Professional Documents
Culture Documents
التوازن والاختلال في ميزان المدفوعات 1
التوازن والاختلال في ميزان المدفوعات 1
التوازن في م يزان الم دفوعات :هو حال ة تتكاف أ في ظله ا اإلي رادات ال تي تتحص ل للدول ة عن
صادراتها مع المدفوعات ( النفقات ) .ومن غير المرجح في عالم غير منتظم أن يغلب دائم ًا
الت وازن الخ ارجي ،فه ذا الت وازن ق د يتحق ق وق د ال يتحق ق وس وف يح دث ف ائض في م يزان
المدفوعات أو عجز .
العجز :هو الحالة التي ال تتكافأ في ظلها اإليرادات التي تتحصل عليها الدولة عن صادراتها
م ع الم دفوعات ،وهن اك عج ز م ؤقت يمكن تس ويته إن أمكن تغطيت ه بف ائض ل دى الدول ة في
حساب رأس المال .وإ ن االختالل في التوازن هو استمرار العجز في ميزان المدفوعات .
25
في األسواق العالمية كتغير أذواق المستهلكين وانصرافهم عن هذه السلع أو عند حدوث تقدم
فني في الخارج يؤدي إلى خفض أثمان السلع المماثلة لصادرات هذه الدول في الخارج .
.3أسباب دورية :
وهي أسباب تتعلق بالتقلبات االقتصادية التي تصيب النظام االقتصادي الرأسمالي ،ففي
ف ترات االنكم اش ينخفض اإلنت اج وال دخول واألثم ان وت زداد مع دالت البطال ة ،فتنكمش
الواردات مما قد يؤدي إلى حدوث فائض ،وفي فترات التضخم يزيد اإلنتاج وترتفع األثمان
والدخول فتقل قدرة البلد على التصدير وتزيد وارداته مما قد يؤدي إلى عجز واألجور
في م يزان الم دفوعات ،ويالح ظ أن التقلب ات ال تب دأ في ال وقت نفس ه في ال دول كاف ة ،كم ا
تتف اوت ح دتها من دول ة إلى أخ رى ،وتنتق ل ه ذه التقلب ات الدوري ة عن ال دول ذات ال وزن في
االقتصاد العالمي إلى الدول األخرى ( الشركاء التجاريين ) .
.4الظروف الطارئة :
ق د تحص ل أس باب عرض ية ال يمكن التنب ؤ به ا وق د ت ؤدي إلى ح دوث اختالل في م يزان
م دفوعات البل د كم ا في حال ة الك وارث الطبيعي ة وان دالع الح روب والتغ ير المف اجئ في أذواق
المس تهلكين محلي ًا ودولي ًا ،فه ذه الح االت س تؤثر على النق د األجن بي الس يما ق د يص احب ذل ك
تحويالت رأسمالية إلى خارج البلد ،مما يؤدي إلى حدوث عجز في ميزان المدفوعات .
.5أسباب أخرى :
مثل انخفاض اإلنتاجية في الدول النامية نتيجة قلة أدوات اإلنتاج ،لذلك تقدم هذه الدول
على برامج للتنمية االقتصادية واالجتماعية يزداد فيها استيرادها من اآلالت والتجهيزات الفنية
ومس تلزمات اإلنت اج وغيره ا ،وته دف ه ذه البل دان من ه ذا إلى رف ع مس توى االس تثمار ال ذي
غالب ًا م ا يتج اوز طاقته ا من االدخ ار ،وي ترتب عن ه ذا التف اوت بين مس توى االس تثمار
ومستوى االدخار اتجاه نحو التضخم ،ونتيجة لهذا التضخم ونظرًا لزيادة واردات هذه الدول
فإنها تعاني عجزًا دائم ًا أو مزمن ًا في ميزان مدفوعاتها وتمول هذه الواردات بقروض طويلة
األجل .
26
ثانيًا :طرق معالجة االختالل في ميزان المدفوعات
ولمعالجة االختالل في ميزان المدفوعات هناك طريقتين :
الطريقة األولى :تعديل السعر والدخل
عن طريق استخدام سياسات نقدية ومالية توسعية أو انكماشية ،للتأثير على أسعار السلع
والخدمات المنتجة محليًا ،مقابل منتجات توردها دول أخرى لجعل الصادرات أرخص ( أغلى
) نسبيًا ،والواردات أرخص (أغلى) نسبيًا مقاسة بالعملة األجنبية .
