Professional Documents
Culture Documents
برنابا و اناجیل اخری؛ اناجیل باطنیه و اناجیل غریبه
برنابا و اناجیل اخری؛ اناجیل باطنیه و اناجیل غریبه
�سعود المولى
برنابا و�أناجيل �أخرى
�أناجيل باطنية و�أناجيل غريبة
Barnaba's Gospel
and other Apocrypha
and Gnostic Gospels
إعداد
الدكتور سعود المولى
الناشر
المركز األكاديمي لألبحاث
العراق -تورنتو -كندا
بيروت -الطبعة األولى 2020
The Academic Center for Research
توزيع CANADA -TORONTO
المؤلف
سعود المولى
أستاذ في علم اجتماع األديان
وعلم االجتماع السياسي
7 استهالل
ا�ستهالل
بدأت بالشغل على هذا الكتاب قبل أكثر من خمسة عشر عا ًما .ففي
أعوام 2001-2006أتيح لي أن أكون وعلى فترات متقطعة ،أستا ًذا في
إحدى جامعات الواليات المتحدة األميركية؛ مرة أولى كأستاذ زائر بمنحة
لمدة فصل واحد في إطار تبادل بين الجامعات عبر برنامج فولبرايت (كانون
الثاني/يناير - 2001أيار/مايو )2001؛ ثم مرة ثانية لفترة أربع سنوات
متقطعة ( )2006-2002كأستاذ زائر ومنسق لبرنامج جديد لدراسات
السالم والعدالة ،مشترك بين ثالث جامعات في والية إنديانا ،تابعة للكنائس
المسماة كنائس السالم األميركية التاريخية (وهي الكوايكرز أو الفرندز(((،
مقيما في جامعة
والمينوناتية ،والبرذرن ) .خالل هذه الفترات كنت ً
((( (((
وبنسبة تفوق نسبتهم السكانية .في الماضي ،عُرف الكوايكرز برفضهم المشاركة في الحروب،
وعرفوا في الملبس العادي والمتواضع ،وفي رفض قسم اليمين ،وفي معارضة الرق ،واالمتناع
عن شرب المسكرات .ووصفتهم هيئة اإلذاعة البريطانية بأنهم «رأسماليون طبيعيون» ،حيث إن
بعض الكوايكرز أسسوا عد ًدا من البنوك والمؤسسات المالية ،بما في ذلك باركليز ولويدز.
أيضا بعض أبرز شركات التصنيع في العالم الغربي ،بما في ذلك متاجر وأسس الكوايكرز ً
كالركس وأكبرثالثة شركات في صناعة الحلويات البريطانية كادبوري ،وراونتري وفراي.
وعرف الكوايكرز بمشاركتهم ومبادرتهم في الجهود الخير َّية ،بما في ذلك إلغاء العبودية،
خصوصا قضية
ً وإصالح السجون ،ومشاريع تنمية العدالة االجتماعية ونصرة القضايا العادلة
فلسطين.
((( المينوناتية ( Mennonitesأو المينونايت) طائفة مسيحية أو جماعة كنس ّية من
جماعات البروتستانت دعاة تجديدية العماد .Anabaptistنشأت مع المصلح مينو سيمونز
( )1561-1496في فرايزالند (هي اليوم من أراضي هولندا) .كان المينوناتيون في البداية
بروتستانت معترضين على الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ،وكان أكثرهم قد هاجر من أوروبا إلى
الواليات المتحدة بسبب االضطهاد الذي لقوه هناك جن ًبا إلى جنب اآلميش .ويعيش أغلبهم
حياة محافظة تقية بعيد ًا عن العالم ويستخدمون الوسائل القديمة في إدارة شؤونهم من دون
االعتماد على الكهرباء والسيارات واالتصاالت وحتى على العمالت .وتلبس نساؤهم
الحجاب على الرأس ويتكلمون اللغة األلمانية بلهجتها البيرنية .يبلغ عددهم في العالم حوالي
مليوني نسمة متوزعين على مختلف دول العالم من الهند وإثيوبيا وكينيا والكونغو الديمقراطية
والكونغو وكندا والواليات المتحدة .وكنيسة المينونايت هي من كنائس السالم التاريخية التي
رفضت العبودية وترفض الحروب وتدعو للسالم العالمي والعدالة االجتماعية.
أيضا كنيسة من تجديدية العماد تعود ((( البرذرن Brethrenأو كنيسة األخوة هي ً
بجذورها إلى حركة أخوية تقوية نشأت في العام 1708في مدينة شوارزيناو األلمانية
.Schwarzenauفكانوا من المنشقين عن الكنائس الرسمية وتعرضوا لالضطهاد وأبرز رجاالتهم
كان ألكسندر ماك Alexander Mackالذي انتقل بأتباعه إلى فرايزالند حيث أقاموا بين المينونايت
خصوصا في بنسلفانيا وانتهى وجودهم فيً ثم هاجروا بد ًءا من العام 1729إلى أميركا وأقاموا
خصوصا أوهايو وإنديانا بعد
ً األميركية الواليات أوروبا تقري ًبا في العام 1740وتوزعوا في
بنسلفانيا
9 استهالل
تعيد النظر بمعارفك إذ هي تلقي ضو ًءا جديدً ا ومختل ًفا على الكثير من
األمور الحوارية والسجالية الالهوتية بين األديان .فانكببت على تدوين
خالصات ومقتطفات مما كنت أقرأه ،وعلى طلب المزيد من مكتبة ليللي
في بلومنغتون ومن مكتبة الكونغرس األميركي كما من مكتبات أخرى في
كل أنحاء الواليات المتحدة .وكنت أنقل إلى بيروت الكتب والمقاالت
التي قمت بنسخها وتصويرها حتى تجمع عندي كم هائل من النصوص
القديمة .في كل سنة كنت أبدأ بكتابة شيء ثم أتوقف ...حتى أتيح لي
مرة أخرى أن أحظى بالجو المالئم للكتابة حين بدأت العمل في المركز
العربي لألبحاث ودراسة السياسات بدولة قطر حيث اشتغلت لمدة سنة
وأخيرا بدأت منذ العام
ً كاملة ،2014-2013ثم انتقلت إلى فرع بيروت،
2017بالتدريس في معهد الدوحة للدراسات العليا بقطر ،فأتاح لي هذا
األمر التفرغ بجدية للعمل على هذا الكتاب الذي أنا وحدي مسؤول عما
فيه وال أحد غيري .وينبغي هنا إعادة التأكيد على شيء يعرفه عني كل
خصوصا
ً أصدقائي وزمالئي وهو أنني ال أكتب بهدف السجال مع أحد،
في موضوع األديان ،وال بهدف التنافس اإلسالمي المسيحي في موضوع
كثيرا ،فقد عرفت وشهدت الكثير من استعراض العضالت في أشبع ً
قضايا الحوار أو قضية العنف في األديان أو قضية المرأة في األديان أو
قضية األناجيل وموثوقيتها وقضية القرآن والوحي...إلخ ،وهي كلها ال
كتبت هذا الكتاب
ولم ولن تضيف أي جديد ألي دين أو مذهب ...إنما ُ
أو باألحرى أعددته من خالل قراءاتي وأبحاثي بناء على قاعدة واسعة من
المعلومات والمعطيات الجديدة والقديمة ،وذلك للمعرفة والفهم ليس
إال ،ولكي يتسلح المسلمون والعرب بوعي نقدي للكثير من األمور وأن
يقاربوها بمنطق وعلم وتواضع العالِم ومحبة المواطن والشريك في الهم
والنظير في األخالق.
وقد قمت بتلخيص وعرض وشرح الكثير من الدراسات
والمقاالت لفهم المسيحية في حالتها األولى على العموم واألناجيل
11 استهالل
((( جامعة إرلهام Earlham Collegeهي من الجامعات الخاصة التي تسمى في أميركا
كليات الفنون الحرة liberal artsوهي غال ًبا ليبرالية وفي أحيان كثيرة يسارية والدراسة فيها 4
سنوات تنتهي بالليسانس .أنشأت الجامعة كنيسة الكوايكرز أو الفرندز في العام 1847
) Religious Society of Friends (Quakersولها تركيز خاص على قيم هذه الكنيسة مثل االستقامة
واالحترام المتبادل واالنخراط في النضال من أجل السالم والعدالة االجتماعية وتتميز بجماعية
القرارات .وللفرندز مدرسة قديمة في رام الله وأخرى في برمانا لبنان .وكان الفرندز أول من قام
بنصرة الشعب الفلسطيني وإقامة مخيمات لالجئين بعد النكبة األولى في غزة.
((( جامعة أو كلية غوشن Goshen Collegeهي من نفس نوع جامعة إرلهام ،وتقع في
مدينة غوشن بإنديانا .تأسست عام 1894على يد كنيسة المينونايت األميركية Mennonite
Churchالتي لها عمل إنساني اجتماعي في لبنان.
((( جامعة مانشستر (وكانت ساب ًقا كلية مانشستر )Manchester Collegeهي جامعة
خاصة ليبرالية تنتمي إلى كنيسة البرذرن Brethrenأي األخوة وتقع في شمال مدينة مانشستر
بوالية إنديانا.
برنابا وأناجيل أخرى 12
وفي القرآن ذكر إلنجيل عيسى وهو الكتاب الذي أنزله الله وف ًقا
للعقيدة اإلسالمية على المسيح بعدما أنزل التوراة على موسى ومؤيدً ا لها،
برنابا وأناجيل أخرى 16
ومواف ًقا لها في أكثر األمور الشرعية ،يهدي إلى الصراط المستقيم ،ويبين
الحق من الباطل ،ويدعو إلى عبادة الله وحده دون من سواه ،وفي اعتقاد
المسلمين أن هذا اإلنجيل قد تعرض للتحريف.
Stephen M. Miller & Robert V. Huber. The Bible: A History.The Making and (((
Impact of the Bible. England: Lion Hudson. 2003., p. 20-24.
https://www.etymonline.com/word/bible (((
((( فريدريك فايفي بروس ،)1990-1910( Frederick Fyvie Bruceعادة يذكر
عالما في الكتاب المقدس وكان يؤكد على الدقة التاريخية للعهد ً بـ إف .إف .بروس ،كان
الجديد .كتابه األول :وثائق العهد الجديد :هل هي موثوقة؟ ( )1943يعتبر واحدً ا من ضمن 50
كتا ًبا شكلت تيار اإلنجيليين في البروتستانية األميركية.
Frederick Fyvie Bruce. Are the New Testament Documents Reliable? Downers Grove, IL:
InterVarsity Press. 1943
17 الباب األول :مقدمات عامة
الفم كان أول من استخدم العبارة اليونانية «الكتب» )»ta biblia («the books
في عظاته على تفسير إنجيل متى (بين العامين 386و )388وذلك لوصف
الكتاب المقدس الذي يضم في الحقيقة كتابين م ًعا :العهد القديم ،وهو
كتاب اليهود والمسيحيين ،والعهد الجديد وهو كتاب المسيحيين وحدهم
أو األناجيل(((.
_http://www.documentacatholicaomnia.eu/03d/0345-0407,_Iohannes (((
Chrysostomus,_Homilies_on_The_Gospel_Of_Matthew,_EN.pdf
Martin Davies. The Gutenberg Bible. British Library. 1996 (((
موسوعة المعرفة المسيحية ،أسفار الشريعة أو التوراة ،مجموعة من المؤلفين بموافقة
بولس باسيم النائب البابوي في لبنان ،دار المشرق ،طبعة أولى ،بيروت 1990
التفسير التطبيقي للعهد الجديد ،لجنة من الالهوتيين ،دار تايدل للنشر ،بريطانيا العظمى،
برنابا وأناجيل أخرى 18
طبعة ثانية .1996ترجمة ونشر شركة ماستر ميديا لصالح الجمعية الدولية للكتاب المقدس،
القاهرة -لندن 1997
مدخل إلى العهد الجديد ،العهد الجديد ،لجنة من الالهوتيين ،بإذن الخورأسقف بولس
باسيم ،النائب الرسولي لالتين في لبنان ،دار المشرق ،الطبعة السادسة عشر ،بيروت 1988
((( التفسير التطبيقي للعهد الجديد ،ص .16
((( مدخل إلى العهد الجديد ،ص .18
19 الباب األول :مقدمات عامة
أو اللغة العامة الشائعة أو اللهجة اليونانية اإلسكندرانية ،وهي التي كانت
لغة التخاطب الدراجة بين شعوب العالم الروماني (نحو 300ق.م حتى
600م).
Bart Ehrman. The History of the Bible: The Making of the New Testament (((1
Canon. The Teaching Company 2004, pp. 479-480
Complete photographic facsimile in Thomas William Allen, Plato. Codex (((1
oxoniensis clarkianus 39 phototypice editus, 2 vols. Leiden 1898 – 9.
Martha C. Howel, Walter Prevenier. From Reliable Sources: An Introduction to (((1
Historical Methods. Cornell University Press. 2001., p. 19.
برنابا وأناجيل أخرى 22
مستثنى نو ًعا ما من ذلك ،حيث أشار المؤلف ببساطة إلى نفسه بأنه التلميذ
الذي أحبه يسوع ،وادعى أنه عضو في دائرة يسوع الداخلية( .((1خالل
القرون التالية ،نُسب كل إنجيل قانوني إلى تلميذ أو أقرب المالزمين إلى
تلميذ((1( ،ولكن يرفض معظم العلماء تلك النسبة(.((1
أما األناجيل األبوكريفية (موضوع كتابنا هنا) فهي تنتمي إلى كتابات
العهد الجديد المسيحي وقد اعتبرتها الكنائس منحولة ومزعومة وكاذبة
ولم تعتبرها مخفية أو سرية باطنية (غنوصية) فقد ترجمت الكنيسة
كلمة أبوكريفية إلى منحولة .والمنحول غير الباطني السري .فالكتاب
المنحول أو المزعوم هو الذي جعل له عنوان آخر غير عنوانه األصل ،أو
نسب إلى غير كاتبه.
في الدراسات البيبلية (المتعلقة بالكتاب المقدس )Bibleيشير
المصطلح إلى مجموعة من الكتب الدينية اليهودية كتبت ما بين عامي
300قبل الميالد و 300بعد الميالد وهذه كتب يميزها البروتستانت
عن األسفار القانونية الثانية التي هي عبارة عن عدة أسفار تقرها كل
من الكنائس الكاثوليكية واألرثوذكسية الشرقية ضمن العهد القديم
من الكتاب المقدس وترفضها مجمل الطوائف اليهودية والكنائس
تمييزا
ً البروتستانتية .وتسمى هذه األسفار بـ «األسفار القانونية الثانية»
لها عن األسفار القانونية األولى التي تعترف بها تقري ًبا جميع الكنائس،
كما أنه يطلق عليها الفريق األول (الكاثوليك واألرثوذكس) األسفار
المحذوفة ألن البروتستانت قاموا بشطبها من متن الكتاب المقدس ،أما
»Stephen L. Harris, Understanding the Bible. Palo Alto: Mayfield. 1985. «John (((1
p. 302-310
Bart Ehrman, The History of the Bible. op.cit., Lesson 12. ( ((1
David M. Carr, Colleen M. Conway. An Introduction to the Bible: Sacred Texts (((1
and Imperial Contexts. John Wiley & Sons. 2010., p. 233.
23 الباب األول :مقدمات عامة
إنجيل يوحنا تحديدً ا حيث نقرأ أن «اآلب أرسل المسيح» «ليتكلم بكالم
الله» و«ليعمل أعمال الله» و«يتمم مشيئة الله» و«ليعلن الله» و«ليعطى
حياة أبدية»(.((1
يكونوا من االثني عشر بحسب االعتقاد الكنسي .وقد وردت الح ًقا أسماء
رسل كثيرين من غير االثني عشر مثل سلوانس وتيموثاوس( ،((2وكذلك
أيضا «أب ّلوس»«أندونكوس ويونياس( .((2ويبدو أن بولس يضم إليه ً
«منظرا للعالم ،للمالئكة والناس»(.((2
ً ضمن الرسل الذين صاروا
ويوصي في رسالته الثانية إلى الكنيسة في كورنثوس ،بأخوين -لم يذكر
وفي سورة المائدة﴿ :وإذ أوحيت إلى الحوار ّيين أن آمنوا بي
واشهدْ بأننا مسلمون إِ ْذ َق َال ا ْلحو ِاري َ ِ
يسى ا ْب َن
ون َيا ع َ َ َ ُّ وبرسولي قالوا آمنّا ْ َ
اء قال اتقوا الله إن مريم ه ْل يستَطِيع رب َك َأن ينَز َل ع َلينَا م ِآئدَ ًة من السم ِ
ِّ َ َّ َ ُ ِّ َ ْ َ ُ َ ُّ ََْ َ َ َ ْ
ونعلم أن قد صدقتنا َ كنتم مؤمنين قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئ ّن قلو ُبنا
اللهم ر َّبنا أن ِْزل علينا
َّ ونكون عليها من الشاهدين قال عيسى بن مريم
مائدة من السماء تكون لنا عيدً ا ألولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت
خير الرازقين قال الل ُه إني ُمن َِّزلها عليكم فمن يكفر بعدُ منكم فإني أعذبه
أعذبه أحدً ا من العا َلمين﴾(.((3 عذا ًبا ال ّ
ثم أصبح يسوع الناصري ،نسبة إلى تلك القرية، فنشأ فيها عيسىّ ،
تفرق الحواريون يدعون حين بعثه الله إلى بني إسرائيل .وبعد مماتهّ ،
إلى دين يسوع الناصري ،و ُأطلق عليهم لفظ «الناصرية» ،حتى تالعب
العرب بهذه الكلمة ،وقالوا« :نصارى .قال ابن سيده :ونصرى وناصرة
ونصورية :قرية بالشام ،والنصارى منسوبون إليها ،هذا قول أهل اللغة،
وهو ضعيفّ .إل أن نادر النسب يسيغه ،وأما سيبويه فقال :أما النصارى
فذهب الخليل إلى أنه جمع نصري ونصران ،كما قالوا ندمان وندامى
ولكنهم حذفوا إحدى اليائين كما حذفوا إحدى التائين وأبدلوا مكانها
أل ًفا .قال :وأما الذي نوجهه نحن عليه فإنه جاء على نصران ،ألنه قد تكلم
واألول
ّ به ،فكأنك جمعت وقلت نصارى كما قلت ندامى ،فهذا أقيس،
مذهب ،وإنما كان أقيس ألنا لم نسمعهم قالوا نصرى ،والتنصر الدخول
في دين النصرانية ،ونصره جعله كذلك ،واألنصر األقلف ،وهو من ذلك،
ألن النصارى قلف ،وفي شرح اإلنجيل أن معنى قرية ناصرة الجديدة، ّ
والنصراني المجدّ د ،وقيل نسبوا إلى نصران ،وهو
ّ والنصرانية التجدّ د،
من أبنية المبالغة ،ومعناه أن هذا الدين في غير عصابة صاحبه ،فهو دين
من ينصره من أتباعه»(.((3
( ((3أحمد بن علي بن عبد القادر ،أبو العباس الحسيني العبيدي ،تقي الدين المقريزي
(المتوفى845 :هـ)« .المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار» .دار الكتب العلمية ،بيروت
الطبعة :األولى 1418 ،هـ عدد األجزاء4 :؛ الجزء الرابع ص 394
برنابا وأناجيل أخرى 28
مزورا كتب في وقت متأخر .وأكدوا أن كاتبه مسلم ً عمل ملف ًقا وكتا ًبا
ً
خصوصا لجهة ما ينفي
ً حاول مواءمة بعض ما فيه ليتوافق مع اإلسالم
بشر برسول من ألوهية يسوع/عيسى؛ ً
فضل عن إشارته إلى أن المسيح ّ
بعده اسمه أحمد .فيما اعتبر المسلمون هذا اإلنجيل (الذي يقومون
بنشره وتوزيعه وبعشرات اللغات من حول العالم) اإلنجيل األصح أو
األدق وإن لم يقولوا بأنه هو «إنجيل عيسى الحقيقي» ،وتعاملوا معه
على أنه «كاشف لحقيقة دين المسيح التي زورها المسيحيون كما زوروا
األناجيل» (العبارة مني لتلخيص الموقف اإلسالمي عمو ًما).
كما لم تعترف الكنيسة (الشرقية والغربية كما البروتستانتية) ولم
يعترف المثقفون والالهوتيون باحتمال أن يكون هذا اإلنجيل ينتمي
إلى الكتابات الصادرة في القرون األربعة األولى من المسيحية والتي
اشتهر بعضها بأنه من األناجيل المخفية أو المكتومة أو السرية أو
الباطنية (األبوكريفا Apocryphaوسيأتي الحديث عنها الح ًقا) والتي
كانت الكنائس العربية تسميها األناجيل المنحولة .ولكن تغير الموقف
في آخر القرن العشرين بعد أن انتشرت االكتشافات والكتابات الغربية
خصوصا أوراق
ً عن هذه األناجيل وغيرها من الكتب واألوراق المفقودة
األناجيل المبعثرة في صعيد مصر وغيرها .فصدرت ترجمات عربية
لهذه األناجيل وكتابات تحمل نظرات جديدة ومحاوالت ومقاربات
لفهم هذا الكم من األناجيل غير القانونية .ولم يحظ إنجيل برنابا بهذا
ً
انتحال من التقدير إذ استمر الالهوتيون والباحثون على اعتباره تزيي ًفا أو
مسيحي مرتد أراد تصفية حساباته مع الكنيسة فاخترع هذا اإلنجيل الذي
حمله المسلمون وطبلوا له.
والحال أن المسلمين القدماء لم يتحدثوا عن هذا اإلنجيل قبل
اكتشافه وترجمته في مطلع القرن العشرين.
29 الباب األول :مقدمات عامة
( ((3اإلمام محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الشهير باإلمام أبو جعفر الطبري،
(923-839م)« :تاريخ الرسل والملوك» ،سلسلة ذخائر العرب ،30تحقيق :محمد أبو الفضل
إبراهيم ،الطبعة الثانية ،إصدار :دار المعارف بمصر ،ج ،1ص .603
برنابا وأناجيل أخرى 30
تسمى قريوط أو قريوت تقع في جنوب مملكة يهوذا والتي ُذكرت في
العهد القديم( ((3وقد تكون هي ذاتها خربة القريتين الكائنة على بعد أربعة
أميال ونصف جنوب تل ماعين ،أو قد يكون من مدينة موآب الحصينة
أيضا في العهد القديم( ،((3على كل حال المقطع األول من لقبه المذكورة ً
(إسخريوطي) باللغة العبرية )תוירק־שיא הדוהי( هو إس أو إش بمعنى رجل
فيكون (القريوتي) نسبة إلى قريوت( .((3وهذه النسبة تعززها أقوال وردت
في إنجيل يوحنا عن أن يهوذا هذا هو ابن سمعان اإلسخريوطي( .((3لكن
هذا التفسير لالسم ال يوافق عليه كل العلماء والمختصين .ففي السريانية
األرامية تعني كلمة سكاريوطا Skaryotaكما في الالتينية sicariusالرجل
حامل المدية أو الخنجر dagger manأي الرجل الثائر المتمرد بالعنف،
فهو عضو في جماعة اإلسخريوطيين أو السيكاريين )םיירקיס( Sicarii
الذين كانوا من الثوار اليهود اإلرهابيين إذ كانوا يقومون بأعمال عنف
من قتل واغتيال مستخدمين السكاكين الطويلة ،وذلك في العقود األولى
من السنوات الميالدية( .((4وهذه التسمية تشبه في الهند تسمية متمردي
السيخ باسم «غدار» نسبة إلى السكاكين والسيوف التي كانوا يحملونها
للقتال ،فصار االسم (غدار) يعني المتمردين تما ًما كما صار اسم
السيكاريين يعني المتمردين.
وفي تفسير الطبري للقرآن الكريم نقرأ« :حدثنا ابن حميد قال،
حدثنا سلمة ،عن ابن إسحاق قال ،حدثني رجل كان نصران ًّيا فأسلم :أن
إلي» قال :يا معشر الحواريين، عيسى حين جا َءه من الله»:إني رافعك َّ
يحب أن يكون رفيقي في الجنة ،على أن يشبه للقوم في صورتي ّ أ ُّيكم
فيقتلوه مكاني؟ فقال سرجس :أنا ،يا روح الله! قال :فاجلس في
ورفع عيسى صلوات الله عليه .فدخلوا عليه مجلسي .فجلس فيهُ ،
وش ِّبه لهم به .وكانت ِعدّ تهم
فأخذوه فصلبوه ،فكان هو الذي صلبوه ُ
حين دخلوا مع عيسى معلومة ،قد رأوهم وأحصوا عدّ تهم )1( .فلما
دخلوا عليه ليأخذوه ،وجدوا عيسى فيما ُي َر ْون وأصحابه ،وفقدوا رجال
من العدة ،فهو الذي اختلفوا فيه ،وكانوا ال يعرفون عيسى ،حتى جعلوا
درهما على أن يد َّلهم عليه ِّ
ويعرفهم إياه ،فقال ً ليودس زكريا يوطا ثالثين
لهم :إذا دخلتم عليه ،فإني سأقبله ،وهو الذي أق ِّبل ،فخذوه .فلما دخلوا
عليه وقد ُرفع عيسى ،رأى سرجس في صورة عيسى ،فلم يشكِّك أنه
فأكب عليه فق َّبله ،فأخذوه فصلبوه .ثم إن يودس زكريا َّ هو عيسى)2( ،
يوطا ندم على ما صنع ،فاختنق بحبل حتى قتل نفسه .وهو ملعون في
النصارى ،وقد كان أحد المعدودين من أصحابه .وبعض النصارى يزعم
أن يودس زكريا يوطا هو الذي شبه لهم ،فصلبوه وهو يقول»:إني لست
أي ذلك كان»(.((4
بصاحبكم! أنا الذي دللتكم عليه»! والله أعلم ُّ
الرحالة الكبير والمؤرخ الجليل أبي( ((4مروج الذهب ومعادن الجوهر ،تصنيف َّ
الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي ،المتوفي سنة 346هـ ،.المجلد األول ،إصدار:
الشركة العالمية للكتاب (ش م ل) ،مكتبة المدرسة ،الدار األفريقية العربية ،دار الكتاب العالمي،
،1989ص .270
( ((4كتاب الملل والنحل ،تأليف :أبو الفتح تاج الدين عبد الكريم بن أبي بكر أحمد
33 الباب األول :مقدمات عامة
المشهور بالشهرستاني ( 548-479هـ)( ،تمتاز هذه الطبعة بالفهارس العامة) ،الجزء األول،
تحقيق :عبد األمير علي مهنا -علي حسن قاعود ،إصدار :دار المعرفة ،بيروت ،لبنان ،الطبعة
الثالثة 1993م 1414 - .هـ ،ص .23
( ((4أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي القرطبي الظاهري ،الفصل
في الملل واألهواء والنحل .مكتبة الخانجي -القاهرة ،في خمسة أجزاء ،الجزء الثاني،
ص 3-2
برنابا وأناجيل أخرى 34
( ((4شيخ اإلسالم أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ،ابن تيمية الحراني،
«الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح» ،دار العاصمة بالمملكة العربية السعودية ،الطبعة
الثانية ،1999في خمسة أجزاء؛ الجزء ،3ص 22-21
( ((4مقدمة رشيد رضا ،إنجيل برنابا ،ترجمة خليل سعادة ،نشر وتقديم محمد رشيد
رضا ،المكتبة التوفيقية ،الطبعة األولى القاهرة .1909انظر طبعة دار البشير القاهرة ،الت.
ص 28
35 الباب األول :مقدمات عامة
االطالع على تلك األقوال إن األقرب إلى التصور أن يكون كاتبه يهود ًيا
أندلس ًيا من أهل القرون الوسطى تنّصر ثم دخل في اإلسالم وأتقن اللغة
والسنة حق المعرفة بعد اإلحاطة بكتب العهد ُ العربية وعرف القرآن
العتيق والجديد».
ويكتب الدكتور خليل سعادة (مترجم الكتاب)(« :((4غير أن القول
( ((4مقدمة المترجم خليل سعاده ،المرجع السابق نفسه ،ص 21
خليل سعادة ( )1934-1857طبيب وكاتب وناشط سياسي لبناني .ولد في بلدة الشوير
في لبنان ،وتلقى دروسه االبتدائية في مدرسة المرسلين األميركان ثم تابع دراسته الجامعية في
الكلية السورية اإلنجيلية (الجامعة األميركية في بيروت حال ًيا) حيث تخرج من كلية الطب فيها.
تخرج طبي ًبا سنة .1883تعاون مع كلمارس مهنة الطب في بلدته الشوير وفي بيروت بعد ان ّ
من جورج بوست ،والشيخ إبراهيم اليازجي ،وبشارة زلزل ،على اصدار مجلة طبية علمية
صناعية هي مجلة الطبيب التي استمر صدورها عدة سنوات إلى ان اضطر اركانها إلى االغتراب
عن بيروت .انتقل سعاده إلى القاهرة وهناك أصدر سنة 1886عن المكتبة الشرقية أول كتاب
لغوي بعنوان «الطوالع السعدية في آداب اللغة اإلنكليزية» .كما نشر روايته األولى باللغة
اإلنكليزية «األمير السوري أو األمير مراد» سنة 1893معتبرها قصة شرقية تحوي على أهم
العادات والتقاليد في لبنان وحوران» في القاهرة أسس مع بعض األشخاص «الجمعية المركزية»
وكان هدفها المطالبة بحكم ذاتي للعرب ضمن إطار السلطنة العثمانية .وكانت تربطه عالقات
وثيقة مع زعماء الحركة الوطنية المصرية .في العام 1906نشر كتابه الطبي «الوقاية من السل
الرئوي وطرق عالجه» .سنة 1908وبعد عودة العمل بالدستور العثماني عاد إلى الوطن وكان
يحمل بشدة على سياسة فرنسا االستعمارية في سوريا حتى ضايقوه فعاد إلى القاهرة سنة 1909
ونشط مجد ًدا في الكتابة في صحيفتي «األهرام» و«التايمز» كانت أبرز أعماله إنجازه «قاموس
سعاده اإلنكليزي الذي يقع في مجلدين» وفيه ابتكر سعاده ألول مرة مئات من الكلمات الفنية
في جميع فروع العلوم والفنون ،ولم تكن هذه الكلمات معروفة بالمعاني التي وضعها لها .كما
ترجم في العام 1908إنجيل برنابا من اإلنكليزية .وبسبب نشاطه األدبي والوطني ،ابلغ من قبل
السلطات بعدم رغبتهم ببقائه في مصر ،فاضطر إلى الهجرة نحو أميركا الجنوبية في مطلع العام
1914حيث أمضى هناك العشرين سنة األخيرة من حياته (األرجنتين ثم البرازيل) .في مدينة
بيونس أيرس أصدر سعاده مجلة «المجلة» من أجل الخدمة الوطنية والعلمية .وكتب أبحا ًثا
تاريخية وسياسية باللغة اإلنكليزية في جريدة «ستاندرد» وذلك في السنوات 1915-1914
كما أسس نقابة الصحافة السورية في األرجنتين في نهاية 1915بهدف حماية حقوق الصحافيين
أيضا «الجامعة السورية» في تشرين األول سنة 1916بهدف السوريين في المغترب .وأسس ً
برنابا وأناجيل أخرى 36
بأن هذا اإلنجيل عربي األصل ال يترتب عليه أن يكون كاتبه عربي األصل
بل الذي أذهب إليه أن الكاتب يهودي أندلسي اعتنق الدين اإلسالمي
بعد تنصره وإطالعه على إنجيل النصارى وعندي أن هذا الحل هو أقرب
إلى الصواب من غيره ألنك إذا أعملت النظر في هذا اإلنجيل وجدت
مثيل بين طوائف لكاتبه إلما ًما عجي ًبا بأسفار العهد القديم ال تكاد تجد له ً
النصارى إال في أفراد قليلين من األخصائيين ،الذين جعلوا حياتهم وق ًفا
أيضا من لهعلى الدين كالمفسرين حتى أنه ليندر أن يكون بين هؤالء ً
إلمام بالتوراة يقرب من إلمام كاتب إنجيل برنابا .والمعروف أن كثيرين
من يهود األندلس كانوا يتضلعون من العربية .ولقد نبغ بينهم من كان له
تقارب أبناء الجالية ومعالجة األمور الثقافية واالجتماعية والدفاع عن مصالحهم كمواطنين».
وكانت قمة أعماله التنظيمية دعوته إلى المؤتمر الديمقراطي الوطني السوري األول في بيونس
أيرس الذي عقد في الخامس عشر من شباط ،1919وقد انتخب هذا المؤتمر لجنة تنفيذية تابعة
له ،وأرسل البرقيات إلى مؤتمر الصلح المنعقد في فرساي ،وإلى الرئيس االميركي ولسن،
ولويد جورج ،وإلى وزراء الخارجية في واشنطن وباريس ولندن وروما ،مطالبة باستقالل
سورية ومحتجة على اعالن فرنسا «حمايتها لسورية» .ثم أعلن سعادة عن تأسيس الحزب
الديمقراطي الوطني ،ونشر برنامجه السياسي في «المجلة» وكان شعار الحزب المذكور
«االستقالل مع البداوة خير من العبودية مع الحضارة» .وفي عام 1919انتقل سعاده إلى سان
باولو ،البرازيل ،حيث أقام فيها واستدعى عائلته من لبنان .وبعد فترة أصدر صحيفته االسبوعية
«الجريدة» واعتبرها صلة وصل بين الوطن والجاليات اللبنانية والسورية والفلسطينية ولسان
حال النهضة العصرية« .وتحولت «الجريدة» إلى منبر لكافة االقالم الوطنية في المهاجر
االميركية الجنوبية حيث ظهرت فيها القصائد االولى للشاعرين الياس فرحات ورشيد سليم
أيضا المقاالت االولى النطون سعاده الذي عمل الخوري «الشاعر القروي» ،كما ظهرت ً
مساعدً ا لوالده في تحرير تلك الصحيفة .في العام ،1923وبعد توقف «الجريدة» عن الصدور
اعاد سعاده اصدار مجلة «المجلة» من سان باولو حيث استمرت بالصدور لمدة سنتين .في
مطلع 1930كلفته عمدة «الرابطة الوطنية السورية» في سان باولو ان يتولى رئاسة تحرير
جريدتها «الرابطة» ،وتولى سعاده هذا المنصب حوالى أربع سنوات متتالية .كما انتخب بعد فترة
رئيسا شرف ًيا «للرابطة الوطنية السورية» وبقي في هذا المنصب حتى وفاته في العاشر من نيسان ً
سنة .1934ترك سعاده أبحا ًثا عديدة لم تنشر حتى اآلن» .وكان يجيد إضافة إلى العربية اللغات
الفرنسية واإلنكليزية واإلسبانية والبرتغالية والتركية.
37 الباب األول :مقدمات عامة
في األدب والشعر القدح المعلى فيكون مثلهم في اإلطالع على القرآن
واألحاديث النبوية مثل العرب أنفسهم...
...ومما يؤيد هذا المذهب ما ورد في هذا اإلنجيل عن وجوب
الختان والكالم الجارح الذي جاء فيه من أن الكالب أفضل من الغلف
(أي غير المختونين) فإن هذا القول ال يصدر من نصراني األصل .وأنت
إذا تفقدت تاريخ العرب بعد فتح األندلس وجدت أنهم لم يتعرضوا بادئ
ذي بدء ألديان اآلخرين في شيء على اإلطالق فكان ذلك من جملة
البواعث التي حدت بأهالي األندلس إلى الرضوخ لسطوة المسلمين
وسيطرتهم ،وثابروا على هذه الخطة في جميع األمور الدينية إال في
شيء واحد وهو الختان .إذ جاء زمن أكرهوا فيه األهالي عليه وأصدروا
أمرا يقضى على النصارى بإتباع سنة الختان على حد ما كان يجرى عليهً
المسلمون واليهود .فكان هذا من جملة البواعث التي دعت النصارى
إلى االنتفاض عليهم .أما يهود األندلس فإنهم كانوا يدخلون في اإلسالم
أفواجا وليس ذلك فقط بل كانت لهم يد كبيرة في إدخال المسلمين ً
إسبانيا ورسوخ قدمهم فيها ذلك العهد الطويل»...
وبعد انتشار ترجمة خليل سعادة تناول العديد من المثقفين
والباحثين العرب هذا اإلنجيل .فكتب عباس محمود العقاد (على سبيل
المثال ال الحصر) صاحب كتاب «عبقرية المسيح» يقول عن إنجيل
برنابا« :تتكرر في هذا اإلنجيل بعض أخطاء ال يجهلها اليهودي المطلع
على كتب قومه ،وال يرددها المسيحي المؤمن باألناجيل المعتمدة في
الكنيسة الغربية ،وال يتورط فيها المسلم الذي يفهم ما في إنجيل برنابا
من المناقضة بينه وبين نصوص القرآن ،فإن الزيادة قد تكون بقلم يهودي
أو مسيحي أسلم فأحب أن ُي َعدِّ ل الكتاب بما يوافق معتقده ولم يشمله
نسق واحد فبقيت فيهكله بالتعديل لصعوبة تعديل كتاب كامل على ٍ
مواضع التناقض واالختالفات»(.((4
( ((4إشراف األستاذ الدكتور محمد شفيق غربال .صدرت الطبعة األولى في القاهرة
عام 1965م عن مؤسسة دار الشعب ومؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر ،بدعم مالي من مؤسسة
فورد األميركية .والطبعة التانية عام ،2001والطبعة الثالثة عام 2009.انظر تحت عنوان
«إنجيل برنابا» في صفحة .778
( ((5في كتابه «األسفار المقدسة في األديان السابقة لإلسالم» ،مكتبة نهضة مصر
بالفجالة1964 ،؛ ص 88
اله ْل َينة هي تحويل الناس إلى الحضارة الهلينية أو اليونانية ،أي فرض الثقافة
(َ ((5
واللغة اليونانية ونشرها في كافة األراضي التي ملكها العنصر اإلغريقي المتمثل في الحكام
اليونانيين أو المقدونيين أو الهلنستيين .وهو تعريب لمصطلح ألماني التيني )(Hellenismus
39 الباب األول :مقدمات عامة
توفي حوالى العام 61م .كان اسمه األصلي يوسف ولم يكن من «الرسل»
االثني عشر (الحواريين) بحسب األناجيل القانونية ،وقد أعطاه هؤالء
اسما جديدً ا هو برنابا ،وتعني بالعبرية ابن الوعظ( ((5وتشير إلى
«الرسل» ً
معنى «النبي» في المفهوم اليهودي المسيحي األول( .((5فهو إذن يهودي
أيضا أخو مريم أم مرقس (إذن هو خال من سبط الوي (الكهنة) ،وهو ً
«القديس» مرقس صاحب إنجيل مرقس) .وبحسب النصوص المسيحية
فهو ذهب إلى القدس وسمع تعاليم المسيح فآمن وصار من السبعين
رسول .وبعد «صعود» المسيح باع حقله وأخذ ثمنه ووضعه عند أقدام ً
«الرسل» وسافر مع بولس في رحلته التبشيرية األولى وفارقه في رحلته
الثانية ثم «أخذ مرقس معه» في رحلة أخرى وذهبا إلى قبرص للتبشير ثم
إلى ميالنو حيث مكثا سبع سنين هناك قبل أن يعودا مجد ًدا إلى قبرص
حيث قبض عليه الملك هيباتيوس ولم يحكم عليه بشيء فأخذه اليهود
وجروه في ملعب الخيل ورجموه وحرقوه .وبعد انصراف القوم تقدم
«القديس» مرقس وحمل الجسد ،ولفه بلفائف ووضعه في مغارة خارج
صاغه المؤرخ األلماني يوهان گوستاڤ دريزن ل ُيشير إلى انتشار اللغة ،والثقافة ،والجمهرة
اليونانية ،في أراضي اإلمبراطورية الفارسية خالل وبعد فتوحات اإلسكندر األكبر .وكانت
الهلينة في أوج نشاطها آنذاك وعرفت تلك الفترة بالعصر الهلينستي وخالل هذه الفترة خرجت
أعداد كبيرة من المستوطنين اليونانيين والمقدونيين إلى األراضي المفتوحة وصارت اللغة
اليونانية (القوينة) هي اللغة الرئيسية ،غير أن اللغات المحلية ظلت اللغات المستخدمة
والمحكية ،خاصة في األرياف .خالل الفترة الهلنستية وبعد موت اإلسكندر األكبر ،تمت هلينة
أعداد كبيرة من اآلشوريين واليهود والمصريين والفارسيين والفرثيين واآلرمن وعدد غير قليل
خصوصا في مدينة اإلسكندرية وباألخص ً من أعراق الشرق األوسط ووسط آسيا .وانتشرت
بين يهودها المثقفين.
( ((5انظر أعمال «الرسل» 23 :11
( ((5انظر أعمال «الرسل» 1 :13؛ .32 :15وقد ُقدم ذكره على بولس «الرسول» في
أعمال «الرسل» 14 :14
بار רַּב Barبالعبرية هو االبن ،ونبا Nabaمن نبع أو أنبأ עַבנָ
برنابا وأناجيل أخرى 40
( ((5رسائل بولس ،رسالة إلى أهل غالطية .اإلصحاح الثاني14-11 :
( ((5إنجيل برنابا ،مرجع سابق ،ص 93
43 الباب األول :مقدمات عامة
من هذه المقاطع نستنتج أن بولس وبرنابا كانا زميلين وصديقين في
خصوصا بالنسبة
ً البداية إال أنهما اختلفا الح ًقا حول الكثير من العقائد
إلى الموقف من ألوهية عيسى ومن ضرورة التزام الناموس الموسوي
(الختان ،محرمات الذبائح كالميتة ولحم الخنزير) ...وقد أصبح معرو ًفا
اليوم أن كنيسة القدس (وربما غيرها) رفضت مقوالت بولس وحاربته
أيضا وبشكل رئيس بقيادة يعقوب (أخو عيسى أول ،ولكن ًبقيادة بطرس ً
بحسب األناجيل كما كل الكتابات المسيحية الالحقة)؛ ومعهما وقف
برنابا الذي كان رفيق بولس وصديقه.
كما أن عنوان إنجيل برنابا ال يصف عيسى بأنه المسيح الموعود
والمنتظر (ويترك تلك الصفة للرسول محمد) ولذلك فقد حسم الغربيون
باألصل اإلسالمي لإلنجيل وأكدوا على أن المسلمين يعتبرون محمدً ا
هو المسيح وهذا خطأ فاحش وغريب.
من جهة أخرى رأى بعض األكاديميين والالهوتيين الغربيين
أن إنجيل برنابا يحتوي على بعض بقايا سابقة من عمل ملفق :ربما
غنوصي أو إبيوني (سيرد تعريفها) ،أو من اإلنجيل المسمى الرباعي
(الدياطيشارون)(.((6
في روايات أخرى ،وكذلك تاتيان السوري .هو أحد المدافعين المسيحيين عن العقيدة في القرن
الثاني الميالدي .ولد عام 130م .في أرض أشور بسوريا ،شرق نهر دجلة ،حيث كانت تلك
وأيضا بأرمينيا كوالية رومانية
المنطقة مرتبطة في عهد تراجان ببالد ما بين النهرين (الميصة) ً
واحدةُ .ولد من عائلة وثنية ،شريفة وغنية جدً ا ،فتعلم البالغة والفلسفة اليونانية ،كان يتجول من
بلد إلى آخر ليتتلمذ على يدي شخص معين .رأى تاطيانوس في الرومان العجرفة وحب السلطة
وفي اليونان النظريات الفلسفية الجوفاء دون الحياة .استمع إلى «القديس» يوستينوس الشهيد،
فصار مسيح ًيا في روما ما بين سنة ،150وسنة 165م ،.لكنه كان له فكره المستقل وآراؤه
الخاصة .عُرف بالتطرف في آرائه ،فقد ع َّلم بالرفض التام لكل فلسفة يونانية ،وأظهر امتعاضه
حتى من الحضارة اليونانية من فن وعلم ولغة ،لكنه لم يقدر أن يتخلص من الفكر اليوناني تما ًما.
تحرم أكل اللحوم وتنظر إلى الزواج كزنا وتمنع أقام جماعة نسكية تسمى اإلنكراتيين ّ Encratites
عن شرب الخمر فاستعاضت عنه بالماء في األفخارستيا .أ ّلف دفاعه » «Oratio ad Graecsأظهر
فيه إنه ال وجه للمقارنة بين المسيحية بتعاليمها اإللهية النقية والثقافة اليونانية .اشتهر بعمله
المسمى الدياطيشارون الذي يحوي حياة السيد المسيح مأخوذة عن األناجيل األربعة ،وقد
استخدمه السريان حتى القرن الخامس .قاومه اآلباء إيريناوس وترتليانوس وإكلمينضس
اإلسكندري وأوريجينوس وهيبولي ُطس.
( ((6الكتابات الكليمنتية المنحولة أو المزيفة هو االسم الذي أطلق على عمل ديني
دونه كاتب يدعى كليمنت (ولعله البابا كليمنت األول ،أو ابن عم روائي احتوى على سجل ّ
دونها أثناء
ّ لبطرس خطب أنها كليمنت ادعى كليمنس) فالفيوس اإلمبراطور دوميتيان تيتوس
مرافقته له في رحالته .وكليمنت األول هذا أو قليمس أو إكليمنضس هو بابا الكنيسة الكاثوليكية
وقديس بحسب المعتقدات المسيحية ،كان رابع من تولى أسقفية روما بحسب قائمة بابوات
الكنيسة الكاثوليكية الرسمية ،وذلك بين عامي 92و 98أو 101؛ وهو إلى جانب ذلك أول آباء
الكنيسة( ».للتمييز بينه وبين إكليمنضس اإلسكندراني).
«Le Roman pseudo-clémentin» (trad. Alain Le Boulluec), dans Écrits apocryphes
chrétiens, t. II, Paris, Gallimard, coll. «La Pléiade», 2005.
45 الباب األول :مقدمات عامة
( ((6صدرت في العام 1999عن دير سيدة النصر في نس َبيه-غوسطا -جبل لبنان،
ترجمة عربية في ثالثة أجزاء لهذه الكتب (األناجيل المنحولة ،األعمال والرسائل المنحولة،
الرؤى المنحولة) .ترجمها اسكندر شديد وراجعها جوزيف قزي وإلياس خليفة .وهي ترجمة
منقولة عن الترجمة الفرنسية التي نشرتها الباحثة البروتستنانتية فرانس جولم-كيري France
.Jaulmes, épouse Quéréكما صدرت الح ًقا ترجمات عربية أخرى.
(Geza Vermes. The authentic gospel of Jesus. London, Penguin Books. 2004. ((6
برنابا وأناجيل أخرى 46
(((6
�أ� -إنجيل مرق�س
يعد إنجيل مرقس المصدر األساسي للمعلومات حول يسوع(.((6
من المحتمل أن يكون هذا اإلنجيل قد كُتب في روما( ((6أو في
أنطاكية( .((6في سنة 1901م ،عارض ويليام ْو ِرد الموثوقية التاريخية
إلنجيل مرقس ،العتباره أن مرقس خان سر يسوع عندما أفصح عن
هويته المسيحانية ،حيث إن يسوع التاريخي لم يدّ ع أبدً ا أنه المسيح(.((6
كشفت التحليالت الالحقة للنص أنه عبارة عن مقتطفات رتّبها مرقس،
أو شخص ما قبله( .((6وعلى الرغم من اعتقاد معظم العلماء أن يسوع
كان نب ًيا ُم ّ
بش ًرا بنهاية العالم ،كما أظهره مرقس في إنجيله ،إال أن أقلية
بشر بهامن العلماء المعاصرين البارزين زعموا أن مملكته القادمة التي ّ
عالما خار ًقا للطبيعة بعد نهاية عالمنا(.((7
ستكون ثورة اجتماعية ،وليس ً
( ((6مار مرقس أو مرقسُ .يعتقد بأنه كاتب اإلنجيل الذي ينسب إليه إنجيل مرقس
ولذلك يلقب باالنجيلي .يعتبر بحسب التقليد الكنسي اإلسكندراني البطريرك األول (- 55
)68أو ( .)63-43تختلف الروايات عن والدة مرقس ولكن األغلب أنه ولد في قورينا بإقليم
برقة في ليبيا .وأنه ابن أخـت برنابا .وقد أقيم العشاء األخير في بيته .خرج مع بولس وبرنـابا ثم
رجـع (أعمال «الرسل» )13:13وفي الرحـلة الثانية خرج مع برنابا إلى قبرص .جاء إلى مصر
سنة 55م وبشر فيها ،حيث الكنيسة التي صارت تعرف بالقبطية األرثوذكسية وقد كان أول
بطريرك لها .قتل سنة 68م.
«The Gospel According to Mark.» Encyclopædia Britannica. 2010 ( ((6
(S.S. Raymond Edward Brown, John P. Meier. Antioch and Rome: New Testament ((6
cradles of Catholic Christianity. Paulist Press. New York. 1st edition 1983., p. 197,
Burton L. Mack. Who Wrote the New Testament: The Making of the Christian (((6
Myth. Harper Collins.San Fransisco 1995
F. L. Cross and E. A. Livingstone., eds. Messianic secret. The Oxford dictionary (((6
of the Christian church. New York: Oxford University Press. 2005
Gospel of St. Mark, in: The Oxford dictionary of the Christian church. Ibid ( ((6
Form criticism, in: The Oxford dictionary of the Christian church. Ibid
(Gerd Theissen and Annette Merz. The historical Jesus: a comprehensive guide. ((7
Fortress Press. 1998. translated from German (1996 edition). Chapter 1. Quest of the historical
Jesus. p. 1-16
47 مقدمات عامة:الباب األول
وينظر علماء العهد الجديد إلى شخص يسوع عام ًة باعتباره رجل جليلي
وسمعته كمعالج وطارد،نظرا لتعميده على يد يوحنا المعمدانً ،صالح
ومجموعة تالميذه، وموعظته حول عودة مملكة الرب،لألرواح الشريرة
وخيانة اآلخرين، واالضطراب الذي تسبب به في المعبد،المالزمين له
.((7( وصلبه في عهد بيالطس البنطي،له
مترجما
ً الشائع أن إنجيل مرقس كتبه مرقس نفسه الذي كان
أماله عليه، تذكر بعض المصادر القديمة أن ما كتبه مرقس.((7(لبطرس
يبدو أن، ومع ذلك.((7( ثم أصبح معرو ًفا بعدئذ بإنجيل مرقس،بطرس
، مختلفة في هيئتها والهوتيتها،هذا اإلنجيل قد اعتمد على مصادر عدة
ويعتقد معظم.((7(والتي تذكر أن اإلنجيل استند على عظات بطرس
حوالى أو،العلماء أن إنجيل مرقس كتبه الجيل الثاني من المسيحيين
بعد فترة وجيزة من سقوط القدس بيد الرومان وتدميرهم الهيكل الثاني
الحظ ريتشارد بوكهام أن جغرافيا إنجيل مرقس دقيقة في.((7(م70 سنة
E. P. Sanders. The Historical Figure of Jesus. Penguin Books. London 1993 ((7(
Geza Vermes. The authentic gospel of Jesus. London, Penguin Books. 2004
Form criticism, in: The Oxford dictionary of the Christian church. Ibid ((7(
Bernd Kollmann and Miranda Henry: Joseph Barnabas: His Life and Legacy ((7(
(Liturgical Press, 2004), page 30.
Paul L. Maier, The Church History, Kregel Publications, 2007., p. 114
F. L. Cross & E. A. Livingstone, The Oxford dictionary of the Christian Church, Oxford
University Press, 1989 pp. 874-875
Thomas Patrick Halton, On illustrious men, Volume 100 of Fathers of the Church, CUA
Press, 1999 pp. 17-19
Donald P. Senior. «Mark». In: Everett Ferguson. Encyclopedia of Early Christianity
(2nd bas.), New York and London: Garland Publishing, Inc., 1998., p. 719-720
Theissen and Merz. The historical Jesus… op.cit. p. 24-27. ((7(
Robert W. Funk and Roy W. Hoover. The Jesus Seminar.The five Gospels: the ((7(
search for the authentic words of Jesus: new translation and commentary. New York, New
York: Macmillan. 1993
John Dominic Crossan. The historical Jesus: the life of a Mediterranean Jewish
peasant. San Francisco, California: Harper San Francisco. 1991
Robert H. Eisenman. James the Brother of Jesus: The Key to Unlocking the Secrets of
Early Christianity and the Dead Sea Scrolls. Penguin Books. 1998., p. 56
برنابا وأناجيل أخرى 48
هذا المقطع أنه ال إشكالية في ذلك ،فقد كان يسوع يسافر بطرق غير
شمال ً
أول ،ثم شر ًقا ،فجنو ًبا( .((7والمشهور مسيح ًيا ً تقليدية ،فيتّجه ً
مثل
أن مرقس صحب بولس وبرنابا في رحلتهما األولى ،وبشر معهما في
نواحي سوريا ،وبخاصة في أنطاكية عندما ذهبا إليها حوالى سنة 45م(.((7
وانحدر معهما إلى سلوقية( ((8وهى ميناء قديمة ألنطاكية وظهر مرقس
مرة أخرى في أنطاكية مع برنابا بعد مجمع أورشليم(.((8
Richard Bauckham. Jesus and the Eyewitnesses: The Gospels as Eyewitness (((7
Testimony. Grand Rapids, Michigan.: Eerdmans 2008
(C. E. B. Cranfield, The Gospel According to St Mark. Cambridge University ((7
Press, 1959., p. 250
Dennis Nineham. The Gospel of St Mark. New York: Seabury, 1968., pp. 40, 203
Mary Healy, The Gospel of Mark.Catholic Commentary on Sacred Scripture. (((7
Ada, Michigan.: Baker Academic, 2008., p.146
( ((7أعمال «الرسل» ( 30 27 :11وأخذا معهما يوحنا الملقب مرقس .أعمال
«الرسل» .)25 :12
( ((8أعمال «الرسل» 4 :13
( ((8أعمال «الرسل» 37 :15
49 الباب األول :مقدمات عامة
(((8
ب� -إنجيل متى
هناك اعتقاد بأن إنجيل متى كتب في أنطاكية التي أصبحت بعد ذلك
جز ًءا من والية سوريا الرومانية( ((8أو في شمال فلسطين( .((8كما يعتقد
معظم العلماء أن إنجيل متى اعتمد بشدة على إنجيل مرقس ،كما أضاف
تعاليما من الوثيقة ق (سيأتي الحديث عنها)( .((8وبرغم إضافة متى لمواد
ً
مثل الموعظة على الجبل ،إال أن الكثير من تلك المواد تُنسب إلى يسوع
أيضا باسم الوي ( ((8متى اإلنجيلي بالعبرية «יתמ ماتاي» ومعناه عطية الله ويعرف ً
ومتى العشار ،يعتقد بأنه كاتب اإلنجيل الذي ينسب إليه إنجيل متى لذلك يلقب باإلنجيلي.
معظم ما نعرفه عنه جاءنا من األدبيات المسيحية األولى خصوصا األناجيل القانونية األربعة في
عشارا أو جاب ًيا للضرائب
ً كتاب العهد الجديد ،والتي تخبرنا بأنه الوي بن حلفى الذي كان يعمل
في مدينة كفرناحوم ،وكان اليهود يحتقرون مهنة الجباية وكل من كان يعمل بها ألنهم كانوا
يجمعون ضرائب باهظة لصالح المحتل الرومانيُ .دعي باسم الوي في (لوقا )27 :5و ُدعي
باسم متى في إنجيل مرقس في قائمة أسماء «الرسل» ثم ُدعي أيضا متى في (مرقس ،)14 :2
يشرح بعض علماء العهد الجديد هذه المسألة بأن هذا «الرسول» كان ُيدعى في البدء الوي ثم
بعد أن تلقى دعوة يسوع المسيح ليصبح من تالميذه قام بتغيير اسمه للداللة على أنه أصبح إنسانًا
جديدً ا غير ذاك العشار المبغوض ،ففي ذات اليوم الذي تلقى فيه الدعوة من يسوع أعد متى
كبيرا على شرف يسوع وتالميذه دعا إليه جميع أصدقائه العشارين ومن المحتمل أنه كان عشاء ً
جالسا عند مكان الجباية عندما قال له
ً عشاء وداع لحياته السابقة ،يروي اإلنجيل بأن متى كان
يسوع «اتبعني» فترك متى عندها كل شيء وتبعه .ال يعلم بالضبط كيف وأين ُقتل متى اإلنجيلي
ولكن بعض القصص التراثية تروي بأن متى بشر و ُقتل في سبيل إيمانه في إثيوبيا ،قصص أخرى
تحكي أنه ُقتل في مدينة هيرابوليس اليونانية -تقع اليوم في تركيا -يؤيد هذه الرواية «القديس»
إيبيفانيوس أسقف قبرص (القرن الرابع) الذي يعتقد بأن متى العشار ُقتل في هيرابوليس أما
التلميذ الذي استشهد في إثيوبيا هو متياس الذي أخذ مكان يهوذا اإلسخريوطي في جماعة
اإلثني عشر ،وهو التلميذ الوحيد بين اإلثني عشر الذي ذكر اسمه في إنجيل توما -أحد األناجيل
غير القانونية -داللة على أهميته الكبيرة في الكنيسة األولى.
(Dale C. Allison. Matthew: a shorter commentary. T & T Clark International,2004. ((8
Introduction, pXIII
Burton L. Mack., op cit ( ((8
Gospel according to St. Matthew, The Oxford dictionary of the Christian church. (((8
Op.cit.
برنابا وأناجيل أخرى 50
The five gospels. Harper San Francisco. Op.cit. «Matthew» p. 129-270 ( ((8
The historical figure of Jesus. Op.cit., p. 85 ( ((8
( ((8غزا فرمش 2013-1924 Géza Vermesعالم هنغاري وكاتب في تاريخ الدين
وخاصة تاريخ اليهودية والمسيحية .وهو مشهور كعالم بارز متخصص في مخطوطات البحر
الميت وغيرها من الكتابات القديمة باللغة اآلرامية .تركز كتاباته حول المسيح كما ُيرى تحت
ضوء تاريخ اليهود وعقائدهم .يوصف بأنه أعظم عالم في عصره حول حياة المسيح.
(Geza Vermes. Op.cit., Chapter 10: Towards the authentic gospel. p. 376–380. ((8
Daniel J. Harrington. The Gospel of Matthew. Liturgical Press 1991 ( ((9
(James R. Edwards, The Hebrew Gospel & the Development of the Synoptic ((9
Tradition, Wm. B. Eerdmans Publishing Co, 2009., pp 121
Ehrman, The History of the Bible., p. 110., Brown, Antioch and Rome: p. 172 ( ((9
The Gospel of Matth., p 1
ب؟ وكيف وصل إلينا؟ -القمص عبد المسيح بسيط أبو ِ
( ((9كتاب اإلنجيل :كيف كُت َ
الخير ،شهادة «القديس» بابياس أسقف هيرابوليس لوحي اإلنجيل.
حول موثوقية األناجيل ،محمد السعدي ،منشورات رسالة الجهاد ،طرابلس ،ليبيا،
الطبعة األولى 1985 ،م ،ص15
51 الباب األول :مقدمات عامة
إلى أدلة من داخل هذا اإلنجيل ،فربما كُتبت أجزاء من إنجيل متى ً
أول
باللغة اآلرامية( .((9أما قصص والدته وصعوده ،فكُتبت ً
أول بالقوينة
اليونانية ،مما يرجح أن إبيون ًيا هو من كتب النسخة اآلرامية من إنجيل
متى ،الستبعاده قصص والدته وصعوده(.((9
(((9
ج� -إنجيل لوقا
كُتب إنجيل لوقا في إحدى المدن الكبرى غرب فلسطين( ((9على
الرغم من اعتقاد بورتون ماك ،استنا ًدا إلى اللغة اليونانية العامية المستخدمة
في كتابة اإلنجيل وارتباطه الواضح ببولس وقبول الهراطقة المرقيونيين
له ،أن المؤلف من اليونان أو غرب آسيا الصغرى( .((9مثل إنجيل متى،
اعتمد إنجيل لوقا على إنجيل مرقس ،مع بعض اإلضافات من الوثيقة
تفرد بقدر كبير من النصوص مثل السامري الصالح ،والكثير ق ،إال أنه ّ
(((9
من القصص التي تبدو حقيقية( .((10كما أكد إنجيل لوقا على عالمية مهمة
أصر على أن نسبة عالمية رسالة ورسالة يسوع ،ولكن غزا فرمش ّ
(((10
يسوع إلى يسوع التاريخي ،أمر غير دقيق .وكما هو الحال مع إنجيل متى،
يحيط الكثير من الجدل بقصة والدة يسوع في إنجيل لوقا(.((10
يتمسك بعض العلماء( ((10بزعمهم أن لوقا صاحب اإلنجيل كان
رفي ًقا لبولس وأنه على األرجح لم يكن شاهد عيان على حياة يسوع،
وأنه هو من كتب إنجيل لوقا وسفر أعمال «الرسل» .ويشير آخرون إلى
أن سفر أعمال «الرسل» يتناقض مع رسائل بولس الخاصة ،وينفي عنه
صفة الرسول ،مما قد ُيشير إلى أن المؤلف لم يكن رفي ًقا لبولس(.((10
وكما هو الحال مع جميع األناجيل ،من غير المعروف بالضبط متى كُتب
إنجيل لوقا .اقترح العلماء أنه كتب بين سنتي 90-60م( .((10ومع ذلك،
يزعم دونالد غوثري أن سفر األعمال كان مكتو ًبا في بداية ستينيات القرن
األول الميالدي (حيث انتهت كتابته قبل وفاة بولس ،الذي مات على
.((11( وال توافق حولها،التي كانت محور انقسام واسع النطاق بين اآلراء
يعتقد عدد كبير من العلماء أن عبارة «التلميذ المحبب ليسوع» هي كناية
وأن إنجيل يوحنا استند بشدة،عن الشخص الذي يسمع ويتّبع يسوع
ؤرخ معظم ّ ُي،ومن جانب آخر
((11(
على شهادة هذا التلميذ المحبوب
.((11( م تقري ًبا95-80 العلماء إنجيل يوحنا في الفترة بين سنتي
F. F. Bruce, The Acts of the Apostles: The Greek Text with Introduction and ((11(
Commentary. Wm. B. Eerdmans Publishing Co. 1952., p.2.
