا بكثير من الدقة‪ ،‬سعيا منه إلى الـوصول إلى تقييس المصطلح وتحقيق توحــيده‪.‬‬
‫ويبقـى المصطلح اللسـاني مشكـلة من المشـاكل التي وقـعت فيـها المجـامع اللغـوية العربيــة‪ ،‬لكنـه‬
‫من الضروري السعـي إلى معـالجة هـذه المشكلة التـي حلــت باللسانيـات ومصطلـحـاتها حتى تسـهم في‬
‫النهضـة العلمية الحديثة‪.‬‬
‫قترحها لوضع حد لمشكـلة المصطلـح اللسـاني(‪:)2‬‬
‫ومن الحلــول التي تم ا ا‬
‫‪ -‬اإلكــثار من اللقـاءات العلميـة بيــن القائمين بتدريــس المـواد العـلمية‪.‬‬
‫‪ -‬إنشـاء المؤسـسات الخـاصة بالترجمـة والتعـريب لنقـل الفكر األجنبي إلـى اللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬االهتمـام باللغـات األجنبيـة في المـراحل كلــها‪ ،‬وربــط هـذه اللغـات في التعـليم العــالي بدراسة المـواد‬
‫العلمـية وذلك بتخصيص سـاعـات معــينة لتدريس المـواد العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬إثـراء اللغـة العربيـة في حـقل المصطلحات العلمية بإصــدار المعـاجم العلمية الموحـدة‪ ،‬والمجـاالت‬
‫العلمية المتخصصة‪.‬‬
‫‪ -‬استعمـال الشائع عن المجـامع اللغـوية من المصطلحات‪ ،‬وال سيــما مـا كـان وارداً في المعاجم اللسـانية‬
‫الحديـثة‪.‬‬
‫‪ -‬الكـف عن محاوالت التسـابق عن وضـع المصطلحـات‪ ،‬والعــودة إلـى الدرس اللسـاني القديـم في العربية‬
‫لالستفـادة من جهـود القدماء‪.‬‬
‫‪ -‬إنشـاء مكـانز المصطلحـات العلميـة عامــة واللسـانية خاصـة في المجـام ــع اللغويـ ــة والجـامعات‪ ،‬وربطـها‬
‫بالشبكـة العالميـة لالتصـاالت‪.‬‬
‫‪ -‬االهتمـام بتدريس " علـم المصطلـح " ضمن الدراسات اللسـانية‪ ،‬وتوظيفـه فـي توحـيد الجهـود وتنسيـق‬
‫المصطلحـات الشـائعة‪.‬‬
‫‪ -‬المبـادرة إلـى تأســيس جمعــية علمــية تعنــى بالمصطـلح العـلمي‪ ،‬وال سيــما المصطلحـات اللسـانية‬

‫(‪ )1‬مصطفى طاهر الحيادرة‪ ،‬من قضايا المصطلح اللغوي العربي ( الكتاب الثاني )‪ .‬ص‪.33‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬محمد أحمد قــدور‪ :‬اللسانيات والمصطلح»‪ ،‬ص‪ .12‬وفاء كامل فايد‪ :‬المجامع العربية وقضايا اللغة‪ .‬ص‪-189‬‬
‫‪.190‬‬

‫‪58‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫بإشـراف اتحــاد مجـامع اللغـة العربيـة‪.‬‬


‫‪ -‬قبـول ما يصـدر عن المجــامع اللغـوية من مصطلحات‪ ،‬وما تعتمــده الجـامعات والمؤسسـات‪ ،‬ووضعـه‬
‫بيـن أيــدي الدارسين والطلبـة‪.‬‬

‫وال شــك أن المسـاهمة في توحـيـد المصطلح اللساني‪ ،‬وخـاصة إذا تمـت بطريـقة مـوحـدة ومشتـركة‬
‫ستقضي حتــماً على اللبس والغمــوض‪ ،‬وتسهــل على الدارس‪ ،‬وتضـع ركــيزة مشتــركة للغ ــة في النـدوات‬
‫والمؤتم ـرات واللقـاءات العلميـ ــة‪ ،‬فقـد أصبح تــوحيد المصطلحات غـاية يسعى العـلماء إلى تحقيقــها؛ ألن‬
‫تـعاملهم مع المصلـح الـواحد للمفهــوم الـواحد من شـأنه أن ييسـر عليـهم عمليـة التـواصل في العـلوم التــي‬
‫يتـداولونها‪.‬‬

‫ويمكن أن نعرض بعضا من جهود العلماء فيما يأتي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫في صناعة المصطلح‪:‬‬ ‫‪ -1‬جهود مصطفى الشهابي (‪1968-1893‬م)‬

‫سعى الشهابي إلى ضبط المصطلحات فأصدر معجمين‪ :‬معجم (فرنسي‪-‬عربي)‪ ،‬معجم‬
‫(أنجليزي‪-‬عربي) ضما المصطلحات العلمية والفنية وألفاظ الحضارة‪ ...‬وحاول أن يعرف فيهما المفاهيم‬
‫تعريفا علميا يتسم باإليجاز والدقة‪ ،‬وقد ذكر في مقدمة [معجم األلفاظ الزراعية بالفرنسية والعربية] الذي‬
‫طبع بدمشق سنة (‪1943‬م)‪ « :‬لم أذكر فيه سوى المهم من ألفاظ العلوم الزراعية‪ ،‬لبثت نحو عشرين‬
‫سنة في تحقيق ألفاظه المذكورة البالغة نحو تسعة آالف لفظة‪ ،‬وراجعت في تصنيفه عشرات من المراجع‪،‬‬
‫بغية التثبت من صحة اسم عين من األعيان المواليد الثالثة أو بغية معرفة االسم العربي القديم‪ ،‬ووضعه‬
‫إلى جانب االسم الفرنسي واالسم العلمي‪ ،‬أو بغية إيجاد مصطلحات جديدة سائغة أو راجحة في‬

‫عددا‬
‫(‪ )1‬األمير مصطفى الشهابي عالم زراعي‪ ،‬ولغوي ُمصطلحي‪ ،‬سخر جهده ليجعل اللغة العربية لغة علم‪ ،‬فأضاف إليها ً‬
‫مفكر له أثره العظيم في النهضة العلمية واألدبية‪ ،‬ورجل دولة خدم سوريا‬ ‫كبير ِمن المصطلحات ِ‬
‫العلمية‪ ،‬وهو كذلك كاتب ِّ‬ ‫ًا‬
‫في المناصب التي وليها‪ ،‬وقد تميَّز بعمله في إطار أشغال المجامع العربية؛ فقد انتسب إلى المجمع العلمي العربي بدمشق‬
‫َّ‬
‫وتجدد انتخابه سنة‬ ‫ئيسا له سنة ‪،1959‬‬
‫عضوا عامالً فيه سنة ‪ ،1936‬ثم انتخب ر ً‬ ‫ً‬ ‫منذ سنة ‪ ،1926‬قبل أن ُيصبِح‬
‫عضوا عامالً فيه سنة‬
‫ً‬ ‫عضوا ُمراسالً لمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة ‪ ،1948‬ثم‬
‫ً‬ ‫‪ ،1963‬ثم سنة ‪ ،1967‬وانتخب‬
‫عضوا ُمراسالً للمجمع العلمي العراقي سنة ‪ ،1961‬ثم انتخبته اللجنة التنفيذية لدائرة المعارف اإلسالمية‬
‫ً‬ ‫‪ ،1954‬وانتخب‬
‫عضوا ُمشارًكا لمجلس هذه الدائرة سنة ‪.1964‬‬
‫ً‬ ‫بلندن‬

‫‪59‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫الموضوعات العلمية التي لم يعرفها أجدادنا العرب»(‪.)1‬‬

‫قد عكف الشهابي على تجسيد ما يراه ضروريا في صناعة المصطلح‪ ،‬فألف بحكم تكوينه العلمي‬
‫واهتمامه بالمجال المصطلحي‪ ،‬الكثير من األبحاث التي نشرها في مجلة المقتطف ومجلة مجمع اللغة‬
‫العربية بدمشق ومجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪.‬‬

‫وقد استند الشهابي في وضعه المصطلحات إلى وسائل التوليد في اللغة العربية‪:‬‬

‫‪ -‬المجاز‪ :‬مصطلح "مغزل" الذي هو في األصل آلة تُدير بها المرأة الصوف وتَفتله قابل‬
‫المصطلح الفرنسي "‪ "Quenouille‬الذي يدل على الشجر المقلَّم(‪.)2‬‬
‫‪ -‬االشتقاق‪ :‬مصطلح "نباذة" قابل مصطلح "‪ ،"Vinification‬الذي يدل على صنع الخمر‬
‫وحفظها لتجويدها‪.‬‬
‫‪ -‬الترجمة‪ :‬مصطلح " مجزاعة" قابل ُمصطلَح "‪ ،"Impatiente‬وهو جنس زهر ِمن الفصيلة‬
‫الغرنوقية‪.‬‬
‫‪ -‬النحت‪ :‬مصطلح "تحتربة" قابل مصطلح "‪.)3("Sous-sol‬‬
‫ونالحظ أن اعتماده على النحت كان قليال‪ ،‬ال يلجأ إليه إال للضرورة‪ .‬ولم يلجأ إلى االقتراض‬
‫قابلة المصطلحات األوروبية إال في الحاالت التي ال يستطيع الحصول على كلمات عربية‪.‬‬
‫لم َ‬‫ُ‬

‫وقد تنوعت مصطلحات الشهابي في مقابلة المصطلحات األوروبية من حيث البناء بين البسيطة‬
‫والمركبة‪ ،‬فمن أمثلة الوحدات البسيطة "حلزون"‪ ،‬ومن أمثلة الوحدات المركبة "ماء الجنين"‪ ،‬و"أشباه‬
‫عصبيات األجنحة"‪..‬‬

‫ضم قاموس الشهابي مصطلَحات من مستويات لغوية مختلفة؛ من الفصيح‪ ،‬والمولَّد‪ ،‬والعامي‪،‬‬
‫واألعجمي‪:‬‬

‫‪ 1‬الزركان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.327‬‬


‫‪ 2‬الشهابي‪ :‬معجم األلفاظ الزراعية‪ ، ،‬ط ‪ ،3‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪ .1982‬ص‪.547‬‬
‫‪ 3‬الشهابي‪ :‬معجم األلفاظ الزراعية‪ ،‬ص‪.611‬‬

