Professional Documents
Culture Documents
التحليل الموضوعاتي في علم النفس
التحليل الموضوعاتي في علم النفس
com
ترجمة
قسم الفلسفة والعلوم اإلنسانية
30يناير 2024
: مصدر النص- 1
Virginia Braun & Victoria Clarke (2006) Using thematic analysis in psychology, Qualitative Research in Psycho-
logy, 3:2, 77-101, DOI: 10.1191/1478088706qp063oa
4
امللخص
تحليل كيفي
ٍ َيفتقر التحليل املوضوعايت إىل التحديد ،ونادرا ما يحظى باالعرتاف؛ ومع ذلك ،فهو منهج
سنحاج بأنه يوفر مقاربة نظرية مرنة وقريبة املنال لتحليل
ُّ منترش االستعامل يف علم النفس .ويف هذه املقالة،
البيانات الكيفية والولوج إليها ،وسنوضح ماهيته ،ومنوقعه أوال بني مناهج التحليل الكيفي األخرى الباحثة عن
موضوعات أو أمناط ،وثانيا بني املواقف اإلبستمولوجية واألنطولوجية املختلفة ،ثم سنُقدِّم إرشادات واضحة
للراغبني يف الرشوع فيه أو إجرائه عىل نحو ٍّ
متأن وصارم ،وسنكشف املزالق التي قد يقع فيها من ُيجري تحليال
موضوعاتيا؛ وأخريا ،سنحدد عيوبه ومزاياه ،ونختم مقالتنا مبنارصة التحليل املوضوعايت بوصفه منهجا مفيدا
ومرنا للبحث الكيفي يف علم النفس وخارجه.
5
َيفتقر التحليل املوضوعايت thematic analysisإىل حدود ُم َر َّسمة ،وال يحظى باالعرتاف إال فيام ندر؛
ومع ذلك ،فهو من مناهج التحليل الكيفي qualitativeاملستع َملة عىل نطاق واسع (1998, Boyatzis؛
نفس كيفي ،فإن غايتنا من هذهعلم ٍ )2001, Roulstonيف علم النفس وخارجه .وبوصفنا باحثني وأساتذة ِ
املقالة paperهي سدُّ فجوة ملسنا وجودها من واقع خربتنا ،أال وهي غياب مقالة توضح توضيحا كافيا نظرية
تنجز ذلك بطريقة قريبة املنال ِمن الطالب عامة، التحليل املوضوعايت وتطبيقاتها وسبل تقييمها ،أو مقالة ِ
و َمن َت ْن ُقصهم األلفة بالبحث الكيفي خاصة1؛ أي إن غايتنا هي كتابة مقالة مفيدة ،تكون مبنزلة أداة تعليمية
وبحثية يف علم النفس الكيفي .ولهذا ،سنناقش نظرية التحليل املوضوعايت ومنهجه ،ونوضح أوجه التشابه
واالختالف بينه ،وبني املناهج املختلفة التي ُتشاركه سامت مشرتكة.
املناهج الكيفية متنوعة ومعقدة عىل نحو مذهل ،وكذلك هي الفروق الدقيقة بينها (Holloway and
.)Todres, 2003ومع ذلك ،ينبغي النظر إىل التحليل املوضوعايت بوصفه منهجا تأسيسيا للتحليل الكيفي؛ فهو
أول مناهج التحليل الكيفي التي يجب عىل الباحثني َتع ُّلمها؛ ألنه يو ِّفر املهارات النووية التي ستكون مفيدة
إلجراء العديد من رضوب التحليل الكيفي األخرى .وقد ع َّرف هولواي وتودرس :2003( Holloway & Todres
« )347موضعة املعاين* thematizing meanings »2بأنها واحدة من املهارات العامة املعدودة التي تشرتك
وسمه بوياتسيس )1998( Boyatzisبأنه ليس منهجا فيها مختلف رضوب التحليل الكيفي .ولهذا السببَ ،
قامئا بذاته ،وإمنا أداة ُتستعمل َع ْب* across 3مناهج مختلفة .4وعىل نحو مامثلَ ،حدَّد ريان وبرنارد & Ryan
)2000( Bernardالرتميز املوضوعايت بأنه سريورة متا َرس ضمن* within 5التقاليد التحليلية «الرئيسة» (مثل
النظرية ا ُمل َجدَّرة ،)grounded theoryدون أن يكون مقاربة محدَّدة قامئة بذاتها .أ ّما نحن ،فرنى خالف هذا،
وسنحاج عن وجوب َع ِّد التحليل املوضوعايت منهجا قامئا بذاته.
ال للتحليل الموضوعاتي؛ ومع ذلك ،ال نشعر بأن ما يقدمه ُميَّسر للمبتدئين في دراسة المقاربات الكيفية،
1يقدم ( )Boyatzis 1998وصفاً أكثر تفصي ً
بإضافة إلى أن مقاربته تختلف عن مقاربتنا .وعلى الرغم من اعترافه بالبعد الذاتي للتحليل الكيفي ،فإن مقاربته تقع في نهاية المطاف ،وإن بشكل ضمني
في كثير من األحيان ،ضمن نموذج تجريبي وضعاني .positivist empiricis
( *2اإلحاالت المقرونة بنجمة (*) من وضع المترجم) أي القدرة على وضع المعاني وتجميعها في موضوعات.
*3حيثما وردت كلمة «عبْر» في النص فهي ترجمة لكلمة ،acrossالدالة على معان متعددة في لغتها األصلية ،أهمها :العبور من جهة إلى أخرى،
وتغطية منطقة كاملة ،كقولنا« :كورونا مرت عبر مختلف مدن البلد وقراه» ،أي اخترقت وحضرت وشملت أنحاء مدنه وقراه كافة .انظر:
Definition of across from the Cambridge Academic Content Dictionary © Cambridge University Press. Accessed
11 Feb. 2023
4يعزز بيان داي ( )1993عن «تحليل البيانات الكيفية» ،والذي يهدف إلى تحديد التقنيات المشتركة العابرة لمجموعة متنوعة من المناهج ،وتوضيح
كيفية إجراء «التحليل الكيفي» ،هذه الفكرة بخصوص أن تركيزه هو إلى حد بعيد موضوعاتي -ولكنه ال يدعيه على هذا النحو.
«ضمن» في النص فهي ترجمة لكلمة ،withinالتي تعني في لغتها األصلية :داخل شيء ما ،أو في غضونه أو في حدوده *5حيثما وردت كلمة ِ
(الزمانية ،المكانية ،االعتبارية )...ال تتعداه .انظر:
Definition of within from the Cambridge Academic Content Dictionary © Cambridge University Press. Accessed
11 Feb. 2023.
6
تكمن إحدى مزايا التحليل املوضوعايت يف مرونته [وقدرته عىل التكيف مع مختلف املناهج الكيفية].
وهذه املناهج ميكن تقسيمها إىل نحو معسكرين:
−املعسكر األول ،تقع ضمنه املناهج املرتبطة مبوقف نظري أو معريف معني أو الناشئة عنه ،وبعضها
_ كتحليل املحادثة (CA؛ مثل )1998 ،Hutchby and Wooffitt ،والتحليل الظاهرايت التأوييل (IPA؛ مثل،
_ )2003 ،Smith and Osbornال ميلك (حتى اآلن) إال تنوعا محدودا نسبيا يف كيفية تطبيق املنهج الكيفي
ِض ْمنَ إطارها؛ إذ حاصل أمرها أن التحليل َيسرتشد بوصفة واحدة .أ ّما بعضها اآلخر _ كالنظرية ا ُمل َجدَّرة
(1992 ،Glaser؛ ،)1998 ،Strauss and Corbinوتحليل الخطاب (DA؛ مثل،Burman and Parker ،
1993؛ 1987 ،Potter and Wetherell؛ )2003 ،Willigوتحليل الرسد ()Murray, 2003; Riessman, 1993
_ فيملك متظهرات مختلفة للمنهج الكيفي من داخل اإلطار النظري العام.
−املعسكر الثاين ،تقع ضمنه املناهج املستقلة أساسا عن أي نظرية أو إبستمولوجيا بعينها ،والتي ميكن
تطبيقها َع ْ َب مجال من املقاربات النظرية واإلبستمولوجية املختلفة .ومع أن التحليل املوضوعايت كثريا ما يص َّور
(ضمنيا) بوصفه منهجا واقعيا\تجريبيا (1994 ،Aronson؛ ،)2001 ،Roulstonفإنه ،يف واقع األمر ،راسخ بقوة
يف املعسكر الثاين ،ويتوافق مع كل من البارديغامت املاهوية essentialistوالبنائية constructionistيف علم
النفس (نناقش هذا الحقا)؛ فهو بفضل تحرره النظري يوفر أدا َة ٍ
بحث مرنة ومفيدة ،ميكنها أن تقدِّم رسدا غنيا
ومفصال للبيانات ،بل و ُمر َّكبا complexكذلك.
َّ
ميتاز التحليل املوضوعايت باملرونة ،وينبغي أن نكون واضحني يف أننا ال نسعى إىل تقييد هذه امليزة؛ إال
أننا نرى أن غياب إرشادات واضحة وموجزة عنه يعني أن نقد «كل يشء مباح» الذي ُيرمى به البحث الكيفي
( )Antaki et al., 2002قد َيصدُ ق متاما عىل بعض الحاالت .لهذا ،نأمل أن ُنقيم بهذه املقالة توازنا بني ترسيم
حدود التحليل املوضوعايت بوضوح _أي رشح ماهيته وكيفية القيام به_ وبني ضامن املرونة يف كيفية استعامله،
حيث ال مييس محدودا ومق َّيدا ،فيفقد بذلك إحدى مزاياه الرئيسة.
سيكون التحديد الواضح للتحليل املوضوعايت مفيدا لضامن اتخاذ مستعميل هذا املنهج خيارات فاعلة
بخصوص نوع التحليل الذي ينخرطون فيه .لهذا ،تسعى هذه املقالة إىل تثمني مرونة املنهج ،وتزويد الباحثني
مبفردات و«وصفة» recipeمت ِّكنهم من إجراء تحليل موضوعايت سليم نظريا ومنهجيا6؛ إذ املهم يف األمر ،كام
6يدافع بعض المؤلفين ،مثل بوتر ،)147-48 :1997( Potterعن أنه ال ينبغي للمرء أن يقدم ببساطة «وصفات» للمناهج الكيفية ،مثل تحليل الخطاب
،DAألن «جزءًا كبيرً ا من تحليل الخطاب هو أشبه بمهارة حِ رفية (مثل ركوب الدراجة أو تحديد جنس فراخ الدجاج) منه باتباع وصفة إعداد دجاج
روجان جوشchicken rogan josh ...؛ وهذا ما يُصعب وصف هذه المناهج وتعلمها» .وفي الوقت الذي نتفق فيه على وجوب تعلم المهارات
الالزمة للتحليالت الكيفية بجميع أنواعها ،يجادل كتاب آخرون ،مثل مكليود ،)2001( McLeodعن أن غياب مناقشة «كيفية» التحليل يُبقي بعض
ال من ذلك ،إذا أردنا جعل المناهج ديمقراطي ًة متاح ًة -وتصيير البحث الكيفي بجميع صوره أكثر قابلية للفهم عند
المناهج غامضة (وبالتالي نخبوية) .وبد ً
غير المدربين على هذه المناهج ،أي أن يصير أكثر شيوعً ا -فعلينا تقديم مشورة ملموسة في كيفية القيام بذلك بالفعل .وإن كنا ال نشكك في أهمية أنواع
التدريب «بدون وصفة» ،فإننا نرى أن «الوصفات» تقلل ،بالضرورة ،من تعقيد طرق معينة ،أي أنها مهمة في جعل الوصول إلى المناهج ميسورا.
7
سنبني ،هو أن َيعرض الباحثون افرتاضاتهم (اإلبستمولوجية وغريها) عىل نحو رصيح* 7ك َّلام طبقوا منهجا مع َّينا
عىل نوع من أنواع البيانات ()Holloway and Todres, 2003؛ ذلك أن عىل علامء النفس الكيفي أن يكونوا
واضحني بشأن ما يفعلونه وملاذا يفعلونه ،وأن ُيض ِّمنوا تقاريرهم «كيف» ْأجروا تحليلهم ،وهو أمر كثريا ما
ُيغ َفل ِذكره (.)Attride-Stirling, 2001
دليل إرشادي من تتضمن هذه املقالة العنارص اآلتية :أوال ،تعريف التحليل املوضوعايت؛ ثانيا ،اقرتاح ٍ
ست مراحل إلجرائه؛ ثالثا ،بيان املزالق املحتملة الواجب تجنبها عند إجرائه؛ رابعا ،تحديد معايري التحليل
املوضوعايت الجيد؛ خامسا ،كشف مزايا التحليل املوضوعايت وعيوبه .وسنورد ،يف هذه العنارص ك ِّلها ،أمثلة
مستمدة من األدبيات البحثية العامة ومن أبحاثنا الخاصة؛ ألن يف توفري األمثلة توضيحا لنوع األسئلة البحثية
واملواضيع التي ميكن توظيف التحليل املوضوعايت يف دراستها.
قبل أن نبدأ ،علينا تعريف عدد من املصطلحات املستخدمة يف املقالة .أوال ،يشري َم ْ ُت البيانات data
عي ،يف حني تشري مجموعة البيانات data corpusإىل جميع البيانات التي َت َّم جمعها من أجل مرشوع ْ
بحث ُم َّ
عي. setإىل جميع البيانات املقت ََطفة من املَ ْت واملستعملة إلجراء تحليل ُم َّ
ستباشِ توجد طريقتان رئيستان الختيار مجموعة البيانات (يتوقف نوع املقاربة املتبعة عىل ما إذا َ
كنت
باألوىل ،قد تتكون مجموعة البيانات بسؤال محدَّد أَ ْم ال -انظر «عدد من القرارات» يف ما سيأيت)؛ فإن أخذنا ُ
بياناتنا من ِعدّة عنارص بيانات فردية ِ individualض ْمنَ َم ْت البيانات أو من عنارص البيانات جميعها .لهذا،
بحث ُعني بالجراحة التجميلية عىل سبيل املثال ،نجد أن َم ْت بيانات فرجينيا ( Virginiaالوارد يف مرشوع ْ
ألعضاء اإلناث التناسلية) قد َتك َّون من مقابالت مع جراحني ومن مواد إعالمية يف املوضوع ومواقع إلكرتونية
لج ّراحني ،لكن إلجراء أي تحليل معني ،قد تقترص مجموعة البيانات املح َّللة عىل ما ُجمع من مقابالت مع
املجمعة من الجراحني وبعض الجراحني أو مواقع األنرتنيت فقط ( ،)Braun, 2005bأو قد َتجمع بني البيانات َّ
املجمعة من اإلعالم ( .)eg, Braun, 2005aأ ّما إن أخذنا بالطريقة الثانية ،فقد ُتحدَّد مجموعة َّ البيانات
البيانات انطالقا من اهتامم تحلييل خاص مبواضيع ُمع َّينة يف البيانات؛ ومن َث َّم ،تصبح مجموعة البيانات هي
جميع الحاالت الواردة يف املَ ْت ،حيث يشار إىل ذاك املوضوع .لهذا ،إن كانت فرجينيا ،يف املثال املذكور آنفا،
مهتمة بكيفية الحديث عن «املتعة الجنسية» ،فإن مجموعة بياناتها ستتألف من جميع الحاالت الحارضة َع ْ َب
كامل َم ْت البيانات والتي لها صلة relevanceباملتعة الجنسية .ويف بعض األحيان ،قد ُيجمع بني املقاربة األوىل
والثانية إلنتاج مجموعة البيانات.
