Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 10

‫ف المغ م هت‬

‫ص ات ول و ميزا م‬

‫اعداد الباحثة‪ :‬اميان فليح حسن‬

‫‪1‬‬
‫خلق هللا عز وجل خلقه أطو ًارا خمتلفي اخللقة والطباع‪ ،‬البيض‪ ،‬والسود‪ ،‬وامجليل‪ ،‬والقبيح الطويل‬
‫والقصري‪ ،‬القوى والضعيف‪ ،‬والشجاع واجلبان مبقتىض حمكته ومعوم قدرته فاكن للطبيعة دور كبري يف‬
‫حتديد مالمح وصفات من يعيش بداخلها‪.‬‬

‫فلقد نشأ املغول يف بالد فقرية ذات بيئة قاس ية يف ظروفها الطبيعية واملناخية انعكست أاثرها عىل‬
‫صفات هذه الشعوب وتكويهنم اجلسمي والبدين وحىت النفيس‪ ،‬فقد أمدمه هللا بصفات بدنية تناسب‬
‫البيئة اليت نشأوا فهيا‪ ،‬فهم قوم أشداء أقوايء متوحشون رؤوسهم أقرب ما تكون للناظر الهيم كهنا‬
‫الصقة بأكتافهم وال اعناق هلم أشار ذكل ابن الوردي يف كتابه خريدة العجائب وفريدة الغرائب‬
‫قائال‪ (:‬وغريب أرض الروس جزيرة دار موشة‪ ،‬وأهلها يوقدون النار يف بيوهتم هنار ًا لبعد الشمس‬
‫عهنم وقةل الضوء‪ .‬وهبذه اجلزيرة قوم مس توحشون يعرفون ابلرباري رؤوسهم الصقة بأكتافهم وال أعناق‬
‫هلم‪ ،‬ودأهبم ينحتون الجشار الكبار‪ ،‬ويتخذون أجوافها بيو ًات يأوون الهيا‪ ،‬وألكهم البلوط)‪ .‬وأبرز ما‬
‫مزي تكوين املغول اجلسامين أهنم ميتلكون برشة صفراء مسيكة وأنوفهم فسطاء‪ ،‬قصار القامة رؤوسهم‬
‫عريضة‪ ،‬جباههم مرتفعة‪ ،‬شعورمه خش نة مرسةل ودلهيم أيضا س يقان مقوسة وأجسام ممتلئة عيوهنم‬
‫صغرية وضيقة وذقوهنم جرداء‪ ،‬وجفوهنم ثقيةل‪ ،‬والشفاه عريضة والس نان قوية وطويةل والفك العلوي‬
‫منخفض بعض اليشء وأخفاذمه مسيكة‪.‬‬

‫واملغول يندبون خدود أبناهئم حىت ال تنبت حلامه‪ ،‬وأحياان يتجمع شعر اللحية يف خصةل حتت اذلقن‪،‬‬
‫والعضاء العليا خضمة مما يعطهيم ش ً‬
‫لك خميفا واملغويل عادة حليق تزينه يف الوسط خصةل من الشعر‪.‬‬

‫ولقد اكن للفقر الشديد وقةل الغذاء دور كبري يف قرص القامة وحناةل الوجه وبروز عظام اخلدين‪ ،‬كام أن‬
‫اجلفون املتدلية اكنت تقهيم من الرايح الشديدة اليت يتعرضون لها يف بالدمه معظم أايم الس نة‪ ،‬وكذكل‬
‫احلال يف البرشة السميكة‪ ،‬أما اعوجاج الس يقان فسببه قضاء املغول معظم الوقت عىل صهوة اجلواد‬

‫‪2‬‬
‫وبعد امتالك املغول لهذه املكوانت الشلكية قيل عهنم‪ (( :‬أوحش الناس الكما وطباعا والكهمم أش به‬
‫بصباح وزئري)) فدلهيم من القوة البدنية ما ميكهنم من السري يف الرض واجلبال اجملهوةل واخلربة وغري‬
‫املسلوكة لوعورهتا دون خوف أو تردد‪ ،‬وقيل أيضا عن أثر البيئة علهيم ‪ (:‬ان تأثري لك بقعة يف النايم‬
‫من النبااتت وفامي ليس بناء كتأثري أرض الرتك يف وجوههم وصغر أعيهنم حىت اثر ذكل يف جامهلم‬
‫فقرصت قوامئها وغلظت رقاهبا وأبيض وبرها )‪.‬‬

