Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 188

‫الوطنية‬

‫ّ‬ ‫جامعة الّنجاح‬


‫كلية الدراسات العليا‬

‫أحكام الطير في الفقه‬


‫اإلسالمي‬

‫إعداد‬
‫مرسي عدنان مصطفى جابر‬

‫إشراف‬
‫د‪ .‬عبد هللا جميل أبو وهدان‬

‫قدمت هذه األطروحة استكماالً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الفقه والتشريع‬
‫الوطنية في نابلس‪ ،‬فلسطين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بكلية الدراسات العليا في جامعة الّنجاح‬
‫ّ‬
‫‪2020‬م‬
‫أحكام الطير في الفقه‬
‫اإلسالمي‬
‫إعداد‬
‫مرسي عدنان مصطفى جابر‬

‫نوقشت هذه األطروحة بتاريخ ‪2020/07/29‬م‪ ،‬وأجيزت‪.‬‬

‫التوقيع‬ ‫أعضاء لجنة المناقشة‬

‫‪...................‬‬ ‫‪ .1‬د‪ .‬عبد هللا أبو وهدان ‪ /‬مشرفاً ورئيساً‬

‫‪...................‬‬ ‫‪ .2‬د‪ .‬جمال عبد الجليل‪ /‬ممتحناً خارجياً‬

‫‪...................‬‬ ‫‪ .3‬د‪ .‬مأمون الرفاعي ‪ /‬ممتحناً داخلياً‬


‫ب‬
‫اإلهداء‬
‫ِ‬
‫صاحبة‬ ‫الدي الحبيبين أمي وأبي اّللذين ربياني وغرسا في حب الدين‪ ،‬إلى أمي‬
‫ّ‬ ‫إلى و ّ‬
‫وجل‪.‬‬
‫الفضل العظيم بعد هللا عز َّ‬
‫ّ‬

‫الشدة والرخاء ووقفت معي بكل جهدها‪.‬‬


‫إلى زوجتي الحبيبة التي ساندتني في ّ‬

‫إلى مشايخنا وعلمائنا أصحاب الفضل والعطاء‪.‬‬

‫ج‬
‫شكر وتقدير‬
‫ِ‬
‫وقوله "وكن من الشاكرين"‪،2‬‬ ‫فحدث"‬ ‫ِ‬
‫بك ّ‬‫الحمد هلل تعالى القائل في كتابه "وأما بنعمة ر َ‬
‫‪1‬‬

‫أحمد هللا العلي القدير على توفيقه لي فله الفضل والثناء والشكر على أن وفقني إلتمام‬
‫ّ‬
‫ومدني بالقوة والصبر والعطاء من‬
‫علي نعمته ّ‬ ‫هذه الرسالة‪ ،‬فاهلل أشكر على أن أتم‬
‫ّ ّ‬
‫أجل إكمال متطلبات هذه الرسالة‪.‬‬

‫كما أتقدم بجزيل الشكر والعرفان إلى استاذي وشيخي الدكتور عبد هللا أبي وهدان‬
‫الذي أشرف على رسالتي ورافقني منذ البداية حتى النهاية‪ ،‬ولم يبخل علي من وقته‬
‫ّ‬
‫أسال‬
‫الثمين‪ ،‬وعلى توجيهاته وإرشاداته التي كان لها الوقع الهادف في كتابة الرسالة‪ .‬ف ُ‬
‫خير وأن يبارك في عمره وعلمه‪.‬‬
‫هللا أن يجزيه ًا‬

‫عضوي لجنة المناقشة‪ :‬فضيلة الدكتور مأمون‬


‫ّ‬ ‫كما أتقدم بجزيل الشكر والعرفان ل‬
‫الرفاعي وفضيلة الدكتور جمال عبد الجليل على قبولهم مناقشة رسالتي‪ .‬فجزاهم هللا‬
‫كل خير‪.‬‬

‫ومدني بمالحظات هنا‬


‫النصح واإلرشاد ّ‬
‫كما أشكر كل من دعمني ووجهني وأبدى لي ّ‬
‫وهناك إلتمام هذا العمل‪ ،‬ومن وجهني إلى مصادر المعلومات ومن عمل على إخراج‬
‫الرسالة بصورتها النهائية فجزاهم هللا كل ٍ‬
‫خير ووفقهم لخدمة الدين‪.‬‬

‫وأسال هللا العلي العظيم أن يوفقني ويبارك لي في عملي‪ ،‬وأن يغفر لي على ما كان‬
‫من تقصير أو نسيان‪ .‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫سورة الضحى اآلية ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة األعراف اآلية ‪.168‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‬
‫اإلقرار‬

‫مقدم الرسالة التي تحمل العنوان‪:‬‬


‫أنا الموقع أدناه‪ّ ،‬‬

‫أحكام الطير في الفقه‬


‫اإلسالمي‬
‫أقر بأن ما اشتملت عليه هذه الرسالة إنما هو نتاج جهدي الخاص‪ ،‬باستثناء ما تمت اإلشارة إليه‬
‫قدم من قبل لنيل أي درجة علمية أو بحث‬
‫حيثما ورد‪ ،‬وأن هذه الرسالة كاملة‪ ،‬أو أي جزء منها لم ُي ّ‬
‫علمي أو بحثي لدى أي مؤسسة تعليمية أو بحثية أُخرى‪.‬‬

‫‪Declaration‬‬

‫‪The work provided in this thesis, unless otherwise referenced, is the‬‬

‫‪researcher's own work, and has not been submitted elsewhere for any other‬‬
‫‪degree or qualification.‬‬

‫‪Student's name:‬‬ ‫اسم الطالب‪ :‬مرسي عدنان مصطفى جابر‬

‫‪Signature:‬‬ ‫التوقيع‪:‬‬

‫‪Date:‬‬ ‫التااريخ‪2020 / 7 / 27 :‬‬

‫ه‬
‫فهرس المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫ج‬ ‫اإلهداء‬
‫د‬ ‫الشكر والتقدير‬
‫ه‬ ‫اإلقرار‬
‫و‬ ‫فهرس المحتويات‬
‫ط‬ ‫الملخص‬
‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪9‬‬ ‫الفصل التمهيدي‬
‫‪10‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الحكم الفقهي‬
‫‪10‬‬ ‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫لغة و‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الحكم ً‬
‫‪24‬‬ ‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫لغة و‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الفقه ً‬
‫‪28‬‬ ‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫لغة و‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تعريف األحكام الفقهية ً‬
‫‪30‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف الطيور وأنواعها وأقسامها‬
‫‪30‬‬ ‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫لغة و‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الطير ً‬
‫‪32‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الطيور وأقسامها‬
‫‪39‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬أحكام الطيور في الطهارات والصيد‬
‫‪40‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أحكام الطيور في الطهارة‬
‫‪40‬‬ ‫المطلب األول‪َ :‬ذرق الطيور الجارحة وغير الجارحة‬
‫‪46‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حكم سؤر الطيور الجارحة وغير الجارحة‬
‫‪50‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أحكام دماء الطيور‬
‫‪52‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬أحكام ريش الطيور‬
‫‪62‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬حكم صيد الطيور‬
‫‪62‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬األحكام المتعلقة بصيد الطيور‬
‫‪63‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صيد الطيور بأدوات الصيد‬
‫‪73‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬صيد الطيور بواسطة حيوانات الصيد‬
‫‪76‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬أحكام ذكاة الطيور‬
‫‪79‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬صيد الطيور لغير حاجة‬

‫و‬
‫‪81‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬صيد الطير في الحرم ووقت اإلحرام‬
‫‪81‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬حكم صيد الطيور في الحرم للمحرم وغير المحرم‬
‫‪85‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صيد الطير الطافي على الماء للمحرم‬
‫‪86‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬صيد الطير في األشهر الحرم‬
‫‪87‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬صيد الطير في وقت التكاثر‬
‫‪89‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬أحكام الطيور في المعامالت‬
‫‪90‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أحكام بيع الطيور‬
‫‪90‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬بيع الطيور الجارحة وغير الجارحة‬
‫‪91‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬بيع الطيور من أجل الزينة‬
‫‪96‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬بيع الطيور المحرمة أكلها‬
‫‪97‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬بيع الطيور بالطيور‬
‫‪99‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬األحكام المالية في الطيور‬
‫‪99‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬زكاة الطيور‬
‫‪99‬‬ ‫المعدة للتجارة‬
‫ّ‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬زكاة الطيور‬
‫‪100‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬ضمان ما أتلفه الطير‬
‫‪107‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬أحكام األطعمة المتعلقة بالطيور‬
‫‪108‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬حكم اكل الطير‬
‫‪108‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الطيور المباح أكلها‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الطيور المحرم أكلها‬
‫‪118‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬حكم أكل الجاللة من الطيور‬
‫‪123‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬حكم التداوي بالطيور‬
‫‪123‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬حكم التداوي بالطيور المباحة أكلها‬
‫‪124‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حكم التداوي بالطيور المحرم أكلها‬
‫‪127‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬أحكام عامة في الطيور‬
‫‪128‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تربية الطيور‬
‫‪128‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬حبس الطيور‬
‫‪130‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حكم تربية الطيور‬
‫‪131‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬اتخاذ الطيور للزينة‬
‫‪135‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المسابقات المتعلقة بالطيور‬
‫ز‬
‫‪135‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬حكم المسابقات‬
‫‪138‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬اتخاذ الطيور للمشاركة في المسابقات‬
‫‪139‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬التحريش بين الطيور وأخذ الجوائز عليها‬
‫‪143‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬بعض الطيور المذكورة في الكتاب الكريم والسنة الشريفة وخصائصها‬
‫‪143‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الطيور المذكورة في القرآن الكريم‬
‫‪144‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الطيور في السنة النبوية‬
‫‪146‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الطيور التي أمر النبي صلى هللا عليه وسلم بقتلها‬
‫‪148‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬الطيور التي نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن أكلها‬
‫‪150‬‬ ‫النتائج‬
‫‪151‬‬ ‫التوصيات‬
‫‪152‬‬ ‫فهرس اآليات القرآنية‬
‫‪157‬‬ ‫فهرس األحاديث النبوية‬
‫‪160‬‬ ‫المراجع‬
‫‪B‬‬ ‫الملخص باللغة االنجليزية‬

‫ح‬
‫أحكام الطير في الفقه اإلسالمي‬
‫إعداد‬
‫مرسي عدنان مصطفى جابر‬
‫إشراف‬
‫د‪ .‬عبد هللا أبو وهدان‬
‫الملخص‬

‫رسالتي والتي بعنوان "أحكام الطير في الفقه اإلسالمي" بحث قدم الستكمال درجة‬
‫الماجستير في الشريعة اإلسالمية في تخصص الفقه اإلسالمي‪.‬‬

‫تحدثت في الفصل التمهيدي‬


‫ُ‬ ‫تمهيديا وأربعة فصول حيث‬
‫ً‬ ‫وفصال‬
‫ً‬ ‫مقدمة‬
‫ً‬ ‫تضمن البحث‬
‫عارضا أقوال العلماء وآ ارءهم المختلفة في‬
‫ً‬ ‫عن الحكم الفقهي من الناحية اللغوية واالصطالحية‪،‬‬
‫نت مفهوم الطيور من الناحية اللغوية واالصطالحية مبيًنا أنواعها واصنافها‪.‬‬
‫أيضا ّبي ُ‬
‫التعريفات‪ ،‬و ً‬

‫أما الفصل األول فقد تضمن أحكام الطيور في الطهارة وأحاكمها في الصيد‪ ،‬فقد تحدثت‬

‫عن حكم فضالت الطيور وحكم سؤرها ودمائها ذهب الحنفية والمالكية إلى طهارة ذرق الطيور‬
‫وذهب الشافعية والحنابلة إلى نجاسته‪ .‬وذهب الفقهاء من المذاهب األربعة الى القول بطهارة سؤر‬

‫الطيور المأكولة وغير المأكولة بخالف الحنابلة واجمعوا على نجاسة دمها‪ ،‬أما أحكام الصيد‬
‫واألدوات التي يصطاد بها فحكى الفقهاء بجواز استخدامها للصيد واالنتفاع بها وعن ذكاة الطيور‬
‫قالوا ال ّبد من الذكاة الشرعية للطيور‪ ،‬وتطرقت إلى أحكام الصيد للمحرم وغير المحرم في الحرم‬

‫ذهب الفقهاء بالقول إلى حرمة صيد الطير المأكول في الحرم واختلفوا في غير المأكول ذهب‬
‫الحنفية والمالكية إلى حرمة صيده وذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز صيده‪.‬‬

‫تحدثت فيه عن أحكام الطيور في المعامالت‪ ،‬فتطرقت إلى بيع الطيور‬


‫ُ‬ ‫وفي الفصل الثاني‬

‫الجارحة وغير الجارحة اتفق الفقهاء على جواز بيع الطيور الجارحة وغير الجارحة المنتفع منها‪،‬‬
‫ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى جواز بيع الطيور المتخذة للزينة وذهب‬
‫الحنفية إلى عدم جواز بيعها‪ ،‬ثم تحدثت عن زكاة الطيور إذا كانت لغير التجارة فال زكاة فيها‬
‫معدة للتجارة‪.‬‬
‫باتفاق العلماء ووجوب زكاتها إذا كانت ّ‬

‫ط‬
‫مبينا فيه مسائل‬
‫وفي الفصل الثالث تحدثت فيه عن أحكام األطعمة المتعلقة بالطيور‪ً ،‬‬
‫المحرم أكلها ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة‬
‫ّ‬ ‫الطيور المباح أكلها والطيور‬
‫وقول عند المالكية إلى جواز أكل الطيور التي ال مخلب لها وحرمة أكل ذات المخلب وذهب‬
‫الجاللة ذهب‬
‫جميعا‪ ،‬وحكم أكل الطيور ّ‬
‫ً‬ ‫المالكية في المشهور عندهم إلى جواز أكل الطيور‬
‫جمهور الفقهاء إلى كراهة أكل الطيور التي تتغذى على الجاللة‪ ،‬وتطرقت إلى مسألة التداوي‬

‫بالطيور سواء كانت مباحة لألكل أو محرمة‪ .‬فيجوز التداوي بالطيور المباحة أكلها‪ ،‬وحرمة‬
‫التداوي إذا كانت غير مأكولة إال للضرورة‪.‬‬

‫أما الفصل الرابع واألخير فتحدثت فيه عن بعض األحكام عامة في الطيور‪ ،‬فتطرقت إلى‬
‫مسائل تربية الطيور وحبس الطيور من أجل الزينة فذهب جمهور الفقهاء إلى جواز تربية الطيور‬
‫وحبسها واتخاذها للزينة بشرط االعتناء بها وعدم تعذيبها‪ ،‬وتطرقت إلى حكم المسابقات التي تكون‬

‫الطيور فيها مشاركة ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز تلك المسابقات وأخذ الجوائز عليها‪ ،‬أما مسألة‬
‫التحريش بين الطيور وأقوال العلماء فيها اتفق الفقهاء على حرمة التحريش بين الطيور لما فيه من‬
‫القرن الكريم وإلى الطيور المذكورة في السنة النبوية‬
‫ايذائها‪ .‬وتطرقت إلى الطيور المذكورة في آ‬
‫الشريفة‪ ،‬الطيور التي أمر النبي صلى هللا عليه وسلم بقتلها والتي نهى عن قتلها‪.‬‬

‫وفي نهاية الرسالة عرضت أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫ي‬
‫المقدمة‬

‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬الحمد هلل حمداً كثي اًر طيباً مباركاً على أن جعلنا‬
‫ٍ‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم وعلى آله‬ ‫من أُمة اإلسالم‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف خلق هللا‬
‫وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫إن الطيور َخلق من َخلق هللا عز وجل ﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ‬

‫ﱵ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱠ‪.1‬‬
‫ﱶ‬ ‫ﱮﱰﱱﱲﱳﱴ‬
‫ﱯ‬ ‫ﱫﱬﱭ‬

‫ومن آالء هللا على عباده أن سخر لهم الطير لتكون لهم طعاماً وزين ًة وصيداً‪ ،‬وللطير في‬
‫معيشة وحياة اإلنسان دور هام‪ ،‬ال ّبد للمسلم أن يكون على دراية بأحكامها‪ ،‬فيعرف منها حالل‬
‫األكل والصيد والنجس والطاهر وغيرها من األحكام الفقهية المتعلقة بالطيور‪.‬‬

‫وجل اختيار عنو ًانا‬


‫عز ّ‬‫جدير بالبحث قررت بعد التّوكل على هللا ّ‬
‫ًا‬ ‫ولكون هذا الموضوع‬
‫ألطروحتي في الماجستير تخصص الفقه اإلسالمي ((أحكام الطير في الفقه اإلسالمي))‪.‬‬

‫أهمية الموضوع وأسباب اختياره‪:‬‬


‫ّ‬

‫معرفية شرعية حول موضوع الطيور لطلبة العلم وأهل االختصاص‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬إضافة‬

‫‪ -2‬توعية الناس باألحكام المتعلقة بالطير في الفقه اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ -3‬تناثر مسائل هذا الموضوع في كتب الفقهاء دون ترتيب يسهل على المسلم الوصول إلى‬
‫ما يحتاجه من احكام تتعلق بالطيور‪.‬‬

‫علمية عن أحكام الطير في جميع موضوعاتها‪ ،‬بل‬


‫ّ‬ ‫‪ -4‬فإنه لم يسبق بعلمي كتابة رسالة‬

‫كانت رسائل متخصصة بمجال معين‪.‬‬

‫سورة األنعام‪ ،‬اآلية ‪.38‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫دراسات سابقة‪:‬‬

‫لم أجد رسالة علمية عن أحكام الطير في الفقه اإلسالمي شاملة جميع أبواب الفقه‪ ،‬وإنما‬
‫عناوين متخصصة في بعض األبواب والمسائل‪ ،‬وقد بحثت في زوايا رسائل الماجستير في عدة‬
‫جامعات فلم أجد رسالة تتحدث عن أحكام الطير بشكل مفصل وشامل‪.‬‬

‫وهذه بعض الرسائل التي تحدث بشكل جزئي عن أحكام الطيور‪:‬‬

‫‪" -‬أحكام الطيور الجارحة في غير العبادات" للباحث محمد بن مشخص بن حسن الزهراني‪،‬‬

‫من جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض‪ ،‬فتحدث في رسالته الماجستير عن‬

‫أحكام الطيور الجارحة فقط‪ .‬واختص بمسائل خارج باب العبادات‪ ،‬كباب المعامالت‬
‫ومسائل الزينة وغيرها ولم يتطرق إلى مسائل وأحكام الطيور في جميع أبواب الفقه‪.‬‬

‫‪ " -‬أحكام الحيوان في كتابي الطهارة والصالة" للباحثة ابتسام بنت بلقاسم القرني‪ ،‬من‬

‫جامعة أم القرى بمكة المكرمة‪ ،‬وقد تحدثت عن أحكام الحيوانات بشكل عام بما فيها‬
‫الطيور واختصت فقط في باب العبادات وبمسائل متعلقة بكتاب الطهارة والصالة‪ ،‬ولم‬
‫تتطرق لجميع أبواب الفقه المتعلقة بأحكام الطيور‪.‬‬

‫منهج البحث‪:‬‬

‫منهج هذا البحث يقوم على منهج الوصفي والتحليلي‪ ،‬من خالل جمع المعلومات المتعلقة‬

‫بالموضوع‪ ،‬وعرض آراء الفقهاء األربعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة‪ ،‬وسأتطرق أحياناً‬
‫إلى الظاهرية أن وجدت المسألة عندهم‪ ،‬ثم الوقوف على هذه اآلراء ومناقشتها من خالل عرض‬
‫أدلتهم ومن ثم الترجيح الذي يتبين لي بعد شرٍح وتفصيل هذه اآلراء‪.‬‬

‫ويتبين هذا المنهج فيما يلى‪:‬‬

‫وجل بذكر اسم السورة ورقم اآلية‪.‬‬


‫عز ّ‬‫‪ .1‬عزو اآليات القرآنية إلى مواضعها من كتاب هللا ّ‬

‫‪ .2‬أُصور المسألة المراد بحثها تصوي اًر دقيقاً قبل بيان حكمها‪ ،‬ليتضح المقصود من دراستها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ .3‬إذا كانت المسألة من مواضع االتفاق فأذكر حكمها بدليلها‪ ،‬مع توثيق من مظانه المعتبرة‪.‬‬

‫‪ .4‬إذا كانت المسألة من مسائل الخالف فاتبع ما يلى‪:‬‬

‫أ‪ .‬تحرير محل الخالف‪ ،‬إذا كانت بعض صور المسألة محل خالف‪ ،‬وبعضها محل اتفاق‪.‬‬

‫ب‪ .‬ذكر األقوال فى المسألة‪ ،‬وبيان من قال بها من أهل العلم‪ ،‬ويكون عرض الخالف حسب‬

‫االتجاهات الفقهية‪.‬‬

‫ج‪ .‬االقتصار على المذاهب الفقهية المعتبرة‪ ،‬مع العناية بذكر ما تيسر الوقوف عليه من أقوال‬
‫السلف الصالح‪ ،‬وإذا لم أقف على المسألة فى مذهب ما فأسلك بها مسلك التخريج‪.‬‬

‫د‪ .‬توثيق األقوال من كتب أهل المذهب نفسه‪.‬‬

‫ه‪ .‬استقصاء أدلة األقوال‪ ،‬مع بيان وجه الداللة‪ ،‬وذكر ما ُيرد عليها من مناقشات‪ ،‬وما يجاب‬
‫به عنها إن وجدت‪.‬‬

‫و‪ .‬الترجيح‪ ،‬مع بيان سببه‪ ،‬وذكر ثمرة الخالف إن وجدت‪.‬‬

‫‪ .5‬االعتماد على أُمات المصادر والمراجع األصلية فى التحرير والتوثيق والتخريج والجمع‪.‬‬

‫‪ .6‬التركيز على موضوع البحث وتجنب االستطراد‪.‬‬

‫‪ .7‬العناية بضرب األمثلة خاصة الواقعية _إذا وجدت_‬

‫‪ .8‬تجنب األقوال الشاذة‪.‬‬

‫‪ .9‬العناية بدراسة ما جد من القضايا مما له صلة واضحة بالبحث‪.‬‬

‫‪ .10‬تخريج األحاديث الشريفة وبيان ما ذكره أهل الشأن فى درجتها ‪-‬إن لم تكن فى‬
‫الصحيحين أو أحدهما‪ -‬فإن كانت كذلك فأكتفي حينئذ بتخريجها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ .11‬تخريج اآلثار من مصادرها األصلية والحكم عليها‪.‬‬

‫‪ .12‬التعريف بالمصطلحات وشرح الغريب من المفردات‪.‬‬

‫‪ .13‬العناية بقواعد اللغة العربية واإلمالء وعالمات الترقيم‪.‬‬

‫‪ .14‬تكون الخاتمة عبارة عن ملخص للرسالة‪ ،‬يعطي فكرة واضحة عما تضمنته الرسالة‪ ،‬مع‬

‫إبراز أهم النتائج‪.‬‬

‫‪ .15‬إتباع الرسالة بالفهارس الفنية المتعارف عليها‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -‬فهرس اآليات القرآنية الكريمة‪.‬‬

‫‪ -‬فهرس األحاديث الشريفة‪.‬‬

‫‪ -‬فهرس المراجع والمصادر‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬

‫قسمت البحث إلى شكر وتقدير‪ ،‬ومقدمة‪ ،‬وتمهيد‪ ،‬وثالثة فصول‪ ،‬وخاتمة‪ ،‬وفهارس‪.‬‬

‫المقدمة‪ :‬تحدثت فيها عن أهمية البحث متطرقاً إلى عنوانه‪ ،‬وسبب اختياره‪ ،‬والدراسات السابقة‪،‬‬

‫ومنهج البحث‪ ،‬وخطة البحث‪.‬‬

‫الفصل التمهيدي‪ :‬وفيه مبحثان‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحكم الفقهي‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الحكم لغة واصطالحاً‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الفقه لغة واصطالحاً‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تعريف األحكام الفقهية لغة واصطالحاً‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الطيور‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الطير لغ ًة واصطالحاً‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الطيور وأقسامها‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬أحكام الطيور في الطهارات والصيد‪.‬‬

‫وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أحكام الطيور في الطهارة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬زرق الطيور الجارحة وغير الجارحة (فضالت الطيور)‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حكم سؤر الطيور الجارحة وغير الجارحة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أحكام دماء الطيور‪.‬‬


‫‪5‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أحكام ريش الطيور‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حكم صيد الطيور‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األحكام المتعلقة في صيد الطيور‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صيد الطيور بأدوات الصيد‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬صيد الطيور بواسطة حيوانات الصيد‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أحكام ذكاة الطيور‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬صيد الطيور لغير حاجة‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬صيد الطير في الحرم ووقت اإلحرام‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حكم صيد الطيور في الحرم لغير المحرم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حكم صيد الطيور في الحرم للمحرم‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬صيد الطير الطافي على الماء للمحرم‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬صيد الطير في األشهر الحرم‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬صيد الطير في وقت التكاثر‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أحكام الطيور في المعامالت‪.‬‬

‫وفيه مبحثان‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أحكام بيع الطيور‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬بيع الطيور الجارحة وغير الجارحة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بيع الطيور من أجل الزينة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬بيع الطيور المحرمة أكلها‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬بيع الطيور بالطيور‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األحكام المالية في الطيور‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬زكاة الطيور‪.‬‬

‫المعدة للتجارة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬زكاة الطيور‬

‫المطلب الثالث‪ :‬ضمان ما أتلفه الطير‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬أحكام األطعمة المتعلقة بالطيور‪.‬‬

‫وفيه مبحثان‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حكم أكل الطيور‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطيور المباح أكلها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطيور المحرمة أكلها‪.‬‬

‫الجاللة من الطيور‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حكم أكل ّ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حكم التداوي بالطيور‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حكم التداوي بالطيور المباحة أكلها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حكم التداوي بالطيور المحرمة أكلها‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬أحكام عامة في الطيور‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تربية الطيور‬

‫المطلب األول‪ :‬حبس الطيور‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حكم تربية الطيور‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اتخاذ الطيور للزينة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المسابقات المتعلقة بالطيور‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حكم المسابقات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اتخاذ الطيور للمشاركة في المسابقات‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التحريش بين الطيور‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أخذ الجوائز على الطيور‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬أحكام الطيور المذكورة في الكتاب والسنة وخصائصها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطيور المذكورة في القرآن الكريم‪.‬‬

‫النبوية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الطيور المذكورة في السنة‬

‫المطلب األول‪ :‬الطيور التي نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن قتلها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطيور التي نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن أكلها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫وفيه مبحثان‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحكم الفقهي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف الطيور وأنواعها وأقسامها‬

‫‪9‬‬
‫المبحث األول‬

‫الحكم الفقهي‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الحكم ل ًغة واصطالحاً‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الحكم من حيث اللغة‪:‬‬

‫وفقاً للكتب األصولية فإن مادة [ح‪/‬ك‪/‬م] يراد بها معنيان‪:‬‬

‫أ‪ -‬المعنى األول‪ :‬يراد بالحكم المنع والصرف‪ ،‬ومنه قوله حكمته وأحكمته إذا منعته وصرفته‬
‫عن رأيه‪ ،‬وحكمت الفرس وحكمته‪ ،‬إذا جعلت له حكمة تمنعه عن الجموح ومن هذا المعنى‬

‫تأتى تسمية الرجل بكونه رجالً حكيماً لكونه يقوم بمنع نفسه ويردها عن هواها ويصرفها‬
‫عنه‪.‬‬

‫ب‪ -‬المعنى الثاني‪ :‬وهو اإلتقان واإلحكام‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲅ‬


‫ﲄﲆﲇﲈﲉﲊﲋ‬

‫ﲌ ﲍ ﲎﱠ‪ 1،‬ومنه اسم الحكيم وهو من أسماء هللا تبارك وتعالى الحسنى‪ :‬بمعنى‬
‫‪2‬‬
‫محكم للعالم والدال على قدرته وعلمه لكونه محكماً متقناً‪.‬‬

‫ومنه قول الشاعر‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫أبنااااااااااى حنيفااااااااااة أحكمااااااااااوا سااااااااااافهاءكم ‪ ...‬إنااااااااااي أخاااااااااااف علاااااااااايكم أن أغضاااااااااابا‬

‫بمعنى احكموا سفهاءكم‪ ،‬أي قوموا بمنعهم‪ ،‬وهو ما يقتضى أن يكون هناك تأويل‬
‫للمعاني وصرفها إلى ما ذكر‪.‬‬

‫‪1‬سورة هود اآلية ‪.1‬‬


‫السمرقندي‪ ،‬عالء الدين شمس النظر أبوو بكور محمود بون أحمود‪ ،‬ميازان األصاول فاى نتاائج العقاول‪ ،‬مطوابع الدوحوة الحديثوة‬ ‫‪2‬‬

‫قطر‪ ،‬ط‪ 1‬سنة ‪1404‬ه‪1984/‬م‪ ،‬ص‪.17‬‬


‫القزوينوي‪ ،‬أحموود بوون فووارس بوون زكريووا أبووو الحسووين‪ ،‬تحقيوق‪ ،‬عبوود السووالم محموود هووارون‪ ،‬معجاام المقاااييس اللغااة‪ ،‬سوونة النشوور‬ ‫‪3‬‬

‫‪.)91/2( 1979 ،1399‬‬


‫‪10‬‬
‫ج‪ -‬وهو في اللغة بمعنى القضاء‪1،‬ويسمى القضاء ُحكماً لكونه يمنع النزاع والخصومات‬

‫ومنه قول أبي تمام‪:2‬‬

‫فى حده الحد بين الجد واللعب‪.‬‬ ‫إنباء من الكتب‬


‫السيف أصدق ً‬

‫ومن ثم فإن اإلنسان متى تم حبسه في زنزانة فإن مثل هذا المسلك يسمى حكماً‪ ،‬كما أن‬
‫الحكم في اللغة‪ 3:‬هو مصدر من الفعل حكم‪ ،‬وهو في اللغة له ٍ‬
‫معان كثيرة والتي منها‪:‬‬

‫الح َكم‪ :‬القاضي‪ ،‬الحاكم‪ :‬هو منفذ‬


‫حكم بمعنى قضى‪ ،‬والحكم‪ :‬القضاء‪ ،‬وجمعه أحكام‪ ،‬و َ‬
‫الحكم وجمعه حكام‪ ،‬كما أن الحكم هو اسم من أسماء هللا عز وجل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉﱠ‪،‬‬

‫كما أن من معانيه الحكمة لكونها هي التى تمنع صاحب الحكمة من أن يتخلق بأخالق األراذل‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف الحكم في االصطالح‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫ويطلق الحكم من حيث معناه االصطالحي عدة معان وذلك وفًقا لالختالف بين‬
‫المصطلحين‪ ،‬حيث إن الحكم وفقاً الصطالح المناطقة وأهل الكالم يقصد به‪" :‬إسناد أمر إلى أمر‬
‫آخر‪ ،6‬سواء أكان إيجابياً أم سلبياً‪ 7،‬وهو مما يعرف فيما بينهم بالنسبة التامة‪ ،‬إال أن هذا التعريف‬
‫الخاص بالحكم وهو مما يختص فقط بالتصديقات مثل اإلدراك في ثبوت وجوب الزكاة في قوله‪:‬‬

‫المنيوواوى‪ ،‬أبووو المنووذر محمووود بوون محموود بوون مصووطفى بوون عبوود اللطيووف‪ ،‬المعتصاار ماان شاارح مختصاار األصااول ماان علاام‬ ‫‪1‬‬

‫األصول‪ ،‬الناشر المكتبة الشاملة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2‬عام ‪1423‬ه‪2011/‬م‪.‬‬


‫أبو تمام‪ ،‬حبيب بن أوس الطائي‪ ،‬ديوان أبو تمام‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1414 ،2‬ه‪1994/‬م‪ ،‬ص ‪.255‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم بن على أبو الفضل جمال الدين األنصاري الرويفعوي االفريقوي المتووفى ‪711‬ه‪ ،‬لساان العارب‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫دار صادر بيروت‪ ،‬ط‪1414 ،3‬ه‪ .)141/12( ،‬أبوو نصور إسوماعيل بون حمواد الجووهري الفوارابي المتووفي ‪393‬ه‪ ،‬دار العلوم‬
‫للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬تحقيق أحمد عبد الغفور عطار ط‪1407 ،4‬ه‪1987/‬م‪.)190 /5( ،‬‬
‫سورة األنعام اآلية ‪.114‬‬ ‫‪4‬‬

‫عبوود الوهوواب‪ ،‬يعقوووب‪ ،‬المعهوود العووالي للقضوواء‪ ،‬كتوواب بعنووان الحكاام الشاارعي‪ ،‬حقيقتووه ‪ /‬أركانووه ‪ /‬شووروطه ‪ /‬أقسووامه‪ ،‬مكتبووة‬ ‫‪5‬‬

‫الرشد ص‪ /16‬وما بعدها‪.‬‬


‫البخاري‪ ،‬صدر الشريعة عبيد هللا بن مسعود المحبوبي‪ ،‬التنقيح في االصول‪.)14/1( ،‬‬ ‫‪6‬‬

‫التفتووازانى‪ ،‬سووعد الوودين مسووعود بوون عموور الشووافعي المتوووفي ‪793‬هجريووا‪ ،‬التلااويح علااى التوضاايح لمااتن التنقاايح فااى اصااول‬ ‫‪7‬‬

‫الفقه‪ ،‬تحقيق زكريا عميرات‪ ،‬ط‪1416 ،1‬ه‪1996/‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت لبنان‪.)12/1( ،‬‬
‫‪11‬‬
‫إن الزكاة واجبة‪ ،‬أما فيما يتعلق بإدراك المفردات مثل الذوات والصفات وما إلى ذلك فإنها ليست‬

‫من قبيل األحكام‪ ،‬كما أن البعض اآلخر قام بتعريف الحكم بأنه‪" :‬هو إثبات أمر آلخر أو النفي‬
‫عنه"‪ 1،‬وقيل أنه هو‪" :‬إثبات أمر ألمر أو النفي عنه بطريق الشرع"‪ 2،‬وباالستناد على التنوع‬

‫المختلف في األحكام فضالً إلى شمولية تلك األحكام لما هو حسياً كان أم عقلياً أم عرفياً أم شرعياً‬
‫‪3‬‬
‫فإن الحكم ينقسم إلى ما يلي‪:‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أقسام الحكم‪:‬‬

‫أ‪ .‬الحكم الشرعي‪ :‬وهو ما كانت تلك النسبة تستفاد من الشرع مثل كون الصالة واجبة‪،‬‬

‫والقتل محرم‪ ،‬وهو ما نحن بصدد القيام ببيانه وهو ما يكون مأخوذاً من الشرع ويدل الدليل‬
‫الشرعي عليه‪ ،‬فضالً عن أثر الخطاب الصادر من قبل الشارع كما هو الحال في بعض‬

‫مباحا والوضوء شرطاً‬


‫ً‬ ‫محرما والصيد‬
‫ً‬ ‫القضايا التالي ذكرها كون الصالة واجبة والخمر‬
‫‪4‬‬
‫للصالة والقرابة سبباً لإلرث‪ ،‬واالختالف في الدين هو مانع من الميراث‪.‬‬

‫الحكم‪ ،‬وهو مدلوله لدى‬


‫وهذا المعنى هو ما يتبادر إلى الذهن عن إطالق استعمال لفظ ُ‬
‫الفقهاء‪ ،‬حيث إنهم يريدون بالحكم وفقاً لهذا المعنى‪( :‬األوصاف التي تكون ثابتة بالخطاب الوارد‬

‫من قبل الشارع ألفعال المكلفين من الوجوب والحرمة والندب والكراهة واإلباحة ومن السببية‬
‫‪5‬‬
‫والشرطية أو المانعية)‪.‬‬

‫شلبى‪ ،‬محمد مصطفى‪ ،‬أصول الفقه االسالمى ‪ ،52‬سلقينى‪ ،‬إبراهيم محمد‪ ،‬الميسر في أصول الفقه‪ ،‬ص‪.197‬‬ ‫‪1‬‬

‫حسب هللا‪ ،‬على‪ ،‬أصول التشريع اإلسالمي‪ ،‬ص‪.375‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبوود الوهوواب‪ ،‬يعقوووب‪ ،‬المعهوود العووالى للقضوواء‪ ،‬كتوواب بعنووان الحكاام الشاارعى‪ ،‬حقيقتووه ‪ /‬أركانووه ‪ /‬شووروطه ‪ /‬أقسووامه‪ ،‬مكتبووة‬ ‫‪3‬‬

‫الرشد ناشرون‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪1431 ،1‬ه‪2010-‬م‪ ،‬ص‪ /16‬وما بعدها‪.‬‬
‫خضر‪ ،‬حسن سعد‪ ،‬مراتب الحكم الشرعي دراسة أصولية مقارنة‪ ،‬بحث علموي بجامعوة النجواح الوطنيوة‪ ،‬نوابلس ‪-‬فلسوطين‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪1432‬ه‪2011/‬م‪.‬‬
‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪12‬‬
‫ويرى الفقهاء أن الحكم الشرعي هو ذلك األثر الذي يترتب على الخطاب االلهي‪ 1،‬أي ما‬
‫‪2‬‬
‫يتضمنه هذا الخطاب من أثر ال الخطاب في حد ذاته كوجوب الصالة ومانعية القتل من اإلرث‪،‬‬
‫ﱼ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﱠ‪ 3‬فإنه هو الحكم لدى جمهور‬
‫ﱽ‬ ‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱺ ﱻ‬

‫األصوليين‪ ،‬أما الفقهاء فإنه هو األثر المترتب على هذا الخطاب ال الخطاب ذاته وهو تحريم‬
‫الزنى‪ ،‬وﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾﱠ‪ 4،‬فإن اآلية الكريمة تقتضى وجوب الوفاء‬

‫بالعقد حيث أن النص ذاته هو حكماً لدى جمهور األصوليين إال أن الحكم لدى جمهور الفقهاء‬
‫‪5‬‬
‫هو ووجوب الوفاء أو اإليفاء‪.‬‬

‫ب‪ .‬الحكم الحسي‪ :‬وهو ما كانت تلك النسبة مستفادة من الحس‪ ،‬ككون الشمس مشرقة والنار‬
‫محرقة‪ ،‬والماء ٍ‬
‫مرو‪.‬‬

‫ج‪ .‬الحكم العقلي‪ :‬وهو ما كانت تلك النسبة فيه تستفاد من العقل‪ ،‬أو ما كان صاد اًر عن‬

‫العقل كقولنا الضدان ال يجتمعان‪ ،‬مثل الكل أعظم من الجزء‪ ،‬والكل أكبر من الجزء‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫وغيرهم مما يدرك بالعقل‪.‬‬

‫د‪ .‬الحكم العرفي أو الحكم الوضعي‪ :‬وهو ما كانت تلك النسبة فيه تستفاد من العرف‪ ،‬أو من‬

‫الوضع مثل الفاعل مرفوعاً‪.‬‬

‫ه‪ .‬الحكم العادي أو ما يسمى بالتجريبي‪ :‬وهو ذلك الحكم الذي تكون فيه تلك النسبة‬

‫مستفادة من العادة والتجربة كما يمكن أن يستفاد من هذا الدواء لهذا الداء‪.‬‬

‫زيدان‪ ،‬عبد الكريم‪ ،‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬الوجيز في اصول الفقه‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬حديث عمر بن الخطاب "ال يرث القاتل" مسند االمام أحمد‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،423‬قال شعيب األرنؤوط الحديث حسن‪ ،‬حجاج بن‬
‫أرطواة ‪ -‬وإن كووان يوودّلِس عوون عموورو بوون شووعيب ‪ -‬قوود توبووع‪ .‬وشويد أحموود أسوود بوون عموورو أبووو المنووذر صوودوق صووالح الحووديث‪،‬‬
‫انظر‪ :‬تلخيص الحبير ‪.85-84/3‬‬
‫سورة االسراء اآلية ‪.32‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة المائدة اآلية ‪.1‬‬ ‫‪4‬‬

‫خضر‪ ،‬حسن سعد‪ ،‬مراتب الحكم الشرعي (‪.)60-59‬‬ ‫‪5‬‬

‫عبد الوهاب‪ ،‬يعقوب‪ ،‬المعهد العالي للقضاء‪ ،‬كتاب بعنوان الحكم الشارعي‪ ،‬حقيقتوه ‪ /‬أركانوه ‪ /‬شوروطه ‪ /‬أقسوامه‪2010 ،‬م‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫ص‪16‬‬
‫‪13‬‬
‫و‪ .‬الحكم اللغوي‪ :‬وهو الحكم الصادر من قبل أرباب اللغة وما وقع االتفاق عليه فيما بينهم‬

‫من قواعد اللغة‪ ،‬ومن ذلك الفاعل مرفوع‪ ،‬وأن الفعل الماضي هو فعل مبني على الفتح‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫كما أن األسماء الخمسة ترفع بالواو وتنصب باأللف وتجر بالياء‪.‬‬

‫كما أن الحكم من حيث المعنى اللغوي لديه من االرتباط بالمعنى الشرعي حيث إن المعنى‬

‫الشرعي هو القضاء‪ ،‬ومن ثم فإنه البد من قيام ولي األمر بتنفيذ األحكام الشرعية وال يعدل عنها‬
‫إلى غيرها‪ ،‬كما أن من يقوم بالحكم وفقاً لشرع هللا البد من أن يتوافر فيه العلم والفهم والفقه‪ ،‬كما‬
‫أن التمسك بالحكم الشرعي هو ما يمنع ويحول بين صاحبه وبين الفساد‪ ،‬فضالً إلى التحلي‬

‫بمساوئ األخالق‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ﲶ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾﱠ‬
‫ﲷ‬ ‫ﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐ ﲳ ﲴ ﲵ‬

‫حيث إن األولى بالمسلم أن يكون هو أولى بالحكمة‪ ،‬واألحرى على أن يتحلى بها وبحملها‪ ،‬كما‬

‫أن الحكم الشرعي وهو حكماً متقناً محكم الظاهر‪ ،‬وال توجد به الشبهة وال الزيغ عنه وإال صار‬
‫‪3‬‬
‫فضال‬
‫ً‬ ‫فاسقاً ضاالً وهو الثابت باألدلة الشرعية التي ال يط أر عليها التعديل أو النسد أو التبديل‪،‬‬
‫عن أن في معرفة الحكم الشرعي والتوصل إليه هي تلك الغاية المراده من علم الفقه وأصوله‪ 4‬إال‬

‫أن النظرة التى ينظر إليها الفقهاء للحكم تختلف عن تلك النظرة الخاصة باألصوليين‪.‬‬

‫وفقا الصطالح األصوليين‪:‬‬


‫الحكم ً‬

‫أما فيما يتعلق بالمعنى االصطالحي للحكم عند اصطالح األصوليين‪ ،‬فإن التعريفات التي‬
‫قد وردت عن األصوليين لم يتم التمييز لهم بتعريف قبل أواخر القرن الخامس الهجري‪ ،‬إال فيما قد‬
‫ورد عن البعض من أهل العلم من العبارات التى جاءت من ضمن التعريفات الخاصة بالحكم في‬
‫العصر التالي‪ ،‬حيث إن الحكم الشرعي في اصطالح الفقهاء يقصد به مدلول خطاب الشرع‪ ،‬قال‬

‫‪ 1‬باحسين‪ ،‬يعقوب‪ ،‬أصول الفقه‪ :‬الحد والموضوع والغاية ص‪.73‬‬


‫سورة البقرة اآلية ‪.269‬‬ ‫‪2‬‬

‫خضر‪ ،‬حسن سعد‪ ،‬مراتب الحكم الشرعى دراسة اصولية مقارنة‪ ،‬بحوث علموي بجامعوة النجواح الوطنيوة‪ ،‬نوابلس ‪-‬فلسوطين‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪1432‬ه‪2011/‬م‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫المرجع السابق ص‪.55‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪14‬‬
‫اإلمام أحمد رضي هللا عنه‪1‬المتوفى (‪241‬ه)‪ :‬أن الحكم الشرعي هو خطاب الشرع وقوله‪ 2،‬ومن‬

‫ثم فإن كون الحكم الشرعي هو خطاب فإن ذلك ما قد استقرت عليه التعريفات التي وردت عن‬
‫األصوليين فيما بعد‪ ،‬إال أن ما قد قام اإلمام أحمد بذكره يعد جزءاُ يسي اًر فى تلك التعريفات التى‬
‫وردت عن األصوليين‪ ،‬كما أن األغلب من تلك التعريفات قد نقلت دون أن يتم التحقيق فيها من‬

‫حيث توافر الشروط الخاصة فى التعريفات‪ ،‬وقد قام عالء الدين السمرقندي والمتوفى (‪539‬ه)‬
‫بنقل جملة من التعريفات عن الفقهاء فضالً إلى المتكلمين من المعتزلة واألشاعرة وغيرهم ومما‬
‫كان يحدث فى تلك األوساط الثقافية األصولية في ذلك الوقت‪ ،‬إال أن تلك التعريفات ليس فيها ما‬
‫‪3‬‬
‫يوافق أو يقترب مما قد استقر عليه أهل العلم من تعريفات الحقاً‪:‬‬

‫أ‪ .‬أبو حامد الغزالي (ت ‪505‬ه) وقد عرف الحكم بأنه‪" :‬خطاب الشارع المتعلق بأفعال‬
‫المكلفين"‪ 4،‬وقد تم االعتراض على هذا التعريف بكونه تعريفاً غير مانع من دخول غيره‪،‬‬

‫ومن قبيل ذلك ﭧﭐﭨ ﭐ ﱡﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨﱠ‪ 5‬وتلك اآلية ليست من قبيل‬


‫‪6‬‬
‫فضال إلى أنه غير جامع لعدم تناوله لألحكام التى تتعلق بأفعال غير‬
‫ً‬ ‫األحكام الشرعية‪،‬‬

‫ابن النجار‪ ،‬العالمة الشيد محمد بن احمد بن عبد العزيز بن علوي الفتووحي الحنبلوي المعوروف المتووفي سونة ‪972‬ه‪ ،‬شارح‬ ‫‪1‬‬

‫الكوكب المنير المسمي مختصر التحرير او المختبر المبتكر شرح المختصر في اصاول الفقاه‪ ،‬تحقيوق محمود الزحيلوي‪ ،‬نزيوه‬
‫حماد‪ ،‬المجلد االول‪ ،‬و ازرة الشئون االسالمية واالوقاف والدعوة واالرشاد‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬ص‪.333‬‬
‫الراميني‪ ،‬محمد بن مفلح بن محمد بن مفورج ابوو عبود هللا شومس الودين المقدسوي ثوم الصوالحي الحنبلوي المتووفي ‪763‬هجريوا‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫تحقيق فهد بن محمد السدحان‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪1420‬ه‪1999/‬م‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)180/1‬وقد تم تفسير ذلك بوان‬
‫المراد هو ما وقع به الخطاب اي مدلوله وهو االيجاب والتحريم واالحالل وهو صفة للحاكم‪ ،‬وراجع ايضا شرح الكوكب المنير‬
‫(‪.)333/1‬‬
‫ومن هذه التعريفات‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫وقبيحووا محكوووم هللا‬


‫ً‬ ‫امووا‬ ‫أ‪ /‬قووول الحنفيووة إن حكووم هللا تعووالى صووفة ازليووة لووه‪ ،‬هووو فعلووه‪ ،‬وكووون الفعوول الحووادث و ً‬
‫اجبووا وحسو ًونا وحر ً‬
‫تعالى‪ ،‬يثبت بحكمه‪ ،‬وهو إيجاد الفعل الحادث على هذا الوصف‪.‬‬
‫محرما‪.‬‬
‫ً‬ ‫قبيحا‪ ،‬او‬
‫حسنا‪ ،‬او ً‬
‫مندوبا‪ ،‬أو ً‬
‫ً‬ ‫اجبا‪ ،‬أو‬
‫ب‪ /‬قول الفقهاء وأهل الكالم‪ :‬إن حكم هللا كونه و ً‬
‫ج‪ /‬قول بعض المتكلمى إن الحكم هو كونه علوى وصوف حكموى‪ ،‬بوان يكوون موصووفا بكونوه واجبوا ومنودوبا وحسونا ومحرموا ال‬
‫نفس الفعل‪ ،‬فان كون الصالة فرضا‪ ،‬وكون التصدق بالمال حسنا‪ ،‬وكون الزنا حراما‪ ،‬وحكم شرعى ال نفس هذه االفعال‪.‬‬
‫د‪ /‬قووول بعووض المعتزلووة أن حكووم هللا تعووالى هووو إعالمووه إيانووا بكووون الفعوول واجبووا ومنوودوبا ومباحووا وح ارمووا ونحوهووا‪ ،‬وهووو إيجابووه‬
‫وتحريمه وإباحته‪ .‬راجع فى ذلك ‪ /‬السمرقندي‪ ،‬عالء الدين ميزان االصول فى نتائج العقول‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫الغزالي‪ ،‬أبو حامد المستصفى (‪ ،)56/1‬اآلمدي‪ ،‬األحكام (‪.)95/1‬‬ ‫‪4‬‬

‫سورة الصافات اآلية ‪.62‬‬ ‫‪5‬‬

‫اآلمدي االحكام (‪.)95/1‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪15‬‬
‫المكلفين من الصبيان وغيرهم مع أن تلك األحكام هي من قبيل األحكام الشرعية كجواز‬

‫أن يقوموا بالبيع وصحة اإلسالم والصالة منهم وما إلى ذلك‪.‬‬

‫وقد تم إجراء العديد من التعديالت على تلك التعريفات‪ ،‬إال أنها لم تسلم من توجيه‬
‫االنتقادات إليها حيث أن المحاولة التى تمت من أجل تعديلها لتفاد تلك االنتقادات لم تؤتي ثمارها‬

‫ومن تلك التعريفات‪ ،‬الحكم هو‪ :‬خطاب الشارع الذي يتعلق باألفعال الخاصة بالعباد‪ 1،‬وقد تم‬
‫إفساده من قبل اآلمدي كما أفسد التعريف السابق الذكر‪.‬‬

‫ب‪ .‬فخر الدين الرازي‪ :‬هو الخطاب الذي يتعلق بأفعال المكلفين إما بطريق االقتضاء أو‬

‫بطريق التخيير‪ ،‬وقد نقل هذا التعريف فخر الدين الرازي المتوفى في عام (‪ 606‬هجريا)‬
‫في كتاب المحصول عن أصحابه من الشافعية‪ 2،‬ومن الشرح الذي تم لهذا التعريف فقد‬
‫ورد عليه بعض من االعتراضات عليه وهو المختار عنده‪ ،‬ومن تلك االعتراضات قد وجه‬
‫إليه كونه تعر ًيفا غير جامع لكونه لم يشتمل على األحكام الوضعية‪ 3،‬كما أن االعتراض‬
‫يرد فيما يتعلق بقصر الخطاب على المكلفين وهو ما يجعل من التعريف غير جامع‬
‫ألفعال غير المكلفين من الصبيان وغيرهم فضالً إلى استعمال (أو) وهي تفيد االشتراك‬

‫فضال إلى المجاز‬


‫ً‬ ‫الذي ال يجوز في الحدود وذلك إلجماله‪ ،‬وقد ورد بكون االشتراك جائ اًز‬
‫‪4‬‬
‫في الحدود ذلك في حالة ما لم يوجد لبس كما هو الحال في هذا التعريف‪.‬‬

‫إال أن جمهور الشافعية قد اعتمدوا على هذا التعريف وقد رضي به بعض الشارح‬
‫‪5‬‬
‫للمحصول والمختصرين له أو من اخذوا منه‪.‬‬

‫اآلمدي االحكام (‪.)95/1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬المعافري‪ ،‬محمد بون عبود هللا‪ ،‬المحصاول (‪ ،)15/1‬وقود ذكور صودر الشوريعة فوي التوضويح أن هوذا التعريوف منقووًال عون ابوى‬
‫الحسن األشعري (‪)22/1‬‬
‫المصدر السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫القرافي‪ ،‬نفائس االصول (‪.)231/1‬‬ ‫‪4‬‬

‫االرموي‪ ،‬الحاصل من المحصول أصول الفقه (‪.)235/1‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪16‬‬
‫وقد قام برد تلك األحكام الوضعية إلى التكلفية حيث ورد القول عن تاج الدين األرموي‬

‫المتوفى (‪652‬ه) وذلك فيما يتعلق بأن السببية لدلوك الشمس هي إليجاب الصالة‪ ،1‬وهو تبرير‬
‫قد القى من القبول والرضا لدى البعض من فقهاء الحنفية ومنهم ابن الهمام والمتوفى (‪861‬ه)‪.‬‬

‫كما أن القاضي البيضاوي المتوفى (‪685‬ه) قد أخذ بهذا التعريف فى مختصره وهو‬

‫المعتمد لدارسي األصول عند الشافعية‪ ،‬فضالً إلى منهاج الوصول إلى علم األصول والبعض من‬
‫‪2‬‬
‫شراحه‪.‬‬

‫ج‪ .‬تعريف بعض األصوليين‪:‬‬

‫قام البعض من األصوليين بتعريف الحكم بكونه‪" :‬هو خطاب هللا تعالى الذي يتعلق‬
‫بأفعال العباد المكلفين من حيث االقتضاء أو التخيير أو الوضع"‪ 3،‬وقد ورد هذا التعريف عن ابن‬
‫الحاجب المتوفى (‪646‬ه) وذلك في منتهى الوصول واألمل‪4،‬وأيضاً في مختصر المنتهى‪ 5،‬وقد‬
‫تم التعبير عن القيد (وضعاً) بقوله فزيد إال انه لم يتضح ما المقصود من الذي ازده‪ ،‬وربما يكون‬

‫المقصد من هذا التعبير أن يكون من قبيل الزيادة التي أوردها ابن الحاجب بنفسه عندما أعرض‬
‫عن التفسير الوارد عن اآلمدي‪ ،‬إال أنه في كتابه في األصل هو اختصار ألحكام اآلمدي‪ ،‬كما أن‬

‫التعريف الذي ورد عن ابن الحاجب هو التعريف المختار لدى الطائفة األكبر من محققي‬
‫األصوليين‪.‬‬

‫د‪ .‬ابن السبكى (ت ‪771‬ه)‪ :‬حيث قام ابن السبكى فى جمع الجوامع بتعريف الحكم بكونه‬
‫‪6‬‬
‫هو‪" :‬خطاب هللا الذي يتعلق بفعل المكلف من حيث كونه مكلفاً"‪.‬‬

‫المصدر السابق (‪.)235/1‬‬ ‫‪1‬‬

‫التحرير بشرح التقرير والتخبير (‪.)79/2‬‬ ‫‪2‬‬

‫الزحيلي‪ ،‬محمد مصطفي‪ ،‬كتاب الوجيز في اصول الفقه االسالمي‪ ،‬تعريف الحكم اصوطالحا‪ ،‬ص‪ .287‬الشووكاني‪ ،‬محمود‬ ‫‪3‬‬

‫بن علي بن محمد بن عبد هللا اليمنوي المتووفي ‪1250‬ه‪ ،‬إرشااد الفحاول الاى تحقياق الحاق مان علام االصاول‪ ،‬تحقيوق الشويد‬
‫أحمد عزو عناية دمشق كفر بطنطا‪ ،‬الناشر دار الكتواب العربوي‪ ،‬ط‪ ،1‬سونة ‪1419‬ه‪1999/‬م‪ ،‬ص‪ .6‬المحوالوي‪ ،‬محمود عبود‬
‫الرحمن عيد‪ ،‬تسهيل الوصول الى علم األصول‪ ،‬ص‪.246‬‬
‫ابن الحاجب‪ ،‬منتهى الوصول واالمل في علمي االصول والجدل‪ ،‬ص‪.32‬‬ ‫‪4‬‬

‫ابن الحاجب‪ ،‬مختصر المنتهى بشرح العضد (‪.)222/1‬‬ ‫‪5‬‬

‫المرابط‪ ،‬شرح الجالل المحلى على مراقى السعود (‪ ،)23/1‬الووالتي‪ ،‬فاتح الاودود علاى مراقاى الساعود ص‪ ،27‬الشونقيطي‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫شرح مراقى السعود على مرافى السعود‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪17‬‬
‫مكلفا) بأنه من الملزم بما يكفى ليكون فى كلفة إال أنه قد‬
‫وقد فسر قيد (من حيث كونه ً‬
‫اعترض على ذلك بكون أن هذا يعنى أن يكون مستلزماً للدور حيث أن التكليف بهذا المعنى هو‬
‫إلزام ما فيه كلفة‪ 1،‬وقد قام بالرد على ذلك ابن قاسم العبادي‪ 2‬المتوفى (‪ 994‬هجرية) إال أن‬
‫الشيد حسن العطار المتوفى (‪ 1250‬هجرية) قام بتصحيح هذا النقد الموجه للتعريف أو‬

‫االعتراض باعتبار كون أن المكلف هو اسم مشتق ومفهومه مركب من الذات والوصف وهو حال‬
‫‪3‬‬
‫سائر المشتقات وتعقل مفهوم المركب يكون متوقف على تعقل كافة أجزائه‪.‬‬

‫كما أن البعض من الشراح قد قام ببيان قيد (من حيث إنه مكلف) بأنه شامل لالقتضاء‬

‫والتخيير باعتبار معنى التعليل‪ 4،‬فضالً عن أخذ طائفة من أهل العلم بهذا التعريف وقد حملت‬
‫المعنى على معنى التعريف الوارد عن اإلمام البيضاوي المتوفى عام (‪685‬ه) أو تعريف ابن‬
‫ونظر‬
‫ًا‬ ‫ونظر الشتهار التعريف الوارد عن اإلمام ابن الحاجب‬
‫اً‬ ‫الحاجب‪ 5‬المتوفى عام (‪646‬ه)‪،‬‬
‫إلى كثرة األخذ به من قبل األصوليين فسوف نتناول شرح وبيان محترزاته‪:‬‬

‫خطاب هللا‪ :‬الخطاب مصدر خاطبه بالكالم يخاطبه مخاطبة وخطاباً‪ ،‬وهو التوجيه بالكالم نحو‬
‫‪6‬‬
‫الغير من أجل اإلفهام‪.‬‬

‫هو الكالم الذي يكون موجهاً ويفيد المقصود منه وهو اإلفهام‪ 7،‬وهو اسم جنس يشتمل‬
‫على كافة الخطاب سواء أكان مصدرها هللا عز وجل أم غيره من المالئكة والجن واإلنس إال أنه‬

‫العطار‪ ،‬حسن‪ ،‬حاشية العطار على جمع الجوامع (‪.)69/1‬‬ ‫‪1‬‬

‫اآللوسي‪ ،‬اآليات البينات (‪)97/1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫العطار‪ ،‬حاشية العطار على جمع الجوامع (‪.)69/1‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫ا اآللوسي‪ ،‬آليات البينات (‪.)97/1‬‬ ‫‪4‬‬

‫الشنقيطي‪ ،‬عبد هللا‪ ،‬نشر البنود على مراقى السعود‪ ،‬ص(‪ ،)23/1‬الشونقيطي‪ ،‬عبود هللا‪ ،‬وفاتح الاودود علاى مراقاى الساعود‬ ‫‪5‬‬

‫ص‪ ،27‬الشنقيطي‪ ،‬محمد مختوار‪ ،‬شرح م ارقى السعود علاى مراقاى الساعود‪ ،‬ص‪ ،12‬وقود وقوع االخوتالف بوين اهول العلوم فوى‬
‫التكليف هل انه الزاما بما فيه كلفه او هو طلبا بما فيه كلفة فعلى التفسير االول يكون المطلوب فعله او تركه طلبا غير حازم‬
‫مكلفوا بووه وعلووى التفسووير الثواني يخوورج المبوواح وقووال بعضوهم المبوواح مكلفووا بووه مون حيووث الواجووب فووى اعتقواده والحاموول علووى هووذا‬
‫التفسير جعل التكليف شامال لجميع اقسام الحكم التكليفى مع شمولها المباح الستكمال االقسام‪ .‬انظر‪ :‬نشر البنود (‪.)25/1‬‬
‫العطار‪ ،‬حاشية العطار على شرح الجالل المحلى على جمع الجواماع (‪ .)47/1‬و ارجوع ايضوا البيضواوى‪ ،‬منهااج الوصاول‬ ‫‪6‬‬

‫الااى علاام االصااول‪ ،‬انظوور االسوونوي‪ ،‬نهايااة السااول شاارح منهاااج االصااول (‪ .)47/1‬الجووزري‪ ،‬مع اراج المنهاااج شاارح مناااج‬
‫الوصول الى علم االصول (‪.)25/1‬‬
‫خضر‪ ،‬حسن سعد‪ ،‬مراتب الحكم الشرعي دراسة اصولية مقارنة‪ .‬ص‪ 55‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪18‬‬
‫بإضافة اسم هللا عز وجل فإنه قيد قد خرج به كل خطاب لم يكن صاد اًر عن هللا عز وجل ومن ثم‬

‫فال يعتد بخطاب الجن واإلنس والمالئكة وال يعتبر ذلك من األحكام الشرعية لدى األصوليين‪.‬‬

‫االعتراض‪ :‬إال أنه قد يعترض على ما سبق بكونه يخرج من إطار الحكم الشرعي ما قد يكون ثابتًا‬

‫بالسنة النبوية أو بإجماع الصحابة أو بطريقة القياس‪.‬‬

‫ويجاب على هذا االعتراض‪ :‬بأن الحكم هو خطاب هللا المطلق‪ ،‬وتلك األمور من معرفات الحكم‬
‫‪1‬‬
‫وأمارة عليه وليست من قبيل األمور المثبتة له‪.‬‬

‫حيث إن المقصود بخطاب هللا هو كالمه المباشر أي القران الكريم‪ ،‬أو بطريق الواسطة‪،‬‬

‫وهو ما يعود الكالم فيه إلى هللا عزوجل من السنة واإلجماع وكافة األدلة الشرعية التى نص عليها‬
‫الشارع من أجل معرفة أحكامه‪2،‬حيث أن السنة النبوية هي البيان آ‬
‫للقرن وتعتبر من الخطاب‬
‫الصادر من الشارع لكونها قد صدرت عن الرسول صلى هللا عليه وسلم وذلك من حيث وصفه‬
‫صلى هللا عليه وسلم رسوالً ال ينطق عن الهوى‪ ،‬وال يقوم بإقرار الخطأ‪ ،‬فضالً إلى أن السنة النبوية‬
‫المطهرة هي الوحي الغير المباشر التى يجب إتباعها‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐ ﭐﱡﭐﲐ ﲑ ﲒ ﲓ‬
‫‪3‬‬
‫ﲔ ﲕ ﲖ ﲗﱠ‪.‬‬

‫كما أن اإلجماع والقياس يمكن اعتبارها من حيث وصفها الدليلين الشرعيين من قبل‬
‫مستمدا لمصدر قوته من‬
‫ً‬ ‫الخطاب االلهي والتي تتعلق بأفعال المكلفين حيث أن اإلجماع هو‬
‫االستناد إلى الكتاب والسنة النبوية‪ ،‬فضالً إلى أن القياس يعد من األدلة الشرعية فى الفروع لكون‬

‫أن العلة للحكم فى األصل هي ثابتة من القرآن الكريم‪ ،‬أو السنة النبوية‪ ،‬أو بطريق إجماع‬
‫الصحابة واألمة حيث أن القياس يعمل على القيام بإظهار الحكم ويكشف عنه وليس أن يقوم‬
‫‪4‬‬
‫بإنشاء الحكم وإيجاده‪.‬‬

‫االسنوى‪ ،‬التمهيد فى تنزيل الفروع على األصول‪ ،‬ص‪.48‬‬ ‫‪1‬‬

‫خضر‪ ،‬حسن سعد‪ ،‬مراتب الحكم الشرعي دراسة اصولية مقارنة‪ .‬ص‪ 55‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الحشر اآلية ‪.7‬‬ ‫‪3‬‬

‫خضر‪ ،‬حسن سعد‪ ،‬مراتب الحكم الشرعي دراسة اصولية مقارنة‪ .‬ص‪ 55‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪19‬‬
‫المتعلق بأفعال المكلفين‪ :‬أي التي تكون مرتبطة بها والتعليق في هذا المقام يعنى االرتباط ويراد‬

‫من التعلق بالفعل صيرورة المكلف مشغول ذمته بما ورد فى هذا الخطاب‪ 1،‬متى كان قد‬
‫استجمعت فيه شروط التكليف‪ ،‬ويعنى أن كالمه هللا عز وجل له ارتباط بتلك األفعال ارتباطاً يعمل‬
‫على إظهار الصفات لتلك األفعال من حيث كونها إما مطلوبة الفعل أو مطلوبة الترك‪ ،‬أو كون‬

