MM21 167

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 100

‫وزارة التعليـــــــــم العــــــــالي والبحث العلــــــمي‬

‫جــــــــــامعة محمد الصـــديق بن يحي – جيــــــــــجل‪-‬‬

‫كليـة العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬


‫قسم العلوم اإلقتصادية‬
‫العنـــــــوان‬

‫اآلثار المتوقعة لمنطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬


‫على اإلقتصاد الجزائري – دراسة إستشرافية ‪-‬‬
‫مذكرة مقدمة استكماال لمتطلبات نيل شهادة ماستر أكاديمي في العلوم اإلقتصادية‬

‫تخصص‪ :‬إقتصاد دولي‬


‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطلبة ‪:‬‬

‫د‪.‬شلغوم عميروش‬ ‫‪ -‬عميمور نورالدين‬

‫‪ -‬محروق زكرياء‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‪:‬‬

‫رئيسا‬ ‫جامعة جيجل‬ ‫األستاذ أحمد بودغدغ‬


‫مشرفا ومقر ار‬ ‫جامعة جيجل‬ ‫د‪ .‬شلغوم عميروش‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة جيجل‬ ‫األستاذة بوسالم فاطمة‬

‫السنة الجامعية‪2021/2020 :‬‬


‫وزارة التعليـــــــــم العــــــــالي والبحث العلــــــمي‬
‫جــــــــــامعة محمد الصـــديق بن يحي – جيــــــــــجل‪-‬‬

‫كليـة العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬


‫قسم العلوم اإلقتصادية‬
‫العنـــــــوان‬

‫اآلثار المتوقعة لمنطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬


‫على اإلقتصاد الجزائري – دراسة إستشرافية ‪-‬‬
‫مذكرة مقدمة استكماال لمتطلبات نيل شهادة ماستر أكاديمي في العلوم اإلقتصادية‬

‫تخصص‪ :‬إقتصاد دولي‬


‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطلبة ‪:‬‬

‫د‪.‬شلغوم عميروش‬ ‫‪ -‬عميمور نورالدين‬

‫‪ -‬محروق زكرياء‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‪:‬‬

‫رئيسا‬ ‫جامعة جيجل‬ ‫األستاذ أحمد بودغدغ‬


‫مشرفا ومقر ار‬ ‫جامعة جيجل‬ ‫د‪ .‬شلغوم عميروش‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة جيجل‬ ‫األستاذة بوسالم فاطمة‬

‫السنة الجامعية‪2021/2020 :‬‬


‫‪.‬‬

‫الشكر والتقدير‬

‫شكرا لرب أعطى ف أكثر وغفر ف أبهر‪...‬‬

‫شكر له عدد خلقه ‪ ...‬وزنة عرشه ومداد كلماته‪...‬‬

‫شكرا لرب لواله لما عانقت خطانا دروب التوفيق وما‬

‫أبصرت عيوننا دروب النجاح ‪...‬‬

‫ف له الشكر والحمد حتى يرضى‪...‬‬

‫وله الشكر بعد الرضى ‪...‬‬

‫ويسرنا أن نتقدم بالشكر الجزيل لألستاذ الدكتور شلغوم‬

‫عميروش على إشرافه على هذا العمل والذي لم يبخل علينا‬

‫بنصائحه وتوجيهاته‬

‫كما نتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم في إنجاز هذه‬

‫الدراسة من قريب أو من بعيد ولو بالكلمة الطيبة‪.‬‬

‫‪I‬‬
‫إهداء‬

‫أهدي هذا العمل إلى من ساندتني في دعائها وصالتها ‪ ...‬إلى من تشاركني أفراحي‬
‫وأالمي ‪ ...‬إلى من جنتي تحت أقدامها ‪ ...‬أمي الغالية‬

‫إلى من أحمل إسمه بكل إفتخار ‪ ...‬إلى من علمني أن الدنيا كف اح ‪ ...‬وسالحها العلم‬
‫والصبر‬

‫إلى من لم يبخل علي بأي شيء ‪ ...‬وسعى ألجل راحتي ونجاحي‪ ...‬أبي الحبيب‬

‫‪ ...‬إلى إخوتي وأخواتي‬

‫‪ ...‬إلى عمي رحمه اهلل وأسكنه فسيح جنانه‬

‫‪...‬إلى إصدق ائي ورفق اء دربي بدون إستثناء‬

‫وكل من لم يذكرهم ق لمي‬

‫إلى زمالئي وزميالتي في الدراسة‬

‫إلى كل من جمعتني بهم األقدار وشاركوني أحد أهم محطات حياتي‬

‫‪.‬إلى كل هؤالء أهدي هذا العمل‬

‫‪.‬‬
‫نورالدين‬

‫‪II‬‬
‫إهداء‬

‫إلى التي حملت أخف كلمة نطق بها اللسان‪ ،‬إلى التي وضعت تحت قدميها الجنان‪ ،‬إلى التي‬

‫كانت المالذ والمأوى سر السعادة والنجوى‪ ،‬نبع الحنان ومبعث األمان‪...‬لكي أمي الغالية‬

‫إلى صاحب الق لب الكبير‪ ،‬إلى من سعى و شقى ألنعم بالراحة والهناء‪ ،‬الذي لم يبخل بشيء من‬

‫أجل دفعي في طريق النجاح‪ ،‬الذي علمني أن أرتقي سلم الحياة بحكمة وصبر تاج رأسي إلى‬

‫رمز العطاء‪...‬لك أبي العزيز‬

‫أسأل اهلل سبحانه وتعالى أن يطيل في عمرهما على الطاعة‪ ،‬وأن يمنحهما الصحة والعافية وجعل‬

‫عاقبتهما جنة عرضها السموات واألرض‬

‫إلى الق لوب التي أحاطتني بالحب والرعاية إخوتي و أخواتي حفظهم اهلل‬

‫إلى األحباب و األصدق اء رفق اء دربي‬

‫إلى كل طالب علم و باحث عن المعرفة‬

‫إلى هؤالء وأولئك أهدي ثمرة جهدي‪ ....‬وأهدي هذا العمل المتواضع‬

‫زكرياء‬

‫‪III‬‬
‫فهرس المحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫فهرس المحتويات‬
‫‪Ⅰ‬‬ ‫الشكر‬
‫‪Ⅲ-Ⅱ‬‬ ‫اإلهداء‬
‫‪Ⅵ-Ⅴ‬‬ ‫فهرس المحتويات‬
‫‪Ⅷ‬‬ ‫قائمة الجداول‬
‫‪Ⅸ‬‬ ‫قائمة األشكال‬
‫أ‬ ‫المقدمة العامة‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬
‫‪5‬‬ ‫تمهيد‬
‫‪15-6‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أساسيات حول التكامل اإلقتصادي‬
‫‪8-6‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم و دوافع التكامل اإلقتصادي‬
‫‪9-8‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل التكامل‬
‫‪13-9‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬النظريات المفسرة للتكامل اإلقتصادي‬
‫‪15-13‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مزايا و مشاكل التكامل اإلقتصادي‬
‫‪25-15‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬نظرة عامة عن اإلقتصاد اإلفريقي‬
‫‪16-15‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬واقع التنمية في إفريقيا‬
‫‪22-16‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تطور المتغيرات اإلقتصادية و اإلجتماعية في إفريقيا‬
‫‪25-22‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬عوامل ضعف التنمية في إفريقيا‬
‫‪31-26‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬تجربة منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬
‫‪26‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬
‫‪28-26‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية و أهدافها‬
‫‪28‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مبادئ منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬
‫‪32-29‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مزايا وفرص منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬
‫‪33‬‬ ‫خالصة الفصل‬

‫الفصل الثاني‪ :‬عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬


‫‪34‬‬ ‫تمهيد‬
‫‪42-34‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬التطور التاريخي لإلقتصاد الجزائري‬
‫‪36-34‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬اإلقتصاد الجزائري غداة اإلستقالل‬
‫‪40-36‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬السياسة اإلقتصادية الجزائرية بين ‪1979-1967‬‬
‫‪42-40‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬اإلقتصاد الجزائري خالل مرحلة التنمية الالمركزية ‪1989-1980‬‬

‫‪V‬‬
‫‪52-42‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬اإلصالحات اإلقتصادية و اإلنفتاح على إقتصاد السوق ‪1999-1989‬‬
‫‪43-42‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التجول من اإلقتصاد الموجه إلى إقتصاد السوق‬
‫‪49-44‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬اإلصالحات اإلقتصادية وفق برنامج صندوق النقد الدولي‬
‫‪52-49‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬اإلصالحات اإلقتصادية بعد سنة ‪2000‬‬
‫‪56-52‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬إمكانيات الجزائر و خصائصها اإلقتصادية‬
‫‪53-52‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬اإلمكانيات الطبيعية‪ ،‬اإلقتصادية و البشرية للجزائر‬
‫‪56-53‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص اإلقتصاد الجزائري‬
‫‪57‬‬ ‫خالصة الفصل‬

‫الفصل الثالث‪ :‬إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية و أثرها‬
‫على اإلقتصاد الجزائري‬
‫‪59‬‬ ‫تمهيد‬
‫‪64-60‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬العالقات الجزائرية اإلفريقية‬
‫‪62-60‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬العالقات التاريخية الجزائرية اإلفريقية‬
‫‪63-62‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬العالقات التجارية الجزائرية اإلفريقية‬
‫‪64-63‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬اإلستثمارات بين الجزائر و إفريقيا‬
‫‪69-65‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الفرص و التحديات التي تواجه الجزائر ضمن منطقة التجارة الحرة‬
‫القارية اإلفريقية‬
‫‪66-65‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الفرص التي تستفيد منها الجزائر ضمن منطقة التجارة الحرة القارية‬
‫اإلفريقية‬
‫‪69-66‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات التي تواجه الجزائر ضمن منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬
‫‪73-70‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬السيناريوهات المحتملة ألثر منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية على‬
‫اإلقتصاد الجزائري‬
‫‪71-70‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬سيناريو تفاؤلي‬
‫‪72-71‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬سيناريو تشاؤمي‬
‫‪73‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬سيناريو خطي‬
‫‪74‬‬ ‫خالصة الفصل‬
‫‪78-76‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪83-80‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫‪85‬‬ ‫الملخص‬

‫‪VI‬‬
‫قائمة الجداول و األشكال‬

‫‪VII‬‬
‫قائمة الجداول‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬ ‫الرقم‬


‫‪16‬‬ ‫تصنيف بعض الدول اإلفريقية قي مؤشر التنمية البشرية لسنة ‪2018‬‬ ‫‪01‬‬
‫‪17‬‬ ‫نمو الناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي في بعض دول إفريقيا بين ‪ 2000‬و ‪2021‬‬ ‫‪02‬‬
‫‪18‬‬ ‫معدالت التضخم في بعض الدول اإلفريقية‬ ‫‪03‬‬
‫‪23‬‬ ‫نمو عدد السكان حسب المناطق في إفريقيا‬ ‫‪04‬‬
‫‪38‬‬ ‫هيكل االستثمارات في الخطة الثالثية ‪1969-1967‬‬ ‫‪05‬‬
‫‪54‬‬ ‫مجموع الدين الخارجي للجزائر للفترة (‪)2016-2019‬‬ ‫‪06‬‬
‫‪55‬‬ ‫قيم و نسب الصادرات الجزائرية من و خارج قطاع المحروقات (‪)2019-2020‬‬ ‫‪07‬‬
‫‪56‬‬ ‫واردات الجزائر خالل الفترة ‪2019 -2015‬‬ ‫‪08‬‬
‫‪62‬‬ ‫تطور المبادالت التجارية بين الجزائر و إفريقيا من ‪ 2011‬الى ‪2020‬‬ ‫‪09‬‬
‫‪63‬‬ ‫تطور المبادالت التجارية بين الجزائر و مناطق من القارة االفريقية من ‪ 2016‬الى‬ ‫‪10‬‬
‫‪2020‬‬
‫‪64‬‬ ‫اإلستثمار األجنبي المباشر بين الجزائر وافريقيا‬ ‫‪11‬‬
‫‪67‬‬ ‫أهم الدول المستثمرة في الجزائر (اجمالي الفترة مابين جانفي ‪ -2015‬ديسمبر‬ ‫‪12‬‬
‫‪)2019‬‬
‫‪67‬‬ ‫توزيع تكلفة االستثمارات الواردة الى الجزائر حسب األقاليم المستثمرة في الفترة‬ ‫‪13‬‬
‫(يناير ‪ -2015‬ديسمبر ‪)2019‬‬

‫‪69‬‬ ‫أهم الدول المستوردة والمصدرة للسلع من والى الجزائر سنة ‪2019‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪70‬‬ ‫بعض المؤشرات اإلقتصادية واإلجتماعية في الجزائر سنة ‪2019‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪VIII‬‬
‫قائمة األشكال‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬ ‫الرقم‬


‫‪19‬‬ ‫منحنى تطور معدالت التضخم في إفريقيا‬ ‫‪01‬‬
‫‪20‬‬ ‫تطور الصادرات في إفريقيا بين ‪2020-1980‬‬ ‫‪02‬‬
‫‪21‬‬ ‫قيمة الواردات اإلفريقية بين ‪2022-1980‬‬ ‫‪03‬‬
‫‪21‬‬ ‫أكثر‪ 5‬دول إفريقية إستقباال لإلستثمار األجنبي المباشر سنة ‪ 2017‬و ‪2018‬‬ ‫‪04‬‬
‫‪22‬‬ ‫نمو عدد السكان في إفريقيا في الفترة (‪)2011-2022‬‬ ‫‪05‬‬
‫‪31‬‬ ‫التجارة البينية بين دول إفريقيا و العالم مقارنة بالقارات األخرى‬ ‫‪06‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدول العشرة األكثر إستثما ار في إفريقيا في عامي ‪ 2014‬و ‪2018‬‬ ‫‪07‬‬

‫‪IX‬‬
‫المقدمة العامة‬
‫المقدمة العامة‬

‫يعيش العالم حاليا تسارعا كبي ار في بيئة األعمال‪ ،‬نتيجة لظاهرة العولمة والتحرير المالي واإلنفتاح على‬
‫أسواق واقتصاديات الدول‪ ،‬فرضت هذه التحوالت على الدول الدخول في تكتالت وكيانات إقتصادية لمواجهة‬
‫المنافسة العالمية في شتى المجاالت‪ .‬إذ ال تكاد توجد دولة في العالم ال تنتمي إلى تكتل أو تجمع إقتصادي لما‬
‫لهذه التكتالت من أهمية بالغة‪ ،‬حيث تسعى الدول الى تدعيم قطاعاتها و تنميتها عن طريق االتحاد مع دولة أو‬
‫مجموعة من الدول األخرى التي تمتلك نفس األهداف من هذا اإلتحاد‪ ،‬لذلك فإن موضوع التكامل اإلقتصادي‬
‫أخذ اهتماما كبي ار من طرف الباحثين الذين يظنون أن السمة المشتركة في هذه التجمعات هي أنها تضم دول‬
‫متجاورة جغرافيا‪ ،‬متقاربة ثقافيا واجتماعيا‪ ،‬و متشابهة اقتصاديا‪ ،‬بحيث يسهل اندماجها أو تكاملها فيما بينها‪.‬‬
‫هناك العديد من األمثلة على هذه التجمعات التي من أبرزها و أكثرها نجاحا‪ ،‬تجربة اإلتحاد األوروبي الذي كان‬
‫رائدا في مجال التكامل اإلقتصادي‪ ،‬و تسعى العديد من الدول للسير على ذات المنهج الذي انتهجته دول‬
‫اإلتحاد األوروبي‪ ،‬على غرار منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية التي شهدت عدة محاوالت لتأسيسها بدءا من‬
‫تأسيس منظمة الوحدة اإلفريقية وصوال إلنشاء اإلتحاد اإلفريقي مرو ار بالعديد من المحاوالت مثل إتحاد المغرب‬
‫العربي و المجموعة اإلقتصادية اإلفريقية واإلتحاد اإلقتصادي والنقدي لدول غرب إفريقيا والسوق المشتركة لدول‬
‫جنوب شرق إفريقيا‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫نظ ار لألوضاع الصعبة التي تعاني منها غالبية الدول اإلفريقية من ضمنها الجزائر التي تواجه أوضاع‬
‫صعبة تحتاج إلى إصالحات جذرية وعميقة على مستوى هياكلها‪ ،‬بهدف إرساء إقتصاد متوازن مواكب التطورات‬
‫العالمية‪ ،‬فقد تم إعتماد اإلصالحات بصفة تدريجية على مراحل متتالية وفقا للقدرة اإلستعابية لإلقتصاد‬
‫الجزائري‪ ،‬وقد تمحورت هذه اإلصالحات حول تحرير التجارة الخارجية‪ ،‬تطوير وتشجيع القطاع الخاص إعادة‬
‫هيكلة وخوصصة المؤسسات اإلقتصادية العمومية وتشجيع اإلستثمار المحلي واألجنبي وذلك من أجل تحقيق‬
‫التنمية اإلقتصادية والرفع في المستوى المعيشي واكتساب إمكانيات لمواجهة المنافسة العالمية المتزايدة خاصة‬
‫داخل القارة واإلستفادة من منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية أحسن إستفادة‪.‬‬
‫‪-1‬إشكالية الدراسة‪ :‬من خالل ما تم ذكره سابقا يمكن طرح السؤال الرئيسي التالي‪:‬‬

‫ما هي اآلثار المتوقعة لمنطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية على اإلقتصاد الجزائري؟‬

‫لإلجابة على السؤال الرئيسي يتعين علينا اإلجابة على األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ماهي أهم التغيرات المتوقعة على طبيعة العالقات التجارية بين الجزائر والدول اإلفريقية ؟‬
‫‪ -‬ما هي اآلثار المحتملة إلتفاقية التجارة الحرة القارية اإلفريقية على اإلستثمار بين الجزائر ودول إفريقيا ؟‬
‫‪ -‬ما هو مستقبل العالقات الجزائرية اإلفريقية في ظل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية ؟‬
‫‪-2‬فرضيات البحث‬

‫إنطالقا من اإلشكالية السابقة تمت صياغة الفرضيات التالية‬

‫‪ -‬تتيح منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية للجزائر فرص أكبر لتطوير وتنويع إقتصادها‪.‬‬

‫أ‬
‫المقدمة العامة‬

‫‪ -‬لن تساهم منطقة التجارة الحر القارية اإلفريقية في إيجاد حلول إلعتماد اإلقتصاد الجزائري على النفط بشكل‬
‫كبير‪.‬‬
‫‪ -‬ستتطور العالقات اإلقتصادية بين الجزائر ودول منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‪ ،‬لكن بوتيرة منخفظة‪.‬‬
‫‪ -3‬أهمية الدراسة‬

‫تكمن أهمية الدراسة في الوقوف على اإلنعكاسات الناتجة عن توقيع إتفاقية التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬
‫على اإلقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪ -4‬أهداف البحث‪:‬‬

‫‪ -‬يعالج ظاهرة مهمة هي التكامل اإلقتصادي إحدى أهم الظواهر اإلقليمية الواسعة اإلنتشار‪.‬‬
‫‪ -‬التعرف على دوافع إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -‬محاولة الوقوف على أهم المؤشرات اإلقتصادية واإلجتماعية للجزائر وافريقيا‪.‬‬
‫‪ -‬التعرف على أهم الفرص والتحديات التي تواجه الجزائر ومنطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -‬محاولة التعرف على مدى جاهزية الجزائر لإلستفادة من منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -5‬منهج البحث‬

‫اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي والتحليلي من أجل اإلحاطة بمختلف الجوانب المتعلقة بالموضوع‬
‫بحيث‪:‬‬

‫المنهج الوصفي‪ :‬من خالل إعطاء نظرة عن اإلقتصاد الوطني واإلفريقي‬


‫المنهج التحليلي‪ :‬من خالل تحليل آثار منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية على كل من التجارة البينية‬
‫واإلستثمار‪.‬‬
‫‪ -6‬أسباب إختيار الموضوع‬

‫‪ -‬في حالة ما تم تطبيق إتفاقية التجارة الحرة القارية اإلفريقية على النحو المرجو فإن هذه اإلتفاقية تعتبر فرصة‬
‫حقيقية للنهوض باإلقتصاد الوطني من الركود الذي يشهده إذ تمثل فضاءا واسعا لتسويق المنتجات المحلية‬
‫واقامة مشاريع إستثمارات ناجحة‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة موضوع الدراسة بالتخصص الذي ندرسه " إقتصاد دولي "‪.‬‬
‫‪ -‬الميوالت الشخصية لدراسة المواضيع التي تعرف تغيرات كثيرة‪.‬‬
‫‪ -7‬حدود الدراسة‬

‫من أجل اإلجابة على اإلشكالية المطروحة حددت الدراسة بإطار مكاني وآخر زماني‪ ،‬فبالنسبة للحدود المكانية‬
‫فقد تناولت دراستنا اإلقتصاد الجزائري بشكل خاص واإلقتصاد اإلفريقي بشكل عام‪.‬‬

‫ب‬
‫المقدمة العامة‬

‫أما بالنسبة للحدود الزمانية فالدراسة عبارة عن دراسة إستشرافية وبالتالي التوجد فترة محددة وانما هي دراسة‬
‫إستشرافية لمستقبل اإلقتصاد الوطني في ظل إتفاقية التجارة الحرة القارية اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -8‬صعوبات الدراسة‬

‫‪ -‬تضارب البيانات وتذبذبها حول التجارة البينية واإلستثمار بين الجزائر ودول إفريقيا‬

‫‪ -‬ضيق الوقت المخصص للدراسة‬


‫‪ -‬نقص المراجع التي تناولت الموضوع باعتبار منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية منطقة حديثة النشأة‪.‬‬
‫‪ -9‬هيكل الدراسة‬

‫من أجل اإللمام بكل الجوانب المتعلقة بالموضوع تم تقسيم الدراسة إلى ‪ 3‬فصول‪:‬‬

‫‪ -‬الفصل األول يتناول التكامل اإلقتصادي ودور إفريقيا في تحقيقة وقد تم عرض الجوانب النظرية التي تتعلق‬
‫بالتكامل اإلقتصادي باإلضافة إلى عرض تجربة إفريقيا من خالل منطقى التجارة الحرة القارية اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل الثاني يتناول عموميات حول اإلقتصاد الجزائري مع عرض المؤشرات اإلقتصادية الخاصة بالجزائر‬
‫وكذلك التطور التاريخي لإلقتصاد الجزائري منذ الإلستقالل إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل الثالث تم تخصيصه للتعرف على طبيعة العالقات اإلقتصادية والتاريخية بين الجزائر ودول إفريقيا مع‬
‫تبيان اآلثار المتوقعة لمنطقة التجارة الحرة على اإلقتصاد الجزائري خاصة التجارة البينية واإلستثمار مع‬
‫إستشراف لمستقبل هذه العالقات‪.‬‬

‫ج‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلندماج اإلقتصادي ودور إفريقيا في‬
‫تحقيقه‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أساسيات حول اإلندماج اإلقتصادي‬


‫المبحث الثاني‪ :‬مدخل إلى اإلقتصاد اإلفريقي‬
‫المبحث الثالث‪:‬تجربة منطقة التجارة الحرة القارية‬
‫اإلفريقية‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫تمهيد ‪:‬‬
‫يعتبر التكامل بين الدول أحد أبرز الظواهر اإلقتصادية شيوعا التي ظهرت الحرب العالمية الثانية بهدف‬
‫تقوية العالقات اإلقتصادية بين الدول وقد دفعت عدة عوامل الى ظهور هاذا النوع من التكالت امن أجل إعادة‬
‫إعمار ما دمرته الحرب واستمرار عملية التطور والبحث عن منافد وأسواق جديدة ومصادر مختلفة من المادة‬
‫األولية‪ ،‬وعرفت أنواع التكامل تطو ار كبي ار منذ ظهورها إلى يومنا هاذا فإجتلف من شكلها التقليدي إلى شكلها‬
‫الحديث بإختالف الزمان والمكان ‪.‬‬
‫وبسبب االختالف في المفاهيم المقدمة من طرف المفكرين سواء نتيجة إختالفات فكرية أو زمنية أو غيرها‪،‬‬
‫خلق هذا اإلختالف نوعا من الغموض في إقامة تكتالت إقتصادية أدى بها إلى عدم الوصول للشكل التام‬
‫للتكامل مثل التجربة التكاملية األوروبية وتكتفي بدرجات أقل منه بسبب إختالف األهداف و الشروط بين الدول‬
‫هذا ما يؤدي الى نتائج مختلفة غير التي تم التخطيط لها وقد تبقى هذه اإلختالفات عائقا بين الدول في إنشاء‬
‫أوتكوين تكامل اقتصادي موحد‪.‬‬
‫تعيش افريقيا حاليا نوعا جديدا من التكامل بعد عدة تجارب سابقة فاشلة كالكوميسا فمنطقة التبادل الحر‬
‫القارية االفريقة الهدف منها المساهمة في تطوير االقتصاد االفريقي الذي يشهد انخفاض في النمو بسبب بروز‬
‫أسواق ناشئة في اسيا وأمريكا الالتينية‪ .‬ولإلحاطة بكل جوانب المتعلقة بالفصل تم تقسيمع إلى ثالث مباحث‬
‫المبحث األول يتناول اساسيات حول اإلندماج اإلقتصادي‪ ،‬أما المبحث الثاني بعنوان نظرة عامة حول اإلقتصاد‬
‫اإلفريقي و المبحث الثالث يتحدث عن تجربة منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‪..‬‬

‫‪5‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‪ :‬أساسيات حول التكامل االقتصادي‬


‫يعتبر التكامل اإلقتصادي القضية األكثر تداوال في السياسة اإلقتصادية منذ القرن العشرين خصوصا بعد‬
‫نجاح التجربة األوروبية‪ ,‬حيث أصبح المفكرين يحاولون إعطاء مفاهيم شاملة لالندماج أو التكامل االقتصادي‬
‫على اختالف مناهجهم وانتماءاتهم االقتصادية ومحاولة إيصال الفكرة الشاملة لإلندماج لفكر القارئ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم ودوافع التكامل االقتصادي‬

‫ال يوجد تعريف شامل و متكامل للتكامل االقتصادي‪ ,‬لذلك سنحاول عرض أهم التعاريف األكثر تداوال‬
‫ونحاول استخالص تعريف شامل‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التعريف اللغوي‪ :‬هو تجميع أجزاء الشيئ أو تجميع أجزاء مختلفة مع بعضها البعض لتؤدي وظيفة‬
‫‪1‬‬
‫معينة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعريف االصطالحي‪ :‬اختلف اإلقتصاديون في اعطاء تعريف للتكامل اإلقتصادي وهاذا راجع الى إخالف‬
‫أرائهم وأفكارهم‪ ,‬فمنهم من يعرفه حسب غايته ومنهم من يعرفه حسب أسبابه‪.‬‬
‫يعرفه باالسا‪:Balassa‬‬
‫التكامل االقتصادي يتمثل عالقات تقوم بين الوحدات االقتصادية باتجاه تحقيق اإلندماج بينها وازالة‬
‫‪2‬‬
‫مضاهر التمييز القائمة فيما بين هذه الوحدات وتكوين وحدة اقتصادية جديدة متميزة‪.‬‬
‫تعريف روبرسون ‪:Rubson 1979‬‬
‫التكامل االقتصادي يهتم بكافئة استخدام الموارد خاصة رأس المال ويرى رروبسون أن التكامل في النهاية‬
‫‪3‬‬
‫مؤسسة تضم وحدات سياسية مختلفة لتكوين كتلة اقتصادية مغلقة‪.‬‬
‫تعريف ميردال ‪:Mirdel‬‬
‫يرى أن التكامل ال بد أن يعمل على زيادة الكفاءة اإلنتاجية ضمن الكتلة اإلقتصادية المشكلة وذلك مع‬
‫‪4‬‬
‫إعطاء الفرص اإلقتصادية المتساوية لألعضاء في هذا التكتل بغض النظر عن سياساتهم‪.‬‬
‫من خالل التعاريف السابقة نستنتج أن التكامل اإلقتصادي هوعمل إرادي من قبل دولتين أو أكثر‪ ,‬يقوم على‬
‫إزالة كافة العوائق الجركية و غير الجمركية على التجارة الدولية وأمام إنتقال السلع وعناصر اإلنتاج‪ ،‬كما‬
‫يتضمن تنسيق السياسات اإلقتصادية وايجاد نوع من تقسيم العمل بين الدول األعضاء بهدف تحقيق مجموعةمن‬

‫‪1‬عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬السوق العربية المشتركة (الواقع والمستقبل في األلفية الثالثة)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2003 ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد القادر رزيق المخادمي‪ ،‬التكامل اإلقتصادي العربي‪ ،‬ديوان الوطني للمطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ص ‪.26-25‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد الحميد‪ ،‬السوق العربية المشتركة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد الوهاب رميدي ‪ ،‬التكتالت اإلقتصادية في عصر العولمة وتفعيل التكامل اإلقتصادي في الدول النامية‪ ،‬أطروحة دوكتوراه في العلوم اإلقتصادية‪ ،‬فرع‬
‫تخطيط‪ ،‬كلية العلوم اإلقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2007 ،‬ص‪.12‬‬

‫‪6‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫األهداف التي تعظم المصالح اإلقتصادية المشتركة مع ضرورة توفر فرص متكافئة لكل عضو من الدول‬
‫األعضاء‪.1‬‬
‫ويفرق اإلقتصاديون بين التكامل السلبي و اإليجابي‪:‬‬
‫فالتكامل السلبي‪ :‬هو دمج األسواق في سوق حرة واسعة تمتاز بالتقسيم الدولي للعمل عن طريق التخصص‬
‫اإلقليمي وازالة الحواجز الجمركية بحيث يقتصر هنا على مجرد إلغاء القيود الجمركية وغير الجمركية على‬
‫إنتقال السلع وعناصر اإلنتاج بين البلدان األطراف داخل التكامل‪.‬‬
‫أما التكامل اإليجابي‪ :‬فيقصد به (حسب تنبرغن) خلق مؤسسات جديدة بوسائلها وتعديل الوسائل الموجودة سابقا‬
‫ويتم ذلك عن طريق إعادة توزيع المداخيل بين الدول وتنظيم األسواق الغير مستقرة والتخطيط‪ ,‬أما ميردال‬
‫فيقصد به توسيع مجموعة المصالح واآلمال وفق أسلوب ديناميكي يستهدف التغير اإلجتماعي والتكييف الداخلي‬
‫المتبادل للمجموعات الوطنية األكثر ترابطا‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬دوافع التكامل اإلقتصادي‬

‫‪-1‬دوافع تاريخية‪:‬‬
‫وجود روابط تاريخية قوية بين شعوب دول التكامل والقرب الجغرافي والتشابه أو التقارب الحضاري‪ ,‬غير أن‬
‫هذه الشروط ال تكفي وحدها ويمكن الفصل في كونها تولد خلفية مشتركة من شأنها تحقيق درجة من االستعداد‬
‫للتفاهم المشترك والعمل معا‪.‬‬
‫‪ -2‬الدوافع اإلقتصادية‪:‬‬
‫تعتبر من أهم العوامل التي تشجع على التكامل ويمكن ابرازها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الحصول على مزايا اإلنتاج الكبيرة حيث يتسع حجم السوق‪ ,‬ويشجع على توجيه اإلستثمارات واعادة تكوين‬
‫الحرة الحرة للسلع ورأس المال والعمل من دولة ألخرى وازالة كل العواىق في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ -‬تيسير اإلستفادة من المهارات الفنية واأليدي العاملة بصورة أفضل‪ ,‬وعلى نطاق أوسع فالمفروض أن التكتل‬
‫اإلقتصادي يؤدي إللى تطبيق مبادئ تقسيم العمل الفني و الوظيفي‪.3‬‬
‫‪ -‬تسهيل عملية التنمية اإلقتصادية وذلك ألن عملية التنمية بعد التكتل تصبح أسهل وأيسر مما لو قامت به كل‬
‫دولة مستقلة عن األخرى فالوحدة االقتصاديةللدول تضع سباسة عامة تستهدف إستغالل اإلمكانيات اإلقتصادية‬
‫المختلفة مما يؤدي بالنهوض باإلنتاج واإلستثمار والدخل والتشغيل‪.‬‬
‫‪ -‬تنويع اإلنتاج بطريقة إقتصادية وهذا قد يحمي إقتصاديات الدول األعضاء منبعض اإلنتكاسات و التقلبات‬
‫والسياسات األجنبية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سبق ذكره ص‪.7‬‬
‫‪2‬‬
‫هالة دسدوس‪ ،‬مسعودة بوسطوة‪ ،‬واقع التكامل اإلقتصادي العربي في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في العلوم‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬تخصص إقتصاد دولي‪ ،‬كلية العلوم اإلقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة جيجل‪ 2014-2013 ،‬ص ‪.13-12‬‬
‫صبيحة بخوش‪ ،‬اتحاد المغرب العربي بين دوافع التكامل اإلقتصادي والمعوقات السياسية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،2011 ،‬ص ‪28‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪7‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -3‬الدوافع السياسية‪:‬‬
‫تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -‬تحقيق التوحيد السياسي من خالل التكامل اإلقتصادي في شكب احاد جمركي أو سوق مشتركة مثال ألنه‬
‫يشعر شعوب دول التكتل بوحدة مصالحها اإلقتصادية وبأنه يوجد أداة سياسية مشتركة للتفاوض والتشاور‪.‬‬
‫‪ -‬تمكين بعض الدول أو دولة من السيطرة سياسيا على مجموعة من الدول وغالبا ما يكون ذلك في حالة‬
‫التفاوت بين الدول‪.1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل التكامل االقتصادي‬

‫اختلف العديد من الباحثين حول مراحل وأشكال التكامل االقتصادي وهذا االختالف يكون تبعا االختالف‬
‫األعضاء فنجد مثال "بيالبالسا "وضع درجات التكامل االقتصادي على الترتيب التالي‪ :‬اتفاقية التفضيل‬
‫الجمركي‪ ،‬منطقة التجارة الحرة‪ ،‬السوق المشتركة‪ ،‬الوحدة االقتصادية‪ ،‬التكامل االقتصادي التام‪ .‬وفي مايلي‬
‫نحاول إعطاء أهم مراحل (درجات) التكامل االقتصادي والمتمثلة في‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االتفاقيات التفضيلية (التفضيل الجمركي) ‪Preferential trading‬‬


‫وتهتم بإعفاء السلع المتبادلة أو أنواع منها من الضرائب الجمركية أو تخفيضها قدر اإلمكان وكذا اإلعفاء‬
‫أو التخفيف من القيود اإلسترادية‪ ،‬وغيرها من القيود التي تعوق حركة التجارة بالنسبة لجميع السلع المتبادلة أو‬
‫األنواع منها‪ ،‬وذلك وفق قوائم سلعية تتفق عليها الدول الموقعة على االتفاقية‪ ،‬وتعتبر هذه االتفاقية أولى درجات‬
‫التكامل االقتصادي وتشجع التبادل التجاري بين الدولة‪ ،‬ومن أمثلة هذا النوع من االتفاقيات التجارية التفضيلية‬
‫العوائق التي تفرضها الدول األوربية على وارداتها من الدول النامية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬منطقة التجارة الحرة ‪:Free Trade Area‬‬
‫هي ثاني درجة من درجات التكامل االقتصادي تهدف إلى إزالة القيود الجمركية و غير الجمركية على‬
‫حركة السلع والخدمات بين الدول المتكاملة‪ ،‬مع احتفاظ لكل دولة عضو بفرض حقوقها الجمركية على بقية دول‬
‫العالم‪ ،‬وأوضح مثال على هذا النموذج هو معاهدة أمريكا الشمالية للتجارة الحرة ‪NAFTA‬ويمكن أن تترتب عن‬
‫اختالف معدالت الرسوم الجمركية اتجاه الدول غير األعضاء أثار اقتصادية تنعكس على التجارة واإلنتاج‬
‫واالستثمار‪.2‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلتحاد الجمركي‪:Custom union‬‬
‫يكمن وجه الشبه بين اإلتحاد الجمركي ومنطقة التجارة الحرة في إلغاء القيود الجمركية وتحقيق التحرير‬
‫التجاري بين الدول األعضاء‪ ،‬ولكن أهم ما يميز اإلتحاد الجمركي أن يعمل على إيجاد نوع من التنسيق بين‬

‫‪1‬‬
‫صبيحة بخوش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.29-28‬‬
‫‪2‬‬
‫غريبي صالح الدين‪ ،‬دراسةإمكانية إقامة منطقة نقدية مثلى بين مجلس التعاون الخليجي من خالل تحليل تماثل الصدمادت‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬تخصص نقود مالية وبنوك‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬الجزائر‪ 2015-2014 ،‬ص ‪.58-57‬‬