الطريقة الثانية :تعديل أسعار الصرف
وتشمل تخفيض أو زيادة قيمة العملة الخارجية ،لجعل أسعار الصادرات أو الواردات
أرخص ( أغلى ) قياس ًا بالعملة األجنبية ،على سبيل المثال ،إذا انخفض سعر صرف الليرة
الس ورية قياس ًا بالدوالر األم ريكي من ( ) 50إلى ( ) 70ف إن ذلك يس مح للمنتج السوري ،
أن يخفض أسعار صادراته بنفس النسبة وزيادة قدرتها التنافسية في األسواق الخارجية .
27
أما سعر الصرف اآلجل :فهو السعر الذي يتحدد بسبب عمليات بيع وشراء آجلة أو مستقبلية
للعمالت األجنبية .
والسؤال هنا :لماذا تحدث عمليات بيع وشراء آجلة للعمالت المختلفة ؟
لتسهيل اإلجابة على هذا السؤال وتوضيحها يمكن االستعانة بالمثال اآلتي :لنفترض أن
مستوردًا عراقيًا استورد بضائع بقيمة ( )50الف دوالر واتفق مع المصدر أن يدفع هذا المبلغ
بعد شهرين بالدوالر .ثم فكر هذا المستورد أنه خالل هذه المدة الطويلة قد يطرأ ارتفاع في
قيمة الدوالر مقابل الدينار العراقي ،ومن ثم فإنه يخشى من أنه سيضطر الى دفع مبالغ أكبر
بالدينار للحصول على ( )50الف دوالر بعد شهرين من اآلن ،لذا فإنه سيحتاط لهذا االحتمال
ب أن يق وم بش راء ( )50ال ف دوالر يس تلمها بع د ش هرين بس عر ص رف يتف ق علي ه م ع الجه ة
المص رفية ال تي ق د تك ون بنك ًا أو مؤسس ة أو أي متعام ل آخ ر ،أي أن ه يش تري منه ا ( اآلن )
المبلغ الذي سيستلمه بعد شهرين وبسعر صرف يتفق عليه الطرفان حاليًا .
28
وهي المض اربة ال تي تس ود في حال ة س ريات الظ روف الطبيعي ة بحيث أن س عر الص رف
الذي يرتفع أو ينخفض عن المستوى التوازني ال بد أن يعود اليه ،ألن المضاربين يتحركون
لبيع العملة التي ارتفع سعر صرفها لسبب طارئ ،ويقومون بشرائها اذا انخفض سعر صرفها
عن مستواه التوازني وهم بهذا يقودون السوق والسعر الى االستقرار من جديد .
)2المضاربة المؤدية الى عدم االستقرار في سوق الصرف
يسود هذا النوع من المضاربة عندما تغلب حالة غير مألوفة من التوقعات حول حركة سعر
الصرف ،بحيث أن تحرك سعر الصرف بعيدًا عن نقطة التوازن ،يؤدي الى اطالق حركة
في س وق الص رف ت دفع ه ذا الس عر الى االبتع اد أك ثر عن الس عر الت وازني ،ففي مث ل ه ذه
األح وال عن دما ينخفض س عر الص رف يس ود ل دى المض اربين التوق ع ب أن ه ذا الس عر س يتبعه
مزيد من االنخفاض ،لذلك فإنهم يقومون بزيادة بيع ارصدتهم من هذه العملة – عكس الحالة
السابقة – ومن ثم فإن تصرف المضاربين هذا من شأنه أن يدفع سعر صرف العمل ة الى مزي د
من االنخفاض .
سعر الصرف في ظل النظم النقدية الدولية
( انواع وترتيبات اسعار الصرف )
تتراوح نظم أسعار الصرف التي عرفها العالم بين نظامين متطرفين هما :نظام سعر
الصرف الثابت تمام ًا الذي كان سائدًا إبان فترة سريان قاعدة الذهب ،ونظام سعر الصرف
الحر تمامًا ،أو ما يعرف بنظام سعر الصرف العائم .وبصورة عامة يمكن تمييز أنواع من
أسعار الصرف التي عرفتها دول العالم ،على النحو اآلتي :
)1سعر الصرف الثابت تمامًا :كان هذا النظام سائدًا في فترة سريان قاعدة الذهب الدولية للمدة (
، )1914 – 1850وكل عملة فيه كانت معرفة بوزن معين من الذهب ،لذا فإن العالقة بين
ك ل عمل ة م ع غيره ا من العمالت تعتم د على م ا تحتوي ه ك ل واح دة من محت وى ذه بي .
