Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

‫بين اللسانيات والقانون‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬حافظ إسماعيلي علوي‬
‫"إن القانون هو مهنة الكلمات"‬
‫‪ .0‬توطئة‪:‬‬

‫التقسيم الكالسيكي للمعرفة (‪ )‎knowledge‎‬إىل حقول معرفية (‪‎)‎disciplines‬تقليد عريق استقر منذ‬
‫زمن اإلغريق القدماء واستمر إىل العصور الوسطى‪ .‬وقد أدى ظهور اجلامعات األوروبية وتعقد اجملتمعات‬
‫الغربية إىل تطور هذا التقسيم الكالسيكي ليرتسخ مع بداية عصر النهضة (‪ ،)‎renaissance‬وليستقر هنائياً‬
‫مع حتديد مالمح العامة جملا تت العلو ا تجتماعية واإلنسانيات‪ ،‬اليت تطورت يف أواخر القرن التاسع عشر‬
‫حىت القرن العشرين‪ ،‬إىل أن أصبحت على الشكل الذي هي عليه اآلن‪ .‬وقد كانت املتطلبات الديناميية‬
‫املستمرة للمجتمعات احلديثة ذات الطبيعة املعقدة اليت تتطلب درجات أعلى من التخصص‪ ،‬السبب‬
‫األساس يف التغيري املستمر حلدود احلقول املعرفية ومعاملها‪.2‬‬

‫ويف العصر احلديث‪ ،‬قا الفكر اإلبستمولوجي على مبدإ تكامل العلو وتداخلها؛ وهو مبدأ ظهرت‬
‫أمهيته وجدواه يف الدراسات البينية (‪ )Interdisciplinary research‬اليت عرفت طريقها إىل الدراسات‬
‫اجلامعية بشكل دقيق خالل سبعينيات القرن املنصر ‪ ،‬فأثبتت جناعتها وإجرائيتها التحليلية‪.‬‬
‫ومل يكن اجملال القانوين بعيداً عن هذا التداخل والتكامل بني العلو واملعارف؛ إذ أدرك الباحثون حجم‬
‫التأثري املتبادل وعمقه‪ ،‬الذي ميكن أن يقو بني القانون واحلقول املعرفية األخرى‪ ،‬مـمـا أدى إىل ظهور‬
‫دراسات بينية مشرتكة يف جما تت القانون واألدب‪ ،‬والقانون والفلسفة‪ ،‬والقانون واملالية‪ ،‬والقانون واإلحصاء‪،‬‬
‫والقانون والنظرية النقدية‪ ،‬والقانون والدراسات ا تنتقادية‪ ،‬والقانون والعلو السياسية‪.3‬‬
‫وسنحاول يف هذا البحث أن نربز وجها آخر من وجوه هذا التداخل والتكامل‪ ،‬نعتربه أوضح وأبني‪،‬‬
‫ونعين بذلك حتديداً‪ ،‬التداخل بني املعرفة القانونية واملعرفة اللسانية؛ إذ إن العلو القانونية هي "ألصق العلو‬
‫اإلنسانية وا تجتماعية كلها باللسانيات‪ .‬ويكفي للد تلة على ذلك‪ ،‬أن القوانني كلها قائمة على ضبط لغة‬
‫اإلنسان وسلوكه‪ ،‬وأهنا حتاسب على عد انضباط اللغة والسلوك‪ ،‬إذا تسببا يف إحداث ضرر لآلخرين‪،‬‬
‫وشروح القوانني وتفسرياهتا هي ‪-‬يف احلقيقة‪ -‬أعمال لغوية‪ ،‬ترمي إىل ضبط فهم د ت تت القوانني‪ ،‬من أجل‬

‫‪ -1‬أستاذ اللسانيات‪ ،‬جامعة قطر‪ ،‬كلية اآلداب والعلو ‪ ،‬قسم اللغة العربية‪hafidsmaili@qu.edu.qa .‬‬
‫‪ -2‬مشاعل عبد العزيز اهلاجري‪ ،‬الدراسات البينية وأثرها يف ا تتصال بني احلقول املعرفية‪ -‬دراسة يف القانون بوصفه‬
‫حقالً معرفياً مستقالً وعالقته بغريه من العلو ‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.198‬‬
‫حسن التقيد هبا"‪.1‬‬
‫‪ .1‬بين اللغة والقانون‪:‬‬

‫وحتديد مقاصده وغاياته‬


‫ُ‬ ‫فهم التشريع واإلحاطةُ مبعانيه‪،‬‬
‫اللغة وعاء األفكار القانونية وأداة التعبري عنها؛ ف ُ‬
‫ ت يتحقق إ ت مبعرفـة اللغـة وإتقاهنـا‪ .‬فما اجلامع بني اللغة والقانون؟‬
‫اللغة ظاهرة اجتماعية بامتياز؛ إذ ت ميكن للغة أن توجد وتستمر يف احلياة بدون وجود فردين‪ ،‬على‬
‫األقل‪ ،‬يعرفاهنا‪ ،‬ويتكلماهنا‪ ،‬كما يتعذر وجود حقيقي ذو معىن جملموعات بشرية‪ ،‬صغرية أو كبرية‪ ،‬بدون‬
‫رباط لغوي ييسر التواصل والتفاعل ا تجتماعي‪ ،‬وحيقق التضامن والتماسك بني أفرادها وفئاهتا املختلفة‪.2‬‬
‫أما القانون مبعناه التشريعي الوضعي فهو جمموعة من القواعد التشريعية امللزمة اليت تنظم سلوك األفراد يف‬
‫اجملتمع بصورة عام ة وجمردة‪ ،‬واليت تقرتن جبزاء مدين أو جنائي أو إداري توقعه الدولة (السلطة) على من‬
‫خيالفها‪ ،‬بغرض صون حريات األفراد ومصاحلهم واحلفاظ على النظا العا ‪.3‬‬
‫وتقو فلسفة القانون على فكرة "الغريية"؛ أي وجود الغري حول الفرد‪ ،‬مما تقو معه احلاجة إىل تنظيم‬
‫عالقات اجلماعة للحفاظ على النظا ا تجتماعي (‪ ،)Social order‬ويعرب عن هذه الفكرة بالقاعدة‬
‫الالتينية (‪( ،)Ubi societas ibi jus‬حيثما يوجد اجملتمع يوجد القانون)‪.4‬‬
‫فالقانون إذن‪ ،‬جمموعة من القواعد التشريعية اليت تصاغ باللغة‪ ،‬ولذلك من الطبيعي أن يكون‬
‫اخلطاب القانوين خطاباً حمكوماً باللغة وبضوابطها حىت يصل إىل أفراد اجملتمع‪ ،‬فيشكل ضابطاً ُحيتكم إليه‬
‫يف تنظيم سلوكات األفراد‪ .‬وملا كان القانون لغة‪ ،‬فإنه ت ميكنه حتقيق وظيفته األساسية باعتباره خطابا موجها‬
‫ألفراد جمتمع من اجملتمعات إ ت إذا خاطبهم بلغتهم‪ .‬و ت تكون اللغة مفهومة إ ت إذا كانت خاضعة لقواعد‬
‫وضوابط حمددة وواضحة يؤطرها العلم الذي يدرس اللغة‪ ،‬ونقصد بذلك حتديداً اللسانيات‪.‬‬
‫ويفرض رصد خصوصيات املعرفة القانونية احلديث عن علم القانون‪ ،‬وباملقابل فإن معرفة خصوصيات‬
‫اللغة املستعملة يف القانون يقتضي بالضرورة‪ ،‬كذلك‪ ،‬الوقوف على العلم الذي يعىن بدراسة اللغة؛ وهذا ما‬
‫جيعلنا أما ظاهرتني اجتماعيتني تتكامالن وتتقاطعان؛ إذ إن كل حديث عن اللغة القانونية هو حديث عن‬
‫"اللسانيات"‪ ،‬ما دامت اللسانيات يف أبسط تعريفاهتا "هي الدراسة العلمية للغة"‪.‬‬

‫‪ -1‬مسري شريف استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ :‬اجملال‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬واملنهج‪ ،‬ص‪.493‬‬