David Aune.The Westminster dictionary of New Testament and early Christian literature
and rhetoric. Louisville, KY; London: Westminster John Knox Press, 2003., p.243
«Jesus Christ.» Encyclopædia Britannica. 2010. ((11(
John Arthur Thomas Robinson. Redating the New Testament. Wipf & Stock. ((11(
1976., p. 125.
.Gospel of John. The Oxford dictionary of the Christian church. Op.cit ((11(
Gospel According to John, Encyclopædia Britannica
Gospel of John. The Oxford dictionary of the Christian church. Op.cit. ((11(
Raymond E. Brown. Introduction to the New Testament. New York: Anchor ((11(
Bible 1997., p. 164.
Peter Kirby.»Gospel of Mark». earlychristianwritings.com
«Gospel of John.» In Dictionary of Jesus and the Gospels, edited by Joel B. ((11(
Green, 370. Downers Grove, IL: IVP, 2013.
F.F. Bruce. The New Testament Documents: Are They Reliable? InterVarsity ((11(
Press. 1981., p.7
Harris. Understanding the Bible. Op.cit.
55 الباب األول :مقدمات عامة
Bart D. Ehrman. Misquoting Jesus: The Story Behind Who Changed the Bible (((11
and Why. HarperCollins, 2005, p. 46
( ((11نسخة الملك جيمس المعروفة أيضا باسم النسخة المرخص بها ) (AVأو الكتاب
المقدس للملك جيمس ) ،(KJBهي ترجمة إنكليزية للكتاب المقدس المسيحي من أجل كنيسة
إنكلترا بدأت في عام 1604وانتهت في عام .1611صدرت أول نسخة في عام .1612
57 الباب األول :مقدمات عامة
يعتبر معظم علماء النصوص المعاصرين هذه اآليات زيادات .يشير عالم
الكتاب المقدس بارت إيرمان إلى أن العديد من اآليات الحالية لم تكن
جز ًءا من النص األصلي للعهد الجديد« :غال ًبا ما تتواجد تلك اإلضافات
في مخطوطات العهد الجديد التي ترجع إلى العصور الوسطى المتأخرة،
ونظرا العتماد نسخة
والتي لم تتواجد في مخطوطات القرون السابقةً ...
الملك جيمس من الكتاب المقدس على المخطوطات المتأخرة ،فإن
هذه اآليات أصبحت جز ًءا من نص الكتاب المقدس في األراضي
الناطقة باللغة اإلنكليزية»( .((12مع ذلك ،الحظ إيرمان أن الترجمات
اإلنكليزية الحديثة مثل اإلصدار الدولي الجديد ،كتبت بطريقة نصية
أكثر مالءمة(.((12
ٍ
حواش تشير إلى تضم معظم طبعات الكتاب المقدس الحديثة
أيضا
الفقرات التي انتقدت نص ًيا .كما ناقشت تفاسير الكتاب المقدس ً
هذا الموضوع ،وأحيانًا باستفاضة .وعلى الرغم من اكتشاف العديد من
االختالفات بين النسخ األولى للنصوص اإلنجيلية ،إال أن معظم هذه
االختالفات إمالئية أو في عالمات الترقيم أو النحو .كما أن الكثير من
هذه االختالفات يرتبط باللغة اليونانية ،ولم تظهر في الترجمات إلى
اللغات األخرى( .((12من بين أبرز الزيادات اإلصحاح األخير من إنجيل
مرقس المتعلق بقيامة يسوع من الموت( ،((12وقصة المرأة الزانية في
يقول موريس بوكاي« :وإذا كان إنجيل مرقس معتر ًفا به كلية كإنجيل كنسي ،فإن هذا ال
يقلل من أن ال ُكتّاب المحدثين يعدون خاتمته (اإلصحاح ،16العدد )9-20كمؤلف مضاف،
وهذه الخاتمة غير موجودة في أقدم مخطوطتين كاملتين لألناجيل المعروفتين باسمي Codex
Sinaiticusو Codex Vaticanusاللتين يرجع تاريخهما إلى القرن الرابع.
محمد السعدي« :حول موثوقية األناجيل» ،منشورات رسالة الجهاد ،طرابلس ،ليبيا،
الطبعة األولى 1985 ،م ،ص18
«NETBible: John. On: Bible.org. See note 139 on that page. ( ((12
Chris Keith. «Recent and Previous Research on the Pericope Adulterae (John 7.53-
8.11)». Currents in Biblical Research. 2008. 6 (3): 377–404.
‹Pericope adulterae›, in The Oxford Dictionary of the Christian Church, op.cit.
Bruce Metzger. A Textual Commentary on the New Testament, Second Edition. (((12
German Bible Society 1994
Bruce, The New Testament Documents. op.cit., p.14 ( ((12
Strobel, The Case for Christ.Op.cit. Chapter three, when quoting biblical (((12
scholar Bruce Metzger
59 الباب األول :مقدمات عامة
في كتاب «نص العهد الجديد» ،قارن كيرت وباربرا آالند بين
عدد اآليات الخالية من االختالفات ،وعدد االختالفات في كل صفحة
(باستثناء األخطاء اإلمالئية) ،واستنتجا أن هناك تواف ًقا بنسبة 62.9٪أو
،7947/4999وقاال« :وهكذا فإن ما يقرب من ثلثي نص العهد الجديد
في سبع طبعات يونانية درسناها من العهد الجديد تتوافق اتفا ًقا تا ًما،
بال أي فروقات أخرى أكثر من بعض التفاصيل اإلمالئية (مثل هجائية
األسماء) .وهناك فقرات ال تختلف فيها الطبعات السبع ولو بكلمة
واحدة ...في اإلنجيل وأعمال «الرسل» ورؤيا يوحنا ،تقل نسبة التوافق،
بينما في الرسائل فالتوافق أكبر بكثير( .((12وفي إحصائهم ،يتوافق إنجيل
متى في النسخ بنسبة 642( 60٪آية من أصل 1.071آية) ،وإنجيل
مرقس بنسبة 306( 45٪آية من أصل 678آية) ،وإنجيل لوقا بنسبة
658( 57٪آية من أصل 1151آية) ،وإنجيل يوحنا بنسبة 450( 52٪
آية من أصل 869آية)( .((12كل هذه االختالفات بسيطة ،معظمها أخطاء
إمالئية أو نحوية يمكن تصنيفها كأخطاء مطبعية غير مقصودة بسبب
ضعف البصر .عدد قليل جدً ا من االختالفات محل جدال بين العلماء،
وعدد قليل منها ليس بينها ما يحمل أي أهمية الهوتية .تعكس ترجمات
الكتاب المقدس الحديثة هذا اإلجماع حيث توجد اختالفات ،ولكن
عليها تعقيبات هامشية في تلك الترجمات(.((13
وفي دراسة كمية الستبيان مدى استقرار العهد الجديد بمقارنة
وصول إلى مخطوطاتً المخطوطات القديمة بالمخطوطات األحدث
العصور الوسطى كالمخطوطات البيزنطية ،استخلصت الدراسة أن
(Kurt Aland and Barbara Aland. The Text of the New Testament: An Introduction ((12
;to the Critical Editions & to the Theory & Practice of Modern Textual Criticism. Eerdmans
2nd Revised ed. Edition.1995, p. 29-30.
( ((12المرجع السابق نفسه
)Ehrman, Misquoting Jesus, Ch 3, (2005 ( ((13
برنابا وأناجيل أخرى 60
(K. Martin Heide. «Assessing the Stability of the Transmitted Texts of the New ((13
Testament and the Shepherd of Hermas». In: The Reliability of the New Testament: Bart
Ehrman and Daniel Wallace in Dialogue, ed. Robert B. Stewart (Minneapolis: Fortress Press,
2011), pp. 125-159
(Raymond Edward Brown. The Birth of the Messiah: A Commentary on the ((13
Infancy Narratives in the Gospels of Matthew and Luke. The Anchor Yale Bible Reference
Library. Yale University Press., 1999., p.36
61 الباب األول :مقدمات عامة
أن األدلة التي تنقض صحة نسبة الرسالة إلى بولس هي كثيرة ...فللمرء
أن يعتقد أن الرسالة من إنشاء واحد من أصحاب بولس ،أما االهتداء إلى
اسم الكاتب على نحو أفضل فال سبيل إلى طلبه .فالبد آخر األمر من
التسليم بأننا نجهل اسم الكاتب» .ويقول مؤلفو «المدخل إلى الكتاب
المقدس»« :نحن ببساطة ال نعرف الكاتب ،فبالرغم من أن الرسالة
تحمل تحيات حارة في ختامها؛ لكنها ال تحمل عنوانًا في مقدمتها ...إال
أن االتجاه العام هو افتراض أن بولس هو الذي كتبها .قد يكون الكاتب
هو برنابا الالوي( ((13الذي البد كان يعرف كل شيء عن الكهنة وعملهم،
واحتمال ثالث أن يكون لوقا هو الكاتب لتشابه األسلوب بين العبرانيين
وإنجيل لوقا وسفر أعمال «الرسل» .هناك رابع هو أبولس الذي كان
يعرف تيموثاوس معرفة جيدة( ((13كما أن سفر أعمال «الرسل» يخبرنا
ومقتدرا في الكتب)(...((13
ً (فصيحا
ً أيضا أن بولس كان
ً
وقد قال أوريجينوس« :أما من كتب الرسالة يقينًا فالله يعلم ،يقول
بعض من سبقونا :إن إكليمنس (إكليمنضس) أسقف روما كتب الرسالة،
واآلخرون :إن كاتبها هو لوقا» .وأما نسبتها إلى بولس فهو -كما تقول
الموسوعة البريطانية -أمر ال يكاد يوجد أحد اليوم يدافع عنه(.((13
عصام فارس الحرستاني .ط .1مكتبة دار عمار .عمان1409 ،هـ.ص ،306
قاموس الكتاب المقدس ،تأليف نخبة من األساتذة ذوي االختصاص ومن الالهوتيين،
هيئة التحرير :الدكتور بطرس عبد الملك -الدكتور جون ألكساندر طمن -األستاذ إبراهيم مطر،
الطبعة العاشرة ،صدر عن دار الثقافة بالقاهرة .1995 .ص 599
الكتاب المقدس .طبعة :الرهبانية اليسوعية (نسخة كاثوليكية أصدرها اآلباء اليسوعيون).
توزيع جمعيات الكتاب المقدس في المشرق .بيروت.
( ((13أعمال 36 :4
( ((13أعمال 23 :13
( ((13أعمال 24 :18
( ((13انظر ،جون بالكين وآخرون« :مدخل إلى الكتاب المقدس» ،ترجمة :نجيب
إلياس ،ط ،1دار الثقافة ،1993.ص (.)556
63 الباب األول :مقدمات عامة
يوسابيوس القيصراني :تاريخ الكنيسة ،ترجمة القمص مرقس داود ،مكتبة المحبة ،ط،3
1998م.ص .276
( ((13انظر :قاموس الكتاب المقدس ،ص ( ،)1075 ،176-174واين جردوم:
بماذا يفكر اإلنجيليون فى أساسيات اإليمان المسيحى :رؤية معاصرة فى ضوء كلمة الله،
مطبوعات إيجلز جروب .القاهرة .2002ص 46
رؤوف شلبي :يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ،مكتبة األزهر ،القاهرة.1973 ،
الجزء األول ،ص .199-194
برنابا وأناجيل أخرى 64
( ((14ويسمى كيرينثوس الهرطوقي Cerinthusيبدو أنه كان من أصل مصري (عاش
متنصرا
ً بين سنتي 50و100م) ،تهذب في المدرسة اليهودية الفيلونية باإلسكندرية .كان يهود ًيا
تمسك بالختان والسبت ،وكان واسع االطالع على حكمة المصريين .قدم إلى أورشليم القدس ّ
في زمان «الرسل» وأقام فيها بعض الوقت ثم انتقل إلى قيصرية فلسطين فإنطاكية وع ّلم فيها،
أخيرا في أفسس التي كانت حقل خدمة يوحنا الرسولُ .ينظر إلى كيرينثوس على أنه وحط رحاله ً
السابق للغنوصية اليهودية المسيحية والمهيء لها .يرى البعض أنه لم يقدم هرطقة معينة إنما هو
حلقة وصل بين اليهودية والغنوصية.
65 الباب األول :مقدمات عامة
نقل عن المرجع التاليGeorge Robert Stowe : ( ((14بحسب ما يذكر إبيفانيوسً .
Mead. Fragments of a Faith Forgotten. Theosophical Publishing Society: London. 1900, p.238
( ((14تاريخ الكنيسة ،يوسابيوس القيصراني ،مرجع سابق ،ص331-329
(François Vouga. «Le corpus paulinien», in Daniel Marguerat (dir.), Introduction ((14
au Nouveau Testament: Son histoire, son écriture, sa théologie, Labor et Fides, 2008
برنابا وأناجيل أخرى 66
أن قراءة متمعنة برسائل بولس تفصح لنا عن الكثير من التناقضات التي
يصعب تجاوزها.
فقط سبع من الرسائل المنسوبة إلى بولس يعتبرها الباحثون
والناقدون أصلية ،ويسمونها الرسائل البولسية التمهيدية .وهي :رومية؛
كورنثوس 1؛ كورنثوس 2؛ غالطية؛ فيلبي؛ تسالونيكي 1؛ فليمون.
بقية الرسائل تقسم إلى قسمين :الرسائل البولسية الثانوية
épîtres
deutéro-pauliniennesوهي التي كتبها تالمذة بولس ونسبوها إليه .وهي:
أفسس؛ كولوسي؛ تسالونيكي .2
أيضا الثالثة trito-pauliniennes
والرسائل الرعوية pastoralesالمسماة ً
أي تلك التي كتبها تالميذ متأخرين من الجيل الثالث .وهي :ثيموثاوس
1؛ ثيموثاوس 2؛ تيطس.
إذن وجد النقاد صعوبة في قبول صحة نسبة الرسائل األربعة عشر
إلى بولس؛ الرسالة الخامسة عشر (الرسالة إلى العبرانيين) ال ذكر السم
لصاحبها ولكن التراث المسيحي الكهنوتي نسبها إلى بولس بتردد وتبين
أيضا أن
أنها ليست له على األغلب .وبعض الشارحين والمفسرين يظن ً
الرسائل المسماة رعوية(( ((14الرسالتين األولى والثانية إلى تيموثاوس،
والرسالة إلى تيطس) هي من روح ونمط بولس ولكنها ليست بقلمه.
�سيرته و�أعماله
من المرجح أنه ولد في مطلع القرن األول للميالد في طرسوس
من أعمال قيليقيا (جنوب األناضول) وسط الدياسبورا اليهودية الناطقة
باليونانية وحمل اسم شاول العبراني .ومن حصوله على الرعوية
( ((14سميت الرعوية ألنها رسائل موجهة إلى أشخاص محددين وليس إلى كنيسة
كاملة أو مجموعة كنائس كما رسائل أخرى.
67 الباب األول :مقدمات عامة
الرومانية( ((14نستنتج أنه كان من عائلة شريفة وعلى األقل ليست فقيرة،
وصاحبة نفوذ فنحن نجده يرسل التحية إلى ثالثة أنسباء له( ((14ويظهر أن
األولين اعتنقا المسيحية قبله .ومن سفر أعمال «الرسل»( ((14نعلم أن ابن
أخته نقل إليه خبر مؤامرة ضده .ويحتمل أنه كان موظ ًفا أو ذا نفوذ يجعله
ويدل على شرف محتده ما نال من شرف ونفوذ يعرف مثل هذه األسرارّ .
في السنهدرين وبين القادة اليهود( .((14وكان أبوه فريس ًيا من سبط بنيامين.
هذا وكان شاول يعتز بأنه عبراني( ،((14وهو كان فريس ًيا مثل والده ،أي
من أرقى طبقات اليهود ،يحيا حياة ناموسية حرفية مدققة للغاية(،((15
بارا .ويبدو أنه حضر في شبابه دروس يحسب نفسه من جهة الناموس ً
الربي غماالئيل في القدس( .((15كما أتقن اليونانية لغة وفلسفة .من هنا
خطرا
ً متعصب ،ويعتقد أن تابعي المسيح كانوا ّ فيظهر هنا كشخص
دين ًيا وسياس ًيا .وبضمير مستريح كان يقوم بنصيب وفير في محاولة
إرجاع هؤالء أو قطع دابرهم( .((15فلم يكتف بمهاجمة أتباع المسيح في
أورشليم بل الحقهم في خارجها.
يس ِة» (رسالة بولس إلى أهل فليبيَ )6 :-3فإِ َّنك ُْم ِ ِ ِ ِ ِ
(« ((15م ْن ج َهة ا ْل َغ ْي َرة ُم ْض َط ِهدُ ا ْلكَن َ
الله بِإِ ْفر ٍ
اط َو ُأت ِْل ُف َهاَ .و ُكن ُْت ودي ِةَ ،أنِّي ُكن ُْت َأ ْض َط ِهدُ كَنِيس َة ِ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َ َ َسم ْعت ُْم بِس َيرتي َق ْب ًل في الدِّ َيانَة ا ْل َي ُه َّ
ودي ِة َع َلى كَثِ ِيرين ِمن َأتْرابِي فِي ِجن ِْسي ،إِ ْذ ُكن ُْت َأو َفر َغير ًة فِي َت ْق ِليدَ ِ ِ ِ ِ
ات ْ َ َْ َ ْ َ َأ َت َقدَّ ُم في الدِّ َيانَة ا ْل َي ُه َّ
آ َب ِائي( .رسالة بولس «الرسول» إلى أهل غالطية )13-14 :1
( ((15حوالى العام 34أو 35م أي بعد «صلب المسيح» بفترة قليلة بحسب اإلصحاح
السادس من سفر أعمال «الرسل» .وهو أول الشمامسة وأول شهيد في المسيحية .واسمه معناه
تاج أو أكليل من الزهور.
( ((15سفر أعمال «الرسل» 58 :7
( ((15أعمال «الرسل» 1 :8
( ((15المذكورين في أعمال «الرسل» 9 :6
( ((15أعمال «الرسل» 3 :8؛ و4 :22؛ و11-10 :26؛ وفي رسالته إلى أهل غالطية
13 :1و6 :3؛ ورسالته األولى إلى أهل كورنثوس 9 :15؛ وفي رسالته األولى إلى تيموثاوس
لكنَّنِي ُر ِح ْم ُت ،ألَنِّي َف َع ْل ُت بِ َج ْهل فِيَ ( 13 :1أنَا ا َّل ِذي ُكن ُْت َقب ًل مجدِّ ًفا وم ْض َط ِهدً ا وم ْفت َِريا .و ِ
َ ُ ً َ َ ُ ْ ُ َ
عَدَ ِم إِيم ٍ
ان). َ
69 الباب األول :مقدمات عامة
ثم حصل اهتداؤه المفاجئ .كان ذلك في الطريق إلى دمشق ،في
وسط النهار عندما أبرق حوله نور من السماء فسقط على األرض(.((15
ويبدو أن شاول ال بد كان يتساءل في نفسه عن سر صمود المسيحيين
تحت التعذيب وقوة إيمانهم .ويظهر أنه اعتبر أن غيرة استفانوس وصبره
وشجاعة احتماله لم تكن في مقدوره لو لم تجد قوة سرية تعاونه(.((15
وكرر ذكرها بولس نفسه مرتين( .((16كما أنه ّ
(((16
وقد ذكر الحادثة لوقا
ألمح في رسائله إلى هذا األمر( .((16وبحسب الشروحات والتأويالت
أيضا ظهر لهالمسيحية فإن يسوع المسيح لم يتكلم فقط مع بولس بل ً
فرآه مرأى العين( .((16وبحسب رواية سفر أعمال «الرسل» فقد جاء األمر
لشاول «قم ادخل المدينة وهناك يقال لك ماذا ينبغي أن تفعل»( ((16فأطاع.
وجاءه حنانيا بعد أن بقي أعمى مصل ًيا ثالثة أيام وأبلغه برنامج حياته(.((16
ويبدو من رسائله أنه بعد أن بقي أيا ًما في دمشق ،اختلى في العربية ثالث
سنين( ((16ثم رجع ملته ًبا بنفس الغيرة التي كان يحارب بها يسوع وإنما
اآلن «شهد بها ليسوع»( .((16ولما حاولوا قتله هرب إلى أورشليم حيث
بشر بمجاهرة جعلت اليونانيين في رحب به برنابا وقدّ مه للرسل ،وحيث ّ
أورشليم يحاولون قتله فذهب إلى قيصرية ومنها إلى طرسوس مسقط
رأسه( .((16وال نعرف شي ًئا عن الوقت الذي قضاه في طرسوس وال كيف
صرفه وإن كان ّيرجح الكثيرون أن الزمن استغرق نحو ست أو سبع
سنوات ،وأنه فيها أسس الكنائس المسيحية في كيليكية(.((16
بقي شاول في طرسوس وما حولها في كيليكية( ((17إلى أن نشأت
كنيسة إنطاكية و ُأرسل إليها برنابا الذي تذكّر الشاب الذي اهتدى
«شاول» وتذكّر مقدرته في إقناع األمميين ففتّش عليه إلى أن وجده ودعاه
إلى إنطاكية .ومنها أرسل برنابا وشاول إلى المسيحيين في أورشليم
ومعهما عطية مادية إلعانتهم وقت الجوع .ثم جاءت الدعوة للتبشير في
الخارج( ((17وبدأت رحالت بولس التبشيرية التي كان من نتائجها نشر
اإلنجيل في آسيا الصغرى والبلقان وإيطاليا وإسبانيا .المهم في سيرة
بولس هو عالقته ببرنابا وسنأتي عليها الح ًقا.
(((17
�ضميمة« :و�صف تاريخي لتحريفين مهمين للكتاب المقد�س»
وهذا عنوان رسالة كتبها العالم اإلنكليزي الشهير إسحق يوتن
وطبعت بعد موته بـ 27سنة .راجع نيوتن في الرسالة كل دالئل النقد
النصي من المصادر القديمة حول مقطعين من العهد الجديد متنازع
عليهما ما يوحنا1؛ 7 :5وتيموثاوس 1؛ 16 :3
يقول نيوتن عن الرسالة إنها «وصف لما كانت القراءة عبر كل
العصور وللخطوات التي تغيرت بها ،كما يمكن تحديده من السجالت»
و«نقد لنص الكتاب المقدس» .ويلقي اللوم على «الكنيسة الرومية»
لعدة إساءات في العالم ،ويتهمها بالخداع الديني ويقول إن المتعلمين
والعارفين أمثال لوثر وإراسموس وبولينجر وغروتيوس ال يفصحون
عما يعرفونه(.((17
تلخي�ص المقطعين
يستنتج نيوتن أنه «إذا كانت الكنائس القديمة في نقاشاتها وتقريرها
ألعظم أسرار الدين لم تعرف عن هذين النصين ،فإني ال أفهم كيف
نحبهما كثيرا اآلن مع انتهاء النقاشات»( .((17ولم تصحح طبعات الكتاب
المقدس هذين المقطعين إال في القرن التاسع عشر ،حيث تحذف النسخ
الحديثة مقطع الفاصلة المنسوبة إلى يوحنا ويوضع أحيانًا في الهامش
مع تعليق يشير إلى أنه غير موجود في أقدم المخطوطات( .((17وتحذف
النسخ الحديثة كلمة «الله» من تيموثاوس 1في .((17(16 :3
خلفية تاريخية
لم يطبع إسحق نيوتن نتائج أبحاثه خالل حياته ألسباب سياسية
على األغلب .فمن كتب عن مسألة الثالوث تعرض لالضطهاد في
إنكلترا .ففي 1698كان قانون محاربة التجديف يجرم من أنكر ألوهية
أحد أقانيم الثالوث ويعاقبه بداية بالعزل وعند التكرار بالسجن .ولهذا
فقد صديق نيوتن ويليام ويستون منصبه في جامعة كامبردج سنة .1711
وحرقت منشورة في 1693تهاجم الثالوث بأمر من مجلس اللوردات
وحوكم مؤلفها وطابعها .وهناك طالب عمره 18أنكر الثالوث فأعدم في
إدنبرة اسكوتلندا سنة .1697
يوحنا 7 :5 ،1
في نسخة الملك جيمس يوجد مثل التالي في يوحنا 1؛ 7 :5
ً
كامل وقو ًيا ،لكن بوضع شهادة ‹الثالثة في السماء› ينقطع والنقاش
ويتخرب المعنى» .
(((17
(((
� -1إ�شكالية بول�س بح�سب كمال ال�صليبي
يرى كمال الصليبي أن بولس اليهودي المنشأ الفريسي العقيدة ظهر
على الساحة في العام 40م وأنه كان يعيش في دمشق وأنه بدأ بالتبشير
لغير اليهود (الغوييم أو األمم) واصطدم مع كنيسة القدس وأن أتباعه
هم الذين تسموا بالمسيحيين في حين كان أتباع كنيسة القدس يتسمون
«ناظوريين» .في العام 62قتل يعقوب (جيمس) أخو المسيح بأمر مباشر
من حاخامات القدس والسنهدرين ،وبعده بفترة بسيطة قتل بولس في
روما وفي العام 70اجتاح الرومان القدس وخربوها ثم أعادوا الكرة في
أعوام 135-132حيث دمروا المدينة تما ًما وشتتوا كل من فيها من يهود
وناظوريين وإسرائيليين وغوييم ولذلك اندثرت هذه الشيع أو ذابت في
محيط الشتات في حين انتصرت مسيحية بولس وأتباعه وسادت في بقية
أرجاء العالم الروماني حيث كان تبشيره.
ً
مطول عن هذه لم يعرف بولس المسيح شخص ًيا وإال لكان تحدث
المعرفة بدل التوسع في ذكر تواصله معه بالوحي والرؤية((( ولكنه يذكر
معرفته ببطرس وبيعقوب أخي عيسى« :ثم بعد ثالث سنين صعدت إلى
أورشليم ألتعرف ببطرس فمكثت عنده خمسة عشر يو ًما ولكنني لم أر
غيره من الرسل إال يعقوب أخا الرب»(((.
& Kamal Salibi. Conspiracy in Jerusalem, the Hidden origins of Jesus. I.B. Tauris (((
Co. Ltd. London 1988
((( تفصيل ذلك في اإلصحاح الثاني عشر من رسالة بولس األولى إلى أهل كورنثوس.
((( الرسالة إلى أهل غالطية؛ 19 18- :1
برنابا وأناجيل أخرى 78
ويرى الصليبي أن بولس ليس شاول ففي سفر أعمال الرسل يأتي
ذكر شاول بداية من دون اإلشارة إلى أنه هو نفسه بولس فتسميه في كل
أيضا بولس
السفر شاول ثم فجأة يذكر سفر أعمال الرسل أن شاول هو ً
من دون أي شرح لهذا التغيير المفاجئ((( .وبحسب كمال الصليبي فإن
العهد الجديد يخلط بين شخصيتين هما بولس من جهة وشاول تلميذ
جمااليل من جهة أخرى .وهذا األخير عاش في القدس وشارك في
اضطهاد المسيحيين وقتل استيفان بينما بولس عاش في دمشق .ويربط
الصليبي بين تغيير اسم شاول إلى بولس بوجود ملك في العهد القديم
من أسرة بنيامين تما ًما كما أن بولس كان من سبط بنيامين وأن هذا النسب
المشترك هو ما جعل كتبة األناجيل وأعمال الرسل يجعلون بولس
شخصا واحدً ا.
ً وشاول
كثيرا عند خبر اختالء بولس في العربيةوقد توقف كمال الصليبي ً
ثالث سنين مستغر ًبا مرور جميع الالهوتيين والمثقفين والدارسين مرور
الكرام عند هذه الحادثة التي تؤرخ لمرحلتين في تاريخ بولس قبل خلوة
العربية وبعدها .وبحسب العلماء الدارسين للحقبة الرومانية فإن العربية
كانت يومها تعني البالد جنوب دمشق بما فيها البالد األردنية الحالية.
في كتابه «مؤامرة في القدس:األصول المخفية ليسوع»(((يطرح الصليبي
ثالثة أسئلة مثيرة :لماذا قرر بولس بعد تجربته الدراماتيكية على طريق
«فورا» إلى العربية وليس إلى القدس على الرغم من ً دمشق أن يذهب
معرفته أن الحواريين الذين عرفوا عيسى/يسوع شخص ًيا كانوا في
القدس؟ لماذا تتجاهل «أعمال الرسل» كل شيء عن رحلة بولس هذه
إلى بالد العرب وإقامته فيها 3سنوات على الرغم من اعتبار بولس نفسه
( ((2رسالة يهوذا ،1:والرسالة هي األخيرة في الرسائل وتأتي قبل رؤيا يوحنا التي
تختم األناجيل.
( ((2إنجيل متى ،55 :13 ،وإنجيل مرقس.3 :6 ،
( ((2إنجيل يعقوب األبوكريفي ،3 :12 ،و ،1 :13و ،2 :8و.16
( ((2قصة يوسف النجار :الفصول 2و.14
83 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
دنسا ما» ...ونزل عليهم مالك الرب يخبرهم باستدعاء األرامل الرب ً
زوجا لها ليحفظها .فوقع االختيار
ليختاروا واحدً ا منهم بالقرعة ليكون ً
الرباني على يوسف الذي اعترض ً
قائل« :لي أوالد وأنا شيخ بينما هي
أيضا أن عمر يوسف حين ترمل فتية جدً ا» .ومن األناجيل األبوكريفية ً
كان 89سنة وحين تزوج مريم كان عمره 90سنة .وفي األناجيل
(((2
Gerald Messadié: L’Homme qui devint Dieu: les Sources; Robert Laffont, Paris (((2
1989., p. 91-92
إنجيل متى.55-57 :13 ، (((2
إنجيل متى46 :12 ، (((2
إنجيل مرقس31 :3 ، (((2
إنجيل يوحنا12 :2 ، (((2
برنابا وأناجيل أخرى 84
21 ،20 :27؛ مرقس 15 :15؛ لوقا 18 :23؛ يوحنا .)40 :18يقول
مرقس إن «المسمى باراباس»كان «موث ًقا مع رفقائه في الفتنة ،الذين في
قتل» (مرقس .)7 :15ويقول لوقا« :وذاك كان قد طرح في الفتنة فعلوا ً
أيضا
السجن ألجل فتنة حدثت في المدينة وقتل» (لوقا ( )19 :23انظر ً
لصا» ،أو قاطع
أعمال الرسل .)14 :3ويقول يوحنا« :وكان باراباس ً
طريق (يوحنا .)40 :18
Bar Abba وبارابا تكتب باآلرامية אבא רב עושי ومعناها ابن اآلب
وفي إنجيل متى نقرأ اسمه الكامل :يسوع بارابا (متى)16-17 :27 :
وفي االسم ما حير آباء الكنيسة الذين لم يفهموا كيف يكون اسمه يسوع
وابن األب كما كان عيسى يسمي نفسه (ابن اآلب) بحسب األناجيل.
مؤخرا تتحدث عن هذا الرجل وبعضها يقترحً وقد صدرت كتب كثيرة
أن يكون هو الذي صلب محل عيسى وبعضهم يقول بل لعله هو عيسى
نفسه إذ إن اسمه يسوع وابن اآلب فهل هذه صدفة(...((2
وقد أثار هذا األمر آباء الكنيسة الكبار فحاولوا نفي ما جاء في
إنجيل متى من أن اسم باراباس هو يسوع فكتب أوريجينوس على سبيل
المثال» «ليس من الالئق إعطاء هذا االسم على شخص باغٍ ،وعلى كل
األب؟ وكان اسم باراباس بالتالي يسوع وهذا ما كتبه المؤرخون لتلك
الحقبة(.((3
شبيها
ً من هنا نعرف لماذا شاعت في بدايات المسيحية فكرة أن
ليسوع هو الذي صلب وليس هو نفسه .وهذا ما سنراه على كل حال
حين نتعمق في دراسة األناجيل والرسائل األبوكريفية.
(((3
-4عن م�س�ألة ال�صلب
يبدو أن الصلب كعقاب كان معرو ًفا منذ أقدم األزمنة قبل السيد
أول في بالد فارس؛ فقد ذكر هيرودوتس في المسيح .ولعله وجد ً
تواريخه (القرن الخامس قبل الميالد) أن الملك داريوش الكبير صلب
في القرن السادس قبل الميالد ثالثة آالف من البابليين .بل ولعل
مذكورا في
ً الصلب يعود حتى إلى تاريخ أقدم من ذلك إذ إننا نجده
الكتاب المقدس ،في سفر التثنية ) (xxi: 22-23وفي سفر يشوع (VIII:29-
) .X:26وكانت تقنية القتل هذه تقوم بحسب تواريخ هيرودوتس وشهادة
أسفار الكتاب المقدس على تعليق المجرم على شجرة .وقد نقلت
(((3
شعوب أخرى هذا العذاب إلى حضارتها فنجده شائ ًعا لدى الكلت
والبروطون والجرمان واليونان .وتذكر تواريخ هيرودوتس أن الجنرال
األثيني كزانثيبوس صلب خصمه المرزبان الفارسي أرتحششتا قائد
قوات كسرى في العام 497ق.م .ثم إننا نجد الرومان وقد تبنوا هذه
François Bovon, L'Évangile selon saint Luc: 19,28-24,53, Labor et Fides, 2009 (((3
(lire en ligne [archive]), p. 340.
Martin Hengel. Crucifixion, SCM Press Ltd., London,1977. خصوصا:
ً ( ((3انظر
Messadié, Les Sources, op.cit.
( ((3أو القلط أو السلت (بالالتينية ،Celtae :من اليونانية( )Κέλται Keltai :باإلنكليزية:
،Celtsتلفظ ( )keltsبالفرنسية ،Celtes :تلفظ )celt
87 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
( ((3حنبعل بن حملقار برقا (بالبونيقية« :حنبعل برق») أو حنا بعل أو هانيبال أو هاني
بعل ( 247ق.م 182 -ق.م ،.قائد عسكري قرطاجي ينتمي إلى عائلة بونيقية عريقة ،و ُينسب
إليه اختراع العديد من التكتيكات الحربية في المعارك.
(The Wars of the Jews, 6:304; «where he was whipped till his bones were laid ((3
bare; yet he did not make any supplication for himself, nor shed any tears, but turning his voice
to the most lamentable tone possible, at every stroke of the whip his answer was, «Woe, woe
»!to Jerusalem
https://lexundria.com/j_bj/6.304/wst
برنابا وأناجيل أخرى 88
Martyrdom of Polycarp 2:2. «For who could fail to admire their nobleness and ((3(
patient endurance and loyalty to the Master? seeing that when they were so torn by lashes that
the mechanism of their flesh was visible even as far as the inward veins and arteries, they
endured patiently, so that the very bystanders had pity and wept; while they themselves reached
such a pitch of bravery that none of them uttered a cry or a groan, thus showing to us all that at
that hour the martyrs of Christ being tortured were absent from the flesh, or rather that the Lord
was standing by and conversing with them.»
http://www.earlychristianwritings.com/text/martyrdompolycarp-lightfoot.html
(( تشير الغالبية العظمى للمصادر القديمة إلى استخدام المسامير في تعليق4(
وإنجيل يوحنا يذكر استخدام المسامير في عملية.المحكومين على صليب أو على شجرة
.)39 :24( أيضا يفترضها ً ) ولوقا27 ،25 :20( صلب يسوع
ومعلما للقيصر نيرون
ً معاصرا للسيد المسيح
ً م) وكان65 -م. ق4( Seneca ((4(
Seneca. Epistles. Moral letters to Lucilius/Letter 101 ((4(
http://philosophy.redzambala.com/seneca/101-moral-letters-to-lucilius-seneca.html
The Life of Flavius Josephus420. «and when I was sent by Titus Caesar with ((4(
Cerealius, and a thousand horsemen, to a certain village called Thecoa, in order to know
whether it were a place fit for a camp, as I came back, I saw many captives crucified; and
remembered three of them as my former acquaintance. I was very sorry at this in my mind, and
went with tears in my eyes to Titus, and told him of them».
https://lexundria.com/j_vit/407-430/wst
89 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
ونواه تتعلق بموضوع اللباس ٍ في الشريعة اليهودية توجد أوامر
الذي ال يوافق أحكام التوراة .جاء في سفر التثنية ُ ( 5:22ي ْح َظ ُر َع َلى
اب النِّس ِ ِ ِ ِ ا ْل َم ْر َأ ِة ْارتِدَ ا ُء ثِ َي ِ
اء، الر ُج ِل ْارتدَ ا ُء ث َي ِ َ
الر َجال ،ك ََما ُي ْح َظ ُر َع َلى َّ
اب ِّ
الر ِّب إِ َل ِهك ُْم) .وفي قصة ِ
وها َلدَ ى َّألَ َّن ك َُّل َم ْن َي ْف َع ُل َذل َك ُي ْصبِ ُح َمك ُْر ً
آدم وحواء بعد أكلهما من الشجرة المحرمة ،ورد في سفر التكوين 7:3
َانَ ،ف َخا َطا ألَ ْن ُف ِس ِه َما َم ِ
آز َر ال َأ ْعينُهما ،و َأدركَا َأنَّهما ُعريان ِ
ُ َ َْ ُ ُ َ َ َْ
( َفا ْن َفت ََح ْت لِ ْل َح ِ
ِم ْن َأ ْو َر ِاق التِّين) ِ.
(ً ((4
نقل عن مسادييه ،المرجع نفسه ،ص 83
( ((5المرجع السابق نفسه
برنابا وأناجيل أخرى 92
ب وقال في سفر األمثال َ ( 10:7فإِ َذا بِا ْم َر َأ ٍة ت َْس َت ْقبِ ُل ُه فِي ِز ِّي َزانِ َي ٍة َو َق ْل ٍ
ادعٍ) .ما يبرز أن الزانية تكون مكشوفة مقارنة بغيرها من المحجبات. م َخ ِ
ُ
وحكاية عن المرأة الفاضلة نقرأ في سفر األمثال اإلصحاح َ 10 :31م ْن
ِ ِ ِ ِ ِ
ب وق الآللئ11 .بِ َها َيث ُق َق ْل ُ يمت ََها َت ُف ُ َي ْع ُث ُر َع َلى ا ْل َم ْر َأة ا ْل َفاض َلة؟ إِ َّن ق َ
الش ِّر ك َُّل ون َّ يس12 .ت ُْسبِ ُغ َع َل ْي ِه ا ْل َخ ْي َر ُد َ ِ
َاج إلى َما ُه َو نَف ٌ ال َي ْحت ُ َز ْو ِج َها َف َ
اض َي َت ْي ِنَ 14 ،ف َتك ُ
ُون َأيا ِم حياتِهاَ 13 .ت ْلت َِمس صو ًفا و َكتَّانًا وت َْشت َِغ ُل بِيدَ ي ِن ر ِ
َ ْ َ َ َ ُ ُ َّ َ َ َ
ٍ ِ ٍ
ب َط َعا َم َها م ْن بِالَد نَائ َيةَ 15 .تن َْه ُض َوال َّل ْي ُل َما َب ِر َح ِ ِ ِ كَس ُف ِن الت ِ
َجل ُ َّاج ِر ا َّلتي ت ْ ُ
ِ ِ ِ
ص َح ْق ًل ُم َخ ِّي ًما ،لتُعدَّ َط َعا ًما ألَ ْه ِل َب ْيت َهاَ ،وتُدَ ِّب َر َأ ْع َم َال َج َو ِار َيها َ 16ت َت َف َّح ُ
ب َيدَ ْي َها َت ْغ ِر ُس ك َْر ًما ُ 17تنَ ِّط ُق َح َق َو ْي َها بِا ْل ُق َّو ِة َوت َُشدِّ ُد َوت َْشت َِر ِيهَ ،و ِم ْن َمك َْس ِ
اج َها فِي ال َّل ْي ِل. ِ ِ
18وتُدْ ِر ُك َأ َّن ت َج َارت ََها َرابِ َح ٌةَ ،والَ َينْ َطفي ُء س َر ُ
ِ
َ ِذ َرا َع ْي َها.
اها بِا ْل َف َلك َِةَ 20 .ت ْب ُس ُط َك َّف ْي َها ِ ِ
َ 19ت ْقبِ ُض بِ َيدَ ْي َها َع َلى ا ْلم ْغ َز ِل َوت ُْمس ُك َك َّف َ
َخ َشى َع َلى َأ ْه ِل َب ْيتِ َها ِم َن ال َّث ْل ِج، س21 .الَ ت ْ إل َغا َث ِة ا ْل َب ِائ ِ لِ ْل َف ِق ِير َوت َُمدُّ َيدَ ْي َها ِ
ون ا ْل ُح َل َل ا ْل ِق ْر ِم ِز َّي َة22 .ت َْصن َُع لِنَ ْف ِس َها َأ ْغطِ َي ًة ُم َو َّشاةً، ألَ َّن َج ِمي َع ُه ْم َي ْرتَدُ َ
س بواب ِ ِ 23زوجها معر ٌ ِ ٍ ٍ ِ ِ
ات وف في َم َجال ِ َ َّ َ َوث َيا ُب َها ُم َحا َك ٌة م ْن َكتَّان َو ُأ ْر ُج َوانُ ْ َ َ ُ ْ َ .
اء ا ْلبِال َِد24 .ت َْصن َُع َأ ْق ِم َص ًة َكتَّانِ َّي ًة َوتَبِي ُع َها، ا ْلم ِدين َِة ،حي ُث يج ِلس بين وجه ِ
َ ْ َ ْ ُ َْ َ ُ َ َ َ
فَ ،و َت ْبت َِه ُج الش َر ُ ِ
اؤ َها ا ْلع َّز ُة َو َّ ِ ِ ِ
َوت َُز ِّو ُد التَّاج َر ا ْل َكنْ َعان َّي بِ َمنَاط َق25 .ك َس ُ ِ
وف. بِاألَيا ِم ا ْلم ْقبِ َل ِة26 .ينْطِ ُق َفمها بِا ْل ِحكْم ِة ،وفِي لِسانِها سنَّ ُة ا ْلمعر ِ
َ ُْ َ َ ُ َ َ َُ َ ُ َّ
َاؤ َها ون َأ ْه ِل َب ْيت َهاَ ،والَ ت َْأك ُُل ُخ ْب َز ا ْلك ََس ِلَ 28 .ي ُقو ُم َأ ْبن ُ ِ ٍ
27ت َْر َعى بِعنَا َية ُش ُؤ َ ِ
ات ُقم َن بِ َأ ْعم ٍ ِ ِ ِ َو َي ْغبِ ُطون ََهاَ ،و ُي ْط ِر َيها َز ْو ُج َها ً
ال َ أيضا َقائ ًل«29 :ن َسا ٌء كَث َير ٌ ْ
ت َع َل ْي ِه َّن َج ِمي ًعا»30 .ا ْل ُح ْس ُن ِغ ٌّش َوا ْل َج َم ُال َباطِ ٌل، ج ِلي َل ٍة ،و َل ِكن َِّك َت َفو ْق ِ
َّ َ َ
وها م ْن َث َم ِر َيدَ ْي َها، ِ ِ ِ
الر َّب َف ِه َي ا َّلتي ت ُْمدَ ُحَ 31 .أ ْع ُط َ َأ َّما ا ْل َم ْر َأ ُة ا ْل ُمتَّق َّي ُة َّ
َاء َع َل ْي َها. و ْل َت ُكن َأعما ُلها مصدَ ر ال َّثن ِ
ْ ْ َ َ َ ْ َ َ
ومن األدلة على فرض الحجاب في الديانة اليهودية ما جاء في
اإلصحاح الرابع والعشرين من سفر التكوينَ 64 :و َر َف َع ْت ِر ْف َق ُة ك ََذلِ َك
93 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
( ((5تقدمت اليه امرأة معها قارورة طيب كثير الثمن فسكبته على رأسه (اإلصحاح
.)6-13 :26
( ((5وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد وهن كن تبعن يسوع من الجليل وكن
يخدمنه ،وبينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي وأم ابني زبدي( .اإلصحاح .)55-56 :27
( ((5وكانت هناك مريم المجدلية ومريم األخرى جالستين تجاه القبر (اإلصحاح .)61 :27
( ((5وبعد السبت عند فجر أول االسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم األخرى لتنظرا
القبر( .اإلصحاح .)1 :28
( ((5إنجيل متى2-10 :28 ،
( ((5إنجيل مرقس9-3 :14 ،
( ((5إنجيل مرقس41-40 :15 ،
( ((5إنجيل مرقس47 :15 ،
( ((5إنجيل مرقس8-1 :16 ،
( ((6إنجيل مرقس10-9 :16 ،
97 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
وفي إنجيل لوقا نفس اإلنكار السم تلك التي سكبت الطيب وإنما
حوارا ورواية كاملة
ً وصف لها بأنها «كانت خاطئة»( ((6ولكننا هنا نجد
حول هذه المرأة التي يعود لوقا فيسميها مريم المجدلية من بين النساء
اللواتي «اتبعن عيسى ومنهن يونا زوجة خوزي وكيل هيرودوتس»،
وسوسنة« ،وأخر كثيرات»(.((6
أيضا مريم وأختها مرثا وهما استقبلتاه في بيتهما «في
ويذكر لوقا ً
قرية»(( ((6ال يسمي القرية ولكننا هنا أمام مريم أخرى) ..وعند الصلب
وبعده يذكر لوقا وجود نساء «كن أتين معه من الجليل»( ...((6أما ظهور
المسيح بعد القبر فشهوده «مريم المجدلية ويونا ومريم أم يعقوب
والباقيات معهن»(.((6
في إنجيل يوحنا نفهم منذ البداية أن مريم ومرثا هما أختا لعازر من
بيت عنيا( ((6وأن مريم هذه هي التي سكبت الطيب على رأس المسيح
ومسحت رجليه بشعرها( .((6وعند الصلب «كانت واقفات عند صليب
يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية ...فلما رأى
يسوع أمه ،((6(»...فهنا نرى يوحنا ال يسمي أم يسوع مريم وانما يجعل
مريم اسم أختها زوجة كلوبا ...فنحن هنا أمام 3مريمات حضرن عملية
الصلب ..ثم يترك يوحنا مريم المجدلية وحدها عند القبر كما في ظهور
أيضا(.((6
السيد المسيح لها وحدها ً
( ((7حينئذ ذهب واحد من االثني عشر الذي يدعى يهوذا اإلسخريوطي الى رؤساء
الكهنة وقال ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه اليكم .فجعلوا له ثالثين من الفضة» (إنجيل
متى.)15-14 :26 ،
( ((7إنجيل لوقا37 :7 ،
( ((7أكثر من ثالثمائة دينار بحسب مرقس ،اإلصحاح 5 :14
( ((7ينظر في هذا الصدد كتاب الثالثي مايكل باينيه وريتشارد الي وهنري لنكولن
المعنون :الدم المقدس والكأس المقدسة
Baigent, Michael; Leigh, Richard; Lincoln, Henry (1982). The Holy Blood and the Holy
Grail. London: Jonathan Cape
يضع المؤلفون في هذا الكتاب فرضية زواج عيسى (التاريخي) من مريم المجدلية وأنه
كان لهما عدة أطفال وهؤالء األطفال هاجروا (هم أو نسلهم) إلى ما هو اليوم جنوب فرنسا
حيث اشتهروا وتصاهروا مع العائالت النبيلة ومنهم جاءت األسرة الميروفنجية التي كانت
تدعي دو ًما أحقيتها المقدسة بعرش فرنسا .ولعل هذه الحكاية خلدتها رواية دان براون الشهيرة
Brown, Dan (2003). The Da Vinci Code. Doubleday. «شيفرة دافنشي» .انظر:
99 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
النجار أرسل ابنه يعقوب «ليحزم حط ًبا ويحمله إلى البيت ورافقه الطفل
يسوع».
في إنجيل الطفولة العربي(( ((7الذي يجعل مريم شخصيته الرئيسية)
نجد الطفل يسوع يشفي من المرض الملعون عدة نساء« :ثم قدما (مريم
ويوسف) إلى مدينة أخرى حيث امرأة شيطانية كانت حين تذهب
الستقاء الماء خالل الليل تستحوذ عليها الروح العاصية والنجسة .ولم
تكن تستطيع احتمال أي لباس وال سكنى أي منزل .وفي كل المرات
التي كانوا يوثقونها بقيود أو بسالسل كانت تحطمها وتهرب عارية إلى
األمكنة القفر وكانت تقف على الطرق وقرب القبور وتالحق بالحجارة
من تصادفهم .ورأتها مريم فأدركتها الرحمة ،وعلى الفور فارق الشيطان
تلك المرأة» .وفي مدينة أخرى كان هناك امرأة بكماء ...وما أن حملت
الطفل يسوع «على الفور تحطم الوثاق الذي كان يلجم لسانها وانفتحت
أذناها» .وفي مدينة ثالثة كان هناك «امرأة نبيلة تلبسها الشيطان» ،وما
أن لمست تلك المرأة الطفل يسوع حتى فارقها الشيطان وهرب» .وقد
غسلت تلك المرأة النبيلة جسد الطفل يسوع بماء عطر (الحظ أننا هنا
أمام رواية أخرى مختلفة عن حادثة العطور تجعل مسرحها مصر وبطلتها
طفل) .ثم إن «صبية جسدها مكسو سيدة نبيلة ثرية ويسوع كان ال يزال ً
حال» .وقد ألحت بعد ذلك برصا أبيض اغتسلت بذلك الماء وشفيت ً ً
على مريم ويوسف بأن ترافق العائلة فسمحا لها .وهذه الصبية روت
الح ًقا لزوجة أمير كبير كيف شفيت من البرص ثم ساعدتها على «إقامة
غفيرا وفي الغد
وليمة رائعة ليوسف ومريم في بيتها دعت إليها جم ًعا ً
( ((7وهو إنجيل مخفي يسمى «حياة يسوع بالعربية» ،وهو يستند في القسم األول إلى
إنجيل آخر مخفي اسمه «إنجيل يعقوب البدئي» وفي جزئه األخير إلى «إنجيل توما القانوني».
وقد كتب في األصل بالسريانية وتدور قصصه على الطفل يسوه وأمه مريم أثناء وجود العائلة في
مصر.
101 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
عطرا لتغسل يسوع وغسلت بالماء نفسه ابنها الذي شفي على
تناولت ما ًء ً
الفور من البرص» .وفي مدينة أخرى واجهت العائلة «مأساة ثالث نسوة»
قلن لمريم بأن «نسوة تسيطر عليهن روح الحسد رمين شقيقهن الوحيد
بسحر ...فاستحال ً
بغل» .وما أن قالت مريم «واأسفاه يا ابني ...اشف
هذا البغل بتأثير سلطانك العظيم واجعل هذا الرجل يستعيد العقل الذي
حرمه ...فللحال استرد البغل على الفور الشكل البشري وظهر بقسمات
عرسا لشقيقهن حضره يوسف شاب جميل» .وقد عقدت النسوة الثالث ً
ومريم ويسوع في تفصيل يشبه ما نقرأه في األناجيل القانونية عن عرس
قانا في الجليل.
ويواصل اإلنجيل رواية أعمال الشفاء التي قام بها الطفل وأمه
للعديد من النساء ...ولكنه ينتقل هذه المرة إلى بيت لحم التي يقول إنه
«ظهرت فيها أمراض خطيرة وصعبة الشفاء كانت تضرب عيون األطفال
ويموت بها كثيرون»...فشفت مريم عدة أطفال بماء اغتسال الطفل
يسوع...ثم عادت الرواية إلى حديث النساء المضطربات ..فمن امرأة
لفت جسد ابنها المريض بقماط الطفل يسوع فشفي ابنها للحال ومات
ابن غريمتها (ضرتها) ...إلى قيام المرأة الغيورة بإلقاء طفل المرأة األولى
في البئر وإنقاذ مريم له ثم وقوع الغيورة في البئر نفسه (إذ تم فيها قول
بئرا ورموا التراب إلى فوق ،ولكنهم وقعوا في الحفرة الحكيم «حفروا ً
التي حفروها»)( ...((7إلى شفاء برصاء أخرى ...فشفاء أميرة كانت
أيضا في أيام عيسى
أيضا (ما يدل على كثرة هذا المرض ً مريضة بالبرص ً
إلى جانب رمد العيون) ...إلى شفاء صبية يعذبها الشيطان (الهستيريا
مرة أخرى) ...وفي بيت لحم يشفي عيسى بعض من سيصير من تالمذته
مثل برثولماوس الذي كان على شفا موت محقق ،ويهوذا اإلسخريوطي
الذي كان يسكنه شيطان ...إلى يعقوب ابن يوسف النجار ...ثم ابن حنون
(((7
متيبسا ...إلخ .وفي «إنجيل مولد مريم وميالد المخ ّلص»
ً الذي كان
نجد النخلة وسعفها العالية تنحني لمريم لكي تقطف منها ثمارها ...
(((7
كما نجد أن الطفل الذي يشفيه يسوع من التيبس هو ابن حنانيا كاهن
الهيكل.
( ((7المعروف باسم «إنجيل متى المنحول أو األبوكريفي» وهو موجود بنسخة التينية
فقط .وهو غير إنجيل توما الغنوصي المعروف باسم «الكلمات الخفية ليسوع المسيح»
المكتوب بالقبطية في القرن الثاني ميالدي والذي اكتشف في نجع حمادي بمصر عام .1946
( ((7في القرآن« :وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا» (سورة مريم،
اآلية الرابعة).
أيضا ابن
( ((8القصة منسوبة إلى «القديس» يوحنا الالهوتي أو اإلنجيلي والمسمى ً
زبدي ...وقد وجدت باللغات السريانية ،اليونانية ،العربية ،الحبشية ،الالتينية ،الجيورجية،
األرمنية والسالفية .زاد في تأثير هذه القصة على الشرق والغرب أن العهد الجديد ال يذكر نهاية
مريم ،كما أنها القصة الوحيدة التي ُيستند إليها في القراءة الليتورجية وفي العقيدة التي تقول
بصعود منفصل للروح والجسد.
103 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
المسيح وغضب جدً ا لما فعل اليهود به ،وأنه عزم على مقاتلة اليهود إال
أول إلى الملك طيباريوس لئال تستعر الحرب بينهما... أنه رأى أن يكتب ً
كما طلب إليه أن يحاكم المذنبين .ولما قرأ طيباريوس الرسالة غضب
كثيرا وفكر في إهالك اليهود .علم سكان أورشليم بأمر الرسالة فرجوا ً
طيباريوس أال يهلك أورشليم ،وسألوه أن ينذروا مريم فأمرهم بالتصرف
برفق حيالها .ثم ذهب الكهنة إلى مريم ورجوها لئال تذهب إلى القبر
ثانية ،أو فلتذهب إلى بيت لحم لئال يحدث صخب بين الناس .رفضت
كثيرا ولكنهم عادوا في اليوم التالي مكررينمريم طلب اليهود فغضبوا ً
طلبهم ،فقبلت مريم وبعد أربعين يو ًما جمعت رفيقاتها وأخبرتهن بأمر
رحيلها إلى بيت لحم لتسكن هناك».
(((8
عذارى يتبعن مريم
«فعرضت ثالث عذارى ممن يخدمن مريم بأن يذهبن معها،
وهؤالء كن يعاين معجزاتها ،وعندما كان األمر كذلك ظهر المالك
ليل وقال لها« :ال تخافي من الذهاب إلى بيتجبرائيل للعذراء مريم ً
لحم وامكثي فيها إلى أن تعايني الرب» .ولما حل النهار قالت مريم
للعذارى« :اخرجن يا بناتي» .وكان ذلك يوم العيد الخامس .وصنعت
الطوباوية مريم معجزات كثيرة حتى أن بيت لحم كلها صارت تسبحها،
وكان يزورها نسوة من كل البلدان ،من سوريا ،ومصر ،واإلسكندرية...
وكن يقدمن لها الهدايا ويطلبن بركتها وصلواتها .وشفت مريم امرأة
بها شيطانان ،وابنة ملك اإلسكندرية التي كانت مكسوة بالقروح .كما
شفت امرأة بها مس شيطاني ...وكانت الشياطين تخرج معترفة بقدرة
مريم .وكان عمر العذراء تسعة وخمسين عا ًما :منذ والدتها حتى دخولها
الهيكل 3سنوات ،وبقيت أحد عشر عا ًما وثالثة أشهر في الهيكل ،ثم
( ((8بحسب قصة نياح مريم في إنجيل يوحنا األبوكريفي ( ُينظر فيما يلي)
برنابا وأناجيل أخرى 104
أمضت ثال ًثا وثالثين سنة مع الرب يسوع عندما كان على األرض ،وبعد
صعوده انقضى أحد عشر عا ًما .وهكذا مجموعها تسعة وخمسون عا ًما».
-6عن مريم المجدلية
يرد ذكر مريم المجدلية 12مرة في األناجيل أي أكثر من أي تلميذ
آخر من تالميذ المسيح .في إنجيل يوحنا المكتوب حوالى العام -90
95تكون المجدلية أول من يرى المسيح بعد «قيامته» من القبر فيكلفها
بتنبيه التالميذ .وقد أضيفت هذه الحادثة إلى إنجيل مرقس في القرن
الرابع .وكانت كنيسة روما تعتبر منذ عهد غريغوريوس األول في القرن
السادس أن مريم المجدلية هي نفسها مريم من بيت عنيا وهي نفسها
مريم الفاسقة الخاطئة التي تغسل المسيح بالعطور والطيب .ثم تخلت
الكنيسة الرومانية عن هذا الوصف بعد قرارات المجمع الفاتيكاني
الثاني ( )1965وصارت مريم المجدلية قديسة وعيدها يوم 22تموز/
يوليو ،في حين أن عيد مريم من بيت عنيا وأختها مرثا في 29تموز/
يوليو .أما الكنيسة األرثوذكسية ومنذ عهد يوحنا الذهبي الفم فهي تميز
بين الشخصيات الثالث هذه.
وبحسب الشائع في األدبيات المسيحية فإن اسم المجدلية يرجع
إلى كلمة مجدل األرامية أو مغدال العبرية وتعني البرج .هذا ما كتبه
الكثيرون من آباء الكنيسة حيث يرد ذكر مريم المجدلية في مواعظهم
باعتبارها البرج أو القلعة الحصينة لإليمان المستقيم( .((8ولكن الكثير
من الكتابات المسيحية الرسمية تذكر أن اسم المجدلية نسبة إلى بلدة
اسمها المجدلة Magdalaالتي ال تشير أي مصادر تاريخية إلى وجودها
في زمن المسيح وحتى القرن الثاني للميالد .فلم توجد أي بلدة على
ضفاف طبريا بهذا االسم بحسب العهد القديم .أما في العهد الجديد
(األناجيل) فنرى في إنجيل متى ذكر لمنطقة اسمها بحسب الترجمات
الغربية كلها ماغادان Magadanالتي تصير في الترجمات العربية المعتمدة
«مجدل»( .((8لكن إنجيل مرقس وهو مكتوب قيل إنجيل متى يسمي
الموقع المذكور دلمانوثة( .((8ونجد أقدم مصدر يذكر مدينة المجدل
في التلمود حيث يرد االسم «مغدال زابعايا »Migdal Zab’ayyaأو «مغدال
نونيا .((8(»Migdal Nuniaونص المشنا الذي يتضمن هذا المبحث
المسمى بيساشيم (أضاحي الفصح) كتبه الرابي يهودا الناسي حوالى
العام .220-200ويعتبر الباحثون أن مدينة المجدل العربية التي دمرها
الصهاينة في عام 1948هي نفسها مدينة مغدال زابعايا الوارد ذكرها في
التلمود وبالتالي فهي مدينة المجدل .وبعض النقاد اعتبر أن اسم مريم
المجدلية سببه أنها كانت تملك عدة حصون أو أبراج لقصور .واعتبر
غيرهم أن أحد هذه القصور كان قرب مدينة المجدل وأنه بالتالي أصل
تسمية المغدال الواردة في التلمود(.((8
يتمسك الموروث المسيحي إذن بالقول إن قرية المجدلة تبعد مسيرة
يوم عن بحيرة طبريا بحسب الجغرافيا اإلنجيلية وقيل إنها قرية المجدل
الفلسطينية اليوم على ضفاف طبريا .وبحسب البعض فإنها كانت مدينة
غنية تضم حوالى 80ورشة نسيج للصوف الرفيع .وما يدل على غناها
أنها كانت واحدة من 3مدن فلسطينية كان يتم نقل مساهماتها الدينية
السنوية للمعبد في القدس بالعربات الكبيرة .وبحسب التواريخ القديمة
ُخو ِم َم ْجدَ َل( .متى )39 :15 الس ِفين َِة َو َجا َء إِ َلى ت ُ ِ
وع َو َصعدَ إِ َلى َّ
ف ا ْل ُج ُم َ(ُ ((8ث َّم َص َر َ
الس ِفينَ َة َم َع ت ََالميذه َو َجا َء إِ َلى ن ََواحي َد ْل َمانُو َث َة(.مرقس )10 :8
ِ ِ ِ ِ
َّ ل َ خَ ِ ِ
(َ ((8ول ْل َو ْقت َ
د
(Pesachim 4, 30d & Pesachim 46a., in: Stuart S. Miller, Sages and Commoners ((8
in Late Antique ‘Ereẓ Israel, p. 153.