*7حيثما وردت كلمة «صراحة» (وما يشتق منها) في النص فهي ترجمة لكلمة ،explicitوتعني التعبير الواضح الجلي البين المباشر ،الذي ال يحتمل
اللبس والغموض ،وتقابلها كلة ،implicitوتعني ما يعبر عنه ضمنيا أو تلميحا أو على نحو غير مباشر .انظر:
“Explicit.” Merriam-Webster.com Dictionary, Merriam-Webster, https://www.merriam-webster.com/dictionary/
explicit. Accessed 11 Feb. 2023
8
ثانياُ ،يستخدم مصطلح عنرص البيانات data itemلإلشارة إىل كل قطعة pieceمفردة من البيانات
املجمعة ،والتي ُتك ِّون مجتمعة مجموعة البيانات أو َم ْت البيانات .وقد يكون عنرص البيانات ،يف حالة مثالنا
َّ
آنف الذكر ،مقابلة مع َج ّراح أو فيلام وثائقيا تلفزيونيا أو موقع أنرتنيت .أخريا ،يشري مصطلح مقتطف البيانات
data extractإىل رشيحة chunkبيانات مفردة ُم َر َّمزَة جرى تع ُّرفها *ِ 8identifiedض ْمنَ عنرص بيانات ما
واقتُطفت منه .ومع أنه ستكون هناك عدِّة مقتطفات مأخوذة من مجموعة البيانات بأكملها ،فلن َيظهر يف
التحليل النهايئ ّإل مجموعة مختارة من هذه املقتطفات.
التحليل املوضوعايت منهج لتع ُّرف األمناط ( patternsموضوعات) ِض ْمنَ البيانات وتحليلها وإعداد تقرير
ويصفها بأدىن حد ممكن minimalمن التفاصيل (الغنية) ،وكثريا ما نظم مجموعة بياناتك ِ عنها .إنه منهج ُي ِّ
ويفس جوانب مختلفة من موضوع البحث ( .)Boyatzis, 1998وسنسلط مزيدا َيذهب إىل أبعد من هذاِّ ،
من الضوء عىل نطاق التحليالت املوضوعاتية املختلفة املتاحة (انظر أدناه)؛ وذلك تبعا للقرارات التي يتخذها
الباحث بشأن توظيف التحليل املوضوعايت منهجا (انظر ما سيأيت).
مع أن التحليل املوضوعايت ُيستعمل عىل نطاق واسع ،فال يوجد اتفاق واضح عىل ماهيته وكيفية مامرسته
(انظر Attride-Stirling, 2001; Boyatzis, 1998; Tuckett, 2005 ،للحصول عىل أمثلة أخرى) .وميكن
مبنهج يحمل «عالمة تجارية» brandسيئة جدّا؛ إذ ال يبدو أنه موجود بوصفه تحليال « ُم َس َّمى» ،كام
تشبيهه ٍ
هو الحال مع املناهج األخرى (كالتحليل الرسدي والنظرية املجذرة مثال) .لهذا ،غالبا ما ال ُيعرتف رصاحة بأنه
هو املنهج املستع َمل يف التحليل مع أن كثريا من مناهج التحليل _ كام نحاج عن ذلك_ هي يف األساس .إ ّما
موضوعاتية وتزعم أنها يشء آخر (كتحليل الخطاب ،أو حتى تحليل املحتوى (مثل،))Meehan et al., 2000 ،
عي منهجا محددا عىل اإلطالق _ كقول أصحابها :البيانات «تخضع للتحليل الكيفي للموضوعات وإ ّما ال ُت ِّ
املتكررة عىل نحو شائع» ( .)Braun and Wilkinson, 2003: 30لكن ،إن نحن جهلنا كيف يح ِّلل الناس
بياناتهم ،واالفرتاضات التي اسرتشدوا بها يف ذلك ،فمن الصعب تقييم أبحاثهم ومقارنة بعضها ببعض و/أو
الرتكيب بينها وبني دراسات أخرى تشاركها يف املوضوع؛ وهذا أ ْمر قد يعوق مستقبال الباحثني اآلخرين الذين
لهم مشاريع ذات صلة باملوضوع نفسه ( .)Attride-Stirling, 2001لهذا ،نقول إن الوضوح يف سريورة املنهج
ومامرسته أ ْمر حيوي ،ونأمل أن تزيد هذه املقالة من وضوح التحليل املوضوعايت.
identified *8ترجمناها غالبا بـ «تَعرُّ ف» وأحيانا بتحديد ،وتعني في لغتها األصلية القدرة على تمييز شخص أو شيء وتحديد ماهيته وتعيينه وتعريفه
«تعرفت الحزن في وجهه» ،أي استطعت تمييزه ،ونقول أيضا« :التلميذ النبيه يتعرف العنصر الدخيل ضمن مجموعة منسجمة ُ وتسميته .نقول مثال:
من األشكال الهندسية» .انظر:
Definition of identify from the Cambridge Business English Dictionary © Cambridge University Press. Accessed
11 Feb. 2023
9
ويف عالقة باملوضوع ذاته ،كثريا ما ُتقدِّم التقارير تفاصيل غري كافية عن سريورة التحليل وتفاصيله
()Attride-Stirling, 2001؛ إذ ليس نادرا أن تجد حديثا عن املوضوعات «املنبثقة» من البيانات (مع أن
هذه املسألة ال تقترص عىل التحليل املوضوعايت)؛ فعىل سبيل املثال ،يقول سنجر وهنرت ،Singer and Hunter
( )1999:67يف تحليلهام للخطاب املوضوعايت لتجارب النساء مع سن اليأس املبكر ،إن « ِعدَّة موضوعات
انبثقت أثناء التحليل» ،و َيدَّعي روبن وروبن )226 :1995( Rubin and Rubinأن التحليل يكون مثريا ألنك
«تكتشف موضوعات ومفاهيم مطمورة يف مقابالتك ».لكن ،وصف املوضوعات «املنبثقة» أو «املكتَشفة» هو
وصف منفعل passiveلسريورة التحليل ،ينكر الدور الفاعل activeالذي يضطلع به الباحث دامئا يف تحديد
األمناط -املوضوعات ،واختيار املثري منها لالهتامم وكتابة التقارير عنها للقراء (.9)Taylor and Ussher, 2001
أضف إىل هذا أن لغة «انبثاق املوضوعات»:
يم» يف البيانات ،وإذا نظرنا بإمعان فإنها «ستنبثق» مثل «ميكن أن يساء تأويلها لتعني أن املوضوعات « ُت ِق ُ
يم» يف أي مكان ،فإنها ُت ِق ُ
يم يف رؤوسنا ج َّراء تفكرينا .10*Venus on the half shellإن كانت املوضوعات « ُت ِق ُ
يف بياناتنا وخلقنا للرتابطات كام نفهمها)Ely et al.,1997: 205-6( ».
يف هذه املرحلة ،من املهم أن نرصح بقيمنا ومواقفنا النظرية من البحث الكيفي؛ فنحن ال نؤيد النظر
إىل البحث الكيفي من منظور واقعي ساذج ،حيث ميكن للباحث ببساطة « َمنْح صوت» giving voice
(انظر )Fine, 2002للمشاركني* 11يف بحثه؛ ألنه ،كام يؤكد فاين ،)218: )2002( fineحتى مقاربة « َمنْح
الصوت» «تتضمن َمنْح مكانة ألجزاء من الدليل الرسدي* narrative evidence 12غري معرتف بها ،نختارها
ونبسطها لدعم ما نحاج عنه» .لكن ،مع هذا ،نحن ال نقول بوجود إطار نظري مثايل إلجراء بحث ونعدِّلها ُ
كيفي ،وال بوجود منهج مثايل وحيد؛ ألن ما يهم حقا هو توافق اإلطار النظري واملناهج املت َبعة مع ما يريد
الباحث معرفته ،وأن َيعرتف بهذه القرارات ،ويد ِرك أنها قرارات فعال.
يختلف التحليل املوضوعايت عن بقية مناهج التحليل الساعية إىل وصف األمناط الحارضة َع ْ َب البيانات
الكيفية _ مثل تحليل الخطاب «املوضوعايت» وتحليل التفكيك املوضوعايت Thematic decomposition
9يقترح فوستر وباركر ( )1995طريقة واحدة لالعتراف بالدور اإلبداعي والنشط للمحلل ،وهي استعمال ضمير المتكلم عند الكتابة.
*10الترجمة الحرفية لهذه العبارة هي« :الزُ هرة في نصف صدفة» ،والمقصود شيء فجائي أو عجائبي ،وهي ترتبط بالمثولوجيا اليونانية التي تقول
إن فينيس أو أفرودايت (الزهرة) ولدت كاملة بهية من صدفة بحرية .وتعني هذه االستعارة أن الموضوعات المطمورة في البيانات ستبزغ فجأة ،كاملة
بهية دون أي جهد تأويلي فاعل من الباحث.
*11المشاركون في البحث هنا هم المستجوبون أو المستلَطعة آراؤهم من أفراد عينة البحث ،وليس من أسهموا في كتابته وإعداده ،ومنحهم صوتا يعني
نقل أقوالهم «كما هي» ،دون تأويل أو اختيار أو تعديل ألجزاء مما يسردونه.
*12أي ما يسمعه الباحث من أقوال المشاركين في الدراسة وسردياتهم التي يقدمونها لإلجابة عن أسئلته.
10
،analysisوالتحليل الظاهرايت التأوييل والنظرية ا ُمل َجدَّرة .13ومع أن هذه املناهج َتتحرى األمناط يف البيانات،
فإنها ملتزمة* bounded 14نظريا؛ فالتحليل الظاهرايت التأوييل مشدود إىل إبستمولوجيا ظاهراتية (Smith et
،)al., 1999; Smith and Osborn, 2003األولوية عندها للتجربة ()Holloway and Todres, 2003؛ ألنها
فهم تجربة الناس اليومية بالواقع (.)McLeod, 2001 فهم الظاهرة املدروسة بتفصيل أكرب يتطلب َ ترى أن َ
ويزداد األمر تعقيدا إذا علمنا أن النظرية ا ُمل َجدَّرة تأيت يف إصدارات مختلفة ( .)Charmaz, 2002وإن غضضنا
الطرف عن هذا ،وجدنا أن هدف النظرية ا ُمل َجدَّرة من التحليل هو إنشاء نظرية معقولة _ومفيدة_ عن
الظواهر املدروسة انطالقا من البيانات ( .)McLeod, 2001لكن ،بناء عىل ما خربناه ،يبدو أن هذه النظرية
ُتستعمل استعامال متزايدا عىل نحو يستند أساسا إىل نظرية ُمجدَّرة «مخ َّففة» _ liteأي بوصفها مجموعة
من اإلجراءات لرتميز البيانات تشبه إىل حد بعيد التحليل املوضوعايت؛ ومثل هذه التحليالت ال يبدو أنها تفي
بااللتزامات النظرية للنظرية املجدرة «كاملة الدسم» التي تتطلب توجيه التحليل نحو بناء نظرية (Holloway
.)and Todres, 2003لهذا ،فإننا نقرتح عىل هؤالء الباحثني أنهم ال يحتاجون يف التحليل «ا ُملسمى وا ُملدَّعى»
بأنه موضوعايت إىل األخذ بااللتزامات النظرية الضمنية للنظرية ا ُمل َجدَّرة ،ما مل يكونوا راغبني يف إنتاج تحليل
منجز ك ّليا عىل أسس هذه النظرية.نظري َ
أ ّما مصطلح «تحليل الخطاب املوضوعايت» ،ف ُيستعمل لإلشارة إىل نطاق واسع من تحليل نوع-منط البيانات،
ميتد من التحليل املوضوعايت املندرج ِض ْمنَ إبستمولوجيا بنائية اجتامعية (أي حيث ُتعرف األمناط بأنها َ
منتجة
اجتامعيا ،لكن دون إجراء تحليل ِخطايب) ،وصوال إىل صورة تحليل شبيهة جدا بالتصانيف repertoireالتأويلية
لتحليل الخطاب ( .)Clarke, 2005يف حني أن «تحليل التفكيك املوضوعايت» (eg, Stenner, 1993; Ussher and
)Mooney-Somers, 2000هو اسم يط َلق عىل نوع محدَّد من التحليل «املوضوعايت» للخطاب ،يحدِّد األمناط
نشئة للمعنى ،وللمعنى بوصفه اجتامعيا. (املوضوعات ،القصص) الحارضة ِض ْمنَ البياناتِّ ،
وينظر للغة بوصفها ُم ِ
تشرتك هذه املناهج املختلفة يف البحث عن موضوعات ،أو أمناط ُمع َّينة ،تحرض َع ْ َب مجموعة بيانات
(ك ِّلها) وليس ِض ْمنَ عنرص بيانات مثل مقابلة فردية أو مقابالت مع شخص واحد ،مثل تحليل السرية الذاتية
ودراسة الحالة كام نجد يف التحليل الرسدي ( .)eg, Murray, 2003; Riessman, 1993وإذا أخذنا بهذا
ولـم كان التحليل املوضوعايت ال املعنى ،فإن هذه املناهج تتداخل ،بشكل أو بآخر ،مع التحليل املوضوعايتَّ .
يتطلب املعرفة النظرية والتكنولوجية التفصيلية التي تتطلبها مقاربات أخرى ،مثل النظرية ا ُمل َجدَّرة والتحليل
النقدي ،فإنه ميكن أن يو ِّفر منهجا سهل املأخذ ،ال سيام عىل من هم يف بداية مشوارهم مع البحث الكيفي.
13تحليل المحتوى منهج آخر يمكن استعماله لتحديد األنماط عبر البيانات الكيفية ،ويعامل أحيانًا معاملة المقاربات الموضوعاتية (على سبيل المثال،
)2000 ،Wilkinsonومع ذلك ،يميل تحليل المحتوى إلى التركيز على مستوى الميكرو ،وكثيرا ما يو ّفِر تعدادات تكرارية (،)Wilkinson, 2000
ويسمح بالتحليالت الكمية للبيانات الكيفية في أصلها ( .)Ryan and Bernard, 2000لكن التحليل الموضوعاتي يختلف عن هذا في أن الموضوعات
ال تميل إلى أن تكون كمية ،مع أنها قد تكون كذلك في بعض األحيان؛ وقد اقترح بوياتزيس )Boyatzis (1998إمكانية استعمال التحليل الموضوعاتي
لتحويل البيانات الكيفية إلى شكل كمي ،وإخضاعها للتحليالت اإلحصائية؛ ووحدة التحليل أميل إلى أن تكون أكثر من مجرد كلمة أو عبارة ،مثلما هو
واقع الحال في تحليل المحتوى.
