Professional Documents
Culture Documents
افتتاح البخاري
افتتاح البخاري
وقال متع اهلل به :اهلل اهلل يف األدب ،ما شئ مثل األدب ،واألدب ما هو
بسكون األطراف فقط بل األدب أدب الباطن ،وهو بسكون القلب .وقد قال
بالقلب ،وجمالس البخاري من أراد أن جيي إليها بأدب ..أهال به وسهال ويا
فوزه بالثواب ،وإال فليجلس يف بيته وقسمه من ثواب القراءة يصل إليه ،ألنا ما
نقرأ البخاري إال وننوي بنفعه وثواب قراءته أهـل اجلهـة خاصـه ،وسائر بلدان
املسلمني عامة ،اهلل يرشك يف ثواب قراءته األحياء واألموات ،وأما من جاء
لقراءة البخاري وال امتثل األمر وقـل األدب حال القراءة ..فإن فعلنا به شيئا
فال يلومن إال نفسه ،صاحب سوء األدب حيرم نفسـه الثواب ويشوش عىل
غريه ،أحسن له أن يبقى يف بيته ،وقال متع اهلل بحياته :اعلموا إنا معنا عزم عىل
قراءة البخاري وجعلنا نياتنا فيها حممولة عىل نيات أسالفنا ألهنم يقرون يف هذا
الشهر وغريه ،وال يقرونه إال عىل نيات صاحلة ،ونحن ال علم عندنا وال عمل
وال نيات صاحلة ،وما عندنا من العلم فهو منقول عن ابن حجر والرميل
من عدم متابعتنا للسلف ،ولو مشينا عىل ما مشى عليه سلفنا لوجدنا ما وجدوا
ورصنا مثلهـم ،وقد قال يل الوالد رمحه اهلل :يا حممد! اجعـل وجهتك كلها إىل
بواسطتهم ..ولكن اهلل ينور بصائرنا ويوفقنا ملتابعتهم يف األعامل واألقوال ويف
سائر األحوال بجاه مولی بالل .وكام مجعنا وإياكم يف هذا املكان جيمعنا وإياكم
يف مستقر رمحته يف جنة عدن يف مقعد صدق عند مليك مقتدر ،ونجد ثمرة هذه
املجالس هناك ونتذاكر ما وقع فيها وما حصل لنا بسببها وجيعلها حجة لنا ال
حجة علينا ،وكم ما مألنا األسامع لكن نطلب االنتفاع باالتباع للرسول
والسلف .ثم أمر بتجديد التوبة فقال :قولوا تبنا إىل اهلل من مجيع الذنوب
واملعايص ..صغريها وكبريها ظاهرها وباطنها .اهلل يتقبل توبتنا هذه ،بجاه
النبي وآله ،والبخاري ورجاله ..يا أرحم الرامحني ،يا أكرم األكرمني يارب
العاملني.
قال ريض اهلل عنه يوم اخلميس ويومني من شهر رجب سنة ١٣٤٢عند
قراءة حديث اإلرسى يف صحيح البخاري عند ذكر آدم عليه أفضل الصالة
والسالم "فقال صىل اهلل عليه وسلم جلربيل :من هذا ؟ قال هـذا آدم ،قال وما
هـذه األسودة عن يمينه وشامله ،قال نسم بنيه ،فأهـل اليمني هم أهل اجلنة وأهـل
الشامل هـم أهـل النار ،فإذا نظر إىل يمينه ..ضحك ،وإذا نظر إىل شامله ..بكى".
وهكذا حال آبائنـا وأجدادنا وأسالفنا إذا نظروا إىل أعاملنا احلسنة ..فرحـوا
واستبرشوا ،وإذا نظروا إىل أعاملنا السيئة ..حزنوا .اهلل ال حتزن موتانا بسيئات
أعاملنا ،وقال متع اهلل بحياته عند ذكر حديث الرجل وأنه اليفارق قراءة
اإلخالص وأنه شكاه أصحابه إىل النبي صىل اهلل عليه وسلم ،فقال له رسول
اهلل صىل اهلل عليه وسلم :يا فالن! ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك
وما حيملك عىل لزوم هذه السورة يف كل ركعة ،فقال إين أحبها ،فقال صىل اهلل
عليه وسلم :حبك إياهـا أدخلك اجلنة ..احلديث .كان ذلك الرجل ال يفارق
قراءة سورة اإلخالص يف الصالة وغريها ،كان إذا صـىل يف الركعة األوىل مثال
والضحى وقرأ معها اإلخالص ويقرأ يف الثانية مثال أمل نرشح ويقرأ معها
اإلخالص هكذا شأنه يف صلواته ،ثم قال ولام مات معاوية بن معاوية جاء
جربيل إىل النبي صىل اهلل عليه وسلم فقال :قم نصل عىل معاوية ابن معاوية،
إنه مات ،فقام صىل اهلل عليه وسلم مع جربيل فصىل عىل أيب معاوية ،وصىل
خلفه سبعون ألف ملك ،فقال صىل اهلل عليه وسلم جلربيل :بم نال هذا
املقام؟ ،فقال بحبه سورة اإلخالص ،كان اليفرت عن قراءهتا يف كل وقت ،هلذا