‫‪60‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫بياضا في قوائم‬
‫ً‬ ‫‪ -‬فمن الفصيح مصطلح " تَحجيل" يقابل ُمصطلَح "‪ ،"Balzane‬ويعني‬
‫الفرس(‪.)1‬‬
‫‪ -‬ومن المولد مصطلح " رؤيس" يقابل مصطلح "‪ ،"Capitule‬ويعني شكالً ِمن نظام التنوير أو‬
‫االزهرار‪.‬‬
‫‪ -‬ومن العامي مصطلح "شلب" يقابل مصطلح "‪ ،"Paddy‬وهو حب األرز غير المقشور (لفظ‬
‫من عامية الشامية‪.‬‬
‫‪ -‬ومن األعجمي مصطلح "باكانية"‪ ،‬لفظ معرب يقابل مصطلح "‪ ،"Pacanier‬وهو اسم قبيلة‬
‫أمريكية‪.‬‬
‫وقد قدم الشهابي لمجمع القاهرة مجموعة من االقتراحات من أجل توحيد المصطلحات‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ -‬تؤلف في مجمع اللغة العربية بالقاهرة لجنة معجم المصطلحات العلمية يكون لها شخصية‬
‫اعتبارية واستقالل مالي واداري‪.‬‬
‫‪ -‬يخصص مجلس جامعة الدول العربية المال الذي يقدر لتصنيف المعجم‪.‬‬
‫‪ -‬تتصل اللجنة باالختصاصيين بالمصطلحات في األقطار العربية وتطلب منهم صنع معجمات‬
‫أو قوائم أعجمية عربية‪ ،‬ضمن اختصاصاتهم لقاء مكافآت‪.‬‬
‫‪ -‬تصنع اللجنة من هذه المعجمات والقوائم (معجم المصطلحات العلمية) وتعرضه على مجلس‬
‫مجمع اللغة العربية‪ ،‬فيق أر ألفاظه في حضرة واضعيها‪.‬‬
‫‪ -‬يطبع مجمع القاهرة المعجم وتوزع نسخة بالمجان على دول األقطار العربية‪.‬‬
‫‪ -‬تبقى لجنة المعجم قائمة على عملها في مجمع القاهرة إلضافة ما يجد من مصطلحات واعادة‬
‫(‪)2‬‬
‫طبع المعجم وتوزيعه على البالد العربية‪.‬‬

‫‪ 1‬الشهابي‪ :‬معجم األلفاظ الزراعية‪ ،‬ص‪.73‬‬


‫‪ 2‬مصطفى الشهابي‪ :‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.9-8‬‬

‫‪61‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫(‪)1‬‬
‫في صناعة المصطلح‪:‬‬ ‫‪ -2‬جهود علي القاسمي‬

‫انطلق علي القاسمي مما توصلت إليه النظرية العامة لعلم المصطلح من مبادئ في وضع‬
‫المصطلحات‪ ،‬وتتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬االنطالق من المفاهيم والعالقات القائمة بينها‪.‬‬


‫‪ -‬تحري مبدأ االقتصاد في اللغة؛ بغية التسهيل في األداء واالستيعاب‪.‬‬
‫‪ -‬إعطاء األولوية للمصطلحات الجارية في التداول اللغوي‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وسيلة في وضع المصطلحات؛ تجنبا للترادف والتعدد‪.‬‬ ‫‪ -‬اعتماد التقييس‬
‫ووفقا لهذه المبادئ‪ ،‬فإن العمل المصطلحي حسب القاسمي يتم تبعا للخطوات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد موقع المفهوم بين باقي المفاهيم الخاصة بحقل علمي معين‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد مدلول المصطلح من خالل التعريف‪.‬‬
‫‪ -‬إلحاق مصطلح من بين المصطلحات بالمفهوم‪ ،‬بعد واختياره بدقة وتمحيصه‪.‬‬
‫‪ -‬توليد مصطلح جديد للمفهوم عند تعذر االختيار من المترادفات‪.‬‬
‫وقد ترجمت جهوده في الكتب التي ألفها‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪ -‬معجم مصطلحات علم اللغة الحديث‪.‬‬


‫‪ -‬علم المصطلح‪ :‬أُسسه النظرية وتطبيقاته‪.‬‬
‫‪ -‬المعجم العربي األساسي‪.‬‬

‫(‪ )1‬الدكتور علي القاسمي كاتب عراقي متعدد االهتمامات‪ :‬قاص‪ ،‬روائي‪ ،‬مترجم‪ ،‬ناقد‪ .‬وهو باحث أكاديمي متخصص في‬
‫المعجمية والمصطلحية‪ .‬درس في عدة جامعات‪ :‬جامعة بغداد في العراق‪ ،‬وفي الجامعة األمريكية في بيروت وفي الوقت‬
‫نفسه في كلية الحقوق بـ جامعة بيروت العربية‪ ،‬ثم في جامعة أوسلو (النرويج)‪ ،‬جامعة تكساس في أوستن (الواليات‬
‫المتحدة‪ ،‬في جامعة اكسفورد (بريطانيا)‪ ،‬وفي جامعة السربون (فرنسا)‪ ،‬أقام بالمغرب منذ سنة ‪ ،1978‬عمل في‪ :‬مكتب‬
‫تنسيق التعريب بالرباط التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬ثم في المنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة‬
‫بالرباط بعد تأسيسها عام ‪ .1982‬ويعمل حالياً مستشا اًر لمكتب تنسيق التعريب‪ ،‬له الكثير من المؤلَّفات بالعربية واإلنجليزية‬
‫في الكتابة اإلبداعية والدراسات اللغوية والثقافية‪.‬‬
‫(‪ )2‬التقييس المصطلحي "‪ :"standardisation‬هو اعتماد المعايير أو المقاييس أو األنماط أو األسس أو المبادئ التي ينبغي‬
‫أن توضع المصطلحات طبقا لها‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪ -‬مقدمة في علم المصطلح‪.‬‬


‫‪ -‬معجم االستشهادات‪.‬‬
‫‪ -‬علم اللغة وصناعة المعجم‪.‬‬
‫‪ -‬المعجمية العربية بين النظرية والتطبيق‪.‬‬
‫وكذلك نشاطه في مكتب تنسيق التعريب وخارجه‪ ،‬والذي يكلل بمقاالت تنشر على صفحات مجلة‬
‫اللسان العربي أو وغيرها من الوسائط‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫صالح في صناعة المصطلح‪:‬‬ ‫‪ -3‬جهود عبد الرحمن الحاج‬

‫كرس أعماله لترقية استعمال اللغة العربية وتطوير تدريسها معتمدا على ما جد في ميدان‬
‫التكونلوجيات اللغوية‪ ،‬ومؤيدا بنظريات اللسانيات التعليمية‪،‬‬

‫وقد كان له دور كبير في إرساء الكثير من المصطلحات العربية في علوم شتى‪ ،‬حيث شق‬
‫طريقه متبعا منهجا علميا في وضع المصطلحات‪ ،‬يتوسل الترجمة واالسشتقاق والمجاز والنحت‬
‫والتركيب‪ ،‬ومتحريا في كل ذلك الدقة‪ ،‬كما كان يبدي آراءه في المصطلحات قبل أن تعتمد‪ ،‬بوصفه كان‬
‫خبي ار في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪.‬‬

‫ومن المنجزات المصطلحية التي كانت له يد فيها‪ ،‬نذكر ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬معجم مصطلحات اإلعالميات (عربي‪-‬فرنسي)‪.‬‬

‫‪ -‬معجم مصطلحات علم اللسان (عربي‪-‬فرنسي)‪.‬‬

‫‪ -‬المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات (‪1989‬م)‪ ،‬الذي يندرج في مخطط شرع فيه مكتب‬
‫تنسيق التعريب ألجل الوصول إلى لغة علمية عربية واحدة‪ ،‬وكانت مساهمته بوصفه رئيسا لمعهد العلوم‬
‫اللسانية والصوتية الذي تعاون مع المكتب‪.‬‬

‫‪ 1‬باحث أكاديمي ورئيس المجمع الجزائري للغة العربية‪ ،‬وعضو في المجامع األربعة‪ ،‬وينتسب إلى لجنة األصول‬
‫والمصطلحات بمجمع القاهرة‪ ،‬ويدلي بآراءه الجريئة في كل المسائل اللغوية‪ ،‬وله مقاالت في مجالت المجامع المختلفة‪،‬‬
‫ومداخالت في المؤتمرات والندوات التي تنظم هنا وهناك في حنايا الوطن الكبير‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪ -‬مسائل في مصطلحات التجويد للشيخ جاللي الحنفي‪.‬‬

‫إضافة إلى مشروع الذخيرة العربية الذي تبنته الجامعة العربية‪ ،‬محاولة منه لوضع بنك جامع‬
‫لأللفاظ العربية قديمها وحديثها المستعملة بالفعل‪ ،‬لتسهيل الوصول إلى جذر الكلمة واستعماالتها في‬
‫السياقات المختلفة‪ ،‬وبذلك يكون رصيدا منتظما لالستعمال الحقيقي لمصطلحات علم من العلوم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جهود المؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪ -1‬جهود المجامع‪:‬‬

‫منذ أن أنشأت مجامع اللغة العربية وهي تخطط وتدبر لوضع المصطلحات التي تواكب التطورات‬
‫العلمية والمستجدات التقنية‪ ،‬فسطرت ضوابط وأصدرت توصيات ليهتدي بها العلماء والباحثون عند‬
‫تأليفهم الكتب العلمية‪ ،‬ونقلهم مستجدات العلوم‪ ،‬وتوليدهم مصطلحات للمفاهيم المستحدثة‪.‬‬

‫والمتأمل لألهداف التي سطرتها المجامع في بيانات تأسيسها‪ ،‬يجد قواسم مشتركة‪ ،‬بل يجد‬
‫األهداف نفسها مكرورة بتعبيرات مختلفة‪ ،‬وقد ترجمت إلى مبادئ وآليات تسير على هداها في صناعة‬
‫المصطلح العلمي‪ ،‬نذكر منها ما يأتي‪:‬‬

‫‪ o‬المحافظة على المصطلحات العلمية والمصطلحات المعربة التي وردت في التراث العربي؛‬
‫(‪)1‬‬
‫بتوظيفها في االستعمال الحديث‪ ،‬وتفضيلها على األلفاظ المولدة‪ ،‬من مثل‪ :‬سيارة‪ ،‬جريدة‪...‬‬
‫‪ o‬أن تجمع اللفظ اللغوي والمدلول االصطالحي مناسبة أو مشاركة أو مشابهة‪ ،‬وال يشترط في‬
‫المصطلح أن يلم بكل المعنى العلمي‪.‬‬
‫‪ o‬تفضيل األلفاظ المفردة –حتى وان كانت غير شائعة‪ -‬على األلفاظ المركبة‪ ،‬في مثل‪" :‬امتزاز"‬
‫كمقابل للمصطلح الفرنسي "‪ "absorption‬عوضا من "امتصاص سطحي"‪ ،‬وتفادي األلفاظ التي‬
‫يصعب االشتقاق منها والنسب إليها‪ ،‬والغريبة المبتذلة؛ مثل ‪ :‬لفظ "الكحول" كمقابل للفظ اإلنجليزي‬
‫(‪)2‬‬
‫"‪ "alcohol‬عوضا من الغول‪.‬‬