*14تدل boundidهنا على أن المناهج المذكورة محصورة ومقيدة بحدود ومنطلقات نظرية خاصة ،تلتزمها وال تتجاوزها.
11
ال يرتبط التحليل املوضوعايت بأي إطار نظري قائم سلفا ،وذلك خالفا للتحليل الظاهرايت التأوييل والنظرية
ا ُمل َجدَّرة (أو مناهج أخرى كالتحليل الرسدي والتحليل النقدي أو تحليل املحادثة)؛ ومن َث َّم ،ميكن استعامله
ِض ْمنَ ُأطر نظرية مختلفة (وإن مل تكن كلها) ،واستعامله كذلك للقيام بأشياء مختلفة ضمنها.
ميكن للتحليل املوضوعايت أن يكون منهجا ذا منزع ماهوي أو واقعي يقدِّم تقارير عن الخربات
واملعاين وواقع املشاركني ،أو يكون منهجا بنائيا يدرس الطرائق التي َتكون بها األحداث والوقائع واملعاين
والخربات ونحوها ناتجة عن طيف من الخطابات العاملة ِض ْمنَ املجتمع ،أو يكون منهجا ذا منزع «سياقي»
،contextualistيتَموضع بني قطبي املاهوية والتكوينية ،ويختص بنظريات معينة ،كالواقعية النقدية (eg,
،)Willig, 1999فيعرتف بالطرائق التي مينح بها األفراد معنى لتجاربهم ،ويعرتف ،باملقابل ،بالطرائق التي
يؤثر بها السياق االجتامعي األوسع يف تلك املعاين ،كل هذا مع الحفاظ عىل الرتكيز عىل املادية وغريها من
حدود «الواقع» .وبناء عليه ،ميكن للتحليل املوضوعايت أن يكون ،عىل حد سواء ،منهجا يكتفي بعكس صورة
reflectالواقع ،أو يتجاوز ذلك إىل تعرية سطح هذا «الواقع» وفض تشابك خيوطه .لكن ،كل هذا ال ُيغني
عن الترصيح باملوقف النظري للتحليل املوضوعايت؛ إذ كثريا ما ال ُي ْع َلن عنه (وهذا ترصف واقعي منطي) .لكن،
كل إطار نظري َيحمل عددا من االفرتاضات ،عن طبيعة البيانات وما ُتثله بخصوص «العامل» و»الواقع» مادام ُّ
وما إىل ذلك ،فإن التحليل املوضوعايت الجيد مطالب بجعل افرتاضاته شفافة.
عدد من القرارات
َتلتقط املوضوعة شيئا ُمهام يف البيانات له عالقة بسؤال البحثُ ،وتثل مستوى معينا من املعاين أو
االستجابات التي تكون منتظمة يف منط Patternedوحارضة ِض ْمنَ مجموعة بيانات .ومن األسئلة املهمة
التي ينبغي التعاطي معها بخصوص الرتميز نذكر :ما الذي ُي َعدُّ منطا/موضوعة؟ أو ما «الحجم» الذي ينبغي
12
للموضوعة أن َتكون عليه؟ وهذه مسألة تخص االنتشار ،سواء من حيث الح ِّيز الذي تشغله املوضوعة ِض ْمنَ
كل عنرص من عنارص البيانات أم من حيث انتشارها َع ْ َب مجموعة البيانات بأكملها.
من الناحية املثالية ،ستجد بعض املوضوعات حارضة َع ْ َب مجموعة البيانات ،لكن وجود حاالت أكرث ال
يعني بالرضورة أن املوضوعة نفسها أكرث أهمية؛ ذلك أنه ما دُمنا أمام تحليل كيفي ،فال توجد إجابة حاسمة
ورسيعة عن سؤال الحصة املطلوب تحصيلها ،من مجموعة البيانات ،يك ُتثبت املوضوعة أنها موضوعة فعال؛
حرضت املوضوعة يف ٪50من عنارص البيانات فستكون موضوعة ،وإن حرضت يف ِ إذ ليست املسألة أنه إن
٪47فقط فلن تكون موضوعة ،وليست املسألة أيضا أن املوضوعة هي فقط يشء تولِيه العديد من عنارص
البيانات اهتامما كبريا بدل االكتفاء بجملة أو جملتني .أال َترى أنه قد ُتعطى موضوعة ُمع َّينة مساحة كبرية يف
بعض عنارص البيانات ،وتعطى مساحة قليلة يف بعضها أو ال تعطى شيئا يف بعضها اآلخر ،أو قد َتظهر يف عدد
قليل نسبيا من مجموعة البيانات .لكل هذاُ ،ي َعدُّ حكم الباحث رضوريا لتحديد ما هي املوضوعة .وتوجيهنا
األويل لك يف هذا ،هو أنك تحتاج إىل يشء من املرونة ،أ ّما القواعد الصارمة فال يع َّول عليها( .سنعود الحقا إىل
مسألة االنتشار يف ما يتعلق باملوضوعات واملوضوعات الفرعية ،حيث إن تنقيح التحليل (انظر ما سيأيت) كثريا
ما يؤدي إىل موضوعات عامة وأخرى فرعية ضمنها).
إضافة إىل ما سبق ،فإن [الحكم ب] «مفتاحية» keynessموضوعة ما ال َيعتمد بالرضورة عىل مقاييس
كمية_ وإمنا عىل التقاطها شيئا ُمهام له عالقة بالسؤال اإلجاميل للبحث من عدمه .عىل سبيل املثال ،يف
بحث فيكتوريا عن متثالت اآلباء املثليني واألمهات املثليات يف 26برنامجا حواريا (Clarke and Kitzinger,
َ ،)2004حددت ست موضوعات «مفاتيح» ،ومل تكن بالرضورة هي األشيع َع ْ َب مجموعة البيانات_ ظهرت يف
ما بني اثنني و 22من الربامج الحوارية الـ _ 26لكنها ال َت َقطت مجتمعة عنرصا ُمهام يف الطريقة التي « ُي َط ِّبع»
normalizeبها املثليون عائالتهم يف مناظرات الربامج الحوارية .يف حالة هذا املثال ،كان التحليل املوضوعايت
موجها بهذا السؤال التحلييل عن التطبيع تحديدا .ومادام تحديد االنتشار ميكن أن ُيجرى بطرائق مختلفة ،فإن َّ
السؤال عن كيفية «قياس» هذه الباحثة ملعدل االنتشار هو أمر وثيق الصلة هنا ،وقد حس َبته عىل مستوى
عنرص البيانات (أي ،هل ظهرت املوضوعة يف أي مكان من كل برنامج حواري عىل حدة؟) ،وكان ميكنها حسابه
عبوا عن املوضوعة َع ْ َب مجموعة البيانات بأكملها ،أو من زاوية من زاوية عدد املتحدثني املختلفني الذين َّ
كل ظهور مفرد للموضوعة تكرر َع ْ َب مجموعة البيانات بأكملها (األمر الذي يثري أسئلة معقدة عن بدء «حالة
ما» وانتهائها ِض ْمنَ سلسلة طويلة من الحديث -انظر .)Riessman, 1993ونظرا إىل أن مسألة االنتشار مل
تكن مصريية يف التحليل املقدَّمَ ،سلكت فيكتوريا الطريقة األكرث مبارشة ووضوحا .لكن ،من املهم أن ن ْذكر أنه
ال يوجد منهج صحيح لتحديد االنتشار وآخر خاطئ؛ ذلك أن جزءا من مرونة التحليل املوضوعايت تكمن يف
إتاحته تحديد املوضوعات (واالنتشار) بطرائق متعددة؛ إذ املهم فعال هو أن تكون متسقا يف كيفية قيامك
بذلك يف أي تحليل تنجزه.
13
توجد «اصطالحات» متنوعة لتمثيل االنتشار يف التحليل املوضوعايت (وبقية املناهج الكيفية األخرى) ال
تو ِّفر مقياسا كميا (خالفا لكثري من مناهج تحليل املضمون_ )Wilkinson, 2000 ،كقولنا« :غالبية املشاركني»
( ،)Meehan et al., 2000: 372أو «عدة مشاركني» ( ،)Taylor and Ussher, 2001: 298أو «عدد من
املشاركني» ( .)Taylor and Ussher, 2001: 298ومثل هذه الواسامت تعمل عىل نحو بالغي يك تقرتح علينا
أن املوضوعة موجودة بالفعل يف البيانات ،ويك تقنعنا بأنها تقدم تقريرا صادقا عن البيانات .لكن ،هل تخربننا
بالكثري؟ رمبا يكون هذا من املجاالت التي تحتاج إىل مزيد من النقاش لإلجابة عن األسئلة اآلتية :كيف منثل
انتشار املوضوعات يف البيانات؟ وملاذا نفعل ذلك؟ وهل االنتشار ُمهم عىل نحو خاص ،وملاذا هو كذلك؟
عي واحد
مفصل لجانب ُم َّ
َّ القرار الثاين :وصف غني ملجموعة البيانات أو بيان
من املهم أن ُتحدِّد نوعَ التحليل الذي تود إنجازه والدعاوى التي تريد إقامتها ،كل ذلك يف عالقة مبجموعة
البيانات التي تحللها .عىل سبيل املثال ،قد تكون راغبا يف تقديم وصف موضوعايت غني ملجموعة البيانات
بأكملها ،بحيث َيتع َّرف القارئ املوضوعات السائدة أو املهمة؛ ويف هذه الحالة ،يجب أن تكون املوضوعات
التي ُتحدِّدها و ُت َر ِّمزها وتحللها انعكاسا دقيقا ملحتوى مجموعة البيانات بأكملها .ومع أنك ستَفقد ،بالرضورة،
بعض العمق والتعقيد باعتامد هذا النوع من التحليل( ،خاصة إذا كنت تكتب أطروحة assertationقصرية
أو مقالة بحدود كلامت صارم) فإنك ُتحا ِفظ عىل نسخة عامة غنية ،وقد يكون هذا التحليل الغني منهجا
مفيدا ،خاصة إن كنت تح ِّقق يف مجال مل ُيبحث كفاية ،under-researchedأو تعمل مع مشاركني آراؤهم
يف املوضوع الذي تبحثه مجهولة.
يف مقابل الوصف الغنيَ ،يتمثل االستعامل البديل للتحليل املوضوعايت يف توفري وصف أكرث تفصيال ودقة
ملوضوعة معينة ،أو مجموعة موضوعاتَ ،تحرض ِض ْمنَ البيانات .وقد يتعلق هذا االستعامل بسؤال محدَّد أو مجال
اهتامم ِض ْمنَ البيانات (انظر املقاربة الداللية يف ما سيأيت) ،أو مبوضوعة ُمع َّينة «كامنة» (انظر أدناه) تحرض َع ْ َب
مجموعة البيانات كلها أو معظمها .ومن األمثلة عىل ذلك ،نذ ُكر بحث فيكتوريا حول الربنامج الحواري املناقش
آنفا ( ،)Clarke and Kitzinger, 2004والذي َفحصت فيه التطبيع يف روايات املثليني عن األبوة واألمومة.
ميكن يف التحليل املوضوعايت تحديد املوضوعات أو األمناط الواردة ِض ْمنَ البيانات بإحدى طريقتني رئيستني:
طريقة استقرائية ،أو لنقل «من أسفل إىل أعىل» (عىل سبيل املثال ،)Frith and Gleeson, 2004 ،وأخرى نظرية
أو لنقل استنباطية أو «من أعىل إىل أسفل» (عىل سبيل املثال .)Boyatzis, 1998; Hayes, 1997 ،تعني املقاربة
االستقرائية أن املوضوعات املح َّددة ترتبط ،ارتباطا وثيقا ،بالبيانات نفسها (( )Patton, 1990بهذا ،يحمل هذا
الرضب من التحليل املوضوعايت شبها بالنظرية املج َّذرة) .يف هذه املقاربة ،إن ُج ِّمعت البيانات من أجل البحث
14
خاصة (مثالَ ،ع ْ َب مقابلة أو مجموعة بؤرية ،)group*15 focusفقد ال َيكون للموضوعات املحدَّدة إال عالقة
موجهة باالهتاممات النظرية للباحث باملجالطفيفة باألسئلة الخاصة املطروحة عىل املشاركني ،ولن تكون أيضا َّ
أو املوضوع .وعليه ،فإن التحليل االستقرايئ هو سريورة ترميز البيانات دون محاولة جعلها تناسب إطار ترميز
موجود قبال ،أو التصورات التحليلية املسبقة للباحث .ومن َث َّم ،يكون هذا الرضب من التحليل املوضوعايت
موجها بالبيانات .data-drivenومع ذلك ،من املهم أن ن ْذكر ،كام ناقشنا آنفا ،أن ليس يف وسع الباحثني تحرير َّ
أنفسهم من التزاماتهم النظرية واإلبستمولوجية ،وأن البيانات ال ُت َر َّمز يف فراغ إبستمولوجي.
موجها باالهتامماتيف مقابل الطريقة االستقرائية ،مييل التحليل املوضوعايت «النظري» إىل أن َيكون َّ
موجها باهتاممات الباحث analyst-drivenعىل نحو النظرية أو التحليلية للباحث باملجال ،ومن َث َّم ،يكون َّ
أكرث رصاحة .مييل هذا النوع من التحليل املوضوعايت عموما إىل توفري وصف أقل ِغنى للبيانات ،وتحليل أكرث
تفصيال لجانب من جوانبها .إضافة إىل ما سبق ،يتوقف االختيار بني الخرائط االستقرائية والنظرية عىل كيفية
ترميز البيانات والغرض من ذلك؛ إذ ميكنك أن ُتر ِّمز من أجل سؤال بحث مح َّدد متاما (تأخذ باملقاربة األكرث
نظرية) كام ميكن لسؤال البحث املحدَّد أن يتبلور أثناء عملية الرتميز (تأخذ باملقاربة االستقرائية).
فلو افرتضنا أن باحثا كان مهتام بالحديث عن الجنس املتغاير* ،heterosex 16وجمع البيانات من املقابلة،
باستعامل مقاربة استقرائية ،فإنه سيقرأ البيانات ويعيد ،بحثا عن أي موضوعات تتعلق بـالجنس املتغاير،
وسري ِّمز ترميزا متنوعا دون أن يلقي باال للموضوعات التي رمبا تكون األبحاث السابقة يف املوضوع قد حددتها.