‫‪8‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫الدول األعضاء من حيث السياسة التجارية المتبعة تجاه الدول غير األعضاء‪ ،‬فيقوم اإلتحاد بفرض معدالت‬
‫موحدة للتعريفة في مواجهة كافة دول العالم خارج اإلتحاد‪.‬‬
‫ويمكن القول أن اإلتحاد الجمركي يقوم على أربعة مكونات نذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬وحدة القانون الجمركي والتعريفة الجمركية‪.‬‬
‫‪ -2‬وحدة تداول السلع بين الدول األعضاء‪.‬‬
‫‪ -3‬وحدة الحدود الجمركية واإلقليم الجمركي بالنسبة لبقية دول العالم غير األعضاء في اإلتحاد‬
‫‪ -4‬توزيع حصيلة الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الدول األعضاء من العالم الخارجي حسب معادلة‬
‫يتفق عليها‪ ،‬وتتولى توزيع األنصبة بين الدول األعضاء‪.‬‬
‫ومن األمثلة البارزة لالتحادات الجمركية نذكر اإلتحاد الجمركي الذي قام بين لوكسمبورغ وبلجيكا سنة ‪1922‬‬
‫مع انضمام هولندا إلى اإلتحاد سنة ‪1947‬م ودخل حيز التنفيذ سنة ‪1948‬م‪ ،‬ويسمى باتحاد البينيلوكس" الذي‬
‫يعتبر أول تجربة رائدة في مشروع التكامل االقتصادي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬السوق المشتركة ‪:Common Market‬‬
‫في هاته الم رحلة يتم إلغاء الرسوم الجمركية وتوحيد التعريفة الجمركية إزاء العالم الخارجي وكذلك إلغاء‬
‫القيود على حركة انتقال عناصر اإلنتاج فيما بين الدول األعضاء‪ ،‬فيتم دمج أسواق السلع والخدمات ودمج‬
‫أسواق عناصر اإلنتاج وبالتالي تصبح المنطقة التكاملية بمثابة سوق واحدة‪ ،‬مما يؤدي إلى مضاعفة فرص‬
‫االستثمار وزيادة كفاءة استخدام عناصر اإلنتاج‪.‬وتعتبر السوق األوروبية المشتركةإحدى مراحل اإلتحاد األوروبي‬
‫التي أنشأت بمقتضی معاهدة روما في ‪ 25‬مارس ‪1957‬م بين كل من فرنسا وألمانيا اإلتحادية وايطاليا ودول‬
‫البينيلوكس (هولندا‪ ،‬بلجيكا لوكسمبورغ) مثال واضحا على قيام حركة األسواق المشتركة ولقد دخلت هذه المعاهدة‬
‫حيز التنفيذ في أول يناير ‪1958‬م‪.1‬‬
‫خامسا‪ :‬االندماج االقتصادي ‪:Economic Integration‬‬
‫هذه هي المرحلة األخيرة التي يمكن أن يصل إليها أي مشروع للتكامل االقتصادي‪ ،‬إذ تتضمن باإلضافة‬
‫إلى المراحل السابقة توحيد السياسات االقتصادية كافة‪ ،‬وايجاد سلطة إقليمية عليا‪ ،‬وعملة موحدة تجري في‬
‫التداول عبر بلدان المنطقة المتكاملة‪ ،‬وجهاز إداري موحد لتنفيذ هذه السياسات‪ .‬وفي هذه المرحلة تتفق كل دولة‬
‫عضو على تقليص سلطاتها التنفيذية الذاتية وخضوعها في كثير من المجاالت للسلطة اإلقليمية العليا وهذا‬
‫يعني أن التكامل االقتصادي التام أواالندماج االقتصادي ال يحتاج إال إلى خطوات محددة للوصول إلى وحدة‬
‫السياسية فعلية‪.‬‬

‫المرجع السابق ص ‪.59-58‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪9‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬النظريات المفسرة للتكامل االقتصادي‬

‫جاءت النظريات المفسرة للتكامل بشكل متتابع ‪ ،‬حيث جاءت النظرية اإلتحادية أوال ‪ ،‬وهي تعتبر من أقدم‬
‫النظريات في مجال التكامل ‪ ،‬ثم أتت بعدها النظريات األخرى كالنظرية الوظيفية ونظرية اإلتحاد الجمركي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬النظرية اإلتحادية الفيدرالية‪ :‬تعد هذه النظرية من أقدم النظريات المفسرة للتكامل ‪ ،‬إذ تعد هذه النظرية‬
‫على غير محدد في تفسير التكامل والمتمثل في القرار الحكومي للدول المتكاملة ‪ ،‬حيث تقرر السلطات العليا‬
‫في كل دولة مصلحتها القومية كما يراها القائمون بالحكم التنازل عن أجزاء من عيادتها تتفاوت بحب كل حالة‬
‫من أجل تحقيق مختلف منافع التكامل ‪ ،‬وذلك بعد حساب عقالني رشيد النفقة والعائد من العملية التكاملية ‪،‬‬
‫ويكون الهدف تعظيم المنافع في المجاالت المختلفة التكامل وتقليل النفقات والخسائر إلى أقصى حد ممكن ‪ ،‬مع‬
‫وضع آليات وأطر دستورية تتكفل بحل النزاعات والحفاظ على األمن الجماعي القائم على تلك الترابط السياسي‬
‫الدستوري بين الوحدات المتكاملة‪ ،‬بحيث يصبح معها حصول النزاعات والحروب أم ار مستبعدا‪.1‬‬
‫وينصب التفكير أساسا حول إقامة دولة اتحادية‪ ،‬على إقليم تشع فيه الفئات االجتماعية التي تتواجد فيه بدرجة‬
‫عالية من التشابك في المصالح ‪ ،‬وتتوفر فرص النجاح أمام هذا التحول في حالتين‪:2‬‬
‫‪-1‬الحالة األولى‪ :‬أن يكون قد تولد لدى مختلف الفئات االجتماعية شعور بأن المجتمع اإلقليمي قادر فعال على‬
‫تحقيق قدر من الرخاء والرفاهية االقتصادية ‪ ،‬يفوق ما تحققه الدول القطرية لوحدها‪.‬‬
‫‪-2‬الحالة الثانية‪ :‬رفض عدد من الفئات االجتماعية خضوع الحكومات الوطنية لتسلط فئات تسعى إلى تعظيم‬
‫مصالحها على حساب بافي فئات المجتمع ‪ ،‬وتكون الفتات المتسلطة في البلدان المختلفة غير متفقة فيما بينها‬
‫ومن ثم ترى الفئات االجتماعية الرافضة لهذا األمر أنه من المصلحة التحول من المستوى الوطني إلى المستوى‬
‫اإلقليمي ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظرية االتصاالت‪ :‬يرى أنصار هذه النظرية وفي مقدمتهم " کارل دويتش " أنه يجب التدرج في العملية‬
‫التكاملية كبديل للتحول المفاجئ والمباشر إلى حلة الوحدة السياسية ‪ ،‬وذلك بدءا بالنواحي األقل إثارة للخالفات ‪،‬‬
‫والتي تساهم في تحفيز التكامل ‪ .‬كما ينبغي تجنب التعقيدات التي تثير حساسية الدول وتتفرها من عواقب‬
‫فقدانها سيادتها إلى دولة اإلتحاد ‪ ،‬وما قد يترتب عليه من خسائر بفقدانها ما أمكن تحقيقه في الدول القطرية‪.‬‬
‫وقد أوضح كارل دويتش " الطريقة التي يتم بها تكثيف وزيادة المعامالت واالتصاالت بين الدول في سبيل‬
‫ضمان نجاح العملية التكاملية و يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة وجود قطاع رائد تتمحور حوله عميلة التكامل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫كمال مقروس‪ ،‬دور المشروعات المشتركة في تحقيق التكامل اإلقتصادي‪ -‬دراسة مقانة بين التجربة األوروبية و التجربية المغاربية ‪ ،-‬مدكرة مقدمة‬
‫ضمن متطلبات نيل شهادة الماجيستير في العلوم اإلقتصادية ‪ ،‬تخصص اإلقتصاد الدولي‪ ،‬كلية العلوم اإلقتصادية التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة فرحات‬
‫عباس‪ ،2014-2013،‬ص‪.36‬‬
‫‪2‬آسيا الوافي‪ ،‬التكتالت االقتصادية االقليمية و حرية التجارة في اطر المنظمة العالمية للتجارة ‪ ،‬مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير‪ ،‬معهد‬
‫العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،2007-2006 ،‬ص ‪.09-08‬‬

‫‪10‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬وجود درجة عالية من االعتماد المتبادل بين الدول أطراف التكامل ‪ ،‬في جميع المجاالت (االقتصادية‬
‫االجتماعية ‪ ،‬الثقافية واألمنية)‪.‬‬
‫‪ -‬دور القوى غير الحكومية في خلق العديد من قنوات التكامل‪.‬‬
‫‪-‬ضرورة وضع شروط محلية وعالمية لتجاوز العقبات التي يمكن أن تعيق سير العملية التكاملية‬
‫‪-‬يجب أن تكون القوى الحاكمة مستعدة للتكامل مع هذه الشروط‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬النظرية الوظيفية ‪:‬‬
‫‪-1‬الوظيفية األصلية‪ :‬برزت النظرية الوظيفية بعد الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬وذلك من خالل كتابات "دافيد‬
‫ميتراني" ‪ ،‬ونقطة االنطالق في هذا التيار هي أن الدولة القومية كأهم وحدة تنظيمية في البيئة الدولية لم تعد‬
‫قادرة على تلبية الحاجيات األساسية للمجتمع ‪ ،‬ومرد ذلك هو أنها توجد في رقعة جغرافية محدودة بينما حاجيات‬
‫المجتمع تمتد إلى أكثر من ذلك المجال‪.1‬‬
‫‪ -2‬الوظيفية الجديدة‪ :‬نظ ار لما تعرضت له النظرية الوظيفية األصلية من انتقادات تم تبني أفكار جديدة من‬
‫قبل كل من "أرنست هاس"‪" ،‬أميتاي ايتيزوني"‪" ،‬وليندبرغ" "وكارل دويتش"‪.‬‬
‫ويعتبر "ارنست هاس" من أهم منظري النظرية الوظيفية الجديدة ‪ ،‬وتستمد هاته النظرية بعض عناصرها‬
‫من النظرية الوظيفية األصلية ‪ ،‬إذ ترى النظرية بأن التكامل واالندماج يبدأ من مجاالت سياسية دنيا أي‬
‫المجاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية ولكن البد من التسييس التدريجي لعملية التكامل بانتقالها من ميادين‬
‫سياسية دنيا إلى مي ادين سياسية عليا ‪ ،‬كقضايا األمن القومي والقضايا ذات األهمية اإليديولوجية والرمزية ‪،‬‬
‫ويكون هذا بانتقال الوالء من والء للدولة القومية إلى والء لهيئات جديدة وهي المنظمات اإلقليمية والمحلية ‪،‬‬
‫لنصل إلى انهيار الدول اإلقليمية داخل دولة إقليمية واحدة ‪ ،‬كما تشدد النظرية الوظيفية الجديدة على دور‬
‫النقابات والمجتمع المدني ومجموعات المصالح للدفع بمسار التكامل نتيجة للمنفعة التي تجنيها مما يجعلها تقف‬
‫في وجه أية محاولة من السلطات السياسية داخل الدول لوقف مسار التكامل ‪ ،‬وعرف "ارنست هاس" التكامل‬
‫بأنه العملية التي تتضمن تحوالت الوالء والنشاطات لقوى سياسية في دول متعددة ومختلفة نحو مركز جديد‬
‫تكون لمؤسساته صالحيات الدول القومية القائمة ‪ ،‬بل أنه يذهب إلى حد جعل عملية التكامل مرتبطة بربط‬
‫النظام الدولي المقترح بالمستقبل ‪ ،‬ثم يقول ‪ :‬إذا فهمنا الوضع الحالي على أنه سلسلة من التفاعالت والتمازج‬
‫بين عدد من الهيئات الوطنية من خالل المشاركة في المنظمات الدولية ‪ ،‬فإن على التكامل أن يحدد العملية‬
‫التي يتم من خاللها زيادة التفاعل بهدف المساعدة على تالشي الحدود بين المنظمات الدولية والهيئات الوطنية‪.‬‬
‫أما "ليندبرغ" فقد عرف التكامل على أنه‪ :‬العملية التي تجد الدول نفسها راغبة أو عاجزة عن إدارة شؤونها‬
‫الداخلية الرئيسية باستقاللها عن بعضها البعض ‪ ،‬وتسعى بدال من ذلك التخاذ ق اررات مشتركة في هذه الشؤون‬
‫أو تفوض أمرها فيها لمؤسسة جديدة (منظمة دولية مثال)‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫كمال مقروس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.39-36‬‬
‫‪2‬‬
‫نقال عن موقع ‪،www.tomohna.net/vb/showthvead.php :‬تاريخ االطالع ‪.)11:27( ،2021/05/03‬‬

‫‪11‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫رابعا‪ :‬نظرية اإلتحاد الجمركي‪ :‬لقد شهدت نظرية اإلتحاد الجمرکي ميالدها على يد االقتصادي "جاکوب فينر"‬
‫في كتابه الصادر عام ( ‪ 1950‬م ) ولقد عرف تحليله باسم "قانون فينر" لالتحادات الجمركية ‪ ،‬حيث تشكل‬
‫نظرية اإلتحاد الجمرکی المضمون األساسي للنظرية التقليدية للتكامل االقتصادي و لمجمل نظريات التكامل‬
‫االقتصادي والممارسات التكاملية خصوصا في اإلطار الرأسمالي ألنها‪:1‬‬
‫‪ -‬تدرس الوحدة األساسية (اإلتحاد الجمرکی) للتكامل االقتصادي بين الدول التي تجعل منها كيانا ما فوق‬
‫وطني متمي از سواء على المستوى الوطني أو الدولي ‪ ،‬وهي في هذا تختلف جوهريا عن منطقة التجارة الحرة التي‬
‫يمكن أن تتسع لتشمل أي عدد من الدول وربما العالم كله ‪ ،‬حسب ترتيبات منظمة التجارة العالمية في المستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬تعتمد الية السوق (الرأسمالية) قاعدة أو إطار لتحليل التكامل االقتصادي أو المدخل التجاري دون إشارة تذكر‬
‫سواء إلى دور الدولة أو إلى العامل اإلنمائي‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن هناك آراء عديدة بخصوص اإلتحادات الجمركية منذ البدايات األولى إلنشائها في القرن‬
‫السادس عشر وذلك من خالل كتابات كل من "أوجستن کورنو " (القرن ‪ ) 19‬وكنوت ويكسل (في النصف‬
‫األول من القرن ‪ 20‬م ) ‪ ،‬إال أن التحليالت النظرية بصدد اإلتحادات الجمركية تركزت في النصف الثاني من‬
‫القرن العشرين وذلك من خالل كتابات كل من "جاکوب فينر" "وموريس باي" ‪ ،‬و "هربرت جيوش" و طورها كل‬
‫من "جيمس ميد" و "ريتشارد ليبسي" و "كلفن النكاستر" وغيرهم‪.‬‬
‫ويستمد قانون " فينر" جذوره في التحليل النيوكالسي للتجارة الدولية معب ار عنه بشروط نموذج "هيكشرأولين"‬
‫"سامويلسون" لنسب عناصر اإلنتاج ‪ ،‬إال أن "فينر" وضع فروضا أخرى إضافية وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬افترض فينر في جانب الطلب عدم وجود إمكانيات اإلحالل ‪ ،‬بمعنى أن جميع المرونات السعرية للطلب‬
‫مساوية للصفر أي عديمة المرونة‪.‬‬
‫‪ -‬افترض أيضا في جانب العرض خضوع اإلنتاج لظروف النفقة الثابتة ‪ ،‬بمعنى أن جميع مرونات العرض‬
‫مساوية للصفر أي عديمة المرونة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار فرق فينر بين قوتين متناقضتين ناتجتين عن قيام اإلتحاد الجمركي‪:‬‬
‫‪ -1‬أثر خلق التجارة‪Trade creation‬‬
‫عرف "فينر" أثر خلق التجارة على أنه األثر الذي ينتج عن التكامل االقتصادي اذا تسبب في نقل االنتاج‬
‫من المنتجين األقل كفاءة (ذي تكلفة مرتفعة) الى المنتجين األكثر كفاءة (ذي تكلفة منخفضة) داخل االتحاد‬
‫الجمركي و هكذا فان هذا االنتقال يمثل توزيع أمثل للموارد مما يحقق زيادة في مستوى الرفاهية‪.‬‬
‫‪ -2‬أثر تحويل التجارة ‪Trade diversion‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحمان روابح‪ ،‬حركة التجارة الدولية في اطار التكامل االقتصادي في ضوء التغيرات االقتصادية الحديثة –دراسة تحليلية للتجارة الدولية لدول‬
‫مجلس التعاون الخليجي (‪ ،)2000-2010‬مذكرة مقدمة باستكمال متطلبات نيل الماجستر في العلوم االقتصادية‪ ،‬تخصص اقتصاد دولي‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلقتصادية التجارية وعلوم التسيير ‪ ،‬جامعة محمد خيصر بسكرة ‪ ،2013-2012‬ص ‪.12‬‬

‫‪12‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫هو األثر الذي يؤدي إ لى تحول تجارة دولة ما عضو في التكتل مع الدولة خارج نطاق التكتل الى دولة‬
‫أخرى داخل التكتل (حتى وا ن زادت تكلفة األخيرة) و هو ما يعمل على تخفيض الرفاهية في العالم بسبب‬
‫‪1‬‬
‫النخصيص غير األمثل للموارد و تجاهل المزايا النسبية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مزايا و مشاكل التكامل االقتصادي‬

‫أوال‪ :‬مزايا التكامل االقتصادي‬

‫‪ -1‬تقسيم العمل بين الدول المتكامل‪:‬‬


‫من أهم ما ينتج عن قيام التكامل االقتصادي هو تقسيم العمل بين الدول المتكاملة و ذلك على اساس من‬
‫التخصص ‪ ،‬حيث تقوم كل دولة بانتاج السلعة التي تتميز في انتاجها بميزة نسبية ‪ ،‬ز هذا ما يؤدي الى قصر‬
‫االنتاج على المنتجين الذين يتمتعون بالكفاية االنتاجية العالمية ‪ ،‬مما يزيد من ارباح هؤالء المنتجين نظ ار اللغاء‬
‫الحوافز الجمركية‪.‬‬
‫‪-2‬اتساع السوق و اقامة المشروعات االنتاجية الكبيرة‪:‬‬
‫كذلك ينتج عن قيام التكامل االقتصادي اتساع نطاق السوق في الدول المتكاملة ‪ ،‬و اتساع حجم السوق‬
‫يسمح بتحقيق وفورات االنتاج الكبير‪ ،‬و يقصد بوفورات االنتاج الكبير ما يتحقق بفضل اتساع نطاق االنتاج من‬
‫تخفيض تكاليف النتاج و االرتفاع بمستوى الكفاية النتاجية‪.‬‬
‫‪-3‬حرية انتقال رأس المال و العمل‪:‬‬
‫كذلك يؤدي التكامل االقتصادي الى حرية انتقال رأس المال و العمل من البلد الذي تقل فيه االنتاجية‬
‫الحدية الى البلد الذي ترتفع فيه هذه االنتاجية ‪ ،‬وبذلك يكون انتقالرأس المال و العمل في مصلحة البلدين‬
‫المرسلة و المستقبلة و بالتالي في صالح مجموع الدول الداخلة في التكامل حيث يتم استخدام عنصر العمل على‬
‫أحسن وجه ممكن ‪ ،‬و يؤدي الى زيادة الدخل الفردي في كافة الدول المتكاملة‪.‬‬
‫‪-4‬القدرة على المساومة و التعامل مع التكتالت االخرى‪:‬‬
‫من مزايا التكامل االقتصادي انه يمنح الدول المتكاملة من القوة ما يجعلها قادرة على المساومة حتى‬
‫تستطيع تحقيق مصالحها ‪ ،‬فالتكامل االقتصادي يؤدي حتما الى تحكم الدول األعضاء مجتمعين في نسبة من‬
‫التجارة الدولية أكبر من تلك التي تتحكم فيها كل دولة على حدة و القدرة على المساومة تؤدي الى تحسين كفاءة‬
‫التبادل و التجارة مع الدول الخارجية ‪ ،‬حيث تستطيع الدول المتكاملة استيراد السلع األجنبية بأسعار منخفضة‬
‫مع امكانيتها على رفع أسعار سلعها الوطنية المصدرة للخارج ‪.‬‬
‫‪-5‬ارتفاع معدل النمو االقتصادي‪:‬‬
‫يؤدي التكامل االقتصادي بصفة عامة الى ارتفاع معدل النمو االقتصادي في الدول المتكاملة و يرجع‬
‫ذلك الى ان التكامل االقتصادي يؤدي الى وجود نوع من التفاؤل بالنسبة للمستقبل و من ثم زيادة اقبال المنظمين‬

‫‪1‬‬
‫عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬اقتصاديات المشاركة الدولية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬االسكنرية‪ ،‬مصر‪ ،2006 ،‬ص ‪.141‬‬

‫‪13‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫على االستثمار االمر الذي يؤدي الى ارتفاع مستوى الدخل و زيادة الطلب على المنتجات ‪ ،‬كما أن التكامل‬
‫االقتصادي قد يساعد على جدب رؤوس األموال األجنبية من الخارج األمر الذي يؤدي الى زيادة معدل‬
‫االستثمار في الدول الداخلة في التكامل ‪ ،‬فاتساع السوق و ما يستتبعه من زيادة الطلب على السلع المنتجة‬
‫سيؤدي الى زيادة الحافز على االستثمار ‪ ،‬و ال شك أن زيادة معدل االستثمار و اقامة المشروعات االستثمارية‬
‫الكبرى من شأنه أن يؤدي الى زيادة معدل النمو االقتصادي داخل الدول المتكاملة‪.‬‬
‫‪ -6‬خلق فرص للعمالة في الدول المتكاملة‪:‬‬
‫ال شك أن ما يترتب على التكامل االقتصادي من اتساع حجم السوق و زيادة االستثمارات الوطنية و‬
‫األجنبية سيؤدي الى خلق فرص للعمالة داخل الدول المتكاملة في شتى الميادين ‪ ،‬و من ثم زيادة فرص العمل‬
‫أمام األيدي العاملة و الفنيين في كافة الدول الداخلة في التكامل ‪ ،‬و بالتالي القضاء على مشكلة البطالة في‬
‫هذه الدول‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مشاكل التكامل االقتصادي‬
‫ال يخلو التكامل االقتصادي من العيوب والمشاكل تلقائيا عند قيام التكاملكما ينشأ البعض اآلخر عند التنفيذ‬
‫العملي التفاقية التكامل ‪ ،‬ومن أهم هذه المشاكل تذكر مايلي‪:‬‬
‫‪ -1‬مشكل التعريفة الجمركية‪ :‬إن من الضروريات األساسية لقيام التكامل االقتصادي بين مجموعة من الدول‬
‫هو إزالة الحواجز الجمركية مع االتفاق مسبقا على وضع تعريفة جمركية موحدة لمواجهة السلع الواردة من العالم‬
‫الخارجي ‪ ،‬لكن من الصعب فرض تعريفة جمركية على مجموعة الدول األعضاء ذات المستويات المختلفة‬
‫للتعريفات الجمركية المعمول بها قبل التكامل وهذا راجع لصعوبة التوفيق بين المصالح المختلفة الدول التكامل‬
‫فبعض الدول ال تقبل أن تفرض تعريفة موحدة تقل من الرسم الذي تفرضه على وارداتها من السلع األجنبية‬
‫والبعض األخر ترفض كذلك التعريفة الموحدة تزيد عن الرسم المعمول به قبل التكامل لتخوفها من أن تعرض‬
‫مصالحها التجارية للخطر ‪ ،‬كاستعمال المواد والسلع المستوردة كمواد أولية في صناعتها المحلية‪.‬‬
‫‪ -2‬مشكل الحماية الجمركية‪ :‬تنشا نتيجة اختالف ظروف المشاريع اإلنتاجية في الدول األعضاء واختالف‬
‫درجة نمو اقتصادياتها ‪ ،‬إذ أنه لكل صناعة ظروفها الخاصة ولكل دولة مستوى معين من النمو االقتصادي‬
‫يتطلب توجيه قدر من الحماية لمشاريعها ‪ ،‬وهنا تكمن الصعوبة في إقناع الدول األعضاء بالتنازل عن هذه‬
‫الحماية لمواجهة هذه المشكلة ‪ ،‬يمكن لكل طرف اختيار فترة انتقالية يتم خاللها تخفيض الرسوم وحصص‬
‫االستيراد واعانات المنتجين بصفة تدريجية وفي بعض الحاالت تقدم تعويضات للمشاريع المتضررة من جراء رفع‬
‫الحماية عليها‪.‬‬
‫‪ -3‬مشكل توزيع إيرادات الجمارك‪ :‬من المعروف أن إيرادات الجمارك تشكل مصد ار من مصادر دخل خزينة‬
‫أي دولة ‪ ،‬بما أن التكامل يتطلب إلغاء الرسوم الجمركية بين الدول األعضاء فيه وكذا فرض تعريفة موحدة على‬
‫الواردا ت األجنبية ‪ ،‬فإن إيرادات الجمارك تقسم على كل دول األعضاء حسب الطريقة المتفق عليها سواء حسب‬
‫نسبة السكان ‪ ،‬أو كل دولة تأخذ إيرادات الجمارك الخاصة بها أو على أساس ما يستهلك من السلع المستوردة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -4‬مشكل تنسيق السياسات االقتصادية‪ :‬أهم محطة في التكامل االقتصادي في تنسيق السياسات االقتصادية‬
‫( الوحدة االقتصادية ) سواء تعلق األمر بالناحية المالية أو النقية ‪ ،‬فبالنسبة لألولى توحيدأسعار الضرائب‪ ،‬أما‬
‫الثانية فيتم تثبيت أسعار الصرف بين العمالت ‪ ،‬والوصول إلى تنسيق السياسات االقتصادية يؤدي إلى‬
‫صعوبات منها تقليل إيرادات بعض الدول ‪ ،‬وزيادة إيرادات البعض اآلخر‪ ،‬وكذلك يزيد من أعباءبعض المشاريع‬
‫اإلنتاجية وتخفيضها على البعض األخر كما يهدد تنسيق السياسات هروب رؤوس األموال إلى دول أخرى مما‬
‫‪1‬‬
‫يزيد إلى االختالل في موازين مدفوعاتها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نظرة عامة عن اإلقتصاد اإلفريقي‬
‫تعد قارة إفريقيا من القارات التي تغيب فيها التنمية‪ ،‬نظ ار لهشاشة بنيتها السياسية واالقتصادية وشيوع مظاهر‬
‫الفقر واألمراض‪ ،‬إذ سنتناول في هذا المبحث عن واقع التنمية في إفريقيا والتطور اإلقتصادي و اإلجتماعي في‬
‫إفريقيا و أخي ار أسباب أو عوامل غياب التنمية في إفريقيا ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المطلب األول‪ :‬واقع التنمية في إفريقيا‪:‬‬

‫وتضم ‪54‬‬
‫ّ‬ ‫إفريقيا هي القارة التي تمثل ‪ %6‬من سطح الكرة األرضية‪ ،‬تغطي مساحة ‪304.15873‬كم‪،2‬‬
‫دولة‪ ،‬ويبلغ سكانها حوالي مليار شخص‪.‬‬
‫تزخر إفريقيا بمعدالت ضخمة في موارد النفط والغاز والمعادن‪ ،‬فهي موطن ‪ %54‬من احتياطي البالتين‬
‫أن ‪46‬‬
‫العالمي‪ ،‬و ‪ %78‬من الماس‪ ،‬و ‪ %40‬من الكروم‪ ،‬و ‪ %28‬من المنغنيزيوم في حوالي ‪ 19‬دولة‪ ،‬كما ّ‬
‫دولة إفريقية لديها احتياطات من‪ :‬النفط‪ ،‬الغاز‪ ،‬الفحم‪ ،‬ومعادن أخرى ‪،‬ويتوزع النفط بكمياتت مرتفعة جدا في كل‬
‫من‪ :‬نيجيريا والسودان والجزائر وليبيا ومصر وأنغوال‪ ،‬أما احتياطي الغاز فنجده بنسب كبيرة في كل من الجزائر‬
‫ومصر‪ ،‬وبنسب أقل في نيجيريا وليبيا‪ ،‬إضافة إلى غنى العديد من الدول بمعدن الذهب المتوفر في كل من‪:‬‬
‫مالي وغانا واريتريا واثيوبيا ورواندا وزامبيا وناميبيا وجنوب إفريقيا‪ ،‬إلى جانب وجود معادن أخرى تشكل ثروة‬
‫أن كل دولة إفريقية تختص بإنتاج مورد أو معدن معين‪،‬‬
‫ومصد ار مهما للطاقة على غرار اليورانيوم‪.‬وبذلك يتضح ّ‬
‫ولكن برغم كل هذه الموارد؛ فإن القارة تصنف من أفقر المناطق في العالم‪ ،‬وهذا ما يمكن رصده من خالل‬
‫الرجوع إلى تقارير التنمية البشرية‪ ،‬ويمكن توضيح ذلك من خالل الجدول الموالي‪:‬‬

‫‪1‬صبيحة بخوش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.31-30‬‬


‫‪ 2‬نقال عن موقع‪ http://www.investad.com/Portal/africa_addons/InvestAD_EIU_Africa_Report_2012_AR. :‬تمت المعاينة يوم‬
‫‪ 2021/05/19‬على الساعة‪.22:55 :‬‬

‫‪15‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫الجدول رقم (‪ :)01‬تصنيف بعض الدول اإلفريقية قي مؤشر التنمية البشرية لسنة ‪:2018‬‬
‫الدولة‬ ‫الجزائر‬ ‫ليبيا‬ ‫تونس‬ ‫الغابون مصر‬ ‫سويزيالند جنوب‬ ‫غانا‬ ‫السودان نيجيريا‬
‫إفريقيا‬
‫المرتبة‬ ‫‪83‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪108‬‬ ‫‪110‬‬ ‫‪116‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪140‬‬ ‫‪158‬‬ ‫‪167‬‬
‫المصدر‪ :‬تقرير األمم المتحدة لسنة ‪.2018‬‬
‫أن الدول اإلفريقية لم تستطع حجز مكان ضمن الدول ذات الدرجة‬ ‫بالنظر إلى الجدول رقم (‪ :)01‬نجد ّ‬
‫المرتفعة من حيث التنمية البشرية‪ ،‬فأعلى مستوى للتنمية البشرية في إفريقيا احتلته الجزائر بالمرتبة ‪ ،83‬أما‬
‫جنوب إفريقيا ونيجيريا‪ ،‬فهي في أسفل الترتيببرتبة ‪ 116‬و‪ 15‬على التوالي‪ ،‬وفي غالبيتها هي من أغنى البلدان‬
‫في إفريقيا من حيث الموارد‪.‬ولم يتوقف األمر عند ذلك فقط وانما تجاوزه‪ ،‬فحسب الجدول فإن دول إفريقيا جنوب‬
‫الصحراء تُصنف من أفقر الدول عالميا‪ ،‬فعدد األفراد الذين يعيشون تحت خط الفقر في تشاد مثال يصل إلى‬
‫‪ ،%80‬ولكن السؤال المحير هو نيجيريا ألنها الدولة األولى اقتصاديا في إفريقيا وعدد سكانها الفقراء يصلون‬
‫إلى نسبة ‪.%42‬وهذا يعني أن الخلل ليس في النمو االقتصادي‪ ،‬وانما يرجعربماإلى التفاوت في التوزيع ألن‬
‫نيجيريا بادرت بمجموعة من اإلصالحات لنظامها االقتصادي في السنوات األخيرة‪ ،‬وقامت بإعادة هيكلة نظامها‬
‫المصرفي الذي كان متأث ار جدا بالقروض‪ ،‬وتمكنت بفضل هذا من رفع متوسط النمو إلى ‪ %7‬في مستوى الناتج‬
‫المحلي الحقيقي منذ عشر سنوات تقريبا‪ ،‬باإلضافة إلى نمو القطاعات األخرى بشكل متزايد‪ ،‬فكل من قطاعي‬
‫الزراعة والخدمات يساهمان معا في الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬مثلما يساهم القطاع الصناعي الذي يهيمن عليه‬
‫الداخلي الهش جعلها تعاني من عدة أزمات متعلقة بالتوزيع‬
‫ّ‬ ‫فإن الوضع‬ ‫النفط‪ ،‬ولكن برغم هذه اإلمكانات ّ‬
‫والشرعية‪ ،‬وهو ما عرقل تحقيق مشروع األلفية المتعلق بتقليص عدد الفقراء ونفس األمر يتعلق بالجزائر ومصر‪.‬‬
‫وعليه يمكن القول بأن العبرة ليست في امتالك المورد وانما في القدرة على استغالله واستثماره فيما يسمح بتنمية‬
‫وتطوير اقتصادات هذه الدول‪ ،‬وتحقيق الرفاهية والعيش المالئم لسكانها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تطور المتغيرات اإلقتصادية واإلجتماعية في إفريقيا‬

‫تعيش إفريقيا مثلها مثل دول العالم الثالث تأخ ار كبي ار في تنميتها اإلقتصادية نظ ار لضعف إمكانتها البشرية‬
‫والمادية رغم إمتالكها لثروات باطنية هائلة ومن بين مؤشرات التنمية التي يجب تطويرها في إفريقيا مايلي ‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال‪ :‬المتغيرات اإلقتصادية‬


‫الجدول رقم(‪ :)02‬نمو الناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي في بعض دول إفريقيا بين ‪ 2000‬و ‪( 2021‬بالنسب‬
‫المئوية)‬
‫السنوات‬ ‫‪2017-2000‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2021‬‬
‫الدول‬

‫الجزائر‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫‪2.9‬‬


‫مصر‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪5.3‬‬ ‫‪5.6‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪2.5‬‬
‫المغرب‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪-7‬‬ ‫‪4.5‬‬
‫نيجيريا‬ ‫‪7.8‬‬ ‫‪1.9‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪-1.8‬‬ ‫‪2.5‬‬
‫جنوب إفريقيا‬ ‫‪4.8‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪-7‬‬ ‫‪3.1‬‬
‫أنغوال‬ ‫‪12.5‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪-0.6‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫‪0.4‬‬
‫إثيوبيا‬ ‫‪9‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪3.8‬‬ ‫‪-0.6‬‬ ‫‪2‬‬
‫شمال إفريقيا‬ ‫‪4.1‬‬ ‫‪3.9‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫‪-1.8‬‬ ‫‪7.3‬‬
‫جنوب الصحراء‬ ‫‪6.5‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪-1.9‬‬ ‫‪3.4‬‬
‫المصدر‪ :‬من إعداد الطلبة إعتمادا على بيانات صندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫من خالل الجدول السابق نالحظ أن معدل نمو الناتج المحلي اإلجمالي في إفريقيا خالل السنوات السابقة‬
‫متقارب بين الدول اإلفريقية وهذا راجع إلى ضعف اإلنناج في هذه الدول وتحتل مصر ونيجيريا أعلى نسبة نمو‬
‫بين اإلقتصادات اإلفريقية فمصر كل عام تزيد نسبة نمو ناتجها المحلي ب‪ %5‬وهذا راجع لسياسات الدولة‬
‫الممصرية الهاددفة إلى تحسين اإلنتاج ومع ظهور جائحة كورونا واصلت النمو بما نسبته ‪ %3.6‬ومن المتوقع‬
‫أن يكون النمو في عام ‪ 2021‬بما نسبته ‪ %2.5‬لتحتل مصر بذلك الصدارة في نمو الناتج المحلي في إفريقيا‬
‫في السنوات األخيرة‪ ،‬وتأتي باقي الدول اإلفريقية بنسب متقاربة تتراوح بين ‪ %0.4‬و‪ %3.5‬سنويا‪ .‬وتعتبر‬
‫منطقة شمال إفريقيا عامة أكثر منطقة في إفريقيا نموا في ناتجها المحلي حيث يقدر هذا النمو مانسبته ‪%4‬‬
‫سنويا رغم إنخفاضه سنة ‪ 2020‬إلى ‪ %-1.8‬وهذا راجع لتداعيات فيرووس كورونا على اإلقتصاد العالمي‪،‬‬
‫ومن المتوقع أن يواصل هذا النمو خالل السنة الحالية ‪ 2021‬بما نسبته ‪ .%7.3‬أما منطقة جنوب الصحراء‬
‫يقدر نمو ناتها المحلي سنويا ما نسبته ‪ 3.2‬سنويا وفي سنة ‪ 2020‬شهد انخفاضا بنسبة ‪ %-1.9‬راجع إلى‬
‫تداعيات فيروس كورونا‪ ،‬ومن المتوقع أن يواصل النمو بما نسبته ‪ %3.4‬في السنة الحالية ‪.2021‬‬
‫‪ -2‬التضخم‪:‬‬
‫تعاني دول إفريقيا مثلها مثل دول العالم الثاث من مشكل التضخم في اإلقتصادات المحلي و الجدول‬
‫الموالي يوضح حجم التضخم في هذه الدول‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫الجدول رقم (‪ :)03‬معدالت التضخم في بعض الدول اإلفريقية (بالنسبة المئوية)‬