‫‪ -2‬حممد الذوادي‪ ،‬يف خماطر فقدان العالقة العضوية بني اجملتمعات العربية ولغتها‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -3‬عبد احلي حجازي‪ ،‬املدخل لدراسة العلو القانونية‪ :‬القانون وفقا للقانون الكوييت‪ ،‬وإبراهيم أبو الليل وحممد‬
‫األلفي‪ ،‬املدخل إىل نظرية القانون ونظرية احلق‪( .‬مذكوران يف‪ :‬مشاعل عبد العزيز اهلاجري‪ ،‬الدراسات البينية وأثرها يف‬
‫ا تتصال بني احلقول املعرفية‪ -‬دراسة يف القانون بوصفه حقالً معرفياً مستقالً وعالقته بغريه من العلو ‪ ،‬ص‪.)182‬‬
‫‪ -4‬مشاعل عبد العزيز اهلاجري‪ ،‬الدراسات البينية وأثرها يف ا تتصال بني احلقول املعرفية‪ -‬دراسة يف القانون بوصفه‬
‫حقالً معرفياً مستقالً وعالقته بغريه من العلو ‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫يرتبط القانون إذن‪ ،‬باللغة بشكل طبيعي؛ ألن اللغة ضرورية لكل عمل يتصل بالتعبري عن األفكار أو‬
‫عن اآلراء ولذلك فهي حتتاج‪ ،‬من هذه اجلهة‪ ،‬إىل العمل القانوين بوجه عا ‪ .‬فاملشرع حيتاج إىل اللغة لصياغة‬
‫القانون‪ ،‬ووكيل النيابة حيتاج إىل اللغة يف املرافعة ويف كتابة القرارات‪ ،‬والقاضي حيتاج إىل اللغة أيضا يف كتابة‬
‫‪1‬‬
‫األحكا ‪ . ...‬وهذا يعين أن رجل القانون ت ميكن أن يقو بعمله على الوجه األكمل إ ت إذا كان عارفا‬
‫بقواعد لغته‪ ،‬ومقيدا بلغة اصطالحية خترج ألفاظها على معانيها األصلية‪ ،‬وذلك من أهم ما يؤلف ثقافة‬
‫‪2‬‬
‫الرجل القانوين ‪ ،‬بل رمبا تكون حاجة رجل القانون إىل اللغة املتينة واألدب الرفيع أكرب من حاجة الكاتب‬
‫والشاعر واألستاذ إليهما‪ ،‬ألن رجل القانون إن كان ُمشرعا فإمنا هو يضع اللفظ واجلملة للمعىن ويتوخى‬
‫منهما أن يكونا مطابقني لغرضه مطابقة تامة ت جمال فيها للمجاز أو اخليال‪ ،‬وإن كان قاضيا فإمنا هو‬
‫مأخوذ أن يدرك للفظة واجلملة اللذين وضعهما املشرع املعىن الذي قصد والغرض الذي رمى إليه‪ ،‬وإن كان‬
‫حماميا فإمنا هو ملز مبعرفة ما وضع املشرع على الوجه الذي ابتغى وقصد‪ ،‬وهو ملز كذلك مبعرفة ما يدرك‬
‫القاضي من النص وما يوجهه إليه يف جمال التطبيق؛ فهو مسوق أن يكون جامعا ملا جيب على املشرع‬
‫والقاضي معا‪ .‬و ت يكون احملامي كذلك حىت يكون له من لغته أداة كاملة وعدة قوية‪ .‬ويزيد احملامي على‬
‫‪3‬‬
‫املشرع والقاضي كونه خطيباً‪ .‬و ت خطابة بدون لغة وأدب رفيع‪ ،‬وهذا ما سنفصل فيه تحقا ‪.‬‬
‫لكن ما هي هذه اللغة القانونية؟ وما عالقتها باللغة العادية؟ وكيف تؤثر يف املعرفة القانونية وتعطيها‬
‫خصوصيتها املميزة؟‬
‫يقصد بلغة القانون "لغة علم القانون"‪ .‬وكما أن لكل علم مصطلحاته وتعريفاته‪ ،‬فإن لعلم القانون‬
‫أيضاً مصطلحاته وتعريفاته اخلاصة به‪ .‬ويقصد بالقانون الذي نتناول لغته هنا‪ ،‬ما يصطلح على تسميته‬
‫بـ"القانون الوضعي"؛ أي جمموعة القواعد القانونية اليت تكون "النظام القانوني" الذي حيكم‪ ،‬فعال‪ ،‬حياة‬
‫مجاعة من الناس يف مكان وزمان معينني‪.4‬‬
‫إن اللغة القانونية يف بلد من البلدان هي لغة البلد الرمسية‪ ،‬وهي الضابطة للسلوك ا تجتماعي‪ .‬ولذلك‬
‫من الطبيعي أن ختضع ملقتضيات التعبري السليم‪ ،‬وما يفرضه من "قواعد إلزامية جيب على املتكلم احرتامها‬
‫واخلضوع ملقتضياهتا‪ ،‬لكن هذه اللغة ليست هي اللغة اليت يتواصل هبا الناس يف حياهتم العامة‪ ،‬إهنا لغة تتميز‬
‫بعدة خصائص يف ألفاظها ومصطلحاهتا‪ ،‬وتركيبها وسياقاهتا‪ ،‬ومعاين عباراهتا وطريقة نظمها وتأليفها‪ .‬و ت‬
‫يعين هذا التميز أو وجود هذه اخلصائص‪ ،‬أن لغة القانون أو لغة اخلطاب التشريعي لغة خارجة عن ا تحتكا‬

‫‪ -1‬أمحد فتحي مرسي‪ ،‬حماضرات يف األدب القضائي‪ ،‬ص‪.10‬‬


‫‪ -2‬حامد مصطفى‪ ،‬أدب القانون‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪ -4‬عز الدين عبد اهلل‪ ،‬لغة القانون يف مصر‪.‬‬
‫لضوابط اللغة العامة وقواعد النظا اللغوي‪ ،‬فهي متقيدة به وخاضعة له‪ ،‬وملتزمة بثوابته ومبادئه من حيث‬
‫ضوابط ا تستعمال وقواعد التوليد وا تشتقاق‪ ،‬وأساليب التعبري وعمو القواعد األخرى املقررة يف علو اللغة‬
‫املختلفة‪ .‬ولكن مثة خصوصيات متيز الصياغة القانونية عن غريها"‪ ،1‬وجتعل منها لغة فنية متخصصة مستقاة‬
‫من القانون كعلم نظري وكنشاط تطبيقي‪ .‬فهي ترتجم األحكا القانونية والوقائع القانونية والعالقات القانونية‬
‫واملراكز القانونية واألهداف القانونية بلغة حمددة هبذا العلم‪ ،2‬لكن نسقها (اللغة القانونية) يبقى امتدادا لنسق‬
‫اللغة الطبيعية واستمرارا له‪ ،‬فال يتغري و ت يتعدد‪ ،‬أو لنقل إنه يشكل "النواة الصلبة" هلذه اللغة‪.‬‬
‫‪" .2‬اللسانيات القانونية‪ :‬سؤال النشأة ومشروعية الوجود‪:‬‬

‫إن تفرد اللغة القانونية باخلصائص السابقة أسفر عن ظهور فرع جديد من فروع اللسانيات (القطاعية)‬
‫يعىن خبصوصيات لغة هذا القطاع ومبميزاهتا اللسانية‪ ،‬وهو ما أضحى يعرف بـ"اللسانيات القانونية" اليت‬
‫تعرف بأهنا " الدراسة اللسانية للغة القانون من خالل قانون اللغة ذاته؛ فهي تجمع بين الدراسة اللسانية‬
‫للغة القانون وقانون اللغة"‪.3‬‬
‫وإذا كان هذا التخصص ختصصا ناشئا‪ ،‬فإن العالقة بني العلو الشرعية والعلو اللغوية ليست وليدة‬
‫اليو ‪ ،‬فهي عالقة استثمارية قدمية‪ ،‬فرضتها وتفرضها‪ ،‬حاجة املشرع إىل اللغة؛ إهنا عالقة األداة بالوسيلة‪.‬‬
‫لكن هذه العالقة مل حتظ باألمهية الالزمة يف ثقافتنا‪ ،‬ومل تُتناول يف إطار حبثي منظم‪ .‬ويرجع أحد الباحثني‬
‫السبب يف ذلك "إىل أن هذا التخصص يقع يف املنطقة الرمادية بني القانون واللغة؛ إذ قد يعتقد املعنيون‬
‫بالقانون أن هذا املوضوع خيرج عن دائرة اهتمامهم‪ ،‬ورمبا أحيانا‪ ،‬عن دائرة قدرهتم وخلفيتهم‪ ،‬يف حني يعتقد‬
‫املعنيون باللغة أهنم غري مؤهلني لبحث هذا املوضوع الذي يتطلب يف املقا األول معرفة القانون‪ .‬ونتيجة‬
‫ تعتقاد كل جانب بأن اآلخر هو املعين بأمر تدريس اللغة القانونية‪ ،‬فقد نشأت فجوة ت جتد من ميألها"‪.4‬‬
‫إن واقع احلال هذا يشذ عن املعروف واملألوف؛ فالتفاعل بني العلو الشرعية وعلو اللغة العربية من‬
‫األمور اليت وعاها القدماء وخصوها باهتما كبري؛ فقد حرصوا على مسألة التفاعل والرتابط بني العلو‬
‫الشرعية واملعرفة اللغوية لفهم مقاصد اخلطاب الشرعي‪ ،‬فشكل اهتمامهم بالعلو اللغوية جزءا ت يتجزأ من‬
‫اهتمامهم بالعلو الشرعية‪ ،‬كما تشري إىل ذلك حبوثهم وإشاراهتم املتكررة‪.5‬‬