‫‪ 1‬علي القاسمي‪ :‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.580‬‬


‫‪ 2‬علي القاسمي‪ :‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.562‬‬

‫‪64‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪ o‬تجنب استعمال األلفاظ العامية إال إذا اقتضت الضرورة ذلك‪ ،‬مع اإلشارة إلى عامية اللفظ‪.‬‬
‫‪ o‬تجنب تعدد الدالالت للمصطلح العلمي الواحد في الحقل الواحد‪.‬‬
‫‪ o‬االلتزام بما اتفق المختصون على استعماله من مصطلحات علمية سواء أكانت معربة أم مترجمة‪.‬‬
‫‪ o‬اللجوء إلى التعريب عند الحاجة‪ ،‬وخاصة ما تعلق بألفاظ الحضارة‪ ،‬والمصطلحات العالمية‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وأسماء األعالم‪ ،‬مثل‪ :‬صوديم‪ ،‬هيليوم‪ ،‬واطسون‪ ،‬هلمسليف‪...‬‬
‫‪ o‬اللجوء إلى التعريب عند الضرورية العلمية‪ ،‬مع الحفاظ على الحروف األصلية قدر اإلمكان‪ ،‬وعدم‬
‫اللجوء إلى الزوائد‪ ،‬وكذا مراعاة البنية العربية في المصطلح المنحوت‪.‬‬
‫وقد تباينت الجهود من مجمع إلى آخر بحسب أحوال كل بلد زمانا ومكانا‪ ،‬ويمكن أن نشير إلى‬
‫بعض جهود أهم المجامع اللغوية‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫في صناعة المصطلحات‪:‬‬ ‫أ‪ .‬جهود مجمع اللغة العربية بدمشق‬
‫كان مجمع اللغة العربية بدمشق أداة فاعلة في مد الو ازرات واإلدارات بمختلف المصطلحات‬
‫العربية‪ ،‬تماشيا مع توجه الدولة في تعريب اإلدارة وتعريب التعليم والصحة‪ ...‬وقد سعى المجمع جاهدا‬
‫لرسم منهج واضح لوضع المصطلحات واختيارها‪ ،‬مؤكدا على أولوية التراث في استيقاء المصطلحات‪،‬‬
‫واالبتعاد عن المعرب قدر المستطاع‪ ،‬ومن أهم ما التزموا به من مبادئ في حالة التفضيل‪:‬‬

‫‪ -‬اختيار األلفاظ الشائعة الصحيحة على الغريبة المتروكة‪.‬‬

‫‪ -‬اختيار األلفاظ األقرب إلى المعنى المراد‪ ،‬في حالة الترادف‪.‬‬

‫‪ -‬إثبات المعنى األصلي للفظ األجنبي قبل ترجمة األلفاظ األجنبية‪.‬‬

‫‪ 1‬علي القاسمي‪ :‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.581‬‬


‫‪ 2‬تأسس في عهد حكومة الملك فيصل للنهوض باللغة العربية بعد سنوات الحكم العثماني‪ ،‬وكان اسمه في بداية ظهوره سنة‬
‫‪(1919‬المجمع العلمي العربي)‪ ،‬ثم صار اسمه فيما بعد (مجمع اللغة العربية) وأُسندت رئاسته إلى محمد كرد علي‪ ،‬ضم‬
‫عددا من أرباب اللغة واألدب وهم ‪ :‬محمد كرد علي وأمين سويد وأنيس سلوم وسعيد الكرمي ومتري قندلفت وعيسى إسكندر‬
‫ً‬
‫معلوف وعبد القادر المغربي وعز الدين علم الدين وطاهر الجزائري‪ .‬كان له دور كبير في تعريب مؤسسات الدولة وهيئاتها‬
‫وتعريب التعليم وانشاء المدارس األولى في سورية‪ .‬وجمع اآلثار القديمة‪ ،‬وجمع الكتب المخطوطة والمطبوعة‪ ،‬وتوسع عدد‬
‫أعضاءه بعد ذلك‪ .‬ورأسه على التوالي‪ :‬محمد كرد علي‪ ،‬خليل مردم بك‪ ،‬مصطفى الشهابي‪ ،‬حسني سبح‪ ،‬وشاكر الفحام‪...‬‬

‫‪65‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪ -‬مقابلة اللفظ األجنبي بلفظ عربي يؤدي معناه‪ ،‬أو يختار له لفظ باللجوء إلى االشتقاق‬
‫والمجاز‪ ،‬وفي حالة الضرورة يستعان بآلية النحت والتركيب بأنواعه‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫في صناعة المصطلحات‪:‬‬ ‫ب‪ .‬جهود مجمع اللغة العربية بالقاهرة‬

‫لعب مجمع القاهرة دو ار محوريا في صناعة المصطلحات العربية‪ ،‬كونه ضم صفوة العلماء من‬
‫كل األقطار العربية‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك لم يتفرد بآليات تميزة من غيره من المجامع‪ ،‬سوى طريقة‬
‫التعامل معها في الجانب التطبيقي ودعوته العلماء العاملين إلى التقيد بها‪ ،‬ونذكر من توصياته ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬في نقل المصطلحات األجنبية‪ :‬أوجب مقابلتها بمصطلحات عربية مع التقيد بداللة المصطلحات‬
‫األجنبية بالعودة إلى أصولها الالتينية أو اليونانية‪ ،‬من دون التقيد بدالالتها اللفظية‪ ،‬في مثل‪:‬‬
‫مصطلح "‪ "dead room‬يقابله "غرفة كاتمة" ال ميتة(‪.)2‬‬
‫‪ -‬اختيار المصطلح المفرد الذي يسهل االشتقاق والنسبة واإلضافة والجمع‪ ،‬وتفضيله على‬
‫المركب‪ ،‬واال يلجأ إلى الترجمة الحرفية‪ ،‬مثل‪ :‬زوم مقابل "‪ ،"zoom‬عوضا من "العدسة ذات البعد‬
‫البؤري المتغير"‪.‬‬
‫‪ -‬عند الترادف يتم التدقيق في األلفاظ المترادفة في حقل واحد‪ ،‬ثم اختيار اللفظ ذي الداللة العلمية‬
‫الدقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬قياس المصدر الصناعي بزيادة ياء مشددة وتاء في آخره‪ ،‬نحو‪ :‬اإلنسانية واالجتماعية‬
‫والنمطية‪.‬‬
‫‪ -‬إجازة جمع المصدر في حالة اختالف أنواعه‪ ،‬من ذلك‪ :‬تحليل تجمع تحاليل وتحليالت‪.‬‬

‫عضوا‬
‫ً‬ ‫نص المرسوم على أن المجمع يتكون من عشرين‬
‫‪ 1‬أنشئ بناء على مرسوم ملكي صدر في ديسمبر عام ‪1932‬م‪ ،‬وقد َّ‬
‫عامالً من بين العلماء المعروفين بتعمقهم في اللغة العربية أو ببحوثهم في فقهها ولهجاتها‪ ،‬نصفهم من المصريين والنصف‬
‫اآلخر من العرب والمستشرقين؛ وهو ما كان يعني أن مجمع اللغة العربية عالمي التكوين‪ ،‬ال يتقيد بجنسية معينة وال بديانة‬
‫معينة‪ ،‬وأن معيار االختيار هو القدرة والكفاءة‪ .‬وقد سمي في البداية "مجمع اللغة العربية الملكي"‪ ،‬ثم غير اسمه في عام‬
‫‪1938‬م فصار "مجمع فؤاد األول للغة العربية"‪ ،‬ثم غير بعد ذلك إلى مجمع اللغة العربية‪ ،‬وصدر في عام فى عام‬
‫وح َّدد األعضاء العاملين من غير المصريين‬
‫عضوا‪َ ،‬‬
‫ً‬ ‫‪1982‬م آخر قانون َح َّدد األعضاء المصريين العاملين بأربعين‬
‫عضوا‪.‬‬
‫ً‬ ‫بعشرين‬
‫‪ 2‬الزركان‪ :‬الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث‪ .‬ص‪.162‬‬

‫‪66‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪ -‬إجازة النسبة إلى الجمع عند الحاجة‪ ،‬كـ‪ :‬عمالي‪ ،‬وثائقي‪ ..‬كذلك األمر بالنسبة إلى المثنى‪ ،‬كـ‪:‬‬
‫طي َناني‪...‬‬
‫أذيناني‪ُ ،‬ب ْ‬
‫َ‬
‫‪ -‬إجازة صوغ المركب المزجي في المصطلحات العلمية عند الضرورة‪ ،‬مع ضرورة مراجعة‬
‫المجمع‪ ،‬وال يقبل منه إال الذي يقره‪ ،‬ومما أقره‪ :‬تحت الحمراء‪ ،‬فوق بنفسجي‪ ،‬ماورائي‪ ،‬ال‬
‫تزاوجي‪...‬‬
‫‪ -‬اعتماد المجاز في بعض التعبيرات‪ ،‬مثل‪ :‬نبض الشارع‪ ،‬تعرية الفكر‪ ،‬السوق السوداء‪ ،‬الحرب‬
‫(‪)1‬‬
‫الباردة‪...‬‬
‫‪ -‬األلفاظ العربية التي نقلت إلى اللغات األجنبية محرفة‪ ،‬إذا أعيدت إلى العربية تعاد إلى أصلها‬
‫العربي‪ ،‬مثل‪ :‬هرمية = "‪ ،"Hormique‬عوضا من أورميك‪..‬‬
‫‪ -‬اعتماد األلفاظ األعجمية التي يشيع استعمالها عالميا‪ ،‬أو تتعلق باسم علم‪ ،‬أو أصل يوناني‪،‬‬
‫مثل‪ :‬اإلنزيم "‪ ،"enzym‬البيولوجية‪ ،"biology" ،‬الديناميكية "‪..."dynamic‬‬
‫‪ -‬اعتماد تعريب المصطلحات الدولية التي فرضت نفسها في الحياة اليومية‪ ،‬مثل‪ :‬بنك ="‪،"Bank‬‬
‫بورصة = "‪..."Bours‬‬
‫‪ -‬اعتماد المصطلحات العلمية العالمية التي تعتمد األبجديات األوروبية واليونانية‪ ،‬مثل‪ :‬أشعة ألفا‬
‫= ‪ ،alpha-rays‬أشعة سينية = ‪ ...X-rays‬وكذا تعريب كلمات العبارات الدولية المختصرة‪،‬‬
‫مثل‪ :‬أوبيك = ‪ OPEC‬اختصا ار لـ(‪.)Organzation of Petrolem Exporting Countries‬‬
‫وغيرها من التفاصيل التي ساقتها ق اررات المجمع وتوصياته‪ ،‬ترجمة للمبادئ التي يعتمد عليها‪،‬‬
‫وتحقيقا لألهداف التي سطرها‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫في صناعة المصطلحات‪:‬‬ ‫ج‪ .‬جهود مجمع اللغة العربية العراقي‬
‫اهتم المجمع العراقي بتطوير اللغة العربية‪ ،‬وحرص على وحدة المصطلح العلمي العربي‪ ،‬واحياء‬

‫(‪ )1‬وفاء كامل فايد‪ :‬بحوث في العربية المعاصرة‪ .‬ص‪.204‬‬


‫(‪ )2‬أنشئ سنة ‪1947‬م‪ ،‬وتألف من عشرة أعضاء‪ ،‬وعقد أولى جلساته في ‪1948‬م‪ .‬وكان أول رئيس له هو محمد رضا‬
‫الشبيبي‪ .‬وشهد المجمع سلبا وتخريبا لممتلكاته (األرشيف‪ :‬المخطوطات النادرة والكتب الثمينة‪ ،‬واألجهزة والحواسيب‪) ...‬‬
‫ونهبت مكتبته التي حوت كتبا في مختلف اللغات‪ ،‬العربية‪ ،‬الكردية‪ ،‬الفارسية‪ ،‬السريانية‪...‬‬

‫‪67‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫التراث ونشر الثقافة والتأليف والترجمة‪ ،‬وأمد دارسي اللغة والتراث بما يحتاجون إليه‪ ،‬وسطر مجموعة من‬
‫التوصيات التي سارت لجان صناعة المصطلح العلمي على هديها‪ ،‬وأسهمت في توليد العديد من‬
‫المصطلحات في مختلف العلوم‪ ،‬ويمكن أن نشير إلى بعض التوصيات فيما يأتي‪:‬‬
‫* شروط التعريب‪:‬‬

‫ال تعرب المصطلحات األجنبية إال وفق الشروط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬إذا بات مدلول المصطلح شائعا‪ ،‬ويصعب تغييره‪.‬‬


