Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫جامعة الجزائر ‪3‬‬

‫كلية العلوم االقتصادية‪ ،‬و التسيير و العلوم التجارية‬


‫شعبة العلوم المالية و المحاسبة‬
‫بحث في مقياس‪:‬‬
‫الجباية الدولية‬
‫بعنوان‪:‬‬

‫أصل المشاكل الجبائية الدولية‬

‫‪:‬إعداد الطلبة‬
‫رمال عبد القادر‬

‫السنة الجامعية‪2023/2024 :‬‬


‫خطة البحث‬

‫مقدمة‬

‫المبحث األول‪ :‬العولمة االقتصادية‬


‫المطلب األول‪ :‬تعريف العولمة االقتصادية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص العولمة و مظاهرها‬

‫المبحث الثاني‪ :‬السيادة الضريبية‬


‫المطلب األول‪ :‬تعريف السيادة الضريبية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط السيادة الضريبية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬إقليمية الضريبة‬

‫المبحث الرابع‪ :‬السيادة الضريبية في ظل العولمة‬

‫خاتمة‬

‫قائمة المراجع‬
‫مقدمة‬
‫منذ سنوات عديدة ط‪88‬رأت على الع‪88‬الم تغ‪88‬يرات و تح‪88‬والت كث‪88‬يرة‪ ،‬جعلت‪88‬ه يس‪88‬ير نح‪88‬و‬
‫مصير موحد‪ ،‬لتسمى ه‪88‬ذه التح‪88‬والت بظ‪88‬اهرة العولم‪88‬ة على مختل‪88‬ف األص‪88‬عدة‪ ،‬و هي تع‪88‬ني‬
‫جعل دول العالم تتميز بمبادئ و مظاهر موحدة في شتى المجاالت‪ .‬فظهرت العولمة السياسية‬
‫و االقتصادية و الثقافية و غيرها‪ ،‬و هو األمر الذي وضع ال‪88‬دول في وض‪88‬ع ح‪88‬ذر اتج‪88‬اه ه‪88‬ذه‬
‫المبادئ‪ ،‬خاصة إذا كانت تمس بمصالحها الداخلية‪ ،‬و من هنا ظهرت مشاكل عديدة لها حدين‬
‫هما توحيد العالم بالمبادئ الجديدة من جهة و خرق السيادة الوطنية للدول من جهة أخ‪88‬رى‪ ،‬و‬
‫من بين هذه المشاكل صعوبة ف‪8‬رض الس‪8‬يادة الض‪88‬ريبية لل‪88‬دول على المع‪88‬امالت االقتص‪88‬ادية‪،‬‬
‫خاصة و أن العولمة االقتصادية تتسم بتحرير التج‪88‬ارة والمع‪88‬امالت االقتص‪88‬ادية من أي قي‪88‬ود‬
‫تنظيمية‪ ،‬و بالتالي انطلقت المشاكل الضريبية من كيفية فرض الدولة لسيادتها الض‪88‬ريبية م‪88‬ع‬
‫ظهور و انتشار العولمة بمفهومها الشامل و العولمة االقتصادية باألخص؟‬

‫المبحث األول‪ :‬العولمة االقتصادية‬


‫المطلب األول‪ :‬تعريف العولمة االقتصادية‬
‫رغم وجود تفسيرات و آراء كثيرة حول العولمة االقتصادية و اختالف وجوه‪88‬ات النظ‪88‬ر‬
‫بين مؤيد و معارض لها‪ ،‬إال تعريفها واضح و متفق عليه بين مختلف الكتاب و المنظرين‪ ،‬و‬
‫من بين التعاريف نذكر‪:‬‬
‫‪ ‬العولم‪88‬ة اإلقتص‪88‬ادية تتمث‪88‬ل في عملي‪88‬ة تحري‪88‬ر األس‪88‬واق و خوصص‪88‬ة األص‪88‬ول و‬
‫المش‪88‬روعات‪ ،‬وانس‪88‬حاب الدول‪88‬ة من النش‪88‬اط اإلقتص‪88‬ادي ومن آداء بعض الوظ‪88‬ائف‪ ،‬ونش‪88‬ر‬
‫التكنولوجيا والتوزيع العابر للقارات لإلنتاج من خالل اإلس‪88‬تثمار األجن‪88‬بي المباش‪8‬ر والتكام‪88‬ل‬
‫‪1‬‬
‫بين األسواق الرأسمالية‪.‬‬
‫‪ ‬العولمة اإلقتصادية هي زيادة درجة اإلندماج بين اإلقتصادات في العالم من خالل‬
‫التجارة والتدفقات المالية وتبادل التکنولوجيا والمعلومات باإلضافة إلى حري‪88‬ة تنق‪88‬ل األف‪88‬راد‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫هذا اإلندماج تحدث آثاره من خالل أهمية التجارة و رأس المال‪.‬‬
‫‪ -‬هي بروز تقسيم عمل جديد لالقتصاد العالمي غير خاض‪88‬ع للرقاب‪88‬ة التقليدي‪88‬ة‪ ،‬بعي‪88‬دا‬
‫عن تدخل الدولة في نشاطاته فيما تتعلق بانتقال السلع و الخدمات و رأس المال على الص‪88‬عيد‬
‫الع‪88‬المي‪ ،‬و ب‪88‬روز الش‪88‬ركات ع‪88‬ابرة القومي‪88‬ات المعولم‪88‬ة‪ .‬ال‪88‬تي ت‪88‬دير عملياته‪88‬ا االس‪88‬تثارية و‬
‫االنتاجية كقوة مستقلة عن الدول‪ ،‬و بالتالي هي نظام اقتصادي رأسمالي عالمي جديد‪ ،‬تحكمه‬