‫‪ -1‬عبد اإلله فونتري‪ ،‬اللغة العربية والنص التشريعي‪ :‬تأمالت وإشكا تت‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ -2‬عبد القادر الشيخلي‪ ،‬فن الصياغة القانونية‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫‪3- Gérard‎Cornu,‎Linguistique‎juridique,‎p17.‬‬
‫‪ -4‬حسن اخلطيب‪ ،‬الصياغة القانونية‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -5‬فهذا الغزايل مثال‪ ،‬يقول‪" :‬إن أعظم علو ا تجتهاد تشتمل على ثالثة فنون‪ :‬احلديث‪ ،‬واللغة‪ ،‬وأصول الفقه"‪ .‬أبو‬
‫حامد الغزايل‪ :‬املستصفى يف علم األصول‪.353/ 2 ،‬‬
‫لـ ـ"قد عين علماء أصول الفقه اإلسالمي باستقراء األساليب العربية وعباراهتا ومفرداهتا‪ ،‬واستمدوا من‬
‫هذا ا تستقراء‪ ،‬ومما قرره علماء اللغة أيضا قواعد وضوابط‪ ،‬يتوصل مبراعاهتا إىل النظر السليم يف الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬وفهم األحكا منهما فهما صحيحا يطابق ما يفهمه العريب الذي جاءت النصوص بلغته‪ .‬وقرروا أن‬
‫من شروط اجملتهد أن يكون عاملا باللغة وأحواهلا‪ ،‬حميطا بأسرارها وقوانينها‪ ،‬ملما إملاما طيبا بأساليب العرب‬
‫يف الكال ليتوصل إىل إيضاح ما فيه خفاء من النصوص‪ ،‬وإىل رفع ما قد يظهر بينها من تعارض‪ .‬و ت ميكنه‬
‫ذلك إ ت بتعلم اللغة والنحو والبالغة وسائر ما يسمى بعلو اآللة"‪.1‬‬
‫لذلك ت نعجب إذا وجدنا أن األصوليني كانوا حناة وبالغيني‪ ،‬فقد عمدوا إىل دراسة اخلطاب املتمثل‬
‫يف نصوص القرآن والسنة بصفة خاصة تستخالص األحكا الشرعية منها استنادا إىل نوعني من املبادئ‪:‬‬
‫مبادئ لغوية تتصل بوجوه د تلة اخلطاب‪ ،‬ومبادئ مقامية تتصل بأغراض الشارع ومبقاصد الشريعة‪.2‬‬
‫ومن أوائل العلماء الذين ربطوا بني مسائل الفقه ومسائل النحو اإلما حممد بن احلسن الشيباين تلميذ‬
‫اإلما أيب حنيفة؛ الذي ضمن كتابه (اجلامع الكبري) مباحث فقهية أدارها على أسس حنوية‪ ،‬ففتح بذلك‬
‫بابا واسعا من أبواب النظر يف التفاعل بني الفقه والنحو‪ .‬مث جاء من بعده اإلسنوي فصنف كتابه (الكوكب‬
‫الدري) وقصره على تعليق النتائج الفقهية مبقتضيات القواعد النحوية‪.3‬‬
‫وحتتفظ لنا كتب الرتاث حبكايات وأحداث يستفاد منها وجوه عالقة وطيدة بني املعرفة اللغوية واملعرفة‬
‫الشرعية؛ إذ حيكى أن أبا يوسف الفقيه دخل على الرشيد وعنده الكسائي حيدثه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمري املؤمنني‪ ،‬قد‬
‫سعد هذا الكويف بك وشغلك‪ .‬فقال الرشيد‪ :‬النحو أستعني به على القرآن والشعر‪ .‬فقال الكسائي‪ :‬إ ْن رأى‬
‫أمري املؤمنني أن يأذن له جبوايب عن مسألة من الفقه؟ فضحك الرشيد وقال‪ :‬أبلغت ‪-‬يا كسائي‪ -‬إىل هذا‬
‫احلد‪ ،‬قل! فقال الكسائي‪ :‬ما تقول يف رجل قال تمرأته‪ :‬أنت طالق أن دخلت الدار؟ قال أبو يوسف‪ :‬إذا‬
‫دخلت طُلقت‪ :‬فقال الكسائي‪ :‬أخطأت! إذا فتحت "أن" فقد وجب األمر ألن "أن" بالفتح ملا قد كان‪،‬‬
‫بعد‪ .‬فنظر أبو يوسف بعد ذلك يف النحو‪ ...‬وقال‪ :‬اجتمعت أنا وأبو يوسف القاضي‬
‫وإذا كسرت فلم يقع ُ‬
‫يد النحو ويقول‪ :‬وما النحو؟ فأردت أن أعلمه فضل النحو فقلت‪ :‬ما تقول‬
‫عند الرشيد‪ ،‬فجعل أبو يوسف ُ‬
‫قاتل غالمك! أيهما كنت تأخذ به؟ فقال‪ :‬آخذمها‬
‫قاتل غالمك! وقال آخر‪ :‬أنا ٌ‬ ‫يف رجل قال لرجل‪ :‬أنا ُ‬
‫مجيعا! فقال الرشيد‪ :‬أخطأت ‪-‬وكان له علم بالعربية‪ -‬فاستحىي وقال‪ :‬كيف ذلك؟ فقال‪ :‬الذي يؤخذ بقتل‬
‫قاتل غالمك بالنصب‬
‫قاتل غالمك باإلضافة ألنه فعل ماض‪ ،‬وأما الذي قال أنا ٌ‬
‫الغال هو الذي قال أنا ُ‬
‫فاعل ذلك غدا إ ت أن‬
‫فال يؤخذ ألنه مستقبل مل يكن بعد‪ .‬كما قال اهلل عز وجل‪" :‬و ت تقولن لشيء إين ٌ‬

‫‪ -1‬عبد الوهاب عبد السال طويلة‪ ،‬أثر اللغة يف اختالف اجملتهدين‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪ -2‬خالد ميالد‪ ،‬اإلنشاء يف العربية بني الرتكيب والد تلة‪ :‬دراسة حنوية تداولية‪ ،‬ص‪.314‬‬
‫‪ -3‬عبد الوهاب عبد السال طويلة‪ ،‬أثر اللغة يف اختالف اجملتهدين‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫يشاء اهلل" (‪ ) 24-23 /18‬ولو أن املنون مستقبل ما جاز فيه غدا‪ .‬فكان أبو يوسف بعد ذلك ميدح النحو‬
‫والعربية‪.1‬‬
‫وقد ظهر التداخل البيين بني العلو اللغوية والعلو القانونية جليا يف الثقافة العربية خالل هناية القرن‬
‫التاسع عشر وطيلة القرن العشرين؛ وهي مرحلة انتقالية يف تاريخ الدول العربية؛ حيث كانت معظم هذه‬
‫الدول يف بدايات حصوهلا على استقالهلا‪ ،‬وكان يتعني عليها التعامل مع نصوص مكتوبة أصال بلغات‬
‫أخرى‪ .‬فقد عرفت مصر سنة ‪ 1883‬بداية استخدا اللغة العربية لغة للقانون الوضعي‪ ،‬وإن ظلت اللغة‬
‫مث عرفت البالد العربية‬ ‫‪، 1949‬‬ ‫األجنبية تستخد يف احملاكم األجنبية والقوانني املختلطة حىت سنة‬
‫استقالهلا بالتدريج‪ ،‬فظهرت دراسات وحبوث تنم عن إدراك أصحاهبا ألمهية اجلانب اللغوي يف املعرفة‬
‫القانونية‪.2‬‬
‫ويف عصرنا احلايل تعرف الدراسات البينية بني القانون واللسانيات نكوصا واضحا‪ ،‬وميكن أن نفسر‬
‫ذلك ب عوامل كثرية‪ ،‬منها عد ترسخ البحث اللساين يف الثقافة العربية بالشكل املطلوب‪ ،‬وعد قدرة‬
‫اللسانيات على التغلغل يف اجملتمع وا تخنراط يف قضاياه من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية عد ثقة احمليط يف‬
‫اللسانيات واللسانيني ألسباب تارخيية وحضارية مرتاكمة‪ ،3‬وهذا ما يفسر ضعف احلصيلة يف هذا اجملال‬
‫الذي ما يزال يف حاجة إىل حبوث ودراسات جتسر اهلوة الكبرية بني اجملالني القانوين واللساين‪.‬‬
‫وعلى العكس من ذلك متاما تعرف الثقافة الغربية اهتماما متزايدا هبذا اجملال (اللسانيات القانونية)‬
‫الذي حظي وحيظى بعناية كبرية واهتما متزايد؛ فقد زادت أدوار اللسانيني وإسهاماهتم يف جمال القانون على‬
‫حنو متزايد كمستشارين وشهود وخرباء‪ ،...‬وتزايدت كذلك التقارير املنشورة املرتبطة هبم مع البيبليوغرافيا‬
‫احلديثة اليت تتضمن ما يقرب من ألف ومائيت مدخل يف اللسانيات والقانون‪ ،‬وشرعت اجمللة اجلديدة املسماة‬
‫بـ"اللسانيات القضائية" يف النشر سنة ‪ ، 1994‬وهي عضو رمسي يف اجلمعية الدولية للسانيات القضائية‬
‫واجلمعية الدولية للصوتيات القضائية‪ ،‬اللتني أنشئتا حوايل ‪ . 1990‬وقد وصلت حمتويات اجمللة اجلديدة إىل‬
‫ألف ومائيت استشهاد يف قائمة البيبليوغرافيا‪ ،‬تتوزع على جمموعة من التخصصات؛ من الصوتيات السمعية‬
‫والصوت املطبوع إىل نظرية الد تلة وأفعال الكال ‪ .‬ويعكس اجلزء اجلوهري من تلك الدراسات العديد من‬
‫ا تهتمامات املصنفة بكيفية مألوفة حتت املظلة السوسيولسانية اليت تتضمن علم اللهجات‪ ،‬وحتليل اخلطاب‪،‬‬
‫والتواصل عرب ثقايف‪...‬؛ إذ ميكن للسوسيولسانيني أن يؤدوا دورا هاما يف املساعدة على صياغة القوانني اليت‬

‫‪ -1‬املرزباين‪ ،‬أخبار النحاة واألدباء والشعراء والعلماء‪ ،‬ص‪.286-285‬‬


‫‪ -2‬ميكن ا تطالع على طبيعة تلك البحوث وتواريخ نشرها يف البيبليوغرافيا‪.‬‬
‫‪ -3‬للمزيد من التفاصيل حول هذا املوضوع انظر‪ :‬حافظ إمساعيلي علوي‪ ،‬اللسانيات يف الثقافة العربية‪ :‬دراسة حتليلية‬
‫نقدية يف قضايا التلقي وإشكا تته‪.‬‬
‫ختضع يف تطبيقها لفهم كاف للخطاب داخل العشائر اللغوية‪ ،‬وتأويلها وتطبيقها‪.1‬‬
‫شكل هذا ا تهتما ‪ ،‬إذن‪ ،‬إيذانا بتحو تت جذرية عميقة أسهمت يف تعزيز هذا ا تجتاه اجلديد الذي‬
‫يعىن باللغة القانونية باعتبارها لغة خاصة‪ ،‬شأهنا يف ذلك شأن كل اللغات القطاعية األخرى‪ ،‬واليت هتتم‬
‫بتوظيف صنف حمدد من العالمات (اللغوية) ‪ ،2‬ما دامت "جهات ا تختصاص يف لغات العلو ليست من‬
‫طبيعة واحدة؛ ذلك أن ا تختصاص يف بعض هذه اللغات قد ميتد إىل العالمات املستخدمة يف التعبري عن‬
‫املفاهيم‪ ،‬كما قد ميتد يف بعضها اآلخر إىل جمال القواعد الرتكيبية املتحكمة يف صياغة اجلمل‪ .‬ومعىن هذا أن‬
‫مظاهر ا تختصاص ت تنحصر يف املستوى الد تيل فقط‪ ،‬خالفا ملا قد توحي به بعض تعريفات اللغة‬
‫اخلاصة"‪.3‬‬
‫‪ .3‬اللسانيات القانونية‪ :‬بحثا عن الخصائص اللسانية للغات القانون‪:‬‬