‫‪ -‬عند اشتقاقه من أسماء األعالم‪.‬‬
‫‪ -‬عندما يكون اسما علمسيا لبعض المقاييس والوحدات والمركبات‪.‬‬
‫‪ -‬عندما يكون مما ورد في التراث‪.‬‬

‫* قواعد التعريب‪:‬‬

‫يراعى في التعريب القواعد اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬اعتماد الهمزة في األسماء التي تبدأ بساكن‪.‬‬


‫‪ -‬كتابة األسماء األعجمية كما تنطق في لغتها عند تيسر ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬عند التعدد يفضل اللفظ العربي على المولد‪ ،‬والمولد على الحديث‪ ،‬إال إذا أشتهر‬
‫الحديث‪.‬‬
‫‪ -‬االبتعاد عن استعمال السوابق واللواحق‪ ،‬واللجوء إلى استعمال آليات اللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن االستفادة من الترداف‪ ،‬بتوظيف كل لفظ في معناه الدقيق‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫في صناعة المصطلحات‪:‬‬ ‫د‪ .‬جهود مجمع اللغة العربية األردني‬

‫بذل المجمع ما في وسعه –وما يزال‪ -‬لإلسهام في صناعة المصطلح العلمي‪ ،‬وجسد ذلك في‬

‫(‪ )1‬تأسس سنة (‪ )1961‬تبعا لتوصية مؤتمر التعريب األول بالرباط‪ ،‬فأنشئت اللجنة األردنية للتعريب والترجمة والنشر‪ ،‬ولم‬
‫يباشر أعماله إال سنة ‪1976‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الزركان‪ :‬الجهود اللّغوية في المصطلح العلمي الحديث‪ ،‬ص‪.193‬‬

‫‪68‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫األهداف التي سطرها‪:‬‬

‫‪ -‬الحفاظ على سالمة اللغة العربية‪.‬‬

‫‪ -‬توحيد مصطلحات العلوم واآلداب والفنون ووضع معاجم بمشاركة داخلية وخارجية‪.‬‬

‫‪ -‬إحياء التراث العربي المتعلق باآلداب والعلوم والفنون‪.‬‬

‫‪ -‬تشجيع التأليف والترجمة والنشر‪.‬‬

‫وقد تقاسم بعض األهداف والمبادئ مع غيره من المجامع‪ ،‬واختلف عنها في بعض التوصيات –‬
‫ولو شكليا‪ -‬محاولة في رسم بعض الخصوصية والتميز‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬أن تسمى بأسماء عربية‪ :‬المدن والقرى والمواقع والمؤسسات التجارية والمالية والصناعية‬
‫(‪)1‬‬
‫والعلمية واالجتماعية ومؤسسات الخدمات والترفيه والسياحة والمصنوعات والمنتوجات‪.‬‬

‫‪ -‬أن تقسم المفاهيم وتستكمل وتحدد وتعرف وترتب حسب كل حقل‪.‬‬

‫‪ -‬أن يشرك المختصون والمستهلكون في وضع المصطلح‪.‬‬

‫‪ -‬أن تلتزم وسائل اإلعالم والنشر باستخدام اللغة العربية السليمة‪.‬‬


‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬أن ُيواصل البحث ألجل تيسير التواصل بين واضع المصطلح ومستعمله‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكزن المقابل العربي معب ار تعبي ار دقيقا عن المصطلح األجنبي‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكزن المقابل العربي معب ار عن الوظيفة التي يدل عليها المصطلح‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬أن يكون المقابل العربي للمصطلح األجنبي عربيا تراثيا كلما كان ذلك ممكنا‪.‬‬

‫(‪ )1‬رضوان محمد حسين النجار‪ :‬المجامع اللغوية ودورها في نشر التراث العربي‪ ،‬مجمع اللغة العربي األردني أنموذجا‪،‬‬
‫المجلس األعلى للغة العربية ‪ ،‬الراهن والمأمول‪ ،‬منشورات المجلس‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪1430 ،‬هـ‪2009-‬م‪ .‬ص‪.564‬‬
‫‪ 2‬صالح بلعيد‪ ،‬في قضايا فقه اللغة العربية‪ ،‬ص‪.262‬‬
‫(‪ )3‬محمد علي الزركان‪ :‬الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث‪ ،‬ص‪.197‬‬

‫‪69‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫(‪)1‬‬
‫في صناعة المصطلحات‪:‬‬ ‫هـ‪ .‬جهود مجمع اللغة العربية بالجزائر‬

‫يعد مجمع اللغة العربية بالجزائر حديث النشأة إذا ما قُورن بالمجامع السالفة الذكر‪ ،‬وقد أنشئ‬

‫لتحقيق أهداف تصب في خدمة اللغة العربية وما تعلق بها من مصطلح‪ ،‬ومن أهم أهدافه‪:‬‬

‫‪ -‬خدمة اللغة العربية بالسعي إلثرائها وتنميتها وتطويرها‪.‬‬


‫‪ -‬إحياء استعمال المصطلحات الموجودة في التراث العربي اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد المصطلحات الجديدة التي أقرها اتحاد مجامع اللغة العربية‪ ،‬والتي يقرها في‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬نحت مصطلحات جديدة بالقياس واالشتقاق‪.‬‬
‫‪ -‬ترجمة وتعريب المصطلحات‪.‬‬
‫‪ -‬نشر جميع المصطلحات في أوساط األجهزة التربوية والتكوينية والتعليمية واإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬وضع قاموس حديث شامل للمصطلحات العلمية والتقنية في مختلف المجاالت‪.‬‬
‫‪ -‬إصدار مجلة دورية ينشر فيها إنتاج المجمع من مصطلحات وبحوث ودراسات‪.‬‬
‫وما يالحظ على أهداف وتوصيات المجمع ذلك الوعي بالفوضى االصطالحية‪ ،‬لذلك سعى إلى‬
‫التوحيد المصطلحي من خالل تبني ما يصدر عن اتحاد المجامع‪ ،‬ومحاولة االبتعاد عن الدخول في‬
‫التفاصيل التقنية التي خاض فيها غيره من المجامع كالمجمع العراقي‪.‬‬

‫و‪ -‬جهود اتـــحـــاد المجــامع اللغــوية والعـلمـــية العـــربية(‪ )2‬في صناعة المصطلح‪:‬‬
‫ضم ات ــحاد المجامع في بادئ األمر ثـالثــة مجـامع‪ ،‬وهي‪ :‬مجـمع دمـشق ومـجمع القـاهرة والمجــمع‬

‫(‪ )1‬أنشئ المجمع الجزائري للغة العربية بموجب مرسوم رئاسي سنة ‪ ،1992‬وحدد عدد أعضائه بثالثين عضوا من داخل‬
‫الوطن‪ ،‬ومثلهم من الخارج شرط أن يتقنوا العربية ولغة أخرى‪ ،‬رأسه في سنة ‪ 1998‬الدكتور التيجاني هدام‪ ،‬وبعد وفاته‬
‫أسندت رئاسته للدكتور عبد الرحمن الحاج صالح‪.‬‬
‫(‪ )2‬تعود فكرة إنشاء اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية إلى سنة (‪1956‬م) حــين دعت اإلدارة العـامة للثقـافة بالجـامعة‬
‫العـربية إلى ذلك‪ ،‬لكن تأسيسه الفعلي كان سنة (‪1971‬م)‪ .‬بمنزل الدكتور طه حسين الذي انتخب رئيسا‪ ،‬ويتألف النظام‬
‫األساسي لالتحاد من خمس عشرة مادة‪ ،‬من أبرز ما جاء فيها‪ :‬أن لالتحاد شخصية معنوية مستقلة‪ ،‬وأن مقره مدينة‬
‫القاهرة‪ ،‬وأنه يتألف من المجامع الثالثة في دمشق والقاهرة وبغداد‪ِّ ،‬‬
‫وكل مجمع لغوي علمي تنشئه دولة عربية مستقلة‪،‬‬
‫ويوافق مجلس االتحاد على قبوله‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫بغداد(‪ ،)1‬وانضـم إليها مجمـع اللغـة الع ـربية األردنـي منذ تأسيسه‪ ،‬لتنضم المجامع األخرى تباعا فور‬
‫تأسيسها‪ ،‬وقد ظهرت هذه الفكرة لِ َما ُوجد من تضارب بين ق اررات المجامع الموجودة في ذلك الحين‪ ،‬وما‬
‫انجر عليه من هنات تشوب العمل بأكمله وكان لالتحاد هدفان أساسيان‪:‬‬
‫‪ -‬الهدف األول‪ :‬تنظيم االتصال بين المجامع اللغوية العلمية العربية‪ ،‬وتنسيق جهودها في‬
‫األمور المتصلة باللغة العربية وبتراثها اللغوي والعلمي‪.‬‬
‫‪ -‬الهدف الثاني‪ :‬العمل على توحيد المصطلحات العلمية والفنية والحضارية العربية ونشرها‪.‬‬

‫عقد اتحاد المجامع العديد من الندوات‪ ،‬وعادة ما ينصب اهتمامه على المعجمات المصطلحية‬
‫التي تصدرها المجامع والمؤسسات العلمية‪ ،‬لما تكتسيه من أهمية في تيسير تعريب العلوم والتعليم‪.‬‬
‫وأصدر خالصة ندواته في كراسات خاصة يسهل نشرها وتوزيعها في الجامعات والمراكز العلمية‪.‬‬
‫ومازالت هذه الندوات تعقد دوريا في مبنى اتحاد المجامع بالقاهرة أو في مبنى المجمع العضو في االتحاد‬
‫أو في أي بلد عربي آخر بالتعاون مع جامعته أو مؤسساته الثقافية بإشراف جامعة الدول العربية‪.‬‬
‫والمجمع عضو مؤسس في االتحاد الدولي لألكاديميات العالمية الذي مقره في بروكسل (بلجيكا)‪ ،‬إذ‬
‫يشارك مؤتمراته الدوليةبغية االطالع على المستجدات في مجاالت العلم واألدب واللغة والثقافة العالمية‪.‬‬

‫وكان هدفه األثير إصدار معجم تاريخي للغة العربية؛ حيث ُخصصت الندوة الثالثة عشرة‬
‫(القاهرة‪2004/4/6-4 :‬م) لدراسة كيفية تنفيذه وتمويله‪ ،‬وفتشكلت هيئة للمعجم التاريخي للغة العربية‪،‬‬
‫وأقر نظامها األساسي بناء على ذلك‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫في صناعة المصطلح‪:‬‬ ‫ز‪ -‬جهود المكــتب الدائم لتنسيــــــــــــق التعـــــــــــــــريب‬
‫بذل المك ــتب الــدائم لتنسيــق التع ـريب في ال ــوطن الع ـربي الذي تشـرف علـيه المنـظمة العـربية‬
‫(‪)3‬‬
‫جهـودا في صناعة المصطلح‪ ،‬من خالل البحوث الدراسات التي ينجزها‬ ‫للتـربية والثـقافـة والعـلـوم‬

