Professional Documents
Culture Documents
التعصب
التعصب
التعصب
إعداد
الملخص:
يهدف البحث إلى :بيان حكم التعصب عامة والتعصب الرياضي والحزبي
والديني خاصة في الفقه اإلسالمي ،وأثر ذلك في رد شهادة المتعصب،
وتجريح الشهود وعدالتهم ،وضمان ما وقع من إتالف
69
Extremism:sportive_ political- religious and its
consequences in Islamic jurisprudence.
Khaled Mohamad AbulRaouf Emarah
Departmenet General Jurisprudence, Faculty of Legislatin
And Law, Al Azhar University
E-mail: Khaledemarah1283@azhar.edu.eg
Abstract:
The research aims at: identifying the juristic point of view
concerning extremism in general and sportive, political
religious extremism specifically in Islamic jurisprudence.
Thus, an extremist witness is rejected, cosidered as
untrusrworthy and ubacceptable. Bedides, damages must
be redeemed.
Research Method: Analytica Fundemental methodology.
The main results:
*Acceptance of a witness.
*Allowing sports fans and forbidence of fanaticism
*Fanatic witnesses when witnessing againist each others
are to be rejected.
Keywords: Fanaticism- sportive- political-Religious .
70
بسم هللا الرحمن الرحيم
توطئة :
وصار الحكم مبنيا على الهوى والعصبية ،فكل من يتبنى شيئا أو ينتسب
إليه أو يميل له يدعو إليه ،ويحب ويكره عليه ،فكل من يوافقه فهو معه
وحبيبه ،وكل من يخالفه فهو ضده وعدوه
71
وقد ضرب التعصب مجاالت كثيرة ومتعددة منها :تعصب الرجل لذاته ،
وعائلته وقبيلته وبلده وجنسه ،ومن أخطر هذه المجاالت المجال الرياضي ،
والحزبي ،والفقهي ،ومن ثم فقد عزمت وتوكلت على هللا تعالى في كتابة
هذا البحث وأسميته ( :التعصب :الرياضي -الحزبي -الديني واآلثار
المترتبة عليه في الفقه اإلسالمي )
تظهر أهمية البحث في تحديد ماهية التعصب وبيان خطره وأض ارره ،في
ظل انتشاره في العصر الحديث ،وإبراز اآلثار المترتبة عليه في الشهادة
والجرح والتعديل ،وضمان المتلفات في النفس والمال أثناء االقتتال بدافع
العصبية ،وتأصيل قضية التعصب الرياضي والحزبي والفقهي ،وتوضيح
أثرها على الشهادة في الفقه اإلسالمي
72
مسيطر على عقول
ًا التعصب الفقهي لبعض اآلراء واألقوال ما زال
بعض الناس حتى أورثهم العداء لمخالفيهم
تلقف بعض المشككين في اإلسالم لبعض اآلراء المتعصبة في كتب
الفقه وإبرازها للتشكيك في صالحية الفقه اإلسالمي
إشكالية البحث :
بيان ماهية التعصب وأض ارره واآلثار المترتبة عليه في مجال الرياضة
واألحزاب ،والدين ،وأثر ذلك على قضية الشهادة باعتبارها أهم طرق
تحقيق العدالة التي هي أساس بقاء األمم ،وبيان حماية الفقه اإلسالمي
للشهادة من كل ما يؤثر عليها وتنزيهها عن الميول واألهواء ،ومن ثم رد
شهادة كل من يتوهم أن تخضع شهادته للتأثر بالعصبية ،أو الحب والكره
والبغض ،وتطبيق ذلك على المنافسات الرياضية والعمل الحزبي ،وبعض
األقوال الفقهية
73
المطلب األول :التعصب المعلن الظاهر المشهور وأثره في رد الشهادة
المطلب الثاني :التعصب المجرد وأثره في رد الشهادة
المطلب الثالث :تطبيقات الفقهاء لرد الشهادة بالعصبية
المطلب الرابع :أثر التعصب في جرح الشهود وتعديلها
المبحث الرابع :أثر التعصب في القتال
الفصل الثاني ( :التعصب الرياضي -الحزبي -الديني )
المبحث األول :التعصب الفقهي وأثره على الشهادة وفيه مطلبين:
المطلب األول :التأصيل التاريخي للتعصب المذهبي
المطلب الثاني :شهادة متعصبي المذاهب بعضهم على بعض
المبحث الثاني :التعصب الرياضي وأثره في الشهادة ،وفيه ثالثة مطالب:
المطلب األول :مشروعية المنافسات الرياضية
المطلب الثاني :إباحة التشجيع وحرمة التعصب للفرق الرياضية
المطلب الثالث :شهادة المتعصب في المجال الرياضي
المبحث الثالث :التعصب الحزبي وأثره على الشهادة وفيه ثالثة مطالب:
المطلب األول :مشروعية العمل السياسي
المطلب الثاني :االنتماء لألحزاب السياسية
المطلب الثالث :أثر التعصب في رد شهادة المنتمين لألحزاب
الخاتمة وتشتمل على أهم النتائج المستخلصة من البحث
74
الفصل األول
المبحث األول
وتعصبنا له
َّ المدافع ُة بالحق أو الباطل ، عصب في اللغة :المحاماة و ُ ال ّت ُّ
ومعه :نص ْرناه ،والتَّعص ُب مأخوذ من العصِبيَّة ،والعصِبَّي ُة :أن ي ْد ُعو
ناوُئ ُهم ظالمين كانوا أو الرجل ِإلى ُنص ِرة عصبِته والتَّأل ِب معهم على من ُي ِ
ْ
صُبوا عليهم ِإذا تج َّم ُعوا ،فِإذا تجمعوا على فريق آخر مظلومين .وقد تع َّ
ِ
ويحامي عنهم ، صُبوا ،والعصِبي هو الذي ي ْغض ُب لعصبته ُ قيل :تع َّ
صبونه ويعت ِ قارب من جهة األب ألنهم يع ِ
ص ُب بهم أي : ْ ُ والعصب ُة :األ ِ ُ
طون به وي ْشتد بهم ،وعصُبوا به ْ : ُي ِحي ُ
()1
اجتم ُعوا ح ْوله
( )1لسان العرب ، 2966/4وينظر تهذيب اللغة ،30/2تاج العروس 382، 381/3
( )2مقاييس اللغة 439 : 336 / 4مادة ( ع ص ب )
75
التعصب شر اعا :
الرُجل ؛ ِألَّن ُه ِم ْن وعرفها ابن فرحون بقوله " اْلعصِبَّي ُة :أ ْن ي ْب ُغض َّ
الرُج ُل َّ
()2
بِني ُفالن أ ْو ِم ْن قِبيل ِة كذا "
()3
َّة بأنها ِشَّدةُ اْل ُممايل ِة لِق ْوم على ق ْوم
وعرف الماوردي اْلعصِبي ِ
()4
وجاء في الفواكه العديدة :العصبية هي :القرابة واإلفراط في الحمية .
من خالل ما سبق يتضح وهللا أعلم أن التعصب هو الميل الشديد لشيء ما
وعدم قبول ةيره حتى ولو كان صحيحا
( )1مختصر المزني ، 420 /8روضة الطالبين ، 138 :11مغني المحتاج 358/ 6
( )2تبصرة الحكام ، 264 /1معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من األحكام ص/
، 71مواهب الجليل ، 175 /6منحة الخالق 86 /7
( )3الحاوي الكبير 201 /17
()4الفواكه العديدة 302/2
( )5كشف المشكل 596 /3
( )6جامع العلوم في اصطالحات العلوم ، 218 /1وينظر :التعريفات الفقهية ص58 /
76
وهذا الميل والحب والهوى قد يكون لفرد ،أو قبيلة ،أو جماعة ،أو طائفة ،
أو حزب سياسي ،أو جنس ،أو رأي ،أو مذهب ديني ،أو فريق رياضي،
أو لدولة الخ ،ويؤدي هذا الميل إلى قبول كل ما يصدر عنه ،ورفض كل
ما هو ضده
والتعصب هوى وشعور داخل اإلنسان يحس معه بأنه على حق وصواب ،
واآلخر على باطل دونما دليل ،ثم ينعكس هذا الهوى على تصرفاته وأقواله
وأفعاله تجاه اآلخرين
الدليل األول :قال تعالى :
[ النساء ]109 :
وجه الداللة من اآلية الكريمة :أن هللا سبحانه تعالى قد ذم قوم طعمة بن
يرق لما تعصبوا له ووقفوا معه وشهدوا له بالباطل ،ووصف سبحانه
أُب ِ
وتعالى معصيتهم بأنها خيانة منهم ألنفسهم مع أن السارق كان طعمة وحده؛
وذلك ألنهم لما تعصبوا له وشهدوا له بالبراءة ونصروه ،كانوا شركاء له في
()2
اإلثم.
77
جاء في المحرر الوجيز " الضمير في ي ْست ْخُفون للصنف المرتكب للمعاصي
مستسرين بذلك عن الناس مباهتين لهم ،واندرج في طي هذا العموم ،
ودخل تحت هذه األنحاء أهل الخيانة في النازلة المذكورة ،وأهل التعصب
()1
لهم والتدبير في خداع النبي صلى هللا عليه وسلم والتلبيس عليه "
صُبون ِأل ْه ِل ِ
الري ِب ين يتع َّ اب لَِّلِذ ِ ِ
وهو ما نص عليه أبو حيان فقال " :واْلخط ُ
ظه ُر أ ْن ي ُكون ذِلك الن ِازل ِة .و ْاأل ْ
اصي ،وي ْند ِرُج ِفي هذا اْل ُعمو ِم أ ْه ُل َّ
ُ
واْلمع ِ
()2
يه م ْن ع ِمل عمل ُه ْم" . طعمة ،ويند ِرج ِف ِ ص ِة ُ
صِبين ِفي ِق َِّخطابا لِْلمتع ِ
ْ ُ ً ُ
الدليل الثاني :قال تعالى :
[ الفتح]26 :
وجه الداللة من اآلية الكريمة :أخبر هللا عز وجل أن قلوب الكفار قد
امتألت بالعصبية الجاهلية آللهتهم التي كانوا يعبدونها من دون هللا ،
ومنعتهم من :اإلقرار للرسول ﷺ بالرسالة واالستفتاح ببسم هللا الرحمن الرحيم
()3
على عادته في الفاتحة ،ومنعهم له من دخول مكة
َّللاُ ل ُه ْم ِب ِه،
وهذه العصبية ِم ْن أ ْخال ِق أ ْه ِل اْل ُكْف ِر ،ول ْم ي ُك ْن شي ٌء ِم ْن ُه ِم َّما أِذن َّ
ْ
اإلضاف ِة ِإلى صف ٌة م ْذموم ٌة ،وبِ ِْ
ُ
وال أحٌد ِمن رسِل ِه(ِ )4أل َّن اْلح ِميَّة ِفي نْف ِسها ِ
ْ ُُ
78
َّة تزداد ُقبحا ،ولِلح ِمي ِ
َّة ِفي اْل ُق ْب ِح درج ٌة ال ُي ْعتب ُر معها ُق ْب ُح اْلقب ِائ ِح ِِ ِ
اْلجاهلي ْ ُ ْ ً
ِ ِ ِ ()2 َّة )1( ".والعصِبي ُة ِمن ح ِمي ِ اهلِي ِ
اف ِإلى اْلج ِ
كاْلمض ِ
َّة اْلجاهليَّة ْ ُ
: الدليل الثالث :قال تعالى
وجه الداللة من اآلية الكريمة :بين الحق سبحانه وتعالى أن من نعمه على
ضا،
عباده المؤمنين أن ألف بين قلوبهم بعد أن كانوا أعداء يقتل بعضه ْم ب ْع ً
َّللاِ وال طاع ِة رُسولِ ِه (" )3فالتأليف بين قلوب من ُبعث
عصِبَّي ًة ِفي ة ْي ِر طاع ِة َّ
إليهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من اآليات الباهرة ؛ ألن العرب -لما
فيهم من الحمية والعصبية ،واالنطواء على الضغينة في أدنى شيء ،
وإلقائه بين أعينهم إلى أن ينتقموا -ال يكاد يأتلف منهم قلبان ،ثم ائتلفت
()4
حتى صاروا كنفس قلوبهم على اتباع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "
()5
واحدة ،وهذا من معجزاته ﷺ
79
من التأليف ألن أمرهم في ذلك قد تفاقم جداً ولكن هللا ألف بينهم بعظيم
()1
قدرته وبديع صنعه
بل قيل إن المراد بقوله تعالى:
()2
[آل عمران :]103 :العصِبَّي ٌة
الدليل الرابع :قال تعالى :
وجه الداللة من اآلية الكريمة :أخبر سبحانه وتعالى أن أشد أنواع الضالل
اتباع الهوى ،والميل والحب والكره والتعصب للشيء بدون حجة وبرهان ،
ِ ()3
و ِاتباع اْلهوى ال ي ُكو ُن ِإ َّال باط ًال
السد ِاد ِم َّم ِن اتَّبع هوى نْف ِس ِه ِبغ ْي ِر يل َّ الرش ِاد ،وسِب ِيق َّ" وم ْن أضل ع ْن ط ِر ِ
َّللاِ َّالِذي ع ِهدهُ ِإلى خْل ِق ِه ِفي ك ع ْهد َّ َّللاِ ،وعهد ِمن َّ ِ
َّللا ،وي ْت ُر ُ ْ بيان ِم ْن ِع ْنِد َّ
يل الرْشِد اْلق ْوم َّالِذين خالُفوا َّللا ال يوِفق ِِإلصاب ِة اْلح ِق وسِب ِ و ْحيِ ِه وت ْن ِزيلِ ِه ِإ َّن َّ
ُ ُ
َّللاِ وترُكوا طاعت ُه ،وك َّذُبوا رُسول ُه ،وبَّدُلوا ع ْهدهُ ،واتَّب ُعوا أ ْهواء أ ْنُف ِس ِه ْم أ ْمر َّ
()4
ان على طاع ِة ربِ ِه ْم". ار ِم ْنهم لِطاع ِة َّ
الش ْيط ِ
إيث ًا ُ ْ
ِ
80
َّللاِ ف ُهو ِم ْن يقول ابن تيمية " :التَّعص ُب ِأل ْم ِر ِم ْن ْاألُم ِ
ور ِبال ُهًدى ِم ْن َّ ُ
َّة { . اهلِي ِ
عم ِل اْلج ِ
()1
[القصص]50 :
الدليل الخامس :قال تعالى :
[الروم]32 :
وجه الداللة من اآلية أن هللا سبحانه وتعالى قد نهى المؤمنين أن يكونوا مثل
أهل األهواء والبدع ،الذين فرقوا دينهم الحق ،وأحدثوا البدع وصاروا أحزاباً
كانوا ِشيعاً وفرقا،
وجماعات وطوائف ،وضلوا بسبب تعصبهم وتحزبهم ،و ُ
مسرور،
ٌ كل واحدة تشايع إمامها الذي أضلها ،وُكل ِح ْزب منهم فرح بمذهبه
يحسب باطله حقا وأن الصواب معه دون ةيره ،بل ليس أهل هوى إال وهم
()2
معجبون بضاللهم ومفتونون برأيهم وهواهم وصاحبهم الذي اخترق ذلك لهم
الدليل السادس :قال تعالى :
[املائدة]50 ،49:
81
وجه الداللة من اآلية الكريمة :أمر هللا سبحانه وتعالى المؤمنين بأن يتبعوا
()1
وأمرهم ما أنزله سبحانه ،ونهاهم عن اتباع األهواء ومنها التعصب
بالحذر من جميع أنواع الفتن :فتنة الرشوة ،وفتنة البطانة والحاشية ،وفتنة
العداوة والصداقة ،وفتنة الشفاعات والوساطات ،وفتنة االنحراف والتحريف،
وفتنة التعصب ،وفتنة اآلراء الفاسدة والنظريات الباطلة .
وحكم الجاهلية هو حكم الهوى والمداهنة ال حكم الحق ،وحكم العصبية ال
حكم العدل ،وحكم الطبقية ال حكم المساواة ،وحكم االستغالل ال حكم
اإلنصاف ،وحكم اإلباحة ال حكم ضبط النفس ،ألن الجاهل ال ي ِ
صدر ُ
()2
ُحكمه عن كتاب ،وال يرجع إلى وحي.
ويؤيد ذلك ما ذهب إليه الضحاك من أن المراد بالفتنة في قوله تعالى :
()3
َّة ،أل ْسرُعوا ِإل ْي ِه.
:أ ِي اْل ِقتال ِفي اْلعصِبي ِ [ األحزاب]14 :
وكذلك قوله تعالى ":
[ النساء ]91 :أي :كلما دعوا إلى الردة وإلى
العصبية البغيضة وقعوا فيها أشنع وقوع ،ورجعوا إليها منكوسين على
()4
رءوسهم".
82
ثانيا :من السنة :
ا
تعددت األحاديث النبوية الشريفة على نبذ العصبية وحرمتها من ذلك :
بن األسقع أنها س ِمع ْت أباها الدليل األول :ما رواه أبو داود عن ِ
بنت واثلة ِ
()1
يقول :قلت :يا رسول هللاِ ،ما العصِبَّي ُة؟ قال" :أن تُ ِعين قومك على الظلم"
ُ
وجه الداللة من الحديث :أن الرسول ﷺ قد حدد العصبية الجاهلية بأنها :
اإلعانة على الظلم ،وقد نهى هللا سبحانه وتعالى عن اإلعانة على الظلم
فقال تعالى :
، مما يدل على حرمتها [ املائدة]2 :
اجب علي اإلنسان ُمتابع ُة اْلح ِق ِم ْن ة ْي ِر نظر ِإلى ُمالحظ ِة اْلخْل ِق، وألن اْلو ِ
()2
أو التعصب لهم
بن م ِ
طعمِ ،أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم- بير ِ
الدليل الثاني " :عن ُج ِ
ُ
منا من دعا إلى عصبية ،وليس ِمنا من قاتل على عصبية ، ِ
"ليس َّ قال:
()3
وليس منا من مات على عصبية "
( )1سنن أبي داود كتاب األدب باب في العصِبَّية حديث رقم (440/7 ) 5119
حديث حسن
( )2مرقاة المفاتيح 3077 /7
( )3سنن أبي داود كتاب األدب باب في العصِبَّية حديث رقم (441 /7 )5121
إسناده ضعيف لكن الحديث صحيح بمعناه
83
فالعصبية مذمومة باطلة ،سواء بدعاء الناس وجمعهم إليها ،أو بالقتال فيها،
()1
أو بالموت عليها ،وكذلك إذا كانت مضمرة في قلبه وإن لم يدع ولم يقاتل
الدليل الثالث :روى اإلمام مسلم في صحيحه " :عن جند ِب ب ِن عبِد هللاِ
ْ ْ ْ ُْ
ول هللاِ صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسَّلم« :م ْن قاتل ت ْحت راية ِ
اْلبجل ِي ،قال :قال رُس ُ
()3 ِع ِميَّة )2(،يدعو عصِبَّي ًة ،أو ينصر عصِبَّي ًة ،ف ِق ْتلتُه ج ِ
اهلِيَّ ٌة» ُ ْ ُُْ ُْ
وجه الداللة من الحديث :أخبر ﷺ أن كل من خرج يدعو إلى عصبية أو
ينصر عصبية بأن قاتل لشهوة نفسه ،أو لمحض التعصب لقومه ةضبة لهم
فقتل فقتلته جاهلية ،أي من صِنيع أهل اْلج ِ
اهلِيَّة واْلكْفر مما يدل على
ِِ ِ
وإَِّنما كانت قتلة جاهليَّة ألن بعضهم كان يقتل ب ْع ً
()4
ضا عصبية حرمتها
()5
لآلخرين.
( )1لمعات التنقيح ، 203 /8التنوير شرح الجامع الصغير 283 /9
(( )2راية عمية) قيل هو فعيلة من العماء أي الضاللة .كالقتال في العصبية واألهواء
وهي األمر الملبس الذي ال يستبين وجهه .كالعصبية َّالِتي ال يستبان ما وجهها
واْلمْقصود أنه ُيقاتل لهواه ال على مْقتضى َّ
الش ْرع .ينظر حاشية السندي على ابن ُ ُ
ماجة ، 140 /2كشف المشكل ، 51 /2شرح محمد فؤاد عبد الباقي صحيح مسلم
1478 /3
ور اْلِفت ِن وتحذير اب ْاأل ْم ِر ِبُل ُزو ِم اْلجماع ِة ِع ْند ُ
ظ ُه ِ ( )3صحيح مسلم ِكتاب ِْ ِ
اإلمارة ب ُ ُ
الدعاة إلى الكفر حديث رقم (1478 /3 )1850
( )4شرح سنن ابن ماجة للسيوطي ص ، 283/فتح المنعم شرح صحيح مسلم 475 /7
،البحر المحيط الثجاج 170/32
( )5كشف المشكل 596 /3
84
يقول الطيبي " وفيه أن من قاتل تعصًبا ،ال إلظهار دين هللا ،وال إلعالء
محقا كان على الباطل )1( .وإنما كان على كلمته ،وإن كان المغضوب له ًّ
الباطل ألنه ُيقاتل لش ْهوة نفسه وةضبة لها ،وال يكترث ِبما يْفعله ِفيها ،وال
()2
يخاف وباله وعقوبته
الدليل الرابع :عن ِ
عبد هللا ِ
بن مسعود أن النبي-صلى هللا عليه وسلم قال:
()3
ردي فهو ُي ْنزعُ ِبذنِبه
ةير الحق فهو كالبعير الذي ِ
من نصر قومه على ِ
" والمعنى أن من أراد أن يرفع نفسه بنصرة قومه بالباطل ،فهو كالبعير
الذي سقط في بئر ،فماذا يجدي عنه أن ينزع بذنبه؟ فإنه وإن اجتهد كل
()5
" وهو الجهد ،لم يتهيأ له أن يخلصه من تلك المهلكة بنزعه إياه بالذنب".
نهي عن اإلعانة على باطل ،كما يفعله العامة من سكان البوادي ،يقتلون
()6
القتيل ال يدرون فيما قتلوه إال تبعاً لعشيرتهم".
85
النِب ِي صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسلَّم الدليل الخامس " :ع ِن ْاب ِن عبَّاس ،رفع ُه ِإلى َّ
صا فعل ْي ِه عْق ُل ِ ِ ِ ِِ
قال« :م ْن قتل في عميَّة أ ْو عصبيَّة بحجر أ ْو س ْوط أ ْو ع ً
َّللاِ
اْلخطِأ ،وم ْن قتل ع ْمًدا ف ُهو قوٌد ،وم ْن حال ب ْين ُه وب ْين ُه فعل ْي ِه ل ْعن ُة َّ
()1
ف وال ع ْد ٌل» ِ ِ واْلمالِئك ِة و َّ
الن ِ
اس أ ْجمعين ،ال ُيْقب ُل م ْن ُه ص ْر ٌ
وجه الداللة من الحديث :بين ﷺ أن من ُقتل في قتال مجهول ال يعرف
الغرض منه ،كأن كان قتال عصبية ،فديته على الجميع إن لم يعلم قاتله ،
()2
والقصاص إن علم قاتله مما يدل على حرمة القتال بدافع العصبية
ف ْب ِن الدليل السادس :روى اإلمام البخاري في صحيحه " :ع ِن األحن ِ
ْ
الرُجل ،فل ِقيِني أُبو ب ْكرة فقال أ ْين تُ ِر ُيد؟ ُقْل ُت:
صر هذا َّ ِ
ق ْيس ،قال :ذه ْب ُت أل ْن ُ
َّللاِ صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسلَّم
الرُجل ،قالْ :ارِج ْع فِإِني س ِم ْع ُت رُسول َّ ص ُر هذا َّ أ ْن ُ
الن ِار» ،فُقْل ُت يا ول ِفي َّ ِ يُقولِ« :إذا التقى المسلِم ِ ِ ِ
ان بس ْيف ْيهما فالقات ُل والمْقتُ ُ ُْ ُ
يصا على ق ْت ِل ِ ِ َّ ِ ِ رسول َّ ِ
ال المْقتُول قال« :إن ُه كان حر ً َّللا هذا القات ُل فما ب ُ ُ
ِ ِ ()3
صاحِبه»
وجه الداللة من الحديث :ذهب اإلمام النووي إلى أن القتال الوارد في
الحديث والذي يستحق به القاتل والمقتول دخول النار هو القتال من أجل
ان ِبس ْيف ْي ِهما ِفي اْل ُمقاتل ِة اْل ُمح َّرم ِة
العصبية فقال " :اْلمرُادِ...إذا اْلتقى اْلم ْسلِم ِ
ُ ُ
الدي ِة
ول وبين اْلقوِد أ ِو ِ
ْ
ات باب م ْن حال بين ولِ ِي اْلمْقتُ ِ
ْ ُ
( )1سنن ابن ماجة ِكتاب ِ
الدي ِ
ُ
حديث رقم ( ،880 /2 )2635إسناده صحيح
( )2مرشد ذوي الحجا والحاجة 333 / 15
اء عل ْي ِه ْم [ص ]154:أ ْست ْغف ْرت ل ُه ْم ِ ِ
كتاب المناقب باب ق ْولِه{ :سو ٌ ُ ( )3صحيح البخاري
اسِقين} [المنافقون]6 : َّللا ال يه ِدي القوم الف ِ أ ْم ل ْم ت ْست ْغِف ْر ل ُه ْم ،ل ْن ي ْغِفر َّ
َّللاُ ل ُه ْمِ ،إ َّن َّ
ْ ْ
حديث رقم (154 /6 )4905
86
ول ِفي َّ ِ ِ ِ ِ ِ
الن ِار " كاْلقتال عصبَّي ًة ون ْح ِو ذلك فاْلقات ُل واْلمْقتُ ُ
()1
وفي موطن آخر "
ول ِم ْن أ ْه ِل َّ ِ
ول على م ْن ال تأويل ل ُه وي ُكو ُن الن ِار فم ْح ُم ٌ وأ َّما ك ْو ُن اْلقات ُل واْلمْقتُ ُ
()2
ِقتاُل ُهما عصِبَّي ًة "
َّللاِ
نول َّ نان ،ر ِ
الدليل السابع :ع ْنن ُحذ ْيفنة ْب ِنن اْليم ِ
َّللاُ ع ْنن ُه ْم قنال :قنال رُس ُ ضني َّ
ناي ُز والتَّم ُاين ُنل
نيه ُم التَّمن ُظهننر ِفن ِ ُمِتنني حتَّننى ي ْ صن َّنلى هللاُ عل ْين ِنه وسن َّنلم« :لن ْنن تْفنننى أ َّ
ُمنني يننا رسننول َّ ِ نامع» قننال حذيف ن ُة :فُقْلننتِ :بننأِبي أ ْنننت وأ ِ ِ
ناي ُز؟ َّللا ،ومننا التَّمن ُ ُ ُ ُ ْ واْلمعن ُ
نت :فمننا التَّم ُاين ُنل؟ قننال: الننناس ب ْعن ِندي ِف ني ِْ ِ ِ
اإل ْسننال ِم» ُقْلن ُ قننال« :عص نبَّي ٌة ُي ْحنندثُها َّ ُ
نام ُع؟ ظْلمننا» قننالُ :قْلنت :ومننا اْلمعن ِ ِ ِِ ِ ِ
ُ «تمي ُنل اْلقبيُلنة علنى اْلقبيلنة فت ْسننتحل ُح ْرمتهنا ُ ً
ف أ ْعناُقها ِفي اْلح ْر ِب هكذا» ِ ِ
ضها ِإلى ب ْعض ،فت ْختل ُ قال« :مس ُير ْاأل ْمص ِار ب ْع ُ
َّللاِ صن ن َّنلى هللاُ عل ْين ن ِنه وسن ن َّنلم بن ن ْنين أصن نناِب ِع ِه «وذلِ ن نك ِإذا فسن نند ِت نول َّ
وشن ننبَّك رُسن ن ُ
ِ ام ن ن ن ُة» ،ي ْعِنن ن نني اْلن ن ن ُنوالة« ،وص ن ن نُلح ِت اْلخ َّ
َّللاُ
صن ن ننلح َّ طن ن ننوبى ال ْمن ن ن ِنرئ أ ْ اص ن ن ن ُةُ ، اْلع َّ
()3
اصت ُه» خ َّ
وجه الداللة من الحديث :أخبر الرسول ﷺ أن العصبية من أسباب هالك
التمايز ،أي
ُ األمة ،وأن أمته لن تهلك حتى تظهر فيهم العصبية ويكون
يتم ُيز بعضهم عن بعض ويكونون أ ْ
()4
ضراباً َّ
87
بعضهم من بعض بها ، يقول ابن قتيبة " أراد بالتَّمايز َّ
أن الناس يتميز ُ
جل َّ
وعز قول هللا َّ ويتحزبون ْ
أحزاباً بوقوع العصبيَّة ،ومنه ُ
()1
" [ يس]59 :
َّللاِ
الدليل الثامن :روى اإلمام البخاري في صحيحه " :ع ِن جاِبر ْبن ع ْبِد َّ
ان :م َّرًة ِفي ج ْيش -فكسع ِ رِ
َّللاُ ع ْن ُهما ،قالُ :كَّنا في ةزاة -قال ُس ْفي ُ ضي َّ
اج ِرين ،رُج ًال ِمن األ ْنص ِار ،فقال األ ْنص ِاري :يا ل ْأل ْنص ِار ،وقال رجل ِمن المه ِ
ُ ٌُ
َّللاِ صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسَّلم فقال:
ول َّ ِ ِ ِ
المهاج ِري :يا لْل ُمهاج ِرين ،فسمع ذلك رُس ُ
ِ
ُ
َّللا ،كسع رجل ِمن المه ِ
اج ِرين رُج ًال ِ ِ ِ
ال د ْعوى الجاهِليَّة» قاُلوا :يا رُسول َّ
ُ ٌُ «ما ب ُ
()2
ِمن األ ْنص ِار ،فقال« :د ُعوها فِإَّنها ُم ْنِتن ٌة»
وجه الداللة من الحديث :أن النبي ﷺ أمر بترك العصبية واالبتعاد عنها ،
وأكد ﷺ ذلك بأنها منتنة خبيثة قبيحة ،وعاقبتها سيئة وأنه يجب اجتناب
()3
الم ْنِتن ،مما يدل على حرمتها
الشيء ُ
ُ العصبية كما ُيجتن ُب
88
المبحث الثاني
وقد حذر الرسول ﷺ أمته من التعصب فقد روى اإلمام أحمد في مسنده " :
ول هللاِ صَّلى هللاُ عل ْي ِه
ع ْن أُب ِي ب ِن كعب ،قالْ :انتسب رجال ِن على عهِد رس ِ
ْ ُ ُ ْ ْ
وسَّلم ،فقال أحُد ُهما :أنا ُفال ُن ْب ُن ُفالن ْب ِن ُفالن ،فم ْن أ ْنت ال أ َُّم لك؟ فقال
"انتسب رُجال ِن على ع ْهِد ُموسى عل ْي ِه ِ
ول هللا صلَّى هللاُ عل ْيه وسَّلمْ :
ِ
رُس ُ
السال ُم ،فقال أحُد ُهما :أنا ُفال ُن ْب ُن ُفالن ،حتَّى عَّد ِت ْسع ًة ،فم ْن أ ْنت ال أ َُّم َّ
اإل ْسال ِم " .قال" :فأ ْوحى هللاُ ِإلى ُموسى عل ْي ِه لك؟ قال :أنا ُفال ُن ْب ُن ُفالن ْاب ُن ِْ
السال ُم :أ َّن هذ ْي ِن اْل ُم ْنت ِسب ْي ِن ،أ َّما أ ْنت أيها اْل ُم ْنت ِمي أ ِو اْل ُم ْنت ِس ُب ِإلى ِت ْسعة ِفي
َّ
89
اش ُرُه ْم ،وأ َّما أ ْنت يا هذا اْل ُم ْنت ِس ُب ِإلى ا ْثن ْي ِن ِفي اْلجَّن ِة ،فأ ْنت
الن ِار فأ ْنت ع ِ َّ
()1
ثالِثُ ُهما ِفي اْلجَّن ِة ""
َّ وروى اإلمام أحمد وأبو داود عن أِبي هريرة ،قال :قال رسول هللاِ
صلى هللاُ ُ ُ ُْ ْ
،وف ْخرها اهلِي ِ
َّة علي ِه وسلَّمِ " :إ َّن هللا ع َّز وج َّل قد أ ْذهب عن ُكم عِبيَّة اْلج ِ
) 2 (
ْ ْ ُ ْ ْ
اس بُنو آدم ،وآد ُم ِم ْن تُراب ،لي ْنت ِهي َّن الن ُاجٌر ش ِق ٌّي ،و َّ اء ،م ْؤ ِم ٌن ت ِق ٌّي ،وف ِ ِ ِ
ب ْاآلب ُ
ون َّن أ ْهون ِع ْند هللاِ ِم ْن ِعَّدِت ِه ْم ِمن اْل ِج ْعال ِن َّالِتيأ ْقو ٌام ف ْخرُه ْم ِب ِرجال ،أ ْو لي ُك ُ
()3
ت ْدف ُع ِبأ ْن ِفها النَّتن "
[ املائدة]91 :
ولقد تتبعت بعض التعليقات على بعض الصفحات الرياضية ،والسياسية ،
فوجدت درجة من التعصب في التعليقات تفوق الخيال ؛ حتى أن التعليقات
90
تكاد تضن من كمية العداوة والبغضاء والكراهية ومشتملة على عبارات السب
والقذف في أمور بسيطة ،أي سب وقذف ألتفه األسباب
التعصب يجعل اإلنسان ال يرى الحقيقة ،وال يسمع صوت الحق ،فقد روى
الد ْرد ِاء ،ع ِن النَِّب ِي صلَّى هللاُ عل ْي ِه وسَّلم قال" :
أبو داود في سننه ع ْن أِبي َّ
الشيء يع ِمي وي ِ
صم " ( )1فالذي يسترسل في اتباع الهوى والعصبية ال ُ ُحبك َّ ْ ُ ْ
يبصر قبيح ما يفعله ،وال يسمع نهي من ينصحه ،حتى إنه ليرى القبيح
منه حسناً ،وتسمع منه الخنا قوال جميال ،قال الشاعر:
()2
ويقبح من سواك الفعل عندي ...وتفعله فيحسن منك ذاكا
ومورد الحديث في محل الذم .وذكر العصبية تستدعي أن يقال :إنه صلى
هللا عليه وسلم قال فيمن يتعصب لغيره ويحاميه بالباطل ،وحبه إياه يعميه
()4
عن أن يبصر الحق في قضية ،ويصمه عن أن يسمع الحق فيتبعه
( )1سنن أبوداود كتاب األدب باب في الهوى حديث رقم ( ، 448 /7 )5130ومسند
اإلمام أحمد حديث رقم ( 24 /36 )21694قال عنه الشيخ شعيب األرناؤوط صحيح
موقوف
( )2محاضرات األدباء 349 ، 304/1
( )3شرح نهج البالةة ، 207 /7نهاية األرب في فننون األدب ،124 /2محاضرات
األدباء 349 /1
( )4شرح المشكاة للطيبي ، 3152،3153/10التنوير شرح الجامع الصغير316 /5
91
فالتعصب يفقد اإلنسان حواسه التي يدرك بها حتى إنه يصبح كاألعمى
الشيء يعمى عن قبائحه واألصم ال ينتفع بحاستيه ( )1وصدق القائل (وحبك َّ
ْ
يمنع االذن أن تصغي ِإلى العذل) ( )2وكثير من الناس – أعاذنا هللا -
-وْ
مصاب بهذا البالء ،وقد وصف هللا به المشركين األقدمين عندما كانوا
يسمعون القرآن قال تعالى :
نعم إن حالتهم الفكرية طوحت بهم بعيدا جدا [ فصلت]44 :
ثالث ا :التعصب يؤدي إلى التمسك بالباطل وإنكار الحق والتحامل على
اآلخرين فالمتعصب ال يقبل أي نوع من النقد من أي أحد كان ،حتى ولو
كان بالحق والحجة البرهان ،ويقابل كل ذلك بالنكران ،واستخدام األلفاظ
والصفات الذميمة ،كاتهام الغير بالجهل تارة ،والخيانة والعمالة تارة أخرى
: قال تعالى
92
الن ِ وصدق رسول هللا ﷺ حيث قال " :اْل ِك ْب ُر بط ُر اْلح ِق ،وة ْم ُ
ط َّ
()1
اس
نر ،نر أو بط ًا ومعنى بطر الحق إبطاله ،مأخوذ من قول العرب ذهب دمه ِب ْ
ط ًا
أي باطالً ،وقيل :البطر الحيرة .ومعناه أن يتحير عند الحق فنال ينراه حقناً،
()2
يقن ننول اإلمن ننام وأن يتكبن ننر فن ننال يقبلن ننه ،ويسن ننتحقر النن نناس ويسن ننتهين بهن ننم
" والتكبننر عننن ()3
نر
نارهُ ترف ًعننا وتجبن ًا طن ُنر اْلحن ِ
نق ف ُهننو د ْف ُعن ُنه وإِ ْنكن ُ النننووي " :أمننا ب ْ
()4
اإل ْقرار ِب ِه ،والطغيان ِفي دفعه. ِْ
فالعصبية تجعل اإلنسان يتجنى على الحق ويجعله باطال ،حيث تؤدي إلى
اط ِل ؛ فِإَّنها ع ِظيم ُة اْلوْق ِع ِفي النُف ِ
وس الشهاد ِة ِباْلب ِ
ضي إلى َّ العداوة التي تُْف ِ
اء وتُْقتح ُم اْلعظ ِائ ُم ( )5يقول الرازي " فثبت أ َّن التَّعصب ِ ِ ِ
تُ ْسف ُك بسببها الدم ُ
صمة ِم ْن ات اْلمتن ِاقض ِة )6("،فنسأل َّ ِ الرجل اْلع ِاقل على اْلكلِم ِ ِ
َّللا اْلع ْ ْ ُ ُ ي ْحم ُل َّ ُ
اإل ْنسان على ِم ْث ِل هذا اْلكال ِم َّ
عصِبيَّة ت ْح ِمل ِْ
ِ ()7
الرِكيك. ُ
اب ت ْح ِري ِم اْل ِك ْب ِر وبي ِان ِه حديث رقم (93 / 1 )147 اب ِْ
اإليمان ب ُ
ِ
( )1صحيح مسلم كت ُ
( )2المعلم بفوائد مسلم ، 303 /1مطالع األنوار ، 488/1شرح المشكاة 3245/10
( )3شرح النووي 90 /2
( )4كشف المشكل 323 /1
( )5أسنى المطالب 352 /4
( )6مفاتيح الغيب 469 /27
( )7مفاتيح الغيب 54 /16
93
بل إن التعصب والهوى والحب ي ْجع ُل اْلم ْع ُروف ُم ْنك ًار واْل ُم ْنكر م ْع ُروًفا ،
()1
اب
صح ُ وهذا" ما يْفعُل ُه أ ْ ويؤدي إلى العناد ومن ثم إلى الظلم والتعدي
ِ ِ ()2 اْلعصِبي ِ
َّة واْلف ْتنة.
،وهذا النوع من التعصب يعز عالجه ،ألن أساسه الجحود واالستكبار ،
ومن ثم ال أمل فيه وال جدوى من مجادلته ( )5وفيه يقول الحق:
[ األعراف]146 :
94
باإلضافة إلى أن المتعصب يسهل التغرير به ؛ ألن التعصب يجعل
،اإلنسان يحكم على األمور من خالل ميوله وانطباعاته الشخصية بغير علم
ً فيكون حكمه على األمور، متأثر بما يحب أن يسمعه
بعيدا كل البعد عن ًا
الصواب
حتى إنه من أكثر أسباب، التعصب من أكبر اآلفات على مدار التاريخ
والمرء قد يتعصب لمواريث فكرية آلت إليه دون اكتراث، رفض الرساالت
!! يكفى أنها تراث األوائل فكيف يتركها؟،بما فيها من صواب أو خطأ
: قال تعالى
وقال ]170 : [البقرة
: عز وجل
: ] وقال سبحانه31 :[الزخرف
وقال تعالى ]21 :[لقامن
وكيف، ف بين سبحانه وتعالى أحوال اليهود الذين عاصروا الرسالة المحمدية
ويحرفون الكلم عن مواضعه؛ تشددا في التمسك،كانوا يتعصبون لما عندهم
95
بما عندهم على أن يكون على هواهم .وبين سبحانه كيف أداهم ذلك إلى
()1
الظلم ،وإلى فساد االعتقاد.
التعصب من كان أكبر آفات العرب في الجاهلية ،وأحد أهم أسباب القتال
ولذلك امتن هللا سبحانه وتعالى عليهم بأن ألف بين قلوبهم بعد ما كان بينهم
من عصبية فقال تعالى
[ األنفال]63 :
وقد بالغ اْليهود ِفي التَّعص ِب لِِد ِين ِهم ،حتى إنهم يُقوُلون :ي ِحل ق ْتل اْلمخالِ ِ
ف ُ ُ ْ ُ ُ
()3
وي ِحل أ ْخ ُذ مالِ ِه ِبأ ِي ط ِريق كان
96
اعِتب ِار ِ ِ ِ ِ ِ
اْلعصِبيَّة تُ ْعتب ُر ِبحقيقة اْلعصِبيَّة ،وِفي اْل ُمصاهرِة ُش ْبه ُة اْلعصِبيَّة ِب ْ
اعِتب ِار اْلُبُن َّوِة وإِل ْي ِه أشار -صَّلى ِ ِ
الرضاعة ُش ْبه ُة اْلعصِبَّية ِب ْ اْلو ِاسط ِة ،وِفي َّ
الرضاع ما أ ْنبت َّ ِ ِ ِ َّ
ظم» ثُ َّم بيَّنالل ْحم وأ ْنشز اْلع ْ َّللاُ عل ْيه وسلم -في ق ْولِه « َّ ُ َّ
()1
ن ْو ًعا آخر ِم ْن اْل ُح ْرم ِة فقال ،و ِم ْن
ومعظم التعصب خاصة في هذا الزمن راجع إلى أسباب دنيوية ،والراجع
إلى أةراض دينية أقل قليال ،ومع كونه كذلك؛ فغالبه صادر عن اعتقادات
فاسدة ،وخياالت مختلفة ،كما يقع بين المتخالفين في المذاهب ،فإن
العصبية الناشئة بينهم تعمي بصائرهم عن الصواب ،فال يقيم أحدهم لآلخر
وزنا ،وال ينظر إليه إال بعين السخط ال بعين الرضا ،فيرى محاسنه مساوئ
كائنة ما كانت ،وقد تقع هذه العداوة بين أهل مذهب واحد؛ باعتبار
االختالف في كون أحدهم من المشتغلين بالدين والعلم ،واآلخر من الجهلة
97
المتهتكين ،وكثي ار ما نرى أرباب المعاصي إذا أروا أرباب الدين والعلم تضيق
()1
بهم األرض بطولها والعرض ،وال يطيقونهم بغضا
98
المبحث الثالث
99
المطلب األول
اتفق الفقهاء على أن التعصب إذا قارنه بعض األمور المذمومة ،كالدعوة
إليه ،وتأليف الناس عليه ،فإنه ترد به الشهادة ،ويعتبر مانعا من موانع
()1
الشهادة ،حتى ولو لم يشتهر بالقتال من أجل العصبية
ظهر اْلعصِبيَّة ِباْلكال ِم فدعا إل ْيها وتأَّلف عل ْيها يقول اإلمام الشافعي " م ْن أ ْ
الشهاد ِة ِألنَّ ُه أتى ُمح َّرًما ال
ود َّ ِ ِ
وإِ ْن ل ْم ي ُك ْن ُي ْش ِه ُر نْفس ُه ِبقتال فيها ف ُهو م ْرُد ُ
َّللاِ تعالى ال ي ْخ ُرُج
اس ُكل ُه ْم ِعب ُاد َّ الن ُ
اء اْلمسلِ ِمين علِم ْته ِف ِ
يه َّ ُ ُْ
اخِتالف بين علم ِ
ْ ُ ْ
طو ُع ُه ْم ل ُه وأحق ُه ْم ِم ْن أ ْه ِل طاعِت ِه أحد ِمنهم ِمن عبوِديَِّت ِه وأحقهم ِباْلمحب ِ
َّة أ ْ ُْ ٌ ْ ُ ْ ْ ُُ
ضيل ِة أ ْنف ُع ُه ْم لِجماع ِة اْل ُم ْسلِ ِمين ِم ْن إمام ع ْدل أ ْو عالِم ُم ْجت ِهد أ ْو ُم ِعين ِباْلف ِ
الطاع ِة
ام ٌة كِثيرةٌ فكِثير َّ
ُ اصِت ِه ْم وذلِك أ َّن طاعة ه ُؤال ِء طاع ٌة ع َّ امِت ِه ْم وخ َّ
لِع َّ
ف ِ الناس ِب َِّْللاُ تعالى َّ خ ْيٌر ِم ْن قلِيلِها وق ْد جمع َّ
اإل ْسال ِم ونسب ُه ْم إل ْيه ف ُهو أ ْشر ُ
()2
أ ْنساِب ِه ْم.
قال تعالى :
[البقرة]282 :
( )1حاشية ابن عابدين ، 481 /5مجمع األنهر ، 199 /2منح الجليل / 432 /8
، 433مغني المحتاج ، 358 /6اإلنصاف 70 /12
( )2األم 223 /6
100
وجه الداللة من اآلية الكريمة :أن هللا سبحانه وتعالى أمر بالكتابة واإلشهاد
()1
مما على الحق ؛ من أجل أال تدخل الريبة والشك في الشاهد وشهادته
يدل على عدم قبول الشهادة مع الريبة ،والتعصب من أكبر األمور التي
تدخل الريبة ،وتثير التهمة والشك في الشهادة
ويؤكد ذلك أن حارثة بن ُمض ِرب :لما أراد أن يخبر عبد هللا بن مسعود بما
يفعله أصحاب مسجد بني حنيفة ،وإيمانهم بمسيلمة الكذاب ،بدأ شهادته
بأن نفى عن نفسه الحقد ،والبغضاء ،والعصبية ألي أحد من العرب ؛
حتى ال يتهم في شهادته ،فقد روى ابن حبان في صحيحه عن حارثة بن
ُمض ِرب :أنه أتى عبد هللا -يعني :ابن مسعود ،-فقال :ما بيني وبين أحد
ِ
العرب إحنة ( ،)2وإِني مررت بمسجد لبني حنيفة؛ فإذا هم يؤمنون من
بمسيلمة ،فأرسل إليهم عبد هللا ،فجيء بهم فاستتابهم؛ ةير ابن النواحة قال
له :سمعت رسول هللاِ -صلى هللا عليه وسلم -يقول" :لوال أنك رسول
()3
لضربت عنقك".
ممننا ينندل علننى رد شننهادة كننل مننا فنني صنندره شننيء مننن العصننبية ،والحقنند ،
ِ
وط قبن ِ
نول ِ
والبغضنناء تجنناه المشننهود عليننه مننا ولننذلك قننال الفقهنناء أن " من ْنن ُشن ُنر ُ
101
ومنهنننا ()1
الش ننهاد ِة :أ ْن ي ْخُل ننو – الشننناهد ِ -م ننن ال ننته ِم ...والت ْهم ن ن ُة ِريبن ن ٌة ".
َّ
التعصب
102
جاء في مرقاة المفاتيح ( " :وال ِذي ِة ْمر) ِ :بك ْسر ف ُس ُكون ؛ أ ْيِ :حْقد
يه) :أ ِي اْل ُم ْسلِمِ ،ي ْعِني :ال تُْقب ُل شهادةُ عُدو على عُدو،وعداوة (على أ ِخ ِ
النس ِب ،أو أجنِبيًّا وعلى هذا ِإَّنما قال :على أ ِخ ِ
يه تْلِي ًينا اء كان أخاهُ ِفي َّ
ْ ْ سو ٌ
()1
يع ِه (وال ظِنين) :أ ْي :وال على ُمتَّهم
لِقْلِب ِه وتْقِبيحا لِصِن ِ
ً
الدليل الثاني :أخرج أبو داود وابن ماجة " ع ْن أِبي ُهرْيرة ،أَّن ُه س ِمع رُسول
وز شهادة بد ِوي على ص ِ
اح ِب ول" :ال ت ُج ُ ِ َّ َّللاِ -صَّلى َّ
ُ َّللاُ عل ْيه وسلم -يُق ُ َّ
()2
ق ْرية"
()3
وجه الداللة من الحديث :فقد منع الرسول ﷺ شهادة البدوي على القروي
وقد اختلف شراح الحديث في العلة التي من أجلها ردت شهادة البدوي على
القروي ،ومجمل هذه العلل هو وجود التهمة بين البدوي والقروي
جاء في شرح المشكاة " :الوجه أن تكون العلة ...حصول التهمة ببعد ما
()4
بين الرجلين .ويؤيده تعدية الشهادة بن علي
وإذا ردت شهادة البدوي بسبب الريبة ،فريبة التعصب أقوى وأشد ،ومن ثم
فاألولى رد شهادة المتعصب كما ردت شهادة البدوي ،وأرى وهللا أعلم أن
103
داللة العصبية في رد شهادة البدوي على القروي ةير بعيدة ،ويؤكدها :ما
جاء في مرقاة المفاتيح " وِقيل لِما ب ْين ُهما ِمن اْلعداوِة ِبسب ِب ك ْوِن ِه ِم ْن ة ْي ِر
أ ْه ِل اْلق ْري ِة" ( )1وما قاله الخطابي ":يشبه أن يكون إنما كره شهادة أهل
البدو لما فيهم من الجفاء في الدين ... ،وألنهم في الغالب ال يضبطون
()2
الشهادة على وجهها ،وال يقيمونها على حقها "
وأيضا إذا كان كل من نسب إلى إنسان آخر فسق اقتضى وقوع عداوة بينهما
()5
فكذلك التعصب الظاهر ومن ثم عدم قبول شهادة أحدهما على اآلخر
104
المشهور ؛ ألن التعصب من أكبر أسباب العداوة ويدفع اإلنسان إلى الصاق
كثير من التهم باآلخرين ،ومن ثم فهو كاف في رد الشهادة
وإذا كان مجرد اةتياب شخص بفسق أي ذكره بسوء يؤدي إلى الريبة في
شهادته ( )1فمن باب أولى التعصب الذي يدفع إلى أكثر من الغيبة
105
المطلب الثاني
إذا كان الفقهاء قد اتفقوا على أن التعصب المعلن ترد به الشهادة ،لكنهم
اختلفوا في رد الشهادة بالتعصب إذا لم يقارنه شيء من األمور المذمومة
()2 ()1
إلى أن التعصب المطلق ترد به الشهادة ،أي والمالكية فذهب الحنفية
سواء قارنه أقوال وأفعال مذمومة أم ال ،فمجرد االتهام بالتعصب كاف في
منع الشهادة
()3 جاء في البحر الرائق ُ " :كل متع ِ
صب ال تُْقب ُل شهادتُ ُه " ُ
أي التَّحلِ ِ
يل صب أ ْي اُت ِهم على التَّعص ِب إن تع َّ
ويقول الخرشي " :وال ْ
ْ ْ
...وإِذا كان الشهاد ِة اْلعصِبيَّ ُة ف " ( )4وفي حاشية العدوي ِ :م ْن مو ِان ِع َّ واْلحي ِ
ْ
()5
ودهُ ِباْل ِف ْع ِل " وط َّ ِ وجبا لِسُق ِ
ِ َّ ِ ِ
الشهادة فأ ْولى ُو ُج ُ ُمج َّرُد اتها ِم التعصب ُم ً ُ
يج هواهُ، الد ْعوِة ال ُيبالِي ِم ْن اْلكِذ ِب والتَّ ْزِو ِ
ير لِت ْرِو ِ احب اْلعصِبي ِ
َّة و َّ وِأل َّن ص ِ
ِ ِ ()6 فكان ف ِ
اسًقا فيه
106
فالتعصب قد يدفع إلى شهادة الزور ،ومن ثم رد األحناف شهادة بعض من
اف ِم ْن أ ْه ِل
عرف بالتعصب جاء في قرة عين األخيار (وال شهادة ْاأل ْشر ِ
ُ
اق لِتعصِب ِه ْم) ألنهم قوم يتعصبون ،فِإذا ناب قوم أحد ِم ْن ُهم نائبة أتى سيد اْل ِعر ِ
()1
قومه فيشفع فال ُي ْؤم ُن أ ْن ي ْشهد ل ُه ِب ُزور "
واختلف الحنابلة في ذلك فذهب بعضهم كابن مفلح إلى أن اإلفراط في
الحمية ،واالشتهار بالتعصب كاف لرد الشهادة ،حتى ولو لم يؤد التعصب
إلى العداوة والكراهية ،فمن عرف عنه التعصب ،أو اإلفراط في الحمية ال
تقبل شهادته
جاء في الفروع " :و ِم ْن مو ِان ِعها – أي الشهادة -اْلعصِبيَّ ُة فال شهادة لمن
عرف بها وباإلفراط في الحمية كتعصب قِبيلة على قِبيلة وإِ ْن ل ْم يْبُل ْغ ُرْتبة
()2
اْلعداوِة".
أما الشافعية فقد ذهبوا إلى أن التعصب المجرد ال ترد به الشهادة ؛ بل البد
أن ينضم إليه بعض األمور التي تدل على أنه تعصب مذموم ،قد يدفع إلى
107
التحامل في الشهادة ،كإظهار التعصب والدعوة إليه ،وتأليف الناس على
()1
ذلك
وقد نص النووي على ذلك فقد جاء في روضة الطالبين " :اْلعصِبيَّ ُة أ ْن
اس ،وتآُلُف ُه ْم الرُجل لِك ْوِن ِه ِم ْن بِني ُفالن ،فِإ ِن ْانض َّم ِإل ْيها ُدعاء َّ
الن ِ ُي ْب ِغض َّ
ُ
ضِ يه ،ا ْقتضى رَّد شهادِت ِه علي ِه ،ومج َّرد هذا ال يْقت ِ ْلضرِار ِب ِه واْلوِقيع ِة ِف ِ ِ
يه، ُ ُ ْ ل ِْ ْ
وليس ِمن اْلعصِبي ِ
َّة أ ْن ُي ِح َّب َّ
الرُج ُل ق ْوم ُه و ِع ْترت ُه ،فتُْقب ُل شهادتُ ُه ل ُه ْم، ْ
()2 ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
وشهادتُ ُه ْم ل ُه ،وتُْقب ُل شهادتُ ُه لصديقه وأخيه وإِ ْن كان يصُل ُه ويبرهُ".
أوًلا :أن حب الرجل لعشيرته وقومه وأهل مذهبه وأهل بلده ليس بمكروه ،ما
دام لم يحمله هذا الحب على التحامل على ةيرهم ،ألن الحب في هذه
الحالة صلة ومودة وليس عصبية ،بل هو مندوب إليه؛ لقوله -صَّلى َّ
َّللاُ
علي ِه وسلَّم « :-ال تحاسدوا ،وال تباةضوا ،وال تقاطعوا ،وكونوا ِعباد هللاِ
ُ ُ ُ ُ ُ ْ
َّللاُ عل ْي ِه وسَّلم -قال« :تهادوا تحابوا»
وروي :أن النبي -صَّلى َّ )4 (
ِإ ْخو ًانا»
( )1روضة الطالبين ، 138 /11نهاية المطلب 28 /19مغني المحتاج 358 /6
( )2روضة الطالبين 138 :11
( )3نهاية المطلب 28 /19
النهي ع ِن التَّح ِ ِ ِ ِ
ض اسد والتَّب ُ
اة ِ
ُ ( )4صحيح مسلم كتاب اْلِب ِر والصلة و ْاآلداب ،ب ُ
اب َّ ْ
والتَّد ُاب ِر حديث رقم (1983 /4 ) 2559
108
َّللاُ عل ْي ِه وسلَّم « :-المؤمنون كالبنيان ،يشد بعضهم ( .)1وقال -صَّلى َّ
اس ُم ُه وأ ْم ِر ف أم ِر َّ ِ ِ ِ ِ ()2
َّللا تبارك وتعالى ْ ،فإذا صار رُج ٌل إلى خال ْ بعضا»
َّللاُ عل ْي ِه وسَّلم ِ -بال سبب ُي ْعذ ُر ِب ِه ي ْخ ُرُج ِب ِه ِم ْن َّللاِ -صَّلى َّ ول َّ رس ِ
ُ
ِ ِ ِ ِ
اختالف ب ْين اْل ُم ْسلِمين يما على م ْعصية ال تأ ِْويل ِفيها وال ْ ِ
اْلعصبيَّة كان ُمق ً
ِ
َّ ِ ِ ِ ِ ِ
ام ُرٌؤ فيها وم ْن أقام على م ْثل هذا كان حقيًقا أ ْن ي ُكون م ْرُدود الشهادة وق َّل ْ
الرُج ِل م ْن ُهو ِم ْن ُه أ ْن ي ْح ِمل يه محبوب وم ْكروه ،فاْلم ْكروه ِفي محب ِ
َّة َّ َّإال وِف ِ
ُ ُ ُ ٌ ُْ ٌ
النس ِب واْلعصِبي ِ َّللا تعالى علي ِه ِمن اْلب ْغ ِي و َّ
الط ْع ِن ِفي َّ ِ
َّة ْ ْ على ة ْي ِره ما ح َّرم َّ ُ
ضَّللاِ ،وال على ِجناية ِم ْن اْلم ْب ِغ ِ صي ِة َّ النس ِب ال على مع ِ
ْ واْلِب ْغض ِة على َّ
ُ
ض ُه ِألَّن ُه ِم ْن بِني ُفالن فهِذِه اْلعصِبيَّ ُة ِ ِ
ض ،ولك ْن ِبق ْولِه أ ْبغ ُ على اْلم ْبغ ِ
ُ
()3 ِ َّ
اْلم ْحض ُة التي تُرد ِبها َّ
الشهادةُ"
109
الم ننذموم والمنه نني عن ننه ه ننو نصن نرة قوم ننه عل ننى ظلمه ننم ،وه ننو ال ننذي ت ننرد ب ننه
الشهادة
يقول اإلمام العمراني " العصبية المذمومة :أن يبغض الرجل قوما ألنهم من
بني فالن من ةير إساءة منهم إليه ،فإن أبغضهم بقلبه دون أن يظهر ذلك
على لسانه لم يؤثر في شهادته عليهم ؛ ألن ما في القلب ال يمكن االحتراز
منه ،فإن ظهر ذلك على لسانه ؛ بأن يؤلب عليهم ويدعو إلى عداوتهم من
ةير أن يظهر منه فيهم فحش وال شتم ،قال ابن الصباغ :فإن كان ذلك
في أمر الدين ..لم ترد شهادته بذلك ،وإن كان ذلك في أمر الدنيا ،فهو
عدو لهم ،وال تقبل شهادته عليهم خاصة ألجل العداوة وقال الشيخ أبو حامد:
إذا تكرر ذلك منه ،فسق وردت شهادته .وإن كان يشتمهم ويفحش عليهم
()1
بالقول ،فهو فاسق وال تقبل شهادته على أحد.
وأرى وهللا أعلم أن العرف هو الضابط الصحيح لمعرفة التعصب المانع من
قياسا على العداوة فكما أن العرف هو الضابط لمعرفة العداوة قبول الشهادة ً ،
الضاِب ِطالزْرك ِشيْ :األ ْشب ُه ِفي َّ
المانعة من الشهادة فكذلك التعصب " قال َّ
ف عُد ًّوا طل ِب ،فمن عَّده أهل اْلعر ِ
ُ ْ ُ ُْ ْ ف كما أشار إل ْي ِه ِفي اْلم ْ تح ِكيم اْلعر ِ
ْ ُ ُْ
ِ ()2
ود عل ْي ِه رَّد ْت شهادتُ ُه عل ْي ِه ،إ ْذ ال ضاِبط ل ُه ِفي َّ
الش ْرِع وال ِفي اللغة". لِْلم ْشه ِ
ُ ُ
وألن أثر التعصب يختلف من زمن إلى زمن ،ومن بيئة إلى أخرى ،كما
يختلف من شخص آلخر ،فهناك من الناس ما ال يخرجه التعصب عن
امتثاال لقوله تعالى
ً عدله وتقواه
110
،]8والكثير من الناس ال يتمكن من [ املائدة:
وهذه العلة متحققة في التعصب ألن التعصب يدفع صاحبه إلى التشفي من
مخالفه كما أن " ذو الحقد والشحناء متهم في تحري الصدق؛ لمحبته إنزال
()4
الضرر بمن قد حقد عليه "
فكذلك ()5 الرجل المالطف ِ
بصلة وبعطف ةير جائزة وإذا كانت شهادة َّ ُ
المتعصب
111
المطلب الثالث
أوًلا :مسألة شهادة اإلنسان لعمه في قضايا الحدود ،فقد ذهب ابن القاسم
إلى قبول شهادة اإلنسان لعمه في حق له ،بينما ذهب إلى ردها في
قضايا الحدود والفرية ،وعلته في ذلك أن هذه األمور مما يدخلها التعصب
والحمية ،ومن ثم فقد يدفع التعصب اإلنسان في هذه الحالة إلى التحامل في
الشهادة ،فألجل تلك الريبة تمنع الشهادة ،فقد " سئل ابن القاسم عن
الرجل يشهد لعمه في حق له على رجل ،وليس للعم وارث ةيره ،هل تجوز
محتاجا إلى
ً منقطعا في الشهادة ،ولم يكن
ً عدال
شهادته؟ قال :نعم؛ إذا كان ً
ما في يديه ،وليس هو ممن يمونه ،وال يحمل نفقته ،قال :وال تجوز شهادته
له في فرية ،أو حد جر إليه مما يجمعه ،وإياه عصبية أو حمية ،قال اإلمام
القاضي :وهذا كما قال :إن شهادة الرجل لعمه بالمال وإن لم يكن له وارث
سواه جائزة؛ ألن التهمة بالميراث ضعيفة ،فال يتهم فيها المبرز بالعدالة ،وأما
شهادته له في الفرية والحدود ،وما تكون فيه العصبية والحمية ،فبين أنه ال
()1
تجوز شهادته له فيه كاألخ ،وباهلل التوفيق.
112
فمع أنه قبل شهادة الشخص لعمه في المال الذي يعود إليه ،إال أنه رأى أن
دافع العصبية في الحدود أقوى جاء في حاشية العدوي [ " :ق ْوُل ُهِ :فيما تُْد ِرُك ُه
ِف ِ
يه اْلح ِمَّي ُة] أ ْي اْلعصِبَّي ُة أ ْي كأ ْن ش ِهد ِبأ َّن ُفالًنا جرح أخاهُ أ ْو قذف ُه؛ ِألنَّ ُه
َّ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
تُْد ِرُك ُه اْلحمَّي ُة وي ْ
()1
اء ع ْن ُه
صُد ُق على ذلك أن ُه دفع مع َّرًة ،فالظاه ُر اال ْست ْغن ُ
ثانيا :شهادة األخ ألخيه في باب الجروح والقذف ،فترد شهادة األخ ألخيه
ا
إذا شهد له بجرح أو قذف وما شابههما ألن هذه األمور مظنة العصبية التي
قد تدفع األخ للشهادة مع أخيه ( )2أي أن التَّهمة تلحقهم ،والظنة تُدركهم
بدخول حمية البلدية ،وقوة دواعي العصبية ؛ ألن "العصبية ال تحصل ِإ َّال
الرِحم الطبيعيةبالتحام نسب أو ما ِفي م ْعناهُ ،أما ِبالنس ِب ف ِألن من صلة َّ
ِفي اْلبشر ةالِبا نفرة ذوي اْلُق ْربى بعضهم على بعض ،حتَّى ال ينالهم ضيم
أو هلكة ،فِإذا قرب النسب وحصلت ِب ِه صلة االلتحام أستدعي ِب ُمج َّرده
الشيء كفى ِفي اْلحمل أ ْقصى مْقُدور عل ْي ِه ِفي التناصر ،ومتى بعد بعض َّ
ْ
عل ْي ِه ما ُهو م ْش ُهور ِم ْن ُه فرار من الغضاضة المتوهمة هضم من ُيشارك ِفي
النسب ِبو ْجه ،وأما ِب َّالِذي ِفي معناه فكالوالء واْلحلف ؛ ِألن األنفة الالحقة
للنفس من اهتمام جار أو قريب أو نسيب ِبو ْجه ما تحمل على النعرة على َّ
()3
أهل اْلوالء واْلحلف حتما
ورد شهادة األخ ألخيه بسبب العصبية ال يقتصر على باب الجروح بل في
كل ما يتوهم فيه العصبية فن " ال ي ْشهد له أيضا ِفيما إذا كان ي ْكت ِسب ِأل ِخ ِ
يه ُ ُ ُ ًْ
113
ِ ِ
ص ُل ل ُه ِبنكاحها شر ٌ
ف أ ْو جاهٌ ِ ِ ِ َّ
اها كشهادته ل ُه بأن ُه تزَّوج م ْن ي ْح ُ شرًفا أ ْو ج ً
()1
لِك ْوِنها ِم ْن ذ ِوي اْلق ْد ِر".
تلقيينا بالباطل ،كأن ً ولكن رد الشهادة بسبب تلقين الخصم مقيد بأن يكون
اطل ،وأ َّما تْل ِق ُين ُه ما يق ب ِال حق أ ْو ت ْح ِق ِ ين ِبها على إبط ِ ِ
ْ يلقنه ُ " :ح َّج ًة ي ْستع ُ
اطل فل ْيس ِبق ِادح ...و ِم ْن َّ
التْل ِق ِ
ين ال ب ِ
يق حق أو إبط ِ
ْ ْ ين ِب ِه على ت ْح ِق ِ ِ
ي ْستع ُ
الص ْد ِر ْاأل َّو ِل اإل ْفتاء َّإنما كان ِفي َّ اْلق ِاد ِح ما يْفعُل ُه اْلمْفتُون اْليوم؛ ِأل َّن ِْ
ْ ُ
اك ِم ِفي اْل ُح ْكمِ ،والثَّ ِاني شك ُه ِفي ُمصادفِت ِه ب ْعد ِألمري ِن ،أحدهما توقف اْلح ِ
ُ ُُ ْ ْ
اسِتْفت ِائ ِه ْم ِلي ْن ُ َّ ِ ِ ِ ِ
ظ ُروا اه ْم ي ْشرُعون في اْلخصا ِم إال ب ْعد ْ ت ْس ِجيله .وأ َّما ْاآلن فال تر ُ
احُد لِ ُكل هل اْلحق لهم أو علي ِهم ،فيتحَّيُلون على إبطالِ ِه ،وق ْد ي ْكتُب اْلمْفِتي اْلو ِ
ُ ُ ْ ُْ ْ ْ ْ ْ
()3
صلح أ ْحوالنا. ِ ِ ِ
صم ْي ِن نقيض ما ي ْكتُُب ُه ل ْآلخ ِر أ ْسأ ُل َّ ِ
َّللا تعالى أ ْن ُي ْ م ْن اْلخ ْ
114
رابع ا :مسألة :الطعن في الناس :
كما ذهب ابن فرحون إلى أن الطعن على الناس من األمور التي ترد بها
()1
؛ ألن الطعن يؤدي إلى التحامل في الشهادة ،وهذا األمر الشهادة
متحقق في المتعصب بل أساس تعصبه ؛ ألن المتعصب ينشأ ويتربى على
المحاجة ،وعلى نقد ما عند اآلخرين ،ورفض المطاعن التي يوردها
الخصوم وتوهينها ،مما يرجح رد شهادة المتعصب
وإذا كانت شهادة بائع األكفان الذي يترصد لذلك ترد ؛ ألنها تحمله على
فمن باب أولى شهادة المتعصب الذي تحمله ()2
تمنى الموت والطاعون
العصبية على تمني الضرر والتشفي من الخصوم
من األحكام الفقهية التي يؤثر فيها التعصب الجرح والتعديل ،أي جرح
الشهود وتعديلهم عند القاضي
( )1قرة عين األخيار ، 565 /7منح الجليل ، 433 /8المجموع ،134 /20الكافي
229/4
( )2المهذب ، 295 /2المجموع ،134 /20الكافي 445/4
( )3شرح منتهى اإلرادات 522 /3
( )4قرة عين األخيار 565 /7
116
اهُد اْلم ْش ُهود عل ْي ِه لِك ْوِن ِنه ِم ْنن بِنني ُفنالن إل ْنخ ،قنال ْاب ُنن م ْنرُزوق :و ْاأل ْولنىالش ِ
َّ
ناهد شن ِنهد عل ْي ِنه ِبحننق ،أ ْو قن ْذف ، أن يمِثنل لِننذلِك ِبشنهاد ِة ْاأل ِخ ِأل ِخين ِنه ِبجننرِح ش ِ
ْ ْ ُ
نض اْلع ِاقل ِنة ِب ِف ْس ِ
نق اهد ش ِهد ل ُه ،و ِم ْنن ذلِنك منا تق َّندم ِم ْنن ُشنه ِ
ود ب ْع ِ ُ
يل ش ِ أو ِبتعِد ِ
ْ ْ
ِ ()1 ِ ِ
ود اْلق ْتن ِنل ؛ فنِإ َّن اْلعصننبة ِفيننه ظنناهرةٌ ،وكننذا شننهادةُ اْلعن ُند ِو علننى عن ُند ِوه " ُشننه ِ
ُ
فك ن ننل م ن ننن ال تقب ن ننل ش ن ننهادته ل ن ننه ،ال تقب ن ننل لتزكي ن ننة الش ن نناهد ،وال ج ن ننرح ش ن نناهد
()2
خصمه"
كما ذهب بعض المالكية إلى رد تجريح من جرح عمه فقد جاء في
المختصر الفقهي " :محمد :وال يجرح من جرح عمه ،وأجاز بذلك في األخ
وابن العم ،وأرى أن ال يجوز تجريحه في أخ ،وال عم وال ابن عم ،وإن كانت
الجرحة بعداوة أو هجران؛ ألن رد شهادة الشاهد ،وصم عليه ،وهو مما تدرك
فيه الحمية ،وألن رد شهادة الشاهد لعداوة؛ فهو لتهمته أنه شهد بزور ألجل
()3
ما بينهما".
سبق أن بينت أن الفقهاء قالوا بمنع قبول شهادة المتعصب ،ومن ثم فقد
ذهبوا إلى عدم تنفيذ حكم القاضي إذا استند القاضي في حكمه على شهادة
شخص متعصب ؛ ألن التعصب يدخل الشك والريبة في الشهادة ،ومن ثم
اشيِت ِه ِبعد ِم نف ِاذ
الرملِي وص َّرح يعُقوب باشا ِفي ح ِ
ْ ُ ترد به األحكام ،قال َّ ْ
ضي أ َّن اْلعصِبيَّة اضي ِبشهاد ِة اْلعد ِو على عد ِوِه وأُقول :وِقياسه يْقت ِ اء اْلق ِ
قض ِ
ُُ ُ ُ ُ
الرُجل لِك ْوِن ِه ِم ْن
ض َّ ِ ِ ِ َّ ِ ِ
اء اْلقاضي ِبشهادته ؛ ألَّن ُه الذي ي ْبغ ُ
ِ
كذلك فال ي ْنُف ُذ قض ُ
( )1حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، 181 /4وينظر :منح الجليل 433 /8
( )2الفواكه العديدة 304 /2
( )3المختصر الفقهي 295 /9
117
اشي ِة ق ِر ًيبا م ْنُقوًال ع ْن م ِع ِ
ين بِني ُفالن أو ِمن قِبيل ِة كذا كما سيأِْتي ِفي اْلح ِ
ْ ْ
ُ
()1
اْل ُح َّكا ِم فتأ َّمْل ُه
وأرى وهللا أعلم أنه ينبغي للقاضي أن يتنحى عن نظر القضايا التي سبق
وأن أدلى فيها برأيه ،وأفصح عن اتجاهه ؛ لضمان الحياد ،وذلك بالقياس
على عدم تنفيذ حكمه إذا كان مستنداً إلى شهادة متعصب ،خاصة إذا كان
اإلدالء بالرأي لطائفة أو جماعة أو حزب ،حيث يعتبر ذلك إفصاحا عن
اعتقاده ،ويؤيد ذلك ما جاء في قرة عين األخيار " :قال عبد اْلحلِيم ِفي
اشية الدرر :وال يذهب عل ْيك أن أكثر ط ِائفة اْلُقضاة بل الموالِي ِفي عصرنا
حِ
بينهم تعصب ظاهر ألجل المناصب والرتب ،في ْنب ِغي أن ال تقبل شهادة
()2
بعضهم على بعض ما لم يتبيَّن عدالته كما ال يخفى اه.
118
المبحث الرابع
تمهيد :التعصب من أكثر األمور التي تجر البالء على األمة ،فال يقف
ضرر التعصب عند حد معين ،بل قد يصل إلى القتل واالقتتال ،وقد أشار
الرسول ﷺ إلى ذلك حينما قال « :م ْن قاتل ت ْحت راية ِع ِميَّة ي ْد ُعو عصِبَّي ًة،
()2 أو ينصر عصِبَّي ًة ،ف ِق ْتلتُه ج ِ
اهلَِّي ٌة»( )1وهو من القتال المحرم ُ ْ ُُْ
وهو المراد أيضا ( )3في قوله ﷺ «و َّالِذي نْف ِسي ِبيِدِه ليأِْتي َّن على َّ
الن ِ
اس
ِ ِ
ول على أ ِي شيء
ْ ان ال ي ْد ِري اْلقات ُل في أ ِي ش ْيء قتل ،وال ي ْد ِري اْلمْقتُ ُ
زم ٌ
()4
ُقِتل»
119
النوع األول :القتال ضد الحاكم بدافع العصبية ( قتال الحاكم عصبية )
التعصب قد يدفع بعض الناس إلى الخروج على الحاكم ،وقد ذهب بعض
الفقهاء إلى أنه إذا خرج أهل العصبية على الحاكم ،يجب على الحاكم
()1
منعهم ،ودعوتهم إلى الحق ،وإال قوتلوا قتال المحاربين
فقد سئل اإلمام مالك :عن أهل العصبية مثل ما كان في أهل الشام ،قال:
أرى لْلمام أن يتدارك ذلك ،وأ ْن ي ْد ُعو ُه ْم إلى الرُجوِع إلى ُمناصف ِة اْلح ِق
ب ْين ُه ْم وأن يزجرهم ،فإن طاعوا وإال جوهدوا فيه ،يعني أن يقاتلوا )2( .فإذا
()3
دعا اإلمام أهل العصبية إلى الحق فلم يرجعوا قوتلوا.
بل ذهبوا إلى أنه يجوز لْلمام إن لم ينتهوا أن يقاتلهم بكل ما يملك من قوة "
()4
والماء عنهم ،وإرسال الماء عليهم من رمي المجانيق ،وقطع الميرة
()5
ليغرقهم ،مثلما له في الكفار "
120
قتال أهل الذمة للحكام بدافع العصبية
أما إذا كان القتال عصبية قد وقع من أهل الذمة فينظر في سبب خروجهم
تعصبا فإنهم يعاملوا معاملة المحاربين من المسلمين ،أما
ً إن كانوا خرجوا
نقضا للعهد فيعاملوا معاملة الكفار المحاربين
إذا خرجوا ً
قال ابن المواز عن ابن القاسم في قوم من أهل الذمة :إذا قطعوا الطريق
وقاتلوا على العصبية فظفر بهم ،فليحكم فيهم بحكم المحاربين من
المسلمين ،وأما إن خرجوا نقضاً للعهد ومنعاً للجزية من ةير ظلم ظلموا به،
فإن كان اإلمام عدالً قوتلوا ويكونون فيئاً
()1
قد يحدث أن تثور العصبية بين بعض األشخاص ،أو العائالت ،أو
القبائل ،أو الطوائف ،ويتطور األمر إلى القتال ،فيقاتل كل منهم بدافع
العصبية والحمية ،وينتج عن ذلك بعض الهالك لألنفس واألموال ،وقد
اتفق الفقهاء على أنه :
أوًلا :يجب على اإلمام أن يتدخل لْلصالح بينهما بالعدل مصداًقا لقوله
تعالى
والصلح " : [ احلجرات]9 :
121
اء ِفي بِني اع اْلعداوِة واْلب ْغض ِ
ان ي ْعم ُل على إيق ِ اْلفس ِاد واْل ِفت ِن ...ألن َّ
الش ْيط ُ
يح؛ ِأل َّن ِفي ِ
اإل ْنك ِار ،وهذا صح ٌ ال الصْل ِح على ِْ آدم ِم ْثل ما يعمل ِم ْن إبط ِ
ْ ْ ُ
اس وِإقامة اْل ِفت ِن
الن ِ
ات ب ْين َّ الن ِائر ِ اب اْلمنازع ِ
ات وِإثارة َّ م ْن ِع هذا الصْل ِح ف ْتح ب ِ
ُ
()1 واْلمكايد ِ
ات " ُ
جاء في النوادر والزيادات " :قال سحنون...قال من لقينا من العلماء :معنى
ذلك إذا خرج بعضهم على بعض بغياً ورغبة عن حكم اإلسالم على
العصبية فسقاً وخلوعاً ،فليدعهم اإلمام ومن معه إلى الرجوع إلى التحاكم
وإلى التناصف عند حاكم من حكام المسلمين ،فإن فعلوا قبل منهم ،وإن أبت
()2
الطائفتان أو إحداهما قاتل اإلمام من أبى وحلت دماؤهم حتى يقهروا
القول األول :ال يضمن ال بالقصاص وال بالدية ،وقد روي هذا القول عن
إسحاق بن منصور
جاء في مسائل اإلمام أحمد " :قال إسحاق بن منصور :قلت :من قتل في
ع ِميَّة؟ قال :األمر العمي :العصبية ال يستبين ما وجهه ،قال إسحاق :
إنما معنى هذا في تحارج القوم ،وقتل بعضهم بعضاً يقول :م ْن مات فيها أو
َّللا عز وجل ،وال يكون فيها قود ،وال دية". ُقِتل ،كان ً
()3
هالكا ،إال أ ْن يرحمه َّ
122
القول الثاني :يضمن من قتل بالقصاص أو الدية وهو قول جمهور الفقهاء
()1
من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة
()2
عمدا عدو ًانا فإنه يؤاخذ به قصاصاً
فإن ثبت على أحدهم أنه قد قتل إنسانا ً
أما إن لم ُيعلم من قام بالقتل ،كأن ُقتل أثناء التحام الصفوف واالختالط ،
أو ُقتل بالرمي بالحجارة ،أو بالضرب بالعصا ،فتجب دية الخطأ
وهو المروي عن طاووس فقد جاء في جامع البيان« :م ْن ُقِتل ِفي عصِبيَّة
اط أو ضرب ِباْل ِع ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ
ص ِي ف ُهو خطأٌ ْ في رْمي ي ُكو ُن م ْن ُه ْم بحجارة أ ْو جْلد بالسي ْ
()3
ِديتُ ُه ِدي ُة اْلخطِأ ،وم ْن ُقِتل ع ْمًدا ف ُهو قوٌد يِدي ُه»
وروي ابن القاسم وابن وهب وةيرهما عن مالك...في القوم يقتتلون ،يريد من
أهل العصبية والثائرة فيفترقون عن قتيل أو جريح ،أن عقل ذلك علي الفئة
التي نازعته ونازعت أصحابه ،فتضمن كل فرقة ما أصابت من الفرقة
()4
األخرى "
ان ظالِم ْي ِنِ ،م ْث ُل أ ْن يْقتِتُلوا على يقول اإلمام الشافعي " :وإِذا كان َّ
الز ْحف ِ
ط عن و ِ ِِ نهب ،أو عصِبيَّة ،وي ْغشى بعضهم بع ِ
احد ضا في ح ِريمه ،فال ي ْسُق ُ ْ ْ ُ ُْ ْ ً ْ ْ
()5
احِب ِه عْق ٌل وال قوٌد "
ِمن اْلف ِريقي ِن ِفيما أصاب ِمن ص ِ
ْ ْ ْ
( )1البحر الرائق ، 454 /8الذخيرة ، 304 /12النوادر ،76 /14الحاوي 465 /13
،الكافي في فقه اإلمام أحمد ، 54 /4اإلنصاف 325 /10
( )2عقد الجواهر الثمينة 264 /3
( )3جامع البيان 337 /7
( )4النوادر 76 /14
( )5األم 35 /6
123
وجاء في الكافي " :وإن اقتتلت طائفتان لطلب ملك ،أو رئاسة ،أو
عصبية ،ولم تكن إحداهما في طاعة اإلمام ،فهما ظالمتان يلزم كل واحدة
اال
صوم ًة وم ً منهما ضمان ما أتلفت على األخرى" (َّ ِ )1
ألنها أ ْتلف ْت نْف ًسا م ْع ُ
()2
وما
ص ًم ْع ُ
وإنما ضمنت كل طائفة ما أتلفته لألخرى ِم ْن نْفس ومال .وإِ ْن ل ْم ُي ْعر ْف ع ْي ُن
()3
القاتل؛ ألن الطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد،
هذا إذا علم قدر ما أتلفته كل واحدة لألخرى ،أما إذا ُج ِهل ق ْد ُر ما أتلفت ُه ُكل
ِ
طائفة ِمن ْاأل ْ
()4
ُخرى تساويا
وأرى وهللا أعلم أن الفئة الباغية أوالً ،أي التي بدأت القتال والنزاع ُيغلظ
عليها الضمان
كما ذهب الفقهاء إلى أن الحكم ينطبق على من ُقتل عصبية ،وإن لم يكن
من أهل القتال ،كأن ُقتل أثناء تواجده ،أو مروره في مكان القتال ،أو كان
صال ِح فإن عرفت الطائفة التي قتلته ضمنته ،وإن جهل الطائفة ِِ
قد دخل ل ْْل ْ
القاتلة ضمنتاه معا
124
جاء في النوادر والزيادات " :وإن كان القتيل من ةير القبيل الذين نازعوهم ،
أو الجريح من ةير الفريقين ،قال ابن المواز قال ابن القاسم :وكذلك إذا لم
()1
يعرف من أي الفريقين هو".
كما ذهب الفقهاء إلى أن من جرح في قتال العصبية يضمن جرحه إما
بالقصاص أو العقل
فإن عرف من أصابه منهم اقتص ممن جرحه ،سواء علم ذلك بالبينة أو
الشهادة ،وإن لم يعرف من جرحه ضمن جرحه بالمال على الطائفة كلها
" قال مالك في كتاب ابن المواز :فإن عرف من أصابه منهم بالبينة اقتص
من جرحه ،وإن كان بشاهد واحد حلف مع شاهده واقتص من جارحه ،وإن
لم تكن بينة علي رجل بعينه فال قصاص وفيه العقل ،يريد علي جماعتهم ؛
ألن الجراح ال يقتص منها ممن كان في معركة إال بشاهدين أو شاهد
()3
ويمين.
125
العصبية والتستر على الظالمين
من األمور التي تقع كثي اًر نتيجة التعصب ،التستر على المجرمين ،حيث
تدفع العصبية بعض الناس على التستر على بعض المجرمين المطلوب
حضورهم أمام القضاء ،والتستر على المجرمين من األمور المحرمة التي
طُلوب ِبحق ،و ُهو الرُجل اْلم ْ
ف مكان َّ توجب العقوبة ،فل ْو كان رُج ًال ي ْع ِر ُ
الدالل ُة عل ْي ِه،
اإل ْعالم ِب ِه و َّ
ِ ِ ِ
الذي يمنعه ،فتنة أو حمية أو عصبية يج ُب عل ْيه ْ ُ
َّ ِ
اج ٌب؛ اب التَّعاو ِن على اْلِب ِر والتَّْقوى ،وذلِك و ِ وز ِك ْتم ُان ُه .فِإ َّن هذا ِم ْن ب ِ
وال ي ُج ُ
ُ
اإل ْعال ُم ِب ِه،
اطل ،فإنه ال يحل ِْ طلُوبا ِبب ِ
ال م ْ ً ف ما ل ْو كان َّ
النْف ُس أ ْو اْلم ُ
ِب ِخال ِ
ِ ان؛ ب ْل ي ِج ُب َّ ِألَّن ُه ِم ْن التَّعاو ِن على ِْ
اإل ْث ِم واْل ُع ْدو ِ
صر الد ْف ُع ع ْن ُه ،أل َّن ن ْ ُ
ظُلو ِم و ِ
اج ٌب اْلم ْ
س وة ْي ِِره، اإل ْعال ِم ِبمك ِان ِه جاز ْت ُعُقوبتُ ُه ِباْلح ْب ِفِإ ْن امتنع هذا اْلعالِم ِب ِه ِم ْن ِْ
ُ ْ
النياب ُة .ف ُعوِقب كما اجب علي ِه ،ال تدخلُه ِ حتَّى ي ْخِبر ِب ِهِ ،ألنَّ ُه امتنع ِم ْن حق و ِ
ُْ ُ ْ ْ ُ
وز ُعُقوبتُ ُه على ذلِكَّ ،إال إذا ُع ِرف أَّن ُه عالِ ٌم ِب ِه .وهذا مطرد فيما تقَّدم ،وال ت ُج ُ
امتنع ِم ْن وا ِجبِ ،م ْن ق ْول أ ْو ِف ْعل، ِ ِ
تتوالهُ اْل ُوالةُ واْلُقضاةُ وة ْي ُرُه ْم ،في ُكل م ْن ْ
َّ
وليس هذا بمطالبة لِ َّلرُج ِل ِبحق وجب على ة ْي ِِره ،وال ُعُقوب ًة على ِجناي ِة ة ْي ِِره،
الظالِمَِّ ،الِذيوإَِّنما يعاقب على ذ ْن ِب نْف ِس ِه ،وهو أن ي ُكون ق ْد علِم مكان َّ
ُ ْ ُ ُ
ال َّالِذي ق ْد تعَّلق ِب ِه ُحُقو ُق اء اْلح ِق ،أو يعلم مكان اْلم ِ طلب حضوره ِالسِتيف ِ
ُي ْ ُ ُ ُ ُ ُ ْ
ْ ْ ُ
اب والسنة اإلعان ِة والنصرِة اْلوا ِجب ِة عل ْي ِه ِفي اْل ِكت ِ اْلمست ِح ِقين ،فيمتِنع ِم ْن ِْ
ْ ْ ُ ُْ
واإلجماع ،إما محاباة أو حمية لذلك الظالم ،كما قد يفعل أهل العصبية
ضا لِْلم ْ ض ُه ْم ِبب ْعض ،وإِ َّما ُمعاد ًاة أ ْو ُب ْغ ً
()1
ظُلومِ. ب ْع ُ
126
الفصل الثاني
لم يترك التعصب مجاال إال ودخله ،لكن تتفاوت خطورة التعصب في هذه
المجاالت قوتا وضعفا تبعا لنوع المجال ودرجة التعصب فيه واآلثار التي
تترتب على التعصب في هذا المجال ،ومن أخطر المجاالت التي ظهر
فيها التعصب المجال الديني والرياضي ،والحزبي ،وهو ما سأتناوله في هذا
الفصل وقد قسمته ثالثة مباحث :
127
المبحث األول
مقدمة :من المجاالت التي ضربها التعصب المجال الديني ،فمع أن
المجال الديني يفترض أنه أبعد مجال عن التعصب ؛ ألنه المسئول عن
محاربته ،لكن لألسف دخله التعصب أيضا ،وخطورة وضرر التعصب في
المجال الديني أكبر من أي مجال آخر ؛ لما يترتب عليه من اعتقادات وآراء
وتطرف وةلو قد يصل إلى العناد ولوي عنق الحقائق ،جاء في التمهيد "
يح لِم ْن أُْل ِهم ُرْشدهُ ول ْم ت ِم ْل ِب ِه ِ
ص ٌل صح ٌ الصالت ْي ِن -أ ْ
و ُهو – أي اْلج ْمع ب ْين َّ
اْلعصِبَّي ُة ِإلى اْل ُمعاند ِة " ( )1وكل من كان " ل ُه مْي ٌل ِإلى ن ْزعة أ ْو م ْذهب أ ْو
ص ِرُف ُه ع ِن اْل ُمرِاد وُي ْرِة ُم ُه على تحملِ ِه ِِ
ن ْحل ًة فإنه يتأ َّو ُل اْلُق ْرآن على وْف ِق ْأريه وي ْ
ِ
ير ْأريِ ِه وي ْمن ُع ُه
آن لِتْق ِر ِ
ف ،فُي ْج ِر شهادة اْلُق ْر ِ ِ ِ
ما ال ُيساعُد عل ْيه اْلم ْعنى اْل ُمتعار ُ
آن ح َّق ف ْه ِم ِه ما قيَّد عْقل ُه ِمن التَّعص ِب ،ع ْن أ ْن ُيج ِاوزهُ فال ع ْن ف ْه ِم اْلُق ْر ِ
ِ ِ ُي ْم ِكُن ُه أ ْن ي ْخ ُ
ِق حق وبدا ل ُه م ْعًنى طر ِببالِه ة ْي ُر م ْذهِبه حتَّى ِإ ْن لمع ل ُه بار ُ
ط ُر هذا ِبب ِالك، ان التَّعص ِب ح ْمل ًة وقال ك ْيف ي ْخ ُ ِ
ُيباِي ُن م ْذهب ُه حمل عل ْيه ش ْيط ُ
()2
ف ُم ْعتقِدك؟ ِ
و ُهو خال ُ
المطلب األول :التأصيل التاريخي للتعصب المذهبي
128
المطلب األول
الناظر في التاريخ اإلسالمي يدرك وبوضوح أن التجريح الذي ُوجد بين أتباع
المذاهب الفقهية ،قد وقع بسبب تعصب بعض المنتسبين للمذاهب الفقهية
في العصور المتأخرة ،وفقهاء المذاهب األوائل ومؤسسوها أبعد ما يكون عن
التعصب
وأرى وهللا أعلم أن التعصب انتقل إلى الفقه المذهبي من الفرق اإلسالمية
التي تعصبت لآلراء السياسية والفكرية والمعتقدات األصولية ،التي نشأت
نتيجة الخالف السياسي بين علي بن أبي طالب ،ومعاوية بن أبي سفيان
رضي هللا عنهم ما بين عام ( 41 -35هن) حيث نشأت فرقتي الخوارج ،
والشيعة اللتين تعصبتا لبعض اآلراء السياسية وصبغتها بالصبغة الدينية
حتى قاتلتا في سبيلها ومن أجلها ،ثم ما لبث أن تطور التعصب الفكري
وظهرت ،فرق المعتزلة ،والجهمية وةيرهم ،حيث تصدى لهم أهل السنة
والجماعة إلى أن ضرب التعصب الشديد الفقه المذهبي في أواخر القرن
الرابع الهجري
لكن ليس معنى ذلك أن القرون األربعة األولى كانت خالية من التعصب
موجودا بين مدرسة الحديث ومدرسة أهل الرأي ، ً الفقهي ،بل كان التعصب
جدا ،حتى إن " أحدهم كان يض ُع أح ِاديث ِفي كما كان هناك تعصب شديد ً
يث لِي ْثلِب ُه ْم ِب ِه روى ع ْن ِحبَّان ْب ِن ِهالل
اب اْلحِد ِ يه ي ْن ِسب ُه ِإلى أصح ِ
ْ
ِ
التَّ ْشِب ُ ُ
َّان ثقة ع ْن ح َّم ِاد ْب ِن سلمة ،عن أِبي اْلمه ِزمِ ،عن أِبي ُهرْيرة ع ِن َّ
النِب ِي ِ
وحب ُ
ُ
َّللا خلق اْلفرس فأ ْجراها فعرق ْت ثُ َّم خلق نْفس ُه َّللاُ عليه وسَّلم قالِ :إ َّن َّ
صَّلى َّ
ِم ْنها مع أحاديث كثيرة وضعها من هذا النحو فال يجب أن ُيشتغل به ألنه
129
ليس من أهل الرواية حمله التعصب على أن وضع أحاديث يثلب أهل األثر
()1
بذلك"
لكن هذا التعصب كان بين بعض األفراد القليلين المنتمين للمذاهب الفقهية،
بعيدا عن التعصبأي لم يكن ظاهرة عامة ،فقد ظل الفقه اإلسالمي ً
المقيت إلى أواخر القرن الرابع ؛ حيث كان الناس في القرون السابقة
يستفتون من يجدون من العلماء ً
بعيدا عن انتمائهم الفقهي ،حتى من انتمى
منهم لمذهب معين من المذاهب الفقهية ،لم يضربه التعصب لمذهبه كما
حدث بعد ذلك
يقول مكي بن أبي طالب " القول بمقاالت الناس ،والفتيا بمذهب الواحد من
الناس ،وانتحاء قوله والحكاية له في كل شيء ،والتفقه على مذهبه ،
وبعد ()2
ُمحدث لم يكن الناس قديماً على ذلك في القرن األول والثاني"
الرِبعة لم ي ُك ُ
ونوا القرنين حدث فيهم شيء من التَّ ْخ ِريج ةير أن أهل المئة َّا
ْ
ُم ْجتمعين على التَّْقلِيد اْلخالص على م ْذهب واحد والتفقه ل ُه والحكاية لق ْوله
ِ ِ
ظهر من التتبع " ( )3وكانت ِتْلك ْاأل ْزِمنة م ْمُلوءة بالمجتهدين فكل صنف
كما ي ْ
صل ْي ِن اْلكتاب والسنة
ضا مستمدين من ْاأل ْعلى ما رأى ،وتعقب بعضهم ب ْع ً
اجح من أ ْقوال السلف اْل ُم ْختلفة ِبغ ْير هوى ،ولم يزل ْاألمر على الر ِ
وترجيح َّ
ثم بعد هِذه اْلُق ُرون كان ناس
استق َّر ْت اْلمذاهب اْل ُمد َّونة َّ ِ
ما وصفت إلى أن ْ
130
ُمور ِم ْنها :الجدل واْلخالف ِفي علم آخ ُرون ذهُبوا ي ِمينا وشم ً
اال وحدث فيهم أ ُ
()1
اْل ِفْقه "
[ التوبة ، ]31 :ف ُعدم
131
الملوك ودورهم في التعصب :
من أهم أسباب التعصب المذهبي في الفقه اإلسالمي الحكام ،فالوالة لهم
دور بارز في تأجيج الصراع والتعصب بين المذاهب ،حيث كان الحكام
يقدمون من ينتمون ألحزابهم ويولونهم المناصب العامة ويغدقون عليهم
العطاء ،من أجل أن ينتصروا للمذهب الذي يعتنقه الحاكم ويحاولون نشره ،
بل قد يرةم بعض الحكام الناس على اتباع مذهب معين ،ومن أوائل الحكام
الذين نشروا التعصب الخليفة العباسي المأمون (218-198ه) الذي
تعصب للشيعة والمعتزلة ،صاحب فتنة خلق القرآن حيث هدد كل من ُيخالفه
بالسجن والقتل ،فأودع اإلمام أحمد حنبل السجن سنوات بسبب عدم موافقته
()1
له في القول بخلق القرآن
132
القفال بإحضار كتبهم فوجدوا األمر كما قال القفال ،و تحول السلطان
()1
محمود إلى المذهب الشافعي .
133
المطلب الثاني
من المسائل التي أثيرت نتيجة التعصب المقيت التي ضرب المذاهب
الفقهية ،مسألة شهادة بعض متعصبي المذاهب الفقهية بعضهم على بعض
حيث ذهب بعض المالكية إلى رد شهادة الفقهاء بعضهم على بعض ،فال
مثال،
تقبل شهادة الفقيه الشافعي على المالكي ،وال الحنفي على الشافعي ً
وما إلى ذلك ،فقد رد الشيخ خليل شهادة العالم على مثله ( )1وهذا ذكرهُ ْاب ُن
()3
رْشد وعزاه ِال ْب ِن اْلم ِ
اج ُشو ِن ( )2كما حكاه ابن رشد عن ابن القاسم ُ ُ
وهو ما ذهب إليه شيخ زاده من الحنفية فقد جاء في مجمع األنهر ":وِفي
صب ال تُْقب ُل شهادتُ ُه ْانتهى .في ْنب ِغي أ ْن ال تُْقبل ِفياْلبح ِر فعلى هذا ُكل متع ِ
ُ ْ
()4
صُبون". ض ِهم على بعض؛ ِألَّنهم متع ِ ِ ِ ِ
ُْ ُ ْ زماننا شهادةُ اْل ُعلماء ب ْع ْ
وقد استدل بعض المالكية على ذلك بما رواه ابن عبد البر عن " ُمق ِات ُل ْب ُن
اء اْل ُخراس ِاني ،ع ْن س ِع ِيد ْب ِن اْل ُمسِي ِب ،ع ِن ْاب ِن عبَّاس قال: حيَّان ،وعط ٌ
اء بع ِ
ض ِه ْم ِفي ب ْعض؛ فِإَّن ُه ْم ِ ِ
« ُخ ُذوا اْلعْلم ح ْي ُث وج ْدتُ ْم وال تْقبلُوا ق ْول اْلُفقه ْ
ِ ()5 يتغايرون تغاير ِ
وس ِفي َّ
الزِريبة» التُي ِ ُ ُ
134
اء واْلُق َّرِاء ِفي ُك ِلوما روي عن مالِك بن ِدينار أنه قال « :يؤخ ُذ ِبقو ِل اْلعلم ِ
ُ ْ ُْ ْ
وس ،تُْنص ُب ل ُه ُم ض ِهم ِفي بعض؛ فلهم أشد تحاسدا ِمن ِ
التُي ِ ِ ِ َّ
ًُ ُْ ْ ش ْيء إال ق ْول ب ْع ْ
اهنا» وقال س ِع ٌيد ِفي حِد ِيث ِه: ِ ِ ِ
الض ِار ُب فين ُيبها هذا م ْن ه ُ
اهنا وهذا م ْن ه ُ الشاةُ ََّّ
وس بع ِ ِ ِ ِِ
اسًدا من التُي ِ ْ
«فإني وج ْدتُ ُه ْم أشَّد تح ُ
()1
ضها على ب ْعض»
وج نناء ف نني الت نناج واإلكلي ننل م ننن ال ننذين ال تقب ننل ش ننهادتهم ( " :وال ع ننالِم عل ننى
نارِئ ي ْعِنني اْل ُعلمناء ِ
نارِئ علنى اْلق ِ ِم ْثلِه) ...وقال ْاب ُنن و ْهنب :ال ت ُج ُ
نوز شنهادةُ اْلق ِ
()2
اسًدا " َّ ِ ِ َّ
ألن ُه ْم أشد الناس تح ُ
" وكان سفيان الثوري يري هذا ويقول :ال تجوز شهادة عالم على عالم
()3
للبغي والمنافسة ومن طريق المحاسدة "
تُْقب ُل شهادةُ اْلُق َّرِاء ِفي ُك ِل شيء َّإال الش ْعب ِان ِي
وجاء في منح الجليل " :ع ْن َّ
ْ
ود ظالِ ٌم ال تُْقب ُل ك َّ ِ
الضرائ ِر واْلح ُس ُ اسِد ِه ْم ِ
شهادة ب ْعضه ْم على ب ْعض لتح ُ
ِ ِ
()4
شهادتُ ُه على م ْن ي ْح ُسُدهُ " ن
وقد رد بعض فقهاء المذهب المالكي على ما ذهب إليه الشيخ خليل من رد
شهادة الفقهاء بعضهم على بعض ،وذهبوا إلى قبول شهادة بعضهم على
ف هذا وشهادةُ ذ ِوي اْلقب ِ
ول بعض فقال " ابن عرفة :اْلعمل اْليوم على ِخال ِ
ُ ُ ْ ُْ
ير ما ي ُكو ُن هذا التَّغ ُاي ُر ِفي ظ ْر كِث ًا ِم ْن ُه ْم مْقُبول ٌة ب ْين ُه ْم كغ ْي ِرِه ْمْ .انتهى .و ْان ُ
ات َّالِتي ال ُي ْم ِك ُن أ ْن ي ْنق ِطع ِفيها ِاال ْجِته ُاد أبًدا،
يق اْلمناظر ِ ِ ِ ِِ ِ
خالفه ْم في ت ْحق ِ ُ
( )1جامع بيان العلم وفضله البن عبد البر ،باب ح ْك ِم قو ِل اْلعلم ِاء بع ِ
ض ِه ْم ِفي ب ْعض ، ْ ُ ُ ْ ُ
أثر رقم (1091 /2 )2126
( )2التاج واإلكليل ، 197 /8وينظر البيان والتحصيل 432 /9
( )3المعيار المعرب 219 /1
( )4منح الجليل 430 /8
135
ض مع قُبوِل ِه ْم حِديث اختلف ْت ْاألِئ َّمةُ ْاأل ْربع ُة ِفي اْلب ْي ِع قْبل اْلق ْب ِ ظ ْر ك ْيف ْ
ف ْان ُ
َّللاُ ِب ِه ْم...فِبهذا ي ِج ُب
اء نفعنا َّ «من ابتاع طعاما» ( )1و ِم ْثل هذا يقع لِ ْألولِي ِ
ُ ْ ُ ً ْ ْ
ض ِأل ْج ِل ة ْيرِت ِه ْم على ض ِفي اْلب ْع ِ يع وال نسم ُع كالم اْلب ْع ِ
ْ الظ ِن ِباْلج ِم ِ
تح ِسين َّ
ْ ُ
()2 ِ ِ
اسده ْم. ِ ِ
الدين ال تح ُ
إن شهادة ض أ ْه ِل الشورىَّ :
وجاء في مواهب الجليل قال ْاب ُن عرفة :قال ب ْع ُ
يع اْلمسلِ ِمين ُي ِر ُيد أصحاب أِبي حِنيفة و َّ
الش ِاف ِع ِي ِ ِ ِ ِ
ْ أ ْهل اْلم ْذهب جائزةٌ على جم ِ ُ ْ
()3
إجماعٌ. اء َّوةي ِرِهما وقال ِفي ِاالسِت ْغن ِ
إن هذا ْ ْ ْ
طالش ْعب ِان ِي وع ِقب عليه بقوله " :هذا اْلكال ُم س ِاق ٌ كما رد ابن عرفة كالم َّ
صف الظْل ِم ،وم ْن ثبت ل ُه ذِلك ال ِ ِ ِ ِ ِ
ضا؛ ألَّن ُه أ ْثبت ل ُه ْم و ْ ل ُمناقضة ب ْعضه ب ْع ً
ض لِق ْولِ ِه أ َّوًال تُْقب ُل ِ ِ ِ
وز شهادتُ ُه على أحد وال ِروايتُ ُه ؛ ألنَّ ُه فاس ٌق و ُهو ُمناق ٌ ت ُج ُ
طال ِق ل ْم يُق ْل ِب ِه أحٌد ،ثُ َّم هذا شهادتُهم ِفي ُك ِل شيء ،ورد شهادِت ِهم على ِْ
اإل ْ ْ ُْ
ْ
وم ِ ِِ ِِ ِ ِ ِِ
إن أُريد به م ْن ثبت ذلك ب ْين ُه ْم فغ ْي ُر ُم ْختص به ْم ،وإِ ْن أُريد به اْل ُع ُم ُ اْلكال ُم ْ
النقل ِة ،صُد ُر ِم ْن عالِم ولعَّل ُه و ْه ٌم ِم ْن َّ ظن ُه ي ْ
الش ْرِع ،وما أ ُ ض ِألِدَّل ِة َّ ف ُمع ِار ٌ
ِ ِ ِ ِ ِ
إن كان م ْن ُه ْم فق ْد دخل في ذلك فق ْوُل ُه ة ْيرهُ وبِماذا ُيخ ِرُج نْفس ُه م ْن ُه ْم؛ ألَّن ُه ْ
ِ ()4
ول أ ْو ِم ْن ة ْي ِرِه ْم فال ِع ْبرة ِبق ْولِه.
مْقُب ٌ
136
تحرير موطن رد شهادة الفقيه
والحقيقننة أن القننول بننرد شننهادة الفقيننه علننى مثلننه ،علننى إطالقننه وعمومننه كمننا
يننوهم النننص ،لننيس صننحيحا ،بننل هننو خنناص بننبعض الفقهنناء الننذين ض نربهم
التعصب وتحكم فيهم الهوى ،وظهر ذلك في أقوالهم وتصرفاتهم ،وأحكنامهم
-وهن ننم قلن ننة -فتن ننرد شن ننهادتهم بسن ننبب التعصن ننب ،أمن ننا من ننن لن ننم ين ننتحكم فين ننه
التعصب ،وهم األكثر فشهادتهم مقبولة صنحيحة ،ولنيس معننى وجنود بعنض
االختالفات والتغاير في وجهنات النظنر أن هنناك تعصنب وعنداوة تندفعهم إلنى
التحامل على ةيرهم من الفقهاء
ومن ثم أرى وهللا أعلم أنه إذا كان التعصب بين المنتمين إلى المذهب
الفقهية والطوائف الدينية والمناهج اإلسالمية ظاهر وواضح فترد شهادتهم
فيما بينهم ،فاألمر مرتبط بدرجة التعصب وهو ما وضحه الخرشي فقال
َّ ِ ِ ِ ِِ ِ
ض اسُد والتَّب ُ
اة ُ َّ
وال عالم على م ْثله ،ي ْعني أ َّن اْل ُعلماء الذين ثبت ب ْين ُه ْم التح ُ
فاحِب ِه فِإَّنها ال تُْقبل ،وال يحمل كالم اْلمؤلِ ِ واْلعداوة إذا ش ِهد أحدهم على ص ِ
ُ ُ ُْ ُ ُ ُ ُْ ُ
ِ
ض ِل مْقُبولةٌ َّإال على هذا ،وأ َّما إذا ل ْم ي ْثُب ْت ما ُذكر ب ْين ُه ْم ،فِإ َّن شهادة ذ ِوي اْلف ْ
ض ِهم ،وال م ِانع ِمن ذلِك ...وال يعتبر من شنَّع علي ِهم ر ِ ِ
َّللاُ
ضي َّ ْ ْ ُْ ُ ْ ْ على ب ْع ْ
()1
ع ْن ُه ْم.
وقد أكد الدسوقي األمر وربطه بدرجة التعصب حتى إن بعض المالكية
كالشيخ ميَّارة قال إذا ثبت تعصبهم ترد شهادتهم على الجميع ،فقد جاء في
اسُد أ ْو اْلعداوةُ ب ْين ُه ْم َّ
ْاب ُن عرفة على م ْن ثبت التح ُ حاشية الدسوقي :وحمل ُه
يه َّ
الش ْي ُخ ميَّارةُ ِبأ َّن م ْن الش ِارح تبعا لعبق وبحث ِف ِ
َّ ظ َّن ذلِك كما ق َّررهُ ِب ِه
أ ْو ُ
ُ ً
137
وصيَّة ل ُه ْم طلًقا حتَّى ِفي ةي ِرِهم فال خص ِ ثبت ب ْين ُه ْم ذلِك ت ْب ُ
ط ُل شهادتُ ُه ْم ُم ْ
ُ ُ ْ ْ
ص عل ْي ِه ْم وأجاب ش ِارُحنا ع ْن ب ْح ِث ميَّارة ِبق ْولِ ِه وكأ َّن اْل ُمصِنف ِبذلِك حتَّى ُين َّ
ول شهادِت ِه ْم ُم ْ
طلًقا فأفاد أَّن ُه ْم كغ ْي ِرِه ْم ص على ذلِك د ْفعا لِما يتوهَّم ِم ْن قب ِ
()1
ُ ُ ُ ً ن َّ
ويؤيد ذلك :ما جاء في قرة عين األخيار " :قال عبد اْلحلِيم ِفي ح ِ
اشية
الدرر :وال يذهب عل ْيك أن أكثر ط ِائفة اْلُقضاة بل الموالِي ِفي عصرنا بينهم
تعصب ظاهر ألجل المناصب والرتب ،في ْنب ِغي أن ال تقبل شهادة بعضهم
()2
على بعض ما لم يتبيَّن عدالته كما ال يخفى اه.
وقد بين ابن عبد البر األمر فقال بعد أن روى األخبار السابقة عن ابن
اس وضَّلت ِف ِ
يه يه كِث ٌير ِمن َّ
الن ِ عباس ومالك بن دينار وةيرهما " :قد ةلط ِف ِ
ْ ْ
الص ِحيح ِفي هذا اْلب ِ ِ ِ ِ
اب أ َّن من ناِبت ٌة جاهلةٌ ال ت ْد ِري ما عل ْيها في ذلك ،و َّ ُ
ص َّح ْت عدالتُ ُه وثبت ْت ِفي اْل ِعْل ِم ِإمامتُ ُه وبان ْت ِثقتُ ُه وبِاْل ِعْل ِم ِعنايتُ ُه ل ْم ُيْلتف ْت
صح ِبها ج ْرحتُ ُه يه ِإلى قو ِل أحد ِ ،إ َّال أن يأِْتي ِفي جرحِت ِه ِببِينة ع ِادلة ي ِ ِف ِ
ْ ْ ْ
وج ُبات ،واْلعم ِل ِفيها ِمن اْلمشاهد ِة واْلمعاين ِة ِلذِلك ِبما ي ِ الشهاد ِيق َّ
على ط ِر ِ
ُ ُ ُ
صِديق ُه ِفيما قال ُه لِبراءِت ِه ِمن اْل ِغ ِل واْلحسِد واْلعداوِة واْل ُمنافس ِة وسالمِت ِه ِم ْن تْ
يل على النظ ِر.... ،و َّ ِ
الدل ُ وج ُب قُبول ق ْولِ ِه ِم ْن ِجه ِة اْل ِفْق ِه و َّ
ذلك ُكلِ ِه ،فذلك ُكل ُه ي ِ
ُ
138
ير اْلمسلِ ِمين ِإماما ِفي ِ
الد ِ ِ أَّنه ال يْقبل ِفيم ِن اتَّخذه جمه ِ
ين ق ْو ُل ً ور م ْن جماه ِ ُ ْ ُ ُُْ ٌ ُ ُ ُ
ض ِه ْم ِفي َّللاِ ع ْنهم قد سبق ِمن بع ِ ضي َّ السلف ر ِ اعِنينِ :إ َّن َّ الط ِ
أحد ِمن َّ
ْ ْ ُْ ْ
ال اْلغض ِب و ِم ْن ُه ما ُح ِمل عل ْي ِه اْلحسُد ،كما قال بعض كالم كِثيرِ ،م ْنه ِفي ح ِ
ُ ٌ ٌ ْ
ِ
يل م َّما ال يْلزُم ِ ِ
اب ُن عبَّاس ،ومالِ ُك ب ُن دينار ،وأبو ح ِازم ،و ِم ْنه على ِجهة التَّأ ِْو ِ
ُ ُ ْ ْ
اب ِمن قو ِل ْاألِئ َّمةِ ورُد في هذا اْلب ِِ ِ ِ ِ ِ
ول فيه ما قال ُه اْلقائ ُل فيه ...ون ْح ُن ُن ِ ِ
ْ ْ اْلمُق ُ
يه ْم ِإل ْي ِه وال
ضهم ِفي ب ْعض ِم َّما ال ي ِجب أ ْن ُيْلتفت ِف ِ
ُ
ات َّ ِ
الس َّادة ،ب ْع ُ ُ ْ
اْل ِجَّل ِة ِ
الثق ِ
ص َّحة ما ذكرنا ،وبِ َّ ِ ضح ِ ِ ِ
اهلل التَّْوِف ُ
()1
يق ". ْ ُي ْعرُج عل ْيه ،وما ُيو ُ
حكم شهادة من انتقل بين المذاهب
من المسائل المتعلقة بالتعصب المذهبي قضية االنتقال بين المذاهب الفقهية،
حيث ذهب بعض علماء الحنفية إلى رد شهادة من ينتقل من مذهب اإلمام
أبي حنيفة إلى مذهب اإلمام الشافعي ،فقد جاء في الدر المختار " وال -
شهادةُ -م ْن ْانتقل ِم ْن م ْذه ِب أِبي حِنيفة إلى م ْذه ِب َّ
الش ِاف ِع ِي ر ِ
َّللاُ
ضي َّ
()2
تعالى ع ْن ُه "
لكن قيد ابن عابدين ذلك بمن ينتقل استخفافا ،أو لتحصيل ةرض دنيوي ،
أو لقلة مباالته جاء في حاشية ابن عابدين ( " :ق ْوُل ُه ِم ْن م ْذه ِب أِبي حِنيفة)
ام ِي أ ْن يتح َّول ِم ْن اهي ِة :ليس لِْلع ِ اب اْلكر ِأي اسِت ْخفاًفا .قال ِفي اْلُق ْني ِة ِم ْن ِكت ِ
ْ ْ ْ
الشافعي ،وِقيل ِلم ْن ْانتقل إلى ِ ِ ِ ِ ِ
م ْذهب إلى م ْذهب ،ويست ِوي فيه اْلحنفي و َّ
ْ
ِ ِ ِ ِ
ان ِإلهانته للد ِ
ين ِ اإليم ِ اف أ ْن يموت مسلُوب ِْ م ْذه ِب َّ ِ ِ ِ
ْ ُ الشافع ِي لُيزَّوج ل ُه أخ ُ
اب ِم ْن اْل ِمن ِح :وإِ ْن ْانتقل إل ْي ِه لِ ِقَّل ِة ُمباالِت ِه ِفي آخ ِر هذا اْلب ِ لِ ِجيفة قِذرة .وِفي ِ
( )1جامع بيان العلم وفضله البن عبد البر ،باب ح ْك ِم قو ِل اْلعلم ِاء بع ِ
ض ِه ْم ِفي ب ْعض ، ْ ُ ُ ْ ُ
أثر رقم (1093 /2 )2128
( )2الدر المختار 481 /5
139
يل ِ َِّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
اال ْعتقاد واْلجراءة على اال ْنتقال م ْن م ْذهب إلى م ْذهب كما يتف ُق ل ُه ويم ُ
ِ ِ ِ ِِ
ص ُل ل ُه فإَّن ُه ال تُْقب ُل شهادتُ ُه اهن .ف ُعلم بم ْج ُموِع ما ذك ْرناهُ ط ْب ُع ُه إل ْيه لغرض ي ْح ُ
ال اْلحن ِف ِي وأنَّ ُه إذا ل ْم ي ُك ْن لِغرض ص ِحيح ،فا ْفه ْم وال أ َّن ذلِك ةير خاص ِب ْانِتق ِ
ُْ
()1 ِ ِ ِ
ت ُك ْن ِم ْن اْل ُمتعصِبين فت ْح ُرم برك ُة ْاألئ َّمة اْل ُم ْجت ِهدين
ِ
140
المبحث الثاني
تمهيد
من أكثر المجاالت التي ضربها التعصب المجال الرياضي ،وخاصة كرة
القدم ،فالتعصب الرياضي من أكبر أسباب العداوة والبغضاء والكراهية في
المجتمع ،بل إن فتنة التعصب الكروي أصبحت أكبر من أي فتنة أخرى
كفتنة التعصب للقبيلة والجنس
ومما يزيد من خطورة التعصب الرياضي أنه لم يعد قاص اًر على الشباب
والنشأ ،بل ضرب جميع الفئات العمرية والقطاعات االجتماعية ،حتى
طاشت األعصاب وفقدت العقول السيطرة على الجوارح ،وقد تطور األمر
أصال عند كثير من
ً أكثر وأكثر حتى أصبح االنتماء إلى الفرق الرياضية
أفراد األمم
والعكس صحيح أيضاً ،إذا خسر فريقه انتابته حالة من الحزن ،والضيق ،
والعصبية ،واالستثارة ؛ لدرجة أنه قد يصاب ببعض األمور الطبية كارتفاع
في ضغط الدم ،ومرض السكري ،وأمراض القلب ،والسكتات القلبية وما
إلى ذلك ،وقد نشرت بعض الصحف وفاة بعض المشجعين نتيجة خسارة
141
()1
ومن ثم رأيت أنه من الضروري الوقوف أمام هذه الظاهرة ،وبيان فريقه
حكم التعصب في المجال الرياضي ،وقد قسمت هذا المبحث إلى ثالثة
مطالب :
142
المطلب األول
اإلسالم دين الوسطية يجمع بين العمل والترفيه والترويح عن النفس ،
()1
ومن ثم أباح اإلسالم وصدق رسول هللا ﷺ " يا ح ْنظل ُة ساع ًة وساع ًة "
المنافسات ،والمسابقات التي تروح عن النفس ،وتذهب الملل وتقوي البدن ،
()2
وقد ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة واإلجماع
أوًلا :من الكتاب قال تعالى " :
()3
وجه الداللة من اآلية الكريمة :أخبر سبحانه وتعالى عن أخوة يوسف أنهم
()4
ذهبوا للمسابقة ،على األقدام أو على الخيل أو الرمي أو الصيد
فاالستباق له أشكال وهيئات متعددة مما يدل على مشروعية المسابقة من
حيث األصل ،وهذا وإن كان شرع من قبلنا ،لكن شرع من قبلنا شرع لنا
143
واألصل في السباق الجري على األقدام لمعرفة ()1
مالم يرد في شرعنا إنكاره
()2
السابق من الالحق ،والسباق مندوب إليه شرعا
الدليل األول :روى اإلمام أحمد وأبو داود " ع ْن ع ِائشة رضي هللا عنها
ض أسف ِِ
اره وأنا ج ِاري ٌة ل ْم النِب ِي صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسلَّم ِفي ب ْع ِ
قال ْت :خر ْج ُت مع َّ
ْ
اس " :تقَّد ُموا " فتقَّد ُموا ،ثُ َّم قال لِي " :تعالي أح ِم ِل َّ
الل ْحم ولم أ ْبُد ْن ،فقال لِ َّلن ِ
ْ ْ ْ
الل ْحم وبُد ْن ُت حتَّى أُساِبق ِك " فسابْقتُه فسبْقتُه ،فسكت عِني ،حتَّى ِإذا حمْلت َّ
ُ ُ ُ
اره ،فقال لِ َّلن ِ
اس " :تقَّد ُموا " فتقَّد ُموا ،ثُ َّم ض أسف ِِ يت ،خر ْج ُت مع ُه ِفي ب ْع ِ ِ
ْ ونس ُ
ِ ِ
ول" : ضح ُك ،و ُهو يُق ُ قال " :تعال ْي حتَّى أُساِبقك " فسابْقتُ ُه ،فسبقني ،فجعل ي ْ
()3
هِذِه ِبِتْلك
أن رسول هللا ﷺ قد سابق السيدة عائشة رضوان هللا عليها في الجري والعدو
فسبقته ،ثم سابقها ﷺ مرة ثانية فسبقها ،فقال لها :هذه بتلك ،أ ْي تقد ِمي
الن ْوب ِة ْاألُولى ( )4مما يدل على
الن ْوب ِة ِفي مقابل ِة تقد ِم ِك ِفي َّ
ُ
عل ْي ِك ِفي هِذِه َّ
مشروعية المسابقات الرياضية على األقدام
- 1العدة في أصول الفقه ، 763 /3الواضح في أصول الفقه بن عقيل البغدادي /1
،271أصول الفقه البن مفلح ، 1437/4البيان لْلمام العمراني 418 /7
- 2التيسير في أحاديث التفسير محمد المكي الناصري 168 /3
( )3مسند اإلمام أحمد حديث رقم ( ،313 /43 )26277مسند الصديقة عائشة رضي
السبق على ِ
الر ْجل حديث رقم هللا عنها ،سنن أبي داود كتاب الجهاد باب في َّ
( )2578حديث صحيح
( )4مرقاة المفاتيح 2124 /5
144
قال القاضي أبو بكر ابن العربي " :المسابقة شرعة في الشريعة ،وخصلة
بديعة ،وعون على الحرب ،وقد فعلها النبي صلى هللا عليه وسلم بنفسه
وبخيله 000 ،وفي ذلك من الفوائد رياضة النفس والدواب وتدريب األعضاء
()1
على التصرف"
َّللاِ صلَّى
َّللاِ ْب ِن ُعمر« ،أ َّن رُسول َّ
الدليل الثاني :روى البخاري ع ْن ع ْبِد َّ
اء ،وأمُدها ثِنيَّةُهللا علي ِه وسَّلم سابق بين الخي ِل َّالِتي أُض ِمرت ِمن الح ْفي ِ
ْ ْ ْ ْ ُ ْ
ِ ِ ِ ِ ِ
ضم ْر من الثَّنيَّة ِإلى م ْس ِجد بني ُزرْيق»، ِ َّ
اع ،وسابق ب ْين الخْي ِل التي ل ْم تُ ْ الود ِ
()2
َّللاِ ْبن ُعمر كان ِفيم ْن سابق ِبها وأ َّن ع ْبد َّ
145
ضو كثُر ْت ِرياضتُ ُه
ض ِم وأي ُع ْ الرياض ِة بعد ْان ِحد ِار اْل ِغذ ِاء ،وكم ِ
ال اْله ْ ووْق ُت ِ
ْ
ِ ()1
ق ِوي ،و ُخصوصا على ن ْوِع ِتْلك ِ
الرياضة ُ ً
146
المطلب الثاني
الميل القلبي وتشجيع فريق معين ،كفريق بلده التي ينتمي إليها ،أو طائفته
التي ينتسب إليها أمر مباح شرعا ؛ ألن الميل والحب للوطن ،أو
لألشخاص ،أو الكيانات أمر فطري طبيعي ،فكل منا يحب وطنه وعائلته
ومكان عمله ،وكذلك فريق معين ،بل والعب محدد ،وقد أشار الرسول ﷺ
َّللاِ صلَّى
ول َّإلى ذلك فقد روى اإلمام الترمذي ع ْن ْاب ِن عبَّاس ،قال :قال رُس ُ
َّك ِإل َّي ،ول ْوال أ َّن ق ْو ِمي ْ َّللاُ عل ْي ِه وسَّلم لِم َّكة« :ما أ ْ
طيب ِك ِمن بلد ،وأحب ِ َّ
أ ْخرُجوِني ِم ْن ِك ما سك ْن ُت ة ْيرك
ِ ()1
ويؤكد ذلك سبب نزول قوله
[ القصص]85 :
َّ
الط ِريق حيث قيل :أن النبي ﷺ نزل ِباْل ُج ْحف ِة ب ْين م َّكة واْلمِدين ِة ،وعرف
الم-
الس ُ يل -عل ْي ِه َّ ِ ِ ِإلى م َّكة ف ْ
اشتاق إل ْيها ،وذكر م ْولِدهُ ومولد أبيه فأتاه ج ْب ِر ُ
َّللا عل ْيه وسلَّم -نع ْم.
النِبي -صَّلى َّ اق ِإلى بلِدك وم ْولِِدك؟ فقال َّفقال :أت ْشت ُ
يلِ :إ َّن َّ
َّللا ع َّز وج َّل يقول« :إن الذي فرض عليك القرآن» ِ
فقال ج ْب ِر ُ
()2
فما دام األمر لم يتجاوز الحب والميل إلى التعصب والهوى فهو أمر مقبول
ام أرة ِم ْن ِفل ْس ِطين
،ويدل على ذلك ما رواه اإلمام أحمد في مسنده ع ِن ْ
ض ِل م َّكة حديث رقم (723 /5 )3926 ( )1أخرجه الترمذي كتاب الفضائل ب ِ
اب في ف ْ
ٌ
،حديث صحيح
( )2تفسير مقاتل ، 359 /3شرح المشكاة ،2047 /6وينظر صحيح البخاري كتاب
اب {ِإ َّن َّال ِذي فرض عل ْيك ُ
الق ْرآن} [القصص ]85 :اآلية113 /6 )4773 التفسير ب ُ
147
ِ َّ ِ ِ ِ
ول :سأْل ُت رُسول هللا صلى هللاُ ال لها :فسيل ُة ،أَّنها قال ْت :سم ْع ُت أبي ،يُق ُ ُيق ُ
علي ِه وسَّلم ،فُقْلت :يا رسول هللاِ أ ِمن اْلعصِبي ِ
َّة أ ْن ُي ِح َّب َّ
الرُج ُل ق ْوم ُه؟ قال" : ُ ُ ْ
أي أن حبك ()1
الرُج ُل ق ْوم ُه على الظْل ِم
صر َّ ِِ ِ ِ
ال ،ولك ْن من اْلعصبيَّة أ ْن ي ْن ُ
لقومك ليس عصبية ممنوعة ،وإنما العصبية الممنوعة أن يعين الرجل قومه
()2
على الظلم
أما إذا لم يقف األمر عند الحب والميل للفريق ،ووصل إلى التعصب فهو
محرم ؛ ألن التعصب يدفع الجمهور إلى قبول ما قالت ُه ط ِائفتُ ُه ْم وف ِريُق ُه ْم ك ِائًنا
وه ْم وة ْي ُر ط ِائفِت ِه ْم ك ِائًنا ما كان؛ وهِذِه م ْن كان ،وي ُردون ما قال ُه ُمن ِازُع ُ
احب هِذِه إن ص ِ َّللاِ َّ اهلِي ِ
َّة ،ولع ْم ُر َّ َّة أه ِل اْلج ِِ ِ ِ
ط ِريق ُة أ ْه ِل اْلعصِبيَّة وحمي ْ
ال ال ضمو ٌن له َّ َّ ِ ِ
إن أصاب ،وهذا ح ٌ إن أ ْخطأ ،وة ْي ُر م ْمُدوح ْ الذم ْ ُ الطريقة لم ْ ُ
ِ ِ ِ ()3
ي ْرضى ِبها م ْن نصح نْفس ُه و ُهِدي ل ُرْشده.
فالتعصب للفرق الرياضية من األمور المحرمة التي نهى عنها اإلسالم ،
حيث أمر الرسول ﷺ بالروح والرياضية ونهى عن التعصب ،وقد تواترت
األدلة على حرمة التعصب في المسابقات الرياضية من ذلك :
:الدليل األول :ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس رضي هللا عنه قال:
ضباء ،وكانت ال
كان للنبي -صلى هللا عليه وسلم -ناق ٌة تُسمى :الع ْ
148
()1
،فسبقها، أعرابي على ق ُعود تُ ْسب ُق -قال ُحم ْيٌد :أو ال تكاد تُسب ُق ،-فجاء ْ
العضباء!] ،فقال:
ُ فشق ذلك على المسلمين ،حتى عرف ُه [ ،وقالواُ :سِبق ِت
أن ال ي ْرفع ِ
شيء (وفي رواية :إن حقاً على هللا ْ ٌ أن ال ي ْرتفع
"حق على هللا ْ
()2
شيئاً) من الدنيا إال وضع ُه".
وجننه الداللننة مننن الحننديث :أن الصننحابة رض نوان هللا علننيهم شننق علننيهم أن
تهن ننزم ناقن ننة رسن ننول ﷺ ،وحزن ن نوا وةضن ننبوا لن ننذلك ؛ حتن ننى رأى النبن نني ﷺ فن نني
وجن ننوههم التعصن ننب لناقتن ننه ،فن ننأمرهم بن ننالتحلي بن ننالروح الرياضن ننية والبعن نند عن ننن
التعصننب وقبننول الهزيمننة ،حيننث أخبننرهم بننأن الفننوز والهزيمننة فنني السننباق مننن
جنننس مننا جننرت بننه األقضننية اإللهيننة ؛ ألن هللا سننبحانه وتعننالى مننا رفننع شننيئا
مما خلقه من منال أوجناه أو ةيرهمنا منن زهنرات الحيناة إال ووضنعه " ،وعنرف
رُسن ننول هللا ،صن ننلى هللا عل ْين ن ِنه وسن ننلم كونن ننه شن نناقاً علن ن ْني ِهم ،وُيقن ننال :عن ننرف أثن ننر
َّ ()3
اْلمشقة"
وقد قال النبي ﷺ ذلك "إذهاباً للغضب من نفوسنهم :إن هنذا السنبق لهنذه منن
جنننس مننا جننرت بننه األقضننية اإللهيننة مننن ضننعة المرتفننع مننن النندنيا ...وفيننه
هوان الدنيا على هللا ،والتنبيه على ترك المباهاة والمفاخرة ،وفيه الحث على
( )1القعود من اإلبل :هو البكر من اإلبل حين ُيم َّكن ظهره من الركوب وأدناه أن يأتي
عليه سنتان ،وأيضاً هو البعير الذي يقتعده الراعي في كل حاجة .ينظر :التوضيح
لشرح الجامع الصحيح 558 /17
النِب ِي صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسَّلم حديث رقم
اب ناق ِة َّ ِ ِ
كتاب الجهاد والسي ِر ب ُ
( )2صحيح البخاري ُ
(32 /4 )2872
( )3عمدة القاري 162 /14
149
التواضن ننع ،وطن ننرح رداء التكبن ننر ،واإلعن ننالم بن ننأن أمن ننور الن نندنيا ناقصن ننة ةين ننر
()1
كاملة
الدليل الثاني :روى البخاري في صحيحه عن سلمة بن األ ْكوِع ر ِ
َّللاُ
ضي َّ ْ
()2
ضلُون، ع ْنه ،قال :م َّر النَِّبي صَّلى هللا علي ِه وسَّلم على نفر ِمن أسلم ي ْنت ِ
ْ ْ ُ ْ ُ
اكم كان ر ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّ َّ فقال َِّ
امًيا، النبي صلى هللاُ عل ْيه وسلمْ « :ارُموا بني إ ْسماعيل ،فإ َّن أب ُ ْ
َّللاِ ِ ِ ِ ِ
ول َّ ْارُموا وأنا مع بني ُفالن» قال :فأ ْمسك أحُد الف ِريق ْي ِن بأ ْيديه ْم ،فقال رُس ُ
صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسلَّم« :ما ل ُك ْم ال ت ْرُمون؟» ،قاُلوا :ك ْيف ن ْرِمي وأ ْنت مع ُه ْم؟
()3
النِبي صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسَّلمْ « :ارُموا فأنا مع ُك ْم ُكلِ ُك ْم» "
قال َّ
وجه الداللة من الحديث :أن الرسول ﷺ قد أقرهم على تسابقهم في الرمي ،
بل قد انضم ﷺ إلى أحد الفريقين ،ولما امتنع الفريق اآلخر من الرمي خوًفا
من أن يهزم الفريق المنضم إليه النبي ﷺ ،أخبرهم بأن يرموا ألنه ﷺ معهم
كلهم فهم جميعا في حزبه ومودته
والحننديث " فيننه مننن الفقننه :أن للسننلطان أن يننأمر رجالننه بتعلننيم الرم ني وسننائر
وجنوه الح اربننة ويحننض عليهننا .. .وفينه :أن السننلطان يجننب أن يعلننم المجننودين
أن ننه معه ننم أي فن ني حن نزبهم ومح ننب له ننم ،كم ننا فع ننل الرس ننول فن ني المج ننودين
للرماية ...وفيه من الفقه :أنه يجوز للرجل أن يبين عن تفاضنل إخواننه وأهلنه
وخاصننته فني محبتننه ،ويعلمهننم كلهننم أنهننم فني حزبننه ومودتننه ...بعنند أن كننان
150
أفنراد إحنندى الطننائفتين .وفينه :أن مننن صننار السننلطان عليننه فني جملننة الحننزب
المناضلين له أال يتعرض لمناوأته كما فعل القوم حين أمسكوا؛ لكنون الرسنول
مع مناضليهم خوفا أن يرموا فيسبقوا فيكون النبي مع من ُسبق ؛ فيكنون ذلنك
أيض ننا رمن نوا؛
تأدبننا علي ننه ،فلم ننا أعلمه ننم أنننه معه ننم ً
حقننا عل ننى النبن ني ،وأمس ننكوا ً
()1
لسقوط هذا المعنى "
الدليل الثالث :روى البخاري في صحيحه ع ْم ُرو ْب ُن ِدينار ،أَّن ُه س ِمع جاِب ًار
النِب ِي صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسَّلم ،وق ْد ثاب مع ُه
ول :ةزْونا مع َّ َّللاُ ع ْن ُه ،يُق ُ
ضي َّ رِ
()2
اب فكسع اج ِرين حتَّى كثُروا ،وكان ِمن المه ِ
اج ِرين رُج ٌل ل َّع ٌ اس ِمن المه ِ ن ٌ
ُ ُ ُ
ضب األ ْنص ِاري ةضًبا شِد ًيدا حتَّى تداع ْوا ،وقال األ ْنص ِاري :يا أ ْنص ِاريًّا ،فغ ِ
النِبي صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسَّلم، اج ِري :يا لْلمه ِ
اج ِرين ،فخرج َّ
ُ
ل ْأل ْنص ِار ،وقال المه ِ
ُ
َّة؟ ثُ َّم قال :ما شأْنهم " فأُخِبر ِبكسعةِ اهِلي ِ
فقال " :ما بال دعوى أه ِل الج ِ
ْ ْ ُُ ْ ْ ُ ْ
َّ ِ َّ
النِبي صلى هللاُ عل ْيه وسلم« :د ُعوها فِإَّنها اج ِرِي األ ْنص ِار َّي ،قال :فقال َّ المه ِ
ُ
ِ ِ
َّللا ْب ُن أُبي ْاب ُن سُلول :أق ْد تداع ْوا عل ْينا ،لئ ْن رج ْعنا ِإلى
خِبيث ٌة» وقال ع ْبُد َّ
المِدين ِة لُي ْخ ِرج َّن األعز ِم ْنها األذ َّل [ص ،]184:فقال ُعم ُر :أال نْقُت ُل يا رُسول
151
النِبي صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسَّلم« :ال يتحَّد ُث
َّللاِ ،فقال َّ
َّللاِ هذا الخِبيث؟ لِع ْبِد َّ َّ
وقد نص ابن تيمية على التفريق بين التشجيع والتعصب فقال " :وأ َّما "
ص ُير ِح ْزًبا فِإ ْن ك ُانوا الط ِائف ِة َّالِتي تتح َّزب أي ت ِأرْس اْل ِح ْز ِب " فِإَّنه أرْس َّ
ُ ْ ُ ُ ُ
َّللاُ ِب ِه ورُسوُل ُه ِم ْن ة ْي ِر ِزيادة وال ُنْقصان ف ُه ْم ُم ْؤ ِمنُون ُم ْجت ِم ِعين على ما أمر َّ
صوا ِم ْثل ِ ِ ِ ِ
ل ُه ْم ما ل ُه ْم وعل ْيه ْم ما عل ْيه ْم .وإِ ْن ك ُانوا ق ْد زُادوا في ذلك ونق ُ
اض ع َّم ْن ل ْم ي ْد ُخ ْل ِفي اإل ْعر ِ التَّعص ِب لِمن دخل ِفي ِح ْزبِ ِهم ِباْلح ِق واْلب ِ
اط ِل و ِْ
ْ ْ
َّللاُ تعالى اط ِل فهذا ِم ْن التَّفر ِق َّالِذي ذ َّم ُه َّ ِح ْزِب ِهم سواء كان على اْلح ِق واْلب ِ
ٌ ْ
َّللا ورُسول ُه أم ار ِباْلجماع ِة واالئتالف ونهيا ع ْن التَّْف ِرق ِة ورُسوُل ُه فِإ َّن َّ
ف وأم ار ِبالتَّعاو ِن على اْلِب ِر والتَّْقوى ونهيا ع ْن التَّعاو ِن على ِْ
اإلثْ ِم و ِاال ْخِتال ِ
ُ ُ
()3
واْل ُع ْدو ِ
ان "
" وكل ما خرج عن د ْعوة ِْ
اإل ْسالم واْلُق ْرآن من نسب ،أو بلد ،أو جنس ،أو
()4 م ْذهب ،أو طريقة فهو من عزاء اْلج ِ
اهلِيَّة " ُ
اهلِي ِ
المناق ِب باب ما ينهى ِمن دعوِة الج ِ
ِ
َّة حديث رقم (4905 ْ ْ ُْ ُ ( )1صحيح البخاري ُ
كتاب
)
( )2عمدة القاري ، 88 /16التوضيح شرح الجامع الصحيح ، 67 /20البحر المحيط
الثجاج 592 /40
( )3مجموع الفتاوى 92 /11
( )4دقائق التفسير 44 /2
152
بل ذهب بعض العلماء إلى تأديب من يستجيب للعصبية ،وأن تأديبهم
موكول إلى اجتهاد اإلمام على حسب ما يراه سدا للذريعة ،وإةالقاً لباب
()1
الشر ،إما بالوعيد ،وإما بالسجن ،وإما بالجلد.
( )1التوضيح شرح الجامع الصحيح ،69 ، 68 ،67 /20إكمال المعلم 53 /8
( )2ينظر ص 22من هذا البحث
الم ْؤ ِم ِن ِم ْن أ ْن ي ْحبط عمُل ُه و ُهو ال ي ْش ُع ُر ِ
اب خ ْوف ُ كتاب اإليمان ب ُ
ُ ( )3صحيح البخاري
حديث رقم ( 19/1 )48
ان حديث رقم ( 100 /8 )6477 اب ِحْف ِظ اللِس ِ
( )4صحيح البخاري كتاب الرقاق ب ُ
( )5شرح التلويح على التوضيح ، 301 /1البحر المحيط في أصول الفقه 339 /1
153
تشجيعا لصاحب األخالق أو حتى صاحب المهارات ،بل
ً خاصة وأنه ليس
هو تعصب مبني على الهوى ،فهو كالتعصب القبلي العرقي الممقوت ،
واألضرار التي يثيرها ويبرزها التعصب الرياضي ال تحصى وال تعد ،وما
الفتنة القائمة اآلن بين جماهير األهلي والزمالك إال ترجمة لما وصل إليه
حال التعصب الرياضي ،ويجب على المؤمن االبتعاد عن المسميات المثيرة
للتعصب ،وأن ال ينجرف وراءه ،فيعرض دينه للفتنة
،بل قد أدى التعصب بين الجماهير في البلد الواحد إلى االقتتال ،وحادثة
استاد بور سعيد في عام 2011خير شاهد على ذلك حيث أدى التعصب
مشجعا من مشجعي النادي األهلي في واقعة هزت
ً إلى قتل أكثر من سبعين
الرأي العام المصري ،وقضية التعصب الرياضي ليست قضية خاصة
بالشعب المصري ،بل هي قضية دولية عالمية ضربت كل دول العالم ،
حتى أصبحت فتنة ما بعدها فتنة ،وما كنت أتخيل يوما من األيام أن ُيقتل
شخص من أجل تشجيع فريق في كرة القدم
وقد بلغ التعصب والميول الكروي مبلغا كبي اًر ،حتى أضحى اً
كثير من الناس
يقدم ميوله الكروية إلى ناديه على أمور دينه ،فينتسب وينافح عن ناديه ،
وال ينتسب وال ينافح عن دينه مع أن اإلنسان مأمور بأن ال يقدم على دينه
شيء ولو كان أهله قال تعالى
154
أسباب خارجية كانت السبب وراء الهزيمة ،وينطلقون في اختالق األسباب
واألعذار التي أدت إلى الهزيمة كالتحكيم ،وأن المجامالت التحكيمية الفجة
هي السبب وراء الهزيمة وأن ذلك تم بفعل فاعل ،ويتعرض الحكم للسب
والشتم واإلهانة والطعن في الذمم ،ويتلمسون بالباطل المبررات لالعبي
الفريق ،واتهام الفريق اآلخر مما يؤكد حرمة التعصب الرياضي
155
المطلب الثالث
التعصب من أكثر األمور التي تؤثر على تقدير اإلنسان لألمور حتى إن
المتعصب يكاد يفقد عقله ،فال يمكن أن يرى ويدرك األمور على حقيقتها ؛
ألنه يرى ويدرك ما يهواه ويحبه ،وال يمكن أن يرى ويدرك ما يراه ويدركه
ظاهر للعيان ،ومن ثم فأحكامه ال يمكن أن تكون
اضحا و ًا
ةيره ،وإن كان و ً
على وفق مقتضي العقل والواقع بل على وفق الهوى والميل ؛ ألن الشيطان
يرمي اإلنسان " بالعصبية واْلحمية لآلباء وسلفه ويزين ل ُه أن هذا ُهو اْلحق
صورة ِ ِ ِ
صورة الضالل ،والضالل في ُ وما خالفه باطل ويمثل ل ُه اْلهدى في ُ
اْلهدى ِبِتْلك العصبية واْلحمية َّالِتي أسست على ةير علم ،فرضاه أن يكون
يه ما عل ْي ِهم ،فخذل عن اْلهدى وواله هللا ما مع عشيرته وقومه له ما لهم وعلِ ِ
ُ ُ
تولى ،فلو جاءهُ كل هدى ُيخالف قومه وعشيرته لم يره ِإ َّال ضاللة " "
()1
156
وثان يلوي عنق الحقائق و يزيف الواقع ،ويواري في شهادته ؛ ألنه ال
كامال ،فيسوي بين الخصوم في اإلدانة مع
ً يستطيع أن يقول الحق
االختالف الكبير بين الخطأين ،ومن ثم المساواة في العقوبة مع االختالف
الشديد في الجناية ،وثالث يمتنع عن الشهادة من أجل أال يضار فريقه ،
ورابع يعلق شهادته على شهادات الفريق اآلخر
فلم يعد يقتصر األمر على الفرح مع الفوز والحزن مع الخسارة ،بل ارتبط
ذلك أيضا بالمنافس ،فإذا فاز الفريق المنافس أصابه الحزن وإذا خسر فرح
بهذه الخسارة
وقد أشار الحق سبحانه وتعالى إلى تأثير الحب والكره في الشهادة فقال
تعالى :
157
أي ال يحملكم وال يدفعكم بغضكم لقوم إلى أن تميلوا عليهم ،أو تحيفوا في
حكمكم عليهم ،أو تُغيروا في شهادتكم ؛ ألن المؤمن يجب أن يكون -دائما
()1
-مؤِث ًار للعدل على كل ما عداه ،وأن يجعله فوق شهواته وأهوائه
والتعصب الرياضي الكروي من أكبر أسباب الميل في الشهادة ألن " ال َّشن ُ
آن
محله اْلقْلب وهو اْلح ِ
ام ُل على ت ْرِك اْلع ْدل"
ِ ()3
ُ ُ ُ
بل أصبح التقلب في المواقف هو األصل فتجد بعض األشخاص يقفون في
وجه الباطل وينكرون التعصب والخروج على الروح الرياضية ،ثم ما نلبث
أن نجد نفس األشخاص قد انقلبت مواقفهم رأسا على عقب ؛ ألن مصلحة
فريقهم في هذا االنقالب متناسيين أن الحكم الشرعي ال يختلف باختالف
الفريق ،فالحكم الشرعي ال يفرق بين فريق وفريق
وإذا كان التعصب يؤدي إلى العنف واالعتداء والقتل فمن باب أولى ترد به
الشهادة
( )1جامع البيان للطبري ، 223 /8التفسير الوسيط مجمع البحوث 1027 /2
( )2مفاتيح الغيب 320 /11
( )3تفسير البحر المحيط ألبي حيان األندلسي 196 /4
158
المبحث الثالث
توطئة :
من أخطر المجاالت التي أصابها وتغلغل فيها التعصب المجال السياسي
وخاصة األحزاب السياسية ،وتأتي الخطورة في هذا المجال من ناحية أنه
من القضايا العامة التي تهم جميع األمة ،باإلضافة إلى شدة األضرار
المترتبة على التعصب فيه
وقد أشار بعض الفقهاء إلى توسيع دائرة التعصب ليشمل التعصب الحزبي
ين اْلح َّكا ِم ِفي مو ِان ِع قب ِ ِ
ول ُ والديني ،فقد جاء في منحة الخالق " .وِفي ُمع ِ ُ
الرُجل؛ ِألَّن ُه ِم ْن بِني ُفالن الشهاد ِة قال و ِم ْن ُه اْلعصِبَّي ُة و ُهو أ ْن ُي ْب ِغض َّ
الرُج ُل َّ َّ
ولِ :م ْن التَّعص ِب أ ْن ُي ْب ِغض ُه؛ ِألَّن ُه ِم ْن ِح ْز ِب ُفالن أ ْو ِ ِ ِ
أ ْو م ْن قبيلة كذا اه ،أُق ُ
()1 ِمن أصحاِب ِه أو ِمن أق ِاربِ ِه أو منسوبِ ِ
يه اهن" . ْ ُْ ْ ْ ْ ْ
جديدا من الحراك االجتماعي ،
ً عصر
ًا وفي عام 2011دخلت مصر
والتجمعات السياسية والحزبية ،أدت إلى ظهور عدد كبير من األحزاب
والتكتالت والتجمعات السياسية ،حيث انضم كثير من الموظفين والعمال
إلى األحزاب والفالحين والصيادين والمعلمين وأساتذة الجامعات وةيرهم
والتجمعات السياسية ،بعد أن كانت األحزاب مقصورة على بعض النخب ،
بل بدأ كثير من القضاة في اإلفصاح عن ميولهم وآراءهم السياسية عبر
القنوات اإلعالمية ووسائل التواصل االجتماعي بالمخالفة للقانون ،وأصبح
( )1منحة الخالق ، 90 /7قرة عين األخيار 560 ، 559 /7وينظر :معين الحكام
فيما يتردد بين الخصمين من األحكام 285 /1
159
الحديث الرائج بين الناس عامة هو الحديث في السياسة ،وظهر التعصب
لآلراء واألحزاب السياسية الذي أدى بدوره إلى نشوء احتكاكات ومناكفات
سياسية وةيرها ،وتطور األمر حتى وصل إلى اتهامات كثيرة بالحق
والباطل ،مما دعاني إلى التوقف أمام ظاهرة التعصب لألحزاب واآلراء
السياسية وأثرها على الشهادة وقد قسمت هذا المبحث ثالثة مطالب:
160
المطلب األول
مشروعية العمل السياسي
يظن كثير من الناس أن االشتغال بالسياسة من األمور ةير الجيدة ،بل قد
يتوهم البعض أنها ةير مشروعة ،والحقيقة أن ذاك الظن وهذا الوهم مبني
على ما هو مشهور من أن المشتغل بالسياسة البد وأن ينافق ويكذب
ويخادع الجماهير ويماريهم ،ويمنيهم بالوعود الخيالية
فالمفهوم السيء للسياسة وأساليبها الملتوية هو من أوجد هذا الظن والوهم
الخاطئ ،وقد أشار اإلمام السخاوي إلى أن من أعظم أخطاء السالطين
واألمراء تسمية أفعالهم الخارجة عن الشرع سياسة ،فإن الشرع هو السياسة
()1
ال عمل السلطان بهواه ورأيه
فالعمل السياسي عمل مشروع وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك فقال تعالى
حكاية عن نبي هللا يوسف عندما قال لملك مصر
[ يوسف ]55 :
[يوسف]56 :
حيث دلت اآلية على جواز أن يطلب اإلنسان عمال يكون أهال له حتى ولو
()2
يقول األلوسي " :وفيه دليل على جواز مدح اإلنسان نفسه كان والية
بالحق إذا ُجهل أمره ،وجواز طلب الوالية إذا كان الطالب ممن يقدر على
إقامة العدل وإجراء أحكام الشريعة ،وإن كان من يد الجائر أو الكافر ،وربما
161
يجب عليه الطلب إذا توقف على واليته إقامة واجب مثال وكان متعينا
()1
لذلك"
النِب ِي صَّلى هللاُ عل ْي ِه وسَّلم ،قال« :كان ْت بُنو وروى البخاري في صحيحه أن َّ
اءُ ،كَّلما هلك نِب ٌّي خلف ُه نِب ٌّي ،وإَِّن ُه ال نِب َّي ب ْعِدي، ِ
وس ُه ُم األ ْنبي ُ
ِ ِ
إ ْسرائيل ت ُس ُ
ْم ُرنا؟ قالُ« :فوا ِبب ْيع ِة األ َّو ِل فاأل َّو ِل،
اء في ْكثُُرون» قاُلوا :فما تأ ُ ن
وسي ُكو ُ ُخلف ُ
()2
اه ْم» طوهم حَّقهم ،فِإ َّن َّ ِ
است ْرع ُ
َّللا سائلُ ُه ْم ع َّما ْ أ ْع ُ ُ ْ ُ ْ
تسوسهم أي :تتولى أمورهم كما يفعل األمراء والوالة بالرعية ،والسياسة:
()3
القيام على الشيء والتعهد له بما يصلحه
وقد ولى الرسول ﷺ كبار الصحابة الواليات العامة في شتى بقاع الدولة
ات ِد ِينيَّ ٌة ،ومن ِ
اص ُب ش ْرِعَّي ٌة ،فم ْن ص ِل ِوالي ٌ اإلسالمية " وج ِم ِ ِ ِ
يع اْلواليات في ْاأل ْ ُ
َّللا ورُسول ُه ِ ِ ِ
عدل ِفي ِوالية ِم ْن هذه اْل ِواليات ،وساسها ِبعْلم وع ْدل ،وأطاع َّ
ِ
ظْلم ،ف ُهو ان ،ف ُهو ِم ْن ْاأل ْبرِار اْلع ِادلِين ،وم ْن حكم ِفيها ِبج ْهل و ُ ِبحس ِب ِْ
اإل ْمك ِ
()4
الظالِ ِمين اْل ُم ْعتِدين "
ِمن َّ
ْ
الصال ِح
اس مع ُه أ ْقرب إلى َّ ال ِبح ْي ُث ي ُكو ُن َّ ِ
" فالسياس ُة ما كان م ْن ْاأل ْفع ِ ِ
الن ُ
َّللاُ عل ْي ِه وسَّلم -وال نزل
ول -صَّلى َّ وأ ْبعد ع ْن اْلفس ِاد ،وإِ ْن ل ْم ُيش ِرْع ُه َّ
الرُس ُ
()5
ِب ِه و ْحي "
ٌ
أي إذا كانت السياسة عادلة كانت مشروعة ،أما إذا كانت ظالمة فهي
ةير مشروعة
162
المطلب الثاني
وقيل يقصد بالحزب السياسي :جماعة من األفراد داخل المجتمع ،تعمل في
اإلطار القانوني بمختلف الوسائل السياسية لتولي زمام الحكم ،كال أو جزءا،
()3
بقصد تنفيذ برنامجها السياسي.
( )1لسان العرب ، 311 : 308 /1تاج العروس 264 : 261 /2
( )2المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية االقتصادية والسياسية
https://democraticac.de/?p
( )3القانون الدستوري ملكية الصاروخ ،ص87 /
163
وقيل هو :تنظيم يسعى لبلوغ السلطة وممارستها وفق برنامج الحزب
()1
السياسي واالقتصادي واالجتماعي
وأيضاً :فإن لفظ الحزب ورد في القرآن في معرض الذم مما يدل على أنه
أمر مذموم قال تعالى :
[ املؤمنون ]53 :
164
المنفعة واإلصالح ،ولم يحدد التشريع اإلسالمي طريقة معينة في العمل
السياسي ال يصح ةيرها ،بل ترك ذلك لطبيعة كل زمان ومكان
ولو نظرنا إلى طريقة تولي الخلفاء الراشدين زمام إدارة الدولة لوجدناها
تختلف من شخص آلخر حيث لم يعين النبي ﷺ خليفة بعده ،لكن الصحابة
رضوان هللا عليهم اختاروا أبا بكر رضي هللا عنه ،بينما عهد هو لعمر
رضي هللا عنه بالخالفة بعده ،في حين جعل عمر بن الخطاب رضي هللا
محصور في ستة من الصحابة ،مما يدل على أن اإلسالم يقبل
ًا عنه األمر
كل طرق الحكم ،وال يفرض طريقاً و ً
احدا ،كما إن إدارة الدولة سياسيا
اختلفت في عهد عمر عن عهد أبو بكر رضي هللا عنهما ،كما اختلفت في
عهد عثمان بن عفان عن عهد أبي بكر وعمر رضي هللا عنهم ،مما يدل
على سعة ومرونة الحياة السياسة وتقبلها لفكرة األحزاب أو أي طريقة أخرى
السياس ُة ما كان ِم ْن ،وقد نص ابن عقيل الحنبلي على ذلك فقال ِ " :
الصال ِح وأ ْبعد ع ْن اْلفس ِاد ،وإِ ْن ل ْم
اس مع ُه أ ْقرب إلى َّ ْاأل ْفع ِ
ال ِبح ْي ُث ي ُكو ُن َّ
الن ُ
َّللاُ عل ْي ِه وسَّلم -وال نزل ِب ِه و ْحي؛ فِإ ْن أرْدت ِبق ْولِك ول -صَّلى َّ الرُس ُُيش ِرْع ُه َّ
ٌ
يح، ِ
الش ْرعُ فصح ٌ الش ْرع " أي لم ُيخالِ ْف ما نطق ِب ِه َّ " ال ِسياسة َّإال ما وافق َّ
ْ ْ
ِ ()1
لصحابة "ط لِ َّ
ط وت ْغلِي ٌ وِإ ْن أرْدت ما نطق ِب ِه َّ
الش ْرعُ فغل ٌ
وأيضاً فإن ما استدل به على تحريم العمل الحزبي مردود عليه بما يأتي :
أوال :ال نسلم أن كلمة حزب اقترنت بالذم في القرآن ،فكما وردت في
ومدحا إضافتها إلى ً حسنا
معرض الذم وردت في معرض المدح ،ويكفيها ً
هللا سبحانه وتعالى في قوله تعالى
( )1اعالم الموقعين ،283 /4الطرق الحكمية ص ، 12 /بدائع الفوائد 152 /3
165
وقوله عز جل [ املائدة]56 :
ثانيا :سلمنا أن كلمة حزب وردت في أكثر المواطن مذمومة ،لكن ليس
المراد بالحزب في القرآن الحزب السياسي ،بل األحزاب الدينية بدليل قوله
تعالى
بل قد ورد في القرآن الكريم ما يدل على إنشاء األحزاب [ الروم]32 :
تعالى فقال
حيث أوجب الحق [ آل عمران]104 :
سبحانه وتعالى على األمة على سبيل فرض الكفاية ،أن يكون منها طائفة
وجماعة وحزب يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر " فق ْد حو ْت هِذِه ْاآليةُ
الن ْه ِي ع ْن اْل ُم ْنك ِر .و ْاآلخ ُر :أَّن ُه معنيي ِن .أحدهما :وجوب ْاألم ِر ِباْلمعر ِ
وف و َّ ُْ ْ ُُ ُُ ُ ْ ْ
فرض على اْل ِكفاي ِة ليس ِبفرض على ك ِل أحد ِفي نْف ِس ِه إذا قام ِب ِه ةيره .لِقولِهِ
ُُْ ْ ُ ْ ْ ْ ٌ
()1
ض"ضي اْلب ْعض ُدون اْلب ْع ِ ُم ٌة} وح ِقيقتُه تْقت ِ
تعالى{ :وْلت ُك ْن ِم ْن ُك ْم أ َّ
ُ
وقوله تعالى :
والظاهر من اآلية :أن الحزب الواحد :هم الفتية إذ ظنوا لبثهم [الكهف]12 :
قليال ،والحزب الثاني :أهل المدينة الذين ُبعث الفتية على عهدهم ،حين
()2
كان عندهم التاريخ ألمر الفتية.
166
وقوله تعالى :
حيث أمر سبحانه وتعالى بعض الطوائف واألحزاب أن [ التوبة]122 :
()1
ور جماع ًة ْم ُفن "اْلمأ ُ ينهضوا بمهمة التفقه في الدين ،وأوجب ذلك عليهم
وع ُه. ةير معيَّنة وإَِّنما اْلمْقصود حصول هذا اْل ِفع ِل َّالِذي ُف ِرض على ْاأل َّ ِ
ُمة ُوُق ُ ْ ُ ُ ُ ُ ُ ْ ُ
وفى هذا إيجاب التفقه في الكتاب والسنة ،وأنه على الكفاية دون ()2
"
األعيان ،مما يدل على مشروعية العمل الحزبي
167
المطلب الثالث
التعصب أكبر آفات األحزاب السياسية على اإلطالق ،وقد نبه شيخ اإلسالم
ابن تيمية على أن التعصب من أقوى األمور التي تضرب األحزاب وتجعلهم
يحيفون على بعضهم البعض فقال
الض ِم ِ
ين قال تعالى: يل و َّ الزِعي ِم " فِإنَّه ِم ْثل لْف ِظ اْلك ِف ِ
يل واْلقِب ِ ظ " َّ
" وأ َّما لْف ُ
ُ ُ
وهذا ما حدث اآلن حيث أصبح التعصب بين األحزاب هو السائد ،بل
صار كل ما يهم المنتمين إلى الحزب هو االنتصار لحزبهم بالحق والباطل ،
حتى تكاد تنحصر مهمة أعضاء الحزب في تبرير ما يتخذه الحزب من
168
ق اررات حتى ولو بالباطل ،وتسفيه آراء األحزاب األخرى بل واتهامهم
بالعمالة والخيانة أحياناً ،كما أصبحت مهمة أعضاء األحزاب األخرى
معارضة ق اررات الحزب الحاكم حتى ولو كانت صو ًابا ؛ ألنه حزب معارض،
والمفروض أنه يعارض أي قرار للحزب الحاكم حتى ال يرفع من قيمته ،بل
ال أبالغ إن قلت إن أول ما يهتم به أعضاء األحزاب هو :االنتقاص من
األحزاب األخرى وليس االنتصار لحزبهم ،بل استحل بعضهم عرض
المختلفين معهم مما أثر بطريقة كبيرة على شهادات بعضهم على بعض
ومن ثم أرى وهللا أعلم أن األولى في هذا العصر عدم قبول شهادة المنتمين
لألحزاب بعضهم على بعض ،فال يجوز للمنتمين إلى األحزاب الشهادة
على نظرائهم في األحزاب األخرى ،في قضية سياسية أو حزبية سبق وأن
تأييدا عبر أي وسيلة إعالمية
أبدى الحزب فيها رًأيا أو أظهر ً
نر وال يمكنن إنكنار تنأثيره
اقعنا ومنتش ًا
وذلك ألن التعصب بين األحنزاب أصنبح و ً
في االتهامات بالباطل والتخوين والريبة والعمالة ؛ حيث أصبح أكثر المنتمين
وميال مع أهوائهم ،بنل إنهنم يميلنون أينمنا
لألحزاب يطلقون األحكام استرساال ً
مننال الحننزب ومننن ثننم ينبغنني رد شننهاداتهم بسننبب مننا أظهننروه مننن العصننبية :
ظهر اْلعصِبيَّة ِباْلكال ِم فدعا إل ْيها وتأَّلف عل ْيها وإِ ْن ل ْم ي ُك ْن ُي ْش ِه ُر نْفس ُه "وم ْن أ ْ
اخ ن ِنتالف ب ننين علم ن ِ ِب ِقت ننال ِفيه ننا فه ننو م ننردود َّ ِ ِ
ناء ْ ُ الش ننهادة ألَّن ن ُنه أت ننى ُمح َّرًم ننا ال ْ ُْ ُ ُ
َّللاِ تبننارك وتعننالى ف أ ْمن ِنر َّاْلمسنلِ ِمين علِم ْتننه ِفين ِنه ...فنِإذا صننار رجننل إلننى ِخننال ِ
ٌُ ُ ُْ
َّللا علي ِه وسَّلم ِ -بال سنبب يعنذر ِب ِنه يخنرج ِبنهِ َّ ِ اسمه وأم ِر رس ِ
ُُْ ُْ ُ َّللا -صلى َّ ُ ْ ول َّ ْ ُُ ْ ُ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
اخن ننتالف بن ن ْنينيمن ننا علن ننى م ْعصن ننية ال تأ ِْوين ننل فيهن ننا وال ْ من ن ْنن اْلعص ن نبيَّة كن ننان ُمق ً
169
اْل ُم ْس ن ننلِ ِمين ِفيه ن ننا وم ن ن ْنن أق ن ننام عل ن ننى ِم ْث ن ن ِنل ه ن ننذا ك ن ننان ح ِقيًق ن ننا أ ْن ي ُك ن ننون م ن ن ْنرُدود
ِ ()1
الشهادة". َّ
كما أنهم ينطبق عليهم قول اإلمام الشافعي " :فأ َّما من ي ْشتم على اْلعصِبي ِ
َّة ْ ُُ
ِِ أو اْلعداوِة لِنْف ِس ِه أو على ِادع ِائ ِه أ ْن ي ُكون م ْشتُوما مك ِافًئا ِب َّ
الش ْت ِم فهذه اْلعداوةُ ً ُ ْ ْ
()2
لِنْف ِس ِه وُكل ه ُؤال ِء تُرد شهادتُ ُه ع َّم ْن شتم ُه على اْلعداوِة" .
170
األحزاب األخرى ،فتجد الواحد منهم إذا انتُِقد حزبه أو موقفه أو رئيسه
يشتاط ةضبا وعصبية ،وتثور داخله نوازع الشر ويستخدم سيف التكذيب
والتلفيق .وإنما قلت في هذا العصر ألن النفوس قد تغيرت عما كانت عليه
وتجرأت على التقول في صدر اإلسالم ،فقد امتألت بالتعصب المقيت
بالباطل واالتهام من ةير دليل ،فأصبح الشاهد يميل بشهادته أينما مال
الحزب ،ويطلق أقواله وشهاداته استرساالً مع حبه وهواه ،ألنه يهوى تلك
الطائفة أو ينتمي إلى هذا الحزب ،وهذا يتطلب نوعا معينا من األحكام
يتناسب مع تلك الحال ؛ ليكون أنجع في إزالة تلك العلل ،واألمراض خاصة
أصال من أصول اإلسالم.
وأنه ال يخالف ً
ألن الفقه اإلسالمي فقه واقعي مرتبط بالواقع يساير المتغيرات التي تط أر
على الواقع ،سواء أكانت تغيرات دينية أو سياسية أو ثقافية أو اقتصادية أو
اجتماعية ،ويبني عليها الفتاوى واألحكام ،فالفتوى تتغير بتغير الزمن
والعادات وحال المجتمع وعموم البلوى وما إلى ذلك
والن نناظر ف نني ح ننال األم ننة ف نني العص ننور المت ننأخرة عموم ننا والعص ننر الحاض ننر
خصوص ن ننا ي ن نندرك بك ن ننل وض ن ننوح التغين ن نرات الجذري ن ننة الت ن نني أص ن ننابت األحن ن نزاب
السياسن ننية فقن نند كثن ننر الفس ن ناد وانتشن ننر وعن ننم وأصن ننبح التقن ننول طبيعين ننا ووجن نندت
االتهام ننات بالباط ننل له ننا طريق ننا إل ننى كثي ننر من نن الن نناس لمج ننرد االخ ننتالف ف نني
الن نرأي ،وصن ننار التعصنننب للح ننزب هن ننو األصن ننل وم ننن ث ننم فيج ننب الحنننذر منننن
التعصننب والهننوى ومنننع شننهادة المتعصننبين لألحنزاب السياسننية بعضننهم علننى
بعض
وأستأنس لذلك بما ذكره اإلمام الماوردي من أن أهل الشورى في الحكم البد
وأن يكونوا بعيدا عن التعصب فقد جاء في األحكام السلطانية " :ويشترط
171
فيمن يصلح للشورى أن يكون ِم َّم ْن ُع ِرف بجودة الرأي والحكمة ،وال يشترط
فيه أن يكون من ذوي العصبية؛ ألن أساس الشورى هو الرأي الصحيح
()1
المجرد من الهوى والعصبية".
َّ الحكيم المتفق مع الشرع
( )2من رد شهادة شعراء المدح ومما يقوي ذلك ويؤيده ما ذهب إليه الفقهاء
اع ِر َّالِذي ي ْمد ُح م ْن الش ِ
"شهادةُ َّ والهجاء بالهوى فقد ذهب الفقهاء إلى رد
م ْن منع ُه وال ُي ْؤِذي أحًدا ِبلِس ِان ِه أ ْعطاهُ وي ْه ُجو م ْن منع ُه ،فِإ ْن كان ال ي ْه ُجو
()3 ويأ ِ
ْخ ُذ م َّم ْن أ ْعطاهُ ،فأرى أ ْن تُْقبل شهادتُ ُه ْ
إن كان ع ْد ًال ُ
كما أن العلة التي من أجلها رد الفقهاء بعض الشهادات متحققة فيهم ،فقد
ذهب الفقهاء إلى رد شهادة بعض ممن ال يتصف بالمروءة ،والعلة أنهم ال
وهو ما ينطبق على كثير ممن ينتمي إلى األحزاب ()4
يأنفون من الكذب
وإذا كان القاضي أبو يوسف قد جعل الكالم الذي يدل على اإلذالل للحاكم
مانعا من قبول الشهادة فمن باب أولى ما يقع من المنتمين لألحزاب
172
وص هذا اْلمج ِاز ِم ْن إ ْذال ِل نْف ِس ِه وطاعِت ِه ص ُ
ِ ِ
وإنما " رَّدهُ لما يُدل عل ْيه ُخ ُ
ضر هذا اْلكال ُم إذا ِقيل لِْلخلِيف ِة فعدل إلى ِاال ْعِتذ ِار ِبأ ْمر ِ
أل ْج ِل الد ْنيا ف ُربَّما ي ُ
()1 يْقرب ِمن خ ِ
اط ِِره ُ ْ
وأيضا بالقياس على من يظهر ميوله فقد ذهب بعض الفقهاء إلى رد شهادة
()2
فمن باب أولى المختلف سياسيا من يتردد إلى مجلس القضاء بال سبب
اب وب ْين اْلكِذ ِب ودا في ُكو ُن كِذبا وال فرق ب ْين اْلكِذ ِب ِباْل ِكت ِ
ْ ً
ِ ِ
ش ْي ٌء م ْن ذلك م ْو ُج ً
()4
ِباْلق ْو ِل" .
( )1منحة الخالق البن عابدين بهامش البحر الرائق 92 /7
( )2التاج واإلكليل ،176 /6وجاء فيه ما نصه "ال يكون عدال من أتى مجلس القاضي
ثالث مرات في ةير حاجة "
( )3البحر الرائق 89 /7
( )4منحة الخالق 89 /7
173
أهم النتائج المستخلصة من البحث
التعصب :الميل الشديد لشيء ما وعدم قبول ةيره حتى ولو كان صحيحا
القرآن الكريم والسنة النبوية ذما التعصب ووصفاه بالجاهلية
التعصب من أكبر اآلفات على مدار التاريخ
التعصب يؤدي إلى العداوة والكراهية واالقتتال
أضرار التعصب في العصر الحديث ال حدود لها
الحقد والحسد ،وتعارض المصالح ،واتباع الهوى ،وحب الرياسة والزعامة
من أسباب التعصب
التعصب يعمي ويصم عن إدراك الحقائق ،واتخاذ القرار الصحيح
التعصب من أكثر األمور التي تؤثر على الشهادة حيث يؤدي إلى التحامل
فيها
التعصب المعلن الظاهر ترد به الشهادة باالتفاق
جمهور الفقهاء على أن مطلق التعصب ترد به الشهادة
التعصب يؤثر على جرح وتعديل الشهود فال يقبل جرح وتعديل المتعصب
ال ينفذ حكم القاضي المبني على شهادة شخص متعصب
يجب على الحاكم دعوة من خرج عليه من أهل العصبية إلى الرجوع إلى
الحق فإن لم يرجعوا قاتلهم قتال المحاربين
تضمن كل طائفة ما أتلفته لألخرى من نفس ومال أثناء القتال بدافع
العصبية
التستر على الظالمين بدافع العصبية خطأ يستحق العقاب
التعصب الرياضي من أخطر أنواع التعصب وأكثرها شيوعا في العصر
الحديث
174
اإلعالم ووسائل التواصل االجتماعي من أكبر أسباب التعصب الرياضي
التعصب الرياضي ضرب جميع فئات المجتمع
المنافسات الرياضية مشروعة بالقرآن والسنة
إباحة التشجيع وحرمة التعصب للفرق الرياضية
األولى رد شهادة المتعصبين الرياضيين على بعضهم البعض
العمل السياسي عمل مشروع
اإلسالم ال يعارض إنشاء األحزاب السياسية ،وال يحرم االنتماء إليها
شهادة أعضاء األحزاب السياسية بعضهم على بعض ال تخلوا من جرح ،
بسبب التعصب الحزبي ،واألولى عدم قبولها
التعصب أصبح ج أز ال ينفصل عن األحزاب السياسية
أئمة المذاهب الفقهية برآء من التعصب
التعصب المذهبي جاء نتيجة التقليد األعمى
األصل قبول شهادة الفقهاء بعضهم على بعضهم ،وال ترد إال إذا ثبت
التعصب
175
أهم المراجع
أوًلا :القرآن الكريم
)1االس ننتذكار الب ننن عب نند الب ننر ،الناشن ننر :دار الكت ننب العلمي ننة – بينننروت الطبعن ننة:
األولى2000 - 1421 ،
الم ْعلِن ن ِم بفو ِائ ن ِند ُم ْس ننلِم ألب ننو الفض ننل الس ننبتي ،دار الوف نناء للطباع ننة والنش ننر
نال ُ
ِ
)2إكم ن ُ
مصر ،ط 1419 ،1هن 1998 -م
)3البحر المحيط الثجاج محمد بن موسى اإلتيوبي الولوي الناشر :دار ابن الجوزي
الطبعة :األولى1426( ،هن)
البدر التمام شرح بلوغ المرام الالعي الناشر :دار هجر الطبعة :األولى ُ )4
)5التمهي نند لم ننا ف نني الموط ننأ م ننن المع نناني واألس ننانيد الب ننن عب نند الب ننر الناش ننر :و ازرة
األوقاف والشؤون اإلسالمية -المغرب
الصن ِنغ ِ
ير للصنننعاني ،المعننروف كأسننالفه بنناألمير الناشننر: )6التَّنننوير شننرح الجن ِ
نامع َّ ُ ُْ
دار السالم ،الرياض الطبعة :األولى 1432 ،هن 2011 -م
)7التوضننيح لشننرح الجننامع الصننحيح ،المؤلننف :ابننن الملقننن ،الناشننر :دار الن نوادر،
دمشق – سوريا ،الطبعة :األولى 1429 ،هن 2008 -م
)8التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي الناشر :مكتبة اإلمام الشافعي – الريناض
الطبعة :الثالثة1408 ،هن 1988 -م
)9الجامع الكبير -سنن الترمذي المحقق :بشار عواد معروف الناشر :دار الغنرب
اإلسالمي – بيروت سنة النشر 1998 :م
)10جننامع بيننان العلننم وفضننله البننن عبنند البننر ،الناشننر :دار ابننن الجننوزي ،المملكننة
العربية السعودية ،ط 1414 ،1هن 1994 -م
)11دلينل الفننالحين لطننرق ريناض الصننالحين للصننديقي الناشنر :دار المعرفننة للطباعننة
والنشر ،الطبعة :الرابعة 1425 ،هن 2004 -م
)12الديباج على صنحيح مسنلم بنن الحجناج للسنيوطي الناشنر :دار ابنن عفنان للنشنر
والتوزيع الطبعة :األولى 1416هن 1996 -م
176
)13سنن ابن ماجة .الناشر :دار الجيل ،بيروت
)14سنننن أبنني داود ِ
الس ِج ْسننتاني ،الناشننر :دار الرسننالة العالميننة ،الطبعننة :األولننى،
1430هن 2009 -م
)15ش ننرح الطيب نني عل ننى مش ننكاة المص ننابيح ،الناش ننر :مكتب ننة نن نزار مص ننطفى الب نناز
الطبعة :األولى 1417 ،هن 1997 -م
)16شرح سنن ابن ماجه للسيوطي ،الناشر :قديمي كتب خانة – كراتشي
)17ش ننرح ص ننحيح البخننناري الب ننن بط ننال ،دار النش ننر :مكتب ننة الرش نند -الس ننعودية،
الرياض ،الطبعة :الثانية1423 ،هن 2003 -م
)18صننحيح البخ نناري محمنند ب ننن إسننماعيل البخ نناري ،الناشننر :دار ط ننوق النج نناة ،
الطبعة :األولى1422 ،هن
)19صننحيح مسننلم بننن الحجنناج المحقننق :محمنند ف نؤاد عبنند البنناقي الناشننر :دار إحينناء
التراث العربي -بيروت
)20عام النشر 1387 :هن
)21عمنندة القنناري شننرح صننحيح البخنناري ،لبنندر النندين العينننى ،الناشننر :دار إحي ناء
التراث
)22عون المعبنود شنرح سننن أبني داود ،المؤلنف الصنديقي ،العظنيم آبنادي ،الناشنر:
دار الكتب العلمية – بيروت ،الطبعة :الثانية 1415 ،هن
)23ةريننب الحننديث البننن الجننوزي الناشننر :دار الكتننب العلميننة -بي ننروت – لبنننان
الطبعة :األولى1985 - 1405 ،
)24ةريننب الحننديث البننن قتيبننة الناش نر :مطبعننة العنناني – بغننداد الطبعننة :األولننى،
1397
)25فتح الباري شرح صحيح البخاري ،المؤلف :البنن حجنر العسنقالني الناشنر :دار
المعرفة -بيروت1379 ،
)26فتح المنعم شرح صحيح مسلم د /موسى شاهين الشنين ،الناشنر :دار الشنروق
الطبعة :األولى 1423هن 2002 -م
)27قننوت المغتننذي علننى جننامع الترمننذي للسننيوطي الناشننر -جامعننة أم القننرى ،عننام
النشر 1424 :هن
177
)28كشف المشكل من حديث الصحيحين ،المؤلف :جمال الدين أبو الفرج الجوزي،
الناشر :دار الوطن -الرياض
)29لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح ِ
للدهلوي ،الناشر :دار النوادر ،دمشق
– سوريا الطبعة :األولى 1435 ،هن 2014 -م
)30مرشنند ذوي الحجننا والحاجننة إلننى سنننن ابننن ماجننه محمنند األمننين األُرمنني الطبعننة:
األولى 1439 ،هن 2018 -م
)31مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ،للقاري ،الناشر :دار الفكر ،بيروت –
لبنان ،الطبعة :األولى1422 ،هن 2002 -م
)32المس ننالِك ف نني ش ننرح مو َّ
ط ننأ مال ننك البنننن العربننني الناش ننر :دار الغنننرب اإلسن ننالمي ُ
الطبعة :األولى 1428 ،هن 2007 -م
)33مسننند أحمنند بننن حنبننل ،الناشننر :ع ننالم الكتننب – بي ننروت ،الطبعننة :األول ننى ،
1419هن ن 1998م
)34مطن ننالع األن ن نوار علن ننى صن ننحاح اآلثن ننار البن ننن قرقن ننول ،الناشن ننر :و ازرة األوقن نناف
والشؤون اإلسالمية -دولة قطر الطبعة :األولى 1433 ،هن 2012 -م
)35معن ننالم السن نننن للخطن ننابي الناشن ننر :المطبعن ننة العلمين ننة – حلن ننب الطبعن ننة :األولن ننى
1351هن 1932 -م
الم ْعلننم بفوائنند مسننلم ،للمننازري المننالكي الناشننر :النندار التونسننية للنشننر المؤسسننة
ُ )36
الوطنية للكتاب بالجزائر
)37المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج لْلمام النووي الناشر :دار إحياء التراث
العربي – بيروت الطبعة :الثانية1392 ،
)38منوارد الظمننآن إلننى زوائنند ابننن حبننان المؤلننف :أبننو الحسننن الهيثمنني الناشننر :دار
الكتب العلمية
)39نيل األوطار للشوكاني تحقيق :عصنام الندين الصنبابطي الناشنر :دار الحنديث،
مصر الطبعة :األولى1413 ،هن 1993 -م
ثالث ا :التفسير وعلومه
)40أحكام القرآن للجصاص ،الناشر :دار الكتب العلمية بيروت – لبنان ،الطبعنة:
األولى1415 ،هن1994/م
178
)41تفسنير الطبنري ج جننامع البينان ،أبننو جعفنر الطبنري الناشننر :دار هجنر للطباعننة
والنشر والتوزيع واإلعالن الطبعة :األولى 1422 ،هن 2001 -م
)42الكشن نناف عن ننن حق ن نائق ة ن نوامض التنزين ننل ،للزمخشن ننري ،الناشن ننر :دار الكتن نناب
العربي – بيروت ،الطبعة :الثالثة 1407 -هن
)43المحننرر الننوجيز فنني تفسننير الكتنناب العزيننز البننن عطيننة األندلسنني الناشننر :دار
الكتب العلمية -بيروت
)44البحننر المحننيط فنني التفسننير ألب نني حيننان األندلسنني الناشننر :دار الفكننر بيننروت
الطبعة 1420 :هن
)45تفسن ننير فن ننتح القن نندير للشن ننوكاني ،الناشن ننر :دار ابن ننن كثين ننر -دمشن ننق ،بين ننروت ،
الطبعة :األولى 1414 -هن
)46تفسير الماوردي ج النكت والعيون الناشر :دار الكتب العلمية -بيروت /لبنان
)47صن ننفوة التفاسن ننير للصن ننابوني الناشن ننر :دار الصن ننابوني للطباعن ننة القن نناهرة الطبعن ننة:
األولى 1417 ،هن 1997 -م
)48مف نناتيح الغي ننب ج التفس ننير الكبي ننر ،فخ ننر ال نندين الن نرازي ،الناش ننر :دار إحي نناء
التراث العربي – بيروت الطبعة :الثالثة 1420 -هن
)49أننوار التنزيننل وأسنرار التأويننل للبيضنناوي ،الناشننر :دار إحينناء التنراث العربنني –
بيروت ،الطبعة :األولى 1418 -هن
)50ف ننتح البي ننان ف نني مقاص نند القن نرآن ِ
القَّن ننوجي الناش ننر :المكتب ننة العصن نريَّة ،ص ننيدا – ُ
بيروت عام النشر 1412 :هن 1992 -م
)51التيس ننير ف نني أحادي ننث التفس ننير ،محم نند المك نني الناص ننري ،الناش ننر :دار الغ ننرب
اإلسالمي ،بيروت – لبنان ،الطبعة :األولى 1405 ،هن 1985 -م
)52التفسننير الوسننيط للق نرآن الك نريم مجمننع البحننوث اإلسننالمية الناشننر :الهيئننة العامننة
لشئون المطابع األميرية ط 1393( 1هن ج 1973م)
)53الجننامع ألحكننام الق نرآن للقرطبنني ،الناشننر :دار عننالم الكتننب ،الرينناض ،المملكننة
العربية السعودية ،الطبعة 1423 :هن 2003 /م
)54البحر المديد في التفسير أبو العباس األنجري دار النشر /دار الكتب العلمينة ن
بيروت الطبعة الثانية 2002 /م ن 1423هن
179
)55تفسننير الق نرآن أبننو المظفننر السننمعاني الناشننر :دار الننوطن – ،السننعودية الطبعننة:
األولى1418 ،هن1997 -م
)56التفس ننير الوس ننيط للقن نرآن الكن نريم د /محم نند س ننيد طنط نناوي ،الناش ننر :دار نهض ننة
مصر للطباعة الطبعة :األولى
)57زهرة التفاسير ألبي زهرة الناشر :دار الفكر العربي
)58ةرائب القنرآن ورةائنب الفرقنان للنيسنابوري الناشنر :دار الكتنب العلمينه – بينروت
الطبعة :األولى 1416 -هن
)59محاسن التأويل القاسنمي الناشنر :دار الكتنب العلمينه – بينروت الطبعنة :األولنى
1418 -هن
)60أحك ننام القن نرآن الب ننن العرب نني ،الناش ننر :دار الكت ننب العلمي ننة ،بي ننروت – لبن ننان
الطبعة :الثالثة 1424 ،هن 2003 -
)61تفسننير مقاتننل بننن سننليمان البلخننى الناش ننر :دار إحينناء الت نراث – بي ننروت ط- 1
1423هن
)62دقائق التفسير البن تيمية الناشر :مؤسسة علوم القرآن – دمشق ط1404 ،2
)63روح المعنناني فنني تفسننير الق نرآن العظننيم األلوسنني الناشننر :دار الكتننب العلميننة –
بيروت الطبعة :األولى 1415 ،هن
)64التحرير والتنوير :الطاهر بن عاشور التونسي ،الناشر :الدار التونسنية للنشنر
– تونس سنة النشر 1984 :هن
)65أصول الفقه البن مفلح الناشر :مكتبة العبيكان ،الطبعنة :األولنى 1420 ،ه ن -
1999م
)66إعنالم المنوقعين عنن رب العنالمين البننن قنيم الجوزينة الناشنر :دار الكتنب العلميننة
– ييروت الطبعة :األولى1411 ،هن 1991 -م
)67اإلنصاف في بيان أسباب االختالف ولي هللا الندهلوي ،الناشنر :دار النفنائس –
بيروت الطبعة :الثانية1404 ،
180
)68البحننر المحننيط فنني أصننول الفقننه للزركشنني الناشننر :دار الكتبنني ،ط1414 ،1ه ن
1994 -م
)69شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني ،الناشر :مكتبة صبيح بمصر
)70العنندة فنني أصننول الفقننه للقاضنني أبنني يعلننى ،الناشننر :بنندون ناشننر ،الطبعننة :
الثانية 1410هن 1990 -م
)71مختصر المؤمل في الرد إلى األمر األول ألبي شامة ،الناشر :مكتبة الصحوة
اإلسالمية – الكويت سنة النشر 1403 :هن
نول ِ
الفق ننه الب ننن عقي ننل البغ نندادي ،الناش ننر :مؤسس ننة الرس ننالة ، )72الو ِ
اض ننح ف نني أص ن ِ
ُ
بيروت – لبنان ،ط 1420 ، 1هن 1999 -م
خامس ا :الفقه
)73أسنى المطالب فني شنرح روض الطالنب الشنيخ زكرينا األنصناري ،الناشنر :دار
الكتاب اإلسالمي
)74األم لْلمن ن ن ن ننام الشن ن ن ن ننافعي الناشن ن ن ن ننر :دار المعرفن ن ن ن ننة – بين ن ن ن ننروت سن ن ن ن نننة النشن ن ن ن ننر:
1410هن1990/م
)75اإلنص نناف ف نني معرف ننة الن نراجح م ننن الخ ننالف للم ن ْنرداوي الناش ننر :هج ننر للطباع ننة
والنشر ،الطبعة :األولى 1415 ،هن 1995 -م
)76البحننر ال ارئننق شننرح كنننز النندقائق ،البننن نجننيم المصننري ،الناشننر :دار الكتنناب
اإلسالمي ،الطبعة :الثانية -بدون تاريخ
)77بنندائع الصنننائع فنني ترتيننب الشنرائع عننالء النندين الكاسنناني ،الناشننر :دار الكتننب
العلمية ،الطبعة :الثانية1406 ،هن 1986 -م
)78البيان في مذهب اإلمام الشافعي للعمراني الناشر :دار المنهاج – جدة الطبعة:
األولى 1421 ،هن 2000 -م
)79البينان والتحصننيل البننن رشنند القرطبني ،الناشننر :دار الغننرب اإلسننالمي ،بيننروت
– لبنان الطبعة :الثانية 1408 ،هن 1988 -م
)80التاج واإلكليل لمختصر أبو عبد هللا المواق المالكي الناشر :دار الكتب العلمينة
الطبعة :األولى1416 ،هن1994-م
181
)81تبص نرة الحكننام فنني أصننول األقضننية ومننناهج األحكننام ،ابننن فرحننون ،الناشننر:
مكتبة الكليات األزهرية الطبعة :األولى1406 ،هن 1986 -م
)82تبينين الحقنائق شنرح كننز الندقائق للزيلعني الناشنر :المطبعنة الكبنرى األميريننة -
بوالق ،القاهرة الطبعة :األولى 1313 ،هن
)83تحفة المحتاج في شرح المنهاج البن حجر الهيتمني ،الناشنر :المكتبنة التجارينة
الكبرى عام النشر 1357 :هن 1983 -م
)84الته ننذيب ف نني اختص ننار المدون ننة الب ننن األزدي القيروان نني ،الناش ننر :دار البح ننوث
للدراسات اإلسالمية ،دبي ،ط 1423 ،1هن 2002 -م
)85الجننامع لعلننوم اإلمننام أحمنند لخالنند الربنناط ،الناشننر :دار الفننالح للبحننث العلمنني
مصر ،الطبعة :األولى 1430 ،هن 2009 -م
)86جنواهر الندرر فني حنل ألفناظ المختصنر للتتنائي المنالكي الناشنر :دار ابنن حننزم،
بيروت – لبنان ،ط 1435 ،1هن 2014 -م
)87حاشية الدسوقي على الشرح الكبير الناشر :دار الفكر
)88حاشية العدوي على شرح كفاية الطالنب الربناني ،الناشنر :دار الفكنر – بينروت
،تاريخ النشر1414 :هن 1994 -م
)89الحنناوي الكبيننر فنني فقننه مننذهب اإلمننام الشننافعي للمنناوردي الناشننر :دار الكتننب
العلمية ،بيروت – لبنان الطبعة :األولى 1419 ،هن 1999-م
)90الذخيرة أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدرينس الشنهير بنالقرافي الناشنر :دار
الغرب اإلسالمي -بيروت الطبعة :األولى 1994 ،م
)91رد المحت ننار عل ننى ال نندر المخت ننار الب ننن عاب نندين ،الناش ننر :دار الفك ننر-بي ننروت
الطبعة :الثانية1412 ،هن 1992 -م
)92روضننة الطننالبين وعمنندة المفتننين اإلمننام النننووي ،الناشننر :المكتننب اإلسننالمي،
بيروت -دمشق ،ط1412 ،3هن 1991 /م
)93روضننة الطننالبين وعمنندة المفتننين اإلمننام الن نووي ،الناشننر :المكتننب اإلسننالمي،
بيروت -دمشق ،ط1412 ،3هن 1991 /م
ديننة» ) ِ
القَّنننوجي الروضننة الن َّ
الرضننية علننى « َّ
نات َّ
)94الروضننة النديننة (ومعهننا :التعليقن ُ
الناشر :د ُار ابن القيِم للنشر ،ط 1423 ،1هن 2003 -م
182
)95الشرح الكبير على متن المقنع البن قدامة المقدسي الناشر :دار الكتناب العربني
للنشر والتوزيع
)96شرح مختصر خليل للخرشي ،الناشر :دار الفكر للطباعة -بيروت
)97شرح منتهى اإلرادات للبهوتي الناشر :عالم الكتب ط1414 ،1هن 1993 -م
)98عقنند الج نواهر الثمينننة فنني مننذهب عننالم المدينننة البننن شنناس الناشننر :دار الغننرب
اإلسالمي ،بيروت – لبنان الطبعة :األولى 1423 ،هن 2003 -م
)99فتح المعين بشرح قرة العين المليباري الناشر :دار بن حزم الطبعة :األولى
)100الفروع ومعه تصحيح الفروع البن مفلنح ،الناشنر :مؤسسنة الرسنالة ،الطبعنة:
األولى 1424هن 2003 -من
)101الفواكه العديدة في المسائل المفيدة البنن المنقنور ،الناشنر :شنركة الطباعنة
العربية السعودية ،الطبعة :الخامسة 1407 ،هن 1987 -م
)102الفواكننه العدينندة فنني المسننائل المفينندة البننن المنق ننور الناشننر :ش ننركة الطباعننة
العربية السعودية ،الطبعة :الخامسة 1407 ،هن 1987 -م
)103ق نره عننين األخيننار لتكملننة رد المحتننار ُمح َّمنند عننالء النندين أفننندى ابننن عابنندين
الحسيني الناشر :دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت -لبنان
)104الكنافي فنني فقننه اإلمننام المبجننل أحمنند بننن حنبننل البننن قدامننة الناشننر :المكتننب
االسالمي بيروت
)105المب نندع فنني شننرح المقنننع البننن مفلننح الناش ننر :دار الكتننب العلميننة ،بيننروت –
لبنان ط 1418 ،هن 1997 -م
)106المبسوط ،للسرخسي ،الناشر :دار المعرفة – بيروت 1414 ،هن 1993 -
)107مجمننع األنهننر فنني شننرح ملتقننى األبحننر شننيخ زاده ،المعننروف بننداماد أفننندي ،
الناشر :دار إحياء التراث العربي
)108مجمن ننوع الفتن نناوى البن ننن تيمين ننة الح ارنن نني الناشن ننر :مجمن ننع الملن ننك فهن نند لطباعن ننة
المصن ننحف الش ن نريف ،المدينن ننة النبوين ننة ،المملكن ننة العربين ننة السن ننعودية عن ننام النشن ننر:
1416هن1995/م
)109المجموع شرح المهذب (مع تكملة السبكي والمطيعي) ألبي زكريا محيي الندين
يحيى بن شرف النووي الناشر :دار الفكر
183
)110مختصن ن ن ن ن ن ن ننر العالمن ن ن ن ن ن ن ننة خلين ن ن ن ن ن ن ننل ،الناشن ن ن ن ن ن ن ننر :دار الحن ن ن ن ن ن ن ننديث/القاهرة ط،1
1426هن2005/من
)111المختصنر الفقهنني البنن عرفننة الناشننر :مؤسسنة خلننف أحمند الحبتننور الطبعننة:
األولى 1435 ،هن 2014 -م
)112مختصر المزني (مطبوع ملحقا باألم للشافعي) الناشر :دار المعرفة – بينروت
سنة النشر1410 :هن1990/م
)113المدونننة اإلمننام مالننك بننن أنننس الناشننر :دار الكتننب العلميننة ،الطبعننة :األولننى،
1415هن 1994 -م
)114مس ننائل اإلم ننام أحم نند ب ننن حنب ننل وإس ننحاق ب ننن راهوي ننه الب ننن بهن نرام ،الناش ننر، :
الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة ،الطبعة :األولى1425 ،هن 2002 -م
)115مطالن ننب أولن نني النهن ننى فن نني شن ننرح ةاين ننة المنتهن ننى الرحيبن ننانى الناشن ننر :المكتن ننب
اإلسالمي ،الطبعة :الثانية1415 ،هن 1994 -م
)116مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهناج ،للخطينب الشنربيني الشنافعي
الناشر :دار الكتب العلمية ،الطبعة :األولى1415 ،هن 1994 -م
)117مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهناج ،للخطينب الشنربيني الشنافعي
الناشر :دار الكتب العلمية ،الطبعة :األولى1415 ،هن 1994 -م
)118منح الجليل شرح مختصر خليل للشيخ عليش ،الناشر :دار الفكر – بيروت
)119منحة الخالق البن عابدين الناشر :دار الكتاب اإلسالمي الطبعة :الثانية
)120منحة الخالق البن عابدين ،الناشر :دار الكتاب اإلسالمي
)121المهذب في فقه اإلمام الشافعي للشيرازي الناشر :دار الكتب العلمية
)122مواهب الجليل في شنرح مختصنر خلينل للحطناب المنالكي الناشنر :دار الفكنر
الطبعة :الثالثة1412 ،هن 1992 -م
)123نهاية المطلب في دراية المذهب إلمام الحرمين الجنويني الناشنر :دار المنهناج
الطبعة :األولى1428 ،هن2007-م
النوادر و ِ
الزيادات ألبي زيد القيرواني ،الناشر :دار الغنرب اإلسنالمي ،بينروت َّ )124
الطبعة :األولى 1999 ،م
184
سادسا :كتب اللغة
185
)139تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحنات واإلنجنازات السياسنية د محمند سنهيل طقنوش
،الناشر :دار النفائس الطبعة األولى 1424هن2003-م
)140التعصب المذهبي في التاريخ مظاهره ،آثاره ،أسبابه ،عالجه د خالد كبير
عالل الناشر :دار المحتسب
)141الحق المر للشيخ الغزالي
)142السياسنننة الشن ننرعية البن ننن تيمين ننة الناشن ننر :و ازرة الشن ننئون اإلسن ننالمية -المملكن ننة
العربية السعودية الطبعة :األولى1418 ،هن
)143الطب النبوي البن قيم الجوزية الناشر :دار الهالل -بيروت
)144الط ننرق الحكمي ننة ف نني السياس ننة الش ننرعية اب ننن ق ننيم الجوزي ننة الناش ننر :دار ع ننالم
الفوائد -مكة المكرمة ط 1428 ،1هن
)145الفوائد البن قيم الجوزية الناشر :دار الكتب العلمية – بيروت ط1393 ،2هن
1973 -م
)146القانون الدستوري ملكية الصاروخ ط مطبعة النجاح الجديدة 1998م
)147قننوت القلننوب فنني معاملننة المحبننوب مكنني بننن أبنني طالننب الناشننر :دار الكتننب
العلمية ،ط 1426 ،2هن 2005-م
)148الكامننل فنني التنناريخ البننن األثيننر الناشننر :دار الكتنناب العربنني ،بيننروت – لبنننان
الطبعة :األولى1417 ،هن 1997 /م
)149الكامل في ضعفاء الرجنال الجرجناني الناشنر :الكتنب العلمينة -بينروت-لبننان
الطبعة :األولى1418 ،هن1997م
)150معننين الحكننام فيمننا يتننردد بننين الخصننمين مننن األحكننام أبننو الحسننن الطرابلسنني
الحنفي الناشر :دار الفكر
186