‫أشرنا آنفا إىل أن للقانون لغة فنية خاصة وهي اللغة القانونية العامة‪ ،‬اليت جند إىل جانبها خصوصيات‬
‫بالغية أسلوبية واضحة تسم اللغات القانونية المتخصصة‪.‬‬
‫‪ .1.3‬الخصائص العامة للغة القانون‬

‫اهتمت بعض الدراسات بتحديد اخلصائص العامة للغة القانون؛ فوجدت أن املعجم القانوين‬
‫اإلجنليزي‪ ،‬مثال‪ ،‬يعج بالكلمات القدمية وا تستعما تت الطقوسية والرمسية‪ ،‬والكلمات املتسلسلة‪ ،‬والكلمات‬
‫املألوفة احململة باملعاين غري املألوفة والكلمات الدقيقة جدا‪ ،‬وأن القانون األملاين يشتمل على مصطلحات‬
‫مغرقة يف التجريد‪ ،‬مع تردد كبري تستعمال األمساء‪ .‬أما اللغة املستعملة يف القانون الصيين‪ ،‬فهي لغة عادية‪،‬‬
‫تستعمل معجم اللغة العا احململ مبعان قانونية‪ ،‬مما جيعل اللغة القانونية الصينية تزخر باستعما تت غامضة‬
‫وعامة وملتبسة‪.4‬‬
‫كما أولت بعض البحوث أمهية للدراسات القانونية املقارنة؛ فصنفت األنظمة القانونية الكربى يف‬
‫العامل إىل أصناف متنوعة‪ ،‬واملقصود هنا بـ"النظا القانوين" طبيعة القانون بشكل عا وحمتواه‪ ،‬وكذا البىن‬
‫وح ِّكم وأُدير عربها يف و تية قضائية ما‪ .‬إن أنظمة من هذا القبيل ميكن أن تصنف‬
‫واملناهج اليت ُشِّرع ُ‬

‫‪ -1‬فلوريان كوملاس (حترير)‪ ،‬دليل السوسيولسانيات‪ ،‬ص‪.899-898‬‬


‫‪" -2‬ميكن تصنيف لغات العلو ‪ ،‬من حيث طبيعة العالمات املعتمدة يف التعبري عن مفاهيمها‪ ،‬إىل ثالثة أصناف‪،‬‬
‫لغات هتيمن فيها العالمات غري اللسانية‪ ،‬وأخرى تكتفي باقرتاض العالمات اللسانية املتوافرة يف اللغة الطبيعية بعد أن‬
‫تفرغها من معانيها‪ ،‬وتشحنها مبفاهيم جديدة‪ ،‬وثالثة متزج بني العالمات الطبيعية والعالمات غري الطبيعية"‪ .‬زكرياء‬
‫أرسالن‪ ،‬اللغة النحوية العربية القدمية قضايا إبستمولوجية ومصطلحية‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ -4‬ميكن ا تطالع على هذه القضايا بتفصيل يف الفصل األول من كتاب‪:‬‬
‫‪Deborah Cao, Translating Law.‬‬
‫باعتبارها عائالت قانونية‪ .‬فاستنادا إىل تصنيف ديفيد وبريريل لألنظمة أو العائالت القانونية يف العامل‪ ،‬يشري‬
‫إىل القانون اجلرماين‪ ،‬والقانون الروماين (القانون املدين األورويب) والقانون العا ‪ ،‬والقانون ا تشرتاكي‪ ،‬والقانون‬
‫اهلندي‪ ،‬والقانون اإلسالمي‪ ،‬والقانون اإلفريقي‪ ،‬وقانون الشرق‪ .‬وحبسب تصنيف آخر قا به سويكرت‬
‫وكوتز (‪ ) 1992‬توجد مثانية جمموعات قانونية كربى‪ :‬الرومانية‪ ،‬واجلرمانية‪ ،‬والشمالية‪ ،‬والقانون العا ‪،‬‬
‫والقانون ا تشرتاكي‪ ،‬وقانون الشرق األقصى‪ ،‬والقانون اإلسالمي‪ ،‬والقانون اهلندي‪ .‬واجملموعتان القانونيتان‬
‫األكثر تأثريا يف العامل مها القانون العا والقانون املدين (اجلرماين الروماين)‪ .‬وتنضوي حتت لواء القانون‬
‫التشريعي العا ‪ :‬إجنلرتا والويلز (بالد الغال) والو تيات املتحدة األمريكية وأسرتاليا ونيوزيلندا وكندا وبعض‬
‫املستعمرات الربيطانية السابقة يف إفريقيا وآسيا كنيجرييا وكينيا وسنغفورة وماليزيا وهون كونغ‪ .‬أما دول القانون‬
‫املدين فهي فرنسا وأملانيا وإيطاليا وسويسرا والنمسا ودول أمريكا الالتينية وتركيا وبعض الدول العربية ودول‬
‫مشال إفريقيا واليابان وكوريا اجلنوبية‪.1‬‬
‫وتوجد أيضا أنظمة خمتلفة تعتمد على أكثر من عائلة قانونية واحدة؛ فنظامها القانوين هجني ميتح‬
‫من القانون العا ومن القانون املدين‪ ،‬وينطبق هذا الوضع على دول عديدة منها جنوب إفريقيا ومنطقة‬
‫الكيبك بكندا وو تية لويزيانا بأمريكا وسكوتلندا والفيليبني واليونان‪ ،‬ينضاف إليها كذلك قانون ا تحتاد‬
‫األورويب‪.2...‬‬
‫إن التصنيفات السابقة ُمستمدة من اعتبارات لغوية باألساس‪ ،‬عالوة على اختالف األنظمة‬
‫القانونية اخلاصة باجملتمعات اليت صاغتها؛ إذ إن لكل جمتمع بىن لسانية واجتماعية وثقافية خمتلفة طُورت‬
‫حسب ظروفه اخلاصة‪ ،‬أو اختلفت باختالف املفاهيم والضوابط القانونية وتطبيقات القانون‪ ...‬وقد يتعلق‬
‫األمر أحيانا هبذا كله‪.‬‬
‫واستنادا إىل عالقة القرابة بني النظم القانونية‪ ،‬دائما‪ ،‬اهتمت بعض الدراسات خبصائص اللغة القانونية‬
‫اعتمادا على املقارنة بني ب عض اللغات؛ فوجدت أن املعجم القانوين اإلجنليزي يعج بالكلمات القدمية‬
‫وا تستعما تت الطقوسية والرمسية‪ ،‬والكلمات املتسلسلة‪ ،‬والكلمات املألوفة احململة باملعاين غري املألوفة‬
‫والكلمات الدقيقة جدا‪ ،3‬وأن القانون األملاين يشتمل على مصطلحات مغرقة يف التجريد‪ ،‬مع تردد استعمال‬
‫األمساء بشكل كبري‪ ،4‬أما اللغة املستعملة يف القانون الصيين‪ ،‬فهي لغة عادية تستعمل املعجم العا احململ‬
‫مبعان قانونية‪ ،‬مما جيعل اللغة القانونية الصينية تزخر باستعما تت غامضة وعامة وملتبسة‪ ...5‬وهي‬

‫‪ -1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.25-18‬‬


‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحات نفسها‪.‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحات نفسها‪.‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -5‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫اختالفات‪ ،‬يف معظمها‪ ،‬معجمية ود تلية و‪ /‬أو تداولية باألساس‪ ،‬بينما تبقى املباين الرتكيبية متشاهبة إىل حد‬
‫بعيد‪.1‬‬
‫ورغم هذه التشاهبات وا تختالفات يف الوقت نفسه بني القوانني‪ ،‬فإن لغة القانون ت خترج عن‬
‫خصوصيات اللغات اخلاصة‪ ،‬لذلك من الطبيعي أن جند بني هذه اللغات خصائص مشرتكة‪ ،‬وهي‬
‫اخلصائص اليت عربنا عنها هنا بـ"الخصائص العامة للغة القانون"‪ ،‬وقد وصفناها باخلاصة؛ ألهنا خصوصيات‬
‫تكاد تكون مطردة يف اللغات القانونية مجيعها‪ ،‬من جهة‪ ،‬ولتمييزها عن الخصائص البالغية األسلوبية اليت‬
‫متيز لغات التشريع يف سياقها ا تستعمايل اخلاص كما سنبني تحقا‪.‬‬
‫وميكن أن نعرض لتلك اخلصوصيات العامة على النحو اآليت‪:‬‬

‫‪ o‬اللغة القانونية لغة البساطة والوضوح والمباشرة‪ :‬فهي لغة واضحة وبسيطة ختلو من ا تستعما تت‬
‫اجملازية‪ ،‬ويرتتب على ختلف أي من هذه اخلصائص الوقوع يف التخليط وصعوبة الوصول إىل فهم‬
‫حقيقة املراد‪ .‬و ت حيول احلفاظ على هذه السمات دون انتقاء اجلزل من الكال والشيق من أساليب‬
‫التعبري‪2‬؛‬
‫‪ o‬اللغة القانونية لغة العمومية والتجريد‪ :‬إن الطابع السلطوي العا للقانون‪ ،‬الذي ينتج عنه توقيع‬
‫العقاب على كل من خيالف هذه القواعد‪ ،‬يوجب أن تكون القاعدة القانونية عامة وجمردة تطبق‬
‫على اجلميع بال متييز؛‬
‫‪ o‬اللغة القانونية لغة فنية‪ :‬ألهنا تعرب عن أدق تفاصيل الفكر القانوين مثل التفسري والتقدير‬
‫واستخالص القرائن والتكييف واملنطقية وغريها؛‬
‫‪ o‬اللغة القانونية لغة معيارية‪ :‬إهنا لغة فرض الواجبات واحلقوق‪ ،‬وبالتايل فهي لغة تقريرية حيث إن‬
‫الوظيفة األساسية للقانون هي تنظيم السلوك البشري والعالقات البشرية؛‬
‫‪ o‬اللغة القانونية لغة اصطالحية‪ :‬وهذه الصفة ترجع إىل أهنا لغة خاصة‪ ،‬فهى تعرب عن حقائق‬
‫قانونية أو حقائق طبيعية واجتماعية‪ ،‬كما أهنا تعرب أيضاً عن األفعال احملظورة واجلزاء املرتتب على‬
‫ارتكاهبا‪ ،‬كما تتسع كذلك لتعرب عن أدق العمليات الذهنية اليت تؤدي إىل نتيجة معينة‪...‬‬

