‫الذكاء‬

‫يتفاوت الناس في ذكائهم والذي غالبا مايظهر في قدرتهم على التعلم‪،‬وفي القدرةعلى التوافق مع المواقف‬
‫الجديدة ‪ .‬ويظهرتفاوت الناس في الذكاء في مواقف متعددة وخاصة في مجال التعلم اوالتحصيل الدراسي‬
‫والمهن واالعمال المختلفة‪.‬‬

‫وتتفاوت الحيوانات ايضا في مستويات ذكاء كل نوع منها ‪ ,‬فبعضها اقدرعلى التعلم وحل المشكالت‬
‫والتوافق للمواقف الجديدة مقارنة بأنواع اخرى ‪ ,‬فالقردة اكثر ذكاء من الفئران واالخيرة اعلى ذكاء من‬
‫الدجاج ‪ .‬وقد أظهرت تجارب التعلم على الحيوانات فروقا كبيرة بينها من حيث قدرتهاعلى التعلم وحل‬
‫المشكالت ‪.‬‬

‫ويعد الفرنسي الفرد من رواد حركة القياس العقلي بدايات القرن العشرين والتطورات فيما بعد على يد‬
‫اخرين وطبقت في العديد من المجاالت ‪ :‬التربوية ‪ ,‬العسكرية ‪ ,‬والصناعية ‪ ,‬وفي ميدان االرشاد والعالج‬
‫النفسي ‪.‬‬

‫وصاحب اهتمام علماء النفس بقياس الذكاء اهتمامهم بقياس القدرات العقليةالمختلفة التي يتكون منها الذكاء‬
‫والفروق الذكائية بين االفراد اوالجنسين اوالسالالت البشرية المختلفة اونموالذكاء واثركل من الوراثة‬
‫والبيئة فيه ‪.‬‬

‫معنى الذكاء ‪-:‬‬

‫اشتقت الكلمة االنجليزية (‪ )intelligence‬الذكاء من الكلمة الالتينية (‪ ) intelligenti‬التي ابتكرها‬
‫المفكرالروماني والخطيب المشهور (شيشرون) وتعني الذهن ‪ .‬الفهم ‪ .‬الحكمة ‪.‬‬

‫ويستخدم علماءالنفس مصطلح الذكاء بمعان كثيرة مختلفة منها ‪:‬‬

‫‪ .1‬نوع اول يؤكد على تكيف الفرد او توافقه مع البيئة ‪ ،‬منهم ( شترن ) الذي يعرف الذكاء ‪" :‬هوالقدرةعلى‬
‫التكيف العقلي لمشكالت الحياة وظروفها الجديدة"‪.‬‬

‫‪ .2‬نوع ثان يؤكدعلى القدرة على التعلم ‪ .‬ومن ذلك ( كالفن ) الذي يعرف الذكاء ‪" :‬هوالقدرةعلى تعلم‬
‫التكيف للبيئة" ‪.‬‬

‫‪ .3‬نوع ثالث يؤكدعلى القدرة على التفكير ‪ .‬ومن ذلك تعريف ( تيرمان ) ‪" :‬الذكاءهوالقدرةعلى‬
‫التفكيرالمجرد" ‪.‬‬

‫‪ .4‬نوع رابع يؤكدعلى الوظائف السلوكية التي يتصف بهاالسلوك الذكي ومنها‪:‬‬
‫أ‪-‬تعريف(وكسلر ) وهو (( الذكاءهوالقدرة الكلية للفرد على التصرف الهادف والتفكيرالمنطقي والتعامل‬
‫المجدي مع البيئة )) ‪.‬‬

‫ب‪ -‬تعريف(ستيوارد) وهو (( الذكاء هونشاط عقلي يتميز بالصعوبة والتعقيد والتجريد واالقتصاد في‬
‫الوقت والجهد والتكيف الهادف والقيمة االجتماعية واالبتكار وتركيز الطاقة ومقاومة االندفاع العاطفي ))‪.‬‬

‫‪ -1‬ونوع خامس يؤكد على اسلوب قياس الذكاء وهو التعريف االجرائي اذ يعرفه ( بورنج ) ‪(( :‬‬
‫الذكاء هو امكانية االداء الجيد القابل للقياس في اختبارات الذكاء ))‪ .‬او (( الذكاء هو ما تقيسه‬
‫اختبارات الذكاء)) ‪.‬‬

‫نظريات الذكاء‪:‬‬

‫اوال ‪ :‬نظرية سبيرمان (( العامل العام )) ‪-:‬‬

‫اراد سبيرمان مؤسس مدرسة تحليل العوامل ان يتحقق عن طريق التجربة واالختبار من صحة الفرض‬
‫الذي يقوله عامة الناس وهو ان الذكاء قدرة عامة يبدو اثرها في نواحي شتى ‪ .‬فالناس يعتقدون ان الذكي في‬
‫الناحية السياسية البد ان يكون ذكيا في ميدان التجارة او االقتصاد او الخدمة االجتماعية او في مجال البحث‬
‫العلمي او في معالجة مشكالت اطفاله ‪ .‬وقد اجرى سبيرمان عددا كبيرا من االختبارات العقلية واالختبارات‬
‫الدراسية على مجموعات كبيرة من االفراد ثم قدر معامالت االرتباط بين كل واحد منها وبقية االختبارات ‪,‬‬
‫وقد توصل لنتائج قادته لصياغة نظرية يمكن ايجازها باالتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬الذكاء عامل عام او قدرة عامة تؤثر في جميع العمليات العقلية بنسب متفاوتة وتشترك معه عوامل‬
‫نوعية تختلف باختالف العملية‪ .‬بمعنى ان الذكاء هو جوهر النشاط العقلي كله ‪ ,‬فهو يظهر في جميع‬
‫تصرفات الفرد واوجه نشاطاته المختلفة ‪ ,‬مع وجود استعدادات نوعية الى جانبه ‪.‬‬
‫‪ -2‬ان الفروق في الذكاء بين الناس تبدو في اختالف قدرتهم على استنباط العالقات والمتعلقات ‪.‬فكلما‬
‫استطاع الفرد استنباط عالقات اكثر تعقيدا وتجريدا كان مستوى ذكائه رفيعا‪ .‬اي ان الذكاء في‬
‫جوهره هو ادراك العالقات الصعبة او الدقيقة‪.‬‬
‫‪ -3‬ان خير االختبارات لقياس الذكاء ما كان مشبعا بالعامل العام اي ما تضمن استنباط العالقات‬
‫واطرافها ‪ :‬اي العالقات والمتعلقات الجديدة غير المألوفة‬
 ‫ثانيا‪ :‬نظرية ثرستون‬