عىل سبيل املثال ،لن ينظر إىل البحث املؤثر لـ هولواي ،)1989( Hollwayالذي َحددت فيه خطابات الجنس
املتغاير ور َّمزت ثالث موضوعات فقط ،وهي :خطاب الدافع الجنيس للذكور ،وخطاب األخذ/الحفاظ have/
،holdوأخريا خطاب السامح* .17ويف املقابل ،إن اتبع الباحث مقاربة نظرية ،فقد يكون مهتام بالطريقة التي
َيظهر بها السامح َع ْ َب البيانات ،وسري ِّكز عىل تلك امليزة بالذات يف الرتميز؛ األمر الذي سيؤثر بعد ذلك يف عدد
املوضوعات عن اإلباحة ،التي قد تشمل التحدث عن أمر قريب من موضوعة هولواي األصلية أو التوسع فيها.
*15منهج/تقنية تستعمل في البحوث الكيفية لتجميع البيانات المطلوبة عن طريق خلق مجموعات نقاش مصغرة ،يُعرض عليها موضوع محدد تناقشه
والباحث يراقب تفاعالت أعضائها ويسجل كيفية تعاطيهم مع الموضوع ونوع األسئلة التي يطرحونها واإلجابات التي يقدمونها.
*16الجنس بين ذكر وأنثى.
*17بحث شهير ،حدَّدت فيه الكاتبة ثالثة خطابات معاصرة عن الجنسية مع الجنس اآلخر ،وهي :خطاب الدافع الذكوري ،ويعني أن الذكور مدفوعون
بيولوجيا إلى ممارسة الجنس مع اإلناث وتفريغ التوتر الناتج عن اإلثارة ،وخطاب يملك /يحفظ (عبارة تستعمل عادة في عقد القِران الموافق لألديان
واألعراف ،حيث يقسم العروسان بأن يؤوي كل منهما األخر ويحفظه) ،القائم على ثنائية الرجل يقدم الحماية واألمن واألنثى توفر األبناء ،وأخيرا
خطاب اإلباحة والتساهل الذي يعترف بالرغبة الجنسية لإلناث والذكور وحقهم بممارستها في حال الرضى وانعدام األذى.
15
يدور قرار آخر حول «املستوى» levelالذي ُستح َّدد فيه املوضوعات ،أهو مستوى داليل أو لنقل رصيح،
أم مستوى كامن أو لنقل تأوييل)Boyatzis, 1998( 18؟ وقد جرت العادة أن التحليل املوضوعايت ير ِّكز حرصا،
أو يف املقام األول ،عىل مستوى واحد فقط .ويف حال اتباع مقاربة داللية ،ستُح َّد ُد املوضوعات ِض ْمنَ املعاين
الرصيحة أو السطحية للبيانات ،ولن َيتطلع املح ِّلل إىل أي يشء يتجاوز ما قاله أو كتبه املشارك يف الدراسة.
نظمويف ظروف مثالية ،ستشمل سريورة هذا املستوى من التحليل خطوات تبدأ بالوصف ،حيث ببساطة ُت َّ
البيانات إلظهار أمناط يف املحتوى الداليل ،ثم التلخيص ،وصوال إىل التأويل ،حيث ُيحا َول التنظري ألهمية األمناط
ومعانيها األوسع وتداعياتها ( ،)Patton, 1990وكثريا ما َيجري ذلك يف عالقة بأدبيات البحث السابقة (للحصول
عىل مثال ممتاز لهذا ،انظر .)Frith and Gleeson, 2004
رشع يف تحديد ويف املقابل ،يتجاوز التحليل املوضوعايت عىل املستوى الكامن املحتوى الداليل للبيانات ،وي َ
أو دراسة األفكار واالفرتاضات والتصورات -واأليديولوجيات -التحتية the underlyingالتي ُن ِّظر لها عىل أنها
تش ِّكل أو ُتع ِلم باملحتوى الداليل للبيانات .وإذا تخيلنا بياناتنا ثالثية األبعاد ،كقطعة غري متساوية من ال ُهالم
،jellyفإن املقاربة الداللية ستسعى إىل وصف سطح ال ُهالم وشكله ومعناه ،يف حني أن املقاربة الكامنة ستسعى
إىل تع ُّرف املالمح التي أعطت الهالم هذا الشكل املح َّدد وهذا املعنى .ومن َث َّمَ ،يرى التحليل املوضوعايت
الكامن أن بلورة developmentاملوضوعات نفسه ينطوي عىل عمل تأوييل ،والتحليل املنتَج ليس مجرد
وصف ،وإمنا هو عمل جرى التنظري له سلفا.
مييل التحليل املنجز ِض ْمنَ هذا التقليد ،املذكور آنفا ،إىل الصدور عن البارديغم البنايئ (مثالBurr, ،
،)1995وبهذا ،يتداخل التحليل املوضوعايت مع أشكال من تحليل الخطاب «( »DAا ُملشار إليها أحيانا باسم
«تحليل الخطاب املوضوعايت» (عىل سبيل املثال Singer and Hunter, 1999; Taylor and Ussher,
نظر الفرتاضات وبنيات و/أو معاين أوسع عىل أنها ركيزة يقوم عليها ما جرى توضيحه ،))،2001حيث ُي َّ
واملالحظ أن عددا من محليل الخطاب يعودون إىل أمناط التأويل التحليل-نفسية َ بالفعل يف البيانات.
psycho-analyticعىل نحو متزايد (عىل سبيل املثال ،)Hollway and Jefferson, 2000 ،والتحليل
املوضوعايت الكامن يتوافق مع هذا اإلطار.
18تعريف وياتزيس )1998( Boyatzisللكامن والظاهر أضيق إلى حد ما من تعريفنا للكامن والداللة؛ فهو يعرف التحليل الموضوعاتي بأنه دمج
كل من الجوانب الكامنة والظاهرة .ومع ذلك ،فإن هذا ناتج عن حقيقة أنه يربط سيرورة التأويل بالتحليل الكامن -في حين أننا قد نجادل بأنه يجب أن
أيضا عنصرً ا مهمًا في المقاربة الداللية.
يكون ً
16
كام حاججنا من قبل ،ميكن إجراء التحليل املوضوعايت ِض ْمنَ كل من الباراديغمني الواقعي/الجوهري
حسم يف مسألة
والبنايئ ،لكن ما ينتجه كل منهام ،وما يركز عليه ،سيكون مختلفا .ومع أن العادة قد جرت بأن ُي َ
اإلبستمولوجيا هذه عند وضع تصور مرشوع البحث ،فإنها قد ُتطل برأسها مرة أخرى يف أثناء التحليل ،وذلك
عندما يتحول الرتكيز البحثي إىل االهتامم بجوانب مختلفة من البيانات .ودور إبستمولوجيا البحث هو أن
َ
اتخذت مقاربة واقعية/جوهرية، نظر للمعنى .فمثال ،إنتوجه ما ميكنك قوله عن بياناتك ،و ُت ْع ِل َمك كيف ُت ِّ
ِّ
التنظري للدوافع والخربة واملعنى بطريقة مبارشة ،ألن هذه املقاربة َتفرتض وجود عالقة بسيطة أحادية أم َكنك ِّ
االتجاه ،إىل حد بعيد ،بني املعنى والخربة واللغة (تعكس اللغة املعنى والتجربة ومتكننا من التعبري عنهام)
(.)Potter and Wetherell, 1987; Widdicombe and Wooffitt, 1995
َ
اتخذت املنظور البنايئ ،فستجد أن املعنى والخربة ليسا كامنني داخل األفراد ،وإمنا ُينتجان ويف املقابل ،إن
املنجز يف إطار البنائية ،إىل
ويعاد إنتاجهام اجتامعيا ( .)Burr, 1995لذلك ،ال يسعى التحليل املوضوعايت َ
الرتكيز عىل التحفيز أو علم النفس الفردي ،وال ميكنه ذلك ،بل يسعى باألحرى إىل التنظري للسياقات االجتامعية
والثقافية والظروف البنيوية التي تتيح األداءات الفردية املقدَّمة .وبهذا ،مييل التحليل املوضوعايت الذي يركز
عىل املوضوعات «الكامنة» إىل أن يكون أكرث بنائية ،ومييل أيضا ،يف هذه املرحلة ،إىل التداخل مع تحليل
الخطاب املوضوعايت؛ ومع ذلك ،ليست كل التحليالت املوضوعاتية «الكامنة» بنائية.
يجدر اإلملاع إىل أن البحث الكيفي يتضمن سلسلة من األسئلة ،والحاجة قامئة إىل توضيح العالقة بينها .أوال،
هناك سؤال أو أسئلة البحث الشاملة التي تقود املرشوع .وقد يكون سؤال البحث واسعا جدا (واستكشافيا)،
مثل« :كيف ُتبنى والدية parentingاملثليني واملثليات؟» أو «ما معاين املهبل؟» ،وقد تكون أسئلة البحث
أضيق ،مثل« :كيف ُي َط َّبع مع والدية املثليني ،وملاذا؟» ( ،)Clarke and Kitzinger, 2004أو «ما الخطابات
الدائرة حول حجم املهبل؟» (انظر .)Braun and Kitzinger, 2001هذه األسئلة الضيقة قد تكون جزءا من
سؤال بحث شامل أوسع ،وإن كان األمر كذلك ،فإن التحليالت املقدَّمة ستوفر أيضا إجابات عن سؤال البحث
الشامل .ومع أن املشاريع جميعها َتسرتشد بأسئلة بحثية ،فمن املمكن أيضا تنقيحها مع تقدم املرشوع.
بيانات من املقابالت أو من مجموعات بؤرية ،فهناك األسئلة التي أجاب عنها املشاركون.
ٍ ثانيا ،إذا َت َّم جمع
توجد عالقة رضورية بني هذه األنواع الثالثة
املوجهة لرتميز البيانات وتحليلها ،إال أنه ال َ
وأخريا ،هناك األسئلة ِّ
فضل الفصل بينها .ومن أسوأ ما قرأنا من أمثلة التحليل «املوضوعايت» نذكر تلك التي من األسئلة ،بل كثريا ما ُي َّ
17
املوجهة إىل املشاركني عىل أنها هي «املوضوعات» املتع َّرفة يف «التحليل» ،مع أنه ،يف
تستعمل ببساطة األسئلة َّ
مثل هذه الحاالت ،مل ُيجر أي تحليل عىل اإلطالق!
ونقول إجامال ،إن التحليل املوضوعايت ينطوي عىل البحث َع ْ َب مجموعة بيانات _ سواء أكانت عددا من
املقابالت أم مجموعات الرتكيز أم مجموعة من النصوص_ للعثور عىل أمناط من املعنى متكررة .وكام وضحنا
سابقا ،فإن الشكل واملنتَج الدقيق للتحليل املوضوعايت يكون متنوعا؛ ولذا ،من املهم أن يجاب عن األسئلة
َّ
املوضحة آنفا قبل إجراء التحليالت املوضوعاتية ويف أثنائها.
كثريا ما متيل املناهج ذات النزعة البنائية ،التي ُتعنى بجوانب محدَّدة وموضوعات كامنة ،إىل التجمع
معا؛ يف حني متيل املناهج ذات النزعة الواقعية ،التي ُتعنى باملعاين الحارضة َع ْ َب مجموعة البيانات بكاملها
واملوضوعات الداللية ،إىل التجمع معا .ومع ذلك ،ال توجد قواعد حاسمة ورسيعة بخصوص هذا األمر،
والتوليفات املختلفة بني هذه املناهج تظل ممكنة .لكن املهم يف األمر هو أن يحتوي املنتَج النهايئ عىل رسد
-غري مفصل بالرضورة -ملا جرى القيام به ،وملاذا.
بعد كل هذا ،ما الذي ميكن للمرء القيام به فعليا؟ ُنقدِّم اآلن ما نأمل أن يكون دليال مبارشا ،خطوة
خطوة ،إلجراء التحليل املوضوعايت.
تتشابه بعض مراحل التحليل املوضوعايت مع مراحل البحث الكيفي األخرى .لذا ،ال ينفرد التحليل املوضوعايت
يالحظ املحلل أمناطا من املعنى والقضايا ذات األهمية بهذه املراحل ك ِّلها بالرضورة .تبدأ سريورة التحليل عندما ِ
املحتملة يف البيانات ويبحث عنها ،وقد يكون هذا يف أثناء جمع البيانات ،و ُتختتم هذه السريورة بكتابة تقرير
عن محتوى األمناط (موضوعات) ومعناها يف البيانات ،حيث «املوضوعات هي بنيات مج َّردة (وكثريا ما تكون
غامئة) يحدِّدها املحققون [كذا ] sicقبل التحليل وأثناءه وبعده» ( .)Ryan and Bernard, 2000: 780وبهذا،
نجد أن التحليل يتضمن حركة مستمرة ،جيئة وذهابا ،بني مجموعة البيانات بأكملها ،واملقتطفات ا ُمل َر َّمزَة من
البيانات املحللة ،والتحليل املنتَج عن هذه البيانات .أ ّما الكتابة ،فجزء ال يتجزأ من التحليل ،وليست شيئا َيحدث
يف الختام ،كام هو الحال مع التحليالت اإلحصائية .لهذا ،ينبغي بدء الكتابة يف املرحلة األوىل؛ أي مع تدوين
األفكار وخطاطات الرتميز املحتملة ،واالستمرار فيها مبارشة طوال عملية الرتميز/التحليل بأكملها.
تختلف اآلراء يف تعيني الوقت الذي ينبغي لك فيه التعامل مع األدبيات ذات الصلة بتحليلك؛ إذ يدافع
بعضهم عن أن القراءة املبكرة قد ُتض ِّيق مجال رؤيتك التحليلية ،ما يؤدي بك إىل الرتكيز عىل جوانب من
البيانات عىل حساب أخرى قد تكون بالغة األهمية؛ يف حني ُيدافع آخرون عن أن التعاطي مع األدبيات ميكن
18
أن يعزز تحليلك ،وذلك بإرهاف حسك حتى يصري قادرا عىل التقاط مظاهر أكرث خفاء يف البيانات (Tuckett,
.)2005لذلك ،ال توجد طريقة صحيحة وحدها للميض قدما يف القراءة من أجل التحليل املوضوعايتّ ،إل
َ
سلكت املقاربة األكرث استقرائية ،فيمكنك تعزيزها بعدم التعاطي مع األدبيات يف املراحل األوىل من أنك إن
َ
سلكت املقاربة النظرية ،فاألمر يتطلب منك التعاطي مع األدبيات قبل التحليل. التحليل ،وإن
للتحليل املوضوعايت ستة أطوار ،phasesوسنُقدِّم دليال تفصيليا عنها ،ونو ِّفر أمثلة لتوضيح السريورة املتبعة
يف كل منها ،19والجدول رقم ( )1يلخص هذه األطوار .لكن ،ينبغي لك إدراك أن إرشادات التحليل الكيفي هي
تحديدا -ليست قواعد ،واتباع التعاليم األساسية سيتطلب منك املرونة يف تطبيقها لتالئم أسئلة البحث والبيانات
( .)Patton, 1990إضافة إىل ذلك ،ليس التحليل سريورة خطية لالنتقال ببساطة من طور إىل آخر ،وإمنا هو
باألحرى سريورة أكرث تكرارية ،recursiveالحركة فيها تكون ،حسب الحاجة ،جيئة وذهابا من أقىص أطوار
التحليل إىل أقصاه ،وهو أيضا سريورة تتطور مبرور الوقت ( ،)1997 ،.Ely et alوال ينبغي التعجل فيها.
