Professional Documents
Culture Documents
تطبيق القوة القاهرة على النقل البحري كحالة من حالات إعفاء الناقل البحري من المسئولية.
تطبيق القوة القاهرة على النقل البحري كحالة من حالات إعفاء الناقل البحري من المسئولية.
مقدمة:
لقد انتشننرت شننروط اإلعفاء من المس ن ولية في مجال النقل البحري في منتصننف القرن التاسننع عشننر،
حيث اعتاد الناقلون على تدوينها في سنندات الشنحن البحرية ،2األمر الذي ترتب عليه انتشنار شنروط
اإلعفاء من المسن ولية في عقود النقل البحري حتى أصننبحت معتادة ،وهكذا ازداد إهمال الناقلين على
اعتبار عدم مسن ن ن ن ن ن وليتهم حتى بات تنفيذ عقد النقل البحري منوطا بإرادة الناقل البحري ،3مما ازدادت
معه األضن نرار الالحقة بالبض نناعة ،وفي المقابل لم يكن لدى الش نناحنين إمكانية وض ننع ش ننروط اتفاقية
تحمي مصن ن ن ن ن ن ننالحهم ،وهذا راجع الحتكار النقل البحري من قبل شن ن ن ن ن ن ننركات عالمية ،4غير أن بعض
الشن ن نناحنين في الواليات المتحدة األمريكية نجحوا تقرير بطالن بعض شن ن ننروط اإلعفاء من المس ن ن ن ولية
قانونا لكون هذه الدولة لم تكن تتوافر على تجارة بحرية واس ن ن ن ن ن ننعة ،5وقد ص ن ن ن ن ن ننادق الكونغرس في 13
فبراير 1893على قانون هارتر 6الذي تضن ن ننمن حص ن ن ن ار لألخطاء التي يمكن للناقل البحري أن يعفى
بموجبها من المسن ن ن ولية ،ومن دون النص عليها في وثيقة الش ن ننحن البحري ،7إال أن هذا لم يكن كافيا
ألن الناقلين لج وا للبحث عن تحديد لمس ن وليتهم في سننندات الشننحن البحرية بمبالغ زهيدة تكاد تصننل
إلى حد اإلعفاء ،هذا ما دفع بالشن ن ن ن ن ن نناحنين للمطالبة بوضن ن ن ن ن ن ننع اتفاقية دولية بهدف تحقيق التوازن بين
مصن ننالح الناقلين ومصن ننالح الشن نناحنين ،وقد تحقيق هذا الطلب من خالل عقد مؤتمر دولي ببروكسن ننل
طالب دكتوراه ،سنة ثالثة في مخبر القانون البحري و النقل جامعة أبي بكر بلقايد – تلمسان - 1
د.عباس حلمي ،القانون البحري ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،الطبعة الثانية ،1988 ،ص.31 2
3
د.مصننطفى كمال طه ،أسنناسننيات القانون البحري (د ارسننة مقارنة) ،منشننورات الحلبي ،مكتبة دار الثقافة للنشننر والتوزيع،
األردن ،1999 ،ص.369
4
د.هشام فرعون ،القانون البحري ،مطبعة كرم ،دمشق ،سوريا.227 ،1986 ،
5
د.مصطفى كمال طه ،أساسيات القانون البحري (دراسة مقارنة) ،المرجع السابق ،ص.245
6
p 271.، 1971، Cinquième édition، Edition Dalloz، Droit Maritime،Rêne Rondière
7
د.هشام فرعون ،القانون البحري ،المرجع السابق ،ص.227
268
العدد الســابع املجلة الجزائرية للقانون البحري والنقل
الذي انتهى بوضع اتفاقية بروكسل المتعلقة بسندات الشحن البحرية سنة ،11924وقد تضمنت هذه
االتفاقية على الحاالت التي يمكن للناقل البحري حالة توفرها
أن يعفى من المسن ن ولية حيث تض ننمنت حوالي ثمانية عشنننر حالة ،والمالحظ أنها قد وس ننعت نوعا ما
فيها ،2أما معاهدة هامبورغ لسنة 1978فقد تضمنت أسباب عامة كالسبب األجنبي و أخرى خاصة