Simon Claude Mimouni, Le Judaïsme ancien du VI siècle avant notre ère au III (((8
siècle de notre ère, Paris, 2012, éd. PUF, p. 148.
برنابا وأناجيل أخرى 106
(Alfred Edersheim: The Life and Times of Jesus the Messiah, (2 vols.,1883; ((8
condensation in one volume, 1890)., Wm. Edermans, Grand Rapids, Mich., 1979.
مؤلف الكتاب ألفرد إدرشايم ( )1889-1825يهودي تنصر وأصبح من المختصين
بالدراسات الكتابية واشتهر بكتابه اآلنف الذكر.
( ((8إنجيل لوقا 3-2 :8
(Gerald Messadié: L’Homme qui devint Dieu: les Sources; Robert Laffont, Paris ((8
1989; p.117
( ((9الهستيريا (الهراع) ) (Hysteriaهي مرض نفسي عصابي تظهر فيه اضطرابات
انفعالية مع خلل في أعصاب الحس والحركة وهي عصاب تحولي تتحول فيه االنفعاالت
المزمنة إلى أعراض جسمية ليس لها أساس عضوي وهي تحدث عند الفرد الهستيري بهدف
الهروب من الصراع النفسي أو من القلق أو من موقف مؤلم من دون أن يدرك هو الدافع لذلك.
ومن سمات الشخصية الهستيرية :العاطفية الزائدة ،والقابلية الشديدة لإليحاء ،والمسايرة،
وحب المجاملة والمواساة واالنفعالية ،وتقلب المزاج ،وعدم النضج ،وعدم التحكم في
وأيضا التمركز
االنفعاالت ،والسذاجة ،وسطحية المشاعر ،وعدم النضج النفسـي الجنسـيً ...
حول الذات ،واألنانية ،ولفت األنظار ،واستدرار العطف ،واالعتزاز بالنفس وحب الظهور،
وأيضا االعتماد على اآلخرين ،والتوكل ،واالنقياد ،والشعور
واالستعراض ،وعدم االستقرارً ،
بالنقص...والمبالغة والتهويل واالستغراق في الخيال ،والسلوك يكون أقرب إلى التمثيل
واالستعراض والتكلف واالندفاع وعدم النضج.
107 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
( ((9
Norbert Sillamy: «Dictionnaire de Psychologie», Larousse, Paris 2010
وأيضا في اإلصحاح 1-8 :12
ً 1-6 :11 اإلصحاح يوحنا، إنجيل (((9
( ((9إنجيل لوقا ،اإلصحاح 38-42 :10
برنابا وأناجيل أخرى 108
القبر وتدهنه بالطيب والعطور .ثم إن المسيح ظهر لها وحدها من دون
غيرها بعد خروجه من القبر ...كل هذا يطرح أسئلة كثيرة ال تجيب عليها
األناجيل ما سمح بانتشار القصص والحكايات حول مريم المجدلية
وصلتها المزعومة بالمسيح.
ففي إنجيل مريم المجدلية( ((9نقرأ صرا ًعا بين مريم هذه وبقية
وخصوصا بطرس ،كما نقرأ تصعيدً ا لمريم المجدلية
ً تالميذ المسيح
بحيث اعتبرت من التالميذ ال بل صاحبة إنجيل هو نفسه إنجيل توما
األصلي:
«وما أن قالت مريم ذلك حتى صمتت ..كما لو أن المخ ّلص كان
يك ّلمها حتى ذلك الحين ..وقال أندراوس« :أيها األخوة ،ماذا ترون
في هذه األقوال؟ بالنسبة لي ،أنا ال أعتقد بأن المخلص قال هذا الكالم
الذي ال يبدو متواف ًقا مع فكره» ..وقال بطرس« :أكان من أجل أن يسمعه
سرا من دون
الجميع ،أن الرب ،وقد سئل هذه األسئلة ،تحدّ ث إلى امرأة ً
علمنا؟ إال إذا كان يريد أن يقول لنا بأنها تستحق تقديره أكثر منا نحن!...
المخ ّلص ..»..فقالت مريم لبطرس ،وهي تبكي :بطرس يا أخي! بماذا
تفكر؟ أتعتقد أن ما أقوله هو مجرد هلوسات مني أنا؟ أو بأنني قد أخون
المخ ّلص؟» ..وقال الوي (وهو متّى كما نعلم) لبطرس« :يا بطرس أنت
( ((9وهو أبوكريفي (منحول بحسب الكنيسة ومخفي بحسب ترجمة الكلمة اليونانية)
وغنوصي (عرفاني باطني) يعود إلى القرن الثاني ،ولم تصلنا منه سوى شذرات بالقبطية وأخرى
باليونانية ،تعود إلى برديات اكتشفت في مصر عام 1934وتسمى «برديات إغرتون» وهي اليوم
ملك المتحف البريطاني .وهذه البرديات موجودة ضمن مجموعة رايالندز Rylands Papyriالتي
تضم آالف األوراق البرديات ومنها 500بردية قبطية وحوالى األلف عربية ..ومن بين األلفي
بردية باللغة اليونانية هناك مقاطع وشذرات من أناجيل مخفية مثل إنجيل يوحنا؛ ولكن أشهرها
هي البردية رقم 463والتي تحمل اسم إنجيل مريم...وال تذكر البردية أهي مريم المجدلية أم
مريم ُأم يسوع المسيح
109 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
دائما متأهب لالحتداد ،وأنت في هذه اللحظة تناقش هذه المرأة كما لو ً
أهل ،فمن تكون أنت لتح ّقرها؟ وفي عدوها .إذا بدا للمخلص أنها ُّ أنك ّ
ُتمم ما ُأمرنا به،
كل حال فهو أحبها بالتأكيد إذ رآها .لنخجل باألحرى ولن ِّ
لنبشر باإلنجيل من دون أن نحذف ونحن نحمل رداء اإلنسان الكاملّ ،
وال نضيف شي ًئا إلى تعليمه .»..وإذ تكلم هكذا ...مضى الوي وأخذ
يبشر باإلنجيل بحسب مريم».
� -7أ�ساطير حول مريم المجدلية
في القرن الثالث عشر انتشر كتاب بعنوان «األسطورة الذهبية»
قصصا
ً لصاحبه جاك دوفوراجين ((9(Jacques de Voragineجمع فيه
وحكايات لحوالى مئة وخمسين من «القديسين» بحسب األدب الديني
للقرون الوسطى .وورد ذكر مريم المجدلية من خالل أسطورة فرنسية
قروية تقول إن المجدلية أبحرت مع بعض التالميذ ووصلت إلى شواطئ
فرنسا عند بلدة اسمها اليوم «القديسات مريم على البحر Saintes-Maries-
»de-la-Merوهي قامت بالتبشير في المنطقة وعاشت حتى وفاتها زاهدة
ناسكة في مغارة تسمى اليوم مزار البلسم المقدس Sainte-Baumeعند
تلة البلسم المقدس Massif de la Sainte-Baumeوقبرها في بلدة «القديس
ماكسيمان عند البلسم المقدس »Saint-Maximin-la-Sainte-Baumeيحرسه
الرهبان الدومينيكيون وهو يعتبر ثالث أقدس القبور في المسيحية(.((9
في كتابهما «الله ،الرجل والمرأة» ادعى الالهوتيان يورغن مولتمان
(Richard Atwood, Mary Magdalene in the New Testament Gospels and Early ((9
Tradition. Dissertation for the
attainment of the Doctor of Theology Degree from the University of Basel: 1993, p.
147-148.
André-Marie Gérard. Dictionnaire de la Bible (avec la collaboration d’Andrée Nordon-
Gerard et de François Tollu, P.S.S.), éditions Robert Laffont, coll. «Bouquins», 1989, p. 884.
Suzanne Tunc, Des femmes aussi suivaient Jésus. Essai d’interprétation de quelques
versets des évangiles, éd. Desclée de Brouwer, 1998, p. 41-42.
Xavier Léon-Dufour, Lecture de l'Évangile selon Jean, t. 4, coll. Parole de Dieu, (((9
Seuil, Paris 1996, p. 221.
111 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
المسيح ،وهذا يعني أنه من المستبعد أن يكون مجدلة اسم مكان أو مدينة
هي موطنها .إنها باألحرى صفة تعظيمية إجاللية لها تم ّيزها وتؤكد على
سماتها القدسية .وحين جرت ترجمة األناجيل إلى اليونانية انتقلت كلمة
مجدلة אלדגמ العبرية التي معناها «العظيمة والمفعمة بالقداسة» ليصير
معناها في القرن الرابع اوعن خطأ ،سم مكان .ويمكن تقديم الكثير من
(((10
الوثائق القديمة التي تؤكد كونها أم يسوع»
المجدلية في التلمود
هناك أمر غريب يرد في التلمود الذي يسمي مريم أم عيسى بأنها
مجدلة الشعر أي حالقة نسائية ...وهو أمر ينطبق على مريم المجدلية
التي نرى في سلوكها وحياتها بحسب األناجيل أنها كانت ً
فعل تقوم
باالعتناء بشعر النساء .ولعل اسم المجدلية يأتي من هنا وليس من اسم
قرية المجدلة .وبحسب التلمود فإن زوج مريم (أم عيسى) هو بافوس بن
يهوذا «الذي كان يغلق الباب على زوجه عندما يغادر المنزل» (جطين
أيضا
90أ) .وللتأكيد على أن بافوس هذا هو زوج مريم يقول التلمود ً
على لسان الرابي راشي« :بافوس بن يهوذا كان زوج مريم ،مجدلة شعر
النساء .وكلما كان يغادر منزله كان يوصدها في داخله حتى ال يتمكن
أي كان من الحديث معها .هذا ما أدى في نهاية المطاف إلى العداوة
بينهما وهو ما جعلها تخونه...قال كبير الحاخامات فافا :كانت من
مومسا مع نجار» (سنهدرين 106 ً ساللة الملوك والحكام ،ثم صارت
معاصرا
ً أ) ...ويكتب الحاخام ببي الذي عاش في القرن الرابع ولم يكن
لمريم أنه يتمنى موتها واندثار اسمها من ذاكرته .ويسأل عن سبب موت
أيضا وترك تلك المريم األخرى على قيد معلمة أطفال اسمها مريم ً
(39. Thierry Murcia, Marie appelée la Magdaléenne. Entre Traditions et Histoire. ((10
Ier - VIIIe siècle, Presses universitaires de Provence, Collection Héritage méditerranéen, Aix-en-
Provence, 2017, p. 338.
113 الباب الثاين :قضايا وإشكاليات أولية
الحياة ،فيقول التلمود« :عثر على مالك الموت في حضرة الحاخام ببي
بر أباي ،فقال المالك لخادمه :اذهب واحضر مريم ،مجدلة شعر النساء.
فذهب الخادم وأحضر معه مريم معلمة األطفال .فقال مالك الموت:
قلت لك أن تحضر مريم مجدلة شعر النساء .فأجابه الخادم :سأعيدها
بدل منها.لكن مالك الموت قال :بما أنك أحضرتها،وأحضر األخرى ً
فلتعد من الميتين إ ًذا( .حجيجه 4ب)(.((10
(((
-1الغنو�صية
جاءت تسمية الغنوصية Gnosticismمن الكلمة اليونانية حب
المعرفة γνωστικός gnostikosوهي مشتقة من γνῶσις gnōsisالتي تعني
طلب المعرفة (العلم والحكمة...إلخ )،ويقصد بها المعرفة الباطنية (أو
العرفان بمصطلح التصوف اإلسالمي) .وبحسب كمال الصليبي فإن
الترجمة الصحيحة لكلمة غنوصية بالعربية هي األدرية (وعكسها الال
أدرية) :يعني من يعرف في مقابل من ال يعرف .واعتقادي أن العرفان
ترجمة تعكس حقيقة الغنوص أي المعرفة الباطنية .والعرفان يفترض
وجود طائفة من الراسخين في العلم لديهم معرفة متخصصة ببواطن
األمور .والعارفون أو العرفانيون (الغنوصيون) طالبو المعرفة هؤالء
هم الذين يتوصلون إلى الحقيقة الكالنية المطلقة عن طريق بصيرتهم
((( عن منشأ الغنوصية والمشكالت المتعلقة بتاريخها أخذت معظم ما يرد هنا من
الموارد التالية:
Henri Charles Puech. Où en est le problème du gnosticisme ? Revue de l’Universitè de
Bruxelles, 39, 1934-1935, pp. 137ss
G. Windengren, Les origines du gnosticisme et l’histoire des religions, dans Le Origini
dello Gnosticismo (Studies in Thre History of Religions, XII), Leyde, 1967., p. 28-60
Jacques E. Ménard. Les origines de la Gnose. Revue des Sciences Religieuses, tome 42,
fascicule 1, 1968. pp. 24-38
G. Mac Rae, Gnosis in Messina, Catholic Biblical Quarterly, 28, 1966, pp. 322-333
فراس السواح« :الوجه االخر للمسيح :موقف يسوع من اليهود واليهودية واله العهد
القديم ومقدمة في المسيحية الغنوصية» ،دار عالء الدين للنشر والتوزيع والترجمة .دمشق،
.2004ص 67-66
خزعل الماجدي« :كشف الحلقة المفقودة بين أديان التعدد والتوحيد» .المركز الثقافي
العربي .الدار البيضاء وبيروت .2014 .ص 263-240
برنابا وأناجيل أخرى 118
الداخلية (الحظ اسم «بني معروف» الذي يطلق على الموحدين الدروز
وهم مسلك صوفي غنوصي أي عرفاني باطني).
الغنوصية كفكرة كانت موجودة في األديان الشرقية القديمة مثل
ديانات وادي الرافدين ووادي النيل .ويمثل اإلله الراعي دموزي((( في
الدين السومري أول إشارة رمزية غنوصية .فهو ينزل إلى باطن االرض
في الخريف والشتاء (العالم السفلي) ويصعد إلى السماء في الربيع .هذه
الدورة السماوية -األرضية لإلله دموزي (الذي نجده في تموز األكادي
والبابلي ،وأدونيس الفينيقي ،وأوزيريس المصري ،وأتيس الفريجي
وديونيسوس اليوناني) هي التي انطلقت منها فكرة البدء والمعاد
الهرمسية الح ًقا والتي شكلت أساس الفكر الغنوصي.
وفي إيران نجد خيو ًطا أخرى للغنوصية تتمثل في إله الخير والنور
(أهورا مزدا) أي اإلله األعلى ،وإله الظالم والشر(أهريمان) وهو اإلله
األسفل ،ويعادل الشيطان في الديانات االبراهيمية ،ويدور بينهما صراع
حتى ينتصر إله النور .هذه الثنائية ستؤسس للنظام الغنوصي الح ًقا.
كانت أفكار الغنوصيين ثيوصوفية((( سرية غامضة جدً ا نتيجة
أفكارا مختلفة من فلسفات وديانات عديدة .وكان أتباعها ً لخلطها
يخلطون الفكر اإلغريقي الهلنستي والمصري القديم مع التقاليد
(خصوصا الزرادشتية المنسوبة إلى الحكيم
ً الكلدانية والبابلية والفارسية
خصوصا
ً الفارسي زرادشت 630-553ق م) ،وكذلك اليهودية،
غير المعروف وغير المدرك الذي هو روح مطلق ،ولم تكن هناك المادة،
هذا اإلله السامي والصالح بثق منه ،أخرج من ذاته ،عد ًدا من القوات
الروحية ذات األنظمة المختلفة التي أسموها باأليونات ) ،(Aeonsقالت
أكثر فرقهم إنه بثق من ذاته 365أيونًا وكل أيون بثق من ذاته 365أيونًا
وهكذا إلى ما ال نهاية .هذه القوات المنبثقة من اإلله السامي كان لها
أنظمة مختلفة وأسماء مختلفة وتصنيفات وأوصاف مختلفة((( .وتكون
هذه األيونات مع اإلله السامي البليروما ) ،(Pleromaأو الملء الكامل،
دائرة الملء اإللهي .وأن هذا اإلله السامي الذي أخرج العالم الروحي من
ذاته لم يخلق شي ًئا ،فهو ليس خالق الكون المادي ،بل الذي خلق الكون
المادي إله أقل من اإلله السامي غير المدرك .وقد بثق اإلله السامي من
ذاته االبن ،الوحيد الجنس ،ثم مجموعة من األيونات (العوالم الروحية
= الحكام الروحيين = آلهة +سماوات روحية وعوالم روحية) .ومن
هذه األيونات قامت الحكمة ،صوفيا ) ،((((Sophiaالتي بثقت ،أخرجت،
من ذاتها كائنًا واع ًيا ،هو الذي خلق المادة والعوالم الفيزيقية ،وخلق كل
شيء على صورته .هذا الكائن لم يعرف شي ًئا عن أصوله فتصور أنه اإلله
الوحيد والمطلق ،ثم اتخذ الجوهر اإللهي الموجود وشكله في أشكال
أيضا بالديميورج )( (Demiurgeواألصل باليونانية عديدة ،لذا يدعى ً
ديميورغوس) ،الصانع ونصف الخالق والخالق المهندس .فالخليقة
مكونة من نصف روحي ال يعرفه هذا الديميورج ،نصف الخالق ،وال
حكامه(.((1
مكون من عنصرين عنصر إلهي منبثق
ومن هنا فقد آمنوا أن اإلنسان ّ
من الجوهر اإللهي لإلله السامي ويشيرون إليه رمز ًيا بالشرارة اإللهية،
وعنصر مادي طبيعي فاني .ويقولون إن البشرية بصفة عامة تجهل
الشرارة اإللهية التي بداخلها بسبب اإلله الخالق الشرير وأرخوناته
(حكامه) .وعند الموت تتحرر الشرارة اإللهية بالمعرفة ،ولكن إن لم
يكن هناك عمل جوهري من المعرفة تندفع الروح ،أو هذه الشرارة
اإللهية ،عائدة في أجساد أخرى داخل اآلالم وعبودية العالم(.((1واعتقد
بعضهم بالثنائية ) (Dualismاإللهية أي بوجود إلهين متساويين في القوة في
هذا الكون :إله الخير ،الذي خلق كل الكائنات الروحية السمائية ،وإله
الشر الذي خلق العالم وكل األشياء المادية .وربطوا بين إله الشر وإله
العهد القديم .وقالوا إن المعركة بين الخير والشر هي معركة بين مملكة
النور ضد مملكة الظالم .واعتقد بعضهم اآلخر أن إله الخير خلق الروح
وقد وضعها إله الشر في مستوى أدنى في سجن الجسد المادي الشرير.
وهكذا فإن هدف البشرية هو الهروب من سجن الجسد المادي الشرير
خاصا بهم فهما ً والعودة إلى الالهوت أو التوحد مع إله الخير .وقد فهموا ً
يح َعن َأرك ِ ِ
َان ا ْل َعا َل ِم، قول «القديس» بولس« :إِ ًذا إِ ْن ُكنْت ُْم َقدْ ُمت ُّْم َم َع ا ْل َمس ِ ْ ْ
ون فِي ا ْل َعا َل ِم؟ ُت ْف َر ُض َع َل ْيك ُْم َف َر ِائ ُض :الَ ت ََم َّس! َوالَ َف ِل َما َذا ك ََأ َّنك ُْم َع ِائ ُش َ
ب َو َصا َيا َاء فِي االستِ ْعم ِ ت َُذ ْق! والَ تَجس! ا َّلتِي ِهي ج ِميعها لِ ْل َفن ِ
الَ ،ح َس َ ْ َ َ َ َُ ُ َّ َ
اضعٍَ ،و َق ْه ِر َّاس ،ا َّلتِي َل َها ِحكَا َي ُة ِحك َْم ٍة ،بِ ِع َبا َد ٍة نَافِ َل ٍةَ ،وت ََو ُ َو َت َعالِي ِم الن ِ
يم ٍة َما ِم ْن ِج َه ِة إِ ْش َبا ِع ا ْل َب َش ِر َّي ِة»(.((1 ِ ِ
ا ْل َج َسدَ ،ل ْي َس بِق َ
وتكمل أسطورة الخلق الغنوصية ،وذلك من خالل ما جاء في
الكتب األبوكريفية ،المكتشفة في نجع حمادي سنة 1947م ،.وما
كتبه آباء الكنيسة في القرون الثالثة األولى ،وبخاصة ما كتبه معاصرهم
«القديس» إيريناوس أسقف ليون سنة 180م .ففيها الكثير المأخوذ من
أسطورة الخلق عند أفالطون( ((1مع مزجها بما جاء في سفر التكوين .وهي
تتحدث عن المسيح (أو الممسوح)؛ والذي تصفه بالكائن الميتافيزيقي،
اآلتي من عالم ما وراء الطبيعة وظهر في هيئة إنسان أو شكل جسد نجمي
أو أثيري ولم يتخذ الجسد المادي ألنه شر .وقال عدد قليل منهم إن
المسيح إله نزل من السماء وتوحد مع يسوع الناصري .وعن وجود ما
يسمى بالمنيرين األربعة :هارموزيل ) (Harmozelوأورويائيل )(Oroieal
أو آداماس ،أي آدم السمائي؛ شيث الذي هو النموذج السمائي البن آدم؛
الذرية السمائية لشيث ونماذج الكنيسة الغنوصية.
ثم تتحدث ،أسطورة الخلق ،عن خليقة الكون المادي؛ بعد اكتمال
انبثاق الكون الروحي ولكي تستمر الخليقة فوق كل حدود الوجود
الروحي وجد الصانع ،الديميورج .)Demiurge -ثم يقولون إنه ،صانع
أيضا يالدابوث ،ويقولون إنه صنع كونًا مرك ًبا من
العالم ،ويسمونه ً
أيونات(عوالم) مادية ،أي كواكب ونجوم وسالطين وقوات وأرواح
ومالئكة...إلخ .هذا الصانع للكون الذي يصفونه بأنه منقوص بالجهل
واألنانية شعر بجاذبية طبيعية تجاه العوالم الروحية ،ويقولون إن هذه
أيضا اختبرها كجهل وأنانية ورغبة شهوانية المتالك الالهوت
الجاذبية ً
ليفسده( .((1ووصفوا يالدابوث هذا وأتباعه من السمائيين «الحكام»
-2الهرم�سية
هي مجموعة أفكار ومعتقدات ومجموعة من النصوص دونت
بين القرن الثالث ق .م والقرن الثالث بعده .وتنقسم إلى كتابات هرمسية
شعبية ،وهي األقدم ،واألدب الهرمسي الموسوم بالعلمي .ويرجح
البعض كتابة النصوص الهرمسية الشعبية بحدود القرن الثالث ق .م.
أما األدب الهرمسي والفلسفة الهرمسية فقد ظهرت في القرن الثاني
بعد الميالد في األجواء الهلنستية .وبحسب ميرتشيا إلياده فإن األدب
الهرمسي يبدو مصر ًيا(.((1
وحكيما
ً تنسب الهرمسية إلى هرمس المثلث العظمة :ألنه كان نب ًيا
وملكًا .وربما كان لكل أمة قديمة هرمسها .فهو عند المصريين اإلله
B. D. Ehrman, ‹Christianity Turned on its Head: The Alternative Vision of the (((1
Gospel of Judas›, in: Kasser, et al. (eds.). The Gospel of Judas, pp. 77-120 (85).
( ((1انظر ،ميرتشيا إلياده« :البحث عن التاريخ والمعنى في الدين» ،ترجمة سعود
المولى ،المنظمة العربية للترجمة ،بيروت 2007
125 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
تحوت أو طوط ،وعند السومريين أنميدار آنا ،وعند الفرس اإلله أهورا
مزدا ،وعند اإلغريق اإلله هرمس ،وعند اليهود أخنوخ وعند المسلمين
بحسب القرآن هو إدريس.
وليس معرو ًفا إن كانت تعاليم هرمس مدونة منه مباشرة بل األرجح
أنه جرى تدوينها في القرون الثالثة قبل الميالد في العصر الهلنستي في
مصر وتحديدً ا في اإلسكندرية .وظهرت هذه المدونات كمرجع أساس
لمدونات أخرى باليونانية والالتينية والسريانية ثم العبرية والعربية؛ وهي
نصوص ليست أصلية أبدً ا فقد طوى الدهر هرمس ماقبل الطوفان في
حدود 3000ق.م.
السعي للوصول إلى اإلله الذي في اإلنسان وليس اإلله الذي في خارجه
(ملكوت الله في داخلكم/إعرف نفسك)(.((1
( ((1يرى كمال جنبالط أن العرفان «هو مسلك قديم متصل متجدد ،فهو مسلك
صوفي حكمي ذوقي نمشي اليه وننجذب في آن واحد .فليتقي الطالب والمطلوب في جذب
من فناء إلى بقاء ،ومن عقل متبدّ ل إلى يقظة ال تبدأ وال تتبدل وال تزول .فهو بين الشغاف
والقلب ،وبين الدمع والجفون» .هذا التوحيد المحض يسميه كمال جنبالط «مسلك األحدية،
وهو ليس نظا ًما دين ًيا ،بل هو الحقيقة تشير وتقود إلى الحقيقة ،فال تدخل في أي اختالف أو
مشاحنة مع أي دين أو معتقد ...وال تختص بأي دين معين ...ولكن تتعداها جميعها ،وهي في
الواقع تتميم وتكملة لجميع األديان ،ال بل هي التي تعطي الحياة لجميع األديان» ...على ما
يقول معلمه الفيدنتي أتماناندا ...وبحسب كمال جنبالط يتصل مسلك الحكمة والتوحيد ويمتد
«إلى ما قبل األلف الثالث قبل المسيح ،إلى أمحوتب العظيم ،ومنه إلى فالسفة اليونان األقدمين،
ما بين سقراط وأفالطون ،وأفلوطين ،على جمعيهم السالم -كما يقول كمال جنبالط -ومن ثم
إلى اآلسينيين ،أولئك المتصوفة النساك الذين عاشوا قبل المسيح ،ومنهم إلى عيسى ومحمد،
ً
وصول إلى ذلك الكائن ومن بعدهما إلى سلمان الفارسي ،فإلى إخوان الصفا وخالن الوفاء،
العجيب الذي لم يبلغ سنه السادسة والثالثين عندما احتجب وغاب و ُيكنى في صحفهم
بالحاكم الحكيم ،فإلى حمزة بن علي سالم الله عليه الذي هو سيد من أسياد المسلك العرفاني
الحكمي التالد ومن أعظم الشخصيات القيادية التي عاشت بيننا ...كل هذا االتصال واالمتداد
في سلسلة ذهبية مشعة من األقطاب وذوي المنزلة منذ ألف الدينا إلى غاية يائها ،هي الدافع إلى
السعي الدائم نحو العلم ونحو التفقه في الدين ونحو اكتشاف حقيقة األشياء( ...كمال جنبالط:
«محاضرة في تفهم مصادر وأصول الحكمة والعرفان» ،وهذا النص نشر كمقدمة لكتاب سامي
مكارم« :أضواء على مسلك التوحيد:الدرزية» .الدار التقدمية ،الطبعة األولى .1966انظر طبعة
2006الصفحات 7إلى )77
127 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
الله ساكن فيكم « -الرسول» بولس) .ويقول الحالج (أنا الحق والحق
أنا) أي (أنا هو الله) .هاهنا يصل اإلنسان إلى مرحلة الكشف واإلشراق.
وعند الهرامسة يستطيع اإلنسان بمساعدة المعرفة (الغنوص أو
إلها وعلى اإلنسان أن يتحرر من جسده ويعود غري ًبا العرفان) أن يصبح ً
إلى العالم بهدف إكمال والدة األلوهة .وعلى ذلك فان اإلنسان الذي
يولد والدة جديدة يحوز جسدً ا خالدً ا ألنه (ابن الله) وهذا الكالم يتفق
مع فكر «الرسول» بولس في رسائله.
من أشهر المدونات اإلغريقية (رؤيا هرمس) والتي تعرف بـ «نص
بوامندريس» (يأتي الكالم عنه الح ًقا) .وتشكل هذه المدونة األساس
النظري للهرمسية الهلنستية التي ألقت بظاللها على التصوف المسيحي
واإلسالمي .أما الكتاب المقدس لهرمس فيبدو أنه كتاب منحول،
وقد ظهر في صحائف إدريس التي أوردها العالمة الشيعي محمد باقر
المجلسي في كتابه الموسوعي (بحار األنوار)(.((1
-3الغنو�صية اليهودية الم�سيحية
إذا كان الخالص عند اليهود يكون بااللتزام بشريعة موسى وعند
المسيحيين الكنسيين من خالل اإليمان بيسوع المسيح «ابن الله»،
( ((1بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار تأليف العلم العالمة الحجة فخر
األمة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي .الجزء الحادي عشر .مؤسسة الوفاء بيروت -لبنان
الطبعة الثانية المصححة 1403هـ 1983 -م ،ص 266- 257- 196 - 151 - 120وفي
الصفحة 270أن إدريس «هو جد أب نوح عليه السالم ،واسمه في التوراة أخنوخ ،وقيل :إنه
سمي إدريس لكثرة درسه الكتب وهو أول من خط بالقلم ،وكان خيا ًطا ،وأول من خاط الثياب،
وقيل :إن الله سبحانه علمه النجوم والحساب وعلم الهيئة وكان ذلك معجزة له «إنه كان صدي ًقا»
أي كثير التصديق في أمور الدين ،وقيل :صاد ًقا مبالغًا في الصدق فيما يخبر عن الله تعالى...
وقيل :إنه رفع إلى السماء السادسة ،كما رفع عيسى وهو حي لم يمت .».وفي الصفحة 284
يقول المجلسي إن «الصابئة تزعم أن إدريس هو هرمس ومعنى هرمس عطارد ،وهو الذي أخبر
الله في كتابه :إنه رفعه مكانًا عل ًيا».
برنابا وأناجيل أخرى 128
Elaine Pagels, The Gnostic Gospels, Vintage Books; 1979., p. l38-140 ( ((1
( ((2كما في اآلية الكريمة «وفي أنفسكم أفال ُتبصرون» ،وفي الحديث النبوي« :من
عرف نفسه فقد عرف ربه» ،وكما في القول المشهور عن علي بن أبي طالب:
دواؤك فيـك وما تُبصر وداؤك منـك ومـا تَشــعـر
وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم األكبر
(Luc Brisson (dir.), Timée: Platon, Œuvres complètes, Éditions Flammarion, ((2
2008
Pierre Pellegrin (dir.), Métaphysique: Aristote, Œuvres complètes, Éditions Flammarion,
2014
Stanford Encyclopedia of Philosophy, 25 Octobre 2005
http://archive.wikiwix.com/cache/?url=http%3A%2F%2Fplato.stanford.
edu%2Fentries%2Fplato-timaeus%2F
Gerald Messadié: L’Homme qui devint Dieu: Les source., Op.cit., p.109-115, (((2
124-126, 230-240
129 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
( ((3اإلصحاح ،8اآلية « :48أجابه اليهود :ألسنا على صواب في قولنا إنك سامري،
مسا من الشيطان؟»
وإن بك ً
( ((3أعمال «الرسل» ،اإلصحاح الثامن13-9 ،
برنابا وأناجيل أخرى 132
Iraeneus: Adversus Haereses, First Apology, Book V: Chapter 23 ( ((3
( ((3في الديانة الرومانية القديمة تحتل اإللهة سيمو سانكوس Semo Sancusموقع إلهة
الثقة واألمانة والصدق والوفاء بالعهود .وعبادتها هي من أقدم العبادات الرومانية .اكتشف
تمثال سيمو سانكوس في العام 1855حيث نرى اإلله شا ًبا عار ًيا يمد ذراعه األيسر (وهو
مكسور في طرفه) ولعله كان يمسك بشيء مقدس وعيناه واسعتين كبيرتين .وكان يوجد في
روما معبد آخر باسم سيمو سانكوس على نهر التيبر قرب معبد جوبيتر وكان عليه كتابة فسرها
يوستينوس الشهيد (أو الفيلسوف أو النابلسي) في القرن الثاني على أنها للتمثال أو الصنم
المخصص من قبل كلود لسيمون الساحر .أدى اكتشاف هذه الكتابة في العام 1574بالمؤرخين
إلى القول بأن يوستينوس الشهيد قد التبس عليه األمر بين سيمو سانكوس وسيمون الساحر أو
المقدس.
Charles Daremberg, Edmond Saglio, Edmond Pottier. Article «Semo Sancus» du
«Dictionnaire des Antiquités grecques et romaines. Hachette, Paris, publication entre 1872 et
1911.
برنابا وأناجيل أخرى 134
أول ،ثم وصل صيته إلى روما حيث أقيم صناعة المعجزات في السامرة ً
له تمثال في نهر التيبر (أسفل الفاتيكان بمسافة قريبة) بين قنطرتين ونقش
عليها بالالتينية (سيمون اإلله القدوس) .ادعى النبوة ً
أول ثم ادعى
األلوهية في السامرة وتبعه أغلب أهلها( .((3اصطحب سيمون امرأة من
صور اسمها (هيالنة) وادعى أنها من بنات أفكاره وأنها (الفكرة األولى)
التي ظهرت منه وأنها أم كل األشياء ،وبها خلق المالئكة والعالم وقد
وضعها العالم في جسد بشري ومنعها من الرجوع إليه فصارت غانية
ضالة .وجاء سيمون ليخلصها من سجنها المادي .وكان يطلب من
الناس أن يتبعوه معها حتى يهتدوا إلى الخالص .فهو كان يقلد سيرة
المسيح ويتشبه به وبمعجزاته وشفاء الناس .حتى أن هيالنة كانت نظيرة
مريم المجدلية في حياة عيسى عند الغنوصيين.
ويقال إنه حاول الطيران لكنه سقط وأصيب بكسور .وحاول
الصعود إلى السماء في عربة ذات لهب فسقطت وانكسرت رجله.
ولذلك ألقى بنفسه من على جبل ومات .وهناك من يرى أنه طلب أن
يدفن ح ًيا في آخر حياته حتى يقوم بعد ثالثة أيام ،ولكنه لم يقم ومات
في قبره.
تأثر سيمون بالغنوصية الوثنية المبكرة وبالسحر ،ورسم سفر
بطرس المنحول له صورة أخرى وهو يتبارى مع «الرسول» بطرس في
روما ويستطيع الطيران فوق روما والتجول في سمائها .كان له تلميذان
في السامرة هما (نياندرو ودوسيتوس) اللذان غادرا أنطاكية بعد أن نشرا
الغنوصية المسيحية فيها.
وثمة ما يشير إلى أن سيمون ينحدر من ساللة كلدانية قدمت إلى
السامرة ولم يكن يهود ًيا بل كان بابلي الديانة ،وتخالط ديانته ثقافة
تلميذا ليوحنا المعمدان وقضى معظم ً فضل عن أنه كان ً زرادشتية،
طفولته في مصر .في هذه الفترة انتشرت األخبار عن تعاليم (اآلسينيين).
وكان هؤالء يعتنون بتربية األطفال والصبيان وفق تعاليمهم الزهدية
والرافضة للديانة اليهودية التقليدية والداعين إلى ديانة عالمية .ويبدو أن
يوحنا المعمدان وبطرس وفيلبس وبولس كانوا ممن انضم إلى حركة
اآلسينيين في البداية.
( ((4المرجع السابق نفسه ،رسالته إلى إزمير (سميرنا) .الفصل الثاني
( ((4المرجع السابق نفسه ،رسالته إلى أهالي إزمير .الفصل الرابع
Christianity Turned on Its Head: op.cit., p.88. ( ((4
( ((4هيبولي ُطس« :دحض جميع البدع» .من الترجمة اإلنكليزية في مجموعة آباء
الكنيسة المعارضين لمجمع نيقية:
The Complete Ante-Nicene Church Fathers Collection [9 Volumes]. Catholic Way
Publishing (Editor), Philip Schaff (Translator)., vol:5., p. 122
برنابا وأناجيل أخرى 138
( ((4
F.F. Bruce, Second Thoughts on the Dead Sea Scrolls. Paternoster Press, 1956
( ((4أحمد سوسة :مفصل العرب واليهود في التاريخ ،الطبعة ،5بغداد «دار الرشيد»
1981م
(Hillel Newman: «Proximity to Power and Jewish Sectarian Groups of the ((4
Ancient Period. A Review of Lifestyle, Values, and Halakha in the Pharisees, Sadducees,
Essenes, and Qumran». Series: The Brill Reference Library of Judaism. Volume: 25. 2006
( ((5اعتبرت الباحثة اإلسرائيلية ريتشل إليور ،أستاذة التصوف اليهودي في الجامعة
العبرية بالقدس بأن «اآلسينيين» ،الذين يفترض بأنهم كتبوا نصوص مخطوطات البحر الميت،
التي يرجع تاريخها إلى القرن األول الميالدي وتعتبر أقدم األدلة المدونة للكتاب المقدس ،غير
موجودين من األساس ،وهو األمر الذي يناقض أساسيات التاريخ الديني بالعهد القديم
المشترك لدى المسيحيين واليهود .وقالت إن المجموعة اليهودية المعروفة باسم «اآلسينيين»،
والتي يرى مؤرخون أن أفرادها قاموا بتدوين مخطوطات البحر الميت ،ما هي إال تلفيق من قبل
المؤرخ الروماني اليهودي ،يوسيفوس فالفيوس ،خالل القرن األول الميالدي .وأضافت إليور
139 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
أن تقارير يوسيفوس الخاطئة ،التي رغب من خاللها المباهاة بوجود مجموعة يهودية تعادل من
حيث قيمها وعاداتها سكان إسبارطة التاريخية ،التي كان الرومان يجلون قيمها ،انتقلت على مر
القرون ،مما أدى إلى تحولها إلى وقائع .وأوضحت إليور أن المخطوطات ،لم تذكر أي نوع من
المعلومات عن المجموعة ،لم يرد اسمها مطل ًقا ،وأضافت« :لقد أضعنا 60عا ًما في محاولة
للعثور على معلومات عنهم ..إنها أساطير بنيت على أساطير» .اعتمدت إليور في موقفها الذي
هز األوساط األكاديمية على مواصفات اآلسينيين كما وردت في المصادر القديمة ،ومنها
امتناعهم عن التزاوج ،فاعتبرت أنه «من غير المعقول ،وجود مجموعة يهودية تضم آالف
األعضاء تمارس شعائر تناقض الدين اليهودي( ،الذي يحض على الزواج واإلنجاب) من دون
أن تشير الكتب اليهودية الصادرة في تلك الفترة إليها».
Ofri Ilan. «Scholar: The Essenes, Dead Sea Scroll ‘authors,’ never existed». Haaretz. 13
March 2009
Tim McGirk. «Scholar Claims Dead Sea Scrolls ‹Authors› Never Existed». Time. 16
March 2009
«Rachel Elior Responds to Her Critics». Jim West. 15 March 2009.
;Pliny the Elder. Historia Naturalis. Book V, Chapter 17 ( ((5
https://archive.org/stream/plinysnaturalhis00plinrich/plinysnaturalhis00plinrich_djvu.
txt
( ((5يوسيفوس فالفيوس (لغة التينية )Josephus Flavius :أو يوسيپوس (لغة يونانية:
)Ιώσηποςأو باسمه العبري األصلي يوسف بن ماتيتياهو )והיתתמ ןב ףסוי( ( 100-38للميالد،
ً
مؤرخا وعسكر ًيا يهوديي الدين رومان ًيا عاش في القرن األول للميالد واشتهر تقدير) كان أدي ًبا
بكتبه عن تاريخ منطقة يهوذا ،والتمرد اليهودي على اإلمبراطوية الرومانية والتي تلقي الضوء
على األوضاع واألحداث في فلسطين خالل القرن األول للميالد في حين انهيار مملكة يهوذا،
ظهور الديانة المسيحية والتغييرات الكبيرة في اليهودية بعد فشل التمرد ضد الرومان ودمار
الهيكل .وكتابه «تاريخ حرب يهوذا ضد الرومان» المعروف باختصار كـ «حروب يهوذا» ،صدر
أول ،ثم ترجمهفي عام 78للميالد باللغة اليونانية ومن المحتمل أن يوسيفوس كتبه باآلرامية ً
برنابا وأناجيل أخرى 140
إلى اليونانية ،غير أنه لم تبق منه إال النسخة اليونانية .في هذا الكتاب يسرد يوسيفوس أحداث
آخر أيام حكم الحشمونيين على منطقة يهوذا ،احتالل المملكة من قبل الرومان ،التمرد اليهودي
على الرومان وفشله حتى سقوط آخر تحصينات المتمردين في مسادا (مسعدة) .وكتابه «عاديات
يهوذا»صدر في عام 94للميالد باللغة اليونانية ويشمل ً 20
فصل ،يعرض تاريخ أتباع الديانة
اليهودية بحسب التراث والمصادر المتوفرة آنذاك .وكتابه «حياة يوسيفوس فالفيوس» صدر في
عام 99وهو قصة حياته .وكتاب «يوسيفوس فالفيوس بمواجهة أبيون» صدر في عام 97
وحاول فيه الدفاع عن مفاهيم الديانة اليهودية في وجه المفاهيم الرومانية المعاصرة له وهو
الكتاب الذي وردت فيه المعلومات الوافية عن األبيونيين.
Josephus. The Wars of the Jews. Book 2. Ch.8. 3 ( ((5
(G.L. Harding: Introductory: The Discovery. Qumran Cave 1. Oxford: Oxford ((5
)University Press (1997
141 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
( 150ق.م 30 -ق.م) وسكنوا خربة قمران( ((5قرب البحر الميت في
الكهوف والمغاور ،وفق شرائع محددة ملتزمة بالطهارة والعبادة وهي
تختلف عن بقية الفرق اليهودية اختال ًفا أساس ًيا في عقائدها وتقاليدها،
خاصا شديد التقشف؛ وأتباعها رجال ال نساء بينهم. اتخذوا نظا ًما نسك ًيا ً
ومن أهم مبادئهم أنهم يحرمون نظام الرق على عكس الفرق اليهودية
األخرى التي يقوم نظامها على الرق ،كما يحرمون الملكية الفردية
ويرفضون تقديم الذبائح والقرابين .أتباعها يغتسلون كل صباح في مياه
الينابيع الصافية ويعتمدون في معيشتهم على ما يزرعونه من الحبوب
والفاكهة وكانوا يستحضرون العقاقير ويجمعون الحشائش ويشتغلون
بشفاء الناس من األمراض ،وقد آمنت هذه الطائفة أن الله هو الخالق
الوحيد .استمرت هذه الجماعة قائمة إلى عام 68م حيث قضى عليهم
الرومان .وفي فرضية أخرى أن هذه الجماعة بدأت تنقرض قبل ذلك
التاريخ .وكان اآلسينيون قد نسخوا تراثهم وحفظوه في كهوف خربة
قمران في حوالى 400مخطوطة على أمل العودة إليها مرة أخرى.
إال ان حكم الحشمونين وهي أسرة يهودية ،عمل على إعادة العناصر
( ((5خربة قمران موقع أثري صغير الحجم ،يقع على شواطئ البحر الميت على مقربة
بضع كيلو مترات جنوبي أريحا في األراضي الفلسطينية المحتلة ،اكتسب شهرته العالمية بسب
عثور مخطوطات البحر الميت فيه ،وقبل العثور على المخطوطات لم يكن معرو ًفا إال عند
القليل من علماء اآلثار.
واختلف الباحثون على معنى قمران ،فبعضهم يرى أنه اسم عربي مشتق من كلمة ( ُقمرة)
أي لون البياض المائل إلى الخضرة نسبة للون أرضها الكلسية البيضاء الضاربة للون األخضر
لما يتخللها من النباتات المفيدة للرعي ،وآخرون يرون أن قمران مثنى قمر إذ يعكس القمر
ضوءه على سطح البحر الميت المجاور للمنطقة ،فيظهر وجهان للقمر ومنهما جاءت كلمة
قمران ،ويعتقد البعض اآلخر أن قمران نسبة إلى إحدى القبائل التي كانت تحمل اسم قمر التي
سكنت تلك المنطقة من البدو .لم يرد اسم قمران في الكتاب المقدس ،إنما من المرجح أن
قمران كانت تدعى (سكاكة) أو (مدينة الملح) المذكورتين في جدول مدن يهوذا وذلك في عهد
الملوكية في القرن الثامن قبل الميالد وعهد الهيكل الثاني (سفر يشوع )62-61 :15
برنابا وأناجيل أخرى 142
المعتقدات
طقوسا خاصة بها اتسمت بعدة
ً مارست هذه الجماعة (اآلسينيين)
سمات منها:
.1المعرفة بأسرار الكتاب المقدس.
.2االهتمام بالفلك والتنبؤ.
.3التطهر قبل األكل
.4كانوا مقسمين إلى 12مجموعة بقيادة رئيس يسمى (معلم
الصدق والمقصود معلم العدالة واالستقامة)
.5كانوا متخذين اللون األبيض كملبس لهم
هناك الكثير من االعتقادات بأن النبي يحيى بن زكريا/يوحنا
المعمدان قضى وقتًا مع فرقة اآلسينيين وأن عيسى نفسه كان من هذه
الفرقة(.((5
يجدر أن نذكر هنا أن كلمة اآلس العربية مطابقة للكلمة اآلكدية
(البابلية واآلشورية) «آسو» لف ًظا ومعنى ...وتعني في كل اللغات السامية
القديمة «الشجرة الطيبة الرائحة» ،وقد استخرج القدماء من هذه الشجرة
«زيت اآلس» الذي كان له استعماالت طبية كثيرة ...وتطلق كلمة
اآلسي على الطبيب في اللغة اآلكدية (البابلية واآلشورية) المأخوذة
أيضا ...وآ هي
من المصطلح السومري آ-زو أو يا-زو ويعني الطبيب ً
( ((5ينظر :طه باقر« ،من تراثنا اللغوي القديم :ما يسمى في العربية بالدخيل» .بيت
الوراق للطباعة والنشر والتوزيع ،بغداد .2010 ،ص 55-53
( ((5المصادر المسيحية الرئيسية التي تتحدث عن اإلبيونية واإلبيونيين هي الكتابات
التالية:
Epiphanius of Salamis, Panarion 29-30.
Eusebius, Church History 3.27.
Hippolytus, Refutation of All Heresies 7.22, 34; 9.13-17.
Irenaeus, Against Heresies 1.26.2, 3.11.7; 3.21.1, 5.1.3.
Justin Martyr, Dialog With Trypho 47.
Origen, Against Celsus 2.1.
Pseudo-Tertullian, Against All Heresies 11.
Tertullian, Prescription Against Heretics 33.
E.A. Cross & F.L. Livingston, (ed.). «Ebionites». The Oxford Dictionary of the (((5
Christian Church. Oxford University Press. 1989
برنابا وأناجيل أخرى 144
Robert Eisenman. James, the Brother of Jesus: The Key to Unlocking the Secrets of
Early Christianity and the Dead Sea Scrolls. Duncan Baird Pub.2002
A. F. J. Klijn and G. J. Reinink. Patristic Evidence for Jewish-Christian Sects. Leiden:
Brill, 1973.
G. Uhlhorn, «EBIONITES,» Philip Schaff, ed., A Religious Encyclopaedia or
Dictionary of Biblical, Historical, Doctrinal, and Practical Theology, 3rd edn., Vol. 2. Toronto,
New York & London: Funk & Wagnalls Company, 1894. pp.684-685.
Tim Hegg. «The Virgin Birth — An Inquiry into the Biblical Doctrine» TorahResource.
2007
https://www.torahresource.com/EnglishArticles/VirginBirth.pdf
Jeffrey Butz. The Secret Legacy of Jesus: The Judaic Teachings That Passed from
James the Just to the Founding Fathers, Inner Traditions. 2009
«بعد الدمار الذي خ ّلفته،)124 اإلبيونيون هم والناصريون واحد» (ص،«في الواقع
حيث ظلوا ينتظرون مع إخوانهم، كمجتمع في المنفى، نزح الناصريون إلى بيال،حرب اليهود
فلم يكن هناك فرق واضح بين الناصريين. وهناك أصبح من األفضل تسميتهم باإلبيونيين.اليهود
.)137 (ص،»تغييرا في عقائدهم الدينية
ً وال حتى،واإلبيونيين
Henry Wace & William Piercy. A Dictionary of Christian Biography and ((6(
Literature to the End of the
Sixth Century A.D., with an Account of the Principal Sects and Heresies. published by
John Murray, London, 1911
S. G. F. Brandon. The fall of Jerusalem and the Christian church: A study of the ((6(
effects of the Jewish overthrow of A. D. 70 on Christianity. London: Society for Promoting
Christian Knowledge; New York: Macmillan: 1968. (Wipf & Stock Pub; 2 edition: 2010)
Edward Gibbon. The History of the Decline and Fall of the Roman Empire. Random
House, NY. 2003. «Fall in the West», Vol 1, Ch. 15, p. 390–391.
Hyam Maccoby. ibidem ((6(
برنابا وأناجيل أخرى 146
سنة 375م ،رصد إبيفانيوس وجود تجمع لإلبيونيين في قبرص ،إال أن
ثيودوريطس نفى في منتصف القرن الخامس الميالدي وجود أي بقايا
لهم في هذه المنطقة(.((6
:(( الرابي بنيامين بن الرابي يونة التطيلي النباري اإلسباني اليهودي (المتوفى7(
دراسة، ترجمة عزرا حداد،م1173-1165/هـ569-561 رحلة بنيامين التطيلي:)هـ569
317-316 ص.2002 أبو ظبي، المجمع الثقافي،وتقديم عبد الرحمن عبد الله الشيخ
Marcus N. Adler. The Itinerary of Benjamin of Tudela: Critical Text, Translation ((7(
and Commentary. Phillip Feldheim. 1907, 70-72
Muhammad Al-Shahrastani (Author), William Cureton (Editor). Kitāb al-milal ((7(
wa-al-niḥal: Book of religious and philosophical sects, Printed for the Society for the
Publication of Oriental Texts, London. 1846., Volume 1., p. 167
Hans-Joachim Schoeps. Jewish Christianity: Factional Disputes in the Early Church.
Translation Douglas R. A. Hare. Fortress Press. 1969
J. Verheyden, Epiphanius on the Ebionites, in The image of the Judaeo- ((7(
Christians in ancient Jewish and Christian literature, eds. Peter J. Tomson, Doris Lambers-
Petry, 1969., pp. 188: «The vegetarianism of John the Baptist and of Jesus is an important issue
too in the Ebionite interpretation of the Christian life.»
Bart D. Ehrman. Lost Christianities: The Battles for Scripture and the Faiths We Never
Knew. Oxford University Press. 2003., p.102 - «Probably the most interesting of the changes
from the familiar New Testament accounts of Jesus comes in the Gospel of the Ebionites
description of John the Baptist, who, evidently, like his successor Jesus, maintained a strictly
vegetarian cuisine.»
Bart D. Ehrman. Lost Scriptures: Books that Did Not Make It into the New Testament.
Oxford University Press. 2003., p.13.
W.M. Ramsey. «The Tekmoreian Guest-Friends». Journal of Hellenic Studies. 1912.,
32: 151–170.
Exarch Anthony J. Aneed. Syrian Christians, A Brief History of the Catholic Church of
St. George in Milwaukee, Wis. And a Sketch of the Eastern Church. 1919
برنابا وأناجيل أخرى 148
�إنجيل الإبيونيين-�أ
.ذكر إيريناوس أن اإلبيونيين اعتمدوا على إنجيل متى حصر ًيا
بينما ذكر يوسابيوس القيصري بعد ذلك بأنهم استخدموا فقط إنجيل
من بينهم جيمس إدوارد، زعم عدد قليل من الباحثين، لذا.العبرانيين
أنهم تداولوا نسخة واحدة من اإلنجيل العبراني وهي،وإدوارد نيكلسون
»سمى «إنجيل اإلبيونيين
ّ وقالوا بأن ُم،نسخة متى من اإلنجيل العبراني
Geoffrey W. Bromiley. The International Standard Bible Encyclopedia (4 Volumes
complete). William B. Eerdmans Publishing Company; Grand Rapids, Mich., 1982., Vol II.
E-J, p.9: article «Ebionites» citing E.H.3.27.3 «There were others, however, besides them, that
were of the same name, that avoided the strange and absurd beliefs of the former, and did not
deny that the Lord was born of a virgin and of the Holy Spirit. But nevertheless, inasmuch as
they also refused to acknowledge that he pre-existed, being God, Word, and Wisdom, they
turned aside into the impiety of the former, especially when they, like them, endeavored to
observe strictly the bodily worship of the law.»
Albertus Frederik Johannes Klijn; G. J. Reinink. Patristic evidence for Jewish-Christian
sects. Leiden: Brill, 1973., p.42 «Irenaeus wrote that these Ebionites used the Gospel of
Matthew, which explains Theodoret’s remark. Unlike Eusebius, he did not link Irenaeus’
reference to Matthew with Origen’s remarks about the «Gospel of the Hebrews»,»
Edwin K. Broadhead. Jewish Ways of Following Jesus: Redrawing the Religious Map
of Antiquity. Wissenschaftliche Untersuchungen zum Neuen Testament (Book 266) Publisher:
Mohr Siebrek Ek. 2010., p.209 «Theodoret describes two groups of Ebionites on the basis of
their view of the virgin birth. Those who deny the virgin birth use the Gospel of the Hebrews;
those who accept it use the Gospel of Matthew.»
John Toland, Nazarenus, or Jewish, Gentile and Mahometan Christianity, 1718. ((8(
R. Blackhirst. «Barnabas and the Gospels: Was There an Early Gospel of Barnabas?»,
Journal of Higher Criticism. 7/1 (Spring 2000), 1-22.
John Peter Arendzen. Catholic Encyclopedia: Volume 5 (1913) article ((8(
«Ebionites»
برنابا وأناجيل أخرى 150
لم يكن موجو ًدا على اإلطالق في عصر المسيحية األولى( .((8ادعى
ال كتبه متى كان يسمى «إنجيل إبيفانيوس أن اإلبيونيين تداولوا إنجي ً
مزو ًرا
العبرانيين» وأردف قائالً« :الذي لم يكن فقط غير مكتمل ،بل وكان ّ
ومشو ًها ((8(»...اعتبر ُكتّاب مهمون مثل والتر ريتشارد كاسل وبيرسون
ّ
باركر تلك النسخة نسخة مختلفة من إنجيل متى العبراني .ومع ذلك،
فإن االقتباسات التي استخدمها إبيفانيوس في كتابه توحى بأنه اقتبسها
من نسخة مكتوبة باليونانية(.((8
(« ((8هؤالء المدعوون اإلبيونيون آمنوا بأن الله خلق العالم .ورغم ذلك ،فإن آرائهم
حول الرب تتشابه مع آراء سيرينثيوس وكربوراطس .فاستخدموا «إنجيل متى» فقط ،ونبذوا
بولس الرسول ،واعتبروه مرتدً ا عن الدين» .انظر:
Irenaeus, Against Heresies 1.26.
Eusebius of Caesarea, Church History, IV, 21, 8.
James R. Edwards, The Hebrew Gospel & the Development of the Synoptic Tradition,
Wm. B. Eerdmans Publishing Co, 2009., p. 121
Edward Byron Nicholson. The Gospel according to the Hebrews. 1879., Reprinted by
BiblioBazaar. 2009., pp 1-81
William Whiston & H. Stebbing.The Life and Works of Flavius Josephus, reprinted Vol
II, Kessinger Publishing, 2006. p 576
أيضا يقبلون بإنجيل متى ،كأتباع سيرينثيوس وميرينثيوس ،ولم يقبلوا بغيره.
(« ((8هم ً
وسموه «إنجيل العبرانيين» ،فمتى وحده من استخدم كتب العهد الجديد بالعبرية مستخد ًما ّ
األحرف العبرية» .انظر:
Epiphanius, Panarion 30.3.7
Epiphanius, Panarion 30.13.1
(Walter Richard Cassels, Supernatural Religion - An Inquiry into the Reality of ((8
Divine Revelation, 1877 reprinted Read Books, 2010. Vol. 1, p 419- 422
Pierson Parker, A Proto-Lukan Basis for the Gospel According to the Hebrews, Journal
of Biblical Literature, Vol. 59, No. 4, 1940. P. 471
Robert J. Miller. (ed.) The Complete Gospels. Polebridge Press. 1994., p. 436.
151 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
ج� -سيماخو�س
ترجم سيماخوس الكتاب العبري إلى اليونانية القوينية التي اعتمد
عليها هيرونيموس ،وال تزال أجزاء منها موجودة ،وإن كانت تعليقاته
االنتقادية على إنجيل متى قد فقدت .ذكر يوسابيوس القيصري تعليقات
سيماخوس في كتابه «تاريخ الكنيسة» ،قائالً« :أما بالنسبة لهؤالء
المترجمين ينبغي أن ن ُّذكر بأن سيماخوس كان إبيون ًيا .لكن بدعة اإلبيونية،
كما يطلق عليها ،أكّدت على أن المسيح كان ابنًا ليوسف ومريم ،واعتبرته
وأصرت بقوة على الحفاظ على الشريعة اليهودية ،كما رأينا ّ مجرد رجل،
بالفعل في هذا التاريخ .ال زالت تعليقات سيماخوس موجودة التي أ ّيد
فيها تلك الهرطقة بمهاجمته إلنجيل متى .يقول أوريجينوس إنه حصل
على هذه التعليقات وغيرها من تعليقات سيماخوس حول النصوص
المقدسة من جوليانا الذي قال إنه ورث تلك الكتب من سيماخوس
نفسه»( .((8كما أن إبيونية سيماخوس محل شك باحثين معاصرين حيث
(Robert Walter Funk, The Gospel of Jesus: according to the Jesus Seminar, ((8
Publisher Polebridge Press, 1999.
F.L. Cross and E.A. Livingston, The Oxford Dictionary of the Christian Church, Oxford
University Press.1989., p. 438 - 439.
Robert E. van Voorst. The Ascents of James: History and Theology of a Jewish-Christian
Community. Society of Biblical Literature. 1989
Jerome, De viris illustribus,VI. 54:17 ( ((8
برنابا وأناجيل أخرى 152
Oscar Skarsaune. Jewish Believers in Jesus. Hendrickson Publishers. 2007., p. (((8
448–450
(E.A. Cross & F.L. Livingston, «Elkesaites». The Oxford Dictionary of the ((8
Christian Church. Oxford University Press.
(3 rev. ed.) 2005
http://www.oxfordreference.com/view/10.1093/acref/9780192802903.001.0001/acref-
9780192802903-e-2296
( ((8هيبولي ُطس الرومي ( 170م 235 -م) أهم العلماء الالهوتيين في الكنيسة
المسيحية في القرن الثالث الميالدي في روما،التي ُيعتقد أنه ولد بها .وصفه فوتيوس القسطنطيني
تلميذا لبوليكاربوس .تصادم هيبولي ُطس مع الباباوات في عصره،
ً بأنه تلميذ إيريناوس الذي كان
ويبدو أنه أسس جماعة دينية تنافس الباباوية .عارض هيبولي ُطس األساقفة الرومان الذين خففوا
من االشتراطات الالزمة لقبول عدد من المتحولين إلى المسيحية من الوثنيين .ورغم ذلك،
طوبته الكنيسة شهيدً ا مسيح ًيا بعد وفاته.
ّ
ومع بداية القرن الرابع الميالدي ،نُسجت العديد من األساطير حوله ،ووصفته بأنه كان
تحول إلى المسيحية على يد لورانس كاهنًا موال ًيا للبابا المزيف نوفاتيان ،أو أنه كان جند ًيا ّ
الرومي .كما أن اسمه يتشابه مع شهيد آخر .وصفه البابا بيوس الرابع بأنه القديس هيبولي ُطس
ً
منقوشا على تمثال أسقف بنطس الذي استشهد في عهد سيفيروس ألكسندر بعد أن وجد اسمه
وحفظ في الفاتيكان.
وجد في كنيسة القديس لورانس في روماُ ،
The Oxford Dictionary of the Christian Church.
