‫نيلسون مانديال‬

‫‪16/10/2014‬‬

‫سياسي ومناضل من جنوب أفريقيا وأول رئيس أسود لها‪ .‬رفض الظلم وحارب‬
‫العنصرية وأمضى أكثر من ربع قرن في السجن‪ ،‬وحين خرج دافع عن سجانيه‪،‬‬
‫وحرص على تجاوز األحقاد المتراكمة من أجل الوئام الوطني‪.‬‬

‫المولد والنشأة‬
‫ولد نيلسون مانديال يوم ‪ 18‬يوليو‪/‬تموز ‪ 1918‬في بلدة "مفيزو" فى منطقة‬
‫ترانسكاي بجنوب أفريقيا‪ ،‬سَّماه أبوه "دوليهالهال" (المشاكس باللغة األفريكانية) لكنه‬
‫ُسِّم َي في مدرسة اإلرسالية االبتدائية "نيلسون" بعد أن عجز أساتذته البيض عن نطق‬
‫اسمه‪.‬‬
 ‫توفي والده وهو في التاسعة من العمر‪ ،‬فانتقل إلى العيش مع حاكم شعب "ثامبو"‬
‫جونجينتابا داليندييبو‪ ،‬الذي كفله ردا لجميل والده الذي زكاه رئيسا لقبيلة "ثامبو" قبل‬
‫سنوات من ذلك‪.‬‬

‫الدراسة والتكوين‬
‫كان أحد األطفال األفريقيين القالئل الذين استطاعوا دخول المدرسة االبتدائية‪ ،‬فأكمل‬
‫دراسته بمدارس اإلرسالية‪ ،‬وسجل نجاحا وتفوقا ملحوظا في دراسته‪ ،‬والتحق بكلية‬
‫فورت هاري‪.‬‬

‫لكنه طرد منها مع رفيقه أوليفر تامبو عام ‪ 1940‬بسبب مشاركته في االحتجاجات‬
‫الطالبية على سياسة التمييز العنصري‪ ،‬ولم يستطع إكمال دراسته بشكل منتظم‪ ،‬فأكملها‬
‫بالمراسلة في جوهانسبرغ‪ ،‬وحصل على "ليسانس" الحقوق‪.‬‬

‫الوظائف والمسؤوليات‬
‫لم يشغل نفسه بالوظائف الحكومية اإلدارية‪ ،‬ولم تكن متاحة لمن هم مثله من السود‬
‫الرافضين للميز العنصري‪ ،‬فافتتح مكتبا للمحاماة سنة ‪ 1952‬مع رفيقه أوليفر تامبو‪،‬‬
‫كان أول مكتب محاماة لذوي البشرة السوداء في جنوب أفريقيا‪.‬‬

‫التجربة السياسية‬
‫بدأ رحلته مع السياسة في العشرين من عمره‪ ،‬فانضم سنة ‪ 1942‬إلى حزب المؤتمر‬
‫الوطني األفريقي المعارض لسياسة التمييز العنصري‪ ،‬ونشط فيه‪ ،‬وعمل على تحويله‬
‫إلى حركة جماهيرية تستقطب مختلف الفئات األفريقية‪ ،‬وكان أحد مؤسسي "اتحاد‬
‫الشبيبة" بالحزب‪.‬‬

‫وحين بدأ الحزب ما ُع ِر َف "بحملة التحدي" تنقل مانديال داخل البالد محرضا على‬
‫مقاومة قوانين التمييز العنصري‪ ،‬فصدر حكم بسجنه مع وقف التنفيذ‪ ،‬وُمِنع من مغادرة‬
‫جوهانسبرغ ستة أشهر‪ ،‬استغلها إلعداد خطة لتحويل فروع الحزب إلى خاليا للمقاومة‬
‫السرية‪.‬‬

‫وبعد أحداث مذبحة "شاريفيل" سنة ‪ 1960‬التي أطلق فيها رجال الشرطة النار على‬
‫المتظاهرين وسقط المئات من القتلى والجرحى‪ ،‬حظرت السلطات كافة نشاطات حزب‬
‫المؤتمر الوطني األفريقي‪ ،‬واعُتِقل مانديال‪.‬‬