‫تلك األفعال مباحة‪ ،‬ومن قبيل ذلك الصالة والزكاة والصوم‪ ،‬أو مطلوبة الترك كالزنى وقتل النفس‪،‬‬
‫أو مباحة أي مخيرة بين فعلها أو تركها‪ ،‬فضالً إلى تلك األفعال التى تكون مطلوبة قد يكون طلبها‬
‫من جهة اللزوم أو من جهة غير اللزوم كما أن طلب الترك قد يكون بدوره الزماً أو غير الزماً‪.‬‬

‫صادر عن المكلف ويكون‬


‫اً‬ ‫المتعلق بأفعال المكلفين‪ :‬واألفعال‪ :‬جمع كلمة فعل ويقصد به ما يكون‬

‫داخالً تحت القدرة له من القول أو الفعل أو االعتقاد‪ ،‬حيث أن الحكم كما يتعلق باألفعال من‬
‫إيجاب الصالة والزكاة فإنها كذلك يتعلق باألقوال ومن قبيل ذلك تحريم الغيبة والنميمة‪ ،‬فضالً إلى‬
‫أنها تتعلق باالعتقاد كاالعتقاد بوحدانية هللا‪ ،‬وهى واجبة حيث أن كل ما يمكن أن يحصل من‬
‫أفعال الجوارح أو أفعال القلوب فإنها تكون داخلة فى مسمى األفعال‪.‬‬

‫والمكلفين‪ :‬وهى جمع مكلف‪ ،‬ويقصد به الفرد البالغ العاقل الذاكر غير الملجأ‪ 2،‬والذي يكون بلغته‬

‫الدعوة‪ 3،‬أي من غير توافر اإلكراه أي بكونه طائعاً‪.‬‬

‫أما أفعال المكلفين المراد بها هنا كافة ما يكون صادر عن المكلف من القول أو الفعل آو‬
‫االعتقاد لكون أن الحكم يتعلق باألفعال كالصالة‪ ،‬فإنه يتعلق باألقوال واالعتقادات‪ 4،‬وهو قيد خرج‬
‫‪8‬‬
‫به المتعلق بالذات اإللهية‪ 5،‬والجمادات‪ 6،‬وذوات المكلفين‪ 7،‬وبفعل هللا عز وجل‪.‬‬

‫المحالوي‪ ،‬تسهيل الوصول إلى علم األصول‪ ،‬ص‪.246‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن النجار الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب المنير (‪.)338/1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابو النور‪ ،‬زهير‪ ،‬مذكرة في اصول الفقه‪ ،‬ص‪.38‬‬ ‫‪3‬‬

‫الحميري‪ ،‬الحكم الوضعى عند األصوليين‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪4‬‬

‫كقوله تعالى (هللا الذي ال اله اال هو) طه ‪.98‬‬ ‫‪5‬‬

‫كقوله تعالى "ويوم نسير الجبال" الكهف ‪ ،47‬وقوله تعالى "وترى الجبال نحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب"‪ .‬النمل ‪.88‬‬ ‫‪6‬‬

‫كقوله تعالى " وهللا خلقكم " فاطر ‪.11‬‬ ‫‪7‬‬

‫القطيعي‪ ،‬قواعد االصول ومعاقد الفصول‪ ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪20‬‬
‫والمكلف فى هذا المقام هو من كان بالغاً عاقالً‪ 1‬مختا اًر إال أنه قد وجه لهذا القيد‬

‫االعتراض بكونه يستلزم القيام بإخراج تلك األحكام التى تكون متعلقة بأفعال الصبيان والمجانين‬
‫وسائر الحيوانات‪ ،‬ومن ثم فإن في االستبدال للفظ العباد بالمكلفين أولى فى بعض المواضع أي‬
‫(المتعلق بفعل العباد) بدالً من أفعال المكلفين هو األولى‪.‬‬

‫ويجاب على هذا االعتراض‪:‬‬

‫بأن التوهم بتعلق الخطاب بأفعال الصبي والمجنون‪ ...‬الد هو فى حقيقته تعلق بأفعال‬
‫‪2‬‬
‫الولي‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالمكره المحمول‪ :‬فإنه يعد كاآللة بال تكليف لكونه تكليفاً بما ال يطيق‪ ،‬حيث إنه‬

‫ال يقصد بالمكلف من تعلق التكليف به وإال فإن للزم الدور‪ 3،‬كما أن أفعال المكلفين هو قيد خرج‬
‫به ذلك الخطاب الذي يتعلق بالذات اإللهية‪ 4،‬ومن ذلك ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ‬
‫‪5‬‬
‫ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ‪.‬‬

‫فضال إلى تلك المتعلقات بالجماد ومنه ﭧ ﭐﭨ ﭐﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ‬


‫ً‬
‫ﱽ ﱿ ﲀ‬
‫ﱾ‬ ‫ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱠ‪ 6،‬وﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐﱺ ﱻ ﱼ‬

‫ﲁﱠ‪ 7،‬حيث أن تلك األمور وان كانت من قبيل الخطاب اإللهي إال أنها ليست من قبيل‬

‫الحكم لعدم التعلق بأفعال المكلفين‪ 8،‬كما أنه قيد خرج به ما يتعلق بذات المكلفين‪ ،‬ومنه‬
‫‪9‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﱠ‪.‬‬

‫السبكي‪ ،‬االبهاج (‪.)44/1‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحميري‪ ،‬الحكم الوضعي عند االصوليين ص‪.25‬‬ ‫‪2‬‬

‫الدور‪ :‬هو توفق الشيء على مايتوفق عليه‪ ،‬راجع الجرجانى‪ ،‬التعريفات ص‪.111‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن اللحام البعلى‪ ،‬القواعد والفوائد االصولية ص‪38‬‬ ‫‪4‬‬

‫سورة ال عمران اآلية ‪.18‬‬ ‫‪5‬‬

‫سورة الكهف اآلية ‪.47‬‬ ‫‪6‬‬

‫سورة سبأ اآلية ‪.10‬‬ ‫‪7‬‬

‫ابن النجار‪ ،‬شرح الكوكاب المنيار (‪ ،)335/1‬االسونوى‪ ،‬نهاياة الساول (‪ ،)57/1‬الشويد حلولوو‪ ،‬الضاياء الالماع شارح جماع‬ ‫‪8‬‬

‫الجوامع (‪.)144-143/1‬‬
‫سورة االعراف اآلية ‪.11‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪21‬‬
‫وقوله اقتضاء‪ :‬يقصد باالقتضاء الطلب‪ ،‬وهو قيد لالحتراز عن بعض من المسائل والتي‬
‫منها ﭧﭐﭨﭐ ﭐﱡﭐﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚﱠ‪ 1،‬وﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ‬

‫ﱅﱠ‪ 2،‬فإ ن تلك اآليات هي متعلقة بأفعال المكلفين إال أنها ليست من األحكام لكونها ليست‬

‫مقصودة على جهة الطلب واالقتضاء بها‪ ،‬بل هي إخبار عن التكليف السابق أو الحاضر‪ 3،‬كما‬
‫أن االقتضاء أو الطلب له أقسام فهو أما طلب بفعل أو طلب بترك‪ ،‬وطلب الفعل إما أن يكون‬

‫جازماً فيكون إيجاباً‪ ،‬وإال فيكون مندوب‪ ،‬أما طلب الترك فإن كان من حيث الجزم فيكون تحريماً‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫وإال كان كراهة‪.‬‬

‫ويقصد باالقتضاء‪ :‬الطلب وقد قام الزركشي ببيان المقصود به حيث قال‪" :‬ونعني‬
‫‪5‬‬
‫باالقتضاء ما يفهم منه خطاب التكليف من استدعاء الفعل أو الترك"‪.‬‬

‫كما أن الطلب إما أن يكون طلباً للفعل أو طلباً بالترك وكل من النوعين إما أن يكون من‬
‫حيث اللزوم أو من حيث الترجيح دون اللزوم‪ ،‬ومن ثم فإن االقتضاء له أربعة أقسام‪:‬‬

‫جازما ومنه قول هللا تعالى‪:‬‬


‫ً‬ ‫طلبا‬
‫اإليجاب‪ :‬وهو الخطاب الشرعي الذي يقتضى الطلب بالفعل ً‬
‫‪6‬‬
‫ﭐﱡﭐﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘﱠ‪.‬‬

‫الندب‪ :‬وهو الخطاب الشرعي الذي يقتضى طلبا بفعل غير جازم ومنه ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ‬
‫‪7‬‬
‫ﱯ ﱰ ﱱﱠ‪.‬‬

‫التحريم‪ :‬وهو ذلك الخطاب الشرعي الذي يكون فيه الطلب بالكف عن الفعل طلباً جازماً‪ ،‬ومنه‬
‫‪8‬‬
‫ﱼ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﱠ‪.‬‬
‫ﱽ‬ ‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱺ ﱻ‬

‫سورة البقرة اآلية ‪.34‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة اآلية ‪.58‬‬ ‫‪2‬‬

‫الصرصري‪ ،‬شرح مختصر الروضة (‪.)253/1‬‬ ‫‪3‬‬

‫اإلسنوي‪ ،‬نهاية السول شرح منهاج الوصول (‪.)32/1‬‬ ‫‪4‬‬

‫الزركشي‪ ،‬البحر المحيط (‪.)117/1‬‬ ‫‪5‬‬

‫سورة البقرة اآلية ‪.185‬‬ ‫‪6‬‬

‫سورة النور اآلية ‪.33‬‬ ‫‪7‬‬

‫سورة االسراء اآلية ‪.32‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪22‬‬
‫الكراهة‪ :‬وهو الخطاب الشرعي الذي يقتضى الكف عن الفعل إال أنه طلب غير جازم ومنه قوله‬

‫صلى هللا عليه وسلم‪" :‬من أكل من هذا فال يقربن مسجدنا"‪.1‬‬

‫وقوله أو تخيي اًر‪ :‬أو هنا للتنويع ومن ثم فال يوجد وجه لالعتراض على استخدامها في التعريف‬

‫تحت باب أنها للشك‪ ،‬أو للترديد اللذان ينافيان ما يكون مطلوباً في التعريفات من حيث الوضوح‬

‫واالنكشاف‪.‬‬

‫والتخيير‪ :‬هو مصدر خير‪ ،‬نقول‪ :‬خيرته بين شيئين إذا فقد فوصت له االختيار‪ ،‬ويراد بذلك‬

‫اإلباحة‪ ،‬ومن ثم فإن األحكام التكلفية الخمسة قد تم إدخالها فى كلمتين فقط أال وهما االقتضاء أو‬

‫التخيير‪ ،‬فهو يعنى اإلباحة‪ 2،‬وهو التسوية بين كون فعل الشيء وبين تركه وذلك دون الترجيح فى‬
‫جانب أحدهما على اآلخر حيث أنه ما كان فيه المكلف مخي اًر بين الفعل والترك‪ 3،‬كإباحة الصيد‬
‫‪4‬‬
‫بعد الفراغ من أعمال الحج وذلك عمالً بمقتضى ﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐﲬ ﲭ ﲮﱠ‪.‬‬

‫ويرد على هذا التعريف بأن فى اعتبار الشيء كونه سبباً أو شرطاً أو مانعاً (وهى أحكام)‬

‫ال يكون فيها اقتضاء وال تخيير وقد تلك األحكام من الحد مع كونها من أفراد المحدود‪.‬‬

‫وقوله أو وضعاً‪ :‬ويقصد بالوضع هو الجعل‪ ،‬والمراد بهذا القيد القيام بإدخال ما قد يكون قد خرج‬

‫ال‬
‫من التعريف‪ ،‬حيث أن المراد به هنا الحكم الوضعي الذي يفيد التعلق للشيء بشيء آخر‪ ،‬فض ً‬
‫إلى الربط بينهما حيث أن الخطاب به قد يكون سبب هذا أو شرطاً له أو مانعاً منه‪ ،‬ومنه دلوك‬
‫الشمس سبباً للصالة والطهارة شرطاً لها‪ 5،‬والدين مانعاً من وجوب الزكاة‪ ،‬كما أنه قد زيد في هذا‬
‫التعريف ما يؤدى إلى التعميم وهو قولهم "أو وضعاً" فأدى إلى إدخال فيه ما قد خرج عنه من أفراد‬
‫‪6‬‬
‫وبذلك فقد استقام الحد‪.‬‬

‫رواه البخوواري فووي صووحيحه موون حووديث ابوون عموور‪ ،‬كتوواب األذان‪ ،‬بوواب مووا جوواء فووي الثوووم النوويء والبصوول والك وراث‪ ،‬حووديث‬ ‫‪1‬‬

‫رقم‪ ،853‬ج‪ ،1‬ص‪.170‬‬


‫التفتازاني‪ ،‬التلويح على التوضيح (‪ ،)14/1‬واالسنوى‪ ،‬نهاية السول شرح مهاج الوصول (‪.)57/1‬‬ ‫‪2‬‬

‫الزركشي‪ ،‬البحر المحيط (‪.)117/1‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة المائدة اآلية ‪.2‬‬ ‫‪4‬‬

‫لصدر الشريعة التوضيح بشرح التلويح (‪.)25-24/1‬‬ ‫‪5‬‬

‫عضد الملة والدين اإليجي‪ ،‬شرح مختصر ابن الحاجب (‪.)222/1‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪23‬‬
‫ومن ثم فإن الوضع فى األحكام الشرعية يقصد به‪ :‬هو خطاب هللا الذي يكون متعلقاً بأن‬

‫يجعل الشيء سبباً فى فعل المكلف‪ ،‬أو شرطاً فى فعله‪ ،‬أو مانعاً عن الفعل‪ ،‬أو فى اعتبار الشيء‬
‫من حيت الصحة‪ ،‬أو الفاسد‪ ،‬أو الباطل‪.‬‬

‫كما إنه من تلك األمثلة السابقة فانه يتضح‪ :‬أن دلوك الشمس‪ ،‬قد جعل من الشارع سبباً‬
‫فى وجوب الصالة وذلك وفقاً لقوله ﭐتعالى ﭐﱡﭐ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ‬
‫‪1‬‬
‫ﱥ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫﱠ‪.‬‬
‫ﱦ‬

‫كما أن رؤية هالل هو دليل على دخول الشهر وان كان هو شهر رمضان فإنه سبب فى‬
‫‪2‬‬
‫وجوب الصيام ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘﱠ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الفقه ل ًغة واصطالحاً‪:‬‬

‫تعريف الفقه لغة‪:‬‬

‫يراد بلفظ الفقه عند االطالق [الفهم]‪ ،‬والعلم به فيقال فقه‪ ،‬الكسر لمطلق الفهم‪ ،‬والضم متى‬
‫كان له سجية‪ ،‬وبالفتح متى ظهر على غيره ويقال فقهت الحديث أفقهه‪ :‬أي فهمته وسواء أكان‬
‫الفهم دقيقاً‪ ،‬أو كان فهماً سطحياً حيث يقال تفقه الرجل تفقهاً أي تعاطا الفقه‪ 3،‬يقال فقه يفقه كعلم‬
‫‪4‬‬
‫يعلم‪ ،‬أي فهم مطلقاً ويقال فقه يفقه مثل كرم يكرم أي صار الفقه له سجيه‪ ،‬ويقال أوتي فالن فقهاً‬
‫‪5‬‬
‫في الدين أي فهماً فيه‪.‬‬

‫سورة االسراء اآلية ‪.78‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة اآلية ‪.185‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابو العباس‪ ،‬المصباح المنير (‪ .)479/2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب باب الفاء مادة [فقه] (‪.)1119/2‬‬ ‫‪3‬‬

‫الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ ،‬الفقه االسالمي وادلته‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.15‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬الهروي‪ ،‬تهذيب اللغة (‪.)13/1‬‬


‫‪24‬‬
‫والفقه في اللغة بمعنى الفهم وهو إدارك معنى الكالم‪ 1،‬ومنه ﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐﳃ ﳄ‬
‫‪2‬‬
‫ﳅﱠ‪.‬‬

‫القرن الكريم‬
‫كما أن لفظ الفقه وفقاً للمعنى السابق قد ورد فى العديد من المواضع فى آ‬
‫والسنة النبوية المطهرة ومنها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ﭧﭐﭨﭐ ﭐﱡﭐﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒﱠ‪ ،3‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ‬

‫ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱠ‪ 4،‬ﭧﭐﭨﭐ ﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﱠ‪ .‬ﭐ‪5‬وقال‬

‫الرسول صلى هللا عليه وسلم في دعائه البن عباس‪" :‬اللهم فقهه في الدين"‪ 6،‬وقوله صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪" :‬إذا أراد هللا عز وجل بعبد خير فقهه فى الدين"‪ 7،‬وقوله صلى هللا عليه‬
‫‪8‬‬
‫وسلم‪" :‬ورب حامل فقه ليس بفقيه"‪.‬‬

‫ابن المبرد‪ ،‬كتااب غاياة الساول الاى علام االصاول ص‪ /30‬المحلوى جوالل الودين كتواب شارح الورقاات فاى اصاول الفقاه –‬ ‫‪1‬‬

‫المحلى‪ ،‬ص‪ ،68‬كما ان تعريف الفقه لغه بالفهم هو راى أكثر االصوليين‪ ،‬قاله االمدى وابن قدامة والشووكانى وغيورهم وعرفوه‬
‫ابووو الحسووين البصووري واالمووام ال ورازي بانووه فهووم غوورض المووتكلم موون كالمووه وعرفووه امووام الحوورمين والجرجوواني بانووه العلووم وهنالووك‬
‫تعريفات اخرى للفقه لغة‪ ،‬ابن قدامة‪ ،‬روضة الناظر (‪ ،)7/2‬الشووكاني‪ ،‬ارشااد الفحاول ص‪ ،3‬أبوو العبواس‪ ،‬المصاباح المنيار‬
‫(‪ ،)479/2‬الجرجاني‪ ،‬التعريفات ص‪ ،90‬الزركشي‪ ،‬البحر المحيط (‪.)19/1‬‬
‫سورة التوبة اآلية ‪.122‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة النساء اآلية ‪.78‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة هود اآلية ‪.91‬‬ ‫‪4‬‬

‫سورة طه اآلية ‪.27‬‬ ‫‪5‬‬

‫أخرجه البخاري فى كتاب الوضوء باب وضع الماء عند الخالء (‪ )135/1‬رقم ‪ 140‬عن ابن عباس‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫اخرجووه البخوواري فووى صووحيحه كتوواب العلووم بوواب موون يوورد هللا بووه خيو ار يفقهووه فووي الوودين (‪ )101-100/1‬رقووم ‪ 70‬عوون معاويووة‬ ‫‪7‬‬

‫رضي هللا عنه‪ ،‬ومسلم فى صحيحه كتاب االمارة باب قوله صلى هللا عليه وسلم "ال تزال طائفة من امتى ظاهرين على الحوق‬
‫ال يضرهم من خالفهم" (‪ )1524/3‬رقم ‪.1037‬‬
‫اخرجه االمام احمد في مسنده ‪ 183‬عون زيود بون ثابوت رضوي هللا عنوه وابوو داوود فوى السونة ‪ /‬كتواب العلوم بواب فضول نشور‬ ‫‪8‬‬

‫العلووم ‪ 69-68/4‬رقووم ‪ ،3660‬عوون زيوود بوون ثابووت رضووي هللا عنووه والتزمووذى فووى السوونة اب وواب العلووم ‪ /‬بوواب البحووث علووى تبليووغ‬
‫السووماع رقووم ‪ 2685‬وقووال حووديث حسوون وابوون ماجووه فووى السوونة المقدمووة ‪ /‬بوواب موون بلووغ علمووا رقووم ‪ 230‬وبوورقم ‪ 3506‬كتوواب‬
‫المناسك‪ .‬قال الشيح شعيب األرنؤوط اسناده صحيح‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫وهو مصدر من فقه بكسر عين الفعل في الماضي يفقه‪ ،‬بفتح عينه في المضارع‪ ،‬وله لغة‬

‫أخرى أال وهي فقه بالضم فى الماضي والمضارع‪ ،‬وهي تشير إلى رسوخ ملكة الفقه في النفس إلى‬
‫‪1‬‬
‫أن تصير طبعاً وسجية‪.‬‬
‫والفقه هو مصدر غير مقيس بل إن األصل فيه السماع‪ ،‬ويرجع األصل إلى معنيان وذلك‬

‫وفقاً الختالف وجهة نظر علماء اللغة في التفسير األول لمادة فقه‪:‬‬

‫‪ .1‬الفهم والفطنة واإلدراك والعلم وهو أصالً قد اقتصرت عليه أغلب المعاجم ومنها الجوهري‬

‫في صحاحه والمجد فى قاموسه‪ ،‬والفيومي فى مصباحه‪ ،‬كما أنه األصل األكثر أخ ًذا به‬

‫من قبل األئمة األوائل حيث يقول أحمد بن فارس المتوفى عام (‪ 395‬هجرية)‪" :‬فقه الفاء‬
‫والقاف والهاء أصالً واحداً صحيحاً داالً على إدارك الشيء والعلم به يقال فقهت الحديث‬
‫افقهه وكل علم بالشيء فهو فقه يقال ال يفقه وال ينقه‪ ،‬ثم اختص به علم الشريعة فيقال‬
‫‪2‬‬
‫لكل عالم بالحالل والحرام فقيه وأفقهتك الشيء إذا بينته لك"‪.‬‬

‫‪ .2‬رجوع األصل فى المعنى إلى الشق والفتح وهو ما قد ذهب إليه أيضاً الزمخشري في الفائق‬
‫في غريب الحديث‪ ،‬وأبو السعادات إبن األثير فى النهاية فى غريب الحديث كذلك‪3.‬حيث‬

‫أن الزمخشرى ورد القول‪" :‬سلمان رضي هللا عنه نزل على نبطية بالعراق فقال لها هل هنا‬
‫مكان نظيف أصلى فيه فقالت‪ :‬طهر قلبك وصل حيث شئت‪ ،‬فقال سلمان‪ ،‬فقهت أي‬
‫‪4‬‬
‫فطنت وارتأت الصواب"‪.‬‬

‫كما أن الفقه حقيقة الشق والفتح‪ ،‬والفقيه العالم هو الذي يشق األحكام ويفتش في الحقائق‬
‫الخاصة بها ويفتح المنغلق منها وما قد وقع من العربية فاؤه فاء عينه قاف جله دال على هذا‬
‫المعنى‪ ،‬ومنه قولهم تفقا شحما وفقح الجرو وفقر للغسيل‪ 5.‬إال أن ما ذهب إليه الزمخشري وابن‬

‫الزبيدي‪ ،‬تاج العروس (‪.)204/9‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن الفارس‪ ،‬مقاييس اللغة (‪.)442/4‬‬ ‫‪2‬‬

‫الزمخشري‪ ،‬الكشاف‪.)134/3( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫الزبيدي‪ ،‬تاج العروس (‪.)402/9‬‬ ‫‪4‬‬

‫الزمخشري‪ ،‬الكشاف‪)134/3( ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪26‬‬
‫السعادات من كون أن الفقه في األصل اللغوي راجع إلى الشق والفتح ليس بظاهر لكونه يخالف‬

‫كالم األئمة القدماء والسابقين له من حيث الزمن‪ ،‬فضالً إلى أن الزمخشري قد اعتمد على القياس‬
‫بطريق االشتقاق األكبر وهو ما فيه من المناسبة لبعض األحرف األصلية فحسب‪ ،‬حيث إنه يعد‬
‫ضعيفاً وغير مقيس وفي ذلك يقول أبو حبان‪" :‬لم يقل باالشتقات األكبر من النحاة إال ابن الفتح‬

‫وكان ابن الباذش يأنس به"‪ 1،‬كما أن جمهور العلماء وفقاً لمذهبهم هو أن اللغة ال يمكن إثباتها‬
‫بالقياس وهو الراجح لدى ابن الحاجب حيث أن اللغة تقل محضاً‪2.‬وقد حاول البعض من‬
‫األصوليين التوسع فى المعنى اللغوي حيث قال القرافى‪ :‬أن الفقه على الشعر والطب وتبعه فى‬
‫‪3‬‬
‫ذلك بعض من األصوليين فقالوا‪ :‬بأن الفقه لغة الفهم والشعر والطب‪.‬‬

‫إال أن هذا الكالم قد يكون مجا اًز لغوياً لكون أن الشعر والطب فى حاجة إلى الفهم والفطنة‬
‫حيث أنه تعبير بالملزوم عن الالزم‪ ،‬كما أن العرب لم تكن تطلق على الفقه طب‪ ،‬وقد ذهب‬
‫العالمة ابن القيم فى أعالم الموقعين إلى أن الفقه هو أخص من الفهم لكون الفقه فهم لمراد‬
‫‪4‬‬
‫المتكلم من كالمه‪ ،‬وبالتالي فهو القدر الزائد على الفهم لما وضع له اللفظ‪.‬‬

‫معنى الفقه في االصطالح الشرعي‪:‬‬

‫عرفه اإلمام أبو حنيفه بأنه‪" :‬معرفة النفس لما لها ولما عليها"‪ 5،‬والمعرفة عبارة عن‬
‫اإلدارك لجزيئات عن دليل‪ ،‬ويراد بها في هذا المقام سببها وهى الملكة الحاصلة من التتبع للقواعد‬
‫مرة بعد أخرى‪.‬‬

‫وهو تعريف عام شامل ألحكام االعتقاديات كوجوب اإليمان والوجدانيات كاألخالق‬
‫والعمليات وهو الفقه األكبر‪ ،‬وعرفه الشافعي بأنه‪" :‬العلم باألحكام الشرعية العملية المكتسبة من‬
‫أدلتها التفصيلية"‪ 6‬كالصالة‪.‬‬

‫الشنقيطي‪ ،‬نشر البنود على مراقي السعود (‪.)115/1‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع السابق ص‪111‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرجع السابق ص‪ ،19‬ويراجع للشوكاني‪ ،‬إرشاد الفحول ص‪.16‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن قيم الجوزية‪ ،‬إعالم الموقعين (‪.)219 /1‬‬ ‫‪4‬‬

‫التفتازاني‪ ،‬التوضيح لمتن التنقيح (‪.)10/1‬‬ ‫‪5‬‬

‫ابو زرعة‪ ،‬شرح جمع الجوامع للمحلي (‪ )32/1‬ابن الحاجب‪ ،‬شرح العضد لمختصر (‪.)18/1‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪27‬‬
‫كما يقصد بالفقه شرعا‪ 1:‬هو معرفة األحكام الشرعية بطريق االجتهاد‪ ،‬كالعلم بوجوب النية في‬

‫مندوبا‪ 3،‬وأيضاً‪" :‬هو معرفة األحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية‬


‫ً‬ ‫الوضوء‪ 2،‬وكون الوتر‬
‫‪4‬‬
‫باالستدالل"‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تعريف األحكام الفقهية ل ًغة واصطالحاً‪.‬‬

‫تعريف األحكام الفقهية ل ًغة‪:‬‬

‫يقول الفيومي‪" :‬الحكم القضاء‪ ،‬وأصله المنع‪ ،‬يقال‪ :‬حكمت عليه بكذا إذا منعته من خالفه‬

‫فلم يقدر على الخروج من ذلك‪ ،‬وحكمت بين القوم فصلت بينهم فأنا حاكم‪ ،‬وحكم بفتحتين والجمع‬
‫‪5‬‬
‫حكام ويجوز بالواو والنون"‪.‬‬

‫بمعنى أن الحكم يقصد به القضاء‪ ،‬وهو فى األصل من المنع‪ ،‬فيقال‪ :‬حكمت على فالن‬
‫بكذا إذاً فقد قمت بمنعه من خالف ما تم الحكم به‪ ،‬وبالتالي فال يستطيع الخروج عنه‪ ،‬وقوله‬
‫وحكمت بين القوم أي قمت بالفصل فيما بينهم‪.‬‬

‫ويقول المرداوي‪( :‬أعلم أن الحكم مصدر قولك‪ :‬حكم بينهم يحكم حكماً‪ ،‬إذا قضى‪ ،‬ومعناه‬
‫في اللغة‪ :‬المنع‪ ،‬وإليه ترجع تراكيب مادة‪[ :‬ح‪ ،‬ك‪ ،‬م] أو أكثرها‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬حكمت الرجل تحكيماً‪،‬‬

‫المحلي‪ ،‬كتاب شرح الورقات في اصول الفقه ص‪.68‬‬ ‫‪1‬‬

‫وهو مذهب جمهور الفقهاء وأما الحنفية فالنية عندهم سنة انظر النووي‪ ،‬المجموع (‪ ،)312/1‬ابون قداموة‪ ،‬المغناي (‪،)84/1‬‬ ‫‪2‬‬

‫القرافي‪ ،‬الذخيرة (‪ )241-240/1‬ابن الحاجب‪ ،‬جامع األمهات ص‪.44‬‬


‫وهو مذهب جمهور الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة‪ ،‬وقال أبو حنيفة‪ :‬الوتر واجب‪ .‬انظر الصاوي‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫بلغااة السااالك (‪ ،)137 /1‬ابوون الحاجووب جااامع األمهااات ص‪ ،133‬الموواوردي‪ ،‬الحاااوي الكبياار (‪ ،)278/2‬الرامينووي‪ ،‬الفااروع‬
‫(‪.)537/1‬‬
‫ابن المبرد‪ ،‬كتاب غاية السول الى علم االصول ص‪.30‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ 5‬السمرقندى‪ ،‬ميزان األصول فى نتائج العقول ص‪ ،17‬ابو العباس‪ ،‬المصباح المنير فى غريب الشرح الكبير‪ ،‬وانظر أيضا‪:‬‬
‫الهروي‪ ،‬تهذيب اللغة‪ .‬عبد القادر‪ ،‬زين الدين أبو عبد هللا محمد بن أبي بكر بن الحنفوي الورازي المتووفي ‪ 666‬هجريوا‪ ،‬تحقيوق‬
‫يوسوف الشوويد محموود‪ ،‬المكتبوة العصورية الوودار النموذجيووة‪ ،‬بيوروت –صوويدا‪ ،‬ط‪1420 5‬هجريووة ‪1999‬م‪ ،‬مختااار الصااحاح‪ .‬ابوون‬
‫منظووور‪ ،‬لسااان العاارب‪ .‬الزبيوودي‪ ،‬محموود بوون محموود بوون عبوود ال ورازق الحسوويي أبووو الفوويض الملقووب بمرتضووي المتوووفي ‪1205‬ه‪،‬‬
‫تحقيق محموعة م المحقيقين‪ ،‬دار الهداية‪ ،‬تاج العروس‪ :‬مادة (ح ك م(‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫إذا منعته مما أراد‪ .‬وحكمت السفيه بالتخفيف وأحكمت‪ ،‬إذا أخذت على يده‪ ،‬وسمي القاضي‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫حاكماً؛ لمنعه الخصوم من التظالم‪.‬‬

‫تعريف األحكام الفقهية اصطالحاً‪:‬‬

‫يختلف الحكم لدى األصوليين كما سبق أما الحكم الفقهي أو الرأي الفقهي فيقصد به‪:‬‬
‫"اجتهاد الفقيه المجتهد في مسألة ما‪ ،‬والتي ال يكون فيها نص يبين الحكم فيها"‪2،‬أو هو مدلول‬
‫خطاب الشرع‪ 3،‬كما أن المجتهد قد يصيب حكم هللا وقد يخطئه‪ ،‬وفى حال ما إذا أخطأ الفقيه‬

‫فيكون له أجر االجتهاد وال يكون عليه إثم‪ ،‬قد أوضح ابن القيم هذا المعنى فقال في إعالم‬

‫الموقعين‪ :‬ال يجوز للمفتي أن يشهد على هللا ورسوله بأنه أحل كذا أو حرمه أو أوجبه أو كرهه إال‬
‫لما يعلم أن األمر فيه كذلك مما نص هللا ورسوله على إباحته أو تحريمه أو إيجابه أو كراهته‪ ،‬وأما‬
‫ما وجده في كتابه الذي تلقاه عمن قلده دينه فليس له أن يشهد على هللا ورسوله به‪ ،‬ويغر الناس‬
‫بذلك‪ ،‬وال علم له بحكم هللا ورسوله‪ ،‬قال غير واحد من السلف‪ :‬ليحذر أحدكم أن يقول‪ :‬أحل هللا‬
‫كذا‪ ،‬أو حرم هللا كذا‪ ،‬فيقول هللا له‪ :‬كذبت‪ ،‬لم أحل كذا‪ ،‬ولم أحرمه‪ ،‬وثبت في صحيح مسلم من‬
‫حديث بريدة بن الحصيب أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬وإذا حاصرت حصنا فسألوك‬

‫أن تنزلهم على حكم هللا ورسوله فال تنزلهم على حكم هللا ورسوله‪ ،‬فإنك ال تدري أتصيب حكم هللا‬
‫فيهم أم ال‪ ،‬ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك"‪ ،‬وسمعت شيد اإلسالم يقول‪ :‬حضرت‬
‫مجلساً فيه القضاة وغيرهم‪ ،‬فجرت حكومة حكم فيها أحدهم بقول زفر‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما هذه الحكومة؟‬
‫فقال‪ :‬هذا حكم هللا‪ ،‬فقلت له‪ :‬صار قول زفر هو حكم هللا الذي حكم به وألزم به األمة؟ قل‪ :‬هذا‬
‫حكم زفر‪ ،‬وال تقل هذا حكم هللا‪ ،‬أو نحو هذا من الكالم‪ ،‬انتهى‪.4‬‬

‫المرداوي‪ ،‬التحبير شرح التحرير فى اصول الفقه (‪.)789 /2‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابوون النجووار‪ ،‬شاارح الكوكااب المنياار المساامي بمختصاار التحرياار او المختباار المبتكاار شاارح المختصاار فااي اصااول الفقااه‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.333‬‬
‫والسبب في اختالف التعريفين ان علماء االصول نظروا الى الحكوم مون حيوث مصودره وهوو هللا تعوالى حيوث ان الحكوم صوفة‬ ‫‪3‬‬

‫له فقالوا ان الحكم خطاب‪ ،‬اما الفقهاء فنظروا اليه من ناحية متعلقة وهوو فعول المكلوف فقوالوا ان الحكوم مودلول الخطواب واثوره‪.‬‬
‫االمدى‪ ،‬االحكام (‪.)95/1‬‬
‫ابن قيم الجوزية‪ ،‬إعالم الموقعين (‪)72/6‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪29‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫الطيور‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الطير لغ ًة واصطالحاً‪.‬‬

‫أوًال‪ .‬تعريف الطير ل ًغة‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫قال ابن فارس‪" 1:‬الطاء والياء والراء أصل واحد يدل على خفة الشيء فى الهواء"‪.‬‬

‫وقيل إن الطير هو كل ما يطير فى الهواء من ذوى الجناحين‪ 3،‬ومفرد الطيور طائر‬


‫وطير والجمع طيور وأطيار‪ ،‬والطيران هي الحركة لذي الجناح فى الهواء بجناحه طار الطائر‬
‫‪4‬‬
‫يطير طي اًر وطيراناً وطيرورة‪.‬‬

‫كما أن الطيور من حيث اللغة تطلق ويراد بها معنيين وهما‪:‬‬

‫‪ .1‬كل ما يطير بجناحين فى الهواء‪:‬‬

‫حيث يقال كل ما يطير بجناحين فى الهواء طيور‪ ،‬كما أنها أي الطيور تطلق على جمع‬
‫‪5‬‬
‫الطير‪ :‬طيور وأطيار‪.‬‬

‫‪ .2‬سريع الغضب‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫فيقال على سريع الغضب طيور‪ ،‬وإنه لطيور فيور‪ 6‬أي سريع الغضب‪ ،‬سريع الرجوع‪،‬‬
‫والمراد بالطير في هذا المقام هو سريع االستجابة والتأثير‪.‬‬

‫القزوينى‪ ،‬معجم االدباء (‪ ،)411/1‬خلكوان‪ ،‬وفيات االعيان وانباء ابناء الزماان‪ ،)118/1( ،‬الوذهبي‪ ،‬ساير اعاالم النابالء‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫(‪.)538/12( ،)1985/145‬‬
‫انظر‪ :‬البن فارس‪ ،‬مقاييس اللغة (‪.)435/3‬‬ ‫‪2‬‬

‫الزيات‪ ،‬المعجم الوسيط (‪.)574/2‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪.)585/4( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪.)450/12( ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫المرجع السابق‬ ‫‪6‬‬

‫المديني‪ ،‬المجموع المغيث في غريبي الق ارن والحديث‪.)378/2( ،‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪30‬‬
‫ثانياً‪ :‬تعريف الطيور من حيث االصطالح‪:‬‬

‫إ ن التعريف االصطالحي للطيور ال يخرج عن تعريفها من حيث اللغة حيث إنه بمعنى‬
‫طيران ذي الجناح في الهواء‪ ،‬وقد عرفت الطيور بكونها‪" :‬كل ما يرتفع فى الهواء بجناحيه من‬
‫ذوات األرواح"‪ 1،‬كما يمكن أن تعرف بكونها‪" :‬مجموعة من الحيوانات الفقارية‪2‬من ذوات الدم‬

‫الحار والتي تمتلك أجنحة وريشاً‪3،‬ولها قدرة على الطيران باستثناء بعض من األنواع القليلة والتي‬
‫تستخدم تلك األجنحة من أجل التوازن خالل المشي والجري أو السباحة في الماء‪ ،‬ومن تلك األنواع‬
‫البطاريق والنعام الذي يعد أكبر الطيور في العالم‪ ،‬خالفاً لطائر الطنان فهو أصغر الطيور‪ ،‬أو‬

‫هي مجموعة من الحيوانات ذات الدم الحار التي تعتبر أقرب إلى الزواحف منها للثدييات‪ ،‬وتمتلك‬
‫قلباً يتألف من أربع حجرات‪ :‬أذينين وبطينين‪ ،‬كما يوجد لها أربعة أطراف تحول اثنين منها إلى‬
‫بصر قوياً يمثل حاستها األساسية في التعرف‬
‫اً‬ ‫جناجين‪ ،‬وتضع بيوضاً‪4‬ذات قشرة صلبة‪ ،‬وتمتلك‬
‫‪5‬‬
‫على بيئتها المحيطة‪ ،‬وحاسة الشم لديها بدائية‪ ،‬وسمعاً محدوداً بعض الشيء‪.‬‬

‫شرح التعريف‪:‬‬

‫جيدا لكون أن القول الوارد فيه (كل ما يرتفع فى‬


‫ومن ثم فإن هذا التعريف يعتبر تعريفاً ً‬
‫الهواء) هو قيد خرج به كل ما يمشي على األرض من الثدييات والزواحف وما إلى ذلك‪.‬‬

‫وقوله‪( :‬بجناحيه) قيد ٍ‬


‫ثان خرج به ما يرتفع عن سطح األرض بدون أجنحة ومن ثم يعود‬
‫لوضعه الطبيعي سريعاً ومن ذلك األسماك التي ترتفع أحياناً عن سطح الماء ثم تعود إلى الغوص‬
‫فضال إلى أن البعض من الحيوانات البرية تستطيع القفز فى الهواء خالل اللعب أو في‬
‫ً‬ ‫مجدداً‪،‬‬
‫قيامها بمطاردة الفريسة أو في االفتراس وما إلى ذلك‪ ،‬هذا وهللا اعلم‪.‬‬

‫عمان‪ ،‬ط‪1429 ،1‬ه‪2008-‬م‪.)1430/2( .‬‬ ‫عمر‪ ،‬أحمد مختار عبد الحميد‪ ،‬معجم اللغة العربية المعاصر‪ ،‬عالم الكتب‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬

‫هيئووة موون المووؤلفين‪ ،‬الموسااوعة العربيااة العالميااة‪ ،‬مؤسسووة أعمووال الموسوووعة للنشوور والتوزيووع‪ ،‬الريوواض‪ ،‬ط‪ )1999( ،2‬جووزء‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،15‬صفحة ‪( ،405-355‬ص ‪ -‬ض ‪ -‬ط – ظ)‪.‬‬


‫هيئة من المؤلفين‪ ،‬موسوعة األجيال‪ ،‬دار األجيال‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪ )2004( ،1‬جزء الحيوانات‪ ،‬ص‪.28-24‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬جيني جونسون‪ ،‬موسوعة ‪ 1000‬حقيقة عن الطيور‪ ،‬دار األجيال‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪ ،2009 ،1‬ص‪.15-7‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Frank Gill, Austin L. Rand, Robert W. Storer, "Bird | Animal", Encyclopedia‬‬
‫‪www.britannica.com, Retrieved 16-01-2017.‬‬
‫‪31‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الطيور وأقسامها‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أنواع الطيور‪:‬‬

‫توجد أنواع متعددة من الطيور حول العالم والتي يصل عددها إلى ما يقارب العشرة االف‬
‫نوع‪ ،‬وقد قام علماء األحياء بتصنيف الطيور إلى عدة مجموعات وذلك باالستناد إلى الوظائف‬

‫الخاصة بها والتشريح الداخلي للطيور‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫رتب طائفة الطيور ال (‪:)28‬‬

‫معلومات عنها‬ ‫اسم الرتبة‬

‫فوق رتبة قديمات الفك‪ّ :‬‬


‫تتكون من عدد قليل تتكون من ‪ 47‬نوعاً‪ ،‬وتعد قادرة على الطيران‪.‬‬
‫من األنواع وتحتوي على جميع مسطحات‬
‫الصدر)‪( ،(Ratites‬و ِ‬
‫التناميات‪،(tinamous‬‬
‫وتُقسم إلى ‪ 5‬رتب كاآلتي‪:‬‬
‫التناميات)‪، (TINAMIFORMES‬‬‫رتبة ِ‬
‫تتكون من نوعين غير قادرة على الطيران‪،‬‬ ‫رتبة الريفورمات)‪: (RHEIFORMES‬‬
‫وتتواجد في أمريكا الجنوبية‪.‬‬
‫هي نوع واحد‪ ،‬وتعد أكبر أنواع الطيور‪ ،‬وهي‬ ‫النعاميات‬ ‫رتبة‬
‫سريعة جداً بالرغم من أنها غير قادرة على‬ ‫)‪(STRUTHIONIFORMES‬‬
‫الطيران‪ ،‬كما أنها تتواجد في أفريقيا‪.‬‬
‫‪ :‬تتكون من ‪ 4‬أنواع غير قادرة على الطيران‪،‬‬ ‫الشبنميات‬ ‫رتبة‬
‫وتتواجد في أستراليا‪ ،‬ومن أنواعه الشبنم‬ ‫)‪(CASUARIIFORMES‬‬
‫واإليمو‪.‬‬
‫تتكون من ‪ 3‬أنواع موجودة في نيوزيلندا‪،‬‬ ‫رتبة الكيويات‪(Apterygiformes):‬‬
‫وتعتبر بيوضه األكبر حجماً من بين جميع‬
‫الطيور نسبة إلى حجمها‪ ،‬وهي غير قادرة على‬
‫الطيران‪.‬‬
‫فوق رتبة حديثات الفك‪ :‬تضم جميع الطيور تحتوي على ‪ 258‬نوعاً‪ ،‬وتتواجد في كل‬

‫‪1‬‬
‫‪"IOC World Bird List", www.worldbirdnames.org, Retrieved 5-5-2019. Edited. ↑ " Birds of‬‬
‫‪the World", hydrodictyon.eeb.uconn.edu, Retrieved 5-5-2019. Edited.‬‬
‫‪32‬‬
‫الدراج‪.‬‬
‫الحديثة‪ ،‬ويختلف تركيب عظامها عن قديمات الدول‪ ،‬ومن أنواعه الدجاج الحبشي و ّ‬
‫الفك‪ ،‬وتنقسم إلى ‪ 24‬رتبة تقريباً كما يأتي‪:‬‬
‫رتبة الدجاجيات)‪: (Galliformes‬‬
‫توجد في جميع أنحاء العالم‪ ،‬ويوجد منها ‪161‬‬ ‫رتبة إوزيات الشكل)‪: (Anseriformes‬‬
‫نوعاً‪ ،‬كما يعيش معظمها في الماء‪ ،‬ومن‬
‫أنواعه اإلوز والبجع والبط‪.‬‬
‫تحتوي على ‪ 17‬نوعاً‪ ،‬ويتواجد معظمها في‬ ‫رتبة البطريقيات)‪: (Sphenisciformes‬‬
‫المحيط الجنوبي‪ ،‬كما أنها ال تستطيع الطيران‬
‫وتستطيع السباحة في الماء‪ ،‬كما أن جسمها‬
‫يتكيف مع البرد الشديد من خالل الريش‬
‫ّ‬
‫الكثيف‪ ،‬وطبقة دهون سميكة‪.‬‬
‫تحتوي على ‪ 5‬أنواع‪ ،‬وتتواجد في القطب‬ ‫رتبة الغواصيات)‪: (Gaviiformes‬‬
‫الجنوبي‪ ،‬وتستطيع الغوص والسباحة في‬
‫الماء‪ ،‬كما أنها تتغذى على األسماك‪.‬‬
‫تحتوي على ما يقارب ‪ 115‬نوعاً من الطيور‪،‬‬ ‫رتبة النوئيات)‪: (Procellariiformes‬‬
‫وتتواجد في جميع المحيطات‪.‬‬
‫تحتوي على ‪ 21‬نوعاً‪ ،‬وتتواجد في جميع‬ ‫رتبة الغطاسيات)‪: (Podicipediformes‬‬
‫أنحاء العالم‪ ،‬وتستطيع الغوص والسباحة تحت‬
‫الماء باستخدام القدمين للبحث عن الغذاء‪.‬‬
‫تحتوي على ‪ 5‬أنواع‪ ،‬وتتواجد في المناطق‬ ‫رتبة النحاميات الوردية ‪:‬‬
‫االستوائية وشبه االستوائية في جميع أنحاء‬ ‫)‪(Phoenicopteriformes‬‬
‫اليا‪،‬وعادة ما توجد في‬
‫ً‬ ‫العالم باستثناء أستر‬
‫البحيرات المالحة والبحيرات الضحلة‪.‬‬
‫تحتوي على ‪ 120‬نوعاً تقريباً‪ ،‬وتوجد في‬ ‫رتبة اللقلقيات)‪: (Ciconiiformes‬‬
‫شاطئية طويلة‬
‫ّ‬ ‫جميع أنحاء العالم‪ ،‬طيور‬
‫األقدام كمالك الحزين‪ ،‬ابن الماء‪ ،‬الّلقلق‪ ،‬أبو‬
‫ملعقة‪ ،‬أبو منجل (الحارس)‬
‫تحتوي على ‪ 67‬نوعاً تقريباً‪ ،‬وتتواجد في جميع‬ ‫رتبة البجعيات)‪: (Pelecaniformes‬‬
‫المحيطات‪ ،‬والمناطق االستوائية المعتدلة‪،‬‬

‫‪33‬‬
‫كليا ومنقار ذو جيب‬‫كفية ّ‬‫طيور ذات أقدام ّ‬
‫شبكي كالبجعة‪ ،‬الغاق‪ ،‬األطيش‪.‬‬
‫ّ‬
‫تحتوي على ‪ 240‬نوعاً تقريباً وتتواجد في‬ ‫رتبة الجوارح)‪: (Accipitriformes‬‬
‫جميع دول العالم‪.‬‬
‫تحتوي على ‪ 64‬نوعاً تقريباً من طيور افتراس‬ ‫رتبة صقريات الشكل)‪: (Falconiformes‬‬
‫وتتواجد في جميع دول العالم‪ ،‬وتتغذى على‬
‫اللحوم‪.‬‬
‫الجراح (الشاهين)‪ ،‬الباز‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كالعقاب‪ ،‬الصقر‬
‫ُ‬
‫الصقر‪ ،‬النسر‬
‫تحتوي على ‪ 210‬أنواع تقريباً وتتواجد في‬ ‫رتبة الكركيات)‪: (Gruiformes‬‬
‫جميع دول العالم‪ ،‬وتشمل األنواع البرية والمائية‬
‫وشبه المائية‪.‬‬
‫الغرنوق‬
‫سبخية وطيور برّية كالتّفلق‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫طيور‬
‫الحباری‪،‬‬
‫الغ ّرة‪ ،‬دجاجة الماء‪ُ ،‬‬
‫(الكركي)‪ُ ،‬‬
‫ّ‬
‫المبوق‬
‫ّ‬
‫تحتوي على أكثر من ‪ 300‬نوع تقريباً وتتواجد‬ ‫رتبة الزقزاقيات)‪: (Charadriiformes‬‬
‫في جميع أنحاء العالم‪ ،‬وتعد معظمها طيو اًر‬
‫شاطئية‬
‫ّ‬ ‫مائية‬
‫الزقزاق‪ ،‬الكروان‪،‬‬
‫الرمل‪ّ ،‬‬‫زمار ّ‬ ‫كالنورس‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الخرشنة‪ ،‬صائد المحار‪ ،‬األوك‪.‬‬
‫تحتوي على ‪ 16‬نوعاً‪ ،‬وتتواجد في دول العالم‬ ‫رتبة أشكال القطويات ‪:‬‬
‫القديم‪ ،‬وتعيش بشكل عام على األراضي‬ ‫)‪(Pteroclidiformes‬‬
‫الجافة‪.‬‬
‫تحتوي على أكثر من ‪ 300‬نوع تقريباً وتتواجد‬ ‫رتبة الحماميات)‪: (Columbiformes‬‬
‫في جميع أنحاء العالم‪ ،‬وتتغذى على البذور‬
‫متوسطة األحجام ذات‬
‫ّ‬ ‫والفاكهة وهى طيور‬
‫قوائم قصيرة ومنها الحمام‪ ،‬اليمام‪.‬‬
‫تحتوي على ‪ 358‬نوعاً تقريباً‪ ،‬وتتواجد في‬ ‫رتبة الببغاوات)‪: (Psittaciformes‬‬
‫المناطق االستوائية‪ ،‬وتكثر أنواعها في أستراليا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫آكالت بزور وثمار ذات مخالب محكمة‬
‫العادي‪ ،‬الببغاء ذو العرف‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كالببغاء‬
‫ّ‬ ‫القبضة‬
‫الببغاء األسترالي‬
‫وهي نوع واحد يتواجد في أمريكا الجنوبية‪.‬‬ ‫رتبة األوبيسثوكوميفورمات ‪:‬‬
‫)‪(Opisthocomiformes‬‬
‫تتكون من ‪ 23‬نوعاً‪ ،‬وتتواجد في أفريقيا‪.‬‬ ‫رتبة المسوفاغيفورمات‪:‬‬
‫)‪(Musophagiformes‬‬
‫تتكون من ‪ 143‬نوعاً‪ ،‬وتتواجد في جميع‬ ‫رتبة الواقواقيات)‪: (Cuculiformes‬‬
‫أنحاء العالم‪.‬‬
‫تتكون من ‪ 178‬نوعاً‪ ،‬وتتواجد في جميع‬ ‫رتبة البوميات)‪: (Strigiformes‬‬
‫ليلية صامتة‬
‫أنحاء العالم‪ ،‬وهى طيور افتراس ّ‬
‫ذات رؤوس ضخمة‪.‬‬
‫تتكون من ‪ 113‬نوعاً‪ ،‬وتتواجد في جميع‬ ‫رتبة السبديات)‪: (Caprimulgiformes‬‬
‫أنحاء العالم في المناطق االستوائية‪.‬‬
‫تحتوي على أكثر من ‪ 400‬نوع تقريباً وتتواجد‬ ‫رتبة السماميات)‪: (Apodiformes‬‬
‫ليلية آكالت‬
‫في جميع أنحاء العالم وهى طيور ّ‬
‫ُّ‬
‫(الضوع)؛ طير الزيت‪،‬‬ ‫السبد‬
‫حشرات‪ ،‬ومنها ُّ‬
‫فم الضفدع‪.‬‬
‫تحتوي على ‪ 6‬أنواع‪ ،‬وتتواجد في أفريقيا‪.‬‬ ‫رتبة الكوليات)‪: (Coliiformes‬‬
‫تتكون من ‪ 39‬نوعاً‪ ،‬وتتواجد في جميع أنحاء‬ ‫رتبة الطرغونيات)‪(Trogoniformes‬‬
‫العالم في المناطق االستوائية باستثناء أستراليا‪،‬‬
‫جية طويلة الذيل ذات أقدام‬
‫وهى طيور حر ّ‬
‫صغيرة وضعيفة ومنها ُّ‬
‫الطرغون‪.‬‬
‫تتكون من نوع واحد‪ ،‬وتوجد في مدغشقر‪.‬‬ ‫رتبة الليبتوسوماتيفورمات ‪:‬‬
‫)‪(Leptosomatiformes‬‬
‫تتكون من ‪ 156‬نوعاً تقريباً‪ ،‬وتتواجد في جميع‬ ‫رتبة الضؤضئيات)‪: (Coraciiformes‬‬
‫أنحاء العالم‪.‬‬
‫تتكون من ‪ 410‬أنواع تقريباً‪ ،‬وتتواجد في جميع‬ ‫رتبة البيسيات)‪: (Piciformes‬‬
‫أنحاء العالم وخصوصاً المناطق االستوائية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫تتكون من ‪ 62‬نوعاً تقريباً‪ ،‬وتتواجد في أفريقيا‬ ‫رتبة قرنيات المنقار)‪: (Bucerotiformes‬‬
‫وآسيا ومدغشقر‪.‬‬
‫تحتوي على ما يقارب ‪ 5700‬نوع أي ما‬ ‫رتبة العصفوريات)‪: (Passeriformes‬‬
‫يعادل نصف أنواع الطيور‪ ،‬كما أنها تتواجد في‬
‫‪1‬‬
‫جميع أنحاء العالم‪.‬‬

‫وهذه صور الرتب‪: 2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪"Perching birds", www.biokids.umich.edu, Retrieved 5-5-2019. Edited.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪https://adlat.net/showthread.php?t=366707‬‬
‫‪36‬‬
‫ثانياً‪ :‬أقسام الطيور في اإلسالم‪:‬‬

‫كافة الطيور على مختلف أنواعها وألوانها وأشكالها هي مباح أكلها‪ ،‬حيث إن اإلسالم لم‬
‫يحرم من الطيور إال ما كان له مخلب يجرح به‪ ،‬ومن قبيل هذه الطيور الصقر والباز والشاهين‬
‫والنسر والعقاب‪ ،‬فضالً إلى كافة أنواع الجوارح من الطير حيث أن السنة النبوية قد نصت على‬
‫ذلك فعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪" :‬نهى سول هللا صلى هللا عليه وسلم عن آكل كل ذي‬
‫ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير"‪ 1،‬ويقصد بالمخلب هنا مخلب يصطاد به لكون‬

‫أنه المعلوم لدى العرب كون المخلب يطلق على الصائد بمخلبه فقط‪ ،‬أما فيما يتعلق بالديكة‬
‫والدجاج والعصافير والحمام وسائر الطيور التي ال تصطاد بمخلبها فال تدخل فى نطاق ذوات‬
‫المخالب في اللغة‪ ،‬ألن المخالب فى جانبها إنما هي لالستمساك بها والحفر وليس للصيد‬
‫واالفتراس‪2،‬كما أنه يدخل في نطاق ما ال يجوز أن يأكل أمرين وهما‪:‬‬
‫‪ .1‬الهدهد والصرد‪ :‬نظ اًر لما رواه أبو داود بسند صحيح عن ابن عباس رضي هللا عنهما أن‬

‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‪" :‬نهى عن قتل أربع من الداوب النملة والنحلة والهدهد‬

‫رواه مسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيووان‪ ،‬بواب تحوريم أكول كول ذي نواب مون السوباع‪ ،‬وكول ذي‬ ‫‪1‬‬

‫مخلب من الطير‪.)1533/3( ،‬‬


‫ابن حزم‪ ،‬المحلى باأل ثار (‪.)405/7‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪37‬‬
‫والصرد"‪ 1،‬حيث أنه لو حل أكلها لم يكن ينهى عن قتلها الرسول صلى هللا عليه وسلم الن‬

‫األكل ال يمكن التوصل إليه إال بطريق القتل‪.‬‬

‫‪ .2‬ما يأكل الجيف والزبل من الطيور‪ :‬كالغراب والرخم‪ ،‬وذلك لخبث لحمه‪ ،‬وقد‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱸ ﱹ ﱺﱠ‪ 2،‬كما أنه قد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي‬

‫هللا عنها عن الرسول صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬خمس يقتلهن المحرم‪ :‬الحية والفأرة‬
‫والحدأة‪ 3‬والغراب األبقع والكلب العقور"‪ 4،‬أما فيما يتعلق بحيوانات النهر والتي ال تعيش‬

‫إال في البحار فإنها مباحة كلها صغيرة كانت أم كبيرة وال يوجد عليها استثناء يرد فكافة‬
‫تلك الحيوانات مباحة وذلك لعموم قول هللا تبارك وتعالى‪:‬ﭐﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ‬

‫فضال إلى‬
‫ً‬
‫‪5‬‬
‫ﱈ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱠ‬
‫ﱉ‬ ‫ﱅﱆﱇ‬

‫دخول النهر في معنى البحر وهللا أعلم‪.‬‬

‫فاألصل في جميع األعيان الموجودة على‬


‫ُ‬ ‫قال ابن تيمية رحمه هللا (في الفتاوى)‪:‬‬

‫اختالف أصنافها وتباين أوصافها أن تكون حالالً مطلقاً لآلدميين‪ ،‬وأن تكون طاهرةً ال يحرم عليهم‬
‫‪6‬‬
‫مالبستها ومباشرتها‪.‬‬

‫رواه ابووو داوود فووي سووننه عوون ابوون عبوواس رضووي هللا عنووه‪ ،‬حووديث رقووم ‪ .5267‬قووال الشوويد األلبوواني حووديث صووحيح‪ .‬الصوورد‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫طائر متوسط الحجم من فصيلة الصردية يعتمد على أكل الحشرات والطيور الصغيرة‪.‬‬
‫سورة االعراف اآلية ‪.157‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحداة‪ :‬من الطيور الجارحة من الفصيلة البازية‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫رواه البخاري بصحيحه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬حديث رقم ‪.3314‬‬ ‫‪4‬‬

‫سورة المائدة اآلية ‪.96‬‬ ‫‪5‬‬

‫اب وون تيمي ووة‪ ،‬أحم وود ب وون عب وود الحل وويم‪ ،‬مجماااوع فتااااوى شااايخ اإلساااالم أحماااد بااان تيمياااة (مجم وووع الفت وواوى)‪( ،‬ط‪ .1‬األوق وواف‬ ‫‪6‬‬

‫السعودية)‪ ،‬و ازرة الشؤون اإلسالمية والدعوة واإلرشاد السعودية ‪-‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف‪ ،‬المدينة المنورة‪،‬‬
‫‪.(535/21( ،1995–1416‬‬
‫‪38‬‬
‫الفصل األول‬

‫أحكام الطيور في الطهارات والصيد‬

‫المبحث األول‪ :‬أحكام الطيور في الطهارة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حكم صيد الطيور‬

‫المبحث الثالث‪ :‬صيد الطير في الحرم ووقت اإلحرام‬

‫‪39‬‬
‫الفصل األول‬

‫أحكام الطيور في الطهارات والصيد‬

‫المبحث األول‬

‫أحكام الطيور في الطهارة‬

‫المطلب األول‪ :‬ذرق الطيور الجارحة وغير الجارحة (فضالت الطيور)‪.‬‬

‫تنقسم الطيور بصفة عامة إلى طير مأكول اللحم‪ ،‬وطير غير مأكول اللحم‪ ،‬وقد تكلم‬
‫العلماء عن روث ما يؤكل لحمه وماال يؤكل على النحو التالي‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬ذهب الحنفية‪ 1‬وقول عند المالكية‪ 2‬إلى القول بطهارة ذرق الطيور‪.‬‬

‫أدلة القول األول‪ :‬قال زفر روث ما يؤكل لحمه طاهر‪ ،‬واحتج بما روي أن الشبان من الصحابة‬
‫‪3‬‬
‫في منازلهم وفي السفر كانوا يترامون بالجلة وهي البعرة اليابسة‪ ،‬ولو كانت نجسة لما مسوها‪.‬‬

‫وجه الداللة عند أصحاب القول األول‪ :‬وخرء الدجاج والبط طاهر‪ ،‬واختلفوا في خرء سباع‬

‫الطير كالغراب والحدأة والبازي وأشباه ذلك‪ ،‬قال أبو حنيفة‪ :‬ال يمنع الصالة ما لم يكن كثي اًر فاحشاً‪،‬‬
‫وقال محمد‪ :‬هو مغلظ إذا كان أكثر من قدر الدرهم منع الصالة‪ ،‬وقول أبي يوسف مضطرب ففي‬

‫الهداية هو مع أبي حنيفة‪ ،‬وقال الهندواني هو مع محمد‪ ،‬وأما خرء ما يؤكل لحمه من الطيور‬
‫فطاهر عندنا كالحمام والعصافير؛ ألن المسلمين ال يتجنبون ذلك في مساجدهم وفي المسجد‬
‫الحرام من لدن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى يومنا هذا‪ ،‬ولو كان نجساً لجنبوه المساجد‬

‫كسائر النجاسات كذا في الكرخي (قوله‪ :‬مقدار الدرهم) يعني المثقال الذي وزنه عشرون قيراطاً‪ ،‬ثم‬
‫قيل المعتبر بسط الدرهم من حيث المساحة‪ ،‬وقيل وزنه والتوفيق بينهما أن البسط في الرقيق‬
‫والوزن في الثخين (قوله‪ :‬جازت الصالة معه)‪ ،‬وهل يكره إن كانت قدر الدرهم يكره إجماعاً وإن‬

‫الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪.)279/1( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫القروى‪ ،‬محمد العربي‪ ،‬الخالصة الفقهية على مذهب السادة المالكية‪).296 /1( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (‪.)279/1‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪40‬‬
‫كانت أقل‪ ،‬وقد دخل في الصالة إن كانت في الوقت سعة فاألفضل أن يقطعها ويغسل ثوبه‬

‫ويستقبل الصالة‪ ،‬وإن كان تفوته الجماعة إن كان يجد الماء ويجد جماعة أخرى في موضع آخر‬
‫فكذلك أيضاً‪ ،‬وإن كان في آخر الوقت أو ال يجد جماعة في موضع آخر مضى على صالته وال‬
‫‪1‬‬
‫يقطعها‪.‬‬

‫وقال أبو حنيفة في خرء الدجاج يفسد منه أكثر من قدر الدرهم‪ ،‬وقال أبو يوسف ومحمد‬
‫مثل ذلك في خرء الدجاجة خاصة‪ ،‬وقال محمد الكثير الفاحش الربع فصاعداً‪ ،‬وال ترى بأساً بلعاب‬
‫ما يؤكل لحمه وهو كثير فاحش‪ ،‬قال‪ :‬ال بأس به وإن كان كثي اًر فاحشاً‪ ،‬وقال أبو يوسف في‬

‫اإلمالء‪ :‬الكثير الفاحش شبر في شبر‪ ،‬قلت‪ :‬وكذلك بوله إذا أصاب الثوب قال نعم ما لم يكن‬
‫كثي اًر فاحشاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف‪ ،‬وقال محمد ال يفسد بول ما يؤكل لحمه يصيب‬
‫الثوب وإن كان كثي اًر فاحشاً قلت أرأيت البئرين تكونان في الحجرة أحدهما بالوعة يهراق فيها البول‬
‫والوضوء واألخرى يستقى منها الماء كم أدنى ما يكون بينهما؟ قال‪ :‬خمسة أذرع قلت فإن كان‬
‫بينهما أقل من ذلك وال يوجد في الماء طعم نتن وال لون شيء وال ريحه‪ ،‬قال‪ :‬ال بأس بالوضوء‬
‫منه‪ ،‬قلت‪ :‬فإن كان بينهما سبعة أذرع أو أكثر من ذلك وقد يوجد طعم البول منها وريحه؟ قال‪ :‬ال‬
‫خير في الوضوء منها‪ ،‬قلت‪ :‬أرأيت إن توضأ منها إنسان وصلى‪ ،‬قال‪ :‬عليه أن يعيد الوضوء‬
‫والصالة‪ ،‬قلت أرأيت الرجل والمرأة يغتسالن من إناء واحد من الجنابة‪ ،‬قال‪ :‬ال بأس بذلك‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫أرأيت امرأة حائضاً طهرت فاغتسلت فبقي من غسلها أقل من موضع الدرهم كيف تصنع قال‬
‫تغسل ذلك المكان وإن كانت صلت قبل أن تغسله فعليها أن تعيد الصالة قلت وكذلك الجنب قال‬
‫‪2‬‬
‫نعم‪.‬‬

‫وزبل دجاج وحمام وجميع الطيور ما لم يستعمل النجاسة فإن استعملها أكالً أو شرباً‬
‫ففضلته نجسة‪ ،‬والفأر من المباح ففضلته إن لم تصل للنجاسة؛ ألن شأنها استعمال النجاسة‬
‫‪3‬‬
‫كالدجاج بخالف الحمام ونحوه فال تحكم لنجاسته فضلته إال إذا تحقق أو ظن استعمالها للنجاسة‪.‬‬