كخطأ الشنناحن ،أو العيب الذاتي للبضنناعة -عجز الطريق – خطأ الغير – انقاد األرواح واألموال،
نقل الحيوانات و النقل على سطح السفينة طبقا للمادة الخامسة من معاهدة هامبورغ. 3
الجدير بالذكر أن اتفاقية األمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبض ن ننائع عن طريق البحر
كليا أو جزئيا لسنة 2008المعروفة بقواعد روتردام وسعت من التزامات الناقل ،بجعل التزام الناقل
بتوفير سن ننفينة صن ننالحة للمالحة التزاما مسن ننتم ار يبدأ قبل بدأ الرحلة البحرية و يس ن نتمر أثنائها حتى
1
معاهدة بروكسننل الخاصننة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسننندات الشننحن لسنننة ، 1924وتعرف باسننم قواعد الهاي،
دخلت حيز النفاذ دوليا عام 1931أي بعد ثمانية أعوام من التوقيع عليها وعدلت بموجب بروتوكول فس ن ن ننبي س ن ن نننة
،1968ثم عدلت مرة أخرى س ن نننة ،1979انض ن ننمت الجزائر إلى معاهدة بروكس ن ننل دون تعديالتها ،بموجب المرس ن ننوم
رقم 64-71المؤرخ في 2مارس ،1964الجريدة الرس ن ننمية رقم ،1964-28و يبلغ عدد الدول األعض ن نناء في معاهدة
1924أي قواعد الهاي وتعديالتها في الوقت الحالي 48دولة ،وتم تعديلها بروتوكول فسن ن ننبي لسن ن نننة 1968بعد أن
عقدت اللجنة البحرية الدولية لسننلة من االجتماعات للعمل على اإلصننالحات المناسننبة على معاهدة بروكسننل ، 1924
و دأ نفاذ هذا البروتوكول في 32جوان ،1977ثم عدلت مرة أخرى بالبروتوكول في 31ديسننمبر ، 1979ودخل حيز
النفاذ في 14فبراير .1983
2
نصت المادة 4فقرة 2من المعاهدة بروكسل 1924على أنه" ال يسأل الناقل أو السفينة عن الهالك الناتج أو الناشئ
عن- :عمال أو إهمال أو خطأ الر ان أو البحار أو المرش نند أو مس ننتخدمي الناقل في المالحة أو في إدارة الس ننفينة- ،
لحريق ما لم يحدث بفعل الناقل أو خط ه - .مخاطر البحر أو المياه المالحية األخرى أو إخطارها أو حوادثها- .
القضاء والقدر ،حوادث الحرب- .أعمال األعداء العموميين -.إيقاف أو إكراه صادر من حكومة أو سلطة أو شعب أو
-قيود الحجز الصحي- .عمل أو سهو من جانب الشاحن أو مالك البضاعة أو وكيله أو ممثله- . حجز قضائي.
كليا أو جز ًئيا.ا -
اإلضنرابات عن العمل أو اإلغالق أو اإليقاف أو العوائق العارضننة أثناء العمل ألي سننبب سنواء أكان ً
الفتن أو االضننطرابات األهلية - .إنقاذ أو محاولة إنقاذ األرواح أو األموال في البحر- .العجز في الحجم أو الوزن أو
أي هالك أو تلف آخر ناتج عن عيب خفي أو من طبيعة البضاعة الخاصة أو عيب خاص بها- ،عدم كفاية التغليف
- .عدم كفاية أو عدم إتقان العالمات . -العيوب اّلتي ال تكش ننفها اليقظة المعقولة - .أي س ننبب آخر غير ناش ننئ عن
فعل الناقل أو خط ه أو فعل وكالء الناقل أو مسن ن ننتخدميه أو أخطائهم ،إنما يقع عبء اإلثبات على من يرغب في
االسن ننتفادة من هذا االسن ننتثناء ويحق له أن يثبت أنه ليس للخطأ الشن ننخصن نني وال لفعل الناقل وال لفعل وكالء الناقل أو
مستخدميه أو أخطائهم أية صلة بالهالك أو التلف".
