Professional Documents
Culture Documents
محاضرات في مقياس المصطلحية -عبد الرحمن جودي
محاضرات في مقياس المصطلحية -عبد الرحمن جودي
محاضرات
في مقياس المصطلحية
هذه الدروس هي نافذة للطالب في مرحلة الليسانس ،يط ّل من خاللها على هذا العلم الحديث،
الذي نشأ عند الغرب ونقله العرب إلى لغتهم متوسلين آليات ومقاييس ارتضتها الفراد والمؤسسات الرسمية
وغير الرسمية ،ليصبح له أعالم ومكتبة زاخرة تجاوزت النمط الورقي القديم إلى نمط إلكتروني حديث
ويسخر التطور التكنولوجي لتوفير خدمات للعلماء والباحثين.
-كتابة مصطلحية تقليدية :ظهرت مع بداية عصر النهضة ،وال زالت أقالم بعض الدارسين المعاصرين
إلى يومنا تحافظ على مالمحها ،وشغلها الشاغل إبراز الدور الريادي للغة العربية وتراثها المصطلحي
التليد ،مما يجعله جزءا من إشكاالت الفكر العربي اإلسالمي الحديث .غير إننا نفتقد (حين نطلع على
غالبية أعمال رواد هذا الخطاب) إلى الدرس الوصفي لموضوعات المصطلحية العربية ،ذلك أن أعالمه
نصنف كتابات المجامع
ّ السلف في المجال المصطلحي .ويمكن أن
اقتصروا على إعادة تـقديم منجزات ّ
اللغوية والعلمية في هذا النمط.
-كتابة مصطلحية معاصرة :ارتكزت على المبادئ النظرية والمنهجية التي جاءت بها المصطلحية
الغربية في إطار النظريتيـن العامة والخاصـة للمصطلحيـة.
إن الكشف عن بعض األسماء المشهورة في هذا الميدان يدلّنا على الجهود الكبيرة التي ُب ِذلَت وال
ّ
زالت تبذل في سبيل تطوير األبحاث المصطلحية ،في الجانب التنظري منها ،والتوثيق المصطلحي على
حد سواء.
ّ
1
مدخل إىل عمل إملصطلح
( إلنشأة وإلتطور )
-1مدخل إلى علم المصطلح :المفهوم ،النشأة ،التطور ،المجال
3
-1مدخل إلى علم المصطلح :المفهوم ،النشأة ،التطور ،المجال
وفي المصباح المنير( « :صلُح) بالضم ...،خالف فسد ،وصلح يصلح ...فهو صالح...
والصُّلح ...وهو التوفيق ...وأصلحت بين القوم وفقت .وتصالح القوم واصطلحوا.)1(»...
وصيغة لفظ "مصطلح" هي اسم مفعول من "اصطلح" على تقدير متعلق محذوف ،نحو (عليه)،
الصريح.
ويعتبره البعض مصد ار ميميا يراد به معنى المصدر ّ
أن
النظر على ّ
إن أكثر أهل ّ
أساس االصطالح قائم على المواضعة ،كما قال ابن جني وغيرهّ ،
أصل اللغة هو المواضعة( ،)3والمواضعة هي االتفاق ،واالصطالح من الجذر [ص.ل.ح] وتقليباته وهو
االتفاق.
وعلى هذا األساس تكون اللغة عامة قائمة على المواضعة واالتفاق ،واالصطالح قائم أيضا على
أن اللغة هي اصطالح عام بين عموم المتكلمين ،أما االصطالح فهو اتفاق
أن الفرق :هو ّ
االتفاق ،إال ّ
خاص بين فئة من المتكلمين مخصوصة.
4
-1مدخل إلى علم المصطلح :المفهوم ،النشأة ،التطور ،المجال
ويرى فخر الدين الرازي أن االصطالحات هي عرف خاص بكل طائفة من أهل العلم ،كالنقض
النصب والجر:
والكسر والقلب والجمع والفرق :للفقهاء ،والجوهر والعرض والكون :للمتكلمين ،والرفع و ّ
الناس على جعل األصوات
للنحاة .واالصطالح –عنده -اتفاق على وضع اسم للشيء ،أي اتفاق ّ
ّ
المقطعة والحروف المركبة معرفات لما في الضمائر .فاالصطالح يعرف كل واحد صاحبه ما ضميره
أن النّاس اصطلحوا على جعل تلك
عن طريق األلفاظ والكتابة لكون اللفظ مفيدا للمعنى بالوضع .أيّ « :
منا فافهموا أنا
اللفظة المخصوصة معرفة لذلك الشيء المخصوص ،فكأنهم قالوا :متى سمعتم هذه اللفظة ّ
أردنا ذلك المعنى الفالن»(.)5
وفي التّداول ،يتخ ّذ كثير من الدارسين اللفظين" :مصطلح" واصطالح" مترادفين ،وفي ذلك نظر؛
يتضمن معنى الشمولية ،بينما "المصطلح" يتضمن معنى الفردية.
ّ ِإذ المصدر في اللغة العربية
5
-1مدخل إلى علم المصطلح :المفهوم ،النشأة ،التطور ،المجال
-فاالصطالح هو :مجموع مفردات خاصة تستعمل في ميدان من ميادين المعرفة أو ميدان مهني.
-والمصطلح هو :مفردة من االصطالح؛ أي كلمة من مجموع مفردات خاصة ال تستعمل في الكالم
العادي الجاري على ألسنة الناس.
-وعلي القاسمي أورد تعريف المنظمة العالمية للتقييس ( )ISOللمصطلح في قوله « :ك ّل وحدة لغوية
دالة مؤلفة من كلمة (مصطلح بسيط) أم كلمات متعددة (مصطلح مركب) وتسمى مفهوما محددا بشكل
وحيد الوجهة داخل ميدان ما ،وغالبا ما يدعى بالوحدة المصطلحية في أبحاث علم المصطلح»( .)2وهذا
التعريف يشير إلى ما يهدف إليه المصلحيون من مقابلة اللفظ الواحد للمفهوم الواحدن كما أشار إلى بناء
المصطلح الذي يكون لفظا مفردا ويكون مركبا.
الشاهد البوشيخي فقد أراد أن يضع تعريفا جامعا مانعا يحيط بالمصطلح من جميع جوانبه « أمّا -
المصطلح العلمي أو التقني هو اللفظ الذي خصصه االستعمال في علم من العلوم أو فن من الفنون أو
صناعة من الصناعات بمفهوم معين؛ فإذا أطلقه مستعملوه من أصحاب تلك العلوم والفنون والصناعات،
6
-1مدخل إلى علم المصطلح :المفهوم ،النشأة ،التطور ،المجال
كان المقصود به هو ما اصطلحوا عليه وتعارفوا على مدلوله ،دون ما سوى ذلك من الدالالت األخرى
جر أو نصب أو فتح عند
التي قد تكون لذلك اللفظ فيما يسيح بين عامة متكلمي اللغة :فإذا أطلق لفظ ّ
الن حاة كان المقصود به مخالفا لما هو معروف في اللغة المشتركة ،وكثي ار ما يحدث أن يداول اللفظ عدد
ّ
من المتخصصين في علوم مختلفة ،فيعطيه كل واحد منهم داللة مخالفة لما عند اآلخر»(.)1
يوجد شبه اتّفاق بين اللغات األوروبية في األلفاظ التي تقابل كلمة مصطلح في العربية ،ففي
الفرنسية " ،"termeوفي اإلنجليزية " ،"termوفي اإليطالية " ،"termineوفي اإلسبانية " ،"terminoوفي
الحد
ّ البرتغالية " ،"termoتقترب من حيث الكتابة والنطق من الجذر اليوناني " "termoالذي يعني
الفاصل ،كما تعني كلمة " "terminusالمجال والحيز.
نسية و""term
فمعجم "هاشات " "hachetteمثال ُيرجع لفظ مصطلح " "termeفي اللغة الفر ّ
"الحد" ،أي ما يح ّد الشيء أو المعنى(.)2
ّ باللغة اإلنجليزية ،إلى أصله الالتيني ومعناه
ومعجم " "Le petit Robertيعرف المصطلح على ّأنه « :مجموعة من المصطلحات التقنية
()3
فيعرفه على ّأنه « :كلمات
أما المعجم اإلنكليزي "ّ ،"Oxford
ممحظة لتقنية معينة أو علم معين» ّ .
معينة»( ،)4فهو يقترب من حيث اللفظ والمعنى من سابقه
خاصة أو تعبيرات تستعمل في موضوعات ّ
الفرنسي.
محدد ،وبمجال
والمتأمل في تعريفات المعجمات الغر ّبية يالحظ ّأنها ربطت المصطلح بمفهوم ّ
معين ،تميي از له من األلفاظ التي يتداولها الناس في اللغة العامة.
تقني ّ
علمي أو ّ
ّ
( )1الشاهد البوشيخي :مشروع المعجم التاريخي للمصطلحات العلمية ،ط .1مطبعة أنفو برانت ،فاس.2002 .
(2) Dictionnaire Hachette, le dictionnaire de notre temps. 1990, p:1488.
(3) Larousse, dictionnaire de français, 2010. P:419.
(4) Oxford LEARNER,S POCKET Dictionary, fourth edition. p: 458.
7
-1مدخل إلى علم المصطلح :المفهوم ،النشأة ،التطور ،المجال
كما نالحظ توافق بين المواضعة العر ّبية والمواضعة الغر ّبية للمصطلح ،في انتقال اللفظ من اللغة
أن ك ّل علم ينحت لنفسه من
العامة إلى اللغة الخاصة ،بحيث تضيق داللته ومجال استعماله ،ذلك « ّ
فإن
الجماعية ّ
ّ اللغة معجما خاصا ،واذا كانت األلفاظ المتداولة في رصيد اللغة صورة للمواضعة
يتحول إلى اصطالح داخل
المصطلح العلمي في سياق نفس النظام اللغوي يصبح مواضعة مضاعفة إذا ّ
االصطالح»(.)1
-1المفهوم
أحد المفاهيم الحديثة نسبيا في علوم اللغة الحديثة ،يسعى إلى تحديد معايير وضع المصطلحات
عرف بأنه « علم
العلمية الحديثة ،ودراسة تكوين المصطلحات ،ومدى تمثلها للبناء المعرفي ،لذلك ُي ّ
تعبر عنها»( .)2فيدرس الجانب
يبحث في العالقة بين المفاهيم العلمية والمصطلحات اللغوية ،التي ّ
العملي التي يعني المشتغل بالمصطلح حال وضع المصطلحات أو نقلها من لغة أخرى ،من جميع
مستواياتها :الصوتية (ظاهرة االقتراض) ،والتركيبية (االشتقاق والنحت والتركيب والتعبيرات
الصعوبات التي تعرقل العمل ،ويعمل على إيجاد الحل المناسب
االصطالحية) ،والداللية ،فينظر في ّ
مستهديا بالنظريات والمناهج المطروحة في هذا المجال(.)3
ويتنازع دراسة المصطلح علمان :علم المصطلح ويقابل المصطلح النظري "،"Terminologie
تعددت المحاوالت التي تسعى إلى تمييز
والمصطلحية ويقابل القسم التطبيقي " ."Terminographieوقد ّ
العلمين من بعضهما البعض ،منها ما جاءت به الندوة اللغوية األروبية( )1993 LSPالتي لخصت الفرق
8
-1مدخل إلى علم المصطلح :المفهوم ،النشأة ،التطور ،المجال
وعلى الرغم من هذا ،يجد المتصفح للكتب التي حاولت تعريف المصطلحية خلطا كبي ار واختالفا
يعدهما مترادفين ،ومن يترجم " "Terminologieمصطلحية،
ّبينا بين الترجمات والتسميات ،بين من ّ
و" "Terminographieعلم المصطلح ،والعكس بالعكس.
-2مجاالت الدراسة:
تتناول المصطلحية جوانب ثالثة متصلة من البحث العلمي والدراسة الموضوعية( ،)2وهي:
أ -تبحث المصطلحية في العالقات بين المفاهيم المتداخلة ( الجنس – النوع ،والكل -الجزء).
والتي تتثمل في صورة أنظمة المفاهيم التي تشكل األساس في وضع المصطلحات المصنفة التي تعبر
عنها في علم من العلوم.
ب -تبحث المصطلحية في المصطلحات اللغوية ،والعالقات القائمة بينها ،ووسائل وضعها،
وفروع علم األلفاظ أو المفردات ،وعلم تطور دالالت األلفاظ.
ج -تبحث المصطلحية في الطرائق العامة المؤدية إلى تكوين اللغة العلمية والتقنية بصرف
النظر عن التطبيقات العملية في لغة طبيعية بذاتها .وتصبح المصطلحية بذلك علماً مشتركاً بين علم
اللغة ،والمنطق والوجود ،واإلعالميات ،والموضوعات المتخصصة وكذلك علم المعرفة ،والتصنيف.
وهذه العلوم كلها تتناول التنظيم الشكلي للعالقة المعقدة بين المفهوم والمصطلح.
( )1صافية زفنكي :المناهج المصطلحية ،مشكالتها التطبيقية ونهج معالجتها ،ص.10
( )2علي القاسمي :مقدمة في علم المصطلح ،ص.19-18
9
-1مدخل إلى علم المصطلح :المفهوم ،النشأة ،التطور ،المجال
سارت المصطلحية بخطى متسارعة نظ ار للتطـور المتالحق والحـاجة الماسة إلـى التـواصل بيـن
العلماء النــاطقين بلغات مختــلفة ،ألجل التبادل العـلـمي والتـقني والتـجـاري للخـدمـات المعـرفيـة ...حتـى
صــارت علـم ـاً قائمـاً بـذاتــه لــه قواعده وخصـوصيـّاته.
وت ّشكلت (اللجنة التقنية للمصطلحات) ضمن االتّحاد العالمي لجمعيات المقاييس الوطنية
(ٍ ،)ISA
بطلب أكاديمية العلوم السوفياتية ،عام .1936حلّت محلها –بعد الحرب العالمية الثانية -لجنة
جديدة تسمى (اللجنة التقنية )37المتخصصة في وضع مبادئ المصطلحات وتنسيقها ،وهي تندرج
ضمن المنظمة العلمية للتوحيد المعياري ( )ISOالتي مقًّرها جنيف(.)2
فينا عام
وقد تسارع هذا التطور عندما تأســس مركز المعلومات الدولي للمصطلحات في ّ
( ،)1971بالتعاون بين الحكومة النمساوية واليونيسكو؛ حيث سعى إلى إيجاد ّحلول لمشكالت المصطلح
المنهجية ،من خالل عقده لعدة نشاطات عالمية :كانت أوالها ندوة حول التعاون الدولي في حـقل
فينا عام ( ،)1975والمؤتمــر األول لبنــوك المصطــلحات الدولي ــة الذي نظّـم كــذلك في
المصطلحات في ّ
فيينــا عام ( ،)1979وكان آخــرها الن ـ ــدوة التي نظّــمها بالتعاون مـع أكـاديميــة الع ـلــوم الســوفــياتية في
( )1ينظر محمد علي الزركان :الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث ،ص.458 -457
( )2في الفرنسية " ،"Organisation internationale de normalisationفي اإلنجليزية " International
."Organization for Standardization,
10
-1مدخل إلى علم المصطلح :المفهوم ،النشأة ،التطور ،المجال
موسكــو وباالش ـتـراك مع المنـظمة الـدوليــة لتوحيــد المصطلحات والمركز الدولي لتوثيق المصطلحات
والجمعية الدولية لعلم اللغة التطبيقي ومكتب تنسيق التعريب عام (ُ )1979ب ِح َ
ث خاللها الـمشكالت
النظريــة والمنهجيــة في عل ــم المصطلحات(.)1
-3مرحلـــة التشـعـــب ( :)1980-1975والتي لعبت فيها المصطلحية دواًر كبي ار في مسار تحديث
وعصرنة لغة المجتمع ،وذلك بظهور عدة مشاريع تهتم بهذا المجال.
-4مرحلة اآلفــــــــــاق الكــبـرى (منذ :)1985والتي ــشهدت ظهور توج ــهات جديدة ،فمن جهة كانت
تحولها ،ومن جهة ثانية أصبحت تحتِ إم ـرة المصطلحيين وسائل عمل
قمة ّ
الحاسوبيات في ّ
وموارد أحسن مالءمة لحاجياتهم ،كما بدأت تظهر صناعات اللغة ،وتبوأت المصطلحية فيها
جس ار أساسياً ،باإلضافة إلى خلق شبكات دولية تجمع مختلف البلدان ذات االهتمام بالمشاكل
المشتركة.
( )1ينظر محمد علي الزركان :الجهود اللغوية في المصطلح العلمي .ص .150 – 151
( )2ينظر :ماريا تيري از كابري :المصطلحية النظرية والمنهجية والتطبيقات .ص.1
11
آليات صناعة املصطلح
-2آليات صناعة المصطلح
أوالً :االشتقاق
االشتقاق آلية من اآلليات التي تستخدمها اللغة العربية في التنمية اللغوية والثراء بمفردات جديدة
تلبي مستجدات العصر ،فتسير على خطى ناموس الطبيعة وقانون الحياة ،وتتكاثر من داخلها ،وهو ما
ّ
الصلة(.)1
يجعل ألفاظها تنتظم في أسر وثيقة ّ
شق الشيء ،وأصله من َّ
الشق وهو نصف ال ّشيء ،أو جانب منه ،ومن واالشتقاق في اللغة من َّ
ِ
الجبل أي في ناحيته( ،)2و«اشتقاق قعد في ٍّ
شق من فرقهم ،وقالواَ : ثمة قالواَّ :
شق عصا المسلمين أي َّ
ال ّشيء :بنيانه من المرتَ َجل ،واشتقاق الكالم :األخ ُذ فيه يمينا وشماال ،واشتقاق الحرف من الحرف :أخذه
منه.)3(»...
( )1شحادة الخوري :دراسات في المصطلح والترجمة والتعريب ،المركـز العربـي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر – بدمشق.