‫اكنت هناك مجموعة من املزااي يمتزي هبا املغويل مهنا الشجاعة فهو كسد ينقض عىل فريس ته فيطاردها‬
‫ويقتلها ويذحبها وال ميل احلروب والقتال فهو يعد يف حاةل حرب دامئة دليه اقدام وجرأة واكن بعضهم‬
‫بكره الزانء واللواط والرسقة‪ ،‬وشهادة الزور‪ ،‬واخليانة فامي بيهنم‪ ،‬والسحر‪ ،‬وعصيان القواد‪ ،‬والاس تحامم‬
‫يف املاء اجلاري‪ ،‬والناعات ادلموية داخل قبيلته فهم (موصوفون من قدمي الزمان ابلشجاعة والبطوةل‬
‫والفروس ية ومعاانة احلروب والصرب عىل ركوب اخليل واحلدق ابلريم وغري ذكل من المور‪ .‬وبعض‬
‫املغول أيضا ال يعرفون الكذب واكنوا يعاقبون لك من يقدم عىل هذه الفعةل ابلقتل‪ ،‬هذا جبانب امتالههم‬
‫عزمية جبارة تفوق سوامه يف حتمل الربد واحلر واجلوع‪ ،‬فهم قوم مرهوبو اجلانب ال يقوى أحد عىل‬
‫التصدي هلم مبا دلهيم من جرأة واقدام‪ ،‬والرصاحة يه مبدأمه فهم يقولون رأهيم دون مواربة وال تردد‬
‫فهم أشد الناس بأسا وأغلظهم أكباد ًا وأصربمه عىل البؤس أنفسا)‪.‬‬

‫وشهد للمغويل بأنه من أشد امللزتمني بقوانينه ورشائعه وال خيرج علهيا‪ ،‬ويطبق مبادهئا ويسعى دامئا من‬
‫أجل حتقيق نوعا من العداةل الاجامتعية والنظام املغويل يلزم ابلطاعة التامة‪ ،‬ويذكر أن هيرب أحد من‬
‫صفوف اجلند أو يرتك زمي ًال عاجال أو أسريا يف يد العداء دون أن يقدم عىل انقاذه‪.‬‬

‫وقد عرف عن املغول اخلفة ورسعة احلركة واحلنكة وادلهاء والفكر واملهارات العسكرية الفائقة والتغلب‬
‫عىل املعوقات‪ ،‬لهنم اكنوا ميتلكون ذهنا قادرا عىل حل املشالك وحتدى الصعاب ومما ال شك فيه أن‬

‫‪3‬‬
‫اختالط املغول ابلصينيني أكس هبم صفات وسلوكيات جديدة فعليت فضائلهم عىل رذائلهم وزاد متزيمه‬
‫احلريب من خالل اكتساب اماكنيات قتالية خضمة ورسعة حركة وارتداد‪.‬‬

‫ومن الطباع الطيبة دلى املغول الطاعة املطلقة للرئيس‪ ،‬وأن تكل الطاعة اليت يمتتع هبا ذكل الرئيس ال‬
‫حيظى هبا أي رجل يف العامل‪ ،‬أ ًاي اكن مذهبه‪ ،‬أو علامني ًا اكن أم من املنقطعني للعبادة دينه‪.‬‬

‫كام أهنم قوم ال يتجادلون‪ ،‬قوال أو فع ًال‪ ،‬فامي بيهنم‪ ،‬اال يف حاالت اندرة جد ًا‪ .‬كام أن الاقتتال‪ ،‬والتشاجر‪،‬‬
‫أو أحدمه‪ ،‬أو قتهل‪ ،‬لك هذه العامل تاكد تكون معدومة فامي بيهنم‪.‬‬