3
فهر عبد العظيم صالح ،مسؤولية الناقل البحري عن سالمة البضائع بين أحكام اتفاقية هامبورغ و القانون المصري ،
مقال منشور الكتروني،ا ص 8ما بعدها .على الموقع . http://www.eastlaws.com،
269
العدد الســابع املجلة الجزائرية للقانون البحري والنقل
نهايتها ،بحيث ألغت االتفاقية واسننتبعدت اإلعفاء من المسننؤولية بسننبب اإلهمال أو أخطاء الر ان أو
البحار أو المرش ن نند أو مس ن ننتخدمي الناقل في المالحة و اإلدارة التي كان يتمتع بها الناقل في ظل
معاهدة بروكس ننل ،أما بخص ننوص المش ننرع الجزائري فقد أقص ننى س ننت حاالت من حاالت اإلعفاء
الواردة في معاهدة بروكسن ن ننل 1924و أبقى على 12حالة إلعفاء الناقل من المسن ن ننؤولية ،1ونص
المشرع الجزائري من خالل القانون البحري على
القوة القنناهرة كحننالننة من حنناالت اإلعفنناء القننانونيننة للننناقننل البحري في نص المننادة /803ه ،2وهننذا
باإلضننافة إلى حاالت أخرى يمكن أن تتدخل ضننمن حاالت القوة القاهرة إذا ما توافرت شننروطها وهي
مذكورة في نفس المادة الفقرات ج ،د ،و ،3وعليه نطرح التسن ن ن ن ن ن نناؤل الذي يمكن إثارته هو متى يمكن
للناقل البحري التمسننك بالقوة القاهرة كحالة من حاالت إعفائه من المسن ولية؟ لإلجابة على هذا الطرح
نقسم هذا البحث لثالث نقاط أساسية تتمثل في اآلتي:
أوال -تحديد مفهوم القوة القاهرة.
ثانيا -شروط القوة القاهرة.
ثالثا -تطبيقات القوة القاهرة في مجال النقل البحري.
أوال -تحديد مفهوم القوة القاهرة:
بالرجوع ألحكام القانون البحري ال نجد أي تعريف للقوة القاهرة ،غير أن أحكام القانون المدني من
خالل المادة 4127نجدها تضننمنت إشننارة لمفهوم القوة القاهرة التي بينت أنه متى أقام شننخص الدليل
على أن الضن ن ننرر الحاصن ن ننل كان نتيجة سن ن ننبب ال دخل له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة ،أو نتيجة
أمر رقم 80-79مؤرخ في شوال عام 1396الموافق 13أكتو ر لسنة 1976يتضمن القانون البحري المعدل والمتمم 1
الخسائر أو األضرار الالحقة بالبضائع ناش ة أو ناتجة مما يلي :ه -القوة القاهرة"..
3
تنص المادة /803ج ،د ،و على ما يلي...":ج -الحريق ،إال إذا كان مس ن ن ن ن ن ننببا من فعل أو خطأ الناقل؛ د -أخطار
وحوادث البحر أو المياه األخرى الصالحة للمالحة؛ و -اإلضرابات وإغالق المستودعات أو المصانع في وجه العمل ،أو
إعاقته كليا أو جزئيا ،مهما كانت األسباب؛."...
4
تنص المادة 127من األمر رقم 58-75المؤرخ في 20رمضن ن ننان 1395الموافق 26سن ن ننبتمبر 1975والمتضن ن ننمن
القانون المدني المعدل والمتمم على ما يلي":إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب ال يد له فيه كحادث مفاجئ،
أو قوة قاهرة....،كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر."....