.2015ج ،2ص.112
( )2ابن منظور ،لسان العرب :مجلد ،8ص.112
( )3ابن منظور ،لسان العرب :مجلد ،8ص.112
13
-2آليات صناعة المصطلح
حظي االشتقاق باهتمام علماء اللغة قديما وحديثا ،وهو ما جعل دراسته مترامية عبر العصور
مستمرة ،وما يجعل الدارس أمام نتاج علمي ضخم يصعب عليه االغتراف منه واالختيار .ومن دالئل
قسموه إلى أقسام ،منها:
وتعمقهم في جوانبه أن ّ
اهتمامهم به ّ
14
-2آليات صناعة المصطلح
الصغير (األصغر):
-1االشتقاق ّ
الصيغة مع تشابه بينهما في المعنى واتّفاق في الحروف
هو انتزاع كلمة من أخرى بتغيير ّ
األصلية وفي ترتيبها ،كاشتقاق ضارب ومضروب وتضارب ومضاربة من ضرب .يقول الشريف
ّ
ب من
ض َر َ
تناسب في الحروف والتركيب ،نحو َ
ٌ الجرجاني « :االشتقاق الصغير هو أن يكون بين اللفظين
َّ
الضرب»( .)1فيحافظ في هذا النوع على الحروف األصلية وترتيبها في جميع المشتقات ،مع ذلك التناسب
ألن إدراكه ال يحتاج إلى جهد وكثير فكر.
ويسمى كذلك األصغر؛ ّ
في المعنىُ .
15
-2آليات صناعة المصطلح
هو أخذ كلمة من أخرى بتغيير بعض أحرفها مع تشابه بينهما في المعنى واتّفاق في األحرف
المغيرة ،أو صفاتها ،أو فيهما معا ،ويقابل هذا ما ُيعرف باإلبدال اللغوي،
ّ الثابتة ،وفي مخارج األحرف
الرجس(.)1
الرجز و ّ
كثلب وثلم ،وجثا وجذا ،و ّ
ويحافظ فيه على التناسب بين اللفظين في المعنى والمخرج ،واختالف في بعض الحروف ،التي
"الرجز"
تكون من ذات المخرج أو قريبة منه ،مثل" :عنوان" و"علوان"" ،ثلب" و"ثلم"" ،جثا" و"جذا"ّ ،
و"الرجس".
ّ
(الصغير) ،هو أكثر أنواع االشتقاق إثراء للغة
ّ النوع األول من االشتقاق
أن ّيتّفق العلماء على ّ
مدها بمصطلحات للمفاهيم المستجدة في ميدان العلوم المختلفة ،واالعتماد فيه
ثمة ّ
بمفردات جديدة ،ومن ّ
الصيغ المعيارية الذي يقبل للقياس عليه ،فإذا كان األوائل استخدموا صيغا من المادة
الكم من ّ
على ذلك ّ
المعجمية الواحدة ،فكثير من صيغ المادة ذاتها لم يستخدم ،ويمكن لالحق االشتقاق قياسا وسماعا
بالتوسع في المعنى األصلي مبالغة ،ومطاوعة،
ّ للحصول على مصطلحات منتزعة من مادة عربية،
وتعدية ،وطلبا...
ثانيا :المجاز
الشيء
َ "جاز
المجاز آلية من آليات وضع المصطلحات ،عرفته العرب منذ القديم ،فهو « من َ
بأنه "مجاز" ،على معنى ّأنهم جازوا
صف ّ تعداه .واذا عدل باللفظ عما يوجبه أصل اللغة ،و ِ
َي ُجوزه" ،إذا َّ
ُ ُ
األصلي ،أو جاز هو مكانه الذي ُوضع فيه َّأوال»( .)2وهو ك ّل لفظ أريد به غير ما وضع له
َّ موضعه
َ به
في وضعه األول ،لرابط؛ لذلك يشترط في اللفظ شرطان كي يسمى مجازا « :أولهما أن يكون منقوال عن
يتميز عن اللفظ المشترك ،والثاني أن يكون ذلك النقل لمناسبة بينهما
معنى وضع اللفظ بإزائه أوال وبهذا ّ
16
-2آليات صناعة المصطلح
وعالقة»(.)1
المجاز يم ّكن العالم -باستخدام هذه اآللية -من نقل الكلمة من المعنى اللغوي إلى معنى علمي،
وهو ما فعله العلماء األولون حين عمدوا إلى وضع المصطلحات على شاكلة "الرفع" و"النصب" و"الجر"
و"الهمز"؛ فالمتأمل في األلفاظ االصطالحية المتداولة في مختلف العلوم العربية اإلسالمية يجدها ألفاظا
قديمة ُو ِسعت مجاالتُها الداللية عن طريق المجاز ،وهو ما يؤدي بالضرورة إلى إمكانية استخدام
المرة الواحدة
متعددة؛ على نحو ما نجده في كلمة "الرجعة" التي تعني ّ
المصطلح الواحد في تخصصات ّ
الرجوع في الطالق الذي ليس ببائن ،وفي علم الكالم هي رجوع اإلمام بعد
الرجوع ،وفي الفقه هي ّ
من ّ
موته أو غيبته ،وفي التنجيم تعني سير الكواكب ،فاللفظ "الرجعة" تجاوز معناه األصلي إلى غيره بقرينة
مباشرة أو غير مباشرة تدل على ذلك.
-أهميته:
التردد والحيرة
-لفظ "الشك" كان يد ّل على الوخز بشيء دقيق يؤلم الجسم ،ونقل إلى الداللة على ّ
( )1فخر الدين الرازي :نهاية اإليجاز في دراية اإلعجاز في علوم البالغة وبيان إعجاز القرآن الكريم ،مطبعة اآلداب والمؤبد،
القاهرة .مصر1317 .هـ .ص.47
17
-2آليات صناعة المصطلح
الرحة.
النفس والعقل ،برابط األلم وعدم ّا
وعدم اليقين مما يؤلم ّ
-لفظ "اإلبهام" كان يد ّل على الظّالم الكثيف الذي ال يمكن تمييز األشياء فيه ،ونقل إلى الداللة
على الغموض واشتباه المقصود ،برابط صعوبة الرؤية بالبصر والبصيرة.
ولما جاء اإلسالم أثرى اللغة العربية بنقل الكثير من األلفاظ من داللتها التي ألِفَها ّ
الناس إلى
دالالت إسالمية خالصة ،مثل :اإلسالم ،والقرآن ،واإليمان ،والجهاد ،والحق ،والباطل ،والصوم ،والركوع،
والصراط ،والطهارة ،والقنوت ،والعرش ...واستغل العلماء العرب المسلمون هذه اآللية في توفير األلفاظ
الصرف واإلعراب
النحو و ّ
الدالة على المفاهيم المستحدثة في العلوم التي ظهرت في عصورهم ،مثلّ :
والعلوم الشرعية والحضارية.)1(...
لكن المجاز -اليوم -غدا قليل الجدوى في ميدان صناعة المصطلح ،من حيث اعتماده على
ويصعب أن تتقاطع األذواق واللغة العربية ثرية باأللفاظ المترادفة ،ومن
ُ االرتجال الذي ينبني على ال ّذوق،
()2
في عصر يشهد تدفّقا كبي ار في المتعددة
ّ الرد لالستقرار على لفظ من األلفاظ
مدة األخذ و ّ
حيث ّ
سدا لكل باب من شأنه
أن المصطلحية تجنح إلى المعيارية وتعتمد على االتفاق ّ
المفاهيم ،ضف إلى ذلك ّ
التعدد الذي يؤدي بدوره إلى الفوضى المصطلحية والغموض .ومن زاوية أخرى فإ ّن المجاز
أن يؤدي إلى ّ
يخص إيجاد ألفاظ جديدة لمفاهيم جديدة مستحدثة.
ّ يختص بنقل ألفاظ موجودة وضعت لمعان ،وال
ّ
ثالثا :النحت
-1المفهوم:
النحت آلية من آليات صناعة المصطلح ،عرفته العرب منذ القدم ،ونال حظوة عند علماء اللغة
ّ
( )1ينظر :مصطفى الحيادرة :من قضايا المصطلح اللغوي العربي (الكتاب األول) ،ص.72
مدة
( )2اعتمدت كلمة «هاتف» عوضا من الكلمة المعربة «تليفون» ،لكنهما ما زاال يسيران على األلسن جنبا إلى جنب منذ ّ
تقارب الخمسين سنة أو تزيد.
18
-2آليات صناعة المصطلح
من أمثال الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب "العين" ،وابن السكيت في "إصالح المنطق" ،والجوهري
في "الصحاح" والثعالبي في "فقه اللغة".
حت
الن ُ شر والقشر ،و ّالن ُ
حت ّ الن ُ
النحت في اللغة األخذ والتّنقيص والتّقليل ،جاء في لسان العربّ : وّ
ونحت الجب َل ين ِحتُه:
َ وين َحتُهَا نحتا فانتَ َحتَت... ِ
النجار الخشب :نحت الخشبة ونحوها َينحتُهَا َ نحت ّ
ُ
صه ،و َأرقَّه على التَّشبِيه( .)1وفي محيط المحيط « :نحت القلم اإلنسانَ :نقَ َ
َ البعير و
َ ت السَّفَ ُر
ون َح َ
ط َعهَ ...
قَ َ
السفر البعي َر صاحبه أنضاهُ»(.)2
ُ والعود ..براه .والحجر سواه وأصلحه .والخشبة نجرها .ونحت
النحيتة التي
النحت قد يأخذ سبال أخرى في المعنى غير االنتقاص والتقليل ،ومن ذلك ّ
ولكن ّ
تعني طبيعة اإلنسان التي بني عليها ،وقد خلق اهلل اإلنسان في أحسن تقويم ،ومنه أيضا قوله تعالى:
ون ال ِج َبا َل ُبُيوتا﴾( .)3وفي ذلك داللة على تمام ِ ض تَتَّ ِخ ُذ ِ
﴿وَب َّوأَ ُكم ِفي األَر ِ
ور َوتَنحتُ َ
ص اون من ُسهُولِهَا قُ ُ
َ َ
الصنع ودقته ،يقول ابن فارس « :نحت كلمة تدل على نج ِر شيء وتسويته بحديدة ...وانحيتة :الطبيعة،
يريدون الحالة التي ينحت عليها اإلنسان ،كالغريزة التي غرز عليها اإلنسان»( .)4وفي هذا إشارة إلى ما
النحت من هندسة وتنسيق وتسوية.
في ّ
وفي االصطالح هو « :انتزاع كلمة من كلمتين أو أكثر على أن يكون تناسب في اللفظ والمعنى
بين المنحوت والمنحوت منه»(.)5
19
-2آليات صناعة المصطلح
قسي
النسب إلى عبد شمس ،ومر ّ عبشمي في ّ
ّ النسب على هذا األساس ،وقالوا:
كلمة واحدة وعاملوها في ّ
النسب إلى امرئ القيس .وتبعهم المحدثون في ذلك فقالوا" :البرمائي" من "البر والماء" ،و"القروسطي"
في ّ
من القرون الوسطى ،و"الزمكان" من الزمان والمكان...
ج -النحت الوصفي :انتزاع صفة من كلمتين لتدل على معناهما ،كما فيِ ” :
صل َدم“ وهو شديد
"الصقعب" من الحافر المنحوتة من ”الصلد“ ”الصدم“ ِ ،
و"ض َبطر" من ضبط وضبر وهو للرجل الشديد،
ّ ّ
الصعب.
الصقب و ّ
المنحوتة من ّ
د -ال ّنحت االسمي :انتزاع اسم من كلمتين ،كما في” :جلمود“ المنحوتة من جلد وجمد ومثل
وقر ،وعقابيل من ُعقبى وعلّة.
للب َرد المنحوتة من حب ّ
” َحبقَر“ َ
20
-2آليات صناعة المصطلح
[ -كلمة عربية +كلمة أجنبية] :كما في "كهرومغناطيسي" المنحوتة من كهرباء التي عرفتها
العربية قبل النهضة ،ومغناطيسي المقترضة ،جمالوجيا في " "estheticsوفكرولوجيا في "."ideology
[ -حرف أو ظرف +كلمة عربية] :هذه صورة للنحت شاعت في العصر الحديث ،تتخذ شكل
تركيب مزجي باإللصاق ،مثل :ال مركزية ،وال إرادي ،وال سلكي ،وال أخالقي ،وال شعوري ،أو مثل :فوق
سمعي ،وفوق بنفسجي ،وفوق صوتي ،وفوق إشباعي ،وفوق مجهري ،تحت الحمراء ،وما ورائي...
-4طريقة النحت:
-عدم التقيد بأخذ الكلمة المنحوتة من جميع كلمات الجملة المنحوت منها .كما في ”هيلل“ منحوتة من
جملة (ال إله إال اهلل).
-عدم التقيد بأخذ عدد من الحروف من كل كلمة؛ ففي حين أخذت كلمة ” َمشأ َل“ حرفا واحدا من كل
كلمة من جملة (ما شاء اهلل) نجد أن كلمة ” َحسب َل“ أخذت ثالثة حروف من الكلمة األولى وحرفا
واحدا من الكلمة الثانية من جملة (حسبي اهلل) .أما كلمة ”مشكن“ فلم تأخذ أي حرف في لفظ
الجاللة في جملة (ما شاء اهلل كان).
-عدم التقيد بترتيب الحروف األصلية للجملة المنحوت منها مثل ”طبلق“ المأخوذة من جملة (أطال اهلل
بقاءك).
-عدم االلتزام بالحركات والسكنات األصلية مثل “ َسب َح َل“ المنحوتة من (سبحان اهلل).
21
-2آليات صناعة المصطلح
-منهم من يق ّره كآلية من آليات صناعة المصطلح ،ويؤكد على وجود هذه الظاهرة في التراث
يمد اللغة العربية بعدد
العربي ،ويتّخذ من األمثلة التي ساقها العلماء شاهدا على ذلك ،و ّأنه بإمكانه أن ّ
من المصطلحات العلمية ،خاصة في صورته اإللصاقية.
أن النحت –وان ُوجد فيأن اللغة العربية اشتقاقية بطبعها ،و ّ
يقره ،بدعوى ّ
-ومنهم من ال ّ
أن
مر تاريخها الطويل ،كما ّ
مد اللغة العربية بالثروة اللغوية على ّ
التراث -أمثلته قليلة ودوره يسير في ّ
المنحوت يطمس معنى المنحوت منه ،ويبقى تخريج المنحوت منه إال ضربا من التّخمين والتأويل البعيد
واالجتهاد الذي ال يالقي القبول دائما(.)1
الضرورة العلمية
النحت عندما تلجئ ّ
وكان قرار المجامع اللغوية في الوطن العربي أن أجازت ّ
بأن النحت « ظاهرة لغوية احتاجت إليها اللغة
نص عليه مجمع اللغة العربية بالقاهرةّ :
إليه ،من ذلك ما ّ
العربية قديما وحديثا ،ولم يلتزم فيه األخذ من ك ّل الكلمات ،وال موافقة الحركات والسكنات ،وقد وردت من
هذا النوع كثرة تجيز قياسه ،ومن ثم يجوز أن ينحت من كلمتين أو أكثر اسم أو فعل عند الحاجة ،على
أن يراعي ما أمكن استخدام األصلي من الحروف دون الزوائد ،فإن كان المنحوت اسما اشترط أن يكون
النسب ،وان كان فعال كان وزن (فَعلَ َل) أو (تَفَعلَ َل) إال إذا
على وزن عربي ،والوصف منه بإضافة ياء ّ
لضرورة غير ذلك ،وذلك جريا على ما ورد من الكلمات المنحوتة»(.)2
اقتضت ا ّ
22
-2آليات صناعة المصطلح
مكتب تنسيق التعريب ( في الفيزياء والنفط والطب) ال يوجد سوى ثالثة عشر ( )13مصطلحا وضعت
بواسطة النحت(.)1
( )1جامعة الدول العربية ،المكتب الدائم للتنسيق والتعريب في الوطن العربي :مجلة اللسان العربي ،الرباط .العدد.19
( )2األمير مصطفى الشهابي :المصطلح العلمي في اللغة العربية في القديم والحديث ،ص.112-111
23
-2آليات صناعة المصطلح
رابعا :الترجمة
النقل .وفي
والترجمة في المعاجم اللغوية العربية يراد بها جملة معان منها :التّفسير ،واإليضاح ،و ّ
المفسر ،وقد ترجمه وترجم عنه»(.)1
ّ ذلك قال ابن منظور « :الترجمان:
-1داللة كلمة ترجم :تحمل مادة ترجم اللغوية داللة معجمية ودالالت سياقية متعددة.
• ترجم :نقل نصا من لغة إلى لغة أخرى مغايرة :ترجم نصا إلى الفرنسية ،وترجم برقية هاتفية
ك رموزها ونقلها كلمة كلمة.
السلكية :ف ّ
السير والتّراجم.
• وترجم حياة األديب :كتب سيرته وتاريخ حياته ،ومنه فن ّ
• وترجمة ذاتية :كتب سيرة حياته بنفسه.
24
-2آليات صناعة المصطلح
وأما اصطالحا فإن التعاريف االصطالحية ِاتفقت :أن كلمة ترجمة تدل على نقل األلفاظ
والمعاني واألساليب من لغة إلى أخرى مع المحافظة على التكافؤ ومن دون اإلخالل بالمعنى(.)1
( )1جورج مونان :علم اللغة والترجمة ،ترجمة أحمد زكريا إبراهيم،المجلس األعلى للثقافة ،القاهرة ،مصر2002 .م .ص.10
( )2المرجع نفسه.
25
-2آليات صناعة المصطلح
تفطن العلماء القدامى إلى أهمية نقل ذخائر األمم األخرى إلى العربية ،فاقتحموا مجاالت العلوم
وأثبتوا أن اللغة العربية باستطاعتها أن تتبنى المصطلحات العلمية في الفلسفة والطب ،والفلك ،والفيزياء،
والرياضيات ،والكيمياء ،والزراعة ،والصناعة ...وغيرها من العلوم.
وعرفت الحضارة العربية اإلسالمية حركة علمية رائدة ،فلقد أدخل المترجمون النصوص العلمية
إلى العربية ،ودمجوا المصطلحات في جملة ألفاظها؛ فاتسعت معاجمها وغدت هذه المصطلحات صالحة
للتعبير عن العلوم إجماال.