John Trigilio; Kenneth Brighenti. Saints for Dummies., 2010. p. 82.
Hippolytus and His Age, Volume I, frontispiece, 1852, p. 424
https://www.britannica.com/biography/Saint-Hippolytus-of-Rome
153 الغنوصية والهرمسية وفرقها:الباب الثالث
(يميز البعض بين الفرقتين كما سنرى الح ًقا) والناسيين أو اآلسيين
أو النحاشين ،Naassenesوالمصبوطية ،Masbuthaeansوالصمصائيين
Sampsaeansوالصابئة Sabaeansواإللكسائيين .Elchasaite
يضاف إلى ذلك أن كل واحدة من هذه الفرق كان لها تفرعات
وتشعبات انشقت عنها في الفترة المذكورة نفسها .وتبدو هذه الفرق
جميعها متشابهة جدً ا في نشأتها وعقائدها وطقوسها كما لجهة سريتها
خصوصا أن آباء
ً وباطنيتها ما جعل التعرف على حقيقتها صع ًبا للغاية
الكنيسة األوائل هم الذين نقلوا لنا المعلومات عنها على اعتبار أنها
هرطقات مضادة أو معادية للدين القويم .كما أننا نلحظ كيف أن هذه
األسماء شديدة التقارب فيما بينها ولعلها تسمية واحدة تعاورتها أيدي
النساخ فصارت السين شينًا والسين صا ًدا إلى ما هنالك من تغيرات تطرأ
خصوصا
ً على االسم الواحد بفعل الزمن وعوامل أخرى .يصدق ذلك
على فرق مثل الناسيين والنحشيين (اآلسيين) واآلسينيين أو مثل
النظاريين والناظوريين والنصارى...إلخ.
ويبدو أنه لم يتبق من هذه الفرق اليوم سوى طائفة الصابئة المندائيين
الذين ال يزالون يسمون طبقة الكهنة عندهم نظاراي ويمارسون طقوس
االغتسال منذ أكثر من ألفي عام .ويتفق عدد كبير من الباحثين والعلماء
155 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
في تاريخ الفرق اليهودية المسيحية على أن طائفة المندائيين هذه منبثقة
بالتأكيد عن طائفة النظاريين (والتي يعتبرونها فرقة يهودية ما قبل
المسيحية هي غير فرقة الناصريين أو النصارى أو حتى الناظوريين).
يشير رودولف ماكوح ((9(Macuchإلى هذا األمر( ،((9في حين يذهب
مارك ليجبارسكي ((9(Lidzbarskiإلى القول إن التقليد المسيحي جعل
الناصرة موطن طفولة يسوع المسيح إنما فقط لتفسير كونه نظارائي (من
النظاريين) من المندائيين( .((9وكان اليهود يعتبرون المندائيين واحدة من
فرق المينيم (الهراطقة بالعبرية םינימ )minim,مثلهم مثل فرقة الناظوريين
من المسيحيين األوائل بحسب دان كوهن شربوك .((9(Cohn-Sherbok
وقد ذكرت الليدي دراور E. S. Drowerأن المندائيين ال يزالون يحملون
من موضع الضوء»( .((10وحين بلغ من العمر سبع سنين جاءه آنوس عثرة
وكتب له كتاب أ ب ج د ...وإلى أن بلغ الثانية والعشرين من عمره علمه
كل النظارية»(.((10
دوسيتوس وأن سيمون أكد على سلطته وقدرته بفضل المعجزات التي
ً
تلميذا له(.((11 قام بها فأذعن دوسيتوس لقيادته للطائفة وصار
كان الناظوريون ومن في حكمهم يرون في كتب المسيحيية خياالت
وأوهام وعيسى أو يسوع مجرد اختراع اسطوري فهو مسيح كذاب mšiha
kdabaاخترعه بولس( .((11ويبدو أن كلمة مندائي تقابل الكلمة اليونانية
غنوص gnosisأي المعرفة الباطنية أو العرفان .وبحسب دراور فإنهم
أول الغنوصيين المعروفين في اليهودية المسيحية وأنهم كانوا يكرهون
كرها شديدً ا ،وأن الكثيرين منهم تحولوا إلى المسيحية وغلبوا اليهود ً
على بالدها أيام المسلمين ومن هنا مصطلح نصراني ونصارى للداللة
على المسيحيين(.((11
ويظهر اسم المندائيين باعتبارهم من الناظوريين في النقوش
الشهيرة باسم نقش رستم وفي أعمال ماني.
ففي نقش كرتير (أو كردير وهو الموبذ أو الكاهن األكبر عند
الزرادشتية) المكتشف ضمن نقوش رستم نقرأ تعدا ًدا لعدة فرق
دينية واجهت االضطهاد في عصر شهبور األول ( 241إلى 272م)
من الساللة الساسانية ،بالخط البهلوي« :واليهود والكهنة البوذيين
والبراهمة والناظاريين والمسيحيين ...والزنادقة...جميعهم طردناهم
من المملكة»(.((11
وبحسب ابن النديم في الفهرست فقد كان والد ماني ينتمي إلى
فرقة المغتسلة قبل والدة ماني(.((12
الح�سيح
ويربط الكثيرون من العلماء والباحثين بين هذه الفرق وفرقة
اإللكسائيين.وبحسب ما رأينا فإن تسمية اإللكسائيين ترجع لفرقة من
اليهود الذين آمنوا بظهور المسيح وكان عندهم كتاب وحي ينسبونه إلى
المدعو إلكساي Ἠλχασαι Elxaiوهو كتاب مفقود بالطبع ال نملك عنه
سوى شذرات وفرضيات.
واسم إلكساي يلفت النظر فلعله إلياس الحي أو الخضر أو يحيى
أيضا .ولعل الحسيح تحريف من المسيح .وهذا ما لم يلتفت إليه أي منً
أيضا.
الباحثين الغربيين والكنسيين والمسلمين ً
أول مصدر مبكر تحدث عن هذا اإللكساي أو الحسيح هو كتاب
«دحض الهرطقات كلها» الذي ألفه هيبوليطس الروماني في حوالى العام
230للميالد ،حيث يقول:
«إن عقيدة هذا المسمى كاليستوس (؟) أثارت ضجة في كل أنحاء
العالم ،وقد حملها رجل بارع أريب في حالة استماتة اسمه ألسيبياديس
نشط في مدينة أفاميا من سوريا ثم اعتبر نفسه أهم وأذكى وأبرع من
شخصا
ً كاليستوس هذا فقد دخل روما وحمل معه بعض الكتب تقول إن
ً
عادل اسمه ألكساي تلقى الوحي في بلدة Seraeمن أعمال فرثيا ثم نقله
(((12
(Hippolytus, The Refutations of all Heresies. Book IX, Chapter 8. Sect of the ((12
Elchasaites; Hippolytus’ Opposition to It. http://www.newadvent.org/fathers/050109.htm
Eusebius, Church History. Book VI, Chapter 38. The Heresy of the Elkesites (((12
http://www.newadvent.org/fathers/250106.htm
163 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
( ((12الباناريون Panarionهو اشهر أعمال إبيفانيوس السالميسي وسمي الح ًقا في
الترجمة الالتينية «ضد الهرطقات .»Adversus Haeresesكتبه في ما بين 374و 377لمواجهة
حجج الهراطقة المنشقين عن الكنيسة الرسمية .يذكر الكتاب ويدحض 80فرقة أو طائفة
هرطوقية منها 16ما قبل المسيحية و 12يهودية ،ثم يعدد ويفند 60فرقة من الهرطقات
المسيحية.انظر باناريون الكتاب الثاني المقطع :53
أيضا اإللكسائيين والذين يعيشون إلى اليوم في الجزيرة العربية
«الصمصائيون ،ويسمون ً
في البلد الممتد إلى شمال البحر الميت ،خانهم الكساي وهو نبي كذاب ومن نسله مارثوس
ومارثانا ،وهما امرأتان ال تزاالت تعبدان عند هذه الطائفة .وكل معتقداتهم ال تختلف عن
معتقدات اإلبيونيين».
برنابا وأناجيل أخرى 164
دعوا باألحناف .أضف إلى ذلك أن هذه التسمية قديمة ولها أصولها
في العربية إذ ال ننسى أن الرسول العربي نفسه ومن تبعه سموا الصباة،
عندما جهروا بدعوتهم ألول مرة في قريش ودعوا إلى اإلله الواحد
األحد ،فدعاهم مشركو مكة بالصابئة ..على العموم اتفق أغلبية الباحثين
والمستشرقين على أن كلمة صابي أو صابئي جاءت من الجذر األرامي
وليس العربي للكلمة أي الصابغة أو المتعمدين أو السابحة .واألخيرة
اقترحها عباس محمود العقاد في كتابه (إبراهيم أبو األنبياء) ،جعل سببها
كثرة االغتسال في شعائرهم (أي الصابئة المندائيين) ومالزمتهم شواطئ
األنهار من أجل ذلك .وذهب المستشرق نولدكه إلى أن كلمة صابئة
مشتقة من صب الماء .أما يهودا سيغال( ((12فقد اعتبر أن كلمة صابئة
تأتي من شيفا كبير اآللهة عند الهندوس .وتكتب تمارا غرين أن سيغال
هذا كان يعتقد أن جذر كلمة صبا وصابئة سرياني وأنه ال يعني مغتسلة
أو سابحة أو معمدة ...ولكنها تتساءل أنه في حال صحت مقولة سيغال
وكانت الكلمة هندوسية فكيف عرف النبي محمد بهذه الطائفة ولماذا
أشار إليها القرآن باحترام على أنها من أهل الكتاب(.((12
يرد ذكر الصابئة ثالث مرات في القرآن باعتبارهم أهل كتاب إلى
جانب اليهود والنصارى(:((12
Judah Benzion Segal, The Sabian Mysteries. The Planet Cult of Ancient (((12
Harran, Vanished Civilizations, ed. by E. Bacon, London 1963
(Tamara M. Green, The city of the Moon God: Religious Traditions of Harran, ((12
1992., p112
Churton, Tobias (9 September 2009). The Invisible History of the Rosicrucians. Inner
Traditions / Bear & Co. p. 107
( ((12انظر كيف يعرض لهم برنارد لويس في كتابه المخصص لليهود في اإلسالم،
Bernard Lewis, The Jews of Islam, 1987, page 13.
برنابا وأناجيل أخرى 166
( ((13صحيح البخاري الكتاب رقم 7الحديث رقم ،340الكتاب رقم 59الحديث
رقم ،628الكتاب رقم 89الحديث رقم ...299إلخ.
( ((13محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية ( ،)751-691أحكام أهل الذمة» .رمادي
للنشر ،الدمام -السعودية .الطبعة األولى 1997في 3مجلدات .المجلد األول الصفحات
( 241-231انظر )238
167 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
تكون طري ًقا للنجاة .ووظيفة األنبياء عندهم تهذيب النفوس واألخالق
من الرذائل واألدران ،وأن من استجاب لألنبياء فهو سعيد.
-التوسل بالروحانيات :يرون أن الروحانيات هي مبادئ الموجودات
ومواد األرواح والمبادئ أشرف ذاتًا وأسبق وجو ًدا وأعلى رتبة من سائر
الموجودات التي حصلت بتوسطها ،فعالمها عالم الكمال(.((13
-تعظيم األفالك والكواكب :يرون أن الله خلق األفالك وفوض
إليها تدبير شؤون الكون فكانت أولى بالعبادة .يقول الشيخ مصطفى عبد
الرازق« :مذهب الصابئة -على ما يحيط بتاريخه من غموض -يكاد يتم
االتفاق على أنه يقر باأللوهية ،ويرى أنها تحتاج في معرفة الله ومعرفة
أوامره وأحكامه إلى متوسط يكون روحان ًيا ال جسمان ًيا؛ ففزعوا إلى
هياكل األرواح وهي الكواكب ،فهم عبدة الكواكب»(.((13
-وقد أضاف ابن القيم لما سبق أن الصابئة يأخذون بمحاسن أهل
الشرائع ،وال يوالون أهل ملة ويعادون أخرى وال يتعصبون لملة على
ملة ،والملل عندهم نواميس لمصالح العالم ،فال معنى لمحاربة بعضها
بعضا بل يؤخذ بمحاسنها وما تكمل به النفوس وتتهذب به األخالق(.((13
ً
-ويقول األلوسي« :وأهل دين هؤالء فيما زعموا أنهم يأخذون
محاسن ديانات العالم ومذاهبهم ويخرجون من قبيح ما هم عليه ً
قول
ً
وعمل؛ فقد خرجوا عن تقييدهم بجملة كل دين وتفصيله إال ما رأوه فيه
من الحق»(.((13
ومما تجدر اإلشارة إليه هنا أن الصابئة تنقسم تب ًعا لهذه األصول إلى
أصناف متعددة ،منهم المشركون الذين أدى اعتقادهم بالوساطة بين الله
إلى صرف العبادة المطلقة عن الخالق وحصرها في المخلوقات؛ ومنهم
من حافظ على اإليمان بالله قبل مجيء األنبياء أو بقي على الفطرة مدة
انقطاع الرسل ،ويطلق بعض العلماء على هذا الصنف من الصابئة اسم
الموحدين .وباإلجمال فهذه هي أصناف الصابئة:
الصنف األول -الصابئة األولى أو صابئة الحنفاء :ويطلق
عليهم بعض الفقهاء بالموحدين ،يلتزم هذا الصنف بما سبق ذكره من
المعتقدات ،لذلك يقول عنهم أبو حنيفة :إنهم ليسوا بعبدة أوثان إنما
يعظمون النجوم كما تعظم الكعبة ،وقال ابن تيمية :إنما أثنى الله تعالى
على هذا الصنف من الصابئة( .((13وقال عنهم األلوسي :صابئة الحنفاء
شاركوا أهل اإلسالم في الحنيفية ،ويذكر األلوسي منهم هالل بن
محسن الصابئ صاحب الديوان اإلنشائي والرسائل ،قال :كان يصوم
مع المسلمين ويعبد معهم ويحرم المحرمات حتى يعجب الناس من
موافقته ألهل اإليمان وهو ليس على اإلسالم(.((13
الصنف الثاني -الصابئة المشركون وهم أصناف كثيرة يجمعهم
تخلفهم عن أصول المعتقدات السابقة ،وتأليه الكواكب والروحانيات،
وإنزالها معبو ًدا من دون الله تعالى ،وانحرف بعضهم فأ ّله األشخاص
وأطلق عليهم صابئة األشخاص( ،((13ومن هؤالء صابئة األعاجم -
( ((13ابن تيمية :الرد على المنطقيين دار ترجمان السنة -باكستان .1976ص .289
( ((13انظر :بلوغ األرب .نفسه
( ((13وهم الصابئون الذين فزعوا إلى أشخاص ،فقالوا :إذا كان ال بد من متوسط
يتوسل به إذا كان من الروحانيات ،فإننا ال نستطيع رؤيته ،وال مخاطبته ،وإذا أخذنا هياكلها
وسائط ،فإن الهياكل قد ترى في وقت ،وال ترى في آخر؛ ألن لها ً
أفول وطلوعًا .فكان ال بد لنا
من صور أشخاص موجودة قائمة منصوبة .انظر :محمد إبراهيم البيومي« :تاريخ الفكر الديني
الجاهلي» .دار الفكر العربي .الطبعة الرابعة .1994ص .284
169 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
( ((13نزعوا إلى عبادة الهياكل التي هي السيارات السبع درسوا بيوتها ومنازلها
ومطالعها ومغاربها واتصاالتها على أشكال الموافقة والمخالفة ،مترتبة على طبائعها ،وتقسيم
األيام والليالي والساعات عليها ،ونشأ لهم من ذلك علم الفلك ثم خلطوا معه الطلسمات
المذكورة في كتب السحر .تاريخ الفكر الديني الجاهلي .المرجع السابق نفسه.
( ((14ربط صابئة الهند عبادتهم بزحل ألن من شأن زحل البقاء والثبوت ،وألهوا لهذا،
ووضعوا يوم السبت لعبادتهم .انظر :تاريخ الفكر الديني الجاهلي ،ص 289
برنابا وأناجيل أخرى 170
( ((14ابن وحشية أبو بكر أحمد بن علي بن قيس الكسداني« :الفالحة النبطية».
تحقيق توفيق فهد .المعهد العلمي الفرنسي للدراسات العربية بدمشق.
https://en.wikipedia.org/wiki/Sabians
( ((14أبو الريحان محمد بن أحند البيروني« :تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في
العقل او مرذولة».
https://en.wikipedia.org/wiki/Sabians
Ethel Stefana Drower, 1937, Mandaeans of Iraq and Iran ( ((14
Churton, Tobias. The Golden Builders: Alchemists, Rosicrucians, and the (((14
First Freemasons. New York: Barnes and Noble, 2002..p..26-27
Maimonides, The Guide for the Perplexed, M. Friedlander. Dover Publications, (((14
Inc. New York. 1956. Book Three, Chapter 37 p. 334.
http://www.sacred-texts.com/jud/gfp/gfp173.htm
171 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
الجدير ذكره هنا أن البهائية تذكر الصابئة في كتبها الدينية :قسم منهم
يعبدون األصنام باسم النجوم وأن دينهم جاء من شيث وإدريس ،وقسم
آخر يؤمنون بيحيى ابن زكريا (يوحنا المعمدان) على أنه هو المسيح ولم
يقبلوا أبدً ا بابن مريم .ويصف عبد البهاء شيث على أنه أحد أبناء آدم.
ويرى بهاء الله في أحد ألواحه أن إدريس هو هرمس(.((14
المسيحي الدمشقي نيقوال سيوفي( )1901-1829الذي تفرنس
وصار الح ًقا نائب القنصل الفرنسي في الموصل يذكر في كتاب له وجود
أربعة آالف من الصابئة في بالد الصبة( .((14وقد استقبل الثيوصوفي جورج
ميد( ((14كتاب السيوفي بترحاب وتبجيل في حين انتقده الكثيرون(.((14
هل هي فرق يهودية قبل مسيحية؟
ولنرجع إلى إبيفانيوس ( )404-367وهو من آباء الكنيسة
الذي كتب عن فرقة قبل مسيحية تسمى النظاريين ويميزها عن الفرقة
المسيحية المسماة الناظوريين أو النصارى ،ولكنه ال يورد أي حجة أو
علما أن االسمين قريبين جدً ا ولعلها الفرقة نفسها.
معنى لهذا التمييز ً
ويقول إبيفانيوس إنها عاشت في جلعاد ومناطق بالشام وشرق األردن
وهو حين يقول إنهم كانوا يهو ًدا يذكر أن ذلك كان بفعل الجنسية
والقوم وال يذكر الدين فلعله يقصد أنهم كانوا عبرانيين أو إسرائيليين
وهو ما أثار الغموض لدى المؤرخين حول انتماء المندائيين إلى
فرقة يهودية قديمة قبل هجرتهم في حين يقول المندائيون إنهم عرفوا
موسى في مصر وأنه تعلم منهم بعض معارفهم وعلومهم وعقائدهم.
وفي كونهم يرفضون أكل اللحوم ما يقربهم من اإلبيونيين واآلسينيين.
وفي رفضهم الكتب المقدسة ما يجعلهم أقرب إلى المسلمين وإلى
أيضا أن هناك
المسيحيين الذين رفضوا بولس( .((15وقد كتب إبيفانيوس ً
سبع فرق يهودية هي الصديقيون Sadduceesوالكتبة Scribesوالفريسيون
Phariseesوالمغتسلة اليومية Hemerobaptistsواآلسينيون والناظاريون
والهيروديون( .((15ويقول إن طوائف المغتسلة تنتشر ليس فقط في
خصوصا شرق األردن وشمال سوريا ً فلسطين بل في أماكن أخرى كثيرة
ً
وصول إلى شمال وجنوب العراق(.((15
ويقول إنهم في بالد النبط وإيتورا (دمشق حيث رأينا ميثاق معلم
أما الليدي دراور فتنقل عن إبيفانيوس قوله إنه «كان يوجد ناظوريين
بين اليهود قبل زمن المسيح» وأن االسم يمكن أن ينطبق على أي فرقة
يهودية حافظت على الناموس بصرامة ألن جذر الكلمة يعني «حرس،
نطر ،حافظ على ،نظر» ولعل االسم استخدم للداللة على عدة فرق من
خصوصا إن كان عندهم تعاليم سرية
ً المنشقين عن اليهودية الرسمية
وباطنية(.((15
اجت ََازوسَ ،أ َّن ُبو ُل َس َب ْعدَ َما ْ ُور ْن ُث َوس فِي ك ِ َان َأ ُب ُّل ُ
يما ك َ َفحدَ َ ِ
ثف َ َ
«ه ْليذَ .ق َال َل ُه ْمَ : احي ا ْل َعالِ َي ِة َجا َء إِ َلى َأ َف ُس َسَ .فإِ ْذ َو َجدَ َتال َِم َ فِي النَّو ِ
َ
ِ
وح
الر ُ وجدُ ُّ «والَ َسم ْعنَا َأ َّن ُه ُي َ وح ا ْل ُقدُ َس َل َّما آ َمنْت ُْم؟» َقا ُلوا َل ُهَ : الر َ َقبِ ْلت ُُم ُّ
ِ ِ
وحنَّا». ا ْل ُقدُ ُس»َ ..ف َق َال َل ُه ْمَ « :فبِ َما َذا ا ْعت ََمدْ ت ُْم؟» َف َقا ُلوا« :بِ َم ْع ُمود َّية ُي َ
ب َأ ْن ُي ْؤ ِمنُوا لش ْع ِود َّي ِة الت َّْو َب ِةَ ،ق ِائ ًل لِ َّ
َف َق َال بو ُلس« :إِ َّن يوحنَّا َعمدَ بِمعم ِ
َّ َ ْ ُ ُ َ ُ ُ
ِ بِا َّل ِذي َي ْأتِي َب ْعدَ ُهَ ،أ ْي بِا ْل َم ِس ِ
اس ِم َّ
الر ِّب وع»َ .ف َل َّما َسم ُعوا ا ْعت ََمدُ وا بِ ْ يح َي ُس َ
وح ا ْل ُقدُ ُس َع َل ْي ِه ْمَ ،ف َط ِف ُقوا الر ُ
ِ
وعَ .و َل َّما َو َض َع ُبو ُل ُس َيدَ ْيه َع َل ْي ِه ْم َح َّل ُّ َي ُس َ
يع الر َج ِ ون.وك َ ِ ٍ
ال ن َْح َو ا ْثن َْي َع َش َر(.((16 َان َجم ُ ِّ ون بِ ُل َغات َو َي َتنَ َّب ُأ َ َ َي َت َك َّل ُم َ
أيضا.
المختصين بالطقوس الشفائية التي نعلم أن عيسى المسيح قام بها ً
وتبدو مريم في إنجيل يعقوب البار واحدة منهم(.((18
يمَ .ف َل َّما َو َض َعت َْها َقا َل ْت َر ِّب إِنِّي َو َض ْعت َُها ِ نت ِ ِ
يع ا ْل َعل ُ
السم ُ َف َت َق َّب ْل منِّي إِن ََّك َأ َ َّ
الذك َُر كَاألُن َثى َوإِنِّي َس َّم ْيت َُها َم ْر َي َم ِوإِنِّي ُأن َثى َوال ّل ُه َأ ْع َل ُم بِ َما َو َض َع ْت َو َل ْي َس َّ
الشي َط ِ
ان الر ِجيَ .ف َت َق َّب َل َها ر ُّب َها بِ َق ُب ٍ ِ ُأ ِع ُ
ول َح َس ٍن َو َأن َبت ََها َ َّ يذ َها بِ َك َو ُذ ِّر َّيت ََها م َن َّ ْ
اب َو َجدَ ِعندَ َها ِ
َن َباتًا َح َسنًا َو َك َّف َل َها َزك َِر َّيا ُك َّل َما َد َخ َل َع َل ْي َها َزك َِر َّيا ا ْلم ْح َر َ
إن ال ّل َه َي ْر ُز ُق َمن َي َشاء ند ال ّل ِه َّـذا َقا َل ْت هو ِمن ِع ِ
ُ َ ْ ِر ْزق ًا َق َال َيا َم ْر َي ُم َأنَّى َل ِك َه َ
بِ َغ ْي ِر ِح َساب»( .سورة آل عمران )37-35
نحن إذن أمام طبقة من الكهان كان لها دور أساس في الكنيسة
األولى أي كنيسة القدس أو كنيسة الختان وكانت بقيادة شخصين مهمين
هما يعقوب البار أخو عيسى ،ومريم المجدلية.
(((18
-8عن مخطوطات البحر الميت (لفائف قمران) باخت�صار
مخطوطات البحر الميت تضم مايزيد على 850قطعة مخطوطة،
بعض هذه المخطوطات موجود في ما سمي الح ًقا الكتاب المقدس
وبعضها مستل من كتب لم تكن تعرف أو كانت مفقودة .وقد كانت
المخطوطات في جرار فخارية مطلية بالنحاس .وأول من عثر عليها راعيان
من بدو التعامرة المتجولين .ثم اكتشف المزيد منها بين عامي 1947م
و1956م في 11كه ًفا في وادي قمران .وقد أثارت المخطوطات اهتمام
الباحثين والمختصين بدراسة نص العهد القديم ألنها تعود لما بين القرن
الثاني قبل الميالد والقرن األول منه .وقد اكتشفت في كهوف قرب البحر
أيضا «لفائف قمران».الميت في موقع خربة «قمران» لذلك فهي تسمى ً
والمعتبر اليوم أنها تخص طائفة يهودية ،ربما كانت طائفة اآلسينيين التي
انعزلت عن بقية المدن اليهودية ،وربما بنت مدينة صغيرة في هذا المكان،
ولكنها تحطمت بفعل زلزال (عام 31ق.م) ،وأعيد بناء الموقع في عام
4ق.م .ويظن أن الرومان أحرقوه في عام 68م .والمرجح أن أفراد هذه
الملة لم يكونوا يعيشون في هذه األبنية ،بل في الكهوف المجاورة ،وفي
أكواخ أو خيام من الجلود أو الطين.
عثر على جزء من هذه المخطوطات من قبل بعض البدو في كهف،
فيما يقال أثناء بحثهم عن ماعز ضلت منهم ،فباعوها لبائعين سريانيين
حمالها لمطرانهم الذي هربها بدوره إلى الواليات المتحدة األميركية
عام 1948م .ثم بعد احتالل إسرائيل القدس والضفة الغربية عام
1967م ،أصبح موقع خربة قمران والمدرسة التوراتية الفرنسية و«متحف
روكفلر» أو «متحف اآلثار الفلسطيني» في القدس المحتوي على بقية
المخطوطات التي لم ترحل ألميركا ،تحت السيطرة اإلسرائيلية .وقامت
إسرائيل بنقل مخطوطات البحر الميت من متحف اآلثار الفلسطيني
إلى متحف مسمى «معبد الكتاب» في القدس الغربية ،وكانت تحتفظ
فيه بالمخطوطات التي اشترتها في الخمسينيات في أميركا من مطران
السريان.
( ((18عبد الوهاب المسيري :موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية» ،دار الشروق،
القاهرة ،المجلد الثالث ،ص 330
183 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
مخطوطة المك
(أبوكريفون التكوين أو بيريشيت أبوكريفون) :هو مخطوط مضغوط
ومتماسك وهش أوشك على التكسر ،وهناك قطع صغيرة وعمود كامل
قد فقد من المخطوطة منذ اكتشافها ،وقد جاء في المخطوطة حوادث
لقصة قصيرة تبدأ حين يسمع المك أباه أخنوخ ينذر أبناء زمانه باقتراب
يوم الدين ونهاية العالم ،فتأثر المك بذلك وأيقن أن الله سيهلك العالم
الفاجر ويأتي بخلق جديد ،وقد سجلت كل تلك النذور والتحاذير في
أيضا من األسفار الخارجية الموجودة ضمن سفره (سفر أخنوخ وهو ً
مخطوطات البحر الميت).
يضم هذا المخطوط آيات من سفر التكوين أعيدت كتابتها باللغة
اآلرامية التي كان اليهود يتحدثون بها في ذلك العصر (أيام المسيح)
فهما للكلمات الغامضة اآلرامية المنسوبة إلى
ولذلك فهي قدمت لنا ً
السيد المسيح.
وبالرغم من أنه سفر غير قانوني إال أنه ُيعت َبر إعادة صياغة ألحداث
قصة المك ،والشخصية األساسية في السفر هي شخصية المك حفيد
أخنوخ والد نوح ،إال أن المضمون العام يتضمن تكرار قصة الخلق
واآلباء مع إضافات عديدة منها ما يشير إلى التشكيك في والدة نوح
والتساؤل عن والدته اإلعجازية بتناسل البشر مع أنصاف المالئكة (وهي
كائنات سماوية شاع االعتقاد في وجودها في الفترة من القرن الثاني قبل
الميالد وحتى القرن األول الميالدي) ،األمر الذي يوضح صلة طائفة
قمران بالمسيحية الناشئة التي تبنَّت مثل هذه االعتقادات.
مزامير التسبيح والشكر (هودايوت) :عثر عليها بين المخطوطات
التي وجدت في المغارة األولى بقمران ويمكن ترجمتها بـ «أعمال
النعمة» .وهو مدرج في حالة سيئة جدً ا أمكن ترميم 18عمود منها وبقى
نحو 68جزء منه يصعب ترميمه وهو يعد من أقدم وأهم نصوص قمران
أيضا.
وقد وجد في المغارة الرابعة ستة أجزاء أخرى منه إنما بحالة سيئة ً
وعلى الرغم من ذلك التلف إال أنه يبدو أن كل نشيد فيه يبدأ بعبارة «إنني
أمجدك ،أدوناي».
187 الباب الثالث :الغنوصية والهرمسية وفرقها
( ((18أليعازر ليبا سوكنيك )1889-1953( Eleazar Lipa Sukenikعالم آثار وأستاذ
في الجامعة العبرية بالقدس .اشتهر بكونه ساعد في تأسيس قسم األركيولوجيا في تلك الجامعة
وبأنه من أوائل األكاديميين الذين اعترفوا بأهمية لفائف البحر الميت وبتاريخيتها.
The Dead Sea Scrolls of the Hebrew University. Magnes Press, Hebrew University:
Jerusalem, 1955.
( ((18صلومون شختر ( )1915-1847حاخام أميركي من أصل مولدافي ،وباحث
وأستاذ ومعلم اشتهر بسبب أدواره كرئيس ومؤسس للكنيس األميركي الموحد ،ورئيس المعهد
برنابا وأناجيل أخرى 188
بن عزرا (بالفسطاط) ،و ُأطلق عليه «جذاذات من وثيقة صدوقية» .ونشر
نسختيه عام .1910
وقد دلتنا األسفار الخارجية (بالعبرية واآلرامية) التي لها صلة وثيقة
بمضمون كتابات الطائفة وبلغتها على أنها جمي ًعا تنتمي إلى التيار الديني
نفسه الذي تمثله جماعة قمران المنشقة.
وتمثل وثيقة دمشق القاهرية نقدً ا الذ ًعا للفرق الدينية التي انعزلت
عنها الجماعة ،وتكمل لنا صورة التطور التاريخي للجماعة اليهودية
عمو ًما ،وتطلق الجماعة على أفرادها اسم «أبناء العهد الجديد» أو
البناؤون الجدد ،وهو االسم الذي أ َّدى ببعض الباحثين للربط بينها وبين
الماسونية العصرية.
ودلنا الكشف األثري على الدأب الذي تم َّيز به سكان قمران في
استنساخ األسفار المقدَّ سة وكتابات الطائفة ،وعلى أنهم خصصوا لهذه
الغاية قاعة مع َّينة أقاموا فيها الموائد والمقاعد للكتابة ،وأنشأوا مغاسل
وقسموها
(قاعات استحمام) للتطهر الطقوسي قبل بداية أداء الشعائر َّ
بحسب درجة قدسية كل فرد ينتمي إلى الجماعة.
وقد سميت بالدمشقية لورود كلمة دمشق فيها وليس ألنها وجدت
في دمشق كما بينت النصوص أعاله.
الثيولوجي اليهودي في أميركا ،ومهندس اليهودية األميركية المحافظة .بلغت شهرته الذروة
حين قام بالتنقيب في القاهرة مكتش ًفا مخطوطات الجنيزة عام ،1896وهي مجموعة مدهشة
من حوالى 100ألف صفحة (حوالى 300ألف وثيقة) من المخطوطات اليهودية النادرة
والنصوص اليهودية القروسطية كانت محفوظة في كنيس مصري .انظر:
Solomon Schechter. Studies in Judaism. 3 vols. London: A. & C. Black, 1896-1924
)(Ser. III, published by The Jewish Publication Society of America, Philadelphia PA
Solomon Schechter.Some Aspects of Rabbinic Theology. London: A. and C. Black.
1909 (Reissued by Schocken Books, New York, 1961; again, by Jewish Lights, Woodstock,
;Vt., 1993: including the original preface of 1909 & the introduction by Loius [sic] Finkelstein
)]new introduction by Neil Gilman [i.e. Gillman
الباب الرابع
الأبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
191 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
المتعددة وتعاليمها السرية التي وضعتها للخاصة على حركة تأليف مثل
هذه الكتب .وقد تأثر هؤالء الغنوصيون بالصوفية البابلية والفارسية
وكتاباتها .ويذكر إكليمنضس اإلسكندراني((( أسماء بعض الكتب
السرية للديانة الزرادشتية ،ولعله أول من أطلق لفظ «أبوكريفا» على هذه
الكتابات الزرادشتية.
((( اسمه الكامل تيتوس فالفيوس إكليمنضس (بالالتينية ،)Titus Flavius Clemens :هو
واحد من أبرز معلمي مدرسة اإلسكندرية الالهوتية ،ولد في أثينا في منتصف القرن الثاني
الميالدي (150؟) وتوفي بين عامي 211و .215أبرز ما ميز تعاليمه هو ربطه وتوحيده بين
الفلسفة اليونانية والالهوت المسيحي ،فكانت كل كتاباته بشكل عام موجهة للعالم الهلنستي
والثقافة اليونانية .اعتنق المسيحية في شبابه أثناء دراسته للفلسفة ،وهجر وطنه ليتنقل بين عدة
أخيرا في اإلسكندرية ،حيث التقى هناك بلدان فزار جنوب إيطاليا وسوريا وفلسطين ،واستقر ً
بمؤسس مدرسة اإلسكندرية الالهوتية بانتينوس وتتلمذ له وأصبح بعدها من أقرب معاونيه مما
حقق له قدر من الشهرة ،وبعد أن توفي بانتينوس خلفه إكليمنضس بإدارة المدرسة .في بداية
القرن الثالث أثار اإلمبراطور سيبتيموس سيفيروس اضطهادا ضد المسيحيين ،فأجبر إكليمنضس
على االنتقال إلى كبادوكية ليقيم عند ألكسندروس وهو أحد تالميذه والذي أصبح الحقا أسقف
أورشليم ،وتوفي إكليمنضس بين عامي 211و 215على ما يعتقد .أهم مؤلفاته المحفوظة حتى
اليوم :كتاب التحريض :كتاب دفاعي هدفه الرئيسي دعوة اليونانيين إلى التخلي عن دياناتهم
القديمة وعن عبادة األصنام.
((( السبعينية هي الترجمة اليونانية للعهد القديم التي أجريت في القرن الثالث قبل
الميالد ،حيث يذكر أن بطليموس أراد أن يضم إلى مكتبة اإلسكندرية الكتب المقدسة لليهود،
والبعض يرى أنه بسبب عدد اليهود الذين اليعرفون إالّ العبرية قام اثنان وسبعون من األحبار
أيضا السبعونية) .اعتمد
بالترجمة .ويرمز لها بعددها الالتيني LXXأي سبعون (لذلك تسمى ً
كاتبو العهد الجديد على النسخة السبعينية ،أما اليهود الذين هاجمهم المسيحيون بنبؤات من
الترجمة السبعينية فقرروا أنها ليست صحيحة وقبلوا النسخة العبرية فقط .وبما أن الترجمة
السبعينية لم تحو كت ًبا توجد في النسخة الماسورتية مثل طوبيت والمكابيين فليس هناك اتفاق
اليوم بين الطوائف على قدسية تلك الكتب التي يسميها البروتستانت (أبوكريفا).
((( الفولغاتا وتعني «الشائع» ،هي نسخة من الكتاب المقدس من أول القرن الخامس
193 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
الميالدي باللغة الالتينية أنتجها جيروم الذي كلفه البابا دماسوس األول في عام 382بمراجعة
الترجمات الالتينية القديمة .أصبحت النص الرسمي المقبول في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
وتُستخدَ م الكلمة لإلشارة لترجمة العهد القديم الالتينية التي اضطلع بها جيروم أو إيرونيموس
( )420-340عن الترجمة السبعينية ،ومع هذا فإنها لم تأت مطابقة لها كل المطابقة .وقد
وحذفت منها اشتملت الفولغاتا على سفرين اثنين فقط للمكابيين ،مقابل أربعة في السبعينيةُ ،
أسفار عزرا الثالثة وزيد عليها سفر باروخ .وفيما عدا ذلك ،ال يوجد فرق يذكر بين الترجمتين.
وقد أقرت الكنيسة الكاثوليكية جميع األسفار واألجزاء الزائدة في الترجمة الالتينية على األصل
أسفارا أو أجزاء مقدَّ سة من أسفار العهد القديم وأجزائه .ولكن معظم
ً العبري ،واعتبرتها جمي ًعا
البروتستانت ال يعتبرون هذه الزيادات مقدَّ سة ،وهي في نظرهم ال تنتمي إلى العهد القديم .أما
اليهود ،فإنهم يدخلونها في القسم الذي يسمونه األسفار الخفية (أبوكريفا).
((( جيروم ) (Jeromeإيرونيموس :دلماسيا 347-420بيت لحم (Eusebius Sophronius
) Hieronymusمن بالد دلماسيا في القسم المتاخم للبحر األدرياتيكي التي تعرف اآلن باسم
يوغسالفيا ،وكلفه البابا بإنجاز ترجمة لألناجيل من اليونانية والعبرية إلى الالتينية ،فحضر إلى
بيت لحم برفقة أربع نساء نذرن أنفسهن لخدمة الكنيسة ،وأخذ جيروم يعمل بدأب إلنجاز
ترجمته .يكمن عمل جيروم الرئيسي في إعادة ترجمة الكتاب المقدس من اللغة العبرية إلى
الالتينية .هذا ألن الترجمات الالتينية التي كانت شائعة آنذاك كانت قد اتّخذت الترجمة اليونانية
حظي هذا العمل بموافقة البابا
َ السبعينية مرج ًعا لها ،فجاءت ذات إنشاء ركيك وحرفي .لقد
وخصوصا فيما يتع ّلق بتلك النصوص التي كانتً يخل من الصعوبات داماسيوس إال أن ُه لم ُ
برنابا وأناجيل أخرى 194
من أطلقا لفظ «أبوكريفا» على ما جاء في الترجمة السبعينية زيادة عما في
األسفار العبرية القانونية .ويطلق النقاد في العصر الحاضر على مجموعة
هذه الكتابات اسم «أبوكريفا العهد القديم» ،ألن بعض هذه الكتب على
األقل كتب باللغة العبرية -لغة العهد القديم -كما أنها جميعها أكثر
انتما ًء إلى العهد القديم منها إلى العهد الجديد.
أيضا أسفار أبوكريفا للعهد الجديد من أناجيل ورسائل ولكن ثمة ً
ورؤى...إلخ .وفي المسيحية اليوم تعني األبوكريفا «الكتابات المزيفة
أو المنحولة» .فيقول أوريجينوس إنه يجب أن نفرق بين الكتب المسماة
«أبوكريفا»؛ فالبعض منها يجب رفضه كلية ألنه يحوي تعاليم تناقض
تعليم الكتاب .أي أنه منذ نهاية القرن الثاني ،أصبحت كلمة «أبوكريفا»
تطلق على ما هو زائف ومكتوب خارج دائرة «الرسل» والكنيسة ،بل
وفي دوائر الهراطقة ،إذ كانت الكنيسة الرسمية ترى أن هذه الكتب قد
نسبت ألناس لم يكتبوها (من هنا أنها منحولة).
ويرفض إيريناوس((( أن يكون للكتابات السرية أي اعتبار ،ويضع
كلمة أبوكريفا ) (α̉πόκρυφοσ- apocryphaبجوار كلمة )(nothos - nόθος
تستخدم بشكل متواتر في الليترجيا الالتينية ،فعلى سبيل المثال لم يستطع جيروم أن يدخل
ترجمة جديدة لكتاب المزامير ،فكل ما فعله هو إعادة تصحيح بعض األمور ِ
فيه .إلى جانب هذا ُ
العمل الضخم كانت هناك أعمال أخرى ال تقل أهمية منها قاموس األسماء الكتابية واألصول
اللغوية وتفسيرات كتابية اعتمد فيها بشكل كبير على أوريجينوس برغم أن ُه وقف ضدّ ه في
المتوحدين وبعض الكتب الدفاعية ّ أيضا سيرة بعض «القديسين»
األمور العقائدية .كتب جيروم ً
التوحد .إضافة إلى هذا ترك لنا جيروم 150رسالة وكتابه عن الشخصياتُّ ضدّ من كان ينقد حياة
الشهيرة De Viris Illustribus
((( «القديس» إيرينيئوس أو إيريناوس( ،القرن الثاني الميالدي -نحو عام 202م) هو
أسقف مدينة لوغدونوم فى بالد الغال (ليون الحالية) ،وكان واحدً ا من أشهر آباء الكنسية
االوائل ومن أهم المدافعين عن العقيدة المسيحية .كتب الكتير من الكتب أهمها كتابه الشهير
ً
مفصل Adversus Haeresesأي ضد الهرطقات (حوالى سنة 180م) ،فقدم فيه تفنيدً ا وهجو ًما
لفضح الغنوصية ،خاصة الفكر الغنوصى المنتمي لمدرسة فاالنتينوس الغنوصى.
195 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
أي مزيفة .وكان يعتبر ،وكذلك جيروم فيما بعد ،أن كلمتي «قانونية»
و«أبوكريفا» على طرفي نقيض .ويستخدم العالمة ترتليانوس((( كلمة
) (α̉πόκρυφοσ- apocryphaوكلمة ( - falsaمزيف) كمترادفين .وكانت كلمة
أبوكريفا تعني عنده األسفار غير القانونية ،المزيفة .وهذا ال يعكس حقيقة
تسمية أبوكريفا إذ تعني المخفية والسرية والغامضة وليس المزيفة.
( ((1ميرزا غالم أحمد :المسيح في الهند ،منشورات البعثة التبشيرية األحمدية في
أول باألوردية في عام 1899وترجمه إلى الغوس بنيجيريا ،-1962أما الكتاب فقد ُطبع ً
اإلنكليزية قاضي عبد الحميد من الهور وصدرت طبعته اإلنكليزية األولى عن منظمة األحمدية
في قاديان عام .1944والترجمة العربية الرسمية لألحمدية ال تخلو من بعض التصرف ومن
بعض التغيير ...وهي على كل حال ترجمة نادرة التداول في بالدنا بسبب الموقف اإلسالمي
خصوصا لجهة الدعاوى المنسوبة إلى الميرزا نفسه بأنه هو
ً الرسمي من الجماعة وأفكارها،
المهدي الموعود والمسيح المخلص ،وبأنه نبي مرسل؛ هذا ناهيك عن حراجة مضمون الكتاب
وأيضا ما يؤمن به المسلمون عنالمناقض لما يؤمن به المسيحيون العرب عن عيسى المسيح ً
حقيقة مسألة صلبه وعن حياته بعد حادثة الصلب الذي ُ
«ش ّبه لهم» ...فكتاب الميرزا يقوم على
تأكيد أن المسيح لم يمت على الصليب وإنما سافر إلى الهند حيث عاش حياة طويلة ومات
هناك وله قبر مشهور معروف في كشمير .ولعل ميرزا غالم أحمد سمع عن إنجيل برنابا وعن
رسائل اآلسينيين وغيرها من الكتابات األبوكريفية من أساتذته وأصدقائه اإلنكليز الذين كان
كثير المخالطة لهم ،ولعله اطلع على بعض هذه الكتابات.
( ((1مدينة سريناغار ،عدد سكانها حوالى المليون نسمة هي العاصمة الصيفية إلقليم
197 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
كشمير في أقصى شمال الهند .تقع المدينة في وادي كشمير على ضفاف نهر جيلوم .تعد أكبر
مدينة هندية غالبية سكانها من غير الهندوس .حيث يشكل المسلمون 96%من السكان ،وتبلغ
نسبة الهندوس ،2.75%والبقية من السيخ والبوذية والجاينية.
برنابا وأناجيل أخرى 198
( ((1األناجيل الشرعية تتحدث فقط عن والدته والهرب إلى مصر ثم العودة ،ثم حادثة
واحدة وهو في الثانية عشرة من العمر ،ثم بداية دعوته وتبشيره وهو قريب من الثالثين.
( ((1مونتاغ رودس جيمس )1862-1936( Montague Rhodes Jamesكاتب بريطاني
رئيسا لكلية كنغز في كامبردج ثم لكلية
مختص بآداب العصور الوسطى وباألركيولوجيا وكان ً
إيتون وعمل على تنظيم أرشيفات الكتب والمخطوطات القديمة في جامعة كامبردج.
برنابا وأناجيل أخرى 200
كما أننا اعتمدنا على كتابات آباء الكنيسة وهي موجودة بكثرة على
http://www.newadvent.org/fathers/ خصوصا في:
ً االنترنت،
-3الكتابات الأبوكريفية «المخفية»
قصصا
ً « .1إنجيل طفولة يسوع بحسب توما» :وهو يجمع
ومرويات عجائبية عن الطفل يسوع قبل بلوغه الثانية عشرة ...وأقدم
نسخة مخطوطة منه تعود للقرن السادس وهي بالسريانية ومحفوظة في
المتحف البريطاني ...أما النص اليوناني فهو موجود بعدة نسخ مخطوطة
تعود للقرون الرابع عشر إلى السادس عشر ...وهناك ترجمات قديمة
كثيرة له في اللغات القديمة مما يشير إلى موقعه الممتاز في الكنيسة
تلك األيام ...والمعروف أن معظم الكتابات أو األقوال المنسوبة إلى
توما موطنها شرق سوريا ...وقد وجد العلماء أن الفرق المسيحية
الصوفية الباطنية التي انتشرت في القرن الثاني والتي ذكرها إيريناوس
الليوني (نسبة إلى مدينة ليون الفرنسية) في كتاباته (أواخر القرن الثاني)
استخدمت هذا اإلنجيل.
«إنجيل توما الطفولي» هذا موجود لدينا في نسخ يونانية وسريانية
Montague Rhodes James (1953) [1924]. The Apocryphal New Testament (2nd (((1
ed.). Oxford: Clarendon Press.
Edgar Hennecke, New Testament Apocrypha. Philadelphia: Westminster. 1963. (((1
201 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
اكتمل؟» .ثم جاء أهل الصبي الميت إلى يوسف ،والموه قائلين« :بما
إنك تربي مثل هذا الصبي ال يمكنك إذن أن تعيش معنا في القرية ،إال
بأن تعلمه أن يبارك وال يلعن ،ألنه يميت أوالدنا» .فدعا يوسف الصبي
الصغير على انفراد والمه ً
قائل« :لماذا تفعل هذه األشياء التي تجعلهم
يكرهوننا ويضطهدوننا؟» ولكن يسوع قال :أنا أعرف أن هذه الكلمات
ليست لك ،ورغم ذلك من أجلك سوف أؤثر السالمة ،ولكنهم سينالون
عقابهم» ،وللحال ُأصيب الذين اتهموه بالعمى»( .اإلصحاح .)5 ،4
« .2إنجيل يعقوب التمهيدي (جيمس) أو إنجيل الطفولة ليعقوب»:
وهو من أناجيل طفولة يسوع أي تلك التي تجمع مرويات عن قصة والدة
مريم ونذرها للمعبد ثم والدة وطفولة المسيح ...والنص الكامل لهذا
اإلنجيل موجود باليونانية في حوالى 130مخطوطة معظمها يعود
إلى ما بعد القرن العاشر ...كما أن هناك العديد من الترجمات إلى
اللغات القديمة ...ويعرف هذا اإلنجيل باإلنجيل األصلي أوالتمهيدي
أو األول ...وأول طبعة معروفة له تعود إلى ترجمة التينية نشرت عام
1552وأخرى لألصل اليوناني نشرت عام .1564كما أن مخطوطة
يونانية على ورق البردي تعود للقرن الثالث اكتشفت في منتصف القرن
العشرين ونُشرت في عام ( 1958وهي اآلن محفوظة في مكتبة بودمر
في جنيف) ...إن كثرة عدد نسخ هذا اإلنجيل وترجماته ومخطوطاته
يشير إلى شيوعه وسعة انتشاره في الكنائس المسيحية ...ويسود اعتقاد
بأن تجميعه جرى في سوريا أو مصر في منتصف القرن الثاني.
ينتمي إنجيل يعقوب التمهيدي إلى مجموعة أناجيل الطفولة التي
تحكي بشيء من اإلسهاب عن فترة شباب مريم العذراء وميالد يسوع
وطفولته .أما تسمية اإلنجيل بـ «التمهيدي» ) (Protoevangeliumفحديثة؛
فقد أطلقت على إنجيل يعقوب ألول مرة عام 1552م في ترجمة التينية
قام بها غيوم بوستيل ) ،(Guillaume Postelوقد كان أوريجينوس أول من
203 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
حنة تُرضع؟ اسمعوا اسمعوا يا أسباط إسرائيل االثني عشر ،أن حنة
تُرضع» .ثم وضعت الطفلة لتستريح في غرفة النوم التي بها محرابها ،ثم
ذهبت لتخدمهم .وعندما انتهت الوليمة ،ذهبوا مبتهجين وممجدين إله
إسرائيل .وازدادت شهور عمر الطفلة حتى بلغت السنتين ،فقال يواقيم:
«لنذهب بها إلى هيكل الرب حتى نوفي النذر الذي نذرناه حتى ال يطالبنا
الله به وتصبح تقدمتنا غير مقبولة» .فقالت حنة« :لننتظر حتى السنة الثالثة
حتى ال تشتاق الطفلة إلى أبيها وأمها» ،فقال يواقيم« :لننتظر» .وعندما
بلغت الطفلة ثالث سنوات ،قال يواقيم« :ادع الفتيات العبرانيات غير
مصباحا وتشعله ،حتى ال تلتفت الطفلةً الدنسات ،ولتأخذ كل واحدة
إلى الوراء ولكي يأسر هيكل الرب قلبها» .وفعلوا هكذا حتى صعدوا إلى
قائل« :الرب ع ّظم اسمه
هيكل الرب .فاستقبلها الكاهن وقبلها وباركها ً
في كل األجيال وفي آخر األيام سيظهر الرب فيكي خالصه لكل بني
إسرائيل» .ثم أجلسها على الدرجة الثالثة للمذبح ،ووضع الرب نعمته
عليها وكانت فرحة وأحبها كل بيت إسرائيل .ثم رجع أبواها متعجبين
وممجدين الرب اإلله ألن الطفلة لم تلتفت للوراء ،وكانت مريم في
الهيكل مثل حمامة ،تتغذى وتتلقى طعا ًما من يد مالك .وعندما بلغت
مريم اثني عشر عا ًما ،اجتمع مجمع من الكهنة قائلين :انظروا ،قد بلغت
مريم الثانية عشرة من العمر وهي في هيكل الرب ،ماذا نفعل بها لئال
تدنس قدس الرب؟ فقالوا لرئيس الكهنة :قف أنت على مذبح الرب
وصل من أجلها ،ومهما يكن األمر الذي سيعلنه لك الرب دعنا ِ وادخل
نفعله».
ثم يستمر اإلنجيل (األبوكريفي) ليروي قصة خطبة مريم ليوسف
عجوزا وله أوالد ،ثم يذكر بالتفصيل ميالد يسوع
ً الذي كان حينئذ ً
رجل
في كهف والمعجزات المصاحبة له.
أما الهدف الرئيس من الكتاب كله فهو اثبات بتولية العذراء الدائمة
205 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
التي لم تمس ً
قبل ،وأثناء ،وبعد ميالد المسيح .وهكذا ،شربت العذراء
«ماء اإليمان الراسخ الذي للرب» حتى تزيل من نفسها أي شك (فصل
.)16كما شهدت لدوام بتوليتها القابلة التي حضرت حادثة الميالد
(فصل .)20وبهذا الخصوص ،يبدو أن إكليمنضس اإلسكندراني
كان يعرف هذا اإلنجيل أو مصادره األسطورية ،فهي يقول في كتابه
«المتفرقات« :يقول البعض أنها بعد أن ولدت ،اعتنت بها قابلة فوجدت
أنها ال تزال عذراء»(.((1
ويختتم اإلنجيل بحادثة استشهاد زكريا أبي يوحنا المعمدان وموت
هيرودوس ،ثم تأتي في نهايته فقرة بخصوص المؤلف هي« :واآلن أنا
يعقوب الذي كتبت هذا التاريخ في أورشليم عندما اندلع شغب هناك
بسبب موت هيرودوس ،فانسحبت إلى البرية حتى ينتهي الشغب في
أورشليم ،ممجدً ا للرب اإلله الذي منحني الموهبة والحكمة ألكتب هذا
التاريخ».
هذا المقطع يريد القول إن كاتب اإلنجيل هو يعقوب الصغير
أسقف أورشليم وأخو عيسى؛ وهو أمر يتعذر اثباته .وتظهر الحكايات
التي أوردها الكاتب في هذا اإلنجيل أنه متأثر بشدة بالعهد القديم ،وهذا
يشير إلى أنه مسيحي من أصل يهودي يسكن في مكان ما خارج فلسطين،
ربما مصر ،ولعله من كنيسة القدس األولى أو كنيسة الختان ،ما يعني
أيضا.
احتمال كونه يعقوب نفسه ً
ويرجع شكل النص اليوناني الموجود بين أيدينا اليوم إلى القرن
الرابع الميالدي؛ حيث كان إبيفانيوس قد استخدمه في الجزء األخير
من ذلك القرن .أما االنتشار الواسع الذي كان يحظى به «إنجيل يعقوب
( ((1كان البابا جالسيوس الذي تولى باباوية الكنيسة الكاثوليكية من سنة -492
قرارا في نهاية القرن الخامس يحتوي على أسماء الكتب المقدسة القانونية 496م قد أصدر ً
سفرا للعهد الجديد)
والكتب المنحولة .في الجزء الثاني منه نجد أسماء األسفار القانونية (ً 27
وفي الجزء الخامس من القائمة نجد أسماء كتب مرفوضة وممنوع قراءتها .وقد ورد فيها كتاب
باسم إنجيل برنابا وبقية أسماء الكتب المذكورة هي كتب غنوصية .منها أعمال أندراوس،
أعمال بطرس ،أعمال توما ،أعمال فيلبس ،انجيل يعقوب الصغير ،انجيل برثولماوس ،إنجيل
بطرس ،انجيل أندراوس ،كتاب طفولة المخلص ،رؤيا توما ،رؤيا بطرس ،رؤيا استفانوس...
وغيرها .ويقول البابا جالسيوس« :إن هذه الكتب (المنحولة) وما شابهها قد علمها ودونها
الهراطقة والمنشقون وأتباعهم .فنحن نرفض هذه الكتب ونستبعدها في كل الكنيسة الرومانية
الكاثوليكية الرسولية ونحرمها مع كاتبيها».
207 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
ويوحنا الذهبي الفم .ترجمه هنري سايك أستاذ اللغات الشرقية في
جامعة كمبردج ونشره عام ُ ...1697يرجع البعض تاريخ وضع هذا
اإلنجيل إلى القرن السادس الميالدي ،واستمد هذا الكتاب المتأخر
محتوى جزئه األول من إنجيل يعقوب التمهدي ،ومحتوى جزئه الثاني
من إنجيل توما عن طفولة يسوع ،لكنه أضاف إليهما الكثير من األحداث
الجديدة والغربية .وهكذا يذكر هذا اإلنجيل األبوكريفي أن يسوع قال
ألمه وهو نائم في مهده« :أنا يسوع ابن الله ،اللوغوس الذي ولدتيه ِ
أنت».
يتكون إنجيل الطفولة العربي من ثالثة أجزاء:
-ميالد الطفل يسوع ،وهو مبني على إنجيلي متى ولوقا القانونيين
إلى جانب إنجيل يعقوب التمهيدي.
-معجزات يفترض أنها حدثت أثناء الرحلة إلى مصر ،وهي مبنية
على تقاليد محلية قديمة ،تقوم العذراء فيها بالدور الرئيسي.
-معجزات للطفل يسوع ،مبنية على إنجيل الطفولة لتوما اإلسرائيلي
قصصا من عدة أساطير شرقية
ً يتضمن القسم األوسط منه َّ كما
مثيرة ،والشخصية الرئيسية فيه هي السيدة مريم ال يسوع.
ُعرف بأنه إنجيل الغنوصيين (العرفانيين) في القرن الثاني ميالدي.
وكان أحد المجامع قد أدانه ( )1599باعتباره إنجيل النساطرة ...ويذكر
خصوصا حول سنوات ً قصصا منقولة عنه
ً بعض الكتاب المسيحيين
بئرا قرب شجرة لغسل طفولة عيسى في مصر ..منها أن عيسى حفر ً
بلسما ..وعن بطرس الشهيد مطران ً ثيابه ..وأن الشجرة صارت تطرح
اإلسكندرية في القرن الثالث أن المكان الذي شهد طفولة ومعجزات
عيسى في مصر ُيعرف باسم المطرية وهو على بعد عشرة أميال من القاهرة
وأن سكانه يوقدون الشموع لتذكر عيسى وأن هناك حديقة أشجار تطرح
برنابا وأناجيل أخرى 208
بلسما كان عيسى زرعها في الطفولة ...ويذكر العالمة أحمد ابن إدريس
ً
أن هذا اإلنجيل العربي كان خامس األناجيل المعتبرة في كنائس مصر
وسوريا.
قديما
يرجع انتشار استخدام هذا اإلنجيل عند العرب والمصريين ً
إلى أن أهم المعجزات المذكورة فيه يفترض أنها حدثت في أثناء وجوده
في مصر .ويقول هذا اإلنجيل (إصحاح )7أن المجوس قاموا برحلتهم
إلى بيت لحم بناء على نبوة لزرادشت عن والدة المسيا
وأيضا
ً « .5إنجيل متى» :ويسمى «إنجيل الطفولة بحسب متى»
«إنجيل مولد مريم وطفولة المسيح المخلص» .في مقدمة النص رسائل
تبادلها أحد آباء الكنيسة األوائل «جيروم» مع األساقفة قماطيوس
وهليودوروس حيث يطلبان منه ترجمة «كتاب عبري كتبه اإلنجيلي متى
يتعلق بمولد مريم وطفولة يسوع» .ولذلك نسب الكتاب إلى جيروم
وال ندري إن كان هو مؤلفه أم مترجمه برغم أن دارسي كتابات جيروم
يجدون أسلوبه مختل ًفا تما ًما.
209 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
أما إنجيل المصريين القبطي فهو يعود إلى القرن الثاني وينتمي
إلى فرقة الشيثيين الغنوصية (نسبة إلى شيث االبن الثالث آلدم وحواء
بحسب العهد القديم) التي كانت ترى أن عيسى هو تجسد شيث ( ((2وقد
أنتجت هذه الفرقة العديد من الكتابات الغنوصية الباطنية يبدو أن هذا
اإلنجيل أحدها.
« .7إنجيل العبرانيين» :وهو معروف فقط من خالل المقتطفات
واضحا أنه كان
ً التي نقلها عنه كتّاب الكنيسة األوائل .ومن اسمه يبدو
خاصا بالفرق المسيحية -اليهودية األولى التي حافظت على الشريعة ً
الموسوية في حياتها .ومن المهم اإلشارة إلى أن معظم االستشهادات
المطولة عن هذا اإلنجيل نقلها كتاب مسيحيون كانوا يعيشون في
اإلسكندرية .فقد نقل عنه إكليمنضس اإلسكندراني (أواخر القرن
الثاني) وجيروم (حوالى العام ،)400وأوريجينوس (مطلع القرن
الثالث) وكير ُّلس (مطران القدس حوإلى العام ...)350كما أشار إليه
يوسابيوس (مطلع القرن الرابع) وهيجيز ُبس (أواخر القرن الثاني) ،من
دون أن ينقال عنه ...وفي الئحة األناجيل اإلزائية واألناجيل المخفية
نيقيفورس
ُ أيضا في بعض الترجماتوالتي أعدها نيسيفوروس (ويسمى ً
ونيقوفوروس :بطريرك القسطنطينية 818-806والمشهور بعزله بسبب
وتُظهر الفقرة المقتبسة أعاله من جيروم أنه كان يحتوي على أقوال
ليسوع لم يوردها أي من األناجيل القانونية .وقد برهن أناس آخرون
غير «القديس» جيروم على هذه الصفة المميزة إلنجيل العبرانيين ،نذكر
منهم ،على سبيل المثال ،يوسابيوس( ((2الذي يقول «إن هذا اإلنجيل
موجها
ً الذي قد وصل إلينا في حروف عبرية يعطي الويل كما لو لم يكن
لذاك الذي يخفي وزنته ،بل لذاك الذي يحيا حياة مستهترة .ألن -المثل
الذي ورد فيه يحكي -عن ثالثة عبيد؛ واحد منهم أنفق فضة سيده على
( ((2بابياس أسقف هيرابوليس ُولد ما بين 70 ،60م .صار أسق ًفا على هيرابوليس في
فريجية بآسيا الصغرى .يرى يوسابيوس القيصراني أن بابياس تلميذ «القديس» يوحنا الحبيب،
ورفيق «القديس» بوليكاربوس أسقف أنطاكية .يذكر «القديس» إيريناوس المعاصر له أنه وضع
كتا ًبا في خمس مقاالت ،في نهاية حياته ما بين عامي 130و 140م .لكنه لم ُيعثر بعد على نسخة
منه .تعرفنا على كتاباته وأفكاره غال ًبا من خالل كتابات إيريناوس.