19نَفترض أنك تعمل على متن بيانات ومجموعة بيانات «جيدة الكيفية» .ويمكننا القول إن «البيانات الجيدة» تحدَّد بمجموعة من المعايير المتعلقة
ب :ماذا ولماذا وكيف جُ معت ،وبتقديم عروض غنية ومفصلة ومعقدة عن الموضوع .ال تكتفي البيانات الجيدة بمجرد توفير نظرة عامة عن سطح
الموضوع الذي نهتم به ،أو تكرر ببساطة استعراض ما يراه الحس المشترك .التحدي الذي يواجه الباحث المبتدئ هو التفاعل مع المشاركين في البحث
بطريقة تولد رؤى غنية ومعقدة .ويُ َع ُّد إنتاج تحليل جيد للبيانات ذات الجودة الرديئة مهمة صعبة ،مع أنه من المحتمل أن يقوم بها محلل ماهر وذو خبرة.
Collating *20تدل لغة على الترتيب وفق خاصية مُعيَّنة (فرز) ثم تجميع العناصر المتشابهة في أصناف (تنسيق) .كأن تكون أمامك رزمة أوراق
ملونة ،فتميز بينها حسب اللون مثال ،ثم تضم كل لون إلى مشابهيه فتحصل على مجموعات متشابهة .انظر:
“Collate.” Merriam-Webster.com Dictionary, Merriam-Webster, https://www.merriam-webster.com/dictionary/
collate. Accessed 11 Feb. 2023
19
البيانات التي تنخرط يف تحليلها قد تكون جمعتها بنفسك أو قد تكون ُأ ْع ِط َيت إليك؛ يف حال جمعك لها
بوسائل تفاعلية ،فستأيت إىل التحليل مبعرفة مسبقة بالبيانات ،ورمبا باهتاممات أو أفكار تحليلية أولية ،لكن،
َمهام يكن األمر؛ فمن الرضوري أن تنغمس يف البيانات إىل الحد الذي تصبح معه مستأنسا بعمق املحتوى
واتساعه .وعادة ما يتضمن االنغامس «القراءة املتكررة» للبيانات ،وقراءتها قراءة فاعلة -بحثا عن املعاين
واألمناط وما إىل ذلك .والخليق بك أن تقرأ مجموعة البيانات بأكملها ،مرة واحدة عىل األقل ،قبل أن تبدأ
َّدت األمناط املحتملة.
تشكلت األفكار وتحد ِ
ِ الرتميز؛ فك َّلام َ
قرأت،
وسواء أكنت ترمي إىل إجراء تحليل مجمل أو مفصل ،أم كنت تبحث عن موضوعات كامنة أو داللية ،أم
موجها بالنظرية ،ستحاط علام بكيفية سري القراءة؛ ومهام يكن ما ترمي إليه ،فمن كنت موجها بالبيانات أو َّ
املهم أن تكون قد ألِفت جميع جوانب بياناتك .يف هذا الطور ،سيتضح أحد األسباب التي من أجلها مييل
البحث الكيفي إىل استعامل عينات أصغر بكثري ،قياسا إىل بحث االستبانة مثال ،وهو أن قراءة البيانات وإعادة
قراءتها تستفذ وقتا طويال .لذلك ،قد ُتغرى بتخطي هذا الطور أو تلجأ إىل االنتقائية ،ونحن ُنح ِّذر بشدة من
هذا اإلغراء؛ ألن هذا الطور هو األساس لبقية التحليل.
يف غضون هذه املرحلة ،من الجيد أن تبدأ بتدوين املالحظات أو وسم markingاألفكار لرتميزها؛ ألنك
ستعود إليها يف األطوار الالحقة .ومبجرد أن تفعل هذا ،ستكون مستعدا لبدء سريورة الرتميز األكرث رسمية؛ لكن،
ال تنس أنك ستستمر يف تطوير الرتميز وتحديده طوال التحليل برمته.
كنت تعمل عىل بيانات شفهية ،كاملقابالت والربامج التلفزيونية والخطب السياسية ،فستحتاج إىل إن َ
تفريغ البيانات كتابة إلجراء تحليل موضوعايت .ومع أن عملية التفريغ تستغرق وقتا طويال ،وقد تكون محبطة،
بل ومملة أحيانا ،فإنها قد تكون منهجا ممتازا لبدء األلفة بالبيانات ( .)Riessman, 1993زيادة عىل ذلك،
من الباحثني من ُيحاج عن وجوب النظر إىل هذا الطور عىل أنه «مفتاحي يف تحليل البيانات يف إطار املنهجية
الكيفية التأويلية» ( ،)Bird, 2005: 227وهو يحظى باالعرتاف بوصفه فعال تأويليا ُتنشأ فيه املعاين ،بدل أن
يكون مجرد فعل ميكانييك تسجل به األصوات املنطوقة عىل الورق (.)Lapadat and Lindsay, 1999
توجد مواضعات متنوعة لتحويل النصوص املنطوقة إىل نصوص مكتوبة (انظر Edwards and Lampert,
،)1993; Lapadat and Lindsay, 1999وبعض أنظمة التفريغ ُط ِّورت من أجل رضوب محدَّدة من التحليل
-مثل نظام جيفرسون « »Jeffersonيف التحليل النقدي (انظرAtkinson and Heritage, 1984; Hutchby
.)and Wooffitt, 1998ومع ذلك ،فإن التحليل املوضوعايت ،وحتى التحليل املوضوعايت البنايئ ،ال يتطلب يف
20
التفريغ القدر نفسه من التفاصيل الذي يتطلبه تحليل املحادثة وتحليل الخطاب وحتى التحليل الرسدي .وكام
أنه ال يوجد منهج وحيد إلجراء تحليل موضوعايت ،ال توجد مجموعة وحيدة من اإلرشادات يجب اتباعها عند
إنتاج نسخة مكتوبة .ومع ذلك ،فإن األمر يتطلب عىل األقل نسخة مكتوبة «إمالئية »orthographicصارمة
«ح ْريف» لجميع الكالم امللفوظ( 21وأحيانا غري امللفوظ -كالسعال مثال)؛ إذ املهم يف األمر هو
وشاملة -أي ،رسد َ
أن تحتفظ النسخة املف َّرغة باملعلومات املطلوبة من الرسد اللفظي ،وأن ُت ِّثل متثيال «صادقا» طبيعتها األصلية
(مثال ،قد تغري عالمات الرتقيم املقحمة معنى البيانات -عىل سبيل املثال «أنا أكره ذلك ،أنت تعلم ،أنني
أفعل ».مقابل «أنا أكره ذلك .أنت تعلم أنني أفعل»* ،)Poland, 2002: 632( ،22وأن تكون النسخة املف َّرغة
املتفق عليها مناسبة عمليا للغرض من التحليل (.)Edwards, 1993
وكام أملحنا آنفا ،فالوقت الذي تقضيه يف التفريغ ليس مهدورا؛ ألن مراحل التحليل األوىل به تسرتشد،
وأثناءه يتط َّور ف ْهم أشمل وأعمق للبيانات .إضافة إىل ذلك ،قد ُي َي ِّس االهتامم الوثيق الذي يتطلبه تفريغ
البيانات ُك ّل من القراءة الدقيقة واملهارات التأويلية واملهارات الالزمة لتحليل البيانات (Lapadat and
.)Lindsay, 1999وإذا كان تفريغ بيانتك قد َت َّم بالفعل ،أو كانت ستُف َّرغ من أجلك ،ف ِمن املهم أن تقيض وقتا
أطول يف خلق األلفة بالبيانات ،ويف مقارنة النُسخ املكتوبة ،مرة أخرى ،مع التسجيالت الصوتية األصلية لتتيقن
«دقتها» (وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الحال دامئا).
رمز لـ مقتطف من البيانات
إنه أشبه بالعمل الشاق ،أعني مقدار الورق الذي يجب عليك توقيعه لتغيري اسم .1تحدث عن األمر مع رشيك.
Flippin؛ ال أعني ال ،أنا ال ...لقد فكرنا يف األمر (غري مسموع) بحامس شديد وفكرنا .2 ،الكثري من املتاعب لتغيري االسم.
ال ...ال ...أنا ...فق -ال ميكنني أن أكون مزعجة ،إنه يشبه إىل حد بعيد العمل الشاق.
()Kate F07a
شكل 1مقتطف بيانات مع الرتميز املطبق عليه ()from Clarke et al., 2006
البدئية
ْ الطور الثاين :توليد الرموز
يبدأ الطور الثاين عندما تقرأ البيانات و َت ْألفها ،وتكون قد أنشأت قامئة أفكا ٍر أولية مبا يوجد يف البيانات وما
هو مثري لالهتامم فيها .وعليه ،يتضمن هذا الطور إنتاج رموز أولية من البيانات .وهذه الرموز تحدد َم ْلمحا يف
البيانات (املحتوى الداليل أو الكامن) يبدو مثريا الهتامم املحلل ،وتشري إىل «أبسط جزء أو عنرص من البيانات
الخام أو املعلومات التي ميكن الحكم بأهميتها يف عالقة بالظاهرة املدروسة» ( .)Boyatzis, 1998: 63انظر
الشكل رقم ( )1للحصول عىل مثال للرموز املط َّبقة عىل رشيحة قصرية من البيانات .واعلم أن سريورة الرتميز
نظم بياناتك يف مجموعات دالة (Tuckett, هي جزء من التحليل ( ،)Miles and Huberman, 1994حيث ُت ِّ
21انظر بولند )2002( Polandلمناقشة المشكالت المتعلقة بفكرة النسخ «الحَ رْ في» ،وما يستبعد من هذه العملية وما يحتفظ به.
*22في الجملة األولى ،المتحدث يشك أو يهزل في إعالنه الكراهية ،أمّا في الثانية فهو موقن جاد في كالمه ،وعالمات الترقيم المستخدمة تغير المعنى
من الجد واليقين إلى الشك والهزل’I hate it, you know. I do ;’ versus ‘I hate it. You know I do :
21
.)2005ومع ذلك ،فإن بياناتك ا ُمل َر َّمزَة تختلف عن وحدات التحليل (موضوعاتك) التي تكون (يف كثري من
األحيان) أوسع نطاقا .وموضوعاتك ،التي ستبدأ تطويرها يف الطور اآليت ،هي املكان الذي يحدث فيه التحليل
التأوييل للبيانات يف عالقة بنوع الحجج التي تقدمها بخصوص الظاهرة املفحوصة (.)Boyatzis, 1998
َيعتمد الرتميز ،إىل حد ما ،عىل هل املوضوعات أكرث «اعتامدا عىل البيانات» أو «اعتامدا عىل النظرية» -يف
الحالة األوىل ،ستعتمد املوضوعات عىل البيانات ،لكن يف الثانية ،ميكنك مقاربة البيانات بأسئلة محدَّدة يف ذهنك
كنت ترمي إىل ترميز محتوى مجموعة البيانات ترغب يف الرتميز وفقا لها .وس َيعتمد الرتميز أيضا عىل ما إذا َ
كنت ُتر ِّمز يك تحدِّد مالمح ُمع َّينة (ورمبا محدودة) يف مجموعة البيانات .وميكن تنفيذ الرتميز إ ّما
بأكملها ،أو َ
يدويا وإ ّما بربانم ( software programmeانظر ،عىل سبيل املثال ,Kelle, 2004; Seale, 2000 ،ملناقشة الربانم).
اعمل عىل مجموعة البيانات بأكملها عىل نحو نسقي ،وأويل كل عنرص بيانات اهتامما كامال ومتساويا،
وحدِّد الجوانب املثرية لالهتامم فيه ،والتي قد تش ِّكل أساس األمناط املتكررة (املوضوعات) َع ْ َب مجموعة
البيانات .واعلم أن هناك فعليا عددا من الطرائق لرتميز املقتطفات؛ فإذا كان الرتميز يدويا ،ميكنك ترميز
بياناتك بكتابة املالحظات عىل النصوص التي تحللها ،أو باستعامل أقالم التحديد highlightersأو األقالم
امللونة لإلشارة إىل األمناط املحتملة ،أو باستعامل مالحظات «األوراق الصقة» post-itلتحديد رشائح البيانات.
ميكنك بداية تحديد الرموز ،ثم مطابقتها مع مقتطفات البيانات ِّ
املوضحة لها ،ويف هذا الطور من املهم أن
َت ْستَو ِثق من أنك ر َّمزت ف ْعال مقتطفات البيانات جميعها ،وب َّوبتها بعد ذلك تحت كل رمز من الرموز .وهذا قد
نس َخ مقتطفات بيانات من مخطوطات transcriptsفردية أو تصوير مقتطفات من بيانات مطبوعة، يتضمن ْ
وتبويب كل الرموز مع بعضها بعضا يف ملفات حاسوب منفصلة أو باستعامل بطاقات امللفات .file cardsوإن
كنت ستستخدم برانم الحاسوب ،فر ِّمز بوضع عالم َة تسم النصوص املختارة من كل عنرص بيانات.
النصائح الرئيسة لهذا الطور هي كاآليت( :أ) ر ّمز أكرب عدد ممكن من املوضوعات/األمناط املحتملة (إذا
سمح الوقت بذلك) – فأنت ال تع ِرف أبدا ما قد يغدو مثريا لالهتامم الحقا؛ (ب) ر ّمز ما تقتطفه من البيانات
ترميزا شموليا – لكن ،استبق شيئا من البيانات املحيطة إن كانت ذات صلة ،وذلك تجنبا لالنتقاد الشائع
للرتميز بأنه يضيع السياق ()Bryman, 2001؛ (ج) وت َذ ّكر أن مقتطفات مفردة من البيانات ميكن ترميزها
مقتطف ما أو ترميزه مرة واحدة
ٍ بقدر «املوضوعات» املختلفة التي تتناسب معها – ومن َث َّمَ ،ف َل َك إلغاء ترمي ِز
أو عدِّة مرات ،ك َّلام كان ذلك ذا صلة .والحظ أيضا أنه ال توجد مجموعة بيانات تخلو من التناقض ،وأن
«الخريطة» املوضوعاتية املَ ْرضية التي ستنتجها يف النهاية -أي وضع مفهوم شامل ألمناط البيانات ،والعالقات
فيام بينها -23ال يجب عليها تجاهل أو تخفيف التوترات والتناقضات الواردة ِض ْمنَ عنارص البيانات وعربها؛ فمن
املهم أن تحتفظ بالروايات التي تحيد عن القصة املهيمنة يف التحليل ،لهذا ،ال ُتسقط هذه الروايات من ترميزك.