ومن العلماء الذين برزوا في ترجمة المصطلحات األجنبية إلى العربية نذكر حنين بن
كثير بمنطق أرسطو وترجم
ا هتم ِ ِ
إسحاق(ت264هـ) الذي أُثر عنه مؤلفات علمية وفلسفية هامة ،فقد ا ّ
نظر إلتقانه اليونانية والسريانية ،وقد تعددت لديه المصطلحات فكان يدقق في المصطلح حتى
غالبيته ،ا
يهتدي إلى إيجاد ما يقابله باللغة العربية.
من المصطلحات الفلسفية التي ترجمت إلى اللغة العربية :األزل -األبد -القديم -الحديث-
العلّة -الوجود -العدم -الصورة -المعلوم.
انصرف العلماء المحدثون إلى ترجمة مصادر العلم ومراجعه في مختلف التخصصات ،وقد سعى
كل مترجم إلى وضع تعابير وألفاظ تروق له وقد ال تروق لغيره ،وأدى هذا إلى فوضى الترجمة في العديد
من القضايا التي تهم ميدان المصطلح ،وبات ضروريا وضع شروط صحيحة عامة متفق عليها بين
المنصبة ،على غرار ما
ّ العواصم العربية في ترجمة المصطلح ،وأن يوكل األمر إلى المؤسسات العلمية
يقوم به مكتب تنسيق التعريب بالرباط التابع للجامعة العربية ،أو المجامع اللغوية العربية.
26
-2آليات صناعة المصطلح
-5أنواع الترجمة:
اعتمد الفيلسوف المغربي "طه عبد الرحمن" تقسيما للترجمة يتلخص في ثالثة أنواع(:)1
أ -الترجمة التحصيلية( :وتسمى النقل أو الترجمة الحرفية) ،يعطي المترجم األولوية
لالعتبارات اللغوية ،فينشغل بالمطابقة بين اللغتين المنقول منها والمنقول إليها من حيث المعجم أو من
حيث التراكيب ،وتستعمل في النصوص النفعية والعلمية.
ب -الترجمة التوصيلية( :وتسمى الترجمة التقريبية) ،يسعى المترجم إلى إيجاد المعاني التي
تقرب النص األصل إلى النص الهدف ،فيلجأ إلى إجراء تغييرات شكلية مستعينا بمختلف الوسائل
كالتكييف واالقتباس .كما يطلق على هذا النوع من الترجمة أيضا "الترجمة غير المباشرة" ،فيتحرر
المترجم -أثناء عمله -من كلمات النص األصلي وتراكيبه ،ويعمل على نقل المضامين الفكرية للنص
المصدر إلى الهدف.
ج -الترجمة التأصيلية( :وتسمى الترجمة التأسيسية) ،فال يكفي في هذا النوع من
الترجمة أن يتوفر المترجم على الكفاءة اللغوية التي تنهض على نقل األلفاظ ،كما في الترجمة
التحصيلية ،وال على معرفة المضامين كما في الترجمة التوصيلية ،وانما يشترط عليه إدراك المقاصد
بحيث يستطيع التفاعل مع النص المترجم والتحاور معه في إطار المجال التواصلي للمتلقي ،فينتج عنه
إدماج النص المترجم في البيئة المعرفية واللغوية والثقافية المتلقية.
وينكب انشغال المترجم في الطريقة التحصيلية على القضايا اللغوية للنص ،أما في الطريقة
التوصيلية ،فعلى الجوانب االستشكالية والبناء االستداللي للنص ،وفي الطريقة التأصيلية على التصرف
في المضامين المنقولة لتناسب الثقافة المتلقية.
27
-2آليات صناعة المصطلح
شهد القرن التاسع عشر موجة من التطورات مست مختلف المعارف اإلنسانية
والتكنولوجية ،مما أدى إلى ظهور مفاهيم علمية حديثة تم التعبير عنها بمصطلحات جديدة،
وما لوحظ أن هناك غيابا لالنسجام بين هذه المفاهيم المتنامية والمصطلحات المعبرة عنها .فأفرزت هذه
الظاهرة وضعا يتسم بالنقص الكبير في هذه المصطلحات ،والسيما في الدول العربية لكونها دوال مستهلكة
وليست منتجة .ومن األسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة:
* التطور السريع للعلوم والتكنولوجية المصحوب ببطء حركة التعريب في الوطن العربي.
* تخوف بعض األساتذة من التدريس بالعربية ،ألن ذلك يحتاج إلى جهد كبير.
* تفضيل بعض الباحثين النشر باللغة األجنبية ،وذلك ألن قراءها أكثر بالنسبة للناشر
()1
باللغة العربية.
وهذا ما يجعل األمر عسي ار على المعرب والمترجم على حد سواء ،وبالتالي سيؤثر سلبا
في عملية الترجمة ،ألن المترجم يبقى عاج از عن إيجاد المقابل للمصطلح األجنبي على الرغم من
كون الفكرة المراد التعبير عنها واضحة في ذهنه .وال يعود السبب األساسي لهذا الوضع إلى
ضعف اللغة العربية أو عجزها على التعبير عن حاجات المجتمع ومتطلباته إزاء اللغة األجنبية ،أو عدم
قدرتها على استيعاب كل هذه المفاهيم الجديدة ،ولكن يعود إلى اللغويين الذين تقع مسؤولية النجاح أو
اإلخفاق على عاتقهم .وهذا ما سيؤدي إلى ظهور مشكلة المصطلحات .كما يعود السبب أيضا إلى
( )1خضر بن عليان القرشي :تعريب العلوم ووضع المصطلحات ،مجلة اللسان العربي ،عدد .1983 ،22ص .144
28
-2آليات صناعة المصطلح
غياب استراتيجية واضحة أو عدم إتباع منهج واضح لوضع المصطلح المالئم ،وهذا ما يؤدي إلى
عشوائية انتقاء المصطلح واستعماله.
وهناك إشكال آخر يواجهه المترجم أثناء الترجمة ،وهو اختالف ترجمة المصطلح الواحد في عدة
معاجم ،فال يوجد إجماع على المصطلح المترجم ،بل يبقى مجرد اقتراح فردي يضعه كل مؤلف لمعجم
معين .أضف إلى ذلك غياب مؤسسات وطنية للترجمة عموما والمصطلح خصوصا ذات استراتيجيات
وأهداف واضحة.
ويمكن حصر اإلشكاليات اللغوية التي يواجهها المترجم في وضع المصطلح المالئم في النقاط
اآلتية(:)1
عدم المكافأة بين الرصيد المعرفي لأللفاظ المترجمة وبين الرصيد اللغوي ،ونقصد بهذا عدم
وجود ألفاظ عربية كافية تقابل الفيض الهائل من المصطلحات االختصاصية المتزايدة.
تغير مدلول المصطلح بتغير الزمن ،ولهذا يجب على المترجم أن يمتلك ثقافة واسعة لإلحاطة
بهذا المصطلح.
ويجدر اإلشارة إلى أن البلدان العربية تميزت بحركة ترجمية محدودة في الوقت الراهن ،قلّما تلقى
فيها إجماعا حول المصطلحات العلمية على نحو ما نراه في ترجمة المصطلح اللساني.
( )1سعيدة عمارة كحيل :دراسات الترجمة ،دار المجدالوي للنشر والتوزيع ،األردن .2011 .ص.36
29
-2آليات صناعة المصطلح
خامسا :التعريب
-1المفهوم:
التعريب في مدلوله االصطالحي يدخل ضمن ظاهرة لغوية عالمية يطلق عليها "االقتراض
كثير من
ا اللّغوي" ()emprunt؛ فاللغة العربية اقترضت الكثير من الكلمات غير العربية ،وأقرضت
مفرداتها إلى اللّغات األخرى ،وهو دأب اللغات عبر التاريخ في تطورها وتعايشها؛ تستقطب المفاهيم
الجديدة وتسوعب المستحدثات .ولم تسلم لغة من لغات العالم من هذه الظاهرة ،واذا مثلنا للغات العالمية
تضم سبع مائة ( )700كلمة ذات أصول عربية ،واللغة األولى على
ّ أن اللغة الفرنسية
اليوم ،نجد ّ
تضم ألف ( )1000كلمة ذات أصل عربي(.)1
الصعيد العالمي ،اإلنجليزية ّ
ّ
عرفه حسن ظاظا بقوله« :هو لفظ استعاره العرب الخلص في عصر
وفي العصر الحديث ّ
أمة أخرى واستعملوه في لسانهم»( .)4وحاول مجمع اللغة العربية أن يجمع مفهوم
االحتجاج باللغة من ّ
المعرب بالقول «ك ّل ما استعمل في اللغة العربية من ألفاظ سواء ألحقت بأبنية عربية أم لم تلحق»()،
لكن هذا يجمع بين المعرب والدخيل الذين يفق بينهما المحدثون؛ إذ يرون أن الدخيل ما أخذته اللغة
العربية من غيرها من اللغات بعد عصر االحتجاج ،وؤتى بالكلمة كما هي أو بتغيير طفيف في
30
-2آليات صناعة المصطلح
-المعرب ما أدخل عليه تغيير ليلحق باألبنية العربية ،والدخيل ما حافظ على بنيته الغريبة في
اللغى العربية.
-المعرب ما استعمله العرب الخلص في عصر االحتجاج ،والدخيل ما جاء بعد ذلك.
وقد عرفت العربية هذه الظاهرة عبر تاريخها الطويل؛ فالشعر الذي قيل في العصر الجاهلي فيه
من ألفاظ األقوام والحضارات التي اتّصل بها العرب من روم وفرس وحبش وأنباط وهنود ...وغيرهم.
()2
عجت أشعار العصر األموي،
فاأللفاظ مثل :السجنجل ،الزئبق ،األرندج ...هي ألفاظ معربة .كما ّ
والعباسي خصوصا بالمعرب من األلفاظ ،حينما تعاطى الشعراء مع ألفاظ الحضارة بالعيش في القصور
النحل ،ولم يجد العلماء أي حرج في إدخال المصطلحات العلمية إلى اللغة العربية لما
واختالط الملل و ّ
كانوا بصدد ترجمة الكتب العلمية من اليونانية والسريالية والهندية...
يتمسك
ويمكن أن نشير إلى الجدل الذي دار حول وجود المعرب من األلفاظ في القرآن الكريم ،إذ ّ
فريق من العلماء بعربية األلفاظ التي وردت في القرآن الكريم سندهم في ذلك اآليات من قوله تعالى﴿ :إنا
عز وج ّل ﴿قرآنا َع َربيا غير ذي عوج لَ َعلَهم َيتَقُون﴾
أنزلناه قرآنا عربيا لَ َعلَكم تَعقلُون﴾[يوسف ،]2/وقوله ّ
إن األلفاظ من مثل :سجيل ،مشكاة ،أباريق ،استبرق ،قسورة ،فردوس ...ليست
[الزمر ،]28/وفريق قال ّ
بالصحابة من األعاجم في فهم بعض هذه األلفاظ.
ّ من اللسان العربي ،وكانوا يستعينون
( )1حسن ظاظ :كالم العرب –من قضايا اللغة العربية ،ص.268
( )2مجلة اللسان العربي ،العدد ،39ص.38
( )3مجلة اللسان العربي ،العدد ،39ص.39
31
-2آليات صناعة المصطلح
صار التعريب اليوم أداة فعالة في ِاستقبال مسميات المخترعات واالبتكارات الجديدة على اختالف
حقولها وتخصُّصاتها ،وال يمكن االستغناء عنه إطالقا ،وال غنى عنه لتيسير األداء العلمي العربي والعمل
على توحيده ،وال ينبغي أن نستهجنه ويخطئ من يعتقد أنه ال يالئم الذوق العربي ،فاأللفاظ عندما تعرب
وتُتداول ِباستمرار تستقيم على اللّسان العربي وتشيع على األلسنة وتصبح جزء من المتن األصيل للغة،
بل وتشتق منها األفعال ،فقد ِاشتق القدماء من الديباجَّ ،
دبج والديباجة والتدبيج واشتق المحدثون من
مبستر :بستر وبسترة ،ومن الرسكلة :رسكل ُيرسكل رسكلة ،ومن الفبركة :فبرك يفبرك ،ومن الكهرباء:
مكن َن ،المكننة ،ومن
ومتلفز ،ومن الميكانيكَ :
ٌ كهرب يكهرب كهربأة ،ومن التلفزيون :تلفَ َز وتلفزة،
البالستيك نقول البالستيكية ،ومن المازوت نقول محرك مازوتي.
عند تعريب األلفاظ األجنبية ،ينبغي مراعاة بعض القواعد التي وضعتها المجامع العربية
وتضمنتها توصيات ندوة توحيد منهجيات وضع المصطلح ،وأهم هذه التوصيات(:)1
أ -ترجيح ما سهل نطقه في رسم األلفاظ المعربة عند اختالف نطقها في اللغات األجنبية ،فإذا
()2
نختار النطق األول ُوجدت طريقتان لنطق الكلمة الواحدة باللغة االنجليزية ،مثال ”تُليب“ و“تيوليب“
ألنه أيسر.
ب -التغيير في شكله حتى يصبح موافقا للصيغة العربية ومستساغا .وقد يشمل هذا التغيير
أصوات الكلمة أو صيغها أو كليهما ،ومن أمثلة ذلك :كلمة “فيلوسوفيا“ اليونانية التي ُعربت بلفظ
”فلسفة“ على وزن ”فعللة“.
32
-2آليات صناعة المصطلح
ج -اعتبار المصطلح عربيا يخضع لقواعد اللغة ،ويجوز فيه االشتقاق والنحت ،وتسخدم فيه
أدوات البدء واإللحاق مع موافقته للصيغة العربية .ومن أمثلة ذلك الكلمة المقترضة ”تلفون“ التي اشتق
منها على وزن ”فعلل“ :تَلفَ َن يتلفن تلفنة.
بعد استقراء االستعمال اللغوي الحديث للفظ التعريب وجدنا لهذه الكلمة أربع دالالت رئيسة
نجملها فيما يأتي مرتبة من الخاص إلى العام:
أ -التعريب هو نقل الكلمة األجنبية ومعناها إلى اللغة العربية كما هو دون تغيير فيها أو مع
إج ارء تغير وتعديل لينسجم نطقها مع النظامين الصوتي والصرفي للغة العربية لتتفق مع الذوق العام
للسامعين ،ولتيسير االشتقاق منها .وعند نقل اللفظ األجنبي كما هو إلى اللغة العربية يسمى دخيال،
وعند تغييره يسمى معربا .ويطلق على هذه العملية برمتها االقتراض اللغوي أو االستعارة اللغوية.
ب -التعريب هو نقل معنى اللفظ األجنبي وهذا االستعمال يسمى حقيقة ترجمة وليس تعريبا.
ج -التعريب هو استخدام اللغة العربية لغة لإلدارة أو التدريس أو لكليهما .وقد استخدم لفظ
التعريب بهذا المعنى مع إقدام الدول األوربية وخاصة بريطانيا وفرنسا وايطاليا على استعمار البالد
العربية أو فرض الحماية والوصاية عليها .وقامت هذه األقطار بفرض لغاتها في التدريس واإلدارة.
وعندها بدأت المطالبة بإحالل اللغة العربية محل اللغات األجنبية في المجالين المذكورين .وهكذا
يصبح التعريب بهذا المعنى اختيا ار أساسيا وحضاريا.
33
-2آليات صناعة المصطلح
د -التعريب هو اتخاذ قطر بأكمله اللغة العربية لغة حضارية له أي تصبح لغة التخاطب والكتابة
السائدة فيه ،وتمثل الثقافة العربية اإلسالمية .
وفي حقيقة األمر استخدم التعريب بهذا المعنى في صدر اإلسالم إبان الفتوحات اإلسالمية،
والتعريب بهذا المعنى عملية تمت نتيجة لتظافر عوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية
34
-2آليات صناعة المصطلح
ملحق
المبادئ األساسية في منهجية وضع واختيار المصطلحات العلمية التي أقرتها ندوة توحيد
منهجيات وضع المصطلحات العلمية الجديدة:
-1ضرورة وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة بين مدلول المصطلح اللغوي ومدلولـه االصطالحي ،وال
يشترط في المصطلح أن يستوعب كل معناه العلمي.
-2وضع مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد ،ذي المضمون الواحد ،في الحقل الواحد.
-3تجنب تعدد الدالالت للمصطلح الواحد في الحقل الواحد ،وتفضيل اللفظ المختص على اللفظ
المشترك.
-4استقراء واحياء التراث العربي ،وخاصة ما استعمل منه أو ما استقر منه من مصطلحات علمية
عربية صالحة لالستعمال الحديث ،وما ورد فيه من ألفاظ معربة.
-5مسايرة المنهج الدولي في اختيار المصطلحات العلمية:
أ -مراعاة التقريب بين المصطلحات العربية والعالمية لتسهيل المقابلة بينهما للمشتغلين بالعلم
ودارسيه.
()1
لتصنيف المصطلحات حسب حقولها وفروعها . ب -اعتماد التصنيف العشري الدولي
ت -تقسيم المفاهيم واستكمالها وتحديدها وتعريفها وترتيبها حسب كل حقل .
ث -اشتراك المختصين المنتجين والمستهلكين في وضع المصطلحات .
ج -مواصلة البحوث والدراسات ليتيسر االتصال على الدوام بين واضعي المصطلحات ومستعمليها .
-6استخدام الوسائل اللغوية في توليد المصطلحات العلمية الجديدة باألفضلية طبقا للترتيب التالي:
التراث ،فالتوليد (بما فيه من مجاز ،واشتقاق ،وتعريب ،ونحت).
-7تفضيل الكلمات العربية الفصيحة المتواترة على الكلمات المعربة .
1تصنيف ديوي العشري :وضع هذا النظام األمريكي (ملفل ديوي) وهو أول نظام تصنيف من نظم تصنيف المكتبات بالمعنى
الحديث وأكثرها شهرة في نفس الوقت.