‫‪ 1‬محي محمد مسعد‪ " ،‬ظاهرة العولمة األوهام و الحقائق"‪ ،‬ط‪ 01،‬مكتبة االشعاع الفنية‪ ،‬االسكندرية‪ 1999، ،‬ص‪.44 :‬‬
‫‪ 2‬فؤاد أبو ستيت‪ " ،‬التكتالت االقتصادية في ظل العولمة"‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪ 2004، ،‬ص‪.119‬‬
‫أس‪88‬س عالمي‪88‬ة مش‪88‬تركة‪ ،‬و ت‪88‬ديره مؤسس‪88‬ات و ش‪88‬ركات عالمي‪88‬ة ذات ت‪88‬أثير في االقتص‪88‬اديات‬
‫المحلية‪ ،‬أما األسواق التجارية و المالية العالمية لم تعد موحدة و حسب‪ ،‬بل خارج‪8‬ة عن تحكم‬
‫‪3‬‬
‫كل دول العالم بما فيها أكبرها وأكثرها غنى‪.‬‬
‫من خالل التعاريف السابقة يمكن اعطاء بعد شامل لمفه‪88‬وم العولم‪88‬ة االقتص‪88‬ادية‪ ،‬فهي‬
‫تحول العالم إلى سوق واح‪88‬دة بفض‪88‬ل الث‪88‬ورة التكنولوجي‪88‬ة و المعلوماتي‪88‬ة و انخف‪88‬اض تك‪88‬اليف‬
‫النقل و حرية التجارة الدولية والغاء القيود التنظيمية مثل الضرائب و الرسوم الجمركي‪88‬ة على‬
‫انتقال السلع و الخدمات و عوامل االنتاج‪ .‬و تتجسد العولمة من خالل ارتفاع حجم المب‪88‬ادالت‬
‫التجاري‪88‬ة الدولي‪88‬ة‪ ،‬و انتق‪88‬ال رؤوس االم‪88‬وال بين مختل‪88‬ف دول الع‪88‬الم‪ ،‬مم‪88‬ا أدى إلى تعمي‪88‬ق‬
‫االعتماد االقتصادي المتبادل بينها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص العولمة و مظاهرها‬