‫وعالوة على هذه اخلصائص العامة‪ ،‬تتميز اللغة القانونية خبصائص لسانية أخرى‪ ،‬ميكن أن جنملها يف‪:‬‬

‫‪ -1‬وقد اهتدى إىل هذه اخلالصة أحد الباحثني العرب‪ ،‬يقول‪" :‬من مسات التفكري اللغوي يف القانون أن له مباين‬
‫مشرتكة‪ ،‬تنسحب على القانون العا واخلاص‪ ،‬يف خمتلف دول العامل‪ .‬هذا على الرغم من اختالف البىن الذهنية‪،‬‬
‫وا تجتماعية‪ ،‬واللغوية‪ ،‬لواضعي هذه القوانني‪ ،‬بعضهم عن بعض"‪ .‬مسري شريف استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ :‬اجملال‪ ،‬والوظيفة‪،‬‬
‫واملنهج‪ ،‬ص‪.)497‬‬
‫‪ -2‬عز الدين عبد اهلل‪ ،‬لغة القانون يف مصر‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫‪ -‬الخصائص المعجمية‪ :‬إن لغة القانون "لغة اصطالحية" كما أشرنا سابقاً‪ ،‬وهذه الصفة ترتبط خبصوصية‬
‫املعجم القانوين‪ .‬فإذا كانت البساطة والوضوح والدقة من خصائص اللغة القانونية‪ ،‬فإن ذلك متأت من‬
‫استخدا التعبريات ا تصطالحية‪ .‬غري أن ما هو جدير باإلشارة هنا‪ ،‬أن اللغة القانونية‪ ،‬وعلى عكس اللغات‬
‫اخلاصة اليت تستعمل املصطلح الواحد للد تلة على املفهو الواحد؛ أي "أحادية د تلة املصطلح"‪ ،‬اليت تعد‬
‫مسة من السمات املائزة للغات اخلاصة جتعلها مفهومة يف سياقات ثقافية متعددة‪ ،‬جند أن اللغة القانونية‬
‫ختتلف من هذه اجلهة حتديدا؛ فمدلو تت املصطلحات القانونية ختتلف من حقل قانوين إىل آخر (إداري‪-‬‬
‫جنائي‪ -‬مدين‪ ،)...-‬إذ قد يعطى للمصطلح الواحد د ت تت خمتلفة‪.1‬‬
‫‪ -‬الخصائص الداللية‪ :‬إذا كانت النصوص القانونية مفتوحة على باب ا تجتهاد والتأويل‪ ،‬فإن ذلك ت‬
‫يعين إطالقا حرية مطلقة يف شرح النص القانوين وتأويله‪ ،‬بل يتعني على مؤويل النصوص القانونية واجملتهدين‬
‫يف فهمها أ ت خيرجوا عن املعىن األساسي هلذه النصوص ألن "املعىن الذي ينبغي البحث عنه يف النص‬
‫القانوين هو املعىن الذي يري ده النص‪ ،‬ت املعىن الذي يريده الباحث فيه‪ ،‬ألن املعىن ‪-‬يف غياب احلصانة‬
‫اللغوية‪ -‬ميكن أن يتعدد وختتلف وجوهه حبيث تضيع الغاية من تنظيم احلياة"‪.2‬‬
‫وعموما تبقى اخلصائص الد تلية من أهم املميزات اللسانية للنص القانوين‪ ،‬بل "إن أدق موطن‬
‫تطبق فيه قواعد علم الد تلة ومفاهيمه هو علم القانون؛ ألن مدار احلكم فيه على الد ت تت املختلفة لألقوال‬
‫واألفعال‪ .‬وإذا كان علم الد تلة يف اللسانيات يقو على معاين األلفاظ واجلمل والسياقات‪ ،‬فإن العلو‬
‫القانونية كلها تفعل ذلك‪ ،‬وتضيف إليها تركيزها على د ت تت األحداث‪ ،‬واملواقف‪ ،‬واألفعال‪ ،‬والعالقات‪،‬‬
‫وجتعل كل أولئك مؤثرة إجيابا أو سلبا يف احلكم‪ .‬بل إن القوانني نفسها حتسب هذه األمور وترصدها‪ ،‬وحتدد‬
‫أكثر تبعاهتا‪ ،‬وتبين األحكا على أساس ذلك‪ .‬وقد تقع أحداث غري متوقعة‪ ،‬فيتوجه رجال القانون إىل‬
‫حتديث القوانني‪ ،‬وتعديل األحكا ‪ ،‬مبا يتناسب والوقائع اجلديدة"‪.3‬‬
‫‪ -‬الخصائص التركيبية‪ :‬تتميز اجلمل القانونية عادة بالطول‪ ،‬واستعمال اجلمل املركبة والطويلة‪ ،‬واستعمال‬
‫الشرط وا تستثناء‪ ،‬والعبارات السببية‪" :‬يظهر ذلك يف القوانني‪ ،‬واألنظمة‪ ،‬واألحكا ‪ ،‬وشروح القوانني‪ ،‬وغري‬
‫ذلك مما له صلة بالقانون‪ .‬إن عبارات كهذه‪" :‬تبعا لذلك‪ ،‬وبناء عليه‪ ،‬ومما يرتتب على هذا‪ "...‬ذات سريورة‬
‫يف كثري من األعمال والنصوص القانونية‪ ،‬والفرق كبري بني استخدا أهل القانون هلذه العبارات‪ ،‬وسائر‬
‫ا تستخدامات‪ .‬إن القانون جيعل هذه العبارات أساسا حكميا‪ ،‬يهيئ القارئ إىل احلكم املرتتب على ما‬

‫‪ -1‬انظر امللحق‪.1‬‬
‫‪ -2‬حممد اهلادي الطرابلسي‪ ،‬مسالك البحث عن املعىن يف النص القانوين‪ ،‬ص‪.536‬‬
‫‪ -3‬مسري شريف استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ :‬اجملال‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬واملنهج‪ ،‬ص‪.493‬‬
‫سبق"‪.1‬‬
‫‪ -‬الخصائص التداولية‪ :‬اللغة القانونية لغة إجنازية باألساس؛ ألهنا تنجز آثارا ونتائج‪ .‬إهنا جتسيد لعالقة‬
‫اللغة بالفعل؛ وهو ما جيعل من اخلطاب القانوين خطابا وثيق الصلة بالواقع‪ ،‬ألن معناه ت يتحقق إ ت إذا‬
‫حتول إىل منجز فعلي‪ ،‬بل لعل القانون هو اخلطاب الوحيد الذي ت تكون له قيمة إ ت بتطبيقه يف الواقع‬
‫فعال‪ ،‬وعملية "التأثري بالقول" هي اليت قد يتحول الكال مبقتضاها إىل منجز فعلي‪.‬‬
‫ويظهر الطابع اإلجنازي للغة القانونية من خالل متييز القانون بني ما يسمى "القواعد اآلمرة" و"القواعد‬
‫املكملة"‪ .‬فالقانون ينظم سلوك األشخاص يف اجملتمع عن طريق قواعد قانونية‪ ،‬وهي القواعد اليت تتضمن‬
‫خطابا موجها لألفراد بأداء عمل ما أو ا تمتناع عنه‪ .‬ومييز عادة بني القواعد اآلمرة واملكملة باعتماد املعيار‬
‫الشكلي الذي يقو على اعتماد ألفاظ النص ذاته طريقا ملعرفة القاعدة القانونية‪ ،‬هل هي قاعدة آمرة أو‬
‫مكملة استنادا إىل العبارة املستخدمة يف القاعدة‪ ،‬ومدى جواز ا تتفاق على ما خيالف حكمها من عدمه‪،‬‬
‫فإذا كانت العبارة تدل على عد جواز ا تتفاق على خمالفتها كانت آمرة وإن دلت على جواز ذلك كانت‬
‫مكملة‪ .‬وعادة ما يستخد املشرع ألفاظا متداولة مثل‪ :‬جيب ‪ -‬ت جيوز ‪-‬مينع ‪ -‬ت يصح ‪-‬يعترب باطال ‪ -‬ت‬
‫ميكن‪ -‬إذا و جب‪...‬‬
‫إىل جانب املعيار الشكلي‪ ،‬وهو معيار لغوي‪ ،‬حيدث التمييز باملعيار املوضوعي؛ فقد ت تتضمن‬
‫القاعدة لفظ أمر يوحي بالنهي أو ا ت متناع كدليل على أن القاعدة آمرة أو أهنا ت تتضمن نصا يسمح‬
‫با تتفاق على خمالفتها كدليل على أن القاعدة مكملة أو املفسرة‪ ،‬وعندئذ جيب البحث عن معيار آخر‬
‫خارج اللفظ والنص الذي جرت به القاعدة القانونية وذلك من خالل البحث يف موضوع القاعدة القانونية‬
‫ومدى عالقتها بالنظا العا أو املصاحل األساسية للمجتمع لذلك يطلق على هذا املعيار باملصطلح‬
‫املوضوعي أو املعنوي ألنه يكمن يف موضوع القاعدة واملراد منها‪ ،‬ولذلك فهو اعتبار تداويل بالدرجة األوىل‪.‬‬
‫‪ .2.3‬لغة (لغات) القانون وخصائصها البالغية و األسلوبية‪:‬‬

‫يستخد املشتغلون يف جمال القانون لغات خمتلفة باختالف جما تت ا تشتغال [إصدار األحكا ‪،‬‬
‫الدفاع‪ ،]...‬وتتميز كل لغة من هذه اللغات خبصوصيات جتعل منها منطا فريدا‪ ،‬على الرغم مما جيمعها من‬
‫خصوصيات عامة توحد لغات القانون بشكل عا ‪ ،‬ومن هذه اللغات‪ :‬لغة التشريع‪ ،‬ولغة احملاماة‪ ،‬ولغة‬
‫القضاء‪...‬‬
‫‪ .1.2.3‬لغة التشريع‪:‬‬