‫السنوات‬ ‫‪2017-2000‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2021‬‬
‫الدول‬

‫الجزائر‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪4.9‬‬


‫مصر‬ ‫‪-‬‬ ‫‪14.4‬‬ ‫‪9.2‬‬ ‫‪5.4‬‬ ‫‪7‬‬
‫المغرب‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪8.2‬‬ ‫‪-‬‬
‫نيجيريا‬ ‫‪11.5‬‬ ‫‪12.1‬‬ ‫‪11.4‬‬ ‫‪13.2‬‬ ‫‪16‬‬
‫جنوب إفريقيا‬ ‫‪5.3‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪4.1‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪4.3‬‬
‫إثيوبيا‬ ‫‪10.7‬‬ ‫‪13.8‬‬ ‫‪15.8‬‬ ‫‪20.4‬‬ ‫‪13.1‬‬
‫رواندا‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪2.5‬‬
‫أنغوال‬ ‫‪20‬‬ ‫‪19.6‬‬ ‫‪17.1‬‬ ‫‪22.3‬‬ ‫‪22.3‬‬
‫شمال إفريقيا‬ ‫‪-‬‬ ‫‪12.6‬‬ ‫‪8.8‬‬ ‫‪11.9‬‬ ‫‪14.2‬‬
‫جنوب الصحراء‬ ‫‪10.7‬‬ ‫‪8.4‬‬ ‫‪8.5‬‬ ‫‪10.8‬‬ ‫‪9.8‬‬
‫المصدر‪:‬من إعداد الطلبة اعتمادا على معطيات صندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫من خالل الجدول رقم (‪ )03‬نالحظ أن معدالت التضخم في إفريقيا مرتفعة نوعا ما بسب ضعف األداء‬
‫اإلقتصادي لدول إفريقيا وضعف اإلنتاج المحلي‪ ،‬فهذه المعدالت تتراوح بين ‪ %5‬و ‪ %15‬ما عدا في دولة‬
‫رواندا التي تمتلك أقل معدل للتضخم بنسبة متوقعة ‪ %2.5‬سنة ‪ 2020‬وهذا راجع إلى مستوى التطور الذي‬
‫تشهده الدولة وارتفاع رفاهية المستهلكين ودخلهم‪ .‬وتمتلك دول شمال إفريقيا مجتمعة متوسط معدل تضخم أكبر‬
‫من دول جنوب الصحراء حيث تقدر ب ‪ %11.9‬في المتوسط في شمال إفريقيا و ‪ %10.8‬في جنوب الصحراء‬
‫حسب إحصائيات سنة ‪ 2019‬ومن المتوقع أن ترتفع هاته النسب في السنوات القادمة إن تواصلت الدول‬
‫اإلفريقية على اإلعتماد على السياسات اإلقتصادية الحالية ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫الشكل رقم (‪ :)01‬منحنى تطور معدالت التضخم في إفريقيا‬

‫المصدر‪www.dataportal.opendataforafrica.org:‬‬
‫من خالل الشكل رقم (‪ )01‬نالحظ أن متوسط معدل التضخم في إفريقيا مر ب ‪ 3‬مراحل وهي‪:‬‬
‫‪-‬المرحلة ‪ :1‬من سنة ‪ 2000‬إلى ‪ 2006‬في هذه المرحة شهدت معدالت التضخم في إفريقيا إنخفاضا كبي ار إذ‬
‫سجل نسبة ‪ %5.62‬من مستوى األسعار وهذا ما يعود باإليجاب على اإلقتصادات المحلية ‪.‬‬
‫‪-‬المرحلة ‪ :2‬من ‪ 2006‬إلى ‪ 2017‬في هذه المرحلة تميزت بفترات إرتفاع معدالت التضخم لتشهد أعلى قيمة‬
‫لها سنة ‪ 2008‬و ‪ 2017‬بمعدل يقدر ب ‪ 10.8‬و ‪ 13.1‬على التوالي‪.‬‬
‫المرحلة ‪ :3‬من ‪ 2017‬الى ‪ 2021‬شهدت هذه المرحلة إنخفاض متوسط معدل التضخم في إفريقيا بنسب كبيرة‬
‫ومن المتوقع أن تسجل سنة ‪ 2022‬ما نسبته ‪ %7.6‬من التغير في مستوى األسعار‪.‬‬
‫‪ -3‬الصادرات‪ :‬تشهد السنوات األخيرة إنتعاشا كبي ار في الصادرات اإلفريقية كما هو موضح في الشكل رقم(‪)02‬‬

‫‪19‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫الشكل رقم(‪ :)02‬تطور الصادرات في إفريقيا بين ‪2020-1980‬‬

‫المصدر‪www.dataportal.opendataforafrica.org:‬‬
‫من خالل الشكل رقم (‪ )02‬نالحظ أن قيمة الصادرات اإلفريقية شهدت إرتفاعا كبي ار من سنة ‪ 1980‬إلى‬
‫غاية سنة ‪ 2008‬بسبب ظهور الدول النفطية كالجزائر ونيجيريا التي ساهمت في زيادة قيمة الصادرات اإلفريقية‬
‫حيث سجلت سنة ‪ 662 2008‬مليار دوالر أمريكي إال أنه انخفضت سنة ‪ 2009‬إلى ‪ 477‬مليار دوالر‬
‫أمريكي بسبب األزمة العالمية و تأثيرها على اإلقتصاد العالمي‪ ،‬وارتفعت قيمة الصادرات إلى ‪ 783‬مليار دوالر‬
‫سنة ‪ 2012‬كأعلى قيمة لها في السنوات السابقة وهذا راجع إلى اإلنتعاش اإلقتصادي العالمي و إرتفاع أسعار‬
‫النفط‪ ،‬وانخفضت قيمة الصادرات بعد سنة ‪ 2012‬حتى ‪ 2016‬لتسجل قيمة قدرها ‪ 456‬مليار دوالر‪ .‬ومن‬
‫المتوقع أن ترتفع سنة ‪ 2020‬لتصل إلى قيمة ‪ 512‬مليار دوالر و ‪ 617‬مليار دوالر سنة ‪ 2022‬بعد أن‬
‫شهدت أنخفاضا كبي ار في سنة ‪ 2019‬بسبب تداعيات فيروس كورونا‪.‬‬
‫‪ -4‬الواردات‪ :‬تشهد السنوات األخيرة إرتفاعا في الواردات اإلفريقية كما هو موضح في الشكل رقم(‪)03‬‬

‫‪20‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫الشكل رقم (‪ :)03‬تطور قيمة الواردات اإلفريقية بين ‪2022-1980‬‬

‫المصدر‪www.dataportal.opendataforafrica.org:‬‬
‫من خالل الشكل رقم(‪ )03‬نالحظ أن واردات إفريقيا في إرتفاع مستمر بسبب إزدياد عدد السكان وارتفاع‬
‫مستوى الطلب لدى الدول اإلفريقية وغياب اإلنتاج والتنوع اإلقتصادي وشهدت أعلى قيمة لها سنة ‪ 2014‬ب‬
‫‪ 753‬مليار دوالر أمريكي‪ ،‬وسنة ‪ 2019‬ب ‪ 713.5‬مليار دوالر ومن المتوقع أن تصل سنة ‪ 2022‬إلى قيمة‬
‫‪ 754‬مليار دوالر‪.‬‬
‫‪ -5‬اإلستثمار‪:‬‬
‫تمتلك إفريقيا عدة إستثمارات أجنبية في القارة من مختلف دول العالم سواء دول أوروبية كفرنسا و بريطانيا‬
‫و تركيا و دول أسيوية كالهند و الصين و الشكل الموالي يوضح أكثر ‪ 5‬دول إمتالكا لإلستثمار األجنبي‬
‫المباشر‪.‬‬
‫الشكل رقم(‪ :)04‬أكثر‪ 5‬دول إفريقية إستقباال لإلستثمار األجنبي المباشر سنة ‪ 2017‬و ‪( 2018‬الوحدة بليون‬
‫دوالر)‪.‬‬

‫المصدر‪.www.unctad.com:‬‬

‫‪21‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫من خالل الشكل نالحظ مصر تمتلك أكبر إستثمارات أجنبية مباشرة في إفريقيا بقيمة قدرت سنة ‪2018‬‬
‫ب ‪ 6.8‬بليون دوالر أمريكي بعدما كانت سنة ‪ 2017‬تقدر ب ‪ 7.4‬بليون دوالر و تليها جنوب إفريقيا ب ‪5.3‬‬
‫بليون دوالر ومن بعدها كل من الكونغو والمغرب و إثيوبيا ب ‪ 4.3‬و ‪ 3.6‬و‪ 3.3‬بليون دوالر على التوالي‪.‬‬
‫و ارتفعت اإلستثمارات األجنبية المباشرة في شمال إفريقيا لتسجل قيمة ‪ 14‬بليون دوالر سنة ‪ ،2018‬فيما سجلت‬
‫منطقة جنوب الصحراء قيمة ‪ 32‬بليون دوالر أمريكي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المتغيرات اإلجتماعية‬
‫‪-1‬عدد السكان ‪ :‬تعتبر قارة إفريقيا من أكثر القارات نموا في معدل السكان وثاني أكثر قارة عددا بعد قارة اسيا‬
‫والشكل التالي يوضح نمو عدد السكان في إفريقيا من ‪ 2011‬إلى ‪2020‬‬
‫الشكل رقم(‪ :)05‬نمو عدد السكان في إفريقيا ‪2022-2011‬‬

‫المصدر‪www.dataportal.socialdataforafrica.com:‬‬
‫من خالل الشكل رقم (‪ )05‬نالحظ أن نمو السكان في إفريقيا يشهد ارتفاعا كبي ار مع مرور السنوات ففي‬
‫سنة ‪ 2011‬كان عدد السكان تقريبا مليار و‪ 70‬مليون نسمة واستمر في اإلرتفاع و سجل في سنة ‪ 2019‬عدد‬
‫سكان يقدر ب مليار و ‪ 300‬مليون نسمة و من المتوقع أن يصل عدد السكان سنة ‪ 2020‬إلى مليار و ‪340‬‬
‫مليون نسمة تقريبا‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫الجدول رقم(‪ :)04‬نمو عدد السكان حسب المناطق في إفريقيا (المليون نسمة)‪:‬‬

‫المناطق‬
‫السنوات‬
‫‪2015‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2020‬‬
‫شمال إفريقيا‬ ‫‪187.1‬‬ ‫‪190.4‬‬ ‫‪193.6‬‬ ‫‪196.8‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪203‬‬
‫جنوب إفريقيا‬ ‫‪190.1‬‬ ‫‪194.4‬‬ ‫‪198.8‬‬ ‫‪203.2‬‬ ‫‪207.6‬‬ ‫‪212.1‬‬
‫وسط إفريقيا‬ ‫‪126.9‬‬ ‫‪130.7‬‬ ‫‪134.5‬‬ ‫‪138.5‬‬ ‫‪142.5‬‬ ‫‪146.7‬‬
‫شرق إفريقيا‬ ‫‪331‬‬ ‫‪340.1‬‬ ‫‪349.4‬‬ ‫‪358.8‬‬ ‫‪368.3‬‬ ‫‪378‬‬
‫غرب إفريقيا‬ ‫‪349.1‬‬ ‫‪358.6‬‬ ‫‪368.2‬‬ ‫‪378‬‬ ‫‪388‬‬ ‫‪398.2‬‬
‫من خالل الجدول السابق نالحظ أن غرب إفريقيا يمتلك أعلى معدل نمو سكان وأكثرهم كثافة حيث قدرت‬
‫اإلحصائيات في سنة ‪ 2015‬ب ‪ 349.1‬مليون نسمة و تليها منطقة شرق إفريقيا ب ‪ 331‬مليون نسمة و ثم‬
‫منطقة جنب إفريقيا ب ‪ 190.1‬مليون نسمة ثم منطقة شمال إفريقيا ووسط إفريقيا ب ‪ 187.1‬و ‪ 126.9‬مايون‬
‫نسمة على التوالي‪ ،‬لتواصل هذه األرقام في اإلرتفاع مع مرور السنوات ومن المتوق أن تصل سنة ‪ 2020‬إلى‬
‫‪ 398.2‬في غرب إفريقيا كأعلى قيمة ن ‪ 398‬مليون نسمة ثم تليها منطقة شرق إفريقيا ب ‪ 378‬مليون نسمة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬عوامل ضعف التنمية في إفريقيا‪:‬‬

‫يمكن إرجاع عوامل غياب التنمية ومعيقاتها في إفريقيا إلى عوامل داخلية وأخرى خارجية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬العوامل الداخلية‪:‬‬


‫تنوع المناخ‪ ،‬كثرة الموارد‪ ،‬التركيبة السكانية‪ ،‬فهي‬
‫تتمتع القارة اإلفريقية بخصوصية من حيث البنية التحتية‪ّ ،‬‬
‫تم استغالل هذه‬
‫تضم تكوينات مجتمعية مختلفة‪ ،‬وثقافات متعددة‪ ،‬تشتمل على لغات وعادات متنوعة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫ّ‬
‫االختالفات وتعبئتها داخليا‪.‬‬
‫‪ - 1‬العوامل الطبيعية‪:‬‬
‫تعد القارة اإلفريقية واحدة من أكثر القارات تعرضا للتغيرات والتقلبات المناخية‪ ،‬وهذا ما يتسبب في غياب‬
‫القدرةعلى التكيف في العديد من القطاعات االقتصادية الرئيسة في إفريقيا‪ ،‬مما ساهم في تفاقم حجم األضرار‬
‫والتحديات التنموية‪ ،‬كالفقر المدقع ومحدودية الحصول على رأس المال‪ ،‬باإلضافة إلى تدهور النظم األيكولوجية‪،‬‬
‫وبخاصة الجزء الجنوبي من القارة‪ ،‬والذي شهد في السنوات األخيرة أعقد الصراعات والنزاعات الداخلية بفعل‬
‫ّ‬
‫غياب األمن الغذائي والبحث عن الموارد‪ ،‬نتيجة تضرر القطاع الزراعي والفالحي في عدة أجزاء من القارة‪،‬‬
‫كإقليم دارفور بالسودان‪ ،‬مالي‪ ،‬الصومال‪ ،‬وغيرها منالمناطق التي تشهد حالة الجفاف والتصحر في ربوع القارة‪.‬‬
‫‪-2‬العوامل المجتمعية‪:‬‬

‫‪ 1‬نقال عن موقع‪ http://www.investad.com/Portal/africa_addons/InvestAD_EIU_Africa_Report_2012_AR. :‬تمت المعاينة يوم‬


‫‪2021/05/19‬على الساعة‪.22:55 :‬‬

‫‪23‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫إن غياب الدولة ومؤسساتها هو العامل األساسي الذي يؤدي إلى غياب التنمية‪ ،‬والسبب راجع إلى العجز‬
‫عن توفير االستقرار السياسي‪ ،‬نتيجة فقدان دورها األساسي المتمثل في تلبية مطالب المواطنين‪ ،‬وهذا ما يدفع‬
‫بهم إلى التمرد والدخول في صراعات من أجل الحصول على المواردنتيجة للتهميش والشعور باإلقصاء وتردي‬
‫شرعية النظام السياسي‪ ،‬خاصة في الدول المتعددة األعراق واإلثنياتولع ّل أبرز مثال على ذلك‪ :‬ما يحدث من‬
‫صراعات داخلية في السودان‪ ،‬مثل نزاع دارفور‪ :‬هو نزاع قائم على غياب األمن الغذائي باألساس‪ ،‬مما دفع‬
‫بالقبائل غير العربية إلى التمرد نتيجة شعورها باإلقصاء والتهميش من حيث السياسات التنموية‪ ،‬والخلل في ذلك‬
‫يعود إلى السياسات االقتصادية الحكومية التي لم تكن في المستوى‪ ،‬وتميزت بالعشوائية‪ ،‬فبالرغم من ارتفاع‬
‫معدل النمو االقتصادي من ‪1995‬م إلى ‪2009‬م بعد اكتشاف النفط بالسودان‪ ،‬فإن حكومة الدولة لم تستطع‬
‫ا الستفادة من مداخيل صادرات هذا المورد بطريقة فعالة‪ ،‬نتيجة مواصلة اتباع النموذج االقتصادي الرأسمالي‬
‫نفسه الذي ساد أثناء حكم االستعمار‪ ،‬كذلك دون إهمال تراجع وانخفاض اإلنتاج الزراعي لصالح اإلنتاج‬
‫الصناعي‪.‬‬
‫فطبيعة الدولة اإلفريقية‪ ،‬بحكم تاريخها االستعماري‪ ،‬جعلها مجرد نسخة إفريقية لدولة المستعمر‪ ،‬حيث‬
‫ٍ‬
‫بثقافة غربية‪ ،‬حرصت على تنفيذ‬ ‫حافظت على مؤسساته نفسها التي تركها‪ ،‬وأبقت على نخبة سياسية مشبعة‬
‫مخططات التبعية‪ ،‬ومن ثم وسعت الهوية بين الفرد والدولة‪ ،‬وجعلته يبحث عن هويته وذاته بعيداً عنها‪ ،‬وهذا ما‬
‫جعل العديد من الدول‪ ،‬على غرار بورندي وافريقيا الوسطى وكينيا‪ ،‬تعاني من أزمة الهوية وانعدام االستقرار‬
‫السياسي‪.‬‬
‫وباستثناء تنزانيا‪ ،‬لم تتمكن دولة في شرق إفريقيا ووسطها من تحقيق التجانس العرقي‪ ،‬ففي الوقت الذي زاد‬
‫فيه العداء العرقي في كينيا‪ ،‬نجحت تنزانيا في تحقيق التعايش السلمي بين المجموعات العرقية والدينية‪ ،‬فتعدد‬
‫قبائلها‪ ،‬والذي بلغ ما يقارب الـ ‪ 100‬قبيلة‪ ،‬لم يمنعها من تحقيق المساواة والتداول السلمي للسلطة‪ ،‬والتناوب‬
‫على الحكم بين المسلمين والمسيحيين‪ ،‬وانما جعل منها نموذجا لالستقرار السياسي والتعايش الديني في إفريقيا‬
‫واستط اعت أن تعكس هذا النجاح السياسي والمجتمعي اقتصاديا‪ ،‬فاليوم تنزانيا أصبحت من أسرع االقتصادات‬
‫نموا في إفريقيا الشرقية‪ ،‬حيث بلغ معدل إنتاجها المحلي ‪ %6.9‬في ‪ ،2014‬كما نجحت في تطوير اقتصاداتها‬
‫التحويلية والصناعية‪ .‬وحتى إن لم تنجح في تحقيق مراتب أعلى اقتصاديا وتنمويا بفعل تآكل بنيتها التحتية‬
‫وارتفاع معدالت الفقر‪ ،‬فإن ذلك لن يعيق مسارها التنموي‪ ،‬ففي السنوات المقبلة ستكون في وضع أمثل ألن‬
‫التحدي الرئيس ومشكلة الهوية وأزمة التوزيع تجاوزته‪ ،‬يبقى فقط مشكلة التكنولوجيا وتطوير البنى التحتية وتوفير‬
‫فرص العمل والخدمات‪ ،‬وهذا ليس باألمر الصعب عندما تتوافر اإلرادة الحقيقية لبلوغ مستويات أفضل تنمويا‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -3‬العوامل السياسية‪:‬‬

‫خيري عبد الرزاق جاسم‪ ،‬التجربة الديمقراطية في موريتانيا دراسة في اإلصالح السياسي‪ ،‬مجلة دراسات دولية‪ ،‬العدد ‪ ،43‬موريطانيا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪،2020‬ص ‪.112‬‬

‫‪24‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫إن السبب الرئيسي الذي أدى إلى تغييب عنصر «التنمية االقتصادية» في القارة راجع إلى انشغال القوى‬
‫السياسية بالسلطة بدال من التركيز في مواضيع ومجاالت التنمية االقتصادية‪ ،‬فلتحقيق غرض الوصول إلى‬
‫السلطة نفذت العديد من األساليب من بينها‪ :‬التمرد‪ ،‬العصيان المدني‪ ،‬الحروب األهلية‪ ،‬االنقالبات العسكرية‪،‬‬
‫وهذه األخيرة تعد من سمات القارة اإلفريقية‪ ،‬حيث كانت تتم اإلطاحة باألنظمة عبر الجيوش وباستغالل الضعف‬
‫االقتصادي كسبب لتنحية النخب التي ال تخدم المصالح العسكرية‪ ،‬وهذا ما ساد في كل من أوغندا في ديسمبر‬
‫‪1999‬م‪ ،‬وغينيا بيساو ‪2003‬م‪ ،‬ومصر ‪2012‬م‪ ،‬ومن هنا تظهر سيطرة المصالح الضيقة على حساب مصالح‬
‫الشعوب ورفاهيتهم االقتصادية‪ ،‬وتفشي الفساد ونخره لكل األجهزة السياسية داخل الدول اإلفريقية‪.‬‬
‫كما يمكن إرجاع سبب غياب التنمية االقتصادية في إفريقيا إلى غياب أحزاب سياسية فعلية‪ ،‬ألن الواقع يؤكد أن‬
‫استقرار النظم ال سياسية مرتبط بقوة األحزاب وليس بطبيعة النظام الحزبي‪ ،‬فال يهم إن كان أحاديا أو تعدديا‪ ،‬ما‬
‫دام الهدف هو الوصول إلى السلطة‪ ،‬وتحقيق التداول‪ ،‬وتقديم البرامج والبدائل إليجاد الحلول وتحقيق التنمية‬
‫بمختلف مجاالتها‪.‬‬
‫اعتمدت معظم الدول اإلفريقية على نظام الحزب الواحد استكماال لمسيرة النضال الثوري للحزب الذي ساهم‬
‫في تحرير البالد من المستعمر‪ ،‬وبذلك أخذ على عاتقه اتباع االستقالل السياسي بالتحرر االقتصادي‪ ،‬ولكن لم‬
‫تنجح تلك األحزاب ال في تحقيق التنمية وال في ضمان االستقاللية وانما حافظت على نهج المستعمر وفي الوقت‬
‫نفسه حققت مصالحه بالوكالة‪.‬‬
‫وفي هذا السياق يمكن اإلشارة إلى طبيعة األنظمة السياسية الهجينة التي تحكم الدول اإلفريقية حيث لم تعد‬
‫ديكتاتورية وال ديمقراطية في الوقت نفسه‪ ،‬بل حصرت الدولة في شخص الرئيس وحاشيته والمستفيدين منه‪،‬‬
‫فلغرض اإلبقاء على السلطة تم تبني حيلة تعديل الدستور لالستمرار في الحكم‪ ،‬إضافة إلى تزوير االنتخابات‬
‫النظم االنتخابية وفق ما يتالءم مع طموحات القادة والنخب‪ ،‬وهذا ما يستدعي تجديد نمط الثقافة‬ ‫وتعديل ّ‬
‫السلطوية‪ ،‬وتبني الخيارات الديمقراطية لتجسيد سياسة التوافقات‪ ،‬وفتح المجال لتطوير البنى التحتية‪ ،‬ودفع عجلة‬
‫التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -4‬العوامل االقتصادية واالجتماعية‪:‬‬
‫إن أكبر معيقات التنمية االقتصادية في إفريقيا ترتبط بعدم توفر خريطة استثمارية متكاملة توضح مختلف‬
‫األنشطة في مجال االستثمار‪ ،‬وكذا ضعف البنية التحتية للقارة اإلفريقية وغياب المنشآت والمواصالت الحديثة‪،‬‬
‫فبرغم التحسينات فال تزال القارة بعيدة عن الوضع األمثل‪ ،‬إلى جانب عدم االهتمام الكافي بمستوى التدريب‬
‫التقني والفني‪ ،‬وبالتالي غياب يد عاملة إفريقية مؤهلة‪.‬‬
‫إن مؤشر الفقر في البلدان اإلفريقية أعلى بكثير مقارنة ببقية المناطق النامية األخرى‪ ،‬حيث يقدر عدد‬
‫احد في اليوم حوالي ‪ %46‬من إجمالي سكان القارة‪ ،‬وهذا بالرغم من التحسينات‬ ‫الر و ٍ‬
‫الفقراء الذين يعيشون بدو ٍ‬

‫الصادق محمود عبد الصادق‪ ،‬مقومات ومعيقات التنمية االقتصادية في إفريقيا‪ :‬نظرة جغرافية‪ ،‬مجلة الجامعة األسمرية‪ ،‬العدد ‪ ،2011 ،21‬ص‪.383‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪25‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫نمو الناتج المحلي اإلجمالي إلفريقيا في السنوات األخيرة‪ ،‬ويعود ذلك لفقدان غالبية الشباب لوظائف‬
‫الكبيرة في ّ‬
‫ومصادر دائمة للدخل‪ ،‬فمن بين التحديات االقتصادية التي تعانيها إفريقيا نجد انخفاض اليد العاملة في قطاعات‬
‫النمو‪ ،‬وتمركز معظم العاملين في مجال الزراعة‪ ،‬ولكن نظ ار للتقلبات المناخية فإن القارة عرفت انخفاضا في‬
‫مستوى اإلنتاج الزراعي‪ ،‬ومن ثم لم تتمكن من توظيف المواطنين وال تحسين دخلهم الفردي في الوقت نفسه‪.‬‬
‫ويعود سبب تأثر الجانب االقتصادي في القارة اإلفريقية إلى غياب التجهيزات المالئمة لإلنتاج الزراعي‬
‫السياسيين في إفريقيا بتبني مشاريع التنمية الوطنية بما في‬
‫ّ‬ ‫وعدم االستفادة من فرص العولمة‪ ،‬وعدم اهتمام القادة‬
‫ذلك استراتيجيات الحد من الفقر‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ثانيا‪ :‬العوامل الخارجية‪:‬‬
‫ال يمكن حصر المعيقات الخارجية للتنمية في االستعمار التاريخي فحسب‪ ،‬فاليوم لم تعد إفريقيا مستعمرة‬
‫أوروبية فقط‪ ،‬وانما هي كذلك مح ّل تنافس من ِقبل أقطاب دوليةأخرى عبر الشركات متعددة الجنسيات وضغوط‬
‫المؤسسات المالية الدولية بفعل تراكم الديون على الدول اإلفريقية‪ ،‬وبهذا أصبحنا نتحدث عن نمط إحتالليحديث‬
‫ّ‬
‫يتم بواسطة الغزو الثقافي واالقتصادي لخدمة مصالح الدول الصناعية الكبرى‪.‬‬
‫لذا فإن إثارة المشكالت‪ ،‬وتعددية النزاعات والصراعات‪ ،‬ومحاربة اإلرهاب‪ ،‬ما هي إال استراتيجيات غربية لتوفير‬
‫المواد الخام لصناعتها وتهيئة السوق لسلعها ومنتجاتها بقصد إبقاء دول القارة في استهالك مستمر لمنتجات‬
‫الشركات الغربية‪ ،‬أضف إلى ذلك أن األطماع واالستراتيجيات والمخططات تزداد وتتسع كلما زاد الفقر والجهل‬
‫والحروب داخل دول القارة اإلفريقية‪.‬‬
‫أما مساهمة إفريقيا في التجارة الدولية فتقدر بنسبة ‪ %2‬فقط مقارنة بآسيا وأمريكا الالتينية اللتين تساهمان بـ‬
‫‪ %17‬و ‪ %5‬على التوالي‪ ،‬هنا يتضح فارق تهميش القارة اإلفريقية من حيث التجارة الدولية وهي التي تش ّكل‬
‫نسبة ‪ %60‬من دخلها إضافة إلى انخفاض معدل االستثمار األجنبي إلى ‪ %15‬فقط‪.‬‬
‫أن كال العاملين الداخلي والخارجي يساهمان في عرقلة المسيرة التنموية اقتصاديا في‬
‫وانطالقاً من ذلك يظهر ّ‬
‫إفريقيا‪ ،‬فالبيئة الداخلية بطبيعتها وتركيبتها عمقت من أزمة القارة اقتصاديا زيادة على مخلفات االستعمار الذي‬
‫نموها وبالتالي أبقى الدول اإلفريقية في مرحلة اإلنتاج بدال من‬
‫تسبب في تفكيك البنية التحتية للدولة وعطل ّ‬
‫التصنيع‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تجربة منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬
‫تعيش القارة اإلفريقية تحوال كبي ار في المجال اإلقتصادي من خالل إنشاء منطقة للتبادل الحر من شأنها‬
‫المساهة في انعاش القارة اإلفريقية ومنحها عدة مزايا تمكنها من المنافسة على المستوى العالمي ومساهمتها في‬
‫تطوير اإلستثمار داخل القارة ‪.‬وقد تم تقسيم هذا المبحث إلى ‪ 4‬مطالب المطلب األول يتناول مفهوم منطقة‬

‫خطاري ولد أحمد ولد أبيه‪ :‬دور السياسات االقتصادية في مكافحة الفقر في موريتانيا‪ ،‬مجلة جامعة القدس المفتوحة والدراسات اإلدارية واالقتصادية‪، ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ ،03‬جوان ‪ ،2015‬ص‪.182‬‬

‫‪26‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫التبادل الحر القارية اإلفريقية‪ ،‬المطلب الثاني يتناول نشأة منطقة التبادل الحر القارية وأهدافها‪ ،‬والمطلب الثالث‬
‫يتناول مبادئ منطقة التبادل التبادل الحر القارية اإلفريقية أما المطلب الرابع و األخير يتناول المزايا التي تمنحها‬
‫منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية لدول القارة اإلفريقية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬

‫منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية عبارة عن منطقة تجارة حرة تضم في عضويتها كامل الدول اإلفريقية‬
‫(‪ 55‬دولة)‪ ،‬تهدف هذه المنطقة إلى إزالة كافة الضرائب الجمركية وغير الجمركية أمام التجارة البينية اإلفريقية‪.‬‬
‫وبالتالي خلق سوق قاري لكافة السلع و الخدمات داخل القارة اإلفريقية يضم أكثر من مليار نسمة ويفوق حجم‬
‫الناتج المحلي له ‪ 3‬ترليون دوالر‪ .‬مايؤدي إلى إنشاء إتحاد جمركي إفريقي تطبق من خالله تعريفة جمركية‬
‫‪1‬‬
‫موحدة اتجاه واردات القارة اإلفريقية من الخارج‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نشأة منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأهدافها‬

‫أوال‪ :‬نشأة منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬


‫مر تطور منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية بمرحلتين أساسيتين هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬مرحلة المفاوضات‪:‬‬
‫في جانفي ‪ 2012‬بأديسابابا بأثيوبيا خالل القمة العادية الثامنة عشر لإلتحاد اإلفريقي التي عقدت تحت‬
‫عنوان تعزيز التجارة البينية في إفريقيا أكدت دول اإلتحاد اإلفريقي على ضرورة المضي قدما نحو التكامل‬
‫اإلقليمي ومحاولة الوصول إلى إلنشاء إتحاد جمركي في القارة اإلفريقية مرو ار بمنطقة التجارة الحرة القارية‬
‫كخطوة أولية تنفيدا لمعاهدة أبوجا المؤسسة للجماعة اإلقتصادية اإلفريقية في ‪ 3‬جوان ‪ 1991‬التي تقضي إلى‬
‫هدف رئيسي يتمثل في إنشاء إتحاد جمركي إفريقي بحلول العام ‪ ،2035‬وفقا لخطة إستراتيجية تقوم على ‪4‬‬
‫مراحل وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعزيز المجموعات اإلقتصادية اإلقليمية داخل القارة‪.‬‬
‫ب‪ -‬تأسيس إتحاد جمركي قاري‪.‬‬
‫ج‪ -‬تطبيق سياسات قطاعية مشتركة‪.‬‬
‫د‪ -‬إنشاء سوق مشتركة إفريقية‪.‬‬
‫وتمثل الهدف في هذه المرحلة في إطالق المفاوضات لمنطقة التجارة الحرة القارية و إبرام اتفاقية تجارية‬
‫شاملة من شأنها زيادة التجارة البينية في القارة اإلفريقية‪ ،‬وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة في إفريقيا والتغلب‬
‫على اإلعتماد على تصدير المنتجات األساسية باإلضافة إلى حل مشكلة التحديات المتعلقة بتعدد وتداخل‬

‫‪ 1‬وليد حفاف‪ ،‬مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية (المزايا و التحديات)‪ ،‬مجلة العلوم اإلقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬قالمة‪،‬‬
‫‪ ،2020‬ص ‪.601‬‬

‫‪27‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫العضوية واإلسراع بعمليات التكامل اإلقليمي والقاري‪ .‬وكان اإلنطالق الفعلي لمفاوضات إنشاء منطقة التبادل‬
‫الحر القارية اإلفريقية في ‪ 2015‬من طرف اإلتحاد اإلفريقي كما أكد اإلتحاد على ضرورة التعجيل في‬
‫المفاوضات وتكليف رئيس دولة النيجر (مامادو إيسوفو) بالترويج لمشروع منطقة التبادل الحر القارية وضرورة‬
‫احترام اجال التوقيع عليها‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحلة التأسيس والمصادقة ‪:‬‬
‫بعد محادثات دامت ‪ 6‬سنوات وخالل الدورة اإلستثنائية لالتحاد األفريقي في ‪ 21‬مارس ‪ 2018‬المنعقدة‬
‫بالعاصمة الرواندية كيغالي تم اطالق منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية وتوقيع اإلتفاق المؤسس لهذه المنطقة‬
‫الذي تم التوقيع عليه من طرف ‪ 49‬دولة عضوا في اإلتحاد اإلفريقي وصادقت عليه ‪ 8‬دول وتتطلب اإلتفاقية‬
‫إزالت ما نسبته ‪ %90‬من التعريفات الجمركية بين الدول األعضاء بهدف إستحداث سوق قارية موحدة مع حرية‬
‫تنقل رجال األعمال والمستثمرين وتسهيل إنشاء اإلتحاد الجمركي القاري اإلفريقي‪ ،‬وتطوير التجارة داخل القارة‬
‫‪1‬‬
‫من خالل تنسيق السياسات التجارية وتحريرها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬
‫تتمثل األهداف الرئيسية منطقة التبادل الحر اإلفريقية حسب مديرية الشؤون القانونية والمعاهدات لالتحاد‬
‫‪2‬‬
‫اإلفريقي فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬خلق سوق موحدة للسلع والخدمات تسهل تنقل األشخاص من جل تعميق التكامل اإلقتصادي للقارة اإلفريقية‬
‫وفقا للرؤية اإلفريقية المتمثلة في (إفريقيا متكاملة ومزدهرة ومسالمة)‪.‬‬
‫‪ -‬تسهيل اإلستثمارات المبنية على المبادرات و التطورات في الدول اإلطراف والمجموعات اإلقتصادية اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ -‬إرساء األسس إلقامة إتحاد جمركي قاري وسوق مشتركة قارية موحدة في مرحلة الحقة‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين القدرة التنافسية للدول األعضاء داخل القارة في السوق العالمية‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع وتحقيق التنمية اإلجتماعية واإلقتصادية المستدامة والشاملة والمساوات بين األجناس‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع الصناعة المحلية من خالل تنويع المنتجات وتنمية الزراعة داخل القارة‪.‬‬
‫‪ -‬اإللغاء التدريجي للحواجز و الرسوم الجمركية وغير الجمركية التي تعترض التجارة داخل القارة‪.‬‬
‫‪ -‬التحرير التدريجي لتجارة الخدمات و اإلستفادة من تجارب بعض الدول داخل القارة‪.‬‬
‫‪ -‬التعاون في مجال اإلستثمار وحقوق الملكية الفكرية‪.‬‬
‫‪ -‬التعاون في المسائل المتعلقة بالتجارة والمسائل الجمركية بهدف تيسير التجارة بين الدول‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء إطار مؤسسي لتنفيذ وادارة منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وضمان استم اررياتها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مبادئ منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬

‫‪1‬‬
‫ياسين شكيمة‪ ،‬دور الجزائر في إنشاء منطقة التبادل التجاري الحر في إفريقيا‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة ضمن يوم دراسي حول دور الجزائر في التكامل‬
‫اإلقليمي‪ 11 ،‬ديسمبر ‪ ،2018‬الجزائر‪ ،‬ص ص ‪.5-4‬‬
‫‪ 2‬وليد حفاف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.603-602‬‬

‫‪28‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫تخضع منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية للمبادئ التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬تقودها الدول األعضاء في اإلتحاد اإلفريقي‪ :‬أي أن هذه المنطقة تقودها مجموعة الدول األعضاء في‬
‫اإلتحاد اإلفريقي وتتحكم في إدارتها هذه الدول وتضع القوانين الخاصة بها فيما يتعلق بالسياسات التجارية بين‬
‫الدول األعضاء داخل منطقة التبادل الحر اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -2‬المرونة والمعاملة الخاصة والتفاضلية‪ :‬وتعني إعطاء الدول األقل نموا داخل المنطقة مرونة كبيرة فيما يتعلق‬
‫بتنفيد االلتزامات ومن جانب اخر تعطي الحق للدول األكثر نموا في معاملة الدول األقل نموا بصورة تفضيلية‬
‫واعطاء وقت أكثر واعفاءات جمركية أقل للدول األقل نموا‪.‬‬
‫‪ -3‬الشفافية والكشف عن المعلومات‪.‬‬
‫‪ -4‬الحفاظ على المكتسبات‪.‬‬
‫‪ -5‬معاملة الدولة األولى بالرعاية‪ :‬أي أن تمنح الدولة المستقبلة للسلع جميع المزايا التجارية المذكورة والمتفق‬
‫عليها بين الدول داخل منطقة التبادل الحر اإلفريقية على حساب الدول األخرى الموجودة خارج التكل مثل‬
‫التعريفات الجمركية المنخفضة ‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ -6‬المعاملة الوطنية‪ :‬الذي يمنح المنتجات والخدمات األجنبيةالمستوردة من الدول داخل منطقة التبادل الحر‬
‫القارية حق المساواة في النفاذ لألسواق مع مثيالتها الوطنيةأي معاملة المنتجات مثل المنتجات المحلية في‬
‫السوق المحلية‪.‬‬
‫‪ -7‬مبدأ المعاملة بالمثل‪ :‬هو أداة توازن بين أطراف العالقات القانونية الدولية باعتباره يهدف إلى إقامة عالقة‬
‫بين الحقوق وااللتزامات أي أنه يجب على الدول داخل منطقة التبادل الحر القارية المحافظة على حقوقها‬
‫والتزاماتها اتجاه الدول األعضاء فيما يخص السياسات التجارية خاصة تلك المتعلقة بالتعريفات الجمركية والغير‬
‫الجمركية‪.‬‬
‫‪ -8‬توافق اآلراء في صنع القرار‪ :‬أي توافق إرادات الدول و صناع القرار داخل التكتل من أجل إنجاح سير‬
‫التكتل والبحث عن تطوير هذا اإلندماج ليصبح أكثر تكامال وتجانسا وتماسكا‪.1‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مزايا وفرص منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬

‫ال شك أن إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية سيوفر العديد من المزايا والفرص االقتصاديات الدول‬
‫اإلفريقية إذا آ منت تلك الدول بتجسيدها على ارض الواقع وسعت إلى تذليل كل العراقيل والصعوبات التي‬
‫ستواجهها‪ ،‬ل تصبح أحد المحركات الرئيسية لخلق النمو االقتصادي والتصنيع والتنمية المستدامة للقارة‪ .‬وتشمل‬
‫تلك المزايا والفرص فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬المملكة المغربية‪ ،‬مديرية الشؤون القانونية والمعاهدات‪ ،‬القانون رقم ‪ ،19.11‬المؤرخ في ‪ 21‬مارس ‪ ،2018‬المتعلق باإلتفاق المؤسس لمنطقة التجارة الحرة‬
‫القارية اإلفريقية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬رقم ‪ ،19‬الموافق ل‪ 24‬يونيو ‪ ،2020‬المادة ‪ ،6‬ص ص ‪.7-6‬‬

‫‪29‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫دخلت اتفاقية التجارة الحرة القارية اإلفريقية حيز التنفيذ في ‪ 30‬ماي ‪ ،2019‬بعد أن صادقت عليها ‪23‬‬
‫دولة إفريقية‪ ،‬وهو ما تخطى النصاب القانوني المطلوب ‪ 22‬دولة لتصبح بذلك أكبر اتفاقية األسواق التجارة‬
‫الحرة في العالم‪ ،‬بعدد مستهلكين يصل إلى ‪ 1.2‬مليار نسمة‪ ،‬ويناتج إجمالي محلي يتخطى ‪ 3.4‬تريليون دوالر‪،‬‬
‫ما يمثل (‪ )3%‬من الناتج اإلجمالي العالمي‪.‬‬
‫وتهدف هذه االتفاقية على ضرورة إلزام الدول األعضاء بها على خفض الرسوم الجمركية بين الدول‬
‫األفريقية بما يقارب ‪ ،90 %‬بحيث يؤدي ذلك إلى خفض أسعار السلع وسهولة اإلجراءات الروتينية التي تؤدي‬
‫إلى ضياع الكثير من الوقت بين البلدان اإلفريقية‪ ،‬على أن تحصل الدول على خمس سنوات كفترة تهيئة‬
‫التحقيق هذه النسبة‪ ،‬بينما الدول األفريقية األقل نمو فقد حصلت على ‪ 10‬سنوات كفترة تهيئة للوصول إلى تلك‬
‫النسبة‪.‬‬
‫ومن المتوقع أن تصبح منطقة التجارة الحرة القارة اإلفريقية لعبة تغيير جديدة ألفريقيا ومحركا رئيسيا للنمو‬
‫االقتصادي والتصنيع والتنمية المستدامة للقارة تماشيا مع أجندة االتحاد األفريقي ‪ )AU( 2063‬من أجل "إفريقيا‬
‫التي نريد "وجدول أعمال األمم المتحدة ‪ ،2030‬من خالل إلغاء التعريفات وازالة الحواجز غير التعريفية‪ ،‬ومن‬
‫المتوقع أن تتصدى اتفاقية التجارة الحرة ألفريقيا (‪ )FCFTA‬لفتح األسواق األفريقية ودعم خلق بيئة أعمال مواتية‬
‫للتجارة البينية األفريقية‪.‬‬
‫وتشكل نسبة التجارة البينية األفريقية حاليا ما يقارب ‪ ،%17‬وهي نسبة ضعيفة للغاية إذا ما قورنت ب‬
‫‪ %59‬في قارة آسيا‪ ،‬و‪ %69‬في أوروبا‪ ،‬وكما يتضح من الشكل رقم (‪ )06‬فإن ‪ %83‬من تجارة القارة تذهب‬
‫إلى خارجها‪ ،‬مما يعني أن بلدان العالم األخرى خاصة االتحاد األوروبي والواليات المتحدة والصين في المستفيد‬
‫األكبر من صادرات وواردات الدول األفريقية‪ ،‬لذا تأتي اتفاقية التجارة الحرة القارية لتقديم مزيدا من العون للدول‬
‫األفريقية نحو تحقيق مزيد من التكامل االقتصادي‪ ،‬إذ يتوقع الخبراء االقتصاديون أن هذه االتفاقية سوف تزيد‬
‫حجم التجارة البينية األفريقية بنسبة تتراوح بين ‪ %15‬أو (‪ 50‬مليار دوالر) و ‪ %25‬أو (‪ 70‬مليار دوالر)‬
‫بحلول عام ‪ 2040‬وهذا فقط بسبب إزالة التعريفات‪ ،‬واذا تم تنفيذ التجارة البينية بشكل جيد فيمكن أن تشكل ما‬
‫يصل مابين ‪ %40‬إلى ‪ %50‬من الصادرات بحلول عام ‪ 2040‬بزيادة عن النسبة الحالية البالغة ‪ 17‬في‬
‫المائة‪ ،‬ومع ذلك فإن االختبار الحقيقي التفاقية التجارة الحرة األفريقية الكبرى سيكون مدى سرعة قيام البلدان‬
‫األفريقية بتسريع تنويع الصادرات وتطوير المنتجات‪ ،‬وجعل التجارة أكثر شموال‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫الشكل رقم (‪:)06‬التجارة البينية بين دول إفريقيا و العالم مقارنة بالقارات األخرى‬

‫المصدر‪www.brookings.edu :‬‬
‫وقد تبين أن السلع المصنعة في التجارة األفريقية البينية ال تساهم سوى ب ‪ ،%42‬بينما تنخفض القيمة إلى‬
‫‪ % 15‬فيما يتعلق بالعالم الخارجي‪ ،‬األمر الذي يعني أن القارة ال تساهم بنسبة كبيرة في سالسل اإلنتاج‬
‫العالمية‪ ،‬ويشكل نصيب أفريقيا من الصادرات اإلجمالية في تدفقات التجارة العالمية ‪ %4.3‬مما بعد كذلك في‬
‫غاية االنخفاض م قارنة باألقاليم األخرى‪ ،‬ويواجه المصدر األفريقي معدالت حماية جمركية مطبقة على المواد‬
‫غير الزراعية تبلغ في المتوسط ‪ .%7.8‬وهي أعلى مما يواجه نفس المصدر عندما يقوم بالتصدير إلى أوروبا‬
‫أو الواليات المتحدة‪ ،‬وتقوم التجارة فيما بين االقتصادات الرئيسية ألفريقيا التي ال تتبع نفس المجموعة‬
‫االقتصادية اإلقليمية على أساس مبدأ الدولة األولى بالرعاية‪ ،‬وبالتالي يمكننا القول أن هذا الواقع التجاري بين‬
‫الدول األفريقية يتطلب ببساطة فعل الكثير من أجل التوصل إلى إطار يتيح تخفيض الرسوم الجمركية وازالة‬
‫الحواجز غير الجمركية وألية قائمة على القواعد من أجل تنفيذ العقود وفض المنازعات الزواي‪ ،)2019 ،‬وقد‬
‫جاءت منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية لتقديم فرص جديدة لتبادل المنتجات الصناعية من خالل التجارة‬
‫البيئية اإلفريقية‪ ،‬حيث يتوقع أن ترتفعنسبة تبادل في المنتجات الصناعية ما بين ‪ %25‬أو ( ‪ 36‬مليار دوالر) و‬
‫‪ %30‬أو ( ‪ 44‬مليار دوالر) في عام ‪ ،2040‬وستكون كل من المنسوجات والمالبس والجلود والخشب والورق‬
‫والمركبات ومعدات النقل واإللكترونيات والمعادن المستفيد األكبر من غيرها من إنشاء منطقة التجارة الحرة‬
‫القارية األفريقية‪ ،‬بينما سترتفع منتجات الطاقة والتعدين بنسبة تتراوح ما بين ‪ %5‬أو ( ‪ 4.5‬مليار دوالر) و‬
‫‪ %11‬أو (‪ 9‬مليارات دوالر) بحلول عام ‪.2040‬‬
‫كما يتوقع أن توفر منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية إمكانات خاصة للمنتجات الزراعية‪ ،‬ففي عام‬
‫‪ 2015‬أتفقت البلدان األفريقية حوالي ‪ 63‬مليار دوالر على واردات األغذية والى حد كبير كان مصدرها من‬
‫خارج القارة ‪ ،‬وتتوقع دراسات النمذجة للجنة االقتصادية ألفريقياأنه بحلول عام ‪ 2040‬ستزيد اتفاقية التجارة الحرة‬
‫ألفريقيا التجارة البينية األفريقية في المنتجات الزراعية بنسبة تتراوح بين ‪ %20‬أو(‪ 9.5‬مليار دوالر) و‪ %30‬أو‬
‫(‪ 17‬مليار دوالر) مع تحقيق أعلى المكاسب في السكر والخضروات والفواكه والمكسرات والمشروبات ومنتجات‬
‫األلبان‪ .‬ومن المتوقع أيضا أن تساعد االتفاقية من التوسع في الوصول إلى األسواق الخارجية سواء على‬

‫‪31‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫الصعيدين اإلقليمي والدولي وبالتالي توليد إيرادات إضافية للدولة مع زيادة دخل المزارعين وتوسيع قدراتهم على‬
‫‪1‬‬
‫االستثمار في القطاع الزراعي‪.‬‬

‫وليد حفاف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.611-609‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪32‬‬
‫اإلندماج اإلقتصادي و دور إفريقيا في تحقيقه‬ ‫الفصل األول‬

‫خالصة الفصل‪:‬‬
‫يتحقق التكامل اإلقتصادي لمجموعة من الدول عند المستوى الذي يتناسب وظروفها اإلقتصادية‬
‫االجتماعية والسياسية‪ ،‬لذلك ينبغي عند الشروع في إجراءات الدخول في تكامل أو اتحاد إقتصادي أن يأخذ بعين‬
‫االعتبار مجموعة الخصائص اإلقتصادية للبلدان الراغبة في التكامل‪ ،‬وأن توضع مسبقا مجموعة األهداف التي‬
‫ينبغي الوصول إليها‪ ،‬والنتائج التي سيتم الوصول إليها ينبغي أن تأثر إيجابا على كل دولة داخل هذا التكامل‬
‫بالتساوي‪ ،‬وأن تحقق نتيجة مرضية تنبثق عن الغرض الذي جاء من أجله هذا التكامل‪ ،‬وذلك بغض النظر عن‬
‫الشكل الذي قام به هذا التكامل سواء كان يقوم على الشروط التقليدية‪ ،‬أو الشروط الحديثة للتكامل‪ ،‬فرغم كل‬
‫االختالفات النظرية والتطبيقية للتكامل اإلقتصادي ما يزال جوهر هذا المصطلح يحمل معنی راسخ ال يحيد عن‬
‫التحرر اإلقتصادي واالنفتاح نحو العالم الخارجي‪ ،‬والتعاون من أجل النهوض باإلقتصاد الوطني والعالمي‪.‬‬

‫وقد أشرنا في هذا الفصل إلى تجربة منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية مع تبيان طبيعة اإلقتصاد‬
‫اإلفريقي والم شاكل التي يعاني منها‪ ،‬مع تأكيد على أن هذه المنطقة هي السبيل لتطوير إفريقيا وذلك لما تمنحه‬
‫من فرص لدول القارة ومحاولة معالجة التحديات التي ستواجه هذه المنطقة في ظل اإلقتصاديات اإلفريقية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬

‫المبحث األول‪ :‬التطور التاريخي لإلقتصاد الجزائري‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلصالحات اإلقتصادية و اإلنفتاح على إقتصاد‬

‫السوق‬

‫المبحث الثالث‪ :‬إمكانيات الجزائر و خصائصها اإلقتصادية‬


‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تمهيد‬

‫تقع الجزائر شمال قارة إفريقيا وهي أكبر دول القارة من حيث المساحة حيث تبلغ مساحتها حوالي‬
‫‪ 2.381.741‬كم ‪ ،‬اقتصادها كغيره من اقتصاديات باقي الدول لديه خصائص معينة و أيضا نقاط قوة و نقاط‬
‫ضعف ‪ ،‬فهو اقتصاد غني بالثروات من نفط وغاز و المعادن و غيرها من الخيرات ‪ ،‬أما أكبر نقطة ضعف‬
‫يعاني منها في كونه اقتصاد ريعي يعتمد بدرجة كبيرة على المحروقات‪.‬‬
‫مر اإلقتصاد الجزائري منذ االستقالل بعدة مراحل سعيا وراء تحقيق التنمية و النمو ‪ ،‬ساهمت هذه المراحل‬
‫في تغيير الق اررات و األنظمة فتبنت الدولة المخططات التنموية ثم تحولت من اإلقتصاد الموجه إلى اقتصاد‬
‫السوق‪.‬‬
‫وقوع الدولة في الديون و تعثرها عن السداد دفع بها إلقامة إتفاقيات مع صندوق النقد الدولي نتج عن هذه‬
‫األخيرة تبعية إقتصادية و إضطرابات إجتماعية من فقر و بطالة و تدهور للقدرة الشرائية للمواطن‪.‬‬
‫وعلى الرغم من خصائصه و جل المراحل التي مر بها يحاول االقتصاد الجزائري اإلندماج في اإلقتصاد‬
‫العالمي وتبني سياسات جديدة من أجل التنمية و مسايرة الظروف التي تفرضها العولمة‪.‬‬
‫وقد تم تقسيم الفصل إلى ‪ 3‬مباحث هي‪:‬‬
‫‪ -‬المبحث األول يتناول التطور التاريخي لإلقتصاد الجزائري‬
‫‪ -‬المبحث الثاني يتناول اإلصالحات اإلقتصادية التي شهدتها الجزائر واإلنفتاح على إقتصاد السوق‬
‫‪ -‬المبحث الثالث يتحدث عن إمكانيات الجزائر وخصائصها اإلقتصادية‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث األول‪ :‬تطور االقتصاد الجزائري‬


‫مر اإلقتصاد الجزائري بعدة محطات مند اإلستقالل‪ ،‬حيث طرأت عليه عدة تحوالت منذ اإلستقالل إلى‬
‫تبني النظام اإلشتراكي ثم النضام الرأسمالي وتبني سياسات إقتصادية مرو ار بمرحلة التنمية الالمركزية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلقتصاد الجزائري غداة اإلستقالل ‪1962‬‬

‫لقد ورثت الجزائر منظومة اقتصادية خاضعة تماما لحاجات االقتصاد الفرنسي ‪ ،‬كانت عام ‪ 1962‬ما‬
‫‪1‬‬
‫يقارب ‪ % 85‬من الصادرات موجهة إلى فرنسا و كانت ‪ % 80‬من الواردات تأتي منها‪.‬‬
‫قامت الدولة باتخاذ أول إجراء و هو اعالن امالك المعمرين " دون مالك " و قررت حضر جميع الصفقات‬
‫التي تمس األمالك دون مالك و ذلك بغية اجتناب تحويل قيمتها إلى فرنسا و وضع حاجز لهروب رؤوس‬
‫‪2‬‬
‫األموال‪.‬‬
‫أما من الناحية االقتصادية فقد ترك االستعمار اقتصادا عديم القاعدة الصناعية ‪ ،‬فقد توقف اإلنتاج في‬
‫الكثير من الوحدات الصناعية بسبب مغادرة ‪ 9/10‬من المستوطنين المشرفين على المصانع إضافة إلى تهريب‬
‫األموال إلى الخارج و المقدرة ب ‪ 110‬مليار فرنك و التهرب من تسديد ‪ 20‬مليار فرنك كدين مما تسبب في‬
‫إخالء الخزينة و امتناع البنوك األجنبية من تقديم قروض و تمويل المشاريع‪.‬‬
‫إضافة إلى تخريب المؤسسات الصناعية و الطرق و تدمير ‪ 8000‬قرية و حرق ‪ 3000‬هكتار من الغابات‬
‫و سلب و قتل الماشية فالتنمية االقتصادية غداة االستقالل كانت وفقا للمنهج االشتراكي حسب توجهات مؤتمر‬
‫طرابلس الذي ركز على التخطيط االقتصادي للموارد الجزائرية و التسيير االشتراكي للمؤسسات مع التصنيع‬
‫الشامل ‪ ،‬فتحقيق التنمية المتوازنة بين كل فروع االقتصاد في كل مناطق الدولة ببناء المجتمع االشتراكي و قبل‬
‫أن تشرع الدولة في التغطية قامت بعدة إجراءات منها‪:‬‬
‫‪ -‬تأميم أراضي المستعمرين و تطبيق النظام الذاتي طبقا للمرسوم ‪.1963‬‬
‫‪ -‬تأميم البنوك و إصدار العملة الجزائرية سنة ‪.1963‬‬
‫‪ -‬إيجاد خلطة سياسة حاكمة تخضع لمصالح الشعب بعين اإلعتبار و إنشاء مؤسسات وطنية هامة كما ظهرت‬
‫شركات وطنية من أبرزها شركة سوناطراك سنة ‪ ، 1963‬كما كان التمييز للصناعات التقليدية إضافة إلى كل‬
‫ذلك تأميم المتجر سنة ‪ 1966‬وكان قد سبقه اتفاقات بترولية جديدة في سبتمبر ‪.1965‬‬
‫‪ -‬تأميم المناجم سنة ‪ ، 1966‬باإلضافة إلى تأميمات أخرى كما قامت بعدة تنظيمات داخلية‪.‬‬
‫إن اختيار االشتراكية جاء في العديد من النصوص السياسية ابتداء من مؤتمر الصومام ‪ 1956‬الذي‬
‫أعطى اإلشارة على التسيير الذاتي للمؤسسات ‪ ،‬ويتأكد االتجاه نحو االشتراكية بعد مؤتمر الصومام في جميع‬
‫المواثيق الوطنية ‪ ،‬إبتداء من ميثاق طرابلس للحكومة المؤقتة في جوان ‪ ، 1962‬وميثاق الجزائر ‪، 1964‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد هني‪ ،‬اقتصاد الجزائر المستقلة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،1993 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪23‬‬

‫‪35‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والميثاق الوطني ‪ 1976‬و الذي ترتكز أطروحاته حول التصنيع في الفصلين المتعلقين ب " الثورة الصناعية " و‬
‫" األهداف الكبرى للتنمية "‬
‫أوال‪ -‬ميثاق طرابلس ‪:1962‬‬
‫قامت بإعداده جبهة التحرير الوطني وتبناه المجلس الوطني للثورة في جوان ‪ ،1962‬وينص هذا المشروع‬
‫على أن‪":‬التنمية الحقيقية للبالد على المدى الطويل كوثيقة الصلة بإقامة صناعات قاعدية ضرورية لتلبية‬
‫احتياجات زراعية عصرية ‪ ،‬ولهذا الغرض ‪ ،‬توفر الجزائر إمكانات ضخمة للصناعات البترولية وصناعة الحديد‬
‫والصلب ‪ ،‬وفي هذا المجال ‪ ،‬يتعين على الدولة أن توفر الشروط الالزمة إلنشاء صناعة ثقيلة ‪ ،‬ويجب أن ال‬
‫تساهم الحكومة في إقامة قاعدة صناعية لصالح البرجوازية المحلية على غرار ما حدث في عدة بلدان السيما‬
‫عندما تستطيع أن تضع حدا لتنميتها باتخاذ إجراءات مالئمة"‪.‬‬
‫من هذا البرنامج يمكن أن نستخلص ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إن التنمية الحقيقية للبلد تكون عن طريق بناء صناعة قاعدية وهذا لوجود موارد طبيعية متوفرة في البلد‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة ربط القطاع الصناعي بالقطاع الزراعي ‪ ،‬بمعنى منتجات الصناعة القاعدية تكون متجهة لتلبية‬
‫احتياجات القطاع الزراعي‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة تدخل الدولة في تحقيق تلك التنمية لعدم قدرة رأس المال الخاص على القيام بهذه المؤسسات‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬ميثاق الجزائر‪:1964‬‬
‫قامت به جبهة التحرير الوطني وتبناه المؤتمر األول لجبهة التحرير الوطني في أفريل ‪ ، 1964‬ونص هذا‬
‫الميثاق على أن السياسة االقتصادية للبالد يمكن إدراجها في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬خلق مناصب عمل جديدة طبقا لما تسمح به الربحية العامة للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬توفير مواد االستهالك المحلي ‪ ،‬وهذا يعني تخفيض استيراد مواد االستهالك وزيادة تصدير المواد نفسها ‪،‬‬
‫ونتيجة لهذا العمل يجب أن تظهر أيضا في تمهيد وسائل جديدة لإلنتاج الفالحي ووضع قاعدة لتطويرها‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة مجمعات جديدة كقاعدة لبناء صناعة ثقيلة في الجزائر ‪ ،‬غير أن إقامة مثل هذه المجمعات يستلزم‬
‫‪1‬‬
‫توفير أسواق كبيرة لضمان الربحية المرجوة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬السياسة االقتصادية الجزائرية بين ‪1979 -1967‬‬
‫في المرحلة الممتدة بين أواخر ‪ 1980-1966‬إتسم اإلقتصاد الجزائري بنظام مركزي موحد في جميع‬
‫القطاعات اإلقتصادية ‪ ،‬ومعتمدا على التخطيط المركزي في تحقيق التنمية اإلقتصادية ‪ ،‬حيث حددت أهدافها‬
‫‪2‬‬
‫في تلك المرحلة حسب منظار السلطة في‬

‫‪1‬‬
‫لريبي محمد‪ ،‬سفير لخضر‪" ،‬االصالحات االقتصادية و أثرها على االقتصاد الجزائري"‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الليسانس علوم اقتصادية‪ ،‬جامعة سعيدة‪،‬‬
‫‪ ،2009-2008‬ص‪.04‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.06‬‬

‫‪36‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-1‬تحقيق مستوى معيشي مالئم للعمال و ذلك برفع إنتاجية العمل ‪ ،‬وتحقيق التوازن بين المدينة والريف ‪ ،‬إلى‬
‫جانب التوازن بين مختلف األقاليم المكونة للدولة ‪ ،‬وكذلك تخصيص موارد االستثمار للقطاعات التي قد تساعد‬
‫على تلبية تلك الحاجات األساسية‪.‬‬
‫‪-2‬تحقيق االستقالل االقتصادي عن طريق تدعيم االستقالل المالي‪.‬‬
‫‪-3‬بناء اقتصاد حديث يمكن أن يواكب اقتصاديات الدول الصناعية الكبرى‪.‬‬
‫هذه األهداف التي كانت تسعى إلى تحقيقها الدولة الجزائرية في تلك الفترة دفع إلى إجراء تعديالت في مجاالت‬
‫معينة واتباع سياسات جديدة ‪ ،‬ذلك باالعتماد على أسلوب التخطيط المركزي ‪ ،‬والقيام بمخططات تنموية‬
‫متوسطة األجل ‪ ،‬هذا ما يجعل من هذه المرحلة تتميز بكونها مرحلة المخططات ‪ ,‬حيث شهدت ثالثة مخططات‬
‫تنموية ‪ ،‬مخطط ثالثي ‪ ،‬والمخططين الرباعيين األول والثاني‪ .‬واتسمت كذلك هذه المرحلة بتزايد تدخل الدولة‬
‫في جميع نواحي الحياة االقتصادية لضمان تنظيم الحياة االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المخطط الثالثي ‪1967/1969‬‬
‫يعتبر المخطط الثالثي ‪ 1969-1967‬اول مخطط للتنمية في الجزائر بعد اإلستقالل ‪ ،‬و به دخلت البالد‬
‫مرحلة جديدة مليئة بالطموح الكبير لتحقيق تقدم إقتصادي و اجتماعي كبير‪ .‬و لم يكن تطبيق التخطيط قبل هذا‬
‫التاريخ ممكنا نظ ار لعاملين‪:‬‬
‫عامل حداثة عهد الجزائر باالستقالل الذي تحصلت عليه قبل خمس سنوات فقط‪.‬‬
‫عامل انعدام توفر الشروط الموضوعية التي تعطي الدولة قدرة التحكم في القوى االقتصادية الوطنية‪1.‬و يمثل‬
‫هذا التخطيط بالنسبة للدولة عملية حصر لإلمكانيات البشرية و المادية للمجتمع من أجل خلق قدرات عمل‬
‫جديدة في أجال محددة و هي بمثابة فترة زمنية معينة يلتزم فيها المجتمع بتحقيق تلك االستثمارات في أوقاتها‬
‫وقد تكون تلك الفترة سنة إلى ثالث سنوات ‪ ،‬و يكون المخطط حينئذ قصير األجل ‪ ،‬أو ثالث سنوات إلى سبع‬
‫‪2‬‬
‫و يكون المخطط متوسط األجل ‪ ،‬وما بعدها ‪ ،‬و يسمى المخطط بطويل األجل‪.‬‬
‫لقد تركزت إستثمارات هذه الخطة في المجاالت الصناعية األكثر أهمية والضرورية إليجاد قاعدة صناعية‬
‫متكاملة تعمل على تحقيق التنمية الصناعية ‪ ،‬وخصص لهذا الغرض مبلغ ‪ 11,081‬مليار دج کاستثمار في‬
‫‪3‬‬
‫هذه الخطة ‪ ،‬لكن ما نفذ خالل هذه المرحلة بلغ ‪ 9,124‬مليار دج‪.‬‬
‫و الجدول التالي يوضح لنا ذلك‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد بلقاسم حسن بهلول‪" ،‬سياسة تخطيط التنمية و اعادة تنظيم مسارها في الجزائر"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1999 ،‬ص‬
‫‪.160‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.162/161‬‬
‫‪3‬‬
‫لريبي محمد‪ ،‬سفير لخضر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪37‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الجدول رقم(‪ :)05‬هيكل االستثمارات في الخطة الثالثية ‪ 1969/1967‬الوحدة‪ :‬مليار دج‬

‫االستثمارات المنفذة و معدل التنفيد‬ ‫االستثمارات المخططة‬


‫القطاعات‬
‫معدل التنفيذ‬ ‫المبلغ‬ ‫النسبة‪%‬‬ ‫المبلغ‬

‫‪87‬‬ ‫‪4.750‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪5.400‬‬ ‫الصناعة‬

‫‪85.9‬‬ ‫‪1.606‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪1.869‬‬ ‫الفالحة‬

‫‪76‬‬ ‫‪855‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪1.124‬‬ ‫القاعدة الهيكلية‬

‫‪60.2‬‬ ‫‪249‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫‪413‬‬ ‫السكن‬

‫‪77‬‬ ‫‪704‬‬ ‫‪8.2‬‬ ‫‪912‬‬ ‫التربية‬


‫‪71.6‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪127‬‬ ‫التكوين‬
‫‪60‬‬ ‫‪177‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪285‬‬ ‫السياحة‬

‫‪76‬‬ ‫‪229‬‬ ‫‪5.6‬‬ ‫‪295‬‬ ‫الشؤون االجتماعية‬

‫‪70‬‬ ‫‪304‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪441‬‬ ‫االدارة‬

‫‪70‬‬ ‫‪147‬‬ ‫‪1.9‬‬ ‫‪215‬‬ ‫استثمارات مختلفة‬

‫‪82‬‬ ‫‪9.124‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪11.081‬‬ ‫المجموع‬


‫المصدر‪ :‬لريبي محمد‪ ،‬سفير لخضر‪ ،‬االصالحات االقتصادية و أثرها على االقتصاد الجزائري‪(،‬مذكرة‬
‫ليسانس)‪ ،‬علوم اقتصادية‪ ،‬جامعة سعيدة‪ ،2009/2008 ،‬ص‪.7‬‬
‫ويتضح من هذا المخطط أنه مخططا قصير األجل من خالل البيانات المدرجة في الجدول أعاله ‪ ،‬حيث‬
‫نالحظ أن األهمية األولى أعطيت للصناعة إذ حضيت بنسبة ‪ 49‬من مجمل االستثمارات المخططة أي بمبلغ‬
‫‪ 5.400‬مليار دج ‪ ،‬لكن مجموع ما نفذ منها ما نفذ كان ‪ 4.750‬مليار دج أي ‪ 87 %‬من مبلغ الصناعة‬
‫المخطط ‪ ،‬وبفارق كبير جدا تأتي الزراعة في المرتبة الثانية من حيث مبالغ االستثمار المخطط والمقدر ب‬
‫‪ 1.869‬مليار دج بنسبة ‪ 17%‬وهذا ما يوضح التوجه اإلنمائي الذي اختارته الجزائر وهو التصنيع من أجل‬
‫إرساء قاعدة صناعية ترتكز عليها أهداف المخططات الالحقة ‪ ،‬أما بالنظر إلى مجمل االستثمارات المتبقية‬
‫فنالحظ أنه لم يكن هناك تركيز كبير عليها و ذلك بسبب أن البالد كانت قد خرجت من فترة استعمارية وتحتاج‬
‫‪1‬‬
‫إلى قاعدة قوية ترتكز عليها أال وهي الصناعة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬

‫‪38‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪1‬‬
‫ثانيا‪ :‬المخطط الرباعي األول ‪1970/1973‬‬
‫وهو ثاني مخطط تنموي في عهد الجزائر المستقلة و ركز على هدفين اساسين هما ‪ :‬تقوية ودعم بناء‬
‫االقتصاد االشتراكي وتعزيز االستقالل االقتصادي؛‬
‫‪ -‬جعل التصنيع في المرتبة األولى من عوامل التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫إضافة إلى هذين الهدفين إهتم هذا المخطط بتنمية الريف بهدف التوازن بين المناطق الريفية والمدن‪* .‬والمالحظ‬
‫أن حجم االستثمارات المسجلة خالل هذا المخطط تظهر مرتفعة وموزعة على مختلف القطاعات اإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية وعلى مختلف المناطق الجغرافية من التراب الوطني بهدف الوصول إلى مستوى عالي من التقدم‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫إن حجم االستثمارات الثقيلة في هذا المخطط قد ارتفعت عما كانت عليه في المخطط الثالثي ‪ ،‬ويظهر‬
‫ذلك بوضوح في البرامج االستثمارية المحددة التي ترتفع تكاليفها الى ‪ 68.56‬مليار دج ‪ ،‬والسبب في ذلك هو‬
‫أن الدولة قررت إنشاء صناعات جديدة تخص المحروقات ‪ ،‬الفروع الميكانيكية ‪ ،‬وذلك لتقوية الصناعة التي‬
‫انتهجتها الجزائر التي توفر شروط التكامل االقتصادي الداخلي بين القطاعات المختلفة وفروعها‪.‬‬
‫رغم األول وية والسرعة التي يراد بها تطوير القطاع الصناعي فإن الزراعة لم تهمل فقد زادت في هذا‬
‫المخطط عن المخطط الثالثي بنسبة ‪ ، % 62‬وهو ما يفسر اهتمام الدولة بالقطاع الزراعي آنذاك‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ثالثا‪ :‬المخطط الرباعي الثاني ‪1974/1977‬‬
‫يعد هذا المخطط ثالث مخطط تنموي أعدته الجزائر منذ االستقالل ‪ ،‬ويعتبر كمخطط للتنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية على ضوء األفاق طويلة المدى والعبر المستخلصة من تنفيذ المخطط الرباعي األول ‪ ،‬تحليل‬
‫المعطيات الجديدة للبيئة الدولية ‪ ،‬وقد خصص لهذا المخطط مبلغ ‪ 110‬مليار دج برامج االستثمارات العمومية‬
‫‪ ،‬وهو ما يعادل ‪ 12‬مرة الحجم االستثماري التقديري للمخطط الثالثي و ‪ 4‬مرات للمخطط الرباعي األول‪.‬‬
‫وتتلخص أهم اتجاهات وأهداف المخطط الرباعي الثاني فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تدعيم اإلستقالل اإلقتصادي ‪ ،‬وبناء إقتصاد إشتراكي عن طريق زيادة اإلنتاج وتوسيع التنمية بكامل التراب‬
‫الوطني في إطار الخطة اإلجمالية للتنمية ؛‬
‫‪-‬رفع الناتج الداخلي اإلجمالي عند حلول اآلجال الحقيقية ب ‪ 46‬مليار على األقل أي بزيادة يكون معدل‬
‫سرعتها ‪ %10‬سنويا ؛‬
‫‪-‬تدعيم نظام التخطيط قصد تحقيق األهداف التالية ‪ :‬الزيادة في قدرات اإلنجاز ‪ ،‬تحسين تنظيم التسيير للقواعد‬
‫المنتجة‬
‫‪ -‬وضع نظام األسعار وجدول وطني لألجور؛‬

‫‪1‬‬
‫دراوسي مسعود‪ ،‬السياسة المالية و دورها في تحقيق التوازن االقتصادي حالة الجزائر ‪ ،2004-1990‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم‬
‫اإلقتصادية‪،‬كلية العلوم اإلتصادية والتجارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2006/2005 ،‬ص ‪.341‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.342‬‬