‫تتميز العولمة اإلقتصادية بمجموعة من الخصائص نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫قطبية اقتص‪44‬ادية موح‪44‬دة‪ :‬و هو م‪88‬ا يغلب على الع‪88‬الم الموح‪88‬د اآلن فاالقتص‪88‬اد‬ ‫‪.1‬‬
‫العالمي حاليا يتركز في يد ثالث قوى اقتصادية عظمى‪ .‬فالنظ‪88‬ام االقتص‪88‬ادي الع‪88‬المي الجدي‪88‬د‬
‫يأخذ الشكل الهرمي فيما يتعلق ب‪8‬ترتيب مراك‪8‬ز الق‪8‬وى االقتص‪8‬ادية الثالث‪8‬ة (ال‪8‬و‪.‬م‪.‬أ‪ ،‬الياب‪8‬ان‪،‬‬
‫االتحاد األوروبي)‪ ،‬و يسمح هذا السيناريو ب‪8‬أن تتوح‪8‬د فيم‪8‬ا بينه‪8‬ا بحيث تغلب على عالقاته‪8‬ا‬
‫عوامل التجانس‪ ،‬و االعتماد المتبادل على عوامل التنافر و االنفراط مع قب‪88‬ول مب‪88‬دأ الص‪88‬راع‬
‫فيما بينها وخاصة من الناحية التجارية و االقتصادية واقتس‪88‬ام أس‪88‬واق الع‪88‬الم الث‪88‬الث‪ ،‬و لكنه‪88‬ا‬
‫تترتب بحيث تقف الواليات المتحدة األمريكية منفردة على قمة الهرم تتلوها كل من أوروبا و‬
‫‪4‬‬
‫اليابان و خاصة مع نهاية القرن العشرين و بداية القرن الحادي والعشرين‪.‬‬
‫االعتماد االقتصادي المتبادل‪ :‬تعاظم التشابك و الترابط بين الدول في العالقات‬ ‫‪.2‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬فق‪88‬د أص‪88‬بحت معظم دول الع‪88‬الم تعتم‪88‬د على بعض‪88‬ها بش‪88‬كل كب‪88‬ير في التع‪88‬امالت‬
‫االقتصادية‪ ،‬إذ ال توجد فروقات كبيرة بين داخل وخارج البلد أو بين الدول البعيدة أو القريب‪88‬ة‬
‫و ذلك بفضل الثورة التكنولوجية و سرعة و سهولة االتصاالت‪ ،‬وكذلك التقلي‪88‬ل من الح‪88‬واجز‬
‫التنظيمة مثل الضرائب و الرسوم في وجه هذه التعامالت‪.‬‬
‫تقسيم دولي جدي‪44‬د للعم‪44‬ل‪ :‬فالنظام الجدي‪88‬د اتس‪88‬م بظه‪88‬ور أنم‪88‬اط جدي‪88‬دة لتقس‪88‬يم‬ ‫‪.3‬‬
‫العمل لم تكن معروفة‪ ،‬حيث كانت الصورة التقليدية لتقسيم العمل الدولي تتمث‪8‬ل في تخص‪8‬ص‬
‫بعض البالد في الم‪88‬واد األولي‪88‬ة و التعديني‪88‬ة و الس‪88‬لع الغذائي‪88‬ة وتخص‪88‬ص بالد أخ‪88‬رى في‬
‫‪ 3‬هيفاء عبد الرحمان ياسين التركيتي‪ " ،‬آليات العولمة االقتصادية و آثارها المستقبلية في االقتصاد العربي"‪ ،‬ط‪ 01،‬دار الحامد‪ ،2010 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.229‬‬
‫‪ 4‬حشماوي محمد‪ " ،‬االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية في ظل العولمة االقتصادية"‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪.77 :‬‬
‫المنتجات الصناعية‪ ،‬و كان االفتراض أن البالد النامي‪88‬ة تتمت‪88‬ع بم‪88‬يزة نس‪88‬بية في الن‪88‬وع األول‬
‫بينما تتمت‪88‬ع البالد المتقدم‪88‬ة بم‪88‬يزة نس‪88‬بية في الس‪88‬لع الص‪88‬ناعية‪ ،‬لكن النظ‪88‬ام الجدي‪88‬د و بفض‪88‬ل‬
‫الثورة التكنولوجية و اشتداد المنافسة غير مفه‪88‬وم التقس‪8‬يم ال‪88‬دولي للعم‪88‬ل‪ ،‬حيث لم يع‪88‬د هن‪88‬اك‬
‫نوع واحد من السيارات أو أجهزة الراديو أو التليفزيون أو الحاسب اآللي‪ ،‬و إنما هناك أنواع‬
‫متعددة و ما يحتاجه نوع منها من حيث ظروف اإلنتاج قد يختلف عما يحتاج‪88‬ه اآلخ‪88‬ر‪ ،‬و من‬
‫هنا ظهر تقسيم العمل بين البالد المختلفة في نفس السلعة و بالتالي أص‪88‬بحت ق‪8‬رارات اإلنت‪88‬اج‬
‫واالس‪88‬تثمار تتخ‪88‬ذ من منظ‪88‬ور ع‪88‬المي‪ ،‬و وفق‪88‬ا العتب‪88‬ارات الرش‪88‬ادة االقتص‪88‬ادية فيم‪88‬ا يتعل‪88‬ق‬
‫‪5‬‬
‫بالتكلفة و العائد‪.‬‬
‫الثورة التكنولوجية‪ :‬يشهد العالم ثورة كبيرة في مجال تكنولوجيا االتصاالت و‬ ‫‪.4‬‬
‫المعلومات و هو ما جعل التواصل بين الدول سهل و سريع‪ ،‬و هو مم‪8‬ا زاد من ح‪8‬دة العولم‪8‬ة‬
‫و ساهم في انتشارها‪ ،‬فسهولة و سرعة التواصل س‪88‬هلت من انتق‪88‬ال وس‪88‬ائل اإلنت‪88‬اج و س‪88‬هلت‬
‫حركة التجارة و األموال بين الدول‪.‬‬
‫سيادة آليات السوق و اشتداد المنافسة العالمي‪44‬ة‪ :‬والسعي الكتس‪88‬اب الق‪88‬درات‬ ‫‪.5‬‬
‫التنافسية من خالل اإلستفادة من الثورة التكنولوجية وثورة اإلتصاالت‪ ،‬وتعميق تلك الق‪88‬درات‬
‫المتمثلة في اإلنتاج بأقل تكلفة ممكنة وبأحسن جودة وبأعلى إنتاجية والبيع بسعر تنافسي على‬
‫أن يتم ذلك بأقصر وقت ممكن‪ ،‬حيث أصبح الزمن أحد الق‪88‬درات التنافس‪88‬ية الهام‪88‬ة ال‪88‬تي يجب‬
‫اكتسابها في ظل العولمة‪.‬‬
‫زيادة دور الشركات متعددة الجنس‪44‬يات‪ :‬ويبدو ذل‪88‬ك واض‪88‬حا من خالل النظ‪88‬ر‬ ‫‪.6‬‬
‫إلى حجم إيراداته‪88‬ا وحص‪88‬تها في التج‪88‬ارة العالمي‪88‬ة‪ ،‬إذ ت‪88‬زامن ه‪88‬ذا التزاي‪88‬د في الش‪88‬ركات‬
‫وبالتوازي مع هذه الحركة العالمية و التي عادت عليها بأرباح ومنافع هائلة‪ ،‬حيث تمح‪88‬ورت‬
‫مب‪88‬ادالت الش‪88‬ركات العظمى المتع‪88‬ددة الجنس‪88‬يات ح‪88‬ول أربع‪88‬ة قطاع‪88‬ات أساس‪88‬ية (الب‪88‬ترول‪،‬‬
‫السيارات‪ ،‬التكنولوجية‪ ،‬العالمية‪ ،‬البنوك) و لكن تعتمد هذه األخيرة على خل‪88‬ق ش‪88‬بكة معت‪88‬برة‬
‫من الف‪88‬روع في الخ‪88‬ارج كامت‪88‬داد و تواب‪88‬ع له‪88‬ا في ال‪88‬دول النامي‪88‬ة‪ ،‬و تتض‪88‬من تل‪88‬ك الش‪88‬ركات‬
‫العظمى ك‪88‬ل المب‪88‬ادالت‪ ،‬و تحق‪88‬ق ‪ 70%‬من االس‪88‬تثمارات المباش‪88‬رة في الخ‪88‬ارج باعتباره‪88‬ا‬
‫المحرك الرئيسي لتوسعها‪.‬‬
‫تزاي‪44‬د دور المؤسس‪44‬ات اإلقتص‪44‬ادية العالمي‪44‬ة‪ :‬إذ تس‪88‬اهم ه‪88‬ذه المؤسس‪88‬ات في‬ ‫‪.7‬‬
‫توحيد المبادئ االقتصادية وتعميمها‪ ،‬و تتمثل هذه المؤسسات في صندوق النقد الدولي‪ ،‬البن‪88‬ك‬
‫العالمي والمنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬

‫‪ 5‬محمد عبد اهللا شاهين محمد‪ " ،‬التجارة الدولية و أثرها على التجارة الخارجية للدول العربية"‪ ،‬دار حميثرا للنشر والترجمة‪ ،‬القاهرة‪2018 ،‬‬
‫ص‪.95:‬‬
‫زيادة حركة رأس المال‪ :‬وذلك بسبب تعاظم اإلس‪88‬تثمارات غ‪88‬ير المباش‪88‬رة عن‬ ‫‪.8‬‬
‫طريق أسواق المال العالمي‪88‬ة‪ ،‬وتوحي‪88‬د األس‪88‬واق المالي‪88‬ة و ترابطه‪88‬ا‪ ،‬و ه‪88‬و م‪88‬ا يثبت‪88‬ه م‪88‬ؤخرا‬
‫سهولة و سرعة انتقال األزمات من بلد معين لجموع بلدان العالم‪.‬‬
‫تقليص درجة س‪44‬يادة الدول‪44‬ة‪ :‬في مجال السياس‪88‬ة النقدي‪88‬ة والمالي‪88‬ة‪ ،‬فحكوم‪88‬ات‬ ‫‪.9‬‬
‫الدول أصبحت تطبق سياسات مالية ونقدية وفقا للخطوط والمعايير التي ترسمها جهات ف‪88‬وق‬
‫إقليمية أي المؤسسات اإلقتصادية الدولية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬السيادة الضريبية‬


