Professional Documents
Culture Documents
صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان
صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان
صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان
**************
صالحية الشريعة لكل زمان ومكان
********************
إذا َس َّلْم َنا أن الشريعة قد أَّد ْت َد ْو رها إَّباَن البعثة ،وفيما تال ذلك من القرون األولى في صيانة المجتمع ،والوفاِء بحاجاته
البسيطِة َيْو َم ِئ ٍذ ،فه ل تص لح الي وم للوف اء بحاج ات مجتمعاتن ا المعاص رة على تش اُبكها وتنُّو ِع ه ا ،وُبلوغه ا الغاي َة في التعقي د
والتطُّو ر؟!
إَّن جوهر اإلنسان هو التغُّي ر ،وجوهر الشريعة هو الثبات ،فكيف للقوالب التشريعية الثابتة التي لَّبْت حاجاِت القرون
األولى أن تلِّبَي حاجاِت هذا القرن الذي َفَّج َر الَّذ َّر َة ،وغزا الفضاء؟!
إَّن الّنص وَص الَّتش ريعيَة مح دودٌة ومتناهي ٌة ،وحاج اِت اإلنسان متج ِّد َدٌة وغ يُر متناهي ة ،ف أَّنى للمح دود المتن اهي أن يلِّبي
حاجاِت الالمحدود وأن يِفَي بحاجاته؟!
أليس مَن األحفظ للشريعة أن نصوَنها تراًث ا مقَّد ًس ا َن ْذ ُك ُر ه بكل اإلكبار واإلجالل؛ كظاهرة تاريخية ف َّذ ة ،ثم ننطلق نحن
ُنقيم بناءنا التشريعَّي المعاِص َر من وحي حاجاتنا المعاصرة ،بعي ًد ا عِن التقُّيد بهذه الظاهرة التاريخَّية؛ فنصون بذلك تراثنا
مَن الَع َبث ،ونحِّر ر مسيرة تقُّد ِم نا مَن الُج ُم ود واَألْس ر؟!
أال تزال َم قولُة صالحية الشريعة لكل زمان ومكان تفرض ِو صاَيَتها على ُع قولنا المعاصرة ،وَتُح ول بيننا وبين االنعتاق
التشريعِّي ،واالنطالقة الحرة نحو ما نصبو إليه من منجزات وطموحات؟!:
•••
ِد
• صالحية الشريعة لكل زمان ومكان من المعلوم بالضرورة من الدين ،وق انعقد عليها إجماع السابقين والالحقين مَن
المسلمين ،وهي تعتمد على أَّن هذه الشريعة هي الشريعة الخاتمة ،التي نسخ اهلل بها ما قبلها مَن الشرائع ،وأوجب الحكم
به ا والتح اُك َم إليه ا إلى أن َي ِر َث اهلل األرض وَم ن عليه ا ،وَتَو َّج َه الخط اُب به ا إلى أه ل األرض كاَّف ًةَ ،م ن آمن منهم باهلل
والي وم اآلخ ر ،فال ب د إًذ ا أن تك ون مَن الص الحية بحيث ُتَلِّبي حاج اِت البش رية في مختِل ف أعص ارها وأمص ارها ،وُتَح ِّق َق
مصالحها في كل زمان ومكان.