‫‪ 1‬ينظر‪ :‬شوقي ضيف‪ ،‬مجمع اللغة العربية في خمسين عاما‪ .‬ص‪50 .‬‬
‫(‪ )2‬جاء تنفيذا لتوصيات مؤتمر التعريب األول الذي انعقد بالرباط سنة‪1961‬م‪ ،‬ثم أُلحق باألمانة العامة لجامعة الدول العربية‬
‫في مارس ‪ .1969‬وعند تأسيس المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم كوكالة متخصصة في نطاق جامعة الدول العربية‬
‫اُلحق بها سنة (‪1972‬م)‪ ،‬وكان يسمى آنذاك (المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي)‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الزركان‪ ،‬الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث‪ .‬ص‪.175‬‬

‫‪71‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫الباحثون المنضوون تحته‪ ،‬أو ما يستقبله من بحوث بغية نشرها في المجلة التي يصدرها(‪ ،)1‬ومن‬
‫اإلشكاالت التي تصدى لمعالجتها‪:‬‬
‫أ‪ -‬إشكال "صــالحية اللغـة العـربية للتـدريس الجـامعي"‪ :‬ضمـن بحـث بعنـوان "اللـغة العـربية‬
‫وتحـديـات العصـر" وتوصل إلى أن اللغـة الع ـربية صـالحة للتــدريس الجـامعي في العلــوم الحديـثة‪ ،‬لكـن‬
‫يلـزم في هـذا التدريــس االستعانة بلغـة أجنبيـة(‪ ،)2‬وحصر العقبات التي تعرقل التـدريس العلــمي بالــلغة‬
‫(‪)3‬‬
‫العربيـة في مجموعة من النقاط‪ ،‬وخلص إلى التوصيات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬تكـوين المكتبـة العلمـية بتـرجمة الكتـب‪.‬‬
‫‪ -‬العـمل علـى تع ـريب المصطـلحـات تمـاشيـاً مع تـطـور العلـم‪.‬‬
‫‪ -‬تــوحيد الكتـب الجـامعية في الــدول العـربية‪.‬‬
‫‪ -‬تشكـل لجــنة مـن الجـامعـات تشــرف علـى ترجـمة البحـوث إلـى لغـة عربيـة سليـمة‪.‬‬
‫ب‪ -‬إشكال "المصطلحـات العلميـة"‪ :‬وهو إشكال يعــاني منـه الباحثون العــرب‪ ،‬ومن المجهودات‬
‫التي بذلت إليجاد حلول لهذا اإلشكال‪ ،‬الندوة التي عقدت سنة (‪1981‬م) بعنوان‪" :‬تـوحيـد منهـجيات‬
‫وضع المصطلحات العلمية"‪ ،‬وتمخض عنها إقرار مجموعة من المبادئ األساسية في اختيار‬
‫المصطلحات العلمية ووضعها‪ ،‬ومن بينـها(‪:)4‬‬
‫‪ -1‬ضرورة وجـود مناسبة أو مشاركـة بين مـدلـول المصطلح اللغـوي ومدلـوله االصطـالحي‪ ،‬وال‬
‫يشتـرط في المصطلح أن يستوعب كل معناه العلمي‪.‬‬
‫‪ -2‬وضع مصطلح واحـد للمفـهـوم العـلمي الـواحد ذي المضمـون الـواحد في الحـقل الـواحد‪.‬‬

‫‪ -3‬استقـراء التـراث العـربي واحياؤه‪ ،‬وخاصة ما استقر منه من مصطلحـات علميـة عـربية صالحـة‬
‫لالستعمـال الحـديث‪.‬‬

‫‪ -4‬استخـدام الوسائل اللغـوية في تـوليد المصطلحات العلميـة الجديدة باألفضلية طبقاً للترتيب‬

‫(‪ )1‬اللسان العربي‪ :‬مجلة تصدر عن مكتب تنسيق التعريب بالرباط (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم)‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر وفاء كامل فايد‪ ،‬المجامع العربية وقضايا اللغة‪ ،‬ص‪. 586 – 585‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسه‪ .‬ص‪.581‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬مصطفى طاهر الحيادرة‪ ،‬من قضايا المصطلح اللغوي العربي ( الكتاب األول )‪ ،‬ص‪.505‬‬

‫‪72‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫اآلتي‪ :‬التراث فالتوليــد (لما فيه من مجـاز واشتقـاق وتعـريب ونحت)‪.‬‬


‫‪ -5‬التعريب عند الحاجة‪ ،‬وتفضيل الكلمات العربية الفصيحة الشائعة على الكلمات المعربة‪.‬‬

‫إن التقاء أعضـاء المجــامع العربيــة واتصـالهم يسهم في توحــيد المصطلحـات‪ ،‬وتقــارب آرائهـم‬
‫حـول المصطلحـات المختلف فيــها‪ ،‬سـواء أكـان هـذا تحت إشـراف مكتـب تنسيــق التعـريب أم في مؤتــمر‬
‫مجمـع اللغـة العـربية الذي يعقـد سنويــا بالقـاهرة‪ ،‬ويضم علماء العربية من دون االقتصــار على أعضـاء‬
‫المجـامع‪.)1(.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬وفاء كامل فايد‪ ،‬المجامع العربية و قضايا اللغة‪ ،‬ص ‪.581–582‬‬

‫‪73‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪ -2‬بنوك المصطلحات‪:‬‬
‫شهدت المعرفة اإلنسانية انتشا ار واسعا في القرن العشرين‪ ،‬وازدادت وتيرة االكتشافات‬
‫واالختراعات سرعة في المجاالت العلمية والتقنية المختلفة‪ ،‬ورافق كل ذلك حاجة ماسة إلى إيجاد‬
‫مصطلحات علمية للتعبير عن المفاهيم الجديدة‪ ،‬وأدى هذا إلى مشكلة رصد المصطلحات ومتابعتها عبر‬
‫تخزينها في مجال الصناعة المعجمية الورقية‪ ،‬التي ضاقت بهذا السيل الدافق‪ ،‬فبدأت تظهر صناعة‬
‫يتجز من هذه الصناعة‪.‬‬
‫أ‬ ‫المعاجم المحوسبة (اإللكترونية)‪ ،‬حتى غدت جزءا ال‬

‫أ‪ -‬التعريف‪:‬‬

‫بنك المصطلحات هو قاعدة بيانات‪ ،‬متخصصة في تجميع رصيد من المصطلحات العلمية‬


‫والتقنية‪ ،‬مع معانيها ومعلومات مفيدة عنها بلغة واحدة أو أكثر‪.‬‬
‫ك مصطلحات‪ ،‬تكون جميعُ سجالت هذه القاعدة مصطلحات‬
‫ومتى ُسميت قاعدةُ بيانات بن َ‬
‫متخصصةً‪ ،‬كما هو الحال في بنك المصطلحات الكندي‪ ،‬بل قد يعتني بمصطلحات في حقل معين دون‬
‫غيره‪ ،‬وخير مثال على ذلك‪ ،‬بنك مصطلحات شركة الشركة األلمانية (سيمنس) الذي يعتني بمصطلحات‬
‫الهندسة الكهربائية‪ ،‬فيخزن مصطلحاتها بعدة لغات أوروبية واللغة العربية‪ ،‬فهذا البنك يسعى إلى مد‬
‫المترجمين في الشركة بالمصطلحات التي تعينهم على ترجمة اإلرشادات التي ترفق مبيعاتهم في أنحاء‬
‫العالم من أجل إرشاد الزبائن إلى كيفية تشغيلها وصيانة أعطالها‪.‬‬
‫ومن مبررات اعتماد العلماء على بنوك المصطلحات وصناعة المعاجم المحوسبة (اإللكترونية)‬
‫على الرغم من تكاليفها الباهضة‪:‬‬

‫أ‪ -‬عدم قدرة الفرد على اإلحاطة بجميع المصطلحات في فن من فنون العلم والتقنية‪ ،‬وقد قدرت‬
‫الدراسات أن عدد المصطلحات التي تستحدث يوميا كان خميسن مصطلحا في الثمانيات‪ ،‬وأن العدد‬
‫يتزايد كلما تقدم الزمن‪ ،‬وهو ما ينوء بعقل الفرد اإلنسان أن يخزنه‪.‬‬

‫ب‪ -‬إن توظيف الحاسوب في تخزين المصطلحات ومعالجتها سيؤدي حتما إلى اإلسراع في‬
‫تمكين الباحث من الترجمة والبيانات المختلفة عنه؛ كالميدان العلمي‪ ،‬والمدلول والسياق الذي َي ِرد فيه‪...‬‬
‫في وقت وجيز ال يستطيع تحصيله إذ ما قورن بالمعاجم التقليدية‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪ -‬إتاحة الفرصة إلثراء الرصيد المصطلحي المخزن في الذاكرة وتحيينه في كل أن‪ ،‬وهذا أمر‬
‫صعب عند التعامل مع المعجم الورقي الذي يحتاج إلى إعادة الطبع؛ وذلك ال يتم إال إذا مر عليه وقت‬
‫معين‪.‬‬

‫‪ -‬يسهل عمل المترجم‪ ،‬إذ يضع بين يديه الداللة الدقيقة في كل فن من فنون المعرفة‪.‬‬

‫‪ -‬يسهل عملية توحيد المصطلحات من خالل المقابلة بين المصطلحات المقترحة من هيئات‬
‫مختلفة لمفهوم واحد‪ ،‬والوقوف على الترادف واالشتراك اللفظي‪.‬‬

‫ب‪ -‬أنواع البنوك‪:‬‬

‫بظهور قواعد البيانات‪ ،‬استحدثت طرق جديدة في تخزين الملفات‪ ،‬وأدى إلى ظهور العديد من‬
‫التسميات‪:‬‬

‫‪ -‬بنك المعلومات (‪ :)Dada bank‬ظهرت هذه الفكرة في الستينات حيث حاولت الحكومة‬
‫اإلمريكية أن تنشئ قاعدة مركزية تخزن المعلومات عن المواطنين‪ ،‬كي تستخدم في التخطيط القومي‪،‬‬
‫لكن الفكرة لم ترق للمواطنين األمريكيين‪ ،‬لكن الفكرة وجدت سبال آخرى للتطبيق في مجاالت الحياة‬
‫المتعددة‪ ،‬فأنشئ بنك المعلومات المكتبية والفهرسة في مكتبة الكونغرس‪ ،‬وبنك المعلومات الطبية‪ ،‬وبنك‬
‫المعلومات اإلعالمية في جريدة نيويورك تايمز‪ ...‬فيحفظ الحاسوب البيانتات حسب االختصاص ليسهل‬
‫استعادتها عند الحاجة‪.‬‬

‫‪ -‬بنك الكلمات (‪ :)Word bank‬يخزن هذا البنك النصوص اللغوية (المدونة ‪،)corpus‬‬
‫ليساعد الباحثين على فهم أفضل للغة وتعينهم على وضع قواعدها‪.‬‬

‫وتعد جامعة ستانفرد األمريكية أول من أنشأ بنكا للكلمات‪ ،‬حيث تضم مدونته حوالي سبعة‬
‫ماليين كلمة للغة االنجليزية‪ ،‬ثم انتشرت بنوك أخرى في مختلف البلدان‪ ،‬وتعد شركة صخر بالقاهرة خير‬
‫مثال لبنوك الكلمات في اللغة العربية‪ ، .‬وهذه البنوك ذات فوائد جمة؛ وأداة بحث ال غنى عنها لكل‬

‫‪75‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫باحث في المصطلحية‪ ،‬فقد تكون المدونة عامة‪ ،‬كما يمكن أن تكون مختصة في مجال من مجاالت‬
‫العلوم والتقنية‪.‬‬

‫‪ -‬بنك المصطلحات (‪ :)Terminological dada bank‬هو ضرب من قواعد البيانات‪ ،‬يهتم‬