‫المطلب األول‪ :‬تعريف السيادة الضريبية‬
‫تتمتع كل دولة مستقلة بحق سن الق‪88‬وانين الخاص‪88‬ة به‪88‬ا في مختل‪88‬ف المج‪8‬االت‪ ،‬و ح‪8‬ق‬
‫تطبيق هذه القوانين على اقليمها‪ ،‬و هو ما يمنح سيادة تنظيم شؤونها الداخلي‪8‬ة‪ ،‬و من بين ذل‪8‬ك‬
‫تمتعها بسيادة ضريبية‪ ،‬والتي يمكن بيان مفهومها من خالل التعاريف الموالية‪:‬‬
‫‪ -‬يقصـد بالسيـادة الضريبيـة للدولـة س‪88‬لطتها في وض‪88‬ع نظ‪88‬ام ض‪88‬ريبي في إط‪88‬ار‬
‫تش‪88‬ريعي أو ق‪88‬انوني‪ ،‬على أن يك‪88‬ون ه‪88‬ذا النظ‪88‬ام مس‪88‬تقال عن جمي‪88‬ع األنظم‪88‬ة ال‪88‬تي يمكن أن‬
‫‪6‬‬
‫تنافسه‪.‬‬
‫‪ -‬هي سلطة الدولة في فرض الضرائب و الرسوم على كافة األنشطة التي تدر أرباحا‬
‫داخل اقليمها‪ ،‬دون أن تمتد هذه السلطة لدولة أخرى و إال كان ذل‪88‬ك اعت‪88‬داء على س‪88‬يادة دول‪88‬ة‬
‫‪7‬‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪-‬الضريبة شكل من أشكال إبراز و إظهار س‪88‬يادة الدول‪88‬ة‪ ،‬فهي توض‪88‬ع و تحص‪88‬ل عن‬
‫‪8‬‬
‫طريق السلطة أو االجبار‪.‬‬
‫يتض‪88‬ح لن‪88‬ا من خالل ه‪88‬ذا التع‪88‬اريف الس‪88‬ابقة أن الس‪88‬يادة الض‪88‬ريبية للدول‪88‬ة تق‪88‬وم على‬
‫إنشائها لنظام ضريبي مستقل عن باقي األنظمة الضريبية للدول األخ‪88‬رى‪ ،‬و به‪88‬ذا فهي تع‪88‬ني‬
‫السلطة القانونية المطلقة للدولة في سن تشريعها الضريبي وتطبيقه داخل اقليمها‪ .‬و يعني ه‪88‬ذا‬
‫أن تقوم الدولة بسن قانونها الضريبي الخاص به‪88‬ا‪ ،‬وفق‪88‬ا لمص‪88‬الحها و أه‪88‬دافها ثم تطب‪88‬ق ه‪88‬ذا‬
‫التشريع الضريبي داخل اقليمها‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪Ben Sahli Mustapha, " Droit fiscal international et expérience algérienne", office de presse universitaire-‬‬
‫‪Alger, 1987, P :07.‬‬
‫‪ 7‬سوزي عدلي ناشد‪ " ،‬ظاهرة التهرب الضريبي الدولي و آثارها على اقتصاديات الدول النامية"‪ ،‬ط‪ 01،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،2008 ،‬‬
‫ص‪.23 :‬‬
‫‪ 8‬محمد عباس محرزي‪" ،‬اقتصاديات الجباية و الضرائب"‪ ،‬دار هومه‪ -‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص‪.16 :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط السيادة الضريبية‬
‫حتى تتمتع الدولة بسيادتها الضريبية يجب توفر بعض الشروط‪ ،‬نذكرها كما يلي‪:‬‬
‫إ نشاء نظام ضريبي‪ :‬على أن يتميز هذا النظام بما يلي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ ‬أن يكون النظام الضريبي للدولة مستقال عن جميع األنظمة الضريبية للدول األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬أن يتم و ضع هذا النظام من طرف األجهزة المتخصصة للدولة‬
‫‪ ‬ضرورة وضع النصوص القانونية التي توضح كيفية فرض الضرائب على المكلفين به‪.‬‬
‫‪ ‬أن توج‪88‬ه االي‪88‬رادات الض‪88‬ريبية المحص‪88‬لة من ه‪88‬ذا النظ‪88‬ام لتموي‪88‬ل ميزاني‪88‬ة الدول‪88‬ة و‬
‫الجماعات المحلية‬
‫‪ .2‬قدرة الدولة على تطبيق هذا النظام داخل ترابها‪ :‬أي أن السلطة الوطنية هي التي تملك‬
‫الحق في تطبيق القانون الجبائي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬إقليمية الضريبة‬


‫انطالقا من ممارسة الدولة لسيادتها الضريبية داخل اقليمها يمكن تحديد مع‪88‬نى اقليمي‪88‬ة‬
‫الضرائب كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬خضوع كافة األنشطة المنتجة لألرباح داخل الدولة للضريبة سواء كان القائم بالعمل‬
‫وطنيا أم أجنبيا‪ ،‬ويبرر الفقهاء هذا المبدأ بأنه األيسر تطبيقا إذ من السهل على الدول‪88‬ة تط‪88‬بيق‬
‫القوانين الضريبية داخل حدودها وفرض الضريبة على األرباح المتحققة على أراضيها حيث‬
‫‪9‬‬
‫توفر الرعاية واألمن‪.‬‬
‫‪ -‬يقصد بها تطبيق التشريع و النظام الض‪88‬ريبي داخ‪88‬ل إقليم الدول‪88‬ة و أن ال يتع‪88‬داه إلى‬
‫الدول األخرى‪ ،‬فيخضع بذلك للضريبة كل شخص طبيعي أو معنوي داخل الدول‪88‬ة باعتباره‪88‬ا‬
‫صاحبة السيادة على أراضيها‪.‬‬
‫ومما سبق يمكن القول أن مبدأ اقليمية الض‪88‬ريبية يقتض‪88‬ي أن تف‪88‬رض الدول‪88‬ة ض‪88‬رائب‬
‫على‪:‬‬
‫‪ -‬جميع المتعاملين الطبيعين و الخواص المقيمين فيها‬
‫‪ -‬جميع األنشطة الممارسة على أراضيها‬
‫‪ -‬جميع الممتلكات المتواجدة في الدولة‬
‫‪ 9‬جوزيف طربية‪" ،‬الضرائب على الدخل في لبنان"‪ ،‬الدار الجامعية ‪ ،‬بيروت‪ ،1982 ،‬ص‪.53 :‬‬
‫‪ -‬جميع المداخيل و األرباح المحققة داخل الدولة‬
‫و مبدأ اقليمية الضريبة ناجم عن استقالل الدولة و سيادتها فوق أراض‪88‬يها‪ ،‬فك‪88‬ل دول‪88‬ة‬
‫تنظ‪88‬ر إلى مص‪88‬لحتها في ف‪88‬رض الض‪88‬ريبة‪ ،‬و يث‪88‬ير ه‪88‬ذا المب‪88‬دا أك‪88‬ثر من س‪88‬ؤال‪ ،‬ألن‪88‬ه يوج‪88‬د‬
‫استثمارات صناعية و تجارية و غير تجارية تم‪8‬ارس في أك‪8‬ثر من دول‪8‬ة‪ ،‬ه‪8‬ذا م‪8‬ا ي‪8‬ؤدي إلى‬
‫تنازع ضريبي بين الدول من جهة و تعرض المكلفين الزدواج ضريبي من جهة أخرى‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬السيادة الضريبية في ظل العولمة‬


‫يمكن أن يكون للعولمة آثارا إيجابية كم‪8‬ا يمكن أن يك‪8‬ون له‪8‬ا أث‪8‬ر س‪8‬لبي على حص‪8‬يلة‬
‫إيرادات الدول‪88‬ة من الض‪88‬رائب من جه‪88‬ة و على س‪88‬يادتها وتش‪88‬ريعاتها الض‪88‬ريبية‪ ،‬و س‪88‬نحاول‬
‫ايجاز هذه اآلثار في النقاط الموالية‪.‬‬
‫تضحية الدول بجزء من ضرائبها و رسومها‪ :‬و يح‪88‬دث ه‪88‬ذا في بعض ال‪88‬دول‬ ‫‪.1‬‬
‫التي اختارت أن تقلص من القيود الضريبية و الجمركي‪8‬ة في وج‪8‬ه الت‪8‬دفقات التجاري‪8‬ة نحوه‪8‬ا‬
‫لتستفيد من مزايا هذه التدفقات‪ ،‬و ه‪8‬و م‪8‬ا ح‪8‬دث في ال‪8‬دول ال‪8‬تي اخت‪8‬ارت االنض‪8‬مام لمنظم‪8‬ة‬
‫التج‪888‬ارة الدولي‪888‬ة (‪ ،)OMC‬و ك‪888‬ذلك في ال‪888‬دول ال‪888‬تي اخت‪888‬ارت االنخ‪888‬راط في التكتالت‬
‫واالتحادات االقتصادية الدولية‪ .‬و لكن تج‪8‬در االش‪88‬ارة إلى أن اختي‪88‬ار ه‪88‬ذه ال‪88‬دول من المؤك‪88‬د‬
‫يك‪88‬ون نابع‪88‬ا من قناعته‪88‬ا ب‪88‬أن المكاس‪88‬ب ال‪88‬تي تحققه‪88‬ا س‪88‬تكون أك‪88‬ثر من تض‪88‬حيتها ال‪88‬تي‬
‫قدمتها(التقليل من ضرائبها و رسومها)‪ ،‬فزيادة التدفقات التجاري‪88‬ة واالس‪88‬تثمارات نحوه‪88‬ا في‬
‫حد ذاته سيوسع حصيلتها من ضرائب أخرى‪.‬‬
‫زيادة و اتس‪44‬اع حص‪44‬يلة الض‪44‬رائب‪ :‬يتحقق ه‪88‬ذا بس‪88‬بب زي‪88‬ادة حجم المب‪88‬ادالت‬ ‫‪.2‬‬
‫التجارية و زيادة حركية التعامالت االقتصادية بين الدول بسبب انفتاحها‪ ،‬و هو ما ي‪88‬ؤدي إلى‬
‫زيادة الوعاء الضريبي بالنسبة للضرائب المتعلقة بهذا المج‪88‬ال‪ ،‬كفتحه‪88‬ا األب‪88‬واب القانوني‪88‬ة و‬
‫التنظيمية أمام دخول االس‪88‬تثمارات األجنبي‪88‬ة المباش‪88‬رة و غ‪88‬ير المباش‪88‬رة و ف‪88‬رض الض‪88‬رائب‬
‫عليها‪.‬‬
‫التقليص من الس‪44‬يادة الض‪44‬ريبية‪ :‬إن اف‪88‬رازات العولم‪88‬ة فرض‪88‬ت على ال‪88‬دول‬ ‫‪.3‬‬
‫االنخراط في تكتالت و مناطق تجارية و أسواق حرة‪ ،‬األمر الذي قلص من سيادة هذه ال‪88‬دول‬
‫في فرض الضرائب على المعامالت التي تتم في اقليمها‪ ،‬ألن دخوله‪88‬ا في مث‪88‬ل ه‪88‬ذه التكتالت‬
‫سينتج عنه حتما قبولها بمبادئ ض‪88‬ريبية موح‪88‬دة لتنظيم تل‪88‬ك المع‪88‬امالت‪ ،‬و تخفيض‪88‬ها لبعض‬
‫الضرائب و الرسوم و هذا يقلل من فرض سيادتها الضريبية على اقليمها‪.‬‬
‫التجارة و المع‪44‬امالت االلكتروني‪44‬ة ‪ :‬شهدت التج‪88‬ارة االلكتروني‪88‬ة نم‪88‬وا س‪88‬ريعا‬ ‫‪.4‬‬
‫للغاية خالل السنوات األخيرة‪ ،‬وهناك تغيرات عديدة ناجم‪88‬ة عن التج‪88‬ارة االلكتروني‪88‬ة س‪88‬وف‬
‫تواجه مصلحة الض‪8‬رائب بتح‪8‬ديات خط‪8‬يرة تتمث‪8‬ل في التح‪8‬ول من المع‪8‬امالت الورقي‪8‬ة ال‪8‬تي‬
‫تس‪888‬مح لمص‪888‬لحة الض‪888‬رائب بتعقب آث‪888‬ار ه‪888‬ذه المع‪888‬امالت ك‪888‬الفواتير مثال إلى لمع‪888‬امالت‬
‫االفتراضية الرقمية التي تترك أثرا أقل مما يصعب تحديدها‪.‬‬
‫االزدواج الضريبي الدولي‪ :‬ألن خضـوع المكلـف لـنفس الض‪88‬رائب على نفس‬ ‫‪.5‬‬
‫الدخل في بلد إقامته والبلد الذي يمارس فيه نشاطه س‪88‬يؤدي إلى ت‪88‬راكم الضـرائب المسـتحقة‬
