Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 14

‫كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‬

‫قسم علم االجتماع والديموغرافيا‬


‫محاضرة رقم ‪1‬و‪2‬‬

‫الميادين المبكرة لعلم االجتماع‬


‫مقياس ميادين علم االجتماع‬
‫السنة الثانية ليسانس علم االجتماع‬
‫د‪ /‬أنس عرعار أستاذ محاضر‬
‫‪ -1‬مفهوم علم االجتماع‪:‬‬
‫‪ -1-1‬المفهوم االشتقاقي‪ :‬يقابل مصطلح علم االجتماع بالفرنسية كلمة ‪Sociologie‬‬
‫وباإلنجليزية ‪ Sociology‬وهذا المصطلح مشتق من الكلمة الالتينية ‪Socius‬‬
‫ومعناه اجتماعي‪ ،‬الكلمة ‪ logos‬ومعناه علم أو دراسة على مستوى عال من التجريد‪.‬‬
‫ويعد أوغست كونت (‪ )Auguste Comte‬أول من وضع مصطلح علم االجتماع‬
‫(‪ ، )Sociologie‬فهو يتكون لديه من (‪ )logie‬بمعنی علم أو معرفة‪ ،‬وكلمة‬
‫(‪ )Société‬التي تدل على المجتمع‪ ،‬وبذلك يكون مفهوم علم االجتماع هو علم‬
‫المجتمعات البشرية‪ ،‬أو علم دراسة مجتمع اإلنسان أو مجتمع الفرد والجماعة‪ ،‬أو‬
‫دراسة الظواهر أو الوقائع أو الحقائق أو العمليات االجتماعية‪ ،‬في ضوء رؤية علمية‬
‫وضعية وتجريبية (‪)Emile Durkheim:1995‬‬
‫‪ -2-1‬التعريف االصطالحي‪ :‬عرف أوغست كونت (‪ )August comte‬علم‬
‫االجتماع‪ :‬بأنه العلم الذي يدرس لحل الظواهر التي تدرسها العلوم التي سبقت ظهور‬
‫علم االجتماع‪ ،‬كما تصور صعوبة تحديد الظاهرة االجتماعية بصورة محددة نظرا‬
‫لتداخل العوامل المشكلة لها‪ ،‬واعتبر أن الظواهر االجتماعية البشرية أو اإلنسانية‬
‫هي موضوع العلم الجديد والبحث عن الحقيقة (عبد الباسط عبد المعطي‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‬
‫‪.)60‬‬
‫ويعرف إيميل دوركايم (‪ )Emile Durkheim‬علم االجتماع‪ :‬بأنه دراسة الوقائع‬
‫االجتماعية الخارجية‪ ،‬فهذه الوقائع ليست مجرد أشياء بسيطة توجد على نحو مستقل‬
‫خارج الشعور اإلنساني والفعل‪ ،‬بل أنها كيان جمعي کاألسرة والدين‪ ،‬كما أن علم‬
‫االجتماع في نظر دوركايم يعد محاولة النمط أو النموذج الذي يكمن وراء مالحظة‬
‫الظواهر المالحقة ( جورج ريتزر‪ ،2006 ،‬ص ‪.)162‬‬
‫كما عرف ماكسفيبر( ‪ )Max Weber‬علم االجتماع بقوله‪ :‬هو العلم الذي يحاول‬
‫الوصول إلى فهم تفسيري للفعل االجتماعي وذلك من أجل الوصول إلى تفسير سببي‬
‫لمجراه ونتائجه‪ ،‬ويعرف فيلفريدو باريتو (‪ ")Vilfredo Pareto‬علم االجتماع بأنه‬
‫العلم الذي يدرس الظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫عندما تتفاعل مع بعضها بصورة عامة‪ ،‬كما أنه يدرس الوظيفة التي تؤديها هذه‬
‫الظواهر نتيجة تداخلها أو ارتباط كل منها باألخر‪.‬‬
‫علم االجتماع هو تلك الدراسة العلمية القائمة على الدراسة المنهجية الرامية إلى‬
‫اكتشاف السنن اإللهية المتعلقة بالظواهر االجتماعية؛ بما يعني أن مادة علم االجتماع‬
‫عبارة عن معرفة قائمة على البحث والدراسة والتحري الدقيق منقيدة بمنهجية منظمة‬
‫لتلك المعرفة والحقائق بعيدة عن العشوائية واالرتجال وبعيدة عن التفسيرات الظنية‬
‫أو الذاتية بعيدة عن األهواء واآلراء الخاصة (مراد زعيمي‪ ،1997،‬ص ‪.)42‬‬
‫وعلم االجتماع هو العلم الذي يقوم بدراسة العالقات اإلنسانية واالجتماعية القائمة‬
‫بين مجتمع الواحد‪ ،‬أو هو علم الدراسة العلمية للمجتمع‪.‬‬
‫‪ -2‬نشأة علم االجتماع وميادينه عند الرواد األوائل ‪:‬‬
‫أكد الكثير من الباحثين على أن ابن خلدون هو المؤسس الحقيقي لعلم االجتماع على‬
‫مستوى العلم؛ إال أن أوغست كونت‪ ،‬عالم االجتماع الفرنسي يعد أول من استخدم‬
‫كلمة علم االجتماع وذلك عام ‪ ،1839‬وقرر بأن موضوع الدراسة في هذا العلم‬
‫الجديد هو الظواهر االجتماعية‪ ،‬وأن علم االجتماع مهمته اكتشاف القوانين التي‬
‫تخضع لها تلك الظواهر في نشأتها وتطورها وتغيرها"( محمد عاطف غيث‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.)24‬‬
‫‪ -2-1‬كيف ظهر مصطلح علم االجتماع؟ يعتبر ابن خلدون (‪ )1332-1406‬أول من‬
‫أكد على ضرورة إنشاء علم االجتماع وسماه علم العمران البشري‪ ،‬وأول من نادي‬
‫باستقالل هذا العلم في معالجة الظواهر االجتماعية والقوانين المرتبطة بها‪ ،‬ولقد أكد‬
‫ذلك لفيف من علماء االجتماع المعاصرين أمثال جمبلوفتش جاستونبوتول‪،‬‬
‫وبيتريمسوروكين‪ ،‬هوارد بيكر‪ ،‬وبارنز وغيرهم‪.‬‬
‫والمتتبع للتراث الفكري بعد ابن خلدون يجد تسميات عديدة لهذا العلم قبل أن يظهر‬
‫مصطلح "علم االجتماع"‪ ،‬فقد تمثل االسم التقليدي لدى القدماء في علم السياسة حيث‬
‫لم يكن هناك فصل بين علم االجتماع والفلسفة‪ ،‬كما استحدث في ألمانيا تعبير "علوم‬
‫الدولة" ولكنها لم تنجح في تحقيق الفصل بين العلم والفن‪ .‬ثم ظهرت كلمة جديدة في‬
‫العصر الحديث "االقتصاد السياسي" في أعمال آدم سميث وكانت هذه التسمية‬
‫تتضمن نظريات تقديرية إضافة إلى المحاوالت اإلصالحية لشؤون المجتمع‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك كلمة إحصاء" وهي لم تكن تقتصر على الدراسة العددية بل شملت الدراسة‬
‫الوصفية التحليلية لحياة الشعوب‪ ،‬ورغم ذلك فقد حصرت الدراسات اإلحصائية‬
‫نفسها في نطاق دراسة ظواهر المجتمع‪ ،‬على أنها أشياء شانها في ذلك شأن الظواهر‬
‫الطبيعية الملموسة‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1785‬ظهرت تسمية "فن المجتمع أو علم المجتمع ‪ "art society‬في‬
‫أعمال كوندرسيه (‪ ،)1743-1794‬كما استخدم أيضا مصطلح الرياضيات‬
‫االجتماعية وهو عنده بمثابة تطبيق لوصف الظاهرة‪ ،‬والتنبؤ حولها‪ ،‬إال أنه عندما‬
‫أسيء استخدامها أسقطت ولم تستخدم‪ ،‬ثم ظهرت تسمية سان سيمون (‪-1760‬‬
‫‪ )1825‬الطبيعة االجتماعية وآزره في ذلك أوغست كونت (‪ )1798-1857‬وكتيليه‪،‬‬
‫ولكن بعد أن نشر الفرنسي جرسان دي تاس ‪ 1824‬في باريس بعض المقاالت حول‬
‫أعمال ابن خلدون المتعلقة بعلم العمران‪ ،‬هجر أوغست كونت كلمة الفيزياء‬
‫االجتماعية واستخدم بدال منها مصطلح علم االجتماع في عامي ‪.1839 -1835‬‬
‫‪ -2-2‬علم االجتماع وابن خلدون‪ 1406 - 1332 ( :‬م ) عبد الرحمن بن محمد بن‬
‫خلدون‪ ،‬ولد في تونس وينتمي إلى فرع من قبيلة كندة وكان أجداده يعيشون فيحضر‬
‫موت قبل اإلسالم‪ .‬دخل أجداده األندلس‪ ،‬وبسقوط أشبيليا انتقلوا إلى تونس‪ .‬وفيها‬
‫درس العربية والقرآن‪ ،‬والفقه‪ ،‬والحديث ودرس العلوم العقلية والمنطق‪ .‬عاشبن‬
‫خلدون في بيئة مضطربة سياسيا وإمارات متنافسة ومتنازعة فيما بينها‪ .‬قاده طموحه‬
‫إلى تقلد بعض المناصب منها كاتبابن إسحاق سلطان تونس عام ‪752‬ه‪1351 ،‬م‪ ،‬ثم‬
‫انتقل كاتبا ألبي عنان سلطان فاس ‪756‬ه‪1355 ،‬م‪.‬‬
‫كما تقلد مناصب مختلفة من أهمها كاتب سر السالطين في غرناطة ‪764‬ه‪1362 ،‬م‬
‫ثم انتقل إلى بجاية ‪766‬ه‪1364 ،‬م وعاد إلى غرناطة ‪776‬ه‪1374 ،‬م‪ ،‬ولم يطل به‬
‫المقام بها وما لبث أنعاد قافال إلى تونس‪ ،‬حيث اعتزل السياسة وتفرغ لإلنتاج العلمي‪،‬‬
‫وعزل نفسه في قلعة أوالد سالمة لمدة أربع سنوات ألف خاللها مقدمته المشهورة‪.‬‬
‫غادر بعدها تونس متوجها إلى القاهرة عام ‪784‬ه‪1382 ،‬م وقد كانت المركز‬
‫اإلسالمي األول في ذلك الوقت‪ ،‬ثم زار األماكن المقدسة في الحجاز وعاد إلى‬
‫القاهرة ثانية (حسن الساعاتي‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪.)30‬‬
‫ابتكر ابن خلدون علما جديدا اسماه "علم العمران البشري" أو "علم االجتماع‬
‫اإلنساني"‪ ،‬حدد موضوعاته وصالته بالعلوم األخرى ومجال دراسته ومنهجه‬
‫العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬إسهاماته في علم االجتماع‪ :‬يعد ابن خلدون أول من اجتهد وحول الفكر االجتماعي‬
‫السابق عنه إلى علم قائم بذاته سماه علم العمران البشري‪.‬‬
‫‪ -‬علم العمران البشري‪ :‬عرف علم العمران البشري بقوله‪" :‬وكأن هذا العلم مستقل‬
‫بنفسه فإنه ذو موضوع هو العمران البشري واالجتماع اإلنساني‪ ،‬وذو مسائل وهي‬
‫بيان ما يلحقه من العوارض واألحوال لذاته واحدة بعد أخرى‪ ،‬وهذا شأن كل علم‬
‫من العلوم وضعيا كان أو عقليا" (عبد الرحمن ابن خلدون‪ ،2010 ،‬ص ‪.)31‬‬
‫‪ -‬منهج ابن خلدون‪ :‬امتاز ابن خلدون بسعة اطالعه على ما كتبه األقدمون وعلى‬
‫أحوال البشر وقدرته على استعراض اآلراء ونقدها‪ ،‬وأدرج منهجا علميا فريدا في‬
‫دراسته يقوم على التحليل والمالحظة والنقد والتمحيص والمقارنة‪.‬‬
‫‪-‬ميادين علم االجتماع عند ابن خلدون‪ :‬أكد ابن خلدون استقاللية علمه الحديث عن‬
‫األفكار الدينية الفلسفية السائدة في عصره أو عن القواعد المثالية النظرية التي‬
‫طرحها أفالطون والفارابي من قبل ‪.‬‬
‫وقرر ابن خلدون طريقة وسبل فهم الحوادث التاريخية فضال عن تفسيرها من خالل‬
‫الكشف عن قوانينها وأسبابها‪ ،‬كما أكد على أن المعرفة ال تتحقق إال بمنهج استقرائي‬
‫فطري يبدأ من المعرفة التجريدية إلى محاولة تطبيقها والتحقق من صدقها عن طريق‬
‫إخضاعها للواقع‪ .‬رغم تأكيد ابن خلدون استقاللية علمه إال إنه حدد صالته بالعلوم‬
‫األخرى كالتاريخ وعلم النفس وغيرهما‪ ،‬فقد اعتمد علم االجتماع على علم النفس‬
‫في تفسير الظواهر االجتماعية حينما بين " أن المغلوب مولع بتقليد الغالب عن‬
‫طريق المحاكاة"‪ ،‬كما أكد ابن خلدون على دور العوامل االقتصادية والجغرافية‬
‫والحضارية في تفسير الظواهر االجتماعية‪ ،‬وآمن بتطور المجتمعات عبر أجيال‬
‫أربعة وهي ‪ :‬البداوة‪ ،‬الملك‪ ،‬الحضارة والهرم‪ ،‬وهي دورة المجتمع البشري‪ ،‬كما‬
‫رأى أن المجتمع ما هو إال كيان طبيعي نشأ لضرورات اقتصادية‪ ،‬أمنية‪ ،‬أحاسيس‬
‫شعورية‪ ،‬تدفع اإلنسان لالستئناس بغيره ‪.‬‬
‫وقسم ابن خلدون علم العمران البشري إلى ستة ميادين (عبد للا عبد الرحمن‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫ص ‪:)76 ،75‬‬
‫‪ -‬العمران البشري العام‪ :‬تطرق فيه إلى العوامل التي أدت إلى نشأة التجمعات‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -‬العمران البدوي‪ :‬رأى بأن البداوة مرحلة أولية من الحياة اإلنسانية البد أن تمر بها‬
‫وتعيش فيها المجتمعات مرحلة من التقشف والبساطة‪.‬‬
‫‪ -‬العمران الحضري‪ :‬في نظره هي مجتمعات تغيرت من مرحلة البداوة للوصول‬
‫للحياة الحضارية‪.‬‬
‫‪ -‬العمران السياسي ‪ :‬أعطي أهمية العصبية وأثرها في الحياة االجتماعية والسياسية‬
‫وصلتها بالدولة في مختلف أطوارها‪.‬‬
‫‪ -‬االقتصاد‪ :‬أو الصنائع والمعاش والكسب‪ ،‬أين يرى بأن اإلنسان وجد في هذه‬
‫األرض وهو في حاجة إلى أشياء يحفظ بها وجوده ‪.‬‬
‫‪-‬العلوم‪ :‬قسم العلوم إلى قسمين علوم عقلية يكتسبها اإلنسان بنفسه‪ ،‬وعلوم نقلية من‬
‫عند للا أنزلها في الكتب السماوية على لسان الرسل‪.‬‬
‫‪ -2-3‬علم االجتماع و أوغست كونت‪ :‬أوغست كونت (‪1798-1857‬م)‪ .‬مفكر‬
‫اجتماعي وفيلسوف فرنسي ولد في مدينة مونبلييه بفرنسا في أسرة محافظة لكنه‬
‫رفض أفكارها التقليدية‪ ،‬وآمن باالتجاه الثوري‪ ،‬اتصل بسان سيمون والزمه‬
‫وساعده‪ ،‬ثم تحرر منه وبدأ سنة ‪ 1824‬مرحلة جديدة سماها المرحلة الوضعية‪،‬‬
‫حيث أسس الفلسفة الوضعي‪ ،‬ثم شرع في إلقاء محاضرات عرفت باسم دروس في‬
‫الفلسفة الوضعية كما قام بنشر كتاب السياسة الوضعية (عبد الباسط عبد المعطي‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪.)59‬‬
‫‪ -‬إسهاماته في علم االجتماع‪ :‬يعد أوغست كونت المؤسس لعلم االجتماع الغربي‪،‬‬
‫فهو من أنشأ مفهوم العلم االجتماعي‪ ،‬حيث تنسب إليه كلمة سوسيولوجي‬
‫(‪ )Sociologie‬المعروف بعلم االجتماع‪ ،‬حيث بحث كونت في القوانين التي ظن‬
‫أنها تتحكم في ارتقاء العقل‪ ،‬واعتبر أن التفكير االجتماعي كوحدة متكاملة يمكن‬
‫إيجاد قوانينه بتجميع الحقائق‪ ،‬وكان األفكارهتأثير في دارسي النظرية التاريخية‬
‫ودارسي علم اإلجرام" (عبد الباسط عبد المعطي‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪.)60‬‬
‫‪ -‬فلسفة كونت الوضعية‪ :‬تقوم على وصف تطوري للتاريخ ‪ ،‬حيث أكد كونت أن‬
‫الفكر اإلنساني يمر عبر ثالث مراحل‪ ،‬عرضها في مجلداتها لستة بعنوان‪ :‬مسار‬
‫الفلسفة‪.‬‬
‫الوضعية (‪ )1842-1830‬أو ما يسمى فلسفة كونت الوضعية‪،‬‬
‫"ويعد كتاب كونت "دروس في الفلسفة الوضعية "بصفة خاصة هجوما مباشرا على‬
‫الفلسفة السلبية التي قدمتها الفلسفات الفردية في عصر التنوير‪ ،‬فقد اتفق كونت مع‬
‫سان سيمون في أن عصر التنوير قد قوض أسس الصرح الجديد أكثر مما دعمها‬
‫(آالنسوين جوود‪،1996 ،‬ص‪.)56‬‬
‫"والوضعية اتجاه فكري يبني تفسير العالم على معطيات التجربة وحدها‪ ،‬وتستلهم‬
‫الوضعية نقطة انطالقها من العلوم الطبيعية التي أثبتت آنذاك أنها أنجح طريقة‬
‫لمعالجة مادة التجربة‪.‬‬
‫كما أنها تحاول أن تبحث عن نظرية موحدة لعالم الظواهر الطبيعية واإلنسانية من‬
‫خالل تطبيق المناهج والنتائج التي تصل إليها العلوم الطبيعية‪ ،‬وقد ظهرت الوضعية‬
‫كرد فعل للفلسفة التقليدية‪ ،‬وكمحاولة للنفاذ في تعقيداتها واختالفاتها وذلك إلقامة‬
‫التفكير على أساس محدد" (محمد عاطف غيث‪ ،1975 ،‬ص ‪.)85‬‬
‫وتقوم مراحل تطور المجتمعات على وصف تطوري للتاريخ البشري‪ ،‬كما تنطلق‬
‫هذه النظرية من فرض مؤداه أن المجتمعات تتطور تدريجيا من بدائية بسيطة إلى‬
‫أشكال أكثر تعقيدا‪ ،‬فلقد رأى كونت أن المجتمعات اإلنسانية قد مرت في تطورها‬
‫العقلي بثالث مراحل وهي (مركز المنشاوي‪:)2019 ،‬‬
‫‪ -‬المرحلة الالهوتية‪ :‬قد اعتقد كونت أن الناس تبحث أوال عن تفسير الهوتي خارق‬
‫للطبيعة‪ ،‬وفي هذه المرحلة يفسر الناس الوجود في عالقته بتصرفات الكائنات‬
‫المقدسة‪.‬‬
‫‪ -‬المرحلة الميتافيزيقية‪ :‬هي تفسير غيبت جريدي فإن التفسيرات تتم بالبحث عنها‬
‫في عالقتها باألسباب والمبادئ األساسية‪.‬‬
‫‪ -‬المرحلة الوضعية أو العلمية‪ :‬هي تفسير وضعي مستمد من الفحص الموضوعي‬
‫للظواهر حيث يستخدم الناس المنهج الوضعي في تفسير الوجود‪ ،‬ويتكون هذا المنهج‬
‫من االستنتاج اعتمادا على المالحظة وحدها‪.‬‬
‫ويري كونت أن المرحلة الوضعية جاءت کرد فعل على األوضاع االقتصادية‬
‫واالجتماعية المزرية التي كان يعيشها المجتمع األوربي في العهد اإلقطاعي منتقدا‬
‫وبشدة سياسة تقسيم المجتمع إلى سادة وعبيد‪ ،‬كما جاءت الوضعية لتغيير األوضاع‬
‫االجتماعية وإعادة تنظيم المجتمع من جديد‪ ،‬وهذا ما أكده کونت بقوله "وفي ظل‬
‫الروح الوضعية فإن كل المشكالت الصعبة والمعقدة ‪ -‬والتي ظلت حتى اآلن تثير‬
‫سخطا دائما في قلب المجتمعات ال تخمده الحلول السياسية البحتة ‪ -‬تحظي باالهتمام‬
‫والتقدير العالميين من أجل تعزيز السالم االجتماعي‪ ،‬إن الروح الوضعية تميل إلى‬
‫تدعيم النظام عن طريق تطوير عقالني لإلذعان العاقل والحكيم للمشكالت السياسية‬
‫المعضلة‪ ... ،‬أما اإلذعان العاقل والحقيقي فأمره يمكن أن‬
‫يتحقق من خالل اإلحساس العميق بارتباط الظواهر الطبيعية بكل أنواعها بقوانين‬
‫طبيعية ال مفر منها‪ ،‬فإذا كانت هناك شرور سياسية ال يمكن للعلم معالجتها‪ ،‬فإنه ‪-‬‬
‫أي العلم يستطيع على األقل أن يبرهن لنا على أنها شرور أو أمراض مستعصية‪،‬‬
‫هكذا يمكن أن نهدئ من توتراتنا واستيائنا باقتناعنا بأن القوانين الطبيعية هي وحدها‬
‫التي جعلتها أي الشرور السياسية ‪ -‬أمور ال يمكن قهرها أو التغلب عليها" (آالنسوين‬
‫جوود‪،1996 ،‬ص ‪.)57- 56‬‬
‫‪ -‬منهجه العلمي‪ :‬أصر كونت على استخدام المنهج الوضعي في جميع الدراسات‬
‫العلمية‪ ،‬بما فيها دراسة الطبيعة البشرية‪ ،‬ونادي بضرورة دراسة الطبيعة البشرية‬
‫من خالل علمي األحياء واالجتماع‪ ،‬وبضرورة أن يهدف التقدم إلى السلطة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وهي حالة ترتكز على العلم‪ ،‬وعلى دين اإلنسانية الجديد‪ ،‬وجعل من‬
‫نفسه الراهب األعظم في ديانته‪ ،‬وأنعلى الفالسفة أن يقرروا هذه الحالة وفقا لمبادئ‬
‫الوضعية‪ ،‬بحيث يقوم منهج كونت العلمي على المالحظة والتجربة باالعتماد على‬
‫منطق المقارنة بين الظواهر والمجتمعات‪ ،‬ثم القيام بالتحليل التاريخي المنطلق من‬
‫دراسة األفكار وتحليلها كمقدمة لفهم التطور االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -‬ميادين علم االجتماع عند أوغست كونت‪:‬‬


‫‪ -‬الديناميكا االجتماعية‪ :‬وتدرس االجتماع اإلنساني في جملته ومن ناحية تطوره‪،‬‬
‫فهي تمتاز بخاصيتين أساسيتين‪ ،‬األولى أنها ال تدرس كل خاصية على حدى؛ وإنما‬
‫تدرس المجتمع اإلنساني في عمومه بغض النظر عن تفاصيل األمور‪ ،‬والخاصية‬
‫الثانية هي دراسة االجتماع اإلنساني من ناحية تطوره أي بغرض الكشف عن‬
‫القوانين التي يسير عليها هذا االجتماع في عملية انتقاله من حال إلى حال‪.‬‬
‫‪ -‬اإلستاتيكا االجتماعية‪ :‬وتدرس االجتماع اإلنساني في تفاصيله ومن ناحية‬
‫استقراره‪ ،‬بدراسة كل مجموعة من النظم على حدى‪ ،‬ودراسة هذه األمور من ناحية‬
‫استقرارها‪ ،‬ال من ناحية تطورها كما تفعل الديناميكا االجتماعية أي أنها ترمي إلى‬
‫شرح األجزاء والعناصر التي تتألف منها الظواهر والوظائف التي تقوم بها‪ ،‬وعالقة‬
‫هذه العناصر والوظائف بعضها ببعض‪.‬‬
‫‪-4-2‬علم االجتماع وهربرت سبنسر‪ :‬هربرت سبنسر )‪-1820((H.Spenser‬‬
‫‪ ) 1903‬ولد في ديربيب إنجلترا ألسرة كاثوليكية محافظة‪ ،‬ولم يتلق التعليم في‬
‫المدارس النظامية الحكومية منذ البداية‪ ،‬حيث قام والده وخاله بتوجيه أوال بدراسة‬
‫الكتب والعلوم السيما الرياضية والطبيعية التي انشغل بها كثيرا قبل االهتمام بالعلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬كما كان له اهتمام خاص بعلم األحياء‪ ،‬وبدأ حياته مدرسا ثم‬
‫عمل مهندسا في السكة الحديدية‪ ،‬ثم تركها واشتغل باألدب والسياسة والشؤون‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫كتب مؤلفات ضخمة أهمها‪ :‬النشوء واالرتقاء‪ ،‬الرجل ضد الدولة‪ ،‬الداروينية‬
‫االجتماعية‪ ،‬االستاتيكا االجتماعية‪ ،‬مبادئ علم االجتماع واالستقرار االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬إسهاماته في علم االجتماع‪ :‬عرف علم االجتماع بقوله هو العلم الذي يصف ويفسر‬
‫نشأة وتطور النظم االجتماعية مثل األسرة‪ ،‬ويقوم بمقارنات متعددة بين المجتمعات‬
‫على اختالف أنواعها لمعرفة تطورها‪.‬‬
‫تأثر سبنيربنظرية داروين التطورية وطبقها على المجتمعات‪ ،‬فاعتقد بأن المجتمع‬
‫في تطوره يمر بنفس المراحل التي يمر بها اإلنسان‪ ،‬بغية الوصول لكمال طبيعتنا‪،‬‬
‫وهذا ما جعله يحدد وظيفة التربية في مؤلفه في التربية الفكرية والخلقية والجسدية‬
‫في تزويد اإلنسان بالمعرفة العلمية وإعداده للحياة بكاملها" (حمدي أحمد علي‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص ‪.)94‬‬
‫حاول سبنسر أن يأتي بأفكار جديدة في االتجاه الوضعي‪ ،‬ممتزجة بالنزعة الفردية‬
‫الراديكالية‪ .‬ويجدر بالذكر أن النزعة العضوية وليدة العلوم الحية كالعلوم الطبيعية‬
‫والفيزياء والبيولوجيا وغيرها‪ ،‬وهذا ما يعرف "بالنموذج العضوي؛ فالمجتمعات‬
‫عنده أشبه باألجسام الحية تنمو من حالة الوحدة غير المتميزة وأكثر تعقيدا فيها تكون‬
‫األفراد‪ ،‬رغم استقاللها وتمايزها إلى بناءات متمايزة وأكثر تعقيدا فيها تكوين األفراد‬
‫رغم استقاللها وتمايزها‪ ،‬معتمدة على بعضها البعض بطريقة متزايدة ‪.‬‬
‫ويتضمن االعتماد المتبادل بين األجزاء غير المتشابهة لتشكيل حشد أو جمع يتكون‬
‫على أساس من نفس المبادئ العامة‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للكائن العضوي الفردي‪،‬‬
‫لذلك فإن افتقار المجتمعات البسيطة إلى التمايز يعني أن األفراد المتشابهين يكونون‬
‫صيادين ومحاربين معا‪.‬‬
‫ويتطور المجتمع من خالل تغيرات تقدمية في بنائه وفي وظائف نظمه األساسية‪،‬‬
‫بمعنى أن التطور االجتماعي ال يعتمد على مقاصد األفراد ودوافعهم‪ ،‬لذلك يتطور‬
‫المجتمع بطريقة طبيعية من حالة التجانس إلى حالة التغاير المعقد‪ ،‬حيث يبدأ التطور‬
‫في عالم الطبيعة العضوي لينتهي إلى تطور الكائنات العضوية الحية كمرحلة أخيرة‬
‫من مراحل التطور (آالنسوين جوود‪ ،1996 ،‬ص ‪.)71‬‬
‫وإذا كان كونت قد قسم تطور المجتمع إلى ثالث مراحل؛ المرحلة الالهوتية‪ ،‬مرحلة‬
‫التأمالت الميتافيزيقية والمرحلة الوضعية‪ ،‬فإن سبنسر قد وضع "ثالث قوانين‬
‫أساسية للتطور هي‪:‬‬
‫‪ -‬قانون استمرار وبقاء القوة‪ ،‬أو ما أسماه بحفظ الطاقة‪ ،‬الذي يشير إلى وجود‬
‫استمرار نوع من العلة النهائية تفارق بالمعرفة‪ ،‬يشتق منه قانون عدم قابلية المادة‬
‫للفناء‪.‬‬
‫قانون عدم قابلية المادة للفناء ‪ ،‬بمعني أن المادة ال تفنى بل تتحلل وتظهر في أشكال‬
‫أخرى جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬قانون استمرار الحركة‪ ،‬وتمثل فكرة استمرار القوة وبقائها ويعني أن الطاقة تتحول‬
‫من شكل إلى آخر‪.‬‬
‫أما حجر األساس في النسق االستداللي الذي قدمه سبنسر‪ ،‬فهو أن الكون في نظره‬
‫يتميز أساسا بعملية استمرارية إلعادة توزيع المادة أو الحركة في حدود عملية‬
‫التطور واالنحالل" االنسوين جوود‪ ،1996 ،‬ص ‪.)72‬‬
‫كما أراد سبنسر في كتابه اإلستاتيكا االجتماعية أن يوضح التقدم سواء في مجال‬
‫الكائنات العضوية أو المجتمع‪ ،‬على أنه تطور من ظروف تؤدي فيها األجزاء‬
‫المتشابهة وظائف متشابهة إلى ظروف تؤدي فيها األعضاء أو األجزاء غير‬
‫المتشابهة ووظائف غير متشابهة‪ ،‬أي من الشكل الموحد إلى األشكال المتعددة أو‬
‫من التجانس إلى الالتجانس‪ ،‬ويعد مبدأ التطور األساس الحقيقي لمذهب سبنسر‪ ،‬فقد‬
‫صاغ في كتابه المبادئ األولى ثالثة قوانين أساسية هي‪ :‬قانون استمرار القوة‪ ،‬قانون‬
‫عدم قابلية المادة للفناء‪ ،‬وقانون استمرار الحركة‪.‬‬
‫‪-5-2‬علم االجتماع وماكس فيبر‪:‬هو کارل إميل ماكسيميليان الملقب بماكس فيبر‬
‫‪ ،Mar Vebr‬بإير فورن بألمانيا‪ ،‬كان من أهم الفالسفة األلمان ومن أهم علماء‬
‫القانون واإلدارة واالقتصاد السياسي‪ ،‬فضال عن كونه أحد مؤسسي علم االجتماع‬
‫الحديث وأكثر علمائه تأثيرا في الكتاب والباحثين المعاصرين (أنتونيجيدنز‪،2006 ،‬‬
‫ص ‪ ،)51‬فقد كان إسهامه هائال بكل المقاييس‪ ،‬فقد قدم األساس الفلسفي الالزم للعلوم‬
‫االجتماعية واإلطار النظري العام للعلم االجتماعي‪ ،‬وعدة دراسات شملت كافة‬
‫األديان العالمية والمجتمعات القديمة (ماكس فيبر‪ ،2011 ،‬ص‪ ،)97‬من أشهر‬
‫مؤلفاته كتاب‪ ،‬األخالق البروتستانتية وروح الرأسمالية"‪ ،‬وكتاب "السياسة كمهنة"‪،‬‬
‫وكتابه األشهر "االقتصاد والمجتمع"‪ ،‬الذي دخل ميدان النظرة السوسيولوجية بعد‬
‫وفاته عام ‪( 1920‬أنتونيجيدنز‪ ،2006 ،‬مصر‪ ،‬ص ‪،)51‬‬
‫‪ -‬إسهاماته في علم االجتماع‪ :‬عرف ماكس فيبر السوسيولوجيا في كتابه "االقتصاد‬
‫والمجتمع" قائال‪" :‬علم االجتماع هو العلم الذي يعني بفهم النشاط االجتماعي وتأويله‬
‫وتفسير حدوثه ونتيجته وتأويله"‪.‬‬
‫يرى فليب كابان (‪ )Philipe cabin‬وجان فرانسو دورتيه ( ‪Jean‬‬
‫‪ )francaisdortien‬أن السوسيولوجيا عند فيبر هي علم يختص بالفعل االجتماعي‪،‬‬
‫وهو يرفض الحتمية التي تحبس اإلنسان ضمن نسيج من الضغوط االجتماعية غير‬
‫الواعية‪ ،‬فال تعدو هذه الحتميات عن كونها نسبية وتوجيهات تترك على الدوام مكانا‬
‫للصدفة وللقرار الفردي‪ ،‬وهو يعتبر المجتمع نتاجا الفعل األفراد الذين يتصرفون‬
‫تبعا للقيم والدوافع وللحسابات العقالنية‪ ،‬فيقول‪" :‬إن ما ندعوه سوسيولوجيا هو علم‬
‫مهمته الفهم عن طريق تأويل النشاط االجتماعي" (فليب جان فرانسوا‪،‬‬
‫‪ ،2010‬ص ‪ ،)48 -47‬ما يعني أن المجتمع يتكون من مجموعة األشخاص الذين‬
‫يقومون بسلوكيات وأفعال هذه األخيرة هي جوهر علم االجتماع‪ ،‬وعليه‬
‫السوسيولوجية الفيبرية تعني بدراسة الفعل الفردي المجتمعي ضمن سياقه التأويلي‪،‬‬
‫أي دراسة الفعل االجتماعي (تأثير وتأثر الفرد مع اآلخرين من خالل سلوكياتهم‬
‫ودالالتهم الذاتية) الذي يجب أن يكون هادفا ومؤثرا في سلوك األخر (جميل‬
‫حمداوي‪ ،2015 ،‬ص ‪.)15‬‬
‫إذن يتحدد موضوع السوسيولوجيا عند ماكس فيبر في دراسة األفعال الفردية ضمن‬
‫نسق اجتماعي معين‪ ،‬ومختلف أنماط التفاعالت االجتماعية بالتركيز على عالقات‬
‫التأثير والتأثر‪.‬‬
‫‪ -‬منهج ماكس فيبر في علم االجتماع‪ :‬أعلن ماكس فيبر في كتابه "االقتصاد‬
‫والمجتمع" منهجه السوسيولوجي بقوله‪" :‬نسمي علم االجتماع العلم الذي يأخذ على‬
‫عاتقه تفهم النشاط االجتماعي بالتأويل ثم بالتفسير تفسير مساره ومفاعيله تفسيرا‬
‫سبيا‪ ،‬ما يعني أن ثمة ثالث خطوات منهجية هي‪ :‬الفهم‪ ،‬التأويل والتفسير‪.‬‬
‫‪ -‬الفهم‪ :‬فهم فعل الفرد في إطار نظرية التأثير والتأثر في إطار نظرية التفاعل‬
‫االجتماعي‪ ،‬أي فهم المعاني التي يتخذها الفعل الفردي داخل المجتمع المعطى‪.‬‬
‫‪ -‬التأويل‪ :‬التأويل في إدراك حقيقة الواقع أمام العالم الموضوعي‪ ،‬ما يعني أن فهم‬
‫الفاعل الفردي ال يمكن أن يتحقق إال بمعرفة األحكام المسبقة واالنطالق من المعرفة‬
‫الخلفية‪ ،‬والبحث عن جميع المصادر التي تساعدنا على فهم ذلك الفعل‪ ،‬واستجالء‬
‫المعنى الذي يصدر عنه‪ ،‬ويتم تأويل الفعل والسلوك حسب الظروف الظاهرة‬
‫والحيثيات التي يوجد فيها هذا الفعل (جميل حمداوي‪ ،2015 ،‬ص‪.)20-14‬‬
‫‪ -‬التفسير ‪ :‬يقوم كل التفسير السببي والعلمي لربط الفعل ببنية المجتمع أو تفسير‬
‫الظواهر المجتمعية تفسيرا ترابطيا وسببيا‪ ،‬وقد تبنى نموذجا تفسيريا لفهم الظاهرة‬
‫المجتمعية على أساس علمي ونسبي‪.‬‬
‫فهو بناء علمي مجرد لوصف الظواهر وتفسيرها بغية الحصول على الحقيقة (جميل‬
‫حمداوي‪ ،2015 ،‬ص‪.)20-18‬‬
‫‪ -‬ميادين علم االجتماع عند ماكس فيبر‪ :‬تطرق إلى عدة فروع أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬السوسيولوجيا السياسية‪ :‬يعد ماكس فيبر مؤسس علم االجتماع السياسي ‪،‬وتعني‬
‫السوسيولوجيا السياسية إما علم الدولة أو علم السلطة ويعني عند فيبر علم السلطة‬
‫والحكومة والوالية والقيادة في كل المجتمعات‪.‬‬
‫‪ -‬سوسيولوجيا اإلدارة ‪ :‬يعد من مؤسسي علم اإلدارة الحديثة وقد أسهب كثيرا عند‬
‫تحليل مجموعة من المفاهيم اإلدارية والتنظيمية مثل‪ ،‬السلطة والشرعية‪ ،‬بحيث قدم‬
‫فيبر أول تفسير منهجي لنشأة المنظمات الحديثة‪.‬‬
‫‪ -‬سوسيولوجيا األديان‪ :‬يعد ماكس فيبر من السباقين إلى تأسيس سوسيولوجيا‬
‫األديان‪ ،‬إذ اهتم بدراسة البروتستانتية والكاثوليكية واليهودية أو الكنفوشوسية‬
‫والفارسية والهندوسية والطاوية واإلسالم‪ ،‬وترتكز سوسيولوجيا األديان عند فيبر‬
‫على ثالث تصورات جوهرية هي‪ :‬أثر األفكار الدينية على األنشطة االقتصادية‪،‬‬
‫والعالقات الموجودة بين النظرية االجتماعية واألفكار االجتماعية‪ ،‬وكذا الخصائص‬
‫المميزة للحضارة الغربية لمعرفة التطور الذي أصاب الثقافة الشرقية‪ ،‬ونالحظ ذلك‬
‫في األخالق البروتستانتية وروح الرأسمالية‪ ،‬اليهودية القديمة‪ ،‬الهندوسية والبوذية‪،‬‬
‫الكنفوشيوسية والطاوية (جميل حمداوي‪ ،2015 ،‬ص ‪.)21‬‬
‫‪ -6-2‬ميادين علم االجتماع عند إيميل دوركايم‪:‬‬
‫وضع "دوركايم" األقسام الرئيسية لعلم االجتماع بالشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬علم االجتماع العام‪ :‬ويتضمن قسما فرعيا عن الشخصية عند الفرد وعند الجماعة‪،‬‬
‫ويؤكد دوركايم على الضمير الجمعي فهو أحد أدوات التحليل االجتماعي لديه‪،‬‬
‫ويشير إلى المجموع الكلي للمعتقدات والعواطف العامة بين أعضاء المجتمع والتي‬
‫تشكل نسقا له طابع ويكتسب هذا الضمير العام واقعا ملموسا‪ ،‬فهو يدوم خالل الزمن‬
‫ويدعم الروابط بين األجيال فهو يعيش بين األفراد في ضميرنا‪ ،‬ومن منظور إيميل‬
‫دوركايم الضمير الجمعي‪ :‬هو تعتبر عن فكرة الجماعة في المجتمع‪ ،‬وعلم االجتماع‬
‫هو علم الجماعة وليس على الفرد‪ ،‬حيث أنه إذا تحدثنا فإن المجتمع هو الذي يتحدث‬
‫فينا (دباسي خضير البياتي‪ ،2002 ،‬ص ‪.)93‬‬
‫‪ -‬علم االجتماع الديني‪ :‬وتقوم دراسة دوركايم للدين على أساس الظواهر الدينية‬
‫وتنقسم إلى‪ - :‬القسم المقدس‪ :‬ويقصد بالمقدس كل شيء في نظر الديانات يكون من‬
‫طبيعة تختلف اختالفا جوهريا عن أشياء العالم العمراني (النصوص الدينية‬
‫وغيرها)‪ ،‬أي أن القسم المقدس بالعقائد وما يتصل بها‪.‬‬
‫‪ -‬القسم العلماني‪ :‬ويتعلق بالطقوس والعادات وما يتصل بها ويشمل الطقوس التي‬
‫تنظم سلوك اإلنسان اتجاه المقدس مثل‪ :‬الصالة‪ ،‬الزكاة‪ ،‬الصوم وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬علم االجتماع القانوني واألخالقي‪ :‬أعلن دوركايم منذ وقت مبكر أن المجتمع يجب‬
‫أن‬
‫يرتبط بروابط اجتماعية قوية ذات طابع أخالقي فعلى الرغم من أن المجتمع كائن‬
‫عضوي‪ ،‬إال أن التوازن ال يتحقق فيه بطريقة تلقائية وعفوية‪ ،‬ويؤكد أنه في حالة‬
‫غياب المركز األخالقي القوي ينحل المجتمع‪ ،‬وتعرف الوضعية السوسيولوجية‬
‫المجتمع کنسق أو بناء من وقائع اجتماعية تنمو وحدته وتتحقق من خالل الفعل‬
‫األخالقي وحده حيث أن علم االجتماع الدوركايمي ال ينظر إلى التماسك االجتماعي‬
‫على أنه نتاج عمل البيئة االجتماعية‪ ،‬بقدر ما هو نتاج األبعاد األخالقية للوقائع‬
‫االجتماعية ذاتها (علي عبد الرزاق جلبيو آخرون‪ ،1998 ،‬ص ‪.)188 -187‬‬
‫‪ -‬التنظيم االجتماعي‪ :‬هو نسق منظم يعمل على التوافق والتكيف وأهم صفة مميزة‬
‫له هو التوازن‪ ،‬وأي تغير يحدث يعمل المجتمع على التكيف مع الموقف الجديد لكي‬
‫تتم عملية التوازن من جديد‪ ،‬مثل تنظيم الزواج واألسرة‪.‬‬

You might also like