Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 40

See discussions, stats, and author profiles for this publication at: https://www.researchgate.

net/publication/357128932

‫ اﻟﺘﻐﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ‬-‫ اﻷﻏﻮاط اﻟﺠﺰاﺋﺮ‬- ‫اﺻﺪارات ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟﺤﻀﺎرة‬
‫اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ‬

Book · July 2018

CITATIONS READS

0 8,289

1 author:

Hany M. Bahaa Eldin


Suez University
18 PUBLICATIONS 0 CITATIONS

SEE PROFILE

All content following this page was uploaded by Hany M. Bahaa Eldin on 17 December 2021.

The user has requested enhancement of the downloaded file.


‫اصدارات مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة‬
‫الأغواط‪ -‬الجزائر‬

‫التغير الاجتتماعي في الوطن العربي‬


‫المعاصر‬
‫إشراف وتحرير ‪:‬‬
‫د‪ .‬سومــية سعــــال‬

‫تأليــف ‪:‬‬
‫مجموعة من الباحث‬

‫تقديم ‪:‬‬
‫أ‪.‬د مبروك زيد الخ ير‬

‫الطبعة األولى‬
‫التغير الاجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫الطبعة ا ألوىل‬
‫‪9341‬هـ ‪ 8192 -‬م‬

‫‪ISBN : 978_9931_705_01_7‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة‬

‫مطبعة مركز البحث في العلوم الاسلامية والحضارة‬


‫العنوان ‪ :‬مقابل المستشفى الجامعي الاغواط – الجزائر‬
‫هاتف ‪ /‬فاكس‪43541362312 :‬‬
‫البريد الال كتروني ‪soumia.saal@gmail.com :‬‬

‫إن الآراء والاتجاهات الوارد الحديث عنها في هذا الكتاب ‪ ،‬لا تعبر بالضرورة عن رأي مركز البحث في العلوم‬
‫الاسلامية والحضارة بالأغواط‪ -‬الجزائر‪ ،‬وان كانت في سياق اهتماماته المعرفية ‪.‬‬

‫يمنع نسخ او استعمال أي جزء من هذا الكتاب بأي وسيلة تصوير ية أو ال كترونية أو ميكانيكية أو أي وسيلة‬
‫نشر اخرى من دون إذن خطي من إدارة المركز ‪.‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬
‫أعضاء اللجنة العلمية‪:‬‬

‫د‪ .‬برغوثي توفيق‪crsic‬‬ ‫أ‪.‬د حسين عبداللاوي جامعة أبو القاسم سعد الله ‪ -‬الجزائر‪2‬‬

‫د‪ .‬بن لحبيب بشير ‪crsic‬‬ ‫أ‪.‬د أمحمد دلاسي جامعة عمار ثليجي ‪ -‬الاغواط‬

‫د‪ .‬شتاتحة أم الخ ير ‪crsic‬‬ ‫أ‪.‬د شر يف زهرة جامعة أبو القاسم سعد الله ‪ -‬الجزائر ‪2‬‬

‫د‪ .‬حسيني مختار ‪crsic‬‬ ‫أ‪.‬دخليفة عبد القادر جامعة قاصدي مرباح ‪ -‬ورقلة‬

‫د‪.‬سعال سومية ‪crsic‬‬ ‫د‪ .‬محمد الصاف ي جامعة ابن طفيل‪ ،‬القنيطرة‪ -‬المغرب‬

‫أ‪ .‬قديم طيب ‪crsic‬‬ ‫د‪ .‬بشيري عبد الرحمان جامعة ز يان عاشور ‪ -‬الجلفة‬

‫أ‪ .‬نور الدين بن نعيجة ‪crsic‬‬ ‫د احمد بن طاهر جامعة مصراتة ‪ -‬ليبيا‬

‫أ‪ .‬بن عزوزي محمد ‪crsic‬‬ ‫د‪ .‬عقون شراف المركز الجامعي عبد الحفيظ بالصوف‪ -‬ميلة‬

‫أ‪ .‬خبيزي محمد ‪crsic‬‬ ‫د‪ .‬طارق حامول جامعة طاهري محمد – بشار‬

‫أ‪ .‬شلباك سليمان ‪crsic‬‬ ‫د‪ .‬كوبيبي حفصة جامعة عبد الحميد بن باديس‪ -‬مستغانم‬

‫أ‪ .‬شودار مبارك ‪crsic‬‬ ‫د‪ .‬سهى حمزاوي جامعة عباس لغرور‪ -‬خنشلة‬

‫دلحرش اسعد جامعة ز يان عاشور – الجلفة‬

‫د‪ .‬نور ية سوالمية جامعة مصطفى اسطمبولي‪ -‬معسكر‬

‫د‪.‬عاشور فضيلة جامعة عمار ثليجي ‪ -‬الاغواط‬

‫د‪.‬نبيل منصوري جامعة اكلي محند اولحاج ‪ -‬البويرة‬

‫ا‪.‬د رشيد بوسعادة جامعة أبو القاسم سعد الله ‪ -‬الجزائر‪2‬‬

‫د‪.‬عمومن رمضان جامعة عمار ثليجي ‪ -‬الاغواط‬


‫د‪.‬شيراز غانمي مركز البحث في العلوم الانسانية و الاجتماعية‪-‬تونس‬
‫۩ تقـــديم ۩‬

‫لقد جرت سنة الله في ال كون‪ ،‬أن يكون التغير الاجتماعي ظاهرة بارزة‪ ،‬تلزم‬

‫الانسانية ولا تنفك عنها‪ ،‬حيث أنها ضرور ية لاستمرار ية النوع البشري‪ ،‬وتفاعل نسيجه‬

‫وأنماطه‪ ،‬تفاعلا يحقق الديمومة والفاعلية وقوة العطاء‪ ،‬التي تبرزها معالم السيرورة‪ ،‬ونمطية‬

‫التدافع‪ ،‬وتؤكدها واقعية الفعل الاجتماعي‪ ،‬الذي ما فتئ يدفع بالإنسان الى مواكبة التغير‬

‫ال كو ني في نواحيه الايديولوجية والفكر ية والاجتماعية والنفسية‪ ،‬والتي تتكامل وتتقاطع‬

‫لتحقيق الفعل الحضاري الذي يعطي للأمة تميزا‪ ،‬و يحقق لها هويتها‪ ،‬وضمان وجودها في‬

‫ميزان الزمان‪.‬‬

‫وقد كان الوطن العربي ولايزال‪ ،‬يحتل موقعا استراتيجيا في بعده الجغرافي‬

‫والجيوسياسي‪ ،‬وفي ملمحيته السياسية والاقتصادية والحضار ية بصورة عامة‪ ،‬خاصة وأن‬

‫العالم العربي مجتمع كبير‪ ،‬تربطه علائق الأعراق‪ ،‬ووشائج الدين‪ ،‬ومقتضيات التعايش‬

‫الآمن‪ ،‬على رقعة واسعة عبر قارتي إفر يقيا وآسيا‪ ،‬ويجمعه المصير المشترك‪ ،‬والتحديات‬

‫المفروضة على الأمة ا لعربية في ظل العولمة المتنامية المتغولة‪ ،‬وأطماع القوى المتشاكسة‪،‬‬

‫ويدفعه واقع التحولات في أنماط العيش‪ ،‬ومطامح الحياة‪ ،‬والتوق الى التقدم التكنولوجي‪،‬‬

‫مما يفرض ألوانا من التحديات‪ ،‬تتعلق في الاساس بالثقافة الاجتماعية السائدة‪ ،‬وحركية‬

‫التغير الايجابي والسلبي على حد سواء‪ ،‬وما تفرزه ضغوط التقننة التي تفجرت عنها ثورة‬

‫الاتصالات‪ ،‬وزخمية المعلوماتية‪ ،‬مما يؤثر على المجتمع بمختلف شرائحه ومكوناته‪ ،‬ويدفعه آليا‬

‫الى الصراع والتصادم‪ ،‬والذي لا ينفك مطلقا عن مدخلات التأثير والتأثر التي ما فتئت‬
‫تعصف بالشباب‪ ،‬وترمي به في بوتقة من التأجج التصادمي الذي توظفه القوى ال كبرى في‬

‫العالم‪ ،‬من أجل إشعال فتيل الفتنة هنا وهناك‪ ،‬وبذلك يحيد الجيل عن الصراط الذي‬

‫رسمته له هداية الله‪ ،‬ومنهاجية التواصل الخلقي‪ ،‬وملمحية التفاعل القيمي‪ ،‬التي تمثل صمام‬

‫الأمان بالنسبة للواقع والمتوقع‪.‬‬

‫ولئن عانى الوطن العربي من ضغوطات الزمن‪ ،‬عبر حقبة الاستعمار التي أهل كت‬

‫الحرث والنسل‪ ،‬وشتت شمل الامة‪ ،‬ووسعت الهوة بين أبناء الأوطان‪ ،‬وحاولت الحيلولة‬

‫بين الأجيال الجديدة والتعليم وكل ما يفضي الى الوعي واليقظة‪ ،‬فإن ذلك لم يمنع من‬

‫وجود ردود أفعال رافضة لذلك التخلف والتشرذم والتمادي في البقاء على شفا الجرف‪.‬‬

‫إن الثورات المنظمة والشعبية في الوطن العربي عبر القرنين الماضيين‪ ،‬قد تمخضت عن نماذج‬

‫للنهضة والوعي والتحرر‪ ،‬أنتجت لنا جيلا في كل البلاد‪ ،‬يحمل بوادر للخلاص من الواقع‬

‫الذي أريد له أن يبقى فيه ولا يتخلص منه‪ ،‬وتزامنت مع التغير الذي فرضته معطيات‬

‫العصر‪ ،‬ووقائع النهوض الحديثة‪.‬‬

‫ونحن إذ نشجع القائمين على هذا الكتاب الجماعي المهم‪ ،‬لنثمن هذه الدراسات‬

‫الواعية التي تحاول أن تنفض الغبار عن ملامح التغير الاجتماعي في الوطن العربي‪ ،‬وقد‬

‫بلورته اللجنة القائمة على تحكيمه ونشره وتدقيق شكله ومضمونه في محاور أساسية‪ ،‬أعطتنا‬

‫صورة عن مفاهيم وقضايا حول التغير الاجتماعي‪ ،‬وعرجت على دور وسائل الاعلام‬

‫الجديد في إحداث التغير بمنظومة القيم الاخلاقية والاجتماعية‪ ،‬ورصدت لنا في محور‬

‫خاص مكانة المرأة في المجتمع العربي المعاصر‪ ،‬وقد تضمنت المحاور جملة متنوعة من‬

‫المقالات العلمية المحكمة على مستوى راق من التحكيم والوثاقة‪ ،‬وكانت المقالات واردة من‬

‫جامعات جزائر ية جمة مثل جامعة الأغواط‪ ،‬وبشار‪ ،‬وباتنة‪ ،‬والمسيلة‪ ،‬والطارف‪ ،‬وبر يكة‪،‬‬
‫وأم البواقي‪ ،‬ومستغانم‪ ،‬وعنابة‪ ،‬وتبسة‪ ،‬و ورقلة‪ ،‬وبسكرة‪ ،‬وسطيف‪ ،‬وتلمسان‪ ،‬ومعسكر‪،‬‬

‫وخنشلة‪ ،‬ووهران‪ ،‬والجلفة‪ ،‬ناهيك عن مقالات وردت من جامعات في أقطار أخرى‬

‫كجمهور ية مصر العر ية‪ ،‬والمغرب الأقصى‪.‬‬

‫ولقد عهدنا إلى لجنة تحرير هذا الكتاب الجماعي المحكم وأكدنا على ضرورة تدقيق‬

‫المحاور‪ ،‬والصرامة في التحكيم المزدوج ما أمكن‪ ،‬وانتقاء المواضيع ذات الوثاقة والأهمية‪ ،‬مما‬

‫يكون متصلا بالواقع‪ ،‬ونافعا في خدمة التنمية الوطنية والعربية‪ ،‬ومبرزا لدور الجزائر في‬

‫استثمار التغير الاجتماعي في توجيه الطاقات البشر ية نحو الفاعلية والجدوى‪ ،‬وتشخيص‬

‫عوائق النهوض‪ ،‬والعمل على فهم الواقع‪ ،‬والتبصر بالمستقبل من أجل غد أكثر نجاعة‬

‫ومردودية‪ ،‬وندعو الله لجميع باحثي المركز‪ ،‬الذين عملوا على إصدار كتب على هذه الشاكلة‪،‬‬

‫بأن يوفقهم الله لما ينفع ويرفع‪.‬‬

‫أ‪.‬د مبروك زيد الخ ير‬


‫مدير مركز البحث في العلوم الاسلامية‬
‫و الحضارة _ الاغواط (الجزائر)‬
‫بتاريخ‪ 22:‬رمضان ‪9341‬ه‪94 /‬جو يلية ‪2192‬م‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫التغيّر االجتماعي‪ :‬نحو إطار سوسيولوجي مالئم للفهم‬