‫وثقل العبء الضريبي الذي يتحمله المستثمر‪ ،‬و هو ما سيعيق حركة االستثمارات األجنبية و‬
‫يؤدي بالمستثمرين إلى التهرب من أداء الضريبة‪.‬‬
‫التهرب الض‪44‬ريبي ال‪44‬دولي‪ :‬بفعل االزدواج الض‪88‬ريبي ال‪88‬دولي ف‪88‬إن المتع‪88‬املين‬ ‫‪.6‬‬
‫االقتصاديين سيحاولون التخلص من العبء الثقيل الملقى عليهم‪ ،‬عن طريق ته‪88‬ربهم من دف‪88‬ع‬
‫الضرائب في بلد واحد أو كال البلدين‪ ،‬بل تعدى األمر إلى أن بعض الدول تس‪8‬تغل ه‪8‬ذا األم‪8‬ر‬
‫في جع‪88‬ل ح‪88‬دودا كمالجئ و مس‪88‬تقبالت له‪88‬ذا الته‪88‬رب و هي ال‪88‬دول ال‪88‬تي تس‪88‬مى بالجن‪88‬ات‬
‫الضريبية‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫في ظل انتشار ظاهرة العولمة و تبني أغلبية الدول لسياسة االنفتاح االقتصادي‪ ،‬ارتفع‬
‫حجم المب‪88‬ادالت التجاري‪88‬ة وحرك‪88‬ة رؤوس األم‪88‬وال‪ ،‬األم‪88‬ر الي ت‪88‬رتب علي‪88‬ه تع‪88‬دد و تش‪88‬ابك‬
‫العالقات التجارية و االقتصادية بين الدول بسبب حرية تنقل األفراد و كذا وس‪88‬ائل االنت‪88‬اج‪ .‬و‬
‫بالنظر لتمسك الدول بفرض سيادتها الضريبية‪ ،‬فإن ذلك سوف ي‪88‬ؤدي إلى ظه‪88‬ور الكث‪88‬ير من‬
‫المشاكل منها ثق‪88‬ل العبء الض‪88‬ريبي على المكلفين‪ ،‬و تعرض‪88‬هم في أغلب االوق‪8‬ات لالزدواج‬
‫الضريبي‪ ،‬و هو ما يحاول المكلف بالضريبة تجنبه عن طريق التهرب أو الغش الض‪88‬ريبي و‬
‫بنطاق دولي كذلك‪ .‬أي إما بدفع الضريبة في دولة و تجنبها في دولة أخ‪88‬رى أو التخلص منه‪88‬ا‬
‫في كلتا الدولتين بسبب ثقلها‪ ،‬و هذا يضر بمصالح الدولتين‪.‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ ‬محي محمد مسعد‪ " ،‬ظاهرة العولمة األوهام و الحق‪44‬ائق"‪ ،‬ط‪ 01،‬مكتب‪88‬ة االش‪88‬عاع الفني‪88‬ة‪،‬‬
‫االسكندرية‪.1999،‬‬
‫‪ ‬فؤاد أبو ستيت‪" ،‬التكتالت االقتصادية في ظل العولمة"‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫‪ ‬هيفاء عبد الرحمان ياسين التركيتي‪ " ،‬آليات العولمة االقتصادية و آثارها المس‪44‬تقبلية في‬
‫االقتصاد العربي"‪ ،‬ط‪ ،01‬دار الحامد‪.2010 ،‬‬
‫‪ ‬حش‪88‬ماوي محم‪88‬د‪" ،‬االتجاه‪44‬ات الجدي‪44‬دة للتج‪44‬ارة الدولي‪44‬ة في ظ‪44‬ل العولم‪44‬ة االقتص‪44‬ادية"‪،‬‬
‫أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ ‬محمد عبد اهللا شاهين محمد‪ " ،‬التج‪44‬ارة الدولي‪44‬ة و أثره‪44‬ا على التج‪44‬ارة الخارجي‪44‬ة لل‪44‬دول‬
‫العربية"‪ ،‬دار حميثرا للنشر والترجمة‪ ،‬القاهرة‪.2018 ،‬‬
‫‪ ‬سوزي عدلي ناشد‪" ،‬ظاهرة التهرب الض‪44‬ريبي ال‪44‬دولي و آثاره‪44‬ا على اقتص‪44‬اديات ال‪44‬دول‬
‫النامية"‪ ،‬ط‪ 01،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪.2008 ،‬‬
‫‪ ‬محمد عباس محرزي‪" ،‬اقتصاديات الجباية و الضرائب"‪ ،‬دار هومه‪ -‬الجزائر‪.2004 ،‬‬
‫‪ ‬جوزيف طربية‪" ،‬الضرائب على الدخل في لبنان"‪ ،‬الدار الجامعية ‪ ،‬بيروت‪.1982 ،‬‬

‫‪‬‬ ‫‪Ben Sahli Mustapha, " Droit fiscal international et expérience‬‬


‫‪algérienne", office de presse universitaire- Alger, 1987.‬‬

You might also like