انظر يوسابيوس القيصراني؛ تاريخ الكنيسة 16 :39 :3؛ .4 :25 :6و«القديس»
إيريناوس (ضد الهرطقات )1 :1
( ((2يوسابيوس القيصراني (263-339؟) ُيعتبر أب التاريخ الكنسي ومؤسس فكرة
أساسا قامت عليه مدرسة المؤرخين ً نشر أقوال اآلباء وكتاباته مُ .يعتبر عمله «التاريخ الكنسي»
الكنسيين في العالم كله .وذلك بالرغم من اتجاهاته شبه األريوسية ،وبعض األخطاء التاريخية.
ُولد عام 263م .في قيصرية فلسطين ،حيث كانت مركزً ا هامة للعلم والمعرفة .فقد أسس
العالمة أوريجينوس مدرسته فيها بعد تركه اإلسكندرية .واهتم بمفيليوس بتأسيس مكتبة تقوم
على مؤلفات معلمه أوريجينوس الذي كان يكرمه جدً ا ،ساعده في ذلك تلميذه يوسابيوس .وقد
دعي نفسه يوسابيوس بمفيليوس باعتبار األخير أباه الروحي .وفي عام 310م .استشهد
بمفيليوس وكتب يوسابيوس سيرة أبيه الروحي ،أما هو فهرب إلى صور ومنها إلى طيبة في برية
وسجن .أصبح أسقف القيصرية في .314وكثيرا ما يشار إليه انه (أبو مصرُ .قبض عليه هناك ُ
التاريخ الكنسي) بسبب عمله في تسجيل تاريخ الكنيسة المسيحية في وقت مبكر ،ال سيما وقائع
التاريخ الكنسي :The Ecclesiasticalوهو العمل الذي أعطاه شهرة خالدة .يتكون من عشرة
كتب ،تمثل مجموعة غنية جدً ا من الوثائق ومقتطفات من الكتابات الخاصة بالكنيسة األولى.
برنابا وأناجيل أخرى 214
الزواني والمغنيات ،وآخر ربح بها أضعا ًفا مضاعفة ،واألخير أخفى
وزنته ،وكيف أن أحدهم قد قبله سيده ،وآخر لم ينله سوى اللوم ،وثالثهم
أغلق عليه في السجن»(.((3
وال بد من أن يكون هذا اإلنجيل األبوكريفي قد كُتب في القرن
الثاني الميالدي ،ألن إكليمنضس اإلسكندراني قد استخدمه في عمله
المعروف باسم «المتفرقات»( ،((3وذلك في الربع األخير من القرن
الثاني .اكتشف القديس جيروم (إيرونيموس) نصين من هذا اإلنجيل
واحد في قيصرية واألخر قرب أنطاكية.
« .8إنجيل الناظوريين» .والكتابات الغربية والعربية تكتب اسمهم
«الناصريين» وينسبونهم إلى الناصرة ...والترجمة الصحيحة باعتقادي
لكلمة ناظور العبرية هي «الناظر» ،وفيها معنى االنتظار والنذر والناطور/
الحارس في آن ...أي أنها طائفة «الن ّظار» أو أولئك الذين كان ينذرهم
أهلهم لحياة المعبد والعفة والزهد ينتظرون قدوم المسيح ويحرسون
الهيكل .وكانوا يطيلون شعر الرأس وال يحلقونه ويلبسون األبيض...
ولعل السيدة مريم كانت واحدة منهم إذ نذرها أهلها لخدمة الرب...
ويمكن أن تكون كلمة «ناظوري» أساسها الكلمة العبرية نظير nazir
وتعني الراهب أو الناسك المتعبد أو الدرويش الصوفي .وقد استنتجت
ذلك من عنوان مخطوطة يهودية تشبه قصة بلوهر وبوذآساف اإلسالمية،
أو برالم ويوشافاط المسيحية (سيأتي الحديث عليهما الح ًقا)(.((3
( ((3المانوية -أو المنانية (كما ذكر ابن النديم في الفهرست والبيروني في تحقيق ما
ٍ
مقبولة في العقل أو مرذولة) ديانة تنسب إلى ماني (مولود في بابل سنة 216- للهند من مقولة
ُأعدم سنة 276م في جنديسابور باإلمبراطورية الساسانية) .ظهر ماني في زمان شابور بن أردشير
وقتله بهرام بن هرمز بن شابور .وقيل إن الوحي أتاه وهو في الثانية عشر من عمره وكان في
األصل مجوس ًيا عار ًفا بمذاهب القوم وكان يقول بنبوة المسيح وال يقول بنبوة موسى فنحى
منحى بين المجوسية والمسيحية .حاول ماني إقامة صلة بين ديانته والديانة المسيحية وكذلكً
كل من بوذا وزرادشت ويسوع أسال ًفا له ،وقد كتب مانيالبوذية والزرادشتية ،ولذلك فهو يعتبر ً
نظيرا إلنجيل عيسى.
عدة كتب من بينها إنجيله الذي أراده أن يكون ً
انظر :الزندقة -ماني والمانوية .تأليف جيو وايدنغرين ،ترجمة وزيادة مالحق :د .سهيل
زكار .دار التكوين ،دمشق .2005
( ((3القاضي عبد الجبار :مرجع سابق ،الصفحات 114و137-140
( ((3أبو الريحان محمد بن أحمد ال َب ْي ُروني ( 2ذو الحجة 362هـ 5/سبتمبر 973م-
217 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
إنجيل ماني على أنه اإلنجيل اإلبيوني وأن البيروني( ((3قرأ فيه اسم
عبد الله بن سالم( ((3وسلمان الفارسي(.((3
( ((3عبد الله بن سالم بن الحارث (أبو يوسف اإلسرائيلي) من يهود بني قينقاع ،أسلم
مبكرا ،مع قدوم النّبي إلى المدينة .وهو صحابي جليل ومن ُذ ِّريـة النبي يوسف من بني إسرائيل.
ً
خواص
ِّ الح ْبر ،المشهود له بالجنة ،حليف األنصار ،من
قال عنه الذهبي في السير« :اإلمام َ
أصحاب النبي».
( ((3سلمان الفارسي (المتوفي سنة 33هـ) صحابي ،وأحد رواة الحديث النبوي،
وهو أول الفرس إسال ًما؛ أصله من بالد فارس ،ترك أهله وبلده سع ًيا وراء معرفة الدين الحق؛
فانتقل بين البلدان ليصحب الرجال الصالحين من القساوسة ،إلى أن وصف له أحدهم ظهور
نبي في بالد العرب ،ووصف له عالمات ليتحقق منه .اتفق سلمان مع قوم من بني كلب لينقلوه
إلى بالد العرب ،فغدروا به وباعوه إلى يهودي من وادي القرى ،ثم اشتراه يهودي آخر من يثرب
من بني قريظة ،ورحل به إلى بلده .وعند هجرة النبي محمد إلى يثرب ،سمع به سلمان ،فسارع
ليتحقق من العالمات ،فأيقن أنه النبي الذي يبحث عنه .فأسلم ،وأعانه النبي محمد وأصحابه
على ُمكاتبة مالكه ،حتى ُأعتق .بعد عتقه ،شهد سلمان مع النبي محمد غزوة الخندق ،وهو الذي
أشار على النبي محمد بحفر الخندق لحماية المدينة من قريش وحلفائها ،ثم شهد معه باقي
المشاهد .وبعد وفاة النبي محمد ،شهد سلمان الفتح اإلسالمي لفارس ،وتولى إمارة المدائن
في خالفة عمر بن الخطاب إلى أن توفي في خالفة عثمان بن عفان.
برنابا وأناجيل أخرى 218
https://www.orthodoxonline.org/theology/sects-cults-and-heresies/ancient- (((4
cults-and-heresies/70-ebionaioi#gsc.tab=0
أيضا بيوحنا الرائي وبيوحنا الحبيب.
(« ((4القديس» يوحنا اإلنجيلي ويعرف ً
219 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
هذا الرأي.
( ((4ألفرد شميدتكه عالم أديان ألماني متخصص بالعهد الجديد .كان معاونًا لهرمان
فون سودن حين درس المخطوطات اليونانية القديمة لكتاب العهد الجديد .سافر للبحث
والتحقيق في مكتبات وأديرة ألبانيا ومقدونيا بتفويض من فون سودن .وفي العام 1903وبعد
أن قضى فترة طويلة على جبل آثوس نشر وص ًفا لجمهورية رهبان الدير هناك .في العام 1911
نشر أعماله عن مخطوطات األناجيل اليهودية المسيحية .غاب ذكره بعد الحرب العالمية
األولى.
Adversus Haereses 30: 13 -16 ( ((4
Idem 30: 16 ( ((4
برنابا وأناجيل أخرى 220
أن وجود 3مخطوطات يونانية مختلفة يشير إلى أن هذا اإلنجيل كان
متداول في مطلع القرن الثالث ميالدي وأن أصله يعود إلى القرن ً
الثاني ...والنسخ اليونانية كما القبطية طبعت ونشرت وترجمت إلى عدة
لغات .والمخطوطة القبطية األصلية موجودة اليوم في المتحف القبطي
في القاهرة القديمة ،كما أن المخطوطات اليونانية موجودة في 3مكتبات
بريطانية (أوكسفورد ،لندن ،وهارفارد) ...وتوما بحسب الشائع وكما
يكتب هو نفسه اسمه في مقدمة إنجيله هو» ديديموس يهوذا توما» الذي
Yوأيضا ً
أخا رسول ً ً كان محتر ًما جدً ا في الكنائس السورية األولى باعتباره
وحتى شقي ًقا توأ ًما للمسيح (كلمة توما بالعبرية تعني توأم؛ وكذلك كلمة
أيضا أن اسمه يهوذا وهو اسم أحد أخوة ديديموس الالتينية ،والحظ ً
عيسى من يوسف النجار كما في األناجيل القانونية)...
أيضا
يقول أوريجينوس في عظته األولى على إنجيل لوقا« :هناك ً
إنجيل متداول بحسب توما» .وبينما ينسبه هيبولي ُطس الروماني( ((4إلى
فرقة «الناسيين» ) ،(The Naassenesيتكلم كيرلس األورشليمي( ((4عنه
باعتباره ً
عمل مانو ًيا؛ فهو يقول في مقاالته للموعوظين(:)36 :4( ((4
«ومن العهد الجديد اقرأوا أربعة أناجيل فقط ،فالباقي أبوكريفي و ُمضر.
أيضا إنجيال منسو ًبا إلى توما ،وبالرغم من أنه يحمل
ولقد كتب المانويون ً
جميل هو اسم اإلنجيل ،إال أنه يفسد نفوس البسطاء» .وكذلك في ً اسما
ً
عبارة مشابهة يقول في الفصل السادس المقطع « :31ال تدعوا أحدً ا يقرأ
رسول ،لكن كتبهً إنجيل توما ،فهو لم ُيكتب بواسطة أحد االثني عشر
أحد تالميذ ماني الثالثة األشرار»( .((4ولعل إنجيل توما المانوي كان
مجرد اختصار وإعادة صياغة إلنجيل توما الغنوصي.
يسميه البعض اإلنجيل الخامس ويعتبرونه أقدم األناجيل وهو
مختارات من 114فقرة أو سورة من كلمات يسوع «السرية» (ومن هنا
طابعه الغنوصي الباطني) وتبدأ بـ «قال يسوع أو «أجاب يسوع».
« .11إنجيل يوحنا» وهو غنوصي قط ًعا وجدت نسخة التينية منه
في سجالت محاكم التفتيش التي أقامتها الكنيسة الكاثوليكية في منطقة
كركاسون الفرنسية بعد القضاء على شيعة الكاثار .والنسخة تعود إلى ما
بين القرن الخامس والسابع ميالدي .والنص حوار بين عيسى ويوحنا
على شكل أسئلة وجهها يوحنا ويجيب عليها عيسى وفيه كل المحزون
الغنوصي من نسبة خلق العالم والشريعة إلى الشيطان ،وتصوير األنفس
المسجونة في أجساد أرضية مالئكة أغواها الشيطان وحبسها في المادة.
«.12إنجيل بطرس» في الكتاب السادس من تاريخ يوسابيوس
الكنسي سرد لحياة وأعمال سيرابيون مطران أنطاكية؛ وفيه أن هذا
منشورا في الرد على إنجيل متداول في زمنه باسم إنجيل
ً المطران كتب
بطرس .وفي كتاب يوسابيوس هذا أن سيرابيون ُع ِّين في أنطاكية عام
،191ما يعني أن اإلنجيل يعود للقرن الثاني ميالدي .وعند يوسابيوس
أيضا أن المطران سيرابيون زار رعيته في مدينة روسوس (من أعمال ً
كيليكيا ،في تركيا اليوم واسمها الحالي آرسوز أو آرسوس وهي في
األسكندرون على الساحل) ووجدهم يستخدمون هذا اإلنجيل فقرأه ثم
أصدر منشوره بتحريمه ألنه اعتبره من أعمال نحلة مرقيون( ((4وخلفاء
النحلة الدوسيتية ،Docetistsوهي فرقة استمرت عبر الكاثار واأللبيجيين.
وهذا يشير إلى أن الكثيرين من المسيحيين األوائل رفضوا فكرة ألوهية
المسيح أو أن عيسى هو ابن الله ،وأن الله يعذب ابنه ويصلبه ويقتله.
وهي أولى النحل المهرطقة في المسيحية .وكانت قد انتشرت في أنطاكية
النقاشات والصراعات حول حقيقة المسيح .وكانت البعثة األركيولوجية
الفرنسية في القاهرة قد اكتشفت في عام ( 1887-1886ونشرتها في
عام )1893-1892في مقابر أخميم في صعيد مصر مجموعة كبيرة من
( ((4مرقيون السينوبي 160-140( Marcion of Sinopeم) ،هو ابن أسقف سينوب في
إقليم البنطس (على شاطئ البحر األسود من األناضول) تأثر باألفكار الغنوصية بعد أن أصبح
غن ًيا فحرمه والده من الكنيسة ،فخرج من سينوب وطاف آسيا الصغرى حتى روما التي منح
كنيستها هدية مادية قيمة ،ونشر تعاليمه وتجمع حوله الكثير من األتباع فكانت كنيسته الغنوصية
أكثر عد ًدا من جميع الكنائس الغنوصية السورية .وبحسب طرطليانوس فقد بدأ مرقيون مسيرته
كمسيحي أرثوذكسي لكنه سرعان ما صاغ مذه ًبا مميزً ا وجذر ًّيا أ َّدى إلى إلقاء الحرمان عليه من
قبل كنيسة روما في تموز 144م ،وهو التاريخ التقليدي لتأسيس الكنيسة المرقيونية
(طرطليانوس ،ضد مرقيون :1.1 ،جاء إلى رومة حوالى السنة 140مع ّلم غنوصي أصله من
البنطس واسمه مرقيون .فع ّلم نظا ًما ثنائ ًّيا يعارض فيه العهدان الواحدُ اآلخر .رذل مرقيون َّ
كل
الشرير ولم يحتفظ من العهد الجديد إالّ أسفار العهد القديم واعتبرها من عمل العقل الخالّق ّ
شوهه ،وبقسم من رسائل «القديس» بولسُ .حرم سنة 144وناقضه بإنجيل لوقا بعد أن ّ
يوستينوس ،ولكنّه ربح أت ّباعًا كثيرين سيحاربهم ترتليانس بعد نصف قرن في كتابه «ضد
(دون في نسخة أولى سنة ،200وثانية سنة ،207وثالثة سنة .)211هذا الكتاب هو مرقيون» ِّ
للتعرف إلى «النقائض» التي نشرها المع ّلم الهرطوقي ّ .أ ّما ر ّدة الفعل علىّ األساسي
ّ المرجع
هذه المحاولة فكانت إجبار األساقفة والمع ّلمين المسيح ّيين على وضع الئحة كاملة بكتبهم
المقدّ سة وإبعاد األسفار المنحولة والمشبوهة .ومرقيون هو مؤسس وزعيم نحلة الدوسيتية.
Kurt Rudolph; Gnosis: The Nature and History of Gnosticism. HarperOne; New edition
(May 6, 1987), p.314
223 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
األوراق (فيها إنجيل بطرس ورؤيا بطرس وكتاب إينوخ) .طول الورقة 6
إنش وعرضها أقل من 5إنش .وهي تعود إلى القرن الثامن .ولكن كتاب
إينوخ يعود إلى القرن األول ميالدي على األقل إن لم يكن قبل الميالد.
وكتاب ورؤيا بطرس تعود للقرن الثاني ميالدي.
كتاب رؤيا بطرس كان معرو ًفا عند المسيحيين في قرطاجة (شهداء
عام )203وفيه تفاصيل عن الجحيم تنافس ما كتبه دانتي :الكاذبون
يأكلون لسانهم في جهنم .وأفواههم تملؤها النار .المرابون يقفون في
مستنقع تصل فيه القاذورات والدماء والوسخ إلى ركبهم .الذين يشتمون
أو ّ
يكذبون األنبياء و«القديسين» يعلقون من ألسنتهم( .من هذا يظهر كم
كبيرا في أدبيات الكنيسة حول عذاب
كان تأثير هذا الكتاب األبوكريفي ً
النار).
اكتشف «بوريانت» ) ((5((Bouriantشذرة كبيرة من هذا اإلنجيل عام
( )1887-1886في قبر لراهب بأخميم في صعيد مصر ،ونشرها مع
ترجمة في 1892م .ويروي هذا اإلنجيل قصة آالم يسوع وموته ودفنه،
ويزين قصة قيامته بتفاصيل مشوقة تتعلق بما تالها من معجزات .كما
أنه توجد فيه بعض اآلثار البسيطة للهرطقة الدوستية (الخيالية) ،وربما
لهذا السبب غير كاتب اإلنجيل كلمات يسوع على الصليب القائلة «إلهي
إلهي لما تركتني» لتصبح «قوتي قوتي لقد تركتني» .ومن الملفت للنظر
أيضا أن هيرودوس في هذا اإلنجيل هو من أصدر الحكم باإلعدام على ً
المسيح وليس بيالطس؛ وبهذا تقع مسؤولية صلب المسيح على اليهود
حصر ًيا .لكن ،هناك شك فيما إذا كان هذا اإلنجيل يعود ح ًقا إلى أصل
هرطوقي ،ألن اإلشارات المبعثرة التي تدل على كونه ينتمي إلى مذهب
هرطوقي أقل من أن تكون مقنعة ،فالكاتب يبدو كما لو كان قد أعاد
صياغة روايات األناجيل القانونية متصر ًفا فيها بحرية.
وهناك كذلك إشارات لـ «اإلنجيل بحسب بطرس» في كتابات
الكُتاب الكنسيين .وقد كان أوريجينوس هو أول من ذكره ،وذلك في
تفسيره إلنجيل متى ( ،)17 :10فهو يقول إن البعض يظنون -معتمدين
على تقليد ذكره إنجيل تحت اسم بطرس -أن هؤالء المدعوين «إخوة
يسوع» هم أبناء ليوسف النجار من زوجة سابقة كانت تعيش معه قبل
مريم .وقد ذكر يوسابيوس القيصراني أن األسقف سيرابيون األنطاكي قد
رفض هذا اإلنجيل حوالى عام 190م باعتباره ذا سمة دوستية .ومن ثم،
ينبغي أن يكون هذا اإلنجيل قد كُتب في النصف الثاني من القرن الثاني
الميالدي على أقصى تقدير.
.13إنجيل فيلبس» :لم تُنسب األناجيل األبوكريفية إلى بطرس
(((5
أيضا .وقد تكلم إبيفانيوس
ويعقوب وتوما فقط بل إلى باقي «الرسل» ً
عن الغنوصيين المصريين ً
قائل« :لقد زيفوا إنجيال باسم فيلبس ،التلميذ
القديس ،وهو يقول فيه« :لقد كشف لي الرب عن الذي يجب أن تقوله
النفس بينما تصعد إلى السماء ،والكيفية التي يجب بها أن تجيب على
كل قوة من القوات العليا -يجب على النفس أن تقول« :لقد عرفت
نفسي ،وجمعت شتات نفسي من كل مكان ،ولم ألد أوال ًدا للحاكم،
ولكني قضيت عليه ،وجمعت األعضاء المشتتين في جميع االتجاهات.
وأنا أعرف من أنت ،ألني أحد الذين هم فوق» .وتكشف هذه الشذرة
و) ،((5((J. Tixerontيشكون في صحة هذا األمر .أما الفقرات التي كتبها
ذاكرا فيها «تقاليد متياس» -فهي التالية« :إن بداية معرفة
إكليمنضس ً -
الحق هي أن يشك المرء في األشياء ،وذلك كما يقول أفالطون في
قائل« :شك في محاورة ثياتيتوس ) .(Theaetetusوها هو متياس ينصحنا ً
جاعل من هذا األمر الخطوة األولى نحو معرفة ً األشياء التي أمامك،
( ((5هو مخطوط غنوصي آخر وجد خارج مجموعة نجع حمادي يرجع تاريخه للقرن
الرابع الميالدي ،وهو يتضمن مجموعة من الحوارات بين السيد المسيح وتالميذه من الرجال
والنساء.
(Otto Bardenhewer. Patrology: the lives and works of the fathers of the church, ((5
Freiburg im Breisgau, 1908
(Otto Stählin. Clément d’Alexandrie. Quel riche sera sauvé. Edited and ((5
translated by Carlo Nardi and Patrick Descourtieux; texte grec O. Stählin and L. Früchtel
(GCS 172). (Sources Chrétiennes, 537.) Pp. 259. Paris: Les Éditions du Cerf, 2011
Joseph Tixeront. A handbook of patrology. St. Louis B. Herder Book Co., 1920. (((5
برنابا وأناجيل أخرى 226
(((6
هو ،ولكنه ُوجد بينهم كطفل» .وقيل إن أعضاء طائفة القايينيين
) (Cainitesكانوا يستخدمونه.
وخصوصا في المنطقة
ً ( ((6هم طائفة غنوصية كانت مزدهرة في القرن الثاني الميالدي
الشرقية من اإلمبراطورية الرومانية ،كانت رؤيتهم ليهوه أنه شرير ألنه صمم العالم على نحو
معاد للخير ،حتى يمنع العنصر اإللهي في اإلنسان من االتحاد باإلله الكامل غير المعروف،ٍ
وكانوا يمجدون الشخصيات الكتابية التي ُرفضت في العهد القديم مثل قايين وعيسو وغيرهم
من الذين اعتقدوا بأنهم كانوا يحملون معرفة باطنية مختلفة ،ويقولون إن هذه الشخصيات
عوقبت بواسطة إله غيور وشرير ،ويطلق على القايينيين أحيانًا لقب «الغنوصيين المستبيحين»،
وذلك إليمانهم بأن الخالص والكمال الحقيقي ،يأتي فقط عن طريق كسر كل الوصايا الكتابية
في فترة حياة واحدة فقط ،أي يجب على الغنوصي الذي يريد الخالص أن يكسر كل الوصايا
أثناء حياته.
(Augustinus: Contra adversarium legis et prophetarum. Commonitorium Orosii ((6
et sancti Aurelii Augustini contra Priscillianistas et Origenistas. K.D. Daur (ed.). IV+217 p.,
original edition: 1985, reprint, 1985. 1: 20
229 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
( ((6كان البوربوريون طائفة غنوصية وصفها المسيحيون بأنها موغلة في القذارة
والشر بشكل غير طبيعي ،وكلمة «بوربوري» مأخوذة من الكلمة اليونانية «بوربوروس» والتي
تعني «وحل»؛ لذا يمكن أن تترجم كلمة «البوربوريين» إلى «القذرين» .وكانت عقائدهم
تتضمن ،بحسب ما نقله الكتاب المسيحيون ،ممارسة الجنس المثلي (لواط وسحاق) باإلضافة
إلى أمور أخرى .وبما أن كل ما نعرفه عن هؤالء البوربوريين قد أتى من أعدائهم ،لذلك ال
يمكننا أن نكون متأكدين ما إذا كانت هذه االتهامات صحيحة أم مبالغًا فيها.
( ((6األوفيتية طائفة من ضمن عدة طوائف غنوصية ازدهرت في اإلمبراطورية
الرومانية في القرن الثاني الميالدي ولعدة قرون الحقة .اندرج تحت اسم «األوفيتيين» عدة
طوائف غنوصية مثل الناسيين والقايينيين ،وقد اختلفت عقائد هذه الطوائف عن بعضها البعض
من أوجه كثيرة لكنها جمي ًعا تمحورت حول نظرية الهوتية ثنائية وضعت كائنًا أعلى ذا طبيعة
روحية محضة -وهو مصدر العملية الكونية والخير األسمى -على طرف النقيض مع عالم
مادي فوضوي وشرير .بالنسبة إلى األوفيتيين ،كانت معضلة اإلنسان نتيجة كونه خلي ًطا من هذه
العناصر الروحية والمادية فقط المعرفة -المعرفة الباطنية -هي التي تستطيع ان تخلص اإلنسان
من قيود المادة وتجعله على دراية بهذا اإلله غير المعروف والمصدر الحقيقي لكل وجود.
برنابا وأناجيل أخرى 230
ً
وتلميذا وأبيلس هذا كان مسيح ًيا غنوص ًيا من القرن الثاني للميالد
لمرقيون عاش في روما على األغلب إال أن الجماعة المرقيونية طردته
من صفوفها .كتب ترتليانوس عن أن سبب طرده أنه صاحب سيدة
رومانية اسمها فيلومينا ادعت أن مالكًا يسكنها ويلقي عليها بوحي كان
أبيلس يقرأه أمام الجمهور .ارتحل أبيلس إلى اإلسكندرية حيث طور
تعاليمه المعدلة عن المرقيونية فكتب كتابه المسمى «التفكير المنطقي»
Syllogismsوقيل إنه عارض فيه كتابات مرقيون التي وضعت العهد
الجديد في تضاد مع العهد القديم.
-9إنجيل مرقيون هو النص الذي استعمله المعلم مرقيون في
عوضا عن األناجيل األخرى .تعتبر بقاياه التي
ً منتصف القرن الثاني
أعيد جمعها من أبوكريفا العهد الجديد .كتب عدد من الكاثوليك رسائل
ضد مرقيون بعد موته باإلضافة إلى نقد كتبه ترتليانوس مما سمح بإعادة
تأليف إنجيل مرقيون بالكامل تقري ًبا باالعتماد على مقتطفاتهم له.
كبيرا على شكلخطرا ً
يعرف مرقيون من خالل نقاده فقط الذين اعتبروه ً
المسيحية المعروف لديهم.
-10إنجيل ماني المسمى «اإلنجيل الحي أو اإلنجيل الكبير أو
إنجيل األحياء»...إلخ( ((6ويعود إلى القرن الثالث؛ كتبه ماني بالسريانية
في األصل وسمي «اإلنجيل .Evangelion (Syriac) :كان هذا اإلنجيل
واحدً ا من الكتابات السبعة األصلية للمانوية.ال تزال مقاطع كثيرة من
هذا اإلنجيل محفوظة في المخطوط الكولوني Cologne Mani-Codex
المكتشف في أسيوط المصرية في العام ،1969وتسمىCodex :
.Manichaicus Coloniensisكما أن مقاطع مخطوطة أخرى اكتشفت في
مدينة طرفان (توربان) الصينية في العام .1904ويبدو من مخطوطات
)The Living Gospel (also Great Gospel, Gospel of the Living, and variants ( ((6
برنابا وأناجيل أخرى 232
تاريخ تأليفه قبل عام 197م ،وهو التاريخ الذي ألف فيه ترتليانوس
كتابه » .«Apologeticumواعتما ًدا على النص اليوناني ،جاءت الترجمة
اإلنكليزية التي أنجزها مونتاغ رودس جيمس ) ((7((M. R. Jamesكالتالي:
«من بيالطس البنطي إلى كلوديوس قيصر ،تحية وسالم .لقد جرت
مؤخرا أحداث كنت أنا نفسي شاهدً ا عليها ألن اليهود بسبب الحسد ً
قد عاقبوا أنفسهم وذريتهم بأحكام مخيفة بسبب خطئهم؛ ألنه لما كان
آباؤهم قد وعدوهم -أو بشروهم -أن إلههم سوف يرسل لهم من
السماء قدوسه الذي يستحق أن يدعى ملكًا عليهم ،ووعدهم أن يرسله
إليهم على األرض من عذراء؛ أتى -أو أتى إله العبرانيين هذا -في
حاكما لليهودية ،ورأوه يفتح عيون العميان،
ً الوقت الذي كنت فيه أنا
ويطهر البرص ،ويشفي المفلوجين ،ويطرد الشياطين من الرجال ،ويقيم
الموتى ،وينتهر الرياح ،ويمشي فوق أمواج البحر دون أن تبتل قدماه،
ويفعل عجائب أخرى كثيرة ،وكان كل شعب اليهود يدعونه ابن الله،
إلي
إال أن رؤساء الكهنة قد ثاروا ضده في حسد ،وأمسكوا به وأرسلوه ّ
واتهموه بتهم ملفقة ،واحدة بعد األخرى ،قائلين إنه ساحر وإنه فعل أمور
ا تخالف ناموسهم لكني -بينما كنت أعتقد ان األمور هي هكذا -جلدته
حراسا
ً وسلمته إليهم بحسب إرادتهم فصلبوه ،وبعد أن ُدفن وضعوا
عليه ،لكن بينما كان جنودي يحرسونه ،قام في اليوم الثالث .إال أن خبث
كثيرا حتى أنهم أعطوا الجنود ً
مال قائلين لهم :قولوا إن اليهود قد اضطرم ً
تالميذه قد سرقوا جسده ،لكن الجنود ،بالرغم من أنهم قد أخذوا منهم
المال ،لم يستطيعوا أن يصمتوا بخصوص هذه األمور التي قد حدثت،
مال من اليهود.قائما وأنهم قد أخذوا ً
أيضا قد شهدوا أنهم رأوه ً
ألنهم ً
ولقد قمت بإخبار عظمتكم بهذه األمور ،مخافة من أن يكذب عليك
شخص ما -في الالتينية :مخافة من أن يكذب عليك شخص ويخبرك
Montague Rhodes James. The Apocryphal New Testament… op.cit ( ((7
برنابا وأناجيل أخرى 236
_https://www.difa3iat.com/27348.html?utm_source=dlvr.it&utm ( ((7
medium=gplus
237 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
بمثال تكال ،وذلك بوصفه أنه يعطي رخصة للمرأة كي تُعلم وتُعمد.
ولكن ليعلم الجميع أن هذا القس الذي ألف هذه الكتابات في آسيا -
كما لو كان يزيد بولس من شهرة على شهرته -قد ُعزل من رتبته بعد
أن تمت إدانته واعترف أنه هو من فعل هذا محبة منه في بولس» .ويبدو
ً
متدول واضحا من هذه الكلمات أن هناك كتا ًبا اسمه «أعمال بولس» كان
ً
بين الناس قبل زمن ترتليانوس ،وكان مؤلفه كاهنًا من آسيا الصغرى قد
أوقف عن خدمته الكهنوتية قبل سنة 190م .لكن لم يكن من الممكن لنا
(((7
أن نحدد المحتوى الكامل لهذا الكتاب إال حينما نشر كارل شميدت
) (Carl Schmidtسنة 1904شذرات من ترجمة قبطية له كانت موجودة في
بردية بجامعة هايدلبرغ ) .((7((Heidelbergوقد أثبتت هذه النسخة القبطية
على وجه الخصوص أن هناك ثالثة نصوص ،كانت معروفة منذ وقت
طويل باعتبارها كت ًبا مستقلة ،هي في األصل وببساطة ،عبارة عن أجزاء
من «أعمال بولس» .وهذه النصوص الثالثة هي:
ً
أول :الكتاب اليوناني المعروف باسم «أعمال بولس وتكال» .يطلق
«القديس» جيروم ،في مؤلفه الجامع عن 135شخصية مسيحية مهمة
( ((7كارل شميدت ( )1868-1938عالم ألماني بالقبطية وتاريخها وآثارها نشر عدة
نصوص قبطية واشتغل في مصر على شراء كل مخطوطات البردي التي يمكن شراؤها لمصلحة
أيضا السير تشستر بيتي Sir Chester Beattyفي بحثه عن مخطوطات
الجامعات األلمانية .ساعد ً
البردي.
(- Carl Schmidt (editor): Acta Pauli aus der Heidelberger koptischen ((7
Papyrushandschrift Nr. 1, Herausgegeben von Carl Schmidt. Übersetzungen, Untersuchungen
und Koptischer Text, Hinrichs, Leipzig 1904. (Coptic Text, German translation + commentary).
Carl Schmidt: Acta Pauli, Übersetzung Untersuchungen und koptischer Text, zweite
erweiterte Ausgabe ohne Tafeln. Hinrichs, Leipzig 1905 (1964 reprint). (Enhanced edition
)without the plates
Carl Schmidt (editor): Πράξεις Παύλου; Acta Pauli. Nach dem Papyrus der Hamburger
Staats- und Universitäts-Bibliothek, unter Mitarbeit von Wilhelm Schubart. Veröffentlichungen
aus der Hamburger Staats- und Universitätsbibliothek. Neue Folge der Veröffentlichungen aus
der Hamburger Stadtbibliothek, Herausgegeben von Gustav Wahl, J. J. Augustin in Glückstadt
und Hamburg 1936 (Greek text, German translation and commentary).
برنابا وأناجيل أخرى 240
) (De Viris Illustribusعلى هذا الكتاب عنوان )،(Periodi Pauli & Teclae
وهو يضم قصة «تكال» ،الفتاة اليونانية من مدينة إيقونيا والتي تحولت
إلى المسيحية بتأثير من تبشير بولس ،فتترك تكال خطيبها وتتبع بولس
لتساعده في عمله التبشيري ،ثم تهرب من االضطهاد والموت بطريقة
وأخيرا تعتزل العمل التبشيري وتستقر في مدينة سلوقية(.((7 ً معجزية،
وعلى الرغم من اعتبار الكنيسة أن معظم ما ورد من قصص في هذا
العمل هو من نسج الخيال ،فقد أصبح تكريم القديسة تكال ذا شعبية
كبيرة وانتشر في الشرق والغرب .وقد ُحفظ النص اليوناني األصلي لهذا
الكتاب في عدد من المخطوطات ،كما أنه يوجد منه خمس مخطوطات
التينية ،إضافة إلى عدد كبير من الترجمات إلى اللغات الشرقية .وكان
لمحتوى هذه الرواية وال يزال تأثير كبير على الفن واألدب المسيحيين،
فلقد أصبح وصف بولس الذي ورد في الفصل الثالث هو النموذج الذي
على أساسه ُرسمت صورته منذ زمن مبكر« :رأى بولس قاد ًما ،إنه رجل
صغير الحجم ،ذو رأس أصلع ورجلين معوجتين ،قوي ،يملك حاجبين
ً
جمال ،يظهر أحيانًا كإنسان ملتصقين ،وأن ًفا معقو ًفا إلى حد ما ،مملو ًء
وأحيانًا يكون له وجه مالك».
ثان ًيا :المراسالت بين «القديس» بولس وأهل كورنثوس ،وهي
تشكل جز ًءا آخر من «أعمال بولس»؛ وتشمل رد أهل كورنثوس على
رسالته الثانية ورسالته الثالثة إليهم.
ثال ًثا« :استشهاد بولس» :إضافة إلى ما سبق ،تشتمل أعمال بولس
على «استشهاد بولس» أو «آالم بولس» ) .(Passio Pauliوقد حفظ هذا
( ((7مدينة سلوقية (تل عمر) Seluciaبنيت من قبل القائد سلوقس الذي حكم بالد
بابل بعد وفاة االسكندر الكبير وذلك في األعوام 305-321ق.م .وفي عام 305أعلن نفسه
ملكًا على إيران والعراق وسوريا العليا وأمر بإنشاء عاصمة له في العراق فبنيت مدينة سلوقية.
241 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
�أعمال بطر�س
كتبت «أعمال بطرس» سنة 190م ،ويبدو أن الكاتب كان يعيش
في سوريا أو فلسطين وليس في روما .وال يوجد أي مخطوط يضم
النص الكامل ،إنما جرت استعادة ثلثي النص من مصادر مختلفة.
فالجزء الرئيس من «أعمال بطرس» موجود في ترجمة التينية وجدت
في مخطوطة بمدينة فيرسيلي ) (Actus Vercellensesوتورد هذه الترجمة
المعنونة بـ »( «Actus Petri cum Simoneأعمال بطرس وسمعان)،
األحداث التالية:
.1ترك بولس للمسيحيين الرومانيين واتجاهه إلى إسبانيا.
برنابا وأناجيل أخرى 242
�أعمال يوحنا
«أعمال «الرسول» يوحنا» :هو عبارة عن رواية أدبية تحوي
وقصصا عن أعمال «الرسول» يوحنا وبعضها على شكل أناشيد
ً حكايات
(Ps.-Linus. Martyrdom of the Blessed Apostle Peter (Martyrium beati Petri ((8
apostoli a Lino conscriptum) [Translated by Andrew Eastbourne]:
R. A. Lipsius (ed.) Acta Apostolorum Apocrypha, part 1, pp. 1-22. Leipzig, 1891.
A. H. Salonius (ed.) Martyrium beati Petri. Helsingfors, 1926.
Otto Zwierlein.Petrus in Rom: Die literarische Zeugnisse. 2nd ed. Berlin, 2010.
برنابا وأناجيل أخرى 244
�أعمال �أندراو�س
(((8
ذكر يوسابيوس أعمال أندراوس إلى جانب أعمال يوحنا
قائل« :لم يعتقد أي شخص ينتمي باعتبارهما كتابين وضعهما الهراطقة ً
إلى التعاليم األرثوذكسية أنه من الصحيح أن يشير إلى أي من هذه الكتب
في كتاباته .عالوة على ذلك ،يختلف أسلوب كتابة هذه الكتب عن
األسلوب الرسولي ،كما أن اآلراء والميول العقائدية التي تحتوي عليها
غير متناغمة بشكل كبير مع األرثوذكسية الحقيقية ،وتُظهر بوضوح أنها
من تزييف الهراطقة».
ويعتقد علماء المسيحية أن كاتب كتاب «أعمال أندرواس» هو
«لوقيوس خارينوس» ،الذي كتبه حوالى سنة 260م ،وال يوجد اليوم إال
بعض الشذرات القليلة التي تحتوي على األحداث التالية:
.1قصة أندراوس ومتياس عندما كانا بين آكلي لحوم البشر
المتواجدين عند البحر الميت .ويوجد لهذه القصة ترجمات التينية،
وسريانية ،وقبطية ،وأرمينة ،وكذلك نجدها في القصيدة األنكلوسكسونية
«أندرياس» المنسوبة إلى «ساينوولف» ).((8((Cynewulf
.2قصة بطرس وأندراوس.
.3قصة استشهاد أندراوس في مدينة «بترا» ) ،(Patraiلعلها كُتبت
في وقت ما بعد سنة 400م .وتأخذ هذه الوثيقة شكل رسالة دورية كتبها
كهنة وشمامسة عن استشهاد أندراوس .والرسالة موجودة باليونانية
والالتينية ،ويبدو أنه ال عالقة بينها وبين أعمال أندراوس الغنوصية التي
أدانها يوسابيوس.
.4هناك شذرة أخرى محفوظة في المخطوطة الفاتيكانية
اإلغريقية( ((8تحكي عن اآلالم التي عاناها أندراوس ،والحوارات التي
أجراها في السجن في مدينة بترا.
.5رواية عن استشهاد «القديس» أندراوس وصلت إلينا في عدة
نسخ منقحة.
�أعمال توما
أعمال توما هو الكتاب الوحيد من كتب أعمال «الرسل» األبوكريفية
كامل ،وقد كُتب بالسريانية في النصف األول من القرن ً الذي وجد
(((8
الثالث .ومن المرجح جدً ا أن مؤلفه كان ينتمي إلى شيعة البرديصانيين
في مدينة إديسا ،وقد تُرجم هذا الكتاب بعد كتابته بفترة قصيرة إلى اللغة
أيضا
اليونانية ،وتوجد من هذه الترجمة عدة مخطوطات .كما أنه موجود ً
في ترجمات أرمنية وأثيوبية ،وترجمتين التينيتين مختلفتين.
ويصور الكتاب توما على أنه مبشر الهند ورسولها .وهو يسجل
مغامراته وخبراته في رحلته إلى هذا البلد بالتفصيل .وقد آمن الملك
غوندافور ) (Gundaforعلى يد توما .ثم استشهد توما بعد أن أجرى
معجزات كثيرة .ويتألف الكتاب كله من أربعة عشر ً
عمل ،وبالرغم من
أن وجود ملك هندي في القرن األول الميالدي باسم «غوندافور» مؤكد
تاريخ ًيا ،إال أن كل المحاوالت التي بذلت حتى اآلن لتوثيق قصة تبشير
توما في الهند قد فشلت.
ويكشف الكتاب بوضوح عن أصله الغنوصي وميله الجزئي إلى
المانوية؛ فاتجاهاته النسكية تُماثل تلك التي في «أعمال أندراوس»
و«أعمال بطرس» :الزواج مرفوض ،كما يتم إقناع الزوجات فيه بترك
أزواجهن .كذلك يحتوي العمل على عدة تراتيل ليتورجية على قدر
المسماة بـ «النفس» أو
كبير من الجمال ،أكثرها لفتًا لألنظار هي الترتيلة ُ
«الخالص» ،وهي تصور المسيح باعتباره ابن الملك ،ذاك الذي ُيبعث
من بلده في الشرق إلى مصر في الغرب لكي يهزم التنين ويفوز باللؤلؤة،
ثم يعود إلى نور بلده بعد أن يتم له ذلك.
�أعمال تداو�س
يوحي كالم يوسابيوس القيصراني في كتابه «تاريخ الكنيسة» (:1
)13بأنه كان يعرف «أعمال تداوس» التي كُتبت في سوريا .وبحسب
_https://en.wikisource.org/wiki/Catholic_Encyclopedia_(1913)/Bardesanes_and
Bardesanites
برنابا وأناجيل أخرى 248
وجليلة ،وهي تتسع لكلينا» .رد يسوع على الملك أبجر على يد الساعي
أنانياس« :مبارك أنت يا من آمنت بي دون أن تراني ،ألنه مكتوب عني
أن هؤالء الذين سيرونني لن يؤمنوا بي ،وهؤالء الذين لم يروني سوف
يؤمنون ويحيون .واآلن بشأن األمر الذي كتبت لي بسببه ،وهو أن آتي
إليك ،فال بد لي ً
أول أن أكمل هنا كل األمور التي قد أرسلت ألكملها،
وبعد هذا سوف أصعد إلى الذي أرسلني ،وبعد أن أصعد سوف أرسل
إليك واحدً ا من تالميذي ليشفيك من آالمك وليمنحك الحياة أنت ومن
معك».
وانتشرت تلك الرسائل بين يسوع والملك أبجر في كل أنحاء
الشرق ،ثم وصلت إلى الغرب عن طريق الترجمة التي قام بها
«روفينوس» لكتاب يوسابيوس «تاريخ الكنيسة» .وقد جلس الملك
«أبجر أوخاما» على عرش المملكة من 4م إلى 7م ،ثم من 13م إلى
50م .لكن بالرغم من ذلك كله ،ليست لهذه الرسائل صدقية موثقة .فقد
نفى أغسطينوس( ((8وجود أي رسائل أصيلة بقلم يسوع ،كما أن مرسوم
جيالسيوس قد ذكر الرسائل محل النقاش بوصفها أبوكريفية .وهكذا
لم تكن «أعمال تداوس» سوى أساطير محلية كُتبت في القرن الثالث
الميالدي.
ويوجد لدينا شكل آخر من هذه األعمال مكتوب باللغة السريانية،
وهو ذلك العمل المدعو باسم «تعاليم آداي» ) ،(Doctrina Addeiالذي نشر
عام 1876م .ويكاد محتوى هذا العمل يكون هو نفسه محتوى «أعمال
تداوس» كما سجله يوسابيوس ،لكنه يورد تفصيلة واحدة جديدة ،وهي
أن «أنانياس» ،الذي حمل رسالة الملك أبجر إلى يسوع ،رسم صورة
ليسوع ثم حملها إلى مليكه ،وهكذا يضعها الملك أبجر في مكان شريف
بالقصر .غير أن «تعاليم آداي» ال تذكر أمر الرسالة التي كتبها يسوع إلى
الملك أبجر ،فقد أرسل يسوع رده على رسالة الملك أبجر شفه ًيا على
لسان أنانياس .وربما كان الكاتب على معرفة بما قاله أغسطينوس بشأن
هذه الرسائل ومن المرجح أن تكون «تعاليم آداي» قد كتبت في حوالى
عام 400م ،كما أنه لدينا ترجمة أرمنية لها وأخرى يونانية إلى جانب
األصل السرياني.
وباإلضافة إلى أسفار األعمال التي تناولناها ،ال تزال هناك أسفار
أخرى لم نتناولها .وتنتمي معظم هذه األسفار إلى القرنين الرابع
والخامس الميالديين ،بل ويعود بعضها إلى تاريخ متأخر عن هذا .وربما
يكفي في هذا الصدد أن نذكر كتاب «أعمال متى» الذي لم يبق منه إال
الجزء األخير فقط ،كذلك «أعمال فيليبس» و«أعمال برثولماوس» .أما
بالنسبة لألسفار المنسوبة إلى تالميذ «الرسل» أو رفقائهم ،فلدينا «أعمال
برنابا األبوكريفية» و«أعمال تيموثاوس األبوكريفية» و«أعمال مرقس
األبوكريفية».
� -6أ�سفار الر�ؤيا الأبوكريفية
أيضا ،على غرار سفر «رؤيا «القديس» يوحنا» القانوني ،أسفار
هناك ً
رؤيوية أبوكريفية منسوبة إلى رسل آخرين .لكن عدد األسفار الرؤيوية
األبوكريفية محدود للغاية.
ر�ؤيا بطر�س
أهم هذه األسفار هو «رؤيا بطرس» (ورد ذكره ساب ًقا عند الحديث
عن اكتشافه مع إنجيل بطرس) الذي كتب في الفترة ما بين (-125
150م) .وقد شغل هذا السفر مكانة كبيرة عند الكتاب الكنسيين
سفرا قانون ًيا ،كما أنه يظهر
القدامى .فإكليمنضس اإلسكندراني يعتبره ً
251 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
ر�ؤيا بول�س
كانت هناك عدة أسفار رؤيوية ظهرت تحت اسم «الرسول» بولس.
سفرا غنوص ًيا بعنوان «صعود بولس»( ،((9ولكن لموقد ذكر إبيفانيوس ً
يبق لدينا منه أي شيء .إال أنه يوجد لدينا نص لعمل بعنوان «رؤيا بولس»
في ترجمات مختلفة .وقد كُتب هذا النص باليونانية في الفترة ما بين
(250-240م) في مصر على األرجح .وربما سيفسر هذا سبب كونه
معرو ًفا ألوريجينوس .ولم يبق لدينا أي شيء من النص األصلي ،غير
منقحا يعود إلى الفترة ما بين (388-380م) .وفي
ً نصا يونان ًيا
أننا نملك ً
مقدمة هذه النسخة -المنقحة -يخبرنا المقدم أن هذه الرؤيا قد وجدت
أسفل منزل «القديس» بولس في مدينة طرسوس في فترة حكم القناصل
«ثيودوسيوس» و«غراسيانوس».
وكان المؤرخ الكنسي «سوزومين»( ،((9الذي عاش في القرن
الخامس الميالدي ،على معرفة بهذا النص األبوكريفي ،ألنه يقول في
كتابه «التاريخ الكنسي» (« :)19 ،7وال يزال معظم الرهبان يبجلون هذا
العمل المعنون بـ «رؤيا بولس» الذي لم يره أحد من القدماء قط .كما أن
هناك بعض األشخاص يؤكدون أنه قد ُعثر على هذا السفر بإرشاد إلهي
أثناء فترة حكم «ثيودوسيوس» في صندوق رخامي مدفون تحت التراب
في بيت بولس بمدينة طرسوس كيلكية ،إال أن كاهنًا كليك ًيا من كنيسة
طرسوس أخبرني أن هذا كذب .ولقد كان هذا الكاهن ً
رجل دل شعره
األشيب على كبر سنه ،وقد قال لي إن مثل هذا الحدث غير معروف
لديهم ،وتساءل عما إذا كان الهراطقة هم من اخترعوا هذه القصة»(.((9
وإلى جانب النص اليوناني ،لدينا ترجمات سريانية ،وقبطية،
وإثيوبية ،والتينية .كما أن الترجمة الالتينية ،التي ترجع إلى عام 500م،
والتي نملكها في أكثر من عدد من التنقيحات ،تتفوق على كل المصادر
األخرى في درجة موثوقيتها بل وتتفوق حتى على النص اليوناني المنقح.
عنونت الرؤيا في معظم المخطوطات الالتينية بعنوان(Visio Pauli) : وقد ُ
أي «رؤيا بولس»( ،((9وهو الوصف األفضل لمحتواها ،ألن الكاتب يعتزم
فيها أن يخبرنا عما رآه بولس في الرؤيا التي ذكرها في رسالته الثانية إلى
أهل كورنثوس (.)2 :12
ر�ؤيا ا�ستيفانو�س
أدان «مرسوم جيالسيوس» سفر «رؤيا بولس» مع سفرين رؤيويين
آخرين ،هما «رؤيا استيفانوس» و«رؤيا يوحنا» .أما بخصوص «رؤيا
استيفانوس» فال توجد لدينا أية معلومات.
ر�ؤيا توما
كُتب سفر «رؤيا توما» سنة 400م باليونانية أو بالالتينية ،ويعتنق
كاتبه آراء غنوصية مانوية .ولم يكن هذا العمل قد اكتشف حتى عام
1907م حينما عثر عليه في مخطوطة بمدينة «ميونخ» ،وفيها نجد أن
هذه الرؤيا تأتي تحت عنوان«Christi ad Thomam Discipulum Epistola :
(William C. Piercy and Henry Wace. (Eds.). A Dictionary of Christian Biography ((9
and Literature to the End of the Sixth Century A.D., with an Account of the Principal Sects and
Heresies. London John Murray, Albemarle Sreet, W. 1911., Vol. IV, p. 722.
http://www.earlychristianwritings.com/apocalypsepaul.html ( ((9
برنابا وأناجيل أخرى 254
( ((9كان بريسكيليان علمان ًيا؛ وبدأ ينادي في أسبانيا حوالى عام 375-370م بعقيدة
نسكية عنيفة ،وامتد نشاطه حتى جنوب فرنسا ،وتبعته جماعة ُسميت بالبريسكيليانيين ،وهي
تنتمي إلى الغنوصية؛ وكانت تعتقد بأن هناك فر ًقا بين إله العهد القديم وإله العهد الجديد،
وتعتقد بالنظرة الثنائية (الخير والشر)؛ وأن جسد السيد المسيح ليس حقي ًقا ،وقد نبعت أفكارهم
النسكية العنيفة نتيجة إيمانهم بأن المادة شر بطبيعتها ،وقد حرموا الزواج ،وكانوا يمارسون
وحكم عليه وعلى السحر ويهتمون بالفلك ،وقد أدينت تعاليم بريسكيليان في مجمع ساراغوسا ُ
قادة جماعته بالقطع من الشركة ،ولكن اإلمبراطور غراسيانوس أصدر مرسو ًما إمبراطور ًيا في
تريف حوالى عام (483م) ،ويعد بريسكيليان أول هرطوقي حكم عليه بالموت .وأدينت
البريسكيليانية في مجمع توليدو (447م) ،وعدة مجامع أخرى آخرها كان مجمع براغا عام
(563م).
( ((9قسطنطين فون تيشندورف )1874-1815( Constantin von Tischendorfعالم
وخصوصا مخطوطات العهد الجديد ..قام بقراءةً ألماني مهم في دراسة الكتاب المقدس
مخطوطة أفرامي وهي مخطوطة يونانية للعهد الجديد من القرن الخامس ،واكتشف المخطوطة
السينائية في .1859
( ((9أندرياس بيرش )1829-1758( Andreas Birchأستاذ كبير من كوبنهاغن أرسله
255 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
ر�ؤيا العذراء
يعود تاريخ كتابة سفر «رؤيا العذراء» إلى حقبة متأخرة ،فيه
تتلقى العذراء استعالنات بخصوص عذابات الجحيم وتتشفع من
أجل المحكوم عليهم بالعذاب .ولدينا منه عدة نصوص باقية باللغتين
اليونانية واإلثيوبية قام بنشرها كل من قسطنطين تيشندورف وألكسندر
فاسيلييف( ((9ومونتاغ رودس جيمس وماريوس شين(.((10
ملك الدنمارك كريستيان السابع لدراسة وفحص مخطوطات في إيطاليا وألمانيا وغيرها من
البلدان األوروبية.
( ((9فرنسوا نو )1931-1864( François Nauكاهن كاثوليكي فرنسي وعالم
رياضيات ومختص بالسريانية واللغات الشرقية .نشر الكثير من النصوص المسيحية الشرقية
وترجم الكثير منها.
Maurice Brière. «L’abbé François NAU», Journal asiatique of the Société Asiatique.
Vol. ccxxiii. Paris 1933, at Gallica starting at page 149
Alexander Alexandrovich Vasiliev ( ((9ألكسندر ألكسندروفيتش فاسيلييف
( )1953-1876يعتبر أهم مرجعية في التاريخ البيزنطي والثقافة البيزنطية في منتصف القرن
العشرين .ويعتبر كتابه (تاريخ اإلمبراطورية البيزنطية -1928-في مجلدين) واحدً ا من أهم
التواريخ الشاملة والدقيقة حول مجمل التاريخ البيزنطي وقد اعتمده إدوارد غيبون Edward
Gibbonوفيودور أوسبنسكي .Fyodor Uspensky
( ((10األب ماريوس شين )1960-1873( Abbé Marius Chaîneعالم فرنسي في
اللغات القبطية والحبشية .نشر الكثير من المخطوطات األبوكريفية المترجمة عن هاتين اللغتين.
Joseph Trinquet. «L’activité scientifique de Marius Chaîne (1873-1960)», in: Parole de
l’Orient 6-7, (1975-1976)., pp. 537–551.
برنابا وأناجيل أخرى 256
(( أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد الوراق البغدادي المعتزلي الشيعي10(
. دار المعرفة. تحقيق إبراهيم رمضان. الفهرست:)هـ438 :المعروف بابن النديم (المتوفى
339 الصفحة.1997 الطبعة الثانية،بيروت
Jewish Encyclopedia, article Elcesaites, by: Kaufmann Kohler &Louis ((10(
Ginzberg. http://www.jewishencyclopedia.com/articles/5513-elcesaites
Church Fathers: Refutation of All Heresies, Book IX (Hippolytus)
A. Marjanen, (ed.) & P.Luomanen, (ed.),A Companion to Second-Century Christian
«Heretics», Leiden: Brill. 2008. P. 335
Everett Ferguson, Church History: From Christ to pre-Reformation, Zondervan, 2005.
pp. 48–49
Encyclopædia Iranica, article Alchasai
http://www.iranicaonline.org/articles/alchasai-a-sectarian-in-the-early-christian-
church-1st-2nd-centuries-a
Gerard P. Luttikhuizen, Elchasaites and their book. in A Companion to Second-Century
Christian ‘Heretics’. Pages: 335–364
Luttikhuizen, The Revelation of Elchasai: Investigations into the Evidence for a
Mesopotamian Jewish Apocalypse of the Second Century and its Reception by Judaeo-
Christian Propagandists, Tübingen, 1985.
Luttikhuizen, «The Baptists of Mani’s Youth and the Elchasaites,» in id., Gnostic
Revisions of Genesis Stories and Early Jesus Traditions, Leiden-Boston, 2006, 170-184.
برنابا وأناجيل أخرى 258
أهمها وأشهرها تلك التي اكتشفت في القرن الثامن عشر وهي موجودة
اليوم في المتحف البريطاني ...وبحسب العلماء فإن النص الحبشي
هو ترجمة عن نص عربي مترجم عن األصل اليوناني ...أما تسمية هذه
النصوص فتعود إلى الجملة األولى التي تبدأ بها وهي« :هذه رسالة عن
مجلس ‘الرسل’».
يقوالن أنه ينبغي علينا أال نستخدم -كتابات -األنبياء ،وإن الله ليس
بقدير ،وإنه ال توجد قيامة للجسد ،وإن الله لم يخلق اإلنسان ،وإن
المسيح لم يأت في الجسد ،وإنه لم يولد من مريم ،وإن العالم ليس
من الله بل من المالئكة» .إ ًذا ،سيكون محتوى إجابة بولس على هذه
األسئلة على قدر كبير من األهمية ،ألنها تتناول مواضيع مثل خلق العالم
والجنس البشري ،وخالقهما ،والتجسد ،وقيامة األجساد .ولقد وجدت
كل من الرسالة التي أرسلها أهل كورنثوس إلى بولس ،والرسالة التي
رد فيها بولس عليهم من سجنه في فيلبي ،مكانًا في المجموعة السريانية
للرسائل البولسية ،كما أنه كان هناك زمن اعتبرت فيه هاتان الرسالتان
موض ًعا للثقة وذلك في الكنسية األرمينية والكنيسة السريانية .كما يوجد
أيضا ترجمة التينية لهما تعود إلى فترة مبكرة من القرن الثالث الميالدي.
ً
.4المراسالت بين بولس وسينيكا :هي مجموعة مكونة من ثماني
رسائل أرسلها الفيلسوف الروماني «سينيكا» إلى «القديس» بولس
باإلضافة إلى ستة ردود قصيرة من «الرسول» عليها ،ولقد كُتبت بالالتينية
ليس بعد القرن الثالث الميالدي .وشهد «القديس» جيروم( ،((10أن تلك
الرسائل كان «الكثيرون يقرأونها» .ويكتب سينيكا إلى «الرسول» ليخبره
كثيرا« :ألن الروح القدس ،الذي فيك أن محتوى رسائله قد أثرت فيه ً
والذي يعلوك ،هو الذي ينطق بهذه األفكار السامية والمثيرة لإلعجاب».
لكن الفيلسوف ال يعجبه األسلوب األدبي الرديء الذي كتب به بولس
قائل« :لذلك ،سوف ألفت انتباهك إلى بعض النقاط رسائله ،لذا نصحه ً
األخرى ،حتى ال تفقد عظمة األفكار إلى براعة األسلوب األدبي» .ومن
الواضح أن هذه المراسالت قد ُلفقت بهدف معين ،فالكاتب كان يريد أن
تُقرأ رسائل بولس األصلية في الدوائر االجتماعية الرومانية بغض النظر
دائما ما تتكلم بأفواه البسطاء ،ال بأفواه
عن عيوبها األدبية« ،ألن اآللهة ً
( ((10المدخل في علم الباترولوجى -اآلباء الرسوليون -القمص تادرس يعقوب -
اإلسكندرية 1991م.
مدخل إلى اآلباء الجزء األول -األب ميشال نجم -معهد البلمند -لبنان 1980م.
سلسلة آباء الكنيسة ( )1اآلباء الرسوليون -تعريب مطران حلب إيلياس معوض -
منشورات النور لبنان 1970م.
Jules Lebreton: The History of the Prmitive Church, vol. 2, p. 366-367. ( ((10
(F. L. Cross: The Early Christian Fathers, London 1960, p. 22; Quasten: ((10
Patrology, vol. 1, p. 80, 90.
263 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
( ((10أسد رستم :آباء الكنيسة ،القرون الثالثة األولى ،بيروت ،1983ص 46
( ((10اآلباء الرسول ّيون ،ص 73
( ((11دوناتيان دو بروين )1935-1871( Donatien de Bruyneعالم كتاب فرنسي وناقد
للنص ومن الرهبنة البنديكيتة .تفحص المخطوطات الالتينية للفولغاتا وقارنها مع المخطوطات
التي اكتشفها وجمعها .نشر في عام 1930مقدمة مضادة للمرقيونيين في إنجيل يوحنا.