‫برصد المصطلحات العلمية والتقنية مع معانيها‪ ،‬والمعلومات المفيدة عنها بلغة واحدة أو أكثر من لغة‪.‬‬
‫وقد ذلك إلى االهتمام بالبحوث الخاصة بها‪ ،‬مثل‪ :‬مركز االستعالمات الدولي للمصطلحات بفيينا‪ ،‬والذي‬
‫يسعى إلى‪:‬‬

‫‪ -‬تطوير النظرية المصطلحية‪.‬‬

‫‪ -‬تنسيق التعاون بين صانعي المصطلحاتو تنميته‪.‬‬

‫‪ -‬توثيق المصطلحات عبر شبكة إلكترونية‪.‬‬

‫وقد تم االتفاق على مواصفات معينة يجب أن تتوافر في المصطلحات التي تخزن في بنوك‬
‫المصطلحات‪ ،‬منها(‪:)1‬‬

‫‪-‬رمز التعريف‬
‫‪-‬مرتبة الصالحية‬
‫‪-‬اسم الواضع‬
‫‪-‬حقل االختصاص‬
‫‪-‬مصدر المصطلح‬
‫‪-‬تعاريف المصطلح (المفاهيم التي يعبر عنها)‬
‫‪-‬شواهد مختارة‬
‫‪-‬اإلشارة إلى اللغة األجنبية‬
‫‪-‬شمولية المصطلح في شكله الراهن‬
‫‪-‬الحدود الجغرافية للمصطلح‬

‫(‪ )1‬المؤتمر العالمي األول لبنوك المصطلحات الذي عقد في فيينا –النمسا‪ 3 -2 ،‬أفريل ‪.1979‬‬

‫‪76‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪-‬المعلومات اللغوية‬
‫‪-‬المستويات اللغوية‬
‫‪-‬المعلومات الببلوغارفية لمن يرغب في زيادة البحث‬

‫ج‪ -‬أنواع بنوك المصطلحات‪:‬‬


‫تتعدد تصنيفات بنوك المصطلحات بتعدد األسس المعتمدة في التصنيف‪:‬‬
‫فإذا نظرنا إلى األهداف التي يسعى البنك إلى تحقيقها‪ ،‬وجدنا بنوكا تهدف إلى جمع‬
‫المصطلحات التي تم تقييسها وتوحيدها‪ ،‬وأخرى تسعى إلى مد يد العون للباحثين والمترجمين بمقابالت‬
‫المصطلحات عند العوز‪.‬‬
‫لمترجمين‪ ،‬أو‬
‫واذا نظرنا إلى األشخاص الذين يستهدفهم البنك‪ ،‬فقد يخصص البنك خدماته ل ُ‬
‫جميعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫اللسانيين‪ ،‬أو المصطلحيين‪ ،‬أو المدرسين في الشعب العلمية والتقنية‪ ،‬أو لهم‬
‫واذا نظرنا إلى الطريقة المعتمدة في نشر المعلومات وتوزيعها‪ ،‬فقد تتم بالنشر الورقي أو‬
‫اإللكتروني وقد يكون بالهاتف‪...‬‬
‫وبالنظر إلى نوع المادة المخزنة‪ ،‬وكيفية ترتيبها‪ ،‬طريقة عملها‪ ،‬تُقسَّم بنوك المصطلحات إلى‬
‫ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪ -‬بنوك المصطلحات اللفظية‪ :‬أكثر بنوك المصطلحات شيوعا في العالم‪ ،‬تتبع الترتيب األلفبائي‬
‫للمصطلحات لتيسير الوصول إليها‪ ،‬إذ تبدأ من المصطلح لتبلغ تعيين مفهومه في السياقات التي يرد‬
‫فيها‪ ،‬ليختص بميدان مفهومي معين‪ .‬ومن عيوبها أنها تذكر كل بيانات المصطلح في المدخل الواحد‪،‬‬
‫وهذا يجعل الباحث مضط ار ألن يق أر كل المعلومات الواردة لبلوغ المفهوم المراد في حقله ‪.‬‬

‫‪ -‬بنوك المصطلحات المفهومية‪ :‬على عكس سابقتها‪ ،‬فإنها تبدأ من المفهوم ثم تبحث عن‬
‫التسميات أو المصطلحات التي تعبِّر عنه‪ ،‬لذلك تواجه مشكلة مع المصطلحات التي يرد ذكرها في حقل‬
‫علمي‪.‬‬

‫‪ -‬بنوك المصطلحات المزدوجة‪ :‬يعد هذا النوع من بنوك المصطلحات (بنوك المصطلحات‬
‫المترابطة النصوص) نوعا جديدا يسعى إلى التوفيق بين النوعين السابقين؛ أي « بين البنية الكبرى للغة‬

‫‪77‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫(النصوص العلمية) التي تعول عليها بنوك المصطلحات المفهومية‪ ،‬وبين البنية الصغرى للغة‬
‫(‬
‫اللفظية»‬ ‫المصطلحات‬ ‫بنوك‬ ‫عمل‬ ‫منها‬ ‫ينطلق‬ ‫التي‬ ‫العلمية)‬ ‫(المصطلحات‬
‫‪)1‬‬
‫واالستفادة من النقاط اإلجابية‪.‬‬
‫د‪ -‬ميزات بنوك المصطلحات‪:‬‬
‫يمكن القول أن لبنوك المصطلحات أربعة ميزات ليست متوفرة في المعاجم الورقية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -‬حداثة المعلومات‪ :‬فإدخال مصطلحات جديدة في بنك المصطلحات ال يستغرق دقائق‪ ،‬في‬
‫حين أن نشرها في معجم ورقي مطبوع قد يستغرق شهو اًر‪ .‬كما أنه يمكننا االطالع على المصطلح بعد‬
‫ثوان من تخزينه في بنك المصطلحات ‪ ،‬وهذا ما ال يتأتى لنا في المعجم الورقي‪.‬‬

‫‪ -‬سهولة تخزين المصطلحات وتجميعها‪ :‬إن شبكة بنوك المصطلحات التي تيسِّر التعاون بين‬
‫عدد من بنوك المصطلحات تجعل من الممكن تقسيم العمل بين هذه البنوك واإلسراع في تجميع‬
‫المصطلحات وتخزينها‪ .‬وتتيح لنا شبكة المعلومات الدولية (اإلنترنت) االطالع على محتويات‬
‫بنوك المعلومات التي تتخذ لها مواقع على هذه الشبكة‪.‬‬

‫‪ -‬سرعة التعرف على التكرار والتناقض في المصطلحات‪ :‬وذلك بفضل إمكانات الترتيب‬
‫والتصنيف والتجميع اآللي المختلفة‪ ،‬مثل الترتيب األلفبائي‪ ،‬أو الترتيب الموضوعي‪ ،‬أو الترتيب بحسب‬
‫المصد ‪ ،‬أو بحسب التشابه الشكلي‪،‬وما إلى ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬توفير الوقت والجهد والمال‪ :‬فالباحث في بنك المصطلحات يستطيع أن يعثر على مصطلح‬
‫أو مجموعة من المصطلحات في غضون ثوان معدودات‪ ،‬على حين قد يتطلب ذلك منه ساعات من‬
‫البحث في المعاجم الورقية ‪.‬‬

‫ه‪ -‬أهداف بنوك المصطلحات‪:‬‬


‫يمكننا حصر األهداف الرئيسة لبنوك المصطلحات فيما يأتي‪:‬‬

‫(‪ )1‬رجاء وحيد دويدري‪ :‬المصطلح العلمي في اللغة العربية –عمقه التراثي وبعده المعاصر‪ ،‬ص‪.352‬‬

‫‪78‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫‪ -1‬مساعدة المترجمين في عملهم ‪ :‬وذلك من خالل تزويدهم بالمقابالت المطلوبة في لغة‬


‫الهدف (أو اللغة المترجم إليها) بسرعة ودقة ‪ ،‬مع جميع المعلومات الالزمة عنها‪.‬‬
‫‪ -2‬تنميط المصطلحات وتقييسها وتوحيدها‪ :‬بما يتطلب ذلك من تجميع للمصطلحات على‬
‫اختالف درجة صالحيتها ودراستها‪.‬‬
‫‪ -3‬توثيق المصطلحات‪ :‬لتيسير االطالع عليها واسترجاعها ونشرها إلكترونيا أو ورقياً‪.‬‬
‫و‪ -‬بنوك المصطلحات العالمية‪:‬‬
‫هذه البنوك األوروبية‪ ،‬والعالمية تخزن المصطلحات باللغات األوروبية‪:‬‬
‫‪ -‬الهيئة األروبية في بروكسل‪.‬‬
‫‪ -‬منظمة العمل الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬صندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬المجلس العالمي للغة الفرنسية‪.‬‬
‫‪ -‬الجمعية الفرنسية للتقييس‪.‬‬
‫‪ -‬دائرة االتحادية للغات في مدينة كولون بألمانيا‪.‬‬
‫‪-‬معهد البحث الروسي للمعلومات الهندسية في موسكو‪.‬‬
‫‪ -‬مجلس المقاييس الوطني في و ازرة التجارة األمريكية بواشنطن‪.‬‬
‫‪-‬جامعة سيري في بريطانيا‪.‬‬
‫ز‪ -‬البنوك المصطلحات العالمية التي تخزن مصطلحات عربية‪:‬‬
‫هناك بنوك أوروبية وعالمية تخزن المصطلحات باللغات األوروبية‪ ،‬وتخزن ما يقابلها باللغة‬
‫العربية‪ ،‬نحو‪:‬‬

‫‪ -‬بنك مصطلحات شركة سيمنس في ميونيخ األلمانية الذي يضم قاعدة بيانات للمصطلحات‬
‫التكنولوجية والهندسة الكهربائية‪ ،‬باللغات األوروبية‪ ،‬ولما اقتحمت مصنوعات الشركة البالد العربية‬
‫أضافت الشركة المصطلحات العربية إلى بنكها المصطلحي لتمكين المترجمين من كتابة إرشادات‬
‫استعمال منتجاتها‪ ،‬وتُوج األمر باتفاق مع مكتب تنسيق التعريب بالرباط لتبادل المصطلحات بينهما؛ فتُ ِمد‬

‫‪79‬‬
‫‪-5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬

‫المكتب بالمصطلحات باللغات األلمانية واإلنجليزية والفرنسية‪ ،‬ويمدها المكتب بالمصطلحات‬


‫َ‬ ‫الشركةُ‬
‫العربية الموحدة وما يقابلها في اإلنجليزية والفرنسية‪.‬‬

‫‪ -‬قاعدة بيانات األمم المتحدة بنيويورك التي تحتوي على بيانات المصطلحات مع تعريفاتها‬
‫باللغات الرسمية لألمم المتحدة (اإلنجليزية‪ ،‬والفرنسية‪ ،‬والروسية والصينية‪ ،‬والعربية) حتى يستعين بها‬
‫المترجمون في المنظمة‪ .‬ولتوسيع الفائدة جعلت لها موقعا على شبكة المعلومات (االنترنت)‪.‬‬