‫‪39‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫باإلضافة إلى ما سبق نجد أن هذا المخطط يسعى إلى تحقيق سياسة الالمركزية عن طريق التخطيط‬
‫الشامل ومن ثم تحقيق التوازن الجهوي ‪ ،‬أما اإلستثمارات خالل هذا المخطط عرفت قفزة هائلة من ‪27.75‬‬
‫مليار دج خالل المخطط الرباعي األول إلى ‪ 110.22‬مليار دج ‪ ،‬وقد وزعت هذه االستثمارات بشكل يراعي‬
‫التوازن بين االستثمار في قطاع إنتاج وسائل اإلنتاج ‪ ،‬وفي قطاع إنتاج وسائل االستهالك‪.‬‬
‫إن المحاور األساسية لسياسة المخطط الرباعي الثاني هي االهتمام بالقطاع المنتج مباشرة كأساس مادي لتطوير‬
‫قوى اإلنتاجية والقطاع الصناعي كمحرك للتنمية االقتصادية وقطاع البنية التحتية ‪ ،‬كل هذا يهدف إلى بناء‬
‫دولة ذات إقتصاد مستقل ومجتمع اشتراكي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫رابعا‪ :‬المرحلة التكميلية ‪1978/1979‬‬
‫تعتبر هذه المرحلة بمثابة المرحلة اإلنتقالية التي تم من خاللها إتمام ما تبقى من المخطط الرباعي الثاني‪،‬‬
‫وقد تميزت هذه المرحلة ببرامج استثمارية تتصف ببعض الخصائص وهي‪:‬‬
‫‪-‬الحجم الكبير من االستثمارات الباقي إنجازها من المخطط الرباعي الثاني والمقدرة ب ‪ 190.07‬مليار دج ؛‬
‫‪-‬تسجيل برامج استثمارية جديدة لمواجهة المتطلبات الجديدة للتنمية ؛‬
‫‪-‬أغلب البرامج أعيد تقييمها بسبب التغيرات التي طرأت على األسعار والناتجة عن األزمة الدولية ؛‬
‫إن مجموع اإلستثمارات المسجلة والمعاد تقييمها خالل سنة ‪ 1978‬هي ‪ 5.63‬مليار دج‪ ،‬أما سنة ‪1979‬‬
‫فكانت إنجازاتها المالية قد بلغت ‪ 54.78‬مليار دج من مجموع الترخيص المالي المقدرب ‪ 64.77‬مليار دج‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬االقتصاد الجزائري خالل مرحلة التنمية الالمركزية ‪1989-1980‬‬

‫أوال‪ :‬المخططات التنموية المنفذة في فترة الثمانينات‬


‫‪2‬‬
‫‪-1‬المخطط الخماسي األول ‪:1984/1980‬‬
‫بدأت عملية إعادة الهيكلة باحتشام مع بداية سنة ‪ 1980‬وذلك بوضع المخطط الخماسي األول ‪-1980‬‬
‫‪ ، 1984‬الذي تم تجديد معالمه و توجيهاته خالل المؤتمر االستثنائي لحزب جبهة التحرير الوطني في جوان‬
‫من سنة ‪ 1980‬على أساس تقييم السياسة التنموية التي وضعت من قبل وكذا آفاق العشرية الموالية للتطور‬
‫االقتصادي و االجتماعي المتفق عليه من طرف اللجنة المركزية لحزب جبخة التحرير الوطني في ديسمبر من‬
‫سنة ‪.1979‬‬
‫تمثلت أهم المحاور التي جاءت ضمن هذا المخطط في‪:‬‬
‫‪-‬تغطية كافة االحتياجات االجتماعية في أفاق ‪ 1990‬؛‬
‫‪-‬استثمار القاعدة البشرية للمشروع االجتماعي في كافة القطاعات ؛‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.343‬‬
‫‪2‬‬
‫طريق صدار مسعودة‪ ،‬مسار االصالحات االقتصادية في الجزائر من خالل المؤسسات العمومية االقتصادية الفترة ‪ ،2005/1980‬مذكرة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الماجيستير في العلوم االقتصادية‪ ،‬تخصص تحليل اقتصادي‪،‬كلية العلوم اإلقتصادية والتجارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2009/2008 ،‬ص‪.14/13‬‬

‫‪40‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬توسيع وتنويع اإلنتاج الوطني وتكييفه مع تطور الحاجات الحقيقية والشروط العلمية للتحكم في التنمية ؛ ‪-‬بناء‬
‫سوق داخلية نشطة قادرة على تعزيز االستقالل االقتصادي والسياسي للبلد بصورة متواصلة ودائمة ؛‬
‫‪-‬القضاء على التوترات االجتم اعية والتقليل من القيود االقتصادية التي تحد من التطور االقتصادي واالجتماعي‬
‫كالبيروقراطية ؛‬
‫‪ -‬تركيز النشاطات التنموية على االحتياجات األجتماعية ذات األولوية ومكافحة التضخم وندرة المواد والحد من‬
‫عدم المساواة بين الفئات االجتماعية ؛‬
‫‪-‬تطوير جهاز التربية والتكوين لتوفير الكفاءات الالزمة للتحكم في التطور االقتصادي؛‬
‫‪-‬القيام بأعمال واسعة النطاق التنمية البنيات االقتصادية القاعدية المتصلة بتوفير المياه وانشاء نشاطات زراعية‬
‫وصناعية ؛‬
‫‪-‬إعطاء أولوية في االستثمار للمشاريع الجديدة لتعزيز األداة اإلنتاجية وتدعيمها والبحث عن طاقات جديدة‬
‫التركيز بصورة حازمة على سياسة الالمركزية في تسيير الجهاز االقتصادي واالجتماعي؛‬
‫‪-‬إنشاء المخططات الوالئية والبلدية وتنميتها وتعميمها لتأطير النشاطات وتنظيم العالقات وتحقيق التوازن‬
‫الجهوي تدريجيا ؛‬
‫‪-‬إعطاء القطاع الخاص حقه في المشاركة والمساهمة في المخطط االقتصادي واالجتماعي بمشاركته في‬
‫الصناعات المعنية والميكانيكية والكهرباء مع تفادي قيام هذا القطاع بتالعب أو أي احتكار وذلك عن طريق‬
‫مراقبته وتنظيمه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -2‬المخطط الخماسي الثاني ‪:1989/1985‬‬
‫جاء المخطط الخماسي الثاني لتنفيذ البرامج الرامية إلى تلبية متطلبات البناء االشتراكي وتقوية استقاللية‬
‫االختيارات االجتماعية واالقتصادية للبالد وكان يهدف أساسا إلى‪:‬‬
‫‪-‬تلبية االحتياجات األساسية للسكان الذين بلغت نسبة تزايدهم ‪ % 3.2‬سنويا؛‬
‫‪-‬مواصلة اإلنتاج واالستثمارات لضمان األهداف الرئيسية للعشرية المقبلة؛‬
‫‪ -‬المحافظة على االستقالل االقتصادي واستقاللية قرار الدولة‪ ،‬ال سيما‪ ،‬بالتحكم في التوازنات المالية الخارجية‪.‬‬
‫‪-‬تشجيع القطاع الخاص وادماجه في العملية االقتصادية‪.‬‬
‫كان الهدف من تعزيز اإلصالحات هو تصحيح عدم التوازن الهيكلي العام لالقتصاد الوطني الناتج عن‬
‫عوامل داخلية وخارجية ‪ ،‬هذا ما استلزم مراجعة سريعة لمجمل قواعد سير االقتصاد بالتأكيد على بعض التدابير‬
‫األساسية المتمحورة حول‪:‬‬
‫*خلق شروط وظروف إعادة بعث النمو االقتصادي ‪ ،‬ديناميكية الشغل وتطويره وتطوير االستثمارات في‬
‫المناطق الفقيرة؛‬

‫‪ 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20/19‬‬

‫‪41‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫*التحكم في التوازنات المالية الخارجية ‪ ،‬ال سيما ‪ ،‬بزيادة الصادرات ومراقبة سيرورة المديونية؛‬
‫*حماية الطبقات االجتماعية المتضررة عن طريق توفير المواد االستهالكية بأسعار ثابتة؛‬
‫*استقاللية المؤسسات العمومية لكي تتخلص من كل تبعية إدارية‪ ،‬يمنح لها رأسمال اجتماعي وتسير بمقتضى‬
‫القواعد العامة للتجارة؛‬
‫*توفير كل ميكانيزمات التسوية والتخطيط المرتبطة باإلصالحات في مجال األسعار واالعتماد على التطهير‬
‫المالي للمؤسسات العمومية عن طريق وضع مخطط اقتصادي للتطهير المالي وتنظيم التجارة الخارجية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أسباب تدهور الحالة االقتصادية في الجزائر خالل فترة الثمانينات‬
‫‪ -1‬إنعدام التنويع في الصادرات و إقتصار عملية التمويل على مورد واحد‬
‫‪ -2‬اللجوء المستمر للقروض األجنبية‬
‫‪-3‬وضعية المؤسسات العمومية و المشاكل التي عانت منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬المشاكل المتعلقة بق اررات االستيراد‬
‫ب‪ -‬تحديد أسعار المنتجات العامة‬
‫ج‪ -‬مشكل نسبة التشغيل و تسيير اليد العاملة‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اإلصالحات اإلقتصادية و اإلنفتاح على إقتصاد السوق ‪:1999/1989‬‬
‫دخلت الجزائر بعد ‪ 1989‬في النظام الرأسمالي وتخلت عن النظام اإلشتراكي الذي لم يساعد في النهوض‬
‫باإلقتصاد الوطني‪ .‬وبحدثت الجزائر من خالل إقتصاد السوق عن اآلليات التي يجب توفرها من أجل النهوض‬
‫بالصناعات المحلية وقد تم تقسيم هذا المبحث إلى ‪ 3‬مطالب المطلب األول يتناول التحول من اإلقتصاد الموجه‬
‫نحو إقتصادالسوق‪ ،‬أما المطلب الثاني فيتناول اإلصالحات اإلقتصادية وفق برنامج صندوق النقد الدوليأما‬
‫المطلب الثالث فخصص لإلصالحات اإلقتصادية بعد سنة ‪.2000‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التحول من اإلقتصاد الموجه إلى إقتصاد السوق‬


‫‪1‬‬
‫أوال‪ :‬تحول الجزائر نحو إقتصاد السوق‬
‫في الحقيقة إن فكرة التوجه نحو اإلقتصاد الحر وضرورة فتح المجال أمام القطاع الخاص لإلستثمار الوطني‬
‫واألجنبي أخذت طريقها في النفوس ‪ ،‬أوال بالرغبة إلى الوصول إلى الملكية الفردية ثم طريقها في الواقع أيضا‪.‬‬
‫فقد بدأت بوادره في الظهور ولو في صورة االقتصاد غير الرسمي‪.‬‬
‫لقد عجلت األزمة اإلقتصادية واإلجتماعية وفشل سياسة إعادة الهيكلة في تحقيق الهدف المرجو منها إلى إتخاذ‬
‫إجراءات جذرية من أجل إصالح وضع االقتصاد الوطني واعادة تنظيمه والتحول نحو نظام السوق وخوصصة‬

‫‪1‬‬
‫عيسى مقليد‪ ،‬قطاع المحروقات الجزائرية في ظل التحوالت االقتصادية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجيستير في العلوم االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية‬
‫و علوم التسيير‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،2008/2007 ،‬ص ‪.106‬‬

‫‪42‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المؤسسات العمومية وقد حاولت الجزائر ‪ ،‬في إطار تغيير اتجاه االقتصاد من اقتصاد موجه إلى اقتصاد السوق‬
‫بأقل التكاليف االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬مراعاة إجراءات تحضيرية وتنظيمية وأخذها بعين االعتبار‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪-‬تحضير األطر القانونية المناسبة للنشاط االقتصادي‪.‬‬
‫‪-‬االعتماد على المؤسسة العمومية كعامل أساسي في اإلصالح االقتصادي بوضعها الجديد كمؤسسة مستقلة‬
‫إقتصاديا ‪ ،‬وتحريرها من الممارسات البيروقراطية وتمكينها من التعامل الحر في إتخاذ الق اررات في الجانب‬
‫االقتصادي ‪ ،‬على أن ال يتناقض دورها الجديد مع السياسة العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ -‬اعتبار القطاع الخاص في مجمله إستراتيجية مستقبلية متبناة وكبديل للقطاع العام ‪ ،‬لكن دون التضحية‬
‫بالمؤسسات العمومية بحجة تحقيق هدف الخوصصة فقط وبأي ثمن‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهم مبررات الخوصصة‬
‫مفهوم الخوصصة ويقال لها أيضا(الخصخصة) و تعني تحويل االقتصاد الوطني الى "اقتصاد يعتمد على‬
‫القطاع الخاص بصورة أساسية وهذا عن طريق بيع األصول والوحدات اإلنتاجية المملوكة كليا أو جزئيا للقطاع‬
‫العام" ‪ ،‬وهذا معناه إنهاء الدور األساسي للقطاع العام المهيمن على الحياة االقتصادية باالعتماد على القطاع‬
‫الخاص و على المبادرة الفردية كإستراتيجية جديدة‪.‬‬
‫ويمكن أن نذكر مبررات اختيار الذهاب إلى خوصصة المؤسسات العمومية في الجزائر ( وهي تبريرات قد ال‬
‫تخص الجزائر وحدها ) ونوجزها في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬اهتمام ا لمؤسسة العمومية بأنشطة غير مالئمة في بعض األحيان لطبيعتها االقتصادية ‪ ،‬حيث ارتفعت‬
‫المصروفات اإلدارية بسب زيادة العمال فوق الحاجة مما أدى إلى انخفاض كفاءتها ‪ ،‬ولذا يجب تغيير دور هذه‬
‫المؤسسات بحيث تكون لها ق ارراتها المستقلة بعيدا عن بيروقراطية اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬الم ؤسسات الخاصة تعمل بفاعلية أكبر من المؤسسات العمومية بمعاينة النتائج ميدانيا ‪ ،‬وهذا سيسمح بوفرة‬
‫الموارد الالزمة وتحقيق معدالت اقتصادية مرتفعة ؛‬
‫‪ -‬إن عملية خوصصة المؤسسات العمومية ستؤدي إلى خفض العجز المتكرر في ميزانية الدولة التي كانت‬
‫الضامن ألجور العمال وتغطية العجز ‪ ،‬وذلك سيوفر عائدات أساسية لخزينة الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسات العمومية تعاني من ضعف القدرة اإلنتاجية ومن تراكم الديون وسوء التسيير ‪ ،‬مما يعني أن‬
‫التخلص منها بالخوصصة سيحقق لها قد ار كبي ار من النجاعة في التسيير ‪ ،‬وضمان بقاء هذه المؤسسات‬
‫واستمرارها والمحافظة على أكبر قدر من مناصب العمل‪.‬‬
‫‪ -‬الخوصصة في النهاية مطلب عالمي ‪ ،‬فرضتها شروط العولمة والنظام االقتصادي الدولي الجديد ‪ ،‬فليس‬
‫هناك هامش واسع للحركة والمناورة خارج شروط المؤسسات الدولية كمنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد‬
‫الدولي الذي وضع شرط الخوصصة كإستراتيجية أساسية لتلقي المعونات المالية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.107‬‬

‫‪43‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬اإلصالحات اإلقتصادية وفق برنامج صندوق النقد الدولي‬


‫أوال‪ :‬اتفاقيات الجزائر و صندوق النقد الدولي ‪1991/1989‬‬
‫إن تعثر الجزائر في تسديد ديونها و أعبائها جعلها تتجه نحو نادي باريس إلعادة جدولة ديونها و محاولة‬
‫استرداد الثقة االئتمانية لها و اشترط الدائنون ضرورة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي كشرط مسبق‬
‫ألي تفاوض ‪ ،‬و نشطت المفاوضات بين الحكومة الجزائرية من جهة و صندوق النقد الدولي من جهة أخرى و‬
‫تم التوقيع على عدة برامج تخص اإلصالح اإلقتصادي بهدف القضاء على االختالل االقتصادي الداخلي و‬
‫الخارجي و إعادة تخصيص الموارد االقتصادية لرفع كفاءة االقتصاد الجزائري و تحريره باالعتماد على آليات‬
‫‪1‬‬
‫السوق و الحد من دور الدولة في الحياة االقتصادية‪.‬‬
‫وفيما يلي أهم البرامج‪:‬‬
‫‪ -1‬إتفاق اإلستعداد اإلنتماني األول ‪:1989/05/31‬‬
‫إن العالقة المباشرة للجزائر بصندوق النقد الدولي ترجع إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي مما أدى‬
‫إلى وجود مجموعة من االتفاقات بين الجزائر و الصندوق ‪ ،‬بعضها نفذ جزئيا و البعض اآلخر لم يجد مجاال‬
‫للتطبيق ألسباب عديدة حتى إبرام هذا االتفاق و هو البرنامج الذي نال حظه من التطبيق ‪ ،‬في ضوء األزمة‬
‫االقتصادية الحادة التي واجهت الجزائر في نهاية الثمانينات ومع توقف منح القروض و المساعدات االقتصادية‬
‫الجديدة للجزائر‪ ،‬و إصرار الجهات المانحة لهذه القروض على التوصل إلى اتفاق مع الهيئات المالية الدولية‬
‫أدى بال جزائر إلى اللجوء إلى هيئة صندوق النقد الدولي حاملة رسالة النية و الرضوخ للمبادئ العامة للصندوق‬
‫نتيجة زيادة المديونية الخارجية مع أن أهداف و محتوى االتفاق يرمي إلى تطبيق شرطية الصندوق من صرامة‬
‫في تطبيق السياسة النقدية ‪ ،‬و تخفيض سعر الصرف و قيمة الدينار و الفتح التدريجي لألسواق المالية الدولية ‪،‬‬
‫و عليه تم صدور قانون النقد و القرض "يعتبر القانون ‪ 10-90‬المتعلق بالنقد و القرض ‪ ،‬نصا تشريعيا يعكس‬
‫حق االعتراف بأهمية المكانة التي يجب أن يكون عليها النظام البنكي ‪ ،‬و يعتبر من القوانين التشريعية‬
‫األساسية لإلصالحات ‪ ،‬با إلضافة إلى أنه أخذ باألحكام التي جاء بها قانون اإلصالح النقدي لسنة ‪ 1986‬و‬
‫القانون المعدل و المتمم لسنة ‪.1988‬‬
‫حمل القانون في طياته أفكار جديدة فيما يتعلق بتنظيم النظام المصرفي و أدائه‪ "2.‬الذي يهدف إلى الحد‬
‫من زيادة القروض إلى المؤسسات العمومية و مراقبة المنظومة البنكية" و إن إجراءات هذا االتفاق تمثلت‬
‫فيمايلي‪:‬‬
‫‪ -‬تطبيق األسعار الحقيقة على السلع و الخدمات و ذلك برفع الدعم التدريجي على المواد المدعمة و من خالل‬
‫قانون المالية لسنة ‪ 1990‬تراجعت الجزائر عن دعم القروض الموجهة للمؤسسات العمومية وادخال بعض‬
‫التعديال ت على القانون التجاري و خاصة فيما يخص السجل التجاري ‪ ،‬استحداث اإلطار القانوني للمؤسسات‬

‫‪1‬‬
‫مدني بن شهرة‪ ،‬سياسة االصالح االقتصادي في الجزائر و المؤسسات المالية" مطبعة دار هومه‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪2‬‬
‫بلعزوز بن علي‪ ،‬محاضرات في النظريات و السياسات النقدية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪.186‬‬

‫‪44‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المتوسطة و الصغيرة ‪ ،‬إصدار بعض األحكام الجبائية ‪ ،‬اعتماد الوكالء لدى مصالح الجمارك و منح رخص‬
‫االستيراد للمتعاملين الخواص و هذا من شأنه أنه يمهد للتحرير التدريجي للتجارة الخارجية‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء تغييرات هيكلية في مجال السياسة النقدية و ذلك بصدور قانون النقد و القرض الذي يرمي إلى التخلص‬
‫من مهمة التمويل المباشر للمؤسسات العمومية و فتح الفضاء الجزائري إلى اعتماد المؤسسات المالية األجنبية‬
‫كما أن هذا القانون يهدف إلى الحد من توسع القرض الداخلي و العمل على جلب الموارد االدخارية و عدم‬
‫اللجوء إلى إصدار النقد‪ .‬و ذلك للتخفيف من معدل التضخم حيث تحرير أسعار الفائدة الدائنة و المدينة بنسبة‬
‫‪1‬‬
‫‪ % 20‬و رفع سعر إعادة الخصم مع إنشاء سوق مشتركة بين البنوك‪.‬‬
‫وأهم مبادئ هذا القانون‪:‬‬
‫*منح البنك المركزي االستقاللية التامة‪.‬‬
‫*إعطاء أكثر حرية للبنوك التجارية في المخاطرة و منح القروض لألشخاص و المؤسسات‪.‬‬
‫*تناقص التزامات الخزينة العمومية في تمويل المؤسسات العمومية‪.‬‬
‫*محاربة التضخم و مختلف أشكال التسربات‪.‬‬
‫*وضع نظام مصرفي فعال من أجل تعبئة و توجيه الموارد‪.‬‬
‫*وضع هيئة جديدة على رأس المنظومة المصرفية تسمى"مجلس النقد و القرض"‪.‬‬
‫*السماح بإنشاء بنوك تجارية أجنبية منافسة تنشط وفق قوانين جزائرية‪.‬‬
‫إن مدة االتفاق المقدرة بسنة لم تكن كافية من أجل استقرار االقتصاد الجزائري بحيث أنه خالل هذه المدة‬
‫سجلت ارتفاع اإليرادات الجبائية بالنسبة إلجمالي الناتج الداخلي من ‪ %27.6‬سنة ‪ 1989‬إلى ‪ %28.4‬سنة‬
‫‪ 1990‬و تقليص الطلب اإلجمالي بعد فرض بعض القيود على الواردات‪ ،‬تراجع حجم االستثمارات العمومية‪،‬‬
‫استهالك احتياطات الصرف التي انتقلت من ‪ 8.6‬مليار دوالر إلى ‪ 0.73‬مليار دوالر نتيجة تخفيض خدمة‬
‫الدين مع زيادة المديونية الخارجية بحيث انتقلت من ‪ 26.859‬مليار دوالر‬
‫سنة ‪ 1989‬م إلى ‪ 28.379‬مليار دوالر سنة ‪ 1990‬كما انتقل معامل السيولة النقدية من ‪ % 83.68‬في سنة‬
‫‪2‬‬
‫‪ 1988‬م إلى ‪ % 52‬سنة ‪1991‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬إتفاق اإلستعداد االئتماني الثاني ( ‪:)1991/06/03‬‬
‫تم االتفاق على االستعداد االئتماني الثاني بين صندوق النقد الدولي والجزائر بتاريخ ‪ 03‬جوان ‪، 1991‬‬
‫حيث تم تحرير رسالة في ‪ 27/04/1991‬ثم بموجبه تقديم ‪ 300‬مليون وحدة حقوق سحب خاصة مقسمة على‬
‫أربعة شرائح كل شريحة بمبلغ ‪ 75‬مليون وحدة حقوق سحب خاصة‪.‬‬
‫‪-‬الشريحة األولى‪ :‬جوان ‪1991‬‬

‫‪1‬‬
‫مدني بن شهرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪2‬‬
‫بلمقدم مصطفى‪ ،‬أبو شعور راضية‪ ،‬تقييم أداء المنظومة المصرفية الجزائرية"‪ ،‬مطبوعة ملتقى‪ ،‬المنظومة المصرفية الجزائرية و التحوالت االقتصادية‪ ،‬واقع‬
‫و تحديات"‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬شلف‪ ،‬الجزائر‪ 15-14 ،‬ديسمبر ‪ ،2004‬ص ‪.23‬‬

‫‪45‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-‬الشريحة الثانية‪ :‬سبتمبر ‪1991‬‬


‫‪-‬الشريحة الثالثة‪ :‬ديسمبر ‪1991‬‬
‫‪-‬الشريحة الرابعة‪ :‬مارس ‪1992‬‬
‫حيث الشريحة الرابعة لم يتم سحبها لعدم احترام الحكومة آنذاك محتوى االتفاقية المبرمة مع الصندوق‬
‫النقدي الدولي إذ قامت الحكومة بإجراءات لمحاولة امتصاص الغضب االجتماعي إذ شكلت أعباء على الخزينة‬
‫أ‪ -‬أهداف اتفاق االستعداد االئتماني الثاني‪:‬‬
‫‪ -‬التقليص من حجم تدخل الدولة في االقتصاد‪ ،‬وترقية النمو االقتصادي‪ ،‬عن طريق تفعيل المؤسسات‬
‫االقتصادية العمومية منها والخاصة ‪ ،‬حيث على هذه األخيرة أن تسعى لتوزيع صادرتها قصد التحقيق من‬
‫هشاشة التوازن الخارجي‪.‬‬
‫‪ -‬تحرير التجارة الخارجية والداخلية ‪ ،‬من خالل العمل على تحقيق قابلية تحويل الدينار‪.‬‬
‫‪ -‬ترشيد االستهالك واالدخار عن طريق الضبط اإلداري ألسعار السلع والخدمات وكذلك أسعار الصرف وتكلفة‬
‫النقود‪.‬‬
‫و لتحقيق هذه األهداف قامت الحكومة بوضع مجموعة من اإلجراءات‪:‬‬
‫اإلجراءات النقدية في هذا البرنامج تنحصر فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحويل العديد من السلع ‪ ،‬من نظام األسعار المراقبة إلى نظام األسعار ذات الهامش األقصى ‪ ،‬وتحويل‬
‫العديد من السلع إلى نظام األسعار المصرحة ‪ ،‬وهذا في إطار القانون ‪.12/89‬‬
‫‪ -‬العمل على الحد من الكتلة النقدية(‪ )M2‬بجعلها في حدود ‪ 41‬مليار دج‪.‬‬
‫‪ -‬تخفيض الدينارقصد التقليص من الفرق الموجود بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار الصرف السوق الموازي‪،‬‬
‫على أن ال يتجاوز هذا الفرق ‪.%25‬‬
‫‪ -‬تعديل المعدالت المطبقة في إعادة التمويل‪ ،‬حيث رفع معدل الخصم في أكتوبر ‪ 1991‬من ‪ %10.5‬إلى‬
‫‪ ، %11.5‬رفع المعدل المطبق على كشوف البنوك من ‪ %15‬إلى ‪ %20‬وتحديد سعر تدخل بنك الجزائرعلى‬
‫مستوى السوق النقدية ب ‪.%17‬‬
‫‪-‬تأطير تدفقات القرض للمؤسسات المختلة غير المستقلة‪.‬‬
‫‪-‬استمرار سلبية معدل الفائدة الحقيقي‪.‬‬
‫‪-‬ارتفاع التكلفة المتوسطة إلعادة التمويل لدى بنك الجزائر إلى ‪.% 14‬‬
‫‪ -‬توسع إعادة التمويل لدى بنك الجزائر بنسبة ‪.%66‬‬
‫‪ -‬توسع القروض المقدمة لالقتصاد بنسبة ‪ % 31.90‬رغم إجراءات التطهير المالي للبنوك والمؤسسات‪.‬‬
‫‪ -‬نمو الكتلة النقدية (‪)M2‬ب ‪ % 21.3‬بعدما كان معدل النمو في سنة ‪ 1990‬يساوي ‪.%11.3‬‬
‫‪ -‬تراجع معدل السيولة إلى ‪ % 53‬بعدما كان في سنة ‪ 1990‬يساوی ‪% 64‬‬

‫‪46‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬استمرار ارتفاع معدل التضخم بمؤشر أسعار االستهالك حيث وصل إلى ‪ ، % 22.8‬وهكذا كان أداء‬
‫السياسة النقدية بشكل عام غير فعال خالل هذه الفترة رغم التحكم في معدل السيولة ‪ ،‬وقد يعود هذا لكثير من‬
‫العوامل االقتصادية وغير االقتصادية‪.‬‬
‫وقد ترجع صعوبة السير الحسن لبرنامج االستعداد االئتماني إلى اصطدام البرنامج باستقالة الحكومة‬
‫وظهور حكومة أخرى التي انصب اهتمامها على تنظيم انتخابات تشريعية األمر الذي يتطلب نوعا من السلم‬
‫االجتماعي فظهرت مشكلة المواءمة الصعبة بين مقتضيات الوضع االجتماعي والتطبيق الصارم إلجراءات‬
‫االتفاق‪.‬‬
‫‪-‬جعل سعر صرف الدوالر في حدود ‪ 24.50‬دينار ليصل في نهاية ديسمبر ‪ 1991‬إلى ‪ 26.50‬دينار‬
‫‪-‬تقليص النفقات العامة ‪ ،‬تسيير وتجهيز ورفع األسعار للوصول إلى رصيد موجب للخزينة ‪ 31.8‬مليار دينار‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-‬مراجعة إعادة تمويل البنك للبنوك التجارية ‪ ،‬بزيادة التكاليف للحد من التوسع النقدي‪.‬‬
‫‪ -3‬إتفاق اإلستعداد االئتماني الثالث ( أفريل ‪) 1994‬‬
‫لجأت الجزائر للمرة الثالثة إلى مساعدات من الصندوق الدولي من أجل النهوض باقتصادها وتجاوز األزمة‬
‫الحادة التي تمر بها ‪ ،‬والتي زادت من حدة االختالالت الهيكلية ‪ ،‬وقد جاء هذا االتفاق بعدما أخذت الحكومة‬
‫مكان الحكومة الماضية الذي أوقف التعامل مع الصندوق النقدي الدولي ‪ ،‬كما طغت عدة عراقيل وقيود واقفة‬
‫أمام إعادة التوازن الداخلي والخارجي ‪ ،‬مما أفضى بالسلطات الجزائرية إلى إبرام برنامج تصحيح مع صندوق‬
‫النقد الدولي لمدة سنة تغطي الفترة من ‪ 1‬أفريل ‪ 1994‬إلى ‪ 31‬مارس ‪ 1995‬ويمكن إبراز هذه العراقيل على‬
‫النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪-‬حجم خدمات الدين المرتفع ‪ ،‬حيث بلغت خدمة الدين مبلغ ‪ 9.3‬مليار دوالر أمريكي مقابل عائدات الصادرات‬
‫الكلية التي تبلغ ‪ 9.8‬مليار دوالر أمريكي سنة ‪.1993‬‬
‫‪-‬حدة مشاكل البطالة ‪ 1.5‬مليون عاطل وفي ظل المعدل المرتفع للنمو السكاني المقدر ب ‪ % 4‬سنويا ونتيجة‬
‫لذلك انخفاض مستوى االستهالك‪.‬‬
‫‪ -‬تطبيق إستراتيجية اقتصادية جديدة فحواها التعجيل بالتحول نحو اقتصاد السوق من أجل تدعيم تحسين‬
‫الوضعية االقتصادية واالجتماعية الخارجية‪.‬‬
‫‪-‬شهد القطاع الزراعي خالل سنة ‪ 1993‬حالة جفاف ‪ ،‬وانخفاض إثر ذلك اإلنتاج الحقيقي في القطاع الزراعي‬
‫بمعدل ‪.%4‬‬
‫‪-‬عجز الخزينة المتضمن مخصصات صندوق التطهير للمؤسسات العامة الذي سجل ‪ %9.2‬من الناتج الداخلي‬
‫المحلي ‪ ،‬مقارنة ب ‪ %1.3‬سنة ‪ ، 1992‬الشيء الذي أدى إلى‪:‬‬
‫‪ -‬نمو الكتلة النقدية ب ‪.% 21.2‬‬

‫علي حمزة ‪ ،‬فعالية السياسة النقدية والمالية في ظل االصالحات االقتصادية بالجزائر‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة ماجستير في العلوم االقتصادية ‪،‬كلية‬ ‫‪1‬‬

‫العلوم اإلقتصادية والتجارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2002-2001 ،‬ص ‪.335‬‬

‫‪47‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬انخفاض اإلنتاج الكلي ب ‪ %2.5‬في ‪.1993‬‬


‫‪ -‬انخفاض االستهالك الفردي با ‪ %6.4‬سنة ‪.1993‬‬
‫أ‪ -‬اهداف االتفاق‪:‬‬
‫تتمثل األهداف الماكرواقتصادية في النمو على أساس مستقر ومقبول‪:‬‬
‫‪ -‬تحقيق استقرار مالي ( تخفيض من التضخم )‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء فرص العمل‪.‬‬
‫‪ -‬بناء سكنات‪.‬‬
‫‪ -‬مساعدة الشبكة االجتماعية الضعيفة‪.‬‬
‫اإلجراءات المتخذة لتحقيق األهداف‪:‬‬
‫لتحقيق أهداف االتفاق يتطلب تنفيذ اإلجراءات في مختلف جوانب السياسات االقتصادية‪:‬‬
‫‪-‬إعادة االعتبار لألسعار الحقيقة بتخفيض الدينار‪.‬‬
‫‪-‬تحرير نظام التجارة الخارجية‪.‬‬
‫‪-‬التحفيز على الطلب الداخلي وهذا بواسطة السياسة الميزانية والتنفيذية‪.‬‬
‫‪-‬تكييف سعر الصرف على أساس ‪ 36‬دينار للدوالر األمريكي‪.‬‬
‫‪ -‬تدعيم عودة النمو بإنماء القطاع الفالحي وقطاع البناء وهذا باالستعمال األوسع لطاقة اإلنتاج في القطاع‬
‫اإلنتاجي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬التحكم في سياسة الميزانية والسياسة النقدية بصفة محكمة وتعزيز وتعميق اإلصالحات الهيكلية‪.‬‬
‫‪ -4‬إتفاق القرض الموسع ( ماي ‪ - 1995‬ماي ‪:) 1998‬‬
‫وافق صندوق النقد الدولي ‪ ،‬على تقديم قرض للجزائر‪ ،‬ويندرج في إطار االتفاقيات الموسعة للقرض ‪،‬‬
‫ويمتد هذا االتفاق لمدة ثالث سنوات بدءا من ‪ 22‬ماي ‪ 1995‬إلى غاية ‪ 21‬ماي ‪ ، 1998‬وقد حدد مبلغ هذا‬
‫االتفاق ب ‪ 1.169,28‬مليون وحدة حقوق سحب خاصة أي ‪127.9%‬‬
‫وقد جاء هذا االتفاق الموسع إثر نهاية البرنامج الذي تم عقده مع صندوق النقد الدولي لمدة ‪ 12‬شه ار بصفة‬
‫مرضية للصندوق ‪ ،‬كما أن حكومة الجزائر تنتظر طلب إعادة الجدولة اللتزاماتها مع أعضاء نادي باريس‬
‫والمتعلقة بخدمة الديون متوسطة وطويلة األجل التي حل ميعاد استحقاقها خالل فترة البرنامج ‪ ،‬وقد احتوت‬
‫الرسالة المحررة يوم ‪ 30‬مارس ‪ 1995‬على مذكرة بالسياسات االقتصادية والمالية للجزائر للفترة أفريل ‪1995‬‬
‫مارس ‪ 1988‬ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬شروع الجزائر مع نهاية سنوات الثمانينات في سلسلة من اإلصالحات االقتصادية ألجل تحويل االقتصاد‬
‫الجزائري إلى نظام اقتصاد سوقي حر رغم أن هذا األمر عرف تراجعا في السنوات ‪ 1992‬و ‪ 1993‬حيث‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.338‬‬

‫‪48‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أحدثت القيود الخارجية إعادة بروز تقليص التجارة الخارجية والصرف ‪ ،‬والضغوط االجتماعية بصرامة سياسة‬
‫الميزانية وهو ما أدى إلى اللجوء إلى عقد االتفاق مع بداية شهر مارس ‪.1994‬‬
‫‪-‬سماح البرنامج بإحداث نمو محسوس في انفتاح االقتصاد الجزائري على االقتصاد العالمي ‪ ،‬وبداية االستجابة‬
‫‪1‬‬
‫لحاجيات السكن‪.‬‬
‫تمثلت المحاور الكبرى في هذا البرنامج في‪:‬‬
‫‪ -‬إنشاء سوق بين البنوك بالعملة الصعبة و إنشاء مكاتب الصرف ابتدءا من جانفي ‪.1996‬‬
‫‪ -‬تخفيض الضريبة الجمركية بنسبة ‪% 50‬كحد أقصى‪.‬‬
‫‪ -‬تحرير األسعار و إعادة إصالح دعم أسعار الفالحة‪.‬‬
‫‪ -‬ترشيد تسيير النفقات و تقليص األجور و الحد من الزيادة في العملة‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء الصندوق الوطني للتشغيل الخاص بالشباب و ذلك بالتعاون مع الصندوق والبنك الدوليين‪ ،‬ووضع نظام‬
‫التأمين و البطالة السيما بعد اعتماد فكرة تسريح العمال و التقاعد المبكر و معدالت البطالة المتزايدة‪.‬‬
‫‪ -‬تحرير األسعار و رفع الدعم النهائي على أسعار الحبوب و الحليب و إصالح النظام العقاري الخاص‬
‫بالقطاع الفالحي‪.‬‬
‫‪ -‬تحرير التجارة الخارجية و تخفيض الرسوم الجمركية‪.‬‬
‫‪ -‬بالرغم من التقدم المحسوس غير التام بداية بعض األشهر سمحت االستراتيجية االقتصادية الجديدة المكيفة‬
‫من طرف الحكومة لالقتصاد الجزائري‪ ،‬باالستمرار في محاربة المشاكل الحقيقية بصفة خاصة‪ ،‬اذ ان االقتصاد‬
‫الجزائري ال يزال رهن قطاع المحروقات و هذا بصفة شبه كلية لمجموع ايرادات الصادرات‪.‬‬
‫لجأت الجزائر إلى ص ندوق النقد الدولي نتيجة لتفاقم حجم الديون الخارجية و ما ترتب عنه من آثار و‬
‫مشاكل ‪ ،‬لكن نتائج هذه االتفاقات كانت عكس ما كان مرجوا منها إال بعض التحسينات الطفيفة ‪ ،‬فأصبحت‬
‫الجزائر تعاني من التبعية االقتصادية و هذا ما نتج عنه اضطرابات اجتماعية فتفاقم الفقر و زادت حدة البطالة ‪،‬‬
‫كما أن إجراءات تخفيض العملة أدت إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطن الجزائري ‪ ،‬باإلضافة درجة االنفتاح‬
‫التجاري مكنت االستثمار األجنبي من السيطرة على االقتصاد الوطني و ذلك نظ ار للمنافسة غير المتكافئة بينه‬
‫‪2‬‬
‫و بين االستثمار المحلي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اإلصالحات اإلقتصادية بعد سنة ‪2000‬‬