270
العدد الســابع املجلة الجزائرية للقانون البحري والنقل
خطننأ الغير ،كنان غير ملزم بتعويض ذلنك الضن ن ن ن ن ن ننرر ،وهنذا منا لم يوجند نص قنانوني أو اتفنناق على
خالف ذلك ،والمالحظ
من هذا النص أن المش ن ن ننرع قد اس ن ن ننتخدم عبارتي الحادث المفاجئ والقوة القاهرة كأمرين مترادفين ،وقد
اختلف كل من الفقه والقضن ن ن ن ن ن نناء حول مفهوم القوة القاهرة والحدث المفاجئ ،فهناك من يرى أن لهما
نفس المعنى ،في حين ذهب اتجاه آخر للتمييز بينهما في خصننوص عقد النقل البحري ،واتجه فكرهم
للقول بأن القوة القاهرة يجب أن تكون حادث خراجي ال عالقة له بأي نش ن ن ن ن نناط من نشنن ن ن ن نناطات الناقل
البحري كالزلزال والصواعق والعواصف ،...أما الحدث الفجائي فيكون داخلي أي مرتبط بنشاط الناقل
كاالنفجار أو العطب ،...واعتبروا أن الناقل يعفى من المسن ن ن ن ولية الناجمة عن الض ن ن ننرر المترتب عن
القوة القاهرة ،في حين تبقى مس ن وليته قائمة عن الضننرر المترتب عن الحوادث الفجائية باعتبارها من
المخاطر العادية لالسن ننتغالل ،1في حين هناك من ميز بينهما على أسن نناس اسن ننتحالة الدفع واسن ننتحالة
التوقع ،فحسننب رأيهم تتميز القوة القاهرة بعد القدرة على دفعها ،أما الحادث المفاجئ فيتميز باسننتحالة
توقعه ،واتجه الرأي السن ن ننائد إلى عدم التميز بينهما وعلى هذا اسن ن ننتقر القضن ن نناء 2ألن ما يعتبر سن ن ننببا
أجنبيا ال دخل للمدين فيه ال بد من أن يجتمع فيه صفتي عدم التوقع واستحالة الدفع وإال اعتبر سببا
غير أجنبي ،3فالقوة القاهرة والحادث الفجائي حادث خارجي ال يمكن توقعه وال دفعه ويؤدي بشن ن ن ن ن ننكل
مباش ن ننر إلحداث ض ن ننرر ،وعليه ال يمكن التميز بينهما على أس ن نناس أن كل منها يعتبر س ن ننبب أجنبي
معفي للناقل البحري من المس ولية متى توافرت الشروط المطلو ة في السبب األجنبي ،4وهكذا تعرف
القوة القاهرة على أنها حادث ال يمكن توقعه أو ترقبه ،وال يمكن رده.
ثانيا -شروط القوة القاهرة:
البد من توافر ثالث ش ن ننروط في القوة القاهرة حتى يتمكن الناقل البحري من إعفائه من المسن ن ن ولية
وهي تتمثل في اآلتي:
-1عدم إمكانية التوقع:
1
د.مصطفى كمال طه ،العقود التجارية ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،مصر ،2005 ،ص .184
2
د.عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،الجزء األول ،مصادر االلتزام ،1952 ،ص.877
3
د.خليل أحمد حس ن ن ن ن ن ننن قتادة ،الوجيز في القانون المدني الجزائري ،الجزء األول ،مص ن ن ن ن ن ننادر االلتزام ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،الجزائر ،1994 ،ص.252
د.محمد زهدور ،المسن ن ن ن ولية عن فعل األش ن ن ننياء غير الحية ومسن ن ن ن ولية مالك الس ن ن ننفينة في القانون البحري الجزائري ،دار 4
الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى ،1990 ،ص 232وما بعدها.