برنابا وأناجيل أخرى 264
المشتركة
موجهة إلى النساك من الجنسين .وهي تُقاوم مساوئ الحياة ُ
بين النساك من الجنسين تحت سقف واحد .ولهذه الخطبة عالقة قريبة
بالكتاب المنحول المنسوب إلى كبريانوس والمعنون بـ «de singularitate
» ، clericorumوالذي استخدمه الكاتب .ولقد نشأ هذا النص ،على
األرجح ،في دوائر البريسكيليانيين بإسبانيا ،ويبدو أن لغته األصلية كانت
اليونانية.
(((11
-8كتاب هرما�س الم�سيحي؟
يوجد في التراث الكنسي الرسمي كتاب معروف باسم كتاب
الراعي لهرماس .The Shepherd of Hermasو ُيدرج الكتاب بين كتابات
اآلباء الرسول ّيين ،لكنّه لدى الكثيرين ينتمي إلى الرؤى األبوكريفية.
(((11
جاء في القانون الموراتوري Muratorian Fragmenton the Canon
(ً ((11
نقل عن كتاب اآلباء الرسول ّيون ،تعريب مطران حلب إيلياس معوض ،حلب
1970
كتاب «اآلباء الرسوليون» ،صدر عن منشورات النور باالشتراك مع رابطة الدراسات
الالهوتية في الشرق األوسط ضمن سلسلة آباء الكنيسة في عام ،1970نقله عن اليونانية
نصوصا قديمة تعود إلى القرون األولى مع تعليق
ً المطران إيلياس معوض ،ويضم بين دفتيه
ودراسة عنها وعن هوية كاتبها ،بما يختص :إقليمس أسقف رومية ،تعليم الرسل اإلثني عشر،
رسالة برنابا ،رسائل إغناطيوس األنطاكي ،بوليكربوس أسقف أزمير ،الراعي لهرماس بما يضم
من رؤى ووصايا وأمثال .والمطران إيلياس ( )1979-1914هو الذي أصبح الح ًقا البطريرك
إيلياس الرابع (معوض) بطريرك إنطاكية وسائر المشرق (للروم الكاثوليك) ،ولقب ببطريرك
العرب .ففي عام 1974ترأس الوفد المسيحي المكون من أساقفة وكهنة ينتمون إلى طوائف
عدة إلى مؤتمر الدول اإلسالمية في الهور (باكستان) وألقى كلمة تاريخية دفاعًا عن الحق
العربي في القدس .كما زار المملكة العربية السعودية في عام 1975وإلتقى الملك الراحل
خالد بن عبد العزيز وبحث معه قضايا عربية ،واقترح على الملك عقد مؤتمر مسيحي إسالمي
للبحث في مسألة القدس.
( ((11وجدت هذه الوثيقة الموراتورية أو المخطوطة الموراتورية ،والتي تعتبر أقدم
قائمة معروفة ألسفار العهد الجديد ،في المكتبة األمبروزية ) (the Ambrosian Libraryبميالنو
265 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
أن هرماس صاحب كتاب الراعي هو أخو بيوس األول أسقف روما
(150-140م) ،وارتأى أوريجينوس أن صاحب الكتاب هو هرماس
علما أن الرسالة تذكر واحدً ا
المذكور في رسالة بولس إلى أهل روميةً ،
وآخرا باسم هرميس(((11؟ فمن هما وما صلتهما بهرمس؟
ً باسم هرماس
توجد شهادات مسيحية من القرن الثاني تتحدث عن كتاب الراعي
وصاحبه هرماس ،إذ يستشهد به إيريناوس وإقليمنضس اإلسكندري
وأوريجينوس ويرون أنه سفر قانوني .ويضعه الكثيرون إلى جانب رسالة
(((11
برنابا
يعترف أوريجينوس أنّه يوجد في عصره من يحط من قدر
الكتاب( .((11ويجعله يوسابيوس في عداد الكتب المضادة للكتاب
المقدّ س( .((11وأما أثناسيوس ،فمع اعتباره كتا ًبا ناف ًعا َّإال أنّه يجعله من
سنة ،1740في مخطوطة ترجع للقرن الثامن الميالدي ،ونشرها العالم اإليطالي لودوفيكو
أنتونيو موراتوري ) (Ludovico Antonio Muratoriفدعيت باسمه ،وكانت مكتوبة بالالتينية .ثم
وجدت أربع جزئيات في أربع مخطوطات للقانون من القرنين الحادي عشر والثاني عشر في
مونتيكاسينو ) (Montecassinoسنة .1897وترجع نصوص هذه المخطوطة ،التي كتبت ً
أصل
باليونانية ،كما تؤكد هي نفسها ،إلى النصف الثاني من القرن الثاني الميالدي حيث تقول الوثيقة
«كتب هرماس كتابه الراعي حدي ًثا جدً ا في زماننا في مدينة روما عندما كان يجلس شقيقه
األسقف بيوس Piusعلى كرسي الكنيسة في روما».
Geoffrey Mark Hahaneman: ‘The Muratorian Fragment and the Origins of the New
Testament Canon’, in L. McDonald and J. Sanders (ed.), The Canon Debate (Peabody, MA:
)Hendrickson, 2002), pp. 405–415 (412–13
http://www.ntcanon.org/Muratorian_Canon.shtml
يسَ ،و َع َلى ِاإل ْخ َو ِة ِ
اسَ ،و َه ْرم َ
اسَ ،بت ُْرو َب َ (َ ((11س ِّل ُموا َع َلى َأ ِسين ِْك ِريت َُس ،فِ ِليغ َ
ُونَ ،ه ْر َم َ
ا َّل ِذي َن َم َع ُه ْم( .روم ّية .)14 :16
( ((11اآلباء الرسول ّيون ،ص 168-167
Eusebius: H. E. 5:8
Stromata 1:29.
Comm. on Matt. 14:1.
Comm. on Matt. 14:1. ( ((11
Eusebius: H. E. 3:25. ( ((11
برنابا وأناجيل أخرى 266
الكتب غير القانون ّية( .((11أما بالنسبة للغرب فقد اعتبره ترتليان كتا ًبا يح ّبذ
الزناة( .((11ويقول جيروم إن هذا الكتاب كان منس ًيا في الغرب في القرن
الرابع(.((11
معوض(« :((12لم يكن الراعي لعام 1856 يقول مطران حلب إيلياس ّ
يرجح أنّها من القرن الثاني ،وقد طبعت هذهمعرو ًفا إالَّ في ترجمة التين ّية ّ
أول في باريس عام ،1513وفي عام 1857طبعت عن مخطوطة من ً
القرن الرابع عشر ترجمة التين ّية ثانية تستند على األرجح إلى الترجمة
األولى ،ويغلب الظن إنّها من القرن الرابع أو الخامس ...أما المخطوطة
المزور
ّ اليونان ّية «للراعي» فإن أول من وجدها هو قسطنطين سيمونيدس
وذلك عام ،1855في دير القدّ يس غريغوريوس في جبل آثوس Όρος
.Άθωςوهذه المخطوطة المنسوخة بخط كثيف هي من القرن الرابع عشر؛
تتأ ّلف من عشر ورقات ،والورقة األخيرة منها مفقودة .انتزع سيمونيدس
من ورقات المخطوطة ،الخامسة والسادسة والتاسعة ،ونقل الورقات
يسم الدير الذي وجدت فيه .ثم باع الورقات الثالث الباق ّية باعتناء ،ولم ّ
األصل ّية مع الورقات المفقودة إلى مكتبة ليبزيغ ،وهكذا عرفت التسعة
أعشار من المخطوطة اليونان ّية «الراعي» ،وقد نشرها Anger and Dindorf
في ليبزيغ سنة 1856؛ ثم أخذ سيمونيدس يطلع على العالم ،شي ًئا فشي ًئا،
بمخطوطات جديدة «للراعي» حتى أوصلها إلى عشر مخطوطات،
أقدمها ا ّدعى أنّه اكتشفها في جبل سيناء عام ،1852ويعود تاريخها إلى
القرن األول ،وهي بالنتيجة أقدم كل المخطوطات في العالم .ولما كان
سيمونيدس قد وعد بإحضار مخطوطة هرماس كما هي ،جاءت دائرة
(A collection of the Athos codex of the shepherd of Hermas together with an ((12
introduction by Sp. P. Lampros. Traslated and edited by J. Armitage Robinson, Cambridge
1888.
( ((12إيلياس معوض ،اآلباء الرسول ّيين ،ص 173-171
F. L. Cross, p. 27. ( ((12
برنابا وأناجيل أخرى 268
على رق الغزال وعلى ورق البردي .وتوجد لكتاب الراعي هذا ترجمات
قبط ّية وحبشية وفارس ّية.
يحوي كتاب الراعي ثالث مجموعات :خمس رؤى ،واثنتي عشر
تقسيما
ً وص ّية وعشرة استعارات أو أمثال ،غير أن واضع الكتاب يقدّ م
آخر وهو:
.1القسم األول يحوي األربع رؤى األولى التي يقول إن الكنيسة
أعلنتها له.
.2القسم الثاني يبدأ بالرؤيا الخامسة حيث يقدّ م الراعي الوصايا
واألمثال ،وهو القسم األطول واألهم.
ولعل الوصايا االثني عشر هي أهم ما في الكتاب حيث تبرز فيها
رؤاه الغنوصية الزهدية.
تس ّلم هرماس من مالك التوبة الذي يتّقدمه في شكل را ٍع الوصايا
تتضمن التعاليم المسيح ّية التي يجب تطبيقها عمل ًيا ،وهي:
ّ التي
.1اإليمان بالله الخالق وخشيته التي تبعث التع ّفف.
.2البساطة وعدم النميمة وعدم االنشقاق وحب العطاء.
.3الصدق أو الحق :الله الساكن فينا هو الحق!
.4طهارة المتزوجين
.5الصبر وطول األناة
.6السلوك في طريق العدل ال الظلم
.7خشية الله ال الشيطان
269 الباب الرابع :األبوكريفا :كتابات مخفية/باطنية
( ((1النساء العالمات Les Femmes savantesهي مسرحية لموليير من خمسة مشاهد
شعرا ومثلتها «فرقة الملك» في القصر الملكي Palais-Royalفي الحادي عشر من آذار/
كتبها ً
مارس .1672في المسرحية نجد شخصية فاديوس النيق المدقق .وقد استوحى موليير
الشخصية من جيل ميناج.
( ((1محام وشاعر وفيلسوف وناقد ،فرنسي من مدينة ديجون .1728-1641 ،أثنى
فولتير على بعض أعماله ونال خمس مرات الجائزة األولى في مسابقات األكاديمية الفرنسية
على أعماله الشعرية.
( ((1جورج غليوم ،بارون دوهوهندورف ،1719-1670مواليد بروسيا؛ عسكري
شارك في الحمالت ضد االتراك ومنذ العام 1700دخل في خدمة األمير يوجين دوق سافوا ثم
حاكما لمنطقة كورتراي ...1717-1716لكنه اشتهر بكونه من أبرع الدبلوماسيين وقد قامً
بمهام في لندن والهاي وبرلين وفيينا .وعُرف عنه أنه أهم جامع كتب ومخطوطات في زمانه.
برنابا وأناجيل أخرى 278
تحول
ّ وجون طوالند هذا مفكر حر من أيرلندا الكاثوليكية
إلى البروتستاتنية ثم صار من كبار العلماء المطرودين من الكنيسة
خصوصا كتابه ناظارينوس( ،((2وكتابه الشهير اآلخر ً والمحر ّمة كتبهم،
(المسيحية من غير إبهام)( )1696( ((2الذي أدانه البرلمان األيرلندي
وكان بداية بحث طوالند في الفرق المسيحية للقرون األولى .وكان
منفتحا وشفا ًفا .وقد
ً طوالند في الوقت عينه ديبلوماس ًيا ومثق ًفا عالم ًيا
ذكر طوالند أن إنجيل برنابا هو «إنجيل محمدي لم يسبق أن عرف
كثيرا عن تأثير األناجيل
به المسيحيون على الرغم من أنهم تحدثوا ً
في المسلمين الذين كانوا من دون شك على معرفة بها واطالع كاف
أيضا «إن إنجيل برنابا ينحو إلى تصوير عيسى عليها» .ويقول في وصفه ً
مجرد إنسان وذلك تب ًعا لمعتقد اإلبيونيين والناظوريين القديم» .وقد
اهتم كتاب ناظارينوس أساسا بإلقاء الضوء على فرقة اإلبيونيين وفرقة
الناظوريين اللتين اعتبرهما طوالند من فرق المسيحية األولى الصافية
وذلك قبل قرنين ونصف القرن على اكتشافات قمران في البحر الميت
ونجع حمادي في مصر.
وعن ظروف إطالعه على إنجيل برنابا يقول طوالند« :أما المثقف
النبيل الذي كان من اللطف والسماحة بحيث مكنني من قراءة هذا
اإلنجيل فهو الوزير السيد فريدريش كرايمر( ،((2مستشار ملك بروسيا
( ((2هناك نسخة وحيدة منه موجودة في المكتبة البريطانية ولألسف لم يقم أحد
علما أن الكتاب من أخطر الوثائق الفكرية اإلنسانية.
بتصويرها أو نسخها أو ترجمتها ً
(Christianity Not Mysterious: A Treatise Shewing, that there is nothing in the ((2
Gospel Contrary to Reason, Nor Above It: And that no Christian Doctrine can be properly
)called A Mystery (1696
وزيرا
مفصلة باستثناء أنه كان ً
( ((2ج .ف .كرايمر :J. F. Cramerلم نعثر له على ترجمة ّ
ومستشارا لألمير فريدريش البروسي (هو فريدريش فيلهلم األول )1688( (Friedrich Wilhelm I
ً
)-1740الملك في بروسيا وناخب براندنبورغ من سنة 1713حتى وفاته .ويبدو أن كرايمر
برنابا وأناجيل أخرى 280
أيضا كمساعد (أو نائب حاكم Sub-governorللملك فريدريش الثاني (الملقب بالكبير
خدم ً
)1712-1786ملك بروسيا من 1740حتى وفاته ،1786وذلك عامي 1754 1753-
بحسب ما جاء في كتاب:
Frederick the Great: His Court and Times. Edited by Thomas Campbell, Vol. IV.
(London: Henry Colburn Publisher. 1843)., p.473
281 الباب الخامس :إنجيل برنابا
( ((2التوحيدية هي حركة الهوتية مسيحية دينية سم ّيت كذلك استنا ًدا إلى مفهومها
بوحدان ّية الله حيث ترفض عقيدة التثليث .دعاة التوحيد يرفضون العديد من عقائد المذاهب
المسيحية التقليدية األخرى؛ بما في ذلك عقيدة السوتريولوجيا والخطيئة األصلية والقضاء
والقدر؛ وفي اآلونة األخيرة يرفض أتباع التوحيدية عقيدة عصمة الكتاب المقدس .صنّف ج.
غوردون ميلتون مذهب التوحيدية المسيحية في موسوعة األديان األميركية بين أسرة الكنائس
«المسيح ّية الليبرال ّية» .ينبغي الفرز بين التوحيدية الكتابية Biblical unitarianism :والتوحيدية
الكونية Unitarian universalism :يؤمن الموحدون الكتابيون بالله واحد أحد ،وبيسوع المسيح
وبهبة روح القدس .ويختلفون عن التثليثيين باإليمان أن اآلب السماوي وحده هو الله
ويعتمدون على المراجع التوراتية واإلنجيلية لنفي عقيدة الثالوث وألوهية المسيح ويطالبون
بإعادة تأويل النصوص المقدسة.
للموحدين الكونيين جمعيات ومؤسسات في مختلف أنحاء العالم تجتمع في المجلس
الدولي للموحدين الكونيين ،وال يعد الكثير من الموحدين الكونيين أنفسهم مسيحيين مع أنهم
يتشاطرون مع الكنائس المسيحية بعض المعتقدات والقواعد اإليمانية .وينقسم الموحدون إلى
جماعات عديدة ،يتركز وجودها في الواليات المتحدة األمريكية وكندا.
( ((2جيوفاني ميشيل بروتو Giovanni Michele Brutoأو يوهانس مايكل بروتوس
( Johannes Michael Brutusالبندقية - 1517رومانيا )1592مؤرخ وكاتب وعالم أديان .عمل
مؤرخا في القصور الملكية في ترانسيلفانيا وبولونيا وفيينا .درس الالهوت في بادوا وسيم كاهنًا ً
إال أنه اضطر في عام 1555للهرب والتجوال في كل أوروبا بسبب اتهامه بالهرطقة ويبدو أنه
كان من التوحيديين .نشر في عام 1562كتا ًبا عن تاريخ فلورنسا ،وكتب عن تاريخ هنغاريا في
أعوام 1552 1490-وباألخص عن تاريخ العالقات الهنغارية-التركية في تلك الفترة ،وذلك
بطلب من أمير ترانسيلفانيا استيفان باتوري الذي أصبح الح ًقا ملك بولونيا وتبعه بروتو ليقيم في
كراكوفيا .وبعد موت الملك ذهب بروتو ليقيم في بوزسوني (اليوم براتيسالفا في سلوفاكيا)،
عاصمة مملكة آل هابسبورغ الهنغارية ويواصل العمل على كتابه عن تاريخ هنغاريا تحت
إشراف رودولف الثاني ،ملك هنغاريا وبوهيميا ،وإمبراطور اإلمبراطورية الرومانية المقدسة.
برنابا وأناجيل أخرى 282
-2المخطوط الالتيني
بحسب آخر األبحاث األوروبية في هذه القضية يبدو إذن أن
الدبلوماسي األلماني كرايمر اشترى الكتاب من مكتبة تعود إلى عالم
إيطالي شهير هو غريغوريو ليتي( ((3الذي كان المؤرخ الرسمي لمدينة
اعتنقتها الكنيسة التوحيدية الترانسيلفانية .تتميز كنيسة األخوة البولونية برفض التثليث وبأمور
ومعتقدات أخرى خارجة عن المعتقد الرسمي للكنائس المعروفة .تعود جذور هذه الحركة إلى
حركة إيطالية معادية للتثليث نشأت في النصف األول من القرن السادس عشر وتبلورت في
مجمع البندقية .1550وكان أول حاملي هذا التيار ضمن معاداة التثليث في إيطاليا ليليو
سوسيني الذي ذهب أبعد من األريوسية المعروفة فرفض القول بوجود للمسيح خارج الزمان
والمكان وقبل الخلق وذلك في تفسيره الشهير ( )1562لمعنى اللوغوس/الكلمة كما ورد في
.هذا ك َ
َان َان ا ْلك َِل َم ُة الل َه َ َان ِعنْدَ ِ
اللهَ ،وك َ إنجيل يوحنا ( :5-1 :1فِي ا ْل َبدْ ِء ك َ
َان ا ْلك َِل َم ُةَ ،وا ْلك َِل َم ُة ك َ
َت ا ْل َح َياةَُ ،وا ْل َح َيا ُة َان.فِ ِيه كَان ِ الله.ك ُُّل َش ْي ٍء بِ ِه ك َ
َانَ ،وبِ َغ ْي ِر ِه َل ْم َي ُك ْن َش ْي ٌء ِم َّما ك َ فِي ا ْلبدْ ِء ِعنْدَ ِ
َ
ُّور ُي ِضي ُء فِي ال ُّظ ْل َم ِةَ ،وال ُّظ ْل َم ُة َل ْم تُدْ ِر ْك ُه) .فهو اعتبر النص مواف ًقا لما جاء َ ُن ال و ، ِ
َّاس ن ال ُور
َت َ
ن كَان ْ
َ ِ ِ ِ ِ ِ
َان م َن ا ْل َبدْ ء ،ا َّلذي َسم ْعنَا ُه ،ا َّلذي َرأ ْينَا ُه ِ
في اإلصحاح األول من رسالة يوحنا األولىَ ( :ا َّلذي ك َ
معتبرا أن يوحنا )1:1 يوحنا (1 ): بِعيونِنَا ،ا َّل ِذي َشاهدْ نَاه ،و َلمس ْته َأي ِدينَاِ ،من ِجه ِة ك َِلم ِة ا ْلحي ِ
اة
ً ََ َ ْ َ َ ُ َ َ َ ُ ْ ُُ
يتكلم عن الخلق الجديد creationوليس عن التكوين .genesisثم قام ابن شقيقه فاوستو بنشر
هذا التفسير وطوره .مات ليليو في سويسرا وانتقل فاوستو لمشاركة الكنيسة التوحيدية في
ترانسيلفانيا ثم انتقل إلى بولونيا حيث تزوج من ابنة أحد قادة كنيسة األخوة .لم ينضم فاوستو
أبدً ا إلى هذه الكنيسة البولونية الجديدة وإنما أدخل فيها العديد من معتقداته مثل احتجاج
الضمير أي رفض الخدمة العسكرية لدافع أخالقي ضميري ،والصالة إلى المسيح ،ووالدة
المسيح من عذراء .وقد أقنع الكثيرين من أبناء كنيسة األخوة الذين كانوا في السابق أريوسيين
باعتناق معتقدات عمه.
(Marian Hillar, Laelius and Faustus Socinus: Founders of Socinianim, Their ((3
Lives and Theology, in «The Journal from the Radical Reformation. A Testimony to Biblical
)Unitarianism.» (Part I, Vol. 10, No. 2, 2002; Part II, Vol. 10, No. 3, 2002
( ((3غريغوريو ليتي )1701-1630( Gregorio Letiمؤرخ إيطالي وكاتب ساخر من
ميالنو كان ينشر أحيانًا باسم األب غوالدي Abbe Gualdiأو غوالدوس .اشتهر بسبب أعماله عن
برنابا وأناجيل أخرى 284
خصوصا عن البابوية .وقد وردت عناوين مؤلفاته كلها على الئحة الكتب ً الكنيسة الكاثوليكية
المحرمة .Index Librorum Prohibitorumكان ليتي ابن شقيقة أسقف أومبريا ودرس في مدرسة
لليسوعيين ولكنه اعتنق الح ًقا البروتستانتية الكالفينية .عاش في قصر الملك الفرنسي لويس
السادس عشر وبعدها في قصر الملك اإلنكليزي تشارلز الثاني الذي كلفه بكتابة تاريخ إنكلترا.
عضوا في الجمعية الملكية .كتب أول وأفضل ترجمة للملكة إليزابيث األولى وأمها ً كما انتخب
آن بوالين مستخد ًما وثائق وجدها في المكتبات اإلنكليزية .وبعد نشره لحكايات أثارت استياء
الملك تشارلز الثاني غادر ليتي إنكلترا في العام 1683إلى أمستردام حيث أصبح مؤرخ المدينة
في العام 1685وتوفي فيها .تعتبر ترجمة سيرة البابا سيكستوس الخامس أهم كتبه وقد ترجم
إلى عدة لغات ونجد فيه حكاية تشبه حكاية شكسبير عن تاجر البندقية.
& Maria Luisa Ambrosini, and Mary Willis. The Secret Archives of the Vatican. Barnes
Noble Publishing. 1996., p. 138.
Jonathan Irvine Israel. The Anglo-Dutch Moment: Essays on the Glorious Revolution
and Its World Impact. Cambridge University Press. 1991., p. 32.
Thomas Frederick Mayer. A Reluctant Author: Cardinal Pole and His Manuscripts.
1999., p. 107.
Marshall, John. 2006. John Locke, Toleration and Early Enlightenment Culture.
Cambridge University Press. p. 177.
A. Solomon. «Shakespeare and the Jews.» Renaissance Quarterly. 1998. 51, 1.
Johann Lorenz Mosheim, and Archibald Maclainep. An Ecclesiastical History, Ancient
and Modern, from the Birth of Christ, to the Beginning of the Eighteenth Century. 1819., p.
194.
Thomas Adolphus Trollope. The Papal Conclaves, as They Were and as They are.
Chapman and Hall. 1876., p. 106.
William George Clark, and William Aldis Wright. Introduction to The Merchant of
Venice. Clarendon Press. 1874., p. xx.
Johannes أيضا باسم يوهانس كليريكوس
( ((3جان لكلرك Jean Le Clercويعرف ً
1657( Clericusجنيف 1736 -أمستردام) :الهوتي من جنيف وعالم كتابي اشتهر بنشره
285 الباب الخامس :إنجيل برنابا
للتأويل أو التفسير النقدي للكتاب المقدس وكان راديكال ًيا بالنسبة إلى زمنه .اختلف مع
الكالفينية بسبب تأويالته وترك جنيف لهذا السبب .اعتبر من أتباع سوسيني ولذلك طرد من
كرسي تدريس الالهوت العقدي.
برنابا وأناجيل أخرى 286
يقول سايل إنه اطلع على النسخة اإلسبانية حين كانت بحوزة العميد
الدكتور هولم من هدلي (من أعمال هامبشير)( ،((4وأنها انتقلت منه إلى
توماس مونكهاوس أحد أعضاء الكلية الملكية في أوكسفورد( ،((4وأن
مونكهاوس ترجمها إلى اإلنكليزية وأعطى الترجمة مع األصل في
العام 1784إلى الدكتور (المحترم) جوزيف هوايت .بعد ذلك أورد
هوايت في محاضراته أمام طالبه في أوكسفورد (المعروفة بمحاضرات
خصوصا
ً بامبتون)( ((4ترجمات لمقاطع وشذرات من هذا اإلنجيل
تلك المتعلقة بصلب يهوذا اإلسخريوطي محل المسيح .وكانت إشارة
هوايت بعد سايل إلى هذه النسخة اإلسبانية آخر العهد بها حيث كان
االعتقاد أنها فقدت إلى األبد ،إلى أن شاع في العام ( 1976ثم تأكّد)
خبر وجودها في مكتبة فيشر بجامعة سيدني بأستراليا من ضمن مقتنيات
مكتبة السير تشارلز نيكولسون (رئيسها األول)( ((4الذي كتب بخط
يده على هذه النسخة اإلسبانية أنه «نقلها عن مخطوطة كانت بحوزة
(المحترم) السيد إدموند كاالمي الذي اشتراها عند وفاة السيد جورج
سايل ،ثم إنها وصلت إليه عند وفاة السيد جون نيكولز عام .((4(»1745
-4عودة �إلى المخطوط الإيطالي
قبل اكتشاف هذه النسخة اإلسبانية كانت أوروبا منشغلة بالحديث
أول جون طوالند .والحال أن طوالندعن النسخة اإليطالية التي ذكرها ً
تحدث عن النسخة اإليطالية التي صارت اليوم مشهورة منذ اكتشفت
في المكتبة النمساوية ضمن مقتنيات مكتبة األمير يوجين دوق سافوا
الخاصة ،وهي مخطوطة تحمل الرقم .codex 2662ولم يكن العالم
ليسمع عنها مجد ًدا منذ طوالند وسايل وريالند ودو المونوا (وال عن
إنجيل برنابا) لوال قيام لونسدايل ولورا راغ( ((4بترجمتها إلى اإلنكليزية
( .)1907وقد وصلت نسخة من هذه الترجمة اإلنكليزية إلى يد السيد
محمد رشيد رضا منشئ مجلة المنار في القاهرة الذي اتفق مع صديقه
الدكتور خليل سعادة على ترجمتها إلى العربية وهذا ما كان .إذن لوال
الزوجين راغ لما عرف المسلمون هذا اإلنجيل .والغريب أن ترجمة
راغ التي اعتمدها خليل سعادة صارت هي الوحيدة المستخدمة ولم
يقم المسلمون بأي جهد لدراسة المخطوطات األصلية اإليطالية منها
واإلسبانية واكتفوا بإعادة طبع ترجمة راغ -سعادة مع مقدمة رشيد رضا
لها ولو أن البعض حاول التالعب وادعاء الترجمة الخاصة أو الشخصية
أو الجديدة.
والزوجان لونسدايل ولورا راغ هما مثال واضح على جيل من
العلماء اإلنكليز والغربيين المحققين الموثقين المستقيمين .فالمحترم
لونسدايل (متخصص في دراسة دانتي) رجل دين أنغليكاني تنقل في
مناصب كنسية كثيرة جعلته يجول معظم بلدان أوروبا حتى وفاته عام
.1945وقد الزمته زوجته الوفية لورا في كل مهماته وكانت خير عون
ورفيق .وإضافة إلى الترجمة فإن مالحظات وتعليقات الزوجين راغ ما
تزال إلى اليوم هي األساس الذي بنيت وتبنى عليه كل المحاججات
المسيحية حول اإلنجيل .فقد أفتى الزوجان راغ منذ البداية بأن اإلنجيل
تزوير فاضح يعود إلى أواخر القرن الخامس عشر ،واستعانا بخبراء في
الورق والحبر وفي الخطوط ليتوصال إلى استنتاج بأن الورق إيطالي
والخط خليط توسكاني بندقي .وقد أكد راغ أن النسخ حصل في حوالى
العام 1575وأنه من المحتمل أن يكون الناسخ هو الراهب مارينو ،وأن
«الناسخ له إلمام عجيب بالتوراة الالتينية يقرب من إلمام دانتي ،وأنه
نظير دانتي متضلع على نحو خاص من الكتاب المقدس ،وهو صنع
كثيرا اطالعه على الكتب الدينية
رجل معرفته لألسفار المسيحية تفوق ً
اإلسالمية .فيرجح إذن أنه مرتد عن المسيحية» .وأوحى راغ بأن الناسخ
اطلع على كتابات دانتي عن الجنة والنار ونقل عنه ذلك .ولم ينتبه راغ
إلى أن العكس قد يكون هو ما حصل أي أن يكون دانتي هو الذي نقل
وصفه للجنة والنار عن إنجيل برنابا هذا.
وكان لونسدايل راغ قد نشر في عام 1908مقالة حول إنجيل
برنابا تحدث فيها عن الصلة بين اإلنجيل وكتابات دانتي ألليغري في
وصفه للجنة والنار( .((4اعتبر راغ أن اإلنجيل هو إسالمي بالتأكيد يشرح
حياة المسيح من وجهة نظر المسلمين ويزعم أن صاحبه هو «القديس»
برنابا الذي يظهر فيه واحدً ا من التالميذ االثني عشر مستبعدً ا توما ،وأن
برنابا كتبه بطلب وإلحاح من معلمه لدحض أباطيل بولس وغيره .هذه
األضاليل تلخص بثالث مسائل -1 :عقيدة أن عيسى هو ابن الله-2 .
رفض الختان -3 .السماح بأكل الذبائح النجسة المحرمة .وبحسب
برنابا فإن األولى من هذه األضاليل هي األسوأ وبالتالي يجهد اإلنجيل
وتكرارا وحتى في نفي
ً مرارا
وعلى لسان عيسى نفسه في دحض ألوهيته ً
جاعل من محمد هو المسيح المنتظر .وبحسب ً كونه المسيح المنتظر
Lonsdale Ragg: Dante and the «Gospel of Barnabas»; The Modern Language (((4
Review, Vol. 3, No. 2 (Jan.,1908), pp. 157-165
برنابا وأناجيل أخرى 292
راغ فإن ثلثي إنجيل برنابا نجده في األناجيل القانونية األربعة المعروفة،
والثلث الباقي يأخذ شكل خطاب على لسان عيسى له طابع شرقي واضح
وبذوره نجدها في القرآن أو في التراث اليهودي .وحول هذا القسم من
اإلنجيل ركز راغ دراسته ليظهر اهتمام دانتي بهذا القسم من اإلنجيل.
بحسب راغ فإن الكلمات المختصرة الجدية الجالل التي يتحدث
فيها برنابا عن مصير الخطأة في يوم الحساب يعضدها وصف دقيق
لعذابات جهنم التي يعبر عنها اإلنجيل بعبارات قريبة الشبه إلى حد
مذهل في جحيم دانتي Infernoوفي مطهره .Purgatorioوبحسب راغ
أيضا فإن المواضيع التي كانت مفضلة عند محمد كانت يوم الحساب ً
األخير وعذابات النار في جهنم من جهة ،ولذائذ الجنة ونعيمها من جهة
أخرى .وقد وجد راغ أن إنجيل برنابا يسهب في وصف هذه األمور
أيضا فإن برنابا يصف
ما بين نعيم الجنة وجحيم النار .وبحسب راغ ً
خصوصا وصف الجناتً النعيم بشكل مفصل على قدر وصفه للجحيم
كثيرا وصف دانتي للجنة
األرضية والسماوية ،وأن وصف الجنة ال يشبه ً
األرضية والسماوية ولكنه يعطي القارئ نظرة شاملة عن رحلة في ثنايا
الفلك حيث يجد نفسه (ربما من غير قصد أو وعي) في نهاية رحلته
أقرب إلى تصور دانتي للسماوات العشر منه إلى التراث التقليدي للعرب
واليهود عن السماوات والجنات.
وبرغم تأكيد راغ ومن جاء بعده على كون اإلنجيل تزوير وتلفيق
من صنع مرتد عن المسيحية ،إال أنه لم يغفل إمكانية أن يكون له أصل
في كتاب أو إنجيل غنوصي قديم يعود إلى القرن الثالث(.((4
( ((4أهمها باعتقادي هو العمل المقارن بين نسخ اإلنجيل الذي قام به الباحث لويجي
سيريللو
Luigi Cirillo et Michel Frémaux: Evangile de Barnabé: Recherches sur la composition
et l’origine. Préface Henri Corbin. Paris 1977
برنابا وأناجيل أخرى 294
ودخل الراهب إلى المكتبة ،وكان الكتاب األول الذي وضع يده عليه
هو هذا اإلنجيل ،فكاد يطير من الفرح ،وخبأه في ردائه ولبث إلى أن أفاق
البابا واستأذنه باالنصراف .ثم طالعه بشوق عظيم فاعتنق على هذا الدين
اإلسالمي (ص .)5
ويبدو أن هذا الراهب فرامرينو كان يهود ًيا ألن له إيمان يفوق
الوصف بالتوراة .وهو عينه الذي كتب النسخة اإليطالية وهو الذي
ترجمها إلى اللغة األسبانية.
ً
تأويل .وليس ذلك صريحا ال يقبل شكًا أو كرا ِ
ً تذكر اسمه في عرضها ذ ً
فقط بل لم يتصل بخلفائه الذين أتوا من بعده وال بالعرب الذين دخلوا
األندلس.
أخيرا قد سجلت موسوعة العلوم البريطانية تزوير أمر قصة البابا
ً
جالسيوس هذا( .صفحة ل ،وصفحة م).
المترجم خليل سعادة القاهرة في 13مارس .1908
� -6أطروحة التزوير المتعمد
نقطة الفصل التي دارت وتدور عليها جل الكتابات المسيحية التي
فاضحا» منقولة ومكررة عما أورده الزوجان
ً «تزويرا
ً رأت في اإلنجيل
راغ عن «غلطة» ارتكبها كاتب اإلنجيل «حين ذكر (في الفصول 82
و )83أن «االحتفال بسنة اليوبيل اليهودية يتم كل مئة سنة» ،في حين
أن العهد القديم يجعلها كل خمسين سنة .وبحسب راغ ومن جاء بعده
فإن البابا بونيفاسيوس الثامن هو الذي جعل اليوبيل كل مئة سنة (عام
)1300ثم أعاده البابا إكليمنضس) كليمنت) السادس إلى خمسين سنة
(عام .((4()1349وقد بنى راغ على هذه «الغلطة» المزعومة لالستنتاج
بأن كاتب اإلنجيل البد أنه عاش ما بين عامي 1300و 1349أي أنه كان
معاصرا لدانتي أليغييري .((5(Dante Alighieriلكن الغريب أن راغ وكل من
ً
كتب بعده من علماء الغرب والمسيحية لم يدر ببالهم أن «كاتب إنجيل
برنابا» الذي وصفوه بأنه متضلع في العهد القديم من الكتاب المقدس
( ((4فقرة اليوبيل وردت في الفصل 82من إنجيل برنابا حيث يرد على لسان عيسى أن
سنة اليوبيل التي تجيء كل مئة سنة سيجعلها المسيح القادم تتكرر في كل سنة وفي كل مكان.
( ((5شاعر وكاتب سياسي وفيلسوف والهوتي طلياني عاش بين 1265و1321
واشتهر بعمله األهم واألكبر «الكوميديا اإللهية» الذي جعل منه «أبو اللغة االيطالية الحديثة».
اشتهر لونسدايل راغ باشتغاله على دانتي بحيث صار مرج ًعا فيه.
299 الباب الخامس :إنجيل برنابا
ال يمكن أن يقع في هكذا غلطة سخيفة ال تخفى على البسطاء فكيف
بالعلماء .ولعل الصواب أن ثمة خطأ وقع في النسخ جعل الخمسين
اإليطالية تُقرأ مئة (بحسب استنتاج خليل سعادة الموفق جدً ا) ...أو
ربما يكون الكالم رمز ًيا يمعنى دخول العالم مرحلة فرح وحبور وابتهاج
بمجيء المسيح بحيث إن عيد اليوبيل يصير كل عام ال كل خمسين أو
مئة عام.
( ((5جاء في السيرة النبوية ألبن هشام ما يلي« :قال ابن إسحاق :وقد كان ،فيما بلغني
عما كان وضع عيسى بن مريم فيما جاءه من الله في اإلنجيل ألهل اإلنجيل من صفة رسول الله
صلعم ،مما أثبت يحنس (أي يوحنا التلميذ في إنجيله) الحواري لهم ،حين نسخ لهم اإلنجيل
عن عهد عيسى بن مريم عليه السالم في رسول الله صلعم إليهم أنه قال :من أبغضني فقد أبغض
الرب ،ولوال أني صنعت بحضرتهم صنائع لم يصنعها أحد قبلي ،ما كانت لهم خطيئة ،ولكن من
وأيضا للرب ،ولكن ال بد من أن تتم الكلمة التي في الناموس: اآلن بطروا وظنوا أنهم يعزوننيً ،
باطل .فلو قد جاء المنحمنا هذا الذي يرسله الله إليكم من عند الرب، أنهم أبغضوني مجانًا ،أي ً
قديما كنتم ً ألنكم ا، أيض ً وأنتم علي شهيد فهو خرج، الرب عند من (و) روح القدس ،هذا الذي
معي في هذا قلت لكم :لكيما ال تشكوا» .والمنحمنا (بالسريانية) :محمد :وهو بالرومية:
البرقليطس ،صلى الله عليه وآله وسلم (السيرة النبوية).
ُث معكُم إِ َلى َاألب ِ آخر لِ ِ ِ ب ِم َن
وح ا ْل َح ِّق َ ُ ُ ر ، د ََ ْ َ ك ماآلب َف ُي ْعطيك ُْم ُم َعزِّ ًيا َ َ َ ْ
ي (َ ((5و َأنَا َأ ْط ُل ُ
ِ َ ِ ِ َ
يع ا ْل َعا َل ُم َأ ْن َي ْق َب َل ُه ،أل َّن ُه الَ َي َرا ُه َوالَ َي ْعر ُف ُهَ ،و َأ َّما َأ ْنت ُْم َف َت ْعر ُفو َن ُه أل َّن ُه َماك ٌث َم َعك ُْم ِ ِ
ا َّلذي الَ َي ْستَط ُ
ُون فيك ُْم( .يوحنا )17-16 :14 ِ َو َيك ُ
و َأما ا ْلمع ي ،الروح ا ْل ُقدُ س ،ا َّل ِذي سير ِس ُله اآلب بِاس ِميَ ،فهو يع ِّلمكُم ك َُّل َشيءٍ،
ْ َُ َُ ُ ْ ُ ْ َ ُْ ُ ُ ُّ ُ َ َّ ُ َ زِّ
َو ُي َذك ُِّرك ُْم بِك ُِّل َما ُق ْل ُت ُه َلك ُْم( .يوحنا )26 :14
اآلبِ وح ا ْل َح ِّق ،ا َّل ِذي ِم ْن ِعن ِْد اآلبُ ،ر ُ ِ َو َمتَى َجا َء ا ْل ُم َعزِّ ي ا َّل ِذي َس ُأ ْر ِس ُل ُه َأنَا إِ َل ْيك ُْم ِم َن
َينْ َبثِ ُقَ ،ف ُه َو َي ْش َهدُ لِي( .يوحنا )26 :15
ِ ِ ِ ِ
ول َلك ُُم ا ْل َح َّق :إِ َّن ُه َخ ْي ٌر َلك ُْم َأ ْن َأ ْن َطل َق ،ألَ َّن ُه إِ ْن َل ْم َأ ْن َطل ْق الَ َي ْأتيك ُُم ا ْل ُم َعزِّ يَ ،ولك ْن ِ
لكنِّي َأ ُق ُ
اك ُي َب ِّك ُت ا ْل َعا َل َم َع َلى َخطِ َّي ٍة َو َع َلى بِ ّر َو َع َلى َد ْينُون ٍَةَ :أ َّما َع َلى إِ ْن َذ َه ْب ُت ُأ ْر ِس ُل ُه إِ َل ْيك ُْمَ .و َمتَى َجا َء َذ َ
ب إِ َلى َأبِي َوالَ ت ََر ْونَنِي َأ ْي ًضاَ .و َأ َّما َع َلى َد ْينُون ٍَة ِ
أل ِّني َذاه ٌ ُون بِيَ .و َأ َّما َع َلى بِ ّر َف َ أل َّن ُه ْم الَ ُيؤْ ِمن َ َخطِ َّي ٍة َف َ
هذا ا ْل َعا َل ِم َقدْ ِدي َن( .يوحنا )11 7- :16 يس َ َف َ ِ
أل َّن َرئ َ
ِ ِ ِ ِ ِ
وح ا ْل َح ِّقَ ،ف ُه َو ُي ْرشدُ ك ُْم إِ َلى َجمي ِع ا ْل َح ِّق ،ألَ َّن ُه الَ َي َت َك َّل ُم م ْن َن ْفسهَ ،ب ْل َو َأ َّما َمتَى َجا َء َذ َ
اكُ ،ر ُ
ِ ِ ِ
اك ُي َم ِّجدُ ني ،ألَ َّن ُه َي ْأ ُخ ُذ م َّما لي َو ُي ْخبِ ُرك ُْم( .يوحنا ك ُُّل َما َي ْس َم ُع َي َت َك َّل ُم بِ ِهَ ،و ُي ْخبِ ُرك ُْم بِ ُأ ُمور آت َيةَ .ذ َ
ٍ ِ ٍ
)14-13 :16
في القرن الخامس أدخلت ترجمة جيروم الالتينية مصطلح الفارقليط بمعنى المعزي
وهو معنى موجود في التراث اليهودي حيث يقصد به المسيح( .التلمود البابلي ،سنهدرين 98
Talmud de Babylone, Sanhédrin 98b ب).
أيضا عند الغنوصيين فهو اسم واحد من أيونات فالنتين( .ترتليان: ً موجود والمصطلح
Tertulien, Adversus Valentinianos, ضد فالنتيانوس)8:
301 الباب الخامس :إنجيل برنابا
والفارقليط هو االسم الذي يعطيه المسلمون للرسول محمد مشيرين إلى نص إنجيل
يوحنا وإلى أن اإلنجيل كما التوراة قد تنبآ بمجيء محمد كما تعبر عن ذلك اآلية 157من سورة
ون «الرسول» النَّبِ َّي ْالُ ِّم َّي ا َّل ِذي َي ِجدُ و َن ُه َم ْكتُو ًبا ِعنْدَ ُه ْم فِي الت َّْو َر ِاة األعراف« :ا َّل ِذي َن َيتَّبِ ُع َ
ات َو ُي َح ِّر ُم َع َل ْي ِه ُم ا ْل َخ َب ِائ َث
َن ا ْلمنْك َِر وي ِح ُّل َلهم ال َّطيب ِ
ُ ُ ِّ َ َُ اه ْم ع ِ ُ
ِ
يل َي ْأ ُم ُر ُه ْم بِا ْل َم ْع ُروف َو َين َْه ُ
ْج ِ الن ِ
َو ْ ِ
ِ ِ ِ ِ ِ َ ِ
َو َي َض ُع َعن ُْه ْم إ ْص َر ُه ْم َو ْالغ َْل َل ا َّلتي كَان ْ
َت َع َل ْيه ْم َفا َّلذي َن آ َمنُوا به َوعَزَّ ُرو ُه َون ََص ُرو ُه َوا َّت َب ُعوا الن َ
ُّور
«وإ ْذ َق َال ِ أيضا في سورة الصف (اآلية َ :)5 ا َّل ِذي ُأن ِْز َل َم َع ُه ُأو َل ِئ َك ُه ُم ا ْل ُم ْف ِل ُحون» َ.وفي القرآن ً
ول ال َّل ِه إِ َل ْيك ُْم ُم َصدِّ ًقا ل َما َب ْي َن َيدَ َّي م َن الت َّْو َراة َو ُم َب ِّش ًرا
ِ ِ ِ يسى ا ْب ُن َم ْر َي َم َيا َبنِي إِ ْس َر ِائ َيل إِنِّي َر ُس ُ ع َ
ِ
َات َقا ُلوا َه َذا ِس ْح ٌر ُمبِي ٌن» .وهذا الربط بين ول ي ْأتِي ِمن بع ِدي اسمه َأحمدُ َف َلما جاءهم بِا ْلبين ِ
َّ َ َ ُ ْ َ ِّ ْ ُُ ْ َ ْ َْ بِ َر ُس ٍ َ
اسم أحمد والفارقليط ظهر قبل منتصف القرن الثاني للهجرة .انظرSchacht, J., «Aḥmad», in: :
Encyclopédie de l’Islam.
وقد انتشرت ورفضت مسيح ًيا من خالل الحوار المزعوم الذي جرى بين البطريرك
المهدي.
ّ ثيموثاوس المشرقي (ثيموثاوس الكبير) والخليفة
األب سمير خليل اليسوعي :خصائص التراث العربي المسيحي .الجزء الخامس.
http://coptcatholic.net
/%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB-%D9%81%D9%8A-
%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1%D9%8D-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84
%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85/
M.T. Urvoy. Dictionnaire du Coran, article «annonce de Mahomet», p. 55-56.
Marie-Thérèse Urvoy. Abécédaire du christianisme et de l’islam, éditions de Paris,
2008, p. 69.
برنابا وأناجيل أخرى 302
وكان كرايمر ألمح إلى وجود أصل عربي للمخطوط اإليطالي الذي
وذلك في إهدائه إلى األمير يوجين على صدر النسخة،كان بين يديه
cf. Daniel Alexander Erhorn: Das Barnabasevangelium und die Wiederentdeckung ((6(
des Judenchristentums: Mit einem Anhang des Nachdrucks von GOTTHOLD EPHRAIM
LESSINGS. Neuer Hypothese über die Evangelisten als blos menschliche Geschichtsschreiber
betrachtet (Wolfenbüttel 1778). Lympia/Cyprus: Spohr Publishers Ltd. 2018
) الهوتي بروتستانتي ألماني1933 18380( (( ثيودور زان أو ثيودور فون زان6(
. مرات لجائزة نوبل في األدب3 رشح.ودارس متعمق للكتاب المقدس
Rines, George Edwin, ed. (1920). «Zahn, Theodor». Encyclopedia Americana.
Bandstra, Andrew J. (2007). «Zahn, Theodor». In Donald K. McKim. Dictionary of
Major Biblical Interpreters (2nd ed.). Downers Grove, Ill.: IVP Academic. pp. 1072–1076
Einleitung in das Neue Testament, Leipzig 1897. ((6(
Archibald Thomas Robertson: Commentary on the Gospel According to Matthew. The
Bible for Home and School. New York: Macmillan. Princeton; Americana. Princeton
Theological Seminary Library 1911
Archibald Thomas Robertson: Mark’s Gospel and Modern Knowledge. The Homiletic
review, v.75. 1918.
Previous Title: Homiletic monthly (New York, N.Y. 1881). Published: [New York: Funk
& Wagnalls], 1885-1934).
برنابا وأناجيل أخرى 306
John Bowman, «The Debt of Islam to Monophysite Syrian Christianity,» in (((6
Essays in Honor of Griffithes
Wheeler Thatcher, ed. E. C. B. MacLaurin (Sydney: Sydney Univ. Press, 1967).
( ((6ططيانوس السوري اتهمته الكنيسة الرسمية بالهرطقة والغنوصية برغم موقعه
الرسمي الذي مكنه من فرض الدياطيشارون وجعله إنجيال رسم ًيا في الشرق حتى مجئ ربوال
أسقف إيديسيا Edessaفي القرن الخامس وإبطاله العمل به .وبحسب باومان فإن الدياطيشارون
السرياني الوحيد الذي بقي هو ذاك المترجم إلى العربية عن مخطوط يعود إلى القرن التاسع
ميالدي .كما أشار باومان إلى أن الفرق الغنوصية جميعها كان عندها إنجيلها الخاص بها وأن
ً
إنجيل عن ً
إنجيل عن متى الرسول ،والمرقيين (أتباع مرقيون) استخدموا اإلبيونيين استخدموا
لوقا ...وهكذا ...وقد جرى اكتشاف عشرات من هذه األناجيل منذ قرن وتستمر االكتشافات
مؤخرا نشر إنجيل غنوصي يحمل اسم يوضاس (أو يهوذا) ً إلى يومنا هذا (وقد رأينا أنه جرى
اإلسخريوطي ،عن مخطوط قديم جرى اكتشافه في مصر).
عن تاريخ األبحاث حول الدياطيشارون انظر:
W.L. Petersen, Tatian’s Diatesseron: Its Creation, Dissemination, Significance, and
History in Scholarship (Supplements to Vigiliae Christianiae. Book 25), Leiden 1994.
Ulrich B. Schmid: In Search of Tatian’s Diatessaron in the West. Vigiliae Christianae.
Vol. 57, No. 2 (May 2003), pp. 176-199
307 الباب الخامس :إنجيل برنابا
المهمة ومن خاللهم انتقل إلى إيطاليا حيث وقع بالطبع في يد محققي
محاكم التفتيش(.((6
وفي زمن قريب تبنى الباحث البروتستانتي يان جوستن Jan Joosten
(J. Bowman, «The Gospel of Barnabas and the Samaritans», Leiden, Abr- ((6
Nahrain, 30 (1992), pp.20-33,
and J. Bowman, «The Debt of Islam to monophysite Syrian Christianity», in Nederlands
Theologisch Tijdschrift, (1964-1965), 19, pp.177-201
Jan Joosten: The Gospel of Barnabas and the Diatessaron. The Harvard (((6
Theological Review. Vol. 95, No. 1 (Jan. 2002), pp. 73-96
R. Blackhirst, «Barnabas and the Gospels: Was There an Early Gospel of (((6
Barnabas?». Journal of Higher Criticism 7/1 (Spring 2000), 1-22..
(Gerard Wiegers, «Muhammad as the Messiah: a comparison of the polemical ((6
works of Juan Alonso with the Gospel of Barnabas». Bibliotheca Orientalis, Jan 1, 1995
برنابا وأناجيل أخرى 308
Trobe ( ((7رودني بالكهرست أستاذ الفلسفة والدراسات الدينية في جامعة تروب
Universityفي بنديغو-أستراليا Bendigo, Australiaحيث يعيش .متخصص في التراث اليوناني
واألديان التوحيدية.
(R. Blackhirst, Sedition in Judaea. The Symbolism of Mizpah in the Gospel of ((7
Barnabas, Studies in Western Traditions Occasional Papers. No. 3 School of Arts La Trobe
University, Bendigo, Australia, 1996, 84 p.
F. Garcia Martinez and Adam van der Woude, De rollen van de Dode Zee, (((7
Kampen, Kok, 1994, Vol.I, pp.30-31
(Theodore Pulcini: In the Shadow of Mount Carmel: the collapse of the `Latin ((7
East’ and the origins of the Gospel of Barnabas. Islam and Christian-Muslim Relations, Vol.
12, No. 2, April 2001
Lonsdale & Laura Ragg. The Gospel of Barnabas. Oxford. 1907., p.xlix ( ((7
309 الباب الخامس :إنجيل برنابا
Luigi Cirillo et Michel Frémaux. Évangile de Barnabé., op.cit., p.12 ( ((7
Ragg. The Gospel of Barnabas., op. cit., p. xiii. ( ((7
Luigi Cirillo et Michel Frémaux. Évangile de Barnabé., op. cit., p.8
Idem (((7
Idem (((7
Ibid p.V (((7
Ibid p. 77 (((8
برنابا وأناجيل أخرى 310
واحتمل راغ أن يكون الكاتب توسكان ًيا في األصل ثم قام شخص من
البندقية بنسخ النص ،أو أن يكون حصل العكس .أما التعليقات الصغيرة
على هوامش وحواشي المتن فهي مكتوبة بالحرف العربي ولكن لغتها
ركيكة أو هي أقرب أن تكون إلى الفارسية أو التركية .ويخلو النص من
االستشهادات القرآنية؛ كما يبدو كاتبه ضلي ًعا بالعهدين القديم والجديد
وغير عارف بالدراسات أو المصطلحات اإلسالمية ...بإستثناء المواعظ
المطولة على لسان السيد المسيح التي تبدو بزعم الدارسين المسيحيين
إسالمية المصدر .أما عن التدخل اإللهي الذي أحل يوضاس محل
عيسى عند المحاكمة والصلب فهو غير وارد بهذا التفصيل في المصادر
«ش ّبه لهم» وال يذكر كيف كان ذلك .أما قصة اإلسالمية .فالقرآن يقول ُ
يوضاس فمن المرويات الشعبية الالحقة .وال ننسى أننا نجد لها أصال
في قول العديد من الفرق المسيحية البائدة ومنها الفرقة «الظاهرية»
((8(docetismالتي أنكرت التجسد اإللهي في المسيح ولم تنسب إليه
سوى الظواهر البشرية.
ويزعم خليل سعادة (مترجم إنجيل برنابا) أن هناك أصال عرب ًيا
لإلنجيل وأن كاتبه ملم بالقرآن (على عكس ما رأى الغربيون) حتى «أن
كثيرا من فقراته يكاد يكون ترجمة حرفية أو معنوية آليات قرآنية .أقولً
هذا وأنا عالم أن في ذلك مخالفة لجملة كتاب الغرب الذين خاضوا
عباب هذا الموضوع» .ويورد سعادة بعض األمثلة التي تدل بزعمه على
أن في اإلنجيل المذكور الكثير من الفقرات المنقولة عن سور قرآنية أو
مذكرا بأنه لم يكن يوجد
ً من األقوال التي تنطبق عليها األحاديث النبوية،
عالما بالحديث النبوي لكي يقارن بينه وبين بعض في الغرب من ُيعد ً
.
مواعظ اإلنجيل» (ا.ه)
( ((8الدوستية أو الذين يقولون بأنه ُشبه للناس أن المسيح ُصلب (ورد التعريف بها
فيما سبق).
311 الباب الخامس :إنجيل برنابا
أيضا يبدو وكأن كاتب اإلنجيل «اشتغل على نسخة وبحسب راغ ً
أصلية ضاعت اليوم» .وأشار راغ إلى إحتمال أن يكون األصل في أحد
المحرمة والتي ضاعت ثم
ّ األناجيل الغنوصية المخفية ،أو المنحولة،
بدأنا نستعيد بعضها منذ اإلكتشافات المصرية أواخر القرن التاسع عشر.
وما دفع راغ إلى هذا االستنتاج الحذر قول هذا اإلنجيل إن «مريم جاءها
المخاض بدون ألم» ،وهو قول الغنوصيين ،إذ ال يوجد إشارة عنه في
القرآن الذي يكتفي بذكر مفاجأة المخاض لها عند جذع النخلة.
-9نظرية الأ�صل العربي الإ�سباني للإنجيل
الغريب أن علماء الغرب لم يهتموا إلى األلفاظ والجمل العربية
المكتوبة على هامش النسخة اإليطالية والتي تستحق دراسة جادة لم
أيضا لألسف .وحده خليل سعادة حاول تقديم تفسير يقم بها المسلمون ً
لهذه الهوامش العربية فوجد «بعضها صحيح العبارة محكم الوضع لعب
فيه قلم الناسخ كل ملعب من مسخ وتصحيف ،والبعض اآلخر سقيم
التركيب من أصله ال تكاد تفقه لبعضه معنى إال بكد الذهن وال تفقه لبعضه
اآلخر معنى بالمرة» .واستنتج سعادة أن «كاتب الهوامش العربية أكثر من
واحد» .كما استنتج بأن النسخة اإليطالية الموجودة في مكتبة فيينا «هي
مأخوذة بال مراء عن نسخة أخرى» (هي النسخة اإلسبانية التي لم يكن
سعادة يعرف بوجودها حين ترجم النسخة اإليطالية) .وافترض خليل
سعادة أن «كاتب هذا اإلنجيل يهودي أندلسي اعتنق الدين اإلسالمي بعد
تنصره واطالعه على أناجيل النصارى» .وهو استنتاج أو افتراض عاد إليه
الح ًقا الكثير من الباحثين المسيحيين ،واإلسبان منهم تحديدً ا.
(((8
de Epalza يقف على رأس القائلين بذلك :ميغيل دي إبالزا
autor español del Evangelio de Bernabé », Al-Andalus, XXVIII, 1963, pp. 479-491.
Luigi Cirillo et Michel Frémaux. Évangile de Barnabé., op. cit.
Luis F Bernabé Pons. El texto morisco del Evangelio de San Bernabé. ((8(
Universidad de Granada. 1998
G.A. Wiegers. «Muhammad as the Messiah: A comparison of the polemical ((8(
works of Juan Alonso with the Gospel of Barnabas». Biblitheca Orientalis. (April–June 1995).
LII: 274.
Emilio García Gómez: Silla del moro y nuevas escenas andaluzas (Madrid ((8(
1948, reprint Buenos Aires, Espasa-Calpe, 1954).
Pieter van Koningsveld: The Islamic Image of Paul and the Origin of the Gospel ((8(
of Barnabas, Jerusalem Studies in Arabic and Islam (1996) 20: 200-228.
Christian-Arabic Manuscripts from the Iberian Peninsula and North-Africa: A Historical
Interpretation, Al-Qantara: Revista de Estudios Arabes (1994) XV(fasc.2): 423-451.
Jan Slomp. «The Gospel in Dispute. A Critical evaluation of the first French ((8(
translation with an Italian text and introduction of the so-called Gospel of Barnabas».
Islamochristiana. (1978). 4 (1)
David Sox. The Gospel of Barnabas. George Allen publishers ltd, & Unwin. ((8(
London.1984
Christine Schirrmacher, Mit den Waffen des Gegners, Berlin 1992. ((8(
Bernabé. Texto Morisco, op. cit., p. 11-48 ((9(
J. E. Fletcher: The Spanish Gospel of Barnabas. Novum Testamentum, Vol. 18, Fasc. 4
(Oct.,1976), pp. 314-320
313 الباب الخامس :إنجيل برنابا
George Sale. The Koran: Preliminary Discourse. Published by Frederick Warne (((9
)& Co, London (1887
برنابا وأناجيل أخرى 314
http://textualcriticism.scienceontheweb.net/FATHERS/GospelofBarnabas. (((9
html#s00
Mikel de Epalza, « Sobre García Gómez como conferenciante y periodista. La (((9
autoría del Evangelio de San Bernabé », Awrâq, 17, 1996, pp. 121-133.
Emilio García Gómez: «Sobre un posible autor español del Evangelio de (((9
Bernabé», Al-Andalus, XXVIII, 1963, pp. 479-491.
Luigi Cirillo et Michel Frémaux. Évangile de Barnabé. ( ((9
M.de Epalza, «Le milieu hispano-moresque de l›Evangile islamisant de Barnabé (((9
(XVI-XVIIe s.). Islamochristiana: no.8, 1982, pp.159-183
315 الباب الخامس :إنجيل برنابا
والمسماة ) (Joforesأي
َّ عشر في المز َّيفات اإلسالم َّية -المسيح َّية،
النبوات والتي نسبوها لمسلمين قدماء وبعض قدماء المسيح َّيين ،وهي َّ
تتن َّبأ عن عودة المسلمين ثانية إلى األندلس وإعادة غزوها من جديد.
وقد جاء إنجيل برنابا كجزء من هذه المز ِّيفات التي تحتوي على ثقافة
اإلسباني».
ّ مزدوجة (إسالم َّية -مسيح َّية) إلدخالها في المجتمع
وقد كان إبراهيم الطيبيلي ،والذي كتب عد ًدا من األعمال اإلسالم ِّية
التي ظهرت في أرجوان ،هو أول من أشار إلى إنجيل برنابا وشاركه في
ذلك محمد روبيو ،Muhammad Rubioإلى جانب مصطفي العرندي(.((9
أن ال يغيب عن بالنا شخص َّية مصطفى العرندي أحد هؤالء ويجب ْ
دور ها ٌّم في خروج وظهور هذا الكتاب، الموريسكيين والذي كان له ٌ
فهو الذي زعم في مقدِّ مة المخطوطة األسبان َّية أنَّه الذي قام بترجمتها في
إستانبول من اإليطال َّية إلى اإلسبان َّية ،ومن الواضح أنَّه يتم َّيز بمعرفة ج ِّيدة
فضل عن اإلسالم َّية وروايته لقصة الراهب للثقافتَين اإلسبان َّية واإليطال َّية ً
المزعومة ودوره في كتابة هذا الكتاب المز َّيف وتأليفه.