‫أهم ما مييز لغة التشريع أهنا لغة مباشرة؛ ألهنا موجهة إىل العمو ‪ ،‬ولذلك من املفروض أن تكون‬

‫‪ -1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.502‬‬


‫واضحة دقيقة‪ .‬فاللغة املعقدة جتعل القانون مغلقا‪ ،‬كما أن اللغة غري الدقيقة جتعل القانون مبهما‪ .‬وجيب أن‬
‫يكون للتشريع لغة فنية خاصة به‪ ،‬حبيث يكون كل لفظ فيها موزونا حمدود املعىن‪ .‬و ت جيوز أن يتغري معىن‬
‫اللفظ الواحد باستعماله يف ظروف خمتلفة‪ .‬كما أنه إذا عرب عن معىن بلفظ معني‪ ،‬وجب أ ت يتغري هذا اللفظ‬
‫إذا أريد التعبري عن هذا املعىن مرة أخرى‪ .‬و ت يتناىف أن تكون لغة التقنني غنية وأن تكون بسيطة تنزل إىل‬
‫مستوى اجلمهور‪.1‬‬
‫ومما مييز لغز التشريع أيضا ا تستقرار‪ ،‬فاملشرع مييل يف بناء النصوص التشريعية إىل استخدا العبارات‬
‫املرنة اليت تنطبق على كل الفروض الواقعة وقت إصداره وتتسع للفروض احملتملة مستقبال‪ ،‬وهي بذلك ختتلف‬
‫عن األحكا القضائية اليت جيب أن تتسم عباراهتا بالدقة والتحديد‪.2‬‬
‫وميكن تلخيص أهم خصوصيات لغة التشريع فيما يلي‪:3‬‬
‫‪ .1‬انعدا الرتادف بني األلفاظ واملصطلحات املستعملة تفاديا للزيادة يف املعىن املراد‪ ،‬وجتنبا للتعارض يف‬
‫د تلة األلفاظ‪ ،‬على خالف اللغة العامة اليت تعترب ظاهرة الرتادف فيها أمرا مقبو ت ومستساغا‪ ،‬ويف أحايني‬
‫عديدة يكون حمبذا ومستحسنا من أجل مجالية التعبري وحسن الصياغة؛‬
‫‪ .2‬اعتماد وحدة د تلة اللفظ أو املصطلح يف السياق الواحد‪ ،‬توخيا للوضوح‪ ،‬وتبيانا لقصد املشرع‪ ،‬وابتعادا‬
‫عن احتما تت التأويل والقراءات املتعددة‪ ،‬إذ إن صياغة املعاين القانونية بكيفية واضحة‪ ،‬يؤدي إىل تفادي‬
‫التنازع يف تطبيق القاعدة القانونية؛‬
‫‪ .3‬جتنب التعابري العامة‪ ،‬واعتماد الرتاكيب اللغوية على ألفاظ حمددة الد تلة‪ ،‬سواء منها الد تلة املعجمية‬
‫العامة‪ ،‬أو الد تلة ا تصطالحية اخلاصة؛‬
‫‪ .4‬اتصاف األسلوب القانوين الذي تصاغ به القواعد القانونية بالرتكيز الشديد للعبارة‪ ،‬من خالل التعبري‬
‫بأسلوب مركز ومكثف‪ ،‬وتفادي احلشو واأللفاظ الزائدة؛ إذ كل لفظ أو عبارة زائدة يف الصياغة القانونية‬
‫تعين الزيادة يف املعىن خالفا إلرادة املشرع ومقصوده؛‬
‫‪ .5‬توخي استعمال املصطلحات القانونية الواضحة املعىن‪ ،‬واملصطلحات التقنية والعلمية املتداولة بني أهل‬
‫التخصص الواحد‪ ،‬أو ختصصات متعددة؛‬
‫‪ .6‬اعتماد الصيغ والتعابري القانونية املتداولة واملتواترة يف كل جمال من جما تت التشريع‪ ،‬حسب طبيعة النص‪،‬‬
‫وحسب اجملال الذي يندرج يف إطاره؛‬
‫‪ .7‬جتنب ظاهرة التكرار يف الصيغ والعبارات لإلفصاح عن املعىن الواحد ويف السياق نفسه؛‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق أمحد السنهوري‪ ،‬على أي أساس يكون تنقيح القانون املدين املصري‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫‪ -2‬سعيد أمحد بيومي‪ ،‬لغة احلكم القضائي‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -3‬عبد اإلله فونتري‪ ،‬اللغة العربية والنص التشريعي‪ :‬تأمالت وإشكا تت‪ ،‬ص ص‪.63-61‬‬
‫‪ .8‬اعتماد الضمائر املسترتة وضمائر الغائب كلما كان استعماهلا مفيدا يف الد تلة على املضمر‪ ،‬وخيف‬
‫اللبس‪ ،‬وجب اإلظهار ملا لذلك من تأثري بليغ على السياق يف بيان املقصود‪ ،‬وعلى من يعود عليه الضمري‪،‬‬
‫سيما إذا تعلق األمر مبن يقع عليه التزا ‪ ،‬أو من هو خماطب بقاعدة‪ ،‬أو من هو صاحب حق؛‬
‫‪ .9‬جتنب استعمال النعوت والصفات إ ت إذا كان ذلك يف معرض البيان املطلوب‪ ،‬أو لضرورة تقنية ملحة؛‬
‫‪ .10‬ا تستعاضة ع ن الصيغ اإلنشائية الطويلة باجلمل القصرية املتسلسلة‪ ،‬من أجل التعبري املباشر ويف حدود‬
‫املطلوب‪ ،‬عن املعاين احلقوقية املراد اإلفصاح عنها؛‬
‫‪ .11‬غلبة استعمال اجلمل الفعلية يف الصياغة القانونية‪ ،‬وقلة استعمال اجلملة ا تمسية‪ ،‬اليت يتم اللجوء إليها‬
‫يف حا تت نادرة‪ ،‬خصوصا عندما يتعلق األمر بإقرار مبدأ‪ ،‬أو إقرار معادلة قانونية بني احلقوق وا تلتزامات؛‬
‫‪ .12‬غلبة استعمال الفعل املضارع يف الصياغة القانونية‪ ،‬مادا زمن تطبيق القاعدة دائما هو زمن تحق‬
‫لتاريخ إصدارها ‪ ،‬يف حني أن احلا تت النادرة اليت يستعمل فيها الفعل املاضي تكون مقتصرة على حا تت‬
‫وصف وقائع قانونية من أجل ترتيب آثار ونتائج قانونية عليها؛‬
‫‪ .13‬جتنب الصياغة القانونية التعابري العامة والغامضة وامللتبسة‪ ،‬واستعمال صيغ وعبارات دقيقة بد ت عنها‪،‬‬
‫تعكس لغة معيارية يف جمال احلقوق وا تلتزامات‪ ،‬وليس جمرد إعالن للنيات والتطلعات‪ ،‬على غرار ما هو‬
‫احلال بالنسبة إىل بعض املواثيق والصكوك الدولية اليت يكون فيها األمر مقصودا ومطلوبا من أجل حث‬
‫الدول وتشجيعها على إصدار تشريعات وطنية‪.‬‬
‫‪ .2.2.3‬لغة المحاماة‪:‬‬

‫قد تكون لغة احملاماة لغة حديث (املرافعات) أو لغة كتابة (املذكرات)‪ ،‬وهي يف كلتا احلالتني لغة‬
‫التماس‪ ،‬ولغة خماطبة املشاعر قبل خماطبة العقول‪ .‬فقد "بدأت احملاماة صناعة خطابة‪ ،‬وفصاحة‪ ،‬وبالغة‪،‬‬
‫وإطالة‪ ،‬مث تطورت‪ ،‬كما تطور كل شيء يف هذا العامل‪ ،‬إىل صناعة إقناع‪ ،‬وحجج‪ ،‬وأدلة‪ .‬بدأت فنا‪ ،‬قوامه‬
‫اللفظ البليغ"‪. 1‬‬
‫إن نص املرافعة سواء أكان مكتوبا (مذكرة) أو شفويا (مرافعة) حيمل خصوصيات لسانية‪ .‬فال بد‬
‫للمحامي من معرفة مبخارج احلروف وصفاهتا وما يعرتي بعضها من تغريات عند النطق‪ ،‬وأن يتمرن على‬
‫إبرازها أخذا بعني ا تعتبار العوامل املؤثرة يف إنتاج الصوت؛ ألن صوت اإلنسان أهم وسائل التعبري عما‬
‫خيتلج النفس‪ ،‬فقد تكون العني‪ ،‬واملالمح‪ ،‬واإلشارة‪ ،‬واحلركة‪.....‬وسائل للتعبري ت تقل بالغة‪ ،‬لكن الصوت‬
‫يبقى أمهها‪ .‬يؤدي الصوت اإلنساين املعاين برتاوحه بني ا ترتفاع وا تخنفاض وا تحنباس وا تنطالق والسرعة‬
‫والبطء يف األداء والرقة والتفخيم‪ ،‬وهذه خصائص من شأهنا أن تؤثر على حمتوى أي مرافعة‪ .‬كما أن مرافعة‬

‫‪ -1‬حسن اجلداوي‪ ،‬قضايا تارخيية ومرافعات‪ ،‬ص‪.290‬‬


‫احملامي عادة ما تتضمن كلمات ومجل تكون ذات أمهية يف حسم الدعوى‪ ،‬وحىت تنال هذه الكلمات‬
‫واجلمل موقعها املناسب يف سياق الرتافع‪ ،‬فإنه يتعني على املرتافع أن يكون على دراية بالنرب والتنغيم‪ ،‬وعلى‬
‫القواعد الضابطة هلذه الظواهر الصوتية‪ -‬اللسانية إن هو أراد فعال أن يضمن للقضية اليت يرتافع من أجلها‬
‫النجاح‪.‬‬
‫‪ .3.2.3‬لغة القضاء‪:‬‬