35
-2آليات صناعة المصطلح
-8تجنب الكلمات العامية إال عند االقتضاء ،بشرط أن تكون مشتركة بين لهجات عربية عديدة ،وأن
يشار إلى عاميتها بأن توضع بين قوسين مثال .
-9تفضيل الصيغة الجزلة الواضحة ،وتجنب النافر والمحظور من األلفاظ .
-10تفضيل الكلمة التي تسمح باالشتقاق على الكلمة التي ال تسمح به .
-11تفضيل الكلمة المفردة؛ ألنها تساعد على تسهيل االشتقاق ،والنسبة ،واإلضافة ،والتثنية ،والجمع .
-12تفضيل الكلمة الدقيقة على الكلمة العامة أو المبهمة ،ومراعاة اتفاق المصطلح العربي مع المدلول
العلمي للمصطلح األجنبي ،دون تقيد بالداللة اللفظية للمصطلح األجنبي .
-13في حالة المترادفات ،أو القريبة من الترادف ،تفضل اللفظة التي يوحي جذرها بالمفهوم األصلي
بصفة أوضح .
-14تفضل الكلمة الشائعة على الكلمة النادرة أو الغريبة إال إذا التبس معنى المصطلح العلمي بالمعنى
الشائع المتداول لتلك الكلمة .
-15عند وجود ألفاظ مترادفة في مدلولها ،ينبغي تحديد الداللة العلمية الدقيقة لكل واحد منها ،وانتقاء
اللفظ العلمي الذي يقابلها .ويحسن عند انتقاء مصطلحات من هذا النوع أن تجمع كل األلفاظ ذات
المعاني القريبة أو المتشابهة الداللة وتعالج كلها كمجموعة واحدة .
-16مراعاة ما اتفق المختصون على استعماله من مصطلحات ودالالت علمية خاصة بهم ،معربة
كانت أو مترجمة .
-17التعريب عند الحاجة ،وخاصة المصطلحات ذات الصيغة العالمية ،كاأللفاظ ذات األصل اليوناني
أو الالتيني أو أسماء العلماء المستعملة مصطلحات ،أو العناصر والمركبات الكيماوية .
-18عند تعريب األلفاظ األجنبية يراعى ما يأتي :
أ -ترجيح ما سهل نطقه في رسم األلفاظ المعربة عند اختالف نطقها في اللغات األجنبية .
ب -التغيير في شكله ،حتى يصبح موافقا للصيغة العربية ومستساغا .
36
-2آليات صناعة المصطلح
جـ -اعتبار المصطلح المعرب عربيا ،يخضع لقواعد اللغة العربية ،ويجوز فيه االشتقاق والنحت،
وتستخدم فيه أدوات البدء واإللحاق ،مع موافقته للصيغة العربية .
د -تصويب الكلمات العربية التي حرفتها اللغات األجنبية ،واستعمالها باعتماد أصلها الفصيح .
هـ -ضبط المصطلحات عامة والمعرب منها خاصة بالشكل حرصا على صحة نطقه ودقة أدائه.
37
هجود علامء العربية يف صناعة املصطلح
3جهود علماء العربية في صناعة المصطلح
المصطلحية علم حديث النشأة في الغرب ،ولم يخص علماء العربية دراسة المصطلح بعلم
الصرف والمنطق والفلسفة ...ومن يق أر الكتب التراثية قراءة
النحو و ّ
خالص كما فعلوا مع علوم اللغة و ّ
أن العناية بالمصطلح شغلت بال
نعده تأسيسا عربيا لهذا العلم؛ ذلك ّ
أن ّمتأنية يقف على ما يمكن ّ
العلماء ابتداء من صدر اإلسالم ،لتنتشر في السذاحة الفكرية العربية بعد ذلك ،إذ تفرقت مجاالته في
أن
مباحث من كتب الحديث والتّفسير والفقه واألصول والبالغة وعلم الكالم والمنطق والفلسفة ...ذلك ّ
مست المفاهيم التي شاعت في الجاهلية ،وسعت
الفكر العربي اإلسالمي جاء في صورة رسالة تغييرية ّ
إلى بناء نسق مفهومي جديد يقوم على أساس العقيدة الجديدة وما حملته من أفكار جديدة ومفاهيم
مصطلحي خاص ينبئ عن هويته الفكرية في جميع نواحي الحياة بتفرعاتها
ّ مستحدثة ،وترجم ذلك رصيد
الصالة
الوحي والتّوحيد والحرام والحالل والقيامة والوضوء و ّ
ّ وتفاصيلها ،فألفينا مصطلحات من قبيل:
الدعوة والمؤمن والفاسق واألمة والملّة والجهاد والخالفة والشريعة والشورى ...وهي
الحج و ّ
الزكاة و ّ
الصوم و ّ
و ّ
بي قبل انتشار
مصطلحات تحمل في طياتها شحنة عقدية جعلتها متميزة من المفاهيم التي ألفها العر ّ
الدعوة المحمدية في حنايا جزيرة العرب ،وهو ما استدعى أن ينبري علماء مخلصون إلحاطة هذا النظام
ّ
المفهومي الجديد بالدرس والضبط والتأطير حتى برزت علوم لم يكن للعرب سابق عهد بها؛ كعلم
مصطلح الحديث ،وعلم التفسير ،وعلم الفقه ،وعلم األصول ،وعلم الكالم والفلسفة...
لما انتشر اإلسالم في أرجاء الجزيرة العربية ،ظهرت حاجة المسلمين إلى تدوين ك ّل ما يتعلّق
الوحي ،وتلتها خطوة أخرى في تدوين الحديث واالهتمام به إلى أن
ّ بال ّشرع ،فكانت البداية مع تدوين
ارتقى إلى درجة العلم (علم الحديث) ،بل وقد عرف بـ(علم المصطلح)؛ وسبب هذه التسمية يعود إلى أَّنه
علم يهتم باصطالحات أهل الحديث ،من تعريف وشرح وايضاح لما اصطلحوا عليه من ألفاظ متداولة
يمسها تحريف أو زيادة أو نقصان ،لذلك
السنة النبوية من دون أن ّ
في هذا العلم ،وقد ارتبطت نشأته بنقل ّ
39
3جهود علماء العربية في صناعة المصطلح
( )1فاروق حمادة :تأسيس المصطلح النقدي بين المحدثين واألدباء ،ص.391-390
( )2فاروق حمادة :تأسيس المصطلح النقدي بين المحدثين واألدباء ،ص.400
( )3الراغب األصفهاني (أبو القاسم الحسين بن محمد بن الفضل) :المفردات في غريب القرآن ،تحقيق محمد سيد كيالني ،دار
المعرفة ،بيروت ،لبنان .د.ت.
40
3جهود علماء العربية في صناعة المصطلح
وقد اعتنى المفسرون بشرح ألفاظ القرآن الكريم ،وأولوها عناية خاصة ،بالتحقيق في معانيها
االصطالحية ،بل ّإنها اتّخذت في كثير من األحايين منعرجا خطيرا؛ فاتّجه المفسرون بالمصطلحات
يدعم االنتماء المذهبي والكالمي( .)4فكانت العناية بتوضيح الحدود وتبيان المفاهيم ،و«قد
القرآنية اتّجاها ّ
أودعوا في هذه التفاسير مادة فقهية وافية من أهم عناصرها دراسة المصطلح القرآني ،وابراز معانيه
اللغوية والشرعية ،وبيان ما ينضوي تحته من المسائل والنكت العلمية والفقهية .وهم بذلك أغنوا المصطلح
القرآني ،بل يغوص في عمقه ،ويغور في كنهه الستنباط األحكام منه ،واستنباط عللها ومقاصدها
( )1السمين الحلبي (أحمد بن يوسف بن عبد الدائم):عمدة الحفاظ في تفسير أشرف األلفاظ ،ط ،1تحقيق :محمد باسل عيون
السود ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان .1996.ج ،1ص.37
( )2السيوطي :المزهر في علوم االللغة وأنواعها ،المكتبة العصرية ،بيروت ،لبنان .1987.ج ،2ص.302
( )3نذكر من أمثلتها" :األشباه والنظائر" لمقاتل بن سليمان(ت150هـ) ،و"غريب القرآن" ألبي قيد السدوسي (ت195هـ)،
و"غريب القرآن" ألبي محمد يحي اليزيدي(ت202هـ) ،و"غريب القرآن" للنضر بن شميل (ت203هـ) ،و"غريب القرآن"
لألصمعي(ت213هـ) ،و"غريب القرآن" لألخفش األوسط (ت215هـ) ،و"غريب القرآن" للقاسم بن سالم (ت224هـ)،
و"غريب القرآن" لمحمد بن سالم الجمحي (ت231ه) ،و"غريب القرآن" ألبي عبيد بن محمد الهروي (ت401هـ) و"غريب
القرآن" لمكي بن محمد القيسي (ت437هـ).
ينظر :أحمد أبو يزيد :مدخل لدراسة جهود المفسرين في تفسير المصطلح القرآني ،مجلة دراسات مصطلحية ،عدد.2002 ،2
( )4فالمعتزلة واألشاعرة وأهل السنة –مثال -فسروا األلفاظ الدالة على الصفات اإللهية ،وبعض المصطلحات؛ نحو الهداية
والضالل والفسق واإليمان والكفر واإلرادة والمشئية والقضاء والقدر ...بما يتوافق ومذهبهم العقدي.
41
3جهود علماء العربية في صناعة المصطلح
ومناطاتها الشرعية»( ،)1على نحو ما ورد في تفسير "الجامع ألحكام القرآن" لإلمام القرطبي ،وتفسير
آيات "أحكام القرآن" للجصاص الحنفي(ت370هـ) ،وتفسير "أحكام القرآن" البن العربي المالكي
(ت543هـ) ،وتفسير"أحكام القرآن" للكيا الهراسي الشافعي (ت504هـ)...
بدهي أن نلفي الفالسفة يهتمون بحدود المصطلحات والمفاهيم ،وهو ما كان عند الفالسفة
المسلمين والمناطقة كابن سينا والفارابي والغزالي والكندي والرازي وابن تيمية واخوان الصفا ...وغيرهم،
النظر في هذا الكتاب
الحد « :و ّ
للحد وأقسامه وشروط بنائه ،في مثل قول الغزالي في كتاب ّ
حين عرضوا ّ
الحد مجرى القوانين الكلية (والثاني) في الحدود المفصلة»( .)2كما
يحصره فنان (األول) فيما يجري من ّ
أتم التعريفات()3؛ ألنه يعرف المصطلح
بالحد التام ّ
ّ وعدوا التعريف
الرسم إلى تام وناقصّ ،
الحد و ّ
قسموا ّ
ّ
بحد
بمجموع األجزاء الداخلة فيه ،وعند المناطقة تعريف بالذاتية (الجنس القريب+الفصل) ومثلوا لذلك ّ
اإلنسان فقالوا:
42
3جهود علماء العربية في صناعة المصطلح
()1
وميزوا بين تعريف المصطلح
تخصه ّ ،ّ أما تعريف المصطلح بالّرسم فهو تعريف له بصفات
تعرف بمقتضاه المصطلحات بلوازمها فقط(.)2
برسم تام يتضمن أجزاء المفهوم ولوازمه ،ورسم ناقص ّ
الرسم التام تعرف حقيقة اللفظ ببعض أجزائه وبعض لوازمها ،ويمكن صياغة ذلك على
ففي ّ
ال ّشكل التالي:
الرسم التام = أجزاء الماهية +لوازم ،أو :الرسم التام = جنس قريب +الزمة
وفي الرسم الناقص تعرف حقيقة اللفظ بما يتركب من أجزاء ولوازم فقط .ويمكن صياغة ذلك
على الشكل التالي:
معينة في صياغة
لقد جاء الفالسفة والمناطقة المسلمون بأنواع من التعريفات ،ضبطوا طرقا ّ
التعريف ،بنيت على مجموعة من المبادئ الواجب اتّباعها ،منها:
( )1إخوان الصفا :رسائل إخوان الصفا ،القسم الثالث ،الرسالة العاشرة :الحدود والرسوم .ص.168
( )2السكاكي :مفتاح العلوم ،ص .436وابن سينا :رسالة الحدود ،ص.50
43
3جهود علماء العربية في صناعة المصطلح
-احترام التعريف في الحد :فإذا وجد للتعريف جنس قريب وآخر بعيد وجب إيراد القريب ،واذا
وجد للحد جنس وفصل ،وجب االبتداء بذكر الجنس ثم الفصل ،ويعلّق الغزالي على ذلك بالقول« :
فرعاية الترتيب في هذه األمور شرط للوفاء بصناعة الحدود ،وهو في غاية العسر.)1(»..
وجد المتكلمون في المصطلح مادة خصبة تخدم انشغاالتهم وتوجهاتهم في استحداث المفاهيم
وتفريعها حسب ما يقتضيه منحاهم الفكري ومذهبهم العقدي ،وحرصوا على توليد مصطلحات لمفاهيم
حديثة؛ كالجوهر والعرض والوجود والماهية ...يقول الجاحظ –في هذا اإلطار -عن جمهور المتكلمين:
« تخيروا تلك األلفاظ لتلك المعاني ،وقد اشتقوا لها من كالم العرب تلك األسماء ،وهم اصطلحوا على
تسمية ما لم يكن له في لغة العرب اسم ،فصاروا في تلك سلفا لكل خلف ،وقدوة لكل تابع ،ولذلك قالوا:
العرض والجوهر والماهية.)2(»...
بأن
الصياغة اللفظية حظوة عندهم ،وقالوا ّ
توجه المعتزلة إلى ألفاظ القرآن الكريم ،ونالت ّ
ومن ثمة ّ
مردها إلى حسن تخير األلفاظ ،وانتقاء المصطلحات ،وحسن التّصرف في اللغة
المهارة في إتقان الكالم ّ
بأن المعاني ال تتفاوت
وآلياتها المفيدة في صياغة األلفاظ ،واالبتكار في استعمالها .كما اعتقدوا ّ
وتتفاضل ،وأن األلفاظ متناهية ألنها مركبة من الحروف المتناهية ،والمركب من المتناهي متناه .أما
المعاني فهي غير متناهية ،وال يجوز فيها التفاضل بين الفصحاء والبلغاء ،وانما التفاضل في األلفاظ
توجه يتوافق والدراسات المصطلحية الحديثة التي جعلت من التوليد والوضع أحد
وحسن صياغتها .وهو ّ
أهم قضاياها ،واجتهدت في ضبط آليات الصياغة اللفظية المنتجة ألجود المصطلحات وأدقها تعبي ار عن
المفهوم.
44
3جهود علماء العربية في صناعة المصطلح
بالتصورات التي
ّ صبوا اهتمامهم على االصطالح وعالقته
وذات األمر نجده عند األشاعرة الذين ّ
إن اللغة نظام من العالقات ،ومجموعة من الروابط
تدور في الخواطر ،وأهميته في البيان .وذهبوا ّ
الداللية والمفاهيمية التي تنشأ بين األلفاظ الداخلة في تراكيب لغوية يسند بعضها إلى بعض .ويرى
األشاعرة أن األلفاظ التي هي أوضاع اللغة لم توضع معانيها في أنفسها ،ولكن ألن يضم بعضها إلى
بعض فيعرف ما بينها من فوائد .فاأللفاظ في معتقدهم لم توضع لتعرف بها المعاني؛ ألن المعاني
معروفة وموجودة في األذهان قبل وضع األلفاظ .كذلك وظيفة األسماء ،ليست لتعرف مسمياتها بها،
وانما وظيفتها اإلشارة إليها.
ونجد من المسائل التي شغلت الباقالني(ت403هـ) مسألة اللفظ والمعنى ،والصلة بينهما ،فقد
ارتبطت هذه المسألة عنده بالبحث عن مواطن اإلعجاز خدمة للنص القرآني .فقد استطاع أن يدرك ما
لأللفاظ من دور في صنع العبارة ،وما للمعاني من مكانة في التعبير ،بحسب ارتباط أحدهما باآلخر(،)1
عده من أنصار الصياغة اللفظية حسب ائتالف المعاني مع األلفاظ.
فيمكن ّ
تعد المفاهيم
لقد كانت نظرة األشاعرة قريبة من النظرة المصطلحية في العصر الحديث التي ّ
والمصطلحات مترابطة نسقيا وتركيبيا في ما بينها.
ولقد ذهب األصوليون واللغويون األشاعرة إلى أن األلفاظ لم توضع بإزاء الماهيات الخارجية،
وانما وضعت بإزاء الصور الذهنية ،ودليلهم في ذلك هو كون اللفظ يتغير بتغير الصور في الذهن .ومن
مبادئهم أن الغرض من وضع األلفاظ ليس إفادة المعاني المفردة ،ولكن إفادة التركيب والنسب بين
المفردات؛ كالفاعلية والمفعولية وغيرها( .)2وهذا يقترب مما دعت إليه المدرسة النمساوية-األلمانية التي
ظهرت مع أطروحات "أوجين فوستر" -ببرلين سنة -1939والذي يعد الرجل الذي وضع األساس
( )1الباقالني :إعجاز القرآن ،المطبعة السلفية ،القاهرة ،مصر1349 .هـ .ص.165
( )2أحمد أبو زيد :نظرية النظم بين المعتزلة واألشاعرة .مجلة كلية اآلداب ،فاس .عدد خاص .4ندوة المصطلح النقدي سنة
1988م .ص.345
45
3جهود علماء العربية في صناعة المصطلح
النظري الذي تستمد منه هذه المدرسة مبادئها بمعية (داهلبيرك) و(يرزيك) و(هوفمان) .ومن أهم مبادئ
هذه المدرسة :أن المفاهيم تخضع لتسلسل بنيوي ،وتحدد في إطار عالقة بعضها ببعض.