271
العدد الســابع املجلة الجزائرية للقانون البحري والنقل
فيجننب أن تكون القوة القنناهرة غير متوقعننة ،وإذا أمكن توقع الحننادث فال يعتبر كقوة قنناهرة أو حننادث
مفاجئ ،وعدم إمكانية التوقع يجب أن تكون حتى من جانب أشن ن ن نند الناس حيطة وفطنة،1كما أن عدم
القدرة على التوقع ال يتصن ن ن ن ن ننور فقط في الحوادث التي لم تقع مسن ن ن ن ن ننبقا ،بل حتى في الحوادث الواقعة
مسننبقا غير أنه ال يعرف متى قد تقع مرة أخرى ،والمعيار المعمول به هنا هو المعيار الموضننوعي،2
وهذا ما قامت محكمة النقض المص ن نرية بتأكيده في قرارها الصن ننادر بأن الحكم المطعون قد أنكر قيام
حالة القوة القاهرة بما قرره من أن الطرفين كانا يتوقعان إمكانية الحص ن ننول على إذن اس ن ننتيراد لش ن ننحن
البضنناعة إلى مصننر وقت إبرامهما للعقد ،وفي ذات الموعد المتفق عليه ،ونفس الموقف أقره القضنناء
الجزائري في القرار رقم 77660الص ن ن ن ن ننادر في ،1991-05-19والقرار رقم 153254الص ن ن ن ن ننادر
بتاري ،31997-06-24والذي اعتبر من خالله أن العاص ن ن ننفة اعتبار من مخاطر االس ن ن ننتغالل يعد
خرقا لنص المادة 803من القانون البحري الجزائري التي اعتبرت أن العاص ن ن ن ن ن ننفة ضنن ن ن ن ن ننمن الظروف
العادية لفصل الشتاء ،كما أن عدم إمكانية التوقع يجب أن تكون مطلقة غير نسبية ،وفي المس ولية
التعاقدية يكفي أن يكون عدم القدرة على التوقع وقت إبرام العقد حتى وإن أمكن التوقع بعد إبرام العقد
أو قبل تنفيذه ،4وعليه فمتى أمكن للناقل توقع الحادث أو تمكن من
تجنب الحادث ،فإن هذا األخير ال يعد من قبيل القوة 5القاهرة و النتيجة ال يعد سببا من أسباب إعفاء
الناقل البحري من المس ولية.
-2أن يكون مستحيل الدفع:
ال يمكن اعتبار الحادث الواقع قوة قاهرة أو حادثا فجائيا لمجرد عدم توقع حدوثه ،بل البد أن يكون
مسن ننتحيل الرد ،وأن يجعل من تنفيذ االلتزام المترتب عن العقد مسن ننتحيل التنفيذ ،وأن تكون االسن ننتحالة
في التنفيذ مطلقة ،وال يش ن ن ن ننترط أن تكون اس ن ن ن ننتحالة التنفيذ مادية ومعنوية بل يكفي أن تكون مادية أو
معنوية ،6ويقع على عاتق المدين إثبات توافر حالة القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ ،وعند تمكنه من
إثبات وجودها تنتفي عالقة الس ننببية بين الخطأ والضنننرر وال تقوم مسن ن وليته ،فالقوة القاهرة تش ننمل كل
حفيري أمال ،الحاالت المسن ن ن ننتثناة لمس ن ن ن ن ولية الناقل البحري في القانون الجزائري والقانون المقارن ،رسن ن ن ننالة ماجسن ن ن ننتير، 1
272
العدد الســابع املجلة الجزائرية للقانون البحري والنقل
حنادث ال يكون بنالمقنندور توقعننه وال رده ،وال يكون للننناقنل البحري دخنل في وقوعنه ،ممننا يجعننل تنفيننذ
الناقل البحري اللتزامه مسننتحيال كوقوع حادث بحري يؤدي لغرق السننفينة أو البضنناعة وكذا الحصننار
البحري واستيالء السلطة العامة على السفينة...إل .