‫بعد أن وحدمه جنكزي خان كمة واحدة‪ ،‬وحتمك أمم ًا وشعو ًاب متباينة الصول واحلضارات‪ .‬فالفرد املغويل‬
‫حيسب ألف حساب وحساب لزميهل املغويل‪ ،‬من حيث التقدير والاحرتام‪ ،‬وقمية الانسان املغويل‬
‫عندمه وهذه القمية الكبرية احملسوبة للفرد املغويل ال ينظرون هبا اىل غريمه من أفراد اجملمتعات الخرى‪،‬‬
‫اذ أن قتل الفرد أو اللف من غري املغول ال تساوي شيئ ًا عندمه‪ ،‬كام انه مل يكن يوجد ماكن بيهنم‬
‫لسارق‪ .‬ونتيجة ذلكل‪ ،‬فاهنم اكنوا يرتكون منازهلم‪ ،‬وعرابهتم‪ ،‬اليت يكون بداخلها ما ميلكونه من أش ياهئم‬
‫المثينة‪ ،‬دومنا حام‪ ،‬أو حارس يقوم عىل حفظها وصيانهتا أو حاميهتا من سارق أو لص‪ ،‬كام أن أش ياءمه‬
‫المثينة مل يكن يقفل علهيا بأقفال من أي نوع اكن‪ .‬أما اذا فقدت شاة‪ ،‬أو عن‪ ،‬أو أي حيوان لي خشص‬
‫اكن‪ ،‬فانه يتحمت عىل الشخص اذلي جيدها اما أن يرتهها‪ ،‬حيث اكنت‪ ،‬وخيرب اهلها عن ماكهنا‪ ،‬أو أن‬
‫يأخذها اىل ماكن ميكن لصاحهبا أن جيدها‪ ،‬حبيث يمت هل العثور علهيا دون صعوبة لك فرد مهنم يُكن‬
‫تقدير ًا‪ ،‬واحرتاما للفرد الخر‪ ،‬ويبادهل عالقات ود وصداقة‪ ،‬فهم يتقامسون الطعام فامي بيهنم‪ ،‬ويدعو‬
‫بعضهم بعض وبلك رحابة صدر‪ ،‬عىل ذكل الطعام‪ ،‬حىت وان اكن قلي ًال‪ ،‬وزهيد ًا‪.‬‬

‫واذا ما دعي خشص اىل طعام‪ ،‬حىت ان مل يكن هل معرفة بأحصاب ذكل الطعام‪ ،‬فانه يتحمت عليه حسب‬
‫العرف والتقليد الاجامتعيني يف داخل اجملمتع املغويل أن يليب ادلعوة‪ ،‬وال جيوز هل رفض ادلعوة‪ .‬كام أن‬

‫‪4‬‬
‫أحصاب الطعام اذا مر هبم أي خشص ومل يدعوه للمشاركة معهم يف طعاهمم ذاك‪ ،‬فان عادات املغول‬
‫وتقاليدمه قد جعلت هل احلق أن يذهب الهيم وجيلس معهم عىل مائدة الطعام‪ ،‬ويألك ما يشاء‪ ،‬دون‬
‫أن يس تأذهنم‪ ،‬وال جيوز هلم حماوةل منعه من اجللوس معهم واملشاركة هلم يف طعاهمم‪.‬‬

‫والسبب يف هذا‪ ،‬أن ذكل يعترب منقصة‪ ،‬وعار ًا حني مينعون الغري من مشاركهتم الطعام‪ ،‬كام اهنا قةل‬
‫أدب‪ ،‬ومعرة عىل املرء أن يرفض ادلعوة ملشاركة ادلاعي اىل الطعام‪ ،‬أو فامي يألكه‪.‬‬

‫كام ان الانسان املغويل يمتزي مبزيات ياكد ينفرد هبا عن غريه‪ ،‬ويه الصرب وطول الانة‪ ،‬فهو شديد‬
‫الصرب‪ ،‬قوي التحمل واملاكبدة‪ ،‬ومع ذكل فانه ال يرى عليه أي أثر مما يعانيه أو ياكبده‪ .‬واذا ما تعذر‬
‫عليه احلصول عىل طعام‪ ،‬فيس تطيع أن يظل يوم ًا أو يومني دون أن يألك‪ ،‬ومع ذكل فهو ال يُرى عليه‬
‫أثر اجلوع‪ ،‬أو نقاد الصرب‪ ،‬بل جتده يغين‪ ،‬وميرح‪ ،‬وكنه حمتل البطن‪ ،‬ش بع ًا ور ًاي ( مرتوي )‪.‬‬