‫وبعد اإلفراج عنه سنة ‪ 1961‬قاد المقاومة السرية‪ ،‬وسافر إلى الجزائر عام ‪1962‬‬
‫لترتيب دورات تدريبية ألعضاء الجناح العسكري للحزب‪ ،‬وبعد عودته اعتقل بتهمة‬
 ‫مغادرة البالد بطريقة غير قانونية‪ ،‬والتحريض على اإلضرابات وأعمال العنف‪ ،‬وحين‬
‫بدأت محاكمته تولى الدفاع عن نفسه‪.‬‬

‫وصف حالته في المحاكمة بالقول "أثناء محاكمتي دخلت قاعة المحكمة بمالبس الكوسا‬
‫المصنوعة من جلد النمر‪ ،‬وقد اخترت هذا الزى ُألْب ِر َز المعنى الرمزي لكوني رجال‬
‫أفريقيا يحاكم في محكمة للرجل األبيض‪ ،‬وكنت أحمل على كتفي تاريخ قومي وثقافاتهم‪،‬‬
‫وكنت على يقين أن ظهوري بذلك الزى سيخيف السلطة من ثقافة أفريقيا وحضارتها"‪.‬‬

‫حكم عليه بالسجن خمس سنوات‪ ،‬وقبل أن ينهيها صدر عليه حكم بالسجن المؤبد سنة‬
‫‪ ،1964‬فكانت بداية رحلة نضال وعزيمة وصبر استمرت أكثر من ربع قرن‪ ،‬تحول‬
‫خاللها مانديال إلى أيقونة للحرية‪ ،‬ورمز للكفاح والنضال‪.‬‬

‫لم تلن عزيمته رغم ظلم وظالم السجن‪ ،‬ولم يتخل أو يتراجع عما آمن به‪ ،‬فرفض عرضا‬
‫من سجانيه باإلفراج عنه مقابل عودته لقبيلته والتخلي عن المقاومة‪ ،‬ورفض عرضا آخر‬
‫بعد ذلك مقابل إعالنه رفض العنف‪.‬‬

‫وأثناء فترة سجنه أصبح رمزا دوليا للكفاح ضد العنصرية‪ ،‬فرضخت حكومة جنوب‬
‫أفريقيا للضغوط الداخلية والدولية وأطلقت سراحه سنة ‪ ،1990‬بعد أكثر من ‪ 27‬عاما‬
‫في السجن‪.‬‬

‫وبعد اإلفراج عنه أعلن وقف الكفاح المسلح وقاد المفاوضات مع رئيس جنوب أفريقيا‬
‫األبيض فريدريك ويليام ديكليرك إلنهاء الميز العنصري‪ ،‬وتحقيق طموحه الذي عبر عنه‬
‫في كتابه رحلتي الطويلة في طريق الحرية‪" :‬عندما خرجت من السجن كانت مهمتي‬
‫تتمثل في تحرير الظالم والمظلوم معا"‪.‬‬

‫خرجت جنوب أفريقيا من نظام الميز العنصري وتبنت دستورا جديدا تعدديا‪ ،‬وانتخب‬
‫مانديال رئيسا لها سنة ‪ 1994‬فكان أول رئيس أسود يحكمها‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1999‬قرر التقاعد فلم يترشح لفترة رئاسية ثانية‪ ،‬واشتغل باألعمال الخيرية‬
‫من خالل مؤسسة مانديال الخيرية لمكافحة اإليدز‪ ،‬وصندوق نيلسون مانديال للطفولة‪.‬‬

‫الجوائز واألوسمة‬
‫حصل على الكثير من الجوائز العالمية واألوسمة والشهادات التكريمية‪ ،‬من أبرزها جائزة‬
‫نوبل للسالم التي حصل عليها سنة ‪ 1993‬مناصفة مع آخر رئيس لنظام الميز‬
 ‫العنصري في جنوب أفريقيا فريدريك ويليام ديكليرك‪ ،‬واختارته األمم المتحدة سفيرا‬
‫للنيات الحسنة عام ‪.2005‬‬

‫الوفاة‬
‫توفي نيلسون مانديال في ‪ 5‬ديسمبر‪/‬كانون األول ‪ 2013‬بجنوب أفريقيا بعد صراع‬
‫طويل مع المرض‪ ،‬فودعه شعبه بالدموع والزهور‪ ،‬وحضر جنازته عدد كبير من قادة‬
‫العالم‪ ،‬وأعلنت دول كثيرة الحداد حزنا عليه‪.‬‬

‫‪ :‬الجزيرة‬ ‫المصدر‬