‫الزب ِ‬
‫ِيد ّي‪ ،‬الجوهرة النيرة‪.)147 /1( ،‬‬ ‫َّ‬ ‫‪1‬‬

‫الشيباني‪ ،‬األصل المعروف بالمبسوط‪.)13/1( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫القروى‪ ،‬محمد العربي‪ ،‬الخالصة الفقهية على مذهب السادة المالكية‪).296 /1( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪41‬‬
‫وقيل‪ :‬ومن الطاهر‪ :‬فضلة المباح‪ ،‬مثل زبل دجاج وحمام وجميع الطيور‪ ،‬ما لم يستعمل‬
‫‪1‬‬
‫النجاسة‪ ،‬فإن استعملها أكالً أو شرباً ففضلته نجسة‪.‬‬

‫وسئل مالك عن خرء الحمام يصيب الثوب‪ ،‬قال‪ :‬هو عندي خفيف وغسله أحب إلي‪،‬‬
‫يعني ابن رشد هذا إذا لم يعلم أنها أكلت نجاسة على ما تقدم في الرسم الذي قبله انتهى‪.‬‬

‫وسئل ابن رشد عن ذرق الخطاف الذي عيشه الذباب على قول مالك إنه ال تؤكل الجراد‬
‫وشبهها إال بذكاة‪ ،‬فأجاب ذرق الطير طاهر على قول مالك الذي يرى الفضلتين تابعتين للحوم‬
‫وقال في رسم مرض من سماع ابن القاسم في رواية أصبغ إن ذرق البازي نجس‪ ،‬وإن أكل ذكي‬

‫إن ذلك على الرواية التي منع من أكل ذي مخلب من السباع وهللا أعلم‪.‬‬

‫فعلم من هذا أن الحيوان إذا كان من شأنه أن يأكل النجاسة ولم يتحقق أكله لها فأمره‬
‫‪2‬‬
‫خفيف يستحب غسل روثه وهو خالف ما دل عليه كالم البساطي‪.‬‬

‫وسئل ابن القاسم عن خرء الطير والدجاج التي ليست بمخالة تقع في اإلناء فيه الماء ما‬
‫قول مالك فيه؟ قال‪ :‬كل ما ال يفسد الثوب فال يفسد الماء‪ ،‬وأن ابن مسعود ذرق عليه طائر‬
‫فنفضه بإصبعه من حديث وكيع عن سفيان بن عيينة عن عاصم عن أبي عثمان النهدي‪.‬‬

‫قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد أنه كان يكره فضل الدجاج‪.‬‬

‫قال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب في اإلوز والدجاج مثله‪.‬‬

‫وقال الليث بن سعد مثله‪.‬‬

‫وقال مالك‪ :‬إذا كانت بمكان تصيب فيه األذى فال خير فيه وإذا كانت بمكان ال تصيب‬
‫فيه األذى فال بأس به‪.‬‬

‫‪ 1‬الصاوي‪ ،‬بلغاة الساالك ألقارب المساالك إلاى ماذهب اإلماام مالاك‪ ،‬المعوروف بحاشوية الصواوي علوى الشورح الصوغير (الشورح‬
‫اإل َم ووا ِم َمالِ و ٍوك)‪ ،‬مكتب ووة مص ووطفى الب ووابي الحلب ووي‪،‬‬
‫الص ووغير ه ووو ش وورح الش وويد ال وودردير لكتاب ووه المس وومى أق وورب المس ووالك لِم ووذ َه ِب ِ‬
‫َ‬
‫‪1372‬هو‪1952-‬م‪).69 /1( ،‬‬
‫الرُّعيني‪ ،‬مواهب الجليل في شرح مختصر خليل‪)305/1( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪42‬‬
‫قال وكيع عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي‪ :‬رأيت طائ ار ذرق على سالم بن عبد هللا‬
‫‪1‬‬
‫فمسحه عنه من حديث ابن وهب‪.‬‬

‫وكذلك اختلف قوله في ذرق الطير التي تأكل الجيف على أنه يرى أكل الطير كله والتنزه‬
‫‪2‬‬
‫عن رجيع كل حيوان أحب إلى للخروج من االختالف في ذلك كله واالحتياط للصالة‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬ذهب الشافعية‪ 3‬والحنابلة‪ 4‬القول بنجاسة ذرق الطيور قالوا بنجاسة ذرق الطيور‪.‬‬

‫أدلة القول الثاني‪ :‬أواحتجوا بقول هللا تعالى‪ :‬ﭐﱡﭐﱸ ﱹ ﱺﱠ‪ 5‬وقول النبي صلى هللا‬

‫عليه وسلم لعموم قوله صلى هللا عليه وسلم "تنزهوا من البول"‪ 6‬وألنه رجيع فأشبه رجيع اآلدمي‪.‬‬
‫والعرب تستخبث هذا وبإطالق األحاديث السابقة وبالقياس علي ما يؤكل وعلى دم المأكول‬
‫والجواب عن حديث انس انه كان للتداوي وهو جائز بجميع النجاسات سوى الخمر وعن حديثي‬
‫البراء وجابر انهما ضعيفان واهيان ذكرهما الدارقطني وضعفهما وبين ضعفهما وروى وال بأس‬
‫بسؤره وكالهما ضعيف وهللا أعلم‪.‬‬

‫وقال النووي‪ :‬وهذا المذكور من نجاسة ذرق الطيور كلها هو مذهبنا‪ ،‬وقال أبو حنيفة كلها‬
‫طاهرة إال ذرق الدجاج ألنه ال نتن إال في ذرق الدجاج‪ ،‬وألنه عام في المساجد ولم يغسله‬
‫المسلمون كما غسلوا بول اآلدمي واحتج أصحابنا بما ذكره المصنف وأجابوا عن عدم النتن بأنه‬
‫منتقض ببعر الغزالن‪ ،‬وعن المساجد بأنه ترك للمشقة في إزالته مع تجدده في كل وقت وعندي أنه‬
‫إذا عمت به البلوى وتعذر االحتراز عنه يعفى عنه وتصح الصالة كما يعفى عن طين الشوارع‬
‫‪7‬‬
‫وغبار السرجين‪.‬‬

‫مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي المدني‪ ،‬المدونة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1415 ،1‬هو‪1994-‬م‪.8/1 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫القرطبي‪ ،‬الكافي في فقه أهل المدينة‪ ،‬المحقق‪ :‬محمد محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني‪ ،‬مكتبة الرياض الحديثوة‪ ،‬الريواض‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪1400 ،2‬هو‪1980/‬م‪.160 /1 ،‬‬


‫النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب‪.)550/2( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني‪.)66/2( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫سورة األعراف‪ ،‬رقم اآلية (‪.)170‬‬ ‫‪5‬‬

‫أخرجه االمام أحمد في مسنده حديث رقم (‪ )8313‬من رواية أبي هريرة‪ )280/8( ،‬قال أحمد شاكر واأللباني‪ :‬صحيح‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب‪.)550/2( ،‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪43‬‬
‫لو كثر ذرق الطيور فيه‪ ،‬فإنه يعفى عنه في الفرش واألرض بشروط ثالثة‪ :‬أن ال يتعمد‬

‫الوقوف عليه‪ ،‬وأن ال تكون رطوبة‪ ،‬وأن يشق االحتراز عنه‪.‬‬

‫ويعفى عما جف من ذرق سائر الطيور ذكر شرطين للعفو وهما الجفاف وعموم البلوى‪،‬‬
‫وبقي أن ال يتعمد المشي عليه كما مر‪.‬‬

‫وعبارة التحفة‪ :‬ويستثنى من المكان ذرق الطيور فيعفى عنه فيه أرضه وكذا فراشه على‬
‫األوجه‪ ،‬إن كان جافاً ولم يتعمد مالمسته‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ومع ذلك ال يكلف تحري غير محله إال في الثوب مطلقا على المعتمد‪.‬‬

‫وقال جالل المحلي‪ :‬ويعفى عن ذرق طير في فراش أو أرض‪ ،‬إن عمت البلوى به بشرط‬
‫عدم رطوبته في أحد الجانبين‪ ،‬وعدم مكان خال منه‪ ،‬وعدم تعمد وطئه وال يلزمه التحفظ في مشيه‪،‬‬

‫وال جلوسه وال سجوده‪ ،‬فإن تبين أنه واقف مثال عليها‪ ،‬وجب التحول حاالً فإن لم يجد مكاناً خالياً‬
‫منها‪ ،‬بطلت صالته‪.‬‬

‫وقال ابن حجر‪ :‬وكذا سائر الطيور‪ ،‬ويعفى عن ذرقها وبولها‪ ،‬ولو في غير الصالة على‬
‫نحو بدن أو ثوب قليالً أو كثي اًر رطباً أو جافاً ليالً أو نها اًر لمشقة االحتراز عنها فراجعه مع ما‬
‫ذكروه في ذرق الطيور في المساجد‪.‬‬

‫فإنه صريح في مخالفته لما مر عن شيخنا الرملي من عدم العفو مطلقا في غير‪ ،‬نحو‬
‫‪2‬‬
‫الصالة والعفو مطلقا فيها فالوجه‪ ،‬حمل ما هنا فيها على ما قالوه فتأمل وحرر‪.‬‬

‫ولو عم ذرق الطير سائر أجزاء المحل المتصل بها ال يكلف تحري غير محله‪ ،‬أي فحيث‬
‫كثر في المسجد أو غيره بحيث يشق االحتراز عنه ال يكلف غيره حتى لو كان بعض أجزاء‬

‫البكري‪ ،‬أبو بكر عثمان بن محمد شطا الدمياطي الشافعي‪ ،‬إعانة الطالبين علاى حال ألفاات فاتح المعاين (هوو حاشوية علوى‬ ‫‪1‬‬

‫فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين)‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوريع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1418 ،1‬هو‪1997-‬م‪.97 /1 ،‬‬
‫القليوبي‪ ،‬أحمد سالمة؛ عميرة‪ ،‬أحمد البرلسي حاشيتا قليوبي وعميرة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيوروت‪ ،‬بودون طبعوة‪1415 ،‬ه و‪1995-‬م‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.487 /2‬‬
‫‪44‬‬
‫المسجد خالياً منه ويمكنه الصالة فيه ال يكلفه بل يصلي كيف اتفق وإن صادف محل ذرق الطير‬
‫وهذا ظاهر حيث عم الذرق المحل فلو اشتمل المسجد مثالً على جهتين إحداهما خالية من الذرق‬

‫واألخرى مشتملة عليه وجب قصد الخالية ليصلي فيها إذ ال مشقة كما يعلم مما ذكره في‬
‫‪1‬‬
‫االستقبال‪.‬‬

‫ونقل عن ابن عبد الحق أنه يعفى عن ذرق الطيور الواقع في ممر الفساقي إذا ذاب‬
‫واضمحلت عينه‪ ،‬قياساً على طين الشارع المتنجس‪ ،‬لكن بشرط أن ال يتعمد المشي على شيء من‬
‫عين النجاسة الظاهرة‪.‬‬

‫وهو األقرب لمشقة االحتراز عن ذلك‪ ،‬وقيل معنى عمومه أن ال يكون هناك محل خال‬
‫يمكن الوصول إليه من غير مشقة بأن لم يكن هناك محل خال أصالً‪ ،‬أو هناك محل خال يمكن‬
‫‪2‬‬
‫الوصول إليه بمشقة‪.‬‬

‫وقال الماوردي‪ :‬بطهارة ذرق الحمام ألنه إجماع أهل الحرمين ال يمتنعون من الصالة على‬
‫‪3‬‬
‫ذرق الحمام مع كثرته‪ ،‬فدل هذا الفعل على طهارته‪.‬‬

‫ويعفى عن ذرق الطير في األماكن لمشقة االحتراز منه ولكن بقيود ثالثة‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يشق االحتراز منه بحيث لو كلف العدول عن المكان إلى غيره لشق عليه‪.‬‬

‫‪ .2‬أال يتعمد الوقوف عليه‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ .3‬جفاف الذرق وأعضاء المصلي‪.‬‬

‫الهيتمووي‪ ،‬أحموود بوون محموود بوون علووي بوون حجوور‪ ،‬تحفااة المحتاااج فااي شاارح المنهاااج‪ ،‬المكتبووة التجاريووة الكبوورى بمصوور‪ ،‬بوودون‬ ‫‪1‬‬

‫طبعة‪1357 ،‬هو‪1983-‬م‪.120/2 ،‬‬


‫الب َجي َرِمووي‪ ،‬سووليمان بوون محموود بوون عموور المصووري الشووافعي‪ ،‬تحفااة الحبيااب علااى شاارح الخطيااب = حاشووية البجيرمووي علووى‬
‫ُ‬
‫‪2‬‬
‫ّ‬
‫الخطيب‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون طبعة‪1415 ،‬هو‪1995-‬م‪.44/4 ،‬‬
‫الماوردي‪ ،‬الحاوى الكبير‪.580 /2 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫الشافعي‪ ،‬أبو عبد هللا محمد بن إدريس بن العباس‪ ،‬األم‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون طبعة‪1410 ،‬هو‪1990/‬م‪.230 /2 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪45‬‬
‫عن أحمد‪ :‬أن ذرق الطائر نجس‪ .‬وهو قول الشافعي وأبي ثور‪ ،‬ونحوه عن الحسن؛ ألنه داخل‬
‫‪1‬‬
‫في عموم قوله صلى هللا عليه وسلم "تنزهوا من البول"؛ وألنه رجيع‪ ،‬فكان نجسا كرجيع اآلدمي‪.‬‬

‫فقالوا إن ذرق الطيور التي ال يؤكل لحمها كالباز والشاهين والغراب والحدأة نجس‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وحجتهم في ذلك‪ :‬أن طبيعة هذا الحيوان‪ ،‬نتن بسبب أكله للنجاسات‪.‬‬

‫الرأي الراجح‪ :‬طهارة ذرق الطيور المأكولة للضرورة؛ ألن الناس اعتادوا على اقتنائها في الحرم‬

‫دون نهي عن ذلك‪ ،‬فدل على طهارتها أما غير المأكولة فأرجح القول بنجاسة‪ ،‬ذرقها‪ ،‬لنتانته‬
‫ولكونها تأكل الجيف والقاذورات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حكم سؤر‪ 3‬الطيور الجارحة وغير الجارحة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫قال ابن المنذر‪ :‬وأجمعوا على أن سؤر ما أكل لحمه طاهر‪ ،‬ويجوز شربه والوضوء به‪،‬‬
‫وعلى هذا كافة العلماء منهم الحنفية‪ 5،‬والمالكية‪ 6،‬والشافعية‪ 7،‬والحنابلة‪ 8،‬إال أن الحنفية والمالكية‬
‫‪9‬‬
‫والحنابلة في رواية كرهوا سؤر ما ال يتوقى النجاسة كالدجاجة المخالة‪.‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬أبو محمد عبد هللا بن أحمد المقدسي‪ ،‬المغني في فقه اإلمام أحمد بن حنبول الشويباني‪ ،‬دار الفكور‪ ،‬بيوروت‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.768 /1 ،1405‬‬
‫البهوتي‪ ،‬منصور بن يوونس بون صوالح الودين ابون حسون بون إدريوس الحنبلوي‪ ،‬كشااف القنااع عان ماتن اإلقنااع‪ ،‬دار الكتوب‬ ‫‪2‬‬

‫العلمية‪.193 /1 ،‬‬
‫ما بقي في االناء بعد الشرب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫النيسابوري‪ ،‬اإلجماع ص‪ 43‬رقم (‪ ،)21‬النيسابوري‪ ،‬األوسط ‪ 992/1‬رقم المسألة ‪·67‬‬ ‫‪4‬‬

‫الطحوواوي‪ ،‬أحموود بوون محموود بوون سووالمة‪ ،‬مختصاار الطحاااوي‪ ،‬لجنووة إحيوواء المعووارف النعمانيووة‪ ،‬الهنوود‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪ .‬ص‪،61‬‬ ‫‪5‬‬

‫واألصل ‪ ،83 ،33 ،13 ،82/1‬وبداية المبتدي مع فتح القدير ‪.811/1‬‬


‫الجندي‪ ،‬مختصر خليل ص‪ ،9‬الزرقاني‪ ،‬محمد بن عبد البواقي بون يوسوف‪ ،‬شارح الزرقااني علاى موطاأ اإلماام مالاك‪ ،‬مكتبوة‬ ‫‪6‬‬

‫الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1424 ،1‬ه‪2003-‬م‪ ،8/1 ،‬عليش‪ ،‬منح الجليل ‪·13/1‬‬
‫المجموع ‪ ،612/1‬الحاوي الكبير ‪713/1‬‬ ‫‪7‬‬

‫الخرقي‪ ،‬أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد هللا‪ ،‬مختصر الخرقي‪ ،‬دار الصحابة للتراث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1403 ،1‬ه‪1993-‬م‪،‬‬ ‫‪8‬‬

‫ص‪ ،64‬والمغنااي ‪ .15/1‬الرحيبوواني‪ ،‬مصووطفى بوون سووعد بون عبووده السوويوطي‪ ،‬مطالااب أولااي النهااى فااي شاارح غايااة المنتهااى‪،‬‬
‫المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1415 ،2‬ه‪1994-‬م‪،832/1 ،‬‬
‫البهوتي‪ ،‬كشاف القناع ‪ ،522/1‬السيوطي‪ ،‬مطالب أولي النهى ‪ ،832/1‬قال ابن منظور فوي لساان العارب ‪ 7521/2‬موادة‬ ‫‪9‬‬

‫(خال) وخال عن الشيء‪ :‬أرسله وخال سبيله‪.‬‬


‫‪46‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء في حكم سؤر جوارح الطير على قولين‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬إن سؤرها نجسة‪ ،‬وبه قال الحنفية‪ 1،‬وأحمد في رواية [عليها المذهب]‪.2‬‬

‫القول الثاني‪ :‬إن سؤرها طاهر‪ ،‬وبه قال المالكية‪ 3‬والشافعية‪ ،4‬والحنفية في سباع الطير ويرون أنه‬

‫مكروه‪.5‬‬

‫األدلة‪:‬‬

‫استدل أصحاب القول األول بما يأتي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬حديث عبد هللا بن عمر قال‪ :‬سئل رسول هللا عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫"إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث"‪ ،‬وفي لفظ‪" :‬إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء"‪.6‬‬

‫وجه الدال لة‪ :‬دل الحديث على أن لورود السباع تأثي اًر فلو كانت طاهرة لم يحده بالقلتين‪ 7،‬ودل‬

‫بمنطوقه على أن الماء إذا بلغ قلتين لم ينجس بمالقاة النجاسة‪ ،‬ودل بمفهومه على أنه إذا كان‬
‫‪8‬‬
‫أقل ينجس بالمالقاة‪.‬‬

‫الطحاوي‪ ،‬مختصر اختالف العلماء ‪ ،911/1‬المرغيناني‪ ،‬ابن الهمام‪ ،‬الهداية مع فتح القدير ‪ ،111/1‬العيني‪ ،‬الهداية مع‬ ‫‪1‬‬

‫البناية ‪ 444/1‬مالك‪ ،‬المدونة ‪ ،6/1‬القرافي‪ ،‬الذخيرة ‪ ،781/1‬ابن الجزي‪ ،‬القوانين الفقهية ص‪ ،73‬شرح الزرقاني ‪.71/1‬‬
‫ابن تيمية‪ ،‬المحرر‪ ،1/422 ،‬البهوتي‪ ،‬كشاف القناع‪ 1/15 ،‬ابن قدامة‪ ،‬المغني‪.1/22 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مالك‪ ،‬المدونة ‪ ،6/1‬القرافي‪ ،‬الذخيرة ‪ ،781/1‬ابن الجزي‪ ،‬القوانين الفقهية ص‪ ،73‬شرح الزرقاني ‪.71/1‬‬ ‫‪3‬‬

‫الشوافعي‪ ،‬األم ‪ ،12/1‬المزنووي‪ ،‬مختصاار المزنااي‪ ،111/8 ،‬النووووي‪ ،‬المجمااوع ‪ ،612/1‬الموواوردي‪ ،‬الحاااوي الكبياار ‪،913/1‬‬ ‫‪4‬‬

‫النوووي‪ ،‬روضة الطالبين وعمادة المفتاين‪ ،‬المكتوب اإلسوالمي‪ ،‬بيوروت‪ ،‬ط‪1412 ،3‬ه‪1991-‬م‪.33/1 .‬الطحواوي‪ ،‬أبوو جعفور‬
‫أحمد بن محمد بن سالمة‪ ،‬مختصر اختالف العلماء‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1417 ،2‬ه‪1997-‬م‪.911/1 .‬‬
‫الطحاوي‪ ،‬مختصر اخاتالف العلمااء ‪ ،911/1‬ابون الهموام‪ ،‬والهداياة ماع فاتح القادير ‪ ،111/1‬العينوي‪ ،‬الهداياة ماع البناياة‬ ‫‪5‬‬

‫‪444/1‬‬
‫الحاكم في المستدرك ‪ ،951/1‬وهذا الحديث مما صححه مالك واحتج به فوي الموطوأ‪ ،‬والبيهقوي فوي السونن الكبورى ‪،542/1‬‬ ‫‪6‬‬

‫كتاب الطهارة باب سؤر الهرة · وقال األلباني فوي صوحيح سونن أبوي داود ‪ 71/1‬حوديث (‪ )57-86‬حسون صوحيح‪ ،‬وانظور فوي‬
‫الغ َمووارِي‪ ،‬الهدايااة فااي‬
‫تخريجووه‪ :‬تخلاايص الحبياار ‪ 14/1‬حووديث (‪ )63‬وقووال صووححه البخوواري والترمووذي والعقيلووي والوودارقطني‪ُ ،‬‬
‫تخريج أحاديث البداية‪ :‬حديث (‪.782/1 )5‬‬
‫الطحاوي‪ ،‬مختصر اختالف العلماء ‪.911/1‬‬ ‫‪7‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني ‪.15/1‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪47‬‬
‫ثانيا‪ :‬حديث ابن عباس قال‪ :‬نهى رسول هللا عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من‬
‫‪1‬‬
‫الطير‪.‬‬

‫وجه الدال لة‪ :‬دل الحديث على أن كل ذي ناب حرام أكله‪ ،‬فيكون نجساً‪ ،‬ولعابه متولد من اللحم‬
‫‪2‬‬
‫النجس فيمزج بسؤره‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬أن السباع والجوارح الغالب عليها أكل الميتات والنجاسات فتنجس أفواهها‪ ،‬وال يتحقق وجود‬

‫مطهرها‪ ،‬فينبغي أن يقضى بنجاستها كالكلب‪.‬‬

‫واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬حديث جابر بن عبد هللا قال‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول هللا أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وبما‬
‫‪3‬‬
‫أفضلته السباع كله‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬دل الحديث على جواز التوضؤ بالماء الذي شربت منه الحمر والسباع ويشمل ذلك‬
‫جوارح الطير‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن‬
‫العاص حتى وردوا حوضاً‪ ،‬فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض‪ :‬يا صاحب الحوض! هل‬

‫رواه أبو داود ‪ 16/1‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب سوؤر الهورة حوديث (‪ ،)67‬وقوال األلبواني فوي صوحيح سونن أبوي داود ‪ ،81/1‬حوديث‬ ‫‪1‬‬

‫صحيح (‪ )67-96‬وللحديث طرق أخرى انظرها في نصب الراية )‪(431 ،331/1‬‬


‫رواه الحوواكم فووي المسااتدرك ‪ ،381/1‬كتوواب الطهووارة‪ ،‬والوودارقطني فووي سووننه ‪ ،36/1‬كتوواب الطهووارة‪ ،‬بوواب اآلسووار حووديث (‪،5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،)6‬قال الزيلعي‪ :‬قلت رواه الحاكم في المسوتدرك مون حوديث عيسوى بون المسويب َّحودثنا أبوو زرعوة عون أبوي هريورة‪ .‬وقوال‪ :‬هوذا‬
‫حووديث صووحيح ولووم يخرجوواه‪ ،‬وعيسووى بوون المسوويب تفوورد عوون أبووي زرعووة إال أنووه صوودوق ولووم يجوورح قووط‪ .‬وتعقبووه الووذهبي ف وي‬
‫مختصووره وقووال‪ :‬ضووعفه أبووو داود وأبووو حوواتم‪ .‬وقووال ابوون أبووي حوواتم فووي عللووه‪ :‬قووال أبووو زرعووة‪ :‬لووم يرفعووه أبووو نعوويم‪ ،‬وهووو أصووح‪،‬‬
‫وعيسى لويس بوالقوي‪ .‬ينظور المساتدرك )‪ ،(381/1‬ونصاب الراياة )‪ ،(431/1‬كتواب الطهوارة فصول فوي اآلسوار وغيرهوا حوديث‬
‫(‪.)74‬‬
‫ساانن الاادارقطني )‪ ،(86/1‬كتوواب الطهووارة بوواب سووؤر الهورة رقووم (‪ ،)9‬والمسااتدرك )‪ ،(161/1‬كتوواب الطهووارة‪ ،‬ومصاانف عبااد‬ ‫‪3‬‬

‫الرزاق ‪ ،99/1‬كتاب الطهارة باب سؤر الهر رقوم (‪ ،)443‬وانظور فوي تخريجوه‪ :‬نصاب الراياة )‪ ،(531/1‬كتواب الطهوارة فصول‬
‫فووي اآلسووار وغيرهووا‪ ،‬والهدايااة فااي تخااريج أحاديااث البدايااة )‪ (282/1‬رقووم (‪ .)74‬قووال الوودارقطني إب وراهيم هووو ابوون أبووي يحيووى‬
‫ضعيف‪ ،‬وتابعه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وليس بالقوي في الحديث‪ .‬قال ابن حجر في التقريب متروك‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫ترد حوضك السباع؟ فقال عمر بن الخطاب‪" :‬يا صاحب الحوض! ال تخبرنا؛ فإنا نرد على السباع‬
‫‪1‬‬
‫وترد علينا‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى هللا عليه وسلم سئل عن الحياض التي بين مكة‬

‫والمدينة تردها الس باع والكالب والحمر‪ ،‬وعن الطهارة منها؟ فقال‪( :‬لها ما حملت في بطونها‪ ،‬ولنا‬
‫‪2‬‬
‫ما غبر طهور)‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬حديث ابن عمر قال‪ :‬خرج رسول هللا في بعض أسفاره فسار ليالً فمروا على رجل جالس‬

‫عند مقراة له‪ ،‬فقال عمر‪ :‬يا صاحب المق ارة أولغت السباع الليلة في مقراتك؟ فقال له النبي صلى‬

‫هللا عليه وسلم‪( :‬يا صاحب المقراة ال تخبره‪ ،‬هذا متكلف‪ ،‬لها ما حملت في بطونها‪ ،‬ولنا ما بقي‬
‫‪3‬‬
‫شراب وطهور)‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أنه حيوان يجوز بيعه واالنتفاع به فكان سؤره طاه اًر‪.‬‬
‫ً‬

‫وقد ناقش أصحاب القول األول أدلة أصحاب القول الثاني فقالوا‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬هذه األحاديث التي استدللتم بها ال حجة لكم فيها أنها محمولة على ماء كثير‪ .‬وأجاب‬
‫‪4‬‬
‫أصحاب القول الثاني‪ :‬بأن األحاديث عامة فال تخص إال بدليل‪.‬‬

‫أخرجه الطحاوي في شرح معاني اآلثار )‪ (12/1‬وقال النووي في (المجموع)‪ :‬هذا األثور إسوناده صوحيح إلوى يحيوى بون عبود‬ ‫‪1‬‬

‫الرحمن‪ ،‬لكنه مرسل منقطع؛ فإن يحيى وإن كان ثقة فلم يدرك عمر بول ولود فوي خالفوة عثموان‪ ،‬هوذا هوو الصوواب‪ .‬قوال يحيوى‬
‫بن معين‪ :‬يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عمر باطل‪ .‬وكذا قالوه غيور ابون معوين‪ .‬إال أن هوذا المرسول لوه شوواهد تقويوه‪.‬‬
‫والمرسل عند الشافعي إذا اعتضد احتج به‪.‬وهو حجة عند أبي حنيفة مطلقا‪ ،‬فيحتج به عليهم‪.‬‬
‫مصاانف عبااد الاارزاق )‪ ،(99/1‬كتوواب الطهووارة بوواب سووؤر الهوور رقووم (‪ .)543‬هووذا الحووديث أخرجووه ابوون ماجووه فووي سووننه (‪/1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ )173‬برقم (‪ )519‬والبيهقي فوي السانن الكبارى (‪ )258 /1‬والطحواوي فوي مشاكل اآلثاار (‪ )65 /7‬بورقم (‪ )2647‬وابون جريور‬
‫في تهذيب اآلثار (‪ )211 /2‬برقم (‪ )1559‬كلهم من طريق عبد الرحمن بون زيود بون أسولم عون أبيوه عون عطواء بون يسوار عون‬
‫ُُ َعَليو ِوه َو َسو َّولم‪ -‬سووئل عوون الحيوواض التووي بووين مكووة والمدينووة تردهووا‬
‫صوَّولى َّ‬
‫ُُ َعنو ُوه‪ -‬أن النبووي ‪َ -‬‬
‫أبووي سووعيد الخوودري ‪-‬ر ِ‬
‫ضووي َّ‬
‫َ َ‬
‫السووباع والكووالب والحموور وعوون الطهووارة منهووا؟ فقووال‪ " :‬لهووا مووا حملووت فووي بطونهووا‪ ،‬ولنووا مووا غبوور طهووور " وهووذا إسووناد ضووعيف‬
‫وعلته عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال ابن الجوزي‪ :‬أجمعوا على ضعفه وقال فيه الحاكم روى عن أبيه أحاديث موضوعة‪.‬‬
‫أخرجه الدارقطني في سننه حديث رقم‪ ،34‬قال ابن عبد الهادي في التنقيح (‪ :)74 /1‬هذا حديث منكر‪ ،‬قال ابن حجر فوي‬ ‫‪3‬‬

‫التقريب‪ :‬ضعيف‪.‬‬
‫النووي‪ ،‬المجموع ‪ ،135/2‬ابن قدامة‪ ،‬المغني) ‪.(74/1‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪49‬‬
‫‪1‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن هذه األخبار وردت قبل تحريم لحوم السباع‪.‬‬
‫ً‬

‫والجواب عنه من أوجه‪:‬‬

‫حالال‪ ،‬وقائل هذا يدعي النسد واألصل عدمه‪.‬‬


‫ً‬ ‫األول‪ :‬هذا خطأ فلم تكن السباع في وقت‬

‫الثاني‪ :‬هذا فاسد إذ ال يسألون عن سؤره وهو مأكول اللحم‪ ،‬فإنه ال فرق حينئذ بين السباع وغيرها‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬لو صح هذا وكان لحمها حالل ثم حرم‪َ ،‬ب ِقي على السؤر ما كان من الطهارة حتى يرد‬

‫دليل تنجيسه‪.‬‬

‫الرأي الراجح‪ :‬هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني‪ ،‬وهو طهارة سؤر جوارح الطير‪ ،‬لما يأتي‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬أن األدلة التي استدل بها أصحاب هذا القول ال تخلو من مقال‪ ،‬لكن قال النووي في بعضها‬

‫له شواهد تقويه‪ ،‬وقال البيهقي في بعضها أيضاً إذا ضمت أسانيده بعضها إلى بعض أخذت قوة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن سؤر جوارح الطير وغيرها من الدواب مما ال يمكن التحرز منه‪ ،‬خاصة في مياه األماكن‬
‫ً‬
‫العامة‪ ،‬كالغدران واألحواض وأماكن تجمع مياه األمطار والسيول‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬الضرورة والحاجة إلى الشرب واالرتواء من مياه األمطار والسيول‪ ،‬فلو وقف األمر على‬
‫التأكد من عدم ورود جوارح الطير لكان في األمر ضيق وشدة و(المشقة تجلب التيسير)‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أحكام دماء الطيور‬


‫‪4‬‬
‫اتفق العلماء على نجاسة الدم‪ ،‬وقد حكى االتفاق ابن عبد البر‪2،‬وابن حزم‪3،‬وابن رشد‪،‬‬
‫والقرطبي‪ 5،‬والنووي‪ 6،‬وابن حجر‪ 7،‬والعيني‪ 8،‬وغيرهم –رحمهم هللا‪.-‬‬

‫الماوردي‪ ،‬الحاوي الكبير )‪.(403/1‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن عبد البرو التمهيد )‪ ،(230/22‬واالستذكار )‪.(36/2‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن حزم‪ ،‬مراتب اإلجماع ص‪.19‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن رشد‪ ،‬بداية المجتهد )‪.(85/1‬‬ ‫‪4‬‬

‫(‪ )5‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن )‪.(221/2‬‬


‫(‪ )6‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب )‪.(511/2‬‬
‫(‪ )7‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري) ‪.(352/1‬‬
‫(‪ )8‬الغيتابى‪ ،‬عمدة القاري )‪.(141/3‬‬
‫‪50‬‬
‫وقال النووي رحمه هللا‪ :‬ال أعلم فيه خالفاً عن أحد من المسلمين؛ إال ما حكاه صاحب‬

‫الحاوي عن بعض المتكلمين‪ ،‬أنه قال هو طاهر‪ ،‬ولكن المتكلمين ال يعتد بهم في اإلجماع‬
‫والخالف‪ ،‬على المذهب الصحيح الذي عليه جمهور أهل األصول من أصحابنا‪ ،‬وغيرهم السيما‬
‫‪1‬‬
‫في المسائل الفقهيات‪.‬‬

‫األدلة على نجاسة الدم‪ 2:‬استدل العلماء على نجاسة الدم باألدلة التالية‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ‬


‫‪3‬‬
‫ﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﱠ‬

‫‪4‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬أن هللا عز وجل علل تحريمه لهذه المذكورات بكونها رجساً‪ ،‬والرجس هو النجس‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱠ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬أن هللا عز وجل حرم الدم‪ ،‬والحرمة ال لالحترام‪ ،‬دليل النجاسة‪.‬‬

‫(‪ )1‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب )‪.(511/2‬‬


‫(‪ )2‬السرخسي‪ ،‬المبسوط )‪ ،(57/1‬السمرقندي تحفة الفقهاء )‪ ،(65/1‬الرُّعيني‪ ،‬مواهب الجليل من أدلة خليل )‪.(33/1‬‬
‫(‪ )3‬سورة األنعام‪ .‬اآلية ‪.145‬‬
‫(‪ )4‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع )‪.(61/1‬‬
‫(‪ )5‬سورة المائدة اآلية ‪.3‬‬
‫(‪ )6‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع )‪.(61/1‬‬
‫‪51‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬أحكام ريش الطيور‪.‬‬

‫اختلف العلماء في طهارة ريش الطيور على قولين‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬الطهارة وهو قول الحنفية‪ 1،‬وقول المالكية في الشعر والصوف‪ 2،‬ورواية ابن حبيب‬

‫عن اإلمام مالك رحمه هللا في الريش الذي ال سند‪ 3‬له مثل الزغب‪ 4‬وشبهه‪ 5،‬وهو قول لإلمام‬

‫الشافعي رحمه هللا‪ 6،‬اختاره المزني‪ 7،‬وقول الحنابلة فيما كان طاه اًر في الحياة‪ ،‬دون أصول الشعر‬
‫‪10‬‬
‫والريش إذا نتف‪ 8،‬وهو األشهر عن اإلمام أحمد رحمه هللا‪ 9،‬ورواية أخرى عند الحنابلة بطهارته‪،‬‬
‫وبطهارة الريش والشعر إال الخنزير‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪11‬‬
‫والحسن‬ ‫وعمر بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫قال أصحاب عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه‪،‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪13‬‬
‫والليث بن‬ ‫والثوري‪،‬‬ ‫واألوزاعي‪،‬‬ ‫وحماد بن أبي سليمان‪،‬‬ ‫ومحمد بن سيرين‪،‬‬ ‫البصري‪،‬‬

‫(‪ )1‬الطحاوي‪ ،‬مختصر الطحاوي ص‪ .17‬ومختصر اختالف العلماء )‪ ،(160/1‬القدوري‪ ،‬مختصر القدوري )‪.(24/1‬‬
‫(‪ )2‬مالك‪ ،‬المدونة الكبرى )‪ ،(91/1‬ابن عبد البر‪ ،‬الكافي في فقه أهل المدينة )‪.(440/1‬‬
‫(‪ )3‬السند‪ :‬األصل‪ .‬وأسناخ األسنان أصولها‪ .‬وسند الدهن بالكسر‪ ،‬لغة في زند إذا فسد وتغيرت ريحوه‪( .‬الصاحاح ‪-423/1‬‬
‫‪.)424‬‬
‫(‪ )4‬الزغب‪ :‬الشعيرات الصفر على ريش الفرخ‪( .‬الصحاح ‪.)143/1‬‬
‫(‪ )5‬البواجي‪ ،‬المنتقى شرح موطأ اإلماام مالاك )‪ ،(137/3‬ابون بطوال وشارح صاحيح البخااري )‪ (351/1‬ابون الحاجوب‪ ،‬جاامع‬
‫األمهات ص‪.32‬‬
‫الفراء‪ ،‬التعليقة )‪ ،(218/1‬البراذعي‪ ،‬التهذيب )‪.(176/1‬‬
‫() ّ‬
‫‪6‬‬

‫(‪ )7‬الشاشي‪ ،‬حلية العلماء )‪ ،(89/1‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب )‪.(275/1‬‬


‫(‪ )8‬اب وو الخطوواب‪ ،‬الهدايااة )‪ ،(22/1‬الجوووزي‪ ،‬التحقيااق فااي مسااائل الخااالف )‪ ،(88/1‬النمووري‪ ،‬الكااافي )‪ ،(43/1‬البهوووتي‪،‬‬
‫كشاف القناع )‪.(57/1‬‬
‫(‪ )9‬ابن مفلح‪ ،‬المبدع )‪.(76/1‬‬
‫(‪ )10‬ابن عثيمين‪ ،‬الفروع )‪.(41/1‬‬
‫(‪ )11‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬زاد المعاد )‪.(468/4‬‬
‫(‪ )12‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب )‪ ،(275/1‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير)‪ ،(181/1‬الغيتابى‪ ،‬عمدة القاري )‪.(35/3‬‬
‫(‪ )13‬أبي شيبة‪ ،‬مصنف ابن أبي شيبة )‪ ،(222/8‬ابن الجصاص وأحكام القرآن)‪.(122/1‬‬
‫(‪ )14‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير)‪.(181/1‬‬
‫(‪ )15‬أبي شيبة‪ ،‬مصنف ابن أبي شيبة )‪ (8/221/222‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري )‪.(342/1‬‬
‫(‪ )16‬النيسابوري‪ ،‬األوسط )‪ ،(272/2‬ابن قدامة‪ ،‬والشرح الكبير)‪ ،(181/1‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬زاد المعاد )‪.(468/4‬‬
‫(‪ )17‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬زاد المعاد )‪.(468/4‬‬
‫‪52‬‬
‫سعد‪ 1،‬وإسحاق بن راهوية‪ 2،‬وداود‪ 3‬واختيار ابن المنذر‪ 4،‬وشيد اإلسالم ابن تيمية‪– 5‬رحمهم هللا‬

‫تعالى‪.-‬‬
‫وهو قول ابن حزم رضي هللا عنه في الحي‪ ،‬وشرط لطهارة شعر الميتة وصوفها وريشها‬
‫‪6‬‬
‫أن تدبغ مع الجلد‪ ،‬فإن فصلت عن الجلد قبل الدباغ فهي نجسة‪ ،‬ولو دبغت بمفردها‪.‬‬

‫وحكي عن الحسن البصري‪ ،‬واألوزاعي‪ ،‬والليث أن الشعر والصوف والريش ينجس‬


‫‪7‬‬
‫بالموت‪ ،‬لكنه يطهر بالغسل‪.‬‬

‫وعن اإلمام أبي حنيفة رحمه هللا رواية بطهارة شعر الخنزير‪ ،‬وهي المروية عن أبي يوسف‬
‫‪8‬‬
‫ومحمد بن الحسن‪.‬‬

‫أدلة القائلين بالطهارة‪ 9:‬احتج أصحاب هذا القول باألدلة التالية‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫الدليل األول‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱠ‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬أن هللا سبحانه وتعالى امتن علينا باألصواف واألوبار واألشعار والريش‪ ،‬وال يمتن‬
‫‪11‬‬
‫بما هو نجس‪.‬‬

‫قال القرطبي رحمه هللا‪ :‬تضمنت هذه اآلية جواز االنتفاع باألصواف‪ ،‬واألوبار واألشعار‬
‫والريش على كل حال(‪.)12‬‬

‫(‪ )1‬ابن الجصاص أحكام القرآن)‪ ،(121/1‬النيسابوري‪ ،‬األوسط )‪ ،(272/2‬البن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير)‪.(180/1‬‬
‫(‪ )2‬النيسابوري‪ ،‬األوسط )‪ ،(272/1‬الغيباتي‪ ،‬عمدة القاري )‪.(35/3‬‬
‫(‪ )3‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب )‪.(275/1‬‬
‫(‪ )4‬النيسابوري‪ ،‬األوسط )‪.(283/2‬‬
‫(‪ )5‬ابن تيمية‪ ،‬مختصر الفتاوي المصرية ص‪ ،27‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬زاد المعاد )‪.(468/4‬‬
‫(‪ )6‬العطار‪ ،‬المحلي )‪.(123/1‬‬
‫(‪ )7‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن )‪ ،(155/10‬النووي‪ ،‬المجموع)‪ ،(275/1‬الغيباتي‪ ،‬عمدة القاري )‪.(35/3‬‬
‫(‪ )8‬السرخسي‪ ،‬المبسوط )‪ ،(203/1‬السمرقندي‪ ،‬تحفة الفقهاء )‪(35/52/1‬‬
‫(‪ )9‬الجصاص‪ ،‬أحكام القرآن)‪ ،(121/1‬المنبجي‪ ،‬اللباب في الجمع بين السنة والكتاب )‪.(99-98/1‬‬
‫(‪ )10‬سورة النحل اآلية ‪.80‬‬
‫(‪ )11‬الكلوذاني‪ ،‬االنتصار في المسائل الكبار )‪.(197/1‬‬
‫(‪ )12‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن )‪.(154/10‬‬
‫‪53‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬عن ابن عباس رضي هللا عنه أنه قال‪" :‬إنما حرم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪1‬‬
‫من الميتة لحمها‪ ،‬أما الجلد والشعر والصوف فال بأس"‪.‬‬

‫الدليل الثالث‪ :‬عن أم سلمة رضي هللا عنها قالت‪ :‬سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫"ال بأس بمسك الميتة إذا دبغ‪ ،‬وال بأس بصوفها‪ ،‬وشعرها‪ ،‬وقرونها إذا غسل بالماء"‪.‬‬

‫وجه االستدالل من الحديثين السابقين‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم أباح االنتفاع بصوت الميتة‬

‫وشعرها‪ ،‬ولم يستثن‪ ،‬فيشمل كل ميتة‪.‬‬

‫الدليل الرابع‪ :‬عن ابن عباس رضي هللا عنه قال‪" :‬تصدق على موالة لميمونة بشاة فماتت‪ ،‬فمر‬

‫بها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬هال أخذتم إهابها فدبغتموه‪ ،‬فانتفعتم به؟ فقالوا‪ :‬إنها‬
‫‪3‬‬
‫ميتة! قال‪ :‬إنما حرم أكلها"‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬أن هذا الحديث دليل على أن ما عدا المأكول من أجزاء الميتة ال يحرم االنتفاع‬
‫‪5‬‬
‫به‪ 4،‬واإلهاب يشمل الجلد وما هو متصل به‪.‬‬

‫الدليل الخامس‪ :‬أن هذه األشياء ال حياة فيها‪ ،‬ولهذا ال تتألم بالقطع؛ فال يحلها الموت فال‬
‫‪6‬‬
‫تنجس‪.‬‬

‫الدليل السادس‪ :‬أن نجاسة الميتات ليست ألعيانها‪ ،‬بل لما فيها من الدماء السائلة والرطوبات‬
‫‪7‬‬
‫النجسة‪ ،‬ولم توجد هذه األشياء في الريش‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجووه‪ :‬الوودارقطني فووي سووننه فووي (كتوواب الطهووارة‪ ،‬بوواب الوودباغ) )‪ ،(48-47/1‬والبيهقووي فووي الساانن الكباارى فووي (كتوواب‬
‫الطهارة‪ ،‬باب المنع من االنتفاع بشعر الميتة) )‪ ،(23/1‬وابن عساكر في تاريخ دمشاق )‪ ،(33/34‬والرافعوي فوي التادوين فاي‬
‫أخبار قزوين )‪ .(8/3‬وقال الدارقطني ضعيف‪.‬‬
‫وفي إسناده‪ :‬عبد الجبار بن مسلم‪ .‬وهو ضعيف‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه‪ :‬الدارقطني في سننه في (كتاب الطهوارة‪ ،‬بواب الودباغ) )‪ ،(47/1‬والبيهقوي فوي السانن الكبارى فوي (كتواب الطهوارة‪،‬‬
‫بوواب المنووع موون االنتفوواع بشووعر الميتووة) (‪ .)24/1‬وفووي إسووناده‪ :‬يوسووف بوون السووفر‪ ،‬وهووو متووروك‪ ،‬ولووم يووأت بووه غي وره كمووا قووال‬
‫الدارقطني في الموضع المذكور آنفاً‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الحيض باب طهارة جلود الميتة بالدباغ‪ ،‬حديث رقم ‪.577‬‬
‫(‪ )4‬المنبجي‪ ،‬اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (‪.)99-89/1‬‬
‫(‪ )5‬المرجع السابق (‪.)99/1‬‬
‫(‪ )6‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع (‪.)63/1‬‬
‫(‪ )7‬المنبجي‪ ،‬واللباب في الجمع بين السنة والكتاب (‪ )99/1‬ابن نجيم‪ ،‬البحر الرائق (‪.)108/1‬‬
‫‪54‬‬
‫‪1‬‬
‫قال شيد اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪ :‬لهذا حكم بطهارة ما ال نفس له سائلة‪.‬‬

‫وعلل الحنابلة استثناء أصول الشعر والريش بأنه [جزء من اللحم لم يستكمل شع اًر وال‬
‫‪2‬‬
‫ريشاً]‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫القول الثاني‪ :‬النجاسة‪ ،‬وهو األظهر عند الشافعية‪ 3،‬ورواية عن اإلمام أحمد‪ 4‬وقول عطاء‬
‫‪6‬‬
‫‪-‬رحمهما هللا تعالى‪ ،-‬وهو قول المالكية في الريش‪.‬‬

‫الحجة لهذا القول‪ 7:‬احتج أصحاب هذا القول باألدلة التالية‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫الدليل األول‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱠ‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬أنها عامة في الشعر وغيره‪ 9،‬والشعر ينجس باالنفصال؛ ألن الجزء للشعر كالذبح‬
‫‪10‬‬
‫للحيوان‪ ،‬وما ال يؤكل ينجس بذبحه‪ ،‬فكذلك شعره‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬عن عبد هللا بن حكيم رحمه هللا أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬ال تنتفعوا‬
‫‪11‬‬
‫من الميتة بشيء"‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم نهى عن االنتفاع بشعر الميتة‪ ،‬وهو عام في كل‬
‫‪12‬‬
‫ميتة؛ فدل على أنه [ينجس بموته كأعضائه]‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن تيمية‪ ،‬القواعد النورانية الفقهية ص‪.14‬‬


‫(‪ )2‬البهوتي‪ ،‬كشاف القناع (‪.)57/1‬‬
‫(‪ )3‬الشافعي‪ ،‬األم (‪ ،)9/1‬المزني‪ ،‬مختصر المزني (‪ ،)287/8‬النووي‪ ،‬روضة الطالبين (‪.)43/1‬‬
‫(‪ )4‬أبو الخطاب‪ ،‬الهداية (‪ ،)22/1‬الشيباني‪ ،‬اإلفصاح (‪.)61/1‬‬
‫(‪ )5‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب (‪.)275/1‬‬
‫الج َّالب‪ ،‬التفريع (‪ ،)408/1‬القيراوني‪ ،‬الرسالة الفقهية ص‪.265‬‬
‫( ) ابن َ‬
‫‪6‬‬

‫(‪ )7‬الماوردي‪ ،‬الحاوي الكبير (‪ ،)66/1‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب (‪.)277/1‬‬


‫(‪ )8‬سورة المائدة اآلية ‪.3‬‬
‫(‪ )9‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب (‪.)276/1‬‬
‫(‪ )10‬القرطبي‪ ،‬البيان والتحصيل (‪.)78/1‬‬
‫(‪ )11‬أخرجووه الطحوواوي فووي شاارح معاااني اآلثااار (‪ ،)468/1‬صووححه األلبوواني فووي ارواء الغلياال (‪ ،)78/1‬قووال ابوون قدامووة فووي‬
‫المغني (‪ )91/1‬اسناده حسن‪.‬‬
‫(‪ )12‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير (‪.)181/1‬‬
‫‪55‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬عن معاوية رضي هللا عنه‪" :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم نهى عن ركوب‬
‫‪1‬‬
‫النمار"‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم نهي عن استعمالها من أجل شعرها؛ ألن جلود‬
‫‪2‬‬
‫النمور والحمر ونحوها إنما تستعمل مع بقاء الشعر عليها‪.‬‬

‫الدليل الرابع‪ :‬القياس على اللحم‪ ،‬وذلك أن الشعر والصوف والريش جزء متصل بالحيوان اتصال‬
‫‪3‬‬
‫خلقة؛ فأشبه األعضاء‪.‬‬

‫مناقشة األدلة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مناقشة أدلة القائلين بالطهارة‪:‬‬

‫مناقشة الدليل األول‪ :‬وهو استداللهم ب‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ‬


‫ﱘ ﱙﱠ‪ 4،‬فقد اعترض عليه بأن [الطهارة مخصوصة بشعر المأكول‪[ 5،‬إذا ُذكي‪ ،‬أو أخذ في‬
‫‪6‬‬
‫حياته]‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫وجواب آخر‪ :‬أن هللا عز وجل قال‪ِ :‬‬


‫(من) و[من للتبعيض‪ ،‬والمراد البعض الطاهر]‪.‬‬

‫مناقشة الدليل الثاني‪ :‬وهو استداللهم بحديث ابن عباس رضي هللا عنهم‪" :‬إنما حرم رسول هللا‬

‫صلى هللا عليه وسلم من الميتة لحمها‪ ،"...‬فقد نوقش هذا االستدالل من وجهين‪:‬‬

‫(‪ )1‬أخرجووه بنحوووه األئمووة‪ :‬عبوود الوورزاق فووي المصاانف فووي (كتوواب الطهووارة‪ ،‬بوواب جلووود السووباع) (‪ )69/1‬وابوون أبووي شوويبة فووي‬
‫المصنف في (كتاب العقيقة‪ ،‬باب ركوب النمور) (‪ ،)306/8‬وأحمد بن حنبل في مسنده (‪ 93/4‬و‪ 95‬و‪ ،)99‬وابون ماجوه فوي‬
‫سااننه فووي (كتوواب اللبوواس‪ ،‬بوواب ركوووب النمووور) (‪ ،)1205/2‬وأبووو داود فووي سااننه فووي (كتوواب اللبوواس‪ ،‬بوواب فووي جلووود النمووور‬
‫والسووباع) (‪ )372/4‬والنسووائي فووي الساانن الكباارى فووي (كتوواب الزينووة‪ ،‬بوواب الركوووب علووى جلووود النمووور) (‪ .)509-508/5‬قووال‬
‫الشيد شعيب األرناؤوط في تخريج سنن ابي داود حديث رقم ‪ 4239‬صحيح‪ .‬وكذلك الشيد األلباني قال صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬الخطابي‪ ،‬معالم السنن (‪.)202/4‬‬
‫(‪ )3‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب (‪.)277/1‬‬
‫(‪ )4‬سورة النحل اآلية ‪.80‬‬
‫(‪ )5‬الفراء‪ ،‬التهذيب في فقه األمام الشافعي (‪.)34/1‬‬
‫(‪ )6‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب (‪.)276/1‬‬
‫(‪ )7‬المرجع السابق (‪.)276/1‬‬
‫‪56‬‬
‫‪1‬‬
‫األول‪ :‬ضعف إسناده‪ .‬ألن فيه أبا بكر الهذلي‪ .‬قال عنه غندر‪ :‬كذاب‪.‬‬

‫وضعفه اإلمام أحمد رحمه هللا وغيره‪ ،‬وقال ابن معين رحمه هللا‪ :‬لم يكن بثقة‪ ،‬وبنحوه قال‬
‫النسائي رحمه هللا‪ 2،‬وقال الدارقطني رحمه هللا‪ :‬ضعيف‪ 3،‬وقال الذهبي رحمه هللا‪ :‬أحد‬
‫المتروكين‪ 4،‬وبنحوه قال ابن حجر رحمه هللا‪ 5،‬وقد روي الحديث من طريق آخر‪ ،‬وهو ضعيف‬
‫‪7‬‬
‫أيضاً؛ ألن في إسناده عبد الجبار بن مسلم‪ ،‬وقد ضعفه الدارقطني‪ 6،‬وقال الذهبي رحمه هللا‪ :‬واه‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬نكارة‪ 8‬الحديث؛ فقد رواه الثقات بغير هذه الزيادة‪ .‬قال البيهقي رحمه هللا‪ :‬في هذا الحديث‬
‫‪9‬‬
‫زيادة لم يتابعه عليها ثقة‪.‬‬

‫مناقشة الدليل الثالث‪ :‬وهو استداللهم بحديث أم سلمة رضي هللا عنه‪" :‬ال بأس بمسك الميتة إذ‬

‫دبغ‪ "....‬؛ فقد نوقش بأنه حديث ضعيف‪ ،‬انفرد بروايته يوسف بن السفر‪ ،‬وهو متروك‪ .‬قال‬
‫ونقل البيهقي رحمه هللا عن البخاري رحمه هللا‬ ‫‪10‬‬
‫الدارقطني رحمه هللا‪ :‬متروك‪ ،‬ولم يأت به غيره‪،‬‬
‫‪11‬‬
‫قوله‪ :‬منكر الحديث‪.‬‬

‫وقال النووي رحمه هللا‪ :‬ضعيف باتفاق الحفاظ‪ .‬قالوا‪ :‬ألنه تفرد به يوسف بن السفر‪ ،‬وهو‬
‫‪12‬‬
‫متروك الحديث‪ ،‬هذه عبارة جميع أهل الشأن فيه‪ ،‬وهي أبلغ العبارات عندهم في الجرح‪.‬‬

‫(‪ )1‬الجوزي‪ ،‬التحقيق في مسائل الخالف (‪.)89/1‬‬


‫(‪ )2‬ابن حجر‪ ،‬تهذيب التهذيب (‪ ،)46-45/12‬ابن َقايماز‪ ،‬ميزان االعتدال (‪.)497/4‬‬
‫(‪ )3‬الدارقطني‪ ،‬سنن الدارقطني (‪.)47/1‬‬
‫(‪ )4‬ابن َقايماز‪ ،‬المغني في الضعفاء (‪.)773/2‬‬
‫(‪ )5‬األرنؤوط‪ ،‬تقريب التهذيب ‪.625‬‬
‫(‪ )6‬الدارقطني‪ ،‬سنن الدارقطني (‪.)47/1‬‬
‫(‪ )7‬ابن َقايماز‪ ،‬المغني في الضعفاء ‪ ،366/1‬وينظر‪ :‬ابن حجر‪ ،‬لسان الميزان (‪.)389/3‬‬
‫(‪ )8‬الحديث المنكر‪ :‬هو الذي تفرد بروايته ضعيف خالف الثقات‪ .‬وهو من أنواع الحديث الضعيف (ينظور‪ :‬المقناع فاي علاوم‬
‫الحديث (‪.)181/1‬‬
‫(‪ )9‬البيهقي‪ ،‬السنن الكبرى (‪.)23/1‬‬
‫(‪ )10‬الدارقطني‪ ،‬سنن الدارقطني (‪.)47/1‬‬
‫(‪ )11‬البيهقي‪ ،‬السنن الكبرى (‪.)24/1‬‬
‫(‪ )12‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب (‪.)276/1‬‬
‫‪57‬‬
‫ثانياً‪ :‬مناقشة أدلة القائلين بالنجاسة‪:‬‬

‫مناقشة الدليل األول‪ :‬وهو استداللهم بقول هللا تعالىﭐﱡﭐﱁ ﱂ ﱃﱠ‪ 1،‬فقد نوقش هذا‬

‫االستدالل بأن المراد بالتحريم ما يتأتى فيه األكل‪ ،‬والشعر والصوف ال يتأتى فيه األكل‪ ،‬والدليل‬
‫‪2‬‬
‫عليه قوله تعالى في اآلية‪ :‬ﱡﭐﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﱠ‬

‫‪3‬‬
‫فأخبر أن التحريم مقصور على ما يتأتى فيه األكل‪.‬‬

‫وقال شيد اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا في مناقشة االستدالل باآلية‪ :‬ال يدخل فيها الشعور‬
‫وما أشبهها‪ ،‬وذلك ألن الميت ضد الحي‪ ،‬والحياة نوعان‪ :‬حياة الحيوان‪ ،‬وحياة النبات‪ ،‬فحياة‬
‫الحيوان خاصتها الحس والحركة اإلرادية‪ ،‬وحياة النبات خاصتها النمو واالغتذاء‪ ،‬وقوله‪ :‬ﱡﭐﱁ‬

‫ﱂ ﱃ ﱠ‪4‬إنما هو بما فارقته الحياة الحيوانية دون النباتية؛ فإن الشجر والزرع إذا يبس لم‬
‫‪5‬‬
‫يتنجس باتفاق المسلمين‪ ،‬وقد ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱠ‪،‬‬

‫وﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﱠ‪ 6‬فموت األرض ال يوجب نجاستها باتفاق‬

‫المسلمين‪ ،‬وإنما الميتة المحرمة‪ :‬ما فارقها الحس والحركة اإلرادية‪ ،‬وإذا كان كذلك‪ ،‬فالشعر حياته‬
‫من جنس حياة النبات‪ ،‬ال من جنس حياة الحيوان‪ ،‬فإنه ينمو ويتغذى ويطول كالزرع‪ ،‬وليس فيه‬
‫‪7‬‬
‫حس وال يتحرك بإرادته‪ ،‬فال تحله الحياة الحيوانية حتى يموت بمفارقتها فال وجه لتنجيسه‪.‬‬

‫مناقشة الدليل الثاني‪ :‬وهو استداللهم بحديث عبد هللا بن عكيم رحمه هللا في نهي النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم عن االنتفاع من الميتة بشيء؛ فقد نوقش هذا االستدالل بأن النهي عن االنتفاع من‬
‫الميتة لما يتنجس وال يقبل التطهير‪ ،‬أما ما يقبل التطهير وهو الجلد؛ فقد ثبت استثناؤه بقول النبي‬

‫(‪ )1‬سورة المائدة اآلية ‪.3‬‬


‫(‪ )2‬سورة األنعام اآلية ‪.145‬‬
‫(‪ )3‬ابن الجصاص‪ ،‬أحكام القرآن (‪.)121/1‬‬
‫(‪ )4‬سورة المائدة اآلية ‪.3‬‬
‫(‪ )5‬سورة النحل اآلية ‪.65‬‬
‫(‪ )6‬سورة الحديد اآلية ‪.17‬‬
‫(‪ )7‬اب وون تيمي ووة‪ ،‬مجماااوع فتااااوى شااايخ اإلساااالم (‪ .)98-97/21‬وينظ وور معن وواه الب وون الجص وواص‪ ،‬أحكاااام القااارآن (‪،)122/1‬‬
‫القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن (‪.)155/10‬‬
‫‪58‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أيما إهاب دبغ فقد طهر"‪ 1،‬وهو شامل لسائر األهل‪ ،‬وكذلك الحكم في ما ال‬

‫يتنجس أصالً من باب األولى‪.‬‬

‫قال العيني رحمه هللا‪ :‬اإلهاب نكرة‪ 2،‬والنكرة إذا اتصفت بصفة عامة تعم؛ كقولهم أي‬
‫عبيدي ضربك فهو حر‪ ،‬يعتق كلهم إذا ضربوه؛ تقديره أي إهاب مدبوغ فهو طاهر‪3،‬وقد ثبت عن‬
‫‪4‬‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم قوله‪" :‬إذا دبغ اإلهاب فقد طهر"‪.‬‬

‫واألخبار الواردة في إباحة االنتفاع بجلود الميتة لم يذكر فيها حلق الشعر والصوف عنها‬
‫بل فيها اإلباحة على اإلطالق؛ فاقتضى ذلك إباحة االنتفاع بها بما عليها من الشعر والصوف ولو‬

‫لبينه النبي عليه السالم‪ ،‬لعلمه أن الجلود ال تخلو من أجزاء الحيوان‬


‫كان التحريم ثابتاً في الصوف ّ‬
‫‪5‬‬
‫مما ليس فيه حياة‪ ،‬وما ال حياة فيه ال يلحقه حكم الموت‪.‬‬

‫وأيضاً لو كان الشعر والصوف [مما يلحقهما حكم الموت‪ ،‬لوجب أن ال يحل إال بذكاة‬
‫األصل‪ ،‬كسائر أعضاء الحيوان] ‪ 6‬والصوف المأخوذ من الحي –سوى الكلب والخنزير‪ -‬طاهر ال‬
‫‪7‬‬
‫نجس؛ [فدل ذلك على أنه ال يلحقه حكم الموت]‪.‬‬

‫مناقشة الدليل الثالث‪ :‬وهو استداللهم بنهي النبي صلى هللا عليه وسلم عن النمار؛ فقد نوقش هذا‬

‫االستدالل بأمرين‪:‬‬

‫(‪ )1‬أخرجووه ابوون حبووان فووي صااحيحه رقووم الحووديث ‪ ،1288‬وأخ وره الطحوواوي فووي شاارح معاااني اآلثااار (‪ )469/1‬وقووال حووديث‬
‫صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬العموم جاء من صيغة الشرط المضافة إلى النكرة؛ ال من لفظ النكرة المضافة‪.‬‬
‫(‪ )3‬العيني‪ ،‬البناية في شرح الهداية (‪.)227/1‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم ‪.)277/1( ،366‬‬
‫(‪ )5‬ابن الجصاص‪ ،‬أحكام القرآن (‪.)122/1‬‬
‫(‪ )6‬المرجع السابق (‪.)122/1‬‬
‫(‪ )7‬المرجع السابق (‪.)122/1‬‬
‫‪59‬‬
‫األول‪ :‬وقوع النهي عنها من أجل أنها مراكب أهل الترف والخيالء‪ 1،‬أو ألنها زي األعاجم‪ 2‬بدليل‬

‫أنه صلى هللا عليه وسلم خصها من بين سائر السباع‪ ،‬وغيرها من الحيوان غير المأكول‪ ،‬كاألسد‪،‬‬
‫والفهد‪ ،‬والحمار وغيرها‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن النهي في الحديث جاء عن ركوب جلود النمور‪ ،‬وليس فيه ذكر لنجاستها‪ ،‬فال نسلم أن‬
‫‪3‬‬
‫تحريم ركوبه يدل على نجاسته‪ ،‬كالحرير حرم ال لنجاسته‪.‬‬

‫مناقشة الدليل الرابع‪ :‬وهو القياس على اللحم‪ ،‬من جهة أن الشعر والصوف والريش متصل‬

‫بالحيوان اتصال خلقة‪ ،‬فأشبه اللحم‪ ،‬فقد نوقش ذلك بأن الشعر لو كان [جزء من الحيوان لما أبيح‬

‫أخذه في حال الحياة؛ فإن النبي صلى هللا عليه وسلم سئل عن قوم يجبون‪4‬أسنمة اإلبل وأليات‬
‫الغنم‪ ،‬فقال‪" :‬ما أبين من البهيمة وهي حية‪ ،‬فهو ميت"‪5،‬وهذا متفق عليه بين العلماء‪ ،‬فلو كان‬
‫حكم الشعر حكم السنام واأللية‪ ،‬لما جاز قطعه في حال الحياة‪ ،‬وال كان طاه اًر حالالً‪ ،‬فلما اتفاق‬
‫‪6‬‬
‫العلماء على أن الشعر والصوف إذا ج از من الحيوان كان طاه اًر حالالً‪ :‬علم أنه ليس مثل اللحم]‪.‬‬

‫الترجيح‪ :‬مما تقدم ذكره من األدلة والمناقشات يظهر –وهللا أعلم‪ -‬أن الراجح هو القول بطهارة‬