‫يعرف زكي عرييب احلكم القضائي بالقول‪" :‬احلكم القضائي هو عنوان احلقيقة‪ ،‬وعنوان احلقيقة جيب أن‬
‫يكون جديرا هبا من حيث صياغته على األقل"‪.1‬‬
‫ ت تنتهي مهمة القاضي بالوصول إىل رأي فاصل يف الدعوى املطروحة أمامه؛ إذ عليه أن يؤيد حكمه‬
‫بقلمه‪ .‬وليس األمر يسريا‪ ،‬ت سيما يف القضايا اليت تدفع فيها حجج اخلصو بعضها البعض‪ ،‬كل لديه من‬
‫احلجج الدامغة والرباهني القوية ما جيعل القاضي حائرا بينها‪ ،‬حىت ما إذا قال كلمته احلامسة‪ ،‬فإنه يثور‬
‫التساؤل عن كيفية هذا القول‪.2‬‬
‫و ت قيمة لل فكر الذي ينتهي إليه القاضي بدون لغة يعرب هبا عن هذا الفكر‪ ،‬فباللغة ينتقل يقني إقناع‬
‫القاضي من دائرة ا تقتناع الداخلي إىل الفكر احملسوس الذي ميكن من إدراكه والوقوف عليه‪ .3‬لذلك يتعني‬
‫عليه "أن يصوغ حكمه يف أسباب‪ .‬وهذه األسباب يتطلع إليها اخلصمان‪ ،‬سواء اخلاسر دعواه أو الكاسب‬
‫هلا‪ .‬ومعرفة أصول اللغة متكنه من فهم حجج اخلصو ودفاعهم‪ ،‬كما أهنا تعينه على الوقوف على أسرار كل‬
‫لفظ عند نقاش اخلصو أمامه وما يدلون به يف مرافعاهتم وما يسطرونه يف مذكراهتم املقدمة إليه‪.4‬‬
‫وترهتن اللغة القضائية بشخص القاضي وتتأثر جبوانب شخصيته وتكوينه العلمي والقضائي‪ ،‬ويرتتب‬
‫على ذلك اختالف لغة القضاء‪ ،‬لكن ذلك ت مينع من وجود ضوابط مشرتكة جيب التقيد هبا‪ ،‬ومن ذلك‬
‫التوفر على حس لغوي ميكن القاضي من حسن اختيار األلفاظ‪ ،‬ودقتها‪ ،‬وا تبتعاد عن احلشو‪ ...‬وهذه‬
‫ضوابط جيب أن يتقيد هبا القاضي يف حترير األحكا ‪5‬؛ ألهنا تساعده على تفهم الواقعة بأركاهنا وظروفها‪.‬‬
‫وجيب لذلك أن تكون أسباب احلكم مقنعة‪ ،‬و ت يتوفر هذا اإلقناع إ ت بأن يكون لدى كاتبها املقدرة‬
‫حبيث يستطيع أن يعاجل بقلمه القضية من مجيع نواحيها‪ .‬يبني جبالء وقائعها‪ ،‬ويستعرض خمتلف اآلراء فيها‬

‫‪ -1‬زكي عرييب‪ ،‬لغة األحكا واملرافعات‪ ،‬ص‪.179‬‬


‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.181‬‬
‫‪ -3‬حسن السيد بسيوين‪ ،‬منهجية العمل القضائي ص‪ ،64‬انظر الصفحة ‪.44-34‬‬
‫‪ -4‬أمحد بلخريية‪ ،‬رسالة القاضي‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪ -5‬زكي عرييب‪ ،‬لغة األحكا واملرافعات‪ ،‬ص‪.182‬‬
‫بدقة وإجياز‪ ،‬يناهض ما يرى مناهضته‪ ،‬ويؤيد ما يرى تأييده‪ .‬مث يقف عند الرأي الذي يعتقد صحته‪.1‬‬
‫فكثريا ما يكون ضعف اللغة وسوء الصياغة سببا يف رفض احلكم‪ ،‬ولذلك فإن ثقافة القاضي الواسعة وتكوينه‬
‫الدقيق يف جمال القضاء ت يكفيان لوجود قاض ناجح؛ "فمن القضاة من يصل حبسن بديهته وسالمة تفكريه‬
‫إىل الرأي الصحيح‪ ،‬ولكنه بسبب ضعف قدراته الفنية يعجز عن أن حيسن عرض رأيه بالشكل املؤثر‬
‫املقنع"‪.2‬‬
‫لالعتبارات السابقة فـإن علو اللغة "من العلو األساسية الالزمة لنجاح القاضي يف عمله؛ إذ إهنا متكنه‬
‫من فهم أسرار املشاكل اإلنسانية عند اطالعه على لغة اخلصو بكيفية مدققة مع فهم أسرار كل لفظ عند‬
‫نقاشهم أمامه ويف تقاريرهم ويف مرافعاهتم حىت حيرر هلم أحكاما مثالية بكيفية تظهره يف مستوى الكاتب‬
‫ا تجتماعي والفيلسوف احلكيم الذي يصور املشاكل ا تجتماعية يف حكمه يف أجلى مظهر ويف أحسن‬
‫صورة"‪.3‬‬
‫‪ .4‬على سبيل الختم‪:‬‬

‫حاولنا يف هذا البحث أن نبني مدى أمهية اللغة يف تشكل اخلطاب القانوين وإعطائه هويته؛ فرجل‬
‫القانون ت ميكن أن يستغين عن املعرفة اللغوية‪ ،‬ألن النصوص القانونية حمكومة بقواعد وضوابط لغوية‬
‫باألساس مستمدة من طبيعة اللغة العربية واستعما تهتا‪ ،‬وبذلك تكون املعرفة اللغوية أحد أدوات استنباط‬
‫املعىن من نسيج متكامل (النص القانوين)‪.‬‬
‫إن " العالقة بني اللغة والتشريع هي عالقة تفاعل معقدة؛ إذ بدون لغة سليمة ودقيقة وواضحة وحمكمة‪،‬‬
‫وبدون معرفة صحيحة بأصول التشريع ومبادئه املرجعية‪ ،‬ت ميكن للخطاب التشريعي أن يؤدي وظيفته‪،‬‬
‫وحيقق مبتغاه‪ .‬إن العالقة بني اللغة والتشريع هي يف حقيقتها عالقة بني احملرر واملشرع‪ ،‬بني العبارة وصانع‬
‫القرار"‪ ،4‬فلذلك ت نبالغ إذا قلنا إن اللغة هي نصف العمل القانوين‪.‬‬
‫لالعتبارات السابقة فإن التطبيق السليم للقانون ت ميكن أن يكون بالشكل املطلوب إ ت من خالل‬
‫نصوص قانونية واضحة ودقيقة‪ ،‬وهذا ت ميكن أن يتحقق أيضا إ ت إذا انصب ا تهتما على اللغة اليت تصاغ‬
‫هبا النصوص القانونية‪ ،‬ونعين بذلك اجلوانب الشكلية واللغوية والد تلية للنص القانوين‪ ،‬اليت ينتج عنها‬
‫بالضرورة تطبيق القانون بكيفية سليمة؛ فاللغة هي الوعاء أو اإلطار الذي حيول املادة القانونية إىل نص‬
‫بروح‪ ...‬والصياغة القانونية هي أحد أسس القاعدة القانونية‪ ،‬فهي اليت تنفث فيها الروح وخترجها إىل حيز‬

‫‪ -1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.183‬‬


‫‪ -2‬بريو كاملندري‪ ،‬قضاة وحمامون‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪ -3‬أمحد بلخريية‪ ،‬رسالة القاضي‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪ -4‬عبد اإلله فونتري‪ ،‬اللغة العربية والنص التشريعي‪ :‬تأمالت وإشكا تت‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫الوجود‪.‬‬
‫إن املسؤولية ملقاة على عاتق القانونيني واللسانيني على حد سواء؛ فمن واجب رجل القانون أن‬
‫يعتد باألمور اللغوية‪ ،‬وأن يوليها حظها من البحث وا تهتما ‪ ،‬ومن واجب اللسانيني أن يعيدوا النظر يف‬
‫املقاصد اللغوية‪ ،‬ولنا يف تراثنا عربة؛ فقدميا أشار ابن رشد إىل ضرورة إعادة تنظيم األبواب النحوية‪ ،‬وإعادة‬
‫تنسيق موضوعاهتا لكي تتفق مع أهداف املتخصصني يف العلو الشرعية‪ ،‬فيقتصر من النحو الكلي على ما‬
‫يعني على استنباط معاين النصوص الشرعية‪ ،‬وتضم إليه القضايا األسلوبية من علو البالغة‪ .‬فيكون القصد‬
‫حنو عملي يسعى إىل فهم‬‫من تعلم النحو يف هذا الباب الوصول إىل تعلم حنو خاص هلدف حمدد‪ ،‬وهو ٌ‬
‫اخلطاب الشرعي‪ ،‬مستبعدا املبادئ واألسس النظرية ا تفرتاضية اليت ت تفيد يف حتقيق أهداف املادة‪.‬‬

‫ملحق (‪)1‬‬
‫بيبليوغرافيا‪:‬‬
‫‪ )1‬إبراهيم أبو الليل وحممد األلفي‪ ،‬املدخل إىل نظرية القانون ونظرية احلق‪ ،‬الكويت‪ ،‬جامعة الكويت‪. 1986 ،‬‬
‫‪ )2‬أبو عبيد اهلل حممد بن عمران املرزباين‪ ،‬نور القبس املختصر من املقتبس يف أخبار النحاة واألدباء‬
‫والشعراء والعلماء‪ ،‬تح رودلف زهلامي‪ ،‬دار النشر فرانتس شتاينر بفيسبادن‪1384 - 1964 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ )3‬أمحد بلخريية‪ ،‬رسالة القاضي‪ ،‬مؤسسات عبد الكرمي بن عبد اهلل للنشر والتوزيع‪ ،‬تونس‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ )4‬أمحد عبد الظاهر‪ ،‬لغة احملاكم‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األوىل‪. 2012 ،‬‬
‫‪ )5‬أمحد فتحي مرسي‪ ،‬حماضرات يف األدب القضائي‪ ،‬املركز القومي للدراسات القضائية‪. 1989 ،‬‬