تجلّت عناية األصوليون بالمصطلح في تخصيصهم مباحث في كتبهم لدراسة المصطلح وبيان
معانيه ومدلوالته ،على نحو ما فعل ابن حزم في تفسره حين وسم أحد أبوابه" :باب األلفاظ الدائرة بين
أهل النظر"( .)1والباجي في مقدمة المنهاج( ،)2وخصص الرازي مقدمة كتاب "المحصول في علم أصول
الفقه" للمصطلحات األصولية الرائجة في عصره( ،)3وأما القرافي فقد جعل مدخال في كتابه "شرح تنقيح
الحد وأنواعه وفروعه( ،)4وقد يتجاوز األمر الباب والمقدمة والمدخل ،إلى تصنيف
األصول" عالج فيه ّ
حد فيه
المصنفات في التعريفات والحدود ،على نحو كتاب "الحدود" البن عرفة(ت803هـ) ،الذي ّ
المصطلح األصولي والفقهي ،وشرحه محمد األنصاري الرصاع في كتابه "شرح حدود ابن عرفة".
ويرى األصوليون أن األلفاظ والمصطلحات هي باب التواصل والتعبير عن دقائق العلوم ،وعن
المجردات والمفاهيم الموجودة والمعدومة الحادثة والقديمة .هذا الرأي نجده مثال عند البيضاوي في "نهاية
السول في شرح منهاج الوصول" ،وعند الرازي ،خاصة ما قاله عن اللفظ واإلشارة في قاموسه.
46
3جهود علماء العربية في صناعة المصطلح
للداللة على التم ّكن في الشعر ،واالسم (فرعون) اصطلح عليه للداللة على الظلم ،واالسم (موسى)
اصطلح عليه للداللة على قهر الظلم ،حتّى قيل" :لكل فرعون موسى".
-الدال اللفظي الطبيعي :كاألصوات التي يصدرها اإلنسان للتعبير عن المرض ،كمصطلح
األنين.
-الدال اللفظي العقلي :كداللة اللفظ على وجود المتلفظ ،إذ يستحيل صدور اللفظ دون متلفظ.
-الدال اللفظي الوضعي :وهو داللة األلفاظ المصطلح عليها بإزاء المعاني.
-الحقيقة الشرعية :تخص الدالالت الشرعية التي تط أر على اللفظ ،فتخرجه من وضعه األول
إلى وضع جديد ،كمصطلحات :الزكاة والصوم والحج والصالة...
-الحقيقة العرفية العامة :تخص مدلوالت األلفاظ التي بات متعارفا عليها عند الناس في غير
أصلها الذي كانت عليه ،نحو حصر مفهوم الدابة في الحمار ،بينما الدابة هي ّكل ما يدب على األرض
من إنسان وحيوان...
-الحقيقة العرفية الخاصة :تخص المدلوالت التي نشأت بين فئة العلماء في فرع من العلوم ،أو
النحاة ،والعمود
بين فئة الحرفيين في حرفة من الحرف؛ نحو مصطلحات الرفع والنصب والخفض عند ّ
والوتد والصدر عند العروضيين.
( )1مصطفى بن حمزة :إسهام األصوليين في دراسة صلة اللفظ بالمعنى ،ص.458
47
3جهود علماء العربية في صناعة المصطلح
( )1ابن فارس ،الصاحبي في فقه اللغة ،المكتبة السلفية ،القاهرة1910 ،م .ص.44
48
املصطلحية وعمل صناعة املعامج
-4المصطلحية وعلم صناعة المعاجم
تباينت آراء المختصين في شأن عالقة المصطلحية بالمعجمية ،فعدها فريق منهم علما مستقال
عن المعجمية؛ وفريق ثان يراها امتدادا لها ،وما الفصل بينهما إال فصال مصطنعا ،إذ زوايا االلتقاء
بينهما كثيرة ،والنشاط المصطلح هو جزء من النشاط المعجمي.
إن المصطلح وحدة معجمية تحولت من حالة إلى أخرى؛ تحولت من حالة الكلمة في اللغة
العامة ،إلى حالة المصطلح في اللغة الخاصة بشروط محددة ،ووفق ذلك ارتحلت من المعجم العام إلى
بحث في المعجم بالضرورة.
المعجم الخاص؛ ويترتب عليه أن يكون البحث المصطلحي ٌ
واذا كان البحث المعجمي نال حظوة عند الدارسين ،وشهد تطو ار ملحوظا ،نجد في المقابل:
البحث المصطلحي بقي بعيدا عن مجريات االهتمام والتطور ،إذ حافظ الدارسون على نظرتهم القديمة
إلى المعجم بعده قائمة من األلفاظ مرتبة وفق ترتيب ما تقابل بمعانيها ،وجسدت هذه النظرة في إنشاء
معاجم مصطلحية في ميادين علمية وفنية متعددة :البالغة والنقد والفلسفة وعلم االجتماع ...وغيرها.
وقد نتج عن ارتحال المصطلحات مسألة المدخل وكيفية التمثيل لها؛ هل يكون لها مدخالن؟:
مدخل يعرف الوحدة المعجمية بعدها كلمة تنتمي إلى اللغة العامة ،ومدخل آخر يعرف مفهوم الوحدة
المعجمية بعدها مصطلحا ينتمي إلى اللغة الخاصة .أم إن التمثيل للمصطلحات سيكون في سياق
اعتنبار المصطلحات ُمفردات مشتقة اشتقاقا دالليا من كلمات أصول.
إذا نظرنا إلى الموضوع نظرة عامة ،ألفينا أن األمر يتعلق بالعموم والخصوص ،ذلك أن البحث
المعجمي مادته اللغة المشتركة؛ التي قوامها ألفاظ اللغة العامة ،أما المصطلحية فمادتها اللغة الخاصة؛
50
-4المصطلحية وعلم صناعة المعاجم
التي قوامها المصطلحات العلمية أو التقنية التي خصصها التداول في مجال من المجاالت (العلمية،
التقنية ،الفنية ،)..من دون االلتفات إلى دالالتها األخرى الشائعة بين اللغة العامة.
فالنظام المعجمي ينظر إلى المجموعات المعجمية على أساس أنها أبنية متكاملة من الوحدات
تربط بينها خصائصها الوظائفية والتركيبية ،وهي مستمدة من الخبرات المحصلة من تفاعل الفرد مع
البيئة التي يحيا فيها .وفي هذا اإلطار تظهر المادة المصطلحية داخل الجداول المعجمية االسمية ،فهي
متوفرة داخل النظام المعجمي في شكل دوال ،ويتم اختيارها ثم إعادة توزيعها وتنظيمها ألجل إثراء فروع
المعرفة المختلفة ،وتسهيل التواصل بين أهل االختصاص.
ويعن من هنا ،أن الفرق البين بين هذين العلمين هو في طبيعة الوحدات؛ إذ البحث المصطلحي
سم ذا الشحنة
يحصر اهتمامه في االسم فقط ،بعده أداة أساسة في التسمية والتعيين ،ويخص اال َ
المفهومية الخاصة .أما البحث المعجمي فيحتفي بالمفردات اللغوية "فعال" كانت أو "اسما".
وعلى مستوى العالقات االستبدالية والعالقات التركيبية التي توجد بين الوحدات المعجمية ،نجد
أن الدرس المصطلحي يركز على العالقات االستبدالية حال دراسة المصطلحات لضبط األنساق
المفهومية المنظمة داخل الحقول المعرفية- ،وهذا يمثل نقطة التقاء مع علم المعاجم ،-والفرق يكمن في
أن البحث المعجمي تركز على العالقات التركيبية بين الوحدات المعجمية بصورة مكثفة ،بينما تأتي هذه
العالقات في الصف الثاني في البحث المصطلحي ،وهذا ال يعني إهمالها تماما ،إذ كثي ار ما يعتمد
البحث المصطلحي على دور السياق للحيلولة دون الوقوع في شراك واللبس الغموض .فعندما يكون
51
-4المصطلحية وعلم صناعة المعاجم
ٍ
مختلفة نلجأ إلى السياق ،نحو مصطلح "جذر" الذي المصطلح الواحد مشتركا بين تخصصات في ٍ
علوم
يوظف في اللغة والرياضيات بداللة مختلفة(.)1
إن توجه البحث المصطلحي إلى جمع المصطلحات ووصفها ومعالجتها في ميدانها المختص،
لهو اتجاه برغم اتي يعنى بالمستوى التطبيقي الذي تتطلبه الحاجة العلمية التطبيقية بين المختصين
والباحثين ،حتى تتيسر لهم لغة االتصال والتواصل .وهذا ما جعل أهم البحوث المؤسِّسة لعلم
المصطلحية تتسم بالتطبيق قبل التنظير على غرار ما فعله فيستر ،ولهذا لم تظهر الدراسات النظرية
والتنظيرية إال في نهاية القرن العشرين.
وبما أن علم المصطلح عرف بأنه العلم الذي يبحث في العالقة بين المفاهيم العلمية واأللفاظ
اللغوية التي تعبر عنها ،فهو من هذه الزاوية يلتقي مع المعجمية التي تبحث في داللة األلفاظ وتصنيفها
وضبط مقاييسها المعجمية من بنية وتكوين واشتقاق توليد ،وهي مسائل تشترك فيها مع المصطلحية
التطبيقية.
أما من ناحية اآلليات التطبيقية :نجد المصطلحية والمعجمية يلتقيان في اآلليات التي تعتمد في
التسمية؛ كالتوليد واالشتقاق وصناعة المعجم وجمع المدونة ،على الرغم من االختالف البين في األهداف
النظرية؛ فإذا كانت المصطلحية تُعنى بتسمية المفاهيم التي ترتكز على ضبط المصطلحات ،بغرض
إيجاد لغة خاصة بمجال علمي أو تقني ،فإن المعجمية تُعنى بتسمية األشياء العامة التي تدخل في لغة
التواصل العادي ،لذا نجد تيري از كابري تنظر إلى المصطلح نظرة لسانية؛ فتقرر « أن الطبيعة اللغوية
المزدوجة للمصطلحات باعتبارها كلمات/عبارات (تسميات) تنتمي بصورتها إلى اللغة ،تجعلها ال تنأى
عن الحدود التي أقرها دي سوسير بخصوص الدليل اللغوي .فتُصبح المقاربة اللسانية للمعارف المحصلة
مصطلحيا أم ار ممكنا -على الرغم من كونها خارجية بما أنها تنتقل من األشياء (فيزيائية أو غيرها) نحو
التسميات ،وهذا مرو ار من تحديد مفاهيم المصطلحاتُّ .-
تظل لسانية بما أن المصطلحات تُوصف وفق
( )1عبد القادر بوشيبة ،محاضرات في علم المفردات وصناعة المعاجم ،ص.22
52
-4المصطلحية وعلم صناعة المعاجم
لنظام ٍ
عام من حيث دالالتها مع جواز ٍ أي كلمة أو متتالية من الكلمات .وتُخضع
لساني مثلها مثل ِّ
ٍّ تحليل
مناقشة أمر تعريفاتها المحددة والمتفق عليها»(.)1
فمن هذا المنطلق المنهجي نجد أن المصطلحية تبدأ من المفاهيم المجردة في الذهن لتصل إلى
الواقع اللغوي في االستعمال ،فتدرس األلفاظ اللغوية بحثا عما يناسب تسمية المفاهيم ،وفي الجانب
المقابل تبدأ المعجمية من الواقع اللغوي وتسعى إليجاد مدلوالت تتناسب مع األلفاظ والموجودات ،إذ «
وض ِع ِ
األشياء والمفاهيم قر ٍ
يب من ْ ِ
تسمية نهج
منهج يعتمد على ِ التطبيقي على ِ
المصطلحات علم
ٍ ُّ يرتكز ُ
القوائِم ،وعليه :يكتسب كل تصور باستطاعته أن يشكل موضوع تسمية مدخال ،في حين ال يكرس
المؤلف الذي يتسم بطبيعة معجمية مدخال لتسمية أدنى اسم مندرج .واعتبر فيستر أن اللسانيات
والمصطلحية ينطلقان من مبادئ مختلفة لمعالجة اللغة .فإذا كانت المعجمية ،وهي مبحث لساني ،تنطلق
من الكلمة دون البحث في شتى معانيها ،فإن المصطلحية تنطلق من البحث في قضايا المفهوم دون
53
-4المصطلحية وعلم صناعة المعاجم
التركيز على قضايا التسمية ومشاكل النطق وشكل الكلمة التي هي من قضايا اللسانيات»(.)1
المعجمية
التسمية
المفهوم
المصطلحية
المقاربة المفهومية()Onomasiologie
إن الدراسة المصطلحية تختلف كثي ار عما هو في صناعة المعاجم ،فنجدها تسعى إلى وضع
مصطلحات تلقى القبول ،وتتحد النظرة حولها ،ثم ترتيبها في ميادين العلوم التي تنتمي إليها ،فعملها ليس
وصفيا –كما هو الحال في صناعة المعاجم -بل هو عمل تعييري بالدرجة األولى.
والمعاجم المصطلحية تكون معاجم معيارية تسعى على ربط حبل التواصل بين المختصين في
ميدان علمي أو تقني ،بناء على التعليمات والتوصيات التي تصدرها الهيئات العلمية القطرية والدولية.
54
هجـود ا ألفـــراد واملؤسسات
يف صناعة املصطلح
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
-تمهيد:
ظهر االهتمام بقضية المصطلح العلمي العربي مع بداية ازدهار حركة الترجمة والتأليف في الربع
الثاني من القرن التاسع عشر ،وكانت البداية بجهود فردية؛ من اختص بعلم من العلوم مترجما وناقال إلى
العربية ،ومن صنف معجمات أعجمية شاملة ،ومن حقق في مصطلحات ونشرها في المجالت العلمية
أو اللغوية أو صنف معاجم مزدوجةاللغة.
وقد ظهرت معاجم المصطلحات :أحادية اللغة ،وثنائية ،ومتعددة اللغات ،في مختلف
االختصاصات :في الجيولوجية ،وفي الجغرافية ،والطب ،والفلك ،والفلسفة ،والعلوم السلكية والالسلكية،
والفيزياء ،والكيمياء ،وعلوم الحاسبات ...صدرت من أفراد ،وهيئات ومؤسسات رسمية وغير رسمية
باختالف توجهاتها وأهدافها؛ من مؤسسات ذات أهداف لغوية ،ومؤسسات ذات أهداف علمية أو تقنية أو
ثقافية ،ومؤسسات ذات أهداف تجارية.
وتأتي المجامع اللغوية على رأس المؤسسات ذات األهداف اللغوية ،مثل :مجمع اللغة العربية
بدمشق (تأسس عام ،)1919ومجمع اللغة العربية في القاهرة (تأسس .)1932والمجمع العلمي العراقي
(تأسس ، )1947ومجمع اللغة العربية األردني (تأسس ،)1976فقد تكفلت بصناعة معجمات كثيرة في
الفنون العلوم ،كما كان للجامعات في البالد العربية وأساتذتها دور ال يستهان به ،وكذلك الشأن التحاد
المجامع اللغوية العلمية العربية ،والمكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي.
ومن المؤسسات ذات األهداف العلمية ،نذكر :أكاديمية البحث العلمي بالقاهرة ،المنظمة العربية
للعلوم اإلدارية ،والمنظمة العربية للمواصفات والمقاييس ،اتحاد األطباء العرب ،واتحاد البريد العربي.
والمؤسسات التجارية التي أسهمت في صناعة المصطلح ونشره ،نذكر :دور النشر الكبرى في
الوطن العربي ،مثل مكتبة لبنان في بيروت ،واألهرام بالقاهرة ،وبعض المراكز المتخصصة في التعريب
والترجمة التابعة لمنظمات وجامعات ،والمركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق (التابع
للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) ،والمركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية (أكمل) بالكويت
56
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
(مجلس وزراء الصحة العرب) .ومعهد الدراسات واألبحاث للتعريب في الرباط ،ولجان الترجمة والتعريب
في الو ازرات المختلفة في بعض الدول العربية ،التي أصدرت مجالت متخصصة بالتعريب.
إيمانا منها بأهمية المصطلح في التحكم في العلوم والتقنيات الحديثة ،قد هبت المراكز والمكاتب
والمعاهد إلى إحداث ِّ
الشعب وخلق اللجان والخاليا ،وانشاء قواعد المعطيات وتصنيف المؤلفات واصدار
المجالت واعداد المعجمات ،لمساعدة المترجمين والمعلمين والمؤلفين على ترجمة المصطلحات األجنبية،
سدا لباب الفوضى في النقل والترجمة ،والحيلولة دون تعدد المصطلحات للمفهوم الواحد ،ودخول
المصطلحات األجنبية إلى اللغة العربية من غير ضابط وال معيار .
بذل العـلـماء من مختـلف البـلدان الع ـربية جهودا في مجــال المصطلحات وتـوحيــدها ال ينــكرها إال
جاحد؛ فكـ ــانت الب ــدايـات األولى في مصـر مـع رفاعة الطـهطــاوي وفارس الشـدياق ورفـاقهما الذيـن
كـانت لـهم اتـصــاالت مـع الغ ــرب أين نشـطـت حــركة التألي ــف وت ــرجمة الكتـب األجنبيــة(.)1
ومن الجهـود العديدة والمتنوعة :البحث فـي مشكــالت المصطلحات اللغـوية ،وكــان ذلـك فــي
سـوريا ولبنــان وتــونس ...وغــيرها من خــالل نخــبة مـن العـلـماء المحدثيـن ،مـن بينـم :عـ ــلي عبد الواح ــد
واف ـ ــي ومحمـد منـ ــدور وتــمام ح ــسان ومحم ـ ــود الســعران وعبـد الس ــالم المســدي ومحمـد رش ــاد الحم ـزاوي،
إذ تــركـزت جــل بحــوثهم علـى د ارسـة األلفـاظ والمصطلح ــات الع ـربية القدي ــمة منـها والحديــثة ،وربطــها
بالمصطلحـات األجنبيــة الحـاملة لمختــلف العـلـوم ،إلـى جـانب وضع معــاجم ومنظــومات مصطلحـية
تجمعــها ،وكــذا البحث في مشكـالتهـا ،والسعي إلى توحـيـدها بشتـى الطـرق والوسائـل.