23ما نعنيه بالخريطة الموضوعاتية يشبه ،ولكن على نحو أقل تفصيالً« ،كتاب الشفرات» الوارد ذكره عند ريان وبرنارد Ryan and Bernard
ال للعالقة الهرمية بين الرموز ،إضافة إلى تقديم وصف لكل منها ومعاييره ونماذجه وأمثلة له وأمثلة مضادة عنه
( ،)2000والذي يتضمن وصفًا مفص ً
وتفاصيل أخرى من هذا القبيل .نجد في عرض )1998( Boyatzisللشفرة الموضوعاتية مثاال لتطبيق هذا النموذج (ومراجعته فيما يتعلق) على
بالبيانات .انظر األشكال 4-2للتمثيالت المرئية للخرائط الموضوعاتية وتحسينها .يمكن العثور على مثال آخر للخريطة الموضوعاتية -هذه المرة في
شكل جدول -في .)2004( Frith and Gleeson
22
يبدأ الطور الثالث ،عندما َيتِّم ترميز البيانات وتبويبها بصورة أولية ،وتكون يف حوزتك قامئة طويلة من
الرموز املختلفة التي تع َّرفتها َع ْ َب مجموعة البيانات .يف هذا الطور ،يعاد تركيز التحليل عىل املستوى األوسع
للموضوعات بدال من الرموز ،و ُتف َرز sortingالرموز املختلفة فرزا يتيح تصنيفها يف موضوعات محت َملة،
وتب َّوب جميع مقتطفات البيانات ا ُمل َر َّمزَة ذات الصلة ِض ْمنَ املوضوعات املح َّددة .والجوهري يف األمر ،أن تبدأ
تحليل الرموز الخاصة بك ،والنظر يف كيفية مزج الرموز املختلفة لبناء موضوعة شاملة .قد يفيدك يف هذا
الطور استعامل متثيالت مرئية تعينك عىل فرز الرموز املختلفة إىل موضوعات؛ وذلك كالجداول والخرائط
الذهنية ،وكتابة اسم كل رمز (مع وصف موجز) عىل قطعة منفصلة من الورق وتسلية نفسك بتنظيمها يف
أكوم -موضوعات .انظر خريطة موضوعاتية لهذه املرحلة املبكرة يف الشكل رقم (( )2األمثلة يف األشكال رقم
4-2مستقاة من التحليل الوارد عند براون وويلكينسون 2003 ،Braun and Wilkinsonعن حديث النساء
عن املهبل) ،كل هذا سيحدث عندما تبدأ التفكري يف العالقة بني الرموز ،وبني املوضوعات ،وبني املستويات
املختلفة من املوضوعات (عىل سبيل املثال ،املوضوعات الشاملة الرئيسة واملوضوعات الفرعية ضمنها).
شكل 2خريطة موضوعاتية أولية ،تعرض خمس موضوعات رئيسة (التحليل النهايئ مقدم عند Wilkinson, 2003
)Braun and
23
بعض الرموز األولية قد متيض ُقدما لتك ِّون موضوعات رئيسة ،وبعضها قد يك ِّون موضوعات فرعية ،يف حني
يبقى بعضها اآلخر مستَبعدا ،بل ستجد أيضا ،يف هذا الطور ،مجموعة من الرموز ال يبدو أنها تنتمي إىل أي
مكان .وتذكر أنه من املقبول متاما إنشاء «موضوعة» تسمى «مختلفات» miscellaneousالستضافة الرموز -
رمبا مؤقتا -التي ال تتناسب مع موضوعاتك الرئيسة.
َ
وعملت عىل وضعت devisedمجموعة من املوضوعات املرشحة، َ يبدأ الطور الرابع ،عندما تكون قد
تنقيحها .وسيتبني لك يف هذا الطور أن بني املوضوعات املرشحة ما ليست موضوعات فعلية (مثال ،إذا مل توجد
بيانات كافية لدعمها ،أو كانت البيانات متنوعة جدا) ،وما قد تنصهر يف غريها (مثال ،موضوعتان منفصلتان
ظاهريا ،وهُ ام قد تشكالن موضوعة واحدة) ،وما تحتاج إىل أن تف َّكك إىل موضوعات منفصلة .و ِم ّم ينبغي
أخذه بالحسبان هناَ ،نذكر معيار باتون )1990( Pattonالثنايئ للحكم عىل الفئات ،وهو – التجانس الداخيل
وعدم التجانس الخارجي؛ أي إن البيانات الواردة ِض ْمنَ withinاملوضوعة الواحدة يجب أن ترتابط مع بعضها
ترابطا داال ،يف حني يجب أن تقوم اختالفات واضحة وقابلة للتحديد فيام بني betweenاملوضوعات املختلفة.
يشتمل هذا الطور عىل مستويني من مراجعة املوضوعات وتنقيحها؛ يتضمن املستوى األول مراجعة
مقتطفات البيانات ا ُمل َر َّمزَة ،وهذا يعني أن عليك قراءة جميع املقتطفات الخاصة بكل موضوعة ،وتسأل نفسك:
املرشحة تك ِّون منطا منسجام ،انتقل إىل املستوى الثاين من هذا أ ُتك ِّون منطا منسجام؟ فإن َظهر أن املوضوعات َّ
الطور ،وإن كانت غري مالمئة ،not fitفانظر لعل املوضوعة نفسها إشكالية أو أن بعض مقتطفات البيانات
وضعت ِض ْمنَ موضوعة ال تالمئها أو ال تنتمي إليها -ويف هذه الحالة ،ميكنك إعادة صياغة موضوعاتك، قد ِ
أو إنشاء موضوعة جديدة ،أو العثور عىل مأوى لتلك املقتطفات التي ال تنتمي حاليا إىل املوضوعة القامئة أو
استبعادها من التحليل .وما إن تطمنئ إىل أن موضوعاتك املرشحة تلتقط ،مبا يكفي ،مالمح البيانات ا ُمل َر َّمزَة -
مرشحة – ستكون مستعدا لالنتقال إىل املستوى الثاين من هذا الطور. مبجرد أن متت ِلك «خريطة موضوعاتية» َّ
انظر نتيجة عملية التحسني هذه يف الخريطة املوضوعاتية املعروضة يف الشكل رقم (.)3
24
شكل 3خريطة موضوعاتية مطورة تظهر ثالثة موضوعات رئيسة (التحليل النهايئ مقدم يف) Braun and Wilkinson, 2003
يشتمل املستوى الثاين عىل سريورة مشابهة ،إال أنها تتعلق مبجموعة البيانات بأكملها .يف هذا املستوى،
انظر يف صحة validityاملوضوعات الفردية يف عالقة مبجموعة البيانات كاملة ،وانظر كذلك يف خريطتك
املوضوعاتية املرشحةُ ،أت ِّثل «بدقة» املعاين الظاهرة يف مجموعة البيانات ككل أم ال؟ لكن ،ما ُي َعدُّ «متثيال
دقيقا» َيعتمد ،إىل حد ما ،عىل نوع مقاربتك النظرية والتحليلية .وعىل أية حال ،ففي هذا الطور ،أنت تعيد
قراءة مجموعة البيانات بالكامل لغرضني :األول ،وكام عرضنا من قبل ،هو التأكد هل املوضوعات «تعمل»
يف عالقة مبجموعة البيانات؟ والثاين هو ترميز أي بيانات إضافية ،قد تكون ُف ِّوتت يف مراحل stagesالرتميز
السابقةِ ،ض ْمنَ موضوعات؛ فالحاجة متوقعة إىل إعادة الرتميز من مجموعة البيانات؛ ألن الرتميز سريورة
تنظيم مستمرة.
وجدت أن الخريطة املوضوعاتية تعمل ،انتقل إىل الطور املوايل؛ لكن ،إن كانت الخريطة ال تناسب َ إن
مجموعة البيانات ،فعليك باملزيد من املراجعة والتحسني لرتميزك ،حتى تصل إىل خريطة موضوعاتية ُمرضية.
ويف أثناء ذلك ،قد َتتَع َّرف موضوعات جديدة محتملة ،وحينئذ ستحتاج إىل ترميزها أيضا إن كانت ذات
وصلة .لكن ،احذر أن يستمر ترميز البيانات وإنشاء املوضوعات إىل ما ال نهاية ،ad infinitumفال أهمية ِ
يأخذك الحامس باملبالغة يف إعادة الرتميز إىل ما ال نهاية .ومع أن تقديم إرشادات واضحة ُت َع ِّي وقت التوقف
َ
وجدت أن سريورة إعادة الرتميز مستحيل ،فإننا نقول :عندما ال تضيف تحسيناتك أي يشء جوهري ،توقف! إن
ال تقدم إال تعديال طفيفا ،وكل ما تفعله هو إضفاء مزيد من التدقيق عىل إطار الرتميز الذي هو يعمل بنجاح
بالفعل -أي الذي يناسب البيانات جيدا -توقف .ضع يف اعتبارك أن األمر مشابه لتحرير نص مكتوب – أال
25
ترى أنه ميكنك تعديل الجمل والفقرات إىل ما ال نهاية ،لكن ،بعد ِعدّة جوالت من التحرير ،عادة ما يكون أي
عمل إضايف تنقيحا غري رضوري؟ إن األمر مشابه إلعادة ترتيب املئات واآلالف من اإلضافات عىل كعكة هي
مزينة جيدا بالفعل.
يف ختام هذا الطور ،يجب أن يكون لديك فكرة جيدة ،إىل حد ما ،عن ماهية موضوعاتك املختلفة ،وكيف
يتالءم بعضها مع بعض ،وعن القصة اإلجاملية التي ترويها عن البيانات.
يبدأ الطور الخامس ،عندما َتتلك خريطة موضوعاتية ُمرضية لبياناتك -انظر الشكل رقم ( )4للحصول
عىل صورة للتحسينات النهائية لخريطة فرجينيا املوضوعاتية .وحينذاك ،ستتع َّرف موضوعاتك و ُتدخل عليها
مزيدا من التنقيح ،وتح ِّلل البيانات الواردة ضمنها .ونعني بـ«التعريف والتنقيح» define and refineتع ُّرف
«جوهر» كل موضوعة (وكذلك املوضوعات الشاملة) ،وتحديد أي جوانب البيانات تلتقطه كل موضوعة .ومن
املهم ّأل تسعى وراء موضوعة تفعل الكثري ،أو تكون شديدة التنوع والتعقيد .وميكنك تحقيق ما نصحنا به
بالرجوع إىل مقتطفات البيانات املبو َّبة لكل موضوعة ،وتنظيمها يف رواية منسجمة ومتسقة داخليا ،ومشفوعة
برسدية .ومن األهمية مبكان ّأل تكتفي فقط بإعادة صياغة محتوى مقتطفات البيانات املقدَّمة ،وإمنا أن تحدِّد
ما هو مهم فيها ،وملاذا هو كذلك.
شكل 4خريطة موضوعاتية نهائية تظهر موضوعتني أساسيتني نهائيتني (انظر)Braun and Wilkinson, 2003
تتطلب كل موضوعة موضوعة إجراء تحليل مفصل وكتابته ،إضافة إىل تحديد «القصة» التي ترويها كل
منها؛ فمن املهم أن تنظر يف كيفية تالؤم املوضوعات مع «القصة» الشاملة التي ترويها عن بياناتك يف عالقة
بسؤال البحث أو أسئلته؛ وذلك تفاديا ألي تداخل كبري بني املوضوعات .وعليه ،يجب النظر يف املوضوعات
26
نفسها ،وأيضا يف كل موضوعة يف عالقتها باألخريات .ويف إطار التحسني ،ستحتاج إىل تحديد هل املوضوعة
تحتوي عىل موضوعات فرعية أَم ال؟ ِعلام أن املوضوعات الفرعية هي يف األساس موضوعات داخل موضوعة،
وميكنها أن تكون مفيدة ،خاصة يف منح بنية ملوضوعة واسعة ومعقدة ،وأيضا يف إظهار التسلسل الهرمي
للمعنى ِض ْمنَ البيانات .وعىل سبيل املثال ،يف واحد من تحليالت فريجينيا لحديث النساء عن املهبل ،تع َّرفت
موضوعتني شاملتني يف حديثهن؛ وهام :املهبل مسؤولية ،واملهبل ثروة ،Braun and Wilkinson( asset
ثالث موضوعات فرعية؛ فبخصوص املسؤولية ،كانت املوضوعات الفرعية .)2003وتع َّرفت ِض ْمنَ كل موضوع ٍة َ
هي «البذاءة والقذارة» و«القلق» و«الهشاشة» ،وبخصوص الرثوة ،كانت املوضوعات الفرعية هي «الرضا»
و«القوة» و«املتعة» .ومع ذلك ،فإن هذه املوضوعات النهائية املحتملة واملوضوعات الفرعية نتجت عن
عملية تنقيح للموضوعات األولية واملوضوعات الفرعية ،كام هو موضح يف الشكلني رقم ( )2و(.)4
ببلوغ نهاية هذه الطور ،من املهم أن يكون مبقدورك َم ْي ُز موضوعاتك من غريها بوضوح .ويك تخترب
هذا ،انظر أتستطيع وصف نطاق كل موضوعة ومحتواها يف جملتني؟ وإن مل تستطع ذلك ،فقد تحتاج
هذه املوضوعة إىل مزيد من التنقيح .ومع أنك اآلن قد قدَّمت بالفعل عناوين مؤقتة*working titles 24
ملوضوعاتك ،فهذا هو الوقت املناسب لتبدأ التفكري أيضا باألسامء التي ستمنحها لها يف التحليل النهايئ؛ إذ
موجزة ومقتضبة ،وتعطي القارئ ،عىل الفور ،فكرة عن فحوى املوضوع. يجب أن تكون األسامء َ
يشتمل الطور السادس عىل التحليل النهايئ وكتابة التقرير ،وهو ال يبدأ إال عندما َتتلك مجموعة من
املوضوعات التي َت َّم إعدادها بالكامل .وتتمثل مهمة كتابة تحليل موضوعايت ،سواء أكان َّ
موجها للنرش أم
ملهمة بحثية أم ألطروحة ،يف رسد القصة املعقدة لبياناتك عىل نحو يقنع القارئ بجدارة تحليلك وصحته .ومن
املهم أن يو ِّفر التحليل (كتابته write-upإضافة إىل مقتطفات البيانات) رسدا موجزا ومنسجام ومنطقيا ،وغري
وعبها .يجب أن يقدِّم تقريرك أدلة
مكرور ،ومثريا لالهتامم للقصة التي ترويها البيانات ِ -ض ْمنَ املوضوعات ْ
كافية عن املوضوعات املوجودة يف البيانات -أي مقتطفات بيانات كافية إلثبات انتشار املوضوعة .ولتحقيق
تجسد جوهر الفكرة التي تسعى إىل إثباتها ،دون تعقيدات ال داعي لها،
ذلك ،انتقي أمثلة حية ،أو مقتطفات ِّ
وينبغي للمقتطف املنتقى أن ُيستطاع تع ُّرفه بوصفه مثاال للقضية املدروسة .وعىل كل حال ،فإن املأمول يف
تقريرك هو أن يقدِّم ما هو أكرث بكثري من مجرد توفري البيانات؛ ألن األمر يتطلب إدماج املقتطفات مع الرسد
التحلييل الذي يوضح توضيحا مقنعا القصة التي ترويها عن بياناتك ،كام ُينتظر من رسدك التحلييل أن يتجاوز
االكتفاء بوصف البيانات ،وأن يقدِّم مرافعة make an argumentبخصوص سؤال بحثك.