‫يرى ثرستون ان ما يسميه سبيرمان بالذكاء او العامل العام يمكن تحليله الى عدد من القدرات او العوامل‬
‫االولية ‪ .‬فقد طبق ثرستون عددا ضخما من االختبارات اللفظية والعملية المنوعة على عدد من طلبة‬
‫المدارس الثانوية والكليات واظهر تحليل البيانات ما يأتي ‪-:‬‬

‫‪ )1‬ان اختبارات الذكاء ال تقيس قدرة عامة واحدة بل سبعة من القدرات العقلية او العوامل االولية‬
‫وهي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬القدرة على فهم معاني االلفاظ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الطالقة اللفظية ‪ :‬اي سهولة استرجاع االلفاظ او تأليف كلمات من حروف معينة‪.‬‬

‫ج‪ -‬القدرة العددية ‪ :‬اي اجراء العمليات الحسابية االربع‪.‬‬

‫د‪ -‬القدرة على التصور البصري المكاني‪ :‬وهو القدرة على تصور العالقات المكانية واالشكال والحكم‬
‫عليه بدقة‪.‬‬

‫ه ‪ -‬سرعة االدراك‪:‬وهو التعرف على اوجه الشبه واالختالف بينعدة اشياء‬

‫و‪ -‬القدرة على التذكر االصم ‪ :‬اي استرجاع او التعرف المباشر على كلمات او رسوم ارقام ‪.‬‬

‫ز‪ -‬القدرة على االستقرار ‪ :‬اي الكشف عن مبدأ عام او قانون او نظام خاص في سلسلة من االشياء ‪.‬‬

‫‪ )1‬ان هذه القدرات مستقلة عن بعضها استقالال نسبيا ال مطلقا ‪,‬بمعنى ان الرابطة بين القدرة‬
‫العددية والقدرة اللفظية ضعيف مقارنة بالقدرة على الجمع وعالقتنا بالقدرة على الضرب او‬
‫الطرح او القسمة ‪.‬‬
‫‪ )2‬تتضافر القدرات اعاله في االنتاج العقلي ‪ ,‬خاصة المعقد ‪ ,‬اذ يندر ان يقوم شخص بإنتاج‬
‫معقد ال تؤثر فيه هذه القدرات جميعا بنسب متفاوتة‬

‫وبذلك فأن الذكاء العام عند ثرستون هو مركب يتألف من بضع قدرات اولية بنسب معينه مثلما هو‬
‫الضوء االبيض يتألف من اضواء اولية بنسب معينة‪.‬‬

‫موضوعات مثيرة للجدل حول الذكاء‬

‫اختلف االختصاصيون في موضوع الذكاء في امور متعددة بشأنه ‪ ,‬من ذلك ‪ :‬هل هو قدرة عامة كما‬
‫يقول سبيرمان ام انه قدرات متعددة وعوامل مستقلةعن بعضها كمايقولثرستون‬

‫وهل الذكاء ناجم عن الوراثة لوحدها ‪,‬او البيئة بمفردها ‪,‬ام هو نتاج تفاعل متغيرات االثنين‪ ،‬هنا‬
‫برزت ثالث اراء االول يعتقد بأن البيئة هي المسؤل الوحيد عن الذكاء‪،‬بناءا ً على تغير درجات ذكاء‬
‫أطفال المالجئ الروسية عندما نقلو الى أسر بديلة حيث أرتفعت درجات ذكائهم بتغيير بيئتهم ‪ ،‬أما‬
‫انصار الوراثة فقد أ كدوا على الوراثة فقط ‪ ،‬منطلقين من تشابه مستويات الذكاء لدى التوائم المتماثلة ‪،‬‬
‫أما االتجاه الثالث فقد اكد على االثنين ‪،‬فالوراثة تحدد الحدود العليا والدنيا للذكاء ‪ ،‬اما البيئة فتضع‬
‫الفرد ضمن هذه الحدود ‪.‬‬

‫لقد نحيت الخالفات النظرية جانبا الن المهم عند العلماء هو ابتكار المقاييس التي تفيد في التمييز‬
‫بين المستويات المختلفة من الذكاء بما يضمن حسن التوزيع على المراحل الدراسية المناسبة وهو‬
‫االمر الذي قاد الى التعريف االجرائي ‪ (:‬الذكاء هو ما تقيسه اختبارات الذكاء ) ‪ ،‬والذكاء المقاس (‬
‫هو االداء في موقف اختباري معين باالعتماد على اإلنجازات والمهارات المكتسبة )‪.‬‬