وقـد شـاعت فكـرة تـوحيد المصطلحـات في العصر الحديث ،فأخـذ العلـمـاء المحـدثون يطلـقون علـى
هذه الفـكرة ( التوحيد المعياري) ،فنــجد علي القاسمي يقدم تعريـفاً لهذه اللفظـة فيقـول « :يعني التــوحيد
المعيـاري بصـورة عــامة :تخصيص مصطلح واحــد للمفهـوم العـلمـي الواحـد ،وذلك بالتخـلص من التـرادف
( )1ينظر مصطفى طاهر الحيادرة ،من قضايا المصطلح اللغوي العربي( الكتاب األول ) .ص.154
57
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
واالشتـراك اللفظي ،وكـل ما يـؤدي إلى الغمـوض وااللتبـاس في اللغـة العلمـية والتقنيـة"( ،)1فعلـي القـاسمي
تبنـى هذه الفكـرة وعـالجهـا بكثير من الدقة ،سعيا منه إلى الـوصول إلى تقييس المصطلح وتحقيق توحــيده.
ويبقـى المصطلح اللسـاني مشكـلة من المشـاكل التي وقـعت فيـها المجـامع اللغـوية العربيــة ،لكنـه
من الضروري السعـي إلى معـالجة هـذه المشكلة التـي حلــت باللسانيـات ومصطلـحـاتها حتى تسـهم في
النهضـة العلمية الحديثة.
قترحها لوضع حد لمشكـلة المصطلـح اللسـاني(:)2
ومن الحلــول التي تم ا ا
-اإلكــثار من اللقـاءات العلميـة بيــن القائمين بتدريــس المـواد العـلمية.
-إنشـاء المؤسـسات الخـاصة بالترجمـة والتعـريب لنقـل الفكر األجنبي إلـى اللغة العربية.
-االهتمـام باللغـات األجنبيـة في المـراحل كلــها ،وربــط هـذه اللغـات في التعـليم العــالي بدراسة المـواد
العلمـية وذلك بتخصيص سـاعـات معــينة لتدريس المـواد العلمية.
-إثـراء اللغـة العربيـة في حـقل المصطلحات العلمية بإصــدار المعـاجم العلمية الموحـدة ،والمجـاالت
العلمية المتخصصة.
-استعمـال الشائع عن المجـامع اللغـوية من المصطلحات ،وال سيــما مـا كـان وارداً في المعاجم اللسـانية
الحديـثة.
-الكـف عن محاوالت التسـابق عن وضـع المصطلحـات ،والعــودة إلـى الدرس اللسـاني القديـم في العربية
لالستفـادة من جهـود القدماء.
-إنشـاء مكـانز المصطلحـات العلميـة عامــة واللسـانية خاصـة في المجـام ــع اللغويـ ــة والجـامعات ،وربطـها
بالشبكـة العالميـة لالتصـاالت.
-االهتمـام بتدريس " علـم المصطلـح " ضمن الدراسات اللسـانية ،وتوظيفـه فـي توحـيد الجهـود وتنسيـق
المصطلحـات الشـائعة.
-المبـادرة إلـى تأســيس جمعــية علمــية تعنــى بالمصطـلح العـلمي ،وال سيــما المصطلحـات اللسـانية
( )1مصطفى طاهر الحيادرة ،من قضايا المصطلح اللغوي العربي ( الكتاب الثاني ) .ص.33
( )2ينظر :محمد أحمد قــدور :اللسانيات والمصطلح» ،ص .12وفاء كامل فايد :المجامع العربية وقضايا اللغة .ص-189
.190
58
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
وال شــك أن المسـاهمة في توحـيـد المصطلح اللساني ،وخـاصة إذا تمـت بطريـقة مـوحـدة ومشتـركة
ستقضي حتــماً على اللبس والغمــوض ،وتسهــل على الدارس ،وتضـع ركــيزة مشتــركة للغ ــة في النـدوات
والمؤتم ـرات واللقـاءات العلميـ ــة ،فقـد أصبح تــوحيد المصطلحات غـاية يسعى العـلماء إلى تحقيقــها؛ ألن
تـعاملهم مع المصلـح الـواحد للمفهــوم الـواحد من شـأنه أن ييسـر عليـهم عمليـة التـواصل في العـلوم التــي
يتـداولونها.
()1
في صناعة المصطلح: -1جهود مصطفى الشهابي (1968-1893م)
سعى الشهابي إلى ضبط المصطلحات فأصدر معجمين :معجم (فرنسي-عربي) ،معجم
(أنجليزي-عربي) ضما المصطلحات العلمية والفنية وألفاظ الحضارة ...وحاول أن يعرف فيهما المفاهيم
تعريفا علميا يتسم باإليجاز والدقة ،وقد ذكر في مقدمة [معجم األلفاظ الزراعية بالفرنسية والعربية] الذي
طبع بدمشق سنة (1943م) « :لم أذكر فيه سوى المهم من ألفاظ العلوم الزراعية ،لبثت نحو عشرين
سنة في تحقيق ألفاظه المذكورة البالغة نحو تسعة آالف لفظة ،وراجعت في تصنيفه عشرات من المراجع،
بغية التثبت من صحة اسم عين من األعيان المواليد الثالثة أو بغية معرفة االسم العربي القديم ،ووضعه
إلى جانب االسم الفرنسي واالسم العلمي ،أو بغية إيجاد مصطلحات جديدة سائغة أو راجحة في
عددا
( )1األمير مصطفى الشهابي عالم زراعي ،ولغوي ُمصطلحي ،سخر جهده ليجعل اللغة العربية لغة علم ،فأضاف إليها ً
مفكر له أثره العظيم في النهضة العلمية واألدبية ،ورجل دولة خدم سوريا كبير ِمن المصطلحات ِ
العلمية ،وهو كذلك كاتب ِّ ًا
في المناصب التي وليها ،وقد تميَّز بعمله في إطار أشغال المجامع العربية؛ فقد انتسب إلى المجمع العلمي العربي بدمشق
َّ
وتجدد انتخابه سنة ئيسا له سنة ،1959
عضوا عامالً فيه سنة ،1936ثم انتخب ر ً ً منذ سنة ،1926قبل أن ُيصبِح
عضوا عامالً فيه سنة
ً عضوا ُمراسالً لمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة ،1948ثم
ً ،1963ثم سنة ،1967وانتخب
عضوا ُمراسالً للمجمع العلمي العراقي سنة ،1961ثم انتخبته اللجنة التنفيذية لدائرة المعارف اإلسالمية
ً ،1954وانتخب
عضوا ُمشارًكا لمجلس هذه الدائرة سنة .1964
ً بلندن
59
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
قد عكف الشهابي على تجسيد ما يراه ضروريا في صناعة المصطلح ،فألف بحكم تكوينه العلمي
واهتمامه بالمجال المصطلحي ،الكثير من األبحاث التي نشرها في مجلة المقتطف ومجلة مجمع اللغة
العربية بدمشق ومجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
وقد استند الشهابي في وضعه المصطلحات إلى وسائل التوليد في اللغة العربية:
-المجاز :مصطلح "مغزل" الذي هو في األصل آلة تُدير بها المرأة الصوف وتَفتله قابل
المصطلح الفرنسي " "Quenouilleالذي يدل على الشجر المقلَّم(.)2
-االشتقاق :مصطلح "نباذة" قابل مصطلح " ،"Vinificationالذي يدل على صنع الخمر
وحفظها لتجويدها.
-الترجمة :مصطلح " مجزاعة" قابل ُمصطلَح " ،"Impatienteوهو جنس زهر ِمن الفصيلة
الغرنوقية.
-النحت :مصطلح "تحتربة" قابل مصطلح ".)3("Sous-sol
ونالحظ أن اعتماده على النحت كان قليال ،ال يلجأ إليه إال للضرورة .ولم يلجأ إلى االقتراض
قابلة المصطلحات األوروبية إال في الحاالت التي ال يستطيع الحصول على كلمات عربية.
لم َُ
وقد تنوعت مصطلحات الشهابي في مقابلة المصطلحات األوروبية من حيث البناء بين البسيطة
والمركبة ،فمن أمثلة الوحدات البسيطة "حلزون" ،ومن أمثلة الوحدات المركبة "ماء الجنين" ،و"أشباه
عصبيات األجنحة"..
ضم قاموس الشهابي مصطلَحات من مستويات لغوية مختلفة؛ من الفصيح ،والمولَّد ،والعامي،
واألعجمي:
60
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
بياضا في قوائم
ً -فمن الفصيح مصطلح " تَحجيل" يقابل ُمصطلَح " ،"Balzaneويعني
الفرس(.)1
-ومن المولد مصطلح " رؤيس" يقابل مصطلح " ،"Capituleويعني شكالً ِمن نظام التنوير أو
االزهرار.
-ومن العامي مصطلح "شلب" يقابل مصطلح " ،"Paddyوهو حب األرز غير المقشور (لفظ
من عامية الشامية.
-ومن األعجمي مصطلح "باكانية" ،لفظ معرب يقابل مصطلح " ،"Pacanierوهو اسم قبيلة
أمريكية.
وقد قدم الشهابي لمجمع القاهرة مجموعة من االقتراحات من أجل توحيد المصطلحات ،منها:
-تؤلف في مجمع اللغة العربية بالقاهرة لجنة معجم المصطلحات العلمية يكون لها شخصية
اعتبارية واستقالل مالي واداري.
-يخصص مجلس جامعة الدول العربية المال الذي يقدر لتصنيف المعجم.
-تتصل اللجنة باالختصاصيين بالمصطلحات في األقطار العربية وتطلب منهم صنع معجمات
أو قوائم أعجمية عربية ،ضمن اختصاصاتهم لقاء مكافآت.
-تصنع اللجنة من هذه المعجمات والقوائم (معجم المصطلحات العلمية) وتعرضه على مجلس
مجمع اللغة العربية ،فيق أر ألفاظه في حضرة واضعيها.
-يطبع مجمع القاهرة المعجم وتوزع نسخة بالمجان على دول األقطار العربية.
-تبقى لجنة المعجم قائمة على عملها في مجمع القاهرة إلضافة ما يجد من مصطلحات واعادة
()2
طبع المعجم وتوزيعه على البالد العربية.
61
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
()1
في صناعة المصطلح: -2جهود علي القاسمي
انطلق علي القاسمي مما توصلت إليه النظرية العامة لعلم المصطلح من مبادئ في وضع
المصطلحات ،وتتمثل في:
( )1الدكتور علي القاسمي كاتب عراقي متعدد االهتمامات :قاص ،روائي ،مترجم ،ناقد .وهو باحث أكاديمي متخصص في
المعجمية والمصطلحية .درس في عدة جامعات :جامعة بغداد في العراق ،وفي الجامعة األمريكية في بيروت وفي الوقت
نفسه في كلية الحقوق بـ جامعة بيروت العربية ،ثم في جامعة أوسلو (النرويج) ،جامعة تكساس في أوستن (الواليات
المتحدة ،في جامعة اكسفورد (بريطانيا) ،وفي جامعة السربون (فرنسا) ،أقام بالمغرب منذ سنة ،1978عمل في :مكتب
تنسيق التعريب بالرباط التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،ثم في المنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة
بالرباط بعد تأسيسها عام .1982ويعمل حالياً مستشا اًر لمكتب تنسيق التعريب ،له الكثير من المؤلَّفات بالعربية واإلنجليزية
في الكتابة اإلبداعية والدراسات اللغوية والثقافية.
( )2التقييس المصطلحي " :"standardisationهو اعتماد المعايير أو المقاييس أو األنماط أو األسس أو المبادئ التي ينبغي
أن توضع المصطلحات طبقا لها.
62
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
()1
صالح في صناعة المصطلح: -3جهود عبد الرحمن الحاج
كرس أعماله لترقية استعمال اللغة العربية وتطوير تدريسها معتمدا على ما جد في ميدان
التكونلوجيات اللغوية ،ومؤيدا بنظريات اللسانيات التعليمية،
وقد كان له دور كبير في إرساء الكثير من المصطلحات العربية في علوم شتى ،حيث شق
طريقه متبعا منهجا علميا في وضع المصطلحات ،يتوسل الترجمة واالسشتقاق والمجاز والنحت
والتركيب ،ومتحريا في كل ذلك الدقة ،كما كان يبدي آراءه في المصطلحات قبل أن تعتمد ،بوصفه كان
خبي ار في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
-المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات (1989م) ،الذي يندرج في مخطط شرع فيه مكتب
تنسيق التعريب ألجل الوصول إلى لغة علمية عربية واحدة ،وكانت مساهمته بوصفه رئيسا لمعهد العلوم
اللسانية والصوتية الذي تعاون مع المكتب.
1باحث أكاديمي ورئيس المجمع الجزائري للغة العربية ،وعضو في المجامع األربعة ،وينتسب إلى لجنة األصول
والمصطلحات بمجمع القاهرة ،ويدلي بآراءه الجريئة في كل المسائل اللغوية ،وله مقاالت في مجالت المجامع المختلفة،
ومداخالت في المؤتمرات والندوات التي تنظم هنا وهناك في حنايا الوطن الكبير.
63
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
إضافة إلى مشروع الذخيرة العربية الذي تبنته الجامعة العربية ،محاولة منه لوضع بنك جامع
لأللفاظ العربية قديمها وحديثها المستعملة بالفعل ،لتسهيل الوصول إلى جذر الكلمة واستعماالتها في
السياقات المختلفة ،وبذلك يكون رصيدا منتظما لالستعمال الحقيقي لمصطلحات علم من العلوم.
-1جهود المجامع:
منذ أن أنشأت مجامع اللغة العربية وهي تخطط وتدبر لوضع المصطلحات التي تواكب التطورات
العلمية والمستجدات التقنية ،فسطرت ضوابط وأصدرت توصيات ليهتدي بها العلماء والباحثون عند
تأليفهم الكتب العلمية ،ونقلهم مستجدات العلوم ،وتوليدهم مصطلحات للمفاهيم المستحدثة.
والمتأمل لألهداف التي سطرتها المجامع في بيانات تأسيسها ،يجد قواسم مشتركة ،بل يجد
األهداف نفسها مكرورة بتعبيرات مختلفة ،وقد ترجمت إلى مبادئ وآليات تسير على هداها في صناعة
المصطلح العلمي ،نذكر منها ما يأتي:
oالمحافظة على المصطلحات العلمية والمصطلحات المعربة التي وردت في التراث العربي؛
()1
بتوظيفها في االستعمال الحديث ،وتفضيلها على األلفاظ المولدة ،من مثل :سيارة ،جريدة...
oأن تجمع اللفظ اللغوي والمدلول االصطالحي مناسبة أو مشاركة أو مشابهة ،وال يشترط في
المصطلح أن يلم بكل المعنى العلمي.
oتفضيل األلفاظ المفردة –حتى وان كانت غير شائعة -على األلفاظ المركبة ،في مثل" :امتزاز"
كمقابل للمصطلح الفرنسي " "absorptionعوضا من "امتصاص سطحي" ،وتفادي األلفاظ التي
يصعب االشتقاق منها والنسب إليها ،والغريبة المبتذلة؛ مثل :لفظ "الكحول" كمقابل للفظ اإلنجليزي
()2
" "alcoholعوضا من الغول.
64
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
oتجنب استعمال األلفاظ العامية إال إذا اقتضت الضرورة ذلك ،مع اإلشارة إلى عامية اللفظ.
oتجنب تعدد الدالالت للمصطلح العلمي الواحد في الحقل الواحد.
oااللتزام بما اتفق المختصون على استعماله من مصطلحات علمية سواء أكانت معربة أم مترجمة.
oاللجوء إلى التعريب عند الحاجة ،وخاصة ما تعلق بألفاظ الحضارة ،والمصطلحات العالمية،
()1
وأسماء األعالم ،مثل :صوديم ،هيليوم ،واطسون ،هلمسليف...
oاللجوء إلى التعريب عند الضرورية العلمية ،مع الحفاظ على الحروف األصلية قدر اإلمكان ،وعدم
اللجوء إلى الزوائد ،وكذا مراعاة البنية العربية في المصطلح المنحوت.
وقد تباينت الجهود من مجمع إلى آخر بحسب أحوال كل بلد زمانا ومكانا ،ويمكن أن نشير إلى
بعض جهود أهم المجامع اللغوية:
()2
في صناعة المصطلحات: أ .جهود مجمع اللغة العربية بدمشق
كان مجمع اللغة العربية بدمشق أداة فاعلة في مد الو ازرات واإلدارات بمختلف المصطلحات
العربية ،تماشيا مع توجه الدولة في تعريب اإلدارة وتعريب التعليم والصحة ...وقد سعى المجمع جاهدا
لرسم منهج واضح لوضع المصطلحات واختيارها ،مؤكدا على أولوية التراث في استيقاء المصطلحات،
واالبتعاد عن المعرب قدر المستطاع ،ومن أهم ما التزموا به من مبادئ في حالة التفضيل:
65
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
-مقابلة اللفظ األجنبي بلفظ عربي يؤدي معناه ،أو يختار له لفظ باللجوء إلى االشتقاق
والمجاز ،وفي حالة الضرورة يستعان بآلية النحت والتركيب بأنواعه.
()1
في صناعة المصطلحات: ب .جهود مجمع اللغة العربية بالقاهرة
لعب مجمع القاهرة دو ار محوريا في صناعة المصطلحات العربية ،كونه ضم صفوة العلماء من
كل األقطار العربية ،وعلى الرغم من ذلك لم يتفرد بآليات تميزة من غيره من المجامع ،سوى طريقة
التعامل معها في الجانب التطبيقي ودعوته العلماء العاملين إلى التقيد بها ،ونذكر من توصياته ما يأتي:
-في نقل المصطلحات األجنبية :أوجب مقابلتها بمصطلحات عربية مع التقيد بداللة المصطلحات
األجنبية بالعودة إلى أصولها الالتينية أو اليونانية ،من دون التقيد بدالالتها اللفظية ،في مثل:
مصطلح " "dead roomيقابله "غرفة كاتمة" ال ميتة(.)2
-اختيار المصطلح المفرد الذي يسهل االشتقاق والنسبة واإلضافة والجمع ،وتفضيله على
المركب ،واال يلجأ إلى الترجمة الحرفية ،مثل :زوم مقابل " ،"zoomعوضا من "العدسة ذات البعد
البؤري المتغير".