‫شرعت الجزائر منذ سنة ‪ 2001‬في انتهاج سياسة مالية توسعية لم يسبق لها مثيل من قبل السيما من‬
‫حيث أهمية الموارد المالية المخصصة لها ( في ظل الوفرة في المداخيل الخارجية الناتجة عن التحسن المستمر‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.340‬‬
‫‪2‬‬
‫‪،http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=74155‬تصفح يوم ‪ 2021/05/15‬على الساعة ‪.15:30‬‬

‫‪49‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫نسبيا في أسعار النفط ) ‪ ،‬وذلك عبر برامج االستثمارات العمومية المنفذة والممتدة على طول الفترة من ‪2001‬‬
‫إلى ‪ ، 2014‬وقد تمثلت هذه البرامج أساسا فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي‬
‫أو المخطط الثالثي ( ‪ ) 2004 - 2001‬الذي خصص له غالف مالي أولي بمبلغ ‪ 525‬مليار دينار(حوالي ‪7‬‬
‫مليار دوالر أمريكي ) ‪ ،‬قبل أن يصبح غالفه المالي النهائي مقد ار بحوالي ‪ 1,216‬مليار دينار ( ما يعادل ‪16‬‬
‫مليار دوالر ) بعد إضافة مشاريع جديدة له واجراء تقيمات لمعظم المشاريع الخيرية مسابقا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬البرنامج التكميلي لدعم النمو‬
‫أو المخطط الخماسي األول ( ‪ )2009 – 2005‬الذي قدرت االعتمادات المالية األولية المخصصة له مبلغ‬
‫‪ 8.705‬مليار دينار ( ‪ 114‬مليار دوالر ) ‪ ،‬بما في ذلك مخصصات البرنامج السابق ( ‪ 1.216‬مليار دينار )‬
‫ومختلف البرامج اإلضافية ‪ ،‬السيما برنامجي الجنوب والهضاب العليا ‪ ،‬والبرنامج التكميلي الموجه المتصاص‬
‫السكن الهش و البرامح التكميلية المحلية ‪ ،‬أما الغالف المالي اإلجمالي المرتبط بهذا البرنامج عند اختتامه في‬
‫غاية ‪ 2009‬فقد قدر ب ‪ 9.680‬مليار دينار ( حوالي ‪ 130‬مليار دوالر ) ‪ ،‬وبعد إضافة عمليات إعادة التقييم‬
‫للمشاريع الجارية ومختلف التمويالت اإلضافية األخرى‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬برنامج توطيد النمو االقتصادي‬
‫أو المخطط الخماسي الثاني ( ‪ ) 2014-2010‬بقوام مالي إجمالي قدره ‪ 21.214‬مليار دينار (ما يعادل‬
‫حوالي ‪ 286‬مليار دوالر) ‪ ،‬بما في ذلك الغالف اإلجمالي للبرنامج السابق (‪ 9.680‬مليار دينار) ‪ ،‬أي أن‬
‫البرنامج الجديد خصص له مبلغ أولي بمقدار ‪ 11.534‬مليار دينار (‪ 155‬مليار دوالر)‪.‬‬
‫وقد جاءت هذه المخططات التنموية لتدارك التأخر في التنمية الموروث عن األزمة االقتصادية والسياسية‬
‫واألمنية التي مرت بها البالد ‪ ،‬وبعث حركية االستثمار والنمو من جديد ‪.‬‬
‫‪-1‬محتوى البرنامج الخاص لدعم اإلنعاش اإلقتصادي‪:‬‬
‫لقد اهتم البرنامج الخاص لدعم اإلنعاش االقتصادي بعدد من المجاالت منها ‪ :‬القطاع الزراعي‪ ،‬البنكي‬
‫ومجال االستثمار ‪ ..‬إلخ‬
‫أ‪ -‬القطاع الزراعي‪:‬‬
‫حرصت الحكومة في عهد الرئيس بوتفليقة على تطوير القطاع الزراعي والحد من استيراد األغدية‪ ،‬حيث‬
‫عمدت إلى توسيع سياسات إستصالح األراضي ‪ -‬ضمن سياسات اإلنعاش االقتصادي‪ -‬واعفاء المزارعين من‬
‫تسديده ديونم تحفي از لهم على مواصلة العمل ‪ ،‬كما أنشأت و ازرة ترعى تنمية الموارد المائية والثروة السمكية‪،‬‬
‫فتجربة "األرض لمن يخدمها" أثبت نجاحا كبي ار في توفير أسباب الحماية للمزارع من المضاربة‪ ،‬كما جاء إلغاء‬
‫قانون التنازل عن أمالك الدولة معز از لهذا التوجه وفتح مجال االستثمار في هذا القطاع الهام حيث يوجد حوالي‬

‫‪50‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 40‬مليون هكتار صالحة للز ارعة‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فإن األرض الجزائرية صارت منتعشة‪ ، 1‬بسب برامج استصالح‬
‫األراضي الزراعية وتقديم الدولة تسهيالت للفالحين الصغار والكبار‪ ،‬إال أن األمر ال يزال يحتاج إلى جهد كبير‬
‫من جانب الدولة للقضاء على أساليب المضاربة والرشوة واإلنحراف التي تقف أمام التطوير الذي يحتاجه هذا‬
‫القطاع‪.‬‬
‫ب‪ -‬القطاع البنكي‪:‬‬
‫في هذا اإلطار وضعت مخططات واسعة لتحديث البنوك و تسليحها بنظام مصرفي وتقنيات تتفق‬
‫واقتصاديات السوق لتحقيق المزيد من جلب االستثمار إلى البالد‪ .‬وحاليا يتوافر بالجزائر نظام تحويل مالي إلى‬
‫أي مكان في العالم خالل ساعات بعد تنفيد االتفاق الذي وقع بين الشركة العامة للجزائر ومؤسسة ويسترن‬
‫يونيون " ‪ "western union‬المالية األمريكية ‪ .‬وعلى نفس المستوى من األهمية‪ ،‬أكد إنشاء البنوك وشركات‬
‫التأمين التابعة للقطاع الخاص خطوات تعزيز االقتصاد الجزائري لما فيه من ميزات ألنه يهدف أساسا إلى تمويل‬
‫المشروعات الكبيرة ذات الصلة بالتنمية‪ ،‬ولقد أدى تحسين أداء البنوك الجزائرية إلى انتشار وتوسيع قاعدة البنوك‬
‫الخاصة ‪ ،‬حيث فتحت البنوك التجارية الدولية فروعا لها في البالد مما شجع االتحاد األوربي على إبرام اتفاق‬
‫مع الحكومة الجزائرية للمساهمة في إعداد البرامج الخاصة بتطوير أداء بنوكها الوطنية ومساعداتها على تنفيذ‬
‫برامج التوأمة مع عدد من البنوك األوربية‪.‬‬
‫ج‪ -‬االستثمار‪:‬‬
‫تميزت الحالة االجتماعية واالقتصادية قبل برنامج اإلنعاش االقتصادي بالمالميين من البطالين ومشاريع‬
‫بنية تحتية متوقفة‪ .‬إن سياسة الرئيس ترمي إلى تشجيع االستثمار‪ ،2‬ولهذا صدر األمر الرئاسي الذي يتعلق‬
‫بإعادة تنظيم مناخ االستثمار وتسهيل اإلجراءات اإلدارية المتعلقة بها مثل العقارات الصناعية ‪ ،‬إضافة إلى‬
‫إنشاء المجلس الوطني لالستثمار المكلف بإعداد سياسات تطوير ومتابعة العملية االستثمارية‪.‬‬
‫فبرنامجدعم اإلنعاش االقتصادي يوفر فرص هامة للشراكة واالستثمار في قطاعات المنشآت والبناء والمؤسسات‬
‫الصغيرة والمتوسطة والسياحة والفالحة والصيد البحري‪.‬‬
‫‪-2‬محتوى برنامج دعم النمو اإلقتصادي‪:‬‬
‫قد اهتم برنامج دعم النمو االقتصادي بعدة مجاالت منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬االستثمار‪:‬‬
‫إن االستثمار هو القوة الدافعة للنمو حيث يتطلب هذا األخير استثمارات إضافية لخلق وحدات إنتاج جديدة‬
‫تنتج سلعا و خدمات و فرص عمل وقيما مضافة‪ ،‬ولقد تزايد اهتمام المؤسسات اإلسبانية بالسوق الجزائرية‬
‫خاصة بعد اعتماد برنامج دعم النمو االقتصادي للفترة (‪ ) 2005-2009‬بالجزائر‪ ،‬حيث اتفق البلدان في هذا‬

‫‪1‬خضير بوقايلة‪ ،‬معجزات اإلنعاش اإلقتصادي‪ ،‬متاح على ‪ ،www.echoroukonline.com/index.php‬تاريخ اإلطالع (‪)2021/07/04‬‬
‫‪2‬رشيدة أوبختي و محمد بن بوزيان‪" ،‬واقع اإلقتصاد الجزائري في بداية األلفية الثالثة "‪ ،‬مجلة اإلقتصاد و المناجمنت‪ ،‬العدد رقم ‪ ،16‬ديسمبر ‪ ،2016‬ص‬
‫‪202‬‬

‫‪51‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫السياق على إقامة شراكة اقتصادية وطاقوية ترافق تلك التي يأمل االتحاد األوربي تطويرها مع الجزائر وكان‬
‫"بيدرو سولبس" الوزير اإلسباني لالقتصاد والمالية قد أكد خالل زيارته إلى الجزائر أن المحادثات التي أجراها‬
‫سمحت له بإلقاء نظرة شاملة عما يمكن أن يقام واعطاء دفع جديد للشراكة بين البلدين ‪ ،‬كما أشار إلى‬
‫اإلمكانيات المتاحة من أجل تطوير هذه الشراكة الهامة‪.‬‬
‫ب‪-‬الثقافة‪:‬‬
‫وزعت و ازرة الثقافة الغالف المالي المقدر ب ‪ 16‬مليار دينار جزائري والذي استفادت منه في إطار برنامج‬
‫دعم النمو االقتصادي(‪ )2005-2009‬على محورين رئيسين يتمثالن في ترميم معالم الهوية الوطنية واحياء‬
‫النشاط الثقافي عبر كامل التراب الوطني‪ ،‬كما تنوي الو ازرة استغالل الغالف المالي الذي منح لها في هذا‬
‫اإلطار إلنشاء مرافق ثقافية جوارية من أهمها مشروع مكتبة في كل بلدية ‪ ،‬والذي تعمل على تحسيده بالتعاون‬
‫مع و ازرة الداخلية والجماعات المحلية ‪ ،‬من أجل تقريب المكتبة من المواطن‪ ،‬إضافة إلى مشروع إنجاز مالحق‬
‫للمكتبة الوطنية الجزائرية‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬ستعمل و ازرة الثقافة على الرفع من مستوى المرافق الثقافية القديمة السيما فيما يتعلق‬
‫بمقاييس األمن واالستغالل إضافة إلى اقتناء معدات جديدة لتجهيز هذه المرافق‪ ،‬وتعطي األولوية في التجهيز‬
‫لدور الثقافة التي تنتشر بفضل برنامج دعم النمو االقتصادي عبر كامل واليات الوطن‪.1‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬إمكانيات الجزائر و خصائص إقتصادها‬


‫تمتلك الجزائر العديد من اإلمكانيات والخصائص التي تساعدها على التطور خاصة تلك المتعلقة‬
‫باإلمكانيات الطبيعة واإلقتصادية وفي هذا المبحث سنذكر أهم هذه اإلمكانيات والخصائص‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬اإلمكانيات الطبيعية ‪،‬اإلقتصادية و البشرية للجزائر‬

‫تتوفر الجزائرعلى إمكانات هائلة منها‪:‬‬


‫‪ -‬تقدر مساحة الجزائر ب ‪2.381.741‬م‪ ، 2‬تمتد سواحلها على مسافة ‪ 1.200‬كم على البحر األبيض‬
‫المتوسط‪.‬‬
‫‪ -‬احتياطي البترول يقدر بحوالي ‪ 10‬مليار برميل أي ما يعادل ‪ % 1‬من االحتياطي العالمي ‪ ،‬في حين أن‬
‫احتياطي الغاز يصل إلى ‪ 4.000‬مليار م‪ ، ₃‬أي ما يعادل ‪ % 5‬من االحتياطي العالمي بهذا تكون الجزائر في‬
‫الصف الخامس عالميا من حيث االحتياط لكنها تتقدم إلى الصف الثاني عالميا من حيث تصدير الغاز‪.‬‬

‫‪ 1‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪206‬‬


‫‪ 2‬ساحل فاتح‪ ،‬شعباني لطفي‪" ،‬اثار و انعكاسات برنامج التعديل الهيكلي على االقتصاد الجزائري"‪ ،‬مداخلة مقدمة في الملتقى الدولي االول حول ابعاد الجيل‬
‫الثاني من االصالحات االقتصادية‪ ،‬جامعة بومرداس ‪/05/04‬ديسمبر ‪ ،2006‬ص‪.02‬‬

‫‪52‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬معدل النمو الديمغرافي في الجزائر هو ‪ % 2.2‬وهو معدل مرتفع مقارنة مع معدل النمو الديمغرافي في دول‬
‫شمال إفريقيا ‪ ،‬أكثر من ‪ % 40‬من السكان سنهم أقل من ‪ 15‬سنة ‪ ،‬متوسط العمر هو ‪ 67‬سنة عند الرجال و‬
‫‪ 69‬سنة عند النساء‪.‬‬
‫‪ -‬تحتوي على ‪ 53‬أرضية مسطحة للمرافئ الجوية ‪ 12 ،‬ميناء بحريا متعدد الخدمات ( تجارة ‪ ،‬صيد بحري ‪،‬‬
‫موارد بترولية ) و مينائين متخصصين في المحروقات و ‪ 18‬ميناء كملجا للصيد ‪ ،‬و تمثل موانئ عنابة ‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬وهران في مجموعها ‪ ٪ 70‬من النقل البحري خارج المحروقات‪.‬‬
‫‪ -‬تمتد شبكة السكك الحديدية على طول ‪ 4.200‬كم‪ ، 2‬بينما تمتد شبكة الطرق البحرية على طول ‪100.000‬‬
‫كم منها ‪ 94.684‬كم في الشمال ‪ ،‬مما يجعلها أطول الشبكات في المغرب العربي‪.‬‬
‫‪ -‬تقدر المياه السطحية بحوالي ‪ 15‬مليار متر مكعب و المياه الجوفية بحوالي ‪ 3‬مليارم‪.3‬‬
‫‪ ٪ 24-‬من العمال يعملون في قطاع البناء و نفس النسبة في القطاع الفالحي و ‪ % 28‬يعملون في قطاع‬
‫الوظيف العمومي‪.‬‬
‫‪-‬أغلب إيرادات الجزائر من الصادرات تتمثل في المحروقات بنسبة تتراوح بين ‪ % 95‬و ‪ % 98‬من الصادرات‬
‫الجزائرية كما تشكل المحروقات أكثر من ‪ ٪ 60‬من اإليرادات الجبائية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص االقتصاد الجزائري‬

‫مما ال شك فيه أن االقتصاد الجزائري يعتبر من أهم االقتصاديات اإلفريقية بحكم‪:‬‬


‫‪ -‬طبيعة الموارد و الثروات المادية التي يتميز بها ( مواد طاقوية ‪ ،‬منجمية ومواد أولية هامة )‪.‬‬
‫‪ -‬حجم الطاقات اإلنسانية و الكفاءات البشرية التي يتمتع بها‪.‬‬
‫‪ -‬قطاعات صناعية ال يستهان بها رغم ضرورة التطوير‬
‫‪ -‬توفر بنية شاملة و هامة‪ :‬مواني و مطارات‪.‬‬
‫‪ -‬توفر مساحات زراعية هامة‪.‬‬
‫ومع هذا فإن توالي االختيارات االقتصادية المتناقضة أحيانا و اآلثار السلبية لها أفرزت أوضاعا اقتصادية‬
‫جعلت االقتصاد الجزائري يتميز بخصائص سلبية تساهم في إضعاف كفاءته االندماجية في االقتصاد العالمي‬
‫بحيث تحول االقتصاد الجزائري إلى‪:‬‬
‫أوال‪ :‬اقتصاد مديونية‬
‫يعتبر االقتصاد الجزائري اقتصاد مديونية حيث تتركز معظم السياسات االقتصادية فيه على تسيير و إدارة‬
‫أزمة المديونية و التي ال تزال تشكل قيدا و تؤثر على طبيعة الق اررات االقتصادية المتخذة فرغم انخفاض‬
‫معدالت الدين و التي تعود الى ارتفاع حوصلة الصادرات نتيجة الرتفاع أسعار البترول‪ ،‬و قد قدر حجم الديون‬
‫العمومية حوالي ‪ 2500‬مليار دينار في نهاية سنة ‪.12000‬‬

‫‪1‬‬
‫خالدي خديجة‪" ،‬أثر االنفتاح التجاري على االقتصاد الجزائري"‪ ،‬مجلة اقتصاديات شمال افريقيا‪ ،‬العدد ‪ ،02،2008‬ص ‪.87‬‬

‫‪53‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫لقد تم التركيز على مصادر تمويل خارجية النجاز المشاريع االنمائية الطموحة‪ ،‬األمر الذي انعكس على‬
‫اثقال كاهل االقتصاد الجزائري بحجم مديونية ال يتناسب و النمو االقتصادي المحقق او المزعوم‪ ،‬ادى ذلك الى‬
‫هدر الموارد المالية الوطنية المتاحة باستمرار و هي باالساس متمثلة في العوائد من المحروقات‪ ،‬فضال عن ذلك‬
‫تميزت المديونية الجزائرية بالتركيز الجغرافي على المصدر‪ ،‬حيث نسبة كبيرة منها مصدرها دول االتحاد‬
‫االوروبي و الجدول رقم ‪ 02‬يوضح ذلك‪ ،‬كما ذلت االحصائيات لسنة ‪ 2003‬على أن ما يقدر ب ‪ %42‬من‬
‫حجم المديونية مقومة بالعملة األوروبية (األورو)‪ ،‬مما يؤدي الى زيادة تكاليف خدمات المديونية باالرتباط و‬
‫تحسن قيمة األورو في األسواق العالمية‪ .‬يبين الجدول أدناه هيكل مديونية الجزائر الى غاية ‪.1999‬علما بأن‬
‫هذه النسب قد تغيرت بفعل السياسات االصالحية المنتهجة في الجزائر منذ سنة ‪ 1994‬و التي انبثق عنها‬
‫اعادة جدولة مديونية الجزائر‪.1‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)06‬مجموع الدين الخارجي للجزائر للفترة (‪ )2016-2019‬الوحدة‪ :‬مليار دوالر‬
‫الثالث‬ ‫الثاني الثالثي‬ ‫األول الثالثي‬ ‫الثالثي‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫الفترة‬
‫‪2019‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2019‬‬
‫‪3.994‬‬ ‫‪3.995‬‬ ‫‪3.858 4.042 3.989 3.849‬‬ ‫قيمة‬
‫الدين‬
‫المصدر‪ :‬من إعداد الطلبة إعتمادا على معطيات بنك الجزائر‬
‫من خالل الجدول رقم(‪ )06‬نالحظ أن قيمة ديون الجزائر ترتفع من سنة إلى أخرى حيث شهدت سنة‬
‫‪ 2016‬قيمة ‪ 3.8‬مليار دوالر وارتفعت سنة ‪ 2017‬إلى ‪ 3.9‬مليار دوالر كما شهدت إرتفاعا سنة ‪ 2018‬لقيمة‬
‫‪ 4.042‬مليار دوالر بسبب إنخفاض أسعار النفط أدى بالجزائر إلى اإلستدانة الخارجية لسد الفراغات الموجودة‪.‬‬
‫أما سنة ‪ 2019‬فشهدت إرتفاعا في الدين الخارجي خالل التالثيات األولى بقيمة تتراوح بين ‪ 3.8‬و‪ 3.9‬مليار‬
‫دوالر‪.‬‬
‫ثانيا اقتصاد ريعي‪:‬‬
‫االقتصاد الجزائري هو اقتصاد ريعي حيث يقوم على إستراتيجية إستنزافية للثروة البترولية والغازية و هذا‬
‫على حساب إستراتيجية التصنيع األمر الذي يجعل االقتصاد الجزائري رهينة اإليرادات الريعية المتحققة في‬
‫األسواق الدولية‪.2‬‬
‫ومن ميزات االقتصاد الجزائري صغر حجم القطاع الصناعي خارج المحروقات ( أقل من ‪ % 10‬من‬
‫‪3‬‬
‫الناتج الداخلي الخام )‪ % 80 ،‬يسيطر عليها القطاع الخاص‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بوعتروس عبد الحق‪ ،‬قارة مالك‪" ،‬أثار تغير سعر صرف االورو مقابل الدوالر االمريكي على االقتصاد الجزائري"‪ ،‬مجلة العلوم االنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪،‬‬
‫العدد ‪ ،27‬جوان ‪ ،2007‬ص ‪.02‬‬
‫‪2‬‬
‫خالدي خديجة‪" ،‬أثراالنفتاح التجاري على االقتصاد الجزائري"‪ ،‬مجلة اقتصاديات شمال افريقيا‪ ،‬العدد ‪ ،02‬ص ‪.87‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Meziane Rabhi, «L’économie algérienne reste minée par la rente pétroliér», in Quotidien Liberté, 7 aout 2008.‬‬

‫‪54‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثالثا اقتصاد تطورت فيه آليات الفساد‪:‬‬


‫إن آليات الفساد أضحت تؤثر على حركية النشاط االقتصادي و مجاالته و تحد من كفاءة السياسة‬
‫االقتصادية ‪ ،‬و تعطيل المنظومة القانونية و التشريعية االقتصادية ‪ ،‬فازدادت شبكات السوق الموازي و تنامت‬
‫‪1‬‬
‫أحجام الثروات التي تحرك في قنواته‪ .‬هذا الوضع أضعف قدرة الدولة المؤسسية و زعزع عنصر الثقة فيها‪.‬‬
‫* الجزائر بلد هامشي في مستوى االقتصاد العالمي ‪ ،‬و لكن وجود إمكانية كبيرة لتصبح دولة محورية في‬
‫الفضاء األورو متوسطي ‪ ،‬تصدر ‪ % 98‬من المواد الهيدروكربونية في شكل مواد خام أو نصف خام‪ ،‬تستورد‬
‫تقريبا أكثر من ‪ %60‬باليورو و ‪ %20‬بالعمالت األخرى ‪ ،‬و ‪ %20‬فقط من أجل منطقة الدوالر‪ ،‬و ‪ %98‬من‬
‫صادراتنا مقومة بالدوالر و هذا ما يجعل التدابير الحكومية األخيرة قد يكون لها أثر محدود‪ ،‬بما في ذلك تخفيض‬
‫‪2‬‬
‫قيمة الدينار مقابل اليورو‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬االقتصاد الجزائري من حيث الصادرات‬
‫يتميز االقتصاد الجزائري بالطبيعة األحادية لهيكل الصادرات‪ ،‬حيث يعتمد باألساس على حصيلة‬
‫الصادرات النفطية التي تقدر في أسوأ األحوال ب ‪ %90‬من إجمالي عوائد الصادرات الجزائرية‪ ،‬وهذا كما يبينه‬
‫الجدول الموالي‪:‬‬

‫الجدول رقم (‪:)07‬قيم و نسب الصادرات الجزائرية من و خارج قطاع المحروقات (‪)2019-2020‬‬
‫‪2020‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫السنوات‬

‫النسبة(‪)%‬‬ ‫القيمة(مليار دوالر)‬ ‫النسبة (‪)%‬‬ ‫القيمة(مليار دوالر)‬


‫الصادرات‬
‫‪%90.52‬‬ ‫‪21.54‬‬ ‫‪%92.80‬‬ ‫‪33.24‬‬ ‫صادرات المحروقات‬

‫‪9.48‬‬ ‫‪2.25‬‬ ‫‪%7.20‬‬ ‫‪2.58‬‬ ‫صادرات خارج المحروقات‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الطلبة إعتمادا على موقع ‪www.douane.gov.dz .‬‬


‫و هو األمر الذي جعل االقتصاد الجزائري شديد الحساسية للتغيرات في األسعار العالمية للنفط من جهة و‬
‫للتغيرات في قيمة عملة التقويم (سعر الصرف ) من جهة ثانية ‪ ،‬أال و هو الدوالر األمريكي‪ .‬فضال عن التركيز‬
‫السلعي فإن الصادرات تمتاز بتركيز جغرافي كبير‪ ،‬حيث يتم التصدير إلى دول معينة خاصة منها الدول‬
‫األوروبية ‪ ،‬و الواليات المتحدة ‪ ،‬و اليابان‪.‬‬

‫‪ 1‬خالدي خديجة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.88‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Abderrahmane Mebtoul, « Le dépage du dollar et son impact sur l’éconimie algérienne », in Quotidien 36+elkhabar, 8‬‬
‫‪Aout 2009.‬‬

‫‪55‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫خامسا‪ :‬اإلقتصاد الجزائري من حيث الواردات‪:‬‬


‫تتميز الواردات الجزائرية بتنوع هيكلها و بضرورتها للحياة البشرية و لآللة اإلنتاجية ‪ ،‬هذا ما رفع من نسبة‬
‫اإلنفاق على الواردات ‪ ،‬و تمتاز أيضا بالتركيز المكاني العالي ‪ ،‬حيث نجد حوالي ثلثي الواردات الجزائرية‬
‫مصدرها االتحاد األوروبي حيث نجد كل من فرنسا وايطاليا وألمانيا واسبانيا بالنسب التالية‪، %10.6 :‬‬
‫‪ .6.22% ، 6.48% ، %7.05‬ثم تليهم الصين بنسبة ‪ %24.46‬خسب إحصائيات سنة ‪ 2020‬والشكل‬
‫الموالي يوضح واردات الجزائر من السلع والخدمات بين ‪ 2015‬و‪2019‬‬
‫الجدول رقم )‪ :)08‬واردات الجزائر خالل الفترة ‪( 2019 -2015‬الوحدة‪ :‬مليار دوالر)‬
‫‪2019‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫الفترة‬
‫الواردات‬

‫‪41.93‬‬ ‫‪46.33‬‬ ‫‪46.05‬‬ ‫‪46.72‬‬ ‫من ‪51.5‬‬ ‫الواردات‬


‫السلع‬

‫‪0‬‬ ‫‪10.95‬‬ ‫‪10.83‬‬ ‫‪3.06‬‬ ‫من ‪10.52‬‬ ‫الواردات‬


‫الخدمات‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الطلبة إعتمادا على معطيات موقع ‪www.standardetrade.com‬‬

‫‪56‬‬
‫عموميات حول اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثاني‬

‫خالصة الفصل‪:‬‬
‫عرفت الجزائر تحوالت عميقة النتقالها من اإلقتصاد اإلشتراكي إلى إقتصاد السوق ‪ ،‬ساعية للرفع من‬
‫مستوى منتوجاتها التي تشهد موقفا تنافسيا ضعيفا أمام المنتجات األجنبية ‪ ،‬و العمل على إعطائها مكانة‬
‫تنافسية على المستوى الدولي و رفع مستوى التدفقات الواردة من صادرات هذه المنتجات للتخلص من التبعية‬
‫لقطاع المحروقات الذي يسيطر بنسبة جد كبيرة على صادرات الوطن منذ زمن طويل‪.‬‬
‫اكتساب منتجاتنا لمكانة عالمية يحررنا من التبعية اإلقتصادية للعالم الغربي‪ ،‬مما سيساعد المنتج المحلي‬
‫على الدخول في األسواق الدولية المختلفة‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة‬

‫القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬

‫تمهيد‬

‫المبحث األول‪ :‬العالقات الجزائرية اإلفريقية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الفرص و التحديات التي تواجه الجزائر ضمن منطقة التجارة الحرة‬
‫القارية اإلفريقية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬السيناريوهات المحتملة آلثار منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية على‬
‫اإلقتصاد الجزائري‬

‫خالصة الفصل‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تمهيد‬
‫تقع الجزائر في قارة إفريقيا وبالتحديد في شمال إفريقيا وتربطها عالقات وطيدة مع الدول إفريقيا خاصة دول‬
‫شمال إفريقيا ودول الساحل اإلفريقي باعتبارها تتقارب جغرافيا مع هذه الدول ولها عالقات تقليدية منذ القدم‪،‬‬
‫فالجزائر لها دور فعال في مختلف الق اررات داخل القارة بإعتبارها من الدول الكبرى والتي لها نفوذ على مستوى‬
‫القارة خاصة موقعها اإلستراتيجي الرابط بين إفريقيا وأوروبا خاصة ودول العالم عامة‪ ،‬مما ساعدها في تبني دور‬
‫محوري هام‪.‬‬
‫وسيتم التطرق في هذا الفصل إلى دور الجزائر الجزائر في منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية من خالل ثالث‬
‫مباحث‪ .‬األول يتضمن طبيعة العالقات بين الجزائر ودول إفريقيا والثاني يتناول الفرص والمزايا التي تستفيد منها‬
‫الجزائر من منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية والثالث عبارة عن سيناريوهات محتملة لطبيعة العالقات‬
‫الجزائرية اإلفريقية في ظل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المبحث األول‪ :‬العالقات الجزائرية اإلفريقية‬

‫لطالما كان للجزائر دور فعال في القارة اإلفريقية وهو ما ساعدها في تكوين عالقات إستراتيجية مع هذه الدول‬
‫ومحاولتها لتطوير هذه العالقات مع مرور السنوات خاصة لما تمثله القارة للجزائر اقتصاديا و تاريخيا‪ .‬وسنحاول‬
‫في هذا المبحث أن نسلط الضوء على طبيقة هذه العالقات‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬العالقات التاريخية الجزائرية اإلفريقية‬

‫أوال‪ :‬العالقات ما قبل التاريخ‬

‫في هذه الحقبة التاريخية لم تكن تعرف الجزائر بهذا االسم‪ ،‬إلى أنها كانت جزء ال يتج أز من شمال افريقيا‪،‬‬
‫رغم أنها كانت تشغل أكبر جزء من الشمال االفريقي‪ ،‬وقد تعاقبت على الشمال االفريقي بعد العصر الحجري‪،‬‬
‫خمس أمم عظيمة‪ :‬أالمازيغ أو البربر و هم السكان االصليون‪ ،‬والفينيقيون‪ ،‬ثم الرومان والوندال ثم البيزنطيون‪،‬‬
‫لذلك فالشمال االفريقي كان موحدا و يخضع لسلطة واحدة‪ ،‬فلم تكن هناك حدود سياسية أو جغرافية بين‬
‫المناطق اإلفريقية ‪ ،‬لهذا فإننا ال نلمس نوع معين من العالقات‪ ،‬لكن مع ظهور الدوياالت اإلسالمية المستقلة‬
‫عن الدولة العباسية‪ ،‬حيث ظهرت‪ :‬الدولة الرستمية في الجزائر ودولة األدارسة في المغرب األقصى ‪ ،‬ودولة‬
‫األغالبة في تونس‪ ،‬و دولة بني مدرار في المغرب األقصى في الحدود الجنوبية الغربية للدولة الرستمية‪ ،‬وقد‬
‫كانت الدولة الرستمية دولة قوية لها حكمها المستقل تماما عن الدولة العباسية في بغداد‪ ،‬وكان لها عالقات مع‬
‫جميع أقطار شمال افريقيا‪ .‬كما كانت الدولة الرستمية عالقات مع السودان إذ كانت الدولة الرستمية تسيطر على‬
‫كل المنافذ المؤدية للسودان وقد إمتلك الرستميون عدد من القواعد الصحراوية التي تقع على الطرق وتعتبر‬
‫محطات للتجارة مع الدول جنوب الصحراء‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬العالقات الجزائرية مع دول إفريقيا خالل الحكم العثماني‬

‫لعل أول تقسيم اداري لشمال أفريقيا‪ ،‬تم من خالله فصل الجزائر عن باقي الشمال اإلفريقي يعود إلى الدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬التي شرعت في تحرير السواحل الجزائرية من الغزو االسباني في سنة‪1512‬م‪ ،‬وقد تم وصل منطقة‬
‫المغرب األوسط‪ .‬كما كان يطلق عليها من طرف العرب بالدولة العثمانية التي أطلقت عليها اسم الجزائر و كان‬
‫ذلك في سنة‪1518‬م‪ ،‬وقد عين خير الدين بربروس حاكما على الجزائر آنذاك‪ ،‬وبدأ السلطان العثماني سليم‬
‫الثالث في تنظيم أمورالدولة الجديدةوقد تميزت الجزائر في فترة الحكم العثماني بوفرة انتاجها الزراعي ورواج‬
‫تجارتها‪ ،‬حيث قامت تجارة قوية لها مع باقي األقطار في العصور الوسطى‪ ،‬وكانت كلمتها أكثر تأثي ار في‬
‫الحرب والسلم‪ ،‬وقد أكسبها هذا الوضع صفة الزعامة على دول المغرب األخرى‪ ،‬كما كانت لها وزن ثقيل في مع‬
‫الدول اإلفريقية األخرى التيكانت تحت السيطرة األوروبية وأصبحت الجزائر منفذ لهذه الدول التي تعاني من‬

‫إبراهيم أحمد العدوي‪ ،‬بالد الجزائر وتكوينها العربي واإلسالمي‪ ،‬دار النحو المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،2001 ،‬ص‪.82‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪60‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المجاعة وانخفاض المنتجات فيها فاستغلت الوضع في زيادة حجم التجارة وزيادة طبيعة العالقة مع الدول‬
‫اإلفريقية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬العالقات الجزائرية مع دول إفريقيا إبان اإلستعمار الفرنسي‬

‫يمكن القول أن العالقات الجزائرية االفريقية خالل االستعمار الفرنسي للجزائر كانت في معظمها عالقات‬
‫عسكرية بالدرجة أالولى‪ ،‬من حيث دعم الدول المجاورة للمقاومة الشعبية والثورة الج ازئرية باألسلحة والعتاد‬
‫الحربي وحتى المتطوعين إلخراج االستعمار الفرنسي الغاشم من الجزائر‪ ،‬وقد مثلت الحرب العالمية الثانية نقطة‬
‫تحول كبيرة بالنسبة للعمل الثوري في شمال افريقيا والمغرب العربي الكبي‪ ،‬فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية‬
‫توحد العمل الثوري والسياسي في شمال افريقيا على تحرير جميع األقطار الواقعة تحت وطأة االستعمار‪ ،‬وبعد‬
‫استقالل دول المغرب العربي ‪ :‬ليبيا (‪ ،)1952‬تونس (‪ )1956‬والمغرب (‪ ،)1956‬أخذت هذه الدول الثالث في‬
‫دعم القضية الجزائرية‪ ،‬من كل النواحي السياسية والعسكرية والمادية‪ .‬شكلت القارة‪ ،‬القاعدة الخلفية للثورة‬
‫التحريرية في سياق التضامن الثوري‪ ،‬الذي ساد بين دولها‪ .‬فقد لعبت الدول اإلفريقية‪ ،‬دو ار مهما في الضغط‬
‫الدبلوماسي على فرنسا‪ ،‬إلجبارها على االعتراف باستقالل الجزائر‪ .‬وتكريسا لمبدأ التضامن اإلفريقي من خالل‬
‫المشاركة في المؤتمرات اإلفريقية التي نذكر منها‪ :‬مؤتمر آک ار ‪ ،1958‬مؤتمر منروفيا ‪ ،1959‬مؤتمر الغوس‬
‫جانفي ‪ 1960‬ومؤتمر تونس سنة ‪ 1961‬م‪ .‬والتصدي لمشاريع ديغول االمبريالية السيما ما تعلق بفصل‬
‫الصحراء عن الجزائر‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬العالقات بين الجزائر ودول إفريقيا بعد اإلستقالل‬