‫الريش‪ ،‬ألربعة أمور‪:‬‬

‫(‪ )1‬الخطابي‪ ،‬معالم السنن ‪.202/4‬‬


‫(‪ )2‬آبادي‪ ،‬عون المعبود في شرح سنن أبي داود ‪.188/11‬‬
‫(‪ )3‬المارديني‪ ،‬الجوهر النقي ‪.22/1‬‬
‫(‪ )4‬الجب‪ :‬القطع‪ .‬وبعير أجب بين الجبب‪ ،‬أي مقطوع السنام‪( .‬ينظر‪ :‬لسان العرب (‪.)249/1‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه األئموة‪ :‬أحمود بون حنبول فوي مسانده (‪ ،)218/5‬والودارمي فوي ساننه فوي (كتواب الصويد‪ ،‬بواب فوي الصويد يبوين منوه‬
‫العضو) (‪ ،)93/2‬وأبو داود في سننه في (كتاب الصيد‪ ،‬باب في صيد قطع منه قطعة) (‪ ،)277/4‬والترمذي في جامعه فوي‬
‫(كتاب الصيد‪ ،‬باب ما قطع من الحي فهو ميت) (‪ ،)146 -145/3‬وأبو يعلى الموصلي فوي مسونده (‪ ،)36/3‬والطحواوي فوي‬
‫شرح مشكل اآلثار في (بواب بيوان مشوكل موا روي عون النبوي صولى هللا عليوه وسولم مون قولوه‪(( :‬موا قطوع مون حوي فهوو ميوت))‬
‫(‪ )237/4‬والدارقطني في سننه في (باب الصيد والذبائح واألطعمة وغير ذلك) (‪ ،)292/4‬والحاكم في المساتدرك فوي (كتواب‬
‫الذبائح) (‪ ،)239/4‬وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في التلخيص‪ ،‬والبيهقي في السنن الكبرى في‬
‫(كتاب الطهارة‪ ،‬باب المنع من االنتفاع بشعر الميتة) (‪.)23/1‬‬
‫(‪ )6‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم (‪.)98/21‬‬
‫‪60‬‬
‫‪1‬‬
‫األول‪ :‬عموم الدليل الذي اعتمد عليه القائلون بالنجاسة‪ ،‬وهو‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱁ ﱂ ﱃﱠ‪،‬‬

‫وقد خص بقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أيما إهاب دبغ فقد طهر"‪ 2،‬وبقول النبي صلى هللا‬

‫عليه وسلم‪" :‬دباغ كل أديم طهوره"‪ 3،‬ومن المعلوم أن الشعر يكون على الجلود من حيث الخلقة‪،‬‬
‫والعادة جارية بعدم نزع الشعر عند دبغ الجلد‪ ،‬السيما من جلود السباع‪ ،‬وكان استخدام الفراء‬
‫شائعاً‪ ،‬ولم يرد عن النبي صلى هللا عليه وسلم أمر بنزعها عن الجلد حال الدباغ أو بعده‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أنه ال داللة في قول النبي صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ال تنتفعوا من الميتة بشيء"‪ 4‬على‬
‫نجاسة الريش من جهتين‪:‬‬

‫الجهة األولى‪ :‬أنه في حكم اإلهاب‪ ،‬وهو الجلد قبل الدبغ‪.‬‬

‫الجهة الثانية‪ :‬أنه حديث ضعفه بعض العلماء‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬اإلجابة عن استداللهم بحديث النهي عن ركوب النمار بما يمنع االستدالل به على نجاسة‬

‫الريش‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬إبطال قياس الشعر والصوف والريش على اللحم؛ ألنه قياس مع الفارق‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة المائدة اآلية ‪.3‬‬


‫(‪ )2‬تقدم تخريجه ص ‪.61‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الدارقطني فوي سوننه (‪ )49/1‬عون عائشوة رضوي هللا عنهوا وقوال إسوناد حسون كلهوم ثقوات‪ ،‬والبيهقوي (‪ )21/1‬وقوال‪:‬‬
‫رواته كلهم ثقات‪.‬‬
‫سبق تخريجه ص ‪57‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪61‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫حكم صيد الطيور‬

‫المطلب األول‪ :‬األحكام المتعلقة في صيد الطيور‪.‬‬

‫الصيد‪ :‬مصدر صاد‪ ،‬وهو تناول ما يظفر به مما كان ممتنعا‪ ،‬وفي الشرع‪ :‬تناول‬

‫الحيوانات الممتنعة ما لم يكن مملوكا‪ ،‬والمتناول منه ما كان حالال‪ ،‬وقد يسمى المصيد صيدا‬
‫‪2‬‬
‫بقوله‪" :‬أحل لكم صيد البحر"‪ 1،‬أي‪ :‬اصطياد ما في البحر‪ ،‬وأما قوله‪ :‬ال تقتلوا الصيد وأنتم حرم‪.‬‬

‫أحكام للصيد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫األحكام الخمسة للصيد‪ :‬قد ذكر العلماء خمس َة‬

‫الصيد المباح‪ :‬وهذا هو األصل فيه‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ‬


‫‪3‬‬
‫ﱈ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱠ‪.‬‬
‫ﱉ‬

‫العبث فقط‪.‬‬
‫الغرض منه التسلي َة‪ ،‬و َ‬
‫ُ‬ ‫الصيد المكروه‪ :‬إذا كان‬

‫الهدف منه َّ‬


‫سد ُخّلة واجبة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الصيد الواجب‪ :‬إذا كان‬

‫كف سؤال الناس‪ ،‬أو التوسع َة على العيال‪.‬‬


‫الغرض منه َّ‬
‫ُ‬ ‫المستحب‪ :‬إذا كان‬
‫ّ‬ ‫الصيد‬

‫صدر من محرم‪ ،‬أو كان في‬


‫َ‬ ‫اإلنسان عن واجب‪ ،‬أو إذا‬
‫َ‬ ‫شغل‬
‫َ‬ ‫المحرم وغير الجائز‪ :‬إذا‬
‫ّ‬ ‫الصيد‬
‫مكان الحرم‪.‬‬

‫والصيد قد يكون بوسائل متعددة منها الشباك أو البندقية وغيرها فال بأس فيها إذا لم يكن‬
‫فيها مخالفة شرعية‪ ،‬فعن أبي يعلى شداد بن ٍ‬
‫أوس رضي هللا عنه‪ ،‬عن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫القتلة‪ ،‬وإذا ذبحتم فأحسنوا‬ ‫ٍ‬
‫شيء‪ ،‬فإذا قتلتم فأحسنوا ِ‬ ‫وسلم قال‪" :‬إن هللا كتب اإلحسان على كل‬

‫أحدكم شفرته‪ ،‬ولُي ِرح ذبيحته"‪.4‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ال ّذبحة‪ ،‬ولُيحَّد ُ‬

‫(‪ )1‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.96‬‬


‫(‪ )2‬الراغب‪ ،‬المفردات في غريب القرآن ص‪.496‬‬
‫(‪ )3‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.96‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان باب األمر بإحسان الذبح والقتول وتحديود الشوفرة‬
‫حديث رقم ‪.1955‬‬
‫‪62‬‬
‫الصياد باهلل عند رميه‪ ،‬وأن‬
‫ُ‬ ‫فإذا صاد الصياد الطير بالبندقية جاز له ذلك بشرط أن يسمي‬
‫َ‬
‫أما إذا وجد‬ ‫ِ‬
‫َيج َد صيده قد مات من رميته‪ ،‬فالعبرة في تذكية الصيد ونزول الدم من المصيد‪ ،‬و ّ‬
‫يذبحه‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ثم َ‬ ‫يسمي هللا‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫حينئذ أن‬ ‫فإنه يجب عليه‬‫حياة مستقرًة كأن صاده بالشباك ّ‬‫حياً ً‬‫صيده ّ‬
‫الصياد َ‬
‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫األكل منه‬
‫ُ‬ ‫صيده وقد نسي أن يسمي هللا ُح ِّرم عليه‬
‫وإذا صاد َ‬
‫َ‬
‫قسم في الحكم الشرعي بمشروعيته إلى قسمين‪:‬‬
‫صيد الطيور يمكن أن ي ّ‬

‫األول‪ :‬الصيد بقصد اللهو أو التّسلية‪ ،‬وقد رأى معظم العلماء أن الصيد بهذا الهدف مكروه وقد‬
‫النوع من الطيور من دون‬
‫مفسدة وإزهاقاً لذاك ّ‬
‫ً‬ ‫ألن في هذا األمر‬
‫مال بعض العلماء إلى تحريمه؛ ّ‬
‫أن في هذا قتالً لروح دون أن يكون هناك منفعة من ذلك‪ ،‬لكن في حال كان‬
‫أي مبرر‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬
‫الهدف من الصيد التّسلية واللهو ولكن بعدها يستفاد من الطيور التي اصطيدت بأكلها او بعالجها‬
‫وتربيتها فاألمر هنا جائز‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬الصيد من أجل الحصول على الطيور لطبخها واالستفادة من لحومها‪ ،‬أو من أجل نتف‬

‫ريشها وبيعه وجني المال من هذا‪ ،‬ففي هذه الحالة هناك منفعة وسد لحاجة من حاجات اإلنسان‬
‫‪2‬‬
‫واألمر جائز وفيه سعة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صيد الطيور بأدوات الصيد‪.‬‬

‫األداة األولى‪ :‬استخدام الحمامة‪.‬‬

‫تستخدم الحمامة كطعم إذ يتم تنفيرها في منطقة مفتوحة‪ ،‬إلغراء الطيور الجارحة لالقتيات عليها‬
‫أثناء هجرتها في بداية فصل الخريف‪ ،‬باتجاه الدافئة من الكرة األرضية‪ ،‬ويمكن تقسيم هذه الطريقة‬
‫إلى حيلتين‪:‬‬

‫الحيلة األولى‪ :‬هي استخدام إطار خفيف شفاف يربط به حوالي عشرة أشرطة مفتوحة‪ ،‬ويشد‬

‫اإلطار إلى ظهر الحمامة‪ ،‬ومن ثم تطلق هذه الحمامة عند مظنة وجود أو اقتراب أحد الجوارح‪،‬‬
‫وإذا صادف انقضاض الجارح على الحمامة لقتل الحمامة أو حتى خدشها‪ ،‬فإن قوائمه سوف‬

‫(‪ )1‬الشعال‪ ،‬فتاوى في أحكام الصيد‪ ،‬فتوى رقم ‪.11867‬‬


‫(‪ )2‬أحمد‪ ،‬هنادي‪ ،‬صيد الطيور‪ ،‬مجلة حياتك‪ ،‬العدد ‪ ،8‬ص‪.32‬‬
‫‪63‬‬
‫تتشابك في األشرطة التي تم ربطها في اإلطار‪ ،‬ومع إن مقدور الجارح أن يحلق عالياً والحمامة‬

‫متدلية من قوائمه‪ ،‬إال أن هذا الوضع المربك سيجبره على أن يحط ويسقط على األرض غير بعيد‬
‫من المكان الذي تم إطالق الحمامة منه‪ ،‬وهو في حالة غضب وارتباك‪ ،‬مما يمكن اصطياده بإلقاء‬
‫‪1‬‬
‫قطعة قماش عليه ونحو ذلك‪ ،‬واإلمساك به بقوة‪.‬‬

‫الحيلة الثانية‪ :‬هي أن يقوم صائد الجوارح بحفر حفرة مناسبة يمكنه الجلوس فيها واالختباء بحيث‬

‫ال يظهر من جسده شيء‪ ،‬ويبني لها جدا اًر جانبياً يرتفع عن سطر األرض نصف المتر تقريباً‪،‬‬
‫وأن يتخلل هذا الجدار ثقوب صغيرة من جميع الجهات‪ ،‬ليتمكن من الرؤية والمشاهدة‪ ،‬ثم تسقف‬

‫بمادة مثل حصير القصب أو الحطب أو مما يناسب البيئة التي من حوله‪ ،‬ويقوم بربط حمامة حية‬
‫مربوطة في طرف خيط قوي وطويل‪ ،‬ويكون ممسكا بالطرف اآلخر من الخيط‪ ،‬وعندما يرى جارحا‬
‫يقوم بإطالق الحمامة في الجو‪ ،‬حيث ترفرف عند نهاية الخيط‪ ،‬فينقض الجارحة على الحمامة‪،‬‬
‫وعند قتلها فإنها ستسقط على األرض من األعلى‪ ،‬فيحط الجارح على األرض في طلبها‪ ،‬وعندما‬
‫يشرع في التهامها يقوم الصائد بسحب الخيط باتجاه إقامته بالحفرة‪ ،‬ويتم ذلك ببطء شديد ومن دون‬

‫أن يشعر الجارح‪ ،‬فيسحب الخيط وبه الحمامة مربوطة‪ ،‬والجارح العاكف على التهامها على الرمال‬
‫‪2‬‬
‫يتبع فريسته حتى يقترب من الصائد المتخفي‪ ،‬فينقض بقوة على الجارح ويمسك به من قوائمه‪.‬‬

‫األداة الثانية‪ :‬الشبكة أو الشباك‪.‬‬

‫وتتميز الشبكة المخصصة الصطياد الجوارح بامتدادها علوا إلى ثالثة أقدام وبعرض‬
‫خمسة أقدام تقريباً‪ ،‬وعندما يحط الصقر الصطياد الطعم الموضوع داخلها من حمام أو أرانب‬
‫وغيرها‪ ،‬فإنه يقع في حبائلها‪ ،‬وإمكانية خروجه من الشباك وعدم تشابك أرجله بها مما يندر إلى‬
‫حد إمكان استبعاده‪ ،‬وما يحدث عادة أن انقضاض الصقر على الطعم يفضي به إلى الوقوع في‬
‫‪3‬‬
‫الشبكة المحكمة مباشرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬موسوعة الصقور ص(‪.)63‬‬


‫(‪ )2‬الصيد بالطيور الجارحة (الصقارة) ص(‪.)22-21‬‬
‫(‪ )3‬موسوعة الصقور‪ ،‬ص(‪.)63‬‬
‫‪64‬‬
‫األداة الثالثة‪ :‬عند إمساك الطيور‪ ،‬قد يكون هذا الطير ُمعلماً ُ‬
‫ومدرباً لالصطياد‪ ،‬مما يدل على أنه‬

‫ويعرف بعالمات منها‪:‬‬


‫مملوك لشخص من قبل‪ُ ،‬‬

‫‪ -1‬وجود ما يدل علي أنه مملوك لشخص بوجود خاتم‪ ،‬أو حلقة في إحدى رجليه‪ ،‬أو جهاز‬
‫تتبع صغير في ذنب الطائر وقد فقد من صاحبه‪ ،‬أو أرسله في عملية صيد ولكنه ابتعد‬

‫عن صاحبه لمسافات طلباً للصيد‪.‬‬

‫‪ -2‬استجابته السريعة من الوهلة األولى أثناء تعليمه الصيد‪ ،‬ووقوفه علي يد المدرب‪ ،‬وتآلفه‬
‫السريع وغير ذلك‪.‬‬

‫صورة المسألة‪:‬‬

‫كمن أمسك أحد الطيور الجارحة‪ ،‬وظهر أن هذا الجارح ُمعلماً مما يدل علي أنه مملوك‬
‫له أن يستولي عليه ويتملكه كالضالة‪ 1،‬أو أن يطلقه في‬
‫ألحد قبله وهو ال يعرف مالكه‪ ،‬فهل ُ‬
‫الهواء وربما يعود لصاحبه‪.‬‬

‫تحرير محل النزاع‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إن عرف ممسك الجارح مالكه فليس له أخذه‪ ،‬ويستحب له إرجاعه إلي صاحبه‪ 2،‬ﭧﭐﭨ ﭐ‬
‫ﱡﭐﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅﱠ‪.3‬‬

‫الضووالة بالتوواء‪ :‬الحيووان الضووائع‪ ،‬يطلووق علووي الووذكر واألنثووى‪ ،‬واألثنووين والجمووع‪ ،‬وتجمووع علووي ضووال‪ ،‬مثوول‪ :‬دابووة و دواب‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ويقال لغير الحيووان‪ :‬ضوائع‪ ،‬ولقطوة‪ ،‬والضوال بودون التواء‪ :‬اإلنسوان‪ .‬انظور‪ :‬لساان العارب (‪ ،)390/11‬والمصاباح المنيار فاي‬
‫غريب الشرح الكبير (‪ .)605/2‬قوال المواوردي‪ :‬اللقطوة والضووال مختلفوان فوي الجونس والحكوم‪ ،‬فالضووال الحيووان‪ :‬ألنوه يضول‬
‫بنفسووه‪ ،‬واللقطووة غيوور الحيووان‪ ،‬سووميت بووذلك اللتقوواط واجوودها لهووا‪ ،‬انظوور‪ :‬الموواوردي‪ ،‬الحاااوي فااي فقااه الشااافعي‪ .)4/8( -‬قووال‬
‫األزهري‪ :‬ال يقع اسم الضالة إال علي الحيوان‪ ،‬يقال‪ :‬ضل اإلنسان والبعير وغيرهما من الحيووان وهوي الضووال‪ ،‬وأموا األمتعوة‪،‬‬
‫ومووا سوووي الحي ووان‪ ،‬فيقووال لهووا‪ :‬لقطووة وال يقووال ضووالة‪ ،‬ويقووال للض ووال‪ :‬اله ووامي‪ ،‬واله ووافي‪ ،‬وواحوودتها‪ :‬هاميووة‪ ،‬وهافيووة‪ ،‬وهمووت‬
‫وهفت وهملت‪ ،‬انظر‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم (‪ ،)21-20/12‬والتمهيد (‪.)111/3‬‬
‫قووال الشووافعي‪ :‬أن ووه يجووب أخووذها لقول ووه تعووال‪} :‬والمؤمنووون{‪ ،‬ف ووإن كووان وليووه‪ ،‬وج ووب عليووه حفووظ مال ووه‪ ،‬انظوور‪ :‬المجماااوع‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪.)251/15‬‬
‫سورة التوبة‪ ،‬آية (‪.)71‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪65‬‬
‫‪1‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﱠ‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬أنه إذا كان المسلم ولياً ألخيه المسلم وجب عليه حفظ ماله‪ ،‬وبأن حرمة مال المسلم‬
‫‪2‬‬
‫كحرمة دمه‪ ،‬فإذا خاف علي ماله الضياع وجب حفظه‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬اتفق الفقهاء على جواز أخذ ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها‪ ،‬وكذلك الحكم في كل‬

‫ما ال يمتنع من صغار السباع‪ ،‬كفصالن اإلبل‪ ،‬وعجول البقر‪ ،‬وأفالء الخيل‪ ،‬والدجاج واإلوز‬

‫ونحوها فيجوز التقاطه‪3‬لقول النبي صلي هللا عليه وسلم‪ :‬لما سئل عن الشاة‪( :‬خذها فإنما هي لك‬
‫‪4.‬‬
‫أو ألخيك أو للذئب)‬

‫وجه الداللة‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪ :‬خذها ولم يفرق ولم يستفصل‪ ،‬ولو افترق الحال لسأل‬
‫واستفصل كما في ضالة اإلبل كما سيأتي‪.‬‬

‫ب‪ -‬أنه يخشي عليها التلف والضياع فأشبه لقطة غير الحيوان‪.‬‬

‫وبالنظر في مسألة إمساك الطيور الجارحة المعلمة‪ ،‬فلم يتكلم عنها الفقهاء بخصوصها‪،‬‬
‫المعلمة علي مسألة‪ :‬ضالة اإلبل‪ ،‬وذلك لألسباب‬
‫لكن يمكن تخريج مسألة إمساك الطيور الجارحة ُ‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -1‬إن األصل في كل من الطيور واإلبل التوحش‪.‬‬

‫‪ -2‬مقدرة كل منها االعتماد علي نفسه والعيش في البرية دون ر ٍ‬


‫اع‪.‬‬

‫سورة المائدة‪ ،‬آية (‪.)2‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪)2‬الشوكاني‪ ،‬فتح القدير(‪.)119/6‬‬


‫(‪)3‬ابن عبد البر‪ ،‬التمهيد (‪ ،)108/3‬الخرشي‪ ،‬شرح مختصر خليل (‪.)127/7‬‬
‫أخرجووه البخوواري فووي صووحيحه فووي بوواب‪ :‬ضووالة الغوونم‪ ،‬انظوور‪ ،)124/3( :‬بوورقم ‪ .2428‬ومسوولم فووي بوواب‪ :‬كتوواب اللقطووة‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫انظر(‪ ،)1348/3‬برقم ‪ ،1722‬واللفظ لمسلم‪.‬‬


‫(‪)5‬ابن رشد البيان والتحصيل (‪ ،)574/2‬الزيعلي‪ ،‬وتبين الحقائق (‪.)57/6‬‬
‫‪66‬‬
‫‪ -3‬استطاعة كل منهما بما حباهما هللا عز وجل من صفات وميزات لالمتناع بأنفسها من‬

‫صغار السباع‪ ،‬فاإلبل بقوتها‪ ،‬وضخامتها‪ ،‬والطير بطيرانه‪ ،‬وأماكن عيشه في أعالي‬
‫األشجار الكبيرة‪ ،‬والكهوف المنيعة‪.‬‬

‫حيث إن الفقهاء ذكروا ما يحرم التقاطه وامتناعه من صغار السباع وعدو الطير من ذلك‪:‬‬

‫قال الشربيني (ويحرم التقاطه) أي الحيوان الممتنع في األمن (للتملك) علي كل أحد لما‬
‫مر في حديث زيد في ضالة اإلبل <<ما لك ولها دعها>>‪ ،‬وقيس الباقي عليها بجامع إمكان‬
‫‪1‬‬
‫رعيها في البرية بال راع‪.)...‬‬

‫وقال المرداوي‪( :‬الضوال التي تمتنع من صغار السبع كاإلبل والبقر والخيل والبغال‬
‫‪2‬‬
‫والظباء والطير والفهود ونحوها فال يجوز التقاطها‪)....‬‬

‫وقال ابن مفلح (كل حيوان تقوى علي االمتناع من صغار السباع‪ ،‬وورود الماء سواء كان‬
‫لكبر جثته كاإلبل‪ ،‬أو لطيرانه كالطيور كلها‪ ،‬أو لعدوه كالظباء‪ ،‬أو بنابه كالفهد والكلب فال يجوز‬
‫‪3‬‬
‫التقاطها‪.)...‬‬

‫‪ -4‬القياس علي ما ذكر في الحديث من تعليالت لترك أخذ ضالة اإلبل‪ ،‬ومفارقتها عن غيرها‬
‫من الضوال التي ال تمتنع بنفسها عن صغار السباع‪ ،‬والطيور الجارحة بمقدورها االمتناع‬
‫عن صغار السباع نظ اًر لقدرتها علي الطيران‪ ،‬أما اإلبل فبقوتها وضخامتها‪.‬‬

‫وقد اختلف الفقهاء‪ -‬رحمهم هللا‪ -‬في حكم التقاط ضالة اإلبل علي ثالثة أقوال‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬ال يجوز التقاط ضالة اإلبل مطلقاً سواء أكانت في الصحراء أو العمران وهو قول‬
‫‪4‬‬
‫المالكية‪.‬‬

‫الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج إلي معرفة ألفات المنهاج (‪.)583/3‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرداوي‪ ،‬اإلنصاف (‪.)401/6‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ابن المفلح‪ ،‬المبدع (‪.)13/1‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫العبدري‪ ،‬التاج واإلكليل لمختصر خليل (‪ ،)50/8‬الخرشي‪ ،‬شرح مختصر خليل (‪.)127/7‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪67‬‬
‫واستدلوا علي ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬ما روي زيد بن خالد رضي هللا عنه‪ -‬عندما سئل النبي صلى هللا عليه وسلم عن‬

‫ضالة اإلبل؟ قال‪( :‬ما لك ولها‪ ،‬معها سقاؤها وحذاؤها‪ ،‬ترد الماء وتأكل الشجر حتي يلقاها‬
‫ربها)(‪.)1‬‬

‫وفي رواية أخري لزيد بن خالد أيضاً‪ :‬قال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬فضالة اإلبل؟ قال‪ :‬فغضب‬
‫(‪)2‬‬
‫‪-‬أو احمر وجهه‪ -‬ثم قال (ما لك ولها‪،‬‬ ‫رسول هللا صلي هللا عليه وسلم حتي احمرت وجنتاه‬
‫(‪)3‬‬
‫معها حذاؤها‪ ،‬وسقاؤها‪ ،‬حتي يلقاها ربها)‬

‫وجه الداللة‪ :‬إن هذا نص صحيح صريح من النبي صلى هللا عليه وسلم ينهي عن التقاط ضالة‬

‫اإلبل‪ ،‬فذكر حذاءها بمعني خفها ألنه بقوته وصالبته يجري مجري الحذاء‪ ،‬وسقاءها بطنها ألنها‬
‫‪4‬‬
‫ماء كثي اًر يمنعها من العطش لبضع أيام وليال بحكمة هللا سبحانه‬
‫تشرب فيه ً‬

‫نوقش‪ :‬بأن ذلك كان إذ ذاك لغلبة أهل الصالح واألمانة‪ ،‬وال تصل إليها يد خائنة‪ ،‬فإذا تركها‬

‫وجدها وأما إذا خيف عليها فال يؤمن وصول يد خائنة إليها‪ ،‬ففي أخذتها إحياؤها وحفظها علي‬
‫‪5‬‬
‫صاحبها فهو أولي‪.‬‬

‫يجاب عن ذلك‪ :‬أن نص الحديث تضمن النهي الصريح عن التعرض لإلبل‪ ،‬ولم ُيستثني فساد‬
‫الزمان وصالحه‪ .‬ولم يحتمل لفظ الحديث شيئاً من التأويل‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في صحيحه في باب‪ :‬شرب الناس والدواب من األنهار (‪ )113/3‬برقم‪ ،2372 :‬وفي بواب‪ :‬ضوالة اإلبول‬
‫(‪ )142/3‬برقم‪ .2427:‬وأخرجه مسلم في صحيحه بلفظه في باب‪ :‬كتاب اللقطة (‪ )1346/3‬برقم‪.1722 :‬‬
‫الوجنة‪ :‬بفتح الواو وضمها وكسرها‪ ،‬هي‪ :‬اللحم المرتفع من الخدين‪ ،‬انظر‪ :‬شرح النووي علي صحيح مسلم (‪.)24/12‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫أخرجه البخاري في صحيحه في بواب‪ :‬موا يجووز مون الغضوب والشودة ألمور هللا‪ ،‬انظور‪ )27/8( :‬بورقم‪ ،6112 :‬ومسولم فوي‬ ‫(‪)3‬‬

‫صحيحه بلفظه في باب‪ :‬كتاب اللقطة‪ ،‬انظر‪ )1348/3( :‬برقم‪.1722 :‬‬


‫البهوتي‪ ،‬كشاف القناع (‪.)210/4‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫ابن الهمام‪ ،‬فتح القدير (‪.)125/6‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪68‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬عن الجارود العبدي رضي هللا عنه انه سأل النبي صلي هللا عليه وسلم عن إبل‬

‫عجاب ضوال ترد عليه‪ ،‬فقال رسول هللا صلي هللا عليه وسلم‪( :‬ضالة المؤمن حرق النار )‪.‬‬
‫‪2 1‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬جواب النبي صلى هللا عليه وسلم صريح في التحذير من أخذ ضالة اإلبل عندما‬

‫سأل عنها علي وجه خاص‪ ،‬وأنها التقاط بآخذها إلي النار‪ ،‬مما يدل علي التحريم‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬يندب التقاط الضالة لحفظها لربها‪ ،‬وهو قول الحنفية‪ 3،‬ولم يفرقوا بين اإلبل وغيرها‪،‬‬

‫وما كان في الصح ارء والعمران‪.‬‬

‫وقد استدلوا علي ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬استدلوا باألثر الوارد عن ثابت بن الضحاك رضي هللا عنه قال‪ :‬وجدت بعي اًر علي‬

‫عهد عمر رضي هللا عنه فأتيت به عمر‪ ،‬فقال‪ :‬عرفه‪ ،‬فقلت‪ :‬قد عرفته حتي شغلني عن رقيقي‬
‫‪4‬‬
‫وقيامي علي أرضي‪ ،‬قال‪ :‬فأرسله حيث وجدته‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬أن عمر رضي هللا عنه لم ينكر علي ثابت أخذ البعير وأمره بتعريفه‪ ،‬ثم أمره برده‬
‫‪5‬‬
‫إلى موضعه‪ ،‬وإنما منعه من التصرف فيه وتملكه‬

‫ويمكن أن يناقش‪ :‬بأن ثابت بن الضحاك ربما لم يبلغه النهي عن أخذ اإلبل‪ ،‬أو بلغه النهي إال‬

‫أنه تأول ذلك النهي علي أنه للتملك ال للحفظ‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬أنها لقطة يتوهم ضياعها‪ ،‬فيستحب أخذها وتعريفها صيان ًة ألموال الناس كما في‬
‫‪.‬‬
‫الشاة‬

‫معني ذلك‪ :‬أن ضالة المسلم إذا أخذها إنسان ليتملكها إدته إلي النار‪ ،‬وهذا تشبيه بليغ‪ ،‬انظر‪ :‬عمدة القاري شارح صاحيح‬ ‫(‪)1‬‬

‫البخاري (‪.)280/12‬‬
‫رواه الطب ارنووي فووي المعجااام الكبيااار فووي ب وواب‪ :‬الجووارود ب وون عموورو ب وون المعلووى العب وودي‪ ،‬انظوور‪ ،)265/2( :‬ب وورقم‪.2111 :‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫والبيهقي في باب‪ :‬ما يجووز لوه أخوذه وموا ال يجووز لوه مموا يجوده‪ ،‬انظور‪ )315/6( :‬بورقم‪ .12071 :‬قوال عنوه الشويد األلبواني‪:‬‬
‫صحيح‪ ،‬انظر‪ :‬السلسة الصحيحة (‪.)185/2‬‬
‫(‪)3‬ابن نجيم‪ ،‬البحر الرائق(‪.)167/5‬‬
‫أخرج هذا األثر عبد الرزاق في مصنفه في باب‪ :‬كتاب اللقطة‪ ،‬انظر‪ )113/10( :‬برقم‪.18609 :‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫التجيبي‪ ،‬المنتقي شرح الموطأ (‪.)142/6‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪69‬‬
‫نوقش من وجهين‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن هذا قياس فاسد لمعارضته للنص الوارد في منع التقاط ضالة اإلبل‪ ،‬وال قياس مع وجود‬

‫النص‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أنه قياس مع الفارق‪ ،‬فالغنم تفارق اإلبل لضعفها وقلة صبرها عن الماء‪ ،‬والخوف عليها‬
‫‪1‬‬
‫من الذئب ونحوه‪ ،‬بخالف اإلبل كما جاء ذلك في حديث زيد بن خالد السابق‪.‬‬

‫القول الثالث‪ :‬التفريق‪ ،‬ال يجوز التقاط ضالة اإلبل في الصحراء‪ ،‬ويجوز في العمران إذا خشي‬
‫‪3‬‬
‫عليها من أخذ خائن أو كان زمن النهب والفساد‪ ،‬وهو قول والشافعية‪ 2،‬والحنابلة‪.‬‬

‫أدلتهم‪ :‬استدلوا علي قولهم بالتفصيل بنفس أدلة القول األول المحرمة اللتقاط ضالة اإلبل إذا‬

‫كانت في الصحراء‪ ،‬وأما إذا كانت في العمران فقالوا‪ :‬إن وجود اإلبل في الصحراء التي فيها الماء‬
‫والشجر أمن لها‪ ،‬وطروق الناس بها نادر‪ ،‬وتمنع نفسها من صغار السباع‪ ،‬أما في العمران فقد‬
‫‪4‬‬
‫تضيع بامتداد األيدي الخائنة إليها‪.‬‬

‫الترجيح‪ :‬الذي يترجح ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬ما ذهب إليه أصحاب القول الثالث بأنه‪ :‬ضالة اإلبل ال تلتقط‬

‫إذا كانت في الصحراء‪ ،‬وتلتقط في العمران إذا خشي عليها من أخذ خائن أو كان زمن النهب‬

‫والفساد‪ ،‬هو الراجح في المسألة‪ ،‬وذلك لثبوت النص الوارد وتعليله من النبي صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫فعندما سئل صلى هللا عليه ولسلم عن ضالة اإلبل؟ أحمر وجهه وقال‪( :‬مالك ولها معها حذاؤها‬
‫وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر)‪ 5،‬فدل ذلك علي أن لقطة اإلبل تختلف في الحكم عن غيرها‪،‬‬
‫وإال فلم يغضب النبي صلي هللا عليه وسلم من ذلك السؤال‪ ،‬وأما استثناؤهم باألخذ حال وجود‬
‫الخونة أو وجودها في العمران‪ ،‬فهو قول له وجاهته في نظري‪ ،‬لمظنة وجود الفساق والسراق بين‬
‫الناس في العمران‪ ،‬ومن باب حفظ ضالة أخيه المسلم ولما في ذلك من التعاون علي البر والتقوي‪،‬‬

‫وأال يكون ذلك إال عند غلبة الظن‪ ،‬وإال يدعها وشأنها‪ ،‬وربما تعود لصاحبها‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫ابن قدامه‪ ،‬الشرح الكبير (‪.)322/6‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫الشافعي‪ ،‬األم(‪.)71/4‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫البهوتي‪ ،‬كشاف القناع(‪ ،)210/4‬السيوطي‪ ،‬مطالب أولي النهي(‪ ،)221/4‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير (‪.)321/6‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫الماوردي‪ ،‬الحاوي(‪ ،)26/8‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير (‪.)322/6‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫أخرجه االمام البخاري في كتاب اللقطة حديث رقم ‪ 2427‬ومسلم في صحيحه في كتاب اللقطة حديث ‪.1722‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪70‬‬
‫حكم إمساك الطيور الجارحة المعلمة‪:‬‬

‫ومما سبق لي يظهر‪ -‬وهللا أعلم‪ -‬بأنه ال يجوز إمساك الطيور الجارحة في الصحراء إذا‬
‫تيقن أنها ُمعلمة ومملوكة للغير‪ ،‬وأن ال يتساهل اإلنسان في ذلك‪ ،‬فهي من ضوال الناس التي‬
‫قاموا بتربيتها‪ ،‬وتعليمها‪ ،‬أو بشرائها بأثمان عالية‪ ،‬ويجب علي من يمسكها إن كان في الصحراء‬

‫وال يعرف صاحبها أن يطلقها في الهواء‪ ،‬فلربما تكون ُمرسلة في مهمة اصطياد وقد قطعت بضع‬
‫كيلو مترات بحثاً عن الصيد فتعود إلي صاحبها أو يلحق بها‪ ،‬ما لم يخاف عليها من امتداد اليد‬
‫فله أن يأخذها ليعرفها حتي تصل إلي مالكها‪ ،‬وتكون حينئذ‬
‫الخائنة إليها إذا كانت في العمران‪ُ ،‬‬
‫في حكم ضالة الغنم وما ال يمتنع بنفسه عن صغار السباع‪.‬‬

‫إمساك الطيور الجارحة من الشباك‪.‬‬

‫إذا قام الصائد باستخدام الشباك إلمساك الطيور الجارحة حي ًة لغرض االستيالء عليها‬
‫واقتنائها‪ ،‬لغرض بيعها‪ ،‬أو تعليمها لالصطياد‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فما حكم ذلك؟‬

‫اتفق الفقهاء‪ -‬رحمهم هللا‪ -‬علي جواز استخدام الشباك في الصيد‪.‬‬

‫جاء عن الحنيفة في فتح القدير‪( :‬ال فرق في وجوب الجزاء بين المباشرة والتسبيب إذا كان‬
‫‪1‬‬
‫معتديا فيه‪ ،‬فلو نصب شبكة للصيد‪ ،‬أو حفر للصيد حفيرة فعطب صيد ضمن‪ ،‬ألنه متعد) وأيضاً‬
‫في البحر الرائق‪( :‬وأما التسبب فال بد من التعدي فلو نصب شبكة للصيد أو حفر بئ اًر للصيد‬
‫‪2‬‬
‫فعطب ضمن)‪.‬‬

‫وجاء عن المالكية في حاشية العدوي‪ ..( :‬فقد سئل في العتبية عن صيادين معهم شباك‬
‫فقال بعضهم لبعض‪ :‬تعالوا نتعاون‪ ،‬وما أصبنا فبيننا‪ ،‬فنصب أحدهم شبكة فأخذ صيداً وأبي أن‬
‫‪3‬‬
‫يعطي اآلخرين فقال ذلك له وليس لهما شيء فيما أصاب)‪.‬‬

‫ابن الهمام‪ ،‬فتح القدير (‪.)68/3‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ابن نجيم‪ ،‬البحر الرائق (‪.)29/3‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫العدوي‪ ،‬حاشية العدوي (‪.)168/6‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪71‬‬
‫‪1‬‬
‫وجاء عن الشافعية في المجموع‪( :‬لو نصب شبكة ونحوها لصيد فوقع فيها صيد ملكه)‪.‬‬

‫وجاء عن الحنابلة في المبدع‪( :‬وكما لو وقع في شبكة أو فد أو منجل وإن لم يقصد بها‬
‫‪2‬‬
‫ذلك لم يملكه‪.)..‬‬

‫وأيضاً في كشاف القناع‪( :‬وال يكره الصيد بليل‪ ،‬وال صيد فرخ من وكره‪ ،‬وال الصيد بما‬
‫‪3‬‬
‫يسكره‪ ،‬أي الصيد نص علي ذلك وال بشبكة‪ ،‬وشرك‪ ،‬وفد‪ ،‬ودبق وكل حيلة‪)..‬‬

‫وكذلك في الشرح الكبير (‪...‬ولم ير بأساً بالصيد بالشبكة والشرك وبالدبق الذي يمنع‬
‫‪4.‬‬
‫الحيوان من الطيران‪)...‬‬

‫بعد االستقراء والتأمل من كالم الفقهاء ‪-‬رحمهم هللا‪ -‬عن الصيد بالشباك‪ ،‬وإن كان‬
‫كالمهم في سياق اصطياد الصيد وسبباً في تملكه‪ ،‬وال يمنع في استخدامها لمسك غير مأكول‬
‫اللحم كالطيور الجراحة مثالً من أجل اقتنائها ألى منفعة مباحة‪ ،‬وبعد هذا التأمل في كالمهم ظهر‬
‫لي أنه يمكن وضع شروط للقول بالجواز‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ -1‬عدم حصول الضرر‪ ،‬والتعدي أثناء استخدام الشباك على غيره‪ ،‬كمضايقة الناس في‬
‫طرقاتهم أو في ممتلكاتهم ومزارعهم‪ ،‬دفعاً للضرر المنهي عنه شرعاً‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ال تكون الطيور الجارحة المراد اصطيادها مملوكة للغير‪ ،‬بحيث يتم اعتراضها أثناء‬
‫إرسال أصحابها للصيد أو التدريب ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يكون الغرض من إمساكها تحصيل منفعة مباحة مثل تعليمها لالصطياد‪ ،‬أو بيعها أو‬

‫للزينة والمتعة‪ ،‬فإن كان إمساكها لغرض محرم كالتفاخر والخيالء فإنه ال يجوز‪.‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع (‪.)129/9‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ابن المفلح‪ ،‬المبدع (‪.)54/8‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫البهوتي‪ ،‬كشاف القناع (‪.)8/1‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫(‪)4‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير (‪.)2/1‬‬


‫‪72‬‬
‫ومن القواعد العامة التي يمكن أن يستدل بها‪:‬‬

‫‪ -1‬أن األصل في المنافع الحل وفي المضار التحريم‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ‬

‫ﲿ ﳀ ﳁﱠ‪ 1،‬واستخدام الشباك لغرض إمساك الطيور الجارحة فيها منفعة‬

‫ظاهرة‪.‬‬

‫‪ -2‬إن األصل في األشياء اإلباحة‪ ،‬ويعتبر إمساك الطيور الجارحة بالشباك إحدى صور‬
‫االستيالء الحقيقي علي مباح‪ ،‬والتي تعد من أسباب أو مصادر الملكية التامة في‬

‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬بشرط أن ال يسبق علي إح ارزه شخص آخر‪.‬‬

‫وبهذا يكون حكم مسك الطيور الجارحة بالشباك الجواز وهللا أعلم‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬صيد الطيور بواسطة حيوانات الصيد‪.‬‬

‫وقد اختلف العلماء في إباحة االصطياد بجوارح الطير كالبازي والصقر ونحوها على‬
‫قولين‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬يباح االصطياد بالجوارح المعلمة من الطيور كالبازي‪ ،‬والصقر‪ ،‬والعقاب‪ ،‬والشاهين‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وهو قول الجمهور واألئمة األربعة‪.‬‬

‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲃ ﲄ ﲅ ﲇ‬


‫ﲆﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏ‬
‫‪3‬‬
‫ﲔ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﱠ‪.‬‬
‫ﲐﲑﲒﲓ ﲕ‬

‫سورة البقرة اآلية ‪.29‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )2‬الكاسوواني‪ ،‬باادائع الصاانائع (‪ ،)52 /5‬الحصووكفي‪ ،‬الاادر المختااار (‪ ،)179 /5‬الخرشووي‪ ،‬شاارح مختصاار خلياال (‪.)10 /3‬‬
‫البهوتي‪ ،‬كشاف القناع (‪ ،)10/1‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير(‪.)22/1‬‬
‫(‪ )3‬سورة المائدة اآلية ‪.4‬‬
‫‪73‬‬
‫قال ابن عباس رضي هللا عنهما‪ :‬معنى قوله‪ :‬ﱡﭐﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐﱠ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫الجوارح‪ :‬الكالب والصقور المعلمة‪.‬‬

‫عم بقوله تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﱠ كل‬


‫وجه االستدالل‪ :‬أن هللا جل ثناؤه ّ‬
‫جارحة‪ ،‬ولم يخصص منها شيئا‪ .‬فكل جارحة كانت بالصفة التي وصف هللا من كل طائر وسبع‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫فحالل أكل صيدها‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬حديث عدي بن حاتم رضي هللا عنه قال‪ :‬سألت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن‬
‫‪3‬‬
‫صيد البازي‪ ،‬فقال‪« :‬إذا أمسك عليك‪ ،‬فكل»‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬إقرار النبي صلى هللا عليه وسلم لعدي بن حاتم ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬بالصيد‬

‫بالبازي‪ ،‬والذي يعد أحد الطيور الجارحة فهو دليل على الجواز‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ويناقش‪ :‬بأن هذا الحديث منكر وال يصح االحتجاج به لضعفه‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وأجيب عن ذلك‪ :‬إن العمل على هذا عند أهل العلم‪ ،‬وال يرون بصيد البزاة والصقور بأسا‪.‬‬

‫الدليل الثالث‪ :‬أنه جارح يصاد به عادة‪ ،‬ويقبل التعليم‪ ،‬فشأنه شأن الكلب‪ ،‬ومثله كل سبع حتى‬
‫‪6‬‬
‫األسد‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطبري‪ ،‬جامع البيان (‪ ،)549 /9‬وعمد القاري شرح صحيح البخاري (‪.)99 /21‬‬
‫(‪ )2‬لطبري‪ ،‬جامع البيان (‪.)549-548 /9‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الترمذي في سننه باب‪ :‬ما جواء فوي صويد البوزاة‪ ،‬انظور‪ )64 /4( :‬بورقم ‪ ،1467‬والطب ارنوي فوي المعجوم الكبيور فوي‬
‫بوواب‪ :‬عووامر الشووعبي عوون عوودي بوون حوواتم‪ ،‬انظوور‪ )77 /17( :‬بوورقم‪ .168 :‬قووال عنووه الشوويد األلبوواني‪ :‬حووديث منكوور‪ ،‬انظوور‪:‬‬
‫ضعيف سنن الترمذي ص(‪ .)171‬قال الترمذي‪ :‬والعمل على هذا عند أهول العلوم‪ :‬ال يورون بصويد البوزاة والصوقور بأسوا‪ .‬وقوال‬
‫لو َمووا َعَّلمووتُم ِّمو َون ال َجو َوو ِارِح اآليووة‪ .‬فسوور الكووالب‬
‫مجاهوود‪ :‬البوزاة‪ :‬هووو الطيوور الووذي يصوواد بووه موون الجووارح التووي قووال هللا تعووالى‪َ :‬‬
‫والطير الذي يصاد به‪ ،‬وقد رخص بعض أهل العلم في صويد البوازي‪ ،‬وإن أكول منوه‪ ،‬وقوالوا‪ :‬إنموا تعليموه إجابتوه‪ .‬انظور‪ :‬سانن‬
‫الترمذي (‪.)118 /3‬‬
‫(‪ )4‬األلباني‪ ،‬ضعيف سنن الترمذي ص(‪.)171‬‬
‫(‪ )5‬الترمذي‪ ،‬سنن الترمذي (‪.)118 /3‬‬
‫(‪ )6‬الترمذي‪ ،‬سنن الترمذي (‪.)66 /4‬‬
‫‪74‬‬
‫القول الثاني‪ :‬ال يحل االصطياد بجوارح الطير غير المعلمة إال ما ذكي منه‪ ،‬وهو قول مروي عن‬
‫‪3‬‬
‫ابن عمر‪ 1،‬والضحاك‪ ،‬والسدي‪2‬ومجاهد‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ودليلهم‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲌﲍﲎﲏﲐﱠ‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪( :‬مكلبين) حال والمكلب معلم الكالب لكيفية االصطياد‪ ،‬ففي ذلك داللة على أن‬
‫‪5‬‬
‫المراد الكالب دون غيرها من السباع‪.‬‬

‫ِ‬
‫وأجيب عن ذلك‪ :‬بأن قول هللا تعالى‪ :‬ل ُم َكّلِب َ‬
‫ين ال يستفاد منه قصر الحكم على الكالب‪ ،‬ألن‬

‫المراد بالمكلبين المعلمين‪ ،‬أي مؤدبين أو معودين‪ 6،‬وخص معظم الكالب بذلك وإن كان معلم‬
‫‪7‬‬
‫سائر الجوارح مثله ألن االصطياد بالكالب هو الغالب‪.‬‬

‫الترجيح‪ :‬الذي يظهر ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬أن الراجح هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من المذاهب‬
‫‪8‬‬
‫األربعة في إباحة الصيد بجوارح الطير لعموم قوله تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﱠ‪،‬‬

‫يعم كل جارحة كانت بالصفة التي وصف هللا من طائر وسبع‪9،‬وألنها جوارح يصاد بها عادة وتقبل‬
‫التعليم‪ ،‬فأشبهت الكالب في ذلك‪ ،‬ولمناقشة أدلة أصحاب القول الثاني ‪ -‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫وبهذا يكون حكم اقتناء الطيور الجارحة لغرض الصيد ً‬


‫مباحا‪ ،‬لحل االصطياد بها‪ ،‬بشرط‬
‫‪10‬‬
‫التعليم كما تقرر عند الفقهاء‪.‬‬

‫(‪ )1‬النووي‪ ،‬المجموع (‪.)59 /9‬‬


‫(‪ )2‬الطبري‪ ،‬جامع البيان (‪.)549 /9‬‬
‫(‪ )3‬القرطبي‪ ،‬بداية المجتهد (‪.)8 /3‬‬
‫(‪ )4‬سورة المائدة اآلية ‪.4‬‬
‫(‪ )5‬الشوكاني‪ ،‬فتح القدير (‪.)2 /12‬‬
‫(‪ )6‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري (‪.)609 /9‬‬
‫(‪ )7‬الشوكاني‪ ،‬فتح القدير (‪.)2 /12‬‬
‫(‪ )8‬سورة المائدة اآلية ‪.4‬‬
‫(‪ )9‬الطبري‪ ،‬جامع البيان (‪.)9 /550‬‬
‫(‪ )10‬ستأتي معنا في الشروط الخاصة بالجوارح التي يحل أكل صيدها بإذن هللا‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬أحكام ذكاة الطيور‬

‫الحنفية‪ :‬شرط حل األكل في الحيوان المأكول فشرط حل األكل في الحيوان المأكول البري هو‬
‫‪1‬‬
‫الذكاة فال يحل أكله بدونها لقوله تبارك وتعالى "حرمت عليكم الميتة والدم"‪.‬‬

‫والذبح هو فري األوداج ومحله ما بين اللبة واللحيين؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‬

‫«الذكاة ما بين اللبة واللحيين»‪ 2‬أي محل الذكاة ما بين اللبة واللحيين وروي الذكاة في الحلق‬
‫واللبة‪ .‬من غير فصل وألن المقصود إخراج الدم المسفوح وتطييب اللحم‪ ،‬وذلك يحصل بقطع‬
‫األوداج في الحلق كله‪ .‬ثم األوداج أربعة‪ :‬الحلقوم‪ ،‬والمريء‪ ،‬والعرقان اللذان بينهما الحلقوم‬

‫والمريء‪ ،‬فإذا فرى ذلك كله فقد أتى بالذكاة بكمالها وسننها وإن فرى البعض دون البعض فعند أبي‬
‫حنيفة إذا قطع أكثر األوداج وهو ثالثة منها أي ثالثة كانت وترك واحدا يحل‪ ،‬وقال أبو يوسف‪:‬‬
‫ال يحل حتى يقطع الحلقوم والمريء وأحد العرقين‪ ،‬وقال محمد ال يحل حتى يقطع من كل واحد‬
‫من األربعة أكثره‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬عند االمام أبو حنيفة أن المقصود من الذبح إزالة المحرم وهو الدم المسفوح وال‬

‫يحصل إال بقطع الودج‪ ،‬أنه قطع األكثر من العروق األربعة ولألكثر حكم الكل فيما بني على‬

‫التوسعة في أصول الشرع‪ ،‬والذكاة بنيت على التوسعة حيث يكتفى فيها بالبعض بال خالف بين‬
‫الفقهاء وإنما اختلفوا في الكيفية فيقام األكثر فيها مقام الجميع‪ ،‬وعند أبو يوسف إن كل واحد من‬
‫العروق يقصد بقطعه غير ما يقصد به اآلخر؛ ألن الحلقوم مجرى النفس‪ ،‬والمريء مجرى الطعام‪،‬‬
‫والودجين مجرى الدم فإذا قطع أحد الودجين حصل بقطعه المقصود منهما وإذا ترك الحلقوم لم‬
‫يحصل بقطع ما سواه المقصود منه‪ .‬وعند محمد أنه إذا قطع األكثر من كل واحد من األربعة فقد‬
‫حصل المقصود بالذبح وهو خروج الدم؛ ألنه يخرج ما يخرج بقطع الكل‪.3‬‬

‫المالكية‪ :‬واتفقوا على أن الذكاة في بهيمة األنعام نحر وذبح‪ ،‬وأن من سنة الغنم والطير الذبح وأن‬

‫من سنة اإلبل النحر‪ ،‬وأن البقر يجوز فيها الذبح والنحر‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.3‬‬


‫(‪ )2‬حديث غريب بهذا اللفظ‪ ،‬الزيعلي‪ ،‬نصب الراية تخريج أحاديث الهداية (‪.)471/4‬‬
‫(‪ )3‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (‪.)42/5‬‬
‫‪76‬‬
‫واختلفوا هل يجوز النحر في الغنم والطير‪ ،‬والذبح في اإلبل؟ فذهب مالك إلى أنه ال يجوز‬

‫النحر في الغنم والطير‪ ،‬وال الذبح في اإلبل‪ ،‬وذلك في غير موضع الضرورة‪.‬‬

‫وأما صفة الذكاة‪ :‬المشهور عن مالك في ذلك هو قطع الودجين والحلقوم وأنه ال يجزئ‬

‫أقل من ذلك‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬ولم يختلف المذهب في أن الشرط في قطع الودجين هو استيفاؤهما‪1.‬فتحقق بذلك‬

‫موت الذبيحة‪.‬‬

‫الشافعية‪ :‬وأما غير السمك والجراد من الحيوان‪ ،‬كاألنعام والخيل والصيد فال يحل إال بذكاة‪ ،‬فإن‬

‫مات شيء منه حتف أنفه‪ .‬لم يحل‪ ،‬وكذلك الطيور التي تعيش تارة في البر‪ ،‬وتارة في البحر‪،‬‬
‫وهي‪ :‬البط واإلوز فال تحل إال بذكاة‪ ،‬سواء ماتت في البحر أو في البر‪ :‬لقوله تعالى‪:‬ﱡﭐﱁ‬

‫ﱂ ﱃﱠ‪2‬وهذه ميتة‪.‬‬

‫أما موضع الذبح‪ :‬فهو أسفل مجامع اللحيين وهو آخر العنق‪ ،‬والكمال فيه‪ :‬أن يقطع أربعة‬
‫أشياء‪ :‬الحلقوم‪ ،‬والمريء‪ ،‬والودجين‪( .‬الحلقوم)‪ :‬مجرى النفس والتنفس من الرئة‪ ،‬و(المريء)‪ :‬تحت‬

‫الحلقوم وهو مجرى الطعام والشراب‪ ،‬و(الودجان)و قال الشيد أبو حامد‪ :‬هما عرقان محيطان‬
‫بالحلقوم‪ ،‬قال‪ :‬وكنا نذكر قبل هذا‪ :‬أنهما محيطان بالمريء‪ ،‬ورأيت أكثر الناس يقولون‪ :‬هما‬
‫محيطان بالحلقوم‪ ،‬وأيهما كان‪ .‬فقطعهما شرط في الكما لوأما اإلجزاء‪ :‬فاختلف الناس فيه على‬
‫‪3‬‬
‫أربعة مذاهب فمذهبنا‪ :‬أن اإلجزاء يحصل بقطع الحلقوم والمريء ال غير‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬قول الشافعي أن الذبح إزالة الحياة والحياة ال تبقى بعد قطع الحلقوم والمريء عادة‬

‫وقد تبقى بعد قطع الودجين إذ هما عرقان كسائر العروق‪ ،‬والحياة تبقى بعد قطع عرقين من سائر‬

‫العروق‪.‬‬

‫(‪ )1‬القرطبي‪ ،‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد (‪.)208/2‬‬


‫(‪ )2‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.3‬‬
‫(‪ )3‬العمراني‪ ،‬البيان في مذهب اإلمام الشافعي (‪.)531/4‬‬
‫‪77‬‬
‫الحنابلة‪ :‬قالوا ذكاة المقدور عليه من الصيد واألنعام‪ ،‬فال يباح إال بالذكاة‪ ،‬بال خالف بين أهل‬

‫العلم‪.‬‬

‫وأما المحل فالحلق واللبة وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر‪ ،‬وال يجوز الذبح في‬
‫غير هذا المحل باإلجماع‪ ،‬وقد روي في حديث‪ ،‬عن النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أنه قال‪:‬‬

‫«الذكاة في الحلق واللبة»‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬قال أحمد‪ :‬الذكاة في الحلق واللبة‪ ،‬واحتج بحديث عمر‪ ،‬وهو ما روى سعيد‪،‬‬

‫واألثرم‪ ،‬بإسنادهما عن الفرافصة‪ ،‬قال‪ :‬كنا عند عمر‪ ،‬فنادى أن النحر في اللبة والحلق لمن قدر‪،‬‬

‫وإنما نرى أن الذكاة اختصت بهذا المحل؛ ألنه مجمع العروق‪ ،‬فتنفسد بالذبح فيه الدماء السيالة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ويسرع زهوق النفس‪ ،‬فيكون أطيب للحم‪ ،‬وأخف على الحيوان‪.‬‬

‫نوقش‪ :‬سبب اختالفهم أنه لم يأت في ذلك شرط منقول‪ ،‬وإنما جاء في ذلك أثران‪ :‬أحدهما‪:‬‬

‫يقتضي إنهار الدم فقط‪ ،‬واآلخر يقتضي قطع األوداج مع إنهار الدم‪.‬‬

‫ففي حديث رافع بن خديج أنه قال ‪-‬عليه الصالة والسالم‪« :-‬ما أنهر الدم وذكر اسم هللا‬
‫‪2‬‬
‫عليه فكل»‪.‬‬

‫وروي عن أبي أمامة عن النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أنه قال‪« :‬ما فرى األوداج فكلوا‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫حز ظفر»‪.‬‬
‫ما لم يكن رض ناب أو ّ‬

‫فظاهر الحديث األول يقتضي قطع بعض األوداج فقط‪ ،‬ألن إنهار الدم يكون بذلك‪ ،‬وفي‬
‫الثاني قطع جميع األوداج‪ ،‬فالحديثان وهللا أعلم متفقان على قطع الودجين‪ :‬إما أحدهما‪ ،‬أو‬

‫(‪ )1‬ابن قدامة‪ ،‬المغني (‪.)397/9‬‬


‫أخرجووه البخوواري فووي صووحيحه عوون ارفووع بوون خووديج حووديث رقووم ‪ .3075‬بوواب مووا يك وره موون ذبووح األبوول والغوونم فووي المغووانم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫(‪.)75/4‬‬
‫أخرجه الطبراني في الكبير (‪ )250 /8‬على الجادة من طريق عبيد هللا بون زحور عون علوي بون يزيود‪ .‬قوال أبوو العبواس‪ :‬لويس‬ ‫‪3‬‬

‫في كتوابي‪" :‬عون علوي بون يزيود" قوال البيهقوي فوي السونن الكبيور‪" :‬وفوي هوذا اإلسوناد ضوعيف"‪ ،‬وذكور الودارقطني فوي العلول (‪/6‬‬
‫‪ )267‬حديثا عن عبيد هللا بن زحر عن القاسم ثم قال‪" :‬وعبيد هللا بن زحر لم يسمعه من القاسم؛ بينهما‪ :‬علي بن يزيد"‪ ،‬وعلي‬
‫هذا هو األلهاني‪ ،‬روى عنه عبيد هللا نسخة مشهورة‪ .‬قاله الذهبي في تاريد اإلسالم (‪.)691 /3‬‬
‫‪78‬‬
‫البعض من كليهما‪ ،‬أو من واحد منهما‪ ،‬ولذلك وجه الجمع بين الحديثين أن يفهم من الم التعريف‬

‫في قوله ‪-‬عليه الصالة والسالم‪« :-‬ما فرى األوداج» البعض ال الكل‪ ،‬إذ كانت الم التعريف في‬
‫كالم العرب قد تدل على البعض‪.‬‬

‫وأما من اشترط قطع الحلقوم والمريء فليس له حجة من السماع وأكثر من ذلك من اشترط‬

‫المريء والحلقوم دون الودجين‪ ،‬ولهذا ذهب قوم إلى أن الواجب هو قطع ما وقع اإلجماع على‬
‫جوازه‪ ،‬ألن الذكاة لما كانت شرطا في التحليل؛ ولم يكن في ذلك نص فيما يجزي وجب أن يكون‬

‫الوا جب في ذلك ما وقع اإلجماع على جوازه‪ ،‬إال أن يقوم الدليل على جواز االستثناء من ذلك‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وهو ضعيف‪ ،‬ألن ما وقع اإلجماع على إجزائه ليس يلزم أن يكون شرطاً في الصحة‪.‬‬

‫الترجيح‪ :‬بعد االطالع على هذه المسألة ارجح إلى ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة إلى أن الذكاة‬
‫تكون بقطع الحلقوم والمريء‪ ،‬ألن انقطاع الحياة تكون بفصل هذين العضوين‪ ،‬ألن الحياة قد تكون‬

‫بمجرد قطع قسم من الوجدين‪ ،‬بخالف ما قاله الحنفية والمالكية وهللا اعلم‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬صيد الطيور لغير حاجة‪.‬‬

‫فهذا النوع من الصيد مكروه عند بعض العلماء‪ ،‬ومنهم من مال إلى تحريمه‪.‬‬

‫صَّلى‬
‫ومن األدلة على كراهته ما جاء عن عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنهما أن النبي َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ عنه يوم ال ِقي ِ ِ‬ ‫ُ عَلي ِه وسَّلم قال‪( :‬من َقتل عصُف ا ِ ِ ِ ِ‬
‫يل‪َ :‬و َما َحق ُه؟‪َ .‬ق َ‬
‫امة)‪ .‬ق َ‬
‫ور ب َغير َحّقه‪َ ،‬سأََل ُه َّ ُ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َّ ُ َ َ َ َ‬
‫‪2‬‬
‫طع َأر َس َها َفُيرَمى ِب َها)‪.‬‬
‫(أَن تَذ َب َح َها َفتَأ ُكَل َها‪َ ،‬وَال تَق َ‬

‫اع ِب ِه َح ُرَم؛ ِألَنَّ ُه ِم َن الَف َس ِاد ِفي‬ ‫ِِ ِ ِ‬


‫وقال الحافظ ابن حجر العسقالني‪َ" :‬فَلو َلم َيقصد االنتَف َ‬
‫‪3‬‬
‫س َع َبثًا"‪.‬‬ ‫ض‪ِ ،‬بِإت َال ِ‬
‫ف َنف ٍ‬ ‫األَر ِ‬

‫(‪ )1‬القرطبي‪ ،‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد (‪.)208/2‬‬


‫(‪ )2‬رواه النسائي في سننه حديث رقوم (‪ ،)4349‬والودارمي فوي سوننه (‪ ،)1978‬وقوال الوذهبي فوي المهاذب (‪ :)3614/7‬إسوناده‬
‫جيد‪ ،‬وصححه ابن الملقن في البدر المنير (‪ ،)376/9‬وحسنه األلباني في صحيح الترغيب (‪.)1092‬‬
‫)‪ )3‬ابن رجب‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري (‪.)602/9‬‬
‫‪79‬‬
‫وقال الشيد ابن عثيمين‪" :‬فهذا مكروه‪ ،‬ولو قيل بتحريمه لكان له وجه؛ ألنه عبث‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وإضاعة مال‪ ،‬وإضاعة وقت"‪.‬‬

‫وفي "فتاوى اللجنة الدائمة"‪" :‬أما قتله لمجرد اللعب واللهو فممنوع؛ لما فيه من ضياع‬
‫‪2‬‬
‫المال‪ ،‬مع تعذيب الحيوان‪ ،‬وقد نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن ذلك"‪.‬‬

‫)‪ )1‬ابن عثيمين‪ ،‬الشرح الممتع على زاد المستقنع (‪.)98/15‬‬


‫)‪ )2‬فتاوى اللجنة الدائماة ‪ -‬المجموعوة الثانيوة المؤلوف‪ :‬اللجنوة الدائموة للبحووث العلميوة واإلفتواء جموع وترتيوب‪ :‬أحمود بون عبود‬
‫الرزاق الدويش‪ ،‬الناشر‪ :‬رئاسة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء ‪ -‬اإلدارة العامة للطبع ‪ -‬الرياض (‪.)512 /22‬‬
‫‪80‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫صيد الطير في الحرم ووقت اإلحرام‬

‫المطلب األول‪ :‬حكم صيد الطيور في الحرم للمحرم ولغير المحرم‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫أوالً‪ :‬اتفق الفقهاء على إنه يحرم على المحل والمحرم صيد الحيوان البري المأكول في الحرم‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬اتفقوا على إن الحرمة تشمل إيذاء الصيد‪ ،‬أو االستيالء عليه وتنفيره‪ ،‬أو المساعدة على‬
‫‪2‬‬
‫الصيد بأي وجه من الوجوه‪ ،‬مثل الداللة عليه‪ ،‬أو اإلشارة إليه‪ ،‬أو األمر بقتله‪.‬‬

‫واستدلوا باألدلة التالية‪:‬‬

‫ﭐ‬ ‫‪3‬‬
‫الدليل األول‪:‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱠ‪.‬‬

‫قال ابن كثير رحمه هللا‪( :‬وحتى إنه من جملة تحريمها حرمة اصطيادها صيدها‪ ،‬وتنفيره‬
‫‪4‬‬
‫عن أوكارها‪ ،‬وحرمة قطع شجرها‪ ،‬وقلع حشيشها)‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يوم فتح‬
‫مكة‪« :‬إن هذا البلد حرمه هللا يوم خلق السموات واألرض‪ ،‬فهو حرام بحرمة هللا إلى يوم القيامة‪،‬‬

‫وإنه لم يحل القتال فيه ألحد قبلي‪ ،‬ولم يحل لي إال ساعة من نهار‪ ،‬فهو حرام بحرمة هللا إلى يوم‬
‫القيامة‪ ،‬وال يعضد شوكه‪ ،‬وال ينفر صيده‪ ،‬وال يلتقط لقطته إال من عرفها‪ ،‬وال يختلى خاله» فقال‬
‫‪7‬‬
‫العباس‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬إال اإلذخر‪ 5،‬فإنه لقينهم‪ 6،‬ولبيوتهم‪ ،‬قال‪« :‬إال اإلذخر»‪.‬‬