ويتأرجح سعر الصرف ألي عملة في ظل هذا النظام بين حدين يعرفان بحد دخول وخروج
ال ذهب ،أي أن س عر العمل ة ال يمكن أن يرتف ع أو ينخفض عن ه ذين الح دين ،ويتحق ق ه ذا
بشكل تلقائي دون تدخل من أي سلطة اقتصادية .
)2سعر الصرف الثابت مع وجود هوامش محددة على جانبي سعر التعادل :في ظل هذا النظام
تعلن الدول ة عن التزامه ا بس عر ص رف ث ابت لعملته ا م ع امكاني ة حركت ه داخ ل ح دود مح دودة
29
وضيقة ال يتجاوزها كأن تكون ( )%5على جانبي سعر التعادل ،وقد سرى هذا النظام على
الصعيد الدولي على امتداد سريان نظام بريتن وودز (. )1971 – 1944
)3س عر الص رف الث ابت م ع وج ود ه وامش واس عة :ويتش ابه ه ذا النظ ام م ع النظ ام الس ابق ،إذ
تقوم الدولة بااللتزام بسعر التعادل مع تحديد هوامش واسعة لحركته ،وقد تكون هذه الهوامش
مثًال ( )%15 – 10أو أكثر حول سعر التعادل .
)4القي د الزاح ف :وبمقتض اه تق وم الدول ة بتحدي د س عر ص رف عملته ا ثم تق وم بتعديل ه بين ف ترة
وأخرى على أساس ما يحدث من تغيير في مؤشرات معينة كمعدل التضخم و/أو وضع ميزان
المدفوعات و/أو عجز الموازنة العامة . . .الخ .
) 5سعر الصرف الثابت القابل للتعديل :وبمقتضاه تعلن الدولة سعر صرف محدد لعملتها إال أنها
تق وم بتغي يره بص ورة ارادي ة بين ف ترات زمني ة مختلف ة على وف ق مقتض يات وض عها
االقتصادي .
)6المرونة المدارة :ويقصد بها أن يكون سعر الصرف مرن ًا أص ًال أي حرًا في الحركة ،إال أن
السلطة النقدية تتدخل لتحديد حركته عندما تظهر تذبذبات أو تحركات غير مالئمة أو مضرة
لالقتصاد بدوافع المضاربة مثًال .
)7س عر الص رف الح ر ( الع ائم ) :وبمقتض ى ه ذا الن وع ي ترك س عر الص رف ح رًا في الحرك ة
حسب ظروف العرض والطلب وال تتدخل السلطة النقدية في ادارته .
مما تقدم ،يتض ح لنا أن سعر الص رف يمكن أن يتراوح بين نظامين هما :نظام سعر
صرف الثابت وسعر الصرف الحر ،أما األشكال أو األنواع األخرى بين هذين النوعين فهي
تختلف فيما تتضمنه من صفات المرونة (حرية الحركة) والثبات ،فسعر الصرف الثابت مع
اله وامش الض يقة عرف ه الع الم في ظ ل نظ ام قاع دة ال ذهب الدولي ة ،وفي ظ ل نظ ام قاع دة
الص رف بال ذهب ،أم ا الي وم ف إن ُم عظم العمالت الرئيس ة في الع الم ( معوم ة ) أي ح رة في
حركته ا ،وق د تخت ار الدول ة أن تتب ع نظ ام س عر الص رف الخ اص به ا من بين ه ذه األن واع
المختلفة .
30
نظريات تحديد اسعار الصرف
لق د ق دم الفك ر االقتص ادي ع دة مح اوالت لتفس ير العوام ل ال تي تق ف وراء تحدي د س عر
الص رف عن د مس توى معين ،فمنه ا م ا أرج ع أس باب تحدي د س عر الص رف الى العوام ل
الحقيقي ة ،ومنه ا م ا عزاه ا الى العوام ل النقدي ة .س نحاول فيم ا ي أتي التع رف على اب رز
نظريتين جاءتا لتوضيح مقومات المستوى األولي لسعر الصرف :
)1نظرية تكافؤ ( تعادل ) القوة الشرائية
أول من تق دم به ذه النظري ة ه و االقتص ادي الس ويدي كوس تاف كاس ل G.Casselفي
عش رينات الق رن العش رين ،وال ت زال ه ذه النظري ة تحظى ح تى يومن ا ه ذا بقب ول واس ع ل دى
االقتص اديين في تفس ير حرك ة س عر الص رف ،الس يما في ف ترات االض طراب االقتص ادي
المصحوب بظهور حاالت التضخم المفرط .