‫منذ السنوات األولى الستقالل عملت الجزائر على الحضور القوي في القارة اإلفريقية ال سيما دبلوماسيا‪ ،‬وقد‬
‫عرفت هذه السياسة تحوالت من فترة إلى أخرى‪ ،‬ففي فترة الحرب الباردة كان العامل األيدولوجي هو من حدد‬
‫العالقات الجزائرية بدول القارة اإلفريقية‪ ،‬وفي منتصف السبعينيات شكلت قضية الصحراء الغربية عامال جديدا‬
‫تجندت لها الدبلوماسية الجزائرية في القارة اإلفريقية لكسب التأييد لموقفها بشان هذه القضية‪ ،‬ثم دخلت السياسة‬
‫الخارجية الجزائرية في حالة من األفول عالميا وبالخصوص في إفريقيا سيما في سنوات التسعينيات‪ ،‬بفعل‬
‫عوامل عدي دة منها‪ :‬تجد السياسة اإلفريقية للجزائر أساساتها في الجغرافيا والتاريخ‪ .‬فقد أدرك صناع القرار‬
‫الجزائريين أهمية الدعم اإلفريقي منذ مؤتمر باندونغ ‪ .1955‬أين أيدت الدول اإلفريقية المطالب الجزائرية‬
‫الشرعية‪ ،‬فسنوات الستينيات والسبعينيات والتي شكلت العصر الذهبي للسياسة الخارجية الجزائرية تميزت بتكثيف‬
‫حركتها في القارة اإلفريقية على الخصوص‪ .‬فمن خالل تحليل كال من ميثاق طرابلس‪ ،‬دستور ‪ ،1963‬ودستور‬
‫‪ ،1976‬يمكن استخالص عدة أسس حکمت هذه العالقات في‪:‬‬
‫‪-1‬التضامن السياسي في إطار كفاح الدول اإلفريقية من أجل التحرر‪ ،‬ومحاربة التمييز العنصري واالمبريالية‪.‬‬
‫‪ -2‬المتغير األيديولوجي والسياسي كان المحدد األساسي الذي دفع الجزائر على التركيز على إفريقيا في‬
‫سياستها الخارجية‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -3‬وظفت الجزائر دورها الريادي في القارة اإلفريقية في كثير من األحيان مطالب اقتصادية خاصة باستكمال‬
‫دول العالم الثالث الستقاللها االقتصادي واستغالل مواردها بنفسها‪ ،‬واعادة النظر في النظام االقتصادي العالمي‪،‬‬
‫والتي القت تأييد كل دول العالم الثالث السيما الدول اإلفريقية‪،‬من هنا تأكد للجزائر الدورالدبلوماسي اإلفريقي‪.1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العالقات التجارية بين الجزائر ودول إفريقيا‬

‫عرفت العالقات التجارية بين الجزائر ودول إفريقيا تطو ار كبي ار مع مرور السنوات وهذا راجع إلى زيادة الترابط‬
‫بين الدول اإلفريقية خاصة بعد اإلعالن عن إنشاء اإلتحاد اإلفريقي وفيما يلي نوضح تطور العالقات التجارية‬
‫بين الجزائر ودول إفريقيا‪.‬‬

‫الجدول رقم(‪ :)09‬تطور المبادالت التجارية بين الجزائر و إفريقيا من ‪ 2011‬الى ‪ :2020‬الوحدة (مليار دوالر)‬
‫السنوات‬

‫‪2011 2012 2013 2014 2015 2016 2017 2018 2019 2020‬‬
‫الميزان‬
‫تجاري‬

‫الواردات‬ ‫‪6.08‬‬ ‫‪3.13‬‬ ‫‪2.07‬‬ ‫‪1.68‬‬ ‫‪1.48‬‬ ‫‪1.51‬‬ ‫‪1.20‬‬ ‫‪1.72‬‬ ‫‪1.26‬‬ ‫‪0.65‬‬
‫الصادرات‬ ‫‪3.11‬‬ ‫‪3.36‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3.28‬‬ ‫‪2.19‬‬ ‫‪1.79‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪2.26‬‬ ‫‪2.63‬‬ ‫‪0.64‬‬
‫الرصيد‬ ‫‪2.97‬‬ ‫‪0.23‬‬ ‫‪0.93‬‬ ‫‪1.6‬‬ ‫‪0.71‬‬ ‫‪0.28‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪0.54‬‬ ‫‪1.37‬‬ ‫‪0.01‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الطلبة اعتمادا على معطيات موقع ‪.www.trademap.com‬‬

‫من خالل الجدول رقم (‪ ) 09‬نالحظ أن واردات الجزائر من افريقيا في انخفاض مستمر مع مرور السنوات حيث‬
‫سجلت سنة ‪ 2011‬قيمة ‪ 6.08‬مليار دوالر لتصل الى قيمة ‪ 1.26‬مليار دوالر سنة ‪ ،2019‬وهذا راجع الى‬
‫دخول الجزائر في عدة اتفاقيات تجارية مع دول االتحاد االوروبي والصين و ضعف العالقات التجارية الجزائرية‬
‫االفريقية‪ ،‬وتواصل هذا االنخفاض سنة ‪ 2020‬تزامنا مع جائحة كورونا‪ .‬أما بالنسبة للصادرات الجزائرية للدول‬
‫االفريقية فنالحظ أن هناك تفاوت مع مرور السنوات سواءا باإلنخفاض أو اإلرتفاع حيث شهدت قيمة الصادرات‬
‫سنة ‪ 2011‬قيمة ‪ 3.11‬مليار دوالر بينما ارتفعت سنة ‪ 2012‬لقيمة ‪ 3.36‬مليار دوالر لتنخفض سنة ‪2013‬‬
‫لقيمة ‪ 3‬مليار دوالر أمريكي لتصل سنة ‪ 2019‬لقيمة ‪ 2.63‬مليار دوالر وترجع أسباب هذا التفاوت إلى إعتماد‬
‫الجزائر بشكل كبير في صادراتها على المواد األولية خاصة المحروقات التي يشهد سوقها نوعا من ال إستقرار‬
‫في السعر والعرض والطلب‪.‬‬

‫عاشور فضيلة‪ ،‬دراسة عالقات الجزائر والدول المجاورة لها‪ ،‬مجلة العلوم اإلجتماعية‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬الجزائر‪ ،2018 ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.60-54‬‬

‫‪62‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الجدول رقم (‪ :)10‬تطور المبادالت التجارية بين الجزائر و مناطق من القارة االفريقية من ‪ 2016‬الى ‪:2020‬‬
‫الوحدة (مليار دوالر)‬
‫السنوات‬ ‫المبادالت‬
‫‪2016‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2020‬‬
‫المناطق‬ ‫التجارية‬

‫شرق‬ ‫جنوب‬ ‫الصادرات‬ ‫‪0.35‬‬ ‫‪0.40‬‬ ‫‪0.42‬‬ ‫‪0.49‬‬ ‫‪0.17‬‬


‫افريقيا‬
‫الواردات‬ ‫‪0.43‬‬ ‫‪0.41‬‬ ‫‪1.03‬‬ ‫‪0.56‬‬ ‫‪0.49‬‬
‫(الكوميسا)‬

‫الصادرات‬ ‫‪1.36‬‬ ‫‪1.31‬‬ ‫‪1.76‬‬ ‫‪1.99‬‬ ‫‪0.43‬‬


‫الدول المغاربية‬
‫الواردات‬ ‫‪0.90‬‬ ‫‪0.66‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪0.55‬‬ ‫‪0.13‬‬

‫الصادرات‬ ‫‪0.0011‬‬ ‫‪0.0006‬‬ ‫‪0.0002‬‬ ‫‪0.0003‬‬ ‫‪-‬‬


‫شرق افريقيا‬
‫الواردات‬ ‫‪0.003‬‬ ‫‪0.023‬‬ ‫‪0.004‬‬ ‫‪0.002 0.0019‬‬

‫الصادرات‬ ‫‪0.0058‬‬ ‫‪0.0063‬‬ ‫‪0.0089‬‬ ‫‪0.014 0.0031‬‬


‫غرب افريقيا‬
‫الواردات‬ ‫‪0.0095‬‬ ‫‪0.0061‬‬ ‫‪0.0082‬‬ ‫‪0.0096 0.0002‬‬

‫الصادرات‬ ‫‪0.0001‬‬ ‫‪0.0004‬‬ ‫‪0.0005‬‬ ‫‪0.00005‬‬ ‫‪-‬‬


‫وسط افريقيا‬
‫الواردات‬ ‫‪0.0008‬‬ ‫‪0.0008‬‬ ‫‪0.0003‬‬ ‫‪0.0001‬‬ ‫‪-‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الطلبة اعتمادا على موقع ‪www.trademap.com‬‬

‫من خالل الجدول رقم (‪ )10‬نالحظ أن المبادالت التجارية مع مناطق التجارة في إفريقيا ضعيفة‪ ،‬وتعتبر منطقة‬
‫إتحاد المغرب العربي أكبر شريك تجاري للجزائر في إفريقيا إذ وصلت قيمة صادرات الجزائر نحو الدول‬
‫المغاربية حوالي ‪ 1.99‬مليار دوالر أمريكي سنة ‪ 2019‬كأكبر قيمة بين ‪ 2016‬و‪ 2020‬كما شهدت واردات‬
‫الجزائر من الدول المغاربية إنخفاضا مع مرور السنوات ‪ .‬وتعتبر منطقة الكوميسا ثاني أكبر شريك تجاري‬
‫للجزائر حيث تعتبر أكبر مورد للجزائر بين كل المناطق اإلفريقية بقيمة تتراوح بين ‪ 0.4‬و ‪1‬مليار دوالر‬
‫أمريكي وهدا راجع إال تطور الصناعة في دول الكوميسا خاصة مصر و إثيوبيا ورواندا‪ .‬أما بقية المناطق‬
‫المناطق فقيمها تعتبر ضعيفة جدا بسبب ضعف إقتصاديات دول منطقة غرب ووسط إفريقيا بإستثناء نيجيريا‬
‫التي تعتبر من أكثر الدول تعامال مع الجزائر تجاريا خاصة في مجال المحروقات‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اإلستثمارات بين الجزائر وافريقيا‬

‫‪63‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫كانت والزالت إفريقيا شريك إقتصادي مهم للجزائر‪ ،‬لذلك تبحث الجزائر دائما لإلستثمار داخل القارة اإلفريقية‬
‫وكذلك الحال بالنسبة للدول اإلفريقية التي تبحث عن فرص ومناخ لإلستثمارفي الجزائر بسبب موقعها الجغرافي‬
‫المساعد والقريب من األسواق الدولية لتسهيل المبادالت مع الدول الكبرى‪ .‬رغم ذلك التزال األستثمارات بين‬
‫الجزائر وافريقيا ضعيفة وهو ما يوضحه الجدول الموالي‬

‫الجدول رقم(‪ :)11‬اإلستثمار األجنبي المباشر بين الجزائر وافريقيا(مليون دوالر)‬

‫‪2019‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪(2007-2005‬المتوسط‬ ‫الفترة‬


‫السنوي )‬
‫اإلستثمارات‬
‫‪83‬‬ ‫‪880‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪55‬‬ ‫اإلستثمارات الخارجة‬
‫من الجزائر‬
‫‪45 368‬‬ ‫‪50 577‬‬ ‫‪41 535‬‬ ‫‪46 023‬‬ ‫‪38 323‬‬ ‫اإلستثمارات الداخلة‬
‫إلى إفريقيا‬
‫اإلستثمارات الخارجة‬
‫من الجزائر بالنسبة‬
‫‪0.18‬‬ ‫‪0.017‬‬ ‫‪0.021‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪0.14‬‬ ‫لإلستثمارات الداخلة‬
‫إلى إفريقيا (النسب‬
‫المئوية)‬
‫المصدر‪ :‬من إعداد الطلبة إعتمادا على معطيات موقع ‪. www.unctad.com‬‬

‫من خالل الجدول رقم (‪ )11‬تبين أن اإلستثمارات األجنبية المباشرة الخارجة من الجزائر قيمتها ضعيفة جدا‬
‫حيث أنه سنة ‪ 2018‬سجلت قيمة قدرها ‪ 880‬مليون دوالر كأعلى قيمة في السنوات الماضية‪ .‬واذا تمت مقارنة‬
‫هذه القيمة مع قيمة اإلستثمارات األجنبية المباشرة الد\خلة إلى إفريقيا في نفس السنة نجد أنها ال تتعدى نسبة‬
‫‪ % 0.1‬وهذا إذا إعتبرنا أن جميع اإلستثمارات الجزائرية موجهة إلى الدول اإلفريقية‪ .‬فهذه النسبة تعتبر مخفضة‬
‫جدا ما يدل على ضعف اإلستثمار الجزائري في العام بصفة عامة و القارة اإلفريقية بشكل خاص‪ ،‬وعدم قدرة‬
‫الجزائر على منافسة الدول األكثر إستثما ار في القارة كدول اإلتحاد األوروبي و الواليات المتحدة األمريكية‬
‫والصين‪.‬‬
‫ومن بين اإلستثمارات الجزائرية في القارة نجد إستثمار شركة سوناطراك في كل من ليبيا و النيجر ومالي فقط‬
‫وهذا ما يدل على أن الجزائر ال تمتلك المؤهالت اإلستثمارية الكبيرة التي تسمح لها بالتوغل داخل القارة خاصة‬
‫في المجال اإلستثماري واستغالل الفرص الموجودة داخل القارة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫كذلك الحال بالنسبة إلستثمار الدول اإلفريقية في الجزائر إذ نجد بعض اإلستثمارات من دولتي مصر وجنوب‬
‫إفريقيا لكن تبقى بقيم ضعيفة وهذا راجع لضعف المناخ اإلستثماري في الجزائر من غياب اإلستقرار السياسي‬
‫واألمني وكذلك ضعف اإلقتصاد المحلي وضعف البنوك والبيئة المصرفية كلها عوامل ال تساعد على جذب‬
‫اإلستثمارات ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الفرص والتحديات التي تواجه الجزائر ضمن منطقة التجارة الحرة القارية‬
‫اإلفريقية‬
‫لقد أثبثت الجزائر مرة أخرى وفاءها بإلتزاماتها تجاه القارة اإلفريقية المكرس في دستورها‪ ،‬وايمانا منها بأن‬
‫منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية ستحقق لها منافع إقتصادية كبيرة على المدي المتوسط والبعيد وفي هذا‬
‫المبحث سنتناول عن أهم الفرص و التحديات التي تواجه الجزائر ضمن هذه المنطقة وتم تقسيم المبحث إلى‬
‫مطلبين األول يتناول الفرص التي تستفيد منها الجزائر والثاني يوضح التحديات التي تواجه الجزائر ضمن هذه‬
‫المنطقة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الفرص التي تستفيد منها الجزائر ضمن منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬

‫التزمت الجزائر باإلتفاق المبرم المؤسس لمنطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية من خالل التوقيع عليه خالل‬
‫القمة اإلستثنائية التي عقها اإلتحاد اإلفريقي في ‪ 21‬مارس ‪ 2018‬بكيغالي (رواندا)‪ ،‬لتنضم إلى ‪ 52‬دولة‬
‫إفريقية موقصة من أصل ‪ 55‬من أعضاء اإلتحاد اإلفريقي‪.‬‬
‫ستشكل منطقة التبادل الحر فرصة سانحة للجزائر لمواصلة تطوير وانعاش صادراتها خارج المحروقات مما يفتح‬
‫أمامها أبواب السوق اإلفريقية التي ستنفتح بدورها على المنتج الجزائري‪ .‬وتعتبر هذه المنطقة فرصة هامة‬
‫لتكثيف و تطوير التجارة البينية التي من المنتظر أن تعرف ارتفاعا محسوسا‪ ،‬فضال عن دعم أهداف التكامل‬
‫واالندماج القاري من خالل التجارة و االستثمار‪ ،‬اللذين يعتبران عنصرين رئيسيين لدعم النمو و التنمية‬
‫االقتصادية المستدامة‪ .‬فالسوق اإلفريقية تمتلك مؤهالت وقدرات إقتصادية كبيرة إذ تشكل سوقا ب ‪ 1.2‬مليار‬
‫نسمة بقيمة ‪ 3000‬مليار دوالر‪ ،‬ومن المتوقع أن ترتفع نسبة المبادالت التجارية مع الدول اإلفريقية بنسبة ‪%52‬‬
‫بدل النسبة الحالية التي ال تزيد عن ‪ .%16‬تنمية التجارة البينية سيساهم في تطوير سالسل القيمة اإلقليمية و‬
‫التصنيع و خلق فرص العمل‪ ،‬زيادة على أن اإللغاء التدريجي للرسوم الجمركية بين البلدان اإلفريقية بعد الدخول‬
‫الفعلي لمنطقة التجارة الحرة‪ ،‬بنسبة ‪ %90‬من بنود التعريفة الجمركية خالل مدة ‪ 5‬سنوات‪ ،‬وسيعطي أولوية‬
‫للشركات اإلفريقية في تلبية حاجيات السوق اإلفريقية المتزايدة واالستفادة من مزاياها وبالتالي إستفادة الشركات‬
‫الجزائرية من زيادةالعائد من األرباح بعد فتح األسواق مع الدول اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -‬ستسمح منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية للمتعاملين اإلقتصاديين و المؤسسات الناشئة بحرية التنقل لرجال‬
‫األعمال واإلستثمار وهذا ما سيساهم في زيادة حجم التدفقات التجارية والماللية بين الجزائر ودول إفريقيا ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية ستسهل عملية استيراد المواد الخام من البلدان اإلفريقية األخرى والعالم‬
‫أجمع‪ ،‬كما ستمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة من إنشاء شركات تجميع في بلدان اإلفريقية األخرى من أجل‬
‫الوصول إلى وسائل إنتاج أرخص‪ ،‬وبالتالي زيادة أرباحها النهائية‪.‬‬
‫‪ -‬ستستفيد الجزائر من المزايا التي سيوفرها الطريق العابر للصحراء الذي يربط الجزائر بالغوس في نيجيريا‪،‬‬
‫وخط أنابيب الغاز بين الجزائر ونيجيريا‪ ،‬الذي يعتبر بمثابة المشروع الحلم من أجل تحقيق االندماج اإلقليمي‬
‫والتكامل االقتصادي السيما بين دول المغرب العربي ومنطقة الساحل وتجمع دول غرب أفريقيا وكذا ربطه‬
‫بالموانئ الجزائرية خاصة ميناء شرشال الجديد وميناء جن جن بجيجل وبالتالي ستستفيد الجزائر من التعريفات‬
‫الجمركرية من خالل تصدير السلع الخاصة بالدول اإلفريقية‪ .‬وتعول الجزائر على هذا المشروع القتحام السوق‬
‫األفريقية التي تضم أكثر من ‪ 700‬مليون نسمة من الدول التي سترتبط بالطريق‪ ،‬وهي تونس والنيجر وبوركينا‬
‫فاسو ومالي ونيجيريا والبلدان المجاورة لها‪ .‬كما سيساهم هذا المشروع في تقليص التكاليف اللوجيستيكية سيما‬
‫المتعلقة بالنقل وكذا إنشاء شبكة بنوك جزائرية لتسهيل المعامالت كما سيربط هذا الطريق مع طريق الحرير‬
‫الصيني وهو ما يساعد على توسع الجزائر وافريقيا في السوق العالمي‪.‬‬
‫‪ -‬ستسمح منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية للشركات متعددة الجنسيات بالشراكة مع الشركات المحلية‬
‫لتطوير المواد الخام‪ ،‬وتدريبها على أفضل الممارسات ونقل التكنولوجيا في هذه العملية‪.‬‬
‫‪ -‬تسعى الجزائر من خالل موقعها الجغرافي داخل إفريقيا إلى جلب اإلستثمارات والعوائد من خالل منطقة‬
‫التبادل الحر القارية اإلفريقية حيث تراهن الجزائر على إزالة كافة العوائق والقيام بإصالحات جمركية وضريبية‬
‫بهدف تحفيز اإلقتصاد والخروج من التبعية النفطية الحالية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات التي تواجه الجزائر ضمن منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬

‫من بين التحديات التي تواجه الجزائر ضمن منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية مايلي ‪:‬‬
‫‪ -‬تنسيق االقتصادات غير المتجانسة وغير المتناغمة مع دول إفريقيا بموجب اتفاقية واحدة بسبب التنوع الكبير‬
‫الموجود في مستويات التنمية بين مختلف الدول اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم جاهزية الجزائر للولوج إلى تجربة منطقة التبادل الحر األفريقية‪ ،‬بحكم أنها خسرت الكثير بسبب اتفاقية‬
‫الشراكة مع االتحاد األوروبي‪ ،‬وعجزها عن الموازنة بين ما تصدره وما تستورده من شركائها اإلقتصاديين‪.‬‬
‫‪ -‬تنويع الصادرات حيث أن الجزائر ضعف في صادراتها خارج المحروقات‪ ،‬فهي لم تتجاوز مليارين و‪830‬‬
‫دوالر خالل ‪ ، 2018‬وأغلبها تمثل مواد نصف مصنعة ولذلك وجب على الجزائر تنويع صادراتها لإلستفادة من‬
‫المزايا المتوقعة من منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف االقتصاد "الريعي" في الجزائر واعتماد الصناعة على المواد األولية المستوردة‪ ،‬كلها عوامل تجعلها‬
‫غير قابلة للتنافس خارجيا وغير معروفة وتواجه منافسة كبيرة من الدول المستثمرة داخل القارة اإلفريقية و السوق‬
‫اإلفريقية خاصة الصين والهند وتركيا‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬غياب اإلستثمار الجزائري في إفريقيا وكذلك غياب اإلستثمار اإلفريقي في الجزائر‪ ،‬لكن مع دخول الجزائر‬
‫لمنطقة التبادل الحر اإلفريقية سيؤدي إلى فتح األبواب أمام إنتقال المستثمرين بحرية أكبر داخل القارة وبالتالي‬
‫ظهور المنافسة بين الدول اإلفريقية ودول األخرى المستثمرة داخل الجزائر وكذلك المنافسة بين الجزائر والدول‬
‫المستثمرة داخل القارة‪ .‬والجدولين المواليين يوضحان أهم الدول المستثمرة في الجزائر بين سنتي ‪2015‬‬
‫و‪.2019‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)12‬أهم الدول المستثمرة في الجزائر (اجمالي الفترة مابين جانفي ‪ -2015‬ديسمبر ‪)2019‬‬

‫عدد الشركات‬ ‫عدد المشاريع‬ ‫التكلفة (مليون دوالر)‬ ‫الدولة‬


‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪6,000‬‬ ‫هونج كونغ‬
‫‪7‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪3,827‬‬ ‫الصين‬
‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3,151‬‬ ‫سنغافورة‬
‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪2,266‬‬ ‫فرنسا‬
‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1,533‬‬ ‫مصر‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪714‬‬ ‫تركيا‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪666‬‬ ‫قطر‬
‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪517‬‬ ‫اسبانيا‬
‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪400‬‬ ‫سويس ار‬
‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪385‬‬ ‫اليابان‬
‫‪108‬‬ ‫‪134‬‬ ‫‪1,576‬‬ ‫اخرى‬
‫‪152‬‬ ‫‪188‬‬ ‫‪21,056‬‬ ‫االجمالي‬
‫المصدر‪ :‬المنظمة العربية لضمان اإلستثمار وائتمان الصادرات‪.‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)13‬توزيع تكلفة االستثمارات الواردة الى الجزائر حسب األقاليم المستثمرة (يناير ‪-2015‬‬
‫ديسمبر ‪)2019‬‬

‫‪%‬‬ ‫التكلفة (مليون دوالر)‬ ‫األقاليم المستثمرة‬


‫‪%65‬‬ ‫‪13,606‬‬ ‫آسيا و المحيط الهادئ‬
‫‪%19‬‬ ‫‪4,019‬‬ ‫أوروبا الغربية‬
‫‪%8‬‬ ‫‪1581‬‬ ‫افريقيا‬
‫‪%4‬‬ ‫‪882‬‬ ‫الشرق األوسط‬
‫‪%3‬‬ ‫‪714‬‬ ‫الدول األوروبية الناشئة‬
‫‪%1‬‬ ‫‪254‬‬ ‫أمريكا الشمالية‬
‫المصدر‪ :‬المنظمة العربية لضمان اإلستثمار وائتمان الصادرات‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫من خالل الجدول رقم (‪ )12‬و(‪ )13‬غياب الدول اإلفريقية عن قائمة الدول األكثر استثما ار في الجزائر ماعدا‬
‫مصر التي تمتلك حوالي ‪ 3‬شركات مستثمرة بقيمة إجمالية تقدر ب‪ 1.5‬مليار دوالر سنة ‪ .2019‬وتعتبر دول‬
‫اإلتحاد األوروبي من أكثر الدول إستثما ار في الجزائر وكذلك بالنسبة للصين بقيمة تقدر ب ‪ 3.1‬مليار دوالر‬
‫وهونغ كونغ بقيمة ‪ 6‬مليار دوالر‪ .‬مع فتح اإلستثمارات مع الدول اإلفريقية من خالل منطقة التبادل الحر‬
‫ستواجه الجزائر منافسة كبيرة مع الدول الكبرى المستثمرة في القارة باعتبار هذه الدول تمتلك التكنولوجبا الحديثة‬
‫التي تساعدها في الرفع من قدراتها اإلستثمارية عكس الجزائر التي حاليا التمتلك قدرات تنافسية إستثمارية تسمح‬
‫لها بمنافسة هذه الدول على مستوى القارة‪ .‬كذلك الحال بالنسبة للدول اإلفريقية في إستثمارها داخل الجزائر‪ ،‬لذلك‬
‫وجب على الجزائر توفير مناخ إستثماري يسمح لها بالمنافسة الخارجية‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)7‬الدول العشرة األكثر إستثما ار في إفريقيا في عامي ‪ 2014‬و ‪( 2018‬الوحدة‪ :‬مليار دوالر)‬

‫المصدر‪ :‬منظمة األمم المتحدة للتجارة والتنمية‪.‬‬

‫من خالل الشكل رقم (‪ )07‬نالحظ ان أكبرالدول المستثمرة في افريقيا ممثلة ببعض الدول األوروبية الغربية‬
‫بقيمة أكثر من ‪ 175‬مليار دوالر أمريكي باإلضافة الواليات المتحدة األمريكية بقيمة ‪ 48‬مليار والصين بقيمة‬
‫‪ 46‬مليار دوالر وبعض الدول اآلسيوية ‪ 41‬مليار دوالر حسب إحصائيات سنة ‪ .2018‬و تعتبر جنوب افريقيا‬
‫الدولة االفريقية الوحيدة ضمن اكبر الدول استثما ار في افريقيا سنتي (‪ )2014-2018‬ب ‪ 25‬مليار دوالر سنة‬
‫‪ 2014‬و‪ 35‬مليار دوالر في ‪ ،2018‬بينما تعتبر هوالندا وفرنسا أكبر المستثمرين في افريقيا في هذه الفترة ب‬
‫‪ 79‬و ‪ 53‬مليار دوالر على التوالي ‪ .‬مما يدل على قوة االستثمارات األجنبية وسيطرت الدول الكبرى على‬
‫المشاريع في القارة وهذا يعتبر تحدي أمام الجزائر للدخول في المنافسة مع هذه الدول في المنطقة اإلفريقية‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬ضعف التجارة البينية بين الجزائر ودول إفريقيا يعتبر عائق للجزائر لمحاولة زيادة التبادل التجاري مع الدول‬
‫اإلفريقية ومنافسة الدول األكثر شراكة مع الدول اإلفريقية تجاريا والجدول الموالي يوضح أكثر الدول تصدي ار‬
‫واسترادا من والى الجزائر‪.‬‬
‫الجدول رقم (‪:)14‬أهم الدول المصدرة والمستورة من والى الجزائر سنة ‪.2019‬‬

‫أهم ‪ 5‬دولتستوردالسلعمنالجزائر‬ ‫أهم ‪ 5‬دول تصدر السلع الى الجزائر‬


‫‪ %‬مناالجمالي‬ ‫القيمة (مليون ‪)$‬‬ ‫الدولة‬ ‫القيمة (مليون ‪ % )$‬من االجمالي‬ ‫الدولة‬
‫‪16.1‬‬ ‫‪6,740‬‬ ‫إيطاليا‬ ‫‪16.2‬‬ ‫‪7.923‬‬ ‫الصين‬
‫‪13.5‬‬ ‫‪5,638‬‬ ‫اسبانيا‬ ‫‪12.7‬‬ ‫‪6.208‬‬ ‫فرنسا‬
‫‪11.8‬‬ ‫‪4,915‬‬ ‫فرنسا‬ ‫‪9.1‬‬ ‫‪4.802‬‬ ‫روسيا‬
‫‪11.4‬‬ ‫‪4,782‬‬ ‫الواليات‬ ‫‪8.1‬‬ ‫‪3.961‬‬ ‫اسبانيا‬
‫المتحدة‬
‫االمريكية‬
‫‪6.9‬‬ ‫‪2,896‬‬ ‫المملكة‬ ‫‪7.4‬‬ ‫‪3.642‬‬ ‫ايطاليا‬
‫المتحدة‬
‫المصدر‪ :‬المنظمة العربية لضمان اإلستثمار وائتمان الصادرات‪.‬‬

‫من خالل الجدول رقم (‪ )14‬نالحظ أن دول اإلتحاد األوروبي الشريك اإلقتصادي رقم واحد للجزائر كما تعتبر‬
‫الصين أكبر مصدر للسلع في الجزائر بقيمة تقدر ب ‪ 8‬مليار دوالر بنسبة ‪ %16.2‬من قيمة الصادرات‬
‫الجزائرية‪ .‬أما بالنسبة للورادات فدول اإلتحاد األوروبي أكبر مستورد من الجزائر بنسبة تزيد عن ‪ %35‬من‬
‫إجمالي الواردات الجزائرية‪ .‬مع غياب للدول اإلفريقية بنسب ضعيفة جدا مقارنة مع الدول الخمس األولى‬
‫وبالتالي فهذا يعتبر تحدي أمام الجزائر لإلستفادة من منطقة التبادل الحر لزيادة حجم الصادرات والواردات مع‬
‫الدول اإلفريقية وكذلك اإلستفادة من المزايا التي تمنحها هذه المنطقة خاصة فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية‬
‫وحرية تنقل السلع بين الدول اإلفريقية‪ ،‬وكذلك منافسة الدول المتعاملين التجاريين داخل القارة‪.‬‬
‫‪ -‬تخوف الجزائر من الخسائر والمكاسب الغير متساوية بين الدول خاصة مع ضعف اإلنتاج المحلي وعدم قدرة‬
‫المنتجين الصغار على المنافسة أمام الشركات الكبرى العالمية المستثمرة في دول إفريقيا خاصة في المجال‬
‫الزراعي و السياحي‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور مشكل الهجرة غير الشرعية ومشكل الصراعات العرقية داخل القارة أدى إلى تخوف الجزائر من فتح‬
‫الحدود بين بعض الدول عتبار الجزائر بوابة إفريقيا نحو أوروبا‪.‬‬
‫‪ -‬التجارة غير شرعية ومشكل تبييض األموال والمشاكل الحدودية مع بعض الدول خاصة المغرب ودول منطقة‬
‫الساحل اإلفريقي ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المبحث الثالث‪ :‬السيناريوهات المحتملة ألثر منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية على‬
‫اإلقتصاد الجزائري‬
‫منذ دخول الجزائر في إتفاقية التجارة الحرة القارية اإلفريقية وهي تبحث عن حلول لإلستفادة من المزايا التي‬
‫تمنحها المنطقة ومحاولة إيجاد حلول للتحديات والعقبات التي تواجهها من خالل القيام بمجموعة من‬
‫اإلصالحات اإلقتصادية واإلجتماعية‪ .‬وفي هذا المبحث سنتناول مجموعة من السيناريوهات المحتملة التي‬
‫ستواجه اإلقتصاد الجزائري في منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية‪ ،‬وقد تم تقسيم البحث إلى ثالث مطالب‪،‬‬
‫المطلب األول يتناول سيناريو تشاؤمي والمطلب الثاني سيناريو تفائلي أما المطلب الثالث سيتناول سيناريو‬
‫خطي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬السيناريو التشائمي‬

‫ستشهد الجزائر إنخفاضا كبي ار في المؤشرات اإلقتصادية واإلجتماعية نتيجة مواصلة أسعار النفط في‬
‫اإلنخفاض‪ ،‬باعتبار اإلقتصاد الجزائري إقتصاد ريعي واعتماد الدولة في مداخيلها على البترول بشكل أساسي‬
‫والجدول الموالي يوضح قيم ونسب بعض المؤشرات اإلقتصادية واإلجتماعية في الجزائر‬

‫الشكل رقم (‪:)15‬بعض المؤشرات اإلقتصادية واإلجتماعية في الجزائر سنة ‪:2019‬‬

‫إجمالي‬ ‫الميزان‬ ‫نصيب‬ ‫الناتج‬ ‫معدل‬ ‫معدل‬ ‫معدل‬ ‫معدل‬ ‫المؤشر‬


‫التجاري الدين‬ ‫الفرد‬ ‫المحلي‬ ‫الفقر‬ ‫التضخم البطالة‬ ‫النمو‬
‫الحكومي‬ ‫اإلجمالي من‬ ‫السكاني‬
‫الدخل‬
‫‪1.8 -6.11‬‬ ‫‪3300‬‬ ‫‪171.1 %29.2 %11.4‬‬ ‫‪%4.1‬‬ ‫‪%1.9‬‬ ‫القيمة‬
‫مليار‬ ‫مليار‬ ‫دوالر‬ ‫مليار‬ ‫(النسبة)‬
‫دوالر‬ ‫دوالر‬ ‫دوالر‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الطلبة إعتمادا على معطيات صندوق النقد الدولي‪.‬‬

‫في ظل هذه المؤشرات من المتوقع أن تواصل اإلرتفاع خاصة في معدالت التضخم والبطالة نتيجة‬
‫السياسات المنتهجة من طرف الحكومة ومواصلتها اإلعتماد على النفط كمصدر أولي لدخل الدولة‪.‬‬
‫يعتبر اإلقتصاد الجزائري إقتتصادا ريعيا يعتمد بشكل كبير على النفط ويتأثر بإنخفاض أسعاره ‪ .‬ومن المتوقع أن‬
‫تواصل أسعار النفط في اإلنخفاض ما سيؤدي إلى تدهور الوضع يوما بعد يوم وهذا راجع إلى ضعف‬
‫اإلمكانيات اإلنتاجية والصناعية للدولة وتدهور قيمة العملة المحلية مقارنة بالعمالت األساسية المعتمدة في‬
‫اإلستراد ما يؤدي إلى ظهور مشكلة الركود اإلقتصادي أين تتقلص الرغبة في اإلستثمار وبالتالي ترتفع أسعار‬