-3أن يكون الحادث خارجي:
ال يمكن تحقق القوة القنناهرة إال في الحننالننة التي يكون فيهننا الحنندث خننارجيننا ،بمعنى خننارج عن إرادة
المدين ،وحتى تكون القوة القاهرة س ننببا من أس ننباب إعفاء الناقل البحري من المسن ن ولية ال بد أن يكون
الحادث الموقع للضن ن ن ن ن ننرر خارج عن نطاق إرادة الناقل البحري ،كما أن المخاطر البحرية الناتجة عن
الظواهر الطبيعية ال
تعتبر من ضمن نشاطات الناقل البحري ،فحدوث عاصفة بحرية تعتبر حادث خارج عن نشاط الناقل
البحري و التالي تعتبر قوة قاهرة معفية للناقل البحري من المس ولية.
ثالثا -تطبيقات القوة القاهرة في مجال النقل البحري:
طبقننا لمننا ورد في المننادة 803ق ب ج في الفقرات ج ،د ،ه ،يعتبر كننل من الحريق و أخطننار و
حوادث البحر أو المياه األخرى الصالحة للمالحة البحرية ،وكذا االضطرابات و إغالق المستودعات
أو المصننانع في وجه العمل أو إعاقته كليا أو جزئيا مهما كانت األسننباب ،من تطبيقات القوة القاهرة
على عقد النقل البحري.
-1الحريق:
يعرف الحريق من الناحية الكمياوية على أنه اش ن ن ننتعال ينتج عن تأليف بين وقود مثل الكار ون أو
الهيدروجين ،ومن أوكسن ن ن ننجين الهواء ،1في حين من الناحية القانونية فال يوجد تعريف يحدد بدقة
معنى الحريق ،و يعرف عموما ،بأنه اشن ننتعال البضن نناعة عن طريق مواد متوهجة ،و ال يؤدي إلى
إعفاء الناقل من المسننؤولية إال إذا أثبت أنه لم يقع من فعل أو خطأ الناقل و هذا ما ورد في المادة
803فقرة ج ،وما يالحظ أنه يقع إثبات الحريق يلقى على عاتق الش نناحن ،الذي يجب عليه إثبات
أن الحريق يرجع سننببه إلى فعل أو خطأ الناقل حتى تقوم مسننؤولية هذا األخير ،كما أنه ينظر إلى
الحريق كسبب معفي بمعنى واسع ،إذ تندرج تحت هذه الحالة التلف الذي يعيب البضاعة مثال نتيجة
1
عبد الرزاق بن خروف ،التأمينات الخاص ن ن ن ننة في التشن ن ن ن نريع الجزائري ،الجزء األول التأمينات البرية ،مطبعة حيرد،
الجزائر ،سنة ، 2000ص.189
273
العدد الســابع املجلة الجزائرية للقانون البحري والنقل
إلقائها في البحر لتنطفئ ،إذ العبرة هنا بما يحدثه الحريق ال الحريق في حد ذاته ،و قد نصن ن ن ننت
المادة الرابعة الفقرة الثانية من معاهدة بروكس ننل على أن الناقل أو الس ننفينة ال يس ننأل عن الهالك أو
التلف الناتج عن الحريق ما لم يكن بفعل الناقل أو خطأه ،و هذا ما أخذت به معاهدة هامبورغ سنة
1978الناقل /التي نصن ن ن ننت في مادتها الخامسن ن ن ننة الفقرة الرابعة على أنه في حالة الحريق يكون
مس وال بشرط أن يثبت المدعى ،أن النار قد نتجت عن خطأ أو
إهمال من جانب الناقل أو مستخدميه أو وكالئه ،و مقتضى ذلك أن الناقل يثبت سبب الحريق فكل
1
حريق مجهول السبب يعتبر الناقل مس ول عليه في ضل قواعد هامبورغ
-2أخطار و حوادث البحر أو المياه األخرى الصالحة للمالحة البحرية:
ال يخلوا الوسنط البحري من المخاطر ،و ال يجب تحميل الناقل فوق طاقته ،وعليه فالعواصنف القوية
المفاج ة و األعاصير تعد حوادث بحرية تعفي الناقل من المس ولية طبقا لما قد تضمنته الفقرة د من
المادة 803ق ب ج ،و لكن يجب أن تتوافر فيها شن ن ننروط القوة القاهرة السن ن ننابق ذكرها و ال يكون
الناقل أو تابعيه قد تقاعس نوا في أداء مهامهم في تجنب هذه األخطار البحرية أو اتخاذ االحتياطات