‫كام أن يف اس تطاعة املرء مهنم مداومة ركوب اخليل لفرتة طويةل لعدة أايم وليال‪ ،‬فنجده ينام ويستيقظ‬
‫وهو عىل صهوة جواده‪ .‬وهل صرب يذهل يف حتمل شدة الربد القارس‪ ،‬واحلرارة الشديدة الالحة‪.‬‬

‫مث يردف «جون» القول حمد ًاث حيث يذكر أن الشعور ابحلسد أو الغيظ جتاه أخيه املغويل ال ماكن هلام‬
‫شدة يف قلوهبم‪ ،‬وياكد يكون معدوم ًا‪ ،‬كام أن حياة الرتف والارساف والبذخ والسعي وراء احلياة املرتفة‬
‫ال وجود وال ماكن لها يف جممتعهم أما ما يتعلق بشعورمه‪ ،‬جتاه هذه الناحية‪ ،‬يف نظرهتم اىل غريمه من‬
‫المم الخرى‪ ،‬فاننا جندمه عىل النقيض من ذكل العمل‪ ،‬فهم حيتقرون غريمه من الشعوب واجملمعات‬
‫الانسانية الخرى‪ ،‬فهم يظهرون اعزتاز ًا ابلنفس‪ ،‬ويعتقدون بأهنم صفوة خمتارة من بني بقية اجملمتعات‬
‫الخرى‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ومازالت هذه النظرة‪ ،‬وذاك الشعور – يف الفرد املغويل – تعيش معه حىت وقتنا احلارض‪ ،‬حيث‬
‫يظهرون اعزتاز ًا ابلنفس‪ ،‬واعتداد ًا ابملايض اجمليد‪ ،‬ويتعنتون‪ ،‬ويتكربون‪ ،‬وينظرون اىل غريمه من‬
‫الشعوب الخرى ابحتقار وازدراء‪ ،‬حىت وان اكنوا أهل حضارة وريق وعمل‪ ،‬أو اكن املرء ملاكً‪.‬‬

‫ويف حقيقة المر‪ ،‬فاهنم ال يعتربون غريمه من الناس‪ ،‬وال حيس بون هلم أي حساب‪ ،‬وال اىل مس توى‬
‫هبامئهم‪ .‬ولعل أبرز ما تتجىل فيه هذه الصفة املقيتة ما اكن يظهره خاانهتم املغول من ترصفات رعناء‪ ،‬يف‬
‫معامالهتم للزائر من أمه وشعوب أخرى‪ ،‬ملاكً اكن أم سلطا ًان‪ .‬فال يس تقبلونه مبا يليق مباكنته‪ ،‬وال‬
‫يظهرون أي احرتام ذلكل الضيف أو الزائر‪.‬‬