‫‪70‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫التضخم (‪ )4.1%‬ما يؤدي إلى إرتفاع معدالت البطالة (‪ )11.4%‬بسبب تجميد التوظيف والمشاريع في القطاع‬
‫العام‪ .‬ومع وجود بيئة إستثمارية غير مساعدة لن تستفيد الجزائر من الفرص المتاحة في منطقة التبادل الحر‬
‫القارية اإلفريقية فالمستثمر األجنبي تواجهه عدة عراقيل في الجزائر نذكر منها‪ :‬ضعف أداء البنوك المحلية‬
‫وكذلك ضعف األنضمة المصرفية والقيود المتعلقة بالقانون ‪ 51/49‬الخاصة بالمستثمر األجنبي‪ .‬حيث أن قيمة‬
‫اإلستثمارات بين الجزائر ودول إفريقيا التتعدى ‪ %0.1‬من مجموع اإلستثمارات الداخلة إلى الجزائر(الشكل رقم‬
‫‪ )6‬ومع مواصلة السياسات الحالية ستكون قيمة هذه اإلستثمارات أقل وستنخفض قيمة التبادل التجاري بين‬
‫الجزائري و دول إفريقيا إلى أقل من ‪ 1.37‬مليار دوالر المسجلة سنة ‪( 2019‬الجدول رقم‪.) 8‬‬
‫‪ -‬محدودية اإلستثمار وعدم القدرة على تحقيق اإلكتفاء الذاتي في أغلب المجاالت‪ ،‬وعدم وجود طرق تربط‬
‫الج ازئر مع دول الجوار ما سيصعب المأمورية في التوغل داخل القارة اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -‬تآكل إحتياطي الصرف األجنبي في السنوات القادمة يأثل بالسلب على اإلقتصاد في المدى المتوسط‬
‫والطويل‪.‬‬
‫‪ -‬عدم القيام باإلصالحات الالزمة سيؤدي بالجزائر إلى مواصلة الغرق في السياسات الحالة وتفاقم الوضع من‬
‫تدهور إقتصادي‪ .‬وللقيام بهذه اإلصالحات يتطلب إستقرار سياسي واقتصادي وهو ما ال تمتلكه الجزائر في ظل‬
‫األزمة الحالية وهذا ما سيؤدي إلى عدم اإلستفادة الفرص التي ستمنحها منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم القدرة على المنافسة أمام أطماع الدول الكبرى التي تحاول إستنزاف ثروات البلدان اإلفريقية و غزو‬
‫السوق اإلفريقية خاصة الشركات الصغيرة خاصة مع تدني أسعار السلع المستوردة من خارج القارة‪.‬‬
‫في ظل هذا الوضع لن تستفيد الجزائر من منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية ما لم تستطع الخروج من أو‬
‫تعالج مشاكل ها الداخلية خاصة تلك المتعلقة بالمجال اإلقتصادي و اإلجتماعي ‪ ،‬فالهدف من عقد إتفاقية التبادل‬
‫الحر الحر هو اإلستفادة القصوى من المزايا الممنوحة وكذلك تطوير اإلقتصاد الوطني والبحث عن أسواق جديدة‬
‫‪1‬‬
‫لتسويق المنتجات المحلية والتوسع لفرض كلمة الجزائر في المحافل اإلفريقية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬السيناريو التفائلي‬

‫التحقت الجزائر رسيما باتفاقية منطقة التبادل الحرة األفريقية بداية ‪ ، 2021‬وحينها‪ ،‬أكد وزير التجارة كمال‬
‫رزيق أن دخول هذه المنطقة سيمكن الجزائر من االستفادة من اإلمكانيات المتوفرة والفرص المتاحة في القارة‪.‬‬

‫وانضمام الجزائر إلى منطقة التجارة الحرة األفريقية يعتبر خيا ار إستراتيجيا‪ ،‬لتحقيق هدف تقليص التبعية لقطاع‬
‫المحروقات‪ ،‬وفرصة من أجل تنويع الصادرات ومحاور الشراكات االقتصادية‪ ،‬حيث يتوقع اإلتحاد اإلفريقي أن‬
‫يؤدي المشروع إلى زيادة المبادالت البينية التجارية بين بلدانها بنسبة تقارب ‪ %60‬بحلول ‪2022‬‬
‫و النقاط التالية كلها عوامل تبعث على التفائل لنجاح الجزائر في هذه المنطقة‪:‬‬

‫نقال عن موقع ‪ https://www.aps.dz/ar/economie‬تمت المعاينة يوم ‪ ، 2021/06/20‬الساعة‪.11:30 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪71‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫قرب المنطقة‪ :‬باعتبار الجزائر دولة افريقية واكبر دول القارة كما لديها حدود مع سبعة دول افريقية مما يزد من‬
‫منافد انتقال المنتجات الجزائرية الى دول القارة خاصة وأن هذا التكتل من شأنه خلق منطقة إقتصادية حجمها‬
‫‪ 3.4‬ترليونات دوالر‪.‬‬
‫الطريق السيار شمال جنوب‪ :‬حيث تسعى الجزائر إلى رفع التبادل التجاري مع بقية الدول اإلفريقية‪ ،‬وخاصة‬
‫بلدان الساحل‪ ،‬عبر طرق برية صحراويةحيث تحاول التأسيس لمنافذ برية عبر صحرائها الشاسعة‪ ،‬اعتمادا على‬
‫معبر‬
‫ا‬ ‫طريق السيار شمال جنوب (قيد اإلنجاز)لزيادة صادراتها نحو بلدان إفريقية‪ ،‬وافتتحت صيف ‪2018‬‬
‫حدوديا بريا ألول مرة مع موريتانيا‪ ،‬لتصدير منتجات جزائرية إلى دول غربي إفريقيا‬
‫العالقات الجيدة مع الدول االفريقية‪ :‬تربط الجزائر مع الدول االفريقية عالقات متينة نظ ار للدور السياسي الذي‬
‫تلعبه على الصعيد الثنائي او المتعدد االطراف حيث تسعى الى ترجمة هذه العالقات السياسية الى عالقات‬
‫اقتصادية تعزز من حجم المبادالت التجارية‬
‫ودعا المشاركون في الطبعة ال‪ 7‬لملتقى إفريقيا لالستثمار و اإلنتاج بعاصمة الجزائر‪ ,‬الجزائر الى قيادة الدول‬
‫االفريقية نحو تجسيد سوقهم الموحدة المنشودة و الخروج بالقارة من مستوى الدول النامية إلى مستوى الدول‬
‫المتقدمة من خالل تشجيع التعاون البيني في اطار منطقة التجارة الحرة القارية االفريقية‪ ,‬التي دخلت حيز التنفيذ‬
‫في الفاتح يناير الماضي‪.‬و دعا ممثلون عن السفارات االفريقية المعتمدة الجزائر لكي تقود الدول االفريقية نحو‬
‫سوق افريقية موحدة و خلق فرص لالستثمار االفريقي بما في ذلك تصدير المنتوجات الجزائرية بكافة القارة‬
‫‪1‬‬
‫االفريقية‪.‬‬
‫وكل هذا يوضح المكانة الجيدة للجزائر عند الدول االفريقية‪.‬‬
‫رابعا القيام باالصالحات االقتصادية‬

‫بإمكاننا في المستقبل ان يكون لنا مكان في افريقيا من خالل القيام باالصالحات التالية‬
‫خامي البترول والغاز‬
‫‪ -‬تطوير اإلنتاج الوطني خارج ّ‬
‫‪ -‬تطوير البيئة االستثمارية الستقطاب االستثمارات االجنبية و القضاء على البطالة من خالل تشجيع االستثمار‬
‫والتصدير‬
‫‪ -‬تطوير القطاع المصرفي و االسواق المالية و تحريرها‬
‫‪ -‬التنويع من الصادرات و البحث عن االسواق للتصدير‬
‫‪ -‬تنويع االستثمارات في مجاالت الزراعة والصناعة والسياحة التي تضمن موارد مختلفة ودائمة لخزينة الدولة‬
‫فاذا تحقق كل ما ذكر ستخرج الجزائر باقتصادها الى بر االمان وستحقق نجاحا باه ار في هذه المنطقة و‬
‫‪2‬‬
‫ستكون منافسا قويا للقوى االقتصادية الكبرى المستثمرة داخلة القارة االفريقية‪.‬‬

‫نقال عن موقع ‪ https://www.aljazeera.net/ebusiness/2020 :‬تمت المعاينة يوم‪ ،2021/06/20 :‬الساعة ‪.12:45:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬نقال عن موقع ‪ https://www.radioalgerie.dz/news/ar/article‬تمت المعاينة يوم ‪ ،2021/06/20‬الساعة ‪.12:20‬‬

‫‪72‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المطلب الثالث‪ :‬السيناريو الخطي‬

‫في هذا السيناريو سنفترض تواصل الوضع الحالي أي مواصلة إعتماد الجزائر على النفط كمصدر أساسي‬
‫لدخل الدولة مع محاولة التحكم في المتغيرات اإلقتصادية من خالل محاولة السيطرة على الوضع اإلقتصاديدون‬
‫القيام بإصالحات شاملة تمس القطاعات األساسية‪.‬‬
‫كما فرضت جائحة كورونا على الحكومة الجزائرية اتخاذ مزيد من اإلج ارءات التقشفية بهدف التصدي لتداعيات‬
‫كورونا‪ ،‬كان من أبرزها خفض اإلنفاق العام بنسبة ‪ %30‬وتأجيل المشروعات الحكومية لمواكبة الضغوط‬
‫االقتصادية ‪ .‬ومن المتوقع أن تبقى المبادالت التجارية بين الجزائر ودول إفريقيا على حالها بقيمة ‪ 0.65‬مليار‬
‫دوالر بالنسبة للصادرات و‪ 0.64‬مليار دوالر بالنسبة للواردات القادمة من إفريقيا إلى الجزائر أو ستزيد هذه‬
‫المبادالت لكن بنسب ضئيلة بسبب التداعيات التي يشهدها العالم جراء جائحة كورونا وكذلك الحال بالنسبة‬
‫لإلستثمارات الخارجة والواردة من والى الجزائر وبالتالي عدم اإلستفادة بشكل كبير من الفرص المتواجدة في‬
‫منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية بسبب الوضع اإلقتصادي الراهن الذي ال يسمح بمخاطرة مع غياب‬
‫اإلصالحات اإلقتصادية واإلجتماعية حاليا‪.‬‬
‫‪ -‬ترقية الصناعات المحلية إلحاللها محل المنتجات المستوردة‪ ،‬والمراهنة في المرحلة المقبلة على عوائد تحول‬
‫الجزائر إلى بوابة إلفريقيا من خالل ميناء الحمدانية‪ ،‬الذي يعتبر األكبر في شمال إفريقيا والطريق السيار شمال‬
‫جنوب الذي يصل إلى قلب إفريقيا‪.‬‬
‫‪ -‬تراجع قيمة العملة حاليا يعتبر أكبر المشاكل التي تواجهها الدولة الجزائرية لكن يتوقع الخبراء اإلقتصاديون أن‬
‫هذا التراجع لن يدوم وسيشهد سعر الصرف تحسنا في حالة تعافي اإلقتصاد الوطني‪ .‬تأكل إحتياطي الصرف‬
‫الذي شهد إنخفاضا كبي ار وتسجيله ألضعف قيمة له منذ سنوات إذ سجلت سنة ‪ 2020‬قيمة تقدر بأقل من ‪47‬‬
‫مليار دوالر وكذلك إنخفاض مداخيل الجزائر من تصدير المحروقات تراجعت نهاية السنة المنقضية ب‪،%8‬‬
‫حيث أنه في عام ‪ 2020‬بلغت صادرات المحروقات ‪ 22‬مليار دوالر‪ ،‬في حين بلغت خالل سنة ‪33 ،2019‬‬
‫مليار دوالر‪.‬‬
‫‪ -‬تريد الجزائر خالل الفترة الحالية االنطالق في تصدير المواد المصنعة محليا‪ ،‬لبلوغ الهدف المسطر ‪،20212‬‬
‫وتحقيق زيادة تتراوح ما بين ‪ 2‬و‪ 3‬مليار دوالر‪ ،‬وبلوغ ‪ 4‬مليار دوالر صادرات خارج المحروقات‪ ،‬مع ضرورة‬
‫إعطاء أهمية خاصة للتصدير نحو الدول اإلفريقية‪ ،‬واستحداث ممثليات عن البنوك والمصارف الجزائرية من‬
‫خالل منطقة التبادل الحر القارية اإلفريقية بهدف إيجاد بدائل أكثر فعالية أمام إنخفاض أسعار المحروقات‪.‬‬
‫‪ -‬سترتفع المبادالت التجارية بين الجزائر ودول منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية بوتيرة ضعيفة خالل الوضع‬
‫الراهن بسبب التبعيات التي يشهدها العالم خالل فيروس كورونا ‪.‬كذلك الحال بالنسبة لإلستثمارات الواردة‬
‫والخارجة من والى الجزائر‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫خالصة الفصل‪:‬‬

‫على الرغم من العالقات التاريخية الجيدة بين الجزائر و الدول االفريقية يبقى حضور الجزائر هامشيا على‬
‫المستوى االقتصادي كحجم المبادالت التجارية الجزائرية االفريقية وهذا لعدة اسباب اهمها‪:‬‬
‫‪-‬ضعف االستثمار والبيئة االستثمارية في الجزائر وكذلك ضعف الصناعة واالنتاج المحلي الموجه للتصدير‬
‫خارج قطاع المحروقات‪.‬‬
‫‪-‬عدم القدرة على منافسة الدول االقتصادية الكبرى المستثمرة في افريقيا من اهم االسواق العالمية‪.‬‬
‫وتمتلك ا لجزائر االمكانيات االقتصادية التي تمكنها من دفع االستثمار في القارة االفريقية و منافسة الدول‬
‫االقتصادية الكبرى والخروج بنتيجة اجابية من هذه المنطقة التجارية و كل هذا رهن نجاح االصالحات‬
‫االقتصادية الواجب اتخادها واالستثمار المحلية الموجه للتصدير الكتساب حصةفي السوق االفريقية والتي تساهم‬
‫في إنعاش االقتصاد الوطني وجلب العملة الصعبة من جهة ومن جهة أخرى القضاء على البطالة وتنويع‬
‫الصادرات والتقليل من االزمات التيتحدث عادة بانهيار قطاع المحروقات‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫إستشراف مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪75‬‬
‫الخاتمـــة‬
‫الخاتمة‬

‫تعتبر منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية ( ‪ (AFCFTA‬أحد المشاريع الرئيسية التي أطلقها‬
‫اإلتحاد اإلفريقي‪ ،‬وهذا بعد استكمال نصاب تصديقات الدول اإلفريقية ودخول اإلتفاقية حيز النفاذ‪ ،‬حيث‬
‫تهدف اإلتفاقية إلى زيا دة التجارة البينية بين الدول األعضاء وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة في إفريقيا‬
‫من خالل إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية‪ ،‬كما أن نجاح تجسيدها سيعود بالفائدة على التنمية‬
‫اإلقتصادية في إفريقيا بصفة عامة‪ ،‬وخطوة أساسية نحو إنشاء سوق إفريقية مشتركة‪ ،‬حيث دخلت منطقة‬
‫التبادل الحر القارية اإلفريقية رسميا مرحلتها العملية مع ‪ 53‬دولة و ‪ 1.3‬مليار نسمة‪ ،‬وهي بذلك أكبر‬
‫قناة تجارية في العالم‪ ،‬ويمكن أن تزيد هذه المنطقة التبادل التجاري بحوالي ‪ %60‬بحلول عام ‪.2022‬‬
‫وعلى غرار باقي الدول اإلفريقية تسعى الجزائر لالستفادة من هذه المنطفة برفع التبادل التجاري مع‬
‫بقية الدول اإلفريقية و زيادة صادراتها نحو البلدان إفريقية و تطوير إستثماراتها حيث ال يتجاوز حاليا حجم‬
‫المبادالت التجارية الجزائرية مع المنطقة األفريقية ‪ %3‬من إجمالي المبادالت التجارية للجزائر‬
‫فمن خالل دراستنا اإلستشرافية لهذا الموضوع المتعلق ب‪ :‬اآلثار المتوقعة لمنطقة التجارة الحرة‬
‫القارية اإلفريقية – دراسة إستشرافية‪ -‬والذي حاولنا فيه معالجة اإلشكالية التالية‪" :‬ما هي اآلثار‬
‫المتوقعة لمنطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية على اإلقتصاد الجزائري؟" من خالل ثالث فصول‪،‬‬
‫توصلنا من خاللها إلى مجموعة من النتائج باإلضافة لإلقتراحات‬
‫أوال‪ :‬إختبار الفرضيات‬

‫‪ -1‬الفرضية األولى‪ :‬التي تنص على‪ " :‬تتيح منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية للجزائر فرص أكبر‬
‫لتطوير وتنويع إقتصادها"‪ ،‬فرضية صحيحة‪ ،‬و دليل ذلك أن هذه المنطقة التجارية دات أهمية كبيرة‬
‫لإلقتصاد الوطني‪ ،‬من خالل ماستوفره من زيادة في اإلنتاج والمبادالت التجارية واإلستثمارات وتوفير‬
‫فرص العمل‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تساهم في جلب العملة الصعبة‪ ،‬كما أنها ستلعب دو ار فعاال في تخلص‬
‫الجزائ ر من إعتمادها الكبير على قطاع المحروقات كمصدر للدخل و توفير مصادر أخرى من خالل‬
‫تنويع الصادرات‪ .‬وكل هذا يستلزم القيام بإصالحات إقتصادية شاملة‬
‫‪ -2‬الفرضية الثانية‪ :‬التي تنص على‪ " :‬لن تساهم منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية في إيجاد‬
‫حلول إلعتماد اإلقتصاد الجزائري على النفط بشكل كبير"‪ ،‬فرضية صحيحة‪ ،‬فبالرغم من ما توفره هذه‬
‫المنطقة من فرص لزيادة اإلنتاجية خارج قطاع المحروقات و تنويع الصادرات‪ ،‬إال أن الوضع اإلقتصادي‬
‫الجزائري لن يتغير بشكل كبير‪ ،‬واشكالية اإلعتماد الكبير على النفط ستبقى مطروحة والوضع الراهن‬
‫يثبت ذلك‪ ،‬بسبب عدة نقاط‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬الفساد الذي يعم البالد من كل الجوانب‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف المنظومة اإلنتاجية خارج قطاع المحروقات وقلة المصانع‪.‬‬
‫‪ -‬اإلفتقار للتطور التكنولوجي الذي تمتلكه الدول الصناعية الكبرى‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -‬تهميش عدة قطاعات تمتلك فيها الجزائر قدرات كبيرة مثل‪ :‬القطاع الزراعي و القطاعي السياحي‬
‫و غيرها من األسباب التي تجعل الجزائر من الدول البطيئة النمو‪.‬‬
‫‪ -3‬الفرضية الثالثة‪ :‬التي تنص على‪" :‬ستتطور العالقات اإلقتصادية بين الجزائر و الدول المنطوية‬
‫تحت غطاء هذه المنطقة التجارية‪ ،‬لكن بوتيرة منخفظة"‪ ،‬فرضية صحيحة وهذا قياسيا على الوضع الحالي‬
‫لإلقتصاد الوطني و اإلقتصاديات اإلفريقية و اإلقتصاد العالمي بصفة عامة بسبب تداعيات جائحة‬
‫كورونا‪ ،‬إضافة للنقائص الموجودة في اإلقتصاد الوطني و عدم القيام بإصالحات إقتصادية شاملة كافية‬
‫لتطوير العالقات التجارية و اإلستثمارية مع الدول اإلفريقية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نتائج الدراسة‬

‫وفيما يلي سنعرض أهم النتائج التي توصلنا إليها من خالل دراستنا موضحة كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬إفريفيا منطقة إستراتيجية تزخر بالعديد من الثروات ما يجعلها محل أطماع القوى الكبرى مستقطبة‬
‫لإلستثمارات األجنبية مما يخلق تحديات كبرى للدول اإلفريقية الغير قادرة على المنافسة من ضمنها‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫‪ -2‬قلة المبادالت التجارية بين الدول اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -3‬تعد منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية من أكبر التكتالت اإلقتصادية ومن أهمها لما توفره من‬
‫فرص كبيرة للتجارة البينية بين األعضاء‪.‬‬
‫‪ -4‬مر اإلقتصاد الجزائري بعدة إصالحات مند اإلستقالل‪.‬‬
‫‪ -5‬تمتع الجزائر بمقومات إقتصادية متعددة يمكن أن تجعلها قوة إقتصادية إقليمية وعالمية‪.‬‬
‫‪ -6‬ضعف التدفقات التجارية بين الجزائر والدول اإلفريقية‪.‬‬
‫‪ -7‬القيام بإصالحات إقتصادية شاملة يمكن الجزائر من اإلستفادة من منطقة التجارة الحرة القارية‬
‫اإلفريقية مما يساعد على التخلص من اإلقتصاد الريعي و خلق إقتصاد إنتاجي متنوع‪.‬‬
‫‪ -8‬ضعف اإلقتصاد واعتماده على قطاع المحروقات بشكل كبير‪.‬‬
‫‪ -9‬غياب التنمية داخل القارة اإلفريقية جعلها تعاني من عدة مشاكل داخلية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلقتراحات‬

‫بناءا على النتائج المتوصل إليها من خالل هذه الدراسة‪ ،‬يمكن تقديم مجموعة من اإلقتراحات كحلول‬
‫لتطوير اإلقتصاد الجزائري واإلستفادة من منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية استفادة كبيرة‪ ،‬و الموضحة‬
‫كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬القيام باإلصالحات اإلقتصادية الالزمة في شتى المجاالت‪.‬‬


‫‪ -2‬ترقية و تطوير المنتجات خارج قطاع المحروقات‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -3‬اإلهتمام بالطاقات المستدامة خاصة الطاقة الشمسية قياسا لإلمكانيات المتوفرة في البالد‪ ،‬لزيادة‬
‫إحتياطي النفط وكذلك لخلق تنويع طاقوي‪.‬‬
‫‪ -4‬يجب على الدولة بناء قاعدة استثمارية صناعية تفتح اآلفاق أمام أصحاب المشاريع والمستثمرين‬
‫لتنويع الصادرات والتي من خاللها تفتح المجاالت لتوفير مناصب العمل هذا من جهة وتنويع الصادرات‬
‫وجلب العملة الصعبة‪.‬‬
‫‪ -5‬اإلهتمام بالقطاع السياحي و الزراعي التي تمتلك الجزائر فيهما إمكانيات كبيرة‪.‬‬
‫‪ -6‬خلق بيئة إستثمارية متطورة مستقطبة لإلستثمارات األجنبية و التطوير من اإلستثمارات المحلية و‬
‫الخارجية‪.‬‬
‫‪ -7‬تطوير القطاع المصرفي الجزائري‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬آفاق الدراسة‬

‫ختاما‪ ،‬و في إطار الحديث عن منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية تثار العديد من القضايا التي‬
‫تحتاج إلى المزيد من البحث والتوسع‪ .‬لهذا نقترح مجموعة من العناوين كي تكون مواضيع أبحاث علمية‬
‫في المستقبل‪:‬‬
‫‪ -1‬دور منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية في تحقيق نمو إقتصادي مستديم في إفريقيا‪.‬‬
‫‪ -2‬التكامل االقتصادي باإلتحاد اإلفريقي كأداة لتدعيم االستقرار االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -3‬إنعكاسات منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية على المبادالت التجارية بين إفريقيا و أوروبا‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائمة المراجع‬
‫أوال‪ :‬المراجع باللغة العربية‬
‫‪ -1‬الكتب‪:‬‬

‫العدوي إبراهيم أحمد ‪ ،‬بالد الجزائر وتكوينها العربي واإلسالمي‪ ،‬دار النحو المصرية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ -‬بخوش صبيحة ‪ ،‬اتحاد المغرب العربي بين دوافع التكامل اإلقتصادي والمعوقات السياسية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬بن شهرة مدني‪ ،‬سياسة االصالح االقتصادي في الجزائر و المؤسسات المالية‪ ،‬مطبعة دار هومه‪،‬‬
‫الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫بن علي بلعزوز ‪ ،‬محاضرات في النظريات و السياسات النقدية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪-‬‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬حسن بهلول محمد بلقاسم‪ ،‬سياسة تخطيط التنمية و اعادة تنظيم مسارها في الجزائر‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1999 ،‬‬
‫‪ -‬رزيق المخادمي عبد القادر ‪ ،‬التكامل اإلقتصادي العربي‪ ،‬ديوان الوطني للمطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬اقتصاديات المشاركة الدولية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬االسكنرية‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬السوق العربية المشتركة (الواقع والمستقبل في األلفية الثالثة)‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪.2003 ،‬‬
‫‪ -‬هني أحمد ‪ ،‬اقتصاد الجزائر المستقلة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عكنون‪،‬‬
‫الجزائر‪.1993 ،‬‬
‫‪ -2‬المقاالت‪:‬‬
‫‪ -‬أوبختي رشيدة ومحمد بن بوزيان‪" ،‬واقع اإلقتصاد الجزائري في بداية األلفية الثالثة"‪ ،‬مجلة اإلقتصاد و‬
‫المناجمنت‪ ،‬العدد رقم ‪ ،16‬ديسمبر ‪ ،2016‬ص ‪.202‬‬
‫‪ -‬بوعتروس عبد الحق‪ ،‬قارة مالك‪ ،‬أثار تغير سعر صرف االورو مقابل الدوالر االمريكي على االقتصاد‬
‫الجزائري‪ ،‬مجلة العلوم االنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬العدد ‪ ،27‬جوان ‪ ،2007‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -‬حفاف وليد ‪ ،‬مستقبل منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية (المزايا و التحديات)‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫اإلقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬قالمة‪.2020 ،‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ -‬خالدي خديجة‪ ،‬أثر االنفتاح التجاري على االقتصاد الجزائري‪ ،‬مجلة اقتصاديات شمال افريقيا‪ ،‬العدد‬
‫‪ 02،2008‬ص ‪.87‬‬
‫‪ -‬خطاري ولد أحمد ولد أبيه‪ ،‬دور السياسات االقتصادية في مكافحة الفقر في موريتانيا‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫القدس المفتوحة والدراسات اإلدارية واالقتصادية‪ ،‬المجلد ‪ ،01‬العدد ‪ ،03‬جوان ‪.2015‬‬
‫‪ -‬خيري عبد الرزاق جاسم‪ ،‬التجربة الديمقراطية في موريتانيا دراسة في اإلصالح السياسي‪،‬‬
‫مجلة دراسات دولية‪ ،‬العدد ‪ ،43‬موريطانيا‪.2020 ،‬‬
‫‪ -‬عاشور فضيلة‪ ،‬دراسة عالقات الجزائر والدول المجاورة لها‪ ،‬مجلة العلوم اإلجتماعية‪ ،‬العدد السابع‪،‬‬
‫الجزائر‪.2018 ،‬‬
‫‪-‬عبد الصادق الصادق محمود‪ ،‬مقومات ومعيقات التنمية االقتصادية في إفريقيا‪ :‬نظرة جغرافية‪ ،‬مجلة‬
‫الجامعة األسمرية‪ ،‬العدد ‪.2011 ،21‬‬
‫‪ -3‬الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -‬الوافي آسيا‪ ،‬التكتالت االقتصادية االقليمية و حرية التجارة في اطار المنظمة العالمية للتجارة‪ ،‬مذكرة‬
‫مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير‪ ،‬معهد العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة باتنة‪-2006 ،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ -‬حمزة علي‪ ،‬فعالية السياسة النقدية والمالية في ظل االصالحات االقتصادية بالجزائر‪ ،‬رسالة مقدمة‬
‫لنيل شهادة ماجستير في العلوم االقتصادية ‪،‬كلية العلوم اإلقتصادية والتجارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪-2001 ،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ -‬دراوسي مسعود‪ ،‬السياسة المالية و دورها في تحقيق التوازن االقتصادي حالة الجزائر ‪،2004-1990‬‬
‫أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم اإلقتصادية‪،‬كلية العلوم اإلتصادية والتجارية‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪.2006/2005 ،‬‬
‫‪ -‬دسدوس هالة‪ ،‬مسعودة بوسطوة‪ ،‬واقع التكامل اإلقتصادي العربي في ظل التغيرات التي تشهدها‬
‫المنطقة‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في العلوم اإلقتصادية‪ ،‬تخصص إقتصاد دولي‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة جيجل‪.2014-2013 ،‬‬
‫‪ -‬رميدي عبد الوهاب‪ ،‬التكتالت اإلقتصادية في عصر العولمة وتفعيل التكامل اإلقتصادي في الدول‬
‫النامية‪ ،‬أطروحة دوكتوراه في العلوم اإلقتصادية‪ ،‬فرع تخطيط‪ ،‬كلية العلوم اإلقتصادية والتجارية وعلوم‬
‫التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ -‬روابح عبد الرحمان‪ ،‬حركة التجارة الدولية في اطار التكامل االقتصادي في ضوء التغيرات االقتصادية‬
‫الحديثة –دراسة تحليلية للتجارة الدولية لدول مجلس التعاون الخليجي (‪ ،)2000-2010‬مذكرة مقدمة‬

‫‪82‬‬
‫باستكمال متطلبات نيل الماجستر في العلوم االقتصادية‪ ،‬تخصص اقتصاد دولي‪ ،‬كلية العلوم اإلقتصادية‬
‫التجارية وعلوم التسيير ‪ ،‬جامعة محمد خيصر بسكرة ‪.2013-2012‬‬
‫‪ -‬طريق صدار مسعودة‪ ،‬مسار االصالحات االقتصادية في الجزائر من خالل المؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية الفترة ‪ ،2005/1980‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجيستير في العلوم االقتصادية‪ ،‬تخصص‬
‫تحليل اقتصادي‪ ،‬كلية العلوم اإلقتصادية والتجارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2009/2008 ،‬‬
‫‪ -‬غريبي صالح الدين‪ ،‬دراسةإمكانية إقامة منطقة نقدية مثلى بين مجلس التعاون الخليجي من خالل‬
‫تحليل تماثل الصدمادت‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم اإلقتصادية‪ ،‬تخصص نقود مالية وبنوك‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلقتصادية التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬الجزائر‪.2015-2014 ،‬‬
‫‪ -‬لريبي محمد‪ ،‬سفير لخضر‪ ،‬االصالحات االقتصادية و أثرها على االقتصاد الجزائري‪ ،‬مذكرة تخرج‬
‫لنيل شهادة الليسانس في العلوم اقتصادية‪،‬كلية العلوم اإلقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة سعيدة‪،‬‬
‫‪.2009-2008‬‬
‫‪ -‬مقليد عيسى‪ ،‬قطاع المحروقات الجزائرية في ظل التحوالت االقتصادية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الماجيستير في العلوم االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير‪ ،‬جامعة باتنة‪،‬‬
‫‪.2008/2007‬‬
‫‪ -‬مقروس كمال‪ ،‬دور المشروعات المشتركة في تحقيق التكامل اإلقتصادي‪ -‬دراسة مقارنة بين التجربة‬
‫األوروبية و التجربية المغاربية ‪ ،-‬مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الماجيستير في العلوم‬
‫اإلقتصادية ‪ ،‬تخصص اإلقتصاد الدولي‪ ،‬كلية العلوم اإلقتصادية التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة فرحات‬
‫عباس‪.2014-2013 ،‬‬
‫‪ -4‬الملتقيات والمؤتمرات والندوات‪:‬‬
‫‪ -‬بلمقدم مصطفى‪ ،‬أبو شعور راضية‪ ،‬تقييم أداء المنظومة المصرفية الجزائرية‪ ،‬مطبوعة ملتقى"‪،‬‬
‫المنظومة المصرفية الجزائرية و التحوالت االقتصادية واقع و تحديات"‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬شلف‪،‬‬
‫الجزائر‪ 15-14 ،‬ديسمبر ‪.2004‬‬
‫‪ -‬ساحل فاتح‪ ،‬شعباني لطفي‪ ،‬اثار و انعكاسات برنامج التعديل الهيكلي على االقتصاد الجزائري‪ ،‬مداخلة‬
‫مقدمة في الملتقى الدولي االول حول ابعاد الجيل الثاني من االصالحات االقتصادية‪ ،‬جامعة بومرداس‬
‫‪/05/04‬ديسمبر ‪.2006‬‬
‫‪ -‬شكيمة ياسين‪ ،‬دور الجزائر في إنشاء منطقة التبادل التجاري الحر في إفريقيا‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة‬
‫ضمن يوم دراسي حول دور الجزائر في التكامل اإلقليمي‪ 11 ،‬ديسمبر ‪ ،2018‬الجزائر‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -5‬النصوص القانونية والوثائق الرسمية‪:‬‬

‫‪ -‬المملكة المغربية‪ ،‬مديرية الشؤون القانونية والمعاهدات‪ ،‬القانون رقم ‪ ،19.11‬المؤرخ في ‪ 21‬مارس‬
‫‪ ،2018‬المتعلق باإلتفاق المؤسس لمنطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬رقم ‪،19‬‬
‫الموافق ل‪ 24‬يونيو ‪ ،2020‬المادة ‪ ،6‬ص ص ‪.7-6‬‬

‫‪ -6‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫خضير بوقايلة‪ ،‬معجزات اإلنعاش اإلقتصادي‪ ،‬متاح على ‪،www.echoroukonline.com/index.php‬‬ ‫‪-‬‬


‫تاريخ اإلطالع (‪.)2021/07/04‬‬
‫‪ -‬نقال عن موقع ‪ ،www.tomohna.net/vb/showthvead.php :‬تاريخ االطالع ‪،2021/05/03‬‬
‫على الساعة (‪.)11:27‬‬
‫‪ -‬نقال عن موقع‪ http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=74155 :‬تصفح يوم‬
‫‪ 2021/05/15‬على الساعة ‪.15:30‬‬
‫‪ -‬نقال عن موقع‪:‬‬
‫‪ http://www.investad.com/Portal/africa_addons/InvestAD_EIU_Africa_Report_2012_AR‬تمت‬
‫المعاينة يوم ‪ 2021/05/19‬على الساعة‪.22:55 :‬‬
‫‪ -‬نقال عن موقع‪:‬‬
‫‪http://www.investad.com/Portal/africa_addons/InvestAD_EIU_Africa_Report_2012_AR.‬‬
‫تمت المعاينة يوم ‪2021/05/19‬على الساعة‪22:55 :‬‬
‫‪ -‬نقال عن موقع ‪ https://www.aljazeera.net/ebusiness/2020 :‬تمت المعاينة يوم‪،2021/06/20 :‬‬
‫‪.12:45:‬‬ ‫الساعة‬
‫‪ -‬نقال عن موقع ‪ https://www.aps.dz/ar/economie‬تمت المعاينة يوم ‪ ، 2021/06/20‬الساعة‪:‬‬
‫‪.11:30‬‬
‫‪ -‬نقال عن موقع ‪ https://www.radioalgerie.dz/news/ar/article‬تمت المعاينة يوم ‪ ،2021/06/20‬الساعة‬
‫‪.12:20‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع باللغة األجنبية‬


‫‪1- Les articles‬‬
‫‪- Abderrahmane Mebtoul, « Le dépage du dollar et son impact sur l’éconimie‬‬
‫‪algérienne », in Quotidien 36+elkhabar, 8 Aout 2009.‬‬
‫‪- Meziane Rabhi, «L’économie algérienne reste minée par la rente pétroliér», in‬‬
‫‪Quotidien Liberté, 7 aout 2008.‬‬

‫‪84‬‬
‫الملخص‬
‫ملخص‬
‫ ومن بين هذه التحوالت‬،‫شهد العالم عدة تحوالت إقتصادية وسياسية عن طريق اإلنفتاح التجاري والمالي‬
‫توجه العالم نحو التكامالت اإلقتصادية بسبب تغير موازين القوى في العالم مما أدى إلى التأثير بشكل مباشر‬
‫ وقد سارعت الدول اإلفريقية في الدخول في مسيرة التكامل من خالل إنشاء منطقة‬.‫على إقتصاديات الدول‬
‫التجارة الحرة القارية اإلفريقية التي تهدف إلى إزالة كافة العوائق والحواجز أمام إنتقال السلع والخدمات‬
‫ وتهدف الدراسة التي قمنا بها إلى معرفة أثر إتفاقية التجارة الحرة القارية‬.‫واإلستثمارات بين الدول اإلفريقية‬
.‫اإلفريقية على المتغيرات اإلقتصادية المتمثلة في التجارة الخارجية واإلستثمار الخاصة بالجزائر في المستقبل‬

،‫وأظهرت نتائج الدراسة أن هناك ثالث سيناريوهات مستقبلية محتملة لمنطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬
‫فمن المتوقع أن تتحقق النتائج المأمولة من توقيع اإلتفاقية إذا ماتم القيام باإلصالحات اإلقتصادية الالزمة في‬
.‫األجل المتوسط والطويل‬
.‫ اإلقتصاد الجزائري‬،‫ منطقة التجارة الحرة القارية اإلفريقية‬،‫ التكامل اإلقتصادي‬:‫الكلمات المفتاحية‬
Abstract
The world has witnessed several economic and political transformations through
trade and financial openness. Among these transformations, the world has moved
towards economic integration due to the change in the balance of power in the world,
which has led to a direct impact on the economies of countries. African countries
hastened to enter into the process of integration through the establishment of the
African Continental Free Trade Area, which aims to remove all obstacles and barriers
to the transfer of goods, services and investments between African countries. Our
study aims to know the impact of the African Continental Free Trade Agreement on
the economic variables represented in foreign trade and investment for Algeria in the
future. The results of the study showed that there are three possible future scenarios
for the possible effects of the African Continental Free Trade Area. It is expected that
the expected results from the signing of the agreement will be achieved if the
necessary economic reforms are carried out in the medium and long term.
key words: Economic integration, African Continental Free Trade Area, Algerian
economy.

86

You might also like