الالزمة لحفظ و س ن ن ننالمة البض ن ن نناعة ،غير أن اعتبار العواص ن ن ننف و األعاص ن ن ننير قوة قاهرة يختلف
باختالف الفص ننل السننننوي الذي تبحر فيه الس ننفينة ،و قد ذهبت المحكمة العلي2ا أن العاص ننفة في
فصن ننل الشن ننتاء ال تعد قوة قاهرة،ومن ثم ال مجال إلعفاء الناقل من مسن ننؤولية و قد أكدت المحكمة
العليا هذه الحالة بقرار آخر على أن العاص ن ن ننفة تعد من الظروف العادية في فص ن ن ننل الش ن ن ننتاء ،و
المالحظ أن المحكمة العليا أخذت القوة كمعيار لقبول مفهوم مخاطر االسننتغالل و اعتبار العاصننفة
كقوة قاهرة ،حيث أنها اعتبرت في القرار المذكور أن بلوغ العاصننفة 6و 7من سننلم بوفور تعادل
تسن ن ن نناقط أوراق األشن ن ن ننجار و يعتمد في هذه الحالة على رياح قوتها أي ما يعادل 100كلم في
كما تم الحكم في فرنسا 4بأن العوائق الرملية أو الصخور التي 3
الساعة
1
محمد بهجت عبد هللا أمين قايد ،الوسن ن ننيط في شن ن ننرح قانون التجارة البحرية ،الجزءان الثاني والثالث ،دار النهضن ن ننة
العر ية ،القاهرة ،الطبعة األولى ،2005-2004 ،ص.199
2
قرار المحكمة العليا الصن ننادر في ،1991-05-19الملف رقم ، 77660المجلة القضن ننائية العليا لسن نننة ، 1993
العدد الثالث ،ص.154
3
قرار المحكمة العليا الصن ننادر في ،1997-06-24الملف رقم ، 153854المجلة القضن ننائية العليا لسن نننة ، 1997
العدد الثاني ،ص .125
4
Com 21 janvier 1959 Bull. transp.1959 : Rene RODIERE, Emmanuel du Pontavice, Droit
maritime, p 350.
274
العدد الســابع املجلة الجزائرية للقانون البحري والنقل
تحيط بس نواحل إفريقيا ليسننت عامال غير متوقع ،بل هي ظاهرة معروفة لجميع المالحين ،و بالتالي
يجب تفاديها أثناء المالحة البحرية.1
-3االضــــطرابات و إغالق المســــتودعات أو المصــــانع في وجه العمل أو إعاقته كليا أو جزئيا
مهما كانت األسباب:
يعتبر اإلضنراب قوة قاهرة في بعض التشنريعات ،كالقانون المصننري، 2في حين المشننرع الجزائري
فقد جعل اإلضن نراب س ننببا قائما بنفس ننه إلعفاء الناقل البحري من مس ننؤوليته ،و يعتبر اإلضن نراب أو
اإلغالق أو اإليقاف أنواع مختلفة من العوائق التي يمكن أن تمنع الناقل من تنفيذ اللتزامه أو تأخره
في هذا التنفيذ ،فإذا دفع الناقل باإلعفاء من المسن ن ن ننؤولية وجب عليه إثبات أن الضن ن ن ننرر الالحق
بالبض نناعة يرجع إلى اإلضن نراب أو اإلغالق أو العوائق العارض ننة و يجب أن يترتب عنها اس ننتحالة
التنفيذ ،فال يكفي أن ترتب عليها صننعو ة التنفيذ فقط و لكن ال يشننترط إلعفاء الناقل من المسننؤولية
أن تتوفر أوصنناف القوة القاهرة كما هو الحال في القواعد العامة ،فقد يكون العائق كليا أو جزئيا.و
يش ننترط الس ننتفادة الناقل من هذا الس ننبب ،أن ال يكون قد ارتكب إهماال أو تقص نني ار في تنفيذ التزامه
كأن يتأخر في ش ن ننحن البض ن نناعة ثم يأتي بعد ذلك إضن ن نراب يعوق عملية الش ن ننحن و بالتالي تتلف
البضن نناعة 3،و المالحظ في الفقرة -و -من المادة 803من القانون البحري الجزائري ورود عبارة
مهما كانت األس ننباب و قد يفهم منها أن الناقل يعفي من المس ننؤولية عن اإلضن نراب ولو كان نتيجة
خط ه أو بسببه.