‫ا‪ .‬د هاني محمد بهاء الدين‬


‫جامعة بنها – مصر‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫نتفق مع القضية التي تؤكد أن التغير أصبح هو الصيغة الحاكمة للتفاعل في نظامنا‬

‫العالمي المعاصر‪ ،‬الذي تنوعت في إطاره أشكال التغير الاجتماعي ومستو ياته وسرعاته أيضًا‪،‬‬

‫بحيث أصبح على اللغة العلمية ابتكار المفاهيم القادرة علي تشخيص هذه المكونات فواقعنا‬

‫العالمي أصبح تغيره تغير ًا متسارعًا‪ ،‬بحيث أصبحت التجريدات النظر ية عاجزة في غالب‬

‫الأحيان عن توصيف تفاعلات التغير وظروفه‪ ،‬ناهيك عن تفسيره وفهمه لصياغة مجموعة‬

‫من القوانين‪ ،‬أو لنقل التعميمات‪ ،‬القادرة علي ضبط حركة التغير واتجاهه بما يخدم صالح‬
‫‪.‬‬
‫المجتمعات والإنسان مع ًا‬

‫وثمة إشكالية‪ ،‬إذ "يتحرك العالم الآن نحو ما يسمى بالتحول النماذجي‪ ،‬حيث يتزايد‬

‫الشكفي المفاهيم والنظر يات والعلوم التي كانت راسخة فيما مضى إبان ما سمي‬

‫بمرحلةالحداثة‪ ،‬تلك المرحلة التي اتسمت بسيادة النموذج التطوري الخطي الحتمي‪،‬‬

‫وانتشارمفاهيم التقدم والتنمية والر يادة‪ ،‬وغيرها من مفاهيم تطرح الز يادة الكمية‬

‫والعلومالطبيعية بوصفها النموذج المحتذى‪ .‬لم تعد تلك النظر يات الراسخة تمثل قناعات‬

‫حقيقيةلدى العديد من الباحثين‪ ،‬لقد انهارت المنظومات المفاهيمية التابعة لهذه النظر يات‪،‬‬

‫‪8‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫ازداد الشك فيما دعي قبلًا بالعلم والمنهج العلمي وفي يقينيته وفي حتميته"(‪ .)1‬ولاشك في‬

‫أن فكرة التغير كانت نقطة هامة‪ ،‬وعامل ًا أساسيًا في التقدم نحو دراسة المجتمعات‪ ،‬ونحو‬

‫تفكير المفكرين وتساؤلهم عن الأسباب التي تدعو لاختلاف أي مجتمع عن مجتمع آخر‪،‬‬

‫وليست العلوم الاجتماعية نفسها سوي نتيجة الرغبة في السيطرة علي اتجاه التغير‬

‫الاجتماعي‪ ،‬وقد ساهمت بدور عظيم في تحقيق هذه السيطرة فعل ًا(‪.)2‬‬

‫وعلي الرغم من هذه البداية تكاد تجمع كثير من الكتابات السوسيولوجية الحديثة علي‬

‫أن علماء الاجتماع يفتقدون نظر ية شاملة متكاملة في التغير الاجتماعي‪ ،‬وقد نكون أكثر‬

‫دقة إذا ما قلنا أن علماء الاجتماع في دراساتهم للتغير لا يعانون من قلة النظر يات‪ ،‬بل‬

‫يعانون من كثرتها وتعددها‪ .‬وليس هناك مشكلة اجتماعية كمشكلة التغير الاجتماعي‬

‫استطاعت أن تسهم في ظهور نظر يات كبري تحاول تفسير كل جوانب الحياة الاجتماعية‬

‫بالرجوع إلي فكرة أساسية(‪ .)3‬ولا تزال هذه القضية احدي القضايا دائمة الحضور في الجدل‬

‫السوسيولوجي‪ ،‬مع تغير أشكال طرحها‪ ،‬ومسلماتها‪ ،‬ومحاور الاقتراب منها‪ ،‬وبؤر التركيز فيها؛‬

‫ما يشي بأننا بصدد كم هائل من التراث النظري الذي يُحاول إمكانية مقاربة إشكاليات‬

‫(التغير الاجتماعي)‪ ،‬والتي ليست وليدة اللحظة الراهنة‪ ،‬بل ذا جذر ماضوي منذ نشأة العلم‬

‫الاجتماعي ذاته‪.‬‬

‫الأمر الذي يعني أنه مع تعدد المواقف النظر ية في علم الاجتماع الحديث‪ ،‬أصبحت‬

‫معال جة مو ضوعاته من خ لال مو قف ن ظري وا حد‪ ،‬م خاطرة كب يرة ع لي ح ساب الو ضوح‬

‫والتحليل الصحيح‪ ،‬بالإضافة إلي عدم إمكان التصور المتكامل للحقيقة الاجتماعية‪ ،‬كما أن‬

‫أمرا من الصعب تجن به‪ .‬ولهذا يميل عدد من ال باحثين في ع لم‬


‫الانحياز الأيديولوجي ي كون ً‬
‫اجت ماع ال يوم إ لي تب ني ن ظرة مت عددة الجوا نب‪ ،‬أو ا لالتزام بت عدد العوا مل ع ند التف سير‬

‫‪01‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫والتحل يل‪ .‬ك ما أن الع لم حين ما تت طور ف يه مجمو عة كب يرة من النظر يات ال تي ت عالج م شكلة‬

‫واحدة‪ ،‬فإنه يكون من الضروري اختزال هذه النظر يات‪ ،‬إما عن طر يق رفض بعضها‪ ،‬أو‬

‫تحقيق التكامل بينها في نطاق نظر ية بسيطة واحدة‪ ،‬تنطوي علي الجوانب العامة لكل هذه‬

‫النظر يات(‪ .)4‬أو التنظير ‪ Theorizing‬في أحيان أخري‪ ،‬وما يدفعنا إلي ذلك أنه لا يوجد‬

‫في الوقت الحاضر بناء متكامل لنظر ية علم الاجتماع قد حظي بالصدق أو القبول العام‪ ،‬علي‬

‫نحو ما أشار بوتومور(‪.)5‬‬

‫وعلي ذلك استهدفت دراستنا‪ ،‬تأسيس مدخل سوسيولوجي ملائم‪ ،‬يتأتى من خلاله‬

‫فهم طبيعة التغير الاجتماعي‪ ،‬من خلال النماذج النظر ية في علم اجتماع التغير‪ ،‬عبر صياغة‬

‫رؤ ية "تركيبية توفيقية" مع مراعاة ألا يُحدِث هذا التوفيق تناقضًا علميًا وأن يفضي التوفيق‬

‫إلي صياغة رؤ ية تركيبية مبدعة إيمان ًا بأن هذه الصيغ أو النظر يات رغم كونها متعارضة في‬

‫كثير من الأحيان إلا أنها ليست أبنية أو أفكار ًا جامدة بل هي مسلمات قابلة للتفتيت‬

‫والتجزؤ ومن ثم التركيب‪ ،‬الأمر الذي يفضي إلي خلق بناء أكثر إبداعًا‪ .‬وتأكيد أن انتقائية‬

‫النماذج النظر ية هنا‪ ،‬منتزعة السياق‪ ،‬بمعنى أننا لا نقبلها في كليتها وانتقائيتها‪ ،‬بل سنستثمر‪،‬‬

‫ما يرجي الإفادة منه‪ ،‬بحيث تصبح في التحليل الأخير رؤ ية ذاتية‪ ،‬وإن اعتمدت علي‬

‫المقتضب من النظر ية السوسيولوجية‪.‬‬

‫‪00‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫(‪ )2‬م ُقاربة إشكالية التغي ّر الاجتماعي‪:‬‬

‫كان ابن خلدون يري أنه يجب ألا تكون للتاريخ سوي غاية واحدة هي أن ت ُشرح‬

‫بوا سطة الق صص ت طورات المجت مع الب شري في أدواره وأ شكاله المختل فة ف من ال ضروري أن‬

‫نبدأ بدرس القوانين التي يحدث التطور طبق ًا لها‪ ،‬فالحوادث لا تتعاقب مصادفة دون انتظام‬

‫بل أن ه ناك قوانين ت سير الحركة الاجتماع ية‪ ،‬وأنه يجب البحث عن تلك القوانين بدرس‬

‫المجتمع في نفسه‪ ،‬وذلك الدرس هو موضوع علم مستقل يسميه ابن خلدون علم العمران(‪.)6‬‬

‫وثمة تساؤلات تطرح نفسها‪ ،‬في هذا السياق‪ ،‬لا تغادر ظروفها الموضوعية التي تدعو‬

‫إلي إعادة طرحها‪ ،‬مثلما طرحت من قبل مع اختلاف السياق وزمانيته‪ ،‬وهذه التساؤلات‬

‫تبحث في‪:‬‬

‫‪ ‬ماهية العوامل والأسباب الكامنة وراء ظاهرة التغير الاجتماعي؟‬

‫‪ ‬لماذا استطاعت مجتمعات بعينها أن تتغير بشكل أسرع من مجتمعات أخري؟‬

‫‪ ‬ما هي الاتجاهات التي تتخذها عملية التغير‪ ،‬وهل ثمة مراحل تغير م ُتتالية؟‬

‫‪ ‬كيف تستجيب المجتمعات لعملية التغير وما بعده؟‬

‫و في محاو لة للإجا بة ع لي هذه الت ساؤلات مت ضافرة‪ ،‬وجم لة وا حدة‪ ،‬وبمراج عة‬

‫ا لإرث السو سيولوجي حول هذه الم سألة أمكن نا ر صد رؤي تين تحليلي تين ع لي خ لاف‬

‫بع ضهما ا لبعض ل كنه ما ما لا مع ًا إ لي تأك يد ال طابع الحت مي ‪ Determinism‬ل هذه‬

‫العوامل ؛ بمعني أن الأنماط والتغيرات الاجتماعية تخضع لقوانين علمية (قانون السببية‬

‫‪ ،)Causal Law‬ويمكن تفسيرها في ضوء الأسباب والنتائج‪ .‬إلا أن وجه الخلاف فيما‬

‫بين الرؤيتين أن الأولي م َالت إلي تأكيد عامل واحد كسبب للتحول سواء كان داخليًا‬

‫‪01‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫أو خارجيًا (بيرسي كوهين أنموذج ًا)(‪ )7‬بينما مالت الرؤ ية الأخرى (بوتومور أنموذج ًا)‪،‬‬

‫إ لي تأك يد أن النظر يات السو سيولوجية في درا ساتها لعوا مل الت حول لم ت كن واحد يه‬

‫‪ Monocausal‬ك ما لم تكن حتمية بأي معني دقيق لهذه الكلمة(‪ )8‬وسوف نرنو هنا إلي‬

‫ا ستخدام الرؤ ية ا لأولي ن ظرًا لأهميت ها من وج هة الن ظر التحليل ية و من أ جل الو ضوح‬

‫وا لإثراء الف كري مع عدم إه مال الرؤ ية ا لأخرى والا ستعانة ب ها في إ طار تحليل نا‬

‫السوسيولوجي‪.‬‬

‫ويمكن نا ق بل الا ستغراق في تحد يد هذه الحتم يات الواحد ية‪ ،‬أن ن ضعها ضمن‬

‫ات جاهين‪ ،‬هما الات جاه المثالي‪ ،‬والات جاه المادي‪ ،‬ورغم كون هذين الات جاهين متعارضين‪،‬‬

‫إلا أنهما يتكاملان في معالجة مسألة التغير الاجتماعي‪ .‬ودليل ذلك ظهور نظر يات في‬

‫سو سيولوجيا التغ ير والتنم ية‪ ،‬انطل قت ب شكل أو بآخر من ال تراث الفي بري الم ثالي‪،‬‬

‫والماركسي المادي(‪ .)9‬فالاتجاه المثالي‪ ،‬يبتدأ من نظام الأفكار والعقائد والقيم الفاعلة في‬

‫النشاط الاقتصادي‪ ،‬والقيم الثقافية هي المحدد لنوع ومستوي النشاط الاقتصادي‪ ،‬ومن‬

‫ثم ف هذا الات جاه ي شمل الحتم يات‪ ،‬من نوع الثقاف ية‪ ،‬وال سيكولوجية‪ ،‬والعن صر ية‪ .‬أ ما‬

‫الات جاه ال مادي‪ ،‬فيب تدأ من علا قة الإن سان بالطبي عة وبالو سائط ال تي ت نتج الخ يرات‬

‫المتفاوت في امتلاكها‪ ،‬والواقع الاقتصادي والتشكيلة الاجتماعية والاقتصادية هي التي‬

‫تحدد الثقافة‪ ،‬ومن ثم فهذا الاتجاه يشمل من الحتميات‪ ،‬الاجتماعية‪ ،‬والاقتصادية‪،‬‬