-عند الترادف يتم التدقيق في األلفاظ المترادفة في حقل واحد ،ثم اختيار اللفظ ذي الداللة العلمية
الدقيقة.
-قياس المصدر الصناعي بزيادة ياء مشددة وتاء في آخره ،نحو :اإلنسانية واالجتماعية
والنمطية.
-إجازة جمع المصدر في حالة اختالف أنواعه ،من ذلك :تحليل تجمع تحاليل وتحليالت.
عضوا
ً نص المرسوم على أن المجمع يتكون من عشرين
1أنشئ بناء على مرسوم ملكي صدر في ديسمبر عام 1932م ،وقد َّ
عامالً من بين العلماء المعروفين بتعمقهم في اللغة العربية أو ببحوثهم في فقهها ولهجاتها ،نصفهم من المصريين والنصف
اآلخر من العرب والمستشرقين؛ وهو ما كان يعني أن مجمع اللغة العربية عالمي التكوين ،ال يتقيد بجنسية معينة وال بديانة
معينة ،وأن معيار االختيار هو القدرة والكفاءة .وقد سمي في البداية "مجمع اللغة العربية الملكي" ،ثم غير اسمه في عام
1938م فصار "مجمع فؤاد األول للغة العربية" ،ثم غير بعد ذلك إلى مجمع اللغة العربية ،وصدر في عام فى عام
وح َّدد األعضاء العاملين من غير المصريين
عضواَ ،
ً 1982م آخر قانون َح َّدد األعضاء المصريين العاملين بأربعين
عضوا.
ً بعشرين
2الزركان :الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث .ص.162
66
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
-إجازة النسبة إلى الجمع عند الحاجة ،كـ :عمالي ،وثائقي ..كذلك األمر بالنسبة إلى المثنى ،كـ:
طي َناني...
أذينانيُ ،ب ْ
َ
-إجازة صوغ المركب المزجي في المصطلحات العلمية عند الضرورة ،مع ضرورة مراجعة
المجمع ،وال يقبل منه إال الذي يقره ،ومما أقره :تحت الحمراء ،فوق بنفسجي ،ماورائي ،ال
تزاوجي...
-اعتماد المجاز في بعض التعبيرات ،مثل :نبض الشارع ،تعرية الفكر ،السوق السوداء ،الحرب
()1
الباردة...
-األلفاظ العربية التي نقلت إلى اللغات األجنبية محرفة ،إذا أعيدت إلى العربية تعاد إلى أصلها
العربي ،مثل :هرمية = " ،"Hormiqueعوضا من أورميك..
-اعتماد األلفاظ األعجمية التي يشيع استعمالها عالميا ،أو تتعلق باسم علم ،أو أصل يوناني،
مثل :اإلنزيم " ،"enzymالبيولوجية ،"biology" ،الديناميكية "..."dynamic
-اعتماد تعريب المصطلحات الدولية التي فرضت نفسها في الحياة اليومية ،مثل :بنك ="،"Bank
بورصة = "..."Bours
-اعتماد المصطلحات العلمية العالمية التي تعتمد األبجديات األوروبية واليونانية ،مثل :أشعة ألفا
= ،alpha-raysأشعة سينية = ...X-raysوكذا تعريب كلمات العبارات الدولية المختصرة،
مثل :أوبيك = OPECاختصا ار لـ(.)Organzation of Petrolem Exporting Countries
وغيرها من التفاصيل التي ساقتها ق اررات المجمع وتوصياته ،ترجمة للمبادئ التي يعتمد عليها،
وتحقيقا لألهداف التي سطرها.
()2
في صناعة المصطلحات: ج .جهود مجمع اللغة العربية العراقي
اهتم المجمع العراقي بتطوير اللغة العربية ،وحرص على وحدة المصطلح العلمي العربي ،واحياء
67
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
التراث ونشر الثقافة والتأليف والترجمة ،وأمد دارسي اللغة والتراث بما يحتاجون إليه ،وسطر مجموعة من
التوصيات التي سارت لجان صناعة المصطلح العلمي على هديها ،وأسهمت في توليد العديد من
المصطلحات في مختلف العلوم ،ويمكن أن نشير إلى بعض التوصيات فيما يأتي:
* شروط التعريب:
* قواعد التعريب:
()1
في صناعة المصطلحات: د .جهود مجمع اللغة العربية األردني
بذل المجمع ما في وسعه –وما يزال -لإلسهام في صناعة المصطلح العلمي ،وجسد ذلك في
( )1تأسس سنة ( )1961تبعا لتوصية مؤتمر التعريب األول بالرباط ،فأنشئت اللجنة األردنية للتعريب والترجمة والنشر ،ولم
يباشر أعماله إال سنة 1976م.
-ينظر :الزركان :الجهود اللّغوية في المصطلح العلمي الحديث ،ص.193
68
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
-توحيد مصطلحات العلوم واآلداب والفنون ووضع معاجم بمشاركة داخلية وخارجية.
وقد تقاسم بعض األهداف والمبادئ مع غيره من المجامع ،واختلف عنها في بعض التوصيات –
ولو شكليا -محاولة في رسم بعض الخصوصية والتميز ،نذكر منها:
-أن تسمى بأسماء عربية :المدن والقرى والمواقع والمؤسسات التجارية والمالية والصناعية
()1
والعلمية واالجتماعية ومؤسسات الخدمات والترفيه والسياحة والمصنوعات والمنتوجات.
-أن يكزن المقابل العربي معب ار عن الوظيفة التي يدل عليها المصطلح.
()3
-أن يكون المقابل العربي للمصطلح األجنبي عربيا تراثيا كلما كان ذلك ممكنا.
( )1رضوان محمد حسين النجار :المجامع اللغوية ودورها في نشر التراث العربي ،مجمع اللغة العربي األردني أنموذجا،
المجلس األعلى للغة العربية ،الراهن والمأمول ،منشورات المجلس ،ط ،1الجزائر1430 ،هـ2009-م .ص.564
2صالح بلعيد ،في قضايا فقه اللغة العربية ،ص.262
( )3محمد علي الزركان :الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث ،ص.197
69
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
()1
في صناعة المصطلحات: هـ .جهود مجمع اللغة العربية بالجزائر
يعد مجمع اللغة العربية بالجزائر حديث النشأة إذا ما قُورن بالمجامع السالفة الذكر ،وقد أنشئ
لتحقيق أهداف تصب في خدمة اللغة العربية وما تعلق بها من مصطلح ،ومن أهم أهدافه:
و -جهود اتـــحـــاد المجــامع اللغــوية والعـلمـــية العـــربية( )2في صناعة المصطلح:
ضم ات ــحاد المجامع في بادئ األمر ثـالثــة مجـامع ،وهي :مجـمع دمـشق ومـجمع القـاهرة والمجــمع
( )1أنشئ المجمع الجزائري للغة العربية بموجب مرسوم رئاسي سنة ،1992وحدد عدد أعضائه بثالثين عضوا من داخل
الوطن ،ومثلهم من الخارج شرط أن يتقنوا العربية ولغة أخرى ،رأسه في سنة 1998الدكتور التيجاني هدام ،وبعد وفاته
أسندت رئاسته للدكتور عبد الرحمن الحاج صالح.
( )2تعود فكرة إنشاء اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية إلى سنة (1956م) حــين دعت اإلدارة العـامة للثقـافة بالجـامعة
العـربية إلى ذلك ،لكن تأسيسه الفعلي كان سنة (1971م) .بمنزل الدكتور طه حسين الذي انتخب رئيسا ،ويتألف النظام
األساسي لالتحاد من خمس عشرة مادة ،من أبرز ما جاء فيها :أن لالتحاد شخصية معنوية مستقلة ،وأن مقره مدينة
القاهرة ،وأنه يتألف من المجامع الثالثة في دمشق والقاهرة وبغدادِّ ،
وكل مجمع لغوي علمي تنشئه دولة عربية مستقلة،
ويوافق مجلس االتحاد على قبوله.
70
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
بغداد( ،)1وانضـم إليها مجمـع اللغـة الع ـربية األردنـي منذ تأسيسه ،لتنضم المجامع األخرى تباعا فور
تأسيسها ،وقد ظهرت هذه الفكرة لِ َما ُوجد من تضارب بين ق اررات المجامع الموجودة في ذلك الحين ،وما
انجر عليه من هنات تشوب العمل بأكمله وكان لالتحاد هدفان أساسيان:
-الهدف األول :تنظيم االتصال بين المجامع اللغوية العلمية العربية ،وتنسيق جهودها في
األمور المتصلة باللغة العربية وبتراثها اللغوي والعلمي.
-الهدف الثاني :العمل على توحيد المصطلحات العلمية والفنية والحضارية العربية ونشرها.
عقد اتحاد المجامع العديد من الندوات ،وعادة ما ينصب اهتمامه على المعجمات المصطلحية
التي تصدرها المجامع والمؤسسات العلمية ،لما تكتسيه من أهمية في تيسير تعريب العلوم والتعليم.
وأصدر خالصة ندواته في كراسات خاصة يسهل نشرها وتوزيعها في الجامعات والمراكز العلمية.
ومازالت هذه الندوات تعقد دوريا في مبنى اتحاد المجامع بالقاهرة أو في مبنى المجمع العضو في االتحاد
أو في أي بلد عربي آخر بالتعاون مع جامعته أو مؤسساته الثقافية بإشراف جامعة الدول العربية.
والمجمع عضو مؤسس في االتحاد الدولي لألكاديميات العالمية الذي مقره في بروكسل (بلجيكا) ،إذ
يشارك مؤتمراته الدوليةبغية االطالع على المستجدات في مجاالت العلم واألدب واللغة والثقافة العالمية.
وكان هدفه األثير إصدار معجم تاريخي للغة العربية؛ حيث ُخصصت الندوة الثالثة عشرة
(القاهرة2004/4/6-4 :م) لدراسة كيفية تنفيذه وتمويله ،وفتشكلت هيئة للمعجم التاريخي للغة العربية،
وأقر نظامها األساسي بناء على ذلك.
()2
في صناعة المصطلح: ز -جهود المكــتب الدائم لتنسيــــــــــــق التعـــــــــــــــريب
بذل المك ــتب الــدائم لتنسيــق التع ـريب في ال ــوطن الع ـربي الذي تشـرف علـيه المنـظمة العـربية
()3
جهـودا في صناعة المصطلح ،من خالل البحوث الدراسات التي ينجزها للتـربية والثـقافـة والعـلـوم
1ينظر :شوقي ضيف ،مجمع اللغة العربية في خمسين عاما .ص50 .
( )2جاء تنفيذا لتوصيات مؤتمر التعريب األول الذي انعقد بالرباط سنة1961م ،ثم أُلحق باألمانة العامة لجامعة الدول العربية
في مارس .1969وعند تأسيس المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم كوكالة متخصصة في نطاق جامعة الدول العربية
اُلحق بها سنة (1972م) ،وكان يسمى آنذاك (المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي).
( )3ينظر :الزركان ،الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث .ص.175
71
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
الباحثون المنضوون تحته ،أو ما يستقبله من بحوث بغية نشرها في المجلة التي يصدرها( ،)1ومن
اإلشكاالت التي تصدى لمعالجتها:
أ -إشكال "صــالحية اللغـة العـربية للتـدريس الجـامعي" :ضمـن بحـث بعنـوان "اللـغة العـربية
وتحـديـات العصـر" وتوصل إلى أن اللغـة الع ـربية صـالحة للتــدريس الجـامعي في العلــوم الحديـثة ،لكـن
يلـزم في هـذا التدريــس االستعانة بلغـة أجنبيـة( ،)2وحصر العقبات التي تعرقل التـدريس العلــمي بالــلغة
()3
العربيـة في مجموعة من النقاط ،وخلص إلى التوصيات اآلتية:
-تكـوين المكتبـة العلمـية بتـرجمة الكتـب.
-العـمل علـى تع ـريب المصطـلحـات تمـاشيـاً مع تـطـور العلـم.
-تــوحيد الكتـب الجـامعية في الــدول العـربية.
-تشكـل لجــنة مـن الجـامعـات تشــرف علـى ترجـمة البحـوث إلـى لغـة عربيـة سليـمة.
ب -إشكال "المصطلحـات العلميـة" :وهو إشكال يعــاني منـه الباحثون العــرب ،ومن المجهودات
التي بذلت إليجاد حلول لهذا اإلشكال ،الندوة التي عقدت سنة (1981م) بعنوان" :تـوحيـد منهـجيات
وضع المصطلحات العلمية" ،وتمخض عنها إقرار مجموعة من المبادئ األساسية في اختيار
المصطلحات العلمية ووضعها ،ومن بينـها(:)4
-1ضرورة وجـود مناسبة أو مشاركـة بين مـدلـول المصطلح اللغـوي ومدلـوله االصطـالحي ،وال
يشتـرط في المصطلح أن يستوعب كل معناه العلمي.
-2وضع مصطلح واحـد للمفـهـوم العـلمي الـواحد ذي المضمـون الـواحد في الحـقل الـواحد.
-3استقـراء التـراث العـربي واحياؤه ،وخاصة ما استقر منه من مصطلحـات علميـة عـربية صالحـة
لالستعمـال الحـديث.
-4استخـدام الوسائل اللغـوية في تـوليد المصطلحات العلميـة الجديدة باألفضلية طبقاً للترتيب
( )1اللسان العربي :مجلة تصدر عن مكتب تنسيق التعريب بالرباط (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم).
( )2ينظر وفاء كامل فايد ،المجامع العربية وقضايا اللغة ،ص. 586 – 585
( )3المرجع نفسه .ص.581
( )4ينظر :مصطفى طاهر الحيادرة ،من قضايا المصطلح اللغوي العربي ( الكتاب األول ) ،ص.505
72
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
إن التقاء أعضـاء المجــامع العربيــة واتصـالهم يسهم في توحــيد المصطلحـات ،وتقــارب آرائهـم
حـول المصطلحـات المختلف فيــها ،سـواء أكـان هـذا تحت إشـراف مكتـب تنسيــق التعـريب أم في مؤتــمر
مجمـع اللغـة العـربية الذي يعقـد سنويــا بالقـاهرة ،ويضم علماء العربية من دون االقتصــار على أعضـاء
المجـامع.)1(.
( )1ينظر :وفاء كامل فايد ،المجامع العربية و قضايا اللغة ،ص .581–582
73
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
-2بنوك المصطلحات:
شهدت المعرفة اإلنسانية انتشا ار واسعا في القرن العشرين ،وازدادت وتيرة االكتشافات
واالختراعات سرعة في المجاالت العلمية والتقنية المختلفة ،ورافق كل ذلك حاجة ماسة إلى إيجاد
مصطلحات علمية للتعبير عن المفاهيم الجديدة ،وأدى هذا إلى مشكلة رصد المصطلحات ومتابعتها عبر
تخزينها في مجال الصناعة المعجمية الورقية ،التي ضاقت بهذا السيل الدافق ،فبدأت تظهر صناعة
يتجز من هذه الصناعة.
أ المعاجم المحوسبة (اإللكترونية) ،حتى غدت جزءا ال
أ -التعريف:
أ -عدم قدرة الفرد على اإلحاطة بجميع المصطلحات في فن من فنون العلم والتقنية ،وقد قدرت
الدراسات أن عدد المصطلحات التي تستحدث يوميا كان خميسن مصطلحا في الثمانيات ،وأن العدد
يتزايد كلما تقدم الزمن ،وهو ما ينوء بعقل الفرد اإلنسان أن يخزنه.
ب -إن توظيف الحاسوب في تخزين المصطلحات ومعالجتها سيؤدي حتما إلى اإلسراع في
تمكين الباحث من الترجمة والبيانات المختلفة عنه؛ كالميدان العلمي ،والمدلول والسياق الذي َي ِرد فيه...
في وقت وجيز ال يستطيع تحصيله إذ ما قورن بالمعاجم التقليدية.
74
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
-إتاحة الفرصة إلثراء الرصيد المصطلحي المخزن في الذاكرة وتحيينه في كل أن ،وهذا أمر
صعب عند التعامل مع المعجم الورقي الذي يحتاج إلى إعادة الطبع؛ وذلك ال يتم إال إذا مر عليه وقت
معين.
-يسهل عمل المترجم ،إذ يضع بين يديه الداللة الدقيقة في كل فن من فنون المعرفة.
-يسهل عملية توحيد المصطلحات من خالل المقابلة بين المصطلحات المقترحة من هيئات
مختلفة لمفهوم واحد ،والوقوف على الترادف واالشتراك اللفظي.
بظهور قواعد البيانات ،استحدثت طرق جديدة في تخزين الملفات ،وأدى إلى ظهور العديد من
التسميات:
-بنك المعلومات ( :)Dada bankظهرت هذه الفكرة في الستينات حيث حاولت الحكومة
اإلمريكية أن تنشئ قاعدة مركزية تخزن المعلومات عن المواطنين ،كي تستخدم في التخطيط القومي،
لكن الفكرة لم ترق للمواطنين األمريكيين ،لكن الفكرة وجدت سبال آخرى للتطبيق في مجاالت الحياة
المتعددة ،فأنشئ بنك المعلومات المكتبية والفهرسة في مكتبة الكونغرس ،وبنك المعلومات الطبية ،وبنك
المعلومات اإلعالمية في جريدة نيويورك تايمز ...فيحفظ الحاسوب البيانتات حسب االختصاص ليسهل
استعادتها عند الحاجة.
-بنك الكلمات ( :)Word bankيخزن هذا البنك النصوص اللغوية (المدونة ،)corpus
ليساعد الباحثين على فهم أفضل للغة وتعينهم على وضع قواعدها.
وتعد جامعة ستانفرد األمريكية أول من أنشأ بنكا للكلمات ،حيث تضم مدونته حوالي سبعة
ماليين كلمة للغة االنجليزية ،ثم انتشرت بنوك أخرى في مختلف البلدان ،وتعد شركة صخر بالقاهرة خير
مثال لبنوك الكلمات في اللغة العربية ، .وهذه البنوك ذات فوائد جمة؛ وأداة بحث ال غنى عنها لكل
75
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
باحث في المصطلحية ،فقد تكون المدونة عامة ،كما يمكن أن تكون مختصة في مجال من مجاالت
العلوم والتقنية.