‫ك‪ -‬بنوك المصطلحات في الوطن العربي‪:‬‬

‫هناك بنوك للمصطلحات في المؤسسات اللغوية والجامعات في الوطن العربي‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫المعطيات المعجمية بالرباط‪.‬‬
‫‪ -1‬قاعدة ُ‬
‫‪ -2‬البنك اآللي السعودي للمصطلحات (باسم)‪.‬‬
‫المعطيات المصطلحية (قمم) بتونس‪.‬‬
‫‪ -3‬قاعدة ُ‬
‫‪ -4‬بنك مجمع اللغة العربية في األردن‪.‬‬
‫‪ -5‬بنك المصطلحات في المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫خـ ـاتم ـ ـ ـة‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫الدرس المصطلحي العربي يرتبط بالت ارث المصطلحي‪ ،‬مع االنفتاح على النماذج المصطلحية‬
‫العالمية الحديثة‪ ،‬واالستعانة بالعلوم المرتبطة بالمصطلحية كالمنطق واللسانيات واالبستمولوجيا‬
‫والمعلوماتية‪.‬‬

‫لمصطلحيين العرب المحدثين األخذ بآليت وضع المصطلح عند العلماء العرب القدامى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ول‬
‫واالهتداء بطرقهم في تسمية المفاهيم العلمية والفنية وتحديدها‪،‬‬

‫‪ -‬االشتقاق‪ ،‬نظ ار لخصوصية العربية وطابع أبنيتها الصرفية‪.‬‬

‫‪ -‬توليد المصطلحات المصوغة من األوزان المزيدة خصوصا بعد استنفاذ طاقات األوزان‬
‫المجردة‪.‬‬

‫‪ -‬استخدام صيغ الجموع بأنماطها المختلفة عند تسمية المفاهيم ِعْلما أن َج ْمع المذكر السالم قلَّ َما‬
‫مجردة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يستعمل لهذا الغرض نظ ار لكونه يجمع ما يعقل‪ ،‬وأغلب التسميات هي ألشياء وذوات جامدة أو ّ‬
‫الترخص التي فتحها العرب القدامى في لغاتهم العلمية الختالف طبائع‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬االستفادة من أبواب‬
‫رد المصطلح إلى المفـرد‪،‬‬
‫هاته األخيرة عن طبيعة اللغة العامة‪ ،‬من ذلك‪ :‬جواز النسبة إلى الجمع دون ّ‬
‫كقـول ابن سينا‪ " :‬قروحي"‪ ،‬نسبة إلى قروح وهو جمع لمفرده " ْقر َحة"‪.‬‬

‫‪ -‬استساغة استعمال التراكيب العلمية في تسمية المفاهيم إن اقتضى األمر ذلك‪ ،‬وحمل‬
‫المصطلح أكثر من معنى‪ .‬وقد ترد التراكيب االصطالحية مكونة من كلمتين‪ ،‬أو من ثالث كلمات‪ ،‬أو‬
‫من عبارة اصطالحية ‪ ، 23‬وبذلك يبطل القيد الذي وضعه بعض رواد "النهضة" العربية الحديثة في‬
‫تكون المصطلح العلمي من كلمة واحدة‪.‬‬
‫إلزامية ّ‬
‫مزْعفر– ُمفَـلفَـل من‪ :‬زعفران – فلفل‪.‬‬
‫المعرب‪ ،‬كاشتقاق الصفات‪َ :‬‬
‫َّ‬ ‫‪ -‬إجازة االشتقاق من‬

‫‪81‬‬
‫خـ ـاتم ـ ـ ـة‬

‫‪ -‬االجتهاد في تأصيل الدخيل من المصطلحات‪ ،‬وطبعها بطابع عربي يجعلها تعكس طبيعة‬
‫المنزه عن كل تبعية ونسخ حرفي للوافد ‪.‬‬
‫التالقح الحضاري (العربي ‪/‬األجنبي) ّ‬

‫ارتكاز "التعريف" بداية على التحليل اللغوي للمصطلح‪ ،‬وارجاعه إلى أصله االشتقاقي‪ ،‬ليعقب‬
‫ذلك ذكٌر لمعاني المصطلح عند أهل االختصاص العلمي أو الفني أو المهني‪ ،‬والتمييز في تحديد‬
‫المفهوم بين المستوى العلمي والمستوى التعليمي‪ ،‬واإلشارة إلى مجاالت استعماله‪ ،‬مما يتيح تقنينا لسماته‬
‫الداللية‪ ،‬من أجل تفادي أي لبس في توظيفه من طرف أهل االختصاص‪.‬‬

‫ومن الضيم أن تفرض على المصطلحيين العرب النظرية المصطلحية الغربية‪ ،‬في حين اللغة‬
‫العربية لها خصوصيتها‪ ،‬وهو ما أدى إلى ظهور موضوعات جديدة في العمل المصطلحي العربي‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫موضوع تطويع المفاهيم األجنبية لـشروط الصياغة العربية في المستويات الصوتية‪ ،‬والصرفية‪،‬‬
‫والتركيبية‪ ،‬فهذه المسائل من شأنها أن تكون ركيوة من ركائز المصطلحية العربية التي ما فتئ‬
‫المصطلحيون العرب يسعون إلى وضع دعائمها‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ثبت املصادر واملراجع‬
‫‪ -‬ثبت المصادر والمراجع‬

‫‪ -‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬القرآن الكريم‬
‫‪ -‬ابن جني (بو الفتح عثمان)‪ :‬الخصائص‪ ،‬تح‪ :‬عبد الحكيم بن محمد‪ ،‬المكتبة التوفيقية‪ ،‬دط‪ .‬دت‪.‬ج‪.1‬‬
‫‪ -‬ابن حزم (أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد)‪ :‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬الباب الخامس‪ ،‬تقديم‪ :‬إحسان‬
‫عباس‪ ،‬منشورات دار اآلفاق الجديدة‪ .‬بيروت‪ ،‬ط‪1400 ،1‬ه‪.‬‬
‫‪ -‬ابن خلدون (عبد الرحمن)‪ :‬المقدمة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الواحد وافى‪ ،‬ط‪ ،3‬دار النهضة‪ ،‬مصر‪1401 .‬ه‪.‬‬
‫‪ -‬ابن فارس‪ :‬الصاحبي في فقه اللغة‪ ،‬المكتبة السلفية‪ ،‬القاهرة‪1910 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ابن فارس‪ :‬الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كالمها‪ ،‬تح‪ :‬مصطفى الشويمي‪ ،‬مؤسسة بدران‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪1964 .‬م‪.‬‬
‫‪ -‬إخوان الصفا‪ :‬رسائل إخوان الصفا‪ ،‬القسم الثالث‪ ،‬الرسالة العاشرة‪ .:‬الحدود والرسوم‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد العبد‪،‬‬
‫منشورات عكاظ العصرية‪-‬صيدا بيروت‪1399 ،‬ه‪1997-‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الباقالني‪ :‬إعجاز القرآن‪ ،‬المطبعة السلفية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪1349 .‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬البوشيخي (الشاهد)‪ :‬مشروع المعجم التاريخي للمصطلحات العلمية‪ ،‬ط‪ .1‬مطبعة أنفو برانت‪ ،‬فاس‪.2002 .‬‬
‫‪ -‬الجرجاني (عبد القاهر)‪ :‬دالئل االعجاز‪ ،‬شرحه وعلق عليه ووضع فهارسه محمد التنجي‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬ط‪1420 ،3‬هـ ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الخوارزمي (أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن يوسف)‪ :‬مفاتيح العلوم‪ ،‬دار الطباعة المنيرية‪ ،‬مصر‪.1342 .‬ه‪.‬‬
‫‪ -‬الخوري (شحادة)‪ :‬دراسات في المصطلح والترجمة والتعريب‪ ،‬المركـز العربـي للتعريب والترجمة والتأليف‬
‫والنشر – بدمشق‪ .2015 .‬ج‪.2‬‬
‫‪ -‬الرازي (فخر الدين)‪ :‬التفسير الكبير‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬طهران‪ ،‬ط‪ ،2‬دت‪.‬‬
‫‪ :‬المحصول في علم األصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه جابر فياض العلواني‪ ،‬الرياض‪1399 .‬ه‪1979-‬م‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ :‬نهاية اإليجاز في دراية اإلعجاز في علوم البالغة وبيان إعجاز القرآن الكريم‪ ،‬مطبعة اآلداب والمؤبد‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫القاهرة‪ .‬مصر‪1317 .‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬الزركان (محمد علي)‪ :‬الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ .‬دمشق‪،‬‬
‫سورية‪.1998 .‬‬
‫‪ -‬السكاكي (أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر محمد بن علي)‪ :‬مفتاح العلوم‪ ،‬ط‪ .2‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪1987 .‬م‪.‬‬
‫‪ -‬السيوطي‪ :‬المزهر في علوم االللغة وأنواعها‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1987.‬م‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ -‬ثبت المصادر والمراجع‬

‫‪ -‬الغزالي (حجة اإلسالم محمد [أبو حامد])‪ :‬معيار العلم في فن المنطق‪ ،‬ط‪ ،2‬المطبعة العربية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪1927‬م‪.‬‬
‫‪ -‬القاسمي (علي)‪ :‬مقدمة في علم المصطلح‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪1987 .‬م‪.‬‬
‫‪ -‬المجلس األعلى للغة العربية‪ :‬الراهن والمأمول‪ ،‬منشورات المجلس‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪1430 ،‬هـ‪2009-‬م‪.‬‬
‫‪ -‬المسـدي (عبـد السـالم)‪ :‬التفكير اللساني في الحضارة العربية‪ ،‬دار الكتـاب الجديـد المتحـدة‪ ،‬بيروت ‪-‬لبنـان‪،‬‬
‫ط‪2009 ،3‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الميساوي (خليفة)‪ :‬المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم‪ ،‬منشورات ضفاف‪ ،‬الرياض‪ -‬بيروت‪ ،‬دار األمان‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪ .‬ط‪.2013 ،1‬‬
‫‪ -‬بوشيبة (عبد القادر)‪ :‬محاضرات في علم المفردات وصناعة المعاجم‪ ،‬جامعة أبي بكربلقايد‪.2015 ،‬‬
‫‪ -‬جدعان (محمود فهمي)‪ ،‬األسس اللغوية لعلم المصطلح‪ :‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪-‬ت‪.‬‬
‫‪ -‬دويدري (رجاء وحيد)‪ :‬المصطلح العلمي في اللغة العربية –عمقه التراثي وبعده المعاصر‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫سورية‪ .‬ط‪.2010 ،1‬‬
‫‪ -‬زفنكي (صافية)‪ :‬المناهج المصطلحية‪ ،‬مشكالتها التطبيقية ونهج معالجتها‪ ،‬منشورات و ازرة الثقافة‪ ،‬الهيئة‬
‫العامة السورية للكتاب‪.2010 .‬‬
‫‪ -‬ضيف (شوقي)‪ :‬مجمع اللغة العربية في خمسين عاما‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬مصر‪ .‬ط‪.1984 ،1‬‬
‫‪ -‬ظاظ (حسن)‪ :‬كالم العرب –من قضايا اللغة العربية‪ ،‬اإلسكندرية‪.1997 ،‬‬
‫‪ -‬كابري (ماريا تيريزا)‪ :‬المصطلحية النظرية والمنهجية والتطبيقات‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد أمطوش‪ ،‬عالم الكتب العربي‪.‬‬
‫‪ -‬كحيل (سعيدة عمارة)‪ :‬دراسات الترجمة‪ ،‬دار المجدالوي للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬مطلوب (أحمد)‪ :‬في المصطلحات النقد العربي القديم‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -‬مقران (يوسف)‪ :‬المصطلح اللساني المترجم‬
‫‪ -‬مقران (يوسف)‪ :‬المصطلح اللساني المترجم‪ ،‬مدخل نظري إلى المصطلحات‪ ،‬دار رسالن‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪.‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ -‬مونان (جورج)‪ :‬علم اللغة والترجمة‪ ،‬ترجمة أحمد زكريا إبراهيم‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الشهابي (األمير مصطفى)‪ :‬المصطلحات العلمية في اللغة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬معهد الدراسات العربية العالية‬
‫جامعة الدول العربية‪1955 ،‬م‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬ثبت المصادر والمراجع‬