فكرة النظرية
تق وم ه ذه النظري ة على فك رة أساس ها وج ود عالق ة بين مس توى االس عار المحلي ة وس عر
ص رف العمل ة ،بحيث ان حرك ة س عر الص رف تع بر عن م ا يح دث من تغ ير في األس عار
المحلية بالنسبة الى األسعار العالمي ة ( أو بالنسبة الى اسعار دولة أخرى ) على سبيل المثال
ل و أن ال دوالر األم ريكي ل ه ق درة ش رائية على ش راء مجموع ة من الس لع ،وك ان للب اون
االس ترليني ق درة ش رائية على ش راء ض عف كمي ة ه ذه الس لع ،فه ذا يع ني أن قيم ة الب اون
االسترليني هي ضعف قيمة الدوالر األمريكي ،أي أن سعر الباون = 2دوالرين .
تقويم النظرية
على الرغم من القبول الذي حظيت به هذه النظرية ال سيما في تفسيرها لفشل العودة الى
نظام قاعدة الذهب ،اال انها تعرضت الى انتقادات كثيرة منها:
.1إن ه ذه النظري ة هي أق رب الى البديهي ة ألنه ا تعب ير رياض ي عن ق انون الس عر الواح د ال ذي
يضمن تحقيق سعر واحد لكل السلع إذا ما أزيلت كل الحواجز امام األسواق .
31
.2هذه النظرية لم تفسر عوامل تحديد مستوى سعر الصرف فيس سنة األساس وإ نما تأخذه كأمر
واقع معطى كما مر معنا .
.3إن هذه النظرية تركز على العوامل النقدية في تحديد سعر الصرف ،في حين أن هناك عوامل
حقيقي ة تق ف وراء حرك ة أس عار الص رف ،مث ل حرك ة رؤوس األم وال ووض ع الم يزان
التجاري ونسب التبادل التجاري . . . ،الخ .
)2نظرية ميزان المدفوعات
ُيعد سوق الصرف وجهًا آخر لميزان المدفوعات ،ومن ثم فإن وضع ميزان الم دفوعات
وما يتضمنه من عمليات دائنة ومدينة هو الذي يحدد سعر صرف العملة ،فميزان المدفوعات
ال ذي يتج ه نح و تحس ن وض عه من حيث الدائني ة تج اه الع الم ،يمي ل س عر ص رف عملت ه نح و
االرتفاع تجاه العمالت األخرى والعكس يحصل في حالة العجز .
تقويم النظرية
ُيؤخذ على هذه النظرية إغفال الجوانب اآلتية :
.1من الص عب تص ور أن حرك ة س عر الص رف تت أثر بش كل تلق ائي بم ا يح دث في م يزان
المدفوعات ،ألن الدولة تتدخل بصورة مباشرة وغير مباشرة لتحديد سعر الصرف وادارته .
.2إن هناك تأثيرًا متبادًال بين سعر الصرف وميزان المدفوعات ،فتارة يكون سعر الصرف هو
المتغير التابع لما يحدث في ميزان المدفوعات ،وتارة أخرى يكون وضع ميزان المدفوعات
تابعًا للتغيرات التي تحدث في ميزان المدفوعات .
.3هناك انتقاد نظري وتطبيقي لهذه النظرية ،وذلك هو أن ميزان المدفوعات متوازن دائم ًا من
الناحية الحسابية ،ومن ثم فإن التحليل يجب أن يقتصر على العمليات المستقلة التي تحدث في
الم يزان ،وهي على ن وعين :العملي ات المس تقلة الدائن ة والعملي ات المس تقلة المدين ة .األولى
ي ترتب على ح دوثها دخ ول نق د أجن بي الى البل د مث ل الص ادرات الس لعية واس تالم الهب ات
والق روض طويل ة األج ل .والثاني ة ي ترتب على ح دوثها خ روج نق د أجن بي من البالد ،مث ل
االستيرادات ودفع هبات ومنح وتحويالت ودفع قروض طويلة األجل .
32