وقد تم االتفاق على مواصفات معينة يجب أن تتوافر في المصطلحات التي تخزن في بنوك
المصطلحات ،منها(:)1
-رمز التعريف
-مرتبة الصالحية
-اسم الواضع
-حقل االختصاص
-مصدر المصطلح
-تعاريف المصطلح (المفاهيم التي يعبر عنها)
-شواهد مختارة
-اإلشارة إلى اللغة األجنبية
-شمولية المصطلح في شكله الراهن
-الحدود الجغرافية للمصطلح
( )1المؤتمر العالمي األول لبنوك المصطلحات الذي عقد في فيينا –النمسا 3 -2 ،أفريل .1979
76
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
-المعلومات اللغوية
-المستويات اللغوية
-المعلومات الببلوغارفية لمن يرغب في زيادة البحث
-بنوك المصطلحات اللفظية :أكثر بنوك المصطلحات شيوعا في العالم ،تتبع الترتيب األلفبائي
للمصطلحات لتيسير الوصول إليها ،إذ تبدأ من المصطلح لتبلغ تعيين مفهومه في السياقات التي يرد
فيها ،ليختص بميدان مفهومي معين .ومن عيوبها أنها تذكر كل بيانات المصطلح في المدخل الواحد،
وهذا يجعل الباحث مضط ار ألن يق أر كل المعلومات الواردة لبلوغ المفهوم المراد في حقله .
-بنوك المصطلحات المفهومية :على عكس سابقتها ،فإنها تبدأ من المفهوم ثم تبحث عن
التسميات أو المصطلحات التي تعبِّر عنه ،لذلك تواجه مشكلة مع المصطلحات التي يرد ذكرها في حقل
علمي.
-بنوك المصطلحات المزدوجة :يعد هذا النوع من بنوك المصطلحات (بنوك المصطلحات
المترابطة النصوص) نوعا جديدا يسعى إلى التوفيق بين النوعين السابقين؛ أي « بين البنية الكبرى للغة
77
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
(النصوص العلمية) التي تعول عليها بنوك المصطلحات المفهومية ،وبين البنية الصغرى للغة
(
اللفظية» المصطلحات بنوك عمل منها ينطلق التي العلمية) (المصطلحات
)1
واالستفادة من النقاط اإلجابية.
د -ميزات بنوك المصطلحات:
يمكن القول أن لبنوك المصطلحات أربعة ميزات ليست متوفرة في المعاجم الورقية ،وهي:
-حداثة المعلومات :فإدخال مصطلحات جديدة في بنك المصطلحات ال يستغرق دقائق ،في
حين أن نشرها في معجم ورقي مطبوع قد يستغرق شهو اًر .كما أنه يمكننا االطالع على المصطلح بعد
ثوان من تخزينه في بنك المصطلحات ،وهذا ما ال يتأتى لنا في المعجم الورقي.
-سهولة تخزين المصطلحات وتجميعها :إن شبكة بنوك المصطلحات التي تيسِّر التعاون بين
عدد من بنوك المصطلحات تجعل من الممكن تقسيم العمل بين هذه البنوك واإلسراع في تجميع
المصطلحات وتخزينها .وتتيح لنا شبكة المعلومات الدولية (اإلنترنت) االطالع على محتويات
بنوك المعلومات التي تتخذ لها مواقع على هذه الشبكة.
-سرعة التعرف على التكرار والتناقض في المصطلحات :وذلك بفضل إمكانات الترتيب
والتصنيف والتجميع اآللي المختلفة ،مثل الترتيب األلفبائي ،أو الترتيب الموضوعي ،أو الترتيب بحسب
المصد ،أو بحسب التشابه الشكلي،وما إلى ذلك.
-توفير الوقت والجهد والمال :فالباحث في بنك المصطلحات يستطيع أن يعثر على مصطلح
أو مجموعة من المصطلحات في غضون ثوان معدودات ،على حين قد يتطلب ذلك منه ساعات من
البحث في المعاجم الورقية .
( )1رجاء وحيد دويدري :المصطلح العلمي في اللغة العربية –عمقه التراثي وبعده المعاصر ،ص.352
78
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
-بنك مصطلحات شركة سيمنس في ميونيخ األلمانية الذي يضم قاعدة بيانات للمصطلحات
التكنولوجية والهندسة الكهربائية ،باللغات األوروبية ،ولما اقتحمت مصنوعات الشركة البالد العربية
أضافت الشركة المصطلحات العربية إلى بنكها المصطلحي لتمكين المترجمين من كتابة إرشادات
استعمال منتجاتها ،وتُوج األمر باتفاق مع مكتب تنسيق التعريب بالرباط لتبادل المصطلحات بينهما؛ فتُ ِمد
79
-5جهود األفراد والمؤسسات في صناعة المصطلح
-قاعدة بيانات األمم المتحدة بنيويورك التي تحتوي على بيانات المصطلحات مع تعريفاتها
باللغات الرسمية لألمم المتحدة (اإلنجليزية ،والفرنسية ،والروسية والصينية ،والعربية) حتى يستعين بها
المترجمون في المنظمة .ولتوسيع الفائدة جعلت لها موقعا على شبكة المعلومات (االنترنت).
هناك بنوك للمصطلحات في المؤسسات اللغوية والجامعات في الوطن العربي ،نذكر منها:
المعطيات المعجمية بالرباط.
-1قاعدة ُ
-2البنك اآللي السعودي للمصطلحات (باسم).
المعطيات المصطلحية (قمم) بتونس.
-3قاعدة ُ
-4بنك مجمع اللغة العربية في األردن.
-5بنك المصطلحات في المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي.
80
خـ ـاتم ـ ـ ـة
خاتمة:
الدرس المصطلحي العربي يرتبط بالت ارث المصطلحي ،مع االنفتاح على النماذج المصطلحية
العالمية الحديثة ،واالستعانة بالعلوم المرتبطة بالمصطلحية كالمنطق واللسانيات واالبستمولوجيا
والمعلوماتية.
لمصطلحيين العرب المحدثين األخذ بآليت وضع المصطلح عند العلماء العرب القدامى،
ّ ول
واالهتداء بطرقهم في تسمية المفاهيم العلمية والفنية وتحديدها،
-توليد المصطلحات المصوغة من األوزان المزيدة خصوصا بعد استنفاذ طاقات األوزان
المجردة.
-استخدام صيغ الجموع بأنماطها المختلفة عند تسمية المفاهيم ِعْلما أن َج ْمع المذكر السالم قلَّ َما
مجردة. ِ
يستعمل لهذا الغرض نظ ار لكونه يجمع ما يعقل ،وأغلب التسميات هي ألشياء وذوات جامدة أو ّ
الترخص التي فتحها العرب القدامى في لغاتهم العلمية الختالف طبائع
ّ -االستفادة من أبواب
رد المصطلح إلى المفـرد،
هاته األخيرة عن طبيعة اللغة العامة ،من ذلك :جواز النسبة إلى الجمع دون ّ
كقـول ابن سينا " :قروحي" ،نسبة إلى قروح وهو جمع لمفرده " ْقر َحة".
-استساغة استعمال التراكيب العلمية في تسمية المفاهيم إن اقتضى األمر ذلك ،وحمل
المصطلح أكثر من معنى .وقد ترد التراكيب االصطالحية مكونة من كلمتين ،أو من ثالث كلمات ،أو
من عبارة اصطالحية ، 23وبذلك يبطل القيد الذي وضعه بعض رواد "النهضة" العربية الحديثة في
تكون المصطلح العلمي من كلمة واحدة.
إلزامية ّ
مزْعفر– ُمفَـلفَـل من :زعفران – فلفل.
المعرب ،كاشتقاق الصفاتَ :
َّ -إجازة االشتقاق من
81
خـ ـاتم ـ ـ ـة
-االجتهاد في تأصيل الدخيل من المصطلحات ،وطبعها بطابع عربي يجعلها تعكس طبيعة
المنزه عن كل تبعية ونسخ حرفي للوافد .
التالقح الحضاري (العربي /األجنبي) ّ
ارتكاز "التعريف" بداية على التحليل اللغوي للمصطلح ،وارجاعه إلى أصله االشتقاقي ،ليعقب
ذلك ذكٌر لمعاني المصطلح عند أهل االختصاص العلمي أو الفني أو المهني ،والتمييز في تحديد
المفهوم بين المستوى العلمي والمستوى التعليمي ،واإلشارة إلى مجاالت استعماله ،مما يتيح تقنينا لسماته
الداللية ،من أجل تفادي أي لبس في توظيفه من طرف أهل االختصاص.
ومن الضيم أن تفرض على المصطلحيين العرب النظرية المصطلحية الغربية ،في حين اللغة
العربية لها خصوصيتها ،وهو ما أدى إلى ظهور موضوعات جديدة في العمل المصطلحي العربي ،نحو:
موضوع تطويع المفاهيم األجنبية لـشروط الصياغة العربية في المستويات الصوتية ،والصرفية،
والتركيبية ،فهذه المسائل من شأنها أن تكون ركيوة من ركائز المصطلحية العربية التي ما فتئ
المصطلحيون العرب يسعون إلى وضع دعائمها.
82
ثبت املصادر واملراجع
-ثبت المصادر والمراجع
-الكتب:
-القرآن الكريم
-ابن جني (بو الفتح عثمان) :الخصائص ،تح :عبد الحكيم بن محمد ،المكتبة التوفيقية ،دط .دت.ج.1
-ابن حزم (أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد) :اإلحكام في أصول األحكام ،الباب الخامس ،تقديم :إحسان
عباس ،منشورات دار اآلفاق الجديدة .بيروت ،ط1400 ،1ه.
-ابن خلدون (عبد الرحمن) :المقدمة ،تحقيق :عبد الواحد وافى ،ط ،3دار النهضة ،مصر1401 .ه.
-ابن فارس :الصاحبي في فقه اللغة ،المكتبة السلفية ،القاهرة1910 ،م.
-ابن فارس :الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كالمها ،تح :مصطفى الشويمي ،مؤسسة بدران ،بيروت،
لبنان1964 .م.
-إخوان الصفا :رسائل إخوان الصفا ،القسم الثالث ،الرسالة العاشرة .:الحدود والرسوم ،تحقيق :محمد العبد،
منشورات عكاظ العصرية-صيدا بيروت1399 ،ه1997-م.
-الباقالني :إعجاز القرآن ،المطبعة السلفية ،القاهرة ،مصر1349 .هـ.
-البوشيخي (الشاهد) :مشروع المعجم التاريخي للمصطلحات العلمية ،ط .1مطبعة أنفو برانت ،فاس.2002 .
-الجرجاني (عبد القاهر) :دالئل االعجاز ،شرحه وعلق عليه ووضع فهارسه محمد التنجي ،دار الكتاب
العربي ،ط1420 ،3هـ 1999م.
-الخوارزمي (أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن يوسف) :مفاتيح العلوم ،دار الطباعة المنيرية ،مصر.1342 .ه.
-الخوري (شحادة) :دراسات في المصطلح والترجمة والتعريب ،المركـز العربـي للتعريب والترجمة والتأليف
والنشر – بدمشق .2015 .ج.2
-الرازي (فخر الدين) :التفسير الكبير ،دار الكتب العلمية ،طهران ،ط ،2دت.
:المحصول في علم األصول ،تحقيق :طه جابر فياض العلواني ،الرياض1399 .ه1979-م. -
:نهاية اإليجاز في دراية اإلعجاز في علوم البالغة وبيان إعجاز القرآن الكريم ،مطبعة اآلداب والمؤبد، -
القاهرة .مصر1317 .هـ.
-الزركان (محمد علي) :الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث ،منشورات اتحاد الكتاب العرب .دمشق،
سورية.1998 .
-السكاكي (أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر محمد بن علي) :مفتاح العلوم ،ط .2دار الكتب العلمية ،بيروت،
لبنان1987 .م.
-السيوطي :المزهر في علوم االللغة وأنواعها ،المكتبة العصرية ،بيروت ،لبنان1987.م.
84
-ثبت المصادر والمراجع
-الغزالي (حجة اإلسالم محمد [أبو حامد]) :معيار العلم في فن المنطق ،ط ،2المطبعة العربية ،مصر.
1927م.
-القاسمي (علي) :مقدمة في علم المصطلح ،مكتبة النهضة المصرية ،ط ،2القاهرة1987 .م.
-المجلس األعلى للغة العربية :الراهن والمأمول ،منشورات المجلس ،ط ،1الجزائر1430 ،هـ2009-م.
-المسـدي (عبـد السـالم) :التفكير اللساني في الحضارة العربية ،دار الكتـاب الجديـد المتحـدة ،بيروت -لبنـان،
ط2009 ،3م.
-الميساوي (خليفة) :المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم ،منشورات ضفاف ،الرياض -بيروت ،دار األمان،
الرباط ،منشورات االختالف ،الجزائر .ط.2013 ،1
-بوشيبة (عبد القادر) :محاضرات في علم المفردات وصناعة المعاجم ،جامعة أبي بكربلقايد.2015 ،
-جدعان (محمود فهمي) ،األسس اللغوية لعلم المصطلح :دار غريب ،القاهرة ،د-ت.
-دويدري (رجاء وحيد) :المصطلح العلمي في اللغة العربية –عمقه التراثي وبعده المعاصر ،دار الفكر ،دمشق،
سورية .ط.2010 ،1
-زفنكي (صافية) :المناهج المصطلحية ،مشكالتها التطبيقية ونهج معالجتها ،منشورات و ازرة الثقافة ،الهيئة
العامة السورية للكتاب.2010 .
-ضيف (شوقي) :مجمع اللغة العربية في خمسين عاما ،مجمع اللغة العربية ،مصر .ط.1984 ،1
-ظاظ (حسن) :كالم العرب –من قضايا اللغة العربية ،اإلسكندرية.1997 ،
-كابري (ماريا تيريزا) :المصطلحية النظرية والمنهجية والتطبيقات ،ترجمة :محمد أمطوش ،عالم الكتب العربي.
-كحيل (سعيدة عمارة) :دراسات الترجمة ،دار المجدالوي للنشر والتوزيع ،األردن.2011 ،
-مطلوب (أحمد) :في المصطلحات النقد العربي القديم ،مكتبة لبنان ناشرون ،ط2001 ،1م.
-مقران (يوسف) :المصطلح اللساني المترجم
-مقران (يوسف) :المصطلح اللساني المترجم ،مدخل نظري إلى المصطلحات ،دار رسالن ،دمشق ،سوريا.
.2009
-مونان (جورج) :علم اللغة والترجمة ،ترجمة أحمد زكريا إبراهيم ،المجلس األعلى للثقافة ،القاهرة ،مصر.
2002م.
-الشهابي (األمير مصطفى) :المصطلحات العلمية في اللغة العربية ،القاهرة ،معهد الدراسات العربية العالية
جامعة الدول العربية1955 ،م.
85
-ثبت المصادر والمراجع
-القرافي شهاب الدين (أحمد بن إدريس) :شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في األصول ،تحقيق:طه
عبد الرؤوف سعيد ،دار الفكر ،ط1973 ،1م.
86
-ثبت المصادر والمراجع
-الكفوي (أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني) :الكليات-معجم في المصطلحات والفروق اللغوية -مؤسسة
الرسالة ،بيروت ،لبنان .ط1419 ،2ه1998-م..
-المعاجم األجنبية:
- Dictionnaire Hachette, le dictionnaire de notre temps 1990.
- Dictionnaire linguistique de l'école de Prague. Vachek –Anvers,1966.
- Larousse, dictionnaire de français, 2010.
- Oxford LEARNER,S POCKET Dictionary, fourth edition.
-المجالت والدوريات:
-أبو زيد (أحمد) :نظرية النظم بين المعتزلة واألشاعرة .مجلة كلية اآلداب ،فاس .عدد خاص .4سنة 1988م.
ندوة المصطلح النقدي.
-أبو يزيد (أحمد) :مدخل لدراسة جهود المفسرين في تفسير المصطلح القرآني ،مجلة دراسات مصطلحية،
عدد.2002 ،2
-القاسمي (محمد علي) ،مجلة اللسـان العربي ،مجلة دورة لألبحاث اللغوية ونشاط الترجمة والتعريب ،مجلد،18
ج .1مكتب تنسيق التعريب في الوطن العربي الرباط (المملكة المغربية).
-القرشي (خضر بن عليان) :تعريب العلوم ووضع المصطلحات ،مجلة اللسان العربي ،عدد .1983 ،22
-عبد الرحيم (محمد) ،أزمة المصطلح في النقد القصصي ،مجلة فصول مج ،7ع ،3أبريل سبتمبر.1987 ،
-عودة (خليل) ،المصطلح النقدي في الدراسات العربية المعاصرة بين األصالة والتجديد ،مجلة جامعة الخليل
للبحوث ،مجلد ،01عدد .2003 ،02جامعة النجاح الوطنية.
-مجلة مجع اللغة العربية األردني ،ج12-11
عاما ( ،)1984 – 1934راجعه محمد
-مجمع اللغة العربية بالقاهرة :مجموعة الق اررات العلمية في خمسين ً
شوقي أمين وابراهيم الترزي ،الهيئة العامة لشؤون الطباعة المصرية.1984 ،
-قــدور(محمد أحمد) :اللسانيات والمصطلح ،مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ،مجلد ،81جزء .4
-مكتب تنسيق التعريب في الوطن العربي ،معجم مفردات علم المصطلح ،المادتان ، 32-31مؤسسة إيزو،
التوصية ،1087مجلة اللسان العربي ،ع 1983 ،22
87
-فهرس الموضوعات
فهرس الموضوعات
الصفحة العناصر
01 .................................................................................................................. مقدمة
02 ............................................................... -1مدخل إلى علم المصطلح :المفهوم والنشأة
03 ........................................................................................ أوال :املصطلح واالصطالح
03 .......................................................................... -1يف املعجم العريب القدمي:
03 اللغوية............................................................................ :
أ– الداللة
04 ب– الداللة االصطالحية.................................................................. :
88
-فهرس الموضوعات
89