وإ ِّني َأِع ُظُك ْم بواحدة أن تقوموا هلل مثنى وُفَر اَد ى ،ثم تتدبروا في هذه األسئلة:
• هل ُخ ِتَم ِت الرساالت حًّقا بمحمد؟
لق د َت َو َّلى اُهلل اإلجاب ة على ذل ك بنفسه فق الَ ﴿ :م ا َك اَن ُم َح َّم ٌد َأَب ا َأَح ٍد ِم ْن ِر َج اِلُك ْم َو َلِك ْن َر ُس وَل الَّل ِه َو َخ اَتَم الَّنِبِّييَن ﴾
[األحزاب.]40 :
• هل أوجب اهلل الحكم بشريعته ،وحَّذ ر مَن الُعُد وِل عنها أِو التحاكم إلى غيرها؟
لقد تولى اهلل سبحانه اإلجاب َة على ذلك؛ فقالَ ﴿ :و َأِن اْح ُك ْم َبْيَنُهْم ِبَم ا َأْن َز َل الَّل ُه َو اَل َتَّتِب ْع َأْه َو اَءُهْم َو اْح َذ ْر ُهْم َأْن َيْفِتُن وَك
َعْن َبْع ِض َم ا َأْن َز َل الَّل ُه ِإَلْي َك ﴾ [المائدةُ ﴿ ،]49 :ثَّم َج َع ْلَن اَك َع َلى َش ِر يَع ٍة ِم َن اَأْلْم ِر َفاَّتِبْع َه ا َو اَل َتَّتِب ْع َأْه َو اَء اَّل ِذ يَن ال
َيْع َلُم وَن ﴾ [الجاثيةَ ﴿ ،]18 :فاَل َو َر ِّبَك اَل ُيْؤ ِم ُنوَن َح َّتى ُيَح ِّك ُم وَك ِف يَم ا َش َج َر َبْيَنُهْم ُثَّم اَل َيِج ُد وا ِفي َأْن ُفِس ِه ْم َح َر ًج ا ِم َّم ا َقَض ْيَت
1
َو ُيَس ِّلُم وا َتْس ِليًم ا ﴾ [النساءَ ﴿ ،]65 :و َيُقوُل وَن َآَم َّن ا ِبالَّل ِه َو ِبالَّر ُس وِل َو َأَطْع َن ا ُثَّم َيَت َو َّلى َفِر ي ٌق ِم ْن ُهْم ِم ْن َبْع ِد َذ ِل َك َو َم ا ُأوَلِئ َك
ِباْلُم ْؤ ِم ِنيَن ﴾ [النور.]47 :
• هل ُنسخْت هذه النصوص التي ُتلِز م بهذه الشريعة ،وتوِج ب الحكَم بها ،وَتْن ِفي اإليمان عَّم ن خالفها؟
ال شَّك أن الجواب على ذلك هو النفُي القاِط ُع؛ فإن النسخ ال يكون إال في زمن الَّبْع َثِة ؛ ألن هذا الحق ليس ألحد من دون
اهلل ،وال سبيل إلي ه إال ب الوحي المعص وم ،وق د أكم ل اهلل لن ا ال دين ،وأتم علين ا النعم ة ،وأحكم آيات ه ،وتعَّب َد نا به ا إلى قي ام
الساعة ،قال صلى اهلل عليه وسلم(( :تركُت فيكم ما إن َتَم َّسكتم به لن تضلوا بعدي أبًد ا؛ كتاب اهلل وُس َّنتي)).
• هل ُيَعِّنُت اهلل عباَد ُه بتكليِف هم ما ال ُيِط يقون؟ أو ُيْلِز ُم هم بما تض َطِر ُب به أمورهم؛ فُيْفَتُن ون؟ أو يتعَّب ُد هم بما يحول بينهم
وبين الَّتمكين في األرض؛ فُيْغ َلبون على أمرهم وُيقَه رون؟ َأَي ِلي ُق ب الحكيم أن ُيلِز م أولياءه بما َيْش َقْو َن ب ه في دني اهم ،ويقُع ُد
ِع ِة ُّل ِص ٍة
عِن الوف اء بمص الحهم ،وَيْه ِو ي بهم إلى أغواٍر َق َّي مَن التخ ف والَّتَب َّي ؟! وهو الذي أخبر عن نفسه بأن ه أرحم بهم مَن
الوالدة بولدها؛ كما أخبر المعصوم؟!
• إن الجواب على ذلك كِّل ه هو النفُي القاطع ،الذي يجزم به كل َم ن عرف ربه ،وُه ِد َي إلى َتَد ُّبر آياته ،وَفِق َه عن اهلل
قولهَ ﴿ :فِإَّم ا َيْأِتَيَّنُك ْم ِم ِّني ُهًد ى َفَم ِن اَّتَبَع ُهَد اَي َفاَل َيِض ُّل َو اَل َيْشَقى ﴾ [طه.]123 :
وعن نبينا قوله(( :إِّني تركت فيكم ما إِن اعتصمت به فلن تضِّلوا بعدي أبًد ا؛ كتاب اهلل وُس َّنة نبيه))[.]1
ف إذا استقَّر ذل ك كُّل ه ،فق ِد اسَتَقَّر ُخ ُل ود الش ريعة وص الِح َيُتها لك ِّل زم ان ومك ان ،وأن اإليم ان به ذه الحقيق ة من جنس
اإليم ان باهلل ورسله ...وإ َّن ِم َّم ا ُيْؤ َس ى ل ه أن يتواص ى الَع ْلَم اِنُّيون في لق اءاتهم ومنت دياتهم بم ا َس َّم ْو ُه (بالح ِّل اإليج ابي
الهجومي) ،والذي تتمثل أبرُز عناصِر ِه في ضرب هذه الثوابت اإلسالمَّية؛ للتأثير فيما َس َّم ْو ُه باألغلبية الصامتة ،غافليَن أو
متغافلين عن أن هذه الضربات إنما تنال مَن اإلسالم قبل أن تنال من الجماعات اإلسالمية!
