Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

‫كالم احلبيب حممد بن هادي السقاف عند افتتاح قراءة صحيح البخاري‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيــم‬

‫وقال متع اهلل به ‪ :‬اهلل اهلل يف األدب‪ ،‬ما شئ مثل األدب‪ ،‬واألدب ما هو‬

‫بسكون األطراف فقط بل األدب أدب الباطن‪ ،‬وهو بسكون القلب‪ .‬وقد قال‬

‫اإلمام الغـزايل ‪ :‬األدب ما حيصـل بسكون األطراف وإطراق الرأس ‪ ..‬بـل‬

‫بالقلب‪ ،‬وجمالس البخاري من أراد أن جيي إليها بأدب‪ ..‬أهال به وسهال ويا‬

‫فوزه بالثواب‪ ،‬وإال فليجلس يف بيته وقسمه من ثواب القراءة يصل إليه‪ ،‬ألنا ما‬

‫نقرأ البخاري إال وننوي بنفعه وثواب قراءته أهـل اجلهـة خاصـه‪ ،‬وسائر بلدان‬

‫املسلمني عامة‪ ،‬اهلل يرشك يف ثواب قراءته األحياء واألموات‪ ،‬وأما من جاء‬

‫لقراءة البخاري وال امتثل األمر وقـل األدب حال القراءة‪ ..‬فإن فعلنا به شيئا‬

‫فال يلومن إال نفسه‪ ،‬صاحب سوء األدب حيرم نفسـه الثواب ويشوش عىل‬
‫غريه‪ ،‬أحسن له أن يبقى يف بيته‪ ،‬وقال متع اهلل بحياته ‪ :‬اعلموا إنا معنا عزم عىل‬

‫قراءة البخاري وجعلنا نياتنا فيها حممولة عىل نيات أسالفنا ألهنم يقرون يف هذا‬

‫الشهر وغريه‪ ،‬وال يقرونه إال عىل نيات صاحلة‪ ،‬ونحن ال علم عندنا وال عمل‬

‫وال نيات صاحلة‪ ،‬وما عندنا من العلم فهو منقول عن ابن حجر والرميل‬

‫واخلطيب والقسطالين والفخر الرازي وغريهم‪ ،‬ما شئ من اجتهادنا وهذا كله‬

‫من عدم متابعتنا للسلف‪ ،‬ولو مشينا عىل ما مشى عليه سلفنا لوجدنا ما وجدوا‬

‫ورصنا مثلهـم‪ ،‬وقد قال يل الوالد رمحه اهلل ‪ :‬يا حممد! اجعـل وجهتك كلها إىل‬

‫سلفك حيصل لك مطلوبك‪ ..‬الذي منهـم منهـم والذي من غريهم تدركه‬

‫بواسطتهم ‪ ..‬ولكن اهلل ينور بصائرنا ويوفقنا ملتابعتهم يف األعامل واألقوال ويف‬

‫سائر األحوال بجاه مولی بالل‪ .‬وكام مجعنا وإياكم يف هذا املكان جيمعنا وإياكم‬

‫يف مستقر رمحته يف جنة عدن يف مقعد صدق عند مليك مقتدر‪ ،‬ونجد ثمرة هذه‬

‫املجالس هناك ونتذاكر ما وقع فيها وما حصل لنا بسببها وجيعلها حجة لنا ال‬
‫حجة علينا‪ ،‬وكم ما مألنا األسامع لكن نطلب االنتفاع باالتباع للرسول‬

‫والسلف‪ .‬ثم أمر بتجديد التوبة فقال‪ :‬قولوا تبنا إىل اهلل من مجيع الذنوب‬

‫واملعايص‪ ..‬صغريها وكبريها ظاهرها وباطنها‪ .‬اهلل يتقبل توبتنا هذه‪ ،‬بجاه‬

‫النبي وآله‪ ،‬والبخاري ورجاله‪ ..‬يا أرحم الرامحني‪ ،‬يا أكرم األكرمني يارب‬

‫العاملني‪.‬‬

‫قال ريض اهلل عنه يوم اخلميس ويومني من شهر رجب سنة ‪ ١٣٤٢‬عند‬

‫قراءة حديث اإلرسى يف صحيح البخاري عند ذكر آدم عليه أفضل الصالة‬

‫والسالم "فقال صىل اهلل عليه وسلم جلربيل‪ :‬من هذا ؟ قال هـذا آدم‪ ،‬قال وما‬

‫هـذه األسودة عن يمينه وشامله‪ ،‬قال نسم بنيه‪ ،‬فأهـل اليمني هم أهل اجلنة وأهـل‬