نال هذا املقام ،وقال ريض اهلل منه يوم السبت وأربع من شهر رجب سنة
: ١٣٤٢أهيا الصغار! الزموا األدب ..خلوا اللعب ..اصربوا! فام الشجاعة غري
صرب ساعة ،قد مىض يومان ونحن يف فرح منكم ال تضيعوها بال ثمرة ،ونحن
ما نقول لكم إال رمحة بكم ،ما نريد منكم تضيعون الوقت بال فائدة ،وإال من
مزح أو لعب قبضنا بيده وأخرجناه من عندنا ..لكن ما نريد ذلك ،ما نريد منكم
إال حتصلون اخلري من تأدب يف الصغر يشكر عليه فيام بعد يف الكرب ،اصربوا وما
قراءتنا للبخاري إال سبعة أيام نخطفها عىل الشيطان ..واإلنسان لو تأدب يف
جملس واحد ألعطاه اهلل شيئا كبريا ما يعلم به إال فيام بعد ويقع له من العلوم
العقلية والنقلية بسبب أدبه احلظ األوىف ،وأما من أساء األدب فيحرم اخلري
والربكة وحيرم العلم النافع ولو كان عنده فهم وقرحية ما ينفعه ذلك ،وإذا
حرضتم جملس خري أو مدرسا أو قراءة أو صالة أو جئتم إىل مسجد تأدبوا ،وإذا
رأيتم أحدا يفرش أو يكنس ..اسكتوا وال تتحركوا .الزموا األدب خلوا اهلذيان
واللغط ،ال تقوموا للناس حصاه يف الطريق متنعوهنم اخلري بسببكم حترمون
الناس وحترمون بركة املجالس اخلريية ،وقال متع اهلل بحياته عند قراءة حديث
جريج ..قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم كان يف بنى إرسائيل رجل يقال
له جريج كان يصيل جاءته أمه فدعته فقال :أجيبها أو أصيل؟ فقالت :اللهم ال
متته حتى تريه وجوه املومسات .وكان جريج يف صومعته فتعرضت له امرأة
فكلمته فأبى ،فأتت راعيا فأمكنته من نفسها فولدت غالما فقالت هو من
جريج ،فكرسوا صومعته وأنزلوه وسبوه ..فتوضأ وصىل ثم أتى الغالم فقال:
من أبوك ياغالم؟ فقال :الراعي ،قـالوا نبني صومعتك من ذهب ،قال :ال ..إال
من طني ...احلديث .يف هذا احلديث فائدتان ،األوىل أن صاحب التقوى إذا
اشتد به األمر جعل اهلل له خمرجا ،انظروا إىل هذا! أنطق اهلل له الصبي يف املهد،
الثانية :اشتامله عىل بر الوالدين وعظمه وإن دعاءمها مقبول ،انظروا إىل هذا!
دعت عليه أمه وهو يف طاعة اهلل يف صالة ..امتنع من اإلجابة لوال أنه فيها
أجاهبا ،وقبل اهلل دعاءها وأهلمها ختفيف الدعوة بسبب العبادة لام دعت عليه،
قالت "أره وجوه املومسات" أي الزانيات ،ما دعت أن يقع يف الزنا ،وقال متع
اهلل بحياته عند ذكر حديث جابر ووفاءه دين أبيه واستشفاعه بالنبي صىل اهلل
عليه وسلم ورد اليهودي شفاعته ما رد شفاعة النبي صلی اهلل عليه وسلم إال
لكونه هيوديا ولوكان مسلام ما رد شفاعته صىل اهلل عليه وسلم ،وقد كان
مقصود جابر قضاء دين أبيه وال يريد الرجوع بيشء ولو مترة إىل داره ،ولكن لام
سار رسول اهلل صلی اهلل عليه وسلم عىل البيادر وبرك عىل التمر تبارك وسلم
غرماء أبيه كلهم ورجع بالتمر إىل داره كان مل ينقص منه يشء بربكته صىل اهلل
عليه وسلم ،ثم جاء وأخرب النبي صىل اهلل عليه وسلم بوفـاء دين أبيه وزيادة
التمر كان مل ينقص منه يشء ،فقال له :أخرب بذلك عمر ابن اخلطاب ريض اهلل
عنه ،وألي يشء ..قال جلابر "أخرب بذلك عـمر" ألن سيدنا عمر متحمل بدين
أيب جابر ،لـهـذا قال له النبي صىل اهلل عليه وسلم "أخربه" ،ولام أخربه قال له
سيدنا عمر :لقد علمت حني مشى يف البيادر رسول اهلل صىل هلل عليه وسلم
أنه ليباركن اهلل فيها .وقال متع اهلل به عند هذا احلديث عن عائشة ريض اهلل
عنها :أن النبي صىل اهلل عليه وسلم اشرتى من هيودي طعاما إىل أجل ورهنه
درعه ...احلديث .يف هذا احلديث فائدتان ،األوىل :جواز معاملة اليهودي
والنصارى ،والثانية :أنه لواشرتاه من مسلم لساحمه ومل يطلب منه الثمن
والرهـن ،وهـذا كله منه صىل اهلل عليه وسلم رمحة وتعليم وإرشاد ألمة.