ويذكر دي إبالزا ظهور الكثير من الكتب المسيح َّية المز َّيفة في
غرناطة في تلك الفترة والتي ُس ِّم َيت برسائل «القديس» يعقوب ،وأعمال
س ِّيدنا يسوع والعذراء مريم ،وكتاب حقيقة اإلنجيل برواية العذراء مريم
عن «القديس» يعقوب ،وفيه تجيب عن أسئلة تالميذ المسيح .وكانت
هذه النصوص المزعومة ُت َعدّ لظهور هذا اإلنجيل الذي وصفوه باإلنجيل
الحقيقي الذي سينطلق من إسبانيا .وقد اِنتقلت هذه المز َّيفات إلى شمال
ّ
أندلسي من غرناطة ،كان يعرف العرب َّية واألسبان َّية وله
ّ أفريقيا بواسطة
(Jan Slomp. «The Gospel in Dispute. A Critical evaluation of the first French ((9
translation with an Italian text and introduction of the so-called Gospel of Barnabas».
Islamochristiana. no.4, 1978. pp.67-112: 82
برنابا وأناجيل أخرى 316
بثورة الكتساب بعض الحقوق كحق الحرية ،أو حرية العقيدة؛ واحتلوا
بعض الحصون من منطقة بلنسية ،وتقدموا نحوها حتى كادوا يدخلونها
وذلك في عام 652هجري بعد أن شكلوا ً
جيشا .وكانت منطقة بلنسية
تابعة لـمملكة أرغون وليون ويحكمها ملك يدعى «جقوم» (جايميش)،
فأمر هذا الملك أن يخرج كل (مدجن) من مملكته ،فخرج الجميع نحو
غرناطة تاركين ديارهم وأموالهم.
وقد نشر جيرارد وايغرز في العام ً 2006
مقال( ((10تحدث فيه عن
مجموعة شهيرة من النصوص اإلسالمية من بينها إنجيل برنابا ،والكتب
الرصاصية Lead Booksالتي اكتشفت في غرناطة في نهاية القرن السادس
عشر ،وقال إن مؤلفي هذه الكتب «المزيفة» تعود أصولهم إلى المدجنين
الموريسكيين من العصور الوسطى وعصر النهضة األوروبية .وقال في
مقالته إنه يمكن التعرف على أصحاب هذه الكتب المزيفة من خالل
دراسة انتقال ثقافة المدجن إلى ثقافة الموريسكيين .واقترح التعريف
أيضا ببعض أعالمهم أمثال الموريسكي ألونزو دل كاستيللو (الفقيه ً
الجبس) ،وصهره ميغيل دو لونا (األُ َك ْيحل) وحفيد األول وابن الثاني
خصوصا رحالت هذا األخيرً ألونزو دو لونا (محمد أبو العاصي)،
إلى روما وإسطنبول ومحاكمته في محاكم التفتيش عام 1618وادعى
وايفرز أن محمد أبو العاصي هذا كان له عالقة بتزييف إنجيل برنابا
وكذلك الكتب الرصاصية.
أما الكتب الرصاصية المعروفة باسم كتب فرضية الرصاصية
Plomos del Sacromonteأو Libros plúmbeosفهي عبارة عن 22لوحة
لهؤالء الموريسكيين عند تعليمهم العقيدة المسيح َّية باعتباره ،كما جاء
يختص بالمسيح
ّ نبوات العهد القديم ،اللقب الذي يتع َّلق به ّ
كل ما في َّ
النبوات
النهائي وختام َّ
ّ كل األمم واإلعالن كالفادي والمخ ِّلص ومشتهى ّ
النبوات .وهذا ما لم يقب ْله هؤالء الموريسكيين تمت فيه جميع َّ الذي َّ
ثم انتزعوا اللقب من المسيح وأعطوه لمحمد َّ
ألن مثل الطيبيلى!! ومن َّ
محمد في اإلسالم هو خاتم األنبياء الذي جاء للعالمين ،أ َّما المسيح ،من
وجهة نظرهم ،فقد جاء لليهود فقط ،لذا فمحمد يستحق اللقب أكثر من
يسوع من وجهة نظر بعض هؤالء الموريسكيين!!
ويتساءل جيرارد وايغرز ((10(Dr. Gerard Wiegersعن وضع لقب
وإن كان هنالك أي آثار على ذلك عند المس َّيا لمحمد وليس ليسوع ْ
كل من دي إبالزا وبرنابي بونس، الموريسكيين؟ و ُيجيب متَّف ًقا مع ِّ
كانت فكرة نسب لقب المس َّيا لمحمد كامنة عند جماعة صغيرة
من الموريسكيين في بداية القرن السابع عشر .وقد وجد الدارسون
للفترة وكتابات الموريسكيين ذلك في المخطوطة »«BNM MS 9655
والمحفوظة بمكتبة مدريد .هذه المخطوطة والمعروفة برقم «»9655
عي خوان ألونزو Juan كتبها ،هي وعدة كتابات أخرى ،شخص ُيدْ َ
Alonsoمن أراغون بإسبانيا فيما بين سنة 1612-1600م ضد اليهود َّية
والمسيح َّية في هجومه على عقائد الكنيسة الكاثوليك َّية الرومان َّية .وكانت
هذه الكتابات بين أيدي بعض الموريسكيين .وكان خوان هذا مسيح ًيا
ودارسا لالهوت ثم ترك المسيح َّية وارتد إلى اإلسالم.
ً
وقد كُتبت هذه المخطوطة باإلسبان َّية وكُتب في هوامشها تعليقات
المغربي .وعند دراستها وجد الدارسون
ّ العربي
ّ ّ
بالخط باللغة العرب َّية
(وعلى رأسهم جيرارد وايغرز ودي إبالزا ولويس برنابي بونس) عد ًدا من
ٍ
ملحوظ بينها وبين إنجيل برنابا المز َّيف ،ومن ٍ
بشكل النصوص المتماثلة
أهم هذه النصوص واألفكار المتماثلة:
ِّ
( )1إعطاء لقب «المس َّيا» لمحمد ونزعه من يسوع ،فقد زعم كاتب
أن يسوع هو «مس َّيا اإلنجيل »Evangelico mesias -الذي كانتالمخطوطة َّ
رسالته لليهود فقط! َّ
وأن محمدً ا هو «المس َّيا العمومي »mesias general -
الذي جاء للعالم ك ّله! وهذا ما قاله كاتب هذا الكتاب المز َّيف بالتفصيل
في (فصل )16:82ووضعه على لسان المسيح نفسه في حواره مع المرأة
نبي خالص، السامر َّية أجاب يسوع« :ح ًقا أنِّي ُأرسلت إلى بني إسرائيل ّ
ولكن سيأتي بعدي مس َّيا المرسل من ال َّله ِّ
لكل العالم الذي ألجله ُخلق
ّ
كل العالم».
المتكرر عن فساد وتحريف ّ
كل من العهد ِّ ( )2حديث هذه المخطوطة
كثيرا.
كرره إنجيل برنابا ً
القديم والعهد الجديد!! هذا الموضوع الذي َّ
( )3قام كاتب المخطوطة بعمل مقارنة بين شعائر الديانات
التوحيد َّية الثالث مثل الصالة والوضوء (االغتسال) والصوم ...إلخ؛
إن من أهم عالمات فساد الكنيسة هو معاقبتها الذين يختنون ثم يقول َّ
َّ
المتحولين
َّ أوالدهم مثل الموريسكيين والمارانوس ( -Marranosاليهود
سرا .ويم ِّثل إلى المسيح َّية مثل الموريسكيين) والذين كانوا يمارسونها ً
موضوع الختان هذا قض َّية كبرى في هذا الكتاب المز َّيف .قال في مقدِّ مة
إن ال َّله العظيم العجيب قد افتدانا هذه األيام
إنجيله المزيف «أ َّيها األعزاء َّ
ٍ
عظيمة للتعليم واآليات التي اتَّخذها ٍ
برحمة األخيرة بنب ِّيه يسوع المسيح
ِ
شديد مبشرين بتعلي ٍم
الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين بدعوى التقوى ِّ
ِ
الكفر داعين المسيح ابن ال َّله ورافضين الختان الذي أمر ال َّله به ً
دائما».
وفي (فصل )23يذكر رواية خراف َّية طويلة عن أصل الختان.
برنابا وأناجيل أخرى 322
لعالم الشرق َّيات الراهب العظيم «فراي ماركو ماريني (Fray Marko Marini
( ((10في المجلد 13لسنة 1923من مجلة العالم اإلسالمي Muslim Worldالتي كان
يصدرها زويمر.
برنابا وأناجيل أخرى 324
Paul Grendler: The Roman Inquisition and the Venetian Press 1504-1604. (((10
Princeton, New Jersey: Princeton University Press 1977
325 الباب الخامس :إنجيل برنابا
وغرندلر قائلين إن اسم عائلته مجهول وإنه من أسرة نبالء؛ وفي تلك
األزمنة كان الكثير من الكهنة في البندقية وغيرها أوال ًدا غير شرعيين.
ولكن باح ًثا آخر هو ستانلي شويناكي وجد اسم مارينو كاسم عائلة في
البندقية بين 244عائلة نبالء في القرون الوسطى.
وبالعودة إلى شهادات هذا األب مارينو أمام محكمة التفتيش العليا
مفتشا ...وقد دافع ً
متساهل جدً ا حين كان ً يتبين أنهم اشتبهوا بأنه كان
قائل «لقد أحرقت الكثير من كتب الهراطقة» .ولكن العشرات عن نفسه ً
شهدوا عليه بهذا التساهل تجاه كتب معينة طبعت في البندقية برغم
قرارات التحريم.
واقترح الباحث المسيحي يان سلومب أن يكون مارينو واحدً ا من
طائفة المارانو وهم اليهود اإلسبان والبرتغال الذين اضطروا للتحول إلى
المسيحية وإخفاء عقائدهم أمام محاكم التفتيش ...وقد جرى طردهم
النهائي من إسبانيا والبرتغال في عام 1492أي بعد سقوط غرناطة،
فلجأوا إلى تركيا وهولندا وبعض جمهوريات وممالك إيطاليا .واقترح
سلومب أن يكون هذا المارانو قد اختار اسم مارينو لتذكيره الدائم بأصله
وباالضطهاد الذي عاشه شعبه( .وكلمة مارانو التي أطلقت عليهم تعني
الخنزير).
أما البابا سيكستوس الخامس الذي قال مارينو إنه وجد المخطوط
في مكتبته فهو فيليس بيريتي ولد عام 1520في غروتاماري قرب
مونتالتو على الساحل اإليطالي ودخل الرهبنة الفرنسيسكانية عام 1533
حيث اكتشفه راعي الرهبنة الكاردينال كاربي فأخذه إلى روما عام 1552
وهناك لفت انتباه الكرادلة (ومنهم من صار البابا الح ًقا مثل بولس الرابع
مفتشا عا ًما لمحاكم التفتيش في وبيوس الخامس) .ع ّينه بولس الرابع ً
ومديرا
ً أيضا كمد ّبر لرهبنة الفرنسيسكانالبندقية ( )1557حيث خدم ً
برنابا وأناجيل أخرى 326
من بنى مكتبة الفاتيكان الشهيرة وكان مول ًعا بالكتب .ولذلك يبدو أنه
كان من الطبيعي أن يحتفظ بنسخ عن الكتب التي كان يجري تحريمها
وإحراقها ومنها إنجيل برنابا.
الباب ال�ساد�س
�أناجيل وكتابات �أخرى مثيرة
331 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
-1مذكرة بيالط�س
في منتصف القرن التاسع عشر سرت شائعة تقول إن المذكرة
الرسمية الصادرة بإعدام عيسى قد وجدت في ايطاليا منقوشة على
صفيحة معدنية وقد جرى تعميم النص وقصة اكتشافه من خالل مقال
صدر في الجريدة الفرنسية (الحق = ،)Le Droitومن المحتمل أن
يكون ذلك في ربيع 1839ولكنني لم أعثر على العدد الذي نشر فيه
المقال في الجريدة المذكورة .ولكن نفس المقال بنصه الكامل مع
نص المذكرة الرسمية المزعومة ،أعيد نشره فيLe Moniteur Universel :
.De Franceوقد نال الموضوع نقدً ا عني ًفا من فرنسوا إيزامبير Isambert
Sentence Rendue par Ponce Pilate, Gouverneure (regent) de la Basse Galile (((
portant que Jesus de Nazareth subira la peine (le supplice) de la Croix.
Bonaventure et Ducessois. Paris 1858
A. Liébert Cic. Paris 1866
(مع خارطة درب الصليب وموافقة الكنيسة على نشرها)
)-C.A. Lhérison. Cayes (sans date
برنابا وأناجيل أخرى 332
((( Rudolf Hofmann: Das Leben Jesu Nach Den Apokryphen: Im Zusammenhange
Aus Den Quellen Erz Hlt Und Wissenschaftlich Untersucht. Friedrich Voigt. Leipzig 1851.
Edgard Goodspeed: Modern Apocrypha. Boston: Beacon Press 1956., pp.92-96 (((
The Crucifixion by an Eye Witness; Suplemental Harmonic Series, vol 2. (((
)(Chicago: Indo- American Book Co. 1907
333 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
((( دومنيك فيفان ،بارون دونون )1825-1747( Dominique Vivant, Baron Denon
فنان فرنسي وكاتب ودبلوماسي ومؤلف وعالم آثار .عينه نابليون أول قيم على متحف اللوفر
بعد حملته المصرية ( .)1801-1798وهو مكرم اليوم في جناح خاص به في اللوفر كما في
مركز أبحاث أنشئ على اسمه .يعتبر كتابه عن رحلته في مصر والصعيد الصادر عام 1802
مؤسسا لعلم المصريات الحديث Egyptology
ً
Voyage dans la basse et la haute Egypte («Journey in Lower and Upper Egypt»), 1802.
((( رهبنة مسيحية تأملية Ordo Cartusiensisتأسست عام 1084على يد «القديس»
برونو وستة أخوة آخرين وأخذت اسمها من جبال الشارتروز شمال غرونوبل .هذه الرهبنة تتميز
بالتشدد من حيث ال يخرج أعضاؤها من معزلهم وال يتكلمون أبدً ا ويكثرون من الصوم وال
يأكلون اللحم أبدً ا .وهم ال يستقبلون أفراد عائالتهم إال مرتين في السنة.
((( كنيسة كازرتا الحديثة بنيت حول أسوار الدفاع في اللومبارديا على يد باندو أمير
كابوا .دمر باندو المدينة األصلية حوالى العالم .863انتقل السكان األصليون للمدينة من
كازرتافيكيا Casertavecchiaوكانت مركز األسقفية إلى المدينة الحالية في القرن السادس عشر.
وهذه المدينة القديمة كانت بنيت على أنقاض المدينة الرومانية كازام إرتام.
برنابا وأناجيل أخرى 334
تقول إنه جرت ترجمة نص اللوحة وقيل إن دونون صنع نسخة عن
اللوحة نفسها ...وحين بيعت ممتلكاته بعد وفاته اشترى هذه النسخة
شخص اسمه لورد هاورد Lord Howardبمبلغ وقدره 2890فرنك وال
ُيعرف بعد ذلك ماذا حصل؟؟
مالحظات:
حاكما للجليل السفلي (بحسب المصادر
ً -1بيالطس لم يكن أبدً ا
المسيحية).
-2وهو بوصفه من الغوييم (غير اليهود ،من األمم) ال يمكن أن
يكون تحدث عن أورشليم كمدينة مقدسة.
-3أن التاريخ المذكور ال يتوافق مع أي تاريخ روماني أو يهودي.
-4أن بيالطس ال يمكن أن يكون قد أرسل ً
نسخا إلى األسباط الـ
12ألن هذا التنظيم العشائري كان قد انهار واندثر منذ القرن الثامن قبل
الميالد.
فاضحا.
ً تزويرا
ً لكل تلك األسباب جرى اعتبار النص
غودسبيد اعتبر أنه تزوير يعود للقرن التاسع عشر؛ وقد يكون ذلك
صحيحا ولكن رواية وجود مكتشفات أثرية في أكويال هي رواية قديمة.
ً
وفي القرن السادس عشر قيل إن ما اكتشف هو مخطوطات Parchement
( Scrollلفائف مخطوطة).
في حوالى العام 1500ساد بين القضاة والالهوتيين سجال حول
من هو المذنب الحقيقي في الحكم بإعدام عيسى أهم اليهود أم بيالطس؟
وقد انقسمت اآلراء حول ذلك .فاألناجيل ال تذكر بوضوح أن بيالطس
حكما رسم ًيا بحق عيسى.
ً أصدر أو أعلن
هناك إشارات إلى ذلك في مكتشفات الحقة تسمى أعمال بيالطس
335 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
اسم نفس قائد المئة كوينتيس كورنيليوس الذي أمر باقتياد عيسى من
باب معين (هنا اسمه زاغورال ((2()Zagorlaمع التشديد على تحذير كل
من تسول له نفسه الوقوف في وجه تنفيذ الحكم .ومن التواقيع :دانيال
وجواني ،و ُيذكر أنهما ربانيين ) (rabiniباإليطالية رابي والح ًقا تحول
إلى اسم علم روباني) .نقطة االختالف بين هذا ولوحة آكويال هي أنه
هنا تأتي عبارة «حاكم الجليل السفلي» بعد اسم بيالطس ولكن يليها
فعل حاكم الجليل) .ولم يظهر نقداسم هيرودوت أنتيباس (الذي كان ً
ومحاكمة بوريللو لالكتشاف المزعوم قبل العام 1588وفي ذلك الحين
كانت القصة قد انتشرت خارج حدود إيطاليا فظهرت ترجمة فرنسية
عام 1581وفي نفس السنة ترجمة ألمانية .وأخرى إسبانية عام 1583
أحدثت ضجة كبرى في حينه(.((2
ويذكر برلينر 3نشرات ألمانية :نورنبرغ ،Nürenberg 1581ريغنسبورغ
،Regensburg 1581ماغدبورغ .((2(Magdeburg 1584
بالعودة إلى النشرة اإلسبانية (مدريد )1583فقد أعدها األخ
الراهب رودريغو دو ييبس ((2(De Yepesوقد أحدثت ضجة في األوساط
( ((2لم أجد أي مرجع يذكر هذا الباب ولعله الباب المعروف باسم الباب الذهبي وهو
عند اليهود باب الرحمة :םימחרה רעש ،وهو عند المسلمين بابان أولهما باب الرحمة والثاني باب
التوبة .ويعتبر المسلمون مثل المسيحيين أنه الباب الذي دخل منه المسيح إلى القدس.
( ((2الترجمة الفرنسية نشرها Guillam Julien Paris 1581وأعاد نشرها Le Febreباريس
1621ونشرة ثالثة أعدها Augustine Soulierعام .1839
( ((2يرد في مقدمات الترجمات االلمانية أنه حين وصل الفارس األلماني ملشيور
حاجا إلى األراضي المقدسة في فلسطين عام 1583أعطي شيئًا قيل إنه السي ً Melchior Lussy
األصل العبراني وقيل إنه ترجمه هناك إلى األلمانية وأحضره معه.
( ((2الراهب رودريغو دو ييبس Rodrigo de Yepesكان راه ًبا وكات ًبا إسبان ًيا من الثلث
األخير من القرن السادس عشر .وال نعرف عنه الكثير سوى أنه كان ربما من مواليد ييبس في
ومبشرا في دير سان خيرونيمو ً طليطلة وكما يبدو من أعماله ارتباطه بمقاطعة المانشا .كان أستا ًذا
إل ريال في مدريد .San Jerónimo el Real :ترجم ونشر كت ًبا كثيرة وطبعها في الدير نفسه .كما
339 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
الدينية كما عند الشعب .وقد صدر في لندن في عام 1922كتاب بقلم
((2(P. R. Lyellيتهم هذا الراهب بأنه هو مخترع هذه الحكاية .لكن أهمية
المسألة تبدو في إعادة نشر الترجمة اإلسبانية على يد أسقف أشبيلية
D. N. Guerraفي العام .1786
ثمة وثيقة أخرى انتشرت منذ العام 1580تدعى بروتوكول
السنهدرين :وهي عبارة عن محضر اجتماع مزعوم للسنهدرين نوقشت
كل بدوره، فيه جريمة وعقاب عيسى وع ّبر فيه المجتمعون عن أرآئهم ٍ
متكلما منهم يوسف من الرامة الذي يقف
ً وتذكر الوثيقة أسماء عشرين
(((2
إلى جانب عيسى ،فيما تنقل الوثيقة الكالم المعروف للحاخام قيافا
أن هذه الكلمات قيلت في اجتماع بعد أعجوبة قيام أليعازر من القبر .
(((2
عمل معاد ًيا للسامية «تاريخ الموت والشهادة المجيدة لألبرياء من «القديسين» المسمى كتب ً
الغوارديا» ( ،)1583وسيرة حياة الفيزيغوط سانتا فلورنتينا .كما كتب وص ًفا لفلسطين لغاية
هداية الحجاج..
( ((2جيمس باتريك رونالدسون اليل ( )1948-1871كاتب وناشر ومنتج ومراسل
قيما..
عمل في 219مطبوعة في 5لغات ،ومالك 1433كتا ًبا ً ومالك مكتبات .له ً 123
( ((2ورد ذكر اسمه في إنجيل يوحنا 53-45 :11
وع ،آ َمنُوا بِ ِهَ .و َأ َّما س ي ل ع َ
ف ا م وا ر َ
ظ ن و ِ ِ
ون م َن ا ْل َي ُهود ا َّلذي َن َجا ُءوا إِ َلى َم ْر َي َمُ ُ َ َ َ ُ َ َ ،
َ (َ ((2فكَثِير َ ِ
ُ
يس ُّي َ
ون يسيين و َقا ُلوا َلهم عَما َفع َل يسوع .فجمع رؤَ ساء ا ْلكَهن َِة وا ْل َفر ِ َقوم ِمنْهم َفم َضوا إِ َلى ا ْل َفر ِ
ُ ْ َّ َ َ ُ ُ َ َ َ ُ َ ُ َ َ ِّ ِّ ِّ َ َ ْ ٌ ُ ْ َ ْ
يع بِ ِه، ِ ِ ٍ ِ
ان َي ْع َم ُل آ َيات كَث َيرةً .إِ ْن ت ََر ْكنَا ُه هك ََذا ُيؤْ م ُن ا ْل َجم ُ هذا ِ
اإلن َْس َ َم ْج َم ًعا َو َقا ُلواَ « :ما َذا ن َْصن َُع؟ َفإِ َّن َ
يسا لِ ْلك ََهن َِة احدٌ ِمنْهم ،وهو َقيا َفا ،ك َ ِ
َان َرئ ً ُ ْ َ ُ َ َ
ون مو ِضعنَا و ُأم َتنَا» َف َق َال َلهم و ِ
ُ ْ َ ون َو َي ْأ ُخ ُذ َ َ ْ َ َ َّ الرو َمانِ ُّي َ ِ
َف َي ْأتي ُّ
ان َواحدٌ ع ِ ِ وت إِن َْس ٌ
ون َأ َّن ُه َخ ْي ٌر َلنَا َأ ْن َي ُم َون َش ْيئًاَ ،والَ ُت َف ِّك ُر َ ِ
السنَةَ « :أ ْنت ُْم َل ْست ُْم َت ْع ِر ُف َ ِ ِ
َن في ت ْل َك َّ
السن َِة، ِ ِ ِ
يسا ل ْلك ََهنَة في ت ْل َك َّ
َان ر ِئ ِ ِ ِ
هذا م ْن َن ْفسهَ ،ب ْل إِ ْذ ك َ َ ً
ب والَ تَه ِل َك األُم ُة ُك ُّلها!».و َلم ي ُق ْل َ ِ
َ ْ َ َ َّ الش ْع ِ َ ْ َّ
ِ ِ ِ ِ ِ ُ ِ ِ ُ
وت عَن األ َّمة،و َ َل ْي َس عَن األ َّمة َف َق ْطَ ،ب ْل ل َي ْج َم َع َأ ْبنَا َء الله ا ْل ُم َت َف ِّرقي َن إ َلى ِ ِ
وع ُمزْ م ٌع َأ ْن َي ُم َ َ
َتنَ َّبأ َأ َّن َي ُس َ
ِ
او ُروا ل َي ْق ُت ُلو ُه. ِ ِ ٍ ِ
َواحدَ .فم ْن ذل َك ا ْل َي ْو ِم ت ََش َ
(The sentence of Pontius Pilate: being an alleged copy of the formal judgment ((2
against Jesus. London: Grafton, 1922.
برنابا وأناجيل أخرى 340
( Struenus ((2و لم أجد أي أثر لهذا الباب في بوابات القدس القديمة .ولكن بعض
341 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
-2ق�صة بيالط�س
Andreas Faber - قصة بيالطس :نشرها أندرياس فابر-قيصر
((2(Kaiserفي كتابه المسيح مات في كشمير( .((3وأندرياس شاب
متحمس للطريقة أو البدعة األحمدية (القاضيانة) .وبحسب الكتاب
فإن نص رسالة بيالطس البنطي إلى تيبريوس قيصر Tiberius Ceasar
كتبت عام 32م وأن األصل موجود في المتحف البريطاني وأن هناك
نسخة في مكتبة الكونغرس في واشنطن .والرسالة تستعيد ما ورد في
نص اشتهر قبل حوالى 150سنة بعنوان «تقرير بيالطس» .والمعروف
أن بيالطس ح ّير علماء المسيحية كما جمهورها وكان مدعاة وموضو ًعا
لقصص عديدة ولروايات حول حواره مع المسيح .وهناك في األناجيل
نصا آخر
والنصوص المخفية نص بعنوان «أعمال بيالطس» كما أن هناك ً
ضمن اإلنجيل المعروف باسم إنجيل نيقوديموس (أنظر القسم الخاص
باألناجيل األبوكريفية).
األصدقاء المقدسيين أشاروا لي أنه يمكن أن يكون المقصود باب الرحمة المسمى بالعبرية
أيضا بالباب الذهبي وقد ورد في مكان سابق أن اسمه زاغورال. Sha’ar Harachamimوالمعروف ً
( ((2أندرياس فابر-قيصر )1994-1944( Andreas Faber- Kaiserكاتب إسباني من
ناشرا لمجلة Mundo Desconocidoالخاصة باألجسام الطائرة المجهولة ً أصول ألمانية كان
) ،(Unidentified Flying Objectأو ما يعرف بمختصر يو إف أو ) (UFOوباألمور المخفية.
(Andreas Faber- Kaiser. Jesus died in Kashmir. London: Gordon and Cremonest ((3
1978., paper back ed: London Abacus Books 1978
( ((3وليام دنس ماهان )1906-1824( William Dennes Mahan
برنابا وأناجيل أخرى 342
Egar J. Goodspeed, Strange New Gospels, The University of Chicago Press. (((3
Chicago. Illinois. 1931., pp. 43-45
(William Overton Clough: Gesta Pilati: Or, The Reports, Letters and Acts of ((3
Pontius Pilate, Procurator of Judea, with an account of his life and death. Publisher R.
Douglass. Indianapolis: 1880.
343 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
لم يكن عنده قوات رومانية كافية لحماية نفسه ومقاومة القوات التي كان
يقودها حاخامات وكهنة اليهود .كما لم تصل القوة التي كان ينتظرها
وقوامها ألفي رجل إال بعد تنفيذ الصلب بليلة .وأن الصلب نفذ وسط
حزن وغم بيالطس الذي اعتبر نفسه ضحية قدر ظالم.
وبحسب غودسبيد فإن هذه القصة لها أصل أدبي في رواية لصاحبها
الفرنسي جوزيف ميري )1866-1797( Joseph Méryعنوانها «بيالطس
البنطي في فينيا»( ((3وقد ترجمت الرواية إلى اإلسبانية واإليطالية (بوغوتا
-1838ميالنو .)1837أما الترجمة األميركية (بوسطن )1842فلم
تذكر المؤلف وإنما ذكرت أن «النص مأخوذ من مخطوط التيني قديم
اكتشف حدي ًثا في «فيينا» وعنوان الكتاب األميركي»رواية بيالطس عن
الحكم على عيسى المسيح وعذابه النفسي الشديد لذلك» .هناك ترجمة
(((3
عربية نشرها األسقف األرثوذكسي جراسيموس يارد Jerasimus
Joseph Mery (1798–1867). Ponce Pilate à Vienne, Revue de Paris. Janvier (((3
1837, pp 193-212
وهذه الرواية أعاد نشرها جوزيف ميري في كتابه :ليالي لندن ،الجزء الثاني ،فصل بعنوان
بيالطس البنطي في فيينا.
Joseph Mery. Les nuits de Londres. Paris: Dumont.1840, t2, Ponce Pilate à Vienne.
pp.145-189
( ((3المتروبوليت جراسيموس يارد ،مطران سلفكياس (أبرشية زحلة وبعلبك
وصيدنايا ومعلوال) ولد في راشيا وادي التيم سنة .1840في العام 1851دخل مدرسة دمشق
الكهنوتية( ،وهي أحد فروع المدارس األرثوذكسية الدمشقية الكبرى) وفي عام 1858انتخب
معلما لمدرسة حماة األرثوذكسية ثم دخل لمدة عام واحد في إحدى مدارس القسطنطينية ً
الالهوتية في عام 1861سافر مع اإلرشمندريت شاتيال الى موسكو لتحقيق ذلك ودخل في
مدرسة موسكو الالهوتية اإلكليريكية عام 1862وأتم دروسها بنجاح في عام .1868ثم تابع
دراسته الالهوتية العليا في كلية بطرسبرغ وأكمل دراسته في الالهوت والفلسفة أتقن العربية
والروسية واليونانية والتركية وبعض السريانية والعبرية .وفي عام 1872سمي أستا ًذا لمدرسة
رئيسا لمدرسة ريغا الالهوتية في فنلندا ثم أستا ًذا لتاريخ الكنيسة البيزنطية
(بسكوف) ،ثم اختير ً
الشرقية في مدرسة بطرسبرغ حيث ألف ونشر بعض تآليف هامة في اللغة الروسية وبسببها نال
رتبة «عالم الهوتي» وكان أول عربي ينال هذه الرتبة .في سنة 1889انتخبه المجمع األنطاكي
برنابا وأناجيل أخرى 344
» ((3(volum», «the Archko Libraryواعتبره الكثيرون حقيق ًيا صاد ًقا فيما تبين
الح ًقا أنه مزيف
المقدس باإلجماع مطرانًا على أبرشية سلفكياس فقام بترميم كنائسها من جيبه الخاص وجهزها،
وأوجد نهضة حقيقية في أبرشيته ،واستمر على سدتها حتى 1899حيث توفي يوم 13أيلول.
تقديرا له بحضور القناصل يتقدمهم القنصل
ً وجرى له تشييع الئق خرجت زحلة والبقاع كلها
الروسي وأركان الجمعية اإلمبراطورية الروسية ألنه كان من قادتها...
( ((3يرد في تعريف السيد شحاده على غالف الكتاب أنه مترجم رسمي سابق لدى
حكومة نيوساوث وايلز باستراليا ولم أجد له أي تعريف آخر.
(«The Archeological and historical writings of the sahedrim and talmuds of ((3
Jesus, Translated from the Ancient Parchments and scrolls at Constantinople and the Vatican
»at Rome
Goodspeed. Strange New Gospels., op.cit., p. 46-69 ( ((3
345 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
( ((3ترجم النص عن البلغارية السيد جورج حداد المقيم في بلغاريا ونشره على موقع
الحوار المتمدن :العدد ،3583 :في 21كانون األول/ديسمبر ،2011بعنوان :تقرير بيالطس
البنطي عن قضية صلب السيد المسيحhttp://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=288289 .
برنابا وأناجيل أخرى 346
تغالب الدموع وأنا أتخيل أخينا وسط عذاباته وآالم الموت ويتألم عقلي
المصاب المجروح لذكرى شجاعته العظيمة وتضحيته بذاته .لقد أرسله
الله بعد أن اختاره من بيننا وهو الحبيب إلينا جمي ًعا وأوحى إليه بالعلم
والمعرفة بالطبيعة وعناصرها .وهاكم يا اخوتي ما حدث في أورشليم
قبل سبع سنين (سبعة فصوح) :لقد رأيت ذلك بأم عيني وحافظت على
السر وفمي مغلوق حتى ال يعرف العالم الحقيقة ألن اليهود والوثنيين ال
يؤمنون بغير ما يرونه رأي العين ...ولذلك فإنهم ال يصدقون بوجود الله
(((4
خارج نطاق ما يدركون بحواسهم»...
بحسب الرسالة يقول عضو في جماعة اآلسينيين إنه شاهد عيان
على صلب المسيح وهو يذكر بأن المسيح لم يمت على الصليب بل
سرا وإنزاله ونقله إلى مكان بعيد .وبحسب الرسالة فإنها
أنه جرى إنقاذه ً
تقرير من جماعة أورشليم إلى إخوانهم في اإلسكندرية ،كتب بعد سبع
عضوا في الجماعة
ً سنوات من صلب المسيح .وبالتالي فإن عيسى كان
ويعرف أسرارها ومعظمها عبارة عن أدوية وعالجات ألمراض مختلفة.
وبحسب الرسالة فإن يوسف الرامي( ((4ونيقوديموس أنقذا عيسى عن
( ((4هذا النص ترجم ونشر باإلنكليزية تحت عناوين مختلفة منها:
1- The Crucifixion by an Eye Witness 1907
)2- The Crucifixion and the Resurection of Jesus By an Eye Witness (1919
)3- The Crucifixion An Eye witness Account (1975
)4- Supplemental Harmonic service, Vol 2 (Chicago: Indo-Aremican Book Co. 1907
)5- Los Angelos Holmes Book (Company 1919
6- The academy of Mystic Arts,New York 1975. With a Forward by: grand Master
Blana MED PA, Grand Master Temple of the White Flame
الطبعة األولى ( )1907التي نقلنا عنها مقاطع الرسالة (ص )55-54ما زالت تطبعها
فرقة األحمدية في أميركا وكذلك في الهور (طبعة سيد عبد الحي الهور .)1977
( ((4وفق المعتقدات المسيحية فإن يوسف الرامي كان رجل من األغنياء وكان من
قبرا في الجبل ولكن دفن فيه يسوع وقد اشترى األكفان من بلدة الرامة وكان قد حفر لنفسه ً
األقمشة الغالية ليكفن بها يسوع .كان يوسف الرامي واحدً ا من الذين آمنوا بالمسيح وقد قام
بطلب جسد يسوع من بيالطس فأذن له بيالطس بأن يأخذه فقام الرامي بإنزاله عن الصليب
برنابا وأناجيل أخرى 348
الصليب وإن األخير نيقوديموس كان يمتلك أسرار فن الشفاء الذي كان
يمارسه اآلسينيون .وهكذا فإن عيسى ظهر الح ًقا أمام أتباعه الذين لم
يكونوا يعرفون أسرار الطريقة ولذلك آمنوا بأنه قام من الموت .وبحسب
الرواية فإن المالئكة عند القبر وعند الصعود كانوا أخوة آسينيين يلبسون
لباسهم التقليدي األبيض .والمسألة الرئيسة في الرواية أن االخوة
اآلسينيين كانوا هم العارفون وقادة مجرى العملية في حين أن التالمذة
كانوا جاهلين وغير مصدقين وذاهلين ويعتقدون أنهم يرون عجائب
ومعجزات في أمور كان األخ اآلسيني يعرف أن لها أسبا ًبا طبيعية.
وبحسب الرواية فإن عيسى مات بعد ستة أشهر بسبب آثار التعذيب
والصلب.
الرسالة اآلسينية هذه لها أصل ألماني إذ إنها نشرت ً
أول في ليبزيغ
عام 1849ونشر معها رواية أخرى عن طفولة عيسى لم تعرف أية ترجمة
إلى اإلنكليزية...
حين ظهرت الرسالة اآلسينية لم يكن العالم يعرف الكثير عن تلك
الجماعة باستثناء المعلومات القليلة المتفرقة من كتابات المؤرخين
اليهود أمثال فيلو ويوسيفوس أو الروماني بليني الكبير .Pliny the Elder
ولم يعرف العالم عن الجماعة قبل اكتشاف مخطوطات البحر الميت
(قمران) .ويعتقد معظم الباحثين اليوم أن جماعة قمران هم اآلسينيون أو
أنهم فرقة منهم أو مقربون منهم.
ولكن الرسالة التي نشرت في ألمانيا قيل إن أصلها التيني في حين
وبدفنه في قبر كان قد نحته لنفسه في بستانه .وبحسب إنجيل يوحنا فإن نيقوديموس الفريسي
أيضا مجموعة من النسوة وهو أحد أتباع يسوع كان قد ساعد الرامي بعملية الدفن ،وكانت هناك ً
«وتَبِ َع ْت ُه نِ َسا ٌء ُك َّن َقدْ َأ َت ْي َن َم َع ُه ِم َن ا ْل َج ِل ِ
يلَ ،و َن َظ ْر َن ا ْل َق ْب َر المؤمنات بيسوع تنظر أين دفنوا الجسدَ :
ِ ِ ِ ِ و َكي َ ِ
ب ا ْل َوص َّية». است ََر ْح َن َح َس َ الس ْبت ْ ف ُوض َع َج َسدُ هَ .ف َر َج ْع َن َو َأعْدَ ْد َن َحنُو ًطا َو َأ ْط َيا ًباَ .وفي َّ َ ْ
349 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
( ((4بير إريك بسكوف )2016-1926( Per Erik Beskowعالم كتابي سويدي من
مواليد ستوكهولم .كتابه «حكايات غريبة عن المسيح» :نظرة في أناجيل غريبة (Strange )1985
tales about Jesus: A Survey of Unfamiliar Gospelsهو مجموعة من المقاالت واألبحاث في
األبوكريفا الحديثة وقد فضل بسكوف الح ًقا تسميتها بالتزويرات وقام بمراجعة الكتاب
The Blackwell Companion to Jesus (2011). وتحديثه ليصدر بعنوان:
برنابا وأناجيل أخرى 350
اآلسينية( .((4من إنكلترا انتشرت هذه األفكار إلى كل أوروبا .في ألمانيا
كان النقد الجذري للمعتقدات الكنسية حول عيسى قد جاء من هرمان
صامويل ريماروس ((4(Hermann Samuel Reimarusالذي وصف عيسى
بأنه سياسي ثوري وقال إن التالمذة سرقوا جسده عن الصليب .وقد
مدر ًسا للغة العبرية في كلية المسيح بجامعة أوكسفورد .وقد انتقده بشدة جورج
ُ 1678ع ّين ّ
سايل في ترجمته للقرآن .وأهم كتبه هو« :العهد القديم والعهد الجديد مرتبطين ،في تاريخ
اليهود واألمم المجاورة ...حتى عصر المسيح»
The Old and New Testament connected, in the History of the Jews and Neighbouring
Nations... to the Time of Christ, 1716–18, fol., 2 vols.; very frequently reprinted; 1845, 2 vols.
(edited by Alexander M’Caul); in French, Histoire des Juifs, &c., Amsterdam, 1722, 5 vols.; in
German, 2 vols. 1726.
( ((4الربوبية تعريب لكلمة Deismاإلنكليزية المشتقة من الكلمة الالتينية رب ،Deus
والربوبية هي مذهب فكري ال ديني وفلسفة تؤمن بوجود خالق عظيم خلق الكون وبأن هذه
الحقيقة يمكن الوصول إليها باستخدام العقل ومراقبة العالم الطبيعي وحده دون الحاجة إلى أي
دين .معظم الربوبيين يميلون إلى رفض فكرة التدخل اإللهي في الشؤون اإلنسانية كالمعجزات
والوحي .الربوبية تختلف في إيمانها باإلله عن المسيحية واليهودية واإلسالم وباقي الديانات
التي تستند على المعجزات والوحي حيث يرفض الربوبيين فكرة أن اإلله كشف نفسه للبشرية
عن طريق كتب مقدسة .ويرى الربوبيين أنه ال بد من وجود خالق للكون واإلنسان فيختلفون
بذلك عن الملحدين أو الالربوبيين بينما يتفقون معهم في الالدينية .برزت الربوبية في القرن
خصوصا خالل عصر التنوير ،ال سيما في ما يعرف اآلن ً السابع عشر والقرن الثامن عشر
بالمملكة المتحدة وفرنسا والواليات المتحدة وأيرلندا .معظم الربوبيين في ذلك الوقت كانوا
قد ولدوا مسيحيين ولكن تركوا المسيحية بسبب عدة قضايا مثيرة للجدل ووجدوا أنهم ال
يمكنهم اإليمان بالثالوث أو إلوهية السيد المسيح أو المعجزات أو عصمة الكتاب المقدس
ولكن كانوا يؤمنون بإله واحد .الربوبية لم تشكل أي تجمعات في البداية ولكن مع الوقت أثرت
الربوبية على الجماعات الدينية األخرى بشكل قوي كالمجموعة التوحيدية والمجموعة الكونية
التي تطورت من الربوبية.
( ((4هرمان صامويل ريماروس ( )1768-1694فيلسوف ألماني ولد وعاش ومات
في هامبورغ وكان أحد كتاب التنوير اشتهر بإيمانه بعقيدة الربوبية وبأن العقل البشري قادر على
الوصول إلى معرفة الله والقيم األخالقية من دراسة الطبيعة وحقيقة اإلنسان الداخلية ،وبالتالي
فال حاجة لألديان القائمة على الوحي .كان أول المؤثرين في دراسة يسوع التاريخي الذي قال
عنه إنه شخص يهودي من الناس ونبي لشعبه وإن الحواريين هم من أسس الديانة المسيحية
بوصفها دينًا ال عالقة له بتبشير عيسى األصلي الحقيقي.
برنابا وأناجيل أخرى 352
ومن دون ذكر اسم المؤلف( ((5وشويتزر( ((5يذكر بأن الرسالة اآلسينية
منقولة عن رواية فنتوريني من دون أن يذكر تروللي Truelleالذي كان أول
من اشار إلى الصلة بين الرسالة والرواية .باهردت وصف يوسف الرامي
التاسع عشر؛ وهو مزج بين األناجيل األربعة والرسالة اآلسينية وجعل
إنجيل لوثر مثاله .ترجمت الرسالة اآلسينية إلى الفرنسية في عام 1863
نجاحا (آخر طبعة La mort de Jesus Paris 1963 ً ولم تعرف شهرة أو
)1963عكس الطبعات السويدية وآخرها عام .1977كما أنها ترجمت
إلى األوردو وما زالت فرقة األحمدية القاديانية تنقل الترجمة األميركية.
خصوصا سلسلة دراسات العهد الجديد المخصصة للتدريس والتبشير ً كبيرة من الكتب
A Bible Commentary for Teaching and Preaching والمسماة:
كما أنه كان ناشر قاموس هاربر للكتاب المقدس 1985( Harper›s Bible Dictionaryثم
طبعة مزيدة ومنقحة في )1996بالتعاون مع جمعية األدبيات البيبلية Society of Biblical
.Literature
( ((5ريتشارد باتريك كروسالند هانسون ( )1988-1916أسقف في كنيسة أيرلندا
من 1970حتى .1973مؤرخ العاديات ادعى عدم ثقته بالتاريخ المكتوب عن حقبات ما بعد
العام 600م .من أشهر مؤلفاته حياة «القديس» باتريك .اكتشف أن العمل المسكوني محدد في
سياق االضطرابات في رعوية تعيش على طرفي الحدود ما بين أيرلندا الشمالية والجنوبية
وبالتالي فقد استقال من منصبه الكهنوتي ليتفرغ للتدريس الجامعي في كلية الالهوت بجامعة
مانشتر .عمل على دراسة تطور الالهوت المسيحي للفترة ما بين مجمع نيقية ( 325وما قبله
أيضا) ومجمع القسطنطينية ( .)381من بين مؤلفاته كتابه عن اإليمان العقالني Reasonable ً
Beliefالذي كتبه باالشتراك مع أخيه .في مقدمة الكتاب يذكر ريتشارد أن «واحدً ا من كتاب هذا
الكتاب كاهن أنغليكاني والثاني أسقف أنغليكاني ،وال يستطيع أي منهما أن يخرج من جلده»...
وبالتالي «أن الكتاب نتاج تعاون ليس فقط بين الهوتيين اثنين أنغليكانيين وإنما بين شقيقين
توأمين»
( ((5فريدريك بروس ( )1990-1910كان عالم الهوت دعم قضية الموثوقية
التاريخية للعهد الجديد .أول كتاب له «مخطوطات العهد الجديد :هل هي موثوقة «New
) Testament Documents: Are They Reliable? (1943قالت عنه المجلة اإلنجيلية األميركية
Christianity Todayفي العام 2006إنه واحد في صدارة الخمسين كتا ًبا التي شكلت وأطرت
الحركة اإلنجيلية اليوم».
357 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
غير أن مورتون سميث بنى على وثيقته عدة كتب أظهر فيها:
Quentin Quesnell: «The Mar Saba Clementine: A question of Evidence», in The (((6
Catholic Biblical Quarterly., vol. 37, (1975) p. 48-67
359 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
(((6
رواية مورتون �سميث
وصل مورتون سميث إلى القدس في عام 1941بمنحة من
مدرسة الالهوت في هارڤارد Harvard Divinity Schoolوبقي فيها بسبب
الحرب في المتوسط فتسجل لتحضير دكتوراه فلسفة في جامعتها العبرية
ديرا أرثوذكس ًيا وكان األرشمندريت كرياكوس وسكن في فندق كان ً
مسؤول عنه وهو الذي طلب من مورتون سميث مرافقته ً سبيريدونيس
لزيارة دير مار سابا أكبر دير أرثوذكسي في الشرق(.((6
يصف مورتون سميث رحلته مع األرشمندريت إلى الدير جنوب
شرق القدس عبر الوادي نحو البحر الميت .وقد أمضى شهرين كاملين
تعرف على محيطه من الكهوف والمخابئ وعلى مكتبته في الدير حيث ّ
في أعلى البرج والمكتبة األخرى فوق الكنيسة الجديدة .وهو يصف
طقوس العبادة التي عاشها مع الرهبان حتى عودة األرشمندريت ورجوعه
معه إلى القدس ،وهو أمضى 3سنوات في الجامعة العبرية يدرس عالقة
األناجيل باألدبيات الربينية األولى وهو التقى المفكر الكبير غيرشوم
شولم( .Gershom Scholem ((6ثم حصل مورتون سميث على دكتوراه
Morton Smith: «the Secret Gospel: the discovery and interpretation of the Secret (((6
Gospel according to Mark». New York: Harper and Row 1973
( ((6دير مار سابا :هو دير للروم األرثوذكس يطل على وادي الجوز (القدرون) في
بلدة العبيدية (عرب ابن عبيد) شرقي بيت لحم في فلسطين .تم بناؤه بين عامي 478م 484 -م،
على يد الراهب سابا بمشاركة 5000راهب ،وهو بهذا ُيعتبر من أقدم األديرة المأهولة في
العالم .والراهب مار سابا عاش في القرن الخامس وأسس الدير الذي خدمه الرهبان منذ ذلك
الوقت باستثناء فترة انقطاع بين 1450و 1540لعلها تعود إلى الحروب البيزنطية العثمانية
وسقوط القسطنطينية وما تاله.
( ((6غيرهارد شولم الذي غير اسمه بعد خروجه من ألمانيا إلى فلسطين المحتلة فصار
غيرشوم شولم ( )1982-1897فيلسوف ومؤرخ يهودي يعتبر مؤسس الدراسة األكاديمية
الحديثة للقابااله .وكان أول أستاذ للتصوف اليهودي في الجامعة العبرية بالقدس .كان والتر
بنجامين وليو شتراوس من أقرب أصدقائه وقد طبعت رسائل مختارة من مراسالته معهما.
برنابا وأناجيل أخرى 360
أيضا مخطوطة شبه ممزقة تعود للقرن الخامس عشر وهو اكتشف ً
موقعة باسم «القديس» مكاريوس المصري وهو اسم اشتهر ألنه
(((6
(« ((6القديس» مكاريوس أو األنبا مقار الكبير أو األنبا مكاريوس الكبير (حوالى سنة
390-300م) من شبشير من أعمال منوف المصرية .هو مؤسس الرهبنة في برية االسقيط،
و ُيط َلق عليه «القديس» األنبا مقار الكبير ،تمييزً ا له عن «القديس» مقاريوس الصغير اإلسكندري
الذي كان م ِ
عاص ًرا له. ُ
برنابا وأناجيل أخرى 362
ولذلك فإنه وكما سبق أن قلت ال ينبغي التهاون مع هؤالء وال بأي
شكل من األشكال وحتى حين يقدمون تزويراتهم إلى العلن فإنه ال ينبغي
أبدً ا االعتراف لهم بأن هذا اإلنجيل السري هو من عمل مرقس حتى ولو
أنكرنا ذلك تحت القسم .ذلك أن الحكمة اإللهية قد أخبرتنا على لسان
سليمان «حد ّثوا المغفلين الحمقى على قدر عقولهم» أي أن نور الحقيقة
وأيضا فإن الحكمة ينبغي أن يحجب عن أولئك الذين عميت بصائرهمً .
ِ ِ
االلهية تقول« :ألَ َّن ك َُّل َم ْن َل ُه ُي ْع َطى َف َي ْز َدا ُدَ ،و َم ْن َل ْي َس َل ُه َفا َّلذي عنْدَ ُه
وأيضا دعوا المغفل يمشي في الظلمة :ولكننا نحن أبناء ً ُي ْؤ َخ ُذ ِمنْ ُه»،
النور وقد أضاء بصيرتنا انبالج الفجر الساطع من روح الرب في ال ُعلى
وحيث يكون روح الرب تكون الحرية ،وكل األشياء الطاهرة والنقية هي
لألطهار األنقياء.
(يلي ذلك المقطع الذي سبق ترجمته عن المسيح والفتى الذي
أحبه وكيف أن الكربوكراتيين حرموه).
أصاب المخطوط مورتون سميث بالحيرة والقلق وخاف من كشفه
حتى ال يتهم بالتزوير وأمعن التفكير والبحث والتدقيق ...الخط بال شك
يعود للقرن الثامن عشر فمن كان في األديرة اليونانية يعرف في ذلك
الزمن شي ًئا عن الكربوكراتيين ؟ واتخذ مورتون سميث عدة قرارات:
ً -1
أول استشارة خبراء في الخطوط
-2ثم معرفة تاريخ النص ألنه طب ًعا منسوخ عن مخطوط أقدم
-3ثم التدقيق في النص نفسه لمعرفة صحة نسبته إلى إكليمنضس
-4ثم هناك الكالم عن اإلنجيل السري لمرقس فأين هو هذا
اإلنجيل وهل هو بين األناجيل المخفية التي رفضتها الكنيسة؟
* استشار أساتذة كبار في اليونان لمعرفة تاريخ المخطوط من خالل
برنابا وأناجيل أخرى 364
الخط الذي كتب فيه فأفتوا جميعهم بأنه من القرن الثامن عشر(يذكر في
كتابه أسماء هؤالء االساتذة كما يذكر أساتذته في أميركا الذين استشارهم
خصوصا أولئك الذين أشاروا عليه بأن أسلوب الرسالة
ً والذين دعموه
فعل أسلوب إكليمنضس المعروف بحبه لألسرار) (.((6 هو ً
إذن بعد كل هذه الدراسات واالتصاالت قرر إعالن اكتشافه وكان له
(((6
ذلك في المؤتمر السنوي لجمعية الدراسات البيبلية آخر عام 1960
ظهر عرض لخطابه في المؤتمر في النيويورك تايمز بقلم سانكا كنوكس Sanka(((6
Knoxفي 30و 31كانون األول/ديسمبر )1960
https://www.nytimes.com/1960/12/30/archives/a-new-gospel-ascribed-to-mark-
copy-of-greek-letter-says-saint-kept.html
برنابا وأناجيل أخرى 366
P. Benoit/ H.J.Cadbury/ W.M.Calder III/ G. Kilpatrick/. Koester/ C. Moule/ P. (((6
Parker/ J. Reumann/ K. Stendahl.
( ((6دونوڤان ماكسويل جويس )1980-1910( Donovan Maxwell Joyceمنتج
خصوصا بأنه مؤلف الكتاب الواسع االنتشار عالم ًيا لفائف يسوع
ً إذاعي أسترالي وكاتب اشتهر
.The Jesus Scroll. Angus & Robertson. 1973
برنابا وأناجيل أخرى 368
( ((6جنيساريت :على الشريط الساحلي الضيق إلى الغرب من بحيرة طبريا وهي
االسم الشائع في األناجيل لبحر الجليل (انظر إنجيل مرقس )53 :6
369 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
William A. Linn: The story of the Mormons. New York. 1902 ( ((7
I.Woodbridge Riley: The Founder of Mormonism, A pscychological Study of Joseph
Smith Jr. New York 1902.
Frawn M. Brodic: No man Knows my history. New York. Alfred Knopf 1946
History of joseph Smith the Prophet by Himself. Salt Lake City 1902
برنابا وأناجيل أخرى 370
تلة اسمها كوموراه Comorahقرب مانشستر ،نيويورك ،حيث قال إنه وجد
هناك األلواح مخبأة في صندوق حجري .وقبل السماح له بأخذها ُأمر بأن
يدخل في مرحلة اختبار استمرت حتى 22أيلول/سبتمبر 1872حين
أعطاه المالك تلك األلواح مع األمر له بالحفاظ عليها وترجمتها .وحين
أنهى جوزيف سميث الترجمة عاد المالك وأخذ األلواح ومنذ ذلك اليوم
لم ير أحد تلك األلواح .ولكن المورمون يعتقدون أنها مدفونة في مكان
ما في كوموراه .ولم ُيسمح لجوزيف سوى بترجمة ثلثي ما في األلواح
مجهول حتى اليوم .أول طبعة من الكتاب نُشرت عام 1830 ً وبقي الثلث
وهو يبدأ من قصة بناء برج بابل وحتى بداية القرن الخامس الميالدي.
ولكن قصة إبحار جارد وعائلته على متن 8سفن بعد تبلبل األلسنة
في بابل ال ترد ّإل في كتاب أستير (قرب نهاية المجموعة) .فيما عدا
ذلك فإن تسلسل االحداث يبدأ من مغادرة ليهي Lehiوعائلته أورشليم
حوالى عام 600ق .م .باتجاه أميركا ،ليصبح أوالده الثالثة نفي والمان
وليموئيل Lemuelأجداد الشعبين اللذين يصفهما الكتاب كما يلي :أحفاد
نفي الجيدون والمطيعون للشرعية ،وأحفاد المان وليموئيل األشرار.
في كتاب نفي الثالث والرابع قصة مجيء عيسى إلى أميركا حيث
أقام عند قوم نفي وأسس بينهم كنيسته التي عاشت حوالى بضع مئات
السنين قبل أن ينجح الالمانيون في تدمير قوم نفي نهائ ًيا ...غير أن تراث
هؤالء حفظه وأنقذه النبي مورمون وكتبه على األلواح المعدنية وابنه
موروني دفنها في كوموراه عام 421ميالدية .وهذا االبن تحول بعد ذلك
إلى مالك ظهر على جوزيف سميث ودله على مكان األلواح ثم أعطاها
له فيما بعد ليأخذها منه الح ًقا.
* غير المورمون من مسيحيي أميركا يضحكون لهذه الترهات.
والباحثون يوردون المالحظات التالية:
371 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
( ((7فاون ماكي برودي )1981-1915( Fawn McKay Brodieكاتبة سير وواحدة من
أوائل النساء في تدريس التاريخ كأستاذة في جامعة كاليفورنيا .وقد اشتهرت بكتابها عن سيرة
حياة توماس جفرسون )1974( Thomas Jefferson: An Intimate Historyوهو كتاب أشبه
بالسيرة النفسية ،وكذلك كتابها عن سيرة حياة جوزيف سميث مؤسس المورمونية .هي ابنة
عائلة مورمونية من والية يوتاه ولكنها تركت الكنيسة خالل دراساتها العليا في جامعة شيكاغو.
Fawn Brodie. No Man Knows My History: The Life of Joseph Smith, the Mormon
Prophet, 1945. New York: Alfred A. Knopf, 1971, 2nd ed.
( ((7إسحق رايلي )1933-1869( Isaac Woodbridge Rileyعالم وأستاذ أميركي
اشتغل في الفلسفة والدين وعلم النفس حيث يظهر هذا التعدد في االختصاصات في كتبه التي
تناولت التطور التاريخي لحركة اجتماعية أو كيان محدد (مثل كنيسة ما) حيث درس بالخصوص
تأثير الطباع الشخصية النفسية للمؤسسين .وأشهر دراساته تلك التي تناولت كنيسة المورمون
وكنيسة العلمويين .Christian Science
The Founder of Mormonism (1902) [with an introduction and preface by George
]Trumbull Ladd
( ((7إيثان سميث ( Ethan Smith )1849-1762رجل دين أميركي من كنيسة
األبرشانيين (األبرشانيون Congregationalists :طائفة من فرقة البروتستانت المسيحية .يعتقدون
مباشرا إلى الله من طريق المسيح .وأنهم ،بناء على ذلك، ً ً
مدخل أن لجميع المسيحيين
متساوون .وهم -وبخالف الفرق المسيحية األخرى يرفضون التحكم الخارجي من األساقفة
والمجالس ويقررون أنه يتعين على كل طائفة أن تتولى شؤونها بنفسها ويشمل ذلك اختيار
الكهنة .).له كتاب شهير عنوانه «نظر العبرانيين» ) View of the Hebrews (1823يعتبر فيه أن
السكان األصليين من أهالي الواليات المتحدة ينحدرون من األسباط العشرة الضائعة لبني
كثيرا في رؤية جوزيف سميث في كتاب إسرائيل .وقد رأت فاون برودي أن هذا الكتاب أثر ً
Fawn Brodie. No Man Knows My History: 46-47. المورمون.
برنابا وأناجيل أخرى 374
عند الغزاة اإلسبان كما كانت عند البريطانيين في منتصف القرن السابع
عشر.
* وهناك احتمال آخر ع ّبر عنه باحث سويدي بأن سميث أخذ
عناصر من المعتقدات الدينية لقبيلة الديالوار من الهنود الحمر إذ هي
كثيرا ما جاء في كتابه ...إال أنه ال توجد إثباتات تشير إلى حصول
تشبه ً
اتصال مباشر بين سميث والهنود الحمر في منطقته(.((7
وكانت قصة زيارة المسيح ألميركا شائعة في تلك األيام حتى أن
كتا ًبا صدر بهذا المعنى للكاتبة لوسيل تايلر هنسن L. (Lucile) Taylor
)Ake V. Ström. Red Indian Elements in early Mormonism. In: Temenos (1969 (((7
no.5, p.120-168
L. (Lucile) Taylor Hansen. He walked the Americas. London, Neville Spearman (((7
1963
( ((7أوليڤر كاودري ( Oliver H. P. Cowdery )1850-1806هو من أوائل المشاركين
375 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
المهمين إلى جانب جوزيف سميث في المرحلة التأسيسية لكنيسة المورمون في سنوات
1836-1829وأول المعمدين في الكنيسة وثالث ثالثة من الشهود على األلواح الذهبية
لكتاب مورمون ومن أوائل رسل الكنيسة الجديدة وثاني كبار شيوخ الكنيسة .في العام 1838
انشق كاودري وطردته الكنيسة من صفوفها وقد تحول إلى الكنيسة الميثودية ثم عاد إلى كنيسة
المورمون في عام .1848
Gunn, Stanley R. Oliver Cowdery, Second Elder and Scribe. Bookcraft: Salt Lake City,
1962.
Legg, Phillip R., Oliver Cowdery: The Elusive Second Elder of the Restoration, Herald
House: Independence, Missouri, 1989.
( ((8دايفد وايتمر ( )1888-1805من أوائل المنتسبين إلى كنيسة المورمون وثالث
ثالثة من الشهود على األلواح الذهبية وأكثرهم شهرة وأحد الستة األوائل من قادة الكنيسة بعد
تنظيمها على يد سميث عام 1830في منزل والد وايتمر .عند وفاة سميث عام 1844ادعى عدد
من قادة الكنيسة خالفته من ضمنهم بريغام يونغ وسيدني ريغدون وجايمس سترانغ ودايفد
برنابا وأناجيل أخرى 376
يضع الحجر في داخل قبعته التي كان يمسكها بقوة إلى وجهه حتى يمنع
دخول الضوء اليها ...وهكذا وفي الظالم كانت الكتابة تتراءى أمامه
واضحة كما لو أنها كانت قطعة من البرشمان( .((8المهم أن سميث زعم
أن األلواح هي أساس إعادة اكتشاف تلك التقاليد القديمة التي تركها
بنو اسرائيل خلفهم في العالم الجديد .ومن هنا أهمية تلك القطعة من
إنجيل يوحنا (جزء من الفصل االخير) حيث دخلت في كتاب (العقيدة
والمواثيق) وأصبحت هي الفصل السابع؛ ذلك أنها مثل كتاب المورمون
مخطوطة كانت مخبئة تحت األرض ولم يكشفها أحد وهي في نفس
الوقت أوحيت إلى سميث بطريقة ما فوق طبيعية ...بالنسبة للمورمون
دائما يرفقون طبعة كتابهم
فإن هذه األلواح هي حجر زاوية عقيدتهم وهم ً
بشهادتين من طرف الذين ادعوا أنهم رأوا األلواح :الشهادة األولى هي
من مساعدي سميث الثالثة كاودري ،وايتمر ،وهاريس ،والشهادة الثانية
هي من ثمانية أعضاء من عائالت وايتمر وسميث( .((8وبحسب شهادات
هاريس وكاودري ووايتمر فإن «مالكًا جاء من السماء وحمل أمام عيوننا
األلواح لنراها ونرى ما خط فيها من نقش» ...وأكد جوزيف سميث هذه
الرواية حيث إن الحادثة جرت في غابة كانوا قد انسحبوا إليها للصالة
وايتمر الذي التف حوله الكثيرون من أتباع ريغدون فأنشأوا كنيسة باسمه في أوهايو إال أنها
سرعان ما انحلت .وفي األخير انتخبت الكنيسة بريغام يونغ خل ًفا لسميث وعاد وايتمر إلى إعادة
إحياء كنيسته الخاصة في عام .1876
Lyndon W. Cook. (ed). David Whitmer Interviews, A Restoration Witness. Orem, Utah:
Grandin Book. 1991
Inez Smith Davis. The Story of the Church (10th ed.). Independence, Missouri: Herald
House.1981., p. 75.