‫(‪ )1‬باااادائع الصاااانائع (‪ ،)209-207 /2‬وتبيااااين الحقااااائق للزيلع ووي (‪ ،)69-63 /2‬وحاشااااية الدسااااوقي (‪ ،)72 /2‬ومغنااااي‬
‫المحتاج (‪ ،)524 /1‬والمغني (‪.)345-344 /3‬‬
‫(‪ )2‬المراجع السابقة‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة العنكبوت‪ ،‬آية (‪.)67‬‬
‫(‪ )4‬تفسير ابن كثير (‪.)68 /2‬‬
‫(‪ )5‬اإلذخر‪ :‬نبت معروف عند أهل مكة طيب الريح له أصل مندفن وقضبان دقاق‪ ،‬انظر‪ :‬فتح الباري البن حجر (‪.)49 /4‬‬
‫(‪ )6‬قينهم‪ :‬بفتح القواف‪ ،‬وهوو الحوداد والصوائغ ومعنواه‪ :‬يحتواج إليوه القوين فوي وقوود النوار ويحتواج إليوه فوي القبوور لتسود بوه فورج‬
‫اللحد المتخللة بين اللبنات ويحتاج إليه في سقوف البيوت يجعل فوق الخشوب‪ .‬انظور‪ :‬شارح الناووي علاى صاحيح مسالم (‪/9‬‬
‫‪.)127‬‬
‫(‪ )7‬رواه البخاري في صحيحه في باب‪ :‬إثم الغادر للبر والفاجر‪ ،‬انظر‪ )104 /4( :‬برقم‪ ،3189 :‬ومسلم في صوحيحه بلفظوه‬
‫في باب‪ :‬تحريم مكة‪ ،‬وصيدها‪ ،‬وخالفها‪ ،‬وشجرها‪ ،‬ولقطتها‪ ،‬انظر‪ :)986 /2( :‬برقم‪.445 :‬‬
‫‪81‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬قوله صلى هللا عليه وسلم‪« :‬وال ينفر صيده »‪ ،‬نهي عن تنفير الصيد‪.‬‬

‫وتنفير الصيد إزعاجه عن موضعه‪ .‬قال اإلمام النووي‪( :‬يحرم التنفير وهو اإلزعاج عن‬
‫‪1‬‬
‫موضعه‪ ،‬فإن نفره عصى سواء تلف أو ال‪ ،‬فإن تلف في نفاره ضمن وإال فال)‪.‬‬

‫وبهذا المعنى فسره التابعي المشهور عكرمة‪ ،‬وهو راوي الحديث عن ابن عباس رضي هللا‬

‫عنه بعد رواية الحديث‪ :‬هل تدري ما (ال ينفر صيدها)؟ هو أن ينجيه من الظل ينزل مكانه‪ 2‬فإذا‬
‫كان مجرد تنفيره من موقعه منهياً عنه فإمساكه واالستيالء عليه وإيذاؤه من باب أولى‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬اإلجماع على تحريم صيد الحرم على والمحرم وغير المحرم‪ ،‬نقل اإلجماع على ذلك‪ :‬ابن‬
‫‪4‬‬
‫المنذر‪ 3،‬والنووي‪.‬‬

‫واختلفوا في الصيد البري غير المأكول‪ ،‬الذي فيه نفع ومضرة‪ 5،‬كالفهد والبازي والصغر‬
‫ونحوها‪ ،‬إذا كان في الحرم على قولين‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬يحرم في الحرم قتل حيوان البر غير المأكول‪ ،‬ويجب به الجزاء إن قتله ابتداء من‬
‫‪6‬‬
‫غير أن يصول عليه‪ ،‬إال ما كان من شأن الخمس الفواسق وما يلحق بها‪ ،‬وهو قول الحنفية‬
‫‪7‬‬
‫والمالكية‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرح النووي على صحيح مسلم (‪.)126 /9‬‬


‫(‪ )2‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري (‪.)46 /4‬‬
‫(‪ )3‬قووال ابوون المنووذر‪( :‬أجمعووا علووى أن صوويد الحوورم حورام علووى الحووالل والمحوورم‪ ،‬وأجمعووا علووى تحوريم قطووع شووجرها)‪ ،‬انظوور‪:‬‬
‫اإلجماع البن المنذر ص(‪.)60‬‬
‫(‪ )4‬قال النووي‪( :‬أما صيد الحرم فحرام باإلجماع على الحالل والمحرم)‪ ،‬شرح النووي على صحيح مسلم (‪.)125 /9‬‬
‫(‪ )5‬نفعه أنه يعلم لالصطياد فيصيد‪ ،‬وضرره أنه يعدو على الناس والبهائم‪.‬‬
‫(‪ )6‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (‪ ،)207 /2‬السرخسي‪ ،‬المبسوط (‪.)90/4‬‬
‫(‪ )7‬التجيبي‪ ،‬المنتقى شرح الموطأ (‪ ،)263 /2‬القيراوني الفواكه الدواني (‪.)368 /1‬‬
‫‪82‬‬
‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫ﱐ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ‬
‫ﱑ‬ ‫الدليل األول‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ‬
‫‪1‬‬
‫ﱖﱠ‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬أن النهي يتناول صيد اإلحرام والحرم جميعا‪ ،‬ألنه يقال أحرم إذا دخل في اإلحرام‪،‬‬

‫وأحرم إذا دخل في الحرم‪ ،‬واسم الصيد يعم الكل‪ ،‬ألنه يسمى به لتنفره‪ ،‬واستيحاشه‪ ،‬وبعده عن‬
‫‪2‬‬
‫أيدي الناس‪ ،‬وذلك موجود فيما ال يؤكل لحمه‪.‬‬

‫نوقش من وجهين‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أن ما ال يؤكل لحمه ال يسمى صيدا شرعاً‪ ،‬ألنه ال فائدة من أخذه‪ ،‬فالصيد ما جمع ثالثة‬
‫‪3‬‬
‫أشياء‪ :‬أن يكون مباحا أكله‪ ،‬وال مالك له‪ ،‬وممتنعاً‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أن األصل في األمور اإلباحة‪ ،‬إال إذا ورد الدليل بالتحريم وال دليل هنا‪ ،‬فكان قتل الحيوان‬
‫‪4‬‬
‫المحرم أكله على أصله فيستوي فيه المحرم والحالل ندبا وإباحة وتحريما‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬عن عائشة رضي هللا عنها عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪« :‬خمس فواسق‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫يقتلن في الحل والحرم‪ :‬الحية‪ ،‬والغراب األبقع‪ ،‬والفأرة‪ ،‬والكلب العقور‪ ،‬والحديا»‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬إن الخمس الفواسق المذكورة في الحديث استثناء من اآلية‪ ،‬وهذا يدل على أن ما‬

‫سوى الخمس فحكم النص فيه ثابت‪ ،‬فيبقى محرم صيده بنص اآلية‪ 6،‬كما إن علة اإلباحة في‬
‫قتلها دون غيرها هي االبتداء باألذى والعدو على الناس غالباً‪ ،‬ودفع األذى من غير سبب موجب‬
‫‪7‬‬
‫لألذى واجب فضالً عن اإلباحة‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة المائدة‪ ،‬رقم اآلية (‪.)96‬‬


‫(‪ )2‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (‪ ،)207 /2‬السرخسي‪ ،‬المبسوط (‪.)90 /4‬‬
‫(‪ )3‬ابن قدامة‪ ،‬المغني (‪.)342 /3‬‬
‫(‪ )4‬النووي‪ ،‬المجموع (‪ ،)316 /7‬ابن قدامة‪ ،‬المغني (‪.)399 /5‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم في صحيحه في باب‪ :‬ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم (‪ ،)856 /2‬برقم‪.1198 :‬‬
‫(‪ )6‬السرخسي‪ ،‬المبسوط (‪.)90 /4‬‬
‫(‪ )7‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (‪.)197 /2‬‬
‫‪83‬‬
‫نوقش باآلتي‪ :‬فائدة ذكر هذه الفواسق فهو من باب الحث والتحريض على قتلها على كل حال‬

‫حتى في الحرم أو اإلحرام‪ ،‬ولكي ال يتوهم المحرم أن عليه جناحا بقتلها حال اإلحرام أو أن ذلك‬
‫ينقص من أجره‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬بأن ذكر الخمس الفواسق ال يعد استثناء من اآلية ألن غير مأكول اللحم ال يسمى‬
‫ويناقش ً‬
‫صيداً‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬إن التحريم مقيد بمأكول اللحم‪ ،‬فال يحرم صيد الحيوان البري غير مأكول اللحم‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وهو قول الشافعية‪ 1،‬والحنابلة‪.‬‬

‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬القياس على الخمس الفواسق التي ورد النص فيها بجامع إنها غير مأكوله‪ ،‬وأن ما‬

‫كان في معناها فله حكمها(‪ ،)3‬فيجوز قتلها حتى في الحرم‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬أن محرم األكل ال يسمى صيدا‪ ،‬فال يحرم التعرض له أو قتله في الحرم ألنه ليس‬

‫في معنى الصيد(‪.)4‬‬

‫الترجيح‪ :‬الذي يظهر لي رجحانه ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬هو ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة وهو تحريم‬

‫مأكول اللحم دون غير مأكول اللحم لألمور التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬مناقشتهم أدلة أصحاب القول األول‪ ،‬وسالمة قياسهم لقتل الفواسق الخمس بجامع عدم‬
‫األكل منها‪ ،‬وأيضاً الضرر‪ ،‬وشدة اإليذاء الذي يقع منها‪.‬‬

‫‪ -2‬إن األصل في األمور اإلباحة إال إذا ورد الدليل بالتحريم وال دليل هنا‪ ،‬ولم يرد دليل من‬
‫أقوال الرسول صلى هللا عليه وسلم يدل على أن غير مأكول اللحم يسمى صيداً‪ ،‬أو أنه‬

‫(‪ )1‬الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج (‪.)524 /1‬‬


‫(‪ )2‬البهوتي‪ ،‬الروض المربع شرح زاد المستقنع (‪ ،)178 /1‬ابن عثيمين‪ ،‬الشرح الممتنع على زاد المستقنع (‪.)141 /7‬‬
‫(‪ )3‬ابن قدامة‪ ،‬المغني (‪.)399 /5‬‬
‫(‪ )4‬المرداوي‪ ،‬اإلنصاف (‪.)538 /3‬‬
‫‪84‬‬
‫من محظورات اإلحرام‪ ،‬وأيضاً لم يرد دليل عن أحد من الصحابة ‪-‬رضي هللا عنهم‪ -‬حكم‬

‫في حيوان ال يؤكل لحمه بجزاء على محرم ‪-‬فيما أعلم‪.-‬‬

‫‪ -3‬أن األقرب في معنى الصيد الذي ورد فيه النص هو ما كان مأكول اللحم وكان متوحشا‪،‬‬
‫فيحرم التعرض له وقتله‪ ،‬وغير مأكول اللحم ليس في معناه‪.‬‬

‫وإذا كان يجوز قتل غير مأكول اللحم في الحرم‪ ،‬فالقول بجواز إمساكه من باب أولى‪،‬‬
‫ويتأكد ذلك إذا كان لغرض منفعة تجوز شرعاً كاالصطياد مثالً‪ ،‬وبهذا يجوز إمساك الطيور‬
‫الجارحة في الحرم‪ ،‬حيث تعد من الحيوانات غير مأكولة اللحم‪ ،‬وليس في معنى الصيد المنهي‬
‫‪1‬‬
‫عن التعرض له‪.‬‬

‫وال يخلو إما أن يكون قتل الطير الجارح خارج أو داخل حدود الحرم‪ ،‬وال يخلو أن يكون‬

‫محرما أو محالً‪ ،‬وبيان ذلك فيما يأتي‪:‬‬


‫ً‬ ‫القاتل‬

‫يتصور قتل الطيور الجارحة داخل حد الحرم أو حال لبس اإلحرام أو في الحل لعدة أسباب‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون قتل الطيور الجارحة لغرض األكل‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يكون قتل الطيور الجارحة البتدائها باألذى والعدوان‪ ،‬فيجوز قتلها بال خالف بين‬
‫العلماء‪ 2،‬سواء داخل حد الحرم أو حال لبس اإلحرام لحج أو عمرة أو في الحل‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يكون قتل الطيور الجارحة دون ابتدائها باألذى والعدوان‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صيد الطير الطافي على الماء للمحرم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫القول األول للحنفية‪ :‬صيد الطير الطافي على الماء للمحرم فيه الجزاء باتفاق أهل العلم‪.‬‬

‫ستأتي معنا إن شاء هللا مسألة أكل الطيور الجارحة في المطلب السادس من هذا البحث‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫السرخسي المبسوط (‪.)92/4‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الزحيلي‪ ،‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪.2336/3 ،‬‬ ‫)‪)3‬‬

‫‪85‬‬
‫القول الثاني للمالكية‪ :‬قال مالك‪ :‬يؤكل كل ما في البحر الطافي وغير الطافي من صيد البحر‬
‫‪1‬‬
‫كله ويصيده المحرم‪.‬‬

‫القول الثالث للشافعية‪ :‬وأما طير الماء الطافي فقال األوزاعي والشافعي وأبو ثور هو من صيد‬
‫‪2‬‬
‫البر فإذا قتله المحرم لزمه الجزاء‪.‬‬

‫القول الرابع للحنابلة‪ :‬قال ابن قدامة‪ :‬الطير الطافي على الماء‪ ،‬فيه الجزاء في قول عامة أهل‬

‫العلم؛ منهم األوزاعي‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأصحاب الرأي‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫ال نعلم فيه مخالفاً‪ ،‬غير ما حكي عن عطاء‪ ،‬أنه قال‪ :‬حيثما يكون أكثر فهو من صيده‪.‬‬

‫ولنا‪ ،‬أن هذا إنما يفرخ في البر ويبيض فيه‪ ،‬وإنما يدخل الماء ليعيش فيه ويكتسب منه‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫فهو كالصياد من اآلدميين‪.‬‬

‫الرأي الراجح‪ :‬هو أن صيد الطير الطافي على الماء ال يجوز للمحرم‪ ،‬وفيه الجزاء؛ وذلك إلجماع‬

‫أهل العلم على ذلك‪.‬‬

‫المطلب الثالث صيد الطير في األشهر الحرم‪:‬‬

‫أخذ الصيد في األشهر الحرم لم يكن محظو ار‪ 4‬األشهر الحرم هي رجب وذو القعدة وذو‬
‫الحجة والمحرم‪ ،‬وهي المرادة بقوله تعالى‪:‬ﭐﱡﭐﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ‬
‫ﲩﲫﲬ‬
‫ﲪ‬ ‫ﲥﲧﲨ‬
‫ﲦ‬ ‫ﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤ‬

‫ﲭ ﲮﱠ‪ 5،‬وال حرج من الصيد فيها‪ ،‬إنما التحريم للصيد متعلق بأمرين‪:‬‬

‫)‪ )1‬اإلمام مالك‪ ،‬المدونة (‪.)169/3‬‬


‫)‪ )2‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب (‪.)333/7‬‬
‫)‪ )3‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير على متن المقنع (‪.)34/1‬‬
‫(‪ )4‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪.)207/2( ،‬‬
‫سورة التوبة اآلية ‪36‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪86‬‬
‫ﲠﲢ‬
‫ﲡ‬ ‫األول‪ :‬اإلحرام بحج أو عمرة ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ‬

‫ﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳ‬

‫ﳃﳅ‬
‫ﳄ‬ ‫ﲾﳀﳁﳂ‬
‫ﲿ‬ ‫ﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽ‬
‫‪1‬‬
‫ﳉ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎﱠ‪.‬‬
‫ﳊ‬ ‫ﳆﳇﳈ‬

‫الثاني‪ :‬الصيد في حدود الحرم‪ ،‬والمقصود به مكة والمدينة لألحاديث الواردة في ذلك‪.‬‬

‫فعن أبي هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قام يوم الفتح فقال‪( :‬إن‬
‫هللا حرم مكة يوم خلق السماوات واألرض‪ ،‬فهي حرام بحرام هللا إلى يوم القيامة‪ ،‬لم تحل ألحد‬

‫صيدها وال يعضد‬


‫ُ‬ ‫قبلي‪ ،‬وال تحل ألحد بعدي‪ ،‬ولم تحلل لي إال ساعة من الدهر‪ ،‬ال َّ‬
‫ينفر‬
‫‪2‬‬
‫شوكها)‪.‬‬

‫والشاهد منه قوله صلى هللا عليه وسلم‪" :‬وال ينفر صيدها" فهذا الحديث نص في تحريم‬
‫تنفير الصيد في مكة‪ ،‬وأولى منه تحريم الصيد نفسه‪.‬‬

‫وأما المدينة فقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي هللا عنه أنه كان يقول‪ :‬لو رأيت‬
‫الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها‪ ،‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ما بين البتيها حرام"‪ 3‬والالبة‬
‫‪4‬‬
‫الح َّرة‪ ،‬وهي الحجارة السوداء‪ ،‬والمدينة بين البتين‪ ،‬شرقية وغربية‪.‬‬
‫يقال لها‪َ :‬‬

‫فصيد الطير في األشهر الحرم جائز إال ما ذكر من استثناء أعاله‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬صيد الطير في وقت التكاثر‬

‫ال يوجد نص شرعي يمنع من الصيد في "وقت التزاوج"‪ ،‬أو "التفريد"‪ ،‬فالصيد في هذا‬
‫الوقت ٍ‬
‫باق على أصل اإلباحة‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة المائدة اآلية ‪.95‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة حديث رقم ‪ ،4313‬باب تحريم مكة‪.)153/5( ،‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في صحيحه عن ابي هريرة‪ ،‬حديث رقم‪ ،1873‬كتاب باب البتي المدينة (‪)21/3‬‬
‫(‪ )4‬موقع االسالم سؤال وجواب‪ ،‬الشيد محمد صالح المنجد‪ ،‬فتوى رقم ‪.97216‬‬
‫‪https://islamqa.info/ar/answers/97216/‬‬
‫‪87‬‬
‫قال الشيد ابن عثيمين‪" :‬ظاهر الحكم الشرعي أنه جائز‪ ،‬ولكن األفضل إذا كان في زمن‬

‫إفراخها‪ :‬أن ال يقتلها‪ ،‬يعني‪ :‬أن ال يصيدها إال إذا كان يعرف مكان أفراخها‪ ،‬ثم صادها وذهب‬
‫ألفراخها وأخذها‪ ،‬ثم ذبحها وانتفع بها"‪.1‬‬

‫)‪ )1‬العثيمين‪ ،‬محمد بن صالح بن محمد‪ ،‬فتاوى نور على الدرب (‪.)75/1‬‬
‫‪88‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫أحكام الطيور في المعامالت‬

‫المبحث األول‪ :‬أحكام بيع الطيور‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األحكام المالية في الطيور‬

‫‪89‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫أحكام الطيور في المعامالت‬

‫المبحث األول‬

‫أحكام بيع الطيور‬

‫المطلب األول‪ :‬بيع الطيور الجارحة وغير الجارحة‪.‬‬

‫اتفق الفقهاء على جواز بيع ما يصاد به من الطيور الجارحة‪ ،‬كالصقر‪ ،‬والبازي‪،‬‬
‫والشاهين‪ ،‬والعقاب ونحوها‪ ،‬إذا كان مما ينتفع بها بحيث تكون معلمة أو تقبل التعليم‪ 1،‬واختلفوا‬
‫في تفسير النفع الذي يجيز بيع الطيور الجارحة على قولين‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫القول األول‪ :‬يجوز بيع الطيور الجارحة مطلًقا‪ ،‬وهو قول الحنفية‪ 2،‬والمالكية‪.‬‬

‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬وجود مطلق النفع‪ ،‬وأنه مال منتفع به حقيقة على كل حال‪ ،‬كمنفعة االصطياد‪ ،‬ولو‬
‫‪4‬‬
‫حتى بعد موته منفعة الريش للنبل‪.‬‬

‫ويجاب عن ذلك‪ :‬بأن وجود النفع مما ال خالف في صحة بيعه‪ ،‬وإنما الخالف عند انتفاء النفع‬

‫مطلقاً‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬حل أكل لحمها‪.‬‬

‫(‪ )1‬الكاس وواني‪ ،‬بااادائع الصااانائع (‪ ،)142 /5‬التفت ووازاني‪ ،‬حاشاااية الدساااوقي (‪ ،)11 /3‬الخرش ووي‪ ،‬شااارح خليااال (‪،)270 /23‬‬
‫والمجموع (‪ ،)239 /9‬الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج (‪ ،)342 /2‬البهوتي كشاف القناع (‪.)152 /3‬‬
‫(‪ )2‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (‪ ،)142 /5‬ابن عابدين‪ ،‬الدر المختار (‪.)356 /5‬‬
‫(‪ )3‬الدردير‪ ،‬الشرح الكبير (‪.)11 /3‬‬
‫(‪ )4‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (‪.)143 /5‬‬
‫(‪ )5‬العبدري‪ ،‬التاج واإلكليل لمختصر خليل (‪.)325 /4‬‬
‫‪90‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬منفعة األكل من أعظم المنافع‪ ،‬بل من الضروريات‪ ،‬فيجوز بيعها‪.‬‬

‫ويجاب عن ذلك‪ :‬أن حل أكل لحم الطيور الجارحة غير مسلم به‪ ،‬فجمهور أهل العلم ذهبوا إلى‬
‫‪1‬‬
‫القول بتحريم أكلها‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬ال يجوز بيع الطيور الجارحة إال ما كان منتفعا به منها‪ ،‬وفسروا النفع بنحو الصيد‪،‬‬

‫مثال‪،‬‬
‫ولو مآال بأن يرجى تعليم الحيوان‪ ،‬أما بيع ما ال نفع فيه كبيع ما ال يصلح لالصطياد لكبره ً‬
‫‪3‬‬
‫أو ما ال يرجى تعلمه للصيد فال يصح بيعه وهو قول الشافعية‪ 2،‬والحنابلة‪.‬‬

‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬أن من شروط صحة البيع وجود النفع في المعقود عليه‪ ،‬وانتفاء النفع ينفي المالية‪،‬‬

‫فأخذ المال في مقابلته قريب من أكل المال بالباط‪ 4،‬وبيع الجارح الغير منتفع به منافيا لشرط‬
‫صحة البيع‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬ألن ليس فيها نفع مباح فأشبهت الخنزير‪.‬‬

‫الترجيح‪ :‬الذي يظهر رجحانه وهللا أعلم‪ ،‬هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني بعدم جواز بيع ما‬

‫ال نفع فيه من الطيور الجارحة‪ ،‬وذلك لوجاهة ما استدلوا به‪ ،‬ولمناقشة أدلة القول األول‪ ،‬وبهذا‬

‫يكون حكم اقتناء الطيور الجارحة ألجل االتجار الجواز بشرط وجود نفع متحقق من بيعها وشرائها‪،‬‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬بيع الطيور من أجل الزينة‪.‬‬

‫ت باع بعض الحيوانات في زمننا هذا ومنها الطيور الجارحة‪ ،‬خاصة ذوات األلوان الزاهية‪،‬‬
‫واألشكال الجميلة‪ ،‬من أجل إمتاع النظر فيها‪ ،‬أو سماع أصواتها‪ ،‬أو لقصد التسلية والترويح‪ ،‬أو‬

‫(‪ )1‬ابن قدامة‪ ،‬المغني (‪ ،)66 /11‬وسووف تبحوث مسوألة حكوم أكول الطيوور الجارحوة فوي الفصول الثالوث إن شواء هللا مون هوذا‬
‫البحث‪.‬‬
‫(‪ )2‬الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج (‪ ،)12 /2‬وحاشيتا قليوبي وعميرة (‪.)198 /2‬‬
‫(‪ )3‬البهوتي‪ ،‬كشاف القناع (‪.)153 /3‬‬
‫(‪ )4‬حاشيتا قليوبي وعميرة (‪.)198/2‬‬
‫(‪ )5‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير على متن المقنع (‪.)13 /4‬‬
‫‪91‬‬
‫للزينة‪ ،‬واللهو معها‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فتحبس في أقفاص خاصة في البيوت‪ ،‬أو في األفنية والمزارع‬

‫عندما تألف العيش مع اإلنسان‪ ،‬وأصبحت هذه الصورة من صور اقتناء اإلنسان للطيور الجارحة‬
‫من أ جل االستمتاع بالنظر إليها ولمظهر الزينة وغيرها في وقتنا هذا‪ ،‬فهل هذا النوع من االقتناء‬
‫جائز شرعا أم ال؟‬

‫التكييف الفقهي‪:‬‬

‫يمكن أن تخرج هذه المسألة على مسألة حبس الحيوان‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء ‪-‬رحمهم هللا‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫في حكم حبس الحيوان في أقفاص‪ ،‬وسبب الخالف يكمن في ثالثة أمور‪:‬‬

‫‪ -1‬هل منفعة التمتع بالحيوان معتبرة؟‬

‫‪ -2‬اختالفهم في التمتع بالحيوان واتخاذه للزينة‪ ،‬أهو من اللهو المباح‪ ،‬أو من اللهو المحرم؟‬

‫‪ -3‬اختالفهم في الموازنة بين المصالح‪ ،‬لتعارض مصلحتين‪ ،‬األولى لإلنسان في منفعته‬


‫وتمتعه بالحيوان ‪-‬الذي هو في األصل قد خلق من أجله مسخ ار له‪ ،-‬والثانية هي مصلحة‬
‫الحيوان نفسه في العيش بحرية دون أن يحبس في قفص‪.‬‬

‫ومن أجل هذه األمور فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬ذهب جمهور العلماء من المالكية في قول‪ 2،‬والشافعية‪ 3،‬والحنابلة‪ 4،‬وعليه فتوى‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‪ 5،‬وابن عثيمين رحمه هللا إلى القول بإباحة اتخاذ العصافير‬
‫للتمتع بصوتها‪ ،‬أو لونها ومنظرها‪ ،‬فيقاس عليها غيرها‪.‬‬

‫(‪ )1‬دراش‪ ،‬محمد حسن‪ ،‬أحكام الحيوان في الفقه اإلسالمي ص(‪.)95‬‬


‫(‪ )2‬التفتازاني‪ ،‬حاشية الدسوقي (‪.)108 /2‬‬
‫(‪ )3‬الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج (‪ ،)342 /2‬ابن القطان‪ ،‬اإلقناع (‪.)745 /2‬‬
‫(‪ )4‬ابن المفلح‪ ،‬المبدع (‪.)314 /8‬‬
‫(‪ )5‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)39/13‬‬
‫‪92‬‬
‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳝ‬


‫ﳜﳞﳟﳠﳡ‬

‫ﳢ ﳣﱠ‪.1‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬إن ما في الكون مسخر لإلنسان وخدمته‪ ،‬ومنفعته‪ ،‬فيجوز االنتفاع به بأية منفعة‬
‫معتبرة‪ ،‬والنظر إلى الطيور الجارحة واألنس بها منفعة مباحة‪ ،‬فتدخل في عموم جواز االنتفاع‬
‫‪2‬‬
‫بالحيوان‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬عن أنس رضي هللا عنه قال‪ :‬كان النبي صلى هللا عليه وسلم أحسن الناس خلقاً‪،‬‬

‫وكان لي أخ يقال له أبو عمير‪ ،‬قال‪ :‬أحسبه فطيناً وكان إذا جاء قال‪« :‬يا أبا عمير ما فعل‬
‫النغير‪ 3،‬نغر كان يلعب به‪ ،‬فربما حضر الصالة وهو في بيتنا‪ ،‬فيأمر بالبساط التي تحته‪ ،‬فيكنس‬
‫‪4‬‬
‫وينضح‪ ،‬ثم يقوم فنقوم خلفه‪ ،‬فيصلي بنا»‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم أباح للطفل الصغير أن يلهو ويلعب بالعصفور‪ ،‬وأقره‬

‫على ذلك‪ ،‬وفيه إباحة لولي أمره‪ ،‬أن يمكنه من ذلك‪ ،‬وحتى يتمكن الصغير من اللهو واللعب‬
‫‪5‬‬
‫بالطائر كان ال بد من قص جناحه أو حبسه في قفص فدل على جواز ذلك‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫نوقش‪ :‬إنما أبيح ليسارة لعب الصغار به‪ ،‬وأما حبسه فهو تعذيب له وهو أشد من اللعب به‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة الجاثية‪ ،‬آية (‪.)13‬‬


‫(‪ )2‬الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج (‪ ،)446 /3‬ابن قدامة‪ ،‬الكافي في فقه اإلمام أحمد (‪.)4 /2‬‬
‫(‪ )3‬النغي وور‪ :‬تص ووغير نغ وور‪ ،‬بض ووم الن ووون وف ووتح الغ ووين‪ ،‬والجم ووع نغو وران‪ ،‬كص وورد وص ووردان‪ ،‬وه ووو ط ووائر ص ووغير أحم وور المنق ووار‬
‫كالعصافير‪ .‬انظر‪ :‬حياة الحيوان الكبرى للدميري (‪ ،)492 /2‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري (‪.)584-583 /10‬‬
‫(‪ )4‬أخرجوه البخواري فووي صوحيحه فووي بواب‪ :‬الكنيووة للصوبي وقبول أن يولوود للرجول‪ ،‬انظوور‪ ،)465 /15( :‬بورقم‪ ،6203 :‬ومسوولم‬
‫في صحيحه في باب‪ :‬استحباب تحنيك المولود عند والدته (‪ ،)1692 /3‬برقم‪ .1150 :‬واللفظ للبخاري‪.‬‬
‫(‪ )5‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري (‪ )584 /10‬ما جاء في تعداد فوائد الحديث‪( :‬وجوواز لعوب الصوغير بوالطير‪ ،‬وجوواز تورك األبووين‬
‫ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به‪ ،‬وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصوغير مون المباحوات‪ ،‬وجوواز إمسواك الطيور فوي‬
‫القفص ونحوه‪ ،‬وقص جنواح الطيور‪ ،‬إذ ال يخلوو حوال طيور أبوي عمورو مون واحود منهموا‪ ،‬وأيهموا كوان الواقوع‪ ،‬التحوق اآلخور فوي‬
‫الحكم)‪.‬‬
‫(‪ )6‬الرُّعيني‪ ،‬مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل (‪.)14 /9‬‬
‫‪93‬‬
‫وأجيب عن ذلك‪ :‬إنما يمنع ما كان عبثاً بالطير لغير منفعة وال وجه مصلحة‪ ،‬فظاهر الحديث يدل‬
‫‪1‬‬
‫على أن اللعب اليسير مباح‪.‬‬

‫الدليل الثالث‪ :‬عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬

‫« عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار‪ ،‬ال هي أطعمتها‪ ،‬وال سقتها‪ ،‬إذ‬
‫‪2‬‬
‫حبستها‪ ،‬وال هي تركتها تأكل من خشاش األرض»‪.‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬في قوله صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ربطتها فلم تطعمها»‪ ،‬بحيث أنها لو أطعمتها مع‬

‫حبسها لم يحصل لها اإلثم‪ ،‬إذ الذنب كان في عدم إطعامها وليس في حبسها‪.‬‬

‫الدليل الرابع‪ :‬القياس على البهيمة‪ 3:‬فإن اإلنسان يباح له أن يربط البهائم لالنتفاع بها‪ ،‬إما‬

‫بلحمها‪ ،‬أو بحليبها‪ ،‬أو بالركوب عليها وغير ذلك‪ ،‬وهذه المنافع أباحها هللا عز وجل له‪ ،‬فيقاس‬
‫عليها جواز حبس الطائر الجارح من أجل االنتفاع به‪ ،‬أو للتمتع بصوته أو لونه‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬ذهب الحنفية‪ 4،‬والمالكية في مذهبهم‪ 5،‬والحنابلة في قول عندهم‪ 6‬إلى عدم جواز‬

‫اقتناء الطيور من أجل االستمتاع والتلهي بها واألنس بصوتها‪ ،‬أو النظر إلى ألوانها وأشكالها‪.‬‬

‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬إ ن حبس الحيوان ومنها الجارح في قفص هو تعذيب له‪ ،‬وليس منفعة التمتع أو‬
‫التزين به مما يبيح هذا التعذيب‪ ،‬على عكس منفعة األكل والشرب والركوب‪ ،‬فهي منافع معتبرة‬
‫‪7‬‬
‫يمكن من أجلها أن يباح حبس الحيوان وربطه‪.‬‬

‫(‪ )1‬المرجع السابق (‪.)14 /9‬‬


‫(‪ )2‬أخرجووه البخوواري فووي صووحيحه فووي بوواب‪ :‬حووديث الغووار‪ ،‬انظوور‪ )176 /4( :‬بوورقم‪ ،3482 :‬ومسوولم فووي صووحيحه فووي بوواب‪:‬‬
‫تحريم قتل الهرة‪ ،‬انظر‪ )1760 /4( :‬برقم‪ ،2242 :‬واللفظ للبخاري‪.‬‬
‫(‪ )3‬الشربيني‪ ،‬اإلقناع (‪.)547 /2‬‬
‫(‪ )4‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع (‪.)143 /5‬‬
‫(‪ )5‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير‪ ،‬التفتازاني‪ ،‬حاشية الدسوقي (‪.)108-107 /2‬‬
‫(‪ )6‬الراميني‪ ،‬الفروع وتصحيح الفروع (‪.)129 /6‬‬
‫الرعيني‪ ،‬مواهب الجليل (‪ ،)222 /3‬التفتازاني‪ ،‬حاشية الدسوقي (‪.)108 /2‬‬
‫(‪ّ )7‬‬
‫‪94‬‬
‫نوقش‪ :‬أن المنفعة من الحيوان ال تقتصر على أكله وركوبه فقط‪ ،‬بل أيضاً على متعته وزينته‪،‬‬

‫وهو ما يوافق إقرار النبي صلى هللا عليه وسلم للعب بالطير‪ ،‬وهو نص صحيح صريح في إباحة‬
‫‪1‬‬
‫االحتفاظ بالحيوان من أجل التمتع به‪.‬‬

‫ويناقش أيضاً‪ :‬أن في ذبحه ألجل أكله تعذيب له‪ ،‬وإن في حبسه وربطه تعذيب له كذلك‪ ،‬فلماذا‬

‫التفريق؟ ففي كل الحاالت منفعة لإلنسان اعتبرها الشارع ولكنها بحاجة إلى ضوابط‪ ،‬فال يصح‬
‫حبس الحيوان للتمتع أو الزينة‪ ،‬من غير أن يقوم اإلنسان بحقه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬أنه ال حاجة إلى حبسها‪ ،‬وإنما يعد من البطر‪ ،‬واألشر‪ ،‬ورقيق العيش‪ ،‬والسفه‪.‬‬

‫يناقش‪ :‬إن ذلك يعتبر من جملة ما سخره هللا عز وجل لإلنسان في الحياة الدنيا‪ ،‬وامتن به عليه‬

‫كما تقدم‪ ،‬إذا لم يخالط ذلك كبر وفخر ونحو ذلك‪.‬‬

‫الترجيح‪ :‬الذي يظهر رجحانه ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬هو ما ذهب إليه أصحاب القول األول بجواز اقتناء‬

‫الطيور الجارحة ألجل الزينة والمتعة‪ ،‬وذلك لسالمة ما استدلوا به ولكن بالشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬أال يلهي االستمتاع بها ورعايتها عن واجب من الواجبات‪ ،‬كواجبات العبادة هلل في أوقاتها‪،‬‬
‫وحق النفس واألسرة ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬أال تهمل رعايتها في الغذاء والشراب‪ ،‬وتهيئة الجو المناسب لها بما يتالءم مع طبيعتها‬
‫أثناء شدة البرودة أو الح اررة‪ ،‬حتى ال يؤدي ذلك إلى إيالمها وتعذيبها‪ ،‬أو هالكها‪.‬‬

‫‪ -3‬االعتناء بها طبياً‪ ،‬والقيام بعالجها‪ ،‬وتنظيفها‪ ،‬وقد لخص ذلك اإلمام الشربيني فقال‪( :‬إذا‬
‫‪3‬‬
‫تعهدها صاحبها بما يحتاج إليه)‪.‬‬

‫‪ -4‬أال يراد بذلك التفاخر والخيالء‪ ،‬وإنما ألجل التفكر في عجائب وصنع هللا سبحانه‪.‬‬

‫وبذلك يكون حكم اقتناء الطيور الجارحة ألجل المتعة والزينة الجواز بالشروط المذكورة‬
‫‪-‬وهللا أعلم‪.-‬‬

‫(‪ )1‬دراش‪ ،‬أحكام الحيوان في الفقه اإلسالمي ص(‪.)95‬‬


‫(‪ )2‬الراميني‪ ،‬الفروع وتصحيح الفروع (‪.)129 /6‬‬
‫(‪ )3‬الشربيني‪ ،‬اإلقناع (‪.)547 /2‬‬
‫‪95‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬بيع الطيور المحرمة أكلها‪.‬‬

‫اختلف العلماء في حكم بيع الطيور المحرم أكلها مطلًقا على النحو التالي‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫القول األول‪ :‬يجوز بيع الطيور المحرم أكلها‪ ،‬وهو قول الحنفية‪ 1،‬والمالكية‪.‬‬

‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬وجود مطلق النفع‪ ،‬وأنه مال منتفع به حقيقة على كل حال‪ ،‬كمنفعة االصطياد‪ ،‬ولو‬
‫حتى بعد موته منفعة الريش للنبل‪.3‬‬

‫ويجاب عن ذلك‪ :‬بأن وجود النفع مما ال خالف في صحة بيعه‪ ،‬وإنما الخالف عند انتفاء النفع‬

‫مطلقاً‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬حل أكل لحم بعض الطيور الجارحة‪.4‬‬

‫وجه االستدالل‪ :‬منفعة األكل من أعظم المنافع‪ ،‬بل من الضروريات‪ ،‬فيجوز بيعها‪.‬‬

‫ويجاب عن ذلك‪ :‬أن حل أكل لحم الطيور الجارحة غير مسلم به‪ ،‬فجمهور أهل العلم ذهبوا إلى‬
‫القول بتحريم أكلها‪.5‬‬

‫القول الثاني‪ :‬ال يجوز بيع الطيور المحرم أكلها إال ما كان منتفعاً به منها‪ ،‬وفسروا النفع بنحو‬

‫الصيد‪ ،‬ولو مآالً بأن يرجى تعليم الحيوان‪ ،‬أما بيع ما ال نفع فيه كبيع ما ال يصلح لالصطياد‬
‫‪7‬‬
‫لكبره مثال‪ ،‬أو ما ال يرجى تعلمه للصيد فال يصح بيعه وهو قول الشافعية‪ 6،‬والحنابلة‪.‬‬

‫(‪ )1‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (‪ ،)142 /5‬ابن عابدين‪ ،‬الدر المختار (‪.)356 /5‬‬
‫(‪ )2‬الدردير‪ ،‬الشرح الكبير (‪.)11 /3‬‬
‫(‪ )3‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (‪.)143 /5‬‬
‫(‪ )4‬العبدري‪ ،‬التاج واإلكليل لمختصر خليل (‪.)325 /4‬‬
‫(‪ )5‬ابن قدامة‪ ،‬المغني (‪ ،)66 /11‬وسوف تبحث مسألة حكم أكل الطيور الجارحة في الفصل إن شاء هللا من هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ )6‬الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج (‪ ،)12 /2‬وحاشيتا قليوبي وعميرة (‪.)198 /2‬‬
‫(‪ )7‬البهوتي‪ ،‬كشاف القناع (‪.)153 /3‬‬
‫‪96‬‬
‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬إ ن من شروط صحة البيع وجود النفع في المعقود عليه‪ ،‬وانتفاء النفع ينفي المالية‪،‬‬

‫فأخذ المال في مقابلته قريب من أكل المال بالباطل‪ 1،‬وبيع الجارح الغير منتفع به منافي لشرط‬
‫صحة البيع‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬ألن ليس فيها نفع مباح فأشبهت الخنزير‪.‬‬

‫الترجيح‪ :‬الذي يظهر رجحانه وهللا أعلم‪ ،‬هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني بعدم جواز بيع ما‬

‫ال نفع فيه من الطيور الجارحة مما ال يؤكل لحمها‪ ،‬وذلك لوجاهة ما استدلوا به‪ ،‬ولمناقشة أدلة‬

‫القول األول‪ ،‬وبهذا يكون حكم اقتناء الطيور الجارحة ألجل اإلتجار الجواز بشرط وجود نفع‬
‫متحقق من بيعها وشرائها‪ .‬كما سبق ذكره‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬بيع الطيور بالطيور‪:‬‬

‫مذهب جمهور العلماء أن ما ال كيل فيه وال وزن‪ ،‬كالثياب والحيوان ونحوهما‪ :‬يجوز بيعه‬
‫بجنسه أو بغيره‪ ،‬متساوياً أو متفاضالً‪ ،‬مع نسيئة؛ ويدل لمشروعية ذلك ما رواه عبد هللا بن عمرو‬
‫بن العاص رضي هللا عنهما قال‪" :‬جهز رسول هللا صلى هللا عليه وسلم جيشاً على إبل من إبل‬

‫الصدقة حتى نفدت‪ ،‬وبقي ناس‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬اشتر لنا إبالً من قالئص‬
‫الصدقة إذا جاءت‪ ،‬حتى نؤديها إليهم"‪ 3،‬فاشتريت البعير باالثنين‪ ،‬والثالث قالئص‪ ،4‬حتى فرغت‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫فأدى ذلك رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من إبل الصدقة"‪.‬‬

‫والمراد بو "ما ال كيل فيه وال وزن"‪ :‬يعني‪ :‬غير األصناف الربوية‪ ،‬من الثياب‪ ،‬والحيوان‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫ونحوه‪ .‬قال الشافعي رحمه هللا‪( :‬وال بأس بالبعير بالبعيرين مثله وأكثر يبد بيد ونسيئ ًة‪.)...‬‬

‫(‪ )1‬حاشيتا قليوبي وعميرة (‪.)198/2‬‬


‫(‪ )2‬ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير على متن المقنع (‪.)13 /4‬‬
‫(‪ )3‬رواه االمام أحمد في مسنده‪ ،)164/11( .‬قوال الشويد شوعيب األرنوؤوط حوديث حسون‪ ،‬وهوذا إسوناد فيوه ضوعف واضوطراب‪،‬‬
‫عمرو بن الحريش‪ :‬قال الحافظ في "التقريب"‪ :‬مجهول الحال‪.‬‬
‫ولد الناقة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫(‪ )5‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري (‪.)419/4‬‬


‫(‪ )6‬الشافعي‪ ،‬األم (‪.)70/4‬‬
‫‪97‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أنه يجوز بيع الحيوانات بعضها ببعض سواء بالمثل أو بالزيادة‪ ،‬لعموم حديث النبي‬

‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فال ربا بالحيوان لما صح عن النبي صلى هللا وسلم ويدخل في ذلك الطير‬
‫فهو من جنس الحيوان‪ ،‬ألن المقصود واحد‪.‬‬

‫وعليه فإنه يجوز بيع الطير بالطير لحديث النبي صلى هللا عليه وسلم أنه كان يأخذ‬
‫البعير بالبعيرين‪ ،‬فالقاعدة أن علة الربا منتفية في الحيوان والطير فليس مكيالً مطعوماً‪ ،‬وال موزون‬

‫مطعوم بما أنه حيوان حي أو طير حي‪ ،‬ولم أجد أحد من الفقهاء يقول بحرمة بيع الطير بالطير‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫األحكام المالية في الطيور‬

‫المطلب األول‪ :‬زكاة الطيور‬

‫زكاة األنعام تكون في األبل والبقر والغنم وال زكاة في شيء َ‬


‫آخر من الحيوانات‪ ،‬كما ال‬

‫تنص األحاديث‬
‫أعدادها إال ما أعد للتجارة‪ ،‬فلم َّ‬
‫ُ‬ ‫زكاة في الطيور والدواجن ونحوها‪ ،‬مهما بلغت‬
‫على وجوب زكاة شيء ِ‬
‫غير اإلبل والبقر والغنم ولم أجد تصور لهذه المسألة عند الفقهاء القدماء‬
‫إال عند أحد العلماء المعاصرين وهو الشيد ابن عثيمين رحمه هللا حيث قال‪ :‬إذا كانوا يريدون‬

‫التنمية فيأكلونها أو يبيعون منها ما زاد عن حاجتهم‪ ،‬فال زكاة عليهم؛ ألن الزكاة ال تجب في‬
‫الحيوان إال في ثالثة أصناف‪ :‬اإلبل‪ ،‬والبقر‪ ،‬والغنم فقط‪1.‬فالطير ليس من األصناف الثالثة فال‬
‫زكاة عليها ابتداءاً إال إذا كانت مهيئة للتجارة‪.‬‬

‫المعدة للتجارة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬زكاة الطيور‬

‫الذين يربون الطيور إذا كانوا يريدون التجارة فعليهم الزكاة؛ ألنها عروض التجارة‪ ،‬يعني‬
‫اإلنسان يتكسب منها يبيع ويشتري فيها‪ ،‬أما إذا كانوا يريدون التنمية؛ يأكلونها أو يبيعون منها ما‬
‫زاد عن حاجتهم‪ ،‬فال زكاة عليهم‪ ،‬ألن الزكاة ال تجب في الحيوان إال في ثالثة أصناف‪ :‬اإلبل‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫والبقر والغنم فقط‪ ،‬بشروطها المعروفة‪.‬‬

‫معدة وتربى للتجارة فهي تدخل في باب عروض‬


‫وعليه فإنه يجب الزكاة إذا كانت الطيور ّ‬
‫التجارة وليس بسبب الطير نفسه مهما بلغ عددها‪ ،‬فإنه ال زكاة على الطيور وغيرها من الحيوانات‬
‫إال على اإلبل والبقر والغنم‪.‬‬

‫(‪ )1‬سلسلة لقاءات الباب المفتوح‪ :‬للشيد ابن عثيمين‪.)13 /40( ،‬‬
‫)‪ )2‬ابن عثيمين‪ ،‬مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ‪.35/18‬‬
‫‪99‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬ضمان ما أتلفه الطير‪.‬‬

‫وصورتها‪ :‬أن يتلف الطير صاحب اليد‪1‬أموال الغير‪ ،‬فهل يتحملها صاحب اليد؟‬

‫التكييف الفقهي‪ :‬تكيف على مسألة جناية‪2‬البهائم‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬إفساد البهائم للزروع والثمار‪.‬‬

‫اختلف الفقهاء ‪-‬رحمهم هللا‪ -‬في وجوب الضمان على ما أفسدته البهائم على ثالثة أقوال‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫نهار‪ ،‬وبه قال الحنفية‪3 ،‬والظاهرية‪.‬‬
‫القول األول‪ :‬سقوط الضمان مطلًقا‪ ،‬ليالً أو ًا‬

‫واستدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬عن أبي هريرة ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬العجماء‬
‫‪6‬‬
‫جبار‪ 5،‬والبئر جبار‪ ،‬والمعدن جبار‪ ،‬وفي الركاز الخمس»‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬أنه حديث عام يوجب العمل بعمومه‪ ،‬وعمومه ينفي ضمان ما تفسده ليالً أو نها اًر‪،‬‬
‫‪7‬‬
‫ألنه ال ذمة للدابة في نفسها‪.‬‬

‫يقصد بصاحب اليد‪ :‬المصاحب للحيوان‪ ،‬الذي يكون الحيوان تحت يده‪ ،‬فهو أولوى مون التعبيور بصواحب‪ .‬الحيووان‪ ،‬ليشومل‬ ‫(‪)1‬‬

‫المالووك‪ ،‬واألجيوور‪ ،‬والمسووتأجر‪ ،‬والمووودع‪ ،‬والمسووتعير‪ ،‬والموصووى إليووه بالمنفعووة‪ ،‬انظوور‪ :‬النووووي‪ ،‬روضااة الطااالبين (‪،)197/10‬‬
‫المرداوي‪ ،‬واإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف (‪.)129/3‬‬
‫الجناية‪ :‬مرادفة لإلتالف إال أن الغالب استعمالها فيما كان فيوه تعود علوى األبودان‪ ،‬وقود يعيور الوبعض باإلفسواد وهوو مورادف‬ ‫(‪)2‬‬

‫لإلتالف‪ ،‬انظر‪ :‬عودة‪ ،‬عبد القادر‪ ،‬التشريع الجنائي اإلسالمي مقارًنا بالقانون الوضعي (‪.)344/2‬‬
‫المرغيناني‪ ،‬الهداية في شرح بداية المبتدي (‪ ،)483/4‬السرخسي‪ ،‬المبسوط (‪.)42/14‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫(‪)4‬المحلي باآلثار (‪.)444/6‬‬


‫قال الحافظ ابن حجر ‪-‬رحمه هللا‪ :-‬العجماء بفتح المهملة وسكون الجيم‪ ،‬وبالمد تأنيث أعجم‪ ،‬وهي‪ :‬البهيمة‪ ،‬ويقال‪ً :‬‬
‫أيضا‬ ‫(‪)5‬‬

‫لكل حيوان غير اإلنسان ويقال لمن ال يفصح والمراد هنوا األول قولوه جبوار بضوم الجويم‪ ،‬وتخفيوف الموحودة هوو الهودر الوذي ال‬
‫شيء فيه‪ ،‬انظور‪ :‬فاتح البااري‪ ،‬البون حجور (‪ .)255/12‬وقوال النوووي ‪-‬رحموه هللا‪ :-‬العجمواء بالمود‪ ،‬وهوي‪ :‬كول الحيووان سووى‬
‫اآلدمي‪ ،‬وسميت البهيمة عجماء ألنها ال تتكلم والجبوار بضوم الجويم وتخفيوف البواء الهودر‪ ،‬انظور‪ :‬شارح الناووي علاى صاحيح‬
‫مسلم (‪.)225/11‬‬
‫أخرجووه البخوواري فووي ص وحيحه فووي بوواب‪ :‬فووي الركوواز الخمووس‪ ،‬انظوور‪ )130/2( :‬بوورقم‪ ،1499 :‬وكووذلك فووي بوواب‪ :‬العجموواء‬ ‫(‪)6‬‬

‫جبار‪ ،‬انظر‪ )12/9( :‬بورقم‪ ،6913 :‬ومسولم فوي صوحيحه فوي بواب‪ :‬جورح العجمواء والمعودن والبئور جبوار‪ ،‬انظور‪)1334/3( :‬‬
‫برقم‪ ،1710 :‬واللفظ للبخاري‪.‬‬
‫(‪)7‬السرخسي المبسوط (‪ ،)42/14‬النمري‪ ،‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد (‪.)23/7‬‬
‫‪100‬‬
‫‪1‬‬
‫نوقش‪ :‬بأن هذا الحديث عام‪ ،‬وخصص بحديث البراء كما سيأتي‪ ،‬والخاص مقدم على العام‪.‬‬

‫‪ .2‬أن مالك الحيوان البد له في إرساله وانفالته‪ ،‬كما أنه ال يمكنه االحتراز عن فعله‪ ،‬فما تولد‬
‫‪2‬‬
‫مضمونا عليه‪.‬‬
‫ً‬ ‫عن ذلك ال يكون‬

‫يناقش ‪ :‬إن هذا يتنافى مع قواعد الشرع الحنيف التي تزيل الضرر وتدفعه‪ ،‬وال يعذر اإلنسان عن‬

‫وقوع ما يضر اآلخرين بسبب تملكه واقتنائه للدواب‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫القول الثاني‪ :‬يجب الضمان مطلقاً‪ ،‬ليالً ونها اًر‪ ،‬وبه قال الليث وعطاء‪ 3،‬وبعض المالكية‪.‬‬

‫ودليهم على ذلك‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫إن إرسال هذه البهائم تعد من المرسل‪ ،‬واألصول تقتضي أن على المتعدي الضمان‪.‬‬

‫نوقش‪ :‬بأن هذا مخالف لألصول الصحيحة التي جعلها الرسول صلى هللا عليه وسلم أصالً وهو‬

‫حديث ناقة البراء‪ ،‬وحديث العجماء‪ ،‬ففي هذه القول إهدار لهما‪ .‬قال الشوكاني ‪-‬رحمه هللا‪ -‬بعد‬
‫‪6‬‬
‫ذكره لهذا القول‪( :‬وهو إهدار للدليل العام والخاص)‪.‬‬

‫القول الثالث‪ :‬التفصيل‪ ،‬إن وقع اإلتالف نها اًر فال ضمان‪ ،‬وإن وقع ليالً وجب فيه الضمان‪ .‬وهو‬
‫‪9‬‬
‫قول الجمهور من المالكية‪ 7،‬والشافعية‪ 8،‬والحنابلة‪.‬‬

‫الجصاص‪ ،‬أحكام القرآن (‪ ،)54/5‬ابن حزم‪ ،‬المحلي باآلثار (‪.)199/11‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (‪.)273/7‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )3‬ابن قدامة‪ ،‬المغني (‪.)188/9‬‬


‫(‪ )4‬ابن رشد‪ ،‬البيان والتحصيل (‪.)212/9‬‬
‫النمري‪ ،‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد (‪.)85/11‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫(‪ 6‬الشوكاني‪ ،‬نيل األوطار (‪.)389/5‬‬


‫العبدري‪ ،‬التاج واإلكليل لمختصر خليل (‪.)443/8‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫(‪ )8‬ابن قدامة‪ ،‬الحاوي الكبير (‪ ،)466/13‬النووي‪ ،‬المجموع (‪.)261/19‬‬


‫ابن قدامة‪ ،‬المغني (‪.)187/9‬‬ ‫(‪)9‬‬

‫‪101‬‬
‫واستدلوا على ذلك بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ‬

‫ﲜﲞﲟﲠ‬
‫ﲝ‬ ‫ﲗﲙﲚﲛ‬
‫ﲘ‬ ‫ﲓﲔﲕﲖ‬
‫‪1‬‬
‫ﲣ ﲥ ﲦ ﲧﱠ‪.‬‬
‫ﲤ‬ ‫ﲡﲢ‬

‫‪2‬‬
‫قال شريح‪ :‬النفش ال يكون إال بالليل‪ ،‬وزاد قتادة‪ :‬والهمل بالنهار‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫قال ابن عبد البر‪( :‬وال خالف بين أهل اللغة أن النفش ال يكون إال بالليل‪.)...‬‬
‫‪4‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أن اآلية واردة في غنم لقوم رعت حرثاً آلخرين ليالً فحكم فيها بالضمان‪.‬‬

‫‪ .2‬عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط‪ 5‬رجل فأفسدت فيه‬
‫فقضى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار‪ ،‬وأن ما‬
‫‪6‬‬
‫أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها)‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬دل الحديث على أنه يجب على أهل الحوائط حفظها بالنهار لما جرت العادة به من‬
‫رعي المواشي في هذا الوقت‪ ،‬وال يلزمهم ذلك بالليل ألنه وقت راحتهم ونومهم وسكونهم‪ ،‬أما في‬
‫الليل فإن ما تفسده المواشي من الزروع فيكون ضمانه على أهلها حيث يجب عليهم حفظها في‬
‫‪7‬‬
‫هذا الوقت‪.‬‬

‫سورة األنبياء آية (‪.)79-78‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ابن كثير‪ ،‬تفسير القرآن العظيم (‪.)311/5‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )3‬النميري‪ ،‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد (‪.)1/1‬‬


‫(‪ )4‬تفصوويل ذلووك ومووا ورد فيووه موون روايووات فووي تفسااير اباان كثياار (‪ ،)311/5‬ابوون القوويم‪ ،‬وإعااالم المااوقعين عاان رب العااالمين‬
‫(‪.)245/1‬‬
‫الحائط‪ :‬البستان‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫رواه مالك في الموطأ في باب‪ :‬القضاء في الضواري والحريسة‪ ،‬انظر‪ )1082/4( :‬برقم‪ ،2766 :‬والشافعي في المسند في‬ ‫(‪)6‬‬

‫باب‪ ،‬كتاب الديات‪ ،‬انظور‪ )107/2( :‬بورقم‪ ،358 :‬وابون أبوي شويبة بونفس المعنوى فوي بواب‪ :‬الدابوة والشواة تفسود الوزرع‪ ،‬انظور‪:‬‬
‫(‪ )461/5‬برقم‪ ،27976 :‬وابن ماجه في سننه بمعناه في باب‪ :‬الحكم فيما أفسدت المواشوي‪ ،‬انظور‪ )781/2( :‬بورقم‪،2332 :‬‬
‫والنسووائي فووي السااانن الكبااارى فووي بوواب‪ :‬تضوومين أهوول الماشووية مووا أفسوودت مواشوويهم بالليوول‪ ،‬انظوور‪ )334/5( :‬بوورقم‪،5752 :‬‬
‫والبيهقي بمعناه في السنن الكبرى في باب‪ :‬الضمان على البهوائم‪ ،‬انظور‪ )594/8( :‬بورقم‪ .17683 :‬قوال عنوه الشويد األلبواني‬
‫‪-‬رحمه هللا‪ :-‬صحيح‪ ،‬انظر‪ :‬إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (‪.)62/5‬‬
‫(‪ )7‬التجيبي‪ ،‬المنتقي شرح الموطأ (‪.)62/6‬‬
‫‪102‬‬
‫‪1‬‬
‫نوقش‪ :‬بأنه منسوخ بحديث (العجماء جبار)‪.‬‬

‫وأجيب عن ذلك‪ :‬بأن النسد ال يثبت باالحتمال مع الجهل بالتاريد‪ 2،‬فيكون هذا الحديث نصاً في‬

‫وجوب الضمان ليالً‪ ،‬ويخصص به عموم حديث (العجماء جبار)‪ ،‬قال يندرج تحت عمود حديث‬
‫(العجماء جبار) أو بقياس غير الزرع على الزرع؟‬

‫وهذا الخالف يرد عند الجمهور القائلين بالتفصيل‪ ،‬أما الحنفية والظاهرية فال يرد عندهم‪،‬‬
‫وذلك على غرار قولهم في أن ما تتلفه البهائم فال ضمان فيه مطلقاً‪.‬‬

‫الترجيح‪ :‬الذي يظهر رجحانه وهللا أعلم أن رأي الجمهور في القول الثالث هو أرجح األقوال‪ ،‬لقوة‬

‫أدلته‪ ،‬جمعهم لألدلة الشرعية وإعمالها في المسألة‪ ،‬ولما ورد على أدلة األقوال األخرى من مناقشة‪،‬‬
‫وهذا القول قد اختاره جمع من المحققين كابن القيم‪ 3،‬والشوكاني‪ 4،‬وغيرهم‪.‬‬

‫اختلف العلماء ‪-‬رحمهم هللا‪ -‬القائلين بوجوب الضمان في ما تتلفه البهائم في غير الزرع‬
‫والحرث على قولين‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫القول األول‪ :‬أنه ال يضمن إال الزرع والحرث‪ ،‬وهو المشهور عند مالك‪ 5،‬وقول عند الحنابلة‪.‬‬

‫قال ابن عبد البر‪( :‬قال مالك‪ :‬وما أفسدت المواشي‪ ،‬والدواب من الزروع والحوائط بالليل‬
‫فضمان ذلك على أهلها وما كان بالنهار فال شيء على أصحاب الدواب‪ ...‬وقال مالك‪ :‬إذا انفلتت‬
‫‪7‬‬
‫دابة بالليل فوطئت على رجل نائم لم يغرم صاحبها شيئاً وإنما هذا في الحوائط والزرع والحرث)‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪-‬رحمه هللا‪( :-‬وإن أتلفت البهيمة غير الزرع لم يضمن مالكها ما أتلفته‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫ليالً كان أو نها اًر‪ ،‬ما لم تكن يده عليها)‪.‬‬

‫ابن حجر‪ ،‬فتح الباري (‪.)258/12‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ابن قيم الجوزية‪ ،‬إعالم الموقعين عن رب العالمين (‪.)246/1‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫الشوكاني‪ ،‬نيل األوطار (‪.)389/5‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫النمري‪ ،‬الكافي في فقه أهل المدينة (‪ ،)1125/2‬النميري‪ ،‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد (‪.)83/11‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫ابن قدامة المغني (‪.)189/9‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫النميري‪ ،‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد (‪.)83/11‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫التجيبي‪ ،‬المنتقي شرح الموطأ (‪.)62/6‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫‪103‬‬
‫ودليلهم على ذلك‪:‬‬

‫عموم حديث (العجماء جبار)‪ ،‬أن األصل في إتالفات البهائم أنه ال شيء فيها إال ما‬
‫خص الدليل النفش وهو الرعي ليالً‪ ،‬فيبقى ما عداه على األصل في كونه هد اًر‪ ،‬وأكل البهائم من‬
‫الزرع طبعاً بالرعي‪ ،‬وتدعوها نفسها إليه‪ ،‬بخالف غيره من الممتلكات‪ ،‬فال يصح قياس غيره‬
‫‪1‬‬
‫عليه‪.‬‬

‫يناقش‪ :‬بأن المخصوص في الدليل هو الرعي بالليل‪ ،‬وأما قياس غيره عليه فيصح كونها من‬
‫‪3‬‬
‫الحنفية‪ 2،‬وقول عند الشافعية‪.‬‬

‫وأدلتهم‪:‬‬

‫استدلوا باألدلة التي أوردوها في مسألتي إتالف البهائم للحرث والزرع‪ ،‬وإلحاق غير الزرع‬
‫‪4‬‬
‫بالزرع‪ ،‬وبأن ذلك من قبيل الضرر الذي يتحمل صاحب اليد ما يقع بسببه على اآلخرين‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬أن غير الزروع يلحق بالزروع‪ ،‬فتضمن جميع األموال والدماء‪ ،‬وهو قول الشافعية‪،5‬‬
‫‪6‬‬
‫ورواية عن أحمد في الصحيح من مذهبه‪.‬‬

‫قال النووي‪( :‬وإن كانت الدابة وحدها فأتلفت زرعاً أو غيره نها اًر لم يضمن صاحبها أو‬
‫‪7‬‬
‫ليالً ضمن إال أن ال يفرط في ربطها أو حضر صاحب الزرع وتهاون في دفعها)‪.‬‬

‫قال المرداوي في اإلنصاف بعد كالم له في تضمين صاحب الدابة ما أفسدته ليالً‪ ،‬وهل‬
‫يختص ذلك بالزرع والشجر أم يعم سائر المال‪( :‬والصحيح من المذهب‪ :‬أنه يضمن جميع ما‬
‫‪8‬‬
‫أتلفته مطلقاً‪ .‬قال الحارثي‪ :‬وكافة األصحاب على التعميم لكل مال‪.)..‬‬

‫ابن قدامة المغني (‪.)189/9‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫السيوطي‪ ،‬مطالب أولي النهي في شرح غاية المنتهى (‪.)85/4‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفات المنهاج (‪.)545/5‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع (‪.)258/19‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫النووي‪ ،‬منهاج الطالبين (‪ ،)306/1‬الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفات المنهاج (‪.)544/5‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫(‪ )6‬المرداوي اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف (‪.)241/6‬‬


‫النووي‪ ،‬منهاج الطالبين (‪.)306/1‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫(‪ )8‬المرداوي اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف (‪.)241/6‬‬


‫‪104‬‬
‫واستدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬حديث ناقة البراء‪ ،‬وفيه (أن ما أفسدت المواشي ضامن على أهلها)‪ ،‬فكل ما أفسدته بالليل‬
‫فمضمون بنص الحديث‪ 1،‬وذلك ألن ما تفيد العموم المستغرق لكل ما دخلت عليه‪.‬‬

‫ويمكن أن يستدل لهذا القول أيضاً‪:‬‬

‫‪ .2‬أن تملك اإلنسان للبهائم وتركها سائبة بال راع‪ ،‬مما يؤذي بها الناس في ممتلكاتهم‬
‫وطرقاتهم يعتبر فعالً ضا اًر لما ينتج عنه من ضرر‪ ،‬وقد قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫‪2‬‬
‫وسلم‪( :‬ال ضرر وال ضرار)‪ ،‬وهذا الحديث قاعدة فقهية كلية عند الفقهاء‪ ،‬فالضرر أياً‬
‫مشروعا‪ ،‬ويعتبر فاعله معتدياً ومفرطاً‪.‬‬
‫ً‬ ‫كان نوعه ال يكون‬

‫الترجيح‪ :‬الذي يظهر رجحانه ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬هو القول الثاني‪ ،‬لقوة ووجاهة أدلته‪ ،‬ولما ورد من‬

‫مناقشة وافية ألصحاب القول األول‪ ،‬ولموافقة هذا الرأي للعقول والفطر والسليمة في حفظ أموال‬
‫‪3‬‬
‫الناس وعدم التهاون بها‪ ،‬وهو ما اختاره شيد اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪.‬‬

‫أما حكم ضمان ما أتلفته الطيور الجارحة‪:‬‬

‫بعد بسط أقوال العلماء وذكر مناقشاتهم في ضمان ما تتلفه الحيوانات سواء من بهيمة‬
‫األنعام أو الضواري المقتناة بصفة عامة‪ ،‬وإلحاق غير الزروع من األموال ونحوها بالزروع‪ ،‬وأن‬
‫ذلك يجب فيه الضمان‪ ،‬وإلحاق الحيوانات األخرى بالبهائم في ما تتلفه في الراجح‪ ،‬فيمكن القول‬
‫بوجوب ضمان ما تتلفه الطيور الجارحة من أموال الغير على صاحب اليد‪ ،‬أمالكاً للناس محترمة‪،‬‬
‫فيستوي الزرع وغيره‪ ،‬بل إن أكثر األموال من غير الزرع أكثر قيمة وأهمية لدى الناس‪.‬‬