‫الشامل هـم أهـل النار‪ ،‬فإذا نظر إىل يمينه‪ ..‬ضحك‪ ،‬وإذا نظر إىل شامله‪ ..‬بكى‪".‬‬

‫وهكذا حال آبائنـا وأجدادنا وأسالفنا إذا نظروا إىل أعاملنا احلسنة‪ ..‬فرحـوا‬

‫واستبرشوا‪ ،‬وإذا نظروا إىل أعاملنا السيئة‪ ..‬حزنوا‪ .‬اهلل ال حتزن موتانا بسيئات‬
‫أعاملنا‪ ،‬وقال متع اهلل بحياته عند ذكر حديث الرجل وأنه اليفارق قراءة‬

‫اإلخالص وأنه شكاه أصحابه إىل النبي صىل اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقال له رسول‬

‫اهلل صىل اهلل عليه وسلم‪ :‬يا فالن! ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك‬

‫وما حيملك عىل لزوم هذه السورة يف كل ركعة‪ ،‬فقال إين أحبها‪ ،‬فقال صىل اهلل‬

‫عليه وسلم‪ :‬حبك إياهـا أدخلك اجلنة‪ ..‬احلديث‪ .‬كان ذلك الرجل ال يفارق‬

‫قراءة سورة اإلخالص يف الصالة وغريها‪ ،‬كان إذا صـىل يف الركعة األوىل مثال‬

‫والضحى وقرأ معها اإلخالص ويقرأ يف الثانية مثال أمل نرشح ويقرأ معها‬

‫اإلخالص هكذا شأنه يف صلواته‪ ،‬ثم قال ولام مات معاوية بن معاوية جاء‬

‫جربيل إىل النبي صىل اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬قم نصل عىل معاوية ابن معاوية‪،‬‬

‫إنه مات‪ ،‬فقام صىل اهلل عليه وسلم مع جربيل فصىل عىل أيب معاوية‪ ،‬وصىل‬

‫خلفه سبعون ألف ملك‪ ،‬فقال صىل اهلل عليه وسلم جلربيل ‪ :‬بم نال هذا‬

‫املقام؟‪ ،‬فقال بحبه سورة اإلخالص‪ ،‬كان اليفرت عن قراءهتا يف كل وقت‪ ،‬هلذا‬
‫نال هذا املقام‪ ،‬وقال ريض اهلل منه يوم السبت وأربع من شهر رجب سنة‬

‫‪ : ١٣٤٢‬أهيا الصغار! الزموا األدب‪ ..‬خلوا اللعب‪ ..‬اصربوا! فام الشجاعة غري‬

‫صرب ساعة‪ ،‬قد مىض يومان ونحن يف فرح منكم ال تضيعوها بال ثمرة‪ ،‬ونحن‬

‫ما نقول لكم إال رمحة بكم‪ ،‬ما نريد منكم تضيعون الوقت بال فائدة‪ ،‬وإال من‬

‫مزح أو لعب قبضنا بيده وأخرجناه من عندنا‪ ..‬لكن ما نريد ذلك‪ ،‬ما نريد منكم‬

‫إال حتصلون اخلري من تأدب يف الصغر يشكر عليه فيام بعد يف الكرب‪ ،‬اصربوا وما‬

‫قراءتنا للبخاري إال سبعة أيام نخطفها عىل الشيطان ‪ ..‬واإلنسان لو تأدب يف‬

‫جملس واحد ألعطاه اهلل شيئا كبريا ما يعلم به إال فيام بعد ويقع له من العلوم‬

‫العقلية والنقلية بسبب أدبه احلظ األوىف‪ ،‬وأما من أساء األدب فيحرم اخلري‬

‫والربكة وحيرم العلم النافع ولو كان عنده فهم وقرحية ما ينفعه ذلك‪ ،‬وإذا‬

‫حرضتم جملس خري أو مدرسا أو قراءة أو صالة أو جئتم إىل مسجد تأدبوا‪ ،‬وإذا‬

‫رأيتم أحدا يفرش أو يكنس‪ ..‬اسكتوا وال تتحركوا‪ .‬الزموا األدب خلوا اهلذيان‬
‫واللغط‪ ،‬ال تقوموا للناس حصاه يف الطريق متنعوهنم اخلري بسببكم حترمون‬

‫الناس وحترمون بركة املجالس اخلريية‪ ،‬وقال متع اهلل بحياته عند قراءة حديث‬

‫جريج ‪ ..‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم كان يف بنى إرسائيل رجل يقال‬

‫له جريج كان يصيل جاءته أمه فدعته فقال‪ :‬أجيبها أو أصيل؟ فقالت‪ :‬اللهم ال‬

‫متته حتى تريه وجوه املومسات‪ .‬وكان جريج يف صومعته فتعرضت له امرأة‬

‫فكلمته فأبى‪ ،‬فأتت راعيا فأمكنته من نفسها فولدت غالما فقالت هو من‬

‫جريج‪ ،‬فكرسوا صومعته وأنزلوه وسبوه ‪ ..‬فتوضأ وصىل ثم أتى الغالم فقال‪:‬‬

‫من أبوك ياغالم؟ فقال‪ :‬الراعي‪ ،‬قـالوا نبني صومعتك من ذهب‪ ،‬قال‪ :‬ال ‪ ..‬إال‬

‫من طني‪ ...‬احلديث‪ .‬يف هذا احلديث فائدتان‪ ،‬األوىل أن صاحب التقوى إذا‬

‫اشتد به األمر جعل اهلل له خمرجا‪ ،‬انظروا إىل هذا! أنطق اهلل له الصبي يف املهد‪،‬‬

‫الثانية ‪ :‬اشتامله عىل بر الوالدين وعظمه وإن دعاءمها مقبول‪ ،‬انظروا إىل هذا!‬

‫دعت عليه أمه وهو يف طاعة اهلل يف صالة‪ ..‬امتنع من اإلجابة لوال أنه فيها‬
‫أجاهبا‪ ،‬وقبل اهلل دعاءها وأهلمها ختفيف الدعوة بسبب العبادة لام دعت عليه‪،‬‬

‫قالت "أره وجوه املومسات" أي الزانيات‪ ،‬ما دعت أن يقع يف الزنا‪ ،‬وقال متع‬

‫اهلل بحياته عند ذكر حديث جابر ووفاءه دين أبيه واستشفاعه بالنبي صىل اهلل‬

‫عليه وسلم ورد اليهودي شفاعته ما رد شفاعة النبي صلی اهلل عليه وسلم إال‬

‫لكونه هيوديا ولوكان مسلام ما رد شفاعته صىل اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقد كان‬

‫مقصود جابر قضاء دين أبيه وال يريد الرجوع بيشء ولو مترة إىل داره‪ ،‬ولكن لام‬

‫سار رسول اهلل صلی اهلل عليه وسلم عىل البيادر وبرك عىل التمر تبارك وسلم‬

‫غرماء أبيه كلهم ورجع بالتمر إىل داره كان مل ينقص منه يشء بربكته صىل اهلل‬

‫عليه وسلم‪ ،‬ثم جاء وأخرب النبي صىل اهلل عليه وسلم بوفـاء دين أبيه وزيادة‬

‫التمر كان مل ينقص منه يشء‪ ،‬فقال له‪ :‬أخرب بذلك عمر ابن اخلطاب ريض اهلل‬

‫عنه‪ ،‬وألي يشء ‪ ..‬قال جلابر "أخرب بذلك عـمر" ألن سيدنا عمر متحمل بدين‬

‫أيب جابر‪ ،‬لـهـذا قال له النبي صىل اهلل عليه وسلم "أخربه"‪ ،‬ولام أخربه قال له‬
‫سيدنا عمر‪ :‬لقد علمت حني مشى يف البيادر رسول اهلل صىل هلل عليه وسلم‬

‫أنه ليباركن اهلل فيها‪ .‬وقال متع اهلل به عند هذا احلديث عن عائشة ريض اهلل‬

‫عنها‪ :‬أن النبي صىل اهلل عليه وسلم اشرتى من هيودي طعاما إىل أجل ورهنه‬

‫درعه‪ ...‬احلديث‪ .‬يف هذا احلديث فائدتان‪ ،‬األوىل ‪ :‬جواز معاملة اليهودي‬

‫والنصارى‪ ،‬والثانية ‪ :‬أنه لواشرتاه من مسلم لساحمه ومل يطلب منه الثمن‬

‫والرهـن‪ ،‬وهـذا كله منه صىل اهلل عليه وسلم رمحة وتعليم وإرشاد ألمة‪.‬‬

You might also like