‫‪ )6‬بريو كاملندري‪ ،‬قضاة وحمامون‪ ،‬ترمجة حسن العروسي‪ ،‬دار املعارف مبصر‪ ،‬الطبعة الثانية‪. 1962 ،‬‬
‫‪ )7‬حافظ إمساعيلي علوي‪ ،‬اللسانيات يف الثقافة العربية املعاصرة‪ :‬دراسة حتليلية نقدية يف قضايا التلقي‬
‫وإشكا تته‪ ،‬دار الكتاب اجلديدة املتحدة‪ ،‬لبنان‪. 2009 ،‬‬
‫‪ )8‬حافظ إمساعيلي علوي‪ ،‬لغة النص هوية النص‪ ،‬مدخل إىل لسانيات القانون‪ ،‬املؤمتر الدويل الرابع‬
‫للسانيات النص وحتليل اخلطاب‪ ،‬جامعة ابن زهر‪ ،‬أكادير‪ ،‬املغرب‪ 25-19 ،‬مارس‪. 2014 ،‬‬
‫‪ )9‬حامد مصطفى‪" ،‬أدب القانون"‪ ،‬جملة القضاء‪ ،‬مصر‪ ،‬السنة الثانية‪ -1943 ،‬العدد‪( ،6‬ص ص‪- 34‬‬
‫‪.)37‬‬
‫‪ )10‬حسن اجلداوي‪ ،‬قضايا تارخيية ومرافعات‪ ،‬مكتبة حسني الراعي‪ ،‬القاهرة (د‪.‬ت) (د‪.‬ط)‪.‬‬
‫‪ )11‬حسن اخلطيب‪" ،‬املسائل املتعلقة بالتفسري القضائي"‪ ،‬جملة القضاء‪ ،‬مصر‪ ،‬السنة السادسة‬
‫والثالثون‪ ، 1981 ،‬العدد‪ 1‬و ‪ 2‬و ‪ 3‬و ‪( 4‬ص ص‪.)422 -408‬‬
‫‪ )12‬حسن اخلطيب‪ ،‬الصياغة القانونية واملنطق القضائي‪ ،‬جملة القضاء‪ ،‬مصر‪ ،‬السنة الثانية والثالثون‪،‬‬
‫کانون الثانی ‪ - 1977‬العدد ‪( ،1‬ص ص‪.)157 -139‬‬
‫‪ )13‬حسن السيد بسيوين‪ ،‬تقاليد ومنهجية العمل القضائي‪ ،‬مطابع الدار اهلندسية‪ ،‬مصر‪. 2010 ،‬‬
‫‪ )14‬حسن السيد بسيوين‪ ،‬منهجية العمل القضائي‪( ،‬د‪.‬ط)‪. 2000 ،‬‬
‫‪ )15‬خالد ميالد‪ ،‬اإلنشاء يف العربية بني الرتكيب والد تلة‪ :‬دراسة حنوية تداولية‪ ،‬منشورات كلية اآلداب‬
‫منوبة‪ ،‬تونس‪. 2001 ،‬‬
‫‪ )16‬زكي عرييب‪ ،‬لغة األحكا واملرافعات‪ ،‬الكتاب الذهىب للمحاكم (‪ ،)1883 -1933‬مصر‪ ،‬اجلزء‬
‫الثاين‪ ،‬الطبعة الثانية‪( . 1990 ،‬ص ص‪.)190 -156‬‬
‫سعيد أمحد بيومي‪ ،‬لغة احلكم القضائي‪ ،‬دراسة تركيبية د تلية‪ ،‬دار الكتب القانونية مصر دار‬ ‫‪)17‬‬
‫شتات للنشر والربجميات مصر‪ ،‬الطبعة األوىل‪1430 ،‬هـ‪. 2009 -‬‬
‫سعيد أمحد بيومي‪ ،‬لغة القانون يف ضوء علم لغة النص‪ ،‬دراسة يف التماسك النصي‪ ،‬دار الكتب‬ ‫‪)18‬‬
‫القانونية مصر‪ ،‬دار شتات للنشر والربجميات مصر‪ ،‬الطبعة األوىل‪1431 ،‬هـ‪. 2010 -‬‬
‫مسري شريف استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ :‬اجملال‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬واملنهج‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬وجدارا للكتاب‬ ‫‪)19‬‬
‫العاملي‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة الثانية‪1429 ،‬هـ‪. 2008 /‬‬

‫عبد اإلله فونتري‪" ،‬اللغة العربية والنص التشريعي‪ :‬تأمالت وإشكا تت"‪ ،‬ضمن كتاب اللغة العربية‬ ‫‪)20‬‬
‫يف اخلطاب التشريعي واإلداري واإلعالمي يف املغرب‪ ،‬ندوة أكادميية اململكة املغربية‪ ،‬الرباط ‪21-20‬‬
‫أكتوبر ‪ 12-11 ، 2010‬ذو القعدة ‪1431‬هـ‪ ،‬مطبوعات أكادميية اململكة املغربية‪ ،‬سلسلة الندوات‪،‬‬
‫‪( ، 2011‬ص ص‪.)87-55‬‬
‫‪ )21‬عبد احلي حجازي‪ ،‬املدخل لدراسة العلو القانونية‪ :‬القانون وفقا للقانون الكوييت‪ ،‬الكويت‪ ،‬جامعة الكويت‪،‬‬
‫‪. 1972‬‬
‫‪ )22‬عبد الرزاق أمحد السنهوري‪" ،‬على أي أساس يكون تنقيح القانون املدين املصري"‪ ،‬الكتاب الذهيب‬
‫للمحاكم األهلية (‪ ،)1933-1833‬الطبعة الثانية‪ ،‬طبعة نادي القضاة‪ ،‬مصر‪ ،1990 ،‬اجلزء الثاين‪،‬‬
‫(ص ص‪)143-106‬‬
‫عبد القادر الشيخلي‪ ،‬فن الصياغة القانونية‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪1415 ،‬هـ‪-‬‬ ‫‪)23‬‬
‫‪. 1995‬‬

‫عبد الوهاب خالف‪" ،‬تفسري النصوص القانونية وتأويلها"‪ ،‬جملة احملاماة‪ ،‬مصر‪ ،‬السنة احلادية‬ ‫‪)24‬‬
‫والعشرون‪ ،‬ذو القعدة وذو احلجة ‪1369‬هـ (‪ -) 1949‬العدد‪ 9‬و‪( ،10‬ص ص‪.)461- 447‬‬
‫‪ )25‬عبد الوهاب خالف‪" ،‬تفسري النصوص القانونية وتأويلها‪ ،‬جملة احملاماة"‪ ،‬مصر‪ ،‬السنة احلادية‬
‫والثالثون‪ ،‬سبتمرب ‪ ، 1950‬العدد ‪( ،1‬ص ص‪.)195-182‬‬
‫عبد الوهاب عبد السال طويلة‪ ،‬أثر اللغة يف اختالف اجملتهدين‪ ،‬دار السال للطباعة والنشر‬ ‫‪)26‬‬
‫والتوزيع والرتمجة‪( ،‬د‪.‬ت)‪( ،‬د‪.‬ط)‪.‬‬

‫‪ )27‬عدنان اخلطيب‪" ،‬اللغة القانونية يف األقطار العربية ووجوب تصفيتها وتوحيدها"‪ ،‬الرسالة‪15 ،‬‬
‫شوال ‪1363‬هـ (‪ ،) 1944‬العدد ‪( .587‬ص ص‪.)895 -893‬‬
‫‪ )28‬فلوريان كوملاس (حترير)‪ ،‬دليل السوسيولسانيات‪ ،‬ترمجة د‪ .‬خالد األشهب‪ ،‬وماجدولني النهييب‪،‬‬
‫املنظمة العربية للرتمجة‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬بريوت‪ ،‬كانون األول (ديسمرب) ‪. 2009‬‬
‫‪ )29‬حممد الذوادي‪ ،‬ف"ي خماطر فقدان العالقة العضوية بني اجملتمعات العربية ولغتها"‪ ،‬ضمن كتاب‬
‫اللسان العريب وإشكالية التلقي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬سلسلة كتب املستقبل العريب‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬بريوت‪ ،‬شباط‪ /‬فرباير‪( ، 2001 ،‬ص‪.)61-41‬‬
‫‪ )30‬حممد اهلادي الطرابلسي‪ ،‬مسالك البحث عن املعىن يف النص القانوين‪ ،‬من أشغال ندوة "املعىن‬
‫وتشكله"‪ ،‬بكلية اآلداب منوبة‪ ،‬مجع وتنسيق منصف عاشور‪ ،‬منشورات كلية اآلداب منوبة‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫نوفمرب‪. 1999 ،‬‬
‫‪ )31‬مشاعل عبدالعزيز اهلاجري‪" ،‬الدراسات البينية وأثرها يف ا تتصال بني احلقول املعرفية‪ -‬دراسة يف‬
‫القانون بوصفه حقالً معرفياً مستقالً وعالقته بغريه من العلو "‪ ،‬جملة احلقوق‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد الثالث‪/‬‬
‫السنة احلادية والثالثون‪ -‬سبتمرب ‪. 2007‬‬
‫المراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪32) Deborah Cao, 2007, Translating Law, Multilingual maters, LTD, Library of‬‬
‫‪Congress Cataloging in Publication Data.‬‬
‫‪33) Frederick A. Philbrick, 1949, Language and the law, The Macmillan company-‬‬
‫‪New York.‬‬
‫‪34) Gérard Cornu, 2000, Linguistique juridique, Editions Montchristien, E.J.A.‬‬
‫‪35) Jezry Wroblewski, 1988, Les langages juridiques une typologie, Droit et societé,‬‬
‫‪N° 8, pp15-30.‬‬

You might also like