‫الشوكاني‪ ،‬السيل الجرار المتدفق على حدائق األزهار (‪.)893‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫حديث حسن‪ ،‬رواه ابن ماجه (‪ ،)784/2‬والودارقطني (‪ )408/5‬وغيرهموا مسوندا‪ ،‬ورواه مالوك فوي "الموطاأ "(‪ )1078/4‬عون‬ ‫(‪)2‬‬

‫عمرو بن يحيى‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم مرسال‪ ،‬فأسقط أبا سعيد‪ ،‬وله طرق يقوى بعضها ببعض‪.‬‬
‫ذكر ذلك ابن قاسم في حاشيته‪ ،‬انظر‪ :‬حاشية الروض المربع (‪.)418/5‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪105‬‬
‫وقد وضع الفقهاء شروط لوجوب الضمان في األموال المتلفة وهي كما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون المضمون ماالً‪ ،‬فال ضمان على متلف الميتة والدم المسفوح‪ ،‬ونحو ذلك مما‬
‫‪1‬‬
‫ليس بمال‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يكون المال مملوكاً‪ ،‬فال ضمان على من أتلف ماالً ليس مملوكاً ألحد‪ ،‬ومأذون في‬
‫‪2‬‬
‫إتالفه أو تملكه‪ ،‬ألنه أتلف ماالً مباحاً كالطير في الهواء والسمك في الماء‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -3‬أن يكون المال مباح االستعمال شرعاً‪ ،‬فال ضمان على من أتلف خم اًر‪ ،‬أو خنزي اًر لمسلم‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -4‬أن يكون التلف الحاصل كثي اًر فال ضمان في التلف اليسير المعتاد‪.‬‬

‫‪ -5‬أن يكون المال لمعصوم‪ ،‬فال ضمان لمال الحربي إذا أتلفه مسلم‪ ،‬وال ضمان على متلف‬
‫‪5‬‬
‫مال البغاة لعموم العصمة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابوون عبوود البور التمهيااد (‪ ،)161/20‬الغموراوي‪ ،‬الس اراج الوهاااج (‪ ،)175‬ابوون قدامووة‪ ،‬الشاارح الكبياار مااع المقنااع (‪)55/11‬‬
‫الزحيلي نظرية الضمان (‪.)62‬‬
‫الزحيلووي‪ ،‬نظريااة الضاامان (‪ ،)58‬ابوون قدامووة‪ ،‬المغنااي (‪ ،)424/7‬الكاسوواني‪ ،‬باادائع الصاانائع (‪ ،)167/7‬النووووي‪ ،‬روضااة‬ ‫(‪)2‬‬

‫الطالبين (‪.)17/5‬‬
‫حاشية ابن عابدين (‪ ،)447/5‬النووي‪ ،‬روضة الطالبين (‪ ،)319/9‬ابن مفلح‪ ،‬الفروع (‪.)285/4‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫(‪ )4‬الكاساني‪ ،‬بادائع الصانائع (‪ ،)168/7‬العبودري‪ ،‬التااج واإلكليال (‪ ،)279/6‬الرملوي‪ ،‬نهاياة المحتااج (‪ ،)385/7‬ابون قداموة‬
‫المغني مع الشرح الكبير (‪.)61/1‬‬
‫(‪ )5‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع (‪.)168/7‬‬
‫‪106‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫أحكام األطعمة المتعلقة بالطيور‬


‫المبحث األول‪ :‬حكم أكل الطيور‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حكم التداوي بالطيور‬

‫‪107‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫أحكام األطعمة المتعلقة بالطيور‬


‫المبحث األول‬

‫حكم أكل الطير‬

‫المطلب األول‪ :‬الطيور المباح أكلها‪:‬‬

‫ال شك أن الشريعة اإلسالمية أحلت كل شئ طيب‪ ،‬وحرمت كل خبيث‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱤ‬

‫ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ‬

‫ﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺ‬

‫ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﱠ‪ 1،‬كما ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ‬


‫‪2‬‬
‫ﳁﳃﳄﳅﳆﱠ‬
‫ﳂ‬ ‫ﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀ‬

‫ذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة وقول عند المالكية‪ ،‬أن الطيور التي ال‬
‫مخلب لها محللة األكل واستثنوا منها بعض الطيور‪ ،‬وذهب بعض المالكية ومنهم االمام مالك إلى‬
‫أن جميع الطيور محللة األكل سواء أكانت ذات مخلب أو ال مخلب لها‪.‬‬

‫قول الحنفية‪ :‬وأما الطيور فإنها على نوعين نوع منها ذوات المخلب ونوع ال مخالب لها فأما التي‬
‫‪3‬‬
‫ال مخالب لها فإنها محللة كلها اال ان الغربان مكروهة ألكلها الجيف‪.‬‬

‫قول المالكية‪ :‬والطير كله مباح ما يأكل الجيف وغيره‪ ،‬وروي‪ :‬ال يؤكل كل ذي مخلب من الطير‪،‬‬
‫وال كراهة في الخطاف على المشهور‪.‬‬

‫والمشهور كما ذكر إباحة جميع الطيور‪ ،‬وروى ابن أبي أويس عن مالك أنه ال يؤكل كل‬

‫ذي مخلب من الطير‪ ،‬هكذا حكى بعضهم هذا القول‪ ،‬وقال في اإلكمال‪ :‬وحكى عن ابن أبي‬
‫أويس كراهة أكل كل ذي مخلب‪ ،‬وفي مسلم وأبي داود‪" :‬أنه صلى هللا عليه وسلم نهى عن أكل‬

‫سورة األعراف اآلية ‪.157‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة اآلية ‪.168‬‬ ‫‪2‬‬

‫السغدي‪ ،‬النتف في الفتاوى (‪)231/1‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪108‬‬
‫كل ذي ناب من السباع‪ ،‬وكل ذي مخلب من الطير"‪ ،‬والقوالن في الخطاف لمالك واألصل‬
‫‪1‬‬
‫اإلباحة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أرأيت الطير كله أليس ال يرى مالك بأكله بأساً‪ ،‬الرخم والعقبان والنسور والحدأ‬
‫والغربان وما أشبهها؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال مالك‪ :‬ال بأس بأكلها كلها ما أكل الجيف منها وما لم يأكل‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وال بأس بأكل الطير كله‪.‬‬

‫قول الشافعية‪ :‬ما يتأتى أكله من الجماد والحيوان‪ ،‬ال يمكن حصر أنواعه‪ ،‬لكن األصل في الجميع‬

‫الحل‪ ،‬إال ما يستثنيه أحد أصول‪ .‬نص الكتاب أو السنة على تحريمه كالخنزير والخمر والنبيذ‬

‫والميتة والدم والمنخنقة والموقوذة والنطيحة والحمر األهلية‪ .‬ويحرم أكل كل ذي ناب من السباع‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وذي مخلب من الطائر‪.‬‬

‫قول الحنابلة‪ :‬يباح أكل كل طاهر ال ضرر في أكله كالحيوان كلهما والثمار جميعها وما عمل‬

‫منها وكذلك لحوم الحيوانات وهي على ضربين إنسي ووحشي فاإلنسي ينقسم إلى ما يباح ذبحه‬
‫وأكل لحمه وهو اإلبل والبقر والغنم والخيل والدجاج والديوك وإلى ما ال يباح ذبحه وأكله فاآلدمي‬
‫والحمير والبغال والكالب والخنازير والسنانير‪ ،‬وأما الوحشي فيقسم إلى مباح وهو البقر والحمير‬
‫والظباء والضبع والضب والبط واألوز والنعام والحمام والغراب وغراب الزرع والعصافير وما‬
‫أشبهها‪ ،‬وإلى محظور وهو كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير كاألسد والنمر‬
‫والذئب والفهد والفيل والزرافة وابن آوى وابن عرس والقنفذ والنسر والصقر والعقاب والشاهين‬
‫‪4‬‬
‫والبازي والحدأة واللقلق والغراب األسود الكبير والرخم والبرم وكل ما يأكل الجيف‪.‬‬

‫أستدل الفريق األول وهم الجمهور‪:‬‬


‫قالوا إن األصل في أكل الطيور اإلباحة إال ما جاء دليل بتحريمه إما بكتاب أو سنة أو‬
‫ﲆ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﱠ‪ 5،‬وأما في‬
‫إجماع‪ ،‬أما في الكتاب ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲃ ﲄ ﲅ ﲇ‬

‫الجندي‪ ،‬التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (‪.)229/3‬‬ ‫‪1‬‬

‫االمام مالك‪ ،‬المدونة (‪.)542/1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬النووي‪ ،‬روضة الطالبين وعمدة المفتين (‪.)271/3‬‬


‫الكلوذاني‪ ،‬الهداية على مذهب اإلمام أبي عبد هللا أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني‪.)554/1( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫سورة المائدة‪ ،‬اآلية رقم ‪.4‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪109‬‬
‫السنة عن ابن عباس رضي هللا عنه‪ ،‬قال‪« :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن كل ذي ناب‬
‫‪1‬‬
‫من السباع‪ ،‬وعن كل ذي مخلب من الطير»‪.‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم نص علي النهى عن أكل كل ذي مخلب من‬

‫الطير‪ ،‬والنهى يقتضي الترك‪ ،‬وأكد النهى بقرنها مع بعض المحرمات‪ ،‬وبالتالي يخرج كل طير‬

‫بغير مخلب من التحريم‪.‬‬

‫استدل الفريق الثاني وهم المالكية‪:‬‬

‫لم يذكروا المالكية ممن قالوا بحل أكل الطيور كلها سواء كانت ذات مخلب أو من غير‬

‫مخلب بدليل من الكتاب أو السنة سوى عموم اآليات التي تبين أن هللا احل الطيبات من األكل‪،‬‬
‫واستدل فقهاء المالكية بقول لإلمام مالك عندما سئل عن أكل الطيور ذات مخلب فقال قلت‪ :‬أرأيت‬
‫الطير كله أليس ال يرى مالك بأكله بأساً‪ ،‬الرخم والعقبان والنسور والحدأ والغربان وما أشبهها؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال مالك‪ :‬ال بأس بأكلها كلها ما أكل الجيف منها وما لم يأكل‪ ،‬وال بأس بأكل الطير‬
‫كله‪ ،‬وبما قاله أيضاً قلت‪ :‬أرأيت الجاللة من اإلبل والبقر والغنم‪ ،‬هل يكره مالك لحومها؟ قال‪ :‬قال‬
‫‪2‬‬
‫مالك‪ :‬لو كرهتها لكرهت الطير التي تأكل الجيف‪.‬‬

‫مناقشة القول الثاني‪ :‬ال يمكن اعتبار هذا الرأي بالراجح عند المالكية ألن بعض فقهاء المالكية‬
‫ذهبوا بقول تحريم أكل الطيور ذات المخلب‪ ،‬وهنالك قول لإلمام مالك بتحريم أكل كل ذي مخلب‬
‫من الطيور‪ ،‬فهنالك أراء ثالثة للمالكية في هذا البابا وهي اإلباحة الكراهية والتحريم‪.‬‬

‫القول الراجح‪ :‬بعض عرض المسألة وأراء الفقهاء من المذاهب وكذلك األدلة التي استدلوا بها أقوال‬
‫بأن قول الجمهور هو الراجح بأن الطيور المباحة أكلها هي الطيور التي ال مخلب لها وذلك للنص‬
‫الصريح من حديث ال نبي صلى هللا عليه وسلم من النهي عن أكل كل ذي مخلب من الطير‪ ،‬وهللا‬

‫تعالى أعلم‪.‬‬

‫رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس‪ ،‬حديث رقم ‪.)1534/3( .1934‬‬ ‫‪1‬‬

‫مالك‪ ،‬المدونة (‪.)542/1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪110‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطيور المحرم أكلها‪:‬‬

‫ذكر هللا سبحانه في كتابه الكريم ما حرم على عباده من الحيوانات البرية فقال‪ :‬ﱡﭐ ﲉ ﲊ‬

‫ﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛ‬
‫ﲥﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭ‬
‫ﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤ ﲦ‬

‫ﲮ ﲯ ﲰ ﱠ‪ 1،‬ولقد كان أهل الجاهلية يحرمون ويحلون على حسب أهوائهم وأمزجتهم‪،‬‬

‫فهناك ما هو حرام على اإلناث أو الذكور‪ ،‬وقد حكى القرآن الكريم صو اًر كثيرة من ذلك في سورة‬
‫األنعام ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ‬

‫ﱖﱘﱙﱚ‬
‫ﱗ‬ ‫ﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕ‬
‫‪2‬‬
‫ﱛﱠ‪.‬‬

‫تعتبر الطيور الجارحة من طائفة الطيور ذوات المخالب‪ ،‬وقد اختلف العلماء‪ -‬رحمهم‬
‫هللا‪ -‬في حكم أكل ماله مخلب من الطير كالصقر‪ ،‬والبازي‪ ،‬والحدأة‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬علي قولين‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫القول األول‪ :‬إنه يحرم أكل ما له مخلب من الطير‪ ،‬وهو قول األئمة الثالثة‪ :‬أبو حنيفة‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫والشافعي‪ 4،‬وأحمد‪ 5،‬وقول عند أصحاب مالك‪ 6،‬والظاهرية‪ 7،‬ومعهم أكثر أهل العلم‪.‬‬

‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬عن ابن عباس رضي هللا عنهما‪ ،‬قال‪( :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن‬
‫‪9‬‬
‫أكل كل ذي ناب من السباع‪ ،‬وكل ذي مخلب من الطير)‪.‬‬

‫سورة األنعام اآلية ‪.145‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة األنعام اآلية ‪.138‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن نجيم‪ ،‬البحر الرائق(‪.)195/8‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫المهذب(‪ ،)22/9‬النووي‪ ،‬المجموع(‪.)24/9‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬الشرح الكبير علي متن المقنع(‪ ،)70/11‬البهوتي‪ ،‬الروض المربع (‪.)347/3‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫النمري‪ ،‬الكافي في فقه أهل المدينة (‪.)437/1‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫ابن حزم‪ ،‬المحلي باآلثار(‪.)75/6‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫(‪)8‬ابن قدامة‪ ،‬المغني مع الشرح(‪.)68/11‬‬


‫رواه مسلم‪ ،‬في صحيحه في باب‪ :‬تحوريم أكول كول ذي نواب مون السوباع‪ ،‬وكول ذي مخواب مون الطيور‪ ،‬انظور‪،)1533/3( :‬‬ ‫(‪)9‬‬

‫برقم‪.1934 :‬‬
‫‪111‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬عن العرباض بن سارية رضي هللا عنه‪( :‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حرم‬

‫يوم خيبر كل ذي مخلب من الطير‪ ،‬ولحوم الحمر األهلية‪ ،‬والخليسة‪ 1،‬والمجثمة‪ 2،‬وأن توطأ‬
‫السبايا حتي يضعن ما في بطونهن)‪.3‬‬

‫الدليل الثالث‪ :‬عن خالد بن الوليد رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬نهى يوم‬
‫‪4‬‬
‫خيبر عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمر وكل ذي ناب من السبع‪ ،‬أو مخلب من الطير)‪.‬‬

‫وجه االستدال ل من األحاديث السابقة‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم نص على النهى عن أكل‬

‫كل ذي مخلب من الطير‪ ،‬والنهى يقتضي الترك‪ ،‬وأكد النهى بقرنها مع بعض المحرمات‪ ،‬كذوات‬
‫‪5‬‬
‫األنياب من السباع والبغال والحمر‪ ،‬فدل على االتحاد في الحكم‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫القول الثاني‪ :‬إنه يجوز أكل كل ذي مخلب من الطير‪ ،‬وهو قول اإلمام مالك‪.‬‬

‫الخليسوة‪ :‬هووي مووا يسووتخلص مون السووبع فيموووت قبوول أن يوذكي‪ ،‬موون خلسووت الشوويء واختلسوته إذا سوولبته‪ ،‬وهووي فعليووة بمعنووي‬ ‫(‪)1‬‬

‫مفعولة‪ .‬انظر‪ :‬النهاية في غريب الحديث واألثر (‪.)61/2‬‬


‫المجثموة‪ :‬هووي كول حيووان ينصوب ويرمووي ليقتوول‪ ،‬إال أنهوا تكثوور فوي الطيوور واأل ارنووب وأشوباه ذلووك مموا يجووثم فووي األرض‪ :‬أي‬ ‫(‪)2‬‬

‫يلزمها ويلتصق بها‪ ،‬وجثم الطائر جثوما‪ ،‬وهو بمترلة البروك لإلبل‪ .‬انظر‪ :‬المرجع السابق‪)239/1( ،‬‬
‫أخرجه االمام أحمد ‪-‬رحمة هللا‪ -‬فوي مسونده فوي بواب‪ :‬حوديث العربواض بون سوارية‪ -‬رضوي هللا عنوه‪ -‬عون النبوي صولي هللا‬ ‫(‪)3‬‬

‫عليووه وسوولم‪ ،‬انظوور‪ ،)384/28( :‬بوورقم‪ .17153 :‬والترمووذي فووي سوونته‪ ،‬فووي بوواب‪ :‬النهووي عوون أكوول المصووبورة‪ ،‬انظوور‪)71/4( :‬‬
‫برقم‪ .1474 :‬والطبراني في المعجم الكبير في باب‪ :‬أم حبيبوة العربواض عون أبيهوا‪ ،‬انظور‪ )259/18( :‬بورقم‪ .648 :‬قوال عنوه‬
‫الشيد األلبواني ‪-‬رحموة هللا‪ :-‬صوحيح اإلسوناد‪ ،‬إال لفظوة الخليسوة لوم تثبوت عنودي‪ ،‬انظور‪ :‬سلسولة األحاديوث الصوحيحة وشويء‬
‫من فقهها وفوائدها (‪ ،)239/4‬وفي ضعيف سنن الترمذي ص(‪ )172‬قال عنه‪ :‬صحيح مفرقا إال الخليسة‪.‬‬
‫أخرجه ابن أبي عاصم في اآلحاد والمثاني في باب‪ :‬ومن ذكر خالد بن الوليد بن المغيرة يكني أبا سليمان رضوي هللا عنوه‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫انظر‪ ،)224/2( :‬برقم‪ .704 :‬والدارقطني في سونته فوي بواب‪ :‬الصويد والوذبائح واألطعموة وغيور ذلوك‪ ،‬انظور‪ )517/5( :‬بورقم‪:‬‬
‫‪ .4769‬وأبو داود بمعناه في سنته في باب‪ :‬النهى عن أكل السباع‪ ،‬انظر‪ ،)356/3( :‬برقم‪ .3806 :‬قال عنه الشيد األلبواني‬
‫‪-‬رحمة هللا‪ :-‬ضعيف‪ ،‬انظور‪ :‬سلسولة األحاديوث الضوعيفة والموضووعة وأثرهوا السويء فوي األموة (‪ ،)373/8‬وضوعيف الجوامع‬
‫الصغير وزيادته ص(‪.)333‬‬
‫شرح صحيح البخاري البن بطال (‪ ،)437/5‬الزبيودي‪ ،‬الجاوهرة النيارة علاي مختصار القادوري (‪ ،)184/2‬الودميري‪ ،‬الانجم‬ ‫(‪)5‬‬

‫الوهاج في شرح المنهاج (‪ ،)549/9‬والمغني البن قدامة(‪.)410/9‬‬


‫االمام مالك‪ ،‬المدونة(‪ ،)450/1‬الدردير‪ ،‬الشرح الكبير (‪.)115/2‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫‪112‬‬
‫وقد استدلوا على ذلك بما يأتي‪:‬‬

‫الدليل األول‪ :‬عموم قول هللا تعالى‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ‬

‫ﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤ‬
‫‪1‬‬
‫ﲥ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﱠ‪.‬‬
‫ﲦ‬

‫‪2‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬البقاء على ما تقتضيه عموم اآلية من تحليل ما عدا المذكور تحريمه فيها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ونوقش‪ :‬أن اآلية نزلت بمكة قبل الهجرة‪ ،‬قال ابن عبد البر‪ :‬أجمعوا على أن سورة األنعام مكية‪،‬‬

‫وقد قصد بها الرد على أهل الجاهلية في تحريم البحيرة‪ 4،‬والسائبة‪ 5،‬والوصيلة‪ 6،‬والحامي‪ 7،‬ثم بعد‬

‫ذلك حرمت أمور كثيرة بأحاديث مخصصة لآلية كالحمر األنسية‪ ،‬ولحوم البغال‪ ،‬وكل ذي ناب‬
‫‪8‬‬
‫من السباع وكل ذي مخلب من الطير‪.‬‬

‫الدليل الثاني‪ :‬أن األصل في األطعمة الحل واإلباحة‪ ،‬وال يحرم منها إال ما دل الدليل على‬
‫‪9‬‬
‫تحريمه‪.‬‬

‫يناقش‪ :‬الدليل الصحيح الثابت دل على تحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير كما في‬

‫الحديث الثابت الذي رواه ابن عباس وغيره‪.‬‬

‫سورة األنعام‪ ،‬أية (‪.)145‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪)2‬ابن رشد‪ ،‬البيان والتحصيل (‪.)377/3‬‬


‫(‪)3‬النمري‪ ،‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد (‪.)146/1‬‬
‫البحيرة‪ :‬التي يمنح درها للطواغيت‪ ،‬فال يحلبها أحد‪ ،‬انظر‪ :‬تفسير الطبري (‪.)133/11‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫السائبة‪ :‬التي كانت تسيب فال يحمل عليها شيء‪ .‬انظر‪ :‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫الوصوويلة‪ :‬الناقووة البكوور تبتكوور أول انتاجهووا بووأنثى‪ ،‬ثووم تثنووي بعوود بووأنثى‪ ،‬وكووانوا يسوومونها للطواغيووت‪ ،‬يوودعونها الوصوويلة‪ ،‬أن‬ ‫(‪)6‬‬

‫وصلت أخواتها إحداهما بأخرى‪ ،‬انظر‪ :‬المرجع السابق‪.‬‬


‫الحوامي‪ :‬فحول اإلبوول يضورب العشوور مون اإلبوول‪ ،‬فوإذا نقووض ضورابة يدعونوه للطواغيووت‪ ،‬وأعفووه موون الحمول فلووم يحملووا عليووه‬ ‫(‪)7‬‬

‫شيئاً‪ ،‬وسموه (الحامي)‪ ،‬انظر‪ :‬المرجع السابق‪.‬‬


‫(‪)8‬العبدري‪ ،‬التاج واإلكليل لمختصر خليل (‪ ،)356/4‬النووي‪ ،‬المجموع(‪ ،)17/9‬ابن قداموة‪ ،‬الشرح الكبيار علاى ماتن المقناع‬
‫(‪.)70/11‬‬
‫(‪)9‬ابن رشد‪ ،‬البيان والتحصيل(‪.)377/3‬‬
‫‪113‬‬
‫‪1‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬من جهة القياس‪ :‬أن هذا طائر‪ ،‬فلم يكون حراماً‪ ،‬كالدجاج واإلوز‪.‬‬

‫يناقش‪ :‬بأن القياس ال يكون إال عند عدم النص‪ ،‬وقد وجد الدليل المحرم ألكل ذوات المخلب من‬

‫الطير‪ ،‬كما ثبت في األحاديث السابقة‪.‬‬

‫الترجيح‪ :‬مما تقدم ذكره من األدلة والمناقشات يظهر أن الراجح ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬هو ما ذهب إليه‬

‫جمهور أهل العلم من القول بتحريم ذوات المخالب من الطير‪ ،‬وذلك لصحة استداللهم لما صح‬
‫عن النبي صلى هللا عليه وسلم في تحريم كل ذي مخلب من الطير‪ ،‬ووضوح الداللة منها‪،‬‬
‫ولمناقشة ما استدل به أصحاب القول الثاني القائلين باإلباحة‪ ،‬وبهذا يكون حكم صيد الطيور‬

‫الجارحة لألكل محرماً بالنص الثابت عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وال يجوز إمساكها ألكلها‪.‬‬

‫فإن العلماء اتّفقوا من أعيانها على أربعة‪ :‬ميتة‬


‫النجاسات‪ّ ،‬‬
‫أما أنواع ّ‬
‫قال ابن رشد‪( :‬و ّ‬
‫الدم‬
‫بأي سبب اتّفق أن تذهب حياته‪ ،‬وعلى ّ‬‫بمائي‪ ،‬وعلى لحم الخنزير ّ‬ ‫الدم اّلذي ليس‬
‫الحيوان ذي ّ‬
‫ّ‬
‫الميت إذا كان مسفوحا أعني‪ :‬كثي اًر وعلى‬
‫الحي أو ّ‬ ‫نفسه من الحيوان اّلذي ليس بمائي انفصل من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫المحدثين)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بول ابن آدم ورجيعه‪ ،‬وأكثرهم على نجاسة الخمر‪ ،‬وفي ذلك خالف عن بعض‬
‫وتفصيل هذه المحرمات المتعلقة بالطيور كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬الميتة‪:‬‬

‫أول ما ذكرته اآليات من محرمات األطعمة هو‪( :‬الميتة)‪ ،‬وهي ما مات حتف أنفه من‬
‫الحيوان والطير‪ ،‬أي‪ :‬ما مات بدون عمل من اإلنسان‪ ،‬يقصد به تذكيته أو صيده‪.‬‬

‫وقد يتساءل الذهن العصري عن الحكمة في تحريم الميتة على اإلنسان‪ ،‬وإلقائها دون أن‬
‫ينتفع بأكلها‪ ،‬ونجيب على ذلك بأن في تحريمها حكما جلية منها‪:‬‬

‫أ‪ .‬أن الطبع السليم يعافها ويستقذرها‪ ،‬والعقالء في مجموعهم يعدون أكلها مهانة‪ ،‬تنافي كرامة‬

‫المذكى‪ ،‬وإن اختلفت‬


‫ّ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ولذا نرى أهل الملل الكتابية جميعا يحرمونها‪ ،‬وال يأكلون إال‬
‫طريقة التذكية‪.‬‬

‫(‪)1‬التجيبي‪ ،‬المنتقي شرح الموطأ (‪.)132/3‬‬


‫ابن رشد‪ ،‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد (‪.)83/1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪114‬‬
‫ب‪ .‬أن يتعود المسلم القصد واإلرادة في أموره كلها‪ ،‬فال يحرز شيئا أو ينال ثمرة‪ ،‬إال بعد أن‬

‫يوجه إليه نيته وقصده وسعيه‪ ،‬ذلك أن معنى التذكية التي تخرج الحيوان عن كونه ميتة‬
‫إنما هو‪ :‬القصد إلى إزهاق روح الحيوان ألجل أكله‪ ،‬وكأن هللا تعالى لم يرض لإلنسان أن‬
‫المذكى والمصيد‪ ،‬فإنهما ال‬
‫ّ‬ ‫يأكل ما لم يقصده ولم يفكر فيه كما هو الشأن في الميتة فأما‬

‫يؤخذان إال بقصد وسعي وعمل‪.‬‬

‫ج‪ .‬أن ما مات حتف أنفه يغلب أن يكون قد مات لعلة مزمنة أو طارئة أو أكل نبات سام أو‬
‫نحو ذلك‪ ،‬وكل ذلك ال يأمن ضرره‪ ،‬ومثل هذا إذا‪ :‬مات من شدة الضعف وانحالل‬

‫الطبيعة‪.‬‬

‫د‪ .‬أن هللا تعالى بتحريم الميتة علينا نحن بني اإلنسان قد أتاح بذلك فرصة للحيوانات‬
‫والطيور‪ ،‬لتتغذى منها‪ ،‬رحمة منه تعالى بها‪ ،‬ألنها أمم أمثالنا‪ ،‬كما نطق القرآن‪ ،‬وهذا‬
‫أوضح ما يكون في الفلوات واألماكن التي ال توارى فيها ميتة الحيوان‪.‬‬

‫ه‪ .‬أن يحرص اإلنسان على ما يملكه من الحيوان‪ ،‬فال يدعه فريسة للمرض والضعف حتى‬
‫‪1‬‬
‫يموت فيتلف عليه‪ ،‬بل يسارع بعالجه‪ ،‬أو يعجل بإراحته‪.‬‬

‫وقد فصل سبحانه بعد ذلك فذكر أنواع من الميتة كما جاء في سورة المائدة ﭧﭐﭨﭐ‬
‫ﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ‬

‫ﱜﱞ‬
‫ﱝ‬ ‫ﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛ‬

‫ﱩﱫﱬﱭﱮﱯ‬
‫ﱪ‬ ‫ﱟﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨ‬
‫ﱠ‬

‫ﱵﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿ‬
‫ﱶ‬ ‫ﱰﱱﱲﱳﱴ‬

‫ﲀ ﲁ ﱠ والسر في تحريم هذه األشياء ما يلي‪( :‬فالميتة و ّ‬


‫‪2‬‬
‫ألنهما نجسان‪ ،‬والخنزير‬
‫الدم ّ‬

‫ألنه حيوان مسد بصورته قوم (وما أهل لغير هللا به) (وما ذبح على النصب) يعني األصنام قطعاً‬
‫ّ‬
‫الشرك‪ ،‬وألن قبح الفعل يسري في المفعول به و(المنخنقة) وهي اّلتي تخنق فتموت‬
‫لدابر ّ‬

‫القرضاوي‪ ،‬الحالل والحرام‪ ،‬ص‪.56‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة المائدة اآلية ‪.3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪115‬‬
‫(والمتردية) وهي اّلتي تقع من األعلى إلى األسفل‪( ،‬والنطيحة) وهي اّلتي قتلت نطحاً بالقرون (وما‬

‫الروح باستعمال المحدد في حلقه‬


‫طيب بما قصد إزهاق ّ‬
‫ألنه ضبط المذبوح ال ّ‬
‫السبع) فبقي منه ّ‬
‫أكل ّ‬
‫أو لبته فجر ذلك إلى تحريم هذه األشياء‪.‬‬

‫الدم المسفوح ينتشر فيه ويتنجس جميع البدن ( ّإال ما ذكيتم) أي وجدتموه قد‬
‫وأيضا فإن ّ‬
‫‪1‬‬
‫مستقرة فذبحتموه فكان إزهاق روحه بالذبح‪.)...‬‬
‫ّ‬ ‫أصيب ببعض هذه األشياء‪ ،‬وفيه حياة‬

‫ومن أنواع الميتة‪:‬‬

‫‪ -1‬المنخقة‪ :‬وهي التي تموت اختناقاً‪ ،‬بأن يلتف وثاقها على عنقها‪ ،‬أو تدخل رأسها في‬

‫مضيق أو نحو ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬الموقوذة‪ :‬وهي التي تضرب بالعصا ونحوها حتى تموت‬

‫‪ -3‬المتردية‪ :‬وهي التي تتردى من مكان عال‪ ،‬فتموت‪ ،‬ومثلها التي تتردى في بئر‪.‬‬

‫‪ -4‬النطيحة‪ :‬وهي التي تنطحها أخرى‪ ،‬فتموت‪.‬‬

‫‪ -5‬ما أكل السبع‪ :‬وهي التي أكل السبع الحيوان المفترس جزءاً منها فماتت‪.‬‬

‫‪ -2‬ما أهل به لغير هللا‪:‬‬

‫ومن المحرمات ما أهل به أي قصد به غير وجه هللا عز وجل وهو شامل للحيوانات‬
‫والطيور وغيرها من النذور وغير ذلك مما كان أهل الجاهلية يفعلونه ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲉ ﲊ ﲋ‬

‫ﲖﲘﲙ‬
‫ﲗ‬ ‫ﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕ‬

‫ﲦ ﲨ ﲩ‬
‫ﲧ‬ ‫ﲞ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ‬
‫ﲟ‬ ‫ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ‬

‫ﲪﱠ‪. 2‬‬

‫شاه ولي هللا الدهلوي‪ ،‬حجة هللا البالغة‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت –لبنان‪ ،‬ط‪1426 ،1‬هو‪2005-‬م ‪.282/2‬‬ ‫‪1‬‬

‫األنعام‪136 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪116‬‬
‫أهل به لغير هللا"‪ ،‬فإنه يعني به‪ :‬وما ذبح لآللهة‬
‫قال ابن جرير الطبري‪ :‬وأما قوله‪" :‬وما ّ‬
‫واألوثان يسمى عليه بغير اسمه‪ ،‬أو قصد به غيره من األصنام‪.‬‬

‫قربوه آللهتهم‪ ،‬سموا اسم آلهتهم التي‬


‫أهل به"‪ ،‬ألنهم كانوا إذا أرادوا ذبح ما ّ‬
‫وإنما قيل‪" :‬وما ّ‬

‫قربوا ذلك لها‪ ،‬وجهروا بذلك أصواتهم‪ ،‬فجرى ذلك من أمرهم على ذلك‪ ،‬حتى قيل لكل ذابح‪ّ ،‬‬
‫سمى‬

‫مهل"‪ ،‬فرفعهم أصواتهم بذلك هو "اإلهالل" الذي ذكره هللا‬


‫يسم‪ ،‬جهر بالتسمية أو لم يجهر‪ّ ":‬‬
‫أو لم ّ‬
‫مهل"‪،‬‬
‫للملبي في حجة أو عمرة " ّ‬‫تعالى فقال‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﱠ‪ ،‬ومن ذلك قيل ّ‬
‫لرفعه صوته بالتلبية‪ ،‬ومنه "استهالل" الصبي‪ ،‬إذا صاح عند سقوطه من بطن أمه‪" ،‬واستهالل"‬
‫‪1‬‬
‫المطر‪ ،‬وهو صوت وقوعه على األرض‪.‬‬

‫الض ّحاك‬
‫ُ يعني ما ذبح لألصنام‪ ،‬وهو قول مجاهد‪ ،‬و ّ‬ ‫قال الرازي‪ :‬وما ّ‬
‫أهل به لغير ّ‬
‫أشد‬
‫ألنه ّ‬
‫ُ‪ ،‬وهذا القول أولى‪ّ ،‬‬
‫الربيع بن أنس وابن زيد‪ :‬يعني ما ذكر عليه غير اسم ّ‬
‫وقتادة‪ ،‬وقال ّ‬
‫ُ صار‬
‫قرب إلى غير ّ‬
‫أن مسلما ذبح ذبيحة‪ ،‬وقصد بذبحها التّ ّ‬
‫مطابقة لّلفظ‪ ،‬قال العلماء‪ :‬لو ّ‬
‫فتحل‬
‫ّ‬ ‫أما ذبائح أهل الكتاب‪،‬‬
‫مر ّتدا وذبيحته ذبيحة مر ّتد‪ ،‬وهذا الحكم في غير ذبائح أهل الكتاب‪ّ ،‬‬
‫لنا‪ 2‬لقوله تعالى‪ :‬ﱡﭐﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱﱠ‪ ،‬ويذكر االمام الرازي مسألة ذبيحة‬

‫أن المراد بذلك ذبائح عبدة األوثان اّلذين‬


‫الناس من زعم ّ‬
‫الكتابي وأقوال العلماء فيها فيقول‪ :‬من ّ‬
‫النصراني إذا‬
‫ّ‬ ‫كانوا يذبحون ألوثانهم‪ ،‬كقوله تعالى‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱠ‪ ،3‬وأجازوا ذبيحة‬
‫ّ‬
‫المسيب‪ ،‬وقال‬ ‫الشعبي وسعيد بن‬ ‫سمى عليها باسم المسيح‪ ،‬وهو مذهب عطاء ومكحول والحسن و‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الحجة فيه ّأنهم إذا ذبحوا على اسم المسيح فقد‬
‫يحل ذلك و ّ‬
‫افعي وأبو حنيفة وأصحابه ال ّ‬ ‫مالك والش‬
‫ّ ّ‬
‫ُ‪ ،‬فوجب أن يحرم‪.‬‬‫أهّلوا به لغير ّ‬
‫النصارى يهّلون‬
‫ُ عنه ّأنه قال‪ :‬إذا سمعتم اليهود و ّ‬
‫علي بن أبي طالب رضي ّ‬ ‫وروي عن‬
‫ّ‬
‫أحل ذبائحهم‪ ،‬وهو يعلم ما يقولون‪،‬‬
‫ُ تعالى قد ّ‬ ‫فإن ّ‬
‫ُ فال تأكلوا وإذا لم تسمعوهم فكلوا ّ‬
‫لغير ّ‬
‫األول‪ّ :‬أنه تعالى قال‪ :‬ﭐﱡﭐﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱﱠ‪.4‬‬
‫احتج المخالف بوجوه ّ‬
‫و ّ‬

‫الطبري‪ ،‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن ‪.217/3‬‬ ‫‪1‬‬

‫فخر الدين الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير‪ ،‬دار إحياء التراث العربي –بيروت‪ ،‬ط‪1420 ،3‬هو‪.291/5 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة المائدة‪ ،‬رقم األية ‪.3‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة المائدة رقم اآلية ‪5‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪117‬‬
‫أن المراد بقوله‪"َ :‬وما‬
‫فدل على ّ‬
‫النصب" ّ‬‫عام‪ ،‬الثّاني‪ّ :‬أنه تعالى قال‪" :‬وما ذبح على ّ‬ ‫وهذا ّ‬
‫ُ تعالى و ّإنما‬‫سمى ّ‬‫اني إذا ّ‬‫النصر‬
‫أن ّ‬ ‫ُِ" ُه َو الم َرُاد ِبَقولِ ِه‪َ :‬وما ُذِب َح َعَلى ُّ‬
‫النصب ّ‬ ‫أ ُِه َّل ِب ِه لِ َغي ِر َّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ُ فكذلك ينبغي‬
‫يهل به لغير ّ‬
‫حل ذبيحته مع ّأنه ّ‬
‫يريد به المسيح فإذا كانت إرادته لذلك لم تمنع ّ‬
‫أن يكون حكمه إذا أظهر ما يضمره عند ذكر ّ‬
‫ُ وإرادته المسيح‪.‬‬

‫أهل به‬
‫عام وقوله‪ :‬وما ّ‬
‫حل لكم ّ‬
‫أن قوله‪ :‬وطعام اّلذين أوتوا الكتاب ّ‬
‫األول‪ّ :‬‬
‫والجواب عن ّ‬
‫النصب ال يقتضي‬
‫أن قوله‪ :‬وما ذبح على ّ‬
‫العام وعن الثّاني‪ّ :‬‬
‫مقدم على ّ‬
‫الخاص ّ‬
‫خاص و ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫لغير ّ‬
‫ألنهما آيتان متباينتان وال مساواة بينهما وعن الثّالث‪ّ :‬أنا ّإنما‬
‫ُ ّ‬ ‫أهل به لغير ّ‬
‫تخصيص قوله‪ :‬وما ّ‬
‫‪1‬‬
‫يحل‪ ،‬وال سبيل لنا إلى الباطن‪.‬‬
‫ُ وجب أن ّ‬
‫ظاهر ال بالباطن‪ ،‬فإذا ذبحه على اسم ّ‬
‫كّلفنا بال ّ‬

‫إذن فالراجح أن النصراني إذا سمى وسمع إهالله لغير هللا عند الذبح لم تؤكل ذبيحته‪ ،‬وإن‬
‫‪2‬‬
‫لم يسمع ذلك أكلت إعماال لقوله تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﱠ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حكم أكل الجاللة من الطيور‪.‬‬

‫ال شك أن الشريعة اإلسالمية راعت مصلحة اإلنسان ونفعه في الدنيا واآلخرة‪ ،‬فكما قال‬
‫الفقهاء إذا رأيت المصلحة فثم شرع هللا أي أن شرع هللا تعالى دائماً مع مصلحة ومنفعة‬
‫اإلنسان‪...‬ومن هذه األمور التي تظهر فيها المصلحة ما يتعلق بصحة اإلنسان‪ ،‬ومن هذا األمر‬

‫ما يتعلق بالجاللة‪ ،‬وهذا محور الحديث في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬معنى الجاللة‪:‬‬

‫فيتعين لحمها‪ ،‬ويكون لحمها منتنا فحرم‬


‫ّ‬ ‫الجاللة تعني اّلتي تعتاد أكل الجيف وال تخلط‬
‫‪3‬‬
‫الناس بنتنها‪...‬‬
‫ألنه من الخبائث‪ ،‬والعمل عليها لتأ ّذي ّ‬
‫األكل؛ ّ‬

‫النجاسات وتكون من اإلبل والبقر والغنم و ّ‬


‫الدجاج وقيل‬ ‫قال النووي‪ :‬هي الّتي تأكل العذرة و ّ‬
‫الصحيح اّلذي عليه الجمهور‬
‫طاهر أكثر فال و ّ‬
‫جاللة وإن كان ال ّ‬
‫النجاسة فهي ّ‬
‫إن كان أكثر أكلها ّ‬

‫المصدر السابق ‪200/5‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة المائدة رقم اآلية ‪.5‬‬ ‫‪2‬‬

‫السرخسي‪ ،‬المبسوط‪.255/11 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪118‬‬
‫فجاللة‬
‫النجاسة ّ‬
‫النتن فإن وجد في عرفها وغيره ريح ّ‬
‫بالرائحة و ّ‬
‫ّأنه ال اعتبار بالكثرة و ّإنما االعتبار ّ‬
‫‪1‬‬
‫و ّإال فال‪...‬‬

‫إذن فإن الجاللة هي التي تتعود على أكل الجيف والقاذورات ويؤثر ذلك على لحمها‪،‬‬
‫ويكون هذا األثر في رائحتها وغير ذلك‪ ،‬والجاللة تكون من اإلبل والغنم والبقر‪ ،‬كما تكون من‬

‫الطيور والدجاج وغير ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬حكم أكل الجاللة‪:‬‬

‫أما عن حكم أكل الجاللة فقد اختلفت وجهات نظر العلماء حول هذا األمر ما بين الحرمة‬

‫والكراهة وها هي مذاهبهم في ذلك‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬رأي الحنفية‪:‬‬

‫النبي‬ ‫الجاللة والعمل عليها‪ ،‬وتلك حالها إلى أن تحبس ّأياما لما روي أن‬
‫تكره لحوم اإلبل ّ‬
‫ّ ّ ّ‬
‫‪2‬‬
‫الجاللة ويعتمر‬
‫يحج على ّ‬ ‫الجاللة‪ ،))...‬وفي رواية أن ّ‬
‫السالم ((نهى عن أكل لحم ّ‬ ‫الصالة و ّ‬
‫عليه ّ‬
‫فيتعين لحمها‪ ،‬ويكون لحمها‬
‫ّ‬ ‫الجاللة اّلتي تعتاد أكل الجيف وال تخلط‬
‫عليها وينتفع بها» وتفسير ّ‬
‫أما ما يخلط فيتناول‬
‫الناس بنتنها‪ ،‬و ّ‬
‫ألنه من الخبائث‪ ،‬والعمل عليها لتأ ّذي ّ‬
‫منتنا فحرم األكل؛ ّ‬
‫الجيف وغير الجيف على وجه يظهر أثر ذلك من لحمه‪ ،‬فال بأس بأكله‪ ،‬والعمل عليه وعلى هذا‬
‫يتغير لحمها وال ينتن‪،‬‬
‫ألنها تخلط‪ ،‬وال ّ‬
‫الدجاجة وإن كانت تقع على الجيف؛ ّ‬
‫نقول‪ :‬ال بأس بأكل ّ‬
‫ُ عنه‪-‬‬
‫الحب فيها ال أن تتناول الجيف‪ ،‬وكان ابن عمر ‪-‬رضي ّ‬
‫ّ‬ ‫وقيل‪ :‬هي تنقش الجيف تبتغي‬
‫الصالة‬
‫بي ‪-‬عليه ّ‬ ‫الدجاج ألّنه يتناول الجيف‪ ،‬ولسنا نأخذ بهذا‪ ،‬وقد «صح أن الن‬
‫يكره أكل ّ‬
‫ّ ّ ّ ّ‬
‫ُ عليه‬
‫ُ ‪-‬صّلى ّ‬
‫الدجاج» ولو كان فيه أدنى خبث المتنع رسول ّ‬
‫السالم‪ -‬كان يأكل من لحم ّ‬
‫و ّ‬
‫ثم يذبحها‪ ،‬فذلك على سبيل التّ ّنزه‬ ‫وسّلم‪ -‬من تناوله‪ ،‬واّلذي روى ّأنه كان يحبس ّ‬
‫الدجاج ثالثة ّأيام ّ‬
‫الجاللة اّلتي ال‬
‫مما يخلط‪ ،‬و ّإنما يشترط ذلك في ّ‬ ‫من غير أن يكون ذلك شرطا في ّ‬
‫الدجاجة وغيرها ّ‬
‫تأكل ّإال الجيف‪ ،‬وفي الكتاب قال‪ :‬تحبس ّأياما على علف طاهر قيل‪ :‬ثالثة ّأيام‪ ،‬وقيل‪ :‬عشرة‬

‫النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب ‪.28/9‬‬ ‫‪1‬‬

‫رواه أبو داود باب في ركوب الجاللة‪ ،25/3 ،‬والترمذي باب ما جاء في أكل لحوم الجاللة وألبانها‪.27/4 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪119‬‬
‫ألن الحرمة لذلك‪ ،‬وهو شيء‬
‫الرائحة المنتنة عنها؛ ّ‬
‫ّأيام‪ ،‬واألصلح ّأنها تحبس إلى أن تزول ّ‬
‫المضر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بالزمان الختالف الحيوانات في ذلك فيصار فيه إلى اعتبار زوال‬
‫يتقدر ّ‬
‫محسوس‪ ،‬وال ّ‬
‫حل تناوله‪ ،‬والعمل عليه بعد ذلك‪.1....‬‬
‫طاهر ّ‬
‫فإذا زال بالعلف ال ّ‬

‫ثانيا‪ :‬رأي المالكية‪:‬‬

‫هناك بعض الخالف في المذهب إال أن الراجح في المذهب إباحتها( اختلف في الحيوان‬
‫النجاسة هل تنقله عن حكمه قبل أن يصيبها‪ ،‬فقيل هو على حكمه في األصل في أسآرها‬
‫يصيب ّ‬
‫وأعراقها ولحومها وألبانها وأبوالها‪ ،‬وقيل تنقله‪ ،‬وجميع ذلك نجس انتهى‪ ،‬ولم يتبع في حكايته‬

‫الجاللة قال في التّوضيح‪ :‬عنه‪ ،‬واتّفق العلماء على أكل ذوات الحواصل من‬
‫االتّفاق على إباحة ّ‬
‫الجاللة منها وشرب ألبانها لما روي عنه ‪-‬‬
‫الجاللة‪ ،‬واختلفوا في ذوات الكرش فكره جماعة أكل ّ‬
‫ّ‬
‫أن أكل‬
‫الجاللة وألبانها»‪ ،‬وال خالف في المذهب في ّ‬
‫السالم ‪ّ -‬أنه «نهى عن لحوم ّ‬
‫الصالة و ّ‬
‫عليه ّ‬
‫بالنجاسة حالل جائز‪ ،‬و ّإنما اختلفوا في األلبان واألبوال‪.2)...‬‬
‫طير اّلذي يتغ ّذى ّ‬
‫لحم الماشية وال ّ‬

‫ثالثا‪ :‬رأي الشافعية‪:‬‬

‫قال النووي‪ :‬ويكره أكل الجاللة وهى التي أكثر أكلها العذرة من ناقة أو بقرة أو شاة أو‬

‫ُ عليه وسّلم نهى عن‬ ‫بي صّلى ّ‬ ‫ُ عنهما (أن الن‬


‫ّ ّ ّ‬ ‫عباس رضي ّ‬ ‫ديك أو دجاجة لما روى ابن ّ‬
‫ألبان الجاللة)‪ ،‬وال يحرم أكلها ألنه ليس فيه أكثر من تغير لحمها وهذا ال يوجب التحريم فان أطعم‬

‫الجاللة طعاماً طاه اًر وطاب لحمها لم يكره لما روي عن ابن عمر رضي ّ‬
‫ُ عنهما قال تعلف‬
‫الجاللة علفاً طاه اًر ان كانت ناقة أربعين يوماً وان كانت شاة سبعة أيام وان كانت دجاجة فثالثة‬
‫النتن فإن وجد‬
‫بالرائحة و ّ‬
‫الصحيح اّلذي عليه الجمهور ّأنه ال اعتبار بالكثرة و ّإنما االعتبار ّ‬
‫أيام)‪ ،‬و ّ‬
‫الجاللة فهو مكروه بال خالف وهل‬
‫تغير لحم ّ‬
‫فجاللة و ّإال فال وإذا ّ‬
‫النجاسة ّ‬
‫في عرفها وغيره ريح ّ‬
‫أصحهما) عند الجمهور‬
‫اسانيين ( ّ‬
‫هي كراهة تنزيه أو تحريم فيه وجهان مشهوران في طريقة الخر ّ‬
‫الروياني وغيره من المعتمدين ّأنه كراهة تنزيه قال‬ ‫وصححه‬ ‫اقيين‬
‫المصنف وجمهور العر ّ‬
‫ّ‬ ‫وبه قطع‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫صححه األكثرون‪.‬‬
‫افعي ّ‬‫الر‬
‫ّ ّ‬
‫‪1‬السرخسي‪ ،‬المبسوط‪.132/11 ،‬‬
‫الحطاب‪ ،‬مواهب الجليل في شرح مختصر خليل‪.229/2 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪120‬‬
‫البغوي‬
‫الي و ّ‬ ‫وصححه اإلمام والغز‬
‫ّ‬ ‫(والثّاني) كراهة تحريم قاله أبو إسحاق المروز ّي والقّفال‬
‫ّ‬
‫الرائحة فان قلت‬
‫الرائحة من ّ‬‫النجاسة بتمامها أو قربت ّ‬ ‫وقيل هذا الخالف فيما إذا وجدت رائحة ّ‬
‫‪1‬‬
‫الرائحة الموجودة لم تضر قطعا‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬رأي الحنابلة‪:‬‬

‫المجرد"‪ :‬هي‬
‫الجاللة وألبانها‪ .‬قال القاضي‪ ،‬في " ّ‬
‫جاء في المغني‪ :‬قال أحمد‪ :‬أكره لحوم ّ‬
‫النجاسة‪ ،‬حرم لحمها ولبنها‪ .‬وفي بيضها روايتان‪ ،‬وإن كان‬
‫اّلتي تأكل القذر‪ ،‬فإذا كان أكثر علفها ّ‬
‫طاهر‪ ،‬لم يحرم أكلها وال لبنها‪.‬‬
‫أكثر علفها ال ّ‬

‫الجاللة بكون أكثر علفها ّ‬


‫النجاسة‪ ،‬لم نسمعه عن أحمد‪ ،‬وال هو ظاهر كالمه‪،‬‬ ‫وتحديد ّ‬
‫لكن يمكن تحديده بما يكون كثي اًر في مأكولها‪ ،‬ويعفى عن اليسير‪ ،‬وقال الّليث‪ّ :‬إنما كانوا يكرهون‬
‫ّ‬
‫الجاللة روايتان؛‬
‫ّ‬ ‫الرجيع وما أشبهه‪ ،‬وقال ابن أبي موسى‪ :‬في‬
‫الجاللة اّلتي ال طعام لها ّإال ّ‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫محرمة‪.‬‬
‫محرمة‪ ،‬والثّانية‪ّ ،‬أنها مكروهة غير ّ‬
‫إحداهما‪ّ ،‬أنها ّ‬

‫‪ -3‬السبب في هذا الخالف‪:‬‬

‫النجاسة ‪-‬فاختلفوا في أكلها‪ .‬وسبب اختالفهم‬


‫الجاللة‪ ،‬وهي اّلتي تأكل ّ‬
‫أما ّ‬‫قال ابن رشد‪ :‬و ّ‬
‫الجاللة‬
‫السالم‪ -‬نهى عن لحوم ّ‬ ‫معارضة القياس لألثر‪ ،‬أ ّما األثر فما روي « ّأنه ‪-‬عليه ّ‬
‫الصالة و ّ‬
‫‪3‬‬
‫أن ما يرد جوف الحيوان ينقلب إلى لحم ذلك الحيوان‬
‫أما القياس المعارض لهذا فهو ّ‬
‫وألبانها»‪ .‬و ّ‬
‫إن لحم الحيوان حالل ‪ -‬وجب أن يكون لما ينقلب من ذلك حكم ما ينقلب‬
‫وسائر أجزائه‪ ،‬فإذا قلنا‪ّ :‬‬
‫الجاللة‪ ،‬ومالك‬
‫ّ‬ ‫يحرم‬
‫افعي ّ‬ ‫الدم لحماً‪ ،‬والش‬
‫إليه‪ ،‬وهو الّلحم‪ ،‬كما لو انقلب ترابا‪ ،‬أو كانقالب ّ‬
‫ّ ّ‬
‫يكرهها‪.4....‬‬

‫النووي المجموع شرح المهذب ‪.28/9‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني‪.413/9 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫أخرجه أبو داود وابن ماجه عن ابن عمر‪ .‬قال األلباني حديث صحيح‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪3‬‬

‫ابن رشد‪ ،‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪.18/3 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪121‬‬
‫القول الراجح‪:‬‬

‫بعد النظر في أقوال العلماء رحمهم هللا تبين أن العلماء ما بين كاره ألكل لحوم الجاللة أو‬
‫محرم لها‪ ،‬وكلهم أجمعوا أنها إذا حبست بعيدة عن العذرة زمنا وعلفت شيئا طاه ار فطاب لحمها‬
‫وذهب اسم الجاللة عنها حلت‪ ،‬ألن علة النهي التغيير قد زالت فتطهر حينئذ وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫حكم التداوي بالطيور‬

‫المطلب األول‪ :‬حكم التداوي بالطيور المباحة أكلها‪:‬‬

‫من المعلوم أن المرض والعافية كل ذلك بقدر هللا عز وجل‪ ،‬وأن المرض من البالءات‬

‫التي يكفر هللا بها من خطايا اإلنسان‪ ،‬ولكن هللا الذي أنزل الداء أنزل لكل داء دواء‪.‬‬

‫وحقيقة الطب التمسك بطبائع األدوية الحيوانية والنباتية أو المعدنية والتصرف في األخالط‬
‫نقصاً وزيادة والقواعد الملية تصححه إذ ليس فيه شائبة شرك وال فساد في الدين والدنيا بل فيه نفع‬

‫كثير وجمع لشمل الناس "ويجوز التداوي" لما أخرجه مسلم وغيره من حديث جابر أن النبي صلى‬
‫هللا تعالى عليه وآله وسلم قال‪" :‬لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء بريء بإذن هللا" وأخرج‬
‫البخاري وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى هللا تعالى عليه وآله وسلم قال‪" :‬ما أنزل هللا‬
‫من داء إال أنزل له شفاء" وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه أيضاً ابن خزيمة‬
‫والحاكم من حديث أسامة "قالت األعراب يا رسول هللا‪ :‬أال نتداوى؟ قال‪" :‬نعم عباد هللا تداووا فإن‬
‫هللا لم يضع داء إال وضع له شفاء إال داء واحدا" قالوا يا رسول هللا ما هو؟ قال‪" :‬الهرم" وأخرج‬

‫أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه من حديث أبي خزامة قال‪" :‬قلت يا رسول هللا‪ :‬أرأيت رقى‬
‫نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها هل ترد من قدر هللا شيئا؟ قال‪ :‬هي من قدر هللا" قلت‪ :‬وعلى‬
‫هذا اتفق المسلمون ال يرون به بأساً‪.1...‬‬

‫وقد يستخدم في هذا الدواء الطيور المباح أكلها كاللحوم واأللبان والبيض وغير ذلك ال‬
‫أن نف اًر من عكل ثمانية قدموا‬
‫شك أن هذا جائز والدليل على ذلك ما جاء عن أنس بن مالك « ّ‬
‫ُ عليه وسّلم‪ -‬فبايعوه على اإلسالم‪ ،‬فاستوخموا األرض وسقمت‬
‫ُ ‪-‬صّلى ّ‬
‫على رسول ّ‬
‫ُ عليه وسّلم‪ -‬فقال‪ :‬أال تخرجون مع راعينا في إبله‬
‫ُ ‪-‬صّلى ّ‬
‫أجسامهم‪ ،‬فشكوا ذلك إلى رسول ّ‬
‫‪2‬‬
‫الراعي وطردوا اإلبل»‪.‬‬
‫فصحوا‪ ،‬فقتلوا ّ‬
‫ّ‬ ‫فتصيبون من أبوالها وألبانها‬

‫صديق حسن خان‪ ،‬الروضة الندية شرح الدرر البهية‪.228/2 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب الوضوء‪ ،‬باب أبوال اإلبل وألبانها‪ ،56/1 ،‬ومسلم باب حكم المحاربين والمرتدين ‪.1296/3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪123‬‬
‫صحت‬
‫السقم اّلذي كان أصابهم‪ ،‬و ّأنهم ّ‬
‫الدواء من ّ‬
‫قال ابن حزم ‪-‬أمرهم بذلك على سبيل ّ‬
‫أجسامهم بذلك‪ ،‬والتّداوي بمنزلة ضرورة‪ ،‬وقد ﭧﭐﭨﭐ ﭐﱡﭐﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ‬
‫‪2‬‬
‫محرم عليه من المأكل والمشرب‪.‬‬
‫اضطر المرء إليه فهو غير ّ‬
‫ّ‬ ‫ﱒ ﱓﱠ‪ 1‬فما‬

‫وعلى هذا فإن التداوي بالطيور وكذلك الحيوانات المحلل أكلها جائز شرعا سواء استخدم‬

‫في هذا الدواء شيء من لحم الطائر أو عظمه أو لبنه أو غير ذلك أو تحول إلى زيت أو روائح‬
‫فكل ذلك جائز ال شيء فيه وهللا أعلم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حكم التداوي بالطيور المحرم أكلها‪.‬‬

‫أما التداوي بالطيور المحرم أكلها مثل ما يستخرج من ميتة‪ ،‬أو من حيوان محرم األكل‪،‬‬
‫كالخنزير‪ ،‬فاألصل أنه ال يجوز التداوي بشيء محرم‪ ،‬ولكن هناك تفصيل سيأتي بعد ذلك‪.‬‬

‫محرم‪ ،‬مثل ألبان األتن‪ ،‬ولحم شيء من‬


‫بمحرم‪ ،‬وال بشيء فيه ّ‬
‫ّ‬ ‫قال ابن قدامة‪ :‬وال يجوز التّداوي‬

‫ُ عليه وسلم ذكر‬


‫بي صلى ّ‬ ‫المحرمات‪ ،‬وال شرب الخمر للتّداوي به؛ لما ذكرنا من الخبر؛ وألن الن‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫ولكنه داء»‪.‬‬
‫للدواء فقال‪ّ « :‬إنه ليس بدواء ّ‬
‫النبيذ يصنع ّ‬
‫له ّ‬

‫ولكن إن تمت معالجته؛ حتى تحول إلى مادة أخرى قبل إضافتها إلى األدوية‪ ،‬فإن الراجح‬

‫من أقوال أهل العلم أنها تطهر‪ ،‬ويجوز استعمالها‪ ،‬أما إذا لم تحصل معالجتها‪ ،‬أو حصلت‪ ،‬لكنها‬
‫لم تحولها إلى مادة أخرى‪ ،‬فإنها تبقى على أصلها‪ ،‬وهو النجاسة‪ ،‬وحرمة االستعمال‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫مجهولة الحال‪ ،‬أو المصدر‪ ،‬فالظاهر أنها مباحة؛ لعموم البلوى‪ ،‬وجهالة األصل؛ وألن أغلب هذه‬

‫المواد المصنعة تكون قد جرى عليها معالجة‪ ،‬حتى تتحول عن أصلها‪.‬‬

‫سورة األنعام اآلية ‪.119‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن حزم‪ ،‬المحلى باآلثار‪.175/1 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المغني البن قدامة ‪ .423/9‬والحديث أخرجه مسلم‪ ،‬باب التداوي بالخمر‪.1571/3 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪124‬‬
‫وقد ناقشت الندوة الفقهية الطبية التاسعة موضوع‪ :‬االستحالة‪ ،‬والمواد اإلضافية في الغذاء‬

‫والدواء‪ ،‬وخلصت إلى أن المواد اإلضافية في الغذاء والدواء‪ ،‬التي لها أصل نجس‪ ،‬أو محرم‪،‬‬
‫تنقلب إلى مواد مباحة شرعاً بإحدى طريقتين‪:‬‬

‫‪ -1‬االستحالة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -2‬االستهالك‪.‬‬

‫ولكن قد توجد ضرورة في استخدام هذا الدواء‪ ،‬ومن المعلوم أن الضرورات تبيح‬
‫المحظورات‪ ،‬أما ضرورة الدواء بأن يتوقف برؤه على تناول شيء من هذه المحرمات فقد اختلف‬

‫في اعتبارها الفقهاء‪ ،‬فمنهم من لم يعتبر التداوي ضرورة قاهرة كالغذاء‪ ،‬واستند كذلك إلى األثر (إن‬
‫حرم عليكم)‪ 2،‬ومنهم من اعتبر هذه الضرورة‪ ،‬وجعل الدواء كالغذاء‪،‬‬
‫هللا لم يجعل شفاءكم فيما ّ‬
‫فكالهما الزم للحياة في أصلها أو دوامها‪ ،‬وقد استدل هذا الفريق على إباحة هذه المحرمات‬

‫للتداوي بأن النبي صلى هللا عليه وسلم ّ‬


‫رخص في لبس الحرير لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن‬
‫لحكة (جرب) كانت بهما‪ 3.‬مع نهيه عن لبس الحرير‪ ،‬ووعيده عليه‪ ،‬وربما‬
‫العوام رضي هللا عنهما ّ‬
‫كان هذا القول أقرب إلى روح اإلسالم الذي يحافظ على الحياة اإلنسانية في كل تشريعاته‬

‫ووصاياه‪ ،‬ولكن الرخصة في تناول الدواء المشتمل على محرم‪ ،‬مشروطة‪.‬‬

‫بشروط‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون هناك خطر حقيقي على صحة اإلنسان إذا لم يتناول هذا الدواء‪.‬‬

‫‪ -2‬أال يوجد دواء غيره من الحالل يقوم مقامه أو يغني عنه‪ ،‬وقد اتفق العلماء على إباحة‬
‫الح ارم للمضطر ولم يختلف منهم أحد‪.‬‬

‫من فتاوي موقع نداء االسالم على شبكة المعلومات الدولية المفتي‪ :‬اللجنة الدائمة للدعوة واالرشاد بالسعودية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫هذا األثر روي عن ابن مسعود رواه البخاري باب شراب الحلواء والعسل ‪110/7‬‬ ‫‪2‬‬

‫أخرجه مسلم عن أنس كتاب اللباس والزينة‪ ،‬باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كانت به حكة ‪ ،2646/3‬وأحمد ‪.227/20‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪125‬‬
‫‪ -3‬أن يصف ذلك طبيب مسلم‪ ،‬ثقة في خبرته وفي دينه معاً‪ ،‬على أنا نقول مما نعرفه من‬

‫الواقع التطبيقي‪ ،‬ومن تقرير ثقات األطباء‪ :‬أن ال ضرورة طبية تحتم تناول شيء من هذه‬
‫المحرمات كدواء ولكننا نقرر المبدأ احتياطا لمسلم‪ ،‬قد يكون في مكان‪ ،‬ال يوجد فيه إال‬
‫‪1‬‬
‫هذه المحرمات‪.‬‬

‫إذن فإن التداوي بالطيور الحالل أكلها جائز فما أحل أكله‪ ،‬فمن األولى جواز التداوي به‪،‬‬
‫أما ما حرم أكله فال يجوز التداوي به إال عند الضرورة والضرورة تقدر بقدرها وهللا أعلم‪.‬‬

‫يوسف القرضاوي‪ ،‬الحالل والحرام ص‪.64 ،65‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪126‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫أحكام عامة في الطيور‬

‫المبحث األول‪ :‬تربية الطيور‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المسابقات المتعلقة بالطيور‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الطيور المذكورة في الكتاب والسنة وخصائصها‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫المبحث األول‬

‫تربية الطيور‬

‫المطلب األول‪ :‬حبس الطيور‪:‬‬

‫لقد أنعم هللا تعالى على اإلنسان بنعم كثيرة ال تحصى وال تعد‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱇ ﱈ‬

‫ﱌ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱠ‪.1‬‬
‫ﱍ‬ ‫ﱉﱊﱋ‬

‫ومن هذه النعم أن سخر الكثير من الكائنات الحية لإلنسان‪ ،‬للقيام على خدمته من أجل‬
‫أداء الرسالة التي كلفه هللا تعالى بها‪ ،‬وهي إعمار هذا الكون‪ ،‬وتحقيق العبودية هلل تعالى فيه‪ ،‬ومن‬
‫هذه الكائنات الطيور فقد سخرها هللا لإلنسان ليستفيد من لحمها وخيرها‪ ،‬كما أنها من طعام أهل‬
‫الجنة‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱠ‪ 2،‬وقد سبق الحديث عن‬