*24ترتبط كلمة workingبالعمل ،لكنها تُستعمل لإلشارة إلى خطة أو فكرة أو معرفة غير كاملة إال أنها جيدة بما يكفي لتكون مفيدة .انظر:
Definition of working from the Cambridge Advanced Learner’s Dictionary & Thesaurus © Cambridge University
Press.
27
يصعب تحديد ما الذي يستلزمه التحليل التأوييل بالضبط ،خاصة أن مواصفاته تتنوع من دراسة إىل
أخرى .ومع هذا ،نويص ،يف خطوة أوىل ،باالطالع عىل األمثلة املنشورة للتحليل املوضوعايت ،ال سيام تلك
التي تخطط الستعاملها (لكن نظرا إىل أن التحليل املوضوعايت كثريا ما ال يسمى منهجا يف كثري من البحوث،
يصعب نوعا ما الوقوف عىل أمثلة له ،لكن ميكنك العثور عىل بعض النامذج ،عىل سبيل املثال عند Ellis and
.)Kitzinger, 2002; Kitzinger and Willmott, 2002; Toerien and Wilkinson, 2004وألخذ فكرة عن
نوع األسئلة التي ينبغي لك طرحها عىل بيانتك ،وعن نوع الدعاوى التحليلية التي تسعى إىل تقدميها ،سنناقش
مثاال جيدا للتحليل املوضوعايت االستقرايئ عىل وجه الخصوص ،والذي يشدِّد عىل فهم تجارب الرجال يف عالقة
بالسياق االجتامعي األوسع (انظر.)Frith and Gleeson, 2004
سعى فريث وجليسون )2004( Frith and Gleesonإىل استكشاف كيفية تأثري مشاعر الرجال نحو
أجسادهم عىل سلوكهم يف ارتداء املالبس ،واستخدما يف ذلك بيانات جمعت باستبانات كيفية شملت 75رجال
أجابوا عن هذا السؤال .وقد قدَّما تقريرا عن أربع موضوعات هي :الجدوى العملية من اختيارات املالبس،
وعدم االهتامم باملظهر ،واستعامل املالبس إلخفاء الجسد أو كشفه ،وأخريا ،استعامل املالبس لتناسب ا ُملثل
كل منها متميز بذاته. الثقافية .واملالحظ أن كل موضوعة ترتبط ارتباطا واضحا بسؤال البحث العام ،مع أن ّ
وقد قدَّم الباحثان فهام واضحا لنطاق كل موضوعة وتنوعها؛ وذلك باستعامل مزيج من الرسد التحلييل
يوسعان نطاق تحليلهام ،وينتقالن من املستوى ومقتطفات توضيحية من البيانات ،وعند االقتضاء ،كانا ِّ
الوصفي إىل التأوييل (غالبا ما يربطان ادعاءاتهم مبا هو معروف من أدبيات يف املوضوع)؛ فعىل سبيل املثال،
منحا الحديث القائل« :الرجال ُيقدِّرون ما هو عميل» داللة يف عالقة باملعايري والقوالب النمطية املحدِّدة
لألدوار الجنسية ،genderوربطا الروايات الفردية التي قدمها الرجال بالتوقعات التي ُتنتظر منهم – بوصفهم
أعضاء يف املجتمع .إن ما فعله فريث وجليسون ،بوصفهام محللني ،هو ربط أمناط املعاين الواردة يف أجوبة
وضحا املوقف املزدوجالرجال املشاركني يف البحث بالتحليل األكادميي لكيفية عمل النوع االجتامعي .وبهذاَّ ،
الذي يحتاج املحللون إىل اتخاذه ،وهو أن يكونوا أعضاء membersيف الثقافة التي يدرسونها ويف الوقت نفسه
مع ِّلقني commentatorsعليها .هذا فضال عن أنهام قدَّما ،يف قسم «املناقشة» من بحثهام ،بيانات تحليلية
أوسع عن القصة اإلجاملية التي تخربنا بها املوضوعات عن عالقة الرجال باملالبس .وقد كشفت هذه القصة أن
الرجال «يستعملون املالبس عن قصد وعىل نحو اسرتاتيجي للتالعب مبظهرهم للوفاء با ُملثل الثقافية للذكورة»
( ،)Frith and Gleeson, 2004: 45وهذا مسلك جرت العادة بربطه بالنساء خاصة .لقد قدّم هذا التحليل
إسهاما ُمهام ،ألنه تحدى املعتقدات املتجذرة عن املالبس/املظهر والذكورة.
يوضح هذا املثال أن ادعاءاتك التحليلية تحتاج إىل االرتكاز عىل «سطح» البيانات ،ويف الوقت نفسه
تجاوزه إىل ما وراءه ،وذلك حتى يف ما يخص تحليل املستوى «الداليل» .أ ّما نوع األسئلة التي تحتاج إىل طرحها،
28
يف املراحل الختامية من تحليلك ،فتشمل« :ما معنى هذه املوضوعة؟» و«عىل أي افرتاضات تقوم؟» و«ما اآلثار
املرتتبة عليها؟» و«ما الرشوط التي قد تكون وراء ظهورها؟» و«ملاذا يتحدث الناس عن هذا اليشء عىل هذا
النحو (دون سواه)؟» و«ما القصة اإلجاملية التي تكشفها املوضوعات املختلفة عن املوضوع؟» ينبغي أن ي َّوجه
التحليل بهذه األنواع من األسئلة مبجرد أن متتلك ف ْهام واضحا لخريطتك املوضوعاتية.
ُي َعدُّ التحليل املوضوعايت نوعا مبارشا نسبيا من التحليل الكيفي؛ ألنه ال يتطلب نفس املعرفة النظرية
والتقنية التفصيلية التي تتطلبها مناهج أخرى كتحليل الخطاب وتحليل املحادثة .ومن اليسري ،نسبيا ،تحليل
البيانات الكيفية تحليال موضوعاتيا جيدا ،حتى عىل طالب التقنيات الكيفية يف بداية تكوينهم .ومع ذلك،
توجد أشياء قد يرتتب عليها تحليل فقري ،ويف هذا القسم نحدِّد هذه املزالق املحتملة ،أمال يف أن ُتتجنب.
أول منزلق هو أن تفشل فعليا يف تحليل البيانات مطلقا! فالتحليل املوضوعايت ليس مجرد تشكيلة من
املقتطفات املشدود بعضها إىل بعض ،واملصحوبة برسد تحلييل ضئيل أو منعدم حتى؛ ال وليس مقتطفات
مختارة مصحوبة بتعليقات تحليلية تعيد صياغة محتواها ببساطة أو عىل نحو مبدأي .ذلك أن املقتطفات
يف التحليل املوضوعايت هي توضيح وإثبات لفكرة pointتحليلية عن البيانات يقول بها الباحث ،وينبغي
تحليل يتجاوز املحتوى املح َّدد للمقتطف إىل
ٍ استعامل هذه املقتطفات ألغراض محدَّدة؛ أوال ،توضيح/دعم
ما هو أعمق ،وثانيا ،جعل البيانات ذات معنى ،وثالثا ،إخبار القارئ مبا تعنيه أو قد تعنيه -وقد تطرقنا لهذا
األمر آنفا.
يرتبط املنزلق الثاين باستعامل أسئلة جمع البيانات (كجدول املقابلة مثال )Interview Scheduleبوصفها
«املوضوعات» التي ُيكتب عنها التقرير .ويف مثل هذه الحالة ،نقول إن الباحث مل ينجز أي عمل تحلييل
لتع ُّرف املوضوعات َع ْ َب مجموعة البيانات بأكملها ،ومل ُيسبغ أي معنى عىل منط االستجابات.
املنزلق الثالث ،هو أن يكون التحليل ضعيفا أو غري مقنع؛ وهذا يحدث عندما يبدو أن املوضوعات ال
تعمل ،أو يوجد الكثري من التداخل بني املوضوعات ،أو أن املوضوعات غري متامسكة وغري متسقة داخليا .ذلك
أن ما ينبغي أن يكون هو أن تلتف جميع أبعاد املوضوعة حول فكرة أو مفهوم مركزي .وقد يقع الباحث يف
كاف ،أو أخفق
هذا املنزلق إن أخفق ،بناء عىل ما يحاول التحليل القيام به ،يف التقاط غالبية البيانات بشكل ٍ
يف تقديم وصف /تأويل غني لواحد أو أكرث من أبعاد البيانات .إضافة إىل ما سبق ،قد ينبع التحليل الضعيف،
أو غري املقنع ،من اإلخفاق يف تقديم أمثلة كافية من البيانات -كأن ُي ْكتَفى مبقتطف واحد أو اثنني فقط من
أجل موضوعة ما.
29
إن ما نطالب به هنا يتعلق أساسا ببالغة العرض ،والحاجة إىل أن يكون التحليل مقنعا لشخص مل
يقرأ مجموعة البيانات بأكملها ،ذلك أن ««تحليل» املادة ...إبداع بارع من الباحث ،ويجب أن يبنى إلقناع
القارئ برجحان الحجة» ( .)Foster and Parker, 1995: 204وعند القيام بذلك ،عىل املرء تجنب (ظهور)
ما أشار إليه برميان )1988( Brymanباسم «النزعة الحكائية» anecdotalismيف البحث الكيفي -حيث
جسد حالة ،أو بضع حاالت من ظاهرة ما يف منط أو موضوعة ،مع أنها ،يف واقع األمر ،مجرد حالة متفردة ُت َّ
.idiosyncraticإال أن هذا ال يعني أن تقديم أمثلة قليلة معدوم الفائدة أو ال يكشف عن يشء؛ ألن املهم
فعال هو ّال ُتح ِّرف الحاالت املتفردة لتبدو كموضوعة شاملة.
يكمن املنزلق الرابع يف غياب التوافق بني البيانات وما يقدَّم بشأنها من دعاوى تحليلية .ويف مثل هذا
النوع من التحليل (الذي ال أساس له) ال ميكن دعم الدعاوى بالبيانات ،أو ،يف أسوأ الحاالت ،تشري مقتطفات
البيانات املقدمة إىل تحليل آخر أو حتى تتناقض مع الدعاوى املراد إثباتها .لهذا ،عىل الباحث أن َي ْستَو ِثق من
أن تأويالته وما تثبته تحليالته يتوافق مع مقتطفات البيانات .زيادة عىل ما سبق ،قد يبدو التحليل ضعيفا
إذا مل يأخذ الباحث بالحسبان وجود قراءات أخرى بديلة واضحة للبيانات ،أو أخفق يف البرص بالتباين (وحتى
التناقض) يف الرواية التي يقدِّمها .وهنا ،ينبغي أن نشري إىل أنه نادرا ما يكون النمط يف البيانات -إن وجد-
كامال بنسبة ٪100وخاليا من كل تناقض؛ لهذا ،فالتحليل الذي يزعم هذا ،دون أن يقدِّم تفسريا شامال ،يكون
عرضة لالتهام والريبة .ومن املهم أيضا ،اختيار أمثلة مقنعة إلثبات وجود املوضوعات؛ لذلك ،اعط هذا األمر
ما يستحقه من العناية.
يحتاج التحليل املوضوعايت الجيد إىل التثبت من أن تأويالت البيانات تتوافق مع اإلطار النظري ،وإن حدث
عدم تطابق بني النظرية والدعاوى التحليلية ،أو بني أسئلة البحث وشكل التحليل املوضوعايت املستعمل ،فإننا
نكون أمام املنزلق الخامس .لذلك ،عىل سبيل املثال ،إن كنت تعمل يف إطار تجريبي ،فالعادة ّأل تقدِّم دعاوى
كنت تجري تحليال موضوعاتيا بنائيا ،فالعادة ّأل تعا ِمل حديثعن البناء االجتامعي ملوضوع البحث ،وإن َ
الناس عن تجاربهم كأنه نافذة شفافة عىل عاملهم .أخريا ،حتى التحليل الجيد واملثري لالهتامم الذي يخفق
يف إعالن افرتاضاته النظرية بوضوح ،أ ْو ال يوضح كيفية اضطالعه بها وألي غرضُ ،ت ْع ِوزه معلومات حاسمة
( ،)Holloway and Todres, 2003ومن َث َّم ،ال يفي بأحد أبعاد التحليل املوضوعايت الحيوية.
30
من االنتقادات املوجهة إىل البحوث الكيفية ،من أولئك الذين هم خارج املجال ،هو االنطباع بأن «كل
يشء مقبول» .عىل سبيل املثال ،نجد صدى هذا الشعور يف الجملة األوىل من ملخص البوشاين Laubschagne
( ،)2003حيث يقول :إن «كثريا من العلامءِ ،م َّمن اعتادوا إجراء دراسات كمية ،يرون املفهوم الكامل للبحث
الكيفي غري واضح ،أو َب ّراين ،أو خيايل - airy fairyوليس بحثا «حقيقيا»» .ومع أن البحث الكيفي ال ميكن
أن يخضع لنفس املعايري التي تخضع لها املقاربة «الكمية» ،فإنه يو ِّفر مناهج تحليل ينبغي تطبيقها برصامة
عىل البيانات .زد عىل ذلك ،أنه توجد فعال معايري إلجراء البحوث الكيفية الجيدة – عىل مستويي جمع
البيانات وتحليلها (عىل سبيل املثالElliott et al., 1999; Parker, 2004; Seale, 1999; Silverman, 2000; ،
.)Yardley, 2000والجمعية النفسية الربيطانية تقدِّم ،عىل اإلنرتنت ،إرشادات موجزة نسبيا لتقييم الجودة يف
البحث الكيفي (انظرhttp:www.bps.org.uk-publications-journals-joop-qualitativeguidelines. :
،)cfmلكن وضع «معايري» لتقييم البحث الكيفي هو أمر مثري للجدل ،وذلك لوجود مخاوف من أن َتحد
املعايري الصارمة من حرية املنهج وتعيق تطوره (.)Elliott et al., 1999; Parker, 2004; Reicher, 2000
يأخذ ريترش )2000( Reicherالنقد إىل أبعد من هذا ،ويسأل :هل ميكن ،أو ينبغي ،إخضاع النطاق املتنوع،
تنوعا مذهال ،من املناهج الكيفية للمعايري نفسها؟
دعك من هذا االنتقاد اآلن ،واعلم أن القضايا املثارة بخصوص عدد من معايري تقييم البحث الكيفي ميكن،
بهذا القدر أو ذاك ،تطبيقها عىل الصور املوضوعاتية من التحليل .ونظرا إىل أن التحليل املوضوعايت منهج مرن،
فأنت بحاجة أيضا إىل أن تكون واضحا ورصيحا بخصوص ما تفعله؛ فام تقول إنك تفعله ينبغي أن يتطابق مع
ما تنجزه بالفعل .وبهذا املعنى ،يجب تطبيق النظرية واملنهج برصامة ،و«الرصامة تكمن يف وضع منهج نسقي
تتوافق افرتاضاته مع الطريقة التي يتصور بها conceptualizesاملرء املوضوع املدروس» (Reicher and
.)Taylor, 2005: 549وسنوفر ،يف الجدول رقم ( ،)2قامئة مرجعية موجزة باملعايري التي ينبغي لك مراعاتها
يف تحديد ما إذا كنت قد أنشأت تحليال موضوعاتيا جيدا أم ال.