الخاتمة:
تبين لنا من خالل دراسة القوة القاهرة كحالة معفية للناقل البحري من المس ولية ،أن اتفاقية بروكسل
لس نننة 1924والمتعلقة بس ننندات الش ننحن ،لم تتض ننمن بش ننكل صن نريح مس ننالة القوة القاهرة كحالة معفية
1
د.عبد الرزاق بن خروف ،التأمينات الخاصننة في التش نريع الجزائري ،الجزء األول التأمينات البرية ،الجزائر، 2000 ،
ص .189
د.مصطفى كامل طه ،أساسيات القانون البحري ،المرجع السابق،ص.264 2
3
Pierre BONASSIES, Christian SCAPEL, droit maritime, op.cit., n° 1079, p. 688. ;R.
Rodier, Traite général de droit maritime, affrètement et transport, Tome 2, n° 633, p.274.
275
العدد الســابع املجلة الجزائرية للقانون البحري والنقل
لناقل البحري من المس ن ولية ،بل يفهم ذلك ضننمنيا من خالل مادتها الرابعة ،وهذا على الرغم من أنها
وس ننعت من الحاالت التي يمكن للناقل البحري إعفائه من المسن ن ولية ،أما بخصنننوص اتفاقية هامبورج
لس نننة 1978قلص ننت من حاالت إعفاء الناقل البحري من المسن ن ولية كونها قد وردت حماية لمص ننالح
الشاحنين ولم تتضمن سوى حالة الحريق كحالة معفية لناقل البحري من المس ولية ،وفي المقابل نجد
أن المشننرع الجزائري ومن خالل القانون البحري قد تماشننى نوعا ما مع اتفاقية بروكسننل لسنننة 1924
ونص على إثنا عشننر حالة معفية للناقل البحري من خالل المادة ،803وتضننمنت هذه األخيرة حالة
القوة القاهرة كحالة معفية للناقل البحري من المسن ولية ،كما تضنمنت حاالت أخرى تدخل ضنمن القوة
القاهرة منها الحريق واإلض نراب واالضننطرابات بمختلف أنواعها التي قد تجعل من تنفيذ الناقل البحري
اللتزاماته المتولدة عن عقد النقل البحري مس ن ن ن ننتحيال ،كما أنه لتطبيق القوة القاهرة كحالة معفية للناقل
البحري ال بد من توافر شن ن ن ن ن ننروطها والمتمثلة في عدم التوقع واسن ن ن ن ن ننتحالة التنفيذ ،وكذا أن تكون حادثا
خارجيا عن إرادة الناقل البحري ،ويقع على عاتق الناقل البحري إثبات قيام حالة القوة القاهرة ،وعند
فش ن ن ن ن ننله في إثبات أن الض ن ن ن ن ننرر الحاص ن ن ن ن ننل كان نتيجة قوة قاهرة اعتبر هو المسن ن ن ن ن ن ول ويتوجب عليه
التعويض.
276