‫بعض أحكام الطيور‪ ،‬ومن المعلوم أن هذه الطيور أمم وهي أرواح يجب التعامل معها برحمة ورأفة‬
‫فال يجوز تعذيبها بأي لون من ألوان العذاب‪ ،‬كما ال يجوز حبسها بدون توفير الطعام والشراب لها‬
‫ال‪ِ « :‬في ُك ِّل َكِبٍد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقد سئل صلى هللا عليه وسلم فقيل‪ :‬يا رسول َّ ِ‬
‫ُ‪َ ،‬وإِ َّن َل َنا في َ‬
‫الب َهائ ِم أَج اًر؟ َق َ‬ ‫َ َُ َ‬
‫َرط َب ٍة أَجر»‪ 3،‬كما أخبرنا أن امرأة دخلت النار بسبب أنها حبست هرة (فال هي أطعمتها وال تركتها‬
‫‪4‬‬
‫تأكل من خشاش األرض)‪.‬‬

‫ومن المسائل المستجدة في هذا العصر موضوع حبس الطيور‪ ،‬وتقييد حريتها‪ ،‬ويكون ذلك‬
‫في البيوت‪ ،‬وما يصنع من أجل هذا الغرض‪ ،‬والذي ينظر لحديث النبي صلى هللا عليه وسلم عن‬
‫المرأة التي حبست الهرة يجد أنه لم يرتب عذاب المرأة على حبس الحيوان وانما رتبه على عدم‬

‫اطعامها وال سقيها‪ ،‬وال تركها تأكل بنفسها من خشاش األرض‪ ،‬وهذا يدل على أن اإلنسان لو‬
‫حبس الطير أو الحيوان ولم يعذبه ووفر له طعامه وشرابه فال شيء عليه‪ ،‬المهم أن يرفق به وال‬
‫يحرمه من الطعام والشراب‪.‬‬

‫سورة النحل اآلية ‪.18‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الواقعة اآلية ‪.21-20‬‬ ‫‪2‬‬

‫أخرجه البخاري‪ ،‬باب فضل سقي الماء‪ ،111/2 ،‬ومسلم باب فضل سقي البهائم المحترمة ‪.1761/4‬‬ ‫‪3‬‬

‫أخرجه البخاري‪ ،‬باب فضل سقي الماء‪ ،112/3 ،‬ومسلم باب تحريم قتل الهرة‪.1760/4 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪128‬‬
‫قال النووي‪ :‬عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار ال هي أطعمتها‬

‫وسقتها إذ حبستها وال هي تركتها تأكل من خشاش األرض في رواية ربطتها وفي رواية تأكل من‬
‫حشرات األرض معناه عذبت بسبب هرة ومعنى دخلت فيها أي بسببها وخشاش األرض بفتح الخاء‬
‫المعجمة وكسرها وضمها حكاهن في المشارق الفتح أشهر وروي بالحاء المهملة والصواب‬

‫المعجمة‪ :‬وهي هوام األرض وحشراتها كما وقع في الرواية الثانية وقيل المراد به نبات األرض وهو‬
‫ضعيف‪ ،‬أو غلط‪ ،‬وفي الحديث دليل لتحريم قتل الهرة وتحريم حبسها بغير طعام أو شراب‪ ،‬وأما‬
‫دخولها النار بسببها فظاهر الحديث أنها كانت مسلمة وإنما دخلت النار بسبب الهرة‪ ،‬وذكر‬

‫القاضي أنه يجوز أنها كافرة عذبت بكفرها وزيد في عذابها بسبب الهرة واستحقت ذلك لكونها‬
‫ليست مؤمنة تغفر صغائرها باجتناب الكبائر هذا كالم القاضي والصواب ما قدمناه أنها كانت‬
‫مسلمة وأنها دخلت النار بسببها كما هو ظاهر الحديث وهذه المعصية ليست صغيرة بل صارت‬
‫‪1‬‬
‫بإصرارها كبيرة وليس في الحديث أنها تخلد في النار‪.‬‬

‫ومن أهم مظاهر الرحمة ما أخبرنا بها النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أن الرحمة والشفقة‬
‫والرفق بأي شيء فيه روح أجر وثواب‪ ،‬ولهذا قال في كل كبد رطبة أجر معناه في اإلحسان إلى‬
‫كل حيوان حي بسقيه ونحوه أجر وسمي الحي ذا كبد رطبة ألن الميت يجف جسمه وكبده‪ ،‬ففي‬
‫هذا الحديث الحث على اإلحسان إلى الحيوان المحترم وهو ما ال يؤمر بقتله فأما المأمور بقتله‬
‫فيمتثل أمر الشرع في قتله والمأمور بقتله كالكافر الحربي والمرتد والكلب العقور والفواسق الخمس‬
‫المذكورات في الحديث وما في معناهن وأما المحترم فيحصل الثواب بسقيه واإلحسان إليه أيضا‬
‫‪2‬‬
‫بإطعامه وغيره سواء كان مملوكا أو مباحا وسواء كان مملوكا له أو لغيره‪.‬‬

‫وقد ثبت في الصحيحين –أنه كان ألخي أنس بن مالك ألمه يقال له "أبو عمير" كان له‬

‫طائر وكان اسمه "النغير" فمات الطائر وحزن عليه الصبي‪ ،‬فمازحه النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫بقوله "يا أ ََبا ُعمي ٍر ما َف َع َل ُّ‬
‫الن َغي ُر"‪ ،‬و ُّ‬
‫الن َغي ُر‪ :‬طائر صغير يشبه العصفور‪ ،‬وقيل‪ :‬هو البلبل‪ ،‬وقد‬ ‫َ َ‬

‫النووي‪ ،‬شرح صحيح مسلم‪.207/6 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع السابق ‪.142/1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪129‬‬
‫استُدل بهذا الحديث على جواز حبس الطائر؛ لعدم إنكار النبي صلى هللا عليه وسلم على أبي‬
‫‪1‬‬
‫عمير‪.‬‬

‫وهكذا فإن األدلة تثبت أن موضوع حبس الطيور يجوز ما دام يتم توفير ما يلزم له من‬
‫طعام وشراب ورعاية‪ ،‬أما إذا فقد ذلك فإن الحكم يصير إلى الحرمة‪ ،‬وهذا ما أفاده حديث المرأة‬

‫التي حبست الهرة وهللا أعلم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تربية الطيور‬

‫من أهم مظاهر الرحمة والرأفة موضوع تربية الطيور في البيوت‪ ،‬وهذا االمر الشائع في‬

‫كثير من البيوت‪ ،‬والقيام على العناية بها وإطعامها وسقيها وخدمتها‪ ،‬وهذا األمر ليس به شيء‬
‫مخالف أو غير مشروع بل على العكس أمر طيب‪ ،‬لما فيه من الرحمة والرأفة وقد قال صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪" :‬الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في األرض يرحمكم من في السماء"‪2،‬وهذه‬
‫الرحمة اإلسالمية ليست قاصرة على اإلنسان فقط بل شملت الحيوانات والطيور‪ ،‬فقد دخلت امرأة‬
‫النار بسبب هرة حبستها ال هي أطعمتها وال تركتها تأكل من خشاش األرض‪3،‬كما جاء َعن أَِبي‬
‫النِبي صَّلى هللا عَلي ِه وسَّلم‪" :‬بينما كلب ي ِطيف ِبرِكي ٍ‬
‫َّة‪َ ،‬ك َاد َيقُتُل ُه‬ ‫ال َّ‬ ‫هريرة ر ِ‬
‫ُ َ َ َ َ َ ََ َ ُ ُ َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬‫ُُ َعن ُه‪َ ،‬ق َ‬ ‫ضي َّ‬
‫َُ َ َ َ َ‬
‫ضي‬ ‫طش‪ِ ،‬إذ أرَته ب ِغي ِمن ب َغايا بِني ِإسرِائيل‪َ ،‬فن َزعت موَقها َفسَقته َف ُغ ِفر َلها ِب ِه"‪ 4،‬وعنه أيضا ر ِ‬
‫ًَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫الع َ ُ‬
‫َ‬
‫ش‪َ ،‬ف َن َزَل ِبئ اًر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ُِ َّ‬
‫طُ‬ ‫ال‪َ " :‬بي َنا َرُجل َيمشي‪َ ،‬فاشتََّد َعَليه َ‬
‫الع َ‬ ‫صلى هللاُ َعَليه َو َسل َم َق َ‬ ‫ول َّ َ‬ ‫َن َرُس َ‬ ‫ُُ َعن ُه‪ :‬أ َّ‬‫َّ‬
‫ال‪َ :‬لَقد َبَل َغ َه َذا ِمث ُل َّالِذي‬ ‫ش‪َ ،‬فَق َ‬ ‫ط ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َف َش ِر َب من َها‪ ،‬ثُ َّم َخ َرَج َفإ َذا ُه َو ب َكلب َيل َه ُث َيأ ُك ُل الث َرى م َن َ‬
‫الع َ‬
‫ِ‬
‫ول‬‫ُُ َل ُه‪َ ،‬ف َغَف َر َل ُه"‪َ ،‬قاُلوا‪َ :‬يا َرُس َ‬ ‫َبَل َغ ِبي‪َ ،‬ف َم َألَ ُخَّف ُه‪ ،‬ثُ َّم أَم َس َك ُه ِب ِفيه‪ ،‬ثُ َّم َرِق َي‪َ ،‬ف َسَقى َ‬
‫الكل َب‪َ ،‬ف َش َك َر َّ‬
‫‪5‬‬
‫ال‪"ِ :‬في ُك ِّل َكِبٍد َرط َب ٍة أَجر"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الب َهائ ِم أَج ًرا؟ َق َ‬
‫ِ‬
‫ُ‪َ ،‬وإِ َّن َل َنا في َ‬
‫َّ ِ‬

‫ابن حجر العسقالني فتح الباري (‪ ،)548 / 10‬والحديث أخرجه البخاري (‪ )5778‬ومسلم (‪.)2150‬‬ ‫‪1‬‬

‫رواه أبووو داوود فووي السوونن‪ ،‬بوواب فووي الرحمووة‪ 285/4 ،‬والترمووذي بوواب فووي رحمووة المسوولمين‪ .323/4 ،‬قووال االلبوواني حووديث‬ ‫‪2‬‬

‫صحيح‪.‬‬
‫أخرجه البخاري‪ ،‬باب فضل سقي الماء‪ ،112/3 ،‬ومسلم باب تحريم قتل الهرة‪1760/4 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫أخرجه البخاري في باب حديث الغار‪ ،172 /4 ،‬ومسلم باب سقي البهائم المحترمة‪1173/4 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫أخرجه البخاري باب سقي الماء ‪ ،111/3‬ومسلم باب سقي البهائم المحترمة‪.23/3 ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪130‬‬
‫بل الرحمة تمتد حتى ساعة الذبح والتذكية الشرعية‪ ،‬وأمر النبي بإحداد الشفرة وإراحة‬
‫الذبيحة‪ ،‬وقال‪" :‬إن هللا كتب اإلحسان على كل شيء‪ ،‬فإذا قتلتم فأحسنوا ِ‬
‫القتلة‪ ،‬وإذا ذبحتم فأحسنوا‬
‫وليرح ذبيحته)‪ 1،‬ومن هذا اإلحسان عن سالِ ِم ب ِن عبِد هللاِ‪ ،‬عن أَِب ِ‬
‫يه‪،‬‬ ‫وليحد أحدكم شفرته‪ِ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الذبحة‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫َم َر ِب َحِّد ِّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َن رسول هللاِ َّ‬
‫الشَف ِار‪َ ،‬وأَن تَُو َارى َع ِن ال َب َهائمِ‪َ ،‬وإِ َذا َذ َب َح أ َ‬
‫َحُد ُكم‬ ‫صلى هللاُ َعَليه َو َسل َم أ َ‬‫َ‬ ‫(أ َّ َ ُ َ‬
‫‪2‬‬
‫َفلُيج ِهز)‪.‬‬

‫اة ُي ِر ُيد أَن َيذ َب ُح َها َو ُه َو َي ُحُّد‬ ‫َعن ُه َما أ َّ‬


‫َن َرُج ًال أَض َج َع َش ً‬ ‫ُُ‬‫ضي َّ‬ ‫ُِ ب ِن َعب ٍ‬
‫َّاس‪ ،‬ر ِ‬ ‫عن َعبِد َّ‬
‫َ َ‬
‫ات َه َّال َح َدد َت َشف َرتَ َك َقب َل أَن‬ ‫(أَتُ ِريد أَن تُ ِميتَها موتَ ٍ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫صَّلى هللاُ َعَلي ِه َو َسَّل َم‪:‬‬ ‫َِّ‬
‫ال النب ُّي َ‬
‫َشف َرتَ ُه‪َ ،‬فَق َ‬
‫‪3‬‬
‫تُض ِج َع َها)‪.‬‬

‫ورأى عمر رجالً يسحب شاة برجلها ليذبحها‪ ،‬فقال له‪( :‬ويلك قدها إلى الموت قوداً‬
‫جميالً)‪ ،‬وهكذا نجد الفكرة العامة في هذا الباب هي الرفق بالحيوان األعجم‪ ،‬وإراحته من العذاب ما‬
‫استطاع اإلنسان إلى ذلك سبيالً‪ ،‬وقد كان أهل الجاهلية يجبون أسنمة اإلبل وهي حية ويقطعون‬

‫أََليات الغنم وكان في ذلك تعذيب لهذه الحيوانات‪ ،‬ففوت النبي صلى هللا عليه وسلم مقصودهم‪،‬‬
‫يم ِة َوِهي َحيَّة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫"ما ُقط َع م َن ال َبه َ‬
‫ِ َّ‬ ‫النِب ُّي َّ‬
‫صلى هللاُ َعَليه َو َسل َم‪َ :‬‬‫َ‬
‫وحرم عليهم االنتفاع بهذه األجزاء‪َ ،‬قا َل َّ‬
‫َ‬
‫َف ِهي َميتَة"‪.4‬‬
‫َ‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اتخاذ الطيور للزينة‪.‬‬

‫ومن أهم الموضوعات المعاصرة المتعلقة بالطيور ما يفعله بعض الناس من حبس الطيور‬
‫في أقفاص‪ ،‬أو في أماكن معينة للزينة والتمتع بها‪ ،‬ويفعلون ذلك مع األسماك وبعض الحيوانات‬
‫األخرى كالببغاوات وغيرها وهذا األمر جائز مادام اإلنسان يقوم على رعايته واالهتمام به‪ ،‬وال يمنع‬
‫عنه طعاماً وال شراباً‪ ،‬وهذا ما أكدته الكثير من فتاوى العلماء المعاصرين مثل‪:‬‬

‫أخرجه مسلم باب إحسان الذبح والقتل‪ ،1548/3 ،‬والترمذي ‪ ،22/4‬وغيرهما‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫رواه اإلمام أحمد ‪ ،110/5‬قال أأللباني‪ :‬صحيح لغيره‪ ،‬وهذا إسناد ضعيف‪ ،‬لضعف ابن لهيعة‪ ،‬وهو عبد هللا‪".‬‬ ‫‪2‬‬

‫ِ‬ ‫أخرجه الحاكم في المستدرك ‪ 257/4‬وقال الذهبي‪ :‬ه َذا ح ِديث ِ‬


‫ِي َوَلم ُي َخِّر َجاهُ‬
‫صحيح َعَلى َشرط الُب َخارِّ‬ ‫َ َ‬
‫‪3‬‬
‫َ‬
‫رواه أبووو داوود بوواب فووي صوويد قطووع منووه قطعووة ‪ ،111/3‬والترمووذي بوواب مووا قطووع موون الحووي فهووو ميووت ‪ .74/4‬قووال الترمووذي‬ ‫‪4‬‬

‫حديث حسن‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫‪ .1‬فتوى دار االفتاء المصرية‪ :‬والتي جاء فيها ( بعض الطيور فيها جمال في أصل الخلقة‬

‫أو في األلوان أو في األصوات أو في غيرها‪ ،‬والجمال محبب إلى كل نفس سوية‪ ،‬وهو‬
‫من نعم هللا التي يجب أن تشكر‪ ،‬كما ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ‬

‫ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱠ‪ 1،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ‬

‫ﱕﱠ‪ 2،‬وإذا كانت الزينة التي خلقها هللا وأخرجها لعباده في الحيوانات والنباتات‬

‫وغيرها مباحة وغير محرمة‪ ،‬فكذلك التزين ‪-‬وهو فعل الزينة‪ -‬ليس ممنوعاً في كل‬
‫األحوال‪ ،‬وإذا كان ممنوعاً عند التكبر والخيالء أو اإلسراف فهو غير ممنوع إن خال من‬

‫هذه األشياء جاء في تفسير القرطبي "ليس كل ما تهواه النفس يذم وليس كل ما يتزين به‬
‫الناس يكره‪ ،‬وإنما ينهى عن ذلك إذا كان الشرع قد نهى عنه أو كان على وجه الرياء في‬
‫باب الدين‪ ،‬فإن اإلنسان ُي ِحب أن ُير َى جميالً‪ .‬وذلك حظ للنفس ال يالم فيه‪ ،‬ولهذا يسرح‬
‫شعره‪ ،‬وينظر في المرآة‪ ،‬ويسوى عمامته‪ ،‬ويلبس بطانة الثوب الخشنة إلى داخل وظهارته‬
‫‪3‬‬
‫الحسنة إلى خارج‪ ،‬وليس في شيء من هذا ما يحرم أو يذم"‪.‬‬

‫وقد روى مكحول عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪ :‬كان نفر من أصحاب رسول هللا صلى‬

‫هللا عليه وسلم ينتظرونه على الباب‪ ،‬فخرج يريدهم‪ ،‬وفى الدار ركوة فيها ماء‪ ،‬فجعل ينظر في‬
‫الماء ويسوى لحيته وشعره‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول هللا وأنت تفعل هذا؟ قال " نعم‪ ،‬إذا خرج الرجل إلى‬
‫‪4‬‬
‫إخوانه فليهيئ من نفسه‪ ،‬فإن هللا جميل يحب الجمال"‪.‬‬

‫وفى صحيح مسلم عن ابن مسعود عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬ال يدخل الجنة‬
‫من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر" فقال رجل‪ :‬إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫قال‪" :‬إن هللا جميل يحب الجمال‪ ،‬الكبر بطر الحق وغمط الناس"‪.‬‬

‫سورة األعراف اآلية ‪.22‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النحل اآلية ‪.8‬‬ ‫‪2‬‬

‫تفسير القرطبي‪)97/7( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫الحديث بلفظ المصنف لم اجده‪ ،‬ولفظ "أن هللا جميل يحب الجمال" هي قطعة من حديث رواه احمد في مسنده (‪)17207/6‬‬ ‫‪4‬‬

‫ومسلم في كتاب االيمان باب تحريم الكبر وبيانه حديث رقم ‪،91‬‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬باب تحريم الكبر وذمه‪ ،‬حديث رقم ‪.)93/1( ،147‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪132‬‬
‫بعد هذه المقدمة في الزينة وأن األصل فيها الحل‪ ،‬وفى أهمية الجمال في حيلة الناس‪،‬‬

‫وموقف اإلسالم الرائع في تشريعه العادل الذى ال يهمل الفطرة اإلنسانية إهماالً تاماً ولكن يوجهها‬
‫ويهذبها‪ ،‬بعد هذه المقدمة أقول‪ :‬إن صنع الزينة واستعمالها واالتجار فيها ال بأس به في حد ذاته‪،‬‬
‫ومن الزينة بعض الطيور واألسماك‪ ،‬فيجوز اقتناؤها وبيعها ما دام ذلك في حدود الشرع وبشروط‪،‬‬

‫ومن هذه الشروط‪:‬‬

‫‪ -1‬أال يقصد بها التفاخر والخيالء‪ ،‬كما هو دأب المترفين‪ ،‬واألعمال بالنيات‪.‬‬

‫‪ -2‬أال يلهى التمتع بها أو االنشغال برعايتها واستثمارها عن واجب من الواجبات‪.‬‬

‫‪ -3‬أال يهمل في رعايتها بالتقصير في تغذيتها مثالً‪ ،‬فالحديث معروف في تعذيب هللا للمرأة‬
‫التي حبست القطة دون أن تطعمها أو تسقيها هذا‪ ،‬وقد ورد في الصحيحين عن أنس‬
‫رضى هللا عنه قال‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أحسن الناس ُخُلقاً‪ ،‬وكان لي أخ‬
‫ألمي فطيم يقال له عمير‪ ،‬فكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا جاءنا قال "يا أبا‬
‫عمير ما فعل ُّ‬
‫الن َغير"؟ وعمير تصغير عمر أو عمرو‪ ،‬والفطيم بمعنى المفطوم‪ ،‬والنغير‬
‫‪1‬‬
‫تصغير ُن َغر وهو طير كالعصافير حمر المناقير‪ ،‬وأهل المدينة يسمونه البلبل‪.‬‬

‫قال الدميري في كتابه "حياة الحيوان الكبرى"‪ :‬في الحديث دليل على جواز لعب الصغير‬
‫بالطير الصغير‪ ،‬وقال العالمة أبو العباس القرطبي‪ :‬لكن الذي أجازه العلماء هو أن يمسك له وأن‬
‫يلهو بحبسه‪ ،‬وأما تعذيبه والعبث به فال يجوز‪ ،‬ألن النبي صلى هللا عليه وسلم نهى عن تعذيب‬
‫الحيوان إال لمأكله‪ ،‬وقال غيره‪ :‬معنى قوله‪ :‬يلعب به‪ ،‬يتلهى بحبسه وإمساكه‪ ،‬وفيه دليل على‬
‫جواز حبس الطير في القفص والتلهي به لهذا الغرض وغيره‪ ،‬ومنع ابن عقيل الحنبلي من ذلك‪،‬‬
‫وجعله سفهاً وتعذيباً‪ ،‬لقول أبى الدرداء رضى هللا عنه‪:‬‬

‫الذى كان يحبسها في القفص عن طلب أرزاقها‬


‫تجئ العصافير يوم القيامة تتعلق بالعبد َ‬
‫وتقول‪ :‬يا رب هذا عذبني في الدنيا‪ ،‬والجواب أن هذا فيمن منعها المأكول والمشروب‪ ،‬وقد سئل‬

‫صووحيح البخوواري‪ ،‬بوواب الكنيووة للصووبي‪ ،‬حووديث رقووم ‪ / )45/8( ،6203‬صووحيح مسوولم‪ ،‬بوواب اسووتحباب تحنيووك المولووود عنوود‬ ‫‪1‬‬

‫والدته‪ ،‬حديث رقم ‪.)1692/3( ،2150‬‬


‫‪133‬‬
‫القفال عن ذلك فقال‪ :‬إذا كفاها المؤونة جاز‪ ،‬بل في الحديث دليل على جواز قنصها ‪ -‬صيدها ‪-‬‬

‫للعب الصبيان بها‪ ،‬وكان بعض الصحابة يكره ذلك‪ ،‬ورأيت ألبى العباس أحمد بن القاص مصنفاً‬
‫حسناً على هذا ويؤخذ مما ذكره الدميري أن حبس الطيور للزينة وغيرها جائز ما دام يكفيها‬
‫مؤونتها‪ ،‬وما دام ال يعذبها‪ ،‬ومن كره ذلك من بعض العلماء محله عند التقصير واإليذاء‪ ،‬والكراهة‬

‫على كل حال ال تعنى الحرمة‪ ،‬فالحرام معصية يعاقب عليها‪ ،‬والمكروه ليس معصية وال يعاقب‬
‫عليه‪.‬‬

‫وحكم الطير يسرى على األسماك المتخذة للزينة في أحواض ضيقة ليست في سعة‬

‫األنهار‪ ،‬والبحار‪ ،‬وكذلك على الحيوانات في الحدائق المعدة لها‪ ،‬وقد حبست في أقفاص أو أبنية‬
‫‪1‬‬
‫ليست في سعة الصحراء والغابات التي كانت تعيش فيها من قبل‪....‬‬

‫وقد سئل الشيد عبد العزيز بن باز رحمه هللا‪ :‬ما الحكم فيمن يجمع الطيور ويضعها في‬
‫قفص وذلك لكي يتسلى بها أوالده؟ فأجاب‪" :‬ال حرج في ذلك إذا أعد لها ما يلزم من الطعام‬
‫والشراب؛ ألن األصل في مثل هذا األمر الحل‪ ،‬وال دليل على خالف ذلك فيما نعلم‪ ،‬وهللا ولي‬
‫‪2‬‬
‫التوفيق"‪.‬‬

‫من فتاوى دار اإلفتاء المصرية‪ ،‬المفتي الشيد عطية صقر‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.150‬‬ ‫‪1‬‬

‫فتاوى علماء البلد الحرام ص‪.1793‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪134‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫المسابقات المتعلقة بالطيور‬

‫المطلب األول‪ :‬حكم المسابقات‪:‬‬

‫اإلسالم دين واقعي‪ ،‬ال يحلق في أجواء الخيال والمثالية الواهمة‪ ،‬ولكنه يقف مع اإلنسان‬

‫على أرض الحقيقة والواقع‪ ،‬وال يعامل الناس كأنهم مالئكة أولو أجنحة‪ ،‬ولكنه يعاملهم بش اًر‪،‬‬
‫يأكلون الطعام ويمشون في األسواق‪ ،‬ولذلك أباح كثي اًر من اللهو المباح‪ ،‬حتى تستريح النفس‬
‫وتطمئن‪ ،‬فإن اإلنسان ال يستطيع أن يعيش على نمط واحد‪ ،‬وال حالة واحدة ولو كان في أرقى‬

‫درجات الصالح‪ ،‬ولذلك شرع اللهو ترويحاً عن القلوب حتى ال تمل‪.‬‬

‫قال علي بن أبي طالب رضي هللا عنه‪( :‬إن القلوب تمل كما تمل األبدان‪ ،‬فابتغوا لها‬
‫طرائف الحكمة)‪.1‬‬

‫‪2‬‬
‫وقال‪( :‬روحوا القلوب ساعة بعد ساعة‪ ،‬فإن القلب إذا أكره عمي)‪.‬‬

‫وقال أبو الدرداء رضي هللا عنه‪( :‬إني ألستجم نفسي بالشيء من الباطل‪ ،‬ليكون أعون لها‬
‫‪3‬‬
‫على الحق)‪.‬‬

‫وكذلك كان أصحابه الطيبون الطاهرون‪ ،‬يمزحون ويضحكون‪ ،‬ويلعبون ويتندرون؛ معرفة‬
‫منهم بحظ النفس‪ ،‬وتلبية لنداء الفطرة‪ ،‬وتمكينا للقلوب من حقها في الراحة واللهو البريء؛ لتكون‬

‫أقدر على مواصلة السير في طريق الجد‪.‬‬

‫ومن أنواع اللهو المباح المسابقات التي تجرى بين الناس تشجيعا لهم على أمر معين‪،‬‬
‫وترفيهاً عنهم‪ ،‬وترويحاً لهم‪ ،‬وهي في الوقت نفسه تهيئ نفوسهم؛ لإلقبال على العبادات والواجبات‬

‫ابن عبد البر‪ ،‬أدب المجالسة ‪43‬‬ ‫‪1‬‬

‫أبو حامد الغزالي‪ ،‬إحياء علوم الدين‪.30/2 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرجع السابق ‪.31/2‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪135‬‬
‫األخرى‪ ،‬أكثر نشاطاً وأشد عزيمة‪ ،‬وهي عند ذلك في كثير منها رياضات تدربهم على معاني‬
‫القوة‪ُّ ،‬‬
‫وتعدهم لميادين الجهاد في سبيل هللا‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬

‫العدو (الجري على األقدام)‪:‬‬


‫‪ -1‬مسابقة ْ‬

‫وقد كان الصحابة رضي هللا عنهم يتسابقون على األقدام‪ ،‬والنبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫يقرهم عليه‪ ،‬وقد َرَووا أن سلمة بن األكوع رضي هللا عنه‪ ،‬كان َّ‬
‫عداء سريع العدو‪ ،‬وكان النبي‬
‫نفسه صلوات هللا عليه‪ ،‬يسابق زوجته عائشة رضي هللا عنها؛ مباسطة لها‪ ،‬وتطييبا لنفسها‪،‬‬
‫وتعليما ألصحابه‪.‬‬

‫قالت عائشة‪ :‬سابقني رسول هللا فسبقته‪ ،‬فلبثت حتى إذا أرهقني اللحم (أي سمنت) سابقني‬
‫‪1‬‬
‫فسبقني‪ ،‬فقال‪ :‬صلى هللا عليه وسلم هذه بتلك يشير إلى المرة األولى‪.‬‬

‫‪ -2‬المصارعة‪:‬‬

‫وروي أن النبي صلى هللا عليه وسلم صارع رجالً معروفاً بقوته يسمى ُ‬
‫(ركانة) فصرعه‬
‫النبي أكثر من مرة‪ ،‬وفي رواية أن النبي صلى هللا عليه وسلم صارعه وكان شديداً فقال‪ :‬شاة بشاة‪،‬‬
‫فصرعه النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬عاودني في أخرى فصرعه‪ ،‬فقال‪ :‬عاودني‪ ،‬فصرعه‬
‫النبي الثالثة‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬ماذا أقول ألهلي؟ شاة أكلها الذئب‪ ،‬وشاة نشزت‪ ،‬فما أقول في الثالثة؟‬
‫‪2‬‬
‫فقال النبي صلى هللا عليه وسلم‪ :‬ما كنا لنجمع عليك أن نصرعك ونغرمك‪ ،‬خذ غنمك‪.‬‬

‫‪ -3‬اللعب بالسهام (التصويب)‪:‬‬

‫ومن فنون اللهو المشروعة اللعب بالسهام والحراب‪ ،‬وكان النبي عليه الصالة والسالم يمر‬
‫على أصحابه في حلقات الرمي (التصويب) فيشجعهم ويقول صلى هللا عليه وسلم ارموا وأنا‬

‫رواه أحموود فووي مساانده (‪ ،)36311‬وقووال مخرجوووه‪ :‬إسووناده جيوود رجالووه ثقووات‪ ،‬وأبووو داود فووي الجهوواد (‪ ،)3318‬والنسووائي فووي‬ ‫‪1‬‬

‫السنن الكبرى (‪).8312‬‬


‫وقد روى هذه القصة أبو داود وغيره‪ ،‬وفي بعض روايات هذه القصة ضعف‪ ،‬وهناك رواية حسنها األلباني‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪136‬‬
‫معكم‪ 1.‬ويرى عليه الصالة والسالم أن هذا الرمي ليس هواية أو لهوا فحسب‪ ،‬بل هو نوع من القوة‬
‫التي أمر هللا بإعدادها‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ‬
‫ﲹﲻﲼﲽ‬
‫ﲺ‬ ‫ﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸ‬
‫‪2‬‬
‫ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆﱠ‪.‬‬

‫إذن فإن المسابقات جائزة وليس بها شيء‪ ،‬ولكن ذلك وفق شروط وضوابط معينة‪:‬‬

‫‪ -1‬أن تخلوا هذه المسابقات من القمار والميسر‪ ،‬فهذا مما أجمع الفقهاء على حرمته‪،‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ‬
‫ﳉﳊﳋﳌﳍﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇ‬
‫ﱑﱓﱔ‬
‫ﱒ‬ ‫ﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐ‬
‫‪4‬‬
‫ﱕ ﱠ‪ 3‬قال صلى هللا عليه وسلم (من قال لصاحبه‪ :‬تعال أقامرك فليتصدق)‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ال تلهي عن الصالة المكتوبة‪ ،‬والفرائض التي فرضها هللا عز وجل‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲍ‬
‫ﲗﲙﲚﲛ‬
‫ﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖ ﲘ‬
‫ﲜ ﲝ ﲞ ﱠ‪،‬ﭐ‪5‬ﭐ ﭐفال بارك هللا في عمل يلهي عن الصالة‪.‬‬

‫‪ -3‬أن ال تؤدي هذه المسابقات إلى الشحناء والبغضاء والخصام والتنافر بين المتسابقين‬

‫واتباعهم‪ ،‬فإذا حدث ذلك فإنه من المعلوم أن ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام‪.‬‬

‫‪ -4‬أن يحفظ الالعب لسانه حال اللعب من الفحش والخنا ورديء الكالم‪ ،‬فإذا فرط في هذه‬
‫الشروط أو بعضها اتجه القول إلى التحريم‪.‬‬

‫أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم ‪ .2899‬كتاب الجهاد والسير باب التحريض على الرمي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة األنفال اآلية ‪.60‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة المائدة اآلية ‪.91-90‬‬ ‫‪3‬‬

‫متفق عليه‪ :‬رواه البخاري (‪ ،)6633‬ومسلم (‪ ،)4611‬كالهما في كتاب األيمان‪ ،‬عن أبي هريرة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫سورة المنافقون اآلية ‪.9‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪137‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اتخاذ الطيور للمشاركة في المسابقات‪.‬‬

‫هذه المسألة من المسائل التي تحتاج إلى دراسة عميقة وبتأن‪ ،‬وهذا يختلف كثي ار حسب‬
‫ُِ‬ ‫ِ‬
‫ول َّ‬ ‫ال َرُس ُ‬
‫ال‪َ :‬ق َ‬‫استعمال الطيور فهناك حديث عن النبي صلى هللا عليه وسلم َعن أَبي ُه َري َرَة‪َ ،‬ق َ‬
‫ف أَو ِفي َح ِاف ٍر أَو َنص ٍل"‪.1‬‬ ‫ٍ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ‬
‫صلى هللاُ َعَليه َو َسل َم‪"َ :‬ال َس َب َق ِإال في ُخ ّ‬ ‫َ‬
‫وح ًة أَيضاً‪َ :‬ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َوال َباء ال ُم َو َّح َدة َمفتُ َ‬ ‫ق) ُه َو بَفت ِح ّ‬ ‫ومعنى الحديث قال الشوكاني‪َ( :‬ال َسَب َ‬
‫ف)" ِك َن َاية َعن ِ‬
‫اإلِب ِل‬ ‫الص َال ِح‪ِ ( ،‬في خ ٍّ‬ ‫لساِب ِق عَلى من سبَقه ِمن جع ٍل‪َ ،‬قاَله الخ َّ‬
‫طاِب ِّي َواب ُن َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ُ‬ ‫ُيج َع ُل لِ َّ‬
‫ِ‬ ‫ف أَو ِذي َح ِاف ٍر أَو ِذي َنص ٍل‪َ ،‬و َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫افر َعن ال َخي ِل‪ ،‬و َّ‬ ‫واْلح ِ‬
‫النص ُل‪َ :‬حد َيدةُ‬ ‫الن ْص ِل َعن ال َّسه ِم أَي ذي ُخ ّ‬ ‫َ َ‬
‫اق َعَلى َجع ٍل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الس َب ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫السه ِم‪ .‬فيه َدليل َعَلى َج َو ِاز ّ‬ ‫َّ‬

‫فإن كان الجعل من غير المتسابقين كاإلمام يجعله للسابق فهو جائز بال خالف‪ ،‬وإن كان‬
‫من أحد المتسابقين جاز ذلك عند الجمهور كما حكاه الحافظ في الفتح‪ ،‬وكذا إذا كان معهما ثالث‬
‫محلل بشرط أن ال يخرج من عنده شيئا ليخرج العقد عن صورة القمار‪ ،‬وهو أن يخرج كل منهما‬
‫سبقاً‪ ،‬فمن غلب أخذ السبقين فإن هذا مما وقع االتفاق على منعه كما حكاه الحافظ في الفتح‬
‫ومنهم من شرط في المحلل أن ال يكون يتحقق السبق‪ ،‬وهكذا وقع االتفاق على جواز المسابقة‬

‫بغير عوض‪ ،‬لكن قصرها مالك والشافعي على الخف والحافر والنصل‪ ،‬وخصه بعض العلماء‬
‫بالخيل‪ ،‬وأجازه عطاء في كل شيء‪ .‬وقد حكى في البحر عن أبي حنيفة أن عقد المسابقة على‬

‫مال باطل‪ ،‬وحكي عن مالك أيضا أنه ال يجوز أن يكون العوض من غير اإلمام‪ ،‬وحكي أيضاً‬
‫عن مالك وابن الصباغ وابن خيران أنه ال يصح بذل المال من جهتهما وإن دخل المحلل‪ ،‬وروي‬

‫عن أحمد بن حنبل أنه ال يجوز السبق على الفيلة‪ ،‬وروي عن اإلمام يحيى وأصحاب الشافعي أنه‬
‫يجوز على األقدام مع العوض‪ ،‬وذكر في البحر أن شروط صحة العقد خمسة‪:‬‬

‫األول‪ :‬كون العوض معلوماً‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬كون المسابقة معلومة االبتداء واالنتهاء‪.‬‬

‫رواه أبو داوود باب في السبق‪ ،29/3 ،‬وأحمد ‪ ،453/12‬وابن ماجة باب السبق والرهان ‪ ،960/2‬وقال األلباني صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪138‬‬
‫الثالث‪ :‬كون السبق معلوما‪ ،‬يعني المقدار الذي يكون من سبق به مستحقاً للجعل‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬تعيين المركوبين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الخامس‪ :‬إمكان سبق كل منهما فلو علم عجز أحدهما لم يصح إذ القصد الخبرة‪.‬‬

‫ولعل قي تخصيص أخذ الجوائز في المسابقات على الخف والحافر والنصل (الجمل‬

‫والفرس والسهام) أنها أدوات الجهاد في سبيل هللا‪ ،‬والمسابقات في ذلك تعتبر من باب اإلعداد‬
‫للجهاد‪.‬‬

‫أما ما يتعلق بالطيور فليس هناك ما يمنع من عقد المسابقات عليها مثل ما يكون من‬

‫تدريب الببغاوات على التقليد وغير ذلك‪ ،‬فهذا من المباح بشرط أن ال يكون هناك أذية للطائر على‬
‫أي وجه من الوجوه‪ ،‬وهذا ما سيكون موضوع المطلب التالي بإذن هللا‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التحريش بين الطيور وأخذ الجوائز عليها‪.‬‬

‫اإلسالم عندما أباح المسابقات‪ ،‬ربط ذلك بأن ال يكون هناك أي اعتداء أو أذي للطائر أو‬
‫الحيوان‪ ،‬ولكن وجد بعض الناس ممن انطمست فطرتهم وقلوبهم يعقدون المسابقات للتحريش بين‬
‫الطيور والحيوانات وقديماً كان الرومان يفعلون ذلك مع العبيد وغيرهم ويستمتعون وهم يرون العبد‬
‫يقضي على أخيه‪ ،‬والطائر يؤذي نظيره ويقتله‪ ،‬وهذا األمر من األمور التي حرمها هللا عز وجل‪،‬‬
‫فهذه األرواح يحرم االعتداء عليها بأي صورة من صور االعتداء‪ ،‬وقد سئل صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪2‬‬
‫ال‪"ِ :‬في ُك ِّل َكِبٍد َرط َب ٍة أَجر"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقيل‪ :‬يا رسول َّ ِ‬
‫ُ‪َ ،‬وإِ َّن َل َنا في َ‬
‫الب َهائ ِم أَج ًرا؟ َق َ‬ ‫َ َُ َ‬

‫فال ينبغي التالعب بهذه األرواح‪ ،‬بل ينبغي التعامل معها بكل رحمة ورأفة‪ ،‬وقد افتى‬
‫العلماء بحرمة ذلك ومن هذه الفتاوى‪ :‬إطالق كلب الصيد على الغزال المقيد‪ ،‬نوع من العبث‬
‫ال‪َ :‬د َخل ُت م َع أ ََن ٍ‬
‫س َعَلى ال َح َك ِم ب ِن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫واألذى والتعذيب للحيوان‪ ،‬وهو محرم‪ ،‬وقد َعن ه َشا ِم ب ِن َزيد َق َ‬

‫الشوكاني‪ ،‬نيل األوطار‪.87 ،88/8 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫أخرجه البخاري‪ ،‬باب فضل سقي الماء‪ ،111/2 ،‬ومسلم باب فضل سقي البهائم المحترمة ‪.1761/4‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪139‬‬
‫ُُ َعَلي ِه َو َسلَّ َم‬
‫صَّلى َّ‬ ‫َِّ‬
‫ال أ ََنس‪َ ( :‬ن َهى النب ُّي َ‬
‫ون َها‪َ ،‬فَق َ‬
‫اج ًة َيرُم َ‬
‫صُبوا َد َج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّوب‪َ ،‬ف َأرَى غل َم ًانا أَو فت َي ًانا َن َ‬ ‫أَي َ‬
‫‪1‬‬
‫أَن تُص َب َر ال َب َه ِائ ُم)‪.‬‬

‫قال النووي‪" :‬قال العلماء‪ :‬صبر البهائم‪ :‬أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه‪ ،‬وهو‬
‫ضا)‪ 2،‬أي‪ :‬ال تتخذوا الحيوان الحي‬ ‫معنى قوله صلى هللا عليه وسلم‪َ ( :‬ال تتَّ ِخ ُذوا شيئا ِف ِ‬
‫الروح َغ َر ً‬
‫يه ُّ‬ ‫َ ً‬ ‫َ‬
‫غرضاً [هدفا] ترمون إليه‪ ،‬وهذا النهي للتحريم‪ ،‬ولهذا قال صلى هللا عليه وسلم كما في رواية ابن‬
‫ُ َمن َف َع َل َه َذا)‪ ،‬وألنه تعذيب للحيوان وإتالف لنفسه‪ ،‬وتضييع لماليته‪ ،‬وتفويت‬
‫عمر‪َ( :‬ل َعن َّ‬
‫‪3‬‬
‫لذكاته إن كان مذكى‪ ،‬ولمنفعته إن لم يكن مذكى"‪.‬‬

‫كما ورد النهي عن التحريش بين البهائم‪ ،‬لكن بإسناد ضعيف‪ ،‬والتحريش بين البهائم هو‬
‫تهييج بعضها على بعض‪.‬‬

‫وجاء في الموسوعة الفقهية‪" :4‬أما تحريش الحيوان بمعنى اإلغراء والتسليط واإلرسال بقصد‬
‫الصيد‪ ،‬فمباح كإرسال الكلب المعلم‪ ،‬وما في معناه من الحيوانات‪ ،‬وال خالف بين الفقهاء في‬
‫حرمة التحريش بين البهائم‪ ،‬بتحريض بعضها على بعض وتهييجه عليه‪ ،‬ألنه سفه ويؤدي إلى‬
‫حصول األذى للحيوان‪ ،‬وربما أدى إلى إتالفه بدون غرض مشروع‪ ،‬وجاء في األثر‪( :‬نهى رسول‬
‫‪5‬‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم عن التحريش بين البهائم)‪.‬‬

‫قال الخادمي ومثله‪( :‬أي‪ :‬مثل التحريش بين البهائم)‪ :‬إغراء األمراء األسد مع النمر‪ ،‬أو‬
‫مع البقر أو الجمل‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫رواه البخاري في صحيحه باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة (‪ )94/7‬أخرجه مسلم في الصيد والذبائح باب النهوي‬ ‫‪1‬‬

‫عن صيد البهائم رقم ‪.1956‬‬


‫رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس‪ ،‬باب النهي عن صبر البهائم (‪)1549/3‬‬ ‫‪2‬‬

‫االمام النووي شرح صحيح مسلم ‪.432/3‬‬ ‫‪3‬‬

‫السقاف‪ ،‬الموسوعة الفقهية‪)255/3( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫أبووو داود‪ :‬كتوواب الجهوواد – بوواب فووي التح وريش بووين البهووائم (‪ ،)2562‬والترمووذي‪ :‬كتوواب الجهوواد – بوواب مووا جوواء فووي كراهيووة‬ ‫‪5‬‬

‫التحريش (‪ ،)1708‬ثم أخرجه الترمذي (‪ )1709‬قال األلباني حديث ضعيف‪.‬‬


‫‪140‬‬
‫أما إذا كان إطالق كلب الصيد على الغزال بغرض تدريبه وتعليمه‪ ،‬فال حرج في ذلك؛‬
‫‪1‬‬
‫ألنه وسيلة إلى أمر مباح مأذون فيه‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫وطبقوه في حياتهم في زمان كانت تنتهك فيه‬ ‫لقد عرف المسلمون مفهوم ّ‬
‫الرفق بالحيوان ّ‬
‫حقوق اإلنسان –فضالً عن الحيوان– بأنواع شتى من االنتهاكات‪ ،‬كاالستعباد‪ ،‬والقهر‪ ،‬والوأد‪،‬‬

‫السبق بعشرات القرون لعملهم بتلك األحكام‪ ،‬علماً بأنه لم يتنبَّه‬


‫قصب َّ‬
‫ُ‬ ‫وغير ذلك‪ ،‬وكان للمسلمين‬
‫ظمات لحماية‬
‫غيرهم لهذا األمر إال في أزمنة متأخرة‪ ،‬فأنشئت فيهم المؤسسات والهيئات والمن ّ‬
‫الحيوان ورعايته‪.‬‬

‫والنصوص الشرعية على ذلك كثيرة منها ما جاء عن عائشة رضي هللا عنها أنها َرِك َبت‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪َ ( :‬عَلي ِك‬
‫ُ‬ ‫بعي اًر فكانت فيه صعوبة‪ ،‬فجعَلت تَُرِّدُده‪ ،‬فقال لها‬
‫ِ‬
‫تردُده)‪ :‬تجعله يسير ثم تُوِقُفه َّ‬
‫بشدة‪ِّ ،‬‬
‫وتكرر ذلك َّ‬ ‫ِب ِّ‬
‫الرف ِق‪ ،)...‬ومعنى ( ّ‬
‫‪2‬‬
‫عدة مرات‪ ،‬وفي ذلك من‬
‫القسوة عليه ما ال يخفى‪ ،‬لذا جاء أمره صلى هللا عليه وسلم ِّ‬
‫بالرفق مع هذا الحيوان‪ ،‬عن أبي هريرة‬
‫اإلبل‬ ‫طوا‬ ‫رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إذا ساَفرتُم في ِ‬
‫الخصب فأَع ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الس َن ِة فأَس ِرعوا عليها َّ‬ ‫َّ‬
‫‪3‬‬
‫الس َير"‪.‬‬ ‫حظها من األرض‪ ،‬وإذا سافرتُم في َّ‬

‫اعاة مصلحتها‪ ،‬فإن سافروا في‬ ‫اب ومر ِ‬ ‫الرفق ّ ِ‬ ‫ُّ‬


‫الحث على ِّ‬ ‫قال النووي‪( :‬معنى الحديث‪:‬‬
‫بالدو ّ ُ‬
‫حظها من األرض‬ ‫الخصب َّقللوا السير‪ ،‬وتركوها ترعى في بعض النهار وفي أثناء السير‪ ،‬فتأخذ َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫قوِتها‪ ،‬وال‬ ‫عجلوا السير؛ ليصلوا المق ِ‬
‫ص َد وفيها بقيَّة من َّ‬ ‫بما ترعاه منها‪ ،‬وإن سافروا في الَقحط َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رر؛ ألنها ال تَ ِجُد ما تَرَعى فتَض ُعف)‪.‬‬ ‫ُيَقّلِلوا َّ‬
‫السي َر َفيل َحُقها َّ‬
‫‪4‬‬
‫الض ُ‬

‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن التحريش‬


‫ُ‬ ‫عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬نهى‬
‫بين البهائم‪ 5،‬والتحريش بين الحيوانات مجانب للرفق بها‪ ،‬ألن معناه اإلغراء‪ ،‬وتهييج بعضها على‬

‫الموسوعة الفقهية (‪)195/10‬‬ ‫‪1‬‬

‫رواه مسلم‪ :‬كتاب البر والصلة واآلداب‪ ،‬باب فضل الرفق ‪ 2004 /4‬حديث ‪.)2593( 79‬‬ ‫‪2‬‬

‫رواه مسلم‪ :‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب مراعاة مصلحة الدواب في السير ‪.)1926( 1525 /3‬‬ ‫‪3‬‬

‫شرح النووي على مسلم (‪)543/2‬‬ ‫‪4‬‬

‫سبق تخريجه ص‪.143‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪141‬‬
‫بعض‪ ،‬كما يفعل بين الجمال‪ ،‬والكباش‪ ،‬والديوك‪ ،‬وغيرها‪ ،‬ووجه النهي أنه إيالم للحيوانات‪،‬‬

‫عبث‪.‬‬ ‫وإتعاب لها بدون فائدة‪ ،‬بل مجرد‬

‫أخذ الجوائز على ذلك‪:‬‬

‫الجائزة‪ :‬العطية‪ ،‬وأصله أن أمي اًر واقف عدواً وبينهما نهر فقال‪ :‬من جاز هذا النهر فله‬

‫كذا‪ ،‬فكلما جاز منهم واحد أخذ جائزة‪ ،‬أبو بكر في قولهم أجاز السلطان فالنا بجائزة‪ :‬أصل الجائزة‬
‫أن يعطي الرجل ماء ويجيزه ليذهب لوجهه‪ ،‬فيقول الرجل إذا ورد ماء لقيم الماء‪ :‬أجزني ماء أي‬
‫أعطني ماء حتى أذهب لوجهي وأجوز عنك‪ ،‬ثم كثر هذا حتى سموا العطية جائزة األزهري‪ :‬الجيزة‬

‫من الماء مقدار ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل‪ ،‬يقال‪ :‬اسقني جيزة وجائزة وجوزة‪ ،‬وفي‬
‫‪1‬‬
‫الحديث‪ :‬الضيافة ثالثة أيام وجائزته يوم وليلة وما زاد فهو صدقة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫واتفقوا على أن السبق والرمي مشروعان ويجوزان على العوض‪.‬‬

‫والحكم بأخذ الجوائز مترتب على الحكم بعقد المسابقات على الطيور‪ ،‬فإذا كانت المسابقة‬
‫صحيحة شرعاً‪ ،‬وليس بها ما يحرم فأخذ الجوائز جائز ال شيء فيه‪ ،‬أما إذا كان أصل المسابقة‬
‫حراماً‪ ،‬بأن كان فيه أذية للحيوان أو الطائر‪ ،‬ومن أهم صور اإليذاء التحريش بين الطيور كالديكة‬
‫وغيرها تبع ذلك حرمة أخذ الجوائز عليها وهللا أعلم‪.‬‬

‫لسان العرب (‪.)327/5‬‬ ‫‪1‬‬

‫الشيباني اختالف األئمة العلماء‪.)360/2( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪142‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫بعض الطيور المذكورة في الكتاب والسنة وخصائصها‬

‫المطلب األول‪ :‬الطيور المذكورة في القرآن الكريم‪.‬‬

‫لقد جاء ذكر الكثير من الطيور في القرآن الكريم‪ ،‬من أهمها ما ذكره هللا سبحانه من أن‬
‫أهم أطعمة أهل الجنة التي ينعم هللا بها عليهم لحم الطير ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱒ ﱓ ﱔ ﱕ‬
‫ﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱠ‪.1‬‬

‫قال الطبري‪ :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬ويطوف هؤالء الولدان المخلدون على هؤالء السابقين‬

‫طي ٍر ِم َّما َيشتَ ُهو َن)‬


‫بفاكهة من الفواكه التي يتخيرونها من الجنة ألنفسهم‪ ،‬وتشتهيها نفوسهم ( َوَلح ِم َ‬
‫يقول‪ :‬ويطوفون أيضاً عليهم بلحم طير مما يشتهون من الطير الذي تشتهيه نفوسهم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ممثال بين يديه على ما اشتهى‪.‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬يخطر على قلبه الطير‪ ،‬فيصير ً‬

‫طي ٍر ِم َّما َيشتَ ُهو َن أي‪ :‬من كل صنف من الطيور يشتهونه‪ ،‬ومن أي‬
‫قال السعدي‪َ :‬وَلح ِم َ‬
‫‪3‬‬
‫جنس من لحمه أرادوا‪ ،‬وإن شاءوا مشوياً‪ ،‬أو طبيخاً‪ ،‬أو غير ذلك‪.‬‬

‫ومن الطيور التي ذكرت في القرآن الكريم الهدهد وقصته الشهيرة مع نبي هللا سليمان عليه‬
‫السالم وكيف كان نشاطه سبباً في إسالم أمة كاملة وشعب كامل ﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐﲫ ﲬ ﲭ‬

‫ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﱠ‪ 4،‬ومن الطيور المهمة التي ذكرها القرآن الكريم‬

‫طائر ابتعثه هللا لمهمة جليلة أال وهي تعليم البشرية كيفية الدفن ومواراة جسد الميت فقد قص علينا‬

‫في سورة المائدة قصة ابني آدم وكيف أن القاتل احتار ماذا يفعل مع جسد أخيه المقتول حتى‬
‫بعث هللا الغراب ليريه كيف يفعل ذلك‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ‬

‫سورة الواقعة اآلية ‪.21-20‬‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ ،‬جامع البيان في تأويل آي القرآن‪.264/1 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبد الرحمن السعدي‪ ،‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير المنان‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1420 ،1‬هو‪2000-‬م‪.833/1 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة النمل اآلية ‪.20‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪143‬‬
‫ﳃﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎ‬
‫ﳄ‬ ‫ﳀﳁﳂ‬

‫ﳏ ﳑ ﳒ ﳓﱠ‪.1‬‬
‫ﳐ‬

‫السمان‪ ،‬وجاء ذكره في سورة البقرة‬


‫ّ‬ ‫ومن الطيور المذكورة في القرآن طائر السلوى‪ ،‬أو‬
‫وسورة األعراف اآلية ‪ ،160‬وسورة طه اآلية ‪ ،80‬في قوله تعالى في سورة البقرة‪ :‬ﭐﱡﭐﲱ‬
‫ﲽﲿﳀﳁ‬
‫ﲾ‬ ‫ﲷﲹﲺﲻﲼ‬
‫ﲸ‬ ‫ﲲﲳﲴﲵﲶ‬

‫ﳂ ﳃ ﳄﱠ‪ 2،‬جاء في تفسير الطبري كان طعام بني إسرائيل في التيه واحداً‪،‬‬

‫وشرابهم واحداً‪ ،‬كان شرابهم عسالً ينزل لهم من السماء يقال له المن‪ ،‬وطعامهم طير يقال له‬
‫‪3‬‬
‫السلوى‪،‬‬

‫ومن الطيور التي ذكرها القرآن ما جاء في سورة البقرة ﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐﱕ ﱖ ﱗ ﱘ‬

‫ﱥﱧﱨﱩ‬
‫ﱦ‬ ‫ﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤ‬

‫ﱪ ﱫ ﱠ‪ 4،‬وذلك سأل إبراهيم –عليه السالم‪ -‬ربه سبحانه أن يريه إحياء الموتى رؤيا عين‬

‫ليصل إلى مرتبة عين اليقين‪ ،‬بعدما كان في مرحلة علم اليقين‪ ،‬فأراه هللا ذلك عن طريق تجربة‬
‫على بع ض الطيور قام بذبحها بيديه وتفريق أجزائها على رؤوس الجبال‪ ،‬ثم قام بدعوتها بإذن هللا‬

‫تعالى فقامت إليه تسعى فسبحان هللا العظيم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطيور في السنة النبوية‪.‬‬

‫تحدثت السنة عن كثير من الطيور‪ ،‬وذكرت الكثير من األحكام الخاصة بها‪ ،‬وهذا مايتم‬

‫عرضه في النقاط التالية‪:‬‬


‫‪ -1‬األمر باإلحسان إليها وعدم أذيتها‪ ،‬وبين أن الطير أو الحيوان لو أكلوا من زرع زرعه‬
‫"ما ِمن مسلم َيغ ِر ُس‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّلى َّ‬ ‫اإلنسان كان له بذلك صدقة‪َ ،‬قال رسول َّ ِ‬
‫ُُ َعَليه َو َسل َم‪َ :‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ِِ‬ ‫َّ‬ ‫َغرساً أَو َيزَرعُ َزرعاً َف َيأ ُك ُل ِمن ُه ِإن َسان أَو َ‬
‫يمة ِإال َك َ‬ ‫ِ‬
‫‪5‬‬
‫ص َدَقة"‪.‬‬
‫ان َل ُه به َ‬ ‫طير أَو َبه َ‬

‫سورة المائدة اآلية ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة اآلية ‪.57‬‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ ،‬جامع البيان‪.)126/2( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة البقرة اآلية ‪.260‬‬ ‫‪4‬‬

‫أخرجه البخاري (‪ )2320‬و (‪ ،)6012‬ومسلم (‪ ،)1553‬والترمذي (‪)1382‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪144‬‬
‫‪ -2‬الرحمة بالطيور والرفق بها‪ ،‬فهي أمم أمثالنا‪ ،‬وأرواح سيسأل المرء عنها يوم القيامة‪ ،‬إن‬

‫الرحمة بالحيوان والطير في هدي النبي صلى هللا عليه وسلم أنه ال يجوز تعذيبها وال‬
‫تجويعها‪ ،‬أو تكليفها ما ال تطيق‪ ،‬وال اتخاذها هدفاً يرمى إليه‪ ،‬بل وتحريم لعنها‪ ،‬وهو أمر‬
‫لم ترق إليه البشرية في أي وقت من األوقات‪ ،‬وقد شدد النبي صلى هللا عليه وسلم‬

‫المؤاخذة على من تقسو قلوبهم على الحيوان ويستهينون بآالمه‪ ،‬وبين صلى هللا عليه وسلم‬
‫أن اإلنسان على ِعظم قدره وتكريمه على كثير من الخلق‪ ،‬فإنه يدخل النار في إساءة‬
‫يرتكبها مع الحيوان‪ ،‬فقد دخلت النار امرأة في ِه َّرة‪ ،‬حبستها فال هي أطعمتها وال هي‬

‫أطلقتها‪1،‬وفي المقابل دخلت الجنة امرأة بغية في كلب سقته‪ ،‬فشكر هللا تعالى لها فغفر‬
‫لها‪.‬‬

‫‪ -3‬ونهى النبي الكريم صلى هللا عليه وسلم عن اتخاذ شيء فيه روح غرضاً ُيتعلم فيه الرمي‪،‬‬
‫"م َّر عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما بفتيان من‬
‫فعن سعيد بن جبير رضي هللا عنه قال‪َ :‬‬
‫قريش قد نصبوا طي اًر وهم يرمونه‪ ،‬وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم‪ ،‬فلما‬
‫أروا ابن عمر تفرقوا‪ ،‬فقال ابن عمر‪ :‬من فعل هذا؟‪ ،‬لعن هللا من فعل هذا‪ ،‬إن رسول هللا‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً ُيتعلم فيه الرمي"‪.‬‬

‫‪ -4‬وقد تحدثت السنة عن الطيور أثناء الذبح وكيف أنه يجب التعامل معها برأفة ورحمة‪،‬‬
‫حتى وهي تقاد إلى الموت فيجب اإلحسان في ذلك‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إن هللا‬
‫َّ‬
‫وليحد‬ ‫القتلة‪ ،‬وإذا ذبحتم فأحسنوا ِ‬
‫الذبحة‪،‬‬ ‫كتب اإلحسان على كل شيء‪ ،‬فإذا قتلتم فأحسنوا ِ‬
‫‪3‬‬
‫أحدكم شفرته‪ِ ،‬‬
‫وليرح ذبيحته)‪.‬‬

‫ومن هذا اإلحسان ما رواه ابن عمر أن النبي صلى هللا عليه وسلم أمر أن تُ َّ‬
‫حد الشفار‪،‬‬

‫وأن تُو َارى عن البهائم‪ ،‬وقال إذا ذبح أحدكم فليجهز أي‪ :‬ليسرع‪ ،...‬وعن ابن عباس أن رجالً‬
‫أضجع شاة وهو يحد شفرته‪ ،‬فقال النبي أتريد أن تميتها موتات؟ هال أحددت شفرتك قبل أن‬

‫سبق تخريجه ص‪.133‬‬ ‫‪1‬‬

‫أخرجه مسلم باب النهي عن صبر البهائم ‪ ،1550/3‬والترمذي ‪ ،72/4‬والنسائي ‪.338/7‬‬ ‫‪2‬‬

‫تم تخريجه ص‪.133‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪145‬‬
‫تضجعها‪ ،‬ورأى عمر رجالً يسحب شاة برجلها ليذبحها‪ ،‬فقال له‪( :‬ويلك قدها إلى الموت قوداً‬
‫جميالً)‪ ،‬وكل ما ينطبق على الشاة ينطبق على الطيور هذا بعض من حديث السنة عن الطيور‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الطيور التي أمر النبي بقتلها‪.‬‬

‫الحيوانات الضارة منها ما يكون الضرر من طبيعته ولذلك يعيش غالباً بعيداً عن اإلنسان‬

‫في الغابات والجبال كالسباع والذئاب‪ ،‬أو يعيش مع اإلنسان مع أخذ الحذر منه كالعقارب‬
‫والحيات‪ ،‬ومنها ما ال يكون الضرر من طبيعته ولذلك يعيش غالباً مع اإلنسان أو قريباً منه‪ ،‬ولكن‬
‫قد يجئ منه الضرر لعارض يعرض له‪ ،‬كالكالب والقطط‪.‬‬

‫والحكم المبدئي العام أن النوع األول وهو ما يكون الضرر من طبيعته يجوز قتله‪ ،‬إما‬
‫للدفاع عن النفس وإما لالنتفاع بجلده أو عظمه مثالً‪ ،‬وأن النوع الثاني الذى ال يكون الضرر من‬
‫الكلِب‪ ،‬أي‬
‫طبيعته ولكن قد يط أر عليه يجوز قتله إذا خيف منه الضرر كالكلب العقور والكلب َ‬
‫الذى يصيبه داء الكَلب‪ ،‬وكالقط الخائن الذى يخطف الدجاج أو الحمام مثالً‪ ،‬والدليل على ذلك هو‬
‫حديث "ال ضرر وال ضرار"‪ ،‬فال يجوز ألحد التعرض للضرر وال إلحاقه بالغير‪ ،‬إلى جانب وجوب‬
‫أخذ الحذر وعدم تعريض النفس للتهلكة‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﱠ‪1،‬ﭐ‬
‫‪2‬‬
‫وﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﱠ‪.‬‬

‫ومن الطيور ما هو ضار بطبيعته فيجوز قتله كما مثل له الحديث بالغراب والحدأة‪ ،‬وهى‬
‫بطبيعتها ال تستأنس‪ ،‬وهناك طيور ليست ضارة بطبيعتها منها ما يستأنس كالحمام‪ ،‬ومنها ما ال‬

‫يستأنس كالعصافير‪ ،‬والنوع األول يذبح ليؤكل وكذلك الثاني يصاد ليؤكل‪ ،‬وما ال يحل أكله ال يقتل‬
‫إن كانت فيه فائدة مثل "أبى قردان" صديق الفالح كما يقولون‪.‬‬

‫وأما العصافير‪ :‬وهى غير مملوكة ألحد فيكتفى بطردها إن أمكن‪ ،‬أما إذا لم يمكن طردها‬

‫فلتوضع لها شباك تصاد بها وينتفع بلحمها‪ ،‬أو تصاد بالرصاص الخارق على رأى بعض العلماء‬

‫سورة النساء اآلية ‪.71‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة اآلية ‪.195‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪146‬‬
‫ويقوم ذلك مقام ذبحها والصيد بالشباك لالنتفاع بالعصافير‪ ،‬بدل إبادتها وضياع االستفادة من‬

‫لحمها‪ ،‬وهو ما أشار إليه النبي صلى هللا عليه وسلم فيما رواه النسائي والحاكم وصححه لقوله‪" :‬ما‬
‫ُ وما‬
‫من إنسان يقتل عصفو اًر فما فوقها لغير حقها إال سأله هللا عز وجل عنها" قيل‪ :‬يا رسول َّ‬
‫حقها؟ قال "يذبحها فيأكلها وال يقطع رأسها ويرمى بها"‪ ،‬وهذا توجيه اقتصادي إسالمي إلى عدم‬

‫ضياع المنفعة من الشيء في الوقت الذى يدافع فيه ضرر هذا الشيء‪ ،‬وهذا كما يقال‪ :‬ضرب‬
‫عصفورين بحجر واحد‪ ،‬دفعنا الشر واستفدنا مما فيه من خير‪.‬‬

‫فإن كانت بشكل "وبائي" وال يفيد معها االصطياد فهل يمكن قتلها بمثل المواد الكيماوية أو‬