ففي الن دوة ال تي عق دها ه ؤالء تحت عن وان (التط ُّر ف السياسُّي ال دينُّي ) ص َّر ح أح دهم ب أن :أح د المرتك زات الرئيسة
للتأثير في األغلبية الصامتة (الجماهير) هو ضرب المرتكزات األساسية التي تنطلق منها هذه االتجاهات الدينية ،وأهم هذه
المرتكزات قولهم :إن هناك نصوًص ا ثابت ًة ،صالحًة للَّتطبيق في كل زمان ومكان ،فإذا ألقينا الضوء على هذه النصوص،
وبَّينا أَّنها متغِّيَر ة ،تتغير باختالف الزمان والمكان؛ سنكون قد خطونا خطوة كبيرة[.]2
وُيَع ِّلُق عليه آَخ ُر بقوله :من أهم عناصر الحِّل ،إزالُة حاجز الخوف ،الذي ال يجعلنا ُنْفِص ح بوضوح عن مواقفنا بكاملها
تجاه هذا التيار المتطرف ،إن بعضنا يخشى استخدام كلمة َع ْلَم اِنَّية ،وهي ليست ُم ِخ يَف ًة ...يجب أن نكتب بوضوح مثًال في
صالحية الشريعة اإلسالمية لكل زمان ومكان؛ أي :أْن نقول :إنه ليس هناك في أمور البشر قاعدة من هذا النوع[:]3
ِلَّل ِذ ِل
وال نم ُك أم ام ه ذه االستفزازات إال أن نص بر على م ا يقول ون ،ون دعو اهلل لهم بالهداي ة! كم ا ق ال تع الىُ ﴿ :قْل يَن
َآَم ُنوا َيْغ ِفُر وا ِلَّلِذ يَن اَل َيْر ُج وَن َأَّياَم الَّلِه ِلَيْج ِز َي َقْو ًم ا ِبَم ا َك اُنوا َيْك ِس ُبوَن ﴾ [الجاثية.]14 :
• ولكنك لم ُتِج ْب عِن اإلشكالية التي يطرحها ما ذكرُت ُه لك من أَّن الشريعة َج ْو َهُر ها الثبات ،واإلنسان َج ْو َهُر ُه التغُّير،
فضًال عن محدودية النصوص وعدم محدودية الحوادث التي يفترض أن تحكمها هذه النصوص؟
• ما تذكر من أن الشريعة جوهُر ها الثباُت واإلنسان جوهُر ه التغُّي رُ ،يَع ُّد في الواقع تغاُفًال عن حقيقة الشريعة وحقيقة
اإلنسان؛ فال الش ريعة ثابت ة في ك ل أحواله ا ،وال اإلنسان متغِّي ر في ك ل ش ؤونه ،فالش ريعة منه ا م ا ه و ث ابت محَك م ،وه و
2
القطعي ات ومواِض ُع اإلجم اع ،ومنه ا م ا ه و متغِّي ر ِنْس ِبٌّي ،وه و الظنَّي ات وموارد االجتهاد؛ ب ل إن منه ا منطق ة العفو التي
أحالت فيها إلى التجربة والمصلحة ،في إطار من قواعد الشرع الكلية ومقاصده العامة.