Brodie, No Man Knows My History., p.37- 42 ( ((8
Linn, The Story of the Mormons., p.53-60
( ((8تقول فاون برودي (ص )79إن الشاهد الوحيد الذي لم يحمل اسم وايتمر أو
متزوجا من عائلة وايتمر.
ً سميث (حيرام بايج )Pageكان
377 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
أدار ظهره لكتاب مفتوح موضوع فوق قطعة قماش بيضاء وأنه قرأ من
الكتاب بواسطة النظر في حجر أبيض شفاف أمام شمعة تحترق...
بعد إنجاز كتاب المورمون انكب جوزيف سميث على مراجعة
التوراة واإلنجيل على قاعدة وحيه الجديد .إال أنه لم يتم هذا العمل
وبعد وفاته في عام 1844انتقل الكتاب غير المنجز إلى زوجته إيما
ثم دخل في حوزة فرع من المورمون اسمهم (الكنيسة المعاد تنظيمها)
Reorganized Churchالتي ما تزال تحتفظ ببعض أهم وثائق الحركة .ولم
يطبع الكتاب المقدس الجديد ّإل عام 1867إال أنه لم يوافق عليه من
كنيسة المورمون الرئيسية الكبرى في يوتاه .Utahولم يعرف هذا الكتاب
خارج إطار الكنيسة المنش ّقة حتى أن رايلي ولين وبرودي ال يذكرونه
أبدً ا ...وخالصة أمره أنه يدخل تعديالت على بعض مقاطع التوراة
إلعالن النبؤة بسميث وكتابه مثل اإلصحاح 50في سفر التكوين حيث
يصبح المقطع «واسمه سيكون جوزيف سميث وسيحمله بعد أبيه» أو
في اإلصحاح 29من إشعياء ،حيث نبؤة بكتاب مورمون...إلخ .وفي
مرحلة من حياته غ ّير جوزيف سميث دوره من مجرد كونه مكتشف
األلواح إلى نبي .ثم عاد إلى دور المكتشف وذلك في عام 1835حين
مركزا في كيرتالند أوهايو ،Kirtland
كان وبعض أتباعه الخلص يؤسسون ً
حين زار المدينة بائع أغراض عتيقة وغريبة متجول ومعه 4مومياءات
مصرية وورقتي بردي وطلب من سميث مساعدته في ترجمة أوراق
البردي حيث إن سميث عرف واشتهر كمترجم لكتاب المورمون من
المصرية ...وال ننسى أنه في ذلك الزمن لم يكن يوجد أحد في أميركا
يعرف الهيروغليفية .والمهم أن سميث اشترى األوراق وأعلن بعد فترة
أن إحداها كتبها النبي إبراهيم وأن الثانية تتحدث عن يوسف في مصر.
ولم يسمع أحد الح ًقا عن هذه الورقة الثانية أما األولى (كتاب ابرهيم)
فقد ترجمها سميث بحسب زعمه لتصبح كتا ًبا من ضمن كتب عقائد
379 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
The Essene Gospel of Peace. International Biogenic Society. Cartago, Costa (((9
Rica.
The Discovery of the Essene Gospel of Peace. San diego: Academy Books 1977. (((9
381 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
( ((9مدينة كلوج نابوكا تقع شمال-غرب رومانيا وهي عاصمة محافظ كلوج في إقليم
مهما،
ترانسيلفانيا وتعتبر من أهم العواصم التاريخية لهذا اإلقليم .تعتبر مركزً ا اقتصاد ًيا وثقاف ًيا ً
باإلضافة إلى كونها عقدة مواصالت مهمة في رومانيا.
الكنيسة التوحيدية في ترانسيلفانيا هي كنيسة مسيحية تؤمن باإلله لواحد ومقرها في
برنابا وأناجيل أخرى 382
مدينة كلوج نابوكا في ترانسيلفانيا (في رومانيا الحالية) ،تأسست في عام 1568في إمارة
ترانسيلفانيا ،حيث تمتعت بتأييد األغلبية المجرية ،وهي حال ًيا واحدة من 18طائفة دينية حاصلة
على اعتراف رسمي من قبل الدولة الرومانية .تمثل ترانسلفانيا والموحدين المجريين الفرع
الوحيد من مذهب التوحيدية التي لم تتبنى النظام األبرشاني ،وبقيت شبه أسقفية .في حين أن
الكنيسة اإليرلندية غير المتحدة مع الكنيسة المشيخية ،وهي هيئة متميزة ترتبط ارتبا ًطا وثي ًقا مع
مذهب التوحيد ،لديها بنية مشيخية .تدار الكنيسة التوحيدية في ترانسيلفانيا من قبل أسقف
واثنين من أمناء عامين ،أغلب أتباع الكنيسة من األقلية العرقية المجرية في رومانيا وتستخدم
اللغة المجرية في الليتورجيا والتعليم الديني.
( ((9ألكسندر شوما القوروسي ( Alexander Csoma de Kőrösمن قوروس في
ترانسيلفانيا وهي اليوم كيوروس Chiuruşفي رومانيا) واسمه بالوالدة ساندور شوما القوروسي
)1842-1784( Sándor Csoma de Kőrösعالم لغوي هنغاري ومستشرق له أول قاموس
وكتاب قواعد إنكليزي تيبيتي .ويعتبر مؤسس العلم الخاص بحضارة التيبيت وآدابها وقيل عنه
إنه كان يقرأ 17لغة.
( ((9سلك «الرهبان الفقراء لوالدة الرب لمدارس األتقياء»The Order of Poor Clerics ،
Regular of the Mother of God of the Pious Schoolsوبالالتينية Ordo Clericorum Regularium
أيضا «سلك الرهبان الفقراء ،pauperum Matris Dei Scholarum Piarum, Sch. P. or S. Pوتسمى ً
اختصارا ىرهبنة البياريست .هي أقدم رهبنة كاثوليكية تعليمية ،تأسست ً لوالدة الرب» ،وتسمى
في عام 1617على يد «القديس» جوزيف كاالسانكتيوس Saint Joseph Calasanctiusلتعليم
حرا وقد اتبعت العديد من المدارس الكاثوليكية طريقتهم تعليما ً
ً األطفال والشبان الفقراء
وكذلك الكثير من المدارس الرسمية الحكومية الناشئة في بعض أجزاء أوروبا وحققت
نجاحات كبيرة .بعض األشخاص المشهورين في القرون األخيرة كانوا من تالميذ البياريست
أمثال :البابا بيوس التاسع ،غويا ،شوبرت ،غريغور مندل ،وفيكتور هوغو.
( ((9أنجيلو ماركاتي :حافظ أرشيفات الفاتيكان السرية خالل األعوام-1925( :
.)1955واألرشيفات السرية هذه هي األرشيفات المركزية في مدينة الفاتيكان Archivum
Secretum Apostolicum Vaticanumوتتضمن كل القرارات والمراسيم الصادرة عن البابوات
383 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
والمجامع .وهي ملك للبابا الذي يكون على الكرسي إذ هو سيد الكرسي والمدينة وتنتقل
ملكيتها إلى خلفه بالوفاة أو االستقالة .كما تتضمن األرشيفات وثائق الفاتيكان الرسمية ودفاتر
حسابات الباباوات وغيرها من الوثائق الكنسية المتراكمة عبر القرون .في عهد البابا بولس
الخامس في القرن السابع عشر جرى فصل هذه األرشيفات عن مكتبة الفاتيكان حيث كان
الباحثون يتوفرون على دراسة البعض منها ،وظلت األرشيفات مغلقة بوجه الباحثين حتى العام
1881حين فتح الباب إليها البابا ليو الثالث عشر.
( ((9كتابه اكتشاف إنجيل السالم اآلسيني ،مصدر سابق ،ص 55-45
برنابا وأناجيل أخرى 384
( ((9التقى بورسيل ويفر بإدموند سيكلي في تاهيتي في العام 1934وادعى أنه ساعده
على تحسن صحته ثم ذهب إلى حد ترجمة معظم كتبه بداية مع كتاب «الكوزموس ،اإلنسان
والمجتمع» ( )1936والسيد ويفر مذكور في الكتالوغ العام للمتحف البريطاني British
يدرس الالتينية في جامعة سانتا
Museum General Catalogueأنه عالم لغويات وألسنية وكان ّ
باربارا في كاليفورنيا (عام )1938وهذه قائمة بكتبه المترجمة إلى اإلنكليزية.
Cosmos, Man and Society: A Paneubiotic Synthesis
Medicine Tomorrow: Introduction to Cosmotherapy with Guide to Treatment
Sexual Harmony and the New Eugenics
The Therapeutics of Fasting
Medicine and Dialectics
The Future of Medicine
Sleep and the Will
The Gospel of Peace of Jesus Christ by the Disciple John
The Teaching of Buddha
The Living Jesus
Yoga in the Twentieth Century and The Meaning of Christmas
385 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
( ((10المبادرة أو المداورة أو البدارية هي حركة دائرية متغيرة حول محور يسمى
محور المبادرة .في الفيزياء ،هناك نوعان من المبادرة سواء كانت متعلقة أو غير متعلقة بعزم
مهما في المراقبة الفلكية ،فعلى سبيل المثال تغير موقع
دورا ًالدوران .وتلعب مبادرة الكواكب ً
نجمة القطب في السماء هو أحد نتائج مبادرة كوكب األرض حيث يميل محور دوران األرض
حول نفسها نحو 23عن مستوى دورانها حول الشمس.
( ((10الكنيسة الكاثوليكية القديمة جماعة مسيحية أسسها كاثوليك ذوي أصول
جيرمانية فصلوا أنفسهم عن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بعد أن رفضوا مقررات المجمع
خصوصا بسبب إقرار المجمع لعقيدة العصمة البابوية .دونت ً الفاتيكاني األول عام ،1870
عقائد الكنيسة في إعالن أوترخت عام ،1889رفضت فيها الشركة اإليمانية مع البابا وأنكرت
عدة عقائد وممارسات رومانية كاثوليكية ،وسمحت لقساوستها بالزواج وقررت بأن سر
االعتراف هو خياري وليس إجباري للمؤمن .ولكنها حافظت على التقليد والطقس الروماني
مع السماح باستعمال اللغات العامية في الصالة .انتشرت الكاثوليكية القديمة من ألمانيا إلى
المناطق المجاورة في سويسرا والنمسا ومن ثم إلى دول وأمم أخرى ،فوصلت إلى الواليات
برنابا وأناجيل أخرى 388
انتشارا من الكتابات
ً جانب كتاب المورمون ،وإنجيل السالم ،هو األكثر
التوراتية الحديثة في عصرنا هذا.
في هذا اإلنجيل يتلقى عيسى التعاليم االبتدائية وأسرار الدخول أو
التنسيب (اإلسرار والمساررة) Initiationفي هليوبوليس .وهو يوصف
كمسافر دائم باحث عن الحكمة يتصل بالعديد من المعلمين ويدخل في
أسرارهم .والفكرة الرئيسية هي إدخاله في أسرار شرقية ومصرية وهي
تنتمي إلى نفس المعتقدات الماسونية حيث التركيز على تلقي الطقوس
لشعائر معينة كعالمة دخول إلى سر العضوية.
(((10
� -8إنجيل النباتيين
Brighton الطبعة األولى ظهرت عام 1901في برايتون/البريطانية
وكذلك الثالثة ( )1903ثم أعيد نشر النص من قبل E. F.Udnyبعنوان:
The Original Christianity in the Gospel of the Holy Twelve (London: Edson
(((10
)ltd 1924
المتحدة عام ،1885وهناك أسست عام 1897كنيسة أميركا الوطنية البولونية الكاثوليكية ،التي
تعتبر إحدى أولى مجموعات الكاثوليكية القديمة في البالد .وفي عام 1968أبصرت النور
أحدث كنائس هذه الحركة وهي كنيسة المسيح الكاثوليكية .وقد بلغ عدد أعضاء الكنائس
الكاثوليكية القديمة المختلفة في الواليات المتحدة سنة 1990قرابة الخمسمئة ألف شخص.
وفي أوروبا يقدر عدد أتباعها اليوم بأربعين ألف عضو.
(The gospel of the Holy Twelve: Known also as the Gospel of the Perfect life. ((10
Translated from the Aramaic and edited by a disciple of the Master, and with former editions
compared and revised, issued by The Order of Atonement and United Templar’s Society Paris,
Jerusalem, Madras.1901. 181 pp.
John M. Ilheany. Familiar Strangers: The Church and the Vegetarian Movement in
Britain (1809-2009). Ascendant Press, 2010
http://www.spiritual-minds.com/religion/Gnosticts/gospel%20of%20the%20
holy%20twelveL.pdf
E. F. Udny. Introduction to Gospel of The Holy 12, 1901. ( ((10
http://reluctant-messenger.com/essene/gospel_intro.htm
389 الباب السادس :أناجيل وكتابات أخرى مثرية
( ((10هيلينا بتروفنا بالفاتسكي ولدت باسم هيلينا فون هان ( )1891-1831وكان
حاكما من الطبقات النبيلة ،أما من ناحية األم فقد كانت حفيدة األميرة هيلين دواجروكي
ً والدها،
التي كان أجدادها يرتبطون بروابط وثيقة بالعائلة الحاكمة .هي أشهر من عمم ونشر الروحانية
أيضا كاتبة ورحالة عالمية ،سافرت حول العالم بين 1848و 1875ثالث الثيوصوفية .كانت ً
مرات .وفي 1875أسست مع الكولونيل أولكرت الجمعية الثيوصوفية .أحد أهداف الجمعية
المعلنة تأسيس نواة ألخوية إنسانية عالمية ،من دون تمييز في العرق أو الجنس أو الدين أو
اللون.
برنابا وأناجيل أخرى 390
في سن 13سنة برحلة مع قافلة تجار إلى الهند (السند) لدراسة شرائع
بوذا العظيم .وقد استقبله الجاينيون إالّ أنه تركهم ليمضي 6سنوات بين
ومعلما لجميع
ً دارسا الفيدا
البراهمة في جوغورنوت ،بناريس ،وغيرهاً ،
الطبقات من دون استثناء ولذلك عارضه البراهمة فجادلهم وانتقدهم
خصوصا إدانته للتميز بين الطبقاتً وشهر بهم وبكتبهم المقدسةّ
ولألصنام في معتقداتهم .فقرروا قتله وهرب إلى البوذيين حيث أمضى 6
دارسا البالي ومتعم ًقا في كتبهم الدينية .ثم غادرهم ليعيش
سنوات بينهم ً
بشر وع ّلم بين
بين الوثنيين ليعلمهم األخالق وزار بعدها فارس حيث ّ
الزرادشتيين وحين بلغ 29من عمره عاد عيسى إلى بالده ليبدأ تبشيره(((.
ابتدأ نقد هذا اإلنجيل سري ًعا من خالل البروفسور ماكس موللر
Max Müllerمن جامعة أوكسفورد وهو كان أكبر علماء الهنديات في
الغرب وناشر أكبر مجموعة نصوص من الشرق باسم «الكتب المقدسة
من الشرق» .Sacred Books of the Eastنشر موللر أول نقد له في مقالة له
بعنوان «اإلقامة المزعومة للمسيح في الهند»((( أورد فيها مجموعة كبيرة
من االنتقادات نوجزها فيما يلي:
موجز انتقادات موللر:
.1إن دير حميس معروف جدً ا لكل الزوار الغريبين على العكس
من زعم نوتوڤيتش بأنه سري.
((( Nicolas Notovitch: La vie inconnu de Jesus -Christ, ed. Paul OllenDorf, Paris
1894
The unknow life of J.C., transl. J.H. Connelly and L. Landsberg. New York: G.W.
Dillingham 1894
The unknow life of J.C., Tr. Alexina Loranger (Chicago, New York: Rand Mc Nally and
Co. 1894) tr. Violet Crispe. London Hutchinson1895
Max Muller, «The Alleged Sojourn of Christ in India,» The Nineteenth Century, (((
36 (July-December 1894) pp. 515-522
397 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
مكسور الرجل إلى ديره ناهيك عن وجود كتاب سري أو مخطوط بوذي
عن حياة عيسى (وهو الضليع باألدب البوذي كما أنه الما منذ 42سنة)
كما أنه كالما وبوذي ال يعرف شي ًئا عن أديان مصر القديمة واألشوريين
وبني اسرائيل ...وقد كتب دوغالس الشهادة ووقعها رئيس الدير
والمترجم وختمت بأختام رسمية للدير ورئيسه وللمترجم...
-قبل ذلك كان نوتوڤيتش قد صرح في مقدمة طبعة كتابه لعام
1895بأنه ال وجود لمخطوط وإنما هو قام بجمع حكايات وقصص من
كتب مختلفة كانت في الدير.
-كتاب نوتوڤيتش ظهر في مرحلة كان فيها اهتمام غربي كبير بالهند
خاصة في بريطانيا حيث توجت الملكة فكتوريا إمبراطورة على الهند
عام .1877وكان موللر وصحبه يترجمون التراث الديني الهندي إلى
اإلنكليزية .وظهرت مراسالت مدام بالفاتسكي المزعومة مع مهاتمات
الهند.
-كما ظهرت في ذلك الوقت عدة نظريات حول األصول البوذية
(((
للمسيحية أهمها كتب أرثر ليلي
وكان البروفسور األلماني Rudoff Seydelمن ليبزيغ قد نشر نفس
اآلراء في ألمانيا في نفس الفترة.
أما مدام بالفاتسكي Helena Blavatskyفقيل إنها صاحبة فكرة وجود
مخطوط تيبيتي مخبأ .فكتابها األخير الكبير العقيدة السرية (The Secret
) Doctrine: 1888يتضمن مقاطع من كتاب اسمه كتاب ديزان (The Book of
) Dyzanقالت عنه إنه أقدم مخطوط في العالم يحتفط به المهاتمات في
سهل سري في مكان ما من الهماليا.
ولكن غيرشوم شولم يقول في كتابه عن االتجاهات الكبرى في
التصوف اليهودي((( إن بالفاتسكي قد تكون أخذت هذه المقاطع
المذكورة في كتابها من كتاب آخر هو القابالي القروسطي المنشور
علما به من كتاب
المعروف باسم Sifre-di-Tseniuthaولعلها أخذت ً
Christian Knorr von Rosenrothالمسمى تعرية القابااله Kabbala Denudata
( )1684-1677حيث إن فيه ترجمة التينية للنص العبري .ويذكر
شولم أن بالفاتسكي قد ذكرت هذا المنشور في كتاب قديم لها اسمه
Isis Unveiledوأسمت الكتاب Siphra Dzeniutaولعلها من كلمة Dzeniuth
انتقلت إلى ديزان .Dyzan
-طائفة األحمدية نشرت رواية حياة عيسى في الهند وموته ودفنه
في كشمير وهو بقلم الميرزا غالم أحمد نفسه((( ،نشر للمرة األولى
باألوردو عام ( 1899بعنوان مسيح هندوستان مين) .وهناك كتاب
للميرزا أحمد هذا بالعربية عنوانه الهدى ( .)1902وقد عقد األحمدية
مؤتمرا في لندن في حزيران 1978حول الموضوع نشرت أعماله في ً
كتاب »( «Truth About the Crucifixionمسجد لندن )1978وقد تبنى فابر
قيصر المسألة وعممها في الغرب(((.
هناك رواية شائعة في السويد والنروج (حيث لألحمدية قوة) بأن
Gershom Scholem: Major Trends in Jewich mysticism. New York: Schoken (((
paperback ed. 1961, p. 398
Jesus in India. Rabwah, W. Pakistan: The Ahmadiyya Muslim Foreing Missions (((
Department n.d preface 1962
J.D. Shams: Where did Jesus die? 7th edition. London: Shams Brpthers 1978 (((
Mohammad Yasin: Rauzabal and other Mysteries. Kashmi- Srinagar: kesar Publications
1972
Aziz Kashmiri: Christ in Kashmir. Srinagar: Roshmi Publications 1973
برنابا وأناجيل أخرى 400
المخطوط األصلي قد سرقه دكتور مسلم اسمه أحمد شاه بناء على
تعليمات «الكنيسة البريطانية في الهند»(((.
Sökaren ((( مقابلة مع ميرزا ناصر أحمد الخليفة الثالث لألحمدية المجلة السويدية
1978:8
401 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
((( سبنسر الفان :الحركة األحمدية :نظرة تاريخية ومستقبلية -باإلنكليزية -نيودلهي
-1974
Spencer Lavan; The Ahmadiyah Movement: A History and Perspective, Manohar Book
Service, New Delhi, 1974.
( ((1البهائية أسسها حسين علي النوري المعروف باسم بهاء الله في إيران في القرن
التاسع عشر .ويربط البهائيون بداية تاريخهم بوقت إعالن الدعوة البابية في مدينة شيراز إيران
سنة .1844كانت البابية قد تأسست على يد علي بن محمد رضا الشيرازي الذي أعلن أنه الباب
«لمن يظهره الله» وأنه هو المهدي المنتظر .وكان قد سبق ذلك فترة قصيرة نمت فيها حركات
كانت تترقب مجيء «الموعود» (المهدي المنتظر) الذي بشرت به الكتب السماوية وأحاديث
األنبياء .وكانت المدرسة الشيخية التي أسسها أحمد بن زين الدين األحسائي إحدى تلك
المدراس الفكرية التي أكدت على وشك قدوم الموعود المنتظر ،وجدير بالذكر أن أول من آمن
بالباب وهو المال حسين بشروئي قد درس عند أحمد األحسائي ثم عند كاظم الرشتي اللذين
يعدان من أبرز رموز الشيخية .وقد آمن بالباب بعد ايمان المال حسين بشروئي أشخاص آخرون
شخصا ،من ضمنهم امرأة واحدة تعرف بالطاهرة أو قرة العين .ومنح هؤالء ً بلغ عددهم 17
شخصا لقب حروف الحي .ومن ضمن الذين أيدوا دعوة الباب وكان لهم تأثير بالغ ً الثمانية عشر
في تطورها شاب من النبالء يدعى ميرزا حسين علي النوري الذي عرف فيما بعد باسم بهاء الله،
وهو مؤسس الديانة البهائية .ونتيجة لذلك فإن هناك ارتبا ًطا تاريخ ًيا بين البهائية والبابية وبينهما
وبين الشيخية التي هي حركة صوفية شيعية...وبعد أن شاع أمر البابية قامت السلطات اإليرانية
بسجن ومالحقة وتعذيب البابيين حتى القبض على «الباب» سنة 1847م وإيداعه السجن.
وكانت إيران محكومة انذاك من قبل أسرة القاجار التركمانية .وازداد عدد أتباع الباب برغم
برنابا وأناجيل أخرى 402
حبسه وذلك نتيجة لجهود أتباعه وقياداتهم .وفي نهاية المطاف ُأعدم «الباب» سنة 1850م رم ًيا
بالرصاص أمام العامة برغم وساطة بعض الدول الغربية للصفح عنه ومن ضمنها روسيا
وبريطانيا .واستمرت الحكومة اإليرانية آنذاك بعملية القمع ضد البابيين وقياداتهم ومن ضمنهم
بهاء الله ،حيث حبست بهاء الله وبعد ذلك نفته وأتباعه إلى العراق .وأقام بهاء الله في العراق
عدة سنوات قام خاللها بتدبير شؤون البابيين ولم شملهم .ولكن بتحريض من الحكومة
اإليرانية ،نفت الحكومة العثمانية بهاء الله إلى إستانبول ،ثم إلى أدرنة ،وبعد ذلك إلى فلسطين
إلبعاده عن األراضي اإليرانية وقطع عالقته بأتباعه .وتشير المصادر البهائية أن بهاء الله أعلن
دعوته للعديد من أتباعه في «حديقة الرضوان» في بغداد قبل نفيه منها في سنة 1868م إلى مدينة
عكا في فلسطين ليسجن في قلعتها هناك ...ولقد سمح لبهاء الله في ّاخر سنوات حياته بالعيش
في أحد المنازل خارج حدود السجن نتيجة العالن التعبئة العامة في فرق الجيش التركي
وحاجتهم لتكنات الجيش التي كان يقيم فيها المساجين .وخصص لبهاء الله وأسرته من قبل
يشكون منزل في الحي الغربي من المدينة .وكان أهالي المنطقة في ذلك الحين ّ الحكومة ً
بالمنفيين ويكنّون لهم العداء حتى أنهم كانوا يطاردون أوالدهم ويسبونهم ويرمونهم بالحجارة
إذا هم تجاسروا وظهروا في الشوارع .وقد حرص عباس أفندي ،االبن األرشد لبهاء الله ،على
القيام بأعمال بر وإحسان الجتذاب قلوب الناس إلى جماعتهم ..وبالفعل صار عباس أفندي
صدي ًقا للحكام األتراك في فلسطين مثل أحمد توفيق بك ومصطفى ضياء باشا الذي سمح
للبابيين بالتجول خارج أسوار المدينة وبمقابلة االخرين ومن بينهم بعض المستشرقين مثل ا.ج.
ودون أحداث هذه اللقاءات في براون األستاذ بحامعة كمبردج الذي التقى ببهاء الله عدة مرات ّ
كتبه ومقاالته العديدة .وقد قام عباس أفندي بعد ذلك بشراء مسكن في ضواحي مدينة عكا
مزارا ألتباعه .وبقي ابنه عباس
حيث عاش بهاء الله إلى أن توفى في سنة 1892م وصار مرقده ً
سجينًا هناك إلى سنة 1908م .وبرغم إطالق سراحه بعد ثورة تركيا الفتاة وسقوط السلطان
العثماني إال أنه لم يترك المنطقة وعاش في مدينة حيفا في فلسطين إلى حين وفاته في سنة
1921م .وباإلضافة إلى عالقة عباس أفندي بالعديد من أعيان فلسطين من المسلمين
والمسيحيين والدروز وغيرهم ،توطدت عالقات الصداقة واالحترام المتبادل بين عباس أفندي
«عبد البهاء» والعديد من مفكري وأدباء العصر في ذلك الحين ومن ضمنهم جبران خليل
جبران ،شكيب أرسالن ،أمين الريحاني ،والشيخ محمد عبده .وبعد وفاة عبد البهاء وبحسب
وصيته قام حفيده شوقي أفندي بوالية شؤون الدين البهائي ونشر تعاليمه وأسس المركز اإلداري
للبهائيين في مدينة حيفا قرب المرقد األخير للباب وعبد البهاء على سفح جبل الكرمل .توفي
شوقي أفندي عام 1957م في مدينة لندن ودفن هناك .ومن مبادئ البهائية التأكيد على الوحدة
الروحية بين البشر .واليوم يوجد حوالي خمسة إلى سبعة ماليين معتنق للبهائية ،يتوزعون في
معظم دول العالم بنسب متفاوتة.
403 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
فقط من دعوة ميرزا غالم أحمد القاضياني وفي الفترة نفسها التي شهدت
انتشار الثيوصوفيا في الغرب.
وحين نقرأ كتاب الميرزا غالم أحمد نالحظ تبنيه الكثير مما أورده
نوتوڤيتش ولكن من دون أن يذكر المصدر.
( ((1مدينة سريناغار ،عدد سكانها حوالى المليون نسمة هي العاصمة الصيفية إلقليم
كشمير في أقصى شمال الهند .تقع المدينة في وادي كشمير على ضفاف نهر جيلوم .تعد أكبر
مدينة هندية غالبية سكانها من غير الهندوس .حيث يشكل المسلمون 96%من السكان ،وتبلغ
نسبة الهندوس ،2.75%والبقية من السيخ والبوذية والجاينية.
برنابا وأناجيل أخرى 404
في العام 1880م نشر السير سيد أحمد خان الهندي( ((1تفسيره
كبيرا
أثرا ً( ((1العالمة السيد أحمد خان بن محمد متقي خان :شخصية هندية تركت ً
في شبه القارة الهندية ،وكانت صاحبة أفكار جريئة وغير تقليدية آنذاك تسببت في اتهامها بالكفر
من جانب بعض علماء المسلمين ،هاجمه األفغاني أحد أعالم الفكر اإلسالمي ،في حين أيده
أغا خان زعيم الطائفة اإلسماعيلية وأثنى عليه السيد محمد رشيد رضا في مجلته المنار باعتباره
ُمصلح الهند األول الذي يشبه اإلمام محمد عبده في مصر .ولد السيد أحمد خان في دلهي 17
أكتوبر 1817م ،ونشأ في أسرة أرستقراطية كان لها اتصال وثيق بالملوك المغول الذين حكموا
شبه القارة الهندية قبل االحتالل البريطاني ،يقال إنه من أسرة تنتمي إلى ساللة الرسول ،ومن هنا
جاء لقب السيد .تعلم في البداية أن يقرأ القرآن الكريم على يد معلم خاص في منزله ،ثم أكمل
دورة في اللغة الفارسية والعربية واألوردية ،ودرس العلوم الشرعية والكونية ،ودرس
الرياضيات ،وفي وقت الحق اهتم بالطب وقام بدراسة بعض الكتب المعروفة وقتها ،ثم لم
يستكمل دراسته في سن الثامنة عشر أو التاسعة عشر ،فانتهى تعليمه الرسمي إال أنه تابع دراسته
بشكل خاص ،وبدأ يهتم بالتجمعات األدبية واألنشطة الثقافية للمدينة.
وبسبب وفاة والده ،اضطر السيد أحمد خان في سن مبكرة عندما بلغ 21عا ًما إلى
البحث عن مهنة ،فاضطر إلى أن يقطع دراسته ليعمل مع أخيه في تحرير جريدة صيد األخبار -
الصادرة بالغة األوردية والتي تعد أولى الجرائد الناطقة بلسان حال المسلمين ،ودرس في نفس
الوقت في كلية تابعة لشركة الهند الشرقية تؤهل فيها موظفيها ،وتخرج فعمل كات ًبا ثم رقي إلى
منصب كاتب اإلنشاء ،ثم تنقل في عدة وظائف في السلك القضائي ،حتى تقاعد عام ،1876
وأمضى بقية حياته في كلية .Aligarh College and the Muslims of South Asiaأصدر أول كتاب
له في سنة 1847م ،حول آثار دلهي بعنوان (آثار الصناديد) .له عدة مؤلفات منها :نظرات في
اإلنجيل ،وكتاب في سيرة الرسول ،كما كتب عدة أجزاء في تفسير القرآن الكريم .كان صاحب
أول مركز تعليمي إسالمي فريد من نوعه في الهند حيث أسس جامعة عليكرة بالهند ،وأنشأها
على غرار المحافل العلمية الدولية ،وقد شملت الدراسة فيها عدة مجاالت كاآلداب والعلوم
والهندسة والطب ،ثم ألحق بها كلية النساء ،ولكن لقيت هذه الجامعة معارضة شديدة من
األوساط الدينية المحافظة ،خاصة أنها كانت تقبل الطلبة من السنة والشيعة .أصبح الزعيم
اإلسالمي الهندي األول بسبب كتاباته ومشاريعه وبحكم موقعه لدى المحتل البريطاني الذي
عضوا في مجلس نائب الملك التشريعي ،الذي كان بمثابة برلمان هندي، ً عينه في سنة 1878
كما أسس في نفس السنة الجمعية المحمدية لعموم الهند ،وفي سنة 1883أسس الجمعية
المحمدية إلعانة موظفي الدولة ،بهدف إعانة المسلمين لاللتحاق بسلك الخدمة المدنية
الهندية .منحته الحكومة البريطانية سنة 1888لقب «سير» ،لذلك جاء اسمه في الهند« ،سير
تقديرا لجهوده التعليمية .توفي
ً أحمد» ،وفي عام 1889منحته جامعة أدنبره الدكتوراة الفخرية
يوم 27مارس 1898م .انظر:
405 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
للقرآن الكريم والذي أكد فيه موت المسيح عليه السالم من خالل اآليات
القرآنية ،كما استدل باآليات القرآنية والشواهد التاريخية واإلنجيلية
إلثبات نظرية إغماء المسيح عليه السالم على الصليب ونجاته ثم وفاته
بعدها وفاة طبيعية.
ويبدو أن الميرزا غالم أحمد اطلع على تفسير سيد أحمد خان وعلى
أدلته من القرآن والتاريخ على أن المسيح (ع) قد علق على الصليب لكنه
أغمي عليه فقط ثم مات بعد تلك الحادثة ميتة طبيعية .لكن مع ذلك لم
يقبل الميرزا وقتها ذلك التفسير وتلك األدلة وظل ينشر في كتابه (براهين
أحمدية ((1()1884-1880عقيدة المسلمين في المسيح عليه السالم
وارتفاعه إلى السماء وبأنه حي في السماء بجسده الدنيوي .وفي عام
1891م أعلن الميرزا بأن الله قد أوحى إليه بعقيدة وفاة المسيح (ع)
وأعطاه األدلة من القرآن على ذلك .وقد كانت تلك األدلة مطابقة بشكل
كبير لألدلة التي نشرها سيد أحمد خان في تفسيره.
لكن في كتابه (إزالة أوهام) المنشور سنة 1891م كتب الميرزا
غالم أحمد ما يلي:
«عند النظر إلى القرآن الكريم نجده يعلن بيدين مبسوطتين هذه
الحقيقة -أن عيسى عليه السالم فقد الوعي على الصليب ثم مات
الح ًقا -فيجب عليكم قبول هذه الحقيقة .لكن لألسف فمع أن العلماء
رأوا هذه الحقيقة إال أنهم لم يقبلوها»( ...((1وقد تحدث غالم أحمد
عن عقيدته السابقة بخصوص المسيح فقال« :في براهين أحمدية قمت
أحمد أمين :زعماء اإلصالح في العصر الحديث .مكتبة النهضة المصرية؛ القاهرة؛
1947م.
( ((1اعتمدنا في كل مصادرنا من كتب غالم أحمد على منشورات الطائفة األحمدية
http://www.islamahmadiyya.net/index.asp?ver=2.1 على موقعها الرسمي
( ((1غالم أحمد :إزالة أوهام .موقع الجماعة اإلسالمية األحمدية .الكتاب ،ص .509
برنابا وأناجيل أخرى 406
مخط ًئا بتفسير التوفي بأنه إيفاء الجزاء الكامل ،وقد استغل القساوسة هذا
األمر ضدي في بعض األحيان .لكن ليس لهؤالء ما يبرر كالمهم فأنا
واضحا
ً أعترف بأني كنت مخط ًئا في ذلك التفسير .الوحي الرباني كان
لكنني مثل غيري من البشر أتعرض للخطأ وللنسيان ،لكنني على يقين
بأن الله ال يمكن أن يتركني تحت تأثير خطأ أبدً ا»(.((1
�إطالع الميرزا على تف�سير �سيد �أحمد خان حول نظرية الإغماء
في كتاب (حياة أحمد)( ((1الذي نشرته الجماعة األحمدية شعبة
ربوة يقول الكاتب« :في تفسيره للقرآن الكريم كتب سير سيد (أحمد
خان) تماش ًيا مع نهجه العقالني أن المسيح ليس ح ًيا في السماء بجسده.
وقد نشر كتابه هذا في سنة .1880وقد قرأ حضرة أحمد (ميرزا غالم
كثيرا به ولم يلتقط الفتات من وراء سير
أحمد) ذلك التفسير لكنه لم يبال ً
سيد (أحمد خان) كما يتخيل المعجبون بالسير سيد لجهلهم .بالعكس
فإن أحمد (ميرزا غالم أحمد) أكد في كتابه براهين أحمدية المنشور عام
1884العقيدة التقليدية بأن المسيح حي في السماء وبأنه سيأتي مرة ثانية
إلى الدنيا( .((1ولم يكن (ميرزا غالم أحمد) يخاف من العقالنية التي
انحنى لها ساب ًقا السير سيد (أحمد خان) باستسالم .لكن في العام 1891
وعندما أخبر الله أحمد (ميرزا غالم أحمد) بأن المسيح قد مات ،عندها
فقط غ ًّير عقيدته بهذا الصدد .ولم يكن ليتزحزح عن عقيدته التقليدية
لوال أن الله أمره بذلك بوضوح»(...((1
( ((1غالم أحمد :أيام الصلح .موقع الجماعة اإلسالمية األحمدية .الكتاب ،ص .14
( ((1عبد الرحيم دارد« :حياة أحمد ،مؤسس الحركة األحمدية» ،باالنكليزية ،طبعة
باكستان ،بالية.1948 ،
( ((1غالم أحمد :براهين أحمدية .موقع الجماعة اإلسالمية األحمدية .الكتاب،
صفحة 361و 499في الهامش رقم 3
( ((1حياة أحمد ،مرجع سابق .ص ،40الهامش رقم .2
407 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
(((1
تف�سير القر�آن � -سيد �أحمد خان
يك َو َرافِ ُع َك إِ َل َّي
يسى إِنِّي ُمت ََو ِّف َ ِ
في تفسيره لآلية ﴿إِ ْذ َق َال ال َّل ُه َيا ع َ
وك َف ْو َق ا َّل ِذي َن َك َف ُروا إلى َي ْو ِم
اع ُل ا َّل ِذي َن ا َّت َب ُع َ
وم َطهر َك ِمن ا َّل ِذين َك َفروا وج ِ
َ ُ َ َ َ َ ُ ِّ ُ
َخت َِل ُفون﴾ (سورة آل يما ُكنْت ُْم فِ ِيه ت ْ ِ ِ ِ ِ
ا ْلق َيا َمة ُث َّم إِ َل َّي َم ْرج ُعك ُْم َف َأ ْحك ُُم َب ْينَك ُْم ف َ
عمران )55:يقول سيد أحمد خان« :ال يموت اإلنسان من جراء تعليقه
على الصليب ألن يديه فقط -وأحيانًا يديه ورجليه -تتعرض للجرح .لكن
سبب الموت يكون عادة بإبقاء الشخص معل ًقا على الصليب لمدة أربعة أو
خمسة أيام ،وبسبب الثقوب التي في يديه ورجليه وبسبب الجوع والعطش
والحر تحت أشعة الشمس فإنه عادة ما يموت بعد عدة أيام»(.((2
ويضيف سيد أحمد خان في تفسيره»:عند انتهاء يوم عيد الفصح
كان السبت اليهودي على وشك البدء ،وبحسب الديانة اليهودية فإنه
يجب دفن جثة الشخص المصلوب قبل نهاية اليوم ،أي قبل بداية يوم
السبت ،لذلك طلب اليهود أن تكسر أرجل حضرة عيسى (ع) حتى
يموت بسرعة ،لكن رجليه لم تكسر و ظن الناس بأنه مات خالل ذلك
الوقت القصي ...وعندما ظن الناس مخطئين أن عيسى (ع) مات على
الصليب قام يوسف الذي من الرامة بالطلب من الحاكم -بيالطس -أن
يتم دفنه ،وقد استغرب الحاكم موته بهذه السرعة»(.((2
ثم يقول سيد أحمد خان في تفسيره« :عند إلقاء نظرة تاريخية على
هذه الحادثة -الصلب -فإنه يصبح بديه ًيا أن عيسى عليه السالم لم يمت
على الصليب لكنه فقد وعيه فظن الناس بأنه قد مات .وقد أنزله الناس
بعد ثالث أو أربع ساعات وبهذا فمن المؤكد بأنه كان ح ًيا وقتها .وفي
الليل أخرج من القبر وظل مختف ًيا بحماية حوارييه ،وقد رآه الحواريون
عمرا قبل أن يموت ميتة طبيعية»(.((2
والتقوا به ،وبعد ذلك لبث ً
في كتاب صادر باإلنكليزية عن المولوي شيراغ علي (-1844
( )1895وهو من رفاق سير سيد أحمد خان) ويقع في 220صفحة
تقري ًبا( ،((2نقرأ تفسير سير سيد أحمد خان لتعليق المسيح على الصليب
ونجاته وموته فيما بعد ميتة طبيعية ،وكل هذا بنفس طريقة سرد الجماعة
األحمدية (القاضيانية) ونفس األدلة .كذلك يوجد في الكتاب تفسير
قصة سليمان والجن والطير ،والناسخ والمنسوخ وغيرها من المواضيع.
ومما قيل في الصفحة 79-78من الكتاب حول النسخ في القرآن:
«نفى السير سيد أحمد خان للنسخ بأنواعه ،وقوله إن النسخ المذكور
بالقرآن هو نسخ الشرائع السابقة» .وفي الصفحة 82-81قيل حول
الجن« :هم البدو والبشر غير المتحضرين مثل قوم العماليق المذكورين
في التوراة .قوم العماليق الذين سكنوا أرض كنعان وتم َّيزوا ببنيتهم
الجسدية الضخمة والقوية ُأطلقت عليهم تسمية الجن ».وفي الصفحة
83قيل حول قصة النبي سليمان عن النمل« :النمل قبيلة تحمل هذا
االسم ،ال تلك الحشرة المعروفة».
وأن الطير في آية ( ُع ِّلمنا منطق الطير) ال تعني العصفور ،بل جندي.
وأن الهدهد كان اسم رجل أو قبيلة عاشت في اليمن وفي اآلية 20من
سورة النمل :الهدهد هو قائد جيوش سليمان .وأن العفريت في اآلية 39
من سورة النمل هو رجل من فرقة الجن.
وكذلك فإن كشف بلقيس عن ساقيها يعني أنها كانت خائفة من
العبور على أرضية الصرح الممرد من قوارير.
كما انتقد شراغ علي اإلمام فخر الدين الرازي لتأييده القصة الخرافية
لنقل عرش بلقيس من اليمن إلى بالد الشام.
وفي الصفحة 86-84قيل حول حادثة صلب المسيح عليه
السالم« :جرى تعليق المسيح على الصليب لـ 4-3ساعات ،ولكنه لم
يمت ،بعدها تم وضعه في القبر ،ثم أخرجه أصحا ُبه من القبر وأخذوه
إلى مكان آمن وقالوا لليهود أنه صعد إلى السماء ،وعاش المسيح آمنًا
ثم مات فيما بعد ميتة طبيعية .مجرد التعليق على الصليب لبضع ساعات
ال يميت أحدً ا ،بل بحسب تاريخ الرومان الموت يحدث بعد 5-4أيام.
ُأنزل المسيح عن الصليب سري ًعا ألن اليهود ال ُيبقون أحدً ا معلقا على
الصليب يوم السبت؛ كما أن خروج الدم والماء من جسده عندما طعنه
جندي روماني يؤكد أنه كان ال يزال ح ًيا .كما أن الملك تفاجأ جدً ا بموت
المسيح السريع وهذا يؤكد أن مدة تعليقه لم تكن كافية لموته .وضع جسد
المسيح في القبر سري ًعا وكان أصحابه يزورونه وبعد 3أيام أخرجوه.
عبارة (ما صلبوه) ال تنفي تعليقه بل تنفي الموت على الصليب ،كما أن
اليهود لم يقتلوه بأي طريقة بل رفعه الله بالمكانة والمنزلةُ .ش ِّبه لهم تعني
أنهم ظنوه مات ألنه كان في حالة إغماء ،وقصة الشبيه باطلة ألن عبارة
ُش ِّبه لهم ستصبح خاطئة ويجب أن يكون مكانها ُش ِّبه به ،كذلك ال يمكن
وأخيرا :فعل
ً أن تعود عبارة ُش ِّبه لهم على الشبيه ألنه غير مذكور في اآلية.
برنابا وأناجيل أخرى 410
التَّو ِّفي في اآليات الخاصة بالمسيح ال يعني إال أنه مات ميتة طبيعية».
(انتهى)(.((2
See also, Moulví Cherágh Ali: A Critical Exposition of the Popular «Jihad». (((2
Calcutta, 1885
Book of Thomas the Contender; see: John D. Turner, The Anchor Bible (((2
Dictionary, volume 6, p. 529.
John D. Turner, The Nag Hammadi Library: The Book of Thomas the Contender. (((2
The Gnostic Society Library. Coptic Gnostic Library Project.
Bart D. Erhman, Lost Scriptures: Books that Did Not Make It into the New (((2
Testament, Oxford University Press, p. 122
411 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
الصليب( ((2وأن هذا االستبدال كان ممكنًا «ألنني أنا المسيح كنت أغير
مظهري من شكل إلى آخر»( .((2وهذا ما نجده على كل حال في وصف
إنجيل برنابا الستبدال عيسى على الصليب وصعوده ح ًيا إلى السماء
محفو ًفا بفرقة من المالئكة وحلول يوضاس أو يهوذا اإلسخريوطي
محله(.((3
من جهة أخرى يروي الكاتب والروائي الكندي بول وليام روبرتس
في كتاب له في سير رحالته أن بعض المندائيين يرون أن توما «الرسول»
كان الشقيق التؤام لعيسى وأنه هو الذي صلب محله(.((3
( Second Treatise of the Great Seth ((2المقالة الثانية لشيث العظيم هو نص غنوصي
أيضا
أبوكريفي محفوظ في المدونة رقم 7من مدونات نجع حمادي ويعود للقرن الثالث ً
وكاتب النص مجهول وال يوجد في النص أي ذكر لشيث الذي يحمل العنوان اسمه ولعله االبن
الثالث آلدم وحواء بحسب التراث التوراتي والذي تنتسب إليه بعض الفرق الغنوصية .ومن
النص يبدو أن الكاتب ينتمي إلى فرقة غنوصية تؤمن بأن المسيح لم يصلب وإنما سمعان هو
الذي صلب خطأ إذ شبه للرومان واليهود أنه عيسى الذي كان يقف قرب مكان الصلب «ضاحكًا
ساخرا من جهلهم».
ً
Bart D. Erhman, Lost Scriptures: Books that Did Not Make It into the New Testament,
p. 82
(Roger Bullard, and Joseph Gibbons. The Nag Hammadi Library: The Second ((2
Treatise of the Great Seth. The Gnostic Society Library. Coptic Gnostic Library Project.
Luigi Cirillo et Michel Frémaux. Evangile de Barnabé. p. 176. ( ((3
Paul William Roberts. Journey of the Magi: In Search of the Birth of Jesus. (((3
Stoddart Publishing; First edition. 1995
برنابا وأناجيل أخرى 412
-4فر�ضية الإغماء
تقول هذه الفرضية إن عيسى لم يمت على الصليب بل أغمي عليه
أو غاب عن الوعي )» («swoonedوبالتالي فقد أنعش الح ًقا في قبره الذي
خصصه له يوسف الرامي .وهذه الفرضية ظهرت قبل أكثر من قرنين وال
تزال تثير الكثير من الجداالت والسجاالت إلى يومنا هذا.
من أوائل أصحاب الفرضية األلماني كارل فريدريش باهردت (سبق
( ((3أبو طاهر مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي الشافعي (قام بجمعه .وهو
صاحب القاموس المحيط .توفي سنة 817هـ)« :تفسير ابن عباس أو تنوير المقباس من تفسير
ابن عباس» .دار الكتب العلمية .بيروت 2008ص 111
413 املسيح يف الهند نظريات وفرضيات:الباب السابع
قائل إن عيسى قام بتمثيل ً 1780 الحديث عنه) الذي اقترحها في عام
عملية موته مستخد ًما أدوية زوده بها لوقا الطبيب الصيدالني ليظهر
.وكأنه المسيح الروحي ويجعل إسرائيل تترك فكرة وجود مسيح سياسي
وبحسب باهردت فإن عيسى كان متواط ًئا مع زميله في طائفة اآلسينيين
يوسف الرامي لكي يقوم بدفنه في قبر مخصص لعائلته ثم يخرجه منه
ويبدو أن طائفة اآلسينيين بحسب باهردت تظهر في العديد من.الح ًقا
فرضيات «اإلغماء» كونها تميزت باستخدام األعشاب واألدوية الشافية
.((3(ألمراض كثيرة عصفت بالمجتمع العبراني في تلك األيام
) اقترح كارل فنتوريني (سبق الحديث عنه1800 حوالى العام
أن مجموعة من المناصرين لعيسى يلبسون المسوح البيضاء وكانوا مع
عيسى ينتمون إلى «جماعة سرية» لم يكونوا يتوقعون نجاته من الموت
على الصليب إال أنهم سمعوا زمجرة من داخل القبر حيث كان عيسى
(( عن هذا الموضوع نضيف هنا بعض المقاالت الصادرة في مجالت طبية علمية3(
:متخصصة
D. A. Ball. «The Crucifixion and Death of a Man Called Jesus». Journal of the
Mississippi State Medical Association. 1989 Mar;30(3):77-83.
D. A. Ball. «The crucifixion revisited» Journal of the Mississippi State Medical
Association. 2008 Mar;49(3):67-73.
Matthew W Maslen and Piers D Mitchell. «Medical theories on the cause of death in
crucifixion». Journal of the Royal Society of Medicine. 2006 Apr; 99 (4): 185–188.
Stuart Bergsma.»Did Jesus Die of a Broken Heart?». The Calvin Forum, 1948. 14:165
Christos Papaloucas. Anatomical, Physiological and Historical Aspects of the
Crucifixion and Death of Jesus. Cathollic medcial Quarterly, 54 (3) 2004
R. Bucklin. «The Legal and Medical Aspects of the Trial and Death of Christ».
Medicine, Science and the Law. Journal of the British Academy for Forensic Sciences. 1970.
10:14-26
C.T. Davis. «The Crucifixion of Jesus: The Passion of Christ from a Medical Point of
View». Journal: Arizona medicine. 22:183-187, 1965.
William D. Edwards, MD; Wesley J. Gabel, MDiv; Floyd E. Hosmer, MS, AMI «On the
Physical Death of Jesus Christ.». General medical journal JAMA. March 21, 1986-Vol 255,
No. 11.
C. Johnson.»Medical and Cardiological Aspects of the Passion and Crucifixion of
Jesus, the Christ», Boletín de la Asociación Médica de Puerto Rico. 70 (3): 97-102, 1978.
برنابا وأناجيل أخرى 414
على قيد الحياة بعد الصلب يتراوح بين يومين وأربعة أيام .ويظهر هذا
السا َع ُة ال َّثالِ َث ُة ِ
«وكَانَت َّ من تعجب بيالطس من سرعة وفاة المسيحَ :
ض ُك ِّل َها َت ُظ ْل َم ٌة َع َلى األَ ْر ِ اد َس ُة ،كَان ْ َت السا َع ُة الس ِ َفص َلبوه ...و َلما كَان ِ
َّ َّ َ ُ ُ َ َّ
ِ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
وع بِ َص ْوت َعظي ٍم السا َعة التَّاس َعة َص َر َخ َي ُس ُ السا َعة التَّاس َعة .وفي َّ إِ َلى َّ
لهي ،لِ َما َذا لهي ،إِ ِ َق ِائ ًل« :إِ ُل ِوي ،إِ ُل ِوي ،لِ َما َش َب ْقتَنِي؟» َا َّل ِذي َت ْف ِس ُير ُه :إِ ِ
َادي إِ ِيل َّيا»َ .ف َرك ََض اض ِرين َلما س ِمعوا« :هو َذا ين ِ تَر ْكتَنِي؟ َف َق َال َقوم ِمن ا ْلح ِ
ُ َ ُ َ َّ َ ُ ْ ٌ َ َ َ
ِ ِ ٍ
أل إِ ْسفن َْج ًة َخ ًل َو َج َع َل َها َع َلى َق َص َبة َو َس َقا ُه َقائ ًل« :ات ُْركُوا .لن ََر ِ َواحدٌ َو َم َ ِ
ٍ ِ ِ ِ ِ
»...جا َء َ وح
الر َ وع بِ َص ْوت َعظي ٍم َو َأ ْس َل َم ُّ َه ْل َي ْأتي إِيل َّيا ل ُين ِْز َل ُه!» َف َص َر َخ َي ُس ُ
ُوت َان ُه َو َأ ْي ًضا ُمنْتَظِ ًرا َم َلك َ يفَ ،وك َ الرا َم ِةُ ،م ِش ٌير َش ِر ٌ يوس ُ ِ ِ
ف ا َّلذي م َن َّ ُ ُ
ب بِي َ اس َر َو َد َخ َل إِ َلى بِي َ ِ
ال ُط ُس وعَ .ف َت َع َّج َ ب َج َسدَ َي ُس َ ال ُط َس َو َط َل َ اللهَ ،فت ََج َ
ِ ِ ِ
ات؟» َو َل َّما ان َقدْ َم َ «ه ْل َل ُه َز َم ٌات ك ََذا َس ِري ًعاَ .فدَ َعا َقائدَ ا ْلم َئة َو َس َأ َل ُهَ : َأ َّن ُه َم َ
ِ ِِ ِ ِ َعر َ ِ
ف»(.((3 وس َ ب ا ْل َج َسدَ ل ُي ُ ف م ْن َقائد ا ْلم َئةَ ،و َه َ َ
وقد ادعى يوستوس ليبسيوس( ((3منذ القرن السادس عشر أن
ضحايا الصلب يمكن أن يظلوا أحياء على الصليب حتى تسعة أيام(.((3
والحال أنه ال يوجد أي شاهد عيان على مصير جسد عيسى بعد
الصلب باستثناء القول إن الجسد سحب إلى بيت بيالطس الذي سلمه
إلى يوسف الرامي ليدفنه هو وزميله نيقوديموس حيث كفناه ونقاله إلى
غرفة دفن(.((4
وديموس ،ا َّل ِذي َأتَى َأو ًَّل إِ َلى يسوع َلي ًل ،وهو ح ِام ٌل م ِزيج مر وع ٍ
ِ ِ
ُود َ َ ُّ َ َُ َ ْ َ ُ َ َ (َ ((4و َجا َء َأ ْي ًضا ني ُق ُ ُ
ن َْح َو ِمئ َِة َمنًا (يوحنا)39 :19 ،
(Lisa Alcalay Klug. Jewish Funeral Customs: Saying Goodbye to a Loved One. ((4
The Jewish Federations of North America 2010
417 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
Gerd Lüdemann. The Historical Jesus in Recent Research. ed. James D. G. (((4
Dunn, Scot McKnight. 2005., p. 418
( ((4ندوة يسوع ) (Jesus Seminarحلقة دراسية من 200فرد تقري ًبا تشمل «باحثين
بدرجات جامعية عالية في الدراسات الكتابية أو الدين أو مواضيع مرتبطة [باإلضافة إلى] كتاب
معروفين مختصين في مجال الدين» .أسسها سنة 1985روبرت فنك Robert Funkوجون
دومينيك كروسان John Dominic Crossanتحت رعاية مؤسسة وستار ] .[Westar Instituteوهذه
المجموعة إحدى أنشط المجموعات في النقد الكتابي .تستعمل المجموعة أساليب خالفية
لتحديد ما قاله أو فعله أو لم يقله أو يفعله يسوع كشخصية تاريخية .وتقوم بالنشر العام ألبحاث
حول يسوع التاريخي .يسمح للعامة بحضور اجتماعات المجموعة نصف السنوية ،وقد أنتجت
الحلقة ترجمة للعهد الجديد باإلضافة إلى إنجيل توما لالستعمال كمصادر نصية .وطبعت نتائج
أبحاثها في ثالثة تقارير هي األناجيل الخمسة ) The Five Gospels (1993أعمال يسوع The Acts
) of Jesus (1998إنجيل يسوع ) .The Gospel of Jesus (1999وتجري المجموعة سلسلة محاضرات
وورشات عمل في مدن أميركية مختلفة.
بحسب أبحاث الحلقة الدراسية فإن يسوع حكيم يهودي هيليني كثير السفر لم يمت
كبديل عن الخاطئين ولم يقم من األموات لكنه بشر بإنجيل اجتماعي باستعمال األمثال
والحكم .وكعدو لأليقونات فإنه خرق عدة تقاليد اجتماعية وعقائد يهودية في تعاليمه وتصرفاته،
وكثيرا ما فعل ذلك بقلب األفكار المقبولة وتشويش توقعات سامعيه .وبشر بحكم إمبراطوري ً
سماوي (ترجم تقليد ًيا بمملكة الله أو ملكوت السماء).
تتعامل المجموعة مع األناجيل كقطع أثرية تاريخية ال تمثل فقط أقوال وأفعال يسوع
الحقيقية بل اختراعات وتطويرات المجتمع المسيحي المبكر ومؤلفي األناجيل .وقد وضعت
عبأ اإلثبات على من يقول بثبوت النص وتاريخيته .ولم تلزم المجموعة نفسها باألناجيل
القانونية بل أكدت أن إنجيل توما يحوي موا ًدا أكثر ثقة من إنجيل يوحنا .وبتحليل المجموعة
لألناجيل على أنها إنتاجات بشرية قابلة للخطأ باستعمال الطريقة النقدية التاريخية ،فإن افتراضها
ً
فبدل من إيحاء أن يسوع لم يؤمن برؤية عالمية أبوكاليبسية (نشورية) هي محل جدل.
برنابا وأناجيل أخرى 418
إسكاتولوجيا أبوكاليبسية ودعوة تالميذه لالستعداد لنهاية العالم فإن زمالء الحلقة يجادلون بأن
.األحاديث الصحيحة ليسوع بشرت بإسكاتولوجيا حكيمة تشجع على إصالح العالم
Gregory W. Dawes. The Historical Jesus Question. Westminster John Knox ((4(
Press; Edition Unstated edition 2001., p.334 [Note] 168
Rush Rhees. The Life of Jesus of Nazareth. Cosimo Classics 2005 ((4(
Alfred Edersheim. The Life and Times of Jesus the Messiah. Grand Rapids, MI:
Christian Classics Ethereal Library 1959 Volume 1
Gerd Lüdemann. The Historical Jesus in Recent Research (Sources for Biblical ((4(
and Theological Study., Eisenbrauns; 1 edition. 2005., p. 418
Gerd Lüdemann. The Resurrection of Jesus, trans. John Bowden. Minneapolis: Fortress
Press, 1994
Alf Ozen and Gerd Lüdemann, What Really Happened to Jesus? A Historical Approach
to the Resurrection’, trans. John Bowden. Louisville, Kent.: Westminster/John Knox Press,
1995
Alfred Edersheim. The Life and Times of Jesus the Messiah. Volume 1 ((4(
Hank Hanegraaff. The Third Day. W Pub. Group in Nashville, TN. 2003., p. 49
Pinchas Lapide, The Resurrection of Jesus: A Jewish Perspective, Wipf & Stock ((4(
Pub. 2002., p.126.
419 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
(Richard C. Carrier. «The Plausibility of Theft». In Price, Robert M.; Lowder, ((5
Jeffrey Jay. The Empty Tomb: Jesus Beyond the Grave. Amherst. New York: Prometheus
Books. 2005., p. 349.
David A. deSilva. The Jewish Teachers of Jesus, James, and Jude: What Earliest
Christianity Learned from the Apocrypha and Pseudepigrapha. Oxford University Press; 1
edition. 2012
مرقس 41-40 :15
ِ
الصغ ِير ِ ٍ ِ ِ ِ
وب َّ َت َأ ْي ًضا ن َسا ٌء َينْ ُظ ْر َن م ْن َبعيدَ ،ب ْين َُه َّن َم ْر َي ُم ا ْل َم ْجدَ ل َّي ُةَ ،و َم ْر َي ُم ُأ ُّم َي ْع ُق َ َوكَان ْ
ِ
ات ال َّل َواتي ِ
يلَ .و ُأ َخ ُر كَث َير ٌ ِ
َان في ا ْل َجل ِ ِ ِ ِ ِ
وسيَ ،و َسا ُلو َم ُة ،ال َّل َواتي َأ ْي ًضا تَب ْعنَ ُه َو َخدَ ْمنَ ُه حي َن ك َ وي ِ
َُ
ِ ُ ِ ِ
يم. َصعدْ َن َم َع ُه إ َلى أ ُ
ور َشل َ
وعُ ،أ ُّم ُهَ ،و ُأ ْخ ُت ُأ ِّم ِه َم ْر َي ُم زَ ْو َج ُة ِك ُلو َبا، َُ َس ي يب ِ ات ِعنْدَ ص ِ
ل َ
َت و ِاق َف ٍ
َ ْ َ ن َا
ك و 25 يوحنا :19
َو َم ْر َي ُم ا ْل َم ْجدَ لِ َّي ُة.
برنابا وأناجيل أخرى 420
وء». ُون فِي م ْأم ٍن ِمن َأي س ٍ اك َمَ ،فإِ َّننَا نