محاضرات في حقوق الإنسان والحريات العامة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 88

‫مقدمة‪:‬‬

‫حقوؽ اإلنساف دبفهومها اغبديث استغرقت الكثَت من الدراسات اؼبعمقة كاليت كانت يف كل‬
‫مرة تذىب هبا إىل ؾباؿ آخر من البحث القانوين كالفلسفي – الذم انبثقت منو يف األصل‪ -‬حيث‬
‫كانت البداية يف اقبلًتا من خالؿ اؼباغنا كارتا ‪ 1215‬كما تاله من إعالنات سواء يف بريطانيا‪ ،‬الواليات‬
‫اؼبتحدة األمريكية‪ ،‬كفرنسا‪.‬‬

‫لينتظر العامل حىت انتهاء اغبرب العاؼبية الثانية كما أفرزتو من إنشاء األمم اؼبتحدة‪ ،‬حيث تطرؽ‬
‫اؼبيثاؽ إىل اغبقوؽ اإلنسانية بشكل موجز‪ ،‬لكن أىم ربوؿ ىو ما جاءت بو الشرعة الدكلية بدءا‬
‫باإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف ‪ 1948‬إىل العهدين الدكليُت ‪.1966‬‬

‫كعلى الرغم من األشواط القوية اليت قطعتها مسَتة االعًتاؼ حبقوؽ اإلنساف فإف ىناؾ من يف‬
‫الغرب من بدأ ينظر إليها على أهنا دبثابة انتصار للفكرة الرأظبالية كمل تأت حقيقة إال خدمة ؽبذه الطبقة‬
‫من الربجوازيُت ‪-‬أسياد اإلقطاع‪ -‬كمن ىؤالء اؼبنادين هبذه الفكرة كبكل قوة (أنتوين ككدم كيس) يف‬
‫ك تابو حقوؽ اإلنساف من منظور عصرم‪ ،‬كىو من الكتب اليت كاف ؽبا األثر البارز يف خضم ىذه‬
‫الدراسة ألنو يبثل النقد الغريب الذايت ألطماعو كنظرتو الدكنية لغَت الغربيُت‪.‬‬

‫كقد قسمت ىذه الدراسة إىل سبعة مباحث رئيسة‪ ،‬حيث خصص اؼببحث األكؿ لإلطار‬
‫اؼبفاىيمي كالذم تضمن أربعة مطالب فيها تعريف حقوؽ اإلنساف كاغبريات العامة‪ ،‬كطبيعة ىذه اغبقوؽ‬
‫بالنظر إىل منشئها كعالقة ذلك باػبالفات الفقهية بُت ـبتلف اؼبدارس األكربية‪ ،‬ككاف لزاما اإلشارة إىل‬
‫أكجو الشبو كالفرؽ بُت حقوؽ اإلنساف كاغبريات العامة‪ ،‬فحقوؽ اإلنساف يكتسبها اإلنساف بصفتو‬
‫الفطرية فهي موجودة كإف مل يعًتؼ هبا بل حىت لو مت انتهاكها خبالؼ اغبريات العامة اليت ال ربيا إال يف‬
‫إطار نظاـ قانوين ؿبدد ؽبا سلفا‪ ،‬كاغبقوؽ قد تصبح حريات إذا قننت أما اليت مل تقنن فتستمر حقوقا‬
‫طبيعية‪ ،‬كما سبت اإلشارة إىل مغالطة حقوؽ اإلنساف كازباذىا ذريعة لتسويق النظاـ الرأظبايل اعبديد‬
‫القائم على تقديس اؼبلكية‪.‬‬

‫كخصص اؼببحث الثاين للتطور التارىبي ؽبذه اغبقوؽ منذ بداية اغبضارة األكىل إىل غاية صدكر‬
‫اإلعالنات الدكلية للحقوؽ‪ ،‬كيف اؼببحث الثالث مت رصد أكجو التشابو كاالختالؼ بُت مصطلح حقوؽ‬

‫]‪[1‬‬
‫اإلنساف كغَته من اؼبصطلحات القريبة منو معنا كإجراء لكنها زبتلف عنو كالقانوف الدكيل اإلنساين‪،‬‬
‫كالتدخل اإلنساين كاغبرية‪.‬‬

‫أما اؼببحث الرابع فقد مت فيو دراسة اؼبنظمات الدكلية كأثرىا على حقوؽ اإلنساف كمنها األمم‬
‫اؼبتحدة‪ ،‬كما مت البحث عن ىذه اغبماية يف إطار النظاـ القانوين لألمم اؼبتحدة مثل كجود اجمللس‬
‫االقتصادم كاالجتماعي كعبنة حقوؽ اإلنساف كاؼبفوض السامي غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬باإلضافة إىل تبياف‬
‫تعامل القضاء الدكيل مع حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫أما اؼببحث اػبامس فقد مت إفراده للوثائق الناظمة كاؼبؤطرة غبقوؽ اإلنساف كاليت تًتبع على‬
‫عرشها ما يسمى بالشرعة الدكلية‪ ،‬ككذلك سبت اإلشارة إىل مصادر حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كألف ىناؾ اختالفا يف تقسيم اغبقوؽ فقد مت ذكر ذلك بالتفصيل يف اؼببحث السادس مع ذكر‬
‫أىم اغبقوؽ سواء يف اعبزائر أك يف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫بينما اؼببحث السابع كاألخَت فقد مت فيو اإلشارة إىل مبدأين قانونيُت هبب توافرنبا يف أم بلد‬
‫ضباية للحقوؽ كاغبريات األساسية كنبا مبدآ اؼبشركعية كالفصل بُت السلطات‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماىية حقوق اإلنسان‬

‫حقوؽ اإلنساف مرت بتطور كبَت فهي مل ربمل ىذا اؼبصطلح إال يف القرف ‪ 20‬كؽبذا مل يتفق‬
‫على تعريف كاحد للحقوؽ كاغبريات(اؼبطلب األكؿ)‪ ،‬كما أف طبيعة نشأهتا أثرت على معرفتنا هبا‬
‫(اؼبطلب الثاين)‪ ،‬كليست كل حقوؽ اإلنساف ىي حريات عامة بل ما مت تقنينو منها كاعًتفت بو السلطة‬
‫القائمة(اؼبطلب الثالث)‪ ،‬كال ينبغي االلبداع بالدعوة إىل حقوؽ اإلنساف كالتبشَت هبا على أهنا من‬
‫اغبداثة فالبعض يف الغرب أصبح يسعى لكشف مغالطة ىذا اؼبسعى (اؼبطلب الرابع)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف حقوق اإلنسان والحريات العامة‬

‫دراسة حقوؽ اإلنساف ترتبط بشكل مباشر باإلنساف يف حد ذاتو‪ ،‬كمع اىتماـ الكثَت من العلوـ‬
‫بدراسة ىذا اعبانب إال أف علم األنثركبولوجيا ( علم اإلنساف) اىتم بالبحث يف حقوؽ اإلنساف أكثر‬
‫من غَته من العلوـ‪ ،‬كبالنظر إىل اغبضارات القديبة كاليت اىتمت كل منها جبانب من ىذا البحث يف‬

‫]‪[2‬‬
‫ىذه القضية‪ ،‬فقد اعترب كل من "أفالطوف كأرسطو" أف النفس اإلنسانية ىي أىم مكوف يف كجود‬
‫اإلنساف‪ ،‬كاؼبتصفح ؽبذا االعتقاد يرل بأنو دراسة للنفس اإلنسانية ال لإلنساف ذاتو‪ ،‬حيث اعترب‬
‫"أرسطو" النفس سببا يف كجود اإلنساف ككائن حي‪ ،‬بينما العامل اإلسالمي "الفارايب" يرل يف النفس‬
‫كماال للجسم أما كماؿ النفس فهو العقل‪.‬‬

‫أما فالسفة عصر النهضة األكربية بدءا من القرف ‪ 16‬فقد نظركا إىل اإلنساف بصورة ـبتلفة عن‬
‫أسالفهم اإلغريق كاليوناف‪ ،‬حيث اقًتح "كانت" أف يكوف ىدؼ األنثركبولوجيا (علم اإلنساف) ىو‬
‫دراسة اإلنساف باعتباره يب ثل اعبسم كما وبويو من نفس‪ ،‬كىنا يظهر جليا الفرؽ بُت اإلسالـ كغَته من‬
‫‪1‬‬
‫الديانات كاؼبدارس الفقهية‪ ،‬حيث أنو األسبق يف فهم حقيقة اإلنساف‪.‬‬

‫كيرل الفقيو "برسيس ‪ " Bercis‬أف حقوؽ اإلنساف ىي شبرة االنتصار على كل قوة جائرة على‬
‫حقوؽ األفراد‪ ،‬القوة اعبائرة ليس اؼبقصود هبا تلك القوة الشرسة‪ ،‬كإمبا قد تكوف "مقاكمة القوة السياسية‬
‫اؼبنحدرة عن القوة العسكرية كالسلطات األخرل اؼبرتبطة هبا كسلطة اؼباؿ كسلطة العلم (أك اؼبعرفة)"‪ ،‬لذا‬
‫كاف من الالزـ تسيَت كتكييف ىذه السلطات لتتناسب مع طبيعة حقوؽ الفرد حىت يكوف سيد نفسو‬
‫‪2‬‬
‫كمصَته‪.‬‬

‫أما "ديامل كميٍت ‪ "Duhamel et Meny‬فقد عرفا حقوؽ اإلنساف يف معجميهما الدستورم‬
‫بأهنا ‪" :‬حقوؽ الفرد يف بعدىا الشمويل اجملرد‪ ،‬فهي سابقة عن القانوف الوضعي كأظبى منو بل تعد معيارا‬
‫‪3‬‬
‫لو كحدكدا للسلطة الشرعية للدكلة"‪.‬‬

‫كقد ظهر مصطلح "حقوؽ اإلنساف" ألكؿ مرة يف خطاب الرئيس األمريكي "ركزفلت" عاـ‬
‫‪ 1941‬كالذم حدد فيو اغبريات األربع اليت تعمل الواليات اؼبتحدة األمريكية على ضبايتها ألهنا دبثابة‬

‫‪ -1‬د كامل السعيد‪ ،‬د منذر الفضل‪ ،‬مبادئ القانوف كحقوؽ اإلنساف‪ ،‬الشركة العربية اؼبتحدة للتسويق كالتوريدات‪ ،‬القاىرة مصر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2013‬ص ‪.173 ،172‬‬
‫‪ -2‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اغبريات العامة كحقوؽ اإلنساف‪ ،‬دار كليلي للطباعة كالنشر‪ ،‬مراكش اؼبغرب‪ ،‬بدكف تاريخ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -3‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫]‪[3‬‬
‫قيم كمبادئ تقوـ عليها‪ ،‬حيث كانت دبثابة اؼبرجعية احمللية لكنها مل تلبث أف ربولت إىل خطاب‬
‫‪1‬‬
‫انعكس صداه يف العامل بأسره‪.‬‬

‫أما مصطلح القانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف فقد ظهر يف أكاخر القرف ‪ 20‬فهو حديث نسبيا كيعود‬
‫‪2‬‬
‫بالضبط إىل بداية السبعينيات‪.‬‬

‫كرجوعا إىل تعريف اغبرية تستوقفنا ؾبموعة من التعاريف لفالسفة كفقهاء كبار دبا ىبدـ ما مت‬
‫ذكره سابقا‪ ،‬حيث يقوؿ "جاؾ ركبَت‪ " Jacques Robert‬أف ‪ ":‬اغبرية تلتقي إذف بضماف حيز خاص‬
‫لكل فرد ألف يكوف سيد نفسو"‪ ،‬أما "ىيغل" فيعتربىا جزءا من فهمنا لإلنساف بقولو‪ ":‬اغبرية ىي‬
‫العنصر اؼبكوف ؼبفهوـ اإلنساف‪ ،‬إف الوعي هبذه اغبقيقة قد عمل عرب التاريخ كغريزة مدة قركف‪ ،‬كحققت‬
‫تلك الغريزة تغَتات عظيمة إال أف القوؿ بأف اإلنساف حر بطبعو ال يعٍت دبقتضى كيانو اؼبلموس بل يعٍت‬
‫دبقتضى ما تعنيو كمفهومو"‪ ،‬بينما "ىاركلد السكي" أكثر اندفاعية يف فك أم قيد قد يعًتم اغبرية‬
‫بقولو‪ ":‬أنا أعٍت باغبرية انعداـ أية قيود على كجود تلك الظركؼ االجتماعية اليت سبثل يف اؼبدينة اغبديثة‬
‫الضمانات الضركرية الفردية"‪ ،‬أما "جوف ستيوارت" فركز على اغبرية يف جانبها اؼبعنوم كاعتربىا مفتوحة‬
‫بغَت سقف كىو ما يربز يف قولو‪ ":‬إف النطاؽ اؼبناسب للحرية اإلنسانية ىو حرية الضمَت بأمشل معانيها‬
‫كحرية الفكر كالشعور كحرية الرأم كالوجداف اؼبطلقة يف كل اؼبوضوعات سواء كانت عملية أـ تأملية أـ‬
‫علمية أـ أخالقية أـ الىوتية"‪ ،‬كيربط "برغسوف" بُت اغبرية كالواقع كيعتربىا موجودة ما داـ اإلنساف‬
‫موجودا كىي ليست بشيء يبكن اخفاؤه حيث يؤكد بالقوؿ‪" :‬إف مل تكن أكثر الوقائع اؼبلموسة كضوحا‬
‫كجالء‪ ،‬كلكن عبثا وباكؿ اؼبرء أف يربىن على كجود اغبرية‪ ،‬فما اغبرية بشيء يبكن ربديد كجوده‪ ،‬بل‬
‫ىي يف اغبقيقة اثبات للشخصية‪ ،‬كتقرير لوجود اإلنساف‪ ،‬إهنا ليست (موضوعا) يعاين بل ىي حياة‬
‫‪3‬‬
‫تعاىن"‪.‬‬

‫‪ -1‬انتوين ككديويس‪ ،‬حقوؽ األنساف من منظور عصرم‪ ،‬ترصبة ؿبمد أضبد اؼبغريب ‪ ،‬دار الفجر للنشر كالتوزيع‪ ،‬القاىرة مصر‪ ،‬الطبعة ‪،1‬‬
‫‪ ،2007‬ص ‪.154‬‬
‫‪ -2‬د جعفر عبد السالـ علي‪ ،‬القانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف ‪ ،‬دار الكتاب اؼبصرم القاىرة‪ ،‬دار الكتاب اللبناين بَتكت‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ ،1999‬ص ‪.67‬‬
‫‪ -3‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اغبريات العامة كحقوؽ اإلنساف بُت النص كالواقع‪ ،‬دار اؼبنها اللبناين‪ ،‬بَتكت لبناف‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ص ‪.42 ،41‬‬

‫]‪[4‬‬
‫كىو تقريبا ما جاء بو القاضي" ‪ "Learned Hand‬حيث يقوؿ‪ ":‬أف اغبرية تكمن يف قلوب‬
‫الرجاؿ كالنساء فإذا ماتت ىذه اعبذكة ف ال جدكل من دستور أك قانوف‪ ،‬كليس يف كسع احملكمة أف‬
‫‪1‬‬
‫ربميها"‪.‬‬

‫فتعريف اغبرية من الوجهة الفلسفية الشمولية بالنظر إىل الوثائق الرظبية قبده مل يرد سول يف‬
‫اعالف حقوؽ اإلنساف كاؼبواطن الفرنسي (‪ )1789‬ففي الفصل الرابع جاءت كمايل‪ ":‬قدرة الفرد أف‬
‫يفعل كل ما ال يضر باآلخرين"‪ ،‬كاذا حبثنا عن التعريف االصطالحي كاللغوم ؽبا فإف "كورين ‪"Cornu‬‬
‫يف معجم اؼبصطلحات القانونية يعرفها دبا يلي‪" :‬اغبرية تعٍت ‪ :‬اػبَت األظبى‪ ،‬بالنسبة للفرد أك الشعب‬
‫هبدؼ العيش بعيدا عن أم استبعاد أك اضطهاد أك ىيمنة داخلية أك خارجية"‪ ،‬كىو تعريف أقرب إىل‬
‫اؼبفهوـ الفلسفي‪.‬‬

‫كاغبرية حبسب ما جاء يف معجم "اندرم الالند" ‪ Andrée Lalande‬ىي السيطرة على‬
‫الذات من غَت أم إكراه يتيح لو التحكم يف تصرفاتو بإرادتو اغبرة كبشكل طبيعي‪:‬‬

‫‪"La liberté est l’Etat de l’être qui ne subit pas de contrainte qui agit‬‬
‫‪conformément à sa volonté, à sa nature".‬‬

‫كيعرفها األستاذ "آيك ‪ "Hayek‬بأهنا‪" :‬غياب اإلكراه اعبسدم كالنفسي كاألخالقي"‪ ،‬كربط اغبرية‬
‫بضركرة ربقق عدالة اجتماعية لكنو يرل يف نفس الوقت أف استعماؿ مصطلح العدالة االجتماعية قد‬
‫اتسم "بالديباغوجية"‪ ،‬فمثال ىذا اؼببدأ حسبو يتعارض مع مبدأ اؼبساكاة كالذم يقتضي معاملة األفراد يف‬
‫اجملتمع على نفس القدر من اؼبساكاة‪ ،‬كىو أمر خاطئ بالنظر إىل أف الفرد ىو اؼبسؤكؿ عن رفاىيتو‬
‫كازدىار أسرتو كال يبكن أف يكوف الفرد عبئا على اجملتمع إف ىو مل يسع يف ذلك‪ ،‬فكيف نطلب أف‬
‫تكوف ىناؾ مساكاة فمن كاجب اغبكومة مثال أف توفر لكل فرد دخال مناسبا كؿبًتما‪ ،‬كيرل أف العدالة‬
‫االجتماعية كي تتحقق يكفي فقط أف تشبع اؼبؤسسات كاألنشطة اؼبتطلبات األساسية ألفراد اجملتمع‬
‫‪2‬‬
‫بشكل ال ينتقده األفراد اؼبعنيوف‪.‬‬

‫‪ -1‬د كرًن يوسف أضبد كشاكش‪ ،‬اغبريات العامة يف األنظمة السياسية اؼبعاصرة‪ ،‬منشأة اؼبعارؼ اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،1987 ،‬‬
‫ص ‪.383‬‬
‫‪ -2‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13 -11‬‬

‫]‪[5‬‬
‫بينما األستاذ "سفيز ‪ "Sfez‬يف كتابو "نقد القرار" أثناء تعرضو للحريات اغبديثة كجد أهنا سبثل‬
‫نقدا للحرية ذاهتا‪ ،‬كبالرغم من اختالؼ تعريفاهتا من فقيو آلخر إال أهنا تتفق يف كوف مفهوـ اغبرية‬
‫الكالسيكي أصبح ؿبل نظر‪ ،‬فعند عرضو لنظرية "كركزيي ‪ "Crozier‬كالذم تطرؽ إىل مفهوـ السلطة‬
‫كتدخلها عند كجود ما يهدد األمن كاالستقرار إال أف اغبرية حسبو تبقى يف شعور األفراد هبا كماداـ‬
‫الفرد مستقال فهو وبس بالطمأنينة كاالرتياح‪ ،‬بالرغم من إقراره بأف الفرد اليوـ ليس ىو ذلك الفرد‬
‫الكالسيكي اؼبيتافيزيقي بل إنو اليوـ ؿباصر يف اطار سلطة الدكلة كدبوجب ؿبددات داخل اجملتمع الذم‬
‫يعيش فيو‪ ،‬إال أف "كركزيي" ال زاؿ يعتقد أف الفرد مل يتم إفراغو بالكلية ماداـ يتمتع بشعور اغبرية‬
‫كيعيشو حقيقة‪ ،‬كما أف "جوف ستيوارت ميل" يف كاتبو "اغبرية ‪ )1859( "On Liberty‬فقد ربط‬
‫مفهوـ اغبرية دببدأ اؼبشاركة كحاكؿ يف ذلك التوفيق بُت الديبقراطية كاغبرية ألجل ربقيق اػبَت العاـ‪ ،‬كرأل‬
‫بأف اغبكم اؼب طلق للجهاز التشريعي ىو األنفع باعتباره ىيئة رقابية كىو أحسن من نظاـ توازف‬
‫‪1‬‬
‫السلطات‪.‬‬

‫أما تعريف اغبرية من كجهة النظر القانونية كبالرجوع إىل التعريف الثاين ؽبا يف معجم "كورين"‬
‫فقد جاء كما يلي‪" :‬اغبرية كضعية مضمونة للقانوف تسمح لكل فرد أف يكوف سيد نفسو‪ ،‬يبارس حسب‬
‫رغبتو كل اإلمكانيات اؼبتاحة لو"‪ ،‬كيعرفها "ديامل كميٍت ‪ "Du Hamel et Meny‬يف معجمهما‬
‫الدستورم بأهنا‪ ":‬فعل كل ما ليس فبنوعا بقانوف مطابق للدستور كلالتفاقيات الدكلية"‪ ،‬أما "ريفَتك‬
‫‪ "Rivero‬يف كتابو "اغبريات العامة" فقد عرفها بأهنا‪" :‬القدرة اؼبخولة دبقتضى القوانُت الوضعية‬
‫للسيطرة على الذات كالتحكم هبا"‪.‬‬

‫كيتساءؿ األستاذ "جاؾ ركبَت ‪ "Jacques Robert‬حوؿ من يبكنو كضع تعريف للحرية ىل‬
‫ىو الفيلسوؼ أك رجل القانوف‪ ،‬فحسبو الفيلسوؼ يهمو ماذا تعٍت اغبرية الداخلية كالركحية‪ ،‬أما رجل‬
‫القانوف فيهتم بالقواعد اػبارجية فمىت اع تربت اغبرية قانونا فهي قاعدة قانونية ملزمة يف إطارىا اؼبادم‬
‫‪2‬‬
‫كاؼبتمثل يف ما يبكن للفرد أف يفعلو كماىي حدكد ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.14 ،13‬‬


‫‪ -2‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.16 ،15‬‬

‫]‪[6‬‬
‫أما تعريف مصطلح "العاـ ‪ " Public‬اؼبقًتف باغبريات فهو تعبَت شائع يف اللغة القانونية من‬
‫مثل‪ :‬اؼبرفق العاـ‪ ،‬القانوف العاـ‪ ،‬القطاع العاـ‪ ،‬كىو يربز امتداد الدكلة إىل كل ما سبق ذكره‪ ،‬حيث أف‬
‫تدخل الدكلة (السلطة العامة) لإلقرار بوجود ىذه اغبريات كاالعًتاؼ بغَتىا من اغبقوؽ األخرل‪،‬‬
‫كتنظيمها‪ ،‬كت قنينها دبوجب قواعد قانونية‪ ،‬ينقلها من مرتبة اغبرية اجملردة إىل مرتبة اغبريات العامة كىو‬
‫‪1‬‬
‫يدؿ على ىذه العالقة اؼبتينة بُت اغبريات العامة كالدكلة حىت كإف كانت غَت مرئية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طبيعة حقوق اإلنسان‬

‫ليس مطلوبا البحث يف شرعية كجود حقوؽ اإلنساف فهي موجودة بالفعل لكن طبيعة اؼبنشأ‬
‫كىدفو ىي ؿبل خالؼ فمثال األستاذ "انتوين ككديويس" لو رأم يف ذلك بقولو‪:‬‬

‫" اغبقوؽ ببساطة أىداؼ ذات سياسة ؿبددة اجتماعيا‪ ،‬كالذم يعٍت أف كجودىا ال يتطلب تربيرا بقدر‬
‫‪2‬‬
‫ما يتطلب شرحا"‪.‬‬

‫كلفهم حقوؽ اإلنساف بشكل جيد كاف البد من الرجوع إىل القانوف يف حد ذاتو ألف لو‬
‫انعكاسا مباشرا على ىذا الفهم‪ ،‬فػ ػ "ىوؼبز" يف كتابو "القانوف العاـ" كيف أثناء حديثو عن القانوف يؤكد‬
‫بأف‪" :‬حياة القانوف مل تكن منطقية‪ ،‬لقد كانت خربة‪ ...... ،‬كالقانوف هبد فلسفتو يف طبيعة احتياجات‬
‫‪3‬‬
‫البشر"‪.‬‬

‫كالقانوف حسب الفيلسوؼ "جَتيبي بنتاـ"‪ -‬كىو صاحب نظرية الوضعية القانونية‪ -‬ىو ما‬
‫يبكن رؤيتو من حركؼ‪ ،‬مشكلة الكلمات اؼبرئية ال غَت‪ ،‬سواء كجدت تلك الكلمات يف أعماؿ قرارات‬
‫‪4‬‬
‫القضاة أك يف أعماؿ التشريع‪.‬‬

‫كبالرجوع إىل اػبلف قليال كبالضبط إىل الفالسفة اليوناف الذين اعتربكا أف العامل يسَت كفقا‬
‫لقانوف ثابت ال يتغَت ال بالزماف كال باؼبكاف كتسَته قوة عليا كيف إطار من النواميس الثابتة كقد اصطلحوا‬
‫على تسميتو بالقانوف الطبيعي‪ ،‬لتأيت اؼبدرسة الركاقية كتربز القانوف الطبيعي كتفصل يف طبيعتو‪ ،‬فرأكا‬

‫‪ -1‬د ؿبمد سعيد ؾبذكب‪ ،‬اغبريات العامة كحقوؽ اإلنساف‪ ،‬بدكف دار كال تاريخ نشر‪ ،‬ص ‪.9 ،8‬‬
‫‪ -2‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ -3‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪ -4‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 96‬‬

‫]‪[7‬‬
‫ضركرة مراعاة أم تشريع يصدر ؼببادئ القانوف الطبيعي كالفوارؽ االجتماعية كذلك باالعًتاؼ بسيادة‬
‫القانوف الطبيعي على القانوف الوضعي‪ ،‬كيف حاؿ تعارض ىذا األخَت معو فاألكلوية للقانوف الطبيعي‬
‫‪1‬‬
‫باإلضافة إىل كجوب خضوع األفراد كالدكلة لقواعده‪.‬‬

‫كيًتتب على االعًتاؼ بسمو القانوف الطبيعي احًتاـ ؾبموعة من اغبقوؽ اؼبالصقة لشخصية‬
‫اإلنساف كاليت تولد معو أم أهنا موجودة حىت قبل كجود اجملتمع كنشوء ما يعرؼ بالدكلة ‪ ،‬كىذه األفكار‬
‫تأثر هبا مفكرك القرنيُت ‪ 17‬ك ‪.18‬‬

‫ليأيت بعد ذلك فقهاء نظرية العقد االجتماعي بتساؤؿ مفاده‪ :‬كيف أف اإلنساف خرج من حالتو‬
‫الفطرية ل يصبح عضوا يف الدكلة؟‪ ،‬أما اإلجابة حسبهم فهي أف الدكلة نشأت دبوجب عقد بُت الناس‬
‫البدائيُت كل منهم كافق على اػبركج من اغبالة الفطرية (الطبيعية) من أجل إقامة ؾبتمع سياسي سبثلو‬
‫الدكلة‪ ،‬لكن أصحاب ىذا التوجو اختلفوا يف ربديد أطراؼ ىذا العقد كىدفو‪ ،‬لذا كانت نتائج دراستهم‬
‫ـبتلفة كيبكن تقسيمها إىل اذباىيُت رئيسيُت‪ :‬األكؿ يعطي الدكلة السلطة اؼبطلقة يف اغبكم‪ ،‬بينما االذباه‬
‫الثاين رأل بضركرة تقييد سلطة اغبكاـ كاعطاء اغبرية للمواطنُت كضبايتها‪ ،‬حيث يرل الفيلسوؼ‬
‫اإلقبليزم ( ىوبس) يف كتابو "‪ "leviathan‬أف الناس كدبوجب العقد االجتماعي تنازلوا عن صبيع‬
‫حقوقهم كحرياهتم الطبيعية إىل حاكم مطلق مقابل ضماف أمنهم كضبايتهم ألف حالة الفطرة (الطبيعية)‬
‫ال تؤدم إال للفوضى كاغبركب الدائمة‪ ،‬بينما الفيلسوؼ اإلقبليزم األخر (جوف لوؾ) دبوجب الرسالتُت‬
‫الشهَتتُت" ‪ "Tow treaties on civil governement‬عن حقوؽ الفرد‪ ،‬رأل بأف اغبياة الطبيعية‬
‫ليست بذلك السوء الذم جاء بو "ىوبس" مثال كإمبا الناس سعداء ضمنها‪ ،‬لكنو يعتقد بأف اغبياة‬
‫اؼبدنية أفضل منها كعلى ذلك فالناس عندما تنازلوا عن جزء من حرياهتم كليس كلها كاف القصد من‬
‫كراء ذلك إنشاء ؾبتمع سياسي‪ ،‬لكن يف اؼبقابل مل يتنازلوا عن كل حرياهتم لذا كاف من الواجب ضباية‬
‫‪2‬‬
‫اغبق يف اغبياة‪ ،‬كاغبرية كالكرامة‪ ،‬كيتعُت على السلطة ضبايتها‪.‬‬

‫أما "جاف جاؾ ركسو" يف كتابو "العقد االجتماعي" فإنو يرل بأف الناس قد تنازلوا عن كل‬
‫حرياهتم دبوجب العقد االجتماعي للمجتمع أك األمة كليس للحاكم‪ ،‬حيث سبثل السلطة يف اجملتمع‬

‫‪ -1‬د كامل السعيد‪ ،‬د منذر الفضل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.174 ،173‬‬
‫‪ -2‬د كامل السعيد‪ ،‬د منذر الفضل‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.174‬‬

‫]‪[8‬‬
‫اإلرادة العامة كاليت هبب أف ىبضع ؽبا الفرد كأنو ال يوجد أم تعارض بُت سيادة الدكلة كحرية الفرد‪،‬‬
‫فاغبرية ىي طاعة الفرد للقانوف باعتباره من ـبرجات اإلرادة العامة كاليت سبثل أغلبية أفراد اجملتمع‪.‬‬

‫كيعتقد "مونتيسكو" من خالؿ ما جاء يف كتابو "ركح القوانُت" بأف اغبرية لن تقوـ ؽبا قائمة إذا‬
‫مل يتحقق فعليا ما يسمى باستقالؿ السلطات عن بعضها البعض‪ ،‬أم الفصل بُت السلطات الثالث‬
‫‪1‬‬
‫التشريعية‪ ،‬التنفيذية‪ ،‬كالقضائية‪.‬‬

‫كؽبذا قبد أف اعبدؿ يف تفسَت اغبقوؽ كإعطائها كامل األبعاد اغبقيقية ؽبا إمبا ىو دائر بُت دعاة‬
‫نظرية القانوف الطبيعي كدعاة الوضعية القانونية‪ ،‬كقمة اعبدؿ تدكر حوؿ طبيعة ىذه اغبقوؽ‪ ،‬فأصحاب‬
‫نظرية اغبقوؽ الطبيعية يركف أف بعضا من اغبقوؽ توجد مستقلة أك سابقة عن صدكر القانوف باعتبارىا‬
‫فطرية كمتأصلة لدل اإلنساف لصفتو األدمية كاليت يولد عليها‪ ،‬بينما دعاة الوضعية القانونية فإهنم‬
‫كبشكل متعارض يركف أف كل اغبقوؽ غَت فطرية بالنسبة لألفراد كاعبماعات بل تضاؼ بواسطة قول‬
‫خارجية قد تكوف نصوصا تشريعية أك قرارات قضائية‪ ،‬حيث يعترب "جريبي بنتاـ" أف اغبقوؽ الطبيعية ىي‬
‫‪2‬‬
‫"ىراء متفاخر"‪.‬‬

‫كحقوؽ اإلنساف ال زبلو من التأثر دبا جاء بو رجاؿ القانوف للقرف ‪ 19‬يف فهمهم للقانوف بصفة‬
‫‪3‬‬
‫خاصة‪ ،‬حيث أف كل اغبقوؽ تابعة غبق اؼبلكية إال إذا مت إعطاؤىا سياقا آخر دبوجب شركط تعاقدية‪.‬‬

‫كحبسب األستاذ "انتوين ككديويس" كالذم هبعل من اؼبلكية أساس نشأة كل اغبقوؽ يف النظاـ الرأظبايل‬
‫‪ -‬كاليت طغت بعدىا على كل الفهم الدكيل غبقوؽ اإلنساف‪ -‬حيث يرل يف القانوف ما يلي‪ ":‬إف إعاقة‬
‫القانوف إلمكا نات التطور االجتماعي نشأت ألف النظاـ االقتصادم تأسس على اغبقوؽ اؼبفًتضة‬
‫كاؼبغرقة يف القدـ للملكية كالعقد‪ ،‬كقد أزاحت الرأظبالية ( الشخص) من مكانو كأساس مقدس‬
‫‪4‬‬
‫للقانوف"‪.‬‬

‫‪ - 1‬د كامل السعيد‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.175 ،174‬‬
‫‪ -2‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17 -15‬‬
‫‪ -3‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫‪ -4‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.116‬‬

‫]‪[9‬‬
‫كيضيف قائال ‪ ":‬احملتول الشرعي غبكم القانوف مل يكن ؿبايدا بشكل جوىرم على اإلطالؽ‬
‫طاؼبا أف اؼبلكية ىي اليت أمدتو بأساسو كليس أم حق أخر"‪ ،‬كىذه الرؤية تنطبق باػبصوص على‬
‫بريطانيا كالواليات اؼبتحدة األمريكية عند نشأهتا لكنها مل تلبث أف غزت العامل بأشكاؿ ـبتلفة كىو ما‬
‫‪1‬‬
‫سيتم ابرازه فيما سيأيت من ىذه الدراسة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العالقة بين حقوق اإلنسان والحريات العامة‬

‫ىناؾ اختالؼ جلي كبارز بُت اغبق كاغبرية‪" ،‬فاغبرية تنصرؼ إىل سلطة التقرير الذايت يف‬
‫مواجهة اؼبنتفع باغبرية ذاتو كترتب التزاما سلبيا يف مواجهة الغَت‪ ،‬أما اغبقوؽ األخرل اليت يعًتؼ هبا‬
‫القانوف للشخص فتنطوم على سلطة فرض سلوؾ اهبايب على الغَت كليس ؾبرد االمتناع عن القياـ‬
‫‪2‬‬
‫بعمل"‪.‬‬

‫كال يوجد أ م إصباع فقهي على تعريف كاحد للحرية كإعطاء مفهوـ موحد ؽبا كقد يتخذ ىذا‬
‫اؼبصطلح عدة تسميات شائعة مثل‪ :‬اغبريات العامة‪ ،‬اغبريات األساسية للفرد‪ ،‬أك اغبريات الفردية‬
‫األساسية‪ ،‬كمنهم من ىبلطها مع مفهوـ آخر كيطلق عليها مصطلح حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كيف ؿباكلة للوصوؿ‬
‫إىل تعريف مقنع يبتعد عما ىو متداكؿ يف البيئة السياسية أك اإلعالمية أك حىت ما ىو معركؼ كتعريف‬
‫لغوم‪ ،‬فإف ىناؾ من رأل بأنو هبب أف يُسلك يف سبيل ذلك طريق البحث عن معيار للتمييز بُت‬
‫اغبريات العامة كغَتىا من اغبريات أك اغبقوؽ‪ ،‬كبُت طرؼ ثاف يرل األنسب ىو كضع قائمة تعدد ىذه‬
‫‪3‬‬
‫اغبريات كاغبقوؽ‪.‬‬

‫كترجع صعوبة كضع تعريف موحد للحرية بالنظر إىل منشأ ىذا اعبزء من القانوف الذم ىو نتاج‬
‫العقل الغريب‪ ،‬ففي تعريفو للحرية يبكن مالحظة أمرين ىامُت نبا‪:‬‬

‫‪ -‬تعريف اغبرية من الوجهة الفلسفية الشمولية‪.‬‬

‫‪ -1‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 115‬‬


‫‪ -2‬د ؿبمد يوسف علواف ‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬القانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف اؼبصادر ككسائل الرقابة‪ ،‬اعبزء ‪ ،1‬دار الثقافة عماف‬
‫األردف‪ ،2009 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 3‬د ؿبمد سعيد ؾبذكب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.8‬‬

‫]‪[10‬‬
‫‪ -‬تعريف اغبرية من كجهة النظر القانونية‪ ،‬كيف نفس ىذا االذباه ىناؾ من وباكؿ اؼبزاكجة بُت ما‬
‫‪1‬‬
‫ىو فلسفي كما ىو قانوين‪.‬‬

‫كيرل األستاذ "ثَتكف ‪ "Theron‬أف اختالؼ الفقو يف إعطاء تعريف كاحد للحريات العامة يرجع‬
‫إىل سببُت رئيسيُت‪ ،‬أكؽبما أف اغبريات العامة تستند إىل قاعدة قانونية‪ ،‬لكن ىذه األخَتة مل تكتسب‬
‫معناىا اغبقيقي إال من خالؿ مفاىيم غَت قانونية بل ترجع إىل ؾبموعة من االعتبارات التارىبية‪،‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬كالدينية‪ ،‬ما هبعل مفهوـ اغبريات غَت ثابت كمتغَت زمانا كمكانا‪.‬‬

‫كثاين ىذه األسباب ىو عدـ كجود تعريف كاضح للحرية سواء كاف ذلك يف القانوف الداخلي (الوطٍت)‬
‫‪2‬‬
‫أك حىت القانوف الدكيل الذم وبيل دائما على حقوؽ اإلنساف كأيضا ربديد مضموف اغبرية كؿبدداهتا‪.‬‬

‫كحبسب جانب من الفقو فحىت كإف اختلفت التسميات كاؼبسميات أكانت حقوقا أك حريات‬
‫أك مكنات أك حىت سلطات‪ ،‬فهي لن زبرج عن كوهنا كمضموف ال يبكن للفرد أف يعيش بعيدا عنها ألنو‬
‫‪3‬‬
‫فقط عضو يف اجملتمع بل ىي أكثر من ذلك جزء من حياة اإلنساف ال وبي إال هبا‪.‬‬

‫كأحسن مثاؿ إلعطاء تصور عن مدل االرتباؾ يف إعطاء تعريف كاحد للحريات ما حدث يف‬
‫أمريكا سنة ‪ 1886‬عندما اندلعت اغبرب بُت الشماؿ كاعبنوب بسبب مشكلة الرؽ‪ ،‬حيث حارب‬
‫الشماؿ إللغائو بينما اعبنوب حارب إلبقائو‪ ،‬كخَت الوصف ما جاء على لساف الرئيس األمريكي "ابراىاـ‬
‫لنكولن" ‪" :‬إف الشماؿ كاف وبارب من أجل حرية كل إنساف يف أف يصنع بنفسو ما يريد‪ ،‬أما اغبرية يف‬
‫نظر حكومات كاليات جنوب فقد كانت تعٍت حرية بعض الرجاؿ أف يصنعوا ما يشاؤكف بالرجاؿ‬
‫‪4‬‬
‫األخرين"‪.‬‬

‫كللبحث بصفة معمقة يف الفرؽ كأكجو الشبو بُت حقوؽ اإلنساف كاغبريات العامة فإنو يتحتم‬
‫علينا العودة إىل أصل التعريف لكل منهما حسب ما جاء بو كبار الفقهاء يف ىذا اجملاؿ‪ ،‬حيث ينقسم‬

‫‪ - 1‬أضبد البخارم ‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ -2‬أضبد البخارم ‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬ؿبسن العبودم‪ ،‬اغبريات االجتماعية بُت النظم اؼبعاصرة كالفكر السياسي اإلسالمي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،1990 ،‬‬
‫ص ‪.4 ،3‬‬
‫‪ - 4‬أضبد البخارم ‪ ،‬أمينة جرباف اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫]‪[11‬‬
‫اغباؿ يف ىذا إىل فريقُت اثنُت‪ ،‬فاألكؿ يعتربنبا مًتادفتُت أما الثاين فَتل اختالفا بينا بينهما‪ ،‬فقد عرؼ‬
‫"بَتسيس ‪ "Bercis‬حقوؽ اإلنساف" بأهنا‪ ":‬اغبدكد األخالقية الدنيا اليت ال يبكن ذباكزىا دكف اؼبساس‬
‫بكرامة اإلنساف فيما يعد حريات طبيعية لو"‪ ،‬كأما اغبريات العامة حسبو فهي‪" :‬تلك اليت سبارس يف إطار‬
‫اعبماعة مثل حق القياـ دبظاىرة يف الشارع أك شن إضراب أك إصدار جريدة‪ ،..... ،‬نظرا للتجاكزات‬
‫احملتملة فإف ىذه اغبريات يتم تأطَتىا بشكل أك بآخر من حيث اغبدة‪ ،‬حسب الظركؼ‪ ،‬كىكذا مت‬
‫التصويت على قانوف يبنع التخريب بعد ثورة مام ‪ ،"1968‬فيما عرؼ اغبريات الفردية بأهنا‪ ":‬اغبريات‬
‫اليت يبارسها الفرد كحده كاحملمية بقانوف‪ ،‬مثل حرية التأليف كالنشر كالتنقل ‪ ......،‬نظرا ألنبيتها فهي‬
‫‪1‬‬
‫مضمونة بالدستور كالقواعد العليا يف الدكؿ الديبقراطية"‪.‬‬

‫كالفرنسيوف خبالؼ نظرائهم األمريكيُت يف تعريف حقوؽ اإلنساف كالفرؽ بينهما كبُت اغبريات‬
‫العامة‪ ،‬فالفرنسيوف بدكا مرتبكُت خصوصا يف تعدد التعاريف‪ ،‬فحقوؽ اإلنساف ال يتطلب كجودىا‬
‫االعًتاؼ اؼبسبق هبا‪ ،‬كقد كاف رجاؿ الثورة الفرنسية ملزمُت على إعالف اؼبساكاة أماـ ؾبتمع طبقي‪ ،‬لكن‬
‫ىذه اغبقوؽ فبتدة زمنيا كسابقة للثورة كيف نفس الوقت تقتضي أف يكوف ىناؾ مساكاة يف اغبرية كىي‬
‫فكرة حديثة‪ ،‬لذا أعطوا اغبرية معنا كاسعا خبالؼ األمريكيُت‪ ،‬فاعتربكىا ىي‪ ":‬القدرة على القياـ بكل ما‬
‫ال يضر باآلخرين" كىو نفس ما ذىب إليو "آركف ‪ "Hannah Arendt‬حيث يرل الفرنسيُت خبالؼ‬
‫األمريكيُت قد أعطوا مفهومها خاصا غبقوؽ اإلنساف حيث اعتربكىا ‪":‬حقوقا سابقة عن السياسة‬
‫نفسها لدرجة أف أم حكومة أك سلطة ال سبلك حق تعديلها أك اؼبساس هبا كلكن يف نفس الوقت تعترب‬
‫غاية اغبكومة كالسلطة نفسو"‪ ،‬كىو ما أدل إىل انتقاد حقوؽ اإلنساف هبذا الشكل نظرا الزدكاجيتها‪.‬‬

‫أما األؼباف فقد ربطوا حقوؽ اإلنساف حبركة التاريخ‪ ،‬فاعترب ‪ Burke‬أف التاريخ ىو الوحيد الذم يعطي‬
‫للحق مضمونا كهبعل اغبرية حقيقة ماثلة للعياف كدبفاىيم متعددة‪ ،‬كاعتربكا القواعد الوضعية الرامية‬
‫لتحقيق مصلحة اجملتمع خَت من اغبماية اليت قد يوردىا قانوف خاص باغبقوؽ كمن األقواؿ اؼبعربة يف ىذا‬
‫السياؽ ما قالو "جوزيف ميسًت" ‪ Maistre‬حوؿ لقائو بالعديد من األشخاص الفرنسيُت كاإليطاليُت‬

‫‪ - 1‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17 ،16‬‬

‫]‪[12‬‬
‫كالركس‪ ،‬كلكن يف اؼبقابل مل يلتق انسانا باعتباره غَت موجود حسبو كحىت إف كجد فإنو ال يعلم‬
‫‪1‬‬
‫بوجوده‪.‬‬

‫"كتظل نقطة اختالؼ حقوؽ اإلنساف عن اغبريات العامة ىي كوف األكىل طبيعية كلصيقة باإلنساف‬
‫موجودة حىت كلو مل يتم االعًتاؼ هبا كتقنينها يف القانوف الوضعي‪ ،‬بل كلو مت انتهاكها من قبل السلطة‪،‬‬
‫على عكس اغبريات"‪ ،‬اضافة إىل أف حقوؽ اإلنساف يهتم هبا رجاؿ السياسة كالدين كالفالسفة أكثر فبا‬
‫يهتم هبا رجاؿ القانوف أنفسهم‪ ،‬فمثال حىت كإف مت تدريس اغبريات العامة فإنو ال يطلق عليها اسم‬
‫حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كمل يُبدأ تدريسها يف فرنسا إال سنة ‪ 1954‬على الرغم من قدـ االىتماـ هبا كالذم‬
‫‪2‬‬
‫يعود إىل الثورة الفرنسية‪.‬‬

‫كيرل جانب من الفقو أف من أكجو االختالؼ بُت اغبريات العامة كحقوؽ اإلنساف أف األخَتة‬
‫زبرج خارج دائرة القانوف الوضعي فهي أكسع منو‪ ،‬بينما اغبريات ال تكوف إال بوجود القانوف الوضعي لذا‬
‫فاغبريات العامة ىي اليت تعرب عن اغبقيقة القانونية ‪ ،une réalité juridique‬بينما حقوؽ اإلنساف‬
‫اؼبالصقة لشخصية اإلنساف باعتبار جذكر منشئها تعود إىل القانوف الطبيعي فإهنا سبثل ما يبكن‬
‫االصطالح عليو باػبياؿ القانوين ‪ ،l’imagination juridique‬كاغبريات العامة ؾباؿ ضبايتها يكوف‬
‫داخل حدكد الدكلة يف النظاـ القانوين الداخلي‪ ،‬بينما حقوؽ اإلنساف فإهنا تستخدـ دبناسبة دراسة‬
‫‪3‬‬
‫النظاـ القانوين الدكيل كما يفرزه من حقوؽ لكل فرد ربفظ كرامتو اإلنسانية‪.‬‬

‫فال يبكن الكالـ عن ىذه اغبريات إال من خالؿ نظاـ قانوين قائم فعال كىذا ما يبيز اغبريات‬
‫العامة عن حقوؽ اإلنساف من حيث اؼبفهوـ‪ ،‬ألف حقوؽ اإلنساف تظل موجودة باعتبارىا ؾبموعة من‬
‫اغبقوؽ الطبيعية اليت يبتلكها اإلنساف دبجرد كالدتو فهي لصيقة باإلنسانية الكامنة فيو‪ ،‬فهي موجودة‬
‫‪4‬‬
‫حىت كإف مل يتم االعًتاؼ هبا بل حىت كلو مت انتهاكها من قبل أم سلطة كانت‪.‬‬

‫‪ -1‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18 ،17‬‬


‫‪ -2‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -3‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬ص ‪.11 ،10‬‬
‫‪ -4‬د ؿبمد سعيد ؾبذكب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬

‫]‪[13‬‬
‫كزبتلف اغبريات العامة عن حقوؽ اإلنساف كذلك من حيث اؼبضموف فاغبريات العامة ىي‬
‫ؾبموعة ؿبددة من اغبريات اليت اعًتؼ هبا القانوف كنظمها‪ ،‬أما حقوؽ اإلنساف فإنو يتعدل ىذا التقييد‬
‫القانوين إىل كل ما ربتاجو الطبيعة اإلنسانية من حقوؽ‪ ،‬كما ىبتلف اؼبفهوماف "من حيث ما يرتبانو على‬
‫عائق السلطة‪ ،‬فبينما تعترب اغبريات العامة دبثابة امكانيات اختيار مرتبطة باإلنساف الفرد كيبكن أف‬
‫يستفاد منها دبعزؿ عن السلطة (بعد أف تكوف قد نظمتها قانونيا)‪ ،‬قبد أف حقوؽ اإلنساف ال يبكن‬
‫تأمينها كاالستفادة الفعلية منها إال عن ط ريق السلطة كما تنشئو من مرافق عامة ؽبذا الغرض‪ :‬ضماف‬
‫‪1‬‬
‫اجتماعي‪ ،‬مؤسسات صحية ‪،‬تعليمية ‪."..‬‬

‫كتبقى اغبرية كحقوؽ اإلنساف ؿبل ذباذبات بُت تيارات فكرية عدة فمثال "ماركس" يتساءؿ عن‬
‫طبيعة ككنو اغبرية أيا كاف شكلها‪" :‬حرية اختيار مثلُت يف الربؼباف إذا كانت ىذه اغبريات ىي يف اغبقيقة‬
‫‪2‬‬
‫سجينة للضركرة اليت تنتج عن سلطة السيد كعبودية اغباجة؟"‪.‬‬

‫كالعالقة بُت حقوؽ اإلنساف كاغبريات العامة كفقا ؼبا جاء ستتحكم يف دراستنا ىذه يف كل ما‬
‫سيأيت‪ ،‬فعندما نذكر حقوؽ اإلنساف يف أم جزء من ىذا الكتاب فألف اؼبنهج العلمي تطلب ذلك‪،‬‬
‫كعندما تذكر ا غبريات العامة فإنو يقصد هبا كذلك حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كال ريب يف ذلك ما داـ أهنا‬
‫أصبحت مقننة يف إطار نظاـ قانوين داخل الدكلة‪ ،‬فأكجو الشبو كاالختالؼ قد مت تبياهنا ‪-‬بشكل‬
‫مستفيض‪ -‬كؽبذا ال يبكن الرجوع إىل ذلك‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬حقيقة حقوق اإلنسان والحريات العامة‬

‫حقوؽ اإل نساف ليست ذات خصوصية متميزة عن غَتىا بل فقط تعترب ؾبموعة فرعية من‬
‫ؾبموعة أكرب من العالقات االجتماعية اؼبنظمة كاؼبنتجة لسلوؾ اعبماعة‪ ،‬فهي هبذا االعتبار شكل قانوين‬
‫متميز ىدفو منع استغالؿ السلطة‪ ،‬فاغبقوؽ أمشل من القانوف دبفرده لكن يف اؼبقابل وبذر األستاذ‬
‫"انتوين ككديويس" فبا أظباه دبغالطة حقوؽ اإلنساف كيقوؿ يف ىذا اػبصوص‪ ":‬بالنسبة يل فإف التضحية‬
‫البشرية سبثل الشكل األصلي اؼببكر ؼبا يبكن أف نسميو ( مغالطة حقوؽ اإلنساف )‪ ،‬إذ أف اؼبقصود من‬
‫حقوؽ اإلنساف ضباية الضحايا احملتملُت بإعالف أف بعضا من مظاىر حياهتم مقدسة كلكنها تسهم يف‬

‫‪ -1‬د ؿبمد سعيد ؾبذكب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10 ،9‬‬


‫‪ -2‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬

‫]‪[14‬‬
‫استمرار إمكانية حدكث االنتهاؾ كذلك حبماية بعض األنشطة اليت تستثَت ذلك االنتهاؾ كىكذا‬
‫فخطاب حقوؽ اإلنساف مل ينب على أساس قيمة التبادلية‪ ،‬كلكن ‪ -‬بٍت بدال عن ذلك ‪ -‬على أساس‬
‫سيادة قيمة السلطة الذاتية على قيمة التبادلية مع استنتاج أنو ال يتوجو خبطابو كبو األسباب العميقة‬
‫‪1‬‬
‫لذلك االنتهاؾ‪ ،‬لكن يقًتح ‪ -‬ببساطة‪ -‬بعض أساليب تدبر كتقليل طبيعتو كمداه"‪.‬‬

‫ك باعتبار حقوؽ اإلنساف فرعا من فركع القانوف الدكيل فإف ىذا وبتمل ـباطر صبة ألف اغبقوؽ‬
‫قد ال تكوف ؿبمية خصوصا يف ظل القانوف الدكيل كالذم مل يعرؼ أم توافق فيما بُت الدكؿ حوؿ تبٍت‬
‫قانوف غريب‪ ،‬خصوصا كأف منشأ حقوؽ اإلنساف اغبديثة ىو غريب يف األصل على األقل يف اعبانب‬
‫التطبيقي‪ ،‬لكن من الناحية النظرية فإف ىذه اغبقوؽ ستجد كل اغبماية ألف قواعد القانوف الدكيل ربظى‬
‫‪2‬‬
‫باالحًتاـ الالزـ بُت الدكؿ ‪.‬‬

‫فالغرب يف صياغتو ؼببادئ القانوف الدكيل كمنها حقوؽ اإلنساف اعترب ذلك دبثابة الكرـ ذباه‬
‫الدكؿ غَت الغربية‪ ،‬كىو ما ترصبو معهد باريس للقانوف الدكيل سنة ‪ 1874‬حيث اعترب أف ىذه الدكؿ‬
‫غَت الغربية يبكن مساكاهتا بالدكؿ الغربية يف إطار القانوف الدكيل طاؼبا أف ىذه الدكؿ (غَت الغربية)تتبٌت‬
‫‪3‬‬
‫ما يعرؼ باؼببادئ العاؼبية للحضارة‪.‬‬

‫فخطاب حقوؽ اإلنساف ىو خطاب تضليلي حسب األستاذ "انتوين ككديويس"‪ ،‬حيث أنو‬
‫يعود يف كجوده إىل زمن كمكاف معُت كىو أكربا يف القرف ‪ ،17‬كليس لكونو راسخا يف طبيعة اإلنساف‬
‫‪4‬‬
‫فهو باألساس جاء دفاعا عن اؼبلكية اػباصة‪.‬‬

‫فالبعض يرل يف حقوؽ اإلنساف أهنا ال سبثل خطابا عاؼبيا كذلك ألف ىذه اغبقوؽ هبذا الشكل‬
‫تستأثر دببدأ االستقاللية الذاتية على مبدأ التبادلية ‪-‬سبق اإلشارة إليو‪ -‬كىو من أىم االنتقادات اليت‬
‫توجو مثال إىل اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬حيث مل يهتم بالتجاكزات اليت حدثت يف غَت حق‬
‫اإلنساف األبيض كىو ما يعكس التعصب اعبنسي اؼبتأصل يف الثقافة الغربية‪ ،‬كأيضا دعم ىذا اإلعالف‬

‫‪ -1‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40 ،30‬‬


‫‪ -2‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.147‬‬
‫‪ -3‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.148 ،147‬‬
‫‪ - 4‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 220‬‬

‫]‪[15‬‬
‫عبزء من اغبقوؽ كذباىل حقوقا أخرل مثل بقاء االستعمار من جانب قول غربية كبقاء الفصل العنصرم‬
‫‪1‬‬
‫يف الواليات اؼبتحدة األمريكية‪.‬‬

‫كىي نفس رؤية "لوؾ" للحقوؽ كاغبريات حيث اعتربىا مل تسبق كجود السلطة كإمبا نبا من إبداع النظاـ‬
‫‪2‬‬
‫اعبديد الذم أنتجتو الرأظبالية‪.‬‬

‫كيعترب "انتوين ككديويس" أف اغبرية من إنتاج النظاـ اعبديد للحكم الليربايل‪ ،‬حيث يقوؿ أهنا‬
‫مثلت صدمة للبعض يف ذلك اجملتمع كيزيد بالقوؿ‪ ":‬كىكذا بدال من أف تصبح اغبرية اغبالة الطبيعية‬
‫لإلنسانية قبل كجود الدكؿ ‪-‬كما كانت بالنسبة للوؾ‪ -‬أصبح مفهوما لدل فوكو أهنا ( أم اغبرية ) ىي‬
‫اإلبداع األقل أك األكثر مصادفة للدكؿ ألهنا تكتسب اؼبعرفة من شعوهبا كذبتهد يف استخالص كيفية‬
‫حكم ىذه الشعوب‪ ،‬أم أنو بينما أدل ظهور الرأظبالية إىل إدراؾ أنبية العمل اؼبتزايدة بوضوح كمصدر‬
‫من مصادر الثركة القومية مثل األرض ك اغبيوانات كاؼبوارد الطبيعية‪ ،‬سعت الدكؿ ؼبعرفة شعوهبا من‬
‫خالؿ صبع اإلحصاءات اؼبتعلقة بأحداثها مثل اؼبواليد كالوفيات كحاالت الزكاج كما يتعلق هبا مثل‬
‫اؼبلكية كالوظائف كالتعليم كالصحة"‪ ،‬كيعتقد "ككديويس" أف الدكؿ توفر األمن كالصحة العامة كضماف‬
‫أمن األفراد كأمالكهم‪ ،‬كيواصل يف ىذا الرأم بقولو‪" :‬كعالكة على ذلك كعرب ابتداع فضاء اجتماعي‬
‫جديد عرؼ مؤخرا (باجملتمع اؼبدين) أك (ؾباؿ العمل العاـ)‪ ،‬مت خلق منطقة جديدة استطاع اؼبواطنوف‬
‫(ظاىريا ربت ضباية حرية التعبَت) أف هبادلوا بشأف أفضل الطرؽ لتنظيم كحكم أنفسهم حبثا عما يبكن‬
‫‪3‬‬
‫أف يكوف من اختياراهتم اؼبفضلة"‪.‬‬

‫كخطاب حقوؽ اإلنساف (التضليلي) دائما ما يدغدغ اؼبشاعر كيسوؽ (قطعاف) البشر ػبدمة‬
‫السياسة حسب األستاذ "أنتوين ككديويس"‪ ،‬فبعد زيادة أسعار البًتكؿ مع ارتفاع معدؿ التضخم هناية‬
‫‪ 1977‬فقد رجاؿ السياسة األمريكية الثقة يف القانوف السياسي كىو ما أدل بالرئيس األمريكي‬
‫"نيكسوف" إىل الًتاجع عن كعود اغبملة االنتخابية دبا ذلك قطع كل اؼبعونات اؼبقدمة للفقراء‪ ،‬كيف أكؿ‬
‫خطاب للرئيس اعبديد "جيمي كارتر" أراد اسًتداد ىبة الرئاسة األمريكية كالبالد لكن ليس دبحاكلة‬

‫‪ - 1‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 200‬‬


‫‪ - 2‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 72‬‬
‫‪ -3‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.70 ،69‬‬

‫]‪[16‬‬
‫ربقيق كعد الفرص اؼبكافئة أك استعادة الربامج اليت ألغاىا سلفو "نيكسوف"‪ ،‬بل طرح فكرة أف حقوؽ‬
‫اإلنساف ستكوف ركح السياسة اػبارجية للواليات اؼبتحدة األمريكية كمنذ ذلك اغبُت احتلت حقوؽ‬
‫اإلنساف ىذه اؼبكانة‪ ،‬لتأيت بعدىا اتفاقيات ىلسنكي‪ ،‬كالشرط اؼبلحق باؼبعونة األمريكية كاتفاقيات‬
‫‪1‬‬
‫التجارة‪ ،‬كالتقارير السنوية جمللس الوزراء حوؿ حقوؽ اإلنساف يف كل دكؿ العامل‪.‬‬

‫كالسؤاؿ اؼبطركح ‪-‬كبعده اإلجابة من األستاذ "انتوين ككديويس"‪ -‬يف حاؿ كانت حقوؽ‬
‫اإلنساف لصيقة ‪-‬كمفًتضة‪ -‬بشخص اإلنساف ىو‪:‬‬

‫"لو كانت حقوؽ اإلنساف متأصلة بشكل عاـ يف انسانيتنا‪ ،‬ؼباذا تظل قابلة للجداؿ خاصة بُت اؼبفكرين‬
‫من اليسار يف عديد من دكؿ العامل؟"‪ ،‬كاإلجابة ىي أف‪ ":‬االرتباط سيء اغبظ بُت حقوؽ اإلنساف كبُت‬
‫( ربالف اإلدارة ) الذم وبتل العراؽ اآلف‪ ،‬كىو ربالف يسعى إلنزاؿ قوات عسكرية ىائلة ‪-‬حرفيا‪ -‬ؽبذا‬
‫يضحى بشكل متعمد بآالؼ غَت معدكدة من حياة األبرياء (ؾبازان) يف ؾباؿ الدفاع عن حقوؽ اإلنساف‬
‫‪2‬‬
‫لنفس ىؤالء األبرياء ألهنم يعيشوف يف ؾبموعة الدكؿ سيئة اغبكم رغم كوهنا فائقة االنتقاء"‪.‬‬

‫لكن تبقى اإلشارة أف حقوؽ اإلنساف ‪-‬كالتغٍت هبا‪ -‬ليست بتلك اؼبثالية اؼبطلوب الوصوؿ إىل‬
‫ربقيقها فحماية حقوؽ اإلنساف مل تنجح حىت يف الواليات اؼبتحدة األمريكية ذاهتا نظرا لضيق اؼبفهوـ‬
‫األمريكي غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬كما أف االنتقائية اليت مارستها اإلدارات اؼبتعاقبة يف تطبيق ىذه اغبقوؽ كاليت‬
‫مل ربًتـ حىت اؼبعايَت األمريكية ؽبذه اغبقوؽ‪ ،‬كلو على األقل احًتاـ الزائف اؼبورث عن فكرة القوة‬
‫العظمى األخالقية حسب "أنتوين ككديويس"‪ ،‬كىو ما قبم عنو عدـ اؼبساكاة داخل اجملتمع األمريكي ذاتو‬
‫كأكضح صورة عن ذلك ىو التمييز اغباصل بُت البيض كالسود حىت يومنا ىذا‪ ،‬كالتأثَت األمريكي امتد‬
‫‪3‬‬
‫أيضا يف شكل عدـ اؼبساكاة ىذه ليعم بقية أكباء العاـ‪.‬‬

‫األمر الذم دفع األستاذ "ككديويس" إىل اؼبناداة بضركرة العمل ألجل التحوؿ بالفكرة كاغبماية من‬
‫‪4‬‬
‫مرحلة "سياسة حقوؽ اإلنساف" إىل مرحلة "سياسة من أجل حقوؽ اإلنساف"‪.‬‬

‫‪ -1‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 168‬‬


‫‪ - 2‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 17‬‬
‫‪ -3‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫‪ -4‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.217‬‬

‫]‪[17‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التطور التاريخي لحقوق اإلنسان‬

‫ت شكلت اغبقوؽ كاغبريات ركيدا ركيدا عرب التاريخ فلم تكن بالشكل الذم ىي عليو اآلف‪،‬‬
‫فاغبضارات القديبة اعًتفت ببعض اغبقوؽ كاغبريات كأنكرت أخرل (اؼبطلب األكؿ)‪ ،‬كأيضا كاف ىناؾ‬
‫حضارات عربية عريقة قننت الكثَت من اغبقوؽ (اؼبطلب الثاين)‪ ،‬لتكوف االنطالقة الفعلية لبداية‬
‫االعًتاؼ كالتنظيم الوضعي للحقوؽ كاغبريات مع بداية ظهور الوثائق كاإلعالنات الدكلية (اؼبطلب‬
‫الثالث)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة الحقوق والحريات في الغرب القديم‬

‫عرفت اليوناف القديبة ؾبموعة من اغبقوؽ يف ظل ازدىار اغبكم اؼبباشر للشعب (الفرع األكؿ)‪،‬‬
‫كأيضا كاف للركماف دكر ىاـ يف ظهور اغبقوؽ اغبديثة باعتبارىم مهد مدرسة القانوف الطبيعي (الفرع‬
‫الثاين)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحقوق والحريات في اليونان القديمة‬

‫كاف الفرد تابعا كخاضعا للدكلة يف ظل اغبضارة اليونانية بشكل مطلق كدكف أم شرط‪ ،‬فلم‬
‫يعًتؼ فيها سول باغبقوؽ السياسية كلطبقة فقط من اجملتمع اليوناين‪ ،‬حيث كاف اجملتمع منقسما إىل‬
‫ثالث طبقات ككانت الطبقة الثالثة كىي طبقة الفالحُت ؿبركمة من كل شيء حىت أهنم كانوا يباعوف‬
‫كعبيد إذا مل يستطيعوا سداد ديوهنم‪ ،‬لتأيت اصالحات "سولوف" يف أكاخر القرف ‪ 17‬ؽ‪.‬ـ ليقسم اجملتمع‬
‫إىل أربع طبقات مع اصالحات اقتصادية كسياسية‪ ،‬كما ألغى االسًتقاؽ الذم كاف سببو الدين كحرر‬
‫الفالحُت اؼبدنيُت‪ ،‬ليستمر التطور مع "كلشيز" ففي سنة ‪ 507‬ؽ‪.‬ـ أنشأ حكومة ديبقراطية لتزدىر‬
‫بعدىا الديبقراطية حيث يقوؿ الفقيو "دكجي"‪" :‬أف اغبرية مل يناد هبا كمل يسمع بذكرىا يف فًتة من‬
‫‪1‬‬
‫التاريخ أكثر ما نودم أك ظبع هبا يف تاريخ الديبقراطية اليونانية القديبة"‪.‬‬

‫كقد سبتع اليونانيوف القدامى حبريات سياسية ال حبريات فردية ألف اغبكاـ كانوا يتدخلوف يف أدؽ‬
‫شؤكف الفرد‪ ،‬بينما ىذا األخَت يتمتع حبريات سياسية باعتبارىم مارسوا النظاـ الديبقراطي اؼبباشر‪ ،‬كنتيجة‬

‫‪ -1‬د غازم حسن صباريٍت‪ ،‬الوجيز يف حقوؽ اإلنساف كحرياتو األساسية‪ ،‬مكتبة دار الثقافة عماف األردف‪ ،1995 ،‬ص ‪.12‬‬

‫]‪[18‬‬
‫لعدـ كجود اغبرية الفردية كاف ما يعرؼ بنظاـ نفي الفرد دكف ؿباكمة ( أكاسًتاسيزـ )‪ ،‬حيث ذبتمع‬
‫‪1‬‬
‫صبعية الشعب كيصوتوف على نفي الشخص إف خيف من استبداده كيكوف التصويت على ؿبارة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحقوق والحريات عند الرومان‬

‫انتقل اجملتمع الركماين من ؾبتمع فالحي يف أكؿ األمر حيث كانت السلطات مركزة داخل‬
‫اعبماعة اؼبنزلية باعتبارىا أشه ر منظمة اجتماعية‪ ،‬فكاف الرئيس كىو رب األسرة يبتلك كحده األىلية‬
‫اغبقوقية دكف البقية‪ ،‬ليتحوؿ بعد ذلك الركماف اؼبزارعوف إىل ذبار يف القرف الثالث بعد اؼبيالد لتخف‬
‫معها الشكليات‪ ،‬كإدخاؿ فكرة حسن النية إىل اغبقوؽ‪ ،‬حيث أصبح باإلمكاف إبراـ عالقة تعاقدية‬
‫بالرضا فقط‪.‬‬

‫لكن الرؽ كاف منتشرا كبقوة خصوصا مع توسع اإلمرباطورية الركمانية فأنشأكا "قانوف الشعوب" أك‬
‫"قانوف األمم" الذم اعتمد بصفة كلية على مبادئ القانوف الطبيعي كما ازدىرت اؼبؤسسات القانونية‬
‫كاإلدارية كالسياسية كانتقلت من العهد اؼبلكي إىل العهد اعبمهورم‪ ،‬كبالرغم من ذلك فقد اضطُهد‬
‫كحرموا من اغبقوؽ كاغبريات‪ ،‬كعلى إثر ثورهتم جاء " قانوف االثٍت عشر" كأقر باؼبساكاة بُت الناس‬
‫الفقراء ُ‬
‫يف اغبقوؽ ككضع تشريعا للعقوبات كاحملاكمات كاألحواؿ الشخصية‪ ،‬لكنو اتصف بالقسوة يف إعداـ‬
‫اللصوص كإجازة اسًتقاؽ من ال يستطيع الوفاء بدينو‪ ،‬كبالرغم من ذلك فإنو وبسب للحضارة الركمانية‬
‫أهنا تعد مهد مدرسة القانوف الطبيعي كالعقد االجتماعي كما تالىا من أفكار "ىوبس كلوؾ" كغَتىم‬
‫‪2‬‬
‫كاليت كانت سببا يف بزكغ فكرة اغبقوؽ كاغبريات العامة يف كقتنا اغباضر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحقوق والحريات في ظل الحضارات العربية القديمة‬

‫كبالعودة إىل العامل العريب قبد أف االىتماـ حبقوؽ اإلنساف يعود إىل أزمنة غابرة ضاربة يف عمق‬
‫اغبضارات اليت مرت عليو حىت كإف مل تعرؼ ىذا اؼبصطلح مثلما ىو متعارؼ عليو اليوـ‪ ،‬إال أف تطور‬
‫حقوؽ اإلنساف بشكل ملموس كاف عندما ظهرت التجمعات الكربل فبثلة يف اؼبدف الكبَتة يف كل من‪:‬‬
‫العراؽ‪ ،‬مصر‪ ،‬اليمن‪ ،‬الشاـ‪ ،‬كشبو اعبزيرة العربية يف األلف الرابعة قبل اؼبيالد‪ ،‬حيث يعترب قانوف "أكرمبو"‬

‫‪ -1‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪ -2‬د غازم حسن صباريٍت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15 -13‬‬

‫]‪[19‬‬
‫(‪ ) 2003-2211‬قبل اؼبيالد بالعراؽ من أقدـ القوانُت اؼبكتوبة اليت عثر عليها فقد جاء يف مقدمتو‪:‬‬
‫"أف اؽبدؼ من الشريعة توطيد العدالة كإزالة البغضاء كالظلم كالعداكة كتوفَت اغبرية يف البالد"‪ ،‬كمن بُت‬
‫‪1‬‬
‫اغبقوؽ اليت أقرىا سالمة اعبسد كحرمتو‪ ،‬كضباية اؼبلكية اػباصة‪.‬‬

‫ككذلك "قانوف لبت عشتار" خامس ملوؾ ساللة أيسن (‪ )1794 -2017‬قبل اؼبيالد يف‬
‫بابل القديبة‪ ،‬حيث تضمن حقوقا لإلنساف منها‪ :‬ضباية العبيد كعدـ اإلساءة إليهم‪ ،‬منع التعذيب‪ ،‬ضباية‬
‫الطفل‪ ،‬كضباية اغبيواف‪.‬‬

‫كأيضا قانوف فبلكة "أشنونا" دبحافظة ديايل إباف العهد البابلي القدًن‪ ،‬فقد اعترب ىذا القانوف أف الظركؼ‬
‫االقتصادية اؼبروبة ىي أىم ضماف غبماية حقوؽ اإلنساف‪ ،‬لذا قاـ بوضع سقف لألسعار كربديد كل‬
‫حاجات اإلنساف األساسية كاغببوب‪ ،‬الزيوت‪ ،‬ملح الطعاـ‪ ،‬اللحوـ‪ ،‬الصوؼ‪ ،‬النحاس‪ ،‬كالنقل الربم‬
‫‪2‬‬
‫كاؼبائي‪ ،‬باإلضافة إىل ضباية حقوؽ األسَت كغَتىا من اغبقوؽ األخرل‪.‬‬

‫كتعترب شريعة ضبورايب أىم تلك القوانُت على اإلطالؽ (قبل عاـ ‪ )1750‬قبل اؼبيالد حيث‬
‫ضمت ‪ 282‬مادة كتبت باللغة البابلية على مسلة من حجر الدايركيت بطوؿ ‪ 225‬سم كعرض ‪60‬‬
‫سم‪ ،‬كقد احتوت على الكثَت من اغبقوؽ اليت كردت يف القوانُت كاألعراؼ اليت سبقتها كأضافت إليها‬
‫حقوقا أخرل كمنها على سبيل اؼبثاؿ ال اغبصر‪:‬‬

‫مسؤكلية حاكم اؼبدينة على ضماف األمن كاالستقرار كضباية أمواؿ اؼبواطنُت‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫على اغباكم تعويض أىل كل شخص مفقود من اؼبدينة جراء االختطاؼ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الرعاية الصحية كربمل الطبيب مسؤكلية اػبطأ الطيب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ضباية الطفل من السرقة كإعداـ الفاعل‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫احملافظة على أمواؿ العائلة كمصدر رزقها‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫إثبات نسب الولد‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫حق االبن يف اإلرث‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أطفاؿ العبد اؼبتزكج من حرة يعدكف أحرارا‪.‬‬ ‫‪-8‬‬

‫‪ -1‬د سهيل حسُت الفتالكم‪ ،‬حقوؽ اإلنساف‪ ،‬دار الثقافة األردف‪ ،2007 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -2‬د سهيل حسُت الفتالكم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17 ،16‬‬

‫]‪[20‬‬
‫العقاب على اإلجهاض‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -10‬ضباية األطفاؿ اليتامى قضائيا‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬بداية عهد إعالنات الحقوق‬

‫السلطة التشريعية تنقسم يف نشأهتا إىل سلطتُت اثنتُت نبا‪:‬‬

‫السلطة التأسيسية‬ ‫‪-1‬‬


‫السلطة التشريعية العادية‬ ‫‪-2‬‬

‫حيث اىتمت السلطة التأسيسية بالبحث يف اغبريات الفردية من خالؿ شيئُت اثنُت نبا‪:‬‬

‫إعالنات اغبقوؽ‬ ‫‪-1‬‬


‫ضمانات اغبقوؽ‬ ‫‪-2‬‬

‫كإعالنات اغبقوؽ ىي كل‪ ":‬النصوص الصادرة عن اؽبيئات اؼبتقلدة للسلطة التأسيسية كاليت‬
‫توجز يف عبارات أخاذة اؼببادئ اليت هبب أف يقوـ عليها التنظيم االجتماعي كالسياسي‪ ،‬كىي تعترب من‬
‫الناحية العملية عرضا للصالحيات كاؼبكنات اليت يفًتض أهنا زبص الفرد كاليت هبدر بالدكلة عدـ التنكر‬
‫ؽبا"‪.‬‬

‫كالفقهاء ؾبمعوف على أف فكرة إعالنات اغبقوؽ ىي من نتاج أفكار نظرية العقد االجتماعي كالسياسي‬
‫يف القرف ‪ ، 18‬حيث تبٌت فكرة اإلعالف أكؿ ؾبلس نيايب يف العامل كىو برؼباف فرجينيا يف‬
‫‪2‬‬
‫‪ 1776/06/12‬لتليها الواليات األمريكية األخرل عقب التحرر من ربقة االستعمار الربيطاين‪.‬‬

‫كتكملة للسياؽ التارىبي ينبغي إبراز أىم الوثائق الصادرة يف الغرب كاؼبتعلقة أك الدائرة يف فلك‬
‫ضباية حقوؽ اإلنساف كحرياتو األساسية كاليت كردت يف شكل إعالنات يف أغلبها كفقا للفركع الثالث‬
‫األتية كىي‪:‬‬

‫‪ -1‬د سهيل حسُت الفتالكم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19 -17‬‬


‫‪ -2‬د نعيم عطية‪ ،‬يف النظرية العامة للحريات الفردية‪ ،‬الدار القومية للطباعة كالنشر‪ ،‬القاىرة مصر‪ ،1965 ،‬ص ‪.155 ،153‬‬

‫]‪[21‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وثائق حقوق اإلنسان في المملكة المتحدة‬

‫يتصدر ىذه الوثائق يف اقبلًتا ما يعرؼ بػ"اؼباغنا كارتا" أك الشرعة العظمى (‪)Magna Carta‬‬
‫سنة ‪ 1215‬حيث استجاب اؼبلك "جوف" ابن اؼبلك "ىنرم الثاين" لضغوط طبقة األمراء كالباركنات‬
‫كذلك ؿباباة للطبقة األرستقراطية بعد أف كصلت قواهتا إىل مدينة لندف‪ ،‬لكن الشعب كرجاؿ الدين‬
‫استفادكا من االصالحات اليت جاءت هبا بالرغم من أهنم مل يكونوا اؼبقصودين عند إصدارىا‪ ،‬كربتوم‬
‫على ‪ 63‬مادة منها اليت تنظم العالقة بُت اؼبلك كالباركنات كربدد حدكد اإلقطاع كامتيازات لرجاؿ‬
‫الكنيسة مع بعض اغبقوؽ الدينية‪ ،‬كمن أىم اغبقوؽ اليت استفادت منها العامة ضماف اغبرية الفردية على‬
‫قدـ اؼبساكاة بُت أبناء الطبقات اؼبختلفة كإقرار العدالة كاالعًتاؼ باستقالؿ القضاء‪ ،‬دبوجب اؼبادة (‪)25‬‬
‫مت إنشاء ىيئة تتكوف من ‪ 25‬نبيال مهمتها رقابة التطبيق السليم مل مت االتفاؽ عليو مع التهديد باللجوء‬
‫‪1‬‬
‫إىل اغبرب يف حاؿ النكوص عن ذلك‪.‬‬

‫مث جاءت عريضة اغبقوؽ (‪ )1628‬بعد أف حاكؿ اؼبلك "شارؿ األكؿ" فرض ضرائب جديدة‬
‫على الشعب بغَت الرجوع إىل الربؼباف‪ ،‬فبا دفع ىذا األخَت إىل رفع عريضة إىل اؼبلك يذكره فيها حبقوؽ‬
‫الشعب االقبليزم‪ ،‬كقد ركزت العريضة على أمرين اثنُت نبا‪ :‬منع التوقيف التعسفي‪ ،‬كعدـ فرض‬
‫‪2‬‬
‫الضرائب إال بعد موافقة الربؼباف‪.‬‬

‫فمذكرة اؽبابيا كوربيس (‪ 1697 )Habea Corpus‬كمعناىا "إليك جسدم"‪ ،‬حيث تتعلق‬
‫حبقوؽ اؼبتهم كخاصة اغبق يف عدـ اعتقالو بشكل تعسفي كعلى كجو اػبصوص أكلئك الذين شاركوا يف‬
‫ثورة ضد "شارؿ األكؿ" كما نصت على قواعد احملاكمة ككيفية معاملة اؼبوقوفُت كالسجناء كالعمل على‬
‫اغبد من زمن اغببس االحتياطي‪ ،‬كىي كثيقة ربمل الكثَت من اغبداثة يف كقتها كعلى إثر ىذه الوثيقة وبق‬
‫لكل شخص قيدت حريتو أف يطلب من القاضي إصدارىا كالقاضي ؾبرب أف يوقف النظر يف أية قضية‬
‫أخرل‪ ،‬كيبحث يف جدية التوقيف كأسبابو كإذا تأكد من عدـ كجود أسباب ثبوتية للتوقيف يأمر آمر‬

‫‪ -1‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.133 ،132‬‬


‫‪ -2‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.134 ،133‬‬

‫]‪[22‬‬
‫السجن بإحضار اؼبوقوؼ بعد تلقيو اؼبذكرة ىنا يستمع القاضي آلمر السجن فإف رأل أف أسباب‬
‫‪1‬‬
‫التوقيف غَت موضوعية يأمر بإطالؽ سراح اؼبوقوؼ‪.‬‬

‫لتأيت شرعة اغبقوؽ (‪ )1689‬كىي كثيقة ربدد بشكل كاضح صالحيات اؼبلك يف إدارة شؤكف‬
‫اغبكم كذلك بعد أف حاكؿ "جيمس الثاين" إحياء الكاثوليكية يف بريطانيا بغَت الرجوع إىل الربؼباف‪ ،‬ككاف‬
‫قد تقدـ بعريضة إىل ىذا األخَت كل من األمَت " كيلياـ أكرانج" كزكجتو‪ ،‬لتتم اؼبوافقة كالتصديق عليها‬
‫‪2‬‬
‫الحقا يف الربؼباف‪ ،‬كتعترب ىذه الشرعة بداية التأريخ للملكية الربؼبانية‪.‬‬

‫يعلق األستاذ "انتوين ككديويس" على الوثائق الصادرة يف اقبلًتا كاؼبتعلقة حبقوؽ اإلنساف بصفة الناقد كما‬
‫يلي‪ -1" :‬مل تلعب اؼباجنا كارتا أم دكر ربررم يف القانوف االقبليزم حيث قاـ السيد ادكارد كوؾ‬
‫بإحياء بنود تلك الوثيقة يف ؾبرل دفاعو الشهَت عن اؼبلكية اػباصة اعبديدة يف كتابو(أنظمة القانوف يف‬
‫اقبلًتا)‪.‬‬

‫‪ -2‬قدمت كثيقة اغبقوؽ لعاـ ‪ 1688‬قليال للحقوؽ السياسية كاؼبدنية أك مل تقدـ شيئا على اإلطالؽ‬
‫ألغلبية الشعب اإلقبليزم ألهنا مل تتحدل بأية صورة القيود اؼبانعة الصارمة القائمة على أساس اؼبلكية‬
‫أماـ اؼبشاركة السياسية‪ ،‬ككفلت حرية التعبَت ألعضاء الربؼباف فقط كحىت عند ذاؾ يكوف ربت قبة الربؼباف‬
‫‪3‬‬
‫فقط‪.".‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إعالنات الحقوق األمريكية‬

‫تتمثل إعالنات اغبقوؽ األمريكية يف إعالف كالية فرجينيا سنة ‪ 1776‬بعد استقالؽبا عن التاج‬
‫الربيطاين كمت فيو التأكيد على اغبريات الشخصية كاؼبساكاة كحق التملك كاحًتاـ اغبياة اػباصة كحرية‬
‫الصحافة كاإلعالـ‪ ،‬كتناسب العقوبات مع اعبرائم‪ ،‬كاغبريات الدينية‪.‬‬

‫ليأيت إعالف االستقالؿ األمريكي كالذم صدر سنة ‪ 1776‬كالذم يبثل إعالف استقالؿ اؼبستعمرات‬
‫األمريكية الثالث عشرة عن بريطانيا على خلفية اؼبؤسبر الذم مت يف فيالديلفيا‪ ،‬مث جاءت شرعة اغبقوؽ‬

‫‪ -1‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.135 ،134‬‬


‫‪ -2‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫‪ -3‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.219‬‬

‫]‪[23‬‬
‫األمريكية فبثلة يف الدساتَت األمريكية فأكؽبا صدر سنة ‪ 1787‬كقد عرؼ ‪ 26‬تعديال حىت العاـ‬
‫‪ ،1971‬كالشرعة تطلق على التعديالت العشر األكىل اليت كردت على الدستور عاـ ‪ 1791‬بعد تبنيها‬
‫من الكونغرس األمريكي كمصادقة الدكؿ عليها‪ ،‬حيث يتمتع بنفس قوة الدستور كىي اليت تشكل‬
‫‪1‬‬
‫اإلعالف األساسي غبقوؽ اإلنساف األمريكي‪.‬‬

‫كينتقد " أنتوين ككديويس" ىذه اإلعالنات بقولو‪" :‬كيف حالة أمريكا "الشمالية" كاف عدـ اؼبالءمة‬
‫العملية لوثيقة اغبقوؽ كاضحا خاصة أنو طبق على اغبكومات الفدرالية فقط ال حكومات الواليات اليت‬
‫كانت أكثر أنبية بالنسبة غبياة أغلب األمريكيُت حىت تسعينيات القرف العشرين‪ ،‬كيف الواقع اكتسب‬
‫األمريكيُت بعضا من تلك اغبماية خطوة خبطوة مع حكومات الواليات يف ستينيات القرف العشرين‬
‫‪2‬‬
‫بفضل جهود كبَت القضاة كارين"‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬إعالن حقوق اإلنسان والمواطن في فرنسا‬

‫إعالف حقوؽ اإلنساف كاؼبواطن الفرنسي (‪ )1789‬كالذم صدر عقب الثورة الفرنسية ضد‬
‫اؼبلكية على اعتباره مزهبا من أفكار فالسفة القرف ‪ 18‬أمثاؿ "جوف لوؾ" ك"جوف جاؾ ركسو"‪ ،‬ككذلك‬
‫فالسفة عصر األنوار أمثاؿ "فولتَت كمونتيسكيو"‪ ،‬حيث انتقلت بعد الثورة السلطة من اؼبلكية إىل‬
‫الشعب فتم التصويت عليو بتاريخ ‪ 26‬آب ‪ 1789‬من قبل اعبمعية الوطنية الفرنسية كأصبح منذ ذلك‬
‫‪3‬‬
‫الوقت مقدمة عبميع الدساتَت الفرنسية اؼبتعاقبة‪ ،‬كيتكوف من ديباجة ك ‪ 17‬مادة‪.‬‬

‫كقد كرد يف اإلعالف كلمة "مواطنة" كمصطلح" حقوؽ اإلنساف" كيف ىذا الصدد يقوؿ " ركبَت‬
‫بيللو" يف كتابو " اؼبواطن كالدكلة" ما يلي‪ ":‬يبكن القوؿ أف أغلب اؼبواد تستهدؼ اإلنساف كاؼبواطن معا‪،‬‬
‫ألف تنظيم حقوؽ اؼبواطن يبدك كضمانة غَت مباشرة غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬كألف احًتاـ حقوؽ اإلنساف‬
‫ضركرم ؼبمارسة حقوؽ اؼبواطن"‪ ،‬كما يردؼ بأف ىذه االزدكاجية يف تسمية اإلعالف تعود إىل مشوليتو‬
‫‪4‬‬
‫كعاؼبيتو‪.‬‬

‫‪ -1‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.137 ،136‬‬


‫‪ -2‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪ -3‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.139 ،138‬‬
‫‪ -4‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.140 ،139‬‬

‫]‪[24‬‬
‫كيعتقد األستاذ "ككديويس" أف اإلعالنات يف فرنسا كالواليات اؼبتحدة مل زبدـ إال اؼبلكية بقولو‪:‬‬

‫" منحت إعالنات اغبقوؽ األمريكية كالفرنسية الكربل امتيازات ألصحاب اؼبلكية باإلضافة إىل البعض‬
‫القليل جدا فبن ال يبلكوف – مع قاعدة أمر اؼبثوؿ القضائي ‪ – Habeas Corpus‬ىم من سبتعوا حقا‬
‫باغبقوؽ اليت نصت عليها‪ ،‬كىذا حدث ألف اؼبرء إما كاف وبتاج إىل موارد سبويل ذات قيمة لكي يطالب‬
‫هبذه اغبقوؽ‪ ،‬أك ألنو مل يستطع استخدامها غبماية قدرتو على التنديد باؼبلكية كتنظيم حركة مضادة‪ ،‬أك‬
‫ضد اؼبصاحل القوية األخرل‪ ،‬كمن ىنا كاجهت النقابات اؼبهنية صعوبات قانونية خالؿ القرف ‪ 19‬عرب‬
‫‪1‬‬
‫أكربا الغربية كأمريكا الشمالية"‪.‬‬

‫كليس كما يعتقد كثَتكف فإف الثورة الفرنسية مل تأت باغبرية اؼبثالية فقد مت إلغاء حق تكوين‬
‫اعبمعيات سنة ‪ 1791‬بصدكر قانوف ‪ Le chapelier‬كمن أشهر اعبمعيات اؼبلغاة كاليت ازبذت شكال‬
‫سياسيا ‪ ،Club des Jacobins‬كما أف ىذه اغبرية مل تعجب حىت بعضا من زعماء الثورة الفرنسية‬
‫فها ىو "ركبسبيَت" يصرح قائال‪ ":‬استبداد اغبرية ضد الطغياف"‪ ،‬يف إشارة منو إىل اعبرائم اؼبرتكبة باسم‬
‫الثورة كاالبتعاد عن أىداؼ اغبرية اليت كانوا يناضلوف ألجلها حىت أنو سبت على إثرىا إعدامات كثَتة‪،‬‬
‫ككذلك يقوؿ "‪ "Saint-Just‬كىو أحد زعماء الثورة يف كلمة لو يف اعبمعية العمومية الفرنسة‪ ":‬ال حرية‬
‫ألعداء اغبرية"‪ ،‬كىذا وبمل إشارة قوية على االستبداد ضد كل من ىبالف السلطة اغباكمة اليت جاءت‬
‫‪2‬‬
‫عقب الثورة الفرنسية‪.‬‬

‫كيقوؿ "‪ "Vedel‬عن الفرنسيُت أهنم‪ ":‬يعشقوف إعالف اؼببادئ كوبتقركف اإلجراءات اليت‬
‫تتضمنها‪ ،‬كىذا بعكس اإلقبليز الذين مل تنتشر عندىم اإلعالنات كاؼببادئ فهم يؤمنوف بأف اغبرية ينبغي‬
‫معايشتها كالتنفس من خالؽبا‪ ،‬فاعتقادىم أف ازدىار اغبرية ال يكوف إال بالتفاؼ اعبميع حوؽبا كحرصهم‬
‫على اغبفاظ عليها كم ن ىنا كاف اىتمامهم إىل ازباذ اإلجراءات العملية يف سبيل ذلك‪ ،‬فاالعًتاؼ‬
‫اؼبكتوب أقل أنبية كنفعا من ربديد العقوبة يف حاؿ انتهاكها‪ ،‬كمن توفَت اإلجراءات اليت سبنع االعتداء‬
‫‪3‬‬
‫الفعلي عليها"‪ ،‬ؽبذا قبد اعتزاز اإلقبليز بػ" اؽبابياس كوربيس"‪.‬‬

‫‪ -1‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.220 ،219‬‬


‫‪ -2‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -3‬د ؿبمد سعيد ؾبذكب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.128‬‬

‫]‪[25‬‬
‫كيضيف "ككديويس" عن اغبقوؽ يف الغرب قائال‪ ":‬يف أكربا الغربية كاؼبستعمرات الربيطانية كاف‬
‫إحياء اغبقوؽ قصة سياسية‪ ،‬لكنها قصة ذات مظهرين متنافرين كإف كانا متكاملُت‪ ،‬اؼبظهر األكؿ تعلق‬
‫بصعود ما أظباه مارشاؿ حقوقا اجتماعية‪ ،‬حيث حاكلت األحزاب االشًتاكية الديبقراطية القائمة يف‬
‫السلطة أك األ حزاب الليربالية كاحملافظة أف تزايد على تلك اغبقوؽ سعيا كراء أصوات الطبقة العاملة‪ ،‬كقد‬
‫استخدـ أكربيوف قليلوف أكاخر أربعينيات القرف العشرين مصطلحات مارشاؿ بكثرة بسبب النفور اؼبتبادؿ‬
‫بُت دعاة خطاب حقوؽ اإلنساف كبُت اغبركات العمالية‪ ،‬إذ أف مركزية مبدأ اؼبلكية لدل اجملموعة األكىل‬
‫(دعاة اغبقوؽ) عنت أهنا تعترب أفكارا من مثل العمل كحقوؽ الرفاىية من قبيل التناقض الذايت‪ ،‬يف حُت‬
‫أف مركزية الدكلة لدل برنامج اجملموعة الثانية أدت هبم إىل أف يفضلوا مصطلح دكلة الرفاىية ليصفوا ما‬
‫حققوه بالفعل أك ما يرغبوف فيو‪ ،‬كاؼبظهر الثاين تعلق بصعود الفاشية كالرعب الالحق عند ارتكاب‬
‫جرائمها البشعة ضد اإلنسانية‪ ،‬كتلك األحداث صقلت –أكال‪ -‬الرأم العاـ الغريب ؿبفزة ق‪.‬ج‪.‬كيلزه –‬
‫على سبيل اؼبثاؿ‪ -‬لكتابة نسخة جديدة مؤسسة على كتاب (بُت ‪( )Paine‬حقوؽ اإلنساف)‪ ،‬مث ربفيز‬
‫حكومة الواليات اؼبتحدة ‪ -‬فيما بعد‪ -‬لقيادة اعبهود من أجل إنشاء األمم اؼبتحدة لتنمية اؼبفهوـ‬
‫األكثر مشوال من الناحيتُت السياسية كاالجتماعية للحقوؽ كاليت عنونتها باسم (حقوؽ اإلنساف)‪ ،‬كيف‬
‫ىذا اإلطار تقوـ كذلك بإعادة الربط بُت اػبطاب االجتماعي الرفاىي كبُت التقاليد اؼبتجددة للحقوؽ‬
‫‪1‬‬
‫النابعة من الواليات اؼبتحدة"‪.‬‬

‫ككخالصة لتطور اىتماـ الغرب حبقوؽ اإلنساف كحرياتو األساسية يبكن مالحظة أف الديبوقراطية‬
‫اليونانية اىتمت باغبرية السياسية دكف غَتىا من اغبريات األخرل‪ ،‬أما الليبَتالية فنادت باغبريات الفردية‬
‫عكس االشًتاكية اليت نادت باغبريات اعبماعية كعلى رأسها اغبقوؽ االقتصادية كاالجتماعية باعتبارىا‬
‫اؼبنطلق لكل اغبريات األخرل‪ ،‬أما اجملتمع الدكيل اؼبعاصر فقد أضاؼ مصطلحا جديدا للحريات بأبعاد‬
‫دكلية كىي اليت ظبيت بػ"اغبقوؽ اعبماعية" كفيها اغبق يف السالـ كاألمن الدكليُت‪ ،‬حق الشعوب يف تقرير‬
‫‪2‬‬
‫مصَتىا كيف االستفادة من ثركاهتا الطبيعية‪ ،‬اغبق يف التنمية‪ ،‬حق الشعوب يف اؼبساكاة كعدـ التمييز‪.‬‬

‫‪ -1‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪.138 ،137 ،‬‬


‫‪ -2‬د ؿبمد سعيد ؾبذكب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬

‫]‪[26‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تمييز حقوق اإلنسان عما يشابهها من مصطلحات‬

‫قد ىبتلط األمر كيكوف ىناؾ ارتباؾ يف دراسة اؼبفاىيم إف مل تعُت اغبدكد الفاصلة بينها بشكل‬
‫جيد‪ ،‬لذلك كاف التذكَت بأكجو الشبو كاالختالؼ بُت حقوؽ اإلنساف كالقانوف الدكيل اإلنساين بالغ‬
‫األنبية (اؼبطلب األكؿ)‪ ،‬ككذلك بُت حقوؽ اإلنساف كالتدخل اإلنساين (اؼبطلب الثاين)‪ ،‬كنفس الشيء‬
‫عند الكالـ عن اغبماية الدبلوماسية (اؼبطلب الثالث)‪ ،‬كألف اغبرية قد تقيد من قبل السلطة ال ؿبالة فهل‬
‫ذلك بداعي التنافر أـ ؼبصلحة اجملتمع؟(اؼبطلب الرابع)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حقوق االنسان والقانون الدولي اإلنساني‬

‫االعًتاؼ بآدمية كإنسانية الفرد ىي اؼبدخل اغبقيقي الحًتاـ حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كبدكف ىذا االعًتاؼ‬
‫فإنو لن ينظر إىل اإلنساف من جانب منتهكي حقوقو كحرياتو األساسية باعتباره إنسانا بل حيوانا أك‬
‫‪1‬‬
‫حىت صبادا ؾبردا من الركح اإلنسانية‪.‬‬

‫كيعترب القانوف الدكيل التقليدم (الكالسيكي) قانونا اىتم بالعالقات الدكلية لكن ظلت اغبرب ىي‬
‫نقطة االنطالؽ ‪ ،‬حيث مل يكن ىناؾ أم اىتماـ بعالقة الفرد بالدكلة كبالرجوع إىل "أكغسطينوس"‬
‫صاحب نظرية "اغبرب العادلة كالعامة" قبده حاكؿ اؼبوازنة بُت ضركرة اغبرب كمنطلق سياسي كبُت‬
‫أىداؼ الكنسية األخالقية‪ ،‬ككاف ذلك بعد ربوؿ الكنيسة إىل مركز قوة بصدكر قرار ميالنو سنة ‪313‬‬
‫لتبقى اغبرب ىي رمز العالقات الدكلية‪ ،‬لكن بدأ يظهر بعض التطور يف عالقة اعبيش الغازم بالسكاف‬
‫اؼبدنيُت إباف اغبركب الركسية الفرنسية يف أكاخر القرف ‪. 19‬‬

‫كقد صدر عن مؤسبر برككسل ‪ 27‬أكت ‪ 1874‬مشركع االتفاقية الدكلية اؼبتعلقة بقوانُت كأعراؼ اغبرب‪،‬‬
‫ما أصبح يعرؼ الحقا باتفاقية الىام اؼبتعلقة بقوانُت كأعراؼ اغبرب الربية كاليت نتجت عن أكؿ مؤسبر‬
‫يف الىام للسالـ سنة ‪ ،1899‬مت أغبقت هبذه االتفاقية الئحة قوانُت كأعراؼ اغبرب البحرية اليت‬
‫‪2‬‬
‫حلت بدال من اتفاقية الىام الرابعة اؼبوقعة يف اؼبؤسبر الثاين ‪ 18‬أكتوبر ‪.1907‬‬

‫‪ -1‬د الشافعي ؿبمد بشَت‪ ،‬قانوف حقوؽ اإلنساف‪ ،‬مكتبة اعبالء اعبديدة باؼبنصورة مصر‪ ،‬بدكف تاريخ‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ -2‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.37 ،36‬‬

‫]‪[27‬‬
‫كيقوؿ الفقيو "جَت بيكتيت ‪ "Gear Pictet‬بأف القانوف اإلنساين يتكوف من نوعُت اثنُت‬
‫أحدنبا يبثلو قانوف اغبرب كاآلخر يبثلو قانوف حقوؽ اإلنساف‪ ،‬يف حُت اعترب بعض القانونيُت أف القانوف‬
‫اإلنساين ىو جزء من القانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف حىت كإف كاف األكؿ أسبق زمنيا يف التطور خالؿ‬
‫القرف ‪ ،19‬بينما حقوؽ اإلنساف عرفت أكرب اىتماـ بعد صياغة ميثاؽ األمم اؼبتحدة (‪ ،)1945‬فكما‬
‫أهنا تتعلق جبميع الناس كيف كل األكقات فهي جنس‪ ،‬أما القانوف اإلنساين فهو نوع من ذلك اعبنس ألنو‬
‫‪1‬‬
‫ىبصص لفئة معينة من البشر كيف زمن اغبرب فقط ( النزاعات اؼبسلحة )‪.‬‬

‫كهبمع أغلب الفقو الدكيل على انفصاؿ حقوؽ اإلنساف عن القانوف الدكيل اإلنساين حيث‬
‫‪2‬‬
‫يعترب القانوف الدكيل اإلنساين أحد فركع القانوف الدكيل يف الوقت الراىن مثلو مثل حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كقد عرفت منظمة الصليب األضبر الدكلية القانوف الدكيل اإلنساين بأنو‪" :‬ؾبموع القواعد الرامية‬
‫‪3‬‬
‫إىل اغبد من العنف كإىل ضباية اغبقوؽ األساسية لإلنساف خالؿ فًتات النزاعات اؼبسلحة"‪.‬‬

‫كاستعملت عدة مصطلحات للداللة على القانوف الدكيل اإلنساين مثل القانوف الدكيل اإلنساين‬
‫‪Internatinal humanitariation law applicable in armed confIlcts‬‬ ‫اؼبطبق على اؼبنازعات اؼبسلحة‬
‫‪Human Rights in armed-‬‬ ‫كىناؾ من يطلق عليو مصطلح حقوؽ اإلنساف يف النزاعات اؼبسلمة‬
‫‪4‬‬
‫‪ ،-confilcts‬كأيضا مستخدـ مصطلح قانوف اغبرب ‪ ،Law of war‬كقانوف جنيف‪.‬‬

‫كقد أصبح القانوف الدكيل اإلنساين مقًتنا باتفاقيات جنيف األربعة غبماية اؼبدنيُت أثناء اغبرب‬
‫كاليت أبرمت بتاريخ ‪ 12‬أكت ‪ 1949‬كربتوم على ‪ 400‬مادة كىي ‪:‬‬

‫االتفاقية ‪ :1‬ضباية اؼبصابُت كاؼبرضى من اعبيوش اؼبشاركُت يف اغبملة‪.‬‬

‫االتفاقية ‪ :2‬ضباية اؼبصابُت كاؼبرضى كالغرقى من القوات اؼبسلحة البحرية‪.‬‬

‫‪ -1‬د ؿبمد مصباح عيسى‪ ،‬حقوؽ اإلنساف يف العامل اؼبعاصر‪ ،‬دار أكاكوس‪ ،‬دار الركاد‪ ،‬بدكف بلد كتاريخ نشر‪ ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪ -2‬أد صالح الدين عامر‪ ،‬اغبماية الدكلية غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬حبث كرد يف " دراسات يف حقوؽ اإلنساف يف الشريعة اإلسالمية كالقانوف‬
‫اؼبصرم"‪ ،‬ربت إشراؼ أد فتحي سركر‪ ،‬أد سعاد زكي الشرقاكم‪ ،‬أد يوسف ؿبمود قاسم‪ ،‬أد صالح الدين عامر‪ ،‬مت إعداد ىذا اؼبشركع‬
‫بالتعاكف بُت كلية اغبقوؽ جبامعة القاىرة كمنظمة األمم اؼبتحدة للًتبية كالعلوـ كالثقافة (اليونسكو)‪ ،1983 ،‬ص ‪.298‬‬
‫‪ -3‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45 ،44‬‬
‫‪ -4‬د جعفر عبد السالـ علي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫]‪[28‬‬
‫االتفاقية ‪ :3‬ضباية سجناء السجن‪.‬‬

‫االتفاقية‪ :‬ضباية السجناء اؼبدنيُت أثناء اغبرب‪.‬‬

‫كمت بعد ذلك بتاريخ ‪ 8‬جواف ‪ 1977‬اؼبصادقة على بركتوكولُت أغبقا هبذه االتفاقيات األربع كنبا‪:‬‬

‫الربتوكوؿ ‪ :1‬يتعلق بالنزاعات اؼبسلحة الدكلية كالذم سيشمل الحقا النزاعات اؼبسلحة اعبديدة بعد‬
‫اغبرب العاؼبية الثانية مثل حركب التحرير الوطنية‪.‬‬

‫الربكتوكوؿ ‪ :2‬يبثل إضافة للمادة (‪ )3‬اؼبشًتكة بُت االتفاقيات األربع السابقة‪ ،‬كىو النص الوحيد اؼبطبق‬
‫يف حالة النزاعات اؼبسلحة غَت الدكلية‪ ،‬كفبا جاء فيو ضباية صبيع األشخاص الذم مل يشاركوا يف األعماؿ‬
‫اغبربية‪ ،‬كضباية اؼبرضى كاؼبصابُت‪ ،‬كالفرؽ الطبية‪ ،‬كاؼبعدات الصحية‪ ،‬كضركرة ضبلهم لرمز اؽبالؿ األضبر‬
‫‪1‬‬
‫أك الصليب األضبر ضباية ؽبم‪.‬‬

‫كفيما ىبص عمل عبنة الصليب األضبر كاؽبالؿ األضبر الدكليُت فإف ىناؾ سبعة (‪ )7‬مبادئ‬
‫لذلك كىي‪ :‬اإلنسانية‪ ،‬التجرد‪ ،‬االستقالؿ‪ ،‬التطوع‪ ،‬الوحدة كالعاؼبية‪.‬‬

‫كقد مت استحداث عبنة الصليب األضبر الدكيل بواسطة جهود السويسرم "ىنرم دكناف ‪"Durant‬‬
‫مؤلف كتاب ‪" :‬ذكرل من سولفرينو" أك "ذاكرة سولفرينو" سنة ‪ ،1862‬كىذا بعد أف عايش أىواؿ‬
‫اغبرب اليت دارت رحاىا بُت فرنسا كسردينيا اؼبنتصرتُت على النمسا يف مقاطعة ؼببارديا عاـ ‪.1859‬‬

‫حيث دعا إىل االىتماـ باعبرحى يف فًتات السلم كضركرة مساعدهتم بواسطة جهاز ؿبايد‪ ،‬فقد مت يف‬
‫أكؿ األمر إنشاء "اللجنة الدكلية إلغاثة اؼبصابُت" كاليت أصبحت الحقا تعرؼ باسم "اللجنة الدكلية‬
‫للصليب األضبر" منذ سنة ‪.1864‬‬

‫أما مصطلح اؽبالؿ األضبر الدكيل فلم يظهر إال سنة ‪ 1876‬من قبل شركة عثماف ألجل إغاثة اؼبصابُت‬
‫إباف اغبرب الركسية الًتكية‪ ،‬ليتم بعد ذلك إنشاء العصبة الدكلية ؼبنظمات الصليب األضبر كاؽبالؿ األضبر‬

‫‪ -1‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬

‫]‪[29‬‬
‫سنة ‪ 1919‬لتستقر آخر األمر يف جنيف سنة ‪ ،1939‬كقبل ذلك كاف مقرىا يف باريس‪ ،‬كيف سنة‬
‫‪ 1991‬أصبحت ربمل اسم "الفدرالية الدكلية ؼبنظمات الصليب األضبر كاؽبالؿ األضبر"‪.‬‬

‫كتقوـ سكرتارية الفدرالية بدكر اؼبنسق بُت الصليب األضبر كاؽبالؿ األضبر الدكليُت‪ ،‬كقد مرت العالقة بُت‬
‫ىاتُت اؼبنظمتُت بكثَت من التعديالت إىل أف مت تغيَت التسمية سنة ‪ 1986‬من الصليب األضبر الدكيل‬
‫إىل اغبركة الدكلية للصليب األضبر كاؽبالؿ األضبر كتتكوف من ثالثة أجهزة ‪:‬‬

‫اؼبؤسبر الدكيل لصليب األضبر كاؽبالؿ األضبر كىي أعلى سلطة يف اغبركة كىي من تصنع‬ ‫‪-1‬‬
‫سياستها‪ ،‬كتشكل الفقو الدكيل للقانوف الدكيل اإلنساين كذبتمع كل أربع (‪ )4‬سنوات‬
‫ؾبلس اؼبفوضيُت كىو دبثابة اعبمعية العامة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اللجنة الدائمة تتشكل من تسعة (‪ )9‬أعضاء‪ ،‬اثناف(‪ )2‬من الصليب األضبر كاؽبالؿ‬ ‫‪-3‬‬
‫األضبر‪ ،‬اثناف(‪ )2‬من الفدرالية‪ ،‬كطبسة (‪ )5‬أعضاء ينتخبوف من اؼبؤسبر الدكيل‪ ،‬كاللجنة‬
‫‪1‬‬
‫بعد ذلك تنتخب رئيسها‪ ،‬كيكوف اللقاء كل ستة (‪ )6‬أشهر‪.‬‬

‫كمن أكجو االختالؼ اؼبوجودة بُت كل من حقوؽ اإلنساف كالقانوف الدكيل اإلنساين ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬القانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف ىدفو ضباية األفراد يف أم كقت كال يهم ىل ىو زمن السلم أـ‬
‫أنو زمن اغبرب‪ ،‬بينما يهدؼ القانوف الدكيل اإلنساين غبماية األفراد كفبتلكاهتم يف حالة النزاعات‬
‫اؼبسلحة‪ 2،‬فبعض اغبقوؽ ال يبكن اؼبس هبا مطلقا سواء زمن اغبرب أك السلم كقد اختلفت االتفاقيات‬
‫الدكلية يف ىذه اغبقوؽ لكن اؼبتفق عليو أف ىناؾ أربعة حقوؽ يطلق عليها تسمية "اغبقوؽ الصلبة‬
‫غبقوؽ اإلنساف"‪ ،‬ال يبكن اؼبس هبا البتة كىي‪ :‬اغبق يف اغبياة‪ ،‬اغبق عي عدـ اػبضوع للتعذيب‪ ،‬ذبرًن‬
‫‪3‬‬
‫الرؽ كالعبودية‪ ،‬كعدـ رجعية القوانُت اعبزائية‪.‬‬

‫‪ -1‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55 ،54‬‬


‫‪ -‬د الشافعي ؿبمد بشَت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ -‬أد صالح الدين عامر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫‪ -2‬أد أضبد عبد الكرًن سالمة كمن معو‪ ،‬حقوؽ اإلنساف كأخالقيات اؼبهنة دراسة يف القوانُت اؼبصرية كاؼبواثيق الدكلية‪ ،‬جامعة حلواف‬
‫مصر‪ ،‬بدكف تاريخ نشر‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -3‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.128‬‬

‫]‪[30‬‬
‫كىو ما أكده القرار رقم ‪ 2676‬الصادر عن الدكرة ‪ 25‬للجمعية العامة لألمم اؼبتحدة سنة‬
‫‪ 1970‬كالذم جاء فيو‪" :‬إف حقوؽ اإلنساف األساسية‪ ،‬كما ىي مقبولة يف القانوف الدكيل كمنصوص‬
‫عليها يف اؼبواثيق الدكلية‪ ،‬يستمر تطبيقها كاملة يف أكقات النزاعات اؼبسلحة"‪ ،‬كىو ما يبثل مشولية حقوؽ‬
‫اإلنساف باؼبقارنة مع القانوف الدكيل اإلنساين‪ ،‬كىو ما مت التأكيد عليو يف اإلعالف اػباص حبماية النساء‬
‫كاألطفاؿ يف حاالت الطوارئ كالنزاع اؼبسلح الصادر عن اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة يف القرار رقم‬
‫‪ 3318‬لعاـ ‪ 1974‬حيث اعترب أم انتهاؾ غبقوؽ اإلنساف يف العمليات العسكرية أك يف اؼبناطق‬
‫احملتلة يعترب عمال إجراميا‪ ،‬ككذلك ما جاءت بو اؼبادة (‪ )1/38‬من اتفاقية حقوؽ الطفل لسنة‬
‫‪1‬‬
‫‪.1989‬‬

‫كأيضا فإف حقوؽ اإلنساف كانت ؿبل تدخل من قبل ؾبلس األمن يف العديد من اؼبرات‪ ،‬فالقرار‬
‫الصادر عن ىذا األخَت رقم ‪ 237‬لسنة ‪ 1967‬أكضح بأف حقوؽ اإلنساف األساسية غَت قابلة للتنازؿ‬
‫عنها حىت أثناء اغبرب‪ ،‬كما اعترب اجمللس يف قرار آخر لو وبمل الرقم ‪ 941‬لسنة ‪ 1994‬أف التطهَت‬
‫‪2‬‬
‫العرقي يشكل انتهاكا لقواعد القانوف الدكيل اإلنساين‪.‬‬

‫‪ -2‬القانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف ىباطب حكومات الدكؿ لرعاية كضباية حقوؽ مواطنيها سواء بإزالة‬
‫ىذه االنتهاكات‪ ،‬أك ككقفها‪ ،‬أك تعديل تشريعاهتا لتتواءـ كاالتفاقيات الدكلية غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬بينما‬
‫‪3‬‬
‫القانوف الدكيل اإلنساين ىباطب الدكؿ لرعاية كضباية حقوؽ أفراد وبملوف جنسيات دكؿ أخرل‪.‬‬

‫‪ -3‬األمم اؼبتحدة بكل أجهزهتا كككاالهتا اؼبتخصصة من تسهر على رقابة احًتاـ حقوؽ اإلنساف يف‬
‫العامل‪ ،‬بينما تسهر اغبركة الدكلية للصليب األضبر كاؽبالؿ األضبر إضافة إىل الدكؿ على تفعيل آليات‬
‫اغبماية اؼبوجودة مسبقا‪ ،‬كحىت كضع ؾبموعة آليات ترل فيها القدرة على إعماؿ القانوف الدكيل‬
‫‪4‬‬
‫اإلنساين‪.‬‬

‫‪ -1‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اغبماية الدكلية غبقوؽ اإلنساف يف إطار منظمة األمم اؼبتحدة كالوكاالت الدكلية اؼبتخصصة‪ ،‬دار النهضة العربية‬
‫القاىرة مصر‪ ،‬ط ‪ ،2000 ،1‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40 ،39‬‬
‫‪ -3‬أد أضبد عبد الكرًن سالمة كآخركف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13 ،12‬‬
‫‪ -4‬أد أضبد عبد الكرًن سالمة كآخركف‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫]‪[31‬‬
‫لكن مل يعد يقتصر القانوف الدكيل اإلنساين على منظمة الصليب األضبر أك حىت اؽبالؿ األضبر‬
‫الدكليُت بل تعدل ذلك إىل األمم اؼبتحدة اليت أصبحت أحد الالعبُت اؼبهمُت يف تفعيلو‪ ،‬خصوصا‬
‫عندما بدأت تطلب اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة من الدكؿ اؼبتنازعة احًتاـ اؼبنظمات الدكلية اإلنسانية‬
‫تطبيقا لقانوف جنيف ( االتفاقيات األربع) ك الربتوكوؿ اؼبلحق لسنة ‪ ،1977‬لكن األمم اؼبتحدة نفسها‬
‫حادت عن استعماؿ ىذا القانوف حُت طلبت من العراؽ لوحده إباف اغبرب العراقية الكويتية ضركرة‬
‫‪1‬‬
‫احًتاـ القانوف الدكيل اإلنساين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حقوق اإلنسان والتدخل اإلنساني‬

‫التدخل اإلنساين ىو تدخل دكلة أك ؾبموعة من الدكؿ ضد دكلة تنتهك حسبهم حقوؽ‬
‫اإلنساف بشكل جسيم‪ ،‬كالتدخل يكوف عسكريا كدكف الرجوع إىل ؾبلس األمن األفبي‪ ،‬كيعترب "ىوغو‬
‫غركشيوش ‪ )1645-1583( "Hugo Grotius‬مؤسس نظرية التدخل اإلنساين‪ ،‬كمن مربرات ىذا‬
‫‪2‬‬
‫التدخل انتهاؾ حق اغبياة كارتكاب جرائم اإلبادة اعبماعية كاعبرائم ضد اإلنسانية كجرائم اغبرب‪.‬‬

‫كىبتلف التدخل اإلنساين " ‪ "l’intervention humanitaire‬عن اؼبساعدة اإلنسانية"‬


‫‪ ،"l’assistance humanitaire‬فهذه األخَتة تعٍت التدخل دبعناه الواسع من خالؿ تقدًن اؼبساعدات‬
‫الغذائية لضحايا النزاعات اؼبسلحة‪ ،‬كىي يف األصل من اختصاصات اللجنة الدكلية للصليب األضبر‬
‫(اؼبادة "‪ "3‬اؼبشًتكة بُت اتفاقيات جنيف األربع لسنة ‪.)1949‬‬

‫كاؼبساعدة اإلنسانية قد تعًتؼ هبا األمم اؼبتحدة من خالؿ قرارات ؾبلس األمن ربت كطأة الفصل‬
‫السابع (‪ ،)7‬كذلك بتفعيل قرارات اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة اػباصة باحًتاـ حرية الدخوؿ كالوصوؿ‬
‫إىل الضحايا حىت لو كاف ىذا تعديا على السيادة الوطنية للدكؿ‪ ،‬كىي نقطة التشابو مع التدخل‬
‫اإلنساين لكن الفرؽ أف التدخل اإلنساين غَت معًتؼ بو من األمم اؼبتحدة‪ ،‬بل ىناؾ فقط ؾبموعة من‬
‫‪3‬‬
‫الدكؿ الكربل تريد أف ذبعل منو عرفا يف سبيل أف يصبح قانونا دكليا يف يوما ما‪.‬‬

‫‪ -1‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.47 ،46‬‬


‫‪ -2‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23 ،22‬‬
‫‪ -3‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫]‪[32‬‬
‫كأكؿ دكلة مارست فعليا التدخل اإلنساين ىي فرنسا يف القرف ‪ 16‬هبدؼ ضباية األقليات‬
‫الدينية اؼبقيمة يف األقاليم اػباضعة للخالفة العثمانية‪ ،‬كتكرر ىذا األمر بشدة يف القرف ‪ 19‬حيث‬
‫تدخلت كل من فرنسا كركسيا كبريطانيا يف أقاليم تابعة للخالفة العثمانية‪ ،‬كما تدخلت الواليات اؼبتحدة‬
‫األمريكية يف كوبا عسكريا عاـ ‪ 1898‬حبجة الدفاع عن اؼبصاحل األمريكية حسب الكونغرس‪ ،‬كالتدخل‬
‫األكريب الياباين يف الصُت عاـ ‪ 1900‬بذريعة ضباية األجانب كىو ما يعرؼ حبرب "البوكسَت"‪ ،‬كتدخل‬
‫بلجيكا يف الكونغو ‪ ،1960‬كالواليات اؼبتحدة يف ساف دكمينيكاف ‪ ،1965‬ككذا تدخلها يف قربص‬
‫‪ 1974‬كيف ايراف ‪ ،1980‬كغرينادا عاـ ‪ ،1983‬كبينما‪ ،‬كىاييت‪.‬‬

‫كتدخل فرنسا سنة ‪ 1979‬يف صبهورية افريقيا الوسطى كاسقاط اإلمرباطور "بوكاسا"‪ ،‬كتدخل تنزانيا يف‬
‫‪1‬‬
‫أكغاندا كإسقاط "عيدم أمُت دادا"‪.‬‬

‫كاليزاؿ التدخل اإلنساين ـبالفا للقانوف الدكيل كأبرز ذلك نص اؼبادة ‪ 4/2‬من ميثاؽ األمم‬
‫اؼبتحدة كاليت ربرـ استعماؿ القوة يف عالقات الدكؿ ببعضها ببعض‪ ،‬لكن التدخل اإلنساين أغلب‬
‫القائمُت بو ىي الدكؿ الكربل كألىداؼ خفية كغَت انسانية حىت كإف كانت تصروباهتم تذىب باذباه‬
‫ضباية حقوؽ اإلنساف كاغبريات األساسية لكل الناس كالتشجيع على ذلك كىو ما جاءت بو حسبهم‬
‫‪2‬‬
‫اؼبادة ‪ 1/3‬من اؼبيثاؽ األفبي‪.‬‬

‫لكن اؼبعارضوف للتدخل اإلنساين حججهم أقول بدءا بنص اؼبادة ‪ 4/2‬من اؼبيثاؽ اليت ربرـ‬
‫استعماؿ القوة بُت الدكؿ‪ ،‬إضافة إىل التوصية رقم ‪ 2625‬الصادرة بتاريخ ‪ 1970/10/24‬كاػباصة‬
‫بإعالف مبادئ العالقات الودية‪ ،‬ككذلك ما صدر عن إعالف مانيال سنة ‪ 1982‬حيث جاء التأكيد يف‬
‫الفقرة (‪) 13‬منو على عدـ جواز اللجوء إىل القوة حىت يف حاؿ فشل اجراءات التسوية السلمية‪ ،‬كما‬
‫صدر حكم حملكمة العدؿ الدكلية يف قضية األنشطة العسكرية كشبو العسكرية يف نيكاراغوا عاـ‬
‫‪ 1986‬يفيد بعدـ كجود قاعدة تسمح لدكلة بالتدخل يف شؤكف دكلة أخرل جملرد كجود نظاـ سياسي‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25 – 23‬‬
‫‪ -2‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.26 ،25‬‬

‫]‪[33‬‬
‫أك إيديولوجي ـبتلف‪ ،‬كقالت احملكمة بأف الواليات اؼبتحدة األمريكية ال سبلك حق تقييم حقوؽ‬
‫‪1‬‬
‫اإلنساف يف نيكاراغوا‪ ،‬كأف استعماؿ القوة لن يؤدم إىل ضباية حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الحماية الدبلوماسية وحقوق اإلنسان‬

‫العامل أصبح يعيش حالة الدكلة ذات اغبد األدىن ‪ L’État minimal‬كىي حالة من التطور‬
‫الشرطية إىل التدخلية فدكلة الرفاىية‪ ،‬كاغبد األدىن للدكلة ىو نتاج‬
‫جاءت بعد مركر الدكلة من الدكلة ُ‬
‫اؼبدرسة الليبَتالية اعبديدة ذات اؼبنشأ األقبلوسكسوين كربديدا األمريكي كنتيجة لالندماج الشديد بُت‬
‫الدكلة كاجملتمع فإنو مل يعد األمر مثلما كاف عليو يف السابق‪ ،‬فقد كانت ضباية اغبريات سبر بالضركرة عرب‬
‫إصدار الدكلة للتشريعات اؼبنظمة لذلك‪ ،‬بل أصبح عدـ تدخلها كاغبد من ىذه التنظيمات كالتقنينات‬
‫كترؾ اؼببادرة لألفراد ضمانا للحريات‪ ،‬كمت إنشاء ىيئات أخرل مستقلة عن السلطات الثالث اؼبعركفة‬
‫‪2‬‬
‫كتسمى بالسلطات اإلدارية اؼبستقلة عهد إليها الرقابة كضماف اغبريات من أم انتهاؾ‪.‬‬

‫كإذا رجعنا إىل اػبلف ؼبعرفة عالقة الفرد بالدكلة كاف لزاما العودة إىل معرفة بدايات تشكل‬
‫القانوف الدكيل عموما كالقانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف على كجو اػبصوص –سبت اإلشارة إليو بتفصيل‬
‫فيما سبق‪ -‬حيث يرجع البعض ذلك إىل ما قبل اغبرب العاؼبية الثانية كما يعرؼ حبقوؽ األجانب يف‬
‫معاملة الئقة‪ ،‬حيث أف الفقيو " فاتيل" كمنذ القرف ‪ 18‬نادم بفكرة اغبد األدىن كالذم ينبغي توافره يف‬
‫معاملة األجانب كىي عبارة عن قيود قد ترد على سيادة الدكلة كمنها االعًتاؼ ؽبم بالشخصية القانونية‬
‫كضباية الشخصية‪ ،‬ضباية اؼبلكية‪ ،‬اغبق يف ؿباكمة عادلة‪ ،‬كعدـ طرد األجانب بشكل تعسفي كأال يكوف‬
‫ذلك إال للمصلحة العامة‪ ،‬مع ضركرة حصوؽبم على تعويض عادؿ كىي عبارة عن ذبسيد لفكرة اغبقوؽ‬
‫اؼبكتسبة كىو أيضا ما يتسق مع فكرة اغبماية الدبلوماسية‪.‬‬

‫أما اليوـ فقد اكبصرت فكرة اغبد األدىن يف معاملة األجانب كأصبح يف كل دكلة اؼبساكاة بُت‬
‫اؼبواطن كاألجنيب يف حدكد ما يسمح بو النظاـ القانوين الوطٍت كما يبثلو من سيادة كىذا سباشيا مع احًتاـ‬
‫حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كىو ما برز جليا يف التعليق رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 1986‬كالذم جاءت بو اللجنة اؼبعنية‬
‫حبقوؽ اإلنساف‪ ،‬حيث قالت دبساكاة اعبميع من مواطنُت كأجانب يف التمتع باغبقوؽ الواردة يف العهد‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28 - 26‬‬
‫‪ -2‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.7 ،6‬‬

‫]‪[34‬‬
‫الدكيل للحقوؽ االقتصادية كاالجتماعية كالثقافية بغض النظر عن مبدأ اؼبعاملة باؼبثل أك جنسية‬
‫‪1‬‬
‫األجانب‪.‬‬

‫كقد ظهر أيضا ما يسمى بنظاـ االمتيازات األجنبية كىو يعٍت كجوب اخضاع األجانب يف أية‬
‫دكلة إىل قانوف بلدىم األصلي الذم وبملوف جنسيتو بذريعة ضباية الرعايا األكربيُت خارج أكطاهنم‬
‫كخباصة التجار منهم‪ ،‬كىو ما طبق فعال على دكؿ مثل‪ :‬الصُت‪ ،‬اػبالفة العثمانية‪ ،‬إيراف‪ ،‬مصر‪ ،‬كدكؿ‬
‫أخرل من إفريقيا كآسيا‪.‬‬

‫كاألمر اؼبؤكد أف ىذا النظاـ ىو نظاـ استعمارم فرض دبوجب معاىدات غَت متكافئة كأصبح ينظر إليو‬
‫اآلف على أنو من ـبلفات القانوف الدكيل التقليدم‪ ،‬فقد ألغي يف تركيا دبوجب معاىدات لوزاف بتاريخ‬
‫‪ 1923/07/24‬كألغي يف مصر دبوجب معاىدة مونًتك اؼبربمة بتاريخ ‪ 1927/05/08‬ككذلك األمر‬
‫‪2‬‬
‫يف إيراف كالصُت‪.‬‬

‫أما نظاـ اغبماية الدبلوماسية فهو حق أصيل سبلكو الدكؿ كيبكنها أف تتنازؿ عنو‪ ،‬كما أف‬
‫الدكلة غَت ؾبربة على اللجوء إليو‪ ،‬كىو حق فبنوح للدكؿ ال لألفراد لكن مباشرة اغبماية الدبلوماسية‬
‫يقتضي توافر شركط معينة كىي أف تتدخل دكلة اعبنسية غبماية أحد رعاياىا يف دكلة اإلقامة إذا‬
‫انتهكت حقوقو بشكل ىبالف مقتضيات القانوف الدكيل‪ ،‬لكن هبب أف يكوف الشخص اؼبطلوب ضبايتو‬
‫دبلوماسيا من رعايا الدكلة اؼبطالبة باغبماية‪ ،‬كأف يكوف قبل ذلك قد استنفد صبيع طرؽ الطعن الداخلية‬
‫‪3‬‬
‫كأال يكوف ارتكب خبطئو يف دكلة اإلقامة عمال ىبالف القانوف الداخلي ؽبا‪.‬‬

‫كيقاؿ أف اغبماية الدبلوماسية كجدت قبل أف يتم االعًتاؼ اغبقيقي حبقوؽ اإلنساف كقبل‬
‫تشكلها بالوجو اغبايل اؼبعركفة بو اليوـ‪ ،‬لذا انقسم الرأم داخل عبنة القانوف الدكيل يف شأف العالقة بُت‬
‫‪4‬‬
‫حقوؽ اإلنساف كاغبماية الدبلوماسية إىل اذباىُت‪ ،‬األكؿ يرانبا متماثالف كالثاين يرل فيهما غَت ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17 ،16‬‬
‫‪ -2‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.18 ،17‬‬
‫‪ -3‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.19 ،18‬‬
‫‪ -4‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬

‫]‪[35‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الحرية والسلطة‬

‫العالقة بُت اغبرية كالسلطة عالقة ىامة كالبد منها ذلك أف اغبرية ال تقوـ إال يف اطار من‬
‫التنظيم االجتماعي كالسياسي كاالقتصادم‪ ،‬كىو ما يعترب نظاما ؿبددا كىذا النظاـ ال يبكن أف يكوف إال‬
‫بوجود سلطة تسهر على تسيَته‪ ،‬حيث أف أم تفكك يف تنظيم اجملتمع ينعكس بدكره على تفكك‬
‫‪1‬‬
‫السلطة كنتيجة لذلك تزكؿ اغبرية لوجود عنف سبارسو عصابات معنية كل ؽبا ىدؼ‪.‬‬

‫كاغبرية ال يطالب هبا الفرد إال إذا أحس أف الظركؼ االقتصادية بدأت تتآكل لذا يقوؿ الفقيو‬
‫"السكي" يف ىذا اؼبعٌت‪ ":‬إذا بدأ االقتصاد يف ؾبتمع ما يتأزـ كيتدىور‪ ،‬فهنا تصبح اغبرية يف خطر‪،‬‬
‫فاػبطر يولد اػبوؼ كاػبوؼ يريب الشك‪ ،‬كىنا يبدأ اغباكموف باػبشية من اغبرية ألهنم ال يشعركف بأف‬
‫احملكومُت مل يعودكا يف يسر كأهنم مل يعودكا يؤمنوف بأساليبهم يف اغبكم كأهنم ‪-‬أم‪ -‬احملكوموف‪-‬‬
‫يتطلعوف إىل شيء جديد كيتوقوف إىل أكضاع سبكنهم من القضاء على العوز‪ ،‬فإذا مل يعمل اغباكموف‬
‫على إصالح النظم االقتصادية بالطرؽ سليمة العواقب اضطركا إىل إخفات صوت احملكومُت القلقُت‬
‫‪2‬‬
‫بالقوة كعبأكا إيل العنف ليتمكنوا من احملافظة على سلطاهتم كامتيازاهتم"‪.‬‬

‫فأصحاب النظرية الفوضوية يركف تناقضا بُت السلطة كاغبرية كمن ىؤالء األؼباين "ماركس شًتنر"‬
‫حيث يقوؿ‪" :‬ليس للدكلة سول ىدؼ كاحد‪ :‬اغبد من طاقة الفرد كتركيضو كإذاللو‪ ،‬كإخضاعو ؼبا ىو‬
‫عاـ‪ ،‬فهي ليست سول سبظهر اغبد من الذات‪ ،‬فليس من دكلة تسعى إىل حرية الفرد‪ ،‬بل ىدفها العمل‬
‫‪3‬‬
‫على النشاط الذم يتعلق دبصَتىا"‪.‬‬

‫كيرل الفرنسي "بركدكف" أف اغبرية الفردية مطلقة يف مواجهة السلطة الشاملة للسلطة العليا اؼبتحكمة‪،‬‬
‫بينما الركسي "باكونُت" يعترب أف الدكلة ىي حالة عابرة يف الزمن كأهنا دبا سبثلو من سلطة ذبتمع لديها‬
‫‪4‬‬
‫كل اآلفات السالبة للحرية خالؿ استعباد احملكومُت كافسادىم‪.‬‬

‫‪ -1‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬


‫‪ -2‬د ثركت عبد العاؿ أضبد‪ ،‬اغبماية القانونية للحريات بُت النص كالتطبيق‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة مصر‪ ،1999 ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ -3‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ -4‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.59 ،58‬‬

‫]‪[36‬‬
‫كيف االذباه اآلخر يعترب القديس اإليطايل "توما اإلكويٍت" بأف السلطة كاغبرية متالزماف ماداـ‬
‫ىناؾ عدؿ فالعدؿ ىو الذم يؤدم إىل انسجاـ عمل اغبكومة مع الطبيعة‪ ،‬كيعترب "ىيغل" أف اغبرية ال‬
‫توجد إال يف اطار منظم سبثلو الدكلة اغباكمة‪" :‬كوف اإلنساف يف ذاتو كلذاتو مل يوجد ليستعبد ىذه‬
‫حقيقة ندركها كضركرة عقلية فقط‪ ،‬لكي نكف عن إدراكها كمثل ؾبرد علينا أف نعًتؼ أف فكرة اغبرية‬
‫‪1‬‬
‫ال توجد بالفعل إال يف كاقع الدكلة"‪.‬‬

‫كيؤكد "ىاركلد السكي" بضركرة اؼبوازنة بُت اغبرية كالسلطة بقولو‪" :‬ككاجبنا ىو أف كبقق التوازف‬
‫بُت اغبرية اليت كبتاجها كالسلطة اليت ال غٌت عنها‪ ،‬ذلك التوازف الذم يبعث لدل الرجل اؼبتوسط‬
‫إحساسا كاضحا بأف لديو ؾباال فسيحا للتعبَت اؼبستمر عن شخصيتو"‪ ،‬كمن جهة ثانية فإنو ال يرل‬
‫كجودا للحرية إال يف جو من الديبقراطية حيث يقوؿ‪ ":‬إف كل من يتأمل العالقة بُت اغبرية كبُت األنظمة‬
‫اؼبوجودة يف أم دكلة‪ ،‬سيجد من الصعب عليو أف يقاكـ االستنتاج بأف اغبرية ال يبكن أف تتوفر بدكف‬
‫‪2‬‬
‫ديبقراطية"‪.‬‬

‫يرل "مونتيسكو" بأف اغبرية تتوافق مع القانوف فمىت لو كانت اغبرية ىي ما نريد فإهنا تظل مع‬
‫ذلك ؿبدكدة بقيود القانوف حيث يقوؿ‪ ":‬إف اغبرية ىي سلطة القوانُت‪ ،‬ال سلطة الشعب كسلطة‬
‫القوانُت ىي حرية الشعب‪ ،‬إف اغبرية ىي اغبق يف فعل كل ما تسمح بو القوانُت‪ ،‬كإذا كاف بإمكاف‬
‫مواطن ما أف يفعل ما سبنعو‪ ،‬فإنو لن يكوف ىناؾ حرية‪ ،‬ألف اآلخرين سيكوف لديهم كذلك ىذه‬
‫‪3‬‬
‫القدرة"‪.‬‬

‫إذا فتنظيم اغبريات ىو ؾباؿ ؿبجوز للقانوف ؼبا يبثلو من ضمانة كربل‪ ،‬كىذا يرجع باألساس إىل‬
‫الشكلية اليت يصدر هبا من عالنية كمناقشة‪ ،‬باإلضافة إىل أنو من أىم خصائص القاعدة القانونية ىي‬
‫‪4‬‬
‫أهنا عامة كؾبردة‪.‬‬

‫‪ -1‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60 ،59‬‬


‫‪ -2‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.61 ،60‬‬
‫‪ -3‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.115 ،114‬‬
‫‪ -4‬د حسن علي‪ ،‬حقوؽ اإلنساف‪ ،‬ككالة اؼبطبوعات الكويت‪ ،‬بدكف تاريخ نشر‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫]‪[37‬‬
‫من اؼبرتكزات األساسية للنظاـ القانوين للحريات العامة ثالثة أشياء ىي‪ :‬الديبقراطية‪ ،‬أكلوية‬
‫القانوف‪ ،‬كالدكر اؼبميز للقاضي‪.‬‬

‫كبالعودة إىل الديبقراطية كعالقتها باغبريات العامة يصادفنا كالـ الفقيو "جورج بوردك ‪Georges‬‬
‫‪ "Burdeau‬حيث يقوؿ عنها‪ ":‬ىي نظاـ حكم يهدؼ إىل إدخاؿ اغبرية يف العالقات األساسية‪ ،‬أم‬
‫عالقة األمر كالطاعة اللصيقة بكل ؾبتمع منظم أساسا"‪ ،‬ليضيف أهنا‪" :‬الصيغة الوحيدة اليت تقًتح‬
‫كمرتكز للنظاـ السياسي كرامة اإلنساف اغبر"‪.‬‬

‫فالديبقراطية حبسب "أندرم ىوريو ‪ "Andrée Hauriou‬ىي اليت تتضمن التعايش السلمي بُت‬
‫‪1‬‬
‫السلطة كاغبرية يف إطار الدكلة‪.‬‬

‫كتعترب الديبقراطية ىي األرضية اػبصبة اليت تنشأ كتًتعرع فيها اغبريات العامة‪ ،‬كالقانوف ىو‬
‫‪2‬‬
‫األداة اؼبثلى لتنظيمها‪ ،‬كالقاضي ىو من يصلح لتطبيق ىذا التنظيم كضبايتو‪.‬‬

‫كال يسبغ القانوف الوضعي صفة اغبرية على أم نشاط قد يقوـ بو أم انساف إال إذا توافر فيو‬
‫شرطاف أساسياف‪" :‬األكؿ‪ :‬أف ينظم نشاط الفرد تنظيما فعاال ىادفا إىل كفالة حريتو كال يتأتى ذلك إال‬
‫بأمرين اثنُت‪:‬‬

‫‪-1‬أف تلقى فبارسة ذلك النشاط تنظيما تشريعيا‪.‬‬

‫‪-2‬أف يكفل تنظيم اؼبشرع حرية فبارستها‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬أف تقرر ضمانات يف حالة اعتداء عليها‪ :‬بأف زبلف اؼبمارسة اغبرة لذلك النشاط نتيجة‬
‫لتنظيمها تنظيما تشريعيا‪ ،‬زبلق للفرد مكنة اقتضاء تسمح لو بالوسائل اليت تكفل احًتامها من األفراد‬
‫‪3‬‬
‫اآلخرين كمن الدكلة على حد سواء"‪.‬‬

‫‪ -1‬د ؿبمد سعيد ؾبذكب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬


‫‪ -2‬د ؿبمد سعيد ؾبذكب‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -3‬د نعيم عطية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.148 ،147‬‬

‫]‪[38‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬تشكل المنظمات الدولية المهتمة بحماية حقوق اإلنسان‬

‫بداية ظهور االعًتاؼ اغبقيقي حبقوؽ اإلنساف كاف مع بركز اؼبنظمات الدكلية كإف كانت عصبة‬
‫األمم مل ربدث أم اخًتاؽ يف باب اغبقوؽ (اؼبطلب األكؿ)‪ ،‬ككذلك منظمة العمل الدكلية(اؼبطلب‬
‫الثاين)‪ ،‬كيعترب انشاء ىيئة األمم اؼبتحدة اؼبنعرج اغباسم يف بداية تسمية األشياء دبسمياهتا ككانت معها‬
‫االنطالقة اغبقيقية غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬خصوصا مع استحداث اؼبيثاؽ كما تبعو من شرعة دكلية (اؼبطلب‬
‫الثالث)‪ ،‬كما تالىا من نظاـ جبار يسهر على ىذه اغبماية كاجمللس االقتصادم كاالجتماعي‪ ،‬كعبنة‬
‫حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كمفوض األمم اؼبتحدة السامي غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬إضافة إىل تناكؿ القضاء الدكيل يف‬
‫ىذا الشأف (اؼبطلب الرابع)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬عصبة األمم وحقوق اإلنسان‬

‫بعد انتهاء اغبرب العاؼبية األكىل (‪ )1918-1914‬عقدت دكؿ اغبلفاء اؼبنتصرين يف قصر‬
‫فرسام معاىدة السالـ مع دكؿ احملور‪ ،‬كقد تضمنت ىذه اؼبعاىدة إنشاء عصبة األمم بتاريخ‬
‫‪ ، 1919/04/28‬كلكن كرد ىذا العهد خاؿ من أم حق إنساين بشكل كاضح بل جاء عاما بشأف‬
‫ضباية حقوؽ اإلنساف‪ ،‬حىت أف حق اغبرية الدينية الذم جاء بو الرئيس األمريكي "تيودكر كيلسوف" مت‬
‫رفض إدراجو حىت كنص يف نظاـ العصبة‪ ،‬فيما جاء عهد العصبة بنظاـ االنتداب اؼبشار إليو دبوجب‬
‫اؼبادة (‪ )23‬من العهد كالذم توجو ليشمل األقاليم اليت كانت ربت سلطة دكؿ احملور اؼبنهزمة‪ ،‬حيث‬
‫تعهد اغبلفاء اؼبنتصركف بإشاعة الرفاىية يف ىذه األقاليم باعتبارىا أمانة مقدسة يف عنق اؼبدنية كلكن‬
‫اغبقيقة أنو استعمار جديد خلفا الستعمار قدًن‪.‬‬

‫كما ال يتضمن عهد العصبة أم آلية غبماية األقليات بل جاءت اغبماية عن طريق اؼبعاىدات‬
‫اؼبنعقدة بُت ‪ 1919‬ك‪ ،1923‬كألف االلتزامات الناشئة عن ىذه النصوص ذات طابع دكيل كاف دكر‬
‫العصبة دبثابة الضامن لتنفيذىا‪ ،‬حيث اختص ؾبلس العصبة يف النظر يف أم التماس أك عريضة تتقدـ هبا‬
‫األقليات سواء كأشخاص أك كمنظمات تنوهبم عن أم ـبالفة ؽبذه النصوص الدكلية كيعاب عليو أنو‬
‫كاف سبييزيا فلم ُرباسب صبيع الدكؿ‪ ،‬باإلضافة إىل أنو ال وبمي اإلنساف لكونو إنسانا كإمبا وبميو بالنظر‬
‫إىل انتمائو العرقي أك الديٍت أك اللغوم‪ ،‬كىو ما أدل إىل عدـ استقرار أكربا‪ ،‬حيث اجتاحت أؼبانيا‬

‫]‪[39‬‬
‫تشيكوسلوفاكيا عاـ ‪ 1939‬ككذلك فعلت مع بولندا‪ ،‬كمن جهتها ضمت إيطاليا ألبانيا‪ ،‬كنتيجة للرد‬
‫‪1‬‬
‫باستعماؿ القوة اندلعت اغبرب العاؼبية الثانية فكاف نظاـ األقليات أحد أسباهبا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬منظمة العمل الدولية‬

‫مت إنشاء منظمة العمل الدكلية سنة ‪ 1919‬كارتبطت بالعصبة حيث نص عهد العصبة دبوجب‬
‫اؼبادة (‪ )23‬منو على ضركرة توفَت ظركؼ عادلة لعمل النساء كالرجاؿ كاألطفاؿ‪ ،‬كتعترب اؼبنظمة أقدـ‬
‫منظ مة دكلية قائمة غبد الساعة‪ ،‬فبالرغم من زكاؿ العصبة إال أهنا بقيت بل كأصبحت مرتبطة هبيئة األمم‬
‫اؼبتحدة باعتبارىا ككالة متخصصة تابعة ؽبا‪ ،‬كقد جاء إعالف فيالديلفيا بالواليات اؼبتحدة األمريكية شهر‬
‫نيساف ‪ 1944‬كالذم يربز أىداؼ منظمة العمل الدكلية مث جاء تعديل آخر على دستورىا عاـ‬
‫‪ ،1946‬كقبال فدستور اؼبنظمة الوارد يف الباب ‪ 13‬من معاىدة فرسام يعد دبثابة أكؿ اتفاقية غبقوؽ‬
‫اإلنساف كباػبصوص حقوؽ العماؿ‪.‬‬

‫كقد كصل عدد االتفاقيات اليت أقرهتا منظمة العمل الدكلية إىل حدكد ‪ 200‬اتفاقية حىت العاـ ‪2004‬‬
‫ربيط بكل جوانب عمل العامل كما يقتضيو ذلك من حقوؽ سواء أثناء فًتة العمل‪ ،‬اؼبرض‪ ،‬أك الراحة‪،‬‬
‫كعلى سبيل اؼبثاؿ نذكر االتفاقيات التالية‪ :‬رقم ‪ 29‬لعاـ ‪ 1930‬كرقم ‪ 105‬لعاـ ‪ 1957‬اػباصة‬
‫بتجرًن العمل اعبربم (السخرة)‪ ،‬كاالتفاقية رقم ‪ 87‬لعاـ ‪ 1948‬للحرية النقابية‪ ،‬ك االتفاقية رقم ‪100‬‬
‫لسنة ‪ 1951‬كاؼبتعلقة باؼبساكاة يف األجور‪ ،‬كاتفاقية العمل يف اؼبنزؿ لسنة ‪ ،1996‬كنظرا عبهود منظمة‬
‫‪2‬‬
‫العمل الدكلية منحت جائزة نوبل للسالـ سنة ‪.1969‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬إنشاء ىيئة األمم المتحدة بداية التأريخ لحقوق اإلنسان الحديثة‬

‫انعقد مؤسبر "دكمبارتوف أككس" يف عاـ ‪ 1942‬ضم كل الدكؿ الكربل باستثناء فرنسا‪ ،‬كفيو‬
‫بدأ الكالـ عن مشركع إنشاء األمم اؼبتحدة‪ ،‬ليأيت مؤسبر ساف فرانسيسكو (نيساف ‪– )1945‬‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36 -31‬‬
‫‪ -2‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.39-37‬‬

‫]‪[40‬‬
‫اجتمعت يف ‪ 50‬دكلة‪ -‬بعدة تعديالت على اؼبشركع السابق كيف األخَت مت توقيع اؼبيثاؽ اؼبنشئ لألمم‬
‫‪1‬‬
‫اؼبتحدة بتاريخ ‪ 26‬حزيراف ‪.1945‬‬

‫كيبقى يف التأريخ غبقوؽ اإلنساف ثالثة شواىد كربل ال يبكن اؼبركر عليها دكف اإلشارة ؽبا كىي‬
‫أف اقبلًتا ىي أصل صدكر حقوؽ اإلنساف اؼبعاصرة‪ ،‬كالواليات اؼبتحدة األمريكية تعترب أكثر الدكؿ تأثَتا‬
‫يف تشكيل نسق حقوؽ اإلنساف اغبالية‪ ،‬كالياباف باعتبارىا سبثل األمبوذج الكالسيكي ؼبا يسكن خطاب‬
‫حقوؽ اإلنساف يف ؾبتمع غَت غريب‪ ،‬كلكنو ينجح يف األخَت يف احًتاـ حقوؽ اإلنساف مع اغبفاظ على‬
‫‪2‬‬
‫اػبصوصية احمللية بكل اقتدار‪.‬‬

‫كيف ىذا الصدد يقوؿ أنتوين ككديويس‪ ":‬حيث كانت الواليات اؼبتحدة األمريكية القوة الدافعة‬
‫كراء اإلحياء العاؼبي ػبطاب اغبقوؽ‪ ،‬بينما مثلت الياباف حالة االختيار الرئيسي ؼبدل فعالية اػبطاب يف‬
‫البلداف غَت الغربية"‪.‬‬

‫فالواليات اؼبتحدة األمريكية بعد هناية اغبرب العاؼبية الثانية ىي من قادت يف إطار النظاـ العاؼبي اعبديد‬
‫فكرة حقوؽ اإلنساف اغبديثة كاليت أدت إىل تأسيس منظمة األمم اؼبتحدة‪ 3،‬ككاف من إقبازات ىيئة‬
‫األمم اؼبتحدة الكثَت كأبرزىا على الصعيد العاؼبي باعتباره تطورا ملفتا كىاما يف اآلف ذاتو ىو إنشاء ما‬
‫يسمى بالشرعة الدكلية كىي‪ :‬اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬العهد الدكيل اؼبتعلق باغبقوؽ اؼبدنية‬
‫كالسياسية‪ ،‬كالعهد الدكيل اؼبتعلق باغبقوؽ االقتصادية كاالجتماعية كالثقافية‪.‬‬

‫كيعود استخداـ مصطلح الشرعة الدكلية ( ‪ )International Bill of Rights‬إىل عبنة‬


‫حقوؽ اإلنساف يف دكرهتا الثانية اليت عقدت يف جنيف (‪ 17-3‬ديسمرب ‪ ،)1947‬فبعد اقًتاح بعض‬
‫الدكؿ كضع ملحق باؼبيثاؽ غبقوؽ اإلنساف يف مؤسبر ساف فرانسيسكو إال أنو رفض‪ ،‬لتعيد الكرة دكلة‬
‫"بنما" خالؿ الدكرة األكىل للجمعية العامة لألمم اؼبتحدة يف لندف سنة ‪ 1946‬كىو ما أشبر عن تكليف‬
‫عبنة حقوؽ اإلنساف بإعداد ىذا اؼبشركع‪.‬‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -2‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -3‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.89 ،88‬‬

‫]‪[41‬‬
‫ككاف أكؿ ما اشتغلت عليو اللجنة إعداد اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف لسنة ‪ 1948‬إال أنو‬
‫غَت ملزـ‪ ،‬لتخرج من جديد العهدين الدكليُت للحقوؽ اؼبدنية كالسياسية كاالقتصادية كاالجتماعية‬
‫كالثقافية سنة ‪ 1954‬كمعهما الربكتوكوؿ اؼبلحق بالعهد الدكيل للحقوؽ اؼبدنية كالسياسية‪ ،‬لكن تأخر‬
‫االعًتاؼ هبما من اعبمعية العامة ‪ 12‬سنة كاملة ككاف ذلك سنة ‪ ،1966‬كمل يدخال حيز النفاد إال‬
‫بعد مركر ‪ 10‬سنوات أم يف سنة ‪ ،1976‬كما اعتمدت اعبمعية العامة الربكتوكوؿ االختيارم الثاين‬
‫‪1‬‬
‫اؼبلحق بالعهد الدكيل اػباص باغبقوؽ اؼبدنية كالسياسية كاؼبتعلق بإلغاء عقوبة اإلعداـ سنة ‪.1990‬‬

‫كقد أضحت الشرعة الدكلية سبثل معيارا كضعيا غبقوؽ اإلنساف األساسية ذبعل منها أمبوذجا‬
‫ؼبدكنة عاؼبية غبقوؽ اإلنساف كحرياتو األساسية‪ 2،‬كسنخصص للشرعة الدكلية نظرا ألنبيتها مبحثا خاصا‬
‫فيما سيأيت من ىذه الدراسة‬

‫كيف سنة ‪ 1990‬دخل مشركع حقوؽ اإلنساف يف أزمة خصوصا بعد اهنيار االرباد السوفيايت‬
‫كظهور قول أخرل ‪ ،‬كؽبذه األزمة ثالثة أبعاد أثرت يف عمل القول داخل األمم اؼبتحدة‪:‬‬

‫أكؽبا‪ :‬تزايد نفوذ اؼبنظمات غَت اغبكومية‪.‬‬

‫ثانيها‪ :‬صعود الليبَتالية اعبديدة يف الواليات اؼبتحدة األمريكية كبريطانيا‪.‬‬

‫ثالثها‪ :‬بركز الدكؿ األسيوية فبعضها أكد على اؼبرجعية اإلسالمية‪ ،‬فيما ركز جزء منها على‬
‫‪3‬‬
‫إقبازاتو االقتصادية كمنها الصُت‪.‬‬

‫‪ -1‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89 ،88‬‬


‫‪ -2‬د الشافعي ؿبمد بشَت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -3‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.177 ،176‬‬

‫]‪[42‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬حماية حقوق اإلنسان في إطار نظام األمم المتحدة‬

‫ضباية حقوؽ اإلنساف من مهاـ الدكلة ال ُقطرية‪ ،‬فهي حجر الزاكية ألم نظاـ يهدؼ للحماية‬
‫‪1‬‬
‫الدكلية غبقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫لذا كاف من الضركرم أف تتوافق التشريعات الوطنية كاإلقليمية مع االتفاقيات كاؼبواثيق الدكلية‬
‫اػباصة حبماية حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كمثاؿ ذلك ؿبكمة العدؿ التابعة للجماعة األكربية قررت عاـ ‪1994‬‬
‫عدـ انضماـ اعبماعة األكربية إىل االتفاقية األكربية غبقوؽ اإلنساف إال بعد تعديل النصوص الدستورية‬
‫اليت ربكم ىذه اعبماعة‪ ،‬كىذا أيضا ينبئ بشيء ىاـ كىو مسانبة اؼبنظمات اإلقليمية كالعاؼبية يف تعزيز‬
‫‪2‬‬
‫كاحًتاـ حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كتعد منظمة األمم اؼبتحدة من أىم ىذه اؼبنظمات الدكلية الساىرة على تعزيز كاحًتاـ حقوؽ‬
‫اإلنساف ؽبذا كاف لزاما على الدكؿ اؼبوقعة على اؼبيثاؽ احًتامو‪ ،‬حيث تنص اؼبادة (‪ )103‬منو على‬
‫‪3‬‬
‫إعطاء األكلوية ؼبواده إذا تعارضت مع أم التزاـ دكيل آخر قد تلتزـ بو إحدل ىذه الدكؿ األعضاء‪.‬‬

‫كما أف ىناؾ بعض االتفاقيات الدكلية كاػباصة حبقوؽ اإلنساف ال ذبيز إبداء أم ربفظات‬
‫‪4‬‬
‫عليها يف حاؿ التوقيع كاؼبصادقة‪ ،‬كمنها اؼبادة (‪ )9‬من اتفاقية منع التمييز يف ؾباؿ التعليم‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التحقيق في انتهاكات حقوق اإلنسان‬

‫التحقيق يف انتهاكات حقوؽ اإلنساف يف إطار نظاـ األمم اؼبتحدة يكوف بإحدل كسيلتُت‪:‬‬

‫إما أف تكلف أجهزة األمم اؼبتحدة ؾبموعة من األفراد ألجل التحقيق يف أم انتهاؾ كإنشاء ؾبموعة‬
‫عمل أك إرساؿ بعثة خاصة‪ ،‬كإما أف يعهد هبذا التحقيق إىل فرد كاحد مثل نظاـ اؼبقرر اػباص الذم‬
‫يبلك اغبق يف االتصاؿ حبكومات الدكؿ اؼبعنية لوقف أم اعتداء كضباية الضحايا‪ ،‬كقد استحدث مقرر‬

‫‪ -1‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.177‬‬


‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.19 ،18‬‬
‫‪ -3‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ -4‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫]‪[43‬‬
‫خاص يف كل من‪ :‬أفغانستاف‪ ،‬كوبا‪ ،‬إيراف‪ ،‬السلفادكر‪ ،‬ىاييت‪ ،‬العراؽ‪ ،‬السوداف‪ ،‬يوغسالفيا سابقا‪،‬‬
‫كغَتىا من الدكؿ‪.‬‬

‫كلتقريب الصورة أكثر كبيل القارئ إىل القرار رقم ‪ 935‬لعاـ ‪ 1994‬حيث أنشأ ؾبلس األمن عبنة‬
‫خرباء للتحقيق يف انتهاكات حقوؽ اإلنساف يف ركاندا‪ ،‬لكن منذ ‪ 1980‬قررت عبنة حقوؽ اإلنساف‬
‫النظر يف أم انتهاؾ غبقوؽ اإلنساف بصفة مستقلة عن أم إجراء آخر كقد يسمى ىذا اإلجراء بػ"‬
‫التكليفات اػباصة دبوضوع ما" ‪ ،Thematic mandates‬كيعهد بو إىل ؾبموعة عمل خاصة مثل‬
‫اجملموعة اػباصة باإلختفاءات القسرية‪ ،‬كاجملموعة اػباصة باالعتقاؿ التعسفي‪ ،‬كيبكن أيضا أف يعهد هبذا‬
‫اإلجراء إىل مقرر خاص يسمى باؼبقرر اػباص ؼبوضوع ما ‪Thematic special rapporteur‬‬
‫‪1‬‬
‫مثل اؼبقرر اػباص بعدـ التسامح الديٍت‪ ،‬اؼبقرر اػباص ببيع األطفاؿ‪ ،‬اؼبقرر اػباص حبرية الرأم كالتعبَت‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مساىمة المجلس االقتصادي واالجتماعي في حماية حقوق اإلنسان‬

‫يبلك من جهتو اجمللس االقتصادم كاالجتماعي دبوجب اؼبادة (‪ )68‬من ميثاؽ األمم اؼبتحدة اغبق‬
‫يف إنشاء عباف لتعزيز ضباية حقوؽ اإلنساف‪ ،‬حيث مت إنشاء ثالثة عباف كىي‪:‬‬

‫عبنة حقوؽ اإلنساف‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫اللجنة اػباصة بوضع اؼبرأة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪2‬‬
‫اللجنة الفرعية حملاربة اإلجراءات التمييزية كضباية األقليات‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫كتربز مسانبة اجمللس االقتصادم كاالجتماعي يف ضباية حقوؽ اإلنساف من خالؿ ما يلي‪:‬‬

‫أكال‪ -‬مراسلة اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة بكل ما يتعلق دبهامو حوؿ حقوؽ اإلنساف كما أنو ييتبٌت أم‬
‫قرار يتعلق حبقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬أصدر عاـ ‪ 1959‬القرار رقم ‪ F 728‬كالذم نص فيو على سرية الشكاكل اؼبرسلة إىل األمم‬
‫اؼبتحدة فيما ىبص حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كذلك بإعداد قائمة سرية ترسل إىل كل من عبنة حقوؽ اإلنساف‬
‫كاللجنة الفرعية حملاربة اإلجراءات التمييزية كضباية األقليات‪.‬‬

‫‪ -1‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.160 ،159‬‬


‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.43‬‬

‫]‪[44‬‬
‫ثالثا‪ -‬تبٌت اجمللس االقتصادم كاالجتماعي عاـ ‪ 1970‬القرار رقم ‪ 1503‬كالذم أصبح يعرؼ باسم‬
‫"اإلجراء ‪ " 1503‬كالذم يتعلق باإلخطارات اؼبتعلقة بانتهاكات حقوؽ اإلنساف جملموعة كبَتة من‬
‫األفراد خالؿ فًتة من الزمن‪ ،‬أما االنتهاكات الفردية غبقوؽ اإلنساف فإف اإلخطار عنها يتم كفقا ؼبا جاء‬
‫بو اؼبلحق االختيارم للعهد الدكيل للحقوؽ اؼبدنية كالسياسية‪ ،‬أك إذا نص على اجراءاتو أم اتفاؽ دكيل‬
‫بعينو‪ ،‬كما أف اإلجراء ‪ 1503‬يطبق على كل الدكؿ بدكف استثناء كيشمل أم انتهاؾ للحقوؽ‬
‫كاغبريات األساسية‪ ،‬كاإلخطار أك الشكول يبكن أف يقدمها دبوجب ىذا اإلجراء أم شخص اك ؾبموعة‬
‫‪1‬‬
‫من األشخاص أك حىت منظمة غَت حكومية كليس بالضركرة أف يقدمها اجملٍت عليو أك فبثلو‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬لجنة حقوق اإلنسان‬

‫أكصت اللجنة التحضَتية لألمم اؼبتحدة اجمللس االقتصادم كاالجتماعي بإنشاء عبنة هتتم‬
‫حبقوؽ اإلنساف كذلك عقب انتهاء جلسات مؤسبر ساف فرانسيسكو –الذم مت فيو إقرار ميثاؽ األمم‬
‫اؼبتحدة سنة ‪ -1945‬كىو ما حدث بالفعل دبوجب القرار رقم (‪ )5‬لسنة ‪ 1946‬الصادر عن اجمللس‬
‫االقتصادم كاالجتماعي كاؼبعدؿ الحقا بالقرار رقم (‪ )9‬لنفس السنة ‪ 1946‬سباشيا مع نص اؼبادة‬
‫(‪ )68‬من ميثاؽ األمم اؼبتحدة كاليت تنص على اختصاص اجمللس بإنشاء عباف‪.‬‬

‫كألنبية مهاـ عبنة حقوؽ اإلنساف كدكرىا يف ضباية حقوؽ اإلنساف كحرياتو األساسية أصبح االعتقاد‬
‫‪2‬‬
‫السائد حسب األستاذ أضبد أبو الوفا أهنا‪ " :‬جهاز حقوؽ اإلنساف األعلى لألمم اؼبتحدة"‪.‬‬

‫كذبتمع اللجنة مرة كل عاـ جبنيف يف أكائل شهر شباط كؼبدة ‪ 6‬أسابيع تناقش فيها أكضاع‬
‫حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كحبلوؿ سنة ‪ 1990‬أصبح بإمكاف اللجنة الدعوة إىل دكرات خاصة كما أهنا تقدـ‬
‫اؼبعونة الفنية للدكؿ تعزيزا كضباية ؽبذه اغبقوؽ‪.‬‬

‫كتعُت اللجنة من بُت أعضائها مقررين أك فبثلُت للقياـ بدراسات يف ؾباؿ حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كيبكن لفرؽ‬
‫العمل أك للمقررين اػباصُت عمل تقارير أك إصدار توصيات سواء إىل اللجنة أك إىل اعبمعية العامة‬

‫‪ -1‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.44 ،43‬‬


‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.46 ،22 ،21‬‬

‫]‪[45‬‬
‫لألمم اؼبتحدة‪ ،‬كأيضا يبكنهم ازباذ كل ما يلزـ من تدابَت عند كقوع انتهاكات جسيمة غبقوؽ‬
‫‪1‬‬
‫اإلنساف‪.‬‬

‫كتعمل عبنة حقوؽ اإلنساف على استقباؿ بالغات فردية اتساقا كقرار اجمللس االقتصادم‬
‫كاالجتماعي رقم ‪ 1503‬لسنة ‪ 1970‬كىو شبرة نضاؿ حركات مناىضة االستعمار كالفصل العنصرم‪،‬‬
‫حيث تقوـ اللجنة الفرعية ؼبنع التمييز كضباية األقليات بدراسة البالغات اؼبقدمة من األفراد كحىت‬
‫اجملموعات إذا كانت ىناؾ انتهاكات غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬لتتوىل بعدىا عبنة حقوؽ اإلنساف دراسة خاصة‬
‫هبذه الدكلة اؼبتهمة بارتكاب انتهاكات‪ ،‬كيتطلب األمر موافقة الدكلة اؼبعنية بذلك كأف يكوف التنسيق‬
‫معها قائما‪ ،‬كىذا اإلجراء ظبتو السرية‪ ،‬كبالرغم من مراجعتو سنة ‪ 2000‬إال أنو ال زاؿ يطلق عليو اسم‬
‫"اإلجراء ‪ ،" 1503‬كأصبحت اللجنة الفرعية ؼبنع التمييز كضباية األقليات ربمل منذ العاـ ‪ 1999‬اسم‬
‫" اللجنة الفرعية لتشجيع كضباية حقوؽ اإلنساف"‪ ،‬كما أقر اجمللس االقتصادم كاالجتماعي دبوجب‬
‫القرار رقم ‪ 2000/3‬إنشاء فريق عمل خاص بالبالغات مؤلف من أعضاء اللجنة الفرعية لتشجيع‬
‫كضباية حقوؽ اإلنساف كيعرؼ باسم " إجراء التعامل مع البالغات ذات الصلة حبقوؽ اإلنساف"‪ ،‬كهبتمع‬
‫ىذا الفريق سنويا لدراسة البالغات كالعرائض اؼبقدمة فإذا كجد انتهاكا غبقوؽ األفراد كاعبماعات وباؿ‬
‫األمر مباشرة إىل فريق عمل خاص باألكضاع ‪ Working groups on situations‬كىذا الفريق‬
‫يقرر بعد الفحص إحالة أك عدـ إحالة اؼبسألة إىل عبنة حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫لكن يف اإلحالة ذبتمع عبنة حقوؽ اإلنساف يف جلسة مغلقة مع إعطاء الفرصة للحكومة اؼبعنية‬
‫بإبداء مالحظاهتا قبل أف تفصل هنائيا يف اؼبوضوع‪ ،‬كىذه التقارير الواردة إليها تبقى سرية ال يبكن نشرىا‬
‫إال إذا كافقت الدكلة اؼبعنية لكن يبكن لرئيس اللجنة التصريح بقائمة الدكؿ اليت تعرضت ؽبذا اإلجراء‪،‬‬
‫فمثال يف سنة ‪ 2000‬كانت كل من‪ :‬الشيلي‪ ،‬كينيا‪ ،‬جزر اؼبالديف‪ ،‬اإلمارات العربية‪ ،‬فيتناـ‪،‬‬
‫كزيببابوم‪ ،‬قد تعرضت ؽبذا اإلجراء‪.‬‬

‫كيف بعض األحياف ترفض الدكؿ التعاكف كال تريد اإلجابة‪ ،‬ؽبذا تلجأ عبنة حقوؽ اإلنساف إىل‬
‫إنشاء آلية خاصة للتحقيق أك تعيُت مقرر خاص‪ ،‬كىذا قد يؤدم إىل عدـ فعاليتها مثل ما حصل مع‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬

‫]‪[46‬‬
‫االحتالؿ اإلسرائيلي إذ رفض الفريق الذم أنشأتو اللجنة للتحقيق يف االنتهاكات اإلسرائيلية التفاقية‬
‫جنيف الرابعة يف األراضي الفلسطينية احملتلة عاـ ‪ ،1969‬كىو ما وبد من عمل اللجنة‪ ،‬كما يعاب‬
‫عليها أثناء عملها بركز اعبانب السياسي فيو كما أف عملها تطبعو االنتقائية‪.‬‬

‫كقد أنشأت عبنة حقوؽ اإلنساف اللجنة اؼبعنية حبرية اإلعالـ كالصحافة يف دكرهتا األكىل لعاـ‬
‫‪ 1947‬كاليت توقفت سنة ‪ ،1952‬باإلضافة إىل أهنا أنشأت سنة ‪ 1947‬اللجنة الفرعية ؼبنع التمييز‬
‫كضباية األقليات اليت أصبحت تعرؼ –مثلما سبق ذكره‪ -‬منذ العاـ ‪ 1999‬باسم اللجنة الفرعية‬
‫لتشجيع كاحًتاـ حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كتتكوف من ‪ 26‬عضوا كذبتمع مرة كل عاـ ؼبدة ‪ 4‬أسابيع‪ ،‬لكن‬
‫بداية من سنة ‪ 2000‬أصبحت اؼبدة ىي ‪ 3‬أسابيع‪ ،‬كؽبا مهمة استشارية كفنية‪ ،‬كتقوـ بكل ما يطلب‬
‫منها سواء من اجمللس االقتصادم كاالجتماعي أك من عبنة حقوؽ اإلنساف(حبسب القرار اؼبؤرخ يف‬
‫‪ ،)1946/06/21‬أما مهمتها حىت قبل تغيَت التسمية سنة ‪ 1999‬مل تكن منحصرة يف ضباية‬
‫األقليات فقط‪ ،‬كإمبا االىتماـ كذلك بكل ما لو عالقة حبقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كمدة العضوية فيها ىي ‪ 3‬سنوات قابلة للتجديد‪ ،‬كينتخب أعضاؤىا على أساس التوزيع‬
‫‪1‬‬
‫اعبغرايف من بُت اػبرباء الذين ترشحهم دكؽبم‪.‬‬

‫كما أنشأت عبنة حقوؽ اإلنساف ألكؿ مرة سنة ‪ 1980‬ؾبموعة عمل زبتص دبوضوع معُت‬
‫من مواضيع حقوؽ اإلنساف ألف الشائع قبال أنو كانت تتحدد مهمة أم ؾبموعة عمل أك أم مقرر ببلد‬
‫أك إقليم بعينو كتتمثل كظيفة ىذه اجملموعة يف مساعدة األسر ؼبعرفة مصَت أقارهبم اؼبختفُت كذلك‬
‫باالتصاؿ بسلطات البلد ؿبل البحث كيف النهاية ينتهي عملها يف حاؿ التوصل إىل مصَت ىؤالء كمكاف‬
‫‪2‬‬
‫اختفائهم‪.‬‬

‫كقد أدانت عبنة حقوؽ اإلنساف يف القرار رقم ‪ 1995/45‬اإلجراءات االنفرادية كالعقابية يف‬
‫آف كاحد اؼبوجهة من دكلة ضد أخرل ؼبا لو من أثر جسيم على حقوؽ اإلنساف‪ ":‬استغالؿ بعض‬
‫البلداف مركزىا اؼبهيمن يف االقتصاد العاؼبي‪ ،‬عن طريق تواصل تكثيف ازباذ تدابَت قسرية من جانب‬
‫كاحد ضد البلداف النامية تتناقض تناقضا جليا مع القانوف الدكيل‪ ،‬مثل فرض القيود التجارية كاجراءات‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.71 -68‬‬
‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.54 ،53‬‬

‫]‪[47‬‬
‫اغبصار كاغبظر كذبميد األرصدة‪ ،‬بغرض منع تلك البلداف من فبارسة حقها يف أف تقرر على كبو كامل‬
‫‪1‬‬
‫نظامها السياسي كاالقتصادم كاالجتماعي"‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬مفوض األمم المتحدة السامي لحقوق اإلنسان‬

‫مت إنشاء كظيفة مفوض األمم اؼبتحدة السامي غبقوؽ اإلنساف بعد مطالبات عدة أكؽبا كاف‬
‫تقدـ هبا "رينيو كاساف" لكنو اقًتح إسم" كظيفة مدعي عاـ"‪ ،‬ليأيت بعد ذلك العديد من االقًتاحات‬
‫كمن دكؿ عدة‪ ،‬حىت جاء القرار رقم ‪ 141/48‬اؼبؤرخ يف ‪ 1993/12/20‬على إثر توصية من اؼبؤسبر‬
‫العاؼبي غبقوؽ اإلنساف بفيينا سنة ‪ ،1993‬حيث أنشئت كظيفة اؼبفوض السامي بدرجة سكرتَت عاـ‬
‫‪2‬‬
‫مساعد‪.‬‬

‫كمن شركط اختيار اؼبفوض السامي غبقوؽ اإلنساف حسب اؼبادة (‪ )2‬من قرار اعبمعية العامة‬
‫رقم ‪ 141/48‬ىو أف يتمتع بكفاءة عالية يف ؾباؿ حقوؽ اإلنساف كأف يكوف من بُت الشخصيات‬
‫اؼبرموقة معنويا كأخالقيا‪ ،‬كيتم اختياره باقًتاح من األمُت العاـ لألمم اؼبتحدة كدبوجب قرار من اعبمعية‬
‫العامة‪ ،‬مع مراعاة التوزيع اعبغرايف لفًتة زمنية سبتد ‪ 4‬سنوات قابلة للتجديد مرة كاحدة فقط‪.‬‬

‫كباعتباره تابعا لسكرتارية األمُت العاـ األفبي فإنو يقدـ خدماتو لألمُت العاـ يف صبيع ما يتعلق‬
‫حبقوؽ اإلنساف من استشارات كتوصيات كخدمات فنية منها اؼبسانبة يف إزالة كل ما يعيق تطبيق حقوؽ‬
‫اإلنساف‪ ،‬اقًتاح برامج تعليمية هتدؼ إىل تشجيع حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كأكؿ شخص توىل ىذه اؼبهمة ىو األكوادكرم ‪ Jose Ayala-Lasso‬كالذم مت تعيينو بتاريخ‬
‫‪ 1994/02/14‬كبعده جاءت االيرلندية ‪ Mary Robinson‬سنة ‪ ،1997‬مث الربازيلي ‪Sergio-‬‬
‫‪ -Vieria de Mello‬سنة ‪ 3،2002‬كيتقلد اآلف كظيفة اؼبفوض السامي غبقوؽ اإلنساف "زيد رعد‬
‫اغبسُت" باعتباره سابع شخص يتوىل قيادة اؼبفوضية كذلك بتاريخ ‪ 2014/09/01‬بعد موافقة‬

‫‪ -1‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬


‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.158‬‬
‫‪ -3‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74 ،73‬‬

‫]‪[48‬‬
‫اعبمعية العامة يف ‪ 16‬حزيراف‪/‬يونيو ‪ 2014‬على قرار تعيينو الصادر عن األمُت العاـ لألمم اؼبتحدة ‪،‬‬
‫كأكؿ آسيوم كعريب كمسلم يشغل ىذا اؼبنصب‪.1‬‬

‫كقد كضع اؼبفوض السامي يف أكؿ األمر برناؾبا ميدانيا سبثل يف زيارة الدكؿ لتعزيز كاحًتاـ حقوؽ‬
‫اإلنساف كربط العالقات مع ـبتلف أجهزة األمم اؼبتحدة كككاالهتا اؼبتخصصة‪ ،‬ككثَت من اؼبنظمات‬
‫الدكلية سواء كانت حكومية أك غَت حكومية‪.‬‬

‫كما أنشأ خطا ساخنا غبقوؽ اإلنساف يسمح ؼبركز حقوؽ اإلنساف باغبصوؿ الفورم على اؼبعلومات‬
‫اؼبتعلقة حبقوؽ اإلنساف يف اغباالت الطارئة‪ ،‬ككذلك خط " الفاكسيميلي" كالذم يبكن من خاللو ألية‬
‫ضحية النتهاكات حقوؽ اإلنساف أك أحد أقاربو أك اؼبنظمات غَت اغبكومية استخدامو كىو يدخل‬
‫ضمن نطاؽ مباشرة اإلجراءات اػباصة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫كقد لعب اؼبفوض السامي دكرا بالغ األنبية يف أحداث ركاندا الشهَتة سنة ‪.1994‬‬

‫بينما مركز حقوؽ اإلنساف الذم كاف تابعا لألمانة العامة لألمم اؼبتحدة فقد مت دؾبو مع مكتب‬
‫‪3‬‬
‫اؼبفوض السامي غبقوؽ اإلنساف سنة ‪ 1997‬لتحقيق أكثر فائدة‪.‬‬

‫كتتمثل كظيفة اؼبفوض السامي غبقوؽ اإلنساف يف‪"4:‬‬

‫‪ -‬تعزيز كضباية التمتع الفعلي بكل اغبقوؽ السياسية كاؼبدنية كالثقافية كاالقتصادية كاالجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬تنفيذ كل اؼبهاـ اليت يعهد هبا إليو من قبل األجهزة اؼبختصة يف األمم اؼبتحدة‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز كضباية اغبق يف التنمية‪.‬‬
‫‪ -‬كفالة اػبدمات االستشارية كاؼبساعدة الفنية كاؼبالية‪ ،‬بناء على طلب الدكلة اؼبعنية كذلك من‬
‫أجل تدعيم األفعاؿ كالربامج اػباصة حبقوؽ اإلنساف‪.‬‬
‫‪ -‬تنسيق برامج األمم اؼبتحدة يف ؾباؿ التعليم كاؼبعلومات العامة يف ؾباؿ حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫‪ -1‬مأخوذ من صفحة مكتب اؼبفوض السامي غبقوؽ اإلنساف على الشبكة العنكبوتية‪،‬‬
‫‪ ،http://www.ohchr.org/AR/Pages/Home.aspx‬تاريخ النظر ‪.09:25 ،2017/09/13‬‬
‫‪ -2‬د عبد العزيز العشاكم‪ ،‬حقوؽ اإلنساف يف القانوف الدكيل‪ ،‬دار اػبلدكنية‪ ،‬اعبزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪.179 -176‬‬
‫‪ -3‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74 ،73‬‬
‫‪ -4‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.159 ،158‬‬

‫]‪[49‬‬
‫‪ -‬اؼبسانبة بدكر فعاؿ يف إزالة العقبات اغبالية كمواجهة ربديات اإلقباز الكامل غبقوؽ اإلنساف‪،‬‬
‫كمنع استمرار انتهاكات حقوؽ اإلنساف يف العامل‪.‬‬
‫‪ -‬الدخوؿ يف حوار مع كل اغبكومات من أجل كفالة احًتاـ حقوؽ اإلنساف‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع التعاكف الدكيل لتعزيز كضباية كل حقوؽ اإلنساف‪.‬‬
‫‪ -‬تنسيق أنشطة تعزيز كضباية كل حقوؽ اإلنساف من خالؿ نظاـ األمم اؼبتحدة‪.‬‬
‫‪ -‬ترشيد كتقوية كتعزيز آلية األمم اؼبتحدة يف ؾباؿ حقوؽ اإلنساف من أجل تعزيز فاعليتها‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشراؼ على مركز حقوؽ اإلنساف‪.‬‬
‫‪ -‬ارساؿ تقرير سنوم إىل عبنة حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كمن خالؿ اجمللس االقتصادم كاالجتماعي إىل‬
‫اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة"‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬دور الجمعية العامة في حماية حقوق اإلنسان‬

‫ربيل اعبمعية العامة كل ما يتعلق حبقوؽ اإلنساف إىل عبنة الشؤكف االجتماعية كاالنسانية كالثقافية‬
‫(اللجنة الثالثة)‪ ،‬كما قد ربيلها إىل عباف أخرل مثل عبنة الشؤكف السياسية كاألمن (اللجنة األكىل)‪،‬‬
‫اللجنة السياسية اػبا صة‪ ،‬اللجنة االقتصادية كاؼبالية (اللجنة الثانية)‪ ،‬عبنة الوصاية (اللجنة الرابعة)‪،‬‬
‫اللجنة القانونية (اللجنة السادسة)‪ ،‬لكنها قد تأخذ بزماـ الدراسة ألم موضوع يتعلق حبقوؽ اإلنساف‬
‫دكف الرجوع إىل أم من ىذه اللجاف‪ ،‬كىو ما مت ضد حكومة جنوب افريقيا دبوجب بند "سياسة الفصل‬
‫العنصرم"‪ ،‬كبند " تقرير اللجنة اػباصة اؼبعنية بالتحقيق يف اؼبمارسات االسرائيلية اليت سبس حقوؽ‬
‫‪1‬‬
‫اإلنساف لسكاف األراضي احملتلة"‪.‬‬

‫كمن األجهزة اليت قد تنشئها اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة دبوجب اؼبادة (‪ )22‬من اؼبيثاؽ كاؼبعنية‬
‫حبقوؽ اإلنساف ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬اللجنة اػب اصة اؼبعنية حبالة تنفيذ اعالف منح االستقالؿ للشعوب كالبلداف اؼبستعمرة (عبنة ألػ‬
‫‪ )24‬قرار رقم ‪( 1954‬د‪ )16-‬بتاريخ ‪.1961/11/27‬‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫]‪[50‬‬
‫‪ -‬اللجنة اػباصة ؼبناىضة الفصل العنصرم القرار رقم ‪( 1761‬د‪ )17 -‬بتاريخ‬
‫‪.1962/11/06‬‬
‫‪ -‬مؤسسة األمم اؼبتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) القرار رقم ‪( 57‬د‪ )1-‬بتاريخ‬
‫‪.1964/12/11‬‬
‫‪ -‬مفوضية األمم اؼبتحدة لشؤكف الالجئُت القرار رقم ‪( 319‬د‪ )4-‬بتاريخ ‪،1949/12/03‬‬
‫ككذلك النظاـ األساسي للمفوضية اؼبعتمد من اعبمعية العامة القرار رقم ‪( 428‬د‪ )5-‬بتاريخ‬
‫‪.1950/12/15‬‬

‫كمن اللجاف الفرعية اؼبعنية حبقوؽ اإلنساف يف فلسطُت‪ :‬ككالة األمم اؼبتحدة إلغاثة كتشغيل الالجئُت‬
‫‪1‬‬
‫الفلسطينيُت (القرار رقم ‪ 3/212‬لعاـ ‪ )1948‬كالقرار رقم ‪ 4/302‬بتاريخ ‪.1949/12/08‬‬

‫كمن أبرز أعماؿ اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة دعوهتا إىل عقد اجتماعُت عاؼبيُت بشأف حقوؽ‬
‫اإلنساف‪ ،‬األكؿ انعقد يف طهراف عاـ ‪ 1968‬حضره فبثلو ‪ 84‬دكلة كمن أىم ما جاء فيو اعتبار أف‬
‫اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف يشكل التزاما يقع على عاتق كل أعضاء اجملتمع الدكيل‪.‬‬

‫إضافة إىل اؼبؤسبر العاؼبي غبقوؽ اإلنساف اؼبعقد يف فيينا (‪ )25-14‬حزيراف ‪ ،1993‬كالذم حضره فبثلو‬
‫‪ 171‬دكلة كما يزيد عن ‪ 800‬من اؼبنظمات غَت اغبكومية‪ ،‬كقد ناقش فيو اغباضركف ما مت إحرازه من‬
‫تقدـ منذ اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬كالسبيل الذم ينبغي أف تتخذه األمم اؼبتحدة ألجل ضباية‬
‫فعالة ؽبذه اغبقوؽ‪ ،‬ككذلك التوفيق بُت السيادة الوطنية كعاؼبية حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كقد أقرت اعبمعية العامة برنامج عمل فيينا يف الدكرة ‪ 48‬دبوجب القرار رقم ‪ 121/48‬بتاريخ‬
‫‪2‬‬
‫‪.1993/12/20‬‬

‫كمن إسهامات اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة يف تعزيز كضباية حقوؽ اإلنساف أهنا أنشأت كظيفة‬
‫اؼبفوض السامي لشؤكف الالجئُت دبوجب القرار رقم ‪ 482‬سنة ‪ ،1950‬ليحل ؿبل منظمة الالجئُت‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ -2‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.63 ،62‬‬

‫]‪[51‬‬
‫الدكلية كاليت مت النص يف نظامها األساسي على أهنا ليست منظمة دائمة كىو ما يعترب أمرا نادر الوجود‬
‫‪1‬‬
‫يف اؼبواثيق اؼبنشئة للمنظمات الدكلية السابقة كحىت الالحقة‪.‬‬

‫ككذلك إنشاء كظيفة اؼبفوض السامي غبقوؽ اإلنساف بتاريخ ‪ -1993/12/20‬مثلما سبق ذكره‪-‬‬
‫‪2‬‬
‫كما تتلقى اعبمعية العامة التقارير من اجمللس االقتصادم كاالجتماعي بشأف كضعية حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كبدءا من عاـ ‪ 1993‬أرسلت األمم اؼبتحدة مشرفُت على حقوؽ اإلنساف مثل إرساؽبا أكثر‬
‫من ‪ 120‬مشرفا إىل يوغسالفيا سابقا‪ ،‬كبورندم‪ ،‬كىدفهم اإلبالغ عن أم انتهاؾ كاؼبسانبة يف اغبد من‬
‫‪3‬‬
‫التعدم على اغبقوؽ كاغبريات‪ ،‬كاغبصوؿ على اؼبعلومات اغبقيقية عن أكضاع حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كبالعودة إىل أغلب االتفاقيات الدكلية الصادرة عن األمم اؼبتحدة كاػباصة حبقوؽ اإلنساف‪،‬‬
‫قبدىا تنص على نظاـ التقارير كوسيلة رقابية الحقة على الدكؿ ؼبتابعتها عن كثب حوؿ تطبيق ما مت‬
‫االتفاؽ عليو‪ ،‬كال يبكن االطالع على ذلك إال من خالؿ تقارير ترسلها كل دكلة على أف تتوىل اللجنة‬
‫اؼبختصة االطالع عليها‪ ،‬كىو ما مت النص عليو يف العهدين الدكليُت للحقوؽ مثال‪ ،‬لكن اؼبالحظ ىو‬
‫تأخر الدكؿ يف إرساؿ ىذه التقارير فحىت أكتوبر ‪ 1993‬كصل عدد الدكؿ اليت مل ترسل تقاريرىا يف‬
‫الوقت اؼبتفق عليو إىل ‪ 72‬دكلة طرفا يف اتفاقية القضاء على كل أشكاؿ التمييز ضد اؼبرأة ‪ ،‬كىو ما‬
‫‪4‬‬
‫يدعو إىل التأكيد على أف ىذه التقارير تفقد فعاليتها أماـ عدـ استجابة الدكؿ يف تطبيق التزاماهتا‪.‬‬

‫كقد كصل التأخر يف عدـ تقدًن التقارير اػباصة بالعهد الدكيل للحقوؽ اؼبدنية كالسياسية إىل‬
‫أكثر من ‪ 11‬سنة كاملة كما يف حاليت "كينيا كمايل" بالرغم من اؼبراسالت العديدة كاليت كصلت إىل‬
‫‪ 231‬خطابا‪ ،‬كاألمر أيضا سواء حىت لدل الدكؿ اؼبتقدمة فأسًتاليا كالربتغاؿ كصل التأخر لديهما إىل ‪6‬‬
‫سنوات‪ ،‬كىو ما دفع باعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة للتعبَت عن امتعاضها دبوجب القرار رقم ‪87/51‬‬
‫‪5‬‬
‫لعاـ ‪ ،1996‬كطالبت ىذه الدكؿ بضركرة اإلسراع يف إرساؿ تقاريرىا ألنو جزء من التزاماهتا الدكلية‪.‬‬

‫‪ -1‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.157‬‬


‫‪ -2‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪ -3‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.160‬‬
‫‪ -4‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.163-161‬‬
‫‪ -5‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.163‬‬

‫]‪[52‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬القضاء الدولي وحقوق اإلنسان‬

‫نركز يف ىذا اعبزء من الدراسة على ؿبكمة العدؿ الدكلية باعتبارىا جزءا من األمم اؼبتحدة‪،‬‬
‫فبموجب اؼبادة (‪ ) 34‬من النظاـ األساسي حملكمة العدؿ الدكلية فإف الدكلة كحدىا من سبلك حق‬
‫التقاضي أمامها‪ ،‬لكنها أكدت دبا ال يدع ؾباال للشك أف حقوؽ اإلنساف كاحًتامها تدخل يف نطاؽ‬
‫اىتماـ كل الدكؿ كىي ـباطبة بذلك‪ ،‬كمن اغبقوؽ اليت تعرضت احملكمة غبمايتها‪ :‬اغبماية الدبلوماسية‪،‬‬
‫إنكار العدالة‪ ،‬جريبة إبادة اعبنس‪ ،‬التمييز العنصرم‪ ،‬احًتاـ اغبقوؽ اؼبكتسبة‪ ،‬القانوف الدكيل اإلنساين‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫اغبق يف تقرير اؼبصَت‪ ،‬ضباية البيئة‪ ،‬ضباية اغبق يف اغبياة اػباصة‪ ،‬كغَتىا من اغبقوؽ‪.‬‬

‫كذلك تعرضت إىل ضباية حقوؽ اإلنساف من خالؿ القضايا اآلتية‪:‬‬

‫قضية حق اللجوء (‪ ،) 1951‬قضية رعايا الواليات اؼبتحدة األمريكية يف اؼبنطقة الفرنسية من اؼبغرب‬
‫(‪ ،)1952‬قضية خاصة حبقوؽ الطفل (‪ ،)1958‬الدبلوماسيُت األمريكيُت يف طهراف (‪.)1980‬‬

‫كفيما ىبص آراءىا االستشارية فقد تعرضت إىل حقوؽ اإلنساف يف‪ :‬الرأم اػباص بالتعويضات‬
‫(‪ ،)1949‬الرأم اػباص بأثر التحفظات على اتفاقية إبادة اعبنس (‪ ،)1951‬كما يبكن أف تأخذ‬
‫احملكمة تدابَت مؤقتة غبماية حقوؽ اإلنساف يف حاؿ االستعجاؿ إذا كاف من شأف ذلك أف يؤدم إىل‬
‫‪2‬‬
‫زكاؿ حقوؽ يصعب تداركها‪.‬‬

‫كبالرغم من أىلية التقاضي أماـ ؿبكمة العدؿ الدكلية باعتبارىا أىم جهاز قضائي لألمم‬
‫اؼبتحدة كىذه األىلية زبص الدكؿ فقط إال أف الكثَت من قرارات احملكمة اىتمت حبماية حقوؽ اإلنساف‬
‫كمنها على سبيل اؼبثاؿ أهنا قررت أف اغبقوؽ األساسية لإلنساف تنشئ التزامات يف مواجهة الكافة كىذا‬
‫دبناسبة نظرىا يف قضية برشلونة للقطر كاإلنارة (بلجيكا ضد اسبانيا)‪ ،‬كفبا جاء يف القرار أيضا ىو أف‬
‫حقوؽ اإلنساف ليست ؿبال للتعاقد بل ربمل الصفة اؼبوضوعية لطبيعتها احملضة (سنة ‪.)1970‬‬

‫‪ -1‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41 ،40‬‬


‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫]‪[53‬‬
‫كيف قرار آخر صادر بتاريخ ‪ 1980/05/24‬خبصوص الرىائن األمريكيُت احملتجزين يف السفارة‬
‫األمريكية بطهراف‪ ،‬أكدت احملكمة على اإلفراج الفورم عن ىؤالء الدبلوماسيُت حبجة أف ذبريد اإلنساف‬
‫من حريتو كفبارسة اإلكراه اعبسدم عليو يف ظركؼ غَت مالئمة ىو خرؽ للمبادئ اإلنسانية‪.‬‬

‫كمن بُت األحكاـ الصادرة عن ؿبكمة العدؿ الدكلية كاليت مل يستجب إليها كمل وبدث أية‬
‫عقوبة على الدكلة اؼبخالفة قضيتُت على سبيل اؼبثاؿ ال اغبصر‪:‬‬

‫ففي قضية (الجراند ‪ )La grand‬بعد صدكر حكم من احملاكم األمريكية يقضي بإعداـ‬
‫األخوين األؼبانيُت‪ ،‬تدخلت أؼبانيا لدل ؿبكمة العدؿ الدكلية مطالبة بازباذ تدابَت استعجالية لوقف تنفيذ‬
‫عقوبة اإلعداـ حبجة انتهاؾ الواليات اؼبتحدة لنص اؼبادة (‪ )36‬من اتفاقية فيينا لعالقات القنصلية‬
‫(‪ ،)1963‬حيث مل تعلم سلطات الواليات اؼبتحدة ىذين األؼبانيُت حبقهما أثناء التوقيف طلب‬
‫اؼبساعدة القنصلية‪ ،‬كبالرغم من صدكر قرار من ؿبكمة العدؿ الدكلية بازباذ تدابَت استعجالية لوقف‬
‫تنفيذ العقوبة إال أف الواليات اؼبتحدة األمريكية أنفذت حكم اإلعداـ بتاريخ ‪ 2001/06/27‬كمل تباؿ‬
‫بقرار ؿبكمة العدؿ الدكلية الزباذ تدابَت استعجالية‪.‬‬

‫كقد كانت الواليات اؼبتحدة األمريكية السباقة يف عدـ األخذ بأحكاـ ؿبكمة العدؿ الدكلية يف‬
‫قضية باراغوام ضد الواليات اؼبتحدة أك ما يعرؼ بقضية "‪ ،"Breard‬فقد مت اعدامو بتاريخ‬
‫‪ 1998/04/14‬رغم صدكر قرار ؿبكمة العدؿ الدكلية قبل ذلك بازباذ التدابَت اؼبستعجلة يوـ‬
‫‪ ، 1998/04/09‬كبالعودة إىل قضية األخوين األؼبانيُت فقد اعتربت احملكمة دبوجب اؼبادة (‪ )6‬من‬
‫العهد الدكيل للحقوؽ اؼبدنية كالسياسية أنو انتهاؾ للحق يف اغبياة اػباصة‪ ،‬كما أصدرت احملكمة الكثَت‬
‫‪1‬‬
‫من اآلراء االستشارية خبصوص ضباية حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كال يبكن ألم أجنيب يدعي انتهاؾ حقوقو إال الرجوع إىل قضاء الدكلة اليت حصل فيها االنتهاؾ‬
‫كال يبكنو طلب اغبماية الدبلوماسية من دكلتو‪ ،‬فعليو أكال استنفاد طرؽ الطعن الداخلية‪ ،‬كمن اؼبشاكل‬
‫اليت تثور يف ح اؿ تطبيق مبدأ استنفاد طرؽ الطعن الداخلية مشكلة انكار العدالة‪ ،‬كاليت انقسم الفقو‬
‫بشأهنا إىل اذباىُت‪:‬‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.78 -74‬‬

‫]‪[54‬‬
‫االذباه األكؿ‪ :‬يقوؿ بأنو يف حاؿ صدكر حكم قضائي فإنو ال تعترب حالة انكار العدالة قائمة‪ ،‬فاإلنكار‬
‫فقط يتجسد يف حاؿ رفض تقاضي األجانب أماـ احملكمة‪.‬‬

‫االذباه الثاين‪ :‬إنكار العدالة يتحقق يف حاؿ فبارسة ضغوط على األجنيب من قبيل طلب رشاكم‪ ،‬أك‬
‫استعماؿ التهديد‪ ،‬أك إطالة إجراءات احملاكمة بغَت سبب جدم‪ ،‬أك إساءة استعماؿ ىذه اإلجراءات‪ ،‬أك‬
‫صدكر حكم قضائي بضغط من السلطة التنفيذية‪ ،‬أك إذا كاف باغبكم ظلم بُت‪ ،‬أما اػبطأ يف اغبكم‬
‫لوحده حسب ىذا االذباه الفقهي فإنو ال يبثل إنكارا للعدالة كىو ما جاء أيضا يف حكم حملكمة العدؿ‬
‫الدكلية يف قضية "اللوتس" حيث أف اػبطأ يف اغبكم نتيجة ػبطأ يف توظيف القانوف ال يهم القانوف‬
‫الدكيل بل يهم القانوف الداخلي‪ ،‬كال يبكن أف يتدخل القانوف الدكيل إال إذا خالف القضاء الوطٍت‬
‫‪1‬‬
‫قاعدة اتفاقية أك كاف ىناؾ إنكار للعدالة‪.‬‬

‫كحسب ؿبكمة العدؿ الدكلية فإنو ال يبكن اللجوء إىل ازباذ أم إجراء دكيل طاؼبا مل يتم بعد‬
‫‪2‬‬
‫استنفاد طرؽ الطعن الداخلية كاعتربهتا قاعدة ثابتة يف القانوف الدكيل العريف‪.‬‬

‫كقد قرر ؾبمع القانوف الدكيل عاـ ‪ 1956‬أف أية دكلة تتدخل لصاحل مواطنيها يرفض فقط ىذا‬
‫التدخل إذا كانت الدكلة اؼبدعى عليها توفر من كسائل جرب الضرر ما يكفي للشخص اؼبضركر‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫خصوصا إذا كاف اغبصوؿ على تعويض فعاؿ باستعماؿ طرؽ الطعن الداخلية مل يستنفد بعد‪.‬‬

‫كقد جاء يف قرار ؾبمع القانوف الدكيل اؼبنعقد يف ميالف اإليطالية سنة ‪ 1994‬يف ربديد عالقة‬
‫القاضي الوطٍت بتطبيق القانوف الدكيل يف أية قضية مطركحة أمامو كما يلي‪:‬‬

‫"‪ -1‬أف القاضي الوطٍت لو حق تطبيق كتفسَت القانوف الدكيل باستقالؿ كامل كأنو ليس ىناؾ ما يبنع‬
‫من أف تطلب احملاكم رأم السلطة التنفيذية بشرط أال يكوف لذلك آثار ملزمة لتلك احملاكم‪.‬‬

‫‪ -2‬أف على القاضي الوطٍت عند تطبيقو لقانوف أجنيب أف يرفض تطبيقو إذا كاف ـبالفا للقانوف الدكيل‪.‬‬

‫‪ -1‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.137 ،136‬‬


‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪ -3‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.138‬‬

‫]‪[55‬‬
‫‪ -3‬أف على احملاكم الوطنية رفض تطبيق أية معاىدة دكلية غَت صحيحة أك انقضت كليا أك جزئيا‪ ،‬حىت‬
‫كلو كانت دكلة اإلقليم مل تنتهيها‪.‬‬

‫‪ -4‬أ ف على احملاكم الوطنية أف ربيل إىل السلطة التنفيذية خصوصا تلك اؼبكلفة بالسياسة اػبارجية‬
‫‪1‬‬
‫إثبات الوقائع ‪ The asscertainment-letablissement‬اليت زبص العالقات الدكلية"‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمحكمة اعبنائية الدكلية فإف إنشاءىا يعود إىل القرار الصادر عن اعبمعية العامة‬
‫لألمم اؼبتحدة رقم ‪ 160/52‬سنة ‪ ،1997‬الداعي النعقاد مؤسبر ركما من الفًتة اؼبمتدة من ‪ 15‬جواف‬
‫اىل ‪ 17‬جويلية ‪ 1998‬كىو ما مت فعال‪ ،‬كمهمة احملكمة ىي ؿباكمة مرتكيب اعبرائم ضد اإلنسانية ككل‬
‫‪2‬‬
‫ما من شأنو أف يؤذم حقوؽ البشر اإلنسانية‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬الوثائق الدولية الناظمة لحقوق اإلنسان ومصادرىا‬

‫يعد ميثاؽ األمم اؼبتحدة أكؿ كثيقة دكلية تتكلم عن حقوؽ اإلنساف كال يضَتىا أهنا جاءت‬
‫عامة (اؼبطلب األكؿ)‪ ،‬لتأيت الشرعة الدكلية كتزكي ىذا اؼبسعى فاإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف على‬
‫عيوبو فقد جاء حب قوؽ أكثر فبا جاءت بو سلفو لكنو غَت ملزـ (اؼبطلب الثاين)‪ ،‬بينما جاء العهداف‬
‫الدكلياف للحقوؽ يف شكل اتفاقية دكلية كؽبا من اآلليات ما يبكنهما من تطبيق ما جاء من أحكاـ‬
‫(اؼبطلب الثالث)‪ ،‬إضافة إىل ذكر مصادر القانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف (اؼبطلب الرابع)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ميثاق األمم المتحدة‬

‫جاءت حقوؽ اإلنساف يف ميثاؽ األمم اؼبتحدة عامة كال يوجد ىناؾ تفصيل دقيق ؽبا‪ ،‬كما مل‬
‫وبتو اؼبيثاؽ على أية آلية قد ذبرب الدكؿ على الوفاء بالتزاماهتا اؼبتعلقة حبماية حقوؽ اإلنساف على الرغم‬
‫من أف كفود كوبا كالشيلي كبنما اؼبشاركة يف مؤسبر "ساف فرانسيسكو" قدمت اقًتاحا بشأف ربديد قائمة‬
‫غبقوؽ اإلنساف األساسية لكنو جوبو بالرفض‪.‬‬

‫كقد خرج اؼبيثاؽ بغَت تعديل مثلما ىو عليو اآلف‪ ،‬حيث أف كركده هبذا الشكل ساعد دكال‬
‫بعينها مثل الدكؿ االستعمارية كفرنسا كبريطانيا‪ ،‬كساعد الواليات اؼبتحدة اليت كانت تعيش اؼبيز‬

‫‪ -1‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.179‬‬


‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.164‬‬

‫]‪[56‬‬
‫العنصرم‪ ،‬كنفس األمر بالنسبة للسوفيات االشًتاكيُت كالشيوعيُت يف آف كاحد كالذم كاف اغبكم لديهم‬
‫متشددا‪.‬‬

‫أيضا فالرغبة يف ذبنب ربديد اغبقوؽ كانت كاضحة يف عدـ اشًتاط االعًتاؼ حبقوؽ اإلنساف‬
‫كشرط للعضوية‪ ،‬بل كقف أمامو مبدأ قوم كىو ما جاء يف اؼبادة (‪ )1/2‬بشأف مساكاة الدكؿ يف‬
‫السيادة‪ ،‬كاألمم اؼبتحدة ال تتدخل إال على أساس تشجيع احًتاـ كتعزيز حقوؽ اإلنساف‪ ،‬أما التدخل‬
‫باستعماؿ القوة فال يكوف إال إذا كاف من شأف ىذه االنتهاكات أف تشكل خطرا على السلم كاألمن‬
‫‪1‬‬
‫الدكليُت مىت توافقا مع نصي اؼبادتُت (‪ )7/2‬ك (‪ )55‬من اؼبيثاؽ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬

‫تعود نشأة اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف إىل طلب تقدمت بو اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة‬
‫بتاريخ ‪ 1946/12/10‬إىل عبنة حقوؽ اإلنساف كاليت عقدت أكؿ دكرة ؽبا بُت ‪ 27‬جانفي ك ‪10‬‬
‫فيفرم ‪ 1946‬حيث تشكلت عبنة الصياغة من ‪ 8‬دكؿ ىي‪ :‬اسًتاليا‪ ،‬الصُت‪ ،‬فرنسا‪ ،‬لبناف‪ ،‬االرباد‬
‫السوفيايت‪ ،‬الواليات اؼبتحدة األمريكية‪ ،‬كاؼبملكة اؼبتحدة‪ ،‬كبعدىا اتفقت عبنة الصياغة على إنشاء‬
‫ؾبموعة عمل لدراسة االقًتاحات كقد تشكلت من السيدة " ركزفلت"‪ ،‬كالسيد " شانغ"‪ ،‬كالسيد "شارؿ‬
‫مالك" اللبناين اعبنسية كذلك بتاريخ (حزيراف ‪ ،)1947‬كقد طلبت ؾبموعة العمل من السيد "رينيو‬
‫كاساف" إعداد مشركع الشرعة اؼبقًتحة‪.‬‬

‫كيف الدكرة الثانية للجنة حقوؽ اإلنساف (جنيف‪ /‬كانوف األكؿ ‪ )1947‬مت حبث تقرير عبنة الصياغة‬
‫الذم تضمن اقًتاح مشركع اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف ككذلك مشركع اتفاقية دكلية غبقوؽ‬
‫اإلنساف‪ ،‬كيف الدكرة الثالثة للجنة (حزيراف ‪ )1948‬مت اعتماد مشركع اإلعالف دبوافقة ‪ 12‬عضوا من‬
‫أعضائها كامتناع ‪ 4‬أعضاء يبثلوف كال من‪ :‬ركسيا البيضاء‪ ،‬أككرانيا‪ ،‬االرباد السوفيايت‪ ،‬يوغسالفيا‪ ،‬كبعد‬
‫ذلك مت مناقشة مشركع اإلعالف من قبل اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة لألمم اؼبتحدة (اللجنة‬
‫االجتماعية كاإلنسانية كالثقافية) كقد ساد اجتماعات اللجنة ‪-‬كصلت إىل إحدل كشبانُت (‪-)81‬‬
‫اجتماعا جو من الصراع بُت اؼبعسكرين الشرقي كالغريب ‪ ،‬ليتم عقب ىذا الصراع الكبَت عرض اؼبشركع‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.85 ،84‬‬

‫]‪[57‬‬
‫على اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة كاليت اعتمدتو يف ‪ 1948/12/10‬بقصر ( شايو ‪)Chaillot‬‬
‫بباريس حبضور ‪ 58‬دكلة‪ ،‬كافقت عليو ‪ 48‬دكلة كامتنعت عن التصويت عليو ‪ 8‬دكؿ ىي‪ :‬ركسيا‬
‫البيضاء‪ ،‬تشيكوسلوفاكيا‪ ،‬بولندا‪ ،‬اؼبملكة السعودية‪ ،‬أككرانيا‪ ،‬االرباد السوفيايت‪ ،‬جنوب افريقيا‪،‬‬
‫كيوغسالفيا‪ ،‬كتغيبت عن التصويت دكلتاف نبا‪ :‬اؽبندكراس كاليمن‪.‬‬

‫كترجع أسباب امتناع الدكؿ الشيوعية كاالشًتاكية عن قبوؿ اإلعالف العتقادىم بأف فكرة‬
‫اإلنسانية قد مت االستحواذ عليها من قبل أصحاب ايديولوجية الفردية الربجوازية‪ ،‬حيث رأكا فيو تركيزا‬
‫على ا غبقوؽ اؼبدنية كالسياسية دكف غَتىا انتصارا لفكرة الرأظبالية‪ ،‬كما أعابوا عليو عدـ تنظيم كاجبات‬
‫الفرد ذباه اجملتمع‪ ،‬ككذلك كاف ىذا حاؿ صبيع شعوب العامل غَت البيضاء كالنساء كاألقليات اعبنسية‬
‫كالبلداف النامية‪ ،‬ككل من ال ينتمي إىل الثقافة الغربية‪ ،‬شعركا بأهنم قد أقصوا من مشولية مفهوـ حقوؽ‬
‫اإلنساف‪ ،‬أما سبب امتناع السعودية فأسبابو دينية حبتة كمنها اؼبادة (‪ )16‬اليت تعًتؼ للرجل كاؼبرأة حبق‬
‫‪1‬‬
‫الزكاج كتأسيس أسرة بغض النظر عن العرؽ‪ ،‬اعبنسية‪ ،‬كالدين‪.‬‬

‫كمن ميزات اإلعالف أنو ابتعد عن القضايا اؼبثَتة للجدؿ يف عمومو كركز فقط على نقاط‬
‫االتفاؽ احملتمل‪ ،‬كما سبيز بطابعو العاـ اؼبوسع لنصوصو‪ ،‬كقد ازبذ اؼبنهج الفرنسي من الناحية الشكلية‬
‫من خالؿ اإلقرار باؼببدأ العاـ للحق دكف الدخوؿ يف أية تفصيالت عن اغبق كمضمونو‪ ،‬لكنو أخذ أيضا‬
‫باؼبنهج األقبلوسكسوين حيث مل يكتف بذكر اغبق بل زاد يف ربديد مضمونو بشيء من التفصيل‪،‬‬
‫كاؼبثاؿ على ذلك ما كرد يف اؼبادة (‪ )3‬اؼبتعلقة باؼبساكاة كعدـ التمييز‪ ،‬كاؼبادة (‪ )18‬اؼبتعلقة حبرية الفكر‬
‫كالضمَت كالدين‪ ،‬كاؼبادة (‪ )25‬اؼبتعلقة حبق العيش دبا وبفظ الكرامة البشرية‪.‬‬

‫كما سبيزت اغبقوؽ اؼبعًتؼ هبا كوهنا عاؼبية فهي تقررت لصاحل اإلنسانية الكامنة داخل كل‬
‫شخص كىو ما حدا إىل تسميتو باإلعالف العاؼبي كليس الدكيل حىت ال يقف على االختالفات اؼبوجودة‬
‫بُت الدكؿ سواء العقائدية منها أك االقتصادية‪ ،‬كما جاء خاليا من أية إشارة إىل مربرات فلسفية أك‬
‫عقائدية بالرغم من هنلو من معُت اغبقوؽ الطبيعية اليت تعرب عن عصر األنوار‪ ،‬لكنو جاء أيضا تعبَتا عن‬
‫الوضعية القانونية اؼبسًتشدة بالقانوف الوضعي النافذ‪ ،‬فقد كاف مشركع اإلعالف يف األعماؿ التحضَتية لو‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93 -90‬‬
‫‪ -‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.152 ،18‬‬

‫]‪[58‬‬
‫ؿبل نقاش كاسع بُت إبراز فكرة أف اإلنساف ـبلوؽ من اهلل كبُت من يرل العكس‪ ،‬كبرز ىذا التطاحن‬
‫أيضا أثناء الد كرة السابعة للمجلس االقتصادم كاالجتماعي حيث رأل فبثال ىولندا ككندا بضركرة‬
‫اإلشارة إىل اهلل كللخالق بصفتو مصدرا غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬لكن يف اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة‬
‫أبدل فبثلو كال من‪ :‬الربازيل‪ ،‬األرجنتُت‪ ،‬كولومبيا‪ ،‬كبوليفيا تصورىم بشأف ذكر أف اإلنساف بصفتو ـبلوقا‬
‫على صورة اهلل‪ ،‬حيث أثارت صياغة اؼبادة (‪ )1‬إشكالية كبَتة كذلك لوركدىا بالشكل التايل‪....":‬كقد‬
‫كىبوا بالطبيعة عقال كضمَتا‪ "....‬الواردة يف اؼبشركع‪ ،‬حيث أحدثت كلمة "الطبيعة" جدال كاسعا دبا أهنا‬
‫فسرت على كوهنا رفض لوجود اػبالق (اهلل) باعتباره مصدر حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كلتجنب اػبالؼ مت‬
‫انتزاعها نزعا كأُقر اإلعالف بدكهنا كقد جاء نص اؼبادة (‪ )1‬كما ىو معركؼ اآلف هبذا الشكل‪ ":‬يولد‬
‫صبيع الناس أحرارا متساكين يف الكرامة كاغبقوؽ‪ ،‬كقد كىبوا عقال كضمَتا كعليهم أف يعامل بعضهم‬
‫‪1‬‬
‫بعضا بركح اإلخاء"‪ ،‬كما سبيز اإلعالف بتغليب اؼبفهوـ الليبَتايل للحقوؽ كاغبريات‪.‬‬

‫كيبثل كال من اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف كالعهدين الدكليُت للحقوؽ اؼبدنية كالسياسية‬
‫كاالقتصادية كاالجتماعية كالثقافية مرجعية حقوؽ اإلنساف يف إطار األمم اؼبتحدة كتسمى ؾبتمعة‬
‫بالشرعة الدكلية –مثلما سبقت اإلشارة إليو‪ -‬كقد كصفت احملكمة الدستورية العليا يف مصر اإلعالف‬
‫العاؼبي غبقوؽ اإلنساف كالعهدين الدكليُت بأهنم يبثلوف تراثا انسانيا يف حكم ؽبا يعود إىل العاـ‬
‫‪2‬‬
‫‪.1997‬‬

‫كبالرجوع إىل قيمة اإلعالف العاؼبي فإنو يبقى غَت ملزـ باعتبار أنو صدر عن اعبمعية العامة‬
‫لألمم اؼبتحدة يف شكل توصية تدعو إىل احًتاـ حقوؽ اإلنساف‪ ،‬فهو إذا عبارة عن قاعدة عرفية غَت‬
‫ملزمة‪ ،‬كأيضا فاإلعالف مل يعمل على إنشاء أجهزة تسهر على تطبيق ما جاء فيو كاحملكمة مثال أك‬
‫ؾبلس أك ككاالت تستطيع رصد ضباية حقوؽ اإلنساف سواء يف الدكؿ اؼبتقدمة أك السائرة يف طريق‬
‫‪3‬‬
‫النمو‪.‬‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100 -93‬‬
‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -3‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬

‫]‪[59‬‬
‫فا إلعالف ليس اتفاقا دكليا كبذلك فهو ال يبلك أية قيمة إلزامية‪ ،‬لكن البعض يرل فيو على‬
‫الرغم من أنو توصية صادرة عن اعبمعية العامة فإنو يبقى ذا إلزاـ معنوم كأديب عبميع الدكؿ‪ ،‬حيث أف‬
‫أغلب اغبقوؽ الواردة فيو أصبحت دبثابة القانوف الدكيل العريف‪ ،‬ككاف القصد من عدـ جعلو إلزاميا يف‬
‫شكل اتفاقية دكلية حىت يتم قبولو من لدف العدد األكرب من دكؿ العامل‪ ،‬كما ربيل الكثَت من االتفاقيات‬
‫كاؼبواثيق الدكلية إىل اإلعالف‪ ،‬كمقدمة االتفاقية األكربية غبقوؽ اإلنساف (‪ ،)1950‬كالعهدين الدكليُت‬
‫(‪ ،)1966‬كاالتفاقية األمريكية غبقوؽ اإلنساف (‪ ،)1969‬كاؼبيثاؽ اإلفريقي غبقوؽ اإلنساف كالشعوب‬
‫(‪.)1981‬‬

‫كأيضا ىناؾ اتفاقيات دكلية تتبٌت اإلعالف كىو ما مت بوضوح إبرازه يف مؤسبر فيينا غبقوؽ اإلنساف‬
‫لعاـ ‪ ، 1993‬حيث اعترب اإلعالف دبثابة مصدر إؽباـ يف ؾباؿ ضباية حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كنفس الشيء كرد‬
‫يف البياف اػبتامي الصادر عن مؤسبر األمن كالتعاكف األكريب (ىلسنكي ‪ ،)1975‬كالذم أصبح يعرؼ‬
‫ابتداء من سنة ‪ 1995‬دبنظمة األمن كالتعاكف األكريب‪ ،‬كما تبنتو العديد من دساتَت الدكؿ العربية كاف‬
‫أبرزىا الدستور اعبزائرم لسنة ‪ 1963‬دبوجب اؼبادة (‪ )11‬منو‪ ،‬كأيضا دساتَت كل من‪ :‬اليمن‪ ،‬موريتانيا‪،‬‬
‫جيبويت‪ ،‬الصوماؿ‪.‬‬

‫كما استند إليو القضاء الوطٍت يف بعض الدكؿ على غرار ما جاء يف قضية "باريب" حيث‬
‫استندت علو ؿبكمة النقض الفرنسية عاـ ‪ ،1983‬أما ؿبكمة العدؿ الدكلية فلم يكن كاضحا أخدىا‬
‫بو‪ ،‬لكن كردت اإلشارة إليو يف بعض األحكاـ كاآلراء االستشارية فمثال كرد ذكره يف قضية اؼبوظفُت‬
‫الدبلوماسيُت األمريكيُت احملتجزين يف طهراف سنة ‪ ،1980‬ككذلك قضية اللجوء بُت البَتك ككولومبيا‪،‬‬
‫كقضية شركة النفط اإلقبليزية اإليرانية سنة ‪ ،1952‬كأيضا سبت اإلشارة إليو من قبل القاضي اللبناين يف‬
‫ؿبكمة العدؿ الدكلية حوؿ رأيو االستشارم يف قضية ناميبيا‪ ،‬كاعترب أف األحكاـ الواردة يف اإلعالف سبثل‬
‫القانوف الدكيل العريف‪ ،‬كبالتايل فإهنا تلزـ الدكؿ باعتبارىا كذلك‪.‬‬

‫بينما ىناؾ جانب من الفقو الدكيل ال يرل يف اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف عرفا دكليا‪ ،‬ألف‬
‫اإلعالف حسبهم عندما صدر فإنو جاء بشكل جديد كمل يأت الحقا ألية قاعدة عرفية سابقة عليو حىت‬
‫يكوف كاشفا ؽبا بل ىو منشئ لقواعد جديدة‪ ،‬حيث يرل األستاذ " ‪ "Sudre‬أف اؼببادئ اؼبقررة يف‬
‫اإلعالف ترسخت يف القانوف الدكيل كيف القوانُت الداخلية للدكؿ ليس كوهنا أعرافا بل دبوجب االتفاقيات‬

‫]‪[60‬‬
‫كاؼبعاىدات‪ ،‬كالبعض من الفقو يرل بأف الطابع العريف لإلعالف يشمل حقوقا دكف غَتىا من اليت كردت‬
‫فيو سبثيال فهو عريف يف حالة اغبق يف عدـ اػبضوع للتعذيب كالرؽ كالسخرة‪ ،‬كالتمييز العنصرم كاغبق يف‬
‫‪1‬‬
‫اغبياة‪.‬‬

‫كيرل جانب فقهي آخر أف صدكر اإلعالف يف شكل توصية ال يهم بقدر ما يهم أنو أصبح‬
‫‪2‬‬
‫جزءا من القانوف النافد أك القانوف الصلب يف إطار القانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كلو أخذنا مثال الفقيو " دكجي" – قبل صدكر اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف‪ -‬كالذم يذىب‬
‫إىل حد بعيد يف ىذا الشأف كيؤكد أف إلعالنات اغبقوؽ قوة قانونية تتجاكز بكثَت قوة النصوص‬
‫الدستورية كالدساتَت ذاهتا‪ ،‬كىذا بعكس الفقيو" كارييو دم مالبَت" ك "اظباف" اللذاف اعترباىا ؾبرد إعالف‬
‫للمبادئ كليست يف مستول القانوف النافد‪ ،‬بينما يرل "نعيم عطية" أف إعالنات اغبقوؽ حىت كإف كانت‬
‫نصوصها عامة كمنفصلة عن الدستور الذم جاء بعدىا‪ -‬يف أكربا كالواليات اؼبتحدة‪ -‬إال أنو يعتربىا‬
‫بن فس قوة الدستور ذلك أف اؽبيئة اؼبنشئة لو ىي نفسها اؼبنشئة لإلعالف كتطبق طواؿ الفًتة الزمنية اليت‬
‫‪3‬‬
‫يطبق فيها الدستور‪.‬‬

‫كيعتقد "أنتوين ككديوس" أف اغبقوؽ الواردة يف اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف ىي يف األصل‬
‫سبثل " اغبماية اػبفيفة كغَت اؼبفيدة"‪ ،‬لكن ارباد الدكلة كالرأظبالية أديا إىل كضع حدكدا على اغبياة‬
‫البشرية من خالؿ اإلقرار اػبفي بضركرة التضحية بعدد من األفراد‪ ،‬فاإلعالف يف حقيقتو ىبدـ‬
‫‪4‬‬
‫الالمساكاة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العهدان الدوليان للحقوق‬

‫بدأت عبنة حقوؽ اإلنساف يف إعداد مشركع عهد دكيل غبقوؽ اإلنساف سنة ‪ ،1949‬كقد‬
‫أقرت اعبمعية العامة لألمم اؼبتحدة أف يكوف ىذا العهد مشتمال على كل اغبقوؽ سواء كانت مدنية‬
‫كسياسية‪ ،‬أك اقتصادية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬كثقافية دبوجب قرارىا رقم ‪ 421‬ق (د‪ )5‬الصادر بتاريخ‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111 -106‬‬
‫‪ -2‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -3‬د نعيم عطية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.158 ،157‬‬
‫‪ -4‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45 ،44‬‬

‫]‪[61‬‬
‫‪ ، 1950/12/04‬لكنها تراجعت عن ىذه اػبطوة كطلبت من عبنة حقوؽ اإلنساف إعداد عهدين‬
‫منفصلُت أحدنبا للحقوؽ اؼبدنية كالسياسية‪ ،‬كاآلخر للحقوؽ االقتصادية كاالجتماعية كالثقافية كذلك‬
‫دبوجب القرار رقم ‪ 6/543‬يف دكرهتا السادسة لعاـ ‪ ،1952‬كىو ما حصل فعال‪ ،‬فقد أهنت اللجنة‬
‫‪1‬‬
‫عملها كأصدرت العهدين سنة ‪.1966‬‬

‫كإذا فصلنا بالبحث أكثر يف نوعية اغبقوؽ اليت احتول عليها العهداف‪ ،‬قبد أف اغبقوؽ اؼبدنية‬
‫كالسياسية تعترب يف نظر الكثَتين أهنا سبثل اغبقوؽ التقليدية‪ ،‬كيعرفها البعض بأهنا حقوؽ سلبية أم أف‬
‫إعما ؽبا يكوف يف امتناع الدكلة عن التدخل يف التمتع هبا كفبارستها‪ ،‬كما تعرؼ ىذه اغبقوؽ أيضا بأهنا‬
‫سبثل اعبيل األكؿ للحقوؽ‪.‬‬

‫لكن أيضا ىناؾ التزامات إهبابية لتأمُت ىذه اغبقوؽ من خالؿ توفَت ما يلزـ لذلك كىو ما جاء التأكيد‬
‫عليو يف التعليق العاـ للجنة حقوؽ اإلنساف رقم (‪ )3‬لسنة ‪ 1981‬كاػباص بتنفيذ العهد على اؼبستول‬
‫الوطٍت‪ ":‬من الضركرم لفت انتباه الدكؿ األطراؼ إىل أف االلتزاـ دبقتضى العهد ال يقتصر على احًتاـ‬
‫حقوؽ اإلنساف‪ ،‬بل إف الدكؿ األطراؼ قد تعهدت كذلك بأف تضمن التمتع هبذه اغبقوؽ عبميع األفراد‬
‫اؼبوجودين ضمن كاليتها‪ ،‬كأف ىذا اعبانب يتطلب أنشطة ؿبددة من قبل الدكؿ األطراؼ لتمكُت األفراد‬
‫‪2‬‬
‫من التمتع حبقوقهم"‪.‬‬

‫كتكملة ؽبذا اؼبعٌت فإف الواليات اؼبتحدة األمريكية كدكؿ الغرب عامة استطاعت حصر حقوؽ‬
‫اإلنساف كقوهتا يف إطار ضيق ىو اغبقوؽ اؼبدنية كالسياسية‪ ،‬لكن ىذا العمل رافقو كيرافقو مقاكمة عنيفة‬
‫من دكؿ العامل اآلخر‪ ،‬لعل أبرزىا حسب األستاذ "انتوين ككديويس" ما أظباه "العاؼبية اعبديدة" من أجل‬
‫أف تكوف اغبماية متاحة للجميع ب غض النظر عن اعبنس أك اللوف أك الدين‪ ،‬ككذلك اغبق بشكل متساك‬
‫يف الوصوؿ إىل اؼبعلومات كاالتصاالت‪ ،‬سبكينا كتيسَتا ألم فرد للتمتع حبرية التعبَت‪ ،‬كضركرة اؼبساكاة يف‬
‫اغبقوؽ االقتصادية كاالجتماعية مقارنة باغبقوؽ اؼبدنية كالسياسية حىت يبكن مثال أف يستفاد من حقوؽ‬
‫‪3‬‬
‫التنمية كاغبقوؽ الوطنية بشكل هبعل الدكؿ الغنية تفي بالتزاماهتا ذباه الدكؿ الفقَتة‪.‬‬

‫‪ -1‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ -2‬د ؿبمد يوسف علواف‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.123 ،122‬‬
‫‪ -3‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬

‫]‪[62‬‬
‫فالعهد الدكيل اػباص باغبقوؽ االقتصادية كاالجتماعية كالثقافية مل يأت بنفس قيمة العهد‬
‫اػباص باغبقوؽ اؼبدنية كالسياسية‪ ،‬كالدليل على ىذا التمايز ىو ما جاء يف حاشية النص الرظبي‬
‫لال تفاقيتُت كما يلي‪ ":‬إف أكلئك الذين يبيلوف لكتابة اتفاقيتُت منفصلتُت يؤكدكف أف اغبقوؽ اؼبدنية‬
‫كالسياسية كانت مفركضة – أك قابلة للعدالة‪ -‬أك ؽبا شخصية مطلقة‪ ،‬يف حُت أف اغبقوؽ االقتصادية‬
‫كاالجتماعية كالثقافية مل تكن كذلك كردبا مل يكن ؽبا تلك القابلية‪ ،‬حيث أف األكىل كانت قابلة للتطبيق‬
‫يف اغباؿ بينما األخَتة كاف عليها أف تطبق تدرهبيا‪ ،‬كيبكن القوؿ بوجو عاـ األكىل ىي حقوؽ الفرد يف‬
‫مواجهة الدكلة‪......‬بينما األخَتة تعد حقوقا على الدكلة أف تتصرؼ بشكل إهبايب‬
‫لتحسينها‪... .‬كمسألة نسخ اتفاقية أك اثنتُت كانت متعلقة بشكل كثيق دبسألة التطبيق‪.....‬كطاؼبا أف‬
‫اغبقوؽ يبكن تقسيمها إىل نوعُت رئيسيُت – فبا هبعلها تتعرض إلجراءات ـبتلفة يف التطبيق‪ -‬فسوؼ‬
‫‪1‬‬
‫يكوف من اؼبنطقي كاؼبالئم كضع اتفاقيتُت منفصلتُت"‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مصادر حقوق اإلنسان‬

‫دبا أف حقوؽ اإلنساف جزء من القانوف الدكيل فإهنما يرجعاف يف اؼبصادر إىل نفس اؼبنشأ كؼبعرفة‬
‫مصادر حقوؽ اإلنساف يكوف لزاما الرجوع بالبحث يف اؼبصادر التقليدية للقانوف الدكيل فلو تفحصنا‬
‫اؼبادة (‪ ) 38‬من ميثاؽ ؿبكمة العدؿ الدكلية باعتبارىا " سبثل البياف اؼبرجعي اؼبقبوؿ لتلك اؼبصادر"‪،‬‬
‫قبدىا على ىذا الًتتيب‪:‬‬

‫اؼبعاىدات‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫العرؼ الدكيل‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪2‬‬
‫اؼببادئ العامة للقانوف اليت تعًتؼ هبا األمم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ككذلك قرارات اؼبنظمات الدكلية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪ -1‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.174 -172‬‬


‫‪ -2‬د ؿبمد مصباح عيسى‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.210‬‬

‫]‪[63‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المعاىدات‬

‫تعترب أحسن صيغة يبكن العمل هبا يف إطار القانوف الدكيل ؼبا تتصف بو العالقات الدكلية من‬
‫تعقيد شديد كتطور سريع‪ ،‬باإلضافة إىل أف اؼبعاىدات ىي أفضل طريقة يبكن للدكؿ ـباطبة بعضها‬
‫البعض من خالؽبا خصوصا أماـ قاعدة السيادة كعدـ القبوؿ باػبضوع ألية سلطة خارجية غَت تلك‬
‫النابعة من داخل كل دكلة على حدة‪.‬‬

‫فاؼبعاىدات أك االتفاقيات ال تكمن أنبيتها يف كوهنا ملزمة للدكؿ اؼبوقعة عليها فقط بل تعترب الرقابة‬
‫اؼبفركضة على مدل احًتامها كآليات ذلك من أىم ما يدعم قوة ىذا اعبانب من العالقات الدكلية‬
‫كمصدر من مصادر حقوؽ اإلنساف ذات القيمة العالية خبالؼ التوصيات‪ ،‬اإلعالنات‪ ،‬كحىت القرارات‬
‫‪1‬‬
‫اؼبلزمة يف أحياف‪ ،‬فكل ىذه ليست بقوة اؼبعاىدات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العرف‬

‫ال زاؿ اجملتمع الدكيل يف تطور مستمر كأغلب القواعد القانونية الدكلية اليت صيغت يف شكل‬
‫اتفاقيات كاف مصدرىا األكؿ ىو العرؼ‪ ،‬كيف ىذا الباب يقوؿ األستاذ جعفر عبد السالـ علي ‪":‬يوضح‬
‫ذلك ما تقرره الالئحة اؼبنظمة لعمل عبنة القانوف الدكيل‪ ،‬كاليت جعلت على عاتقها تقنُت القواعد‬
‫القانونية الدكلية اليت مصدرىا العرؼ كتطويرىا"‪ ،‬كأغلب األعراؼ اليت ربولت إىل قواعد ضابطة غبقوؽ‬
‫اإلنساف كاف مصدرىا األكؿ ىو تعاليم الديانات اؼبختلفة كقواعد األخالؽ‪ ،‬كاليت استمر العمل هبا مع‬
‫االعتقاد بإلزاميتها إىل أف أضحت قواعدا للقانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬كىو ما يفسر التشابو الكبَت‬
‫‪2‬‬
‫بُت اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف كالعهدين الدكليُت كاتفاقيات حقوؽ اإلنساف األمريكية كاألكربية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬المبادئ العامة للقانون‬

‫يقصد هبا‪ " :‬اؼببادئ العامة اليت تسود يف دائرة القانوف الداخلي كبالذات يف األنظمة القانونية الرئيسية يف‬
‫‪3‬‬
‫العامل‪ ،‬كاؼبتفق على أهنا‪ :‬النظاـ االسالمي‪ ،‬كالنظاـ األقبلوساكسوين‪ ،‬كالنظاـ الالتيٍت كالنظاـ اعبرماين"‪.‬‬

‫‪ -1‬د جعفر عبد السالـ علي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬


‫‪ -2‬د جعفر عبد السالـ علي‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.80 ،79‬‬
‫‪ -3‬د جعفر عبد السالـ علي‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫]‪[64‬‬
‫ىذه األنظمة تسود فيها مبادئ رئيسية متشاهبة تسعى صبيعها إىل ربقيق العدالة كاؼبساكاة بُت‬
‫الناس‪ ،‬كال شك أف ىذه األنظمة ىي اليت دفعت بالعديد من اؼببادئ القانونية اؼبتصلة باحًتاـ حقوؽ‬
‫‪1‬‬
‫اإلنساف إىل دائرة القانوف الدكيل‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬قرارات المنظمات الدولية‬

‫زبتلف باختالؼ اؼبنظمات اليت تصدرىا لكن ىناؾ قرارات ملزمة تتخذىا اؼبنظمات ذات‬
‫الطابع الفدرايل كقرارات اجملتمعات األكربية أك اليت تصدرىا احملاكم الدكلية كاإلقليمية كقرارات ؿبكمة‬
‫العدؿ الدكلية كاحملكمة األكربية غبقوؽ اإلنساف باإلضافة إىل القرارات اليت تصدر عن بعض ىيئات‬
‫األمم اؼبتحدة كمجلس األمن الدكيل إعماال للفصل السابع من ميثاؽ األمم اؼبتحدة‪.‬‬

‫أما اإلعالنات كالتوصيات فهي غَت ملزمة كلكن أنبيتها تكمن يف أهنا تعزز اإلشارة كالتذكَت حبقوؽ‬
‫‪2‬‬
‫اإلنساف الواردة يف االتفاقيات الدكلية لتتبناىا الحقا‪.‬‬

‫المبحث السادس‪ :‬أىم التقسيمات والحقوق‬

‫مثلما ىو اغباؿ يف عدـ االتفاؽ على تعريف كاحد سواء غبقوؽ اإلنساف أك اغبريات العامة‪،‬‬
‫فإنو مل يكن ىناؾ إصباع على تقسيم كاحد للحقوؽ كاغبريات (اؼبطلب األكؿ)‪ ،‬لكن يبقى أف ىناؾ‬
‫ؾبموعة من اغبقوؽ البارزة اليت ال بد من ذكرىا (اؼبطلب الثاين)‪ ،‬كالشريعة اإلسالمية الدين احملفوظ من‬
‫اهلل عز كجل جاء حبقوؽ عديدة كشاملة ككاملة بشكل مل كلن تستطيع أم ديانة أخرل‪ ،‬ك ال عبقرية‬
‫اإلنساف تستطيع الوصوؿ إليها عن طريق القانوف الوضعي غَت اؼبتفق عليو كسريع التغَت (اؼبطلب‬
‫الثالث)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تقسيمات الحقوق والحريات‬

‫ىناؾ من يصنف اغبريات إىل حقوؽ لصيقة بشخص اإلنساف كاليت ال تنفصل عنو لطبيعتو‬
‫اإلنسانية كمنها‪ :‬اغبق يف األمن‪ ،‬حرمة اغبياة اػباصة‪ ،‬حرية التفكَت‪ ،‬حق االجتماع‪ ،‬حق اؼبلكية‪ ،‬كحق‬
‫العبادة‪.‬‬

‫‪ -1‬د جعفر عبد السالـ علي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬


‫‪ -2‬د جعفر عبد السالـ علي‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.83 ،82‬‬

‫]‪[65‬‬
‫كيقابلها اغبقوؽ كاغبريات االجتماعية كاالقتصادية كىي اغبقوؽ اليت ال يبكن اغبصوؿ عليها كاالستفادة‬
‫منها إال إذا تدخلت الدكلة لتوفَتىا ببذؿ ؾبهود إهبايب فهي دبثابة التزاـ يقع على عاتق الدكلة فمثال حق‬
‫االنضماـ اىل نقابة ما يتطلب اعًتاؼ الدكلة حبرية النشاط النقايب‪ ،‬كىو ما ذىب إليو الفقيو الفرنسي‬
‫ليوف دكجي (‪ )Deguit‬حيث قاؿ بأف اغبقوؽ السلبية ىي اليت يستفيد منها الشخص دبعزؿ عن تدخل‬
‫‪1‬‬
‫الدكلة بينما اغبقوؽ اإلهبابية فإنو ال يبكن االستفادة منها إال بعد تدخل الدكلة‪.‬‬

‫أما الفيلسوؼ اإلقبليزم " جوف ستيوارت مل" كيف مقالو عن اغبرية "‪"An essgy liberty‬‬
‫فقد عرؼ اغبرية يف جانبها السليب بقولو‪ ":‬اجملاؿ الذم أستطيع فيو أف أعمل ما أريد دكف تدخل من‬
‫اآلخرين يف حرييت"‪ ،‬كأفعاؿ األفراد حسبو دائما تنقسم إىل تصرفات ذاتية زبص الفرد كحده دكف غَته‬
‫كال وبق ألم كاف كحىت الدكلة أف تتدخل‪ ،‬كىناؾ تصرفات ثانية تؤثر على أشخاص آخرين يبكن‬
‫‪2‬‬
‫التدخل فيها بالقدر الذم وبمي اآلخرين فقط‪.‬‬

‫حيث أف اغبرية دبعناىا السليب توجب نزع كل قيد عن إرادة اإلنساف ألف يعمل كما يشاء ككما‬
‫وبب من غَت إكراه‪ ،‬كبغض النظر عن اعبهة اليت قد يصدر عنها‪ ،‬حىت اف السلطة ال يبكنها ذباكز ىذه‬
‫اإلرادة اإلنسانية كال أف تضع عليها أية قيود كمن ىذه اغبريات دبعناىا السليب اغبقوؽ الشخصية كاؼبدنية‬
‫‪3‬‬
‫كاستقالؿ الشخصية كالعالقات الشخصية‪.‬‬

‫أما اغبرية دبعناىا اإلهبايب فتعٍت حرية الفرد يف رقابة اغباكم عن طريق اؼبشاركة يف صنع السياسة أم‬
‫قدرة الفرد يف صناعة قناعتو حبرية من غَت أم تدخل فقد يشارؾ يف اختيار اغباكم كقد يأيت يوما كيرل‬
‫‪4‬‬
‫يف نفسو القدرة على أف يصبح ىو نفسو اغباكم كلو كامل اغبرية يف ذلك‪.‬‬

‫كىناؾ دراسة فقهية تسمى بدراسة "برلُت" سبحورت حوؿ اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف كميزت‬
‫بُت اغبريات السلبية كاغبريات االهبابية‪ ،‬حيث أ ف اغبريات السلبية ىي تلك اؼبنتزعة من الدكلة كاغبقوؽ‬
‫اؼبدنية كالسياسية‪ ،‬أما اغبريات اإلهبابية فهي اليت تدكر حوؿ ما يبكن أف تدعمو الدكلة يف إطار التزاماهتا‬

‫‪ -1‬د كامل السعيد‪ ،‬د منذر الفضل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪ -2‬د كامل السعيد‪ ،‬د منذر الفضل‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.179 ،178‬‬
‫‪ -3‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ -4‬د عيسى بَتـ‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.46 ،45‬‬

‫]‪[66‬‬
‫بتنفيذ اغبقوؽ االقتصادية كاالجتماعية كالثقافية‪ ،‬حيث كصل اغبداثيوف األمريكيوف إىل نتيجة مفادىا أف‬
‫اغبريات السلبية أك ثر أنبية من اغبريات االهبابية لكنهم رأكا بضركرة كضع قيود على اغبرية الفردية‬
‫‪1‬‬
‫الكامنة يف سلوؾ الدكلة لصاحل اغبريات االهبابية احملددة يف اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كقد أخلط الفقهاء اليونانيوف ككذلك فالسفة العقد االجتماعي كحىت يف عصر الثورة الفرنسية‬
‫بُت اغبرية كاؼبساكاة‪ ،‬فاعتربكا أف اغبرية ال تتحقق إال بوجود اؼبساكاة كما داـ أف اؼبساكاة موجودة فاغبرية‬
‫أيضا حاضرة حيث يقوؿ دكجي‪ ":‬إذا كاف تصرؼ الدكلة قبلو من خالؿ قاعدة عامة تطبق على‬
‫‪2‬‬
‫اعبميع‪ ،‬كلو كانت تنطوم على االستبداد كالظلم"‪.‬‬

‫أما الفقيو الفرنسي "أظباف" فقد صنف اغبرية إىل مساكاة كحرية فقد فرؽ بُت اؼبساكاة اؼبدنية‬
‫‪ Légalité civile‬كبُت اغبرية الفردية‪ ،‬كمبدأ اؼبساكاة يتفرع عنو أربعة حقوؽ كىي‪ :‬اؼبساكاة أماـ‬
‫القانوف‪ ،‬اؼبساكاة أماـ القضاء‪ ،‬اؼبساكاة يف تويل الوظائف العامة‪ ،‬اؼبساكاة أماـ الضرائب‪ ،‬أما اغبرية‬
‫‪3‬‬
‫الفردية فإهنا تتفرع إىل حريات ذات صبغة مادية كحريات ذات صبغة معنوية‪.‬‬

‫فاغبريات اؼبادية تتكوف من‪:‬‬

‫اغبرية الشخصية باؼبعٌت الضيق أم األمن كحرية التنقل‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫حرية اؼبلكية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫حرية اؼبسكن كحرمتو‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫حرية التجارة كالعمل كالصناعة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫اغبريات اؼبعنوية‪ :‬كتشمل اغبريات األتية‪:‬‬

‫حرية العقيدة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫حرية االجتماع‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫حرية الصحافة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ -1‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.198‬‬


‫‪ -2‬د حسن علي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ -3‬د كامل السعيد‪ ،‬د منذر الفضل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.179‬‬

‫]‪[67‬‬
‫حرية تكوين اعبمعيات‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫حرية التعليم‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫بينما "ركش كبويل ‪ "Roche et Pouille‬فقد صنفا اغبرية إىل أربعة أصناؼ كما سيأيت‪:‬‬

‫التصنيف الوظيفي‪ :‬كيتفرع إىل فرعُت اثنُت نبا‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫اإلنساف بصفتو اإلنسانية يتمتع باغبقوؽ اآلتية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫أ‪ -1-‬اغبق يف اغبياة‪.‬‬

‫أ‪ -2-‬اغبرية الفردية‪ :‬كتتمثل يف‪ :‬االستقالؿ الوطٍت التاـ‪ ،‬احًتاـ حق الدفاع‪ ،‬حرية الذىاب‬
‫كاإلياب‪ ،‬اغبق يف سرية اغبياة اػباصة‪.‬‬

‫اإلنساف بصفتو فردا يف اجملتمع فإنو يبلك ؾبموعة من اغبقوؽ كىي‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫ب‪ -1-‬حقوؽ الفرد داخل اجملتمع‪ :‬اغبق يف اؼبساكاة‪ ،‬اغبقوؽ السياسية‪ ،‬حق اؼبلكية‪.‬‬

‫ب‪ -2-‬حق التواصل مع الغَت‪ :‬حرية الرأم‪ ،‬اغبريات اعبماعية(اعبمعيات‪ ،‬التجمعات)‪ ،‬حرية‬
‫التعليم‪.‬‬

‫ب‪ -3-‬حق اؼبواطن كفاعل اقتصادم‪ :‬حرية التجارة كالصناعة‪ ،‬حرية اختيار اؼبهنة‪ ،‬اغبق النقايب‪،‬‬
‫حرية العمل كاغبق يف التشغيل‪.‬‬

‫اغبريات األساسية كاغبريات األخرل‪ :‬كتتفرع إىل فرعُت اثنُت كما سيأيت‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اغبريات األساسية ‪ :Liberté fondamentales‬كيعود استعماؿ ىذا اؼبصطلح ألكؿ مرة‬ ‫أ‪-‬‬
‫إىل القرار الصادر عن اجمللس الدستورم الفرنسي بتاريخ ‪ 11-10‬أكتوبر ‪.1984‬‬
‫حريات أقل ضباية‪ :‬كتتمثل يف حق االتصاؿ السمعي البصرم‪ ،‬حرية التجارة كالصناعة‪،‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫حرية العمل كباألخص حق اؼبلكية‪.‬‬
‫اغبريات الشكلية كاغبريات اغبقيقية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫اغبريات السياسية كىي حالة خاصة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫]‪[68‬‬
‫كالبعض من الفقهاء صنفها من حيث طبيعة اؼبصلحة اليت ربققها إىل‪:‬‬

‫اغبرية الشخصية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫حق الفرد يف االنضماـ إىل اعبماعات اؼبختلفة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫حرية الفكر‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪1‬‬
‫اغبقوؽ االقتصادية كاالجتماعية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫بينما يرل جانب من الفقهاء اؼبصريُت أف اغبقوؽ كاغبريات تنقسم إىل ثالثة أنواع كىي‪:‬‬

‫اغبرية الشخصية‪ :‬كفيها‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫حق األمن‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫حرمة كحرية اؼبسكن‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫حرية التنقل‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫سرية اؼبراسالت‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫احًتاـ السالمة الذىنية لإلنساف‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫اغبرية السياسية‪ :‬كتتكوف من‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫حرية الرأم‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫حرية العقيدة كحرمة مزاكلة الشعائر الدينية‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫حرية اإلجتماع‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫حرية الصحافة‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫‪2‬‬
‫اغبقوؽ كاغبريات االقتصادية كاالجتماعية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫كأيضا ىناؾ اذباه يف الفقو الفرنسي قسم اغبقوؽ كاغبريات إىل ثالثة أجياؿ كىي‪:‬‬

‫اغبيل األكؿ‪ :‬اغبقوؽ اؼبدنية كالسياسية‪.‬‬

‫اعبيل الثاين‪ :‬اغبقوؽ االقتصادية كاالجتماعية كالثقافية‪.‬‬

‫‪ -1‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21 -19‬‬


‫‪ -2‬د كرًن يوسف أضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.200 ،199‬‬

‫]‪[69‬‬
‫اعبيل الثالث‪ :‬كتسمى حبقوؽ التضامن كتشمل‪ :‬اغبق يف التنمية‪ ،‬اغبق يف ضباية البيئة‪ ،‬اغبق يف السالـ‬
‫‪1‬‬
‫كاألمن‪ ،‬اغبق يف الًتاث اؼبشًتؾ لإلنسانية‪.‬‬

‫كىذا التوجو يف تصنيف اغبقوؽ كاغبريات إىل ثالثة أجياؿ قبده عند فقهاء آخرين لكن اختلف اؼبضموف‬
‫نوعا ما عن سابقو كقد جاء كما يلي‪:‬‬

‫اعبيل األكؿ‪ :‬وبتوم على اغبقوؽ السلبية كهتدؼ إىل ضباية حرية اإلنساف الفردية كمثاؽبا اؼبواد من ‪ 2‬إىل‬
‫‪ 21‬من اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫اعبيل الثاين‪ :‬وبتوم على اغبقوؽ اإلهبابية كهتدؼ إىل ضباية حقوؽ اإلنساف االقتصادية كاالجتماعية‬
‫كالثقافية كمثاؽبا اؼبواد من ‪ 22‬إىل ‪ 27‬من اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬ككذلك اغبقوؽ الواردة يف‬
‫العهد الدكيل للحقوؽ االقتصادية كاالجتماعية كالثقافية‪.‬‬

‫اعبيل الثالث‪ :‬أك ما يعرؼ باغبقوؽ اعبماعية كمثاؽبا اؼبادة (‪ )28‬من اإلعالف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف‬
‫ككذلك اغبق يف التنمية كالبيئة‪ ،‬اغبق يف السالـ كسيادة الدكؿ على مواردىا الطبيعية‪ ،‬كحق تقرير‬
‫‪2‬‬
‫اؼبصَت‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أىم الحقوق المعترف بها عالميا‬

‫ىناؾ الكثَت من اغبقوؽ اؼبعًتؼ هبا عاؼبيا ككطنيا‪ ،‬لكننا رأينا يف االقتصار على ذكر أنبها‪ ،‬كاإلشارة‬
‫إليها يف التشريع اعبزائرم من خالؿ ىذه الفركع الستة التالية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حق الملكية‬

‫نظرا لتوسع حقوؽ اؼبلكية يف الغرب كما قابلو من توسع غبقوؽ العماؿ يف الدعوة إىل‬
‫‪3‬‬
‫اإلضراب كالتحريض على ذلك أصبح يشكل جدارا تصادميا مع حق اؼبلكية‪.‬‬

‫‪ -1‬د نعيم عطية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬


‫‪ -2‬د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.50 ،49‬‬
‫‪ -3‬انتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬

‫]‪[70‬‬
‫كقد ظهر يف الفقو الغريب يف جزء منو يف القرف ‪ 19‬التساؤؿ التايل‪" :‬ما الفائدة من ضباية اؼبالؾ‬
‫‪1‬‬
‫كأمالكهم كإعطائهم ضباية قانونية إذا مل يزيدكا يف الثركة الوطنية؟"‬

‫مت النص على اغبق يف اؼبلكية اػباصة يف الدستور اؼبعدؿ لعاـ ‪ 2016‬ربت رقم (‪ )64‬كما‬
‫يلي‪:‬‬

‫"اؼبلكية اػباصة مضمونة‪.‬‬

‫حق اإلرث مضموف‪.‬‬

‫األمالؾ الوقفية كأمالؾ اعبمعيات اػبَتية معًتؼ هبا‪ ،‬كوبمي القانوف زبصيصها"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حرية الرأي التعبير‬

‫تعٍت حرية الرأم سبكُت كل إنساف من التعبَت عن آرائو كأفكاره للناس سواء كاف ذلك بشخصو‬
‫أك بوسائل النشر اؼبختلفة‪ ،‬أك بواسطة اؼبسرح أك السينما أك عن طريق الوسائل السمعية كالبصرية‪.‬‬

‫ك"حرية التعبَت ىي أساس اغبقوؽ يف خطاب حقوؽ اإلنساف األمريكي اغبايل كبالتايل نتيجة‬
‫اعبهد اإلدارم للمحكمة"‪ ،‬كاؼبقصود ىنا ىي احملكمة العليا األمريكية‪ ،‬كىو ما يؤكد عليو القاضي "‬
‫فرانكفورتر"‪ ،‬أحد قضاهتا يف رأيو اؼبنفصل ‪ ":‬إف حرية التعبَت ىي مصدر حضارتنا‪ ،‬اغبضارة اليت نسعى‬
‫للحفاظ عليها‪ ،‬كبعد ذلك يأيت اإلقرار حبق الكونغرس يف كضع بعض القيود على التعبَت‪ ،‬ىكذا تكوف‬
‫‪2‬‬
‫متناقضات اغبياة"‪.‬‬

‫كقد نصت اؼبادة (‪ )42‬من التعدم الدستورم رقم ‪ 01-16‬على أف‪:‬‬

‫"ال مساس حبرمة حرية اؼبعتقد‪ ،‬كحرمة حرية الرأم‪.‬‬

‫حرية فبارسة العبادة مضمونة يف ظل احًتاـ القانوف"‪ ،‬كنصت اؼبادة (‪ )48‬على أف‪" :‬حريات التعبَت‪،‬‬
‫كإنشاء اعبمعيات‪ ،‬كاالجتماع مضمونة للمواطن"‪.‬‬

‫‪ -1‬انتوين ككدم كيس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬


‫‪ -2‬انتوين ككدم كيس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.162 ،161‬‬

‫]‪[71‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬حق األمن‬

‫كيقصد بو أال يقبض على اإلنساف أك وببس إال كفقا للحاالت اؼبنصوص عليها قانونا‪ ،‬كىو‬
‫‪1‬‬
‫معيار حقيقي يبكن من خاللو قياس مدل احًتاـ اغبرية الشخصية‪.‬‬

‫حق األمن منصوص عليو يف الدساتَت اعبزائرية السابقة على تنوعها‪ ،‬فقد كاف التعديل‬
‫الدستورم لعاـ ‪ 1996‬ينص على ىذا اغبق يف اؼبواد (‪ )48 ،46 ،45 ،34‬لتصبح اؼبادة (‪)34‬‬
‫ربمل الرقم ‪ 40‬دبوجب التعديل اعبديد ‪ 01/16‬كقد أضيفت ؽبا فقرة ثالثة جديدة‪:‬‬

‫" اؼبعاملة القاسية أك الالإنسانية أك اؼبهينة يقمعها القانوف"‪ ،‬أما اؼبادة ‪ 45‬فأصبحت ربمل‬
‫الرقم (‪ )56‬مع تغيَت يف نصها مع التأكيد ألكؿ مرة يف تاريخ اعبزائر على احملاكمة العادلة‪.‬‬

‫بينما اؼبادة ‪ 46‬من التعديل اؼبعدؿ أصبحت ربت الرقم ‪ ،58‬كاؼبادة ‪ 48‬ربولت إىل اؼبادة ‪60‬‬
‫كأضافت ألكؿ مرة ضركرة إعالـ اؼبوقوؼ للنظر حبقو يف االتصاؿ دبحاميو لكن قيدتو بسلطة القاضي‬
‫التقديرية يف حالة الظركؼ االستثنائية‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الحق في المسكن وحمايتو‬

‫تعٍت أف اإلنساف حر يف ازباذ أم مكاف ؿبال لإلقامة أك السكن بغَت قيد من السلطة العامة‪،‬‬
‫كأف يوفر لو من اغبماية ما ي كفي للتمتع هبذا اغبق سواء كاف مالكا أك مستأجرا‪ ،‬كأال يتعدل عليو كإف‬
‫‪2‬‬
‫لزـ أف يكوف ىناؾ تفتيش فال يتم إال بتصريح من السلطة اؼبختصة كأف تكوف أسبابو قائمة كحالة‪.‬‬

‫كقد نصت اؼبادة (‪ )55‬من التعديل الدستورم اعبديد دبوجب القانوف رقم ‪ 01/16‬على أف‪:‬‬

‫"وبق لكل مواطن يتمتع حبقوقو اؼبدنية كالسياسية‪ ،‬أف ىبتار حبريػة موطن إقامتو‪ ،‬كأف يتنقل عرب الًتاب‬
‫الوطٍت‪.‬‬

‫‪ -1‬د كرًن يوسف أضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬


‫‪ -2‬د كرًن يوسف أضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.201‬‬

‫]‪[72‬‬
‫حق الدخوؿ إىل الًتاب الوطٍت كاػبركج منو مضموف لو"‪ ،‬حيث أضيف ؽبا فقرة ثالثة دبوجب ىذا‬
‫التعديل جاءت نصها كما يلي‪ ":‬ال يبكن األمر بأم تقييد ؽبذه اغبقوؽ إال ؼبدة ؿبددة كدبوجب قرار‬
‫مربر من السلطة القضائية"‪.‬‬

‫كما نصت اؼبادة (‪ )47‬من الدستور على حرمة انتهاؾ أم مسكن حبجة التفتيش إال يف حالة‬
‫الضركرة كدبقتضى أمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية ككفقا للقانوف‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬حرية التنقل‬

‫ىي حرية أم شخص يف االنتقاؿ من مكاف آلخر داخل القطر الوطٍت بغَت قيد أك شرط مهما‬
‫‪1‬‬
‫كاف‪ ،‬ككذلك حرية التنقل من كإىل اػبارج كالعكس كفقا ؼبا يشًتطو القانوف‪.‬‬

‫كقد نصت على ىذا اغبق اؼبادة (‪ )55‬من التعديل الدستورم رقم ‪ 01-16‬السابق ذكرىا‪.‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬سرية المراسالت‬

‫كتعٍت أف‪ " :‬اإلنساف حر يف أف يعرب عن أفكاره كما يريد فيما يكتبو من رسائل فال هبوز أف تنتهك‬
‫سرية ىذه اػبطابات‪ ،‬كىذه اغبرية ال ربمي اػبطابات فقط بل سبتد إىل كل الوسائل اليت تشبهها‬
‫‪2‬‬
‫كاحملادثات التلفونية مثال‪ ،‬فالقاعدة أنو ال هبوز أف يسًتؽ السمع إىل ىذه احملادثات أك يفشى سرىا"‪.‬‬

‫كجاء النص على سرية اؼبراسالت يف اؼبادة (‪ )17‬من العهد الدكيل للحقوؽ اؼبدنية كالسياسية‪،‬‬
‫كاؼبادة (‪ )21‬من اؼبيثاؽ العريب غبقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كقد نص الدستور اعبزائرم على أف للمواطنُت اغبق يف سػرية اؼبراسالت يف الدستور اؼبعدؿ لعاـ‬
‫‪ 1996‬ربت رقم (‪ )39‬كلكن بصيغة غَت مستساغة‪ ،‬فنصت على أف‪:‬‬

‫" ال هبوز انتهاؾ حرمة حياة اؼبواطن اػباصة‪ ،‬كحرمة شرفو كوبميهما القانوف‪.‬‬

‫سرية اؼبراسالت كاالتصاالت اػباصة بكل أشكاؽبا مضمونة"‪ ،‬كبعد التعديل الدستورم لعاـ ‪2016‬‬
‫أصبحت ربمل الرقم (‪ )46‬لكنها حافظت على ركاكة تعبَتىا كأضيفت ؽبا فقرتاف جديدتاف ىذا‬

‫‪ -1‬د كرًن يوسف أضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬


‫‪ -2‬د كرًن يوسف أضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬

‫]‪[73‬‬
‫نصهما‪ ":‬ال هبوز اؼبساس هبذه اغبقوؽ دكف أمر معلل من السلطة القضائية كيعاقب القانوف على انتهاؾ‬
‫ىذا اغبكم‪.‬‬

‫ضباية األشخاص الطبيعيُت يف ؾباؿ معاعبة اؼبعطيات ذات الطابع الشخصي حق أساسي يضمنو القانوف‬
‫كيعاقب على انتهاكو"‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حقوق اإلنسان في اإلسالم‬

‫من حقوؽ اإلسالـ اغبامية لإلنساف كغَت اإلنساف الكثَت كالكثَت فبا مل تقدر أية ديانة ظباكية أك‬
‫غَتىا على اإلتياف بو إال الدين اإلسالمي اغبنيف‪ ،‬كنوجز منها اآليت‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حق تقرير المصير‬

‫لقولو تعاىل‪ ﴿ :‬قُ ْل يَا أَيُّ َها الْ َكافِ ُرو َن (‪َ )1‬ال أَ ْعبُ ُد َما تَ ْعبُ ُدو َن (‪َ )2‬وَال أَنْ تُ ْم َعابِ ُدو َن َما أَ ْعبُ ُد (‪)3‬‬
‫َوَال أَنَا َعابِ ٌد َما َعبَ ْدتُ ْم (‪َ )4‬وَال أَنْتُ ْم َعابِ ُدو َن َما أَ ْعبُ ُد (‪ )5‬لَ ُك ْم ِدينُ ُك ْم َولِ َي ِدي ِن (‪﴾ )6‬‬

‫فاإلنساف غَت ؾبرب على الدخوؿ يف اإلسالـ فأىل الكتاب اؼبقيموف على أرض االسالـ ـبَتكف بُت ثالثة‬
‫أشياء إما الدخوؿ يف اإلسالـ أك دفع اعبزية أك القتاؿ‪ ،‬كاعبزية ىي مبلغ مايل يدفع مقابل اغبماية كال‬
‫يدفعها إال البالغوف األحرار من الذكور كتستثٌت منها النسوة كالصبياف كالعبيد كاجملنوف كاؼبقعد كالشيخ‬
‫‪1‬‬
‫كأىل الصوامع كالفقَت‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إقرار السالم‬

‫ت أَيْ ِدي ِه ْم َولُ ِعنُوا بِ َما‬


‫ود يَ ُد اللَّ ِو َمغْلُولَةٌ غُلَّ ْ‬ ‫ت الْيَ ُه ُ‬ ‫اإلسالـ ىو دين السالـ لقولو تعاىل‪ ﴿ :‬وقَالَ ِ‬
‫َ‬
‫ك طُغْيَانًا َوُك ْف ًرا‬ ‫ك ِم ْن َربِّ َ‬ ‫شاءُ َولَيَ ِزي َد َّن َكثِ ًيرا ِم ْن ُه ْم َما أُنْ ِز َل إِلَْي َ‬ ‫ان يُْن ِف ُق َك ْي َ‬
‫ف يَ َ‬ ‫قَالُوا بل ي َداهُ م ْبسوطَتَ ِ‬
‫َْ َ َ ُ‬
‫ب أَطْ َفأَ َىا اللَّوُ َويَ ْس َع ْو َن فِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اء إِلَى يَ ْوم الْقيَ َامة ُكلَّ َما أ َْوقَ ُدوا نَ ًارا لل َ‬
‫ْح ْر ِ‬ ‫ضَ‬ ‫َوأَلْ َق ْي نَا بَ ْي نَ ُه ُم ال َْع َد َاو َة َوالْبَ غْ َ‬
‫ين﴾ (اؼبائدة ‪ ،)64‬حيث هنى اإلسالـ عن سفك الدماء كالقتل‬ ‫ِِ‬ ‫ادا َواللَّوُ َال يُ ِح ُّ‬ ‫ْاأل َْر ِ‬
‫ب ال ُْم ْفسد َ‬ ‫سً‬ ‫ض فَ َ‬
‫‪2‬‬
‫ألجل الثأر كالنهب‪ ،‬كمن ذلك كصية النيب ألصحابو عند الغزك‪.‬‬

‫‪ -1‬د سهيل حسُت الفتالكم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫‪ -2‬د سهيل حسُت الفتالكم‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.29 ،28‬‬

‫]‪[74‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬حرية الدين والرأي والتعبير‬
‫‪1‬‬
‫الر ْش ُد ِم َن الْغَ ِّي ﴾ (البقرة ‪.)256‬‬
‫لقولو تعاىل‪ ﴿ :‬ال إِ ْك َر َاه فِي الدِّي ِن قَ ْد تَبَ يَّ َن ُّ‬
‫ض وا ْختِ َال ِ‬
‫ف اللَّْي ِل‬ ‫أما حرية الرأم التعبَت فقد جاءت يف قولو تعاىل ﴿ إِ َّن فِي َخل ِْق َّ ِ‬
‫الس َم َاوات َو ْاأل َْر ِ َ‬
‫ين يَ ْذ ُك ُرو َن اللَّوَ قِيَاماً َوقُعُوداً َو َعلَى ُجنُوبِ ِه ْم َويَتَ َف َّك ُرو َن فِي َخل ِْق‬ ‫ات ِألُولِي ْاألَلْب ِ َّ ِ‬ ‫والنَّها ِر ََلَي ٍ‬
‫اب * الذ َ‬‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اب النَّا ِر ﴾ (آؿ عمراف ‪)191‬‬ ‫اطالً سبحانَ َ ِ‬ ‫ت ى َذا ب ِ‬ ‫السماو ِ‬
‫ات َو ْاأل َْر ِ‬
‫ك فَقنَا َع َذ َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ض َربَّنَا َما َخلَ ْق َ َ َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫‪2‬‬
‫كقوؿ النيب ص‪ ﴿ :‬تفكر ساعة خير من عبادة سنة﴾‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الحق في الحياة‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫َج ِل ََٰذلِ َ‬ ‫ِ‬


‫يل أَنَّوُ‬
‫ك َكتَْب نَا َعلَ َٰى بَني إ ْس َرائ َ‬ ‫حرـ اإلسالـ قتل النفس ضباية ؽبا لقولو تعاىل‪ ﴿ :‬م ْن أ ْ‬
‫َحيَا‬‫اىا فَ َكأَنَّ َما أ ْ‬ ‫َّاس َج ِم ًيعا َوَم ْن أ ْ‬
‫َحيَ َ‬ ‫ض فَ َكأَنَّ َما قَ تَ َل الن َ‬ ‫اد فِي ْاأل َْر ِ‬ ‫س أَو فَس ٍ‬ ‫َمن قَ تَل نَ ْف ِ‬
‫سا بغَْي ِر نَ ْف ٍ ْ َ‬
‫َ ً‬
‫ض لَ ُم ْس ِرفُو َن﴾‬ ‫ك فِي ْاأل َْر ِ‬ ‫ات ثُ َّم إِ َّن َكثِ ًيرا ِّم ْن ُهم بَ ْع َد َٰذَلِ َ‬
‫النَّاس ج ِميعا ولََق ْد جاءتْ هم رسلُنَا بِالْب يِّ نَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ً َ َ َ ُ ْ ُُ‬
‫(اؼبائدة ‪ ، )32‬كىذا يتعلق بعالقة اؼبسلم مع غَته‪ ،‬ككذلك ضبى اهلل النفس من اإلنساف نفسو لقولو تعاىل‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫س ُك ْم إِ َّن اهلل َكا َن بِ ُك ْم َرِحيماً ﴾ (النساء ‪.)29‬‬
‫﴿ َوالَ تَ ْقتُ لُواْ أَن ُف َ‬