‫والتكنولوجية‬

‫(‪ )1-2‬الاتجاه المثالي‪:‬‬

‫‪02‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫وابتداء بالاتجاه المثالي وحتمياته‪ ،‬تبرز الحتمية الثقافية في المقدمة‪ ،‬ومفاد هذه‬

‫الحتم ية أن الأف عال الاجتماع ية تت حدد ب صفة أسا سية بالعوا مل الثقاف ية‪ ،‬والمنطل قة من‬

‫أ سبقية ا لوعي ع لي الو جود الاجت ماعي‪ ،‬طبق ًا لهي جل‪ ،‬مؤكدين ع لي ت طور الأف كار‬

‫باعتبار ها ال قوة الداف عة للتفا عل والت طور ال جدلي‪ .‬و قد كان ماكس في بر ي قول إن نا لو‬

‫استطعنا أن نتعلم شيئًا من تاريخ التنمية الاقتصادية فإن ذلك الشيء هو أن الثقافة هي‬

‫التي تصنع كل التغيرات والاختلافات‪ ،‬ولذا ي جب أن نأخذ دائم ًا في الاعتبار الجوانب‬

‫المادية والعمل الجاد المثابر والنظرة إلى المستقبل والاهتمام بالتعليم والقيم الأخلاقية‪ .‬بيد‬

‫أن دور الثقا فة في التنم ية ي جب أ لا يف هم ع لى أ نه يؤ لف جزءًا من التنم ية وأ هدافها‬

‫الرئي سية‪ ،‬أو أ نه دور ثانوي أو م ساعد ع لى إن جاز التنم ية بن جاح فح سب‪ ،‬وإن ما ي جب أن‬

‫ينظر إليه على أنه هو جوهر العملية التنمو ية‪ ،‬التي هي عملية إنسانية في آخر الأمر‪ ،‬تتعلق‬

‫بكيان ووجود وكرامة الكائن البشري مصدر التنمية ومقصدها(‪.)10‬‬

‫ك ما أ برز ماكس في بر في مؤل فه "الأخ لاق البروت ستانتية وروح الرأ سمالية" أ ثر‬

‫ال شعور ا لديني والأف كار والت صورات الدين ية في ت شكيل ال سلوك الإن ساني(‪ )11‬و بخا صة‬

‫دور الأخلاق البروتستانتية في تشكيل النظام الرأسمالي القائم علي الأفكار التحرر ية التي‬

‫ي نادي ب ها ال مذهب البروت ستانتي‪ .‬و قد لق يت نظري ته كث ير ًا من المعار ضة‪ ،‬ذ لك أن‬

‫المجتم عات الكاثوليك ية كا نت قد بدأت حركة ت طوير الرأ سمالية الحدي ثة ق بل حركة‬

‫الإ صلاح بو قت طو يل‪ ،‬وأن الحركات المناو ئة للإ صلاح‪ ،‬و ليس الكاثوليك ية‪ ،‬هي‬

‫الم سؤولة عن التخ لف الاقت صادي‪ .‬و مع ذ لك فالم لاحظ بو جه عام هو ت قدم ا لدول‬

‫البروتستانتية عن الدول الكاثوليكية في أوروبا ذاتها في الوقت الحالي‪ ،‬مما يضفي على آراء‬

‫في بر ب عض ال صحة‪ ،‬فالبروت ستانتية تن فرد في رأ يه بال قدرة ع لى تحق يق الت قدم أك ثر من‬

‫‪03‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫الكاثوليك ية وكث ير من الأد يان ا لأخرى ال تي تفت قر إ لى و جود قيم سلوكية ت حض ع لى‬

‫التقدم‪.‬‬

‫و شهدت خم سينات و ستينات ال قرن المن صرم‪ ،‬ظ هور عدد من الكتا بات‬

‫والاتجاهات التي سارت على نهج فيبر‪ ،‬والتي ركزت على ما يعرف باسم نظر ية التحديث‬

‫‪ Modernization‬التي تعتبر المجتمعات الغربية الحديثة هي النموذج المثالي‬ ‫‪Theory‬‬

‫الجدير بالإتباع‪ ،‬وتنظر إلى الثقافات التقليدية في العالم الثالث نظرة سلبية لأنها تؤدي إلى‬

‫التخ لف وإ لى الف قر‪ .‬وع لى هذا الأ ساس فالفقر ظاهرة ثقاف ية‪ ،‬بل هو ثقا فة متكام لة‪،‬‬

‫حاول أوسكار لويس ‪ Oscar Lewis‬إبرازها في نظريته الشهيرة عن «ثقافة الفقر» التي‬

‫لا تعت بر الف قر م جرد الحر مان‪ ،‬أو أ نه غ ياب شيء ما‪ ،‬وإن ما هو ثقا فة متكام لة بالمعنى‬

‫ا لأنثروبولوجي للكلمة‪ ،‬لأ نه يزود ال ناس برؤ ية للح ياة ذات منظو مة جاهزة من الح لول‬

‫لمعظم المشكلات التي تواجههم‪ ،‬أي أنها تؤدي وظيفة ذات مغزى وذات أهمية بالغة‪.‬‬

‫وتعتبر «القدر ية» أو الاعتقاد في تدخل القدر والخضوع لأحكامه أحد المعالم الرئيسية‬

‫في ثقافة الفقر‪ ،‬ولذا فإن هذه الثقافة تعيد وتكرر نفسها باستمرار من دون أن تدفع إلى‬

‫الت قدم إ لى الأ مام‪ ،‬إذ يتعلم الف قراء ك يف يت عاملون مع الوا قع بدلا من الب حث عن‬

‫أسلوب وطر يقة للخروج والتخلص منه أو تغييره‪ ،‬وذلك نظرًا إلى إيمانهم الراسخ بأن هذا‬

‫الأسلوب من الحياة أمر لا مفر منه‪.‬‬

‫و قد تراج عت هذه النظر ية تراجع ًا شديد ًا نتي جة التغ يرات السيا سية الدول ية‪،‬‬

‫وانح سار قوة ال غرب من الم ستعمرات ال سابقة‪ ،‬وا ندلاع حركات الإح ياء الث قافي ال تي‬

‫شهدتها مجتم عات ال عالم الثا لث‪ ،‬ب عد ح صولها ع لى الا ستقلال و قدرتها ع لى المقار نة‬

‫والمفاضلة وحق الانتقاء والاختيار‪ ،‬لدرجة أن البعض يرون أن نظر ية التحديث ماتت‬

‫‪04‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫بالفعل منذ أوائل السبعينيات (‪ .)12‬وأن لم تمت معها ثقافة الفقر ك ما نظن‪ ،‬وقد تكون‬

‫تجارب جنوب شرق آسيا‪ ،‬صاحبة القيم ال كونفوشية والطاو ية في السنوات الأخيرة‪،‬‬

‫وما حققته من نجاح كشفت عن تهافت تلك النظر ية الفيبر ية‪ ،‬وأن العقبات قد تأتي‬

‫من السياسة وليس من أي عوامل ثقافية‪.‬‬

‫إ لا أن الحتم ية الثقاف ية‪ ،‬و ما أن ت كاد ت غادر ال سياق السو سيو تن موي‪ ،‬إ لا أن ها‬

‫تتوالد من جديد‪ ،‬مما يؤكد نسبيتها وحتميتها في نفس الآن ؛ إذ يري سوروكن أن حجر‬

‫الزاو ية في ب ناء أي جما عة اجتماع ية هي ف كرة موج هه تع بر عن قي مة ت سعي الجما عة‬

‫للو صول إلي ها‪ ،‬إذ أن الجما عة في تكون ها تتب لور حول ف كرة رئي سية وت ستهدف قي مة تم ثل‬

‫محور وجودها وهدف أفعالها وممارساتها ؛ هذه القيمة هي التي توجهها في إطار م عايير‬

‫م ُلزمة لأعضاء الجماعة‪ ،‬ك ما أنه جعل الأفكار والمفهومات السائدة المحدد الرئيسي لطابع‬

‫مجتمع محدد تار يخيًا‪ ،‬ذلك الطابع لا يعدو انعكاسيًا لتلك الأفكار والمفهومات‪ ،‬وهذا علي‬

‫خلاف النظر ية الماركسية(‪ .)13‬كما أعطي بارسونز اهتمام ًا فائق ًا بدور العناصر الثقافية‬

‫في ت شكيل الف عل الاجت ماعي و في ضبط الن سق الاجت ماعي ف قد أو لي لنفس العنا صر‬

‫الثقافية أهمية كبيرة في عمليات التطور‪ .‬فعمليات التباين والتكامل والتعميم التي عرضها‬

‫في كتا به المجتم عات لا تتم إ لا في الم ستو يات الثقاف ية والقيم ية (‪ .)14‬إذ تل عب الأف كار‬

‫بصفة عامة دور ًا هام ًا في تحديد الفعل الاجتماعي‪ ،‬وتلعب الأيديولوجية بصفة خاصة‬

‫دور ًا رئي سيًا‪ ،‬إذ أن ها ت حدد ات جاه الف عل الاجت ماعي‪ ،‬ك ما أن ها تف سره وت برره‪ ،‬وت حدد‬

‫وسائله وأهدافه‪ ،‬كما أنها تبرر الغاية منه والجانب الإرادي فيه(‪.)15‬‬

‫ويبدو أن النظر ية الفيبر ية وجدت بعض الإحياء في كتابات هنتنجتون ونظريته‬

‫عن صراع الح ضارات‪ ،‬و هي أ حدث نظر يات ال صراع‪ ،‬إذ يري منت قدًا أو مت جاوز ًا‬

‫‪05‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫فوكو ياما صاحب مؤلف نهاية التاريخ‪،‬بأن التاريخ لم ينته بعد‪ ،‬وأننا نعيش في عالم تحكمه‬

‫الصراعات الدائمة‪ ،‬وأن الانتصار الكامل لليبرالية ما يزال بعيد المنال‪ ،‬وأن الصراع في‬

‫المس تقبل سيتخذ بعدًا حضاري ًا‪ ،‬وسيكون النموذج الأكمل لتصادم الحضارات‪ ،‬خلافًا لما‬

‫كان عل يه ا لأمر في ال قديم ح يث كا نت ال صراعات بين ا لدول قائ مة ع لى أ سباب‬

‫اقت صادية وا ستراتيجية وع سكر ية‪ ،‬ول كن‪ ،‬ل ماذا ستكون أز مة الع صر مواج هات بين‬

‫ح ضارات مختل فة؟ لأن ال عالم طبق ًا لهنتنج تون لم ي عد ينق سم في الو قت ا لراهن ح سب‬

‫معايير اقتصادية أو سياسية أو عسكر ية‪ ،‬بل أضحى ينقسم إلى تجمعات أو مناطق حضار ية‬

‫اعتبار ًا من أن الهو ية الحضار ية سوف تكتسب أهمية متزايدة في المستقبل‪ ،‬وأن العالم‬

‫سوف يشكله التفاعل بين سبع أو ثماني حضارات كبري‪ ،‬ينقلها هنتنجتون عن المؤرخ‬

‫ا لإنجليزي أرنو لد توينبي‪ ،‬و هي‪ :‬الغرب ية‪ ،‬واليابان ية ال كونفوشيو سية‪ ،‬والإ سلامية‪،‬‬

‫والهندية‪ ،‬والأرثوذك سية‪ ،‬وال سلافية‪ ،‬والأمريك ية اللاتين ية‪ ،‬إ ضافة إ لى احت مال و جود‬

‫حضارة إفر يقية‪.‬‬

‫وما يؤخذ على نظر يه هنتنجتون اختزاله لصورة الوجود البشري المعقدة والمتداخلة‬

‫في حف نة من الح ضارات‪ ،‬و لا تري ال عالم ع لى حقي قة توز ي عه لل سلطة وال ثروة‪ ،‬ب ما ي صم‬

‫مقولته بمحاولة القفز فوق معطيات الواقع والتغاضي عن مساره التار يخي‪ ،‬فضلًا عن عدم‬

‫د قة ا ستعماله لمف هوم الح ضارة ح يث يعطي ها مع نى جغرافي ًا (أفر يق يا)‪ ،‬أو عقا ئدي ًا‬

‫(ال كنفوشو سية)‪ ،‬أو ثقافي ًا (ال غرب)‪ ،‬أو أثني ًا (ال سلافية)‪ ،‬أو دولي ًا (اليا بان)‪ ،‬أو ديني ًا‬

‫(الإسلام) بل لم يطبق هذه المعايير حين فصل اليابان عن العالم ال كونفوشيوسي(‪ .)16‬كما‬

‫أن مقولة صراع الحضارات مقولة غير صحيحة ؛ لأن العلاقة بين الحضارات أمس واليوم‬

‫لي ست علا قة ت صادم بل علا قة تداخل‪ ،‬وال صدمات وال صراعات ال تي حدثت دا خل‬

‫‪06‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫الح ضارة الوا حدة كالح ضارة الأورب ية مث لا ً هي أك ثر عدد ًا وأو سع تدمير ًا من ت لك ال تي‬

‫حدثت بين دول تنت مي إ لى ح ضارات مختل فة‪ ،‬و قد يك في الإ شارة إ لى ال حربين ال عالميتين‬

‫الل تين عرفه ما ال تاريخ الب شري قد حدثتا دا خل الح ضارة الغرب ية وبف عل ت ناقض الم صالح‬

‫فيها(‪.)17‬‬

‫إلا أن «الحقيقة الأساسية المهمة هي أن الثقافة‪ ،‬وليست السياسة‪ ،‬هي التي تحدد‬

‫وت قرر ن جاح وت قدم المجت مع»‪ .‬فالثقا فة تتفا عل مع التنم ية في أك ثر من م جال و بأكثر من‬

‫طر يقة‪ ،‬سواء في ما يتعلق بتحديد الأهداف أو اختيار مجالات ووسائل وطرق التنمية‪ ،‬وإن‬

‫كان من ال صعب صياغة ذ لك أو ترجم ته في نظر يات فا صلة‪ ،‬ع لى ما ي قول أمارت يا صن‬

‫‪ Amartya Sen‬في دراسته عن الثقافة والتنمية‪ ،‬حول ما يجب تغييره أو الإبقاء عليه في‬

‫م شروعات التنم ية‪ ،‬ن ظرًا إ لى تدخل عوا مل كث يرة أخلاق ية وسيا سية إ لى جا نب تع قد‬

‫منظومة القيم المرتبطة بالتنمية الاقتصادية‪ ،‬التي قد يمكن تفسيرها بأساليب وطرق مختلفة‪.‬‬

‫وعلي ذلك‪ ،‬فالأوضاع الثقافية قد تكون عامل ًا دافع ًا أو معوقًا للتنمية لأنها تتدخل في تحديد‬

‫موا قف ال ناس و سلوكياتهم واتجا هاتهم واخت ياراتهم‪ ،‬ك ما أن ها ت تدخل في تحد يد القي مة‬

‫الاقت صادية المبا شرة للا ستثمارات الثقاف ية في ب عض الم شروعات التنمو ية المه مة‪ ،‬ك ما هو‬

‫ال شأن مثل ًا في م شروعات التنم ية ال سياحية وب عض الاعت بارات الدين ية وال قيم الأخلاق ية‬

‫المتوارثة(‪.)18‬‬

‫وفي سياق الاتجاه المثالي‪ ،‬تبرز الحتمية السيكولوجية‪ ،‬ومفاد هذه الحتمية أن العامل‬

‫السيكولوجي هو القوة المحركة لتحول المجتمع عبر إرادية الأفراد النفسية‪ .‬ومن أبرز رواد هذه‬

‫الحتمية‪" ،‬باريتو‪ ،‬ووارد"‪ ،‬إذ رفض باريتو كل صور التفسير السوسيولوجي القائم علي عا مل‬

‫وا حد‪ ،‬وا لذي يخ تزل تف سيرات الح ياة الاجتماع ية إ لي عوا مل أو أ سباب بعين ها (‪.)19‬‬

‫‪07‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫و بخا صة دور الع قل لي طرح بديلًا عن ها الروا سب باعتبار ها عنا صر سو سيولوجية بيولوج ية‬

‫خال صة كام نة في ع مق ا لذات الب شر ية‪ ،‬و هي ال قادرة دائم ًا ع لي تأك يد ا ستقرار المجت مع أو‬

‫ت طوره‪ ،‬أو شيوع حا لة الفو ضى ف يه‪ ،‬ويت حدد دور الروا سب في الت حول الاجت ماعي ع ند‬

‫خفوت فاعلية الصفوة الحاكمة‪ ،‬مما يجعلها في بعض المراحل التار يخية صفوة بغير رواسب‪،‬‬

‫ومن ثم تجد نفسها فريسة سهلة لصفوة ذات رواسب قو ية تصعد إليها من القاع(‪ .)20‬أما‬

‫ل ستر وارد ف يري أن ال قوي الاجتماع ية هي قوي نف سية وا ضحة‪ ،‬وإن كا نت تنح صر في‬

‫الشعور‪ ،‬باعتباره القوي المحركة لل ظواهر الاجتماعية‪ ،‬بينما لا تعتبر مل كة التفكير من بين‬

‫هذه القوي بمعني أن الأفكار لا تشكل قوي وبالإضافة إلي وحدة الشعور يؤكد وارد وحدة‬

‫أخرى‪ ،‬هي ميل الفرد إلي التخيل الإ بداعي‪ ،‬ومن ثم يؤدي التكامل بين السلوك الدينامي‬

‫الناتج عن الشعور والتمثيل الإبداعي‪ ،‬إلي ظهور البناءات الاجتماعية وتغيرها(‪.)21‬‬

‫و ي ضاف إ لي ما سبق من حتم يات في سياق الات جاه الم ثالي‪ ،‬الحتم يات المتهاف ته‪،‬‬

‫كالبيولوج ية‪ ،‬ع ند ا لدارونيون‪ ،‬وهر برت سبن سر‪ ،‬والحتم ية الجغراف ية‪ ،‬ع ند بن خ لدون‪،‬‬

‫وهنري بكن‪ ،‬ودنكن‪ ،‬والحتمية الديموجرافية عند مالتس‪ ،‬وزيميل‪ ،‬والتي وإن لعبت دور ًا‬

‫في التغير فيكون دور ًا م حدود ًا وليس أساسيًا‪ ،‬وأخير ًا الحتمية العنصر ية‪ ،‬والتي أثبت التاريخ‬

‫فشلها‪ ،‬ولفظها من ذاكرته‪ ،‬فليس ثمة أجناس راقية وأخري دنيئة‪ ،‬وعلي حد تعبير تشارلز‬

‫‪ C.‬في محاضرته الشهيرة التي ألقاها في خمسينات القرن العشرين بعنوان‬ ‫‪P.‬‬ ‫سنو‪Snow‬‬

‫الثقاف تان‪ " :‬ليس من دل يل ع لى أن أي ب لد أو عرق أف ضل من أي ب لد أو عرق آ خر في‬

‫القدرة على تعلم العلوم‪ ،‬ولا مجال لإغفال هذه الحقيقة‪ ،‬فمن الممكن القيام بالثورة العلمية في‬

‫الهند وأفر يقيا وجنوب شرق آسيا‪ ،‬وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط في غضون خمسين‬

‫عام ًا‪ ،‬وليس لدى الإنسان الغر بي عذر إذا لم يدرك هذه الحقيقة"‪ .‬ولقد تحققت نبوءة سنو‬

‫‪08‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫بالفعل في بعض المناطق التي ذكرها‪ ،‬والتي أخذت قبل غيرها في العالم النامي بأسباب تنمية‬

‫التع ليم والب حث العل مي‪ ،‬وعر فت طبي عة الت قدم العل مي والتق ني والروا فد ال ضرور ية المغذ ية‬

‫له(‪.)22‬‬

‫وعلي الرغم من هذه الحتمية الثقافية الموصومة بالمثالية والمنطلقة من أسبقية الوعي‬

‫ع لي الو جود الاجت ماعي إ لا أن دعات ها لا ي ستبعدون العوا مل ا لأخرى في التغ ير ول كن‬

‫يجعلون له الأسبقية علي بقية العوامل فها هو فيبر مثل ًا ينكر بشدة وجود عامل واحد يسهم‬

‫ب صفة أسا سية في ت شكيل المجت مع أو ال تأثير ع لي التغ ير الاجت ماعي ف يه (الم صالح‪ ،‬ال ثروة‪،‬‬

‫الأهداف‪ ،‬القيم)‪ ،‬ول كن الطابع الذاتي الذي ميز تصوره لعلم الاجتماع‪ ،‬فضلًا عن تأكيده‬

‫للف عل العق لي الر شيد‪ ،‬قد يكو نان م بررين لأن نذهب إ لي أ نه كان يم يل إ لي تأك يد ا لدور‬

‫ا لذي تلع به الأف كار في الح ياة الاجتماع ية(‪ .)23‬ك ما أن أ صحاب ب عض الحتم يات ا لأخرى‬

‫يؤكدون أيض ًا ع لي أهم ية هذا العا مل الف كري ح تى لو جع لوه تابع ًا لحتم ياتهم و من أ برزهم‬

‫البيروني‪ ،‬وابن خلدون‪ ،‬وماركس‪ ،‬ودوركايم‪ ،‬ومانهايم‪.‬‬

‫(‪ )2-2‬الاتجاه المادي‪:‬‬

‫وعند التعرض للاتجاه المادي في سوسيولوجيا التغير‪ ،‬تبرز الحتمية الاجتماعية في‬

‫المقد مة‪ ،‬وم فاد هذه الحتم ية أن الأف عال الاجتماع ية م حددة كل ية بالمؤثرات الثقاف ية‬

‫والاجتماع ية دون اعت بار للعوا مل ا لأخرى ال سيكولوجية والبيولوج ية والجغراف ية‪ .‬و بالتعبير‬

‫الماركسي‪ ،‬وعلي خ لاف الحتمية الثقافية فليس وعي الأفراد هو الذي يحدد وجودهم كما‬

‫تري‪ ،‬وإنما علي العكس ك ما تري الحتمية الاجتماعية‪ ،‬فإن وجودهم الاجتماعي هو الذي‬

‫يحدد وعيهم‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫فالبيروني في معرض حديثه عن التطور يذهب إلي أن‪" :‬التطور يحدث من خلال‬

‫تحولات العقل من خلال مقابلته للمادة‪ ،‬حيث يصبح بعدها قادر ًا علي أن يتحرك و يطور‬

‫من فعله‪ ،‬إذ في مقابلته للمادة يقوم بإخصابها‪ ،‬خالق ًا منها شيئًا عظيم ال كمال"(‪ .)24‬كما أدرك‬

‫ابن خلدون أن ثمة علاقة بين تقدم الحضارة وتقدم العلم‪ .‬فالعلم لديه ثمرة "لاختلاج الفكر"‬

‫إلا أن الفكر يتوقف علي الحياة الاجتماع ية فلا يتسع ولا يتفتح إلي أقصي حدوده إلا في‬

‫المجتمع لأن العامل الجوهري في اتساعه هو التمرين ليتخذ الفكر شكله العامل ولا ينضج تمام ًا‬

‫إلا في حياة الحضر حيث تصل الحضارة إلي أعظم درجات التعقيد‪ ،‬و يقول ابن خلدون‬

‫إن للإنسان ثلاثة أنواع للفهم‪ :‬المميز الذي يميز به مسائل خاصة‪ ،‬والتجريبي الذي يطبق علي‬

‫ال طرق العاد ية للح ياة كال عادات ال تي تتع لق بمعام لة ا لأفراد بع ضهم بعض ًا‪ ،‬و يكت سب هذان‬

‫النوعان من الفهم بسهولة تامة‪ ،‬و يوجدان في حياة البدو ول كنهما يرتقيان وينتظمان في حياة‬

‫الح ضر‪ .‬والثا لث هو الف هم الن ظري ا لذي يؤ لف الع لائق بين الأف كار العا مة‪ ،‬و من هذه‬

‫العلائق يستخرج الأفكار العامة التي تؤلف العلوم المختلفة التي تدفع المجتمع من القوة إلي‬

‫الفعل باتجاه الحضارة (‪.)25‬‬

‫و من رواد الاجت ماع ال حديث يري سبن سر أن طبي عة الب ناء الاجت ماعي ت حدد نوع‬

‫المعر فة‪ ،‬فا لدفاع عن الم صالح الماد ية ي شكل وي حرف إدراك نا للوا قع الاجت ماعي‪ .‬وك ما أن‬

‫التغيرات التلقائية التي ت حدث في البناء الاجتماعي هي علة كل تغير في م جال المعرفة أو أي‬

‫مجال آخر‪ ،‬لذلك يوصينا سبنسر بعدم التدخل‪ ،‬ومن ثم يلغي دور الفكر الإنساني في تطوير‬

‫المجتمع أو تغييره‪" .‬لأنه بمجرد أن نبدأ التدخل في نظام الطبيعة فإن أحدًا لا يعرف ما الذي‬

‫ستنتهي إليه الأمور"‪ .‬لأن المجتمع لابد أن يكون متحرر ًا من أي تدخل‪ ،‬بهذا المبدأ يكف‬

‫‪10‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫سبن سر دور الف كر‪ ،‬بل دور العل ماء والم صلحين‪ ،‬عن ال تدخل‪ ،‬و يطا لب الجم يع بأن يدعو‬

‫المجتمع ليتطور بقواه الداخلية الطبيعية‪.‬‬

‫بين ما يؤكد دور كايم الحتم ية الاجتماع ية في أ برز صورها فالح قائق والو قائع‬

‫الاجتماع ية لد يه ذات طبي عة اجتماع ية مح ضة‪ ،‬و من ثم لا يم كن شرحها وتف سيرها إ لا‬

‫بحقائق اجتماعية أخرى‪ .‬وعلي الرغم من ذلك لا ينكر أهمية الفكر ودوره في تطور المجتمع‬

‫أو عرقلة مسيرته م ُقدم ًا فكرة العقل الجمعي الفاعل والم هيمن علي العقول الفردية‪ ،‬وهو أيضًا‬

‫ع قل خ لاق‪ ،‬و من فاعلي ته ت ستمد الع قول الفرد ية خلق ها وإ بداعها‪ ،‬وتأثير ها في الو سط‬

‫في مؤل فة ور‬ ‫يذهب بن يامين ك يد ‪B.Kidd‬‬ ‫الطبي عي والاجت ماعي(‪ .)26‬و‬

‫الاجتماعي‪SocialEvolution‬أن الدين هو العامل الحاسم في التطور‪ .‬فالأفكار الدينية فوق‬

‫كل شيء هي الباعث الأساسي للتغير الاجتماعي معارضًا كونت صراحة ً في أن العقل لا‬

‫يمكن أن يكون السبب الأساسي في التقدم ؛ ذلك لأنه يكسب الإنسان نزعة فردية غير‬

‫اجتماع ية‪ ،‬بين ما الت طور في جوهره اجت ماعي‪ ،‬ي ستهدف تحق يق مز يد من ال ترابط‬

‫الاجتماعي(‪.)27‬‬

‫أما ماركس فيقول‪" :‬إن ما يتشكل في العقل الإنساني من أفكار أو تخيلات ليس‬

‫إ لا مح صلات لعمل يات الح ياة الماد ية يم كن التح قق من ها امبر يقي ًا ك ما ترتبط بأ شياء ماد ية‪.‬‬

‫(‪ )...‬إن الحياة لا تتحدد عن طر يق الوعي‪ ،‬بل إنه (أي الوعي) هو الذي يتحدد عن طر يق‬

‫الحياة"(‪ .)28‬و يذهب مانهايم متأثر ًا بالماركسية بأن المعرفة مشروطة اجتماعيًا‪ ،‬أي أن ظهور‬

‫الأفكار وبلورتها يتأثران ب شكل عميق بعوامل خارجية ذات طبيعة اجتماعية‪ ،‬ينفذ أثر ها‬

‫بأشكال الفكر ومضامينه‪ ،‬وبالتالي تتأثر خبراتنا وملاحظاتنا بهذه العوامل(‪ .)29‬ومع ذلك لا‬

‫ين كر مان هايم أهم ية المعر فة في ت شكيل الوا قع المتغ ير بتغ ير م ستو يات المعر فة الث لاث‪ :‬المحاو لة‬

‫‪11‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫والخطأ‪ ،‬والاختراع‪ ،‬والتخ طيط‪ .‬ولا يمكن نا أيضًا أن نغفل الحتمية الاجتماع ية عند جان‬

‫بياجيه فالإنسان لديه يولد دون أن يحمل دماغه ليتكون العقل بالتدريج من خلال الممارسة‬

‫الاجتماعية‪.‬‬

‫وعلي ما سبق وباستقراء هذه الحتمية السوسيولوجية تجلي تقديمها للعامل الاجتماعي‬

‫في التحول ل كنها مع ذلك لم تغفل العامل الفكري في إحداث التحول بل أن هناك من أكد‬

‫العلاقة الجدلية بين الفكر والواقع و بين الواقع والفكر فكل منهما يشكل الآخر وفق ًا للطبيعة‬

‫الجدلية ك ما ظهر في أعمال أرسطو فالوجود المادي طبق ًا له وجود متحرك بالفعل أو بالقوة‪،‬‬

‫والمادة أزلية أبدية كذلك الحركة‪ ،‬لأن الوجود المادي في حالة صيرورة مستمرة‪ ،‬تتغير من‬

‫اللاوجود إلي الوجود‪ ،‬وتتغير من الوجود إلي اللاوجود(‪ .)30‬وأكد علي هذه العلاقة الجدلية‬

‫أيضًا البيروني‪ ،‬وابن خلدون‪ ،‬وهيجل‪ ،‬وماركس‪.‬‬

‫أ ما الحتم ية الاقت صادية‪ ،‬ف هي من أك بر حتم يات الات جاه ال مادي‪ ،‬وم فاد هذه‬

‫الحتمية أن العامل الاقتصادي هو المحدد الأساسي لبناء المجتمع ومن أبرز روادها ماركس‬

‫حيث قسم بنية المجتمع إلي بنائين أحدهما بناء تحتي وتعبر عنه قوي الإنتاج والآخر بناءًا فوقي‬

‫وتعبر عنه علاقات الإنتاج‪ ،‬وهناك ارتباط وثيق بين البنائين يترتب عليه نتيجة هامة‪ ،‬فأي‬

‫تغير في النسق الاقتصادي (البناء التحتي) لابد وأن يؤدي إلي تغير في البناء الفوقي‪ ،‬وهكذا‬

‫فإن ت طور المجتم عات طبق ًا ل ماركس ر هن ق بل كل شيء بت طور قوي الإن تاج‪ .‬فالن سق‬

‫الاقت صادي هو ما يب ني عل يه كا فة الأن ساق الاجتماع ية ا لأخرى‪ .‬فالح ياة الاجتماع ية و ما‬

‫تشتمل عليه من أفكار وفلسفة وعقائد ما هي إلا انعكاسات لهذا النسق الاقتصادي وهذا‬

‫‪ Historical‬أو التفسير المادي أو‬ ‫هو المقصود من المادية التار يخية ‪Materialism‬‬

‫الاقتصادي للتاريخ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫وإزاء هذه الحتم ية ر فض ا لبعض (في بر‪ ،‬مو سكا ‪ ،‬سوروكين) – أ صحاب الحتم ية‬

‫الفكر ية طبق ًا لتصنيفهم ‪ -‬التفسير الماركسي‪ ،‬بأنه يتركز علي عامل اقتصادي وحيد أحادي‬

‫الجا نب‪ ،‬وع ِ لي حت مي‪ ،‬ورب ما و جدت الم بررات لا ستخلاص هذه الحتم ية الاقت صادية‬

‫بالتأكيد الماركسي عليها‪ .‬بينما يرى البعض بأن ماركس أسيء فهمه فلم يقل مطلق ًا بعامل‬

‫اقتصادي وحيد‪ ،‬بل بأساس اقتصادي يتألف من مجموعة من المتغيرات التي تتمثل في قوي‬

‫الإنتاج وعلاقات الإنتاج والتي تؤلف موقف ًا اجتماعي ًا اقتصادي ًا يقوم علي علاقات جدلية‪،‬‬

‫فعلاقات الإنتاج تتحدد عن طر يق قوي الإنتاج ثم تناقض كل منهما الأخرى في مرحلة‬

‫من تطور ها‪ ،‬ويحدث بينه ما صراع ينتهي بتغل يب العلا قات ع لي من ق يدوها ثم ن في هذه‬

‫القوي‪ ،‬واستحداث أساليب جديدة لإنتاج الحياة المادية(‪ .)31‬وعلي ذلك فالبناء التحتي لا‬

‫يتر تب عل يه أتوماتيكي اً التغ ير الكا مل للب ناء ال فوقي ف هو يتم يز بدر جة من الا ستقلال الن سبي‬

‫يك شف عن ها بو ضوح ا ستمراريته وت طوره فالب ناء التح تي يؤثر تأثير ًا حا سمًا ع لي نوع ية الب ناء‬

‫الفوقي إلا أن البناء الفوقي أيضًا يؤثر علي نوعية البناء التحتي من خلال عملية جدلية مستمرة‬

‫لا تتوقف أبد ًا‪.‬‬

‫ي ضاف إ لي ما سبق من حتم يات‪ ،‬الحتم ية التكنولوج ية‪ ،‬وم فاد هذه الحتم ية أن‬

‫ال تكنولوجيا هي العامل الحاسم والمحدد للتغير الاجتماعي فالتكنولوجيا هي المقدمة وما بعدها‬

‫يأتي تباعًا عليها‪ ،‬ومن أبرز رواد هذه الحتمية أوجبرن‪ ،‬ويذهب في تفسيره للتغير الاجتماعي‬

‫أن الم ظاهر الماد ية للثقا فة كالتكنولوج يا ت سبق في التغ ير الم ظاهر غ ير الماد ية كال عادات‬

‫والفل سفات والمعت قدات وال قوانين(‪ .)32‬وأن الجوا نب المعنو ية تب قي في كث ير من الأح يان‬

‫بدون أن تتغير‪ ،‬أو تتغير بنسب أقل من تغير الجوانب المادية‪ ،‬ومعني ذلك حدوث تخلف‬

‫ثقافي كلما حدث تغير مادي‪ .‬وعلي ذلك إذا ظهر اختراع جديد‪ ،‬وتغيرت الجوانب المادية‬

‫‪13‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫للثقافة‪ ،‬كان علي الجوانب المعنو ية أن تتغير بنفس السرعة حتى لا يحدث تخلف ثقافي أو ما‬

‫أسماه بالهوة الثقافية‪Cultural Lag‬فالواجب يحتم علي المجتمع أن يعيد تنظيم نفسه بعد كل‬

‫اختراع حتى تتكيف جميع عناصره‪ ،‬وتسير جوانب الثقافة جنبًا إلي جنب(‪ .)33‬وإزاء رؤ ية‬

‫أوج برن يَع ترض سوروكين ع لي أن ال جزء ال مادي للثقا فة ينت شر أول ًا أو أ سرع من ال جزء‬

‫الأيديولوجي‪ ،‬بل العكس هو الصحيح لأنه مهما كانت الظاهرة ثقافية أو دينية أو علمية أو‬

‫فنية أو اقتصادية‪ ،‬فإن فكرتها أو معناها لابد أن تقنع النفوس أول ًا‪ .‬وعندئذ تبدأ في التأثير‬

‫علي السلوك وعلي الثقافة المادية‪.‬‬

‫ومن أبرز دعاة هذه الحتمية أيضًا‪ ،‬هنري مورجان‪ ،‬إدوارد تيلور‪ ،‬وهناك فر يق من‬

‫المعادين للفكر الاشتراكي وعلى رأسهم دانيل بل صاحب مؤلف نهاية الأيديولوجيا و ريمون‬

‫آرون في مقاله نهاية عصر الأيديولوجية وبداية عصر الأفكار ذهبا إلي أن التكنولوجيا قضت‬

‫علي الأيديولوجية وأصبحت العامل الحاسم في التغيير الاجتماعي‪ ،‬وشايعهم في ذلك جون‬

‫ديوي أحد أبرز المؤ يدين للتكنولوجيا(‪.)34‬ومن أبرز الانتقادات التي وجهت لهذه الحتمية‬

‫التكنولوج ية أن رواد ها يت عاملون مع التكنولوج يا وكأن ها تأتي ب لا سياق اجت ماعي‪ ،‬وب لا‬

‫مصالح ذات صله بتوجيه العلم والمعرفة وقبل أن يكونا مدخلات للتطوير التكنولوجي(‪.)35‬‬

‫وأن التكنولوجيا مهما تقدمت وارتقت لا يمكن لها أن تعمل في فراغ‪ ،‬بل أن تطورها نفسه‬

‫وتطو يعها لخدمة المجتمع الإنساني أو لدماره رهن بنوع الأيديولوجية السائدة(‪.)36‬‬

‫وباستطلاع ما سبق من حتميات لاحظنا بما لا يدع م جال للشك عدم وجود هذه‬

‫الحتميات المطلقة في التفسير السوسيولوجي للتغير ؛ بل هناك نوع من التأكيد علي عامل ما‬

‫دون إغ فال لبق ية العوا مل ا لأخرى الفاع لة‪ .‬بل يمكن نا أيض ًا أن نل غي التق سيمة المع تادة‬

‫للنظر يات السو سيولوجية بإدراج العوا مل الثقاف ية ضمن إ طار البنائ ية الوظيف ية‪ ،‬والعوا مل‬

‫‪14‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫الاقتصادية والتكنولوجية ضمن إطار المادية التار يخية ؛ فماكس فيبر‪ ،‬وسان سيمون مثلًا وهما‬

‫من رواد الوظيفية رغم اهتمامهم بالفكر والثقافة إلا أنهما لا ينكران العامل الاقتصادي في‬

‫التف سير والتغ ير الاجت ماعي‪ ،‬ك ما أن ال حال ع ند ماركس ومان هايم وه ما من رواد الماد ية‬

‫التار يخية فرغم اهتمامهم بالعوامل الاقتصادية والتكنولوجية إلا أنهما لا ينكران كذلك أهمية‬

‫الفكر والمعرفة‪.‬‬

‫وعلي ما سبق من ملاحظة نركن إلي رفض الطابع الحتمي للسببية علي نحو ما فعل‬

‫ماكس في بر مدرك ًا العلا قة ال سببية ع لي أن ها جزئ ية ‪ Partial‬واحتمال ية أك ثر من تميز ها‬

‫بالضرورة الحتمية مؤكد ًا أنه إذا حاولت تفسير واقعة تار يخية بالنظر إلي قانون عام فإنك تسئ‬

‫كاف‬
‫ٍ‬ ‫فهمستبدل ًا مصطلح الضروري ‪ Necessary‬المعبر عن الطابع الحتمي للسببية بمصطلح‬

‫‪ Adequate‬للتعبير عن الطبيعة الجزئية والاحتمالية للعوامل المتباينة في تشكيل التغير(‪.)37‬‬

‫وأخ ير ًا يمكن نا ال قول أن نز عة المرا حل الحتم ية أو الم حددة سلف ًا قد اخت فت من المؤل فات‬

‫السو سيولوجية لت حل محل ها وج هات ن ظر أ خرى ع بر عن ها عدد كب ير من عل ماء الاجت ماع‪،‬‬

‫بح يث يم كن تلخي صها ع لي الن حو ال تالي‪ :‬إن الجوا نب التكنولوج ية والاقت صادية من الثقا فة‬

‫تت طور وفق ًا لنمط من ال تراكم تواج هه ب عض العق بات‪ .‬أ ما الجوا نب ا لأخرى من الثقا فة‪،‬‬

‫خا صة الفكر ية والجمال ية من ها‪ ،‬فتخ ضع لتحو لات كم ية في ات جاه صاعد و هابط‪ ،‬ك ما تخ ضع‬

‫لتحولات كيفية تؤثر علي طابع ها‪ .‬ومن ال جدير بالذكر أن سوروكين وألفر يد فيبر قد صاغا‬

‫هذا التعميم(‪.)38‬‬

‫وأي ًا ما يكن من شأن الاختلافات النظر ية‪ ،‬في مقار بة إشكالية التغير الاجتماعي‪،‬‬

‫ي كون من التع سف محاو لة الاعت ماد ع لي ات جاه م حدد م ثالي أو مادي‪ ،‬وعا مل حت مي أي ًا‬

‫كان مسماه‪ ،‬والرجوع إلي نظر ية بعينها من نظر يات سوسيولوجيا التغير لما فيه من تبسيط‬

‫‪15‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫زائد للظاهرة‪ ،‬نظرًا لتشابك ظواهر الحياة الاجتماعية وتداخلها وتساندها وظيفيًا‪ ،‬وقد يكون‬

‫من الأجدر الإفادة بالنظرة التعددية بديلًا عن أحادية التوجه والمدخل‪ ،‬والنظر إلى التفاسير‬

‫وال شروح السو سيولوجيةللتغير ع لي أن ها م جرد وج هات ن ظر مختل فة‪ ،‬ول كن ها متكام لة يم كن‬

‫الا ستعانة ب ها ك كل أو الاكت فاء ببعض جوانب ها في ف هم مقار بة التغ ير الاجت ماعي‬

‫سو سيولوجيًا‪ .‬بح سب ال ظروف العا مة‪ ،‬الأو ضاع الاجتماع ية والاقت صادية والسيا سية‬

‫والثقافية شديدة التعقيد والتنوع في عالم اليوم‪.‬‬

‫(‪ )3‬التغي ّر الاجتماعي‪(:‬أنواعه‪،‬واتجاهه‪ ،‬وطبائعه)‪.‬‬

‫ثمة فارق بين عملية التغير‪ ،‬التي تعبر عن مرحلة انتقال ‪ ،Transition‬وبين عملية‬

‫التحول‪Transformation‬فالأولي توحي بعملية أقل راديكالية مما يوحي به التحول(‪.)39‬‬

‫فالتحولات تتضمن التغيرات‪ ،‬ل كنها أكبر وأوسع من التغير نفسه بمعني أن التحولات‬

‫تتصف بصفة الكلية بينما التغير تغلب عليه صفة الجزئية‪ .‬وفكرة التحول المجتمعي علي‬

‫جاذبيتها‪ ،‬تستلزم تحديد اتجاه هذا التحول‪ ،‬وإلي أي نوع من المجتمعات؟ وغرضه النهائي‬

‫(المضمون الاجتماعي لهذا المجتمع)‪ .‬ويمكننا أن نضع تصنيف ًا لأنواع التحول مع مراعاة أن‬

‫هذا التصنيف يحمل بعدًا نظري ًا من أجل الفهم والتحليل السوسيولوجي فهي متداخلة‬

‫ومتشابكة على نحو يصعب فصله إلا نظري ًا‪.‬‬

‫إذ يحدد التحول وفق ًا لطبيعة الفاعل إلى نوعين‪:‬أولهما؛ التحول اللاإرادي العرضي‬

‫الخارج عن نطاق الإنسان وسيطرته ليقع في دائرة طبيعة المجتمع وقوانينه الخاصة‪ .‬وثانيهما‪:‬‬

‫الت حول ا لإرادي الع مدي ا لداخل في ن طاق سيطرة الإن سان وال قوى الاجتماع ية صاحبة‬

‫‪16‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫الم صلحة ف يه‪ .‬وي حدد الت حول وفق ًا لطبي عة م صدره إ لى نوعين‪ :‬أوله ما؛ الت حول ا لداخلي‬

‫(الإرادي العمدي) وهو التحول الذي يؤسسه المجتمع بهدف تعظيم قدرته التكيفية‪ ،‬وذلك‬

‫ح تى ي شغل مكا نة فاع لة في سلم ال تدرج ال عالمي لب ناء ال قوة‪ ،‬و هذا ال نوع من الت حول له‬

‫استراتيجيته‪ ،‬وله مشروعه الاجتماعي‪ ،‬وله أسلوبه في التعامل مع البيئة العالمية المحيطة‪ ،‬كما‬

‫أن له أهدافه المحددة التي يسعي إلي تحقيق ها‪ ،‬وهو ما درج مفكرو الاقتصاد السياسي ع لي‬

‫تسميته بالتحول المستقبلي(‪ .)40‬وثانيهما‪ :‬التحول الخارجي (اللاإرادي القسري) وهو التحول‬

‫المفروض من أعلى الن ظام العالمي ع لى التحول القومي‪ .‬وذلك في حالة التحول الق هري أو‬

‫الم فروض‪ ،‬و ي كون إ ما ع لى هي ئة ضغوط دول ية‪ ،‬أوع لى هي ئة إ غراءات قو ية ح تى ينط لق‬

‫الت حول في الات جاه الم حدد له‪.‬وعلى ا لرغم من أن أف ضل أ نواع التحو لات هي ال تي ت كون‬

‫وطنية النمو‪ ،‬حتى وان جاء المحفز من الخارج إلا أنها في النهاية لابد أن تُساق وتقاد بلاعبين‬

‫وطن يين وتت سق والمنظو مة القيم ية لمجتمعات نا لأن ن جاح هذه الم شار يع الخارج ية ر غم عدم‬

‫ملائمتها لطبيعتنا المجتمعية يعنى أنها أوجدت لها عوامل داخلية (أ صحاب مصالح)‪ ،‬تح قق لها‬

‫الأوضاع والمصالح المبتغاة سواء كانت هذه العوامل سياسات خاطئة أو صراعات داخلية‬

‫تقتات على هذه الأوضاع وتستغلها‪.‬‬

‫وي حدد التحول‪،‬أيض ًا‪ ،‬وفق ًا لطبي عة الم شاركة الاجتماع ية ف يه إ لى نوعين‪ :‬أوله ما؛‬

‫الت حول ال فوقي وتن فرد بو ضع خطو طه الرئي سية الن خب القائ مة بالتحول و بخا صة الن خب‬

‫السياسية‪ .‬وثانيهما التحول التحتي والذي لا يمكن إنجازه إلا من خلال الشراكة بين النخب‬

‫القائمة بالتحول‪ ،‬والمجتمع وجمهوره المستهدف بالتحول‪ .‬ويحدد التحول وفقا ً للطبيعة البنائية‬

‫للمجت مع إ لى نوعين‪ :‬أوله ما الت حول ا لأفقي وذ لك ع ندما ي كون الت حول من منط قة إ لى‬

‫‪17‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫أخري‪ .‬وثانيهما التحول الرأسي عندما يكون التحول من مستوى أعلى إلى مستوى أسفل في‬

‫السلم الاجتماعي أو العكس‪.‬‬

‫كما يحدد التحول وفق ًا لمداه ومجاله الاجتماعيين أي ًا كانت آلياته إلى نوعين‪ :‬أولهما‬

‫الت حول ال جذريوذ لك ع ندما ي كون الت حول شاملًا لمخت لف جوا نب الب ناء الاجت ماعي‪.‬‬

‫وثانيه ما الت حول الجز ئي ع ندما ي كون الت حول م حدود الن طاق في جا نب م عين من جوا نب‬

‫البناء الاجتماعي‪ ،‬كالتحول الاقتصادي أو السياسي‪ .‬و يحدد‪ ،‬كذلك‪ ،‬وفقا ً لمعيار الدينامية‬

‫والسرعة التي يحدث بها إلى نوعين من التحول‪ :‬أولهما؛ التحول التدر يجي الإصلاحي والذي‬

‫نرى م ظاهره في خفوت سرعته ال تي يحدث بها‪ .‬وثانيهما التحول الف جائي الثور يالرادي كالي‬

‫ونري مظاهره في اشتداد سرعته التي يحدث بها‪ ،‬ولا سيما في حالة الثورات الاجتماعية‪.‬‬

‫وأخير ًا‪ ،‬يحدد التحول وفق ًا لمقداره الوصفي المورفولوجي إلى نوعين‪ :‬أولهما؛ التحول الكمي‬

‫وذلك عندما يكون التحول مادي ًا كما في حالة المنجزات المادية للثقافة كالتكنولوجيا ونحوها‪.‬‬

‫وثانيهما التحول ال كيفي وذلك عندما يكون التحول كيفي ًا كما في حالة المنجزات المعنو ية‬

‫للثقافة‪ ،‬والتي لا تقبل القياس والتكميم كالقيم والأخلاق وغيرهما‪.‬‬

‫وتأسيس ًا علي ما جاء بالأدبيات السوسيولوجية المحددة لاتجاه التحول أمكننا رصد‬

‫أر بع اتجاهات تحولية تسير فيها المجتمعات ؛ التحول التراجعي الانحطاطي‪ ،‬التحول التقدمي‬

‫الارت قائي طبق ًا ل قانون المرا حل المتعاق بة (كو نت و ماركس)‪ ،‬الت حول ا لدائري (ا بن‬

‫خلدون‪ ،‬باريتو‪ ،‬شبنجلر‪ ،‬توينبي) ‪ ،‬وأخير ًا التحول التذبذبي (فيكو‪ ،‬سوروكين)‪ .‬وإذا ما‬

‫أمعنا النظر بهذه الاتجاهات نراها قد انطوت علي خلط جلي بين ات جاه التحول وطبيعة سير‬

‫هذا الاتجاه ؛ بمع ني أن كل ًا من التحول التراجعي أو التقدمي يعبر عن اتجاه سير التحول‬

‫المجتمعي إما باتجاه التراجع أو باتجاه التقدم مع مراعاة أن التحول التراجعي لا يصدق إلا‬

‫‪18‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫في حا لة الأز مات ‪Crisis‬بينما التحول الت قدمي تحكمه الرغ بة و هو الغاية ال تي ين شدها أي‬

‫تحول في المطلق ؛ الأمر الذي يعني أن الحتم بصيرورة اتجاه التحول بإزاء التأخر أو التقدم‪،‬‬

‫يتحدد وفق ًا للظروف الاجتماعية وتشابكاتها الجدلية التي يعهدها المجتمع‪.‬‬

‫أما كِلا َ الاتجاهين‪ :‬التحول الدائري والتذبذبي فيعبران عن طبيعة سير اتجاه التحول‬

‫سواء كان اتجا هه بناح ية ال تأخر أو الت قدم إ لا أن هذه الطبي عة يم كن أن تق بل المز يد من‬

‫التحديد والضبط عبر صياغة ثلاث طبائع يسير علي هديها التحول‪ ،‬وإن كانت هذه الطبائع‬

‫لا يمكن تطبيقها بسهولة ويسر علي الواقع الاجتماعي‪ ،‬فهي في أحسن الأحوال لا تخرج‬

‫عن كون ها تقري بات للوا قع الاجت ماعي هي‪ :‬الت حول ا لدوري ع لي نم طين ق صير ال مدى‪،‬‬

‫وطو يل المدى‪ ،‬والتحول أحادي الاتجاه علي ثلاثة أنماط الخطي والأسى والمنحني‪،‬وأخير ًا‬

‫التحول المختلط الذي يجمع بين الدوري وأحادي الاتجاه (‪.)41‬‬

‫شكل توضيحي لاتجاه التغير الاجتماعي وطبيعته‬

‫(‪ )4‬الاستجابة لعملية التغي ّر الاجتماعي‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫ِإن لكل تغير قواه الاجتماعية التي تجسده‪ ،‬وتكون صاحبة مصلحة فيه‪ ،‬ولكل منها‬

‫الأيديولوجية الخاصة بها مشتملة على مجموعة الأفكار والآراء والأحكام والقيم‪ .‬وتتضمن نقدًا‬

‫واتهام ًا للنظام القائم‪ ،‬وتقدم تبر ير ًا لهذا النقد والاتهام في إطار الرؤ ية الجديدة التي تصوغها‬

‫للواقع الاجتماعي‪ .‬لتعمل على إظهار مواطن الضعف العام في النظام القائم‪ ،‬وتهيئة المناخ‬

‫الف كري والاجت ماعي الم لائم لتق بل التغ ير‪ ،‬بالإ ضافة إ لى أن ها تزود ا لأفراد بن سق الأف كار‬

‫والقيم والمعايير كمنظومة قيميه تصبح موجه ًا للسلوك ومحرك ًا للعمل فيما بعد(‪ .)42‬وإزاء هذه‬

‫التحولات وأيديولوجياتها وفاعليت ها ولا سيما التحو لات الجار ية والمت سارعة ال تي تدلل دوم ًا‬

‫على أن التغير هو الأصل في المجتمعات أما الاستقرار أو الثبات فهو الاستثناء يتباين الموقف‬

‫الاجتماعي إزاءها إلى حالتين‪:‬‬

‫الأولي‪ :‬وفيها تمتلك المجتمعات بنية اجتماعية قو ية‪ ،‬فتقف موقف ًاإ يجابي ًا وانتقائي ًا من‬

‫التحولات التي تتدفق حولها‪ .‬بحيث تنتقي السمات والعناصر التي تحتاج إليها‪ ،‬والتي ليس‬

‫لديها ما يناظرها‪ ،‬و يكون انتقاؤها مسترشدًا بمرجعيتها وهويتها‪ ،‬وبذلك يكون المجتمع مسيطرًا‬

‫على التحول الحادث في إطاره بما يسهم في تحول بنائه إلى الأفضل‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‬

‫فقد تأتى التحولات قسر ًا خارجة عن سيطرة المجتمع ونطاقه‪ ،‬وإزائها يبتدع الأفراد آليات‬

‫مناوئةأولها‪ :‬آليات المواجهةو يقصد بها تلك الأساليب والإجراءات الرسمية وغير الرسمية التي‬

‫تتخذ لمناوأة التغيرات غير المرجوة من طرف جماعة ما‪ .‬وثانيهما‪ :‬ميكانزمات التكيف وهي‬

‫الح يل وردود الأف عال الإ يجاب ية وال سلبيةالتي يب تدعها ا لأفراد للت عايش مع التغ يرات ال تي‬

‫تفرض عليهم وتصبح واقع ًا لا يمكن الفكاك منه‪ .‬وفى الحالة الثانية تكون البنية الاجتماعية‬

‫هشة وضعيفة‪ ،‬وتقف موقف ًا سلبيًا من التغيرات التي تحدث حولها‪ ،‬ولا تستطيع الانتقاء من‬

‫بين العناصر المتغيرة ما يلائم طبيعت ها‪ .‬بل ِإن حدودها مخ ترقة دائم ًا ي تدفق عبر ها أي شيء‬

‫‪20‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫حتى وان كان مخالف ًا لمرجعية التراث أو مرجعيتها بصفة عامة أو مؤدي ًا في النهاية إلى تآكل‬

‫الهو ية ليكون بذلك مجتمع ًا خاضع ًا وفاقدًا للسيطرة بما يسهم في إضفاء قدراته البنائية‪.‬‬

‫ويتو قف ن جاح التغ ير من عد مه ع لى شرطين رئي سيين‪ ،‬ا لأول‪ :‬يتع لق بالمنظو مة‬

‫القيمية للتغيرات الطارئة وتكون على ثلاثة أوجه وهي‪:‬‬

‫الوجه الأول‪ :‬ويمثل الحالة المثالية ويتوقف على قوة المنظومة القيمية بحيث تستطيع‬

‫من خ لال آل يات التن شئة وال ضبط الاجت ماعيين أن ي ستوعب الب شر القيم المؤس سة ل شرعية‬

‫الت حول‪ ،‬و من ثم ي صبحون ال قوة الداف عة للت حول والحار سة لمنجزا ته(‪ ،)43‬و بذلك ي خرج‬

‫التحول من إطاره الفوقي إلى إطاره التحتي المجتمعي ؛ الأمر الذي يعنى نجاح هذا التحول‬

‫‪ Social‬عبر آليتي التطبيع الاجتماعي‬ ‫وتحقيقه للتوازن الاجتماعي ‪Equilibrium‬‬

‫‪ Socialization‬والضبط الاجتماعي ‪ Social Control‬على نحو ما أشرنا سلف ًا‪ .‬كأسلوبين‬

‫مكملين لبعضهما البعض‪ ،‬وبهدف جعل الأ شخاص في المجتمع يتصارعون للمعايير التي توحد‬

‫بالنسق الاجتماعي‪ ،‬فإذا فشل التطبيع الاجتماعي في جعل الأ شخاص يتبعون المعايير فان‬

‫الضبط الاجتماعي يج برهم على ذلك(‪.)44‬‬

‫أ ما الو جه ال ثاني‪ :‬ف يأتي التغ ير بمنظوم ته القيم ية‪ ،‬غ ير أ نه لا يمت لك الآل يات الفعا لة‬

‫لتنشئة البشر وفق معاني هذه المنظومة ومن ثم تقع أحداث التحول ومنجزاته‪ ،‬غير أن البشر‬

‫لي ست لديهم الم عاني ال تي تربطهم ب هذه الإن جازات‪ ،‬و من ثم ي ظل الت حول ومنجزا ته قائم ًا‬

‫كمو ضوعات ل ها م ساحتها في الم كان‪ ،‬غ ير أن معاني ها لم تت سلل إ لى ذوات الب شر لت شكل‬

‫قناعتهم‪ ،‬التي يدافعون عنها وغالب ًا إذا ما جاءت المنظومة القيمية على هذه الشاكلة فتكون‬

‫‪21‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫بذلك مؤذنا بفشل التحول وانتهاء صلاحيته مبكرًا ولا سيما في حالة المجتمعات القو ية على‬

‫العكس في حالة المجتمعات الهشة والضعيفة‪.‬‬

‫أما الوجه الثالث والأخير‪ ،‬ففيه يقع التغير مصحوب ًا بمنظومته القيمية ليتعايش مع‬
‫(‪)45‬‬
‫و في هذه الحا لة تت شكل العلا قة بين‬ ‫المنظو مة الثقاف ية والقيم ية القائ مة في المجت مع‬

‫المن ظومتين لتج سد ب عض العمل يات الاجتماع ية إ ما التوا فق ‪ Accommodation‬أو التمث يل‬

‫‪)46(Assimilation‬إذا ما اتفقت المنظومتان‪ .‬وإذا ما لم تستطع احدي المنظومات القيمية‬

‫استيعاب المنظومات الأخرى‪ ،‬فإن تعايش هذه المنظومات يسبب حالة شبيهة بحالة الأنومي‬

‫وربما يتجلى الصراع في صورته المطلقة‪ .‬وإذا ما نجح التحول يتأسس عقدًا اجتماعي ًا ضمنيا ً‬

‫بين الحاكم (أ صحاب التحول)‪ ،‬والمحكومين (المجتمع المستهدف بالتحول) على أسس الحكم‬

‫وطر يقة التعامل بين الطرفين‪ ،‬وعلى العكس من ذلك يكون الحال في حالة فشل التحول‪.‬‬

‫ويتمثل الشرط الثاني في ن جاح التغير من عدمه في ضرورة أن تكون البيئة الإقليمية‬

‫والعالمية مواتية‪ ،‬بحيث يكون بإمكانها استيعاب التحول‪ .‬وتستوعب البيئة الخارجية التحول‬

‫في حالتين‪ :‬الحالة الأولي أن يكون التغير متوافق ًا مع متطلبات البيئة الخارجية أو على الأقل‬

‫غير متناقض معها‪ ،‬فالتغيرات التي حدثت في كثير من مجتمعات العالم الثاني والثالث في‬

‫الفترة الأخيرة بالتأكيد على الأيديولوجيات والسياسات الليبرالية‪ ،‬نجحت لاتساقها مع قيم‬

‫واحتياجات ومصالح البيئة العالمية المؤكدة على عولمة الثقافة والسوق والتأكيد على القطاع‬

‫الخاص‪ .‬وفي الحالة الثانية‪ ،‬تكون البيئة الخارجية ضعيفة‪ ،‬بحيث لا تستطيع الوقوف في وجه‬

‫الت حول ح تى وان لم ي كن مواتي ًا ل ها أو متكيف ًا مع ها‪ ،‬فن جاح الت حول الاقت صادي اليا باني‬

‫تح قق لت طرف المو قع اليا باني في عالم لم ت كن موا صلاته و لا ات صالاته مت طورة بح يث تؤكد‬

‫وحدته‪ ،‬ومن ثم تؤسس قوى عالمية موحدة ومضادة له‪ .‬ون جح النمو الذري الهندي في عالم‬

‫‪22‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫(‪)47‬‬
‫ال حرب ال باردة المنق سم ع لى ذاته‪ ،‬و من ثم ال ضعيف في مواج هة التحو لات الداخل ية‬

‫وعلى العكس من ذلك يحدث الفشل في عملية التغير‪.‬‬

‫ويبقي أول ًا وآخر ًا ؛ المجتمع المستهدف بالتحول وجمهوره هو المحك القويم للوقوف‬

‫على نجاح أو ف شل التحول عبر ما يجنيه من نفع أو ضرر مع مراعاة أنه لا تغير بدون ألم‬

‫فالتحولات كلها تدور حول فكرة التضحية‪ ،‬وال كفاءة تتحقق عندما لا تتجاوز هذه التضحية‬

‫حدودها المعقو لة وتتنا سب مع العا ئد من ورائ ها‪ .‬وتتح قق العدا لة ع ندما توزع الت ضحيات‬

‫بشكل لا يثير الشعور العام‪ ،‬والذكاء يتمثل في اقتناص الفرص المتاحة وعدم تحمل تضحيات‬

‫لا مبرر لها أو المبالغة في تحميلها للبعض على حساب البعض الآخر(‪ ،)48‬من أجل تحقيق‬

‫النبوءة التقدمية‪ ،‬والتي نتمنى ألا تطول وألا تكون مستحيلة‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪ )1‬إبراهيم البيومي غانم وآخرون‪ ،‬بناء المفاهيم‪ :‬دراسة معرفية ونماذج تطبيقية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار السلام للطباعةوالنشر والتوز يع‬

‫والترجمة‪ ،‬ج (‪.2008 ،)1‬‬

‫‪ )2‬أحمد أبو زيد‪ ،‬الثقافة‪ :‬الإنسان والتنمية (عرض نظري)‪ ،‬ندوة الثقافة والتنمية‪ ،‬ضمن فعاليات مهرجان القرين الرابع عشر‬

‫بال كويت‪ ،‬خلال الفترة من ‪ 25‬نوفمبر إلي ‪ 12‬ديسمبر ‪.2007‬‬

‫‪ )3‬أحمد زايد‪ ،‬تناقضات الحداثة في مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصر ية العامة للكتاب‪.2006 ،‬‬

‫‪ )4‬أحمد فؤاد باشا‪ ،‬في التنوير العلمي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصر ية العامة للكتاب‪.2006 ،‬‬

‫‪ )5‬آلان سوينجوود‪ ،‬تاريخ النظر ية في علم الاجتماع‪ ،‬الإسكندر ية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪.1996 ،‬‬

‫‪ )6‬بوتو مور‪ ،‬تمهيد في علم الاجتماع‪ ،‬ترجمة محمد الجوهري وآخرون‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ط (‪.1983 ،)6‬‬

‫‪ )7‬حازم الببلاوي‪ ،‬محنة الاقتصاد والاقتصاديين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪.2000 ،‬‬

‫‪ )8‬السيد ياسين‪ ،‬الحوار الحضاري في عصر العولمة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصر ية العامة للكتاب‪.2005 ،‬‬

‫‪23‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫‪ )9‬طه حسين ‪ ،‬فلسفة ابن خلدون الاجتماعية‪ :‬تحليل ونقد‪ ،‬ترجمة محمد عبد الله عنان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصر ية العامة للكتاب‪،‬‬

‫‪.2006‬‬

‫عادل مختار الهواري‪ ،‬دراسات نقدية في علم الاجتماع والتنمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة نهضة الشرق‪.1980 ،‬‬ ‫‪)10‬‬

‫عبد الباسط عبد المعطي‪ ،‬في نظر ية علم الاجتماع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار ال كتب الجامعية‪.2005 ،‬‬ ‫‪)11‬‬

‫عبد الباسط محمد حسن‪ ،‬علم الاجتماع‪ :‬المدخل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة غريب‪ ،‬ط (‪.1982 ،)2‬‬ ‫‪)12‬‬

‫عبد الحميد لطفي‪ ،‬علم الاجتماع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ط (‪.1978 ،)7‬‬ ‫‪)13‬‬

‫عزيزة خرازي‪ ،‬الاتجاهات النظر ية الحديثة في سوسيولوجيا التنمية‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬ع (‪.2008 ،)2175‬‬ ‫‪)14‬‬

‫على ليلة‪ ،‬نظر ية علم الاجتماع‪ :‬النماذج الرئيسية‪ ،‬الإسكندر ية‪ ،‬المكتبة المصر ية‪ ،‬ط (‪.2000 ،)4‬‬ ‫‪)15‬‬

‫علي ليلة‪ ،‬التحولات الاجتماعية والتعليم العالي في مصر‪ :‬طبيعة العلاقة المتبادلة‪ ،‬دراسة ضمن أعمال مؤتمر جامعة‬ ‫‪)16‬‬

‫القاهرة التعليم العالي في مصر‪ :‬خر يطة الواقع واستشراف المستقبل‪ ،‬خلال الفترة من ‪ 17-14‬فبراير ‪.2005‬‬

‫علي ليلة‪ ،‬قوي التغيير في المجتمع التقليدي واتجاهاته‪ :‬البحث عن نموذج نظري‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر قضايا التغير‬ ‫‪)17‬‬

‫الاجتماعي في المجتمع القطري خلال القرن العشرين‪ ،‬جامعة قطر‪ ،‬خلال الفترة ‪ 28 -25‬فبراير ‪.1988‬‬

‫قباري محم د إسماعيل‪ ،‬علم الاجتماع الألماني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصر ية العامة للكتاب‪.1971 ،‬‬ ‫‪)18‬‬

‫مجدي عبد الحافظ‪ ،‬فكرة التطور عند فلاسفة الإسلام‪ ،‬ترجمة هدي كشرود‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصر ية العامة للكتاب‪،‬‬ ‫‪)19‬‬

‫‪.2007‬‬

‫محمد الجوهري وآخرون‪ ،‬دراسة علم الاجتماع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪.1982 ،‬‬ ‫‪)20‬‬

‫محمد الغريب عبد ال كريم‪ ،‬الاتجاهات الفكر ية في نظر ية علم الاجتماع المعاصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة نهضة الشرق‪.1980 ،‬‬ ‫‪)21‬‬

‫محمد حافظ دياب‪ ،‬الثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة العامة لقصور الثقافة‪ ،‬سلسلة الشباب‪ ،‬ع (‪.2003 ، )3‬‬ ‫‪)22‬‬

‫محمد عابد الجابري‪ ،‬صراع الحضارات أم توازن المصالح‪.>.http://www.nawaat.org>2005/2/21 ،‬‬ ‫‪)23‬‬

‫محمد عاطف غيث‪ ،‬الموقف النظري في علم الاجتماع المعاصر‪ ،‬الإسكندر ية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪.1982 ،‬‬ ‫‪)24‬‬

‫نبيل رمزي‪ ،‬النظر ية السوسيولوجية المعاصرة‪ :‬أصولها الكلاسيكية واتجاهاتها المحدثة (قراءات و بحوث)‪،‬‬ ‫‪)25‬‬

‫الإسكندر ية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪.2002 ،‬‬

‫نيقولا تيماشيف‪ ،‬نظر ية علم الاجتماع‪ :‬طبيعتها وتطورها‪ ،‬ترجمة محمد عودة وآخرون‪ ،‬دار المعارف‪.1996 ،‬‬ ‫‪)26‬‬

‫‪24‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫)‪27‬‬ ‫‪Peter Scott, Reflections on the Reform of Higher Education in Central and Eastern Europe,‬‬

‫‪HigherEducation in Europe, Vol. 27, No.) 1-2(, 2002, p.137.‬‬

‫)‪28‬‬ ‫‪William Form , Social Change , Encyclopedia Britannica‬‬

‫‪Online,2007.<http://www.search.eb.com/eb/article-9068438>.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ )1‬إبراهيم البيومي غانم وآخرون‪ ،‬بناء المفاهيم‪ :‬دراسة معرفية ونماذج تطبيقية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار السلام للطباعةوالنشر والتوز يع‬
‫والترجمة‪ ،‬ج (‪.2008 ،)1‬‬
‫‪ )2‬بوتومور‪ ،‬تمهيد في علم الاجتماع‪ ،‬ترجمة محمد الجوهري وآخرون‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ط (‪ ،1983 ،)6‬ص ‪.363‬‬
‫‪ ) 3‬محمد الجوهري وآخرون‪ ،‬دراسة علم الاجتماع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪ ،1982 ،‬ص‪.54‬‬
‫‪ )4‬محمد عاطف غيث‪ ،‬الموقف النظري في علم الاجتماع المعاصر‪ ،‬الإسكندر ية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،1982 ،‬ص ص ‪.36 ،1‬‬
‫‪ )5‬بوتومور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ ) 6‬طه حسين‪ ،‬فلسفة ابن خلدون الاجتماعية‪ :‬تحليل ونقد‪ ،‬ترجمة محمد عبد الله عنان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصر ية العامة للكتاب‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪.59‬‬
‫‪ )7‬عبدالباسطمحمدحسن‪،‬علمالاجتماع‪ :‬المدخل‪،‬القاهرة‪،‬مكتبةغريب‪،‬ط(‪ ،1982 ،)2‬ص‪.512‬‬
‫‪ )8‬بوتومور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.554 ،553‬‬
‫‪ ) 9‬عزيزة خرازي‪ ،‬الاتجاهات النظر ية الحديثة في سوسيولوجيا التنمية‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬ع (‪.2008 ،)2175‬‬
‫‪ ) 10‬أحمد أبو زيد‪،‬الثقافة‪ :‬الإنسان والتنمية (عرض نظري)‪ ،‬ندوة الثقافة والتنمية‪ ،‬ضمن فعاليات مهرجان القرين الرابع عشر‬
‫بال كويت‪ ،‬خلال الفترة من ‪ 25‬نوفمبر إلي ‪ 12‬ديسمبر ‪ ،2007‬ص‪.10‬‬
‫‪ ) 11‬قباريمحمدإسماعيل‪،‬علمالاجتماعالألماني‪،‬القاهرة‪،‬الهيئةالمصر يةالعامةللكتاب‪ ،1971 ،‬ص‪.392‬‬
‫‪ )12‬أحمد أبو زيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.16 - 11‬‬
‫‪ ) 13‬نبيلرمزي‪،‬النظر يةالسوسيولوجيةالمعاصرة‪ :‬أصولهاالكلاسيكيةواتجاهاتهاالمحدثة (قراءاتو بحوث)‪،‬الإسكندر ية‪،‬دارالفكرالجامعي‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص‪.257‬‬
‫‪ ) 14‬أحمدزايد‪ ،‬تناقضاتالحداثةفيمصر‪،‬القاهرة‪،‬الهيئةالمصر يةالعامةللكتاب‪ ،2006 ،‬ص‪.137‬‬
‫‪ )15‬نبيل رمزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.256‬‬
‫‪ ) 16‬محمد حافظ دياب‪ ،‬الثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة العامة لقصور الثقافة‪ ،‬سلسلة الشباب‪ ،‬ع (‪ ،2003 ،)3‬ص ص ‪.86 ، 84‬‬
‫‪ )17‬محمد عابد الجابري‪ ،‬صراع الحضارات أم توازن المصالح‪.>.http://www.nawaat.org>2005/2/21 ،‬‬
‫‪ )18‬أحمد أبو زيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.10 ،9‬‬
‫‪ ) 19‬نيقولاتيماشيف‪،‬نظر يةعلمالاجتماع‪ :‬طبيعتهاوتطورها‪،‬ترجمةمحمدعودةوآخرون‪،‬دارالمعارف‪،1996 ،‬ص‪.248‬‬
‫‪ ) 20‬على ليلة‪ ،‬نظر ية علم الاجتماع‪ :‬النماذج الرئيسية‪،‬الإسكندر ية‪ ،‬المكتبة المصر ية‪ ،‬ط(‪ ،2000،)4‬ص‪.545‬‬

‫‪25‬‬
‫التغير االجتماعي في الوطن العربي المعاصر‬

‫‪ )21‬نيقولا تيماشيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.129 ،121‬‬


‫‪ ) 22‬أحمد فؤاد باشا‪ ،‬فى التنوير العلمي‪،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصر ية العامة للكتاب‪ ،2006،‬ص‪.68‬‬
‫‪ )23‬نيقولا تيماشيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.275 ،274‬‬
‫‪ )24‬مجدى عبد الحافظ‪ ،‬فكرة التطور عند فلاسفة الإسلا م‪ ،‬ترجمة هدي كشرود‪،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصر ية العامة للكتاب‪ ،2007،‬ص‪.104‬‬
‫‪ )25‬طه حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.250 ،176‬‬
‫‪ ) 26‬عادلمختارالهواري‪،‬دراساتنقديةفيعلمالاجتماعوالتنمية‪،‬القاهرة‪،‬مكتبةنهضةالشرق‪،1980 ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ )27‬نيقولا تيماشيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.146‬‬
‫‪ )28‬آلان سوينجوود‪ ،‬تاريخ النظر ية في علم الاجتماع‪ ،‬الإسكندر ية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،1996 ،‬ص ص‪.96 ،95‬‬
‫‪ )29‬عادل مختار الهواري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ )30‬نبيل رمزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪ ) 31‬عبد الباسط عبد المعطي‪ ،‬في نظر ية علم الاجتماع‪،‬القاهرة‪ ،‬دار ال كتب الجامعية‪ ،2005 ،‬ص‪.79‬‬
‫‪ )32‬السيدياسين‪،‬الحوارالحضار يفيعصرالعولمة‪،‬القاهرة‪،‬الهيئةالمصر يةالعامةللكتاب‪ ،2005 ،‬ص‪.50 –47‬‬
‫‪ )33‬عبد الباسط محمد حسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.351 ،350‬‬
‫‪ )34‬السيد ياسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.50- 36‬‬
‫‪ )35‬عبد الباسط عبد المعطي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.308‬‬
‫‪ )36‬السيد ياسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪42 ،41‬‬
‫‪ )37‬علي ليله‪،‬نظر ية علم الاجتماع‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.378 ،377‬‬
‫‪ ) 38‬نيقولا تيماشيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.463‬‬
‫‪Peter Scott, Reflections on the Reform of Higher Education in Central and Eastern Europe, ( 39‬‬
‫‪, 2002, p.137-152.(1-2)Higher Education in Europe, Vol. 27, No.‬‬
‫‪ )40‬علي ل يلة‪ ،‬التحولات الاجتماعية والتعليم العالي في مصر‪ :‬طبيعة العلاقة المتبادلة‪ ،‬دراسة ضمن أعمال مؤتمر جامعة القاهرة‬
‫"التعليم العالي في مصر‪ :‬خر يطة الواقع و استشراف المستقبل"‪ ،‬خلال الفترة من ‪ 17-14‬فبراير ‪ ،2005‬ص‪.1309‬‬
‫‪William Form, Social Change, Encyclopedia Britannica Online, ( 41‬‬
‫‪2007.<http://www.search.eb.com/eb/article-9068438>.‬‬
‫‪ )42‬عبد الباسط محمد حسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.540‬‬
‫‪ ) 43‬علي ليلة‪ ،‬التحولات الاجتماعية والتعليم العالي فىمصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.1278 ،1277‬‬
‫‪ )44‬م حمد الغريب عبد ال كريم‪ ،‬الاتجاهات الفكر ية في نظر ية علم الاجتماع المعاصر‪،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة نهضة الشرق‪ ،1980 ،‬ص‪.84‬‬
‫‪ ) 45‬علي ليلة‪ ،‬التحولات الاجتماعية والتعليم العالي في مصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.1279 ،1278‬‬
‫‪ )46‬عبد الحميد لطفي‪ ،‬علم الاجتماع‪،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ط(‪ ،1978 ،)7‬ص‪.151 – 144‬‬
‫‪ ) 47‬علي ليلة‪ ،‬التحولات الاجتماعية والتعليم العالي في مصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1279 -1277‬‬
‫‪ )48‬حازم الببلاوي‪ ،‬محنة الاقتصاد والاقتصاديين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪ ،2000 ،‬ص‪.35‬‬

‫‪26‬‬
View publication stats

You might also like