‫بطريقة أخرى؟ نعم ال مانع من ذلك لدفع ضررها‪ ،‬وحماية لقوت اإلنسان منها‪ ،‬فحياته ومصلحته‬
‫مقدمة على حياة أي مخلوق دونه وعلى مصلحته‪ ،‬وهي كلها جعلت من أجل اإلنسان لتبقى حياته‬
‫ويستطيع أن يؤدى رسالته‪ ،‬وبمثل ذلك قال الدميري في الجراد‪ ،‬وفى مثل هذه الحالة االستثنائية‬
‫التي تكاثرت فيها العصافير وأكلت جزءاً كبي اًر من المحصوالت‪ ،‬قامت بعض الدول‪ ،‬في شكل‬
‫جماعي بمطاردتها طول النهار حتى اضطرت إلى األشجار العالية وباتت ليلها جائعة‪ ،‬تساقط‬
‫‪1‬‬
‫بعضها ميتاً في أوال ليلة ثم قضى عليها في أيام قالئل‪.‬‬

‫وأمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بقتل بعض الطيور‪ :‬عن عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬أن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬خمس من الدواب‪ ،‬كلهن فاسق‪ ،‬يقتلهن في الحرم‪ :‬الغراب‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫والحدأة‪ ،‬والعقرب‪ ،‬والفأرة‪ ،‬والكلب العقور"‪.‬‬

‫فتوى دار االفتاء المصرية بقتل الحيوانات الضارة‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪ .156‬المفتي الشيد عطية صقر ‪1996‬م‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬باب ما يقتل المحرم من الدواب‪.13/3 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪147‬‬
‫وروي عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪" :‬أمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بقتل خمس‬

‫لحية‪ ،‬والغراب األبقع‪ 1،‬والفأرة‪ ،‬والكلب العقور‪ ،‬والحدأة‪ 3،"2‬وعلة اإلباحة‬


‫فواسق في الحل والحرم‪ :‬ا ّ‬
‫فيها هي االبتداء باألذى والعدو على الناس‪ ،‬والغراب يقع على دبر البعير وصاحبه قريب منه‪،‬‬
‫والفأرة تسرق أموال الناس‪ ،‬قال أبو يوسف‪" :‬الغراب المذكور في الحديث هو الغراب الذي يأكل‬

‫الجيف‪ ،‬أو يخلط مع الجيف إذ هذا النوع هو الذي يبتدئ باألذى "والعقعق ليس في معناه؛ ألنه ال‬
‫‪4‬‬
‫يأكل الجيف وال يبتدئ باألذى‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬الطيور التي نهى النبي عن أكلها‪.‬‬

‫هناك بعض الطيور نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن أكلها زيادة على ما ذكره القرآن‬
‫الكريم من تحريم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير ومن هذه الطيور‪:‬‬

‫‪ -1‬الجاللة‪:‬‬

‫النجاسات وتكون من اإلبل والبقر والغنم و ّ‬


‫الدجاج وقيل‬ ‫قال النووي‪ :‬هي الّتي تأكل العذرة و ّ‬
‫الصحيح اّلذي عليه الجمهور‬
‫طاهر أكثر فال‪ ،‬و ّ‬
‫جاللة وإن كان ال ّ‬
‫النجاسة فهي ّ‬
‫إن كان أكثر أكلها ّ‬
‫فجاللة‬
‫النجاسة ّ‬
‫النتن‪ ،‬فإن وجد في عرفها وغيره ريح ّ‬
‫بالرائحة و ّ‬
‫ّأنه ال اعتبار بالكثرة و ّإنما االعتبار ّ‬
‫و ّإال فال‪ ...5،‬والعلماء ما بين كاره ألكل لحوم الجاللة أو محرم لها‪ ،‬ولكنهم أجمعوا أنها إذا حبست‬

‫" األبقوع " هووو الووذي فووي ظهوره أو بطنووه بيوواض‪ ،‬وأخووذ بهووذا القيوود بعووض أصووحاب الحووديث‪ ،‬كمووا حكوواه ابوون المنووذر وغيوره‪ ،‬ثووم‬ ‫‪1‬‬

‫وجدت ابن خزيمة قد صرح باختياره وهو قضية حمل المطلق على المقيد‪ ،‬وقد اتفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الوذي‬
‫يأكل الحب من ذلك‪ ،‬ويقال له‪ :‬غوراب الوزرع‪ ،‬ويقوال لوه‪ :‬الوزاغ‪ ،‬وأفتووا بجوواز أكلوه‪ ،‬فبقوي موا عوداه مون الغربوان ملتحقوا بواألبقع‪،‬‬
‫ومنهوا الغوداف علوى الصووحيح فوي " الروضوة "‪ ،‬بخوالف تصووحيح الرافعوي‪ ،‬وسومى ابون قدامووة الغوداف غوراب البوين‪ ،‬والمعووروف‬
‫عند أهل اللغة أنه األبقع‪ ،‬قيل‪ :‬سمي غراب البين ألنوه بوان عون نووح لموا أرسوله مون السوفينة ليكشوف خبور األرض‪ ،‬فلقوي جيفوة‬
‫فوقع عليها ولم يرجع إلى نوح‪ ،‬وكان أهل الجاهلية يتشاءمون به‪ ،‬فكانوا إذا نعب مرتين قالوا‪ :‬آذن بشر‪ ،‬وإذا نعب ثالثوا قوالوا‪:‬‬
‫آذن بخير‪ ،‬فأبطل اإلسالم ذلك‪ ،‬وكان ابن عبواس إذا سومع الغوراب قوال‪ :‬اللهوم ال طيور إال طيورك‪ ،‬وال خيور إال خيورك‪ ،‬وال إلوه‬
‫غيرك‪ .‬وقال صاحب الهداية‪ :‬المراد بالغراب في الحديث‪ :‬الغداف واألبقع‪ ،‬ألنهما يأكالن الجيف‪ ،‬وأما غراب الوزرع فوال‪ ،‬وكوذا‬
‫استثناه ابن قدامة‪ ،‬وما أظن فيه خالفا‪ .‬فتح الباري (ج ‪/6‬ص‪.)47‬‬
‫(الحدأة) هي أخس الطيور‪ .‬تخطف أطعمه الناس من أيديهم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫سنن ابن ماجه‪ ،‬باب ما يقتل المحرم‪ ،1031/3 ،‬حديث ‪ .3087‬حكم الحديث قال األلباني صحيح‬ ‫‪3‬‬

‫بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪.197/2 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب‪28/9 ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪148‬‬
‫بعيدة عن العذرة زمنا وعلفت شيئاً طاه اًر فطاب لحمها وذهب اسم الجاللة عنها حلت؛ ألن علة‬

‫النهي التغيير قد زالت فتطهر حينئذ وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪ -2‬كل ذي مخلب من الطير‪:‬‬

‫السباع‪،‬‬
‫كل ذي ناب من ّ‬
‫عباس‪ ،‬قال‪" :‬نهى رسول هللا صّلى هللا عليه وسّلم عن ّ‬
‫عن ابن ّ‬
‫طير"‪ 1،‬وأما ذو المخلب من الطير فالمقصود به الطيور التي تعدو‬
‫كل ذي مخلب من ال ّ‬
‫وعن ّ‬
‫بمخالبها مثل الصقر والشاهين والعقاب والنسر والباشق ونحو ذلك‪ ،‬فهي محرمة عند جمهور‬
‫العلماء‪ ،‬ويرى مالك أنها مباحة‪ ،‬ولو كانت جاللة‪.‬‬

‫طير‪ ،‬وهي اّلتي تعّلق بمخالبها‬


‫وكل ذي مخلب من ال ّ‬
‫قال في المغني‪ :‬مسألة؛ قال‪ّ ( :‬‬
‫الرأي‪ ،‬وقال‬
‫افعي‪ ،‬وأبو ثور‪ ،‬وأصحاب ّ‬ ‫الشيء‪ ،‬وتصيد بها) هذا قول أكثر أهل العلم‪ ،‬وبه قال الش‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫طير شيء‪ ،‬قال مالك‪ :‬لم أر أحدًا من‬
‫اعي‪ ،‬ويحيى بن سعيد‪ :‬ال يحرم من ال ّ‬ ‫مالك‪ ،‬والّليث‪ ،‬واألوز‬
‫ّ‬
‫عباس‪ :‬ما‬
‫الدرداء وابن ّ‬
‫احتجوا بعموم اآليات المبيحة‪ ،‬وقول أبي ّ‬
‫طير‪ ،‬و ّ‬ ‫أهل العلم يكره سباع ال ّ‬
‫ُ عليه‬
‫ُ صّلى ّ‬ ‫ُ عنه‪ ،‬فهو ما عفا عنه ولنا‪ ،‬ما روى ابن ّ‬
‫عباس قال‪" :‬نهى رسول ّ‬ ‫سكت ّ‬
‫‪3‬‬
‫طير"‪2،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وكل ذي مخلب من ال ّ‬
‫السباع‪ّ ،‬‬
‫كل ذي ناب من ّ‬
‫وسّلم عن ّ‬

‫دل‬
‫‪ -3‬الطيور التي نهى عن قتلها‪ :‬إذا نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن قتل حيوان‪َّ ،‬‬
‫ذلك على تحريم لحمه؛ من جهة إشعاره باستبقائه‪ ،‬وهذا كنهيه عن قتل النملة‪ ،‬والنحل‪،‬‬
‫الصرد‪ ،‬والهدهد‪.‬‬
‫والخطاف و ُّ‬

‫‪ -4‬الطيور التي أمر بقتلها‪ :‬ومما ُيرشد أمره بقتل بعض الحيوانات‪ ،‬قالوا‪ :‬ما أمر بقتله‪،‬‬

‫فاألصل تحريمه‪ ،‬كأمره بقتل الفواسق‪ ،‬ألنه إنما يأمر بقتل المستخبثات التي ال تُقتنى‪ ،‬ولو‬
‫‪4‬‬
‫كانت مأكولة‪ ،‬لجاز إعدادها واقتناؤها‪ ،‬وتسمينها لألكل‪.‬‬

‫أخرجه مسلم كتاب الصيد والذبائح‪ ،‬باب إذا غاب عنه الصيد ثم وجده ‪ ،1524/3‬وأبو داوود ‪ ،355/3‬والترمذي‪.71/4‬‬ ‫‪1‬‬

‫تم تخريجه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن قدامة المقدسي‪ ،‬المغني‪.410/9 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫أبو المعالي‪ ،‬نهاية المطلب في دراية المذهب‪.210/18 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪149‬‬
‫النتائج‪:‬‬

‫‪ .1‬الطيور خلق من مخلوقات هللا لها أحكام في اإلسالم منها ما هو متفق عليه ومنها ما هو‬
‫مختلف عليه‪.‬‬

‫‪ .2‬تضمنت أحكام الطير في جميع جوانب الفقه من عبادات ومعامالت‪.‬‬

‫‪ .3‬ذرق الطيور المباح أكلها طهارة ما دام يسي اًر‪ ،‬وذرق الطيور غير المأكولة نجس‪.‬‬

‫‪ .4‬سؤر الطيور المباح أكلها طاهر‪ ،‬وسؤر الطيور غير المأكولة طاهر‪.‬‬

‫‪ .5‬دماء الطيور المسفوحة كلها نجس‪.‬‬

‫‪ .6‬طهارة ريش الطيور كلها المأكول وغير المأكول‪.‬‬

‫‪ .7‬صيد الطيور المباح أكلها جائز وجواز صيدها بأدوات المختلفة الصيد أو بالطيور‬
‫الجارحة‪.‬‬

‫‪ .8‬صيد الطيور الجارحة وغير المأكولة لغير الضرورة غير جائز لعدم االنتفاع بها‪.‬‬

‫‪ .9‬ذكاة الطيور تكون حسب الذكاة الشرعية بقطع الحلقوم والمريء‪.‬‬

‫‪ .10‬يحرم صيد طير الحرم المأكول للمحرم وغير المحرم‪ ،‬ويجوز صيد طير الحرم غير‬
‫المأكول‪.‬‬

‫‪ .11‬صيد الطير الطافي على الماء للمحرم ال يجوز وفيه الجزاء‪.‬‬

‫الحرم‪.‬‬
‫‪ .12‬جواز صيد الطيور في األشهر ُ‬

‫‪ .13‬يكره صيد الطيور وقت تكاثرها وعند تفريخها‪.‬‬

‫‪ .14‬بيع الطيور الجارحة لغير حاجة وعدم االنتفاع به ال يجوز‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫‪ .15‬جواز بيع الطيور المتخذة للزينة وجواز تربيتها‪.‬‬

‫‪ .16‬ال زكاة في الطيور إال إذا كانت معدة للتجارة ففيها الزكاة‪.‬‬

‫‪ .17‬الطيور التي ال مخلب لها حالل أكلها‪ ،‬والطيور ذات المخلب ال يجوز أكلها‪.‬‬

‫‪ .18‬كراهة أكل الطيور الجاللة التي أكثر أكلها الجيف‪ ،‬واألحوط أن تحبس أيام لكي يطهر‬

‫ما بداخلها‪.‬‬

‫‪ .19‬جواز التداوي بالطيور المباح أكلها‪ ،‬وعدم جواز التداوي بالطيور المحرمة أكلها إال‬
‫للضرورة‪.‬‬

‫‪ .20‬جواز عقد المسابقات على الطيور وجواز أخذ الجوائز عليها‪.‬‬

‫عدم جواز التحريش الطيور في المسابقات وغيرها‪.‬‬ ‫‪.21‬‬

‫‪ .22‬نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن أكل الهدهد والصرد‪ ،‬وأمر بقتل الغراب األسود‬
‫والحدأة‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬

‫أوصي طالب العلم الشرعي بمواصلة البحث في هذا الموضوع‪ ،‬وأن يتوسعوا في‬ ‫‪.1‬‬
‫تفصيالت البحث‪ ،‬فموضوع أحكام الطير كبير ويمكن بحث الفرعيات بأبحاث مستقلة‪.‬‬

‫ضرورة توعية الناس عن األحكام المتعلقة بالطير فكثير من الناس يجهل أحكامها وقع‬ ‫‪.2‬‬
‫يقع البعض في الحرام‪ ،‬لذا وجب تثقيف وتوعية الناس إلى ذلك‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫فهرس اآليات القرآنية‬

‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫اآلية‬ ‫السورة‬


‫‪73‬‬ ‫‪29‬‬ ‫ﱡﭐ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁﱠ‬ ‫البقرة‬

‫‪22‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ﭐﱡﭐﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﱠ‬ ‫البقرة‬

‫‪144‬‬ ‫‪57‬‬ ‫ﲸ‬ ‫ﲷ‬ ‫ﭐﱡﭐﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ‬ ‫البقرة‬

‫ﲽ ﲿ ﳀ ﳁ‬
‫ﲾ‬ ‫ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ‬

‫ﳂﳃﳄﱠ‬
‫‪22‬‬ ‫‪58‬‬ ‫ﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱠ‬ ‫البقرة‬
‫‪108‬‬ ‫‪168‬‬ ‫ﱡﭐﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ‬ ‫البقرة‬

‫ﳁﳃﳄﳅﳆﱠ‬
‫ﳂ‬ ‫ﲿﳀ‬
‫‪22‬‬ ‫‪185‬‬ ‫ﱡﭐﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘﱠ‬ ‫البقرة‬

‫‪146‬‬ ‫‪195‬‬ ‫ﱡﭐﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﱠ‬ ‫البقرة‬

‫‪144‬‬ ‫‪260‬‬ ‫ﭐﱡﭐﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ‬ ‫البقرة‬

‫ﱥﱧ‬
‫ﱦ‬ ‫ﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤ‬

‫ﱨﱩﱪﱫﱠ‬
‫‪14‬‬ ‫‪269‬‬ ‫ﲶﲸﲹﲺﲻ‬
‫ﲷ‬ ‫ﱡﭐﲳ ﲴ ﲵ‬ ‫البقرة‬

‫ﲼ ﲽ ﲾﱠ‬
‫‪21‬‬ ‫‪18‬‬ ‫ال عمران ﭐﱡﭐﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ‬

‫ﱝ ﱞ ﱟﱠ‬
‫‪146‬‬ ‫‪71‬‬ ‫ﱡﭐﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﱠ‬ ‫النساء‬

‫‪25‬‬ ‫‪78‬‬ ‫ﭐﱡﭐﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﱠ‬ ‫النساء‬

‫‪13‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ﭐﱡﭐﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾﱠ‬ ‫المائدة‬

‫‪23‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ﱡﭐﲬ ﲭ ﲮﱠ‬ ‫المائدة‬

‫‪152‬‬
‫‪51‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ﭐﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱠ‬ ‫المائدة‬

‫‪73‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ﲆﲈﲉﲊﲋﲌ‬


‫ﲇ‬ ‫ﱡﭐﲃ ﲄ ﲅ‬ ‫المائدة‬

‫ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲕ‬
‫ﲔ‬

‫ﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﱠ‬
‫‪144‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ﭐﱡﭐﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ‬ ‫المائدة‬

‫ﳃ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈﳉ‬
‫ﳄ‬ ‫ﳁ ﳂ‬

‫ﳏ ﳑ ﳒ‬
‫ﳐ‬ ‫ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ‬

‫ﳓﱠ‬
‫‪137‬‬ ‫‪91-90‬‬ ‫ﱡﭐﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ‬ ‫المائدة‬

‫ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ‬

‫ﳌ ﳍ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ‬
‫ﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍ‬

‫ﱑﱓﱔﱕﱠ‬
‫ﱒ‬ ‫ﱎﱏﱐ‬
‫‪86‬‬ ‫‪95‬‬ ‫ﭐﱡﭐﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠﱠ‬ ‫المائدة‬

‫‪38‬‬ ‫‪96‬‬ ‫ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱠ‬ ‫المائدة‬

‫‪1‬‬ ‫‪38‬‬ ‫ﭐﱡﭐﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ‬ ‫األنعام‬

‫ﱵﱷﱸﱹ‬
‫ﱶ‬ ‫ﱮﱰﱱﱲﱳﱴ‬
‫ﱯ‬ ‫ﱭ‬

‫ﱺﱠ‬
‫‪11‬‬ ‫‪114‬‬ ‫ﭐﱡﭐﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ‬ ‫األنعام‬

‫ﲈ ﲉﱠ‬
‫‪124‬‬ ‫‪119‬‬ ‫ﭐﱡﭐﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ‬ ‫األنعام‬

‫ﱓﱠ‬
‫‪111‬‬ ‫‪138‬‬ ‫ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ‬ ‫األنعام‬

‫ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ‬
‫‪153‬‬
‫ﱖﱘ‬
‫ﱗ‬ ‫ﱑﱒﱓﱔﱕ‬

‫ﱙ ﱚ ﱛﱠ‬
‫‪51‬‬ ‫‪145‬‬ ‫ﭐﱡﭐﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ‬ ‫األنعام‬

‫ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ‬

‫ﲜﲝﲞﲟﱠ‬
‫‪21‬‬ ‫‪11‬‬ ‫األعراف ﭐﱡﭐﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﱠ‬
‫‪132‬‬ ‫‪32‬‬ ‫األعراف ﱡﭐﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ‬

‫ﱝﱠ‬
‫‪38‬‬ ‫‪157‬‬ ‫األعراف ﱡﭐﱸ ﱹ ﱺ ﱠ‬
‫‪136‬‬ ‫‪60‬‬ ‫ﭐﱡﭐﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ‬ ‫األنفال‬

‫ﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵ‬
‫ﲹ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ‬
‫ﲺ‬ ‫ﲶ ﲷ ﲸ‬

‫ﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﱠ‬
‫‪65‬‬ ‫‪71‬‬ ‫ﱡﭐﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅﱠ‬ ‫التوبة‬

‫‪86‬‬ ‫‪36‬‬ ‫ﭐﱡﭐﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ‬ ‫التوبة‬

‫ﲝ ﲞﲟ ﲠﲡﲢﲣﲤ‬
‫ﲩ ﲫ ﲬ ﲭ‬
‫ﲪ‬ ‫ﲥ ﲧ ﲨ‬
‫ﲦ‬

‫ﲮﱠ‬
‫‪25‬‬ ‫‪122‬‬ ‫ﭐﱡﭐﳃ ﳄ ﳅ ﱠ‬ ‫التوبة‬

‫‪10‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ﭐﱡﭐ ﲅ‬


‫ﲄ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ‬ ‫هود‬

‫ﲎﱠ‬
‫‪25‬‬ ‫‪91‬‬ ‫ﭐﱡﭐﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱠ‬ ‫هود‬

‫‪132‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ﭐﱡﭐﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕﱠ‬ ‫النحل‬

‫‪128‬‬ ‫‪18‬‬ ‫ﱡﱣﱤﱥ‬


‫ﱢ‬ ‫ﱡﭐﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ‬ ‫النحل‬

‫‪154‬‬
‫ﱦﱠ‬
‫‪58‬‬ ‫‪65‬‬ ‫ﭐﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱠ‬ ‫النحل‬

‫‪56‬‬ ‫‪80‬‬ ‫ﱡﭐﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ‬ ‫النحل‬

‫ﱙﱠ‬
‫‪13‬‬ ‫‪32‬‬ ‫ﱼ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﱠ‬
‫ﱽ‬ ‫ﱡﭐ ﱺ ﱻ‬ ‫اإلسراء‬

‫‪24‬‬ ‫‪78‬‬ ‫ﱡﭐﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ‬ ‫اإلسراء‬

‫ﱥﱧﱨﱩﱪﱫﱠ‬
‫ﱦ‬
‫‪21‬‬ ‫‪47‬‬ ‫ﭐﱡﭐﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ‬ ‫الكهف‬

‫ﱘﱙﱚﱠ‬
‫‪25‬‬ ‫‪27‬‬ ‫ﭐﱡﭐﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﱠ‬ ‫طه‬

‫‪102‬‬ ‫‪79-78‬‬ ‫ﱡﭐﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ‬ ‫األنبياء‬

‫ﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖ‬

‫ﲜﲞﲟﲠ‬
‫ﲝ‬ ‫ﲗﲙﲚﲛ‬
‫ﲘ‬

‫ﲣ ﲥ ﲦﱠ‬
‫ﲤ‬ ‫ﲡﲢ‬
‫‪22‬‬ ‫‪33‬‬ ‫ﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱﱠ‬ ‫النور‬
‫‪143‬‬ ‫‪20‬‬ ‫ﱡﭐﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ‬ ‫النمل‬

‫ﲵﲶﱠ‬
‫‪81‬‬ ‫‪67‬‬ ‫العنكبوت ﱡﭐﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱠ‬
‫‪21‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ﱽﱿﲀﲁﱠ‬
‫ﱾ‬ ‫ﱡﭐﱺ ﱻ ﱼ‬ ‫سبأ‬

‫‪15‬‬ ‫‪96‬‬ ‫الصافات ﭐﱡﭐﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﱠ‬


‫‪93‬‬ ‫‪13‬‬ ‫ﭐﱡﭐﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳝ‬
‫ﳜﳞﳟ‬ ‫الجاثية‬

‫ﳠﳡﳢﳣﱠ‬
‫‪148 ،128 21-20‬‬ ‫ﭐﱡﭐﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱠ‬ ‫الواقعة‬

‫‪58‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ﱡﭐﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﱠ‬ ‫الحديد‬


‫‪155‬‬
‫‪19‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ﱡ ﭐﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ‬ ‫الحشر‬

‫ﲗﱠ‬
‫‪137‬‬ ‫‪9‬‬ ‫المنافقون ﭐﱡﭐﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ‬
‫ﲗﲙﲚﲛﲜ‬
‫ﲘ‬ ‫ﲔﲕﲖ‬
‫ﲝﲞﱠ‬

‫‪156‬‬
‫مسرد األحاديث النبوية‬

‫الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪25‬‬ ‫"اللهم فقهه في الدين"‬
‫‪25‬‬ ‫"اذا أراد هللا عز وجل بعبد خير فقهه في الدين"‬
‫‪25‬‬ ‫"ورب حامل فقه ليس بفقيه"‬
‫‪37‬‬ ‫"نهى سول هللا صلى هللا عليه وسلم عن آكل كل ذي ناب من السباع وعن‪"...‬‬
‫‪38‬‬ ‫"نهى عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصرد"‬
‫‪،83 ،38‬‬ ‫خمس يقتلهن المحرم‪ :‬الحية والفأرة والحدأة والغراب األبقع والكلب العقور"‬
‫‪148‬‬
‫‪47‬‬ ‫"إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث"‬
‫‪48‬‬ ‫"يا رسول هللا أنتوضأ بما أفضلت الحمر ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وبما أفضلته السباع كلها"‬
‫‪49‬‬ ‫"لها ما حملت في بطونها‪ ،‬ولنا ما غبر طهور"‬
‫‪49‬‬ ‫"يا صاحب المقراة ال تخبره‪ ،‬هذا متكلف‪ ،‬لها ما حملت في بطونها‪ ،‬ولنا ما‪"...‬‬
‫‪56 ،54‬‬ ‫"إنما حرم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من الميتة لحمها‪ ،‬أما الجلد‪"...‬‬
‫‪54‬‬ ‫"ال بأس بمسك الميتة إذا دبغ‪ ،‬وال بأس بصوفها‪ ،‬وشعرها‪ ،‬وقرونها إذا غسل‪"...‬‬
‫‪54‬‬ ‫"هال أخذتم إهابها فدبغتموه‪ ،‬فانتفعتم به؟‪ .‬فقالوا‪ :‬إنها ميتة!‪ .‬قال‪ :‬إنما حرم‪"...‬‬
‫‪61 ،55‬‬ ‫"ال تنتفعوا من الميتة بشيء"‬
‫‪56‬‬ ‫"أن النبي صلى هللا عليه وسلم نهى عن ركوب النمار"‬
‫‪61 ،59‬‬ ‫"أيما إهاب دبغ فقد طهر"‬
‫‪59‬‬ ‫"إذا دبغ اإلهاب فقد طهر"‬
‫‪60‬‬ ‫"ما أبين من البهيمة وهي حية‪ ،‬فهو ميت"‬
‫‪61‬‬ ‫"دباغ كل أديم طهوره"‬
‫‪62‬‬ ‫القتلة‪ ،‬وإذا ذبحتم‪"...‬‬ ‫ٍ‬
‫شيء‪ ،‬فإذا قتلتم فأحسنوا ِ‬ ‫"إن هللا كتب اإلحسان على كل‬
‫‪66‬‬ ‫"خذها فإنما هي لك أو ألخيك أو للذئب"‬
‫‪68‬‬ ‫"ما لك ولها‪ ،‬معها سقاؤها وحذاؤها‪ ،‬ترد الماء وتأكل الشجر حتي يلقاها ربها"‬
‫‪69‬‬ ‫"ضالة المؤمن حرق النار"‬
‫‪74‬‬ ‫"سألت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن صيد البازي‪ ،‬فقال‪« :‬إذا أمسك‪"...‬‬
‫‪76‬‬ ‫"الذكاة ما بين اللبة واللحيين"‬

‫‪157‬‬
‫‪78‬‬ ‫"ما أنهر الدم وذكر اسم هللا عليه فكل"‬
‫‪78‬‬ ‫"ما فرى األوداج فكلوا‪ ،‬ما لم يكن رض ناب أو نخر ظفر"‬
‫‪79‬‬ ‫ام ِة‪"...‬‬ ‫ِ‬ ‫ور ِب َغي ِر َحِّق ِه‪َ ،‬سأََل ُه َّ‬
‫ُُ َعن ُه َيوَم الق َي َ‬ ‫" َمن َقَت َل ُعصُف ًا‬
‫‪81‬‬ ‫"إن هذا البلد حرمه هللا يوم خلق السموات واألرض‪"...‬‬
‫‪87‬‬ ‫"ما بين البتيها حرام"‬
‫‪87‬‬ ‫"إن هللا حرم مكة يوم خلق"‬
‫‪93‬‬ ‫"يا أبا عمير ما فعل النغير‪"...‬‬
‫‪94‬‬ ‫"عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار‪"...‬‬
‫‪97‬‬ ‫"اشتر لنا إبال من قالئص الصدقة إذا جاءت‪ ،‬حتى نؤديها إليهم"‬
‫‪100‬‬ ‫"العجماء جبار والبئر جبار‪ ،‬والمعدن جبار‪ ،‬وفي الركاز الخمس"‬
‫‪102‬‬ ‫"أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار‪ ،‬وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن‪"...‬‬
‫‪105‬‬ ‫"ال ضرر وال ضرار"‬
‫‪112‬‬ ‫"أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حرم يوم خيبر كل ذي مخلب من الطير‪"...‬‬
‫‪112‬‬ ‫"نهى يوم خيبر عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمر وكل ذي ناب من‪"...‬‬
‫‪119‬‬ ‫الجاللة"‬
‫"نهى عن أكل لحم ّ‬
‫‪120‬‬ ‫الجاللة وألبانها"‬
‫"نهى عن لحوم ّ‬
‫‪123‬‬ ‫فصحوا‪ ،‬فقتلوا‪"...‬‬
‫ّ‬ ‫"أال تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها‬
‫‪125‬‬ ‫رخص في لبس الحرير لعبد الرحمن‪"...‬‬ ‫"بأن النبي صلى هللا عليه وسلم ّ‬
‫‪128‬‬ ‫" ِفي ُك ِّل َكِبٍد َرط َب ٍة أَجر"‬
‫‪128‬‬ ‫"أن امرأة دخلت النار بسبب أنها حبست هرة (فال هي أطعمتها وال تركتها‪"...‬‬
‫‪130‬‬ ‫"الراحمون يرحمهم هللا"‬
‫ش‪ِ ،‬إذ َأرَت ُه َب ِغي ِمن َب َغ َايا َبِني‪"...‬‬ ‫"بينما كلب ي ِط ِ ٍ‬
‫‪130‬‬ ‫طُ‬ ‫يف ب َرِكيَّة‪َ ،‬ك َاد َيقُتُل ُه َ‬
‫الع َ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ‬
‫ش‪َ ،‬ف َن َزَل ِبئ ًرا‪َ ،‬ف َش ِر َب ِمن َها‪ ،‬ثُ َّم َخ َرَج َفِإ َذا‪"...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪130‬‬ ‫طُ‬ ‫" َبي َنا َرُجل َيمشي‪َ ،‬فاشتََّد َعَليه َ‬
‫الع َ‬
‫َم َر ِب َحِّد ِّ‬
‫الشَف ِار‪َ ،‬وأَن تَُو َارى َع ِن ال َب َه ِائ ِم‪"...‬‬ ‫ِ َّ‬ ‫َن رسول هللاِ َّ‬
‫‪131‬‬ ‫صلى هللاُ َعَليه َو َسل َم أ َ‬ ‫َ‬ ‫"أ َّ َ ُ َ‬
‫‪131‬‬ ‫ات َه َّال َح َدد َت َشف َرتَ َك َقب َل أَن تُض ِج َع َها"‬ ‫"أَتُ ِريد أَن تُ ِميتَها موتَ ٍ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫‪131‬‬ ‫يم ِة َوِهي َحيَّة َف ِهي َميتَة"‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫" َما ُقط َع م َن ال َبه َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪132‬‬ ‫"كان نفر من أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ينتظرونه على الباب‪"...‬‬
‫‪132‬‬ ‫"ال يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر‪"...‬‬
‫‪133‬‬ ‫"كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أحسن الناس ُخُلًقا‪ ،‬وكان لى أخ ألمى‪"...‬‬
‫‪158‬‬
‫‪136‬‬ ‫"سابقني رسول هللا فسبقته‪ ،‬فلبثت حتى إذا أرهقني اللحم‪"...‬‬
‫‪136‬‬ ‫"ان النبي صلى هللا عليه وسلم صارع"‬
‫‪136‬‬ ‫"وكان النبي عليه الصالة والسالم يمر على أصحابه في حلقات الرمي‪"...‬‬
‫‪137‬‬ ‫"من قال لصاحبه‪ :‬تعال أقامرك فليتصدق"‬
‫‪138‬‬ ‫ف أَو ِفي َح ِاف ٍر أَو َنص ٍل"‬ ‫ٍ‬ ‫َّ ِ‬
‫" َال َس َب َق ِإال في ُخ ّ‬
‫‪140‬‬ ‫ُُ َعَلي ِه َو َسَّل َم أَن تُص َب َر ال َب َه ِائ ُم"‬‫صَّلى َّ‬ ‫َِّ‬
‫" َن َهى النب ُّي َ‬
‫‪140‬‬ ‫ضا"‬ ‫" َال تتَّ ِخ ُذوا شيئا ِف ِ‬
‫الروح َغ َر ً‬ ‫يه ُّ‬ ‫َ ً‬ ‫َ‬
‫‪140‬‬ ‫"نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن التحريش بين البهائم"‬
‫‪141‬‬ ‫" َعَلي ِك ِب ِّ‬
‫الرف ِق"‬
‫‪141‬‬ ‫حظها من األرض‪ ،‬وإذا سافرتُم في‪"...‬‬ ‫طوا اإلبل َّ‬ ‫الخصب فأَع ُ‬ ‫"إذا ساَفرتُم في ِ‬
‫َ‬
‫‪144‬‬ ‫يمة‪"...‬‬ ‫ِ‬ ‫" َما ِمن مسلم َيغ ِر ُس َغرًسا أَو َيزَرعُ َزرًعا َف َيأ ُك ُل ِمن ُه ِإن َسان أَو َ‬
‫طير أَو َبه َ‬
‫‪145‬‬ ‫"لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا ُيتعلم فيه الرمي"‬

‫‪159‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ ‬األرموي‪ ،‬سراج الدين محمود بن أبي بكر‪ ،‬التحصيل من المحصول‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1408 ،1‬ه‪1998-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬األرموي‪ ،‬محمد بن الحسين بن عبد هللا‪ ،‬الحاصل من المحصول في أصول الفقه‪ ،‬جامعة‬

‫قاريونس‪ ،‬بني غازي‪1405 ،‬ه‪1994-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬األلباني‪ ،‬محمد ناصر الدين‪ ،‬إرواء الغليل في تخرج أحاديث منار السبيل‪ ،‬المكتب‬

‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1399 ،1‬ه‪1979-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬االمام مالك‪ ،‬مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي المدني‪ ،‬المدونة‪ ،‬دار الكتب‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1415 ،1‬ه‪1994-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬اآلمدي‪ ،‬أبو الحسن سيد الدين علي بن أبي علي بن محمد‪ ،‬اإلحكام في أصول األحكام‪،‬‬

‫المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1402 ،2‬ه‪1982-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن أمير حاج‪ ،‬شمس الدين محمد بن محمد بن محمد ابو عبد هللا‪ ،‬التحرير بشرح التقرير‬
‫والتحبير‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1403 ،2‬ه‪1983-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬اإليجي‪ ،‬عضد الدين عبد الرحمن‪ ،‬شرح مختصر المنتهى األصولي البن الحاجب‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1424 ،1‬ه‪2004-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الباحسين‪ ،‬يعقوب بن عبد الوهاب‪ ،‬الحكم الشرعي‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1431‬ه‪2010-‬م‪.‬‬

‫الب َجي َرِمي‪ ،‬سليمان بن محمد بن عمر المصري الشافعي‪ ،‬تحفة الحبيب على شرح‬
‫‪ُ ‬‬
‫ّ‬
‫الخطيب حاشية البجيرمي على الخطيب‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون طبعة‪1415 ،‬هو‪-‬‬

‫‪1995‬م‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫‪ ‬البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل أبو عبد هللا‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫ط‪1422 ،1‬ه‪2002-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬البكري‪ ،‬أبو بكر عثمان بن محمد شطا الدمياطي الشافعي‪ ،‬إعانة الطالبين على حل‬
‫ألفات فتح المعين‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ه‪1997-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬البهوتي‪ ،‬منصور بن يونس بن صالح الدين‪ ،‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ ،‬دار الكتب‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ط‪1403 ،‬ه‪1983-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين بن علي بن موسى‪ ،‬السنن الكبرى‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1424 ،3‬ه‪2003-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الترمذي‪ ،‬محمد بن عيسى بن َسورة‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬مكتبة ومطبعة مصطفى البابي‬

‫الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1395 ،2‬ه‪1975-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬التفتازاني‪ ،‬سعد الدين مسعود بن عمر‪ ،‬التلويح على التوضيح لمتن التنقيح فى اصول‬
‫الفقه‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1416 ،1‬ه‪1996-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬التفتازاني‪ ،‬سعد الدين مسعود بن عمر‪ ،‬شرح التلويح على التوضيح‪ ،‬مكتبة صبيح‪،‬‬

‫القاهرة‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬ابن تيمية‪ ،‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬مجمع الملك فهد‬
‫لطباعة المصحف الشريف‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪1416 ،1‬ه‪1995-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الجرجاني‪ ،‬علي بن محمد بن علي الزين الشريف‪ ،‬التعريفات‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫ط‪1403 ،1‬ه‪1983-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الجزري‪ ،‬شمس الدين محمد بن يوسف‪ ،‬معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم‬
‫األصول‪ ،‬مطبعة الحسين اإلسالمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1413 ،1‬ه‪1993-‬م‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫‪ ‬الجصاص‪ ،‬أحمد بن علي أبو بكر الرازي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬د ط‪1405 ،‬ه‪1995-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الجويني‪ ،‬عبد الملك بن عبد هللا بن يوسف بن محمد‪ ،‬نهاية المطلب في دراية المذهب‪،‬‬

‫و ازرة الوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬قطر‪ ،‬ط‪1428 ،1‬ه‪2007-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬جيني جونسون‪ ،‬موسوعة ‪ 1000‬حقيقة عن الطيور‪ ،‬دار األجيال‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1429‬ه‪2009-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن الحاجب‪ ،‬جمال الدين أبي عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر المقري‪ ،‬شرح العضد‬

‫على مختصر المنتهى األصولي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1421 ،1‬ه‪2000-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن الحاجب‪ ،‬جمال الدين أبي عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر المقري‪ ،‬منتهى‬
‫الوصول واألمل في علمي األصول والجدل‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1326 ،1‬ه‪-‬‬

‫‪1909‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن الحاجب‪ ،‬عثمان بن عمر بن أبي بكر‪ ،‬جامع األمهات‪ ،‬اليمامة للطباعة والنشر‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1419 ،1‬ه‪1998-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الحاكم‪ ،‬أبو عبد هللا الحاكم محمد بن عبد هللا‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1411 ،1‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الحبكني‪ ،‬محمد األمين بن أحمد زيدان‪ ،‬مراقي السعود إلى مراقي السعود‪ ،‬مكتبة ابن‬

‫تيمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1413 ،1‬ه‪1993-‬م‪.‬‬

‫عمان‪ ،‬ط‪1426 ،1‬ه‪-‬‬


‫‪ ‬الحجاج‪ ،‬عادل‪ ،‬موسوعة الصقور‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪ّ ،‬‬
‫‪2006‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الحجاج‪ ،‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الولى‪1427 ،‬ه‪-‬‬
‫‪2006‬م‪.‬‬
‫‪162‬‬
‫‪ ‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دط‪،‬‬

‫‪1379‬ه‪1959-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن حزم‪ ،‬أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد‪ ،‬مراتب اإلجماع‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬حسب هللا‪ ،‬علي‪ ،‬أصول التشريع اإلسالمي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1417 ،1‬ه‪-‬‬

‫‪1997‬م‪.‬‬

‫‪ ‬أبو الحسين‪ ،‬أحمد بن فارس بن زكريا‪ ،‬معجم األدباء‪ ،‬دار الغرب االسالمي‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫ط‪1414 ،1‬ه‪1993-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬أبو الحسين‪ ،‬أحمد بن فارس بن زكريا‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪،‬‬

‫‪1399‬ه‪1979-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الحصني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد‪ ،‬الدر المختار شرح تنوير األبصار وجامع البحار‪،‬‬

‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1423 ،1‬ه‪2002-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الحفيد‪ ،‬محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد‪ ،‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪،‬‬

‫مكتبة ابن تيمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1415 ،1‬ه‪1994-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الحميري‪ ،‬سعيد علي محمد‪ ،‬الحكم الوضعي عند األصوليين‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة‬
‫المكرمة‪ ،‬ط‪1404 ،1‬ه‪1985-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن حنبل‪ ،‬أبو عبد هللا أحمد بن محمد‪ ،‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1421 ،1‬ه‪2001-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الخرقي‪ ،‬أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد هللا‪ ،‬مختصر الخرقي‪ ،‬دار الصحابة للتراث‪،‬‬

‫القاهرة‪ ،‬ط‪1403 ،1‬ه‪1993-‬م‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫‪ ‬خضر‪ ،‬حسن سعد‪ ،‬مراتب الحكم الشرعى دراسة اصولية مقارنة‪ ،‬بحث علمي بجامعة‬

‫النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪1432 ،‬ه‪2011-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن خلكان‪ ،‬أحمد بن محمد بن أبى بكر‪ ،‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬دار‬

‫صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ط‪1392 ،‬ه‪1972-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الدارقطني‪ ،‬أبو الحسن علي بن عمر‪ ،‬سنن الدارقطني‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1421‬ه‪2000-‬م‪.‬‬

‫أبو داود‪ ،‬سليمان بن األشعث األزدي‪ ،‬سنن أبي داود‪ ،‬دار الرسالة العالمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ط‪1430 ،1‬ه‪2009-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الدسوقي‪ ،‬محمد بن أحمد بن عرفة‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬

‫دمشق‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬الدميري‪ ،‬كمال الدين محمد بن موسى‪ ،‬حياة الحيوان الكبرى‪ ،‬طالس للدراسات والترجمة‬

‫والنشر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1412 ،1‬ه‪1992-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الدهلوي‪ ،‬شاه ولي‪ ،‬حجة هللا البالغة‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1426 ،1‬ه‪2005-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الذهبي‪ ،‬شمس الدين أبو عبد هللا محمد بن أحمد بن عثمان‪ ،‬سير أعالم النبالء‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1405 ،3‬ه‪1985-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الرازي‪ ،‬زين الدين أبو عبد هللا محمد بن أبي بكر بن عبد القادر‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬المكتبة‬

‫العصرية الدار النموذجية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1420 ،5‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الرازي‪ ،‬فخر الدين‪ ،‬مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫ط‪1420 ،3‬ه‪2000-‬م‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫‪ ‬الرامينى‪ ،‬محمد بن مفلح‪ ،‬الفروع ومعه تصحيح الفروع‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1424‬ه‪2003-‬م‪.‬‬

‫الراميني‪ ،‬محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج أبو عبد هللا شمس الدين المقدسي‪ ،‬أصول‬ ‫‪‬‬
‫الفقه‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬أبو الربيع‪ ،‬سليمان بن عبد القوي بن الكريم الطوفي الصرصري‪ ،‬شرح مختصر الروضة‪،‬‬

‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1407 ،1‬ه‪1987-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الرحيبانى‪ ،‬مصطفى بن سعد بن عبده السيوطي‪ ،‬مطالب أولي النهى في شرح غاية‬

‫المنتهى‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1415 ،2‬ه‪1994-‬م‪.‬‬

‫الرعيني‪ ،‬شمس الدين أبو عبد هللا محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي‬
‫‪ُّ ‬‬
‫المالكي‪ ،‬مواهب الجليل في شرح مختصر خليل‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1412 ،3‬هو‪-‬‬

‫‪1992‬م‪.‬‬

‫الزبِ ِيد ّي‪ ،‬أبو بكر بن علي بن محمد الحدادي العابدي اليمني الحنفي‪ ،‬الجوهرة النيرة‪،‬‬
‫‪َّ ‬‬

‫المطبعة الخيرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1322 ،1‬ه‪1907-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الزبيدي‪ ،‬محمد مرتضى الحسيني‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬مطبعة حكومة‬
‫الكويت‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪1385 ،2‬ه‪1965-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الزحيلي‪ ،‬الشيد وهبة‪ ،‬نظرية الضمان‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬د ط‪1433 ،‬ه‪2012-‬م ‪.‬‬

‫‪ ‬الزحيلي‪ ،‬محمد مصطفى‪ ،‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬دار الخير للطباعة والنشر‬

‫والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1427 ،2‬ه‪2006-‬ه‪.‬‬

‫‪ ‬الزحيلي‪َ ،‬وه َبة بن مصطفى‪ ،‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ ،4‬د ت‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫‪ ‬الزرقاني‪ ،‬محمد بن عبد الباقي بن يوسف‪ ،‬شرح الزرقاني على موطأ اإلمام مالك‪ ،‬مكتبة‬

‫الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1424 ،1‬ه‪2003-‬م‪.‬‬

‫الزركشي‪ ،‬محمد بن بهادر بن عبد هللا‪ ،‬البحر المحيط في أصول الفقه‪ ،‬و ازرة األوقاف‬ ‫‪‬‬

‫والشؤون اإلسالمية‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪1413 ،2‬ه‪1992-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الزليطي‪ ،‬حلولو أحمد بن عبد الرحمن بن موسى‪ ،‬الضياء الالمع شرح جمع الجوامع‪،‬‬

‫مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1420 ،2‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الزمخشري‪ ،‬أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد‪ ،‬الفائق في غريب الحديث واألثر‪ ،‬دار‬

‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،2‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬زهير‪ ،‬محمد أبو النور‪ ،‬مذكرة في اصول الفقه‪ ،‬المكتبة األزهرية للتراث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪،‬‬

‫د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ ‬زيدان‪ ،‬عبد الكريم‪ ،‬الوجيز في أصول الفقه‪ ،‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة السادسة‪،‬‬

‫‪1396‬ه‪1976-‬م‪.‬‬

‫الزيلعي‪ ،‬أبو محمد عبد هللا بن يوسف بن محمد‪ ،‬نصب الراية ألحاديث الهداية‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪‬‬

‫الريان للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ه‪1997-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬السرخسي‪ ،‬محمد بن أحمد بن أبي سهل‪ ،‬المبسوط‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1409‬ه‪1989-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬السعدي‪ ،‬عبد الرحمن‪ ،‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير المنان‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫ط‪1420 ،1‬هو‪2000-‬م‪.‬‬

‫السغدي‪ ،‬أبو الحسن علي بن الحسين بن محمد‪ ،‬النتف في الفتاوى‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫‪ُّ ‬‬
‫بيرو‪ ،‬ط‪1404 ،2‬ه‪1984-‬م‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫‪ ‬سلقيني‪ ،‬إبراهيم محمد‪ ،‬الميسر في أصول الفقه‪ ،‬دار الثقافة والتراث‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،3‬‬

‫‪1416‬ه‪1996-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬السمرقندي‪ ،‬عالء الدين بن أبي بكر‪ ،‬ميزان األصول في نتائج العقول‪ ،‬مطابع الدوحة‬

‫الحديثة‪ ،‬قطر‪ ،‬ط‪1404 ،1‬ه‪1998-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الشافعي‪ ،‬أبو عبد هللا محمد بن إدريس بن العباس‪ ،‬األم‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ط‪،‬‬

‫‪1410‬هو‪1990-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الشربيني‪ ،‬محمد بن أحمد الخطيب‪ ،‬مغني المحتاج‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1415‬ه‪1994-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬شلبي‪ ،‬محمد مصطفى‪ ،‬أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،4‬‬

‫‪1406‬ه‪1986-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الشنجيطي‪ ،‬عبد هللا بن الحاج إبراهيم‪ ،‬فتح الودود على مراقي السعود‪ ،‬المطبعة المولوية‪،‬‬

‫فاس‪ ،‬ط‪1327 ،1‬ه‪1910-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الشنقيطي‪ ،‬عبد هللا بن إبراهيم العلوي‪ ،‬نشر البنود على مراقي السعود‪ ،‬مطبعة فضالة‪،‬‬

‫المغرب‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد بن عبد هللا‪ ،‬إرشاد الفحول الى تحقيق الحق من علم‬
‫االصول‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1419 ،1‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد‪ ،‬فتح القدير‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1414 ،1‬ه‪-‬‬

‫‪1995‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد‪ ،‬نيل األوطار‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1413 ،1‬ه‪-‬‬

‫‪1993‬م‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫‪ ‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬السيل الجرار المتدفق على حدائق األزهار‪ ،‬دار ابن حزم‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1425 ،1‬ه‪2005-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الشيباني‪ ،‬أبو عبد هللا محمد بن الحسن بن فرقد‪ ،‬األصل المعروف بالمبسوط‪ ،‬إدارة القرآن‬

‫والعلوم اإلسالمية‪ ،‬كراتشي‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬الشيرازي‪ ،‬عبد هللا عمر محمد البيضاوي‪ ،‬منهاج الوصول إلى علم األصول‪ ،‬دار ابن‬

‫حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1429 ،1‬ه‪2008-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الصاوي‪ ،‬أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي المالكي‪ ،‬لغة السالك ألقرب المسالك‬

‫المعروف‪ ،‬مكتبة مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د ط‪1372 ،‬ه‪1952-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬صدر الشريعة‪ ،‬عبيد هللا بن مسعود المحبوبي البخاري‪ ،‬تنقيح األصول في علم األصول‪،‬‬

‫المطبعة المحمودية التجارية باألزهر‪ ،‬القاهرة‪1356 ،‬ه‪1937-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الصنعاني‪ ،‬أبو بكر عبد الرزاق بن همام‪ ،‬مصنف عبد الرزاق‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1403 ،2‬ه‪1983-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الطباخ‪ ،‬محمد راغب‪ ،‬معالم السنن‪ ،‬المطبعة العلمية‪ ،‬حلب‪ ،‬ط‪1351 ،1‬ه‪1932-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الطبراني‪ ،‬سليمان بن أحمد بن أيوب‪ ،‬المعجم األوسط‪ ،‬دار الحرمين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1415‬ه‪1995-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الطبري‪ ،‬محمد بن جرير بن يزيد‪ ،‬تفسير الطبري‪ ،‬دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع‬

‫واإلعالن‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ه‪2001-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الطحاوي‪ ،‬أبو جعفر أحمد بن محمد بن سالمة‪ ،‬مختصر اختالف العلماء‪ ،‬دار البشائر‬

‫اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1417 ،2‬ه‪1997-‬م‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫عمان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ‬الطحاوي‪ ،‬أحمد بن محمد بن سالمة‪ ،‬شرح معاني اآلثار‪ ،‬عالم الكتب‪ّ ،‬‬
‫‪1414‬ه‪1994-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الطحاوي‪ ،‬أحمد بن محمد بن سالمة‪ ،‬مختصر الطحاوي‪ ،‬لجنة إحياء المعارف النعمانية‪،‬‬

‫الهند‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬العبادي‪ ،‬اإلمام احمد بن القاسم‪ ،‬اآليات البينات‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،2‬‬

‫‪1432‬ه‪2012-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬أبو العباس‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬دار‬

‫المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬أبو العباس‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي الفيومي‪ ،‬المصباح المنير في غريب الشرح‪،‬‬

‫المكتبة العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ ‬ابن عبد البر‪ ،‬أبو عمر يوسف بن عبد هللا بن محمد‪ ،‬أدب المجالسة وحمد اللسان‬
‫وفضل البيان وذم العي وتعليم اإلعراب‪ ،‬دار الصحابة للتراث‪ ،‬طنطا‪ ،‬ط‪1409 ،1‬ه‪-‬‬

‫‪1989‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن عثيمين‪ ،‬الشيد محمد بن صالح‪ ،‬لقاءات الباب المفتوح‪ ،‬مؤسسة الشيد محمد بن‬
‫صالح العثيمين الخيرية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1438 ،1‬ه‪2017-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن عثيمين‪ ،‬الشيد محمد بن صالح‪ ،‬مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن‬

‫صالح العثيمين‪ ،‬دار الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1413 ،1‬ه‪1993-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬العثيمين‪ ،‬محمد بن صالح بن محمد‪ ،‬الشرح الممتع على زاد المستقنع‪ ،‬دار ابن الجوزي‪،‬‬

‫جدة‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ه‪2002-‬م‪.‬‬

‫عمان‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫ق‬


‫‪ ‬ابن العربي‪ ،‬القاضي محمد بن عبد هللا أبو بكر‪ ،‬المحصول‪ ،‬دار البيار ‪ّ ،‬‬
‫‪1420‬ه‪1999-‬م‪.‬‬
‫‪169‬‬
‫‪ ‬العطار‪ ،‬حسن بن محمد بن محمود الشافعي‪ ،‬حاشية العطار على شرح الجالل المحلي‬

‫على جمع الجوامع‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫عمان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ‬عمر‪ ،‬أحمد مختار عبد الحميد‪ ،‬معجم اللغة العربية المعاصر‪ ،‬عالم الكتب‪ّ ،‬‬
‫‪1429‬ه‪2008-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬العيني‪ ،‬أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى‪ ،‬البناية شرح الهداية‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪2000-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الغرناطي‪ ،‬محمد بن أحمد بن جزي‪ ،‬القوانين الفقهية‪ ،‬دار الحزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1434‬ه‪2013-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الغزالي‪ ،‬أبو حامد محمد بن محمد‪ ،‬إحياء علوم الدين‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1426‬ه‪2005-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الغزالي‪ ،‬أبو حامد محمد بن محمد‪ ،‬المستصفى‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1413‬ه‪1993-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الفتوحي‪ ،‬أبو البقاء محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي‪ ،‬شرح الكوكب المنير‪ ،‬مكتبة‬

‫العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1418 ،2‬ه‪1997-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬أبو الفيض‪ ،‬أحمد بن محمد بن صديق الغماري‪ ،‬الهداية في تخريج أحاديث البداية‪ ،‬عالم‬

‫عمان‪ ،‬ط‪1407 ،1‬ه‪1987-‬م‪.‬‬


‫الكتب‪ّ ،‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد‪ ،‬الشرح الكبير‪ ،‬دار هجر للطباعة‬ ‫‪‬‬

‫والنشر والتوزيع واإلعالن‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1415 ،1‬ه‪1995-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن قدامة‪ ،‬أبو محمد عبد هللا بن أحمد المقدسي‪ ،‬المغني‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1405‬ه‪1985-‬م‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫‪ ‬ابن قدامة‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد بن أحمد‪ ،‬الشرح الكبير على متن المقنع‪ ،‬دار هجر‪،‬‬

‫القاهرة‪ ،‬ط‪1414 ،1‬ه‪1993-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬القرافي‪ ،‬أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس‪ ،‬الذخيرة‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1414 ،1‬ه‪1994-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬القرافي‪ ،‬شهاب الدين أحمد بن إدريس‪ ،‬نفائس األصول في شرح المحصول‪ ،‬مكتبة نزار‬

‫مصطفى الباز‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1416 ،1‬ه‪1996-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬القرضاوي‪ ،‬الشيد يوسف‪ ،‬الحالل والحرام‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1433 ،1‬ه‪2012-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬القرطبي‪ ،‬أبو عمر يوسف بن عبد هللا بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري‪ ،‬الكافي‬
‫في فقه أهل المدينة‪ ،‬مكتبة الرياض الحديثة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1400 ،2‬هو‪1980-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬القرطبي‪ ،‬أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد‪ ،‬المحلى باآلثار‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ط‪،‬‬

‫د ت‪.‬‬

‫‪ ‬القرطبي‪ ،‬محمد بن أحمد األنصاري‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪1427 ،1‬ه‪2006-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬القروي‪ ،‬محمد العربي‪ ،‬الخالصة الفقهية على مذهب السادة المالكية‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬القطيعي‪ ،‬صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق‪ ،‬قواعد األصول ومعاقد الفصول‪ ،‬دار‬

‫الركائز‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪1439 ،1‬ه‪2018-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬القليوبي‪ ،‬أحمد سالمة؛ عميرة‪ ،‬أحمد البرلسي‪ ،‬حاشيتا قليوبي وعميرة‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬د ط‪1415 ،‬هو‪1995-‬م‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ ‬القنوجي‪ ،‬محمد صديق حسن خان‪ ،‬الروضة الندية شرح الدرر البهية‪ ،‬دار األرقم‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1413 ،1‬ه‪1993-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن أيوب‪ ،‬إعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬دار‬

‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1411 ،1‬ه‪1991-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الكاساني‪ ،‬عالء الدين‪ ،‬أبو بكر بن مسعود بن أحمد الحنفي‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب‬
‫الشرائع‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1406 ،2‬هو‪1986-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن كثير‪ ،‬إسماعيل بن عمر‪ ،‬تفسير ابن كثير‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1420 ،2‬ه‪-‬‬

‫‪1999‬م‪.‬‬

‫‪ ‬اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‪ ،‬فتاوى اللجنة الدائمة‪ ،‬رئاسة إدارة البحوث العلمية‬

‫واإلفتاء اإلدارة العامة للطبع‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1424 ،1‬ه‪2004-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن اللحام‪ ،‬عالء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عباس البعلي‪ ،‬القواعد والفوائد‬
‫األصولية‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ه‪1998-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن ماجه‪ ،‬محمد بن يزيد‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د ط‪ ،‬دت‪.‬‬

‫‪ ‬الماوردي‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب‪ ،‬الحاوي الكبير‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1419 ،1‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن المبرد‪ ،‬يوسف بن حسن بن أحمد بن حسن‪ ،‬غاية السول إلى علم األصول‪ ،‬غراس‬

‫للنشر والتوزيع واإلعالن‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪1433 ،1‬ه‪2012-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ ‬مجموعة من العلماء‪ ،‬الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية من فتاوى علماء البلد‬


‫الحرام‪ ،‬مؤسسة الجريسي‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫‪ ‬المحالوي‪ ،‬محمد عبد الرحمن عيد‪ ،‬تسهيل الوصول الى علم االصول‪ ،‬المكتبة المكية‪،‬‬

‫ط‪1427 ،1‬ه‪2007-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬المحلي‪ ،‬محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم‪ ،‬شرح الورقات في أصول الفقه‪ ،‬جامعة‬

‫القدس‪ ،‬القدس‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬أبو محمد‪ ،‬عبد الرحيم بن الحسن بن علي اإلسنوي الشافعي‪ ،‬التمهيد فى تنزيل الفروع‬
‫ّ‬
‫على االصول‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1400 ،1‬ه‪1980-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬أبو محمد‪ ،‬عبد الرحيم بن الحسن بن علي اإلسنوي الشافعي‪ ،‬نهاية السول شرح منهاج‬
‫ّ‬
‫الوصول‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬المرداوي‪ ،‬أبو الحسن علي بن سليمان‪ ،‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف‪ ،‬دار‬

‫إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،2‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬المرداوي‪ ،‬عالء الدين أبو الحسن على بن سليمان‪ ،‬التحبير شرح التحرير في أصول‬
‫الفقه‪ ،‬مكتبة الرشد السعودية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪2000-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬المرغياني‪ ،‬أبو الحسن علي بن أبي بكر‪ ،‬الهداية شرح بداية المبتدي‪ ،‬إدارة القرآن‬

‫والعلوم اإلسالمية‪ ،‬باكستان‪ ،‬ط‪1417 ،1‬ه‪1997-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬المزني‪ ،‬إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل‪ ،‬مختصر المزني‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ط‪،‬‬
‫‪1410‬ه‪1990-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬مناع‪ ،‬عمار كمال محمد‪ ،‬أحكام الحيوان في الفقه اإلسالمي‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪،‬‬

‫نابلس‪ ،‬ط‪1421 ،1‬ه‪2001-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬المنجد‪ ،‬الشيد محمد صالح‪ ،‬موقع االسالم سؤال وجواب ‪.www.islamqa.info‬‬

‫‪173‬‬
‫‪ ‬أبو المنذر‪ ،‬محمود بن محمد بن مصطفى بن عبد اللطيف‪ ،‬المعتصر من شرح مختصر‬

‫األصول من علم األصول‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1423 ،2‬ه‪2011-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم بن على أبو الفضل جمال الدين‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1414 ،3‬ه‪1994-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬أبو موسى‪ ،‬محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد‪ ،‬المجموع المغيث في غريبي‬
‫القران والحديث‪ ،‬دار المدني للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪1408 ،1‬ه‪1998-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬ابن النجار‪ ،‬محمد بن احمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي الحنبلي‪ ،‬شرح الكوكب‬

‫المنير المسمى مختصر التحرير او المختبر المبتكر شرح المختصر في اصول الفقه‪،‬‬

‫جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪1413 ،1‬ه–‪1993‬م‪.‬‬

‫ابن نجيم‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم بن محمد‪ ،‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق‪ ،‬دار الكتب‬ ‫‪‬‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ه‪1997-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬النسائي‪ ،‬أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب‪ ،‬سنن النسائي‪ ،‬مكتب المطبوعات اإلسالمية‪،‬‬

‫حلب‪ ،‬ط‪1406 ،2‬ه‪1986-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬أبو النصر‪ ،‬اسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي‪ ،‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪،‬‬
‫دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1407 ،4‬ه‪1987-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬النمري‪ ،‬يوسف بن عبد هللا بن محمد‪ ،‬التمهيد‪ ،‬و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪،‬‬

‫المغرب‪ ،‬ط‪1412 ،2‬ه‪1992-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬النووي‪ ،‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف‪ ،‬المجموع شرح المهذب‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬

‫دمشق‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ ‬النووي‪ ،‬أبو زكريا محيي الدين يحيى‪ ،‬روضة الطالبين وعمدة المفتين‪ ،‬المكتب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1412 ،3‬ه‪1991-‬م‪.‬‬
‫‪174‬‬
‫‪ ‬النووي‪ ،‬أبو زكريا محيي الدين يحيى‪ ،‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،‬دار إحياء التراث‬

‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1392 ،2‬ه‪1972-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الهروي‪ ،‬أبو منصور محمد بن أحمد بن االزهري‪ ،‬تهذيب اللغة‪ ،‬دار إحياء التراث‬

‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1421 ،1‬ه‪2001-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الهيتمي‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي بن حجر‪ ،‬تحفة المحتاج في شرح المنهاج‪ ،‬المكتبة‬

‫التجارية الكبرى‪ ،‬مصر‪ ،‬د ط‪1357 ،‬هو‪1983-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬هيئة من المؤلفين‪ ،‬الموسوعة العربية العالمية‪ ،‬مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع‪،‬‬

‫الرياض‪ ،‬ط‪1419 ،2‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬هيئة من المؤلفين‪ ،‬موسوعة األجيال‪ ،‬دار األجيال‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪1423 ،1‬ه‪2004-‬م‪.‬‬

‫‪ ‬و ازرة األوقاف والشئون اإلسالمية‪ ،‬الموسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬دار السالسل‪ ،‬الكويت‪،‬‬

‫ط‪1427 ،2‬ه‪2007-‬م‪.‬‬

‫‪175‬‬
An-Najah National University
Faculty of Graduated Studies

Birds’ Provisions in Islamic


Jurisprudence (Fiqh(

By
Morsi Adnan Mustafa Jaber

Supervised by
Dr. Abdullah Abu Wahdan

This Thesis is Submitted in Partial Fulfillment of the Requirements


for the Degree of Master of Jurisprudence and Legislation (Fiqh and
Tashree), Faculty of Graduate Studies, An-Najah National University,
Nablus, Palestine
2020
Birds’ Provisions in Islamic Jurisprudence (Fiqh(
Prepared by
Morsi Adnan Mustafa Jaber
Supervised by
Dr. Abdullah Abu Wahdan
Abstract

The title of my Thesis is "The provisions of the Birds in Islamic


Jurisprudence" which is a research presented to complete the master's
degree of Islamic jurisprudence in Islamic Sharia.

The research included an introduction, an introductory chapter and


four chapters. In the introductory chapter I talked about the jurisprudential
in linguistic and terminological terms, presenting different opinions of the
scholars of the definitions. Also, I talked about birds linguistically and
terminologically, showing their types and forms.

The first chapter contained the provisions of birds regarding purity


)Tahara) and the provisions of birds hunting, so I talked about the

provision of the Excrement of the bird, reminder and blood. And about
hunting provisions; the hunting instruments by which we hunt, and about
)‫ (ذكاة‬slaughtering birds according to ritual requirements. As well as, I

mentioned the provisions of the forbidden )Haram( and permitted )non-


haram( hunting, and hunting in the inviolable/sacred months and in the
haram zone, by presenting the sayings of the the scholars and discussing

them, then after I had presented the evidence and statements, the opinion I
think is the right one shall prevail.

B
In the second chapter, I talked about the provisions of birds in

business; the sale of birds of prey "any wild animals with a canine tooth
and of any bird with talons". and non-predatory birds "birds without
talons or canine teeth", and the sale of ornamental birds, and the sale of

prohibited birds and exchanging birds against birds, then I talked about the
Zakat of birds if they are non-trade or for trade.

In the third chapter, I talked about the provisions of foods related to

birds, describing the issues of halal and haram birds to eat, and the
provision of eating birds that feed on their Excrement; stool. I also
addressed healing by birds whether they are halal to eat or haram, by

expressing the statements of scholars and discussing their sayings with


evidence and weighting.

With regard to the fourth and the final chapter, I talked about

general provisions of birds, and touched on the issues of bird breeding,


keeping ornamental birds in cages, joining competitions in which birds
are participated, the stimulation of birds and taking prizes on behalf birds.

At the end of my thesis, I presented the most important findings and


recommendations.

You might also like