ولقد كان منهُج الشريعة في ذلك كِّل ه إجماَل ما يتغَّير وتفصيَل ما ال يتغير ،ولهذا فَّص َلِت القول في باب العقائد ،وباب
العبادات ،وأحكام األسرة ونحوه ،وأجمَلِت القول في كثير من المعامالت التي تتجدد فيها الحاجات ،وتكثر فيها المتغيرات،
واكتفت فيه ا ب إيراد المب ادئ العام ة واُألُط ر الكلَّي ة ،تارك ًة للخ برة البش رية أن تتص رف في ح دود ه ذه اُألُط ر بم ا يحق ق
المصلحة ويدفع الحاجة ،ولهذا جعلت األصل في العقود والشروط هو اإلباح َة إال أن يأتي نٌّص بالتحريم ،في الوقت الذي
قررْت فيه أن العباداِت توقيفَّيٌة ،وجعلِت األصل فيها هو المنَع ،حَّتى يأتَي دليٌل يدل على المشروعية.
لقد أمرِت الشريعة َم َثًال بالُّش وَر ى وأَّك دت عليها ،ولكَّنها أحالت في أساليبها إلى الخبرة والتجربة ،ألن هذه األساليب ِم َّم ا
يتجَّد ُد بتجدد الزمان وتطُّو ر الحاجات.
ولق د جعلِت الش ريعة السلطة لُألَّم ةُ ،تم ارس به ا حَّقه ا في َتْو ِلَي ة ُح َّك اِم ه ا ،وفي الَّر َقاب ة عليهم؛ ب ل وفي َع ْز ِلِه م عن َد
االقتض اء ،وأح الت في وسائل ذل ك إلى الخ برة والتجرب ة ،ولم ُتلِز م بش كل معَّين ق د تتج اوزه ظ روف الزم ان والمك ان ،فال
َيِف ي بالحاجة وال يحِّقُق الَغَر َض وهكذا ،ولكَّنها لَّم ا أمرت بالصالة أِو الحَّج فَّص لِت القول في ذلك تفصيًال دقيًقا ،فصَّلى النبي
صلى اهلل عليه وسلم وقال(( :صُّلوا كما رأْي ُتموِني ُأ ِّلي)) ،وحَّج أمام أصحابه وقال(( :خذوا عني َناِس َكُك )) ،وجعل ك َّل
ْم َم َص
ُم ْح َد َثٍة في ذلك ِبْد َع ًة ،وكَّل بدَع ٍة َض الَلًة ،وكَّل ضاللٍة في النار!
أما ما ذكرَت من تغُّير اإلنسان ،فإن ذلك ليس على إطالقه؛ ألن من شؤون اإلنسان ما هو ثابت ،ومنها ما هو متغِّير
متج ِّد ٌد ؛ ف الغرائز الفطري ة والحاج ات األساسية لإلنسان ثابت ة ُم ْح َك َم ة ،وسَيَظُّل اإلنسان م ا َبِقَي اللي ُل والنه ار ،ومهما تغَّي ر
الزمان والمكان في حاجة إلى عقيدة يعرف بها ِس َّر وجوِد ِه واتصاله بخالقه ،وإ لى عبادات ُتَز ِّك ي ُر وَح ه وُتَطِّه ُر قلبه ،وإ لى
أخالق ُتَقِّو م ُس لوكه وُتَهِّذ ُب نفَس ه ،وإ لى شرائَع ُتِقيُم َمَو اِز يَن الِقسط بينه وبين غيره؛ فاَّلذي يتغَّير من اإلنسان هو الَع َر ض ال
الجوهر ،الصورة ال الحقيقة ،ولقد تعاملْت نصوص الشريعة مع اإلنسان على هذا األساس؛ فَفَّص َلْت له القول في الثابت
الذي ال يتغير من حياته ،وسكتْت أو أجملْت فيما من شأنه التغُّير والتج ُّد دُ ،ص ْن ع اهلل الذي َأْتَقَن ك َّل شيٍء ،أال َيعلم َم ن َخ َل َق
وهو اللطيف الخبير؟!
ولماذا ُنجِه د أنفسنا في إثبات هذه الَبَد ِه َّية ،وبين أيدينا شهادة الواقع العملِّي ناطقة بما نقول؟
ألم تطب ق ه ذه الش ريعة ُز ه اَء ثالث َة َع َش َر َقْر ًن ا مَن الزم ان ،وحَّقَقْت له ذه األَّم ة في ِظ له ا أقص ى م ا تص بو إلي ه أَّم ٌة من
اُألمم في هذه الدنيا من الِع َّز ة والتمكين؟!