‫الفرع الخامس‪ :‬حق السالمة الجسدية‬

‫حرـ اإلسالـ كل أشكاؿ التعذيب أك أية كسيلة مهينة لكرامة اؼبسلم امتثاال لقوؿ الرسوؿ‬

‫ص ‪ ﴿ :‬ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيلو﴾‪،‬‬
‫كىذا عمر بن اػبطاب يقوؿ‪ ":‬ليس الرجل دبأموف على نفسو إف أصبتو أك أخفتو أك حبستو أف يقر على‬
‫نفسو"‪ ،‬كقولو أيضا‪ ":‬ألف أعطل حدكد اهلل يف الشبهات خَت من أف أقيمها يف الشبهات"‪.‬‬

‫بل ذىب صبهور الفقهاء إىل عدـ جواز ربليف اؼبتهم اليمُت ؼبا يف ذلك من احتماؿ تعريضو للكذب‬
‫كليمُت الغموس أك أف يفضح نفسو‪ ،‬حيث سئل عبد اهلل بن عمر عن رجل اعًتؼ بارتكاب سرقة‬

‫‪ -1‬د سهيل حسُت الفتالكم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31 ،30‬‬


‫‪ -2‬د سهيل حسُت الفتالكم‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.32 ،31‬‬
‫‪ -3‬د سهيل حسُت الفتالكم‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.33 ،32‬‬

‫]‪[75‬‬
‫فقاؿ‪ ":‬ال يقطع فإنو إمبا أقر بعد ضربو"‪ ،‬كقوؿ عمر بن اػبطاب أليب موسى األشعرم بعد أف شكاه‬
‫من أُهتم بشرب اػبمر كأقاموا عليو عقوبة اغبد كحلق الشعر كتسويد الوجو كىجر الناس لو‪ ،‬فقاؿ ـباطبا‬
‫إياه‪ ":‬لئن عدت ألُسودف كجهك كألطوفن بك يف الناس كأمر بأف ينادل يف الناس للعود إىل ـبالطة‬
‫‪1‬‬
‫احملكوـ عليو"‪.‬‬

‫المبحث السابع‪ :‬مبدآ المشروعية والفصل بين السلطات‬

‫ال يكفي غبماية حقوؽ اإلنساف كطنيا أف يُرصد ؽبا فقط القانوف اعبنائي أك القانوف اؼبدين‪،‬‬
‫كلكن هبب ربريك عناصر الدعم ككل ما لو عالقة هبذه اغبقوؽ يف النظم االجتماعية اؼبمارسة يف اغبياة‬
‫‪2‬‬
‫اليومية العادية‪.‬‬

‫مع أف كثرة التشريعات ىي مقياس ؼبرحلة التنميط (‪ )La standardisation‬كانعكاس‬


‫ؽبا‪ 3،‬لكن ال يبكن ضباية حقوؽ اإلنساف من دكف توفَت ؾبموعة من اؼببادئ القانونية اؽبامة – تشريعا‬
‫كفعال‪ -‬كىي‪ :‬مبدأ اؼبشركعية‪ ،‬مبدأ الفصل بُت السلطات‪ ،‬مبدأ ظبو الدستور‪ ،‬مبدأ اؼبساكاة‪ ،‬كمبدأ‬
‫السيادة الشعبية‪ ،‬كألف ىناؾ مبدأين ال يبكن التنازؿ عنهما قيد أمبلة لتحقيق ؾبتمع يزخر باغبقوؽ‬
‫كاغبريات‪ ،‬كعلى أنبيتهما كاف ال بد من دراسة تفصيلية‪ ،‬كنبا مبدآ الشرعية كالفصل بُت السلطات كما‬
‫سيأيت يف ىذا اؼببحث من خالؿ اؼبطلبُت التاليُت‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مبدأ المشروعية‬

‫يعرؼ مبدأ اؼبشركعية بأنو‪ ":‬خضوع الدكلة بكافة سلطاهتا التشريعية كالقضائية كالتنفيذية‬
‫للقانوف"‪ ،‬كالبعض يتوسع يف التعريف ليشمل حىت تصرفات اؼبواطنُت كما يلي‪ ":‬احًتاـ اغبكاـ‬
‫كاحملكومُت لقواعد القانوف القائمة يف بلد ما كسرياهنا عليهم سواء يف عالقة األفراد بعضهم بعض‪ ،‬أـ يف‬
‫عالقات ىيئات الدكلة كمؤسساهتا‪ ،‬فاؼبشركعية تفًتض توافق التصرفات اليت تصدر عن سلطات الدكلة‬
‫كمواطنيها مع القواعد القانونية فيها"‪.‬‬

‫‪ -1‬د سهيل حسُت الفتالكم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34 ،33‬‬


‫‪ -2‬أنتوين ككديويس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -3‬أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.8‬‬

‫]‪[76‬‬
‫كجانب من الفقو هبعل من مصطلح" اؼبشركعية" موافقا ؼببدأ سيادة القانوف‪ ،‬بينما يرل الطرؼ‬
‫الثاين بأهنما غَت متطابقُت ألف القانوف ىو من صنع اإلنساف فال يعقل أف يتسيده كىو الذم أنشأه‪،‬‬
‫باإلضافة إىل أف ىناؾ دكال ذبعل السيادة للشعب كال يتصور أف يكوف سيدا كمسودا يف نفس الوقت‪،‬‬
‫كيرل آخركف أف اؼبشركعية ىي خضوع الدكلة للقانوف ضباية غبقوؽ األفراد من تغوؿ السلطة‪ ،‬أما‬
‫مصطلح" سيادة القانوف" فهو يف األصل فكرة سياسية ذبعل السلطة التشريعية يف موقع أعلى من‬
‫‪1‬‬
‫السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫كيعٍت أيضا مبدأ اؼبشركعية تدرج القواعد القانونية كتسلسلها من حيث القيمة القانونية فهي‬
‫ليست يف نفس اؼبرتبة‪ ،‬حيث أف الدستور يأيت أعلى ىذه القواعد قيمة مث التشريع العادم فالقواعد‬
‫القانونية العامة اليت سبثل اللوائح اليت تصدرىا السلطات اإلدارية إىل أف يصل ىذا التدرج إىل القاعدة‬
‫الفردية‪ ،‬كؽبذا "فالقاعدة األدىن ال تكوف نافذة كال مشركعة إال إذا صدرت يف حدكد الشكل كاؼبوضوع‬
‫‪2‬‬
‫احملدد ؽبا يف القاعدة األظبى" ‪.‬‬

‫يأيت مبدأ اؼبشركعية لتحقيق معٌت سيطرة أحكاـ القانوف بديال عن سيطرة إرادة اغباكم ربقيقا‬
‫كتثبيتا لفكرة اغبكومة اؼبقيدة‪ ،‬كأما صاحب السلطة اغبقيقي فهو الشعب لذا فالسلطات كاؽبيئات‬
‫‪3‬‬
‫اؼبنشأة دبوجب الدستور تعمل –يف األصل‪ -‬بتفويض من الشعب ال غَت‪.‬‬

‫فمبدأ اؼبشركعية ىو خضوع الدكلة للقانوف فبثلة بكافة سلطاهتا فال تعلو أم سلطة من‬
‫السلطات الثالث على القانوف‪ ،‬كهبمع الفقو بنسبة كبَتة على أف مبدا اؼبشركعية يعٍت سيادة حكم‬
‫القانوف‪ ،‬لكن "ثركت بدكم" يعترب أف مبدأ خضوع الدكلة للقانوف يقصد بو مصلحة األفراد كضماف‬
‫ضباية حقوقهم ذباه السلط ة كتقييدىا كىو أكثر اتساعا يف مدلولو من مبدأ سيادة القانوف الذم اعتربه‬
‫فكرة سياسية تتعلق بتنظيم السلطات يف الدكلة كباألخص ربديد اختصاصات السلطة التنفيذية ذباه‬
‫السلطة التشريعية فهو حسبو مفهوـ ضيق الستهدافو ربديد مهاـ السلطة اإلدارية بدقة يف الدكلة ربديدا‬

‫‪ -1‬د ىاين سليماف الطعيمات‪ ،‬حقوؽ اإلنساف كحرياتو األساسية‪ ،‬دار الشركؽ‪ ،‬بدكف بلد‪ ،2003 ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪ -2‬د حسن علي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -3‬د حسن علي‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.39 ،38‬‬

‫]‪[77‬‬
‫شك ليا ال غَت‪ ،‬كاعترب بأف مبدأ خضوع الدكلة للقانوف يصلح لكل األنظمة دبا فيها الدكتاتورية يف حُت‬
‫‪1‬‬
‫أف مبدأ سيادة القانوف ال يصلح إال لألنظمة الديبقراطية‪.‬‬

‫كيقوؿ االستاذ كرًن كشاكش أف‪ ":‬سيادة القانوف ليست ضمانا مطلوبا غبرية الفرد فحسب‪،‬‬
‫لكنها األساس الوحيد ؼبشركعية السلطة يف نفس الوقت‪ ،‬كعلى ذلك فإف حكم القانوف ما ىو إال عامال‬
‫مساعدا ألف فيو إصرار على أف تكوف ىناؾ حدكد لسلطات اغبكومة‪ ،‬كحبيث يكوف ىناؾ يقُت أف‬
‫‪2‬‬
‫الفرد سوؼ يتمتع حبريتو كيف أف ىبطط غبياتو"‪.‬‬

‫كقد نص اؼبشرع الدستورم دبوجب التعديل اعبديد رقم ‪ 01-16‬على اؼبشركعية صراحة يف‬
‫الفقرة (‪ )12‬من الديباجة كىذا خبالؼ التعديل الدستورم لسنة ‪ 1996‬كالذم نص يف الديباجة على‬
‫الشرعية‪ ،‬كىو تطور وبسب للتعديل اعبديد الذم حدد اؼبصطلح بدقة بالغة‪.‬‬

‫كيًتتب على مبدأ سيادة القانوف حسب الدستور اؼبعدؿ بالقانوف رقم ‪ 01-16‬ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أف ربظى القوانُت ك القرارات باالحًتاـ الالزـ من قبل السلطات‪ ،‬كال يتم إلغاؤىا أك تعديلها إال‬
‫دبراعاة اإلجراءات اؼبقررة طبقا ؼبا نصت عليو اؼبادتاف (‪ )74‬ك (‪.)208‬‬

‫‪ -2‬الدكلة ال تفرض قيودان على اغبقوؽ كاغبريات كإف قيدهتا بقيود فال يبكن إقرارىا إال من‬
‫طرؼ اجملالس النيابية اؼبنتخبة باعتبارىا فبثلة للشعب‪ ،‬فإف مل يقر فبثلو الشعب ىذه القيود فإهنا تكوف‬
‫ـبالفة للدستور‪ ،‬فبا يًتتب عليو بطالهنا كىذا ما جاءت بو نصوص اؼبواد(‪. )35 ،34 ،32‬‬

‫كقد يلحق دببدأ اؼبشركعية بعض التقييد يف الظركؼ االستثنائية اليت سبر هبا الدكلة فال شك أف‬
‫اؽبدؼ األظبى ىو ضباية سالمة الدكلة‪ ،‬حيث أف حالة الضركرة بدأت أكؿ األمر يف اجملاؿ اعبنائي مث‬
‫انتقلت بعد ذلك إىل القانوف اؼبدين كبقية القوانُت األخرل‪.‬‬

‫ككاف إعماؿ ىذه النظرية يف القانوف العاـ قد أثارا جدال أكثر من غَته من القوانُت ال سيما القانوف‬
‫الدستورم كاإلدارم‪ ،‬كيقوؿ خبصوص ذلك "بارسبلي"‪ ":‬إف العقل ينبغي أف يؤمن بأف مواجهة الظركؼ‬
‫االستثنائية ؽبا فائدة ؿبققة"‪ ،‬كيبن جهتو يرل "الطماكم" أنو يف الظركؼ غَت العادية يعترب القضاء أم‬

‫‪ -1‬د كرًن يوسف أضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.379 ،378‬‬
‫‪ -2‬د كرًن يوسف أضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.380‬‬

‫]‪[78‬‬
‫قرار غَت مشركع دبثابة القرار اؼبشركع بشرط أف يكوف ازباذ ىذه التدابَت ىو الوسيلة الوحيدة غبماية‬
‫النظاـ العاـ‪ ،‬كؾبلس الدكلة الفرنسي حسبو استند إىل حجة أخرل كىي أنو يعتربىا من النتائج اؼبباشرة‬
‫لضركرة انتظاـ سَت اؼبرفق العاـ‪ ،‬كيقوؿ " وبي اعبمل" يف ىذا الشأف"‪ :‬أنو كلما كجدت الدكلة يف كضع‬
‫ال تستطيع فيو أف تواجو أخطارا معينة‪ ،‬سواء كاف مصدرىا داخليا أك خارجيا إال بالتضحية باإلعتبارات‬
‫الدستورية اليت ال يبكن أك يفًتض أنو ال يبكن ذباكزىا يف األكضاع العادية‪ ،‬أما تلك األخطار اليت‬
‫تواجهها ىذه النظرية يف النطاؽ الدستورم فتحددىا طبيعة ما يعاعبو ذلك النطاؽ أك بعبارة أخرل شكل‬
‫الدكلة كتوزيع السلطات كحريات األفراد"‪.‬‬

‫كيعتقد "ىوريو" أف ازباذ اإلجراءات االستثنائية حىت كلو كانت غَت مشركعة إجراء مباح قياسا مع حالة‬
‫‪1‬‬
‫الضركرة اؼبوجبة للدفاع الشرعي يف ظل القانوف اعبنائي‪.‬‬

‫كمن شركط اعتماد نظَتة الضركرة (الظركؼ االستثنائية) ما يلي‪:‬‬

‫ضباية الدكلة من أم خطر يهدد النظاـ العاـ فيها كأف يكوف اػبطر جسيما كدانبا أك‬ ‫‪-1‬‬
‫حاال‪.‬‬
‫ازباذ اإلجراءات االستثنائية بقدر حالة الضركرة كينبغي أف تقدر بقدرىا كأال تتعدل إىل‬ ‫‪-2‬‬
‫‪2‬‬
‫التضييق على اغبريات بسبب كبغَت سبب‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الفصل بين السلطات‬

‫الفصل بُت السلطات ىو أف سبارس كل سلطة اختصاصاهتا بشكل مستقل عن السلطة األخرل‬
‫لكن بشكل مرف يطبعو التعاكف بُت ىذه السلطات ضباية غبقوؽ األفراد كحرياهتم‪.‬‬

‫كالفصل هبذا الشكل لو معنيُت‪ :‬معٌت قانوين كآخر سياسي‪ ،‬فاؼبعٌت القانوين يدكر حوؿ طبيعة العالقة‬
‫بُت السلطات اؼبختلفة يف الدكلة الواحد ة‪ ،‬أما اؼبعٌت السياسي فيقصد بو عدـ تركيز سلطات الدكلة يف‬
‫‪3‬‬
‫يد شخص أك ىيئة كاحدة‪.‬‬

‫‪ -1‬د حسن علي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.46 ،43 ،42‬‬


‫‪ -2‬د حسن علي‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.48 ،47‬‬
‫‪ -3‬د ىاين سليماف الطعيمات‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.341‬‬

‫]‪[79‬‬
‫كيرجع السبب اغبقيقي يف ظهور مبدأ الفصل بُت السلطات يف أكربا إباف العصور الوسطى إىل‬
‫التحكمية كاالستبداد اؼبطلق للحكاـ فػمثال " آؿ ستيوارت" يف اقبلًتا الذين ملكوا زماـ السلطات‬
‫الثالث حبجة اغبق اإلؽبي للملك باعتباره فبثال لإللو يف األرض‪ ،‬كنفس األمر يف فرنسا حيث بلغ‬
‫االستبداد أكجو ما دفع باؼبلك "لويس ‪ "14‬للقوؿ‪ ":‬أنا الدكلة"‪ ،‬األمر الذم دفع إىل فكرة قياـ ثورة‬
‫فكرية يف القرنيُت ‪ 18 ،17‬ضد السلطاف اؼبطلق للملوؾ كاغبكاـ‪.‬‬

‫كقد ألف "لوؾ" كتاب " اغبكومة اؼبدنية" سنة ‪ 1960‬كنادل بضركرة الفصل بُت السلطات‬
‫لكن اؼببدأ ارتبط أكثر بالفرنسي " مونتيسكيو" من خالؿ كتابو " ركح القوانُت" عاـ ‪ ،1748‬حيث‬
‫اعترب أف كل من يبلك السلطة فهو بطبعو سيسيئ استعماؽبا كىذا ما يؤدم إىل انتقاص يف اغبقوؽ‬
‫كاغبريات كفبا قالو يف ىذا الشأف‪ ":‬كال تكوف ىناؾ حرية إذا ما اجتمعت السلطة التشريعية كالسلطة‬
‫التنفيذية يف شخص كاحد أك يف يد ىيئة حاكمة كاحدة‪ ،‬كذلك ألنو ىبشى أف يضع رئيس الدكلة نفسو‬
‫قوانُت جائرة لتنفيذىا تنفيذا جا ئرا‪ ،‬ككذلك ال تقوـ قائمة للحرية إذا مل يتم فصل سلطة القضاء عن‬
‫السلطة التشريعية كالتنفيذية‪ ،‬كإذا كانت متحدة بالسلطة التشريعية كاف السلطاف على اغبياة كحرية الناس‬
‫مزاجيا‪ ،‬كذلك ألف القاضي يصبح مشرعا‪ ،‬كإذا كانت متحدة بالسلطة التنفيذية أمكن القاضي أف‬
‫يصبح صاحبا لقدرة الشخص الظامل‪ ،‬ككل شيء يضيع إذا مارس نفس الرجل أك ىيئة األعياف أك‬
‫األشراؼ أك الشعب ىذه السلطات الثالث‪ ،‬سلطة كضع القوانُت‪ ،‬كسلطة تنفيذىا‪ ،‬كسلطة القضاء يف‬
‫‪1‬‬
‫اعبرائم أك يف خصومات األفراد"‪.‬‬

‫كيعود الفضل إىل "مونتيسكيو" يف كتابو " ركح القوانُت" يف التأصيل القوم لنظرية الفصل بُت‬
‫السلطات حيث كانت العبارة الشهَتة لو " السلطة ربد السلطة" من أقول ما ىو متداكؿ إىل يومنا ىذا‬
‫حيث يقوؿ‪:‬‬

‫‪(La liberté publique se trouve que dans les gouvernements modérés……elle‬‬


‫‪n’y est que lorsqu’on n’abouse pas du pouvoir, mais c’est une expérience‬‬
‫‪éternelle que tout abuse, il y vu jusqu’à ce qu’il trouve de limites….pour‬‬

‫‪ -1‬د ىاين سليماف الطعيمات‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.343 ،342‬‬

‫]‪[80‬‬
‫‪qu’on ne puisse abuser du pouvoir : il faut que parler dispositions naturelles‬‬
‫‪1‬‬
‫‪des choses: le pouvoir arrêt le pouvoir).‬‬

‫كؽبذا يعترب "مونتيسكيو" ىو صاحب نظرية الفصل بُت السلطات كليس " لوؾ" حيث أف ىذا‬
‫األخَت اعترب أف السلطة التنفيذية صاحبة السبق كأغبق هبا السلطة القضائية كنوع‪ ،‬أم أف ىذه السلطة‬
‫ىي جزء من السلطة التنفيذية‪ ،‬بينما "مونتيسكيو" فقد ميز بُت السلطات الثالث كاعترب السلطة‬
‫القضائية سلطة مستقل ة كقائمة بذاهتا كاعتربىا ىامة‪ ،‬كحسبو إذا ما أسيء استعماؿ أم سلطة فإنو هبب‬
‫‪2‬‬
‫الرجوع إىل احملكمة‪.‬‬

‫يقوؿ الفقيو اإلقبليزم" بالكستوف ‪ "Blackstone‬دعما لفكرة استقالؿ السلطات‪ ":‬عندما‬


‫يعهد حبق سن القانوف كتنفيذه لنفس الشخص أك نفس اؽبيئة لن تقوـ للحرية قائمة‪ ،‬ألف اغباكم هبوز‬
‫أف يسن قوانُت ظاؼبة كينفذىا بطريقة طاغية ألنو ىو الذم يبارس العدالة‪ ،‬كىو يف ذات الوقت الذم‬
‫هبمع بُت يديو سلطة التشريع فيشرع على ىواه‪ ،‬كيف حالة اعبمع بُت السلطتُت القضائية كالتشريعية فإف‬
‫حياة كحرية كفبتلكات اؼبواطن تصبح بُت يدم قضاة متحكمُت كأحكامهم ال رقيب عليها إال بآرائهم‬
‫كال زبضع إذف ؼببادئ القانوف األساسية‪ ،‬كحىت لو اكبرؼ اؼبشرعوف عنها إال أف القضاة ملزموف برعاية‬
‫القانوف‪ ،‬أما إذا اندؾبت السلطة القضائية يف السلطة التنفيذية فإف ىذا االندماج قد ىبل من سلطة‬
‫‪3‬‬
‫التشريع"‪.‬‬

‫كتنص اؼبادة (‪ )16‬من إعالف حقوؽ اإلنساف كاؼبواطن (‪ )1789‬على ‪ ":‬إف كل صباعة‬
‫سياسية ال تأخذ دببدأ الفصل بُت السلطات كال توفر الضمانات األساسية للحقوؽ كاغبريات العامة ىي‬
‫‪4‬‬
‫صباعة بغَت دستور"‪.‬‬

‫كبالنظر إىل التعديل الدستورم األخَت رقم ‪ 01-16‬فإنو أشار صراحة إىل مبدأ الفصل بُت‬
‫السلطات دبوجب الفقرة (‪ )13‬من الديباجة‪ ":‬يكفل الدستور الفصل بُت السلطات كاستقالؿ العدالة‬
‫كاغبماية القانونية كرقابة عمل السلطات العمومية يف ؾبتمع تسوده الشرعية‪ ،‬كيتحقق فيو تفتح اإلنساف‬

‫‪ -1‬د حسن علي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬


‫‪ -2‬د كرًن يوسف ألضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.399 ،398‬‬
‫‪ -3‬د كرًن يوسف ألضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.405 ،404‬‬
‫‪ -4‬د كرًن يوسف ألضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.402‬‬

‫]‪[81‬‬
‫بكل أبعاده"‪ ،‬أما الفصل بُت السلطات بشكل عملي قبده ؾبسدا يف الباب الثاين ‪ ":‬تنظيم‬
‫السلطات"‪.‬‬

‫كالنظاـ الربؼباين ىو أحسن نظاـ يف الفصل بُت السلطات فال ىو يؤدم إىل الفصل التاـ‬
‫كاؼبطلق كال إىل النقيض من ذلك كاالندماج التاـ‪ ،‬كىذا النظاـ يبثل الفصل بُت السلطات الثالث مع‬
‫‪1‬‬
‫ضماف التعاكف كالتنسيق فيما بينها يف اآلف ذاتو‪.‬‬

‫كالفصل اؼبرغوب فيو ال ينبغي تطبيقو بشكل جامد كمطلق فالتجارب أثبتت أف ىذا لن يؤدم‬
‫إىل النتائج اؼبطلوبة‪ ،‬فحرية الشعب ال تستقيم مع ىذا الفصل اؼبطلق بُت السلطات كإمبا تعتمد على‬
‫‪2‬‬
‫الفصل اؼبتوازف كاؼبرف‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫األكيد أف حقوؽ اإلنساف ‪ -‬على الرغم من خلفيتها الغربية‪ -‬أصبحت كسيلة لقياس مدل‬
‫ربضر الدكؿ سواء كاف ذلك من خالؿ أثر التشريع يف ضبايتها أك من خالؿ اؼبمارسة الفعلية على أرض‬
‫الواقع‪ ،‬إضافة أف حقوؽ اإلنساف أصبحت مطية للدكؿ الكربل تتخذىا ذريعة ألجل التدخل يف الشؤكف‬
‫الداخلية للدكؿ يف ؿباكلة منها البتزاز ىذه األخَتة قدر اإلمكاف‪.‬‬

‫لذلك ال بد من تذكر أف حقوؽ اإلنساف ربما مغالطات عدة فهي مل تنجح حىت يف الغرب‪،‬‬
‫كخصوصا يف الواليات اؼبتحدة األمريكية صاحبة النسق األعلى يف تسريع كتَتة اغبقوؽ يف القرف ‪20‬‬
‫نظرا لضيق اؼبفهوـ األمريكي للحقوؽ‪.‬‬

‫كاعبزائر مل تكن بعيدة عن ىذا اؼبعًتؾ حيث أهنا حاكلت مسايرة ىذا الركب العاؼبي من خالؿ‬
‫ربيُت القوانُت كضبطها بل كصل األمر حىت تعطيل بعض األحكاـ القانونية – منها النطق بعقوبة‬
‫اإلعداـ كعدـ تنفيذىا‪ -‬اتساقا مع عقارب الساعة الكونية‪ ،‬كبالرغم من ذلك فإف بلدنا مل يسلم من‬
‫انتقادات التقارير اليت تصدرىا اؼبنظمات غَت اغبكومية كحىت التقارير السنوية لوزارة اػبارجية االمريكية‬
‫كاليت تؤكد يف كل مرة على أف اعبزائر بلد ينتهك حقوؽ اإلنساف كيضيق على اغبريات‪ ،‬كإف كانت ىذه‬

‫‪ -1‬د كرًن يوسف ألضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.403‬‬


‫‪ -2‬د كرًن يوسف ألضبد كشاكش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.405‬‬

‫]‪[82‬‬
‫التقارير يف أغلب األمر منافية للحقيقة ألسباب تتعلق بالسياسة الدكلية اليت يشرؼ عليها النظاـ العاؼبي‬
‫اعبديد‪.‬‬

‫لكن ينبغي التذكَت أيضا بأف اغبماية اؼبقررة للمواطن اعبزائرم تعزكىا آليات فعالة‪ ،‬فالقضاء مثال‬
‫مل يستطع مسايرة العدالة الفعالة الناجعة كالناجزة‪ ،‬كاؽبيئات الوطنية اؼبكلفة حبماية حقوؽ اإلنساف على‬
‫اختالفها ال سبلك أية آلية مؤثرة للذكد عن ىذه اغبقوؽ كاغبريات‪ ،‬كما أف القانوف – العاـ كاػباص‪ -‬يف‬
‫حد ذاتو وبتاج إىل تعديل كتنسيق فيما بينو كالدستور‪.‬‬

‫]‪[83‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫د أضبد أبو الوفا‪ ،‬اغبماية الدكلية غبقوؽ اإلنساف يف إطار منظمة األمم اؼبتحدة كالوكاالت الدكلية‬
‫اؼبتخصصة‪ ،‬دار النهضة العربية القاىرة مصر‪ ،‬ط ‪.2000 ،1‬‬

‫أضبد البخارم‪ ،‬أمينة جرباف‪ ،‬اغبريات العامة كحقوؽ اإلنساف‪ ،‬دار كليلي للطباعة كالنشر‪ ،‬مراكش‬
‫اؼبغرب‪ ،‬بدكف تاريخ‪.‬‬

‫أد أضبد عبد الكرًن سالمة كمن معو‪ ،‬حقوؽ اإلنساف كأخالقيات اؼبهنة دراسة يف القوانُت اؼبصرية‬
‫كاؼبواثيق الدكلية‪ ،‬جامعة حلواف مصر‪ ،‬بدكف تاريخ نشر‪.‬‬

‫د الشافعي ؿبمد بشَت‪ ،‬قانوف حقوؽ اإلنساف‪ ،‬مكتبة اعبالء اعبديدة باؼبنصورة مصر‪ ،‬بدكف تاريخ‪.‬‬

‫انتوين ككديويس‪ ،‬حقوؽ األنساف من منظور عصرم‪ ،‬ترصبة ؿبمد أضبد اؼبغريب ‪ ،‬دار الفجر للنشر‬
‫كالتوزيع‪ ،‬القاىرة مصر‪ ،‬الطبعة ‪.2007 ،1‬‬

‫د ثركت عبد العاؿ أضبد‪ ،‬اغبماية القانونية للحريات بُت النص كالتطبيق‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‬
‫مصر‪.1999 ،‬‬

‫د جعفر عبد السالـ علي‪ ،‬القانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬دار الكتاب اؼبصرم القاىرة‪ ،‬دار الكتاب‬
‫اللبناين بَتكت‪ ،‬ط ‪.1999 ،1‬‬

‫د حسن علي‪ ،‬حقوؽ اإلنساف‪ ،‬ككالة اؼبطبوعات الكويت‪ ،‬بدكف تاريخ نشر‪.‬‬

‫د سهيل حسُت الفتالكم‪ ،‬حقوؽ اإلنساف‪ ،‬دار الثقافة األردف‪2007 ،‬‬

‫د عبد العزيز العشاكم‪ ،‬حقوؽ اإلنساف يف القانوف الدكيل‪ ،‬دار اػبلدكنية‪ ،‬اعبزائر‪.2009 ،‬‬

‫د عيسى بَتـ‪ ،‬اغبريات العامة كحقوؽ اإلنساف بُت النص كالواقع‪ ،‬دار اؼبنها اللبناين‪ ،‬بَتكت لبناف‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.1998‬‬

‫د غازم حسن صباريٍت‪ ،‬الوجيز يف حقوؽ اإلنساف كحرياتو األساسية‪ ،‬مكتبة دار الثقافة عماف األردف‪،‬‬
‫‪.1995‬‬
‫]‪[84‬‬
‫د كامل السعيد‪ ،‬د منذر الفضل‪ ،‬مبادئ القانوف كحقوؽ اإلنساف‪ ،‬الشركة العربية اؼبتحدة للتسويق‬
‫كالتوريدات‪ ،‬القاىرة مصر‪ ،‬ط‪.2013 ،1‬‬

‫د كرًن يوسف أضبد كشاكش‪ ،‬اغبريات العامة يف األنظمة السياسية اؼبعاصرة‪ ،‬منشأة اؼبعارؼ‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.1987 ،‬‬

‫د‪ .‬ؿبسن العبودم‪ ،‬اغبريات االجتماعية بُت النظم اؼبعاصرة كالفكر السياسي اإلسالمي‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬مصر‪.1990 ،‬‬

‫د ؿبمد سعيد ؾبذكب‪ ،‬اغبريات العامة كحقوؽ اإلنساف‪ ،‬بدكف دار كال تاريخ نشر‪.‬‬

‫د ؿبمد مصباح عيسى‪ ،‬حقوؽ اإلنساف يف العامل اؼبعاصر‪ ،‬دار أكاكوس‪ ،‬دار الركاد‪ ،‬بدكف بلد كتاريخ‬
‫نشر‪.‬‬

‫د ؿبمد يوسف علواف ‪ ،‬د ؿبمد خليل اؼبوسى‪ ،‬القانوف الدكيل غبقوؽ اإلنساف اؼبصادر ككسائل الرقابة‪،‬‬
‫اعبزء ‪ ،1‬دار الثقافة عماف األردف‪.2009 ،‬‬

‫د ىاين سليماف الطعيمات‪ ،‬حقوؽ اإلنساف كحرياتو األساسية‪ ،‬دار الشركؽ‪ ،‬بدكف بلد‪.2003 ،‬‬

‫المجالت والدوريات‪:‬‬

‫أد صالح الدين عامر‪ ،‬اغبماية الدكلية غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬حبث كرد يف " دراسات يف حقوؽ اإلنساف يف‬
‫الشريعة اإلسالمية كالقانوف اؼبصرم"‪ ،‬ربت إشراؼ أد فتحي سركر‪ ،‬أد سعاد زكي الشرقاكم‪ ،‬أد يوسف‬
‫ؿبمود قاسم‪ ،‬أد صالح الدين عامر‪ ،‬مت إعداد ىذا اؼبشركع بالتعاكف بُت كلية اغبقوؽ جبامعة القاىرة‬
‫كمنظمة األمم اؼبتحدة للًتبية كالعلوـ كالثقافة (اليونسكو)‪.1983 ،‬‬

‫مواقع إلكترونية‪:‬‬

‫مأخوذ من صفحة مكتب اؼبفوض السامي غبقوؽ اإلنساف على الشبكة العنكبوتية‪،‬‬
‫‪ ،http://www.ohchr.org/AR/Pages/Home.aspx‬تاريخ النظر‬
‫‪09:25 ،2017/09/13‬‬

‫]‪[85‬‬
‫الفهرس‪:‬‬

‫مقدمة‪11................................................................................................................ ..:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماىية حقوق اإلنسان‪12................................................................................... .‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف حقوق اإلنسان والحريات العامة‪12...................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طبيعة حقوق اإلنسان ‪17....................................................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العالقة بين حقوق اإلنسان والحريات العامة ‪11.............................................................‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬حقيقة حقوق اإلنسان والحريات العامة‪14....................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التطور التاريخي لحقوق اإلنسان ‪18.........................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة الحقوق والحريات في الغرب القديم ‪18................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحقوق والحريات في اليونان القديمة‪18...................................................................... .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحقوق والحريات عند الرومان‪19............................................................................. .‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحقوق والحريات في ظل الحضارات العربية القديمة‪19......................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬بداية عهد إعالنات الحقوق‪21.............................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وثائق حقوق اإلنسان في المملكة المتحدة ‪22.................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إعالنات الحقوق األمريكية ‪23................................................................................ .‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬إعالن حقوق اإلنسان والمواطن في فرنسا‪24..................................................................‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تمييز حقوق اإلنسان عما يشابهها من مصطلحات‪27........................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حقوق االنسان والقانون الدولي اإلنساني‪27..................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حقوق اإلنسان والتدخل اإلنساني ‪32....................................................................... .‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الحماية الدبلوماسية وحقوق اإلنسان‪34.....................................................................‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬الحرية والسلطة ‪36.........................................................................................‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬تشكل المنظمات الدولية المهتمة بحماية حقوق اإلنسان‪39..................................................‬‬

‫]‪[86‬‬
‫المطلب األول‪ :‬عصبة األمم وحقوق اإلنسان‪39.............................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬منظمة العمل الدولية‪41................................................................................... ..‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬إنشاء ىيئة األمم المتحدة بداية التأريخ لحقوق اإلنسان الحديثة‪41...........................................‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬حماية حقوق اإلنسان في إطار نظام األمم المتحدة‪43........................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التحقيق في انتهاكات حقوق اإلنسان‪43....................................................................... .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مساىمة المجلس االقتصادي واالجتماعي في حماية حقوق اإلنسان‪44..........................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬لجنة حقوق اإلنسان‪45.......................................................................................‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬مفوض األمم المتحدة السامي لحقوق اإلنسان‪48...............................................................‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬دور الجمعية العامة في حماية حقوق اإلنسان‪51.............................................................‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬القضاء الدولي وحقوق اإلنسان‪53....................................................................... ...‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬الوثائق الدولية الناظمة لحقوق اإلنسان ومصادرىا‪56......................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ميثاق األمم المتحدة‪56................................................................................... ..‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪57..........................................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العهدان الدوليان للحقوق‪61............................................................................. ..‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مصادر حقوق اإلنسان‪63.................................................................................. .‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المعاىدات‪64.............................................................................................. ..‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العرف‪64....................................................................... ..............................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬المبادئ العامة للقانون‪64.................................................................................... .‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬قرارات المنظمات الدولية‪65...................................................................................‬‬

‫المبحث السادس‪ :‬أىم التقسيمات والحقوق‪65........................................................................... ...‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تقسيمات الحقوق والحريات‪65.............................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أىم الحقوق المعترف بها عالميا ‪71..........................................................................‬‬

‫]‪[87‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حق الملكية‪71............................................................................................... .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حرية التعبير‪71............................................................................................... .‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حق األمن‪72...................................................................................... ...........‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الحق في المسكن وحمايتو‪72............................................................................... ...‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬حرية التنقل ‪73......................................................................... ....................‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬سرية المراسالت‪73........................................................................................ .‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حقوق اإلنسان في اإلسالم‪74..............................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حق تقرير المصير‪74......................................................................................... .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إقرار السالم‪74...............................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حرية الدين والرأي والتعبير‪75................................................................................ .‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الحق في الحياة‪75.......................................................................................... ..‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬حق السالمة الجسدية‪75...................................................................................‬‬

‫المبحث السابع‪ :‬مبدآ المشروعية والفصل بين السلطات‪76.................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مبدأ المشروعية‪76.........................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الفصل بين السلطات‪79.................................................................................. ..‬‬

‫خاسبة‪82................................................................................................................ ..‬‬

‫قائمة المراجع‪84....................................................................... ....................................‬‬

‫الفهرس‪86................................................................................................................ .‬‬

‫]‪[88‬‬

You might also like