31
نختم اآلن هذه املقالة بتعليقات موجزة عن مزايا التحليل املوضوعايت وعيوبه .لقد أظهرنا يف جميع أنحاء
هذه املقالة أن التحليل املوضوعايت ليس منهجا معقدا ،وكام ترون يف الجدول رقم ( )3فإن مزاياه كثرية .ومع
ذلك ،ال يخلو من عيوب ،وسنتحدث عنها اآلن بإيجاز .بداية ،يرجع العديد من العيوب إىل التحليالت التي
ُتجرى إجراء سيئا ،أو األسئلة البحثية غري املالمئة ،أكرث من رجوعها إىل املنهج نفسه .زيادة عىل ذلك ،فإن مرونة
املنهج -التي تسمح مبجموعة واسعة من الخيارات التحليلية -تعني أن النطاق املحتمل لِـام ميكن قوله عن
بياناتك واسع ،ومع أن هذا ُي َعدُّ ميزة ،فإنه قد يكون عيبا؛ ألنه ُيص ِّعب وضع إرشادات محدَّدة للتحليل يف
مراحله العليا ،وقد َي ُش ُل محاولة الباحث تحديد أي جوانب بياناته يستحق الرتكيز عليه .وهناك مسألة أخرى
يجب مراعاتها ،وهي أن القدرة التأويلية للتحليل املوضوعايت عىل تجاوز مستوى الوصف محدودة ،وذلك ما
مل ُيستعمل ِض ْمنَ إطار نظري قائم ترسو فيه االدعاءات التحليلية املقدمة.
املرونة.
منهج مفيد للعمل يف إطار باراديغم بحث تشاريك ،أي مع املشاركني من حيث هم
متعاونون ورشكاء.
ميكن أن ُيس ِّلط الضوء عىل أوجه التشابه واالختالف الحارضة َع ْ َب مجموعة البيانات.
ميكن أن يكون مفيدا إلنتاج تحليالت كيفية مناسبة إلرشاد تطوير السياسات.
33
َتظهر عيوب أخرى عندما ُينظر إىل التحليل املوضوعايت يف عالقته ببعض املناهج التحليلية الكيفية
األخرى .فعىل سبيل املثال ،وخالفا للرسد وغريه من مناهج السرية الذاتية ،لن تكون قادرا عىل االحتفاظ بكل
من االستمرارية والتناقض يف أي رواية مفردة ،مع أن هذه التناقضات واالتساقات قد تتجىل َع ْ َب الروايات
الفردية* .25وخالفا للمناهج املشابهة لـتحليل الخطاب وتحليل املحادثة ،ال يتيح تحليل موضوعايت بسيط
للباحث تقديم ادعاءات تخص استعامل اللغة ،أو الوظيفة الدقيقة للحديث.
ميجده بوصفه منهجا تحليليا – أخريا ،تجدر اإلشارة إىل أن التحليل املوضوعايت ال ميلك حاليا صيتا خاصا ِّ
ورسمت حدوده عىل نحو سيئ ،ومع ذلك ،شاع استعامله عىل وسبب هذا ،يف ما نرى ،يرجع إىل أنه ادُّعي ِّ
نطاق واسع .وهذا يعني أن التحليل املوضوعايت كثريا ما يكون ،أو يبدو ،هو ما يتعاطاه كل من يفتقر إىل
املعرفة أو املهارات الكافية التي تتيح له إجراء تحليالت أخرى ُيفرتض أنها أكرث تعقيدا -وبالتأكيد أكرث شهرة
ومجدا -ولها عالمة تجارية مميزة ،مثل النظرية املج َّذرة والتحليل الظاهرايت التأوييل وتحليل الخطاب .ونأمل
مستبصا
ِ أن تغري هذه املقالة هذا املنظور ،فنحن نرى أن مقاربة موضوعاتية صارمة ميكن أن ُتنتج تحليال
يجيب عن أسئلة بحثية معينة .ويبقى املهم يف األمر هو اختيار منهج مناسب لسؤال بحثك ،بدال من الوقوع
يف أرس «التبعية املنهجية» methodolatry ،حيث تلتزم املنهج بدال من املوضوع/املحتوى وأسئلة البحث
موجها بسؤال بحثك وافرتاضاتك( .)Holloway and Todres, 2003يف الواقع ،يجب أن يكون منهج تحليلك َّ
النظرية األوسع ،وكام أوضحنا آنفاُ ،ي َعدُّ التحليل املوضوعايت مقاربة مرنة ،ميكن استعاملها َع ْ َب مجموعة من
اإلبستمولوجيات واألسئلة البحثية.
*25المقاربات القائمة على السرد أو السيرة الذاتية تسمح بتقديم وصف أكثر تفصيال لتجربة األفراد ،وتجمع بين االستمرارية في األحداث والتناقضات
التي تعبر عنها حكايات األفراد ،أما التحليل الموضوعاتي فإنه أشد ميال إلى استكشاف األنماط والتكرارات الحاضرة عبر حكايات هؤالء األفراد.
34
املراجع
Antaki, C., Billig, M., Edwards, D. and Potter, J.2002 : Discourse analysis means doing analysis: a
critique of six analytic shortcomings. DAOL Discourse Analysis Online [electronic version], 1(1).
Aronson, J. 1994: A pragmatic view of thematic analysis. Qualitative Report 2(1).
Atkinson, J.M. and Heritage, J. 1984: Structures of social action: studies in conversation analysis.
Cambridge University Press.
Attride-Stirling, J. 2001: Thematic networks: an analytic tool for qualitative research. Qualitative
Research 1, 385-405
Bird, C.M. 2005: How I stopped dreading and learned to love transcription. Qualitative Inquiry 11,
226-48
Boyatzis, R.E. 1998: Transforming qualitative information: thematic analysis and code development.
Sage.
Braun, V. 2005a: In search of (better) female sexual pleasure: female genital ‘cosmetic’ surgery. Sexualities
8, 407-24
Braun, V. 2005b: Selling the perfect vulva. Manuscript under submission.
Braun, V. and Kitzinger, C. 2001: The perfectible vagina: size matters. Culture Health & Sexuality 3,
263-77
Braun, V. and Wilkinson, S. 2003: Liability or asset? Women talk about the vagina. Psychology of
Women Section Review 5, 28-42
Braun, V., Gavey, N. and McPhillips, K. 2003: The ‘fair deal?’ Unpacking accounts of reciprocity in
heterosex. Sexualities 6, 237-61
Bryman, A. 1988: Quantity and quality in social research. Routledge.
Bryman, A. 2001: Social research methods. Oxford University Press.
Burman, E. and Parker, I., editors, 1993: Discourse analytic research: repertoires and readings of texts
in action. Routledge.
Burr, V. 1995: An introduction to social constructionism. Routledge.
Charmaz, K. 2002: Qualitative interviewing and grounded theory analysis. In Gubrium, J.F. and
Holstein J.A., editors, Handbook of interview research: context and method. Sage, 675-94
Clarke, V. 2005: ‘We’re all very liberal in our views’: Students’ talk about lesbian and gay parenting.
Lesbian and Gay Psychology Review 6, 2-15
Clarke, V. and Kitzinger, C. 2004: Lesbian and gay parents on talk shows: resistance or collusion in
heterosexism. Qualitative Research in Psychology 1, 195-217
35
Clarke, V., Burns, M. and Burgoyne, C. 2006: ‘Who would take whose name?’ An exploratory study of
naming practices in same-sex relationships. Manuscript under submission.
Dey, I. 1993: Qualitative data analysis: a user-friendly guide for social scientists. Routledge.
Edwards, J.A. 1993: Principles and contrasting systems of discourse transcription. In Edwards, J.A. and
Lampert, M.D., editors, Talking data: transcription and coding in discourse research. Lawrence
Erlbaum Associates, 3-31
Edwards, J.A. and Lampert, M.D., editors, 1993: Talking data: transcription and coding in discourse
research. Lawrence Erlbaum Associates.
Elliott, R., Fischer, C.T. and Rennie, D.L. 1999: Evolving guidelines for publication of qualitative
research studies in psychology and related fields. British Journal of Clinical Psychology 38, 215-29
Ellis, S.J. and Kitzinger, C. 2002: Denying equality: an analysis of arguments against lowering the age
of consent for sex between men. Journal of Community and Applied Social Psychology 12, 167-80
Ely, M., Vinz, R., Downing, M. and Anzul, M. 1997: On writing qualitative research: living by words.
Routledge-Falmer.
Fine, M. 2002: Disruptive voices: the possibilities for feminist research. University of Michigan Press.
Foster, J.J. and Parker, I. 1995: Carrying out investigations in psychology: methods and statistics. BPS
Books.
Frith, H. and Gleeson, K. 2004: Clothing and embodiment: men managing body image and appearance.
Psychology of Men and Masculinity 5, 40-48.
Glaser, B. 1992: Basics of grounded theory analysis. Sociology Press. Hayes, N. 1997: Theory-led
thematic analysis: social identification in small companies. In Hayes, N., editor, Doing qualitative
analysis in psychology. Psychology Press.
Holloway, I. and Todres, L. 2003: The status of method: flexibility, consistency and coherence. Qualitative
Research 3, 345-57
Hollway, W. 1989: Subjectivity and method in psychology: gender, meaning and science. Sage.
Hollway, W. and Jefferson, T. 2000: Doing qualitative research differently: free association, narrative
and the interview method. Sage.
Hutchby, I. and Wooffitt, R. 1998: Conversation analysis: principles, practices and applications. Polity
Press.
Kelle, U. 2004: Computer-assisted analysis of qualitative data. In Flick, U., von Kardorff, E. and Steinke,
I., editors, A companion to qualitative research. Sage, 276-83
Kitzinger, C. and Willmott, J. 2002: ‘The thief of womanhood’: women’s experience of polycystic ovarian
syndrome. Social Science & Medicine 54, 349-61
36
Lapadat, J.C. and Lindsay, A.C. 1999: Transcription in research and practice: from standardization of
technique to interpretive positionings. Qualitative Inquiry 5, 64-86
Laubschagne, A. 2003: Qualitative research - airy fairy or fundamental? Qualitative Report [electronic
version], 8(1).
McLeod, J. 2001: Qualitative research in counselling and psychotherapy. Sage.
Meehan, T., Vermeer, C. and Windsor, C. 2000: Patients’ perceptions of seclusion: a qualitative
investigation. Journal of Advanced Nursing 31, 370-77
Miles, M.B. and Huberman, A.M. 1994: Qualitative data analysis: an expanded sourcebook, second
edition. Sage.
Murray, M. 2003: Narrative psychology. In Smith, J.A., editor, Qualitative psychology: a practical guide
to research methods. Sage, 111-31
Parker, I. 2004: Criteria for qualitative research in psychology. Qualitative Research in Psychology 1,
95-106
Patton, M.Q. 1990: Qualitative evaluation and research methods, second edition. Sage.
Poland, B.D. 2002: Transcription quality. In Gubrium, J.F. and Holstein, J.A., editors, Handbook of
interview research: context and method. Sage, 629-49
Potter, J. 1997: Discourse analysis as a way of analysing naturally occurring talk. In Silverman, D.,
editor, Qualitative research: theory, method and practice. Sage, 144-60
Potter, J. and Wetherell, M. 1987: Discourse and social psychology: beyond attitudes and behaviour.
Sage.
Reicher, S. 2000: Against methodolatry: some comments on Elliott, Fischer, and Rennie. British Journal
of Clinical Psychology 39, 1- 6
Reicher, S. and Taylor, S. 2005: Similarities and differences between traditions. Psychologist 18, 547-49
Riessman, C.K. 1993: Narrative analysis. Sage.
Roulston, K. 2001: Data analysis and ‘theorizing as ideology’. Qualitative Research 1, 279- 302
Rubin, H.J. and Rubin, I.S. 1995: Qualitative interviewing: the art of hearing data. Sage.
Ryan, G.W. and Bernard, H.R. 2000: Data management and analysis methods. In Denzin, N.K. and
Lincoln, Y.S., editors, Handbook of qualitative research, second edition. Sage, 769-802
Seale, C. 1999: The quality of qualitative research. Sage.
Seale, C. 2000: Using computers to analyse qualitative data. In Silverman, D., Doing qualitative research:
a practical handbook. Sage, 155-74
Silverman, D., editor 2000: Doing qualitative research: a practical handbook. Sage.
37
Singer, D. and Hunter, M. 1999: The experience of premature menopause: a thematic discourse analysis.
Journal of Reproductive and Infant Psychology 17, 63-81
Smith, J.A. and Osborn, M. 2003: Interpretative phenomenological analysis. In Smith, J.A., editor,
Qualitative psychology: a practical guide to methods. Sage.
Smith, J.A., Jarman, M. and Osborn, M. 1999: Doing interpretative phenomenological analysis. In
Murray, M. and Chamberlain, M.M.K., editors, Qualitative health psychology: theories and
methods. Sage.
Stenner, P. 1993: Discoursing jealousy. In Burman, E. and Parker, I., editors, Discourse analytic research:
repertoires and readings of texts in action. Routledge, 94- 132.
Strauss, A. and Corbin, J. 1998: Basics of qualitative research: techniques and procedures for developing
grounded theory. Sage.
Taylor, G.W. and Ussher, J.M. 2001: Making sense of S&M: a discourse analytic account. Sexualities 4,
293-314
Toerien, M. and Wilkinson, S. 2004: Exploring the depilation norm: a qualitative questionnaire study
of women’s body hair removal. Qualitative Research in Psychology 1, 69- 92
Tuckett, A.G. 2005: Applying thematic analysis theory to practice: a researcher’s experience.
Contemporary Nurse 19, 75-87
Ussher, J.M. and Mooney-Somers, J. 2000: Negotiating desire and sexual subjectivity: narratives of
young lesbian avengers. Sexualities 3, 183-200
Widdicombe, S. and Wooffitt, R. 1995: The language of youth subcultures: social identity in action.
Harvester Wheatsheaf.
Wilkinson, S. 2000: Women with breast cancer talking causes: comparing content, biographical and
discursive analyses. Feminism & Psychology 10, 431-60
Willig, C. 1999: Beyond appearances: a critical realist approach to social constructionism. In Nightingale,
D.J. and Cromby J., editors, Social constructionist psychology: a critical analysis of theory and
practice. Open University Press, 37-51
Willig, C. 2003: Discourse analysis. In Smith, J.A., editor, Qualitative psychology: a practical guide to
research methods. Sage, 159- 83
Yardley, L. 2000: Dilemmas in qualitative health research. Psychology and Health 15,215- 28
info@mominoun.com