ألم تص بح تركي ا باإلسالم ،وفي ظ ل تط بيق الش ريعة هي الدول َة ال تي تمأل عين ال دنيا وَس ْمَعها ،وب اتت ُتِخ ي ُف جاَر ته ا
روسيا؛ بل وظلت ِع َّد َة قرون ُتِد يُر َر َح ى الحرب داخَل األراضي الُّر وسَّية نفسها ،ثم َتَنَّك َر ْت لإلسالم فأصبحْت ُد َو ْي َلًة تعيش
مرعوب ًة ِف ي أق َّل من % 1من حدودها اُألوَلى ،وأقص ى م ا تتطلع إلي ه أن ُتص ِبَح عض ًو ا في السوق األوروبَّي ة المش تركة،
وأوروبا َتِض ُّن عليها!
والعجيب أن ُتتهم الشريعة بالجمود وعدم الصالحية من ِق َب ل فريق من ِج ْل َد ِتنا ويتكلمون بَأْلِس َنِتنا ،في الوقت الذي نرى
فيه من فالسفة الغرب وأصحاب الرأي فيه َم ن ُيشيد بهذه الشريعة ،ويشهد لها بالخلود والحيوية والتفوق!:
3
ففي أسبوع الفق ه اإلسالمي ال ذي عق د بب اريس ،وق دمت في ه بعض البح وث الفقهي ة لم يلبث أح د الحض ور وك ان نقيًب ا
للمحامين أن أعلن َدْه َش َتُه وعَج َبُه قائًال" :أنا ال أعرف كيف ُأَو ِّف ق بين ما كان ُيحكى لنا عن جمود الفقه اإلسالمي ،وعدم
صالحيته أساًس ا تشريعًّيا َيِفي بحاجات المجتمع العصري المتط ِّو ر ،وبين ما نسمعه اآلن في المحاضرات ومناقشاتها ،مما
يثبت خالف ذلك تماًم ا ببراهين النصوص والمبادئ!"[.]4
وفي مؤتمر القانون الدولِّي الذي ُع ِق َد بالهاي 1948وقدمت فيه بعض البحوث الفقهية ،أصدر المؤتمر قراًر ا باعتبار
(أن الش ريعة اإلسالمية حي ة مرن ة ،تص لح للتط ُّو ر م ع ال زمن ،وُتعَتَب ُر مص دًر ا من مص ادر الق انون المق ارن ،وأن اللغ ة
العربية قد دخلت من اآلن فصاعًد ا في عداد اللغات التي يجب أن تسمع في المؤتمر)[.]5
ولق د تف َّر َدْت ه ذه الش ريعُة بِع لم أص ول الفق ه ال ذي َد َّو َن قواِع َد ُه الش افعُّي رحم ه اهلل وأنض جه األئم ُة من بع ده ،وه و ِع لم
يض بط عملي ة استنباط األحك ام مَن األدل ة ،ويح ول بين اُألَّم ة وبين الجم ود من ناحي ة ،كم ا يح ول بينه ا وبين التحُّل ل وخلع
الِّر ْب َقة من ناحية أخرى.
ومن القواعد المق َّر َر ة في ه ذا العلم ،وال تي تمث ل عوام ل الَّس َع ِة والمرون ة في ه ذه الش ريعة ،وَتْكُفُل وفاءه ا بمختِل ف
الحاجات المتجِّد َد ة -ما ذكره أهل العلم من:
• أِد َّلة التشريع فيما ال نَّص فيه؛ كاالستحسان ،واالستصحاب والُعرف ونحِو ِه.
• ورعاية الَّضرورات واألعذار والظروف االستثنائية ،وَتَغ ُّير الفتوى بتغير األزمنة واألمكنة واألحوال واألعراف إلى
غ ير ذل ك من قواعد الُّر ْش د والَحَيِو َّي ة في ه ذه الش ريعة الخال دة ،على أن يِتَّم ذل ك في إط اٍر ُم ْن َض ِبط مَن االجته اد الش رعِّي
الُم ْع َتَب ر ،وليس بإطالق الِع نان لألهواء ،واالسترسال مع دعوات التغريب تحت ِش عار التق ُّد م والتجديد واالسِتنارة؛ حَّتى ال
ُيستباح َح َر ُم الشريعة أمام كل َد ِع ٍّي َج هول![]6
4