‫‪ -‬القرافي شهاب الدين (أحمد بن إدريس)‪ :‬شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في األصول‪ ،‬تحقيق‪:‬طه‬
‫عبد الرؤوف سعيد‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1973 ،1‬م‪.‬‬

‫المعاجم العربية والموسوعات‪:‬‬


‫‪ -‬الحمزاوي (محمد رشاد)‪ :‬المصطلحات اللغوية الحديثة في اللغة العربية‪ :‬معجم عربي أعجمي وأعجمي عربي‬
‫الدار التونسية للنشر‪ ،‬تونس‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪1987 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬المسدي (عبد السالم)‪ :‬قاموس اللسانيات (عربي‪ -‬فرنسي‪ ،‬فرنسي‪-‬عربي)‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -‬ابن منظور (أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم اإلفريقي المصري)‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫لبنان‪ .‬ط‪.2011 ،7‬‬
‫‪ -‬األزهري (أبو منصور محمد بن أحمد)‪ :‬تهذيب اللغة‪ ،‬الدار المصرية للتأليف والترجمة‪ ،‬تح‪ :‬عبد الكريم‬
‫العزباوي‪.1964 .‬‬
‫‪ -‬األصفهاني (الراغب أبو القاسم الحسين بن محمد بن الفضل)‪ :‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬تحقيق محمد سيد‬
‫كيالني‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ .‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ -‬البستاني (بطرس)‪ :‬محيط المحيط (قاموس مطول للغة العربية)‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪.1978 ،‬‬
‫‪ -‬الجرجاني (علي بن محمد السيد الشريف)‪ :‬التعريفات‪ ،‬مؤسسة الحسني‪ ،‬الدار البضاء‪ ،‬المغرب‪ .‬ط‪،1‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ -‬الجوهري (إسماعيل بن حماد)‪ :‬تاج اللغة وصحاح العربية‪ .‬ط‪ ،3‬تحقيق‪ :‬أحمد عبد الغفور عطار‪ ،‬دار العلم‬
‫للماليين‪1984 ،‬م‪..‬‬
‫‪ -‬الزبيدي (محمد مرتضى)‪ :‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الستارفراج‪ ،‬مطبعة حكومة الكويت‪.‬‬
‫‪1977‬م‪.‬‬
‫‪ -‬السمين الحلبي (أحمد بن يوسف بن عبد الدائم)‪:‬عمدة الحفاظ في تفسير أشرف األلفاظ‪ ،‬ط‪ ،1‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫باسل عيون السود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ .1996.‬ج‪ ،1‬ص‪.37‬‬
‫‪ -‬الشدياق (أحمد فارس)‪ :‬الجاسوس على القاموس‪ ،‬دار النوادر‪ ،‬مطبعة الجوائب‪ ،‬القسطنطينية (استانبول)‪،‬‬
‫‪1299‬ه‪.‬‬
‫‪ -‬الشهابي (مصطفى)‪ :‬معجم األلفاظ الزراعية‪( ،‬دون دار نشر)‪ ،‬ط ‪ ،3‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪.1982‬‬
‫الم ْق ِري)‪ :‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪ ،‬ط‪ .2‬تحقيق عبد‬
‫‪ -‬الفيومي (أحمد بن محمد بن علي ُ‬
‫العظيم الشناوي‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ .‬دت‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ -‬ثبت المصادر والمراجع‬

‫‪ -‬الكفوي (أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني)‪ :‬الكليات‪-‬معجم في المصطلحات والفروق اللغوية‪ -‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ .‬ط‪1419 ،2‬ه‪1998-‬م‪..‬‬

‫‪ -‬المعاجم األجنبية‪:‬‬
‫‪- Dictionnaire Hachette, le dictionnaire de notre temps 1990.‬‬
‫‪- Dictionnaire linguistique de l'école de Prague. Vachek –Anvers,1966.‬‬
‫‪- Larousse, dictionnaire de français, 2010.‬‬
‫‪- Oxford LEARNER,S POCKET Dictionary, fourth edition.‬‬

‫‪ -‬المجالت والدوريات‪:‬‬
‫‪ -‬أبو زيد (أحمد)‪ :‬نظرية النظم بين المعتزلة واألشاعرة‪ .‬مجلة كلية اآلداب‪ ،‬فاس‪ .‬عدد خاص‪ .4‬سنة ‪1988‬م‪.‬‬
‫ندوة المصطلح النقدي‪.‬‬
‫‪ -‬أبو يزيد (أحمد)‪ :‬مدخل لدراسة جهود المفسرين في تفسير المصطلح القرآني‪ ،‬مجلة دراسات مصطلحية‪،‬‬
‫عدد‪.2002 ،2‬‬
‫‪ -‬القاسمي (محمد علي)‪ ،‬مجلة اللسـان العربي‪ ،‬مجلة دورة لألبحاث اللغوية ونشاط الترجمة والتعريب‪ ،‬مجلد‪،18‬‬
‫ج‪ .1‬مكتب تنسيق التعريب في الوطن العربي الرباط (المملكة المغربية)‪.‬‬
‫‪ -‬القرشي (خضر بن عليان)‪ :‬تعريب العلوم ووضع المصطلحات‪ ،‬مجلة اللسان العربي‪ ،‬عدد ‪.1983 ،22‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم (محمد)‪ ،‬أزمة المصطلح في النقد القصصي‪ ،‬مجلة فصول مج‪ ،7‬ع‪ ،3‬أبريل سبتمبر‪.1987 ،‬‬
‫‪ -‬عودة (خليل)‪ ،‬المصطلح النقدي في الدراسات العربية المعاصرة بين األصالة والتجديد‪ ،‬مجلة جامعة الخليل‬
‫للبحوث‪ ،‬مجلد ‪ ،01‬عدد ‪ .2003 ،02‬جامعة النجاح الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة مجع اللغة العربية األردني‪ ،‬ج‪12-11‬‬
‫عاما (‪ ،)1984 – 1934‬راجعه محمد‬
‫‪ -‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ :‬مجموعة الق اررات العلمية في خمسين ً‬
‫شوقي أمين وابراهيم الترزي‪ ،‬الهيئة العامة لشؤون الطباعة المصرية‪.1984 ،‬‬
‫‪ -‬قــدور(محمد أحمد)‪ :‬اللسانيات والمصطلح‪ ،‬مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق‪ ،‬مجلد ‪ ،81‬جزء ‪.4‬‬
‫‪ -‬مكتب تنسيق التعريب في الوطن العربي‪ ،‬معجم مفردات علم المصطلح‪ ،‬المادتان ‪ ، 32-31‬مؤسسة إيزو‪،‬‬
‫التوصية ‪ ،1087‬مجلة اللسان العربي‪ ،‬ع ‪1983 ،22‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬فهرس الموضوعات‬

‫فهرس الموضوعات‬
‫الصفحة‬ ‫العناصر‬
‫‪01‬‬ ‫‪..................................................................................................................‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪02‬‬ ‫‪...............................................................‬‬ ‫‪ -1‬مدخل إلى علم المصطلح‪ :‬المفهوم والنشأة‬
‫‪03‬‬ ‫‪........................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬املصطلح واالصطالح‬
‫‪03‬‬ ‫‪..........................................................................‬‬ ‫‪ -1‬يف املعجم العريب القدمي‪:‬‬
‫‪03‬‬ ‫اللغوية‪............................................................................ :‬‬
‫أ– الداللة‬
‫‪04‬‬ ‫ب– الداللة االصطالحية‪.................................................................. :‬‬

‫‪06‬‬ ‫‪ -2‬يف املعجم العريب احلديث‪....................................................................... :‬‬

‫‪07‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫الغريب‪:‬‬


‫‪ -3‬يف املعجم ي‬
‫‪08‬‬ ‫‪..................................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬علم املصطلح واملصطلحية‬
‫‪08‬‬ ‫‪ -1‬املفهوم‬
‫‪.................................................................................................‬‬

‫‪09‬‬ ‫‪ -2‬جماالت الدراسة‪.................................................................................... :‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪................................................................................‬‬ ‫‪ -3‬تطور علم املصطلح‬


‫‪12‬‬ ‫‪..........................................................................................‬‬ ‫‪ -2‬آليات صناعة المصطلح‬
‫‪13‬‬ ‫‪........................................................................................................‬‬ ‫أوالا‪ :‬االشتقاق‬
‫‪16‬‬ ‫‪.............................................................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اجملاز‬
‫‪18‬‬ ‫‪...........................................................................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬النحت‬

‫‪24‬‬ ‫‪...........................................................................................................‬‬ ‫رابعا‪ :‬الرتمجة‬


‫‪......................................................................................................‬‬ ‫خامسا‪ :‬التعريب‬
‫‪30‬‬
‫‪38‬‬ ‫‪..................................................................‬‬ ‫‪ -3‬جهود علماء العربية في صناعة المصطلح‬
‫‪39‬‬ ‫‪...................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬صناعة املصطلح عند علماء احلديث‬
‫‪40‬‬ ‫‪............................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬صناعة املصطلح عند املفسرين‬
‫‪42‬‬ ‫‪...............................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬صناعة املصطلح عند املناطقة والفالسفة‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬فهرس الموضوعات‬

‫‪44‬‬ ‫رابعا‪ -‬صناعة املصطلح عند املتكلمني‬


‫‪..........................................................................‬‬

‫خامسا‪ -‬صناعة املصطلح عند األصوليني ‪46 ......................................................................‬‬

‫‪49‬‬ ‫‪.............................................................................‬‬ ‫‪ -4‬المصطلحية وعلم صناعة المعاجم‬


‫‪50‬‬ ‫‪ -1‬موقع املصطلح من املعجم‬
‫‪........................................................................‬‬

‫‪50‬‬ ‫‪ -2‬النظام املصطلحي والنظام املعجمي‪.............................................................‬‬

‫‪53‬‬ ‫‪............................................................‬‬ ‫‪ -3‬املسار املصطلحي واملسار املعجمي‬


‫‪55‬‬ ‫‪.........................................................‬‬ ‫‪ -5‬جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح‬
‫‪56‬‬ ‫‪............ ...................................................................................................‬‬ ‫‪ -‬متهيد‬

‫‪57‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬جهـود الف ــردية يف صناعة املصطلح‬


‫‪64‬‬ ‫‪..................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬جهود املؤسسات يف صناعة املصطلح‬
‫‪64‬‬ ‫اجملامع‪.........................................................................................‬‬ ‫‪ -1‬جهود‬
‫‪74‬‬ ‫املصطلحات‪....................................................................................‬‬ ‫‪ -2‬بنوك‬
‫‪81‬‬ ‫‪...................................................................................................................‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪83‬‬ ‫المراجع ‪...................................................................................................................‬‬ ‫ثبت‬


‫‪88‬‬ ‫‪............................................................................................................................‬‬ ‫فهرس‬

‫‪89‬‬

You might also like