‫لقد اكنت هذه النظرة اليت يعملها اخلاانت املغول جتاه غريمه من احلاكم أو امللوك من غريمه من المم‬
‫الخرى‪ .‬ويه أن احلان املغويل اكن يعترب ذكل الانسان الزائر‪ ،‬من غري املغول‪ ،‬ملاكً أم سلطا ًان أو‬
‫رج ًال عاد ًاي‪ ،‬مل يأت اىل منغوليا‪ ،‬ومقابةل اخلان اال كواحد من رعااي أو أتباع احلان املغويل يف عاةمة بالده‬
‫قرا – قروم‪ ،‬فيعتربه اخلان جاء صاغر ًا ليدفع هل الموال‪ ،‬وما غال ثنه (واليت اكنت حتمل اىل خاانهتم‬
‫ههدااي يأيت هبا الزائرون اىل منغوليا) هجزء من الواجب املفروض اذلي حتمته التبعية للمغول‪ ،‬وذكل ليك‬
‫يسمل هو بنفسه‪ ،‬وتنجو أرضه من ويَأْ َم ُن هو وشعبه من أن يأيت علهيم املغول‪ ،‬فينرشون بيهنم ادلمار‬
‫اذلي اش هتر به املغول‪ ،‬خاصة يف عنفوان قوهنم أايم جنكزي خان‪ ،‬وخالل الفرتة اليت تلت وفاته مبارشة‪.‬‬
‫كام أن هناك انحية اثنية‪ ،‬ويه أن املغويل اكن يعتقد‪ ،‬اعتقاد ًا راخس ًا‪ ،‬بأن هللا مل خيلق العامل اال من‬
‫أجهل‪ ،‬ذلكل‪ ،‬فانه يتحمت عىل بقية المم والشعوب الخرى السمع والطاعة‪ ،‬فمل ختلق (يف نظره) اال لتقوم‬
‫عىل خدمته‪ ،‬وتنفيذ أوامره‪ ،‬وما يراه احلان والقادة املغول‪ .‬فقد اكن هذا الشعور هو الاعتقاد السائد‬
‫دلى املغول يف هذه الفرتة ابذلات‪ .‬ذلكل‪ ،‬جند أن الرجل املغويل اكن رسيع الغضب يف تعامهل مع غريه‬
‫من الشعوب واجملمتعات الخرى‪ .‬فهو يثور ويغضب لتفه الس باب‪ ،‬كام انه ال جيدها نقيصة يف خلقه‬
‫يف قوهل الكذب‪ ،‬يف تعامهل املغويل‪ .‬فتجد أن لسانه يكون يف البداية حلو اللكم‪ ،‬عذب املنطق‪ ،‬اال‬
‫‪6‬‬
‫أنه يف الهناية يلسع كام ت ََلس ُع العقرب‪ ،‬فال جتد لصدق القول عنده أحصاب املكر‪ ،‬والغش‪ ،‬واخلداع‪،‬‬
‫وفوق هذا حيث املعامةل وفساد النية وسوء الرسيرة‪.‬‬

‫ذلكل فانه مىت اس تطاع الفرد مهنم‪ ،‬أن يس تحوذ عىل ما عند الغري لقدم عىل ذكل بش ىت احليل‬
‫واخلدع‪.‬‬

‫املغول أانس قذرون‪ ،‬قذرون يف الطريقة اليت يألكون ويرشبون هبا‪ ،‬ويف ملبسهم‪ ،‬ويف مسكهنم كذكل‪،‬‬
‫فان املغول قذرون يف معامالهتم لغريمه من المم‪ ،‬فهم يغلقون خمططاهتم الرشيرة والش يطانية‪ ،‬ضد‬
‫غريمه‪ ،‬بطرق غاية يف التنظمي‪ ،‬دلرجة يصبح معها من املتعذر عىل غريمه أن يكونوا يف وضع ميكهنم من‬
‫أخذ الاحتياطات املناس بة يف حماوةل الافساد ما عقد املغول العزم عىل تنفيذه ضد غريمه‪ .‬اهنم قوم يف‬
‫منهتىى اجلشع والطمع‪ ،‬فهم شديدو الاحلاح يف طلباهتم‪ ،‬ويف طريقة اغتصاب وابزتاز ما دلى الغري‪ ،‬يف‬
‫الوقت اذلي يكون املرء مهنم شديد المتسك والتشبث مبا ميكل‪ .‬ومه قوم لخالء دلرجة التطرف‪ ،‬حىت‬
‫ان املرء مهنم يبخل عىل غري املغويل برشبة ماء قد يكون فهيا انقاذ حياة ذكل الانسان‪.‬‬

‫لعل هذه الصفات اليت تتقزز مهنا النفس البيه (أي النفس الكرمية اليت تأىب اخلضوع واملهانة) ‪ ،‬وتبدو‬
‫السامت البغيضة‪ ،‬قد تكون مما يتباىه به املرء يف ذكل اجملمتع‪ ،‬وخاصة نظرهتم اىل ما دلى الغري وأعين‬
‫ابلغري‪ ،‬غريمه من أفراد اجملمعات من خارج جممتعهم املغويل) عىل اعتبار أن ذكل اليشء عند غريمه هو‬
‫من حقهم‪ ،‬مفن واجهبم بذل لك وس يةل‪ ،‬والتحايل‪ ،‬بش ىت س بل املكر والغش واخلداع ‪ ،‬والكذب حىت‬
‫حيصلوا عىل ذكل اليشء‪ ،‬بل ويعترب يف نظرمه‪ ،‬اس تعادة حق هلم اكن دلى الغري‪ .‬وهذه عندمه تعترب‬
‫من المور عندان من اليت يتفاخرون هبا فامي بيهنم‪ ،‬واهنا من الاعامل اليت تشري اىل املرء مهنم عىل أنه‬
‫ماهر‪ ،‬وحاذق‪ ،‬وذو دهاء وتبرص يف معاجلة المور‪ ،‬حىت يس تعيد ذكل اليشء من غري أمم املغول‪.‬‬
‫ففي نظرمه أن املغول خلقوا لزعامة العامل وحمكه‪ ،‬وأن العامل خلق ليسمع ويطيع‪ ،‬هذه نظرهتم‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫صفات املغول العسكرية واحلربية‪:‬‬

‫فقد هيأت هلم البيئة القاس ية الفروس ية فأصبحوا فرساان أشداء ومقاتلني ابلفطرة وأجادوا فنون القتال‪،‬‬
‫فهم ال يزرعون حق ًال أو حيرثون أرضا بل مه يف جتوال دامئ والقتال والفروس ية يه لك حياهتم‪ ،‬واملغول‬
‫ال يقاتلون مشاة وامنا يركبون جيادمه الصغرية الرسيعة وكهنم ملتصقون علهيا ويضب املغويل ابلقوس‬
‫والسهم من أي اجتاه دون أن خيطئ‪.‬‬

‫وال شك أن الرصامة اكنت طابع حياة هؤالء املغول‪ ،‬فاكن اجلندي مهنم ميتاز ابلنظام والطاعة العمياء‬
‫للرؤساء واذا خرج عن الصول املرعية اكن عقابه‪ .‬شديدا‪ ،‬واكن من عادة املقاتل املغويل أنه اذا سار‬
‫للقتال حيمل لك ما حيتاجه يف أثناء احلرب‪ ،‬فيحمل أالت لشحذ رماحه‪ ،‬كام اكن حيمل االبر واخليوط‬
‫الس تعاملها عند احلاجة‪ ،‬وال يأخذ معه من املؤن اال قران من اللني وأنية من الفخار ليطهىي فهيا طعامه‬
‫وخمية صغرية وأةل حيفر هبا الرض وكيسا من اجلدل حيمل فيه مالبسه ويس تعمهل يف عبور الهنار‪.‬‬

‫يتبني مما سلف أن المتزي العسكري واملهارات احلربية اكنت أمه عنارص ومكوانت االمرباطورية املغولية‬
‫فاكنوا حماربني ال يشق هلم غبار‪ ،‬سهاهمم ال ختطئ هدفها أجادوا الكرب والقر‪ ،‬متزيوا يف فنون احلصار‪،‬‬
‫والرتويع والشدة والقسوة والقتل صفات الزمهتم يف لك حروهبم اخلارجية فمل يبقوا عىل أحد بل قتلوا‬
‫النساء والرجال والطفال وشقوا بطون احلوامل وقتلوا فقد صال معظم املغول يف س ياس هتم احلربية اىل‬
‫القتل والتدمري واخلراب والرشاسة والقوة والعنف وعدم الوفاء ابلعهود اليت يقطعوهنا عىل أنفسهم‪ ،‬وعاش‬
‫بعضهم عىل قطع الطريق والسلب والهنب فمل يكن دلهيم قمي روحية أو أخالقية رفيعة فعرف عهنم سوء‬
‫أخالقهم وافرتاسهم للك يشء غري مبالني‪.‬‬

‫وعندما دارت رىح احلرب بني املسلمني واملغول أكرث املغول من التشكيل ابملسلمني ووضعومه‬
‫أحياان يف اخلنادق لردهما‪ ،‬وقاموا بوضع املؤلفات والكتب يف الهنار لعمل جسور ميرون علهيا‪ ،‬وقتلوا‬

‫‪8‬‬
‫أهل املدن مجيعا ومل يبقوا مهنم اال القليل وأذاقوا الرسى أشد أنواع العذاب وحرقوا املدن واملساجد‬
‫واملدارس ومل تأخذمه رمحة مع الطفال والنساء والش يوخ فهم بذكل يعدون جمريم حرب افتقدوا‬
‫أخالق الفرسان‪.‬‬

‫يتبني مما س بق أن ما حتىل به املغويل من صفات طيبة وحس نة اكنت يف معظمها تصب خلدمة بىن‬
‫جنسه وعيوبه لكها اكنت مع الخرين‪ .‬وعرف عن جنكزي خان اخلان العظم للمغول أنه اكن قوي‬
‫البنية حليق الوجه أبيض البرشة وعيناه هعيين القطط‪ ،‬واكن يتحىل ابجلدل واذلاكء والعقل واكن ذا‬
‫وحماراي عنيدا متعطش لدلماء‪ ،‬دليه مقدرة عالية عىل ضبط النفس‪ ،‬شهد هل ابليقظة ورجاحة‬
‫هيئة ً‬
‫العقل‪ ،‬واكنت دليه قناعة فعندما عرث رجاهل عىل وثيقة خترب بوجود كن يف احدى البقاع رد علهيم قائ ًال‬
‫ولس نا يف حاجة اىل كنوز الخرين‪ ،‬وما متلكه من املال تؤثر به عباد هللا ورعاايان‪.‬‬

‫مما يكشف ان املغويل دليه متزي عريق عنرصي وما حيهل لنفسه حيرمه عىل الخرين فهو يعاقب ابلقتل‬
‫من يكتب وخيادع وحيل لنفسه الكذب واخلداع عندما يقطع عىل نفسه العهود فهو يسري وفق نظرية‬
‫شعب هللا اخملتار كهيود زماننا فهم يرون ان حاكهم دليه تعويض الهىي ومه جنود هللا عىل أرضه‪ .‬والالفت‬
‫للنظر أن جنكزي خان اكن دليه هدوء وعدم فقدان الس يطرة عىل عواطفه همام اكنت الظروف‪ ،‬واكن‬
‫يف مقدوره أن يس تأصل هبدوء اتم أالف الناس مىت رأى ذكل رضوراي لتوطيد أراكن ملكه‪ .‬هذا جبانب‬
‫ادلهاء واملكر والقدرات العسكرية الفائقة وحسن تدبري ش ئون رعيته‪ ،‬واكن صارما ال يتعامل برمحة مع‬
‫املهنزمني‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫*******************‬

‫‪ -‬ابن الوردي‪ ،‬رساج ادلين أبو حفص معر بن املظفربن الوردي البكري القرييش‪( ،‬ت ‪ ،)852‬خريدة‬
‫العجائب وفريدة الغرائب‪ ،‬مكتبة الثقافة االسالمية‪(،‬القاهرة ‪،)2008-‬ج ‪،1‬ص‪.180-179‬‬

‫‪ -‬املسعودي‪ ،‬أبو احلسن عىل بن احلسني بن عىل املسعودي (املتوىف‪346 :‬هـ)‪ ،‬أخبار الزمان ومن‬
‫أابده احلداثن‪ ،‬وجعائب البدلان والغامر ابملاء والعمران‪ ،‬دار الندلس للطباعة والنرش والتوزيع‪-‬بريوت‪،‬‬
‫‪1416‬هـ‪1996-‬م‪ ،‬ص‪.95‬‬

‫‪ -‬املسعودي‪ ،‬مروج اذلهب‪ ،‬ص‪.106‬‬

‫‪ -‬أبو الفداء‪ ،‬اخملترص يف اخبارالبرش‪.163،‬‬

‫‪ -‬الفوال‪ ،‬صالح مصطفى‪ ،‬سوس يولوجيا احلضارات القدمية دار الفكر‪( ،‬القاهرة ‪1982-‬م)‪ ،‬ص‪.265‬‬

‫‪ -‬اقبال‪ ،‬عباس‪ ،‬اترخي املغول‪ ،‬ص‪.109‬‬

‫‪ -‬ابراهمي محمد عيل محمد مرجونة‪ ،‬املغول يف العامل االساليم دراسة س ياس ية حضارية‪.‬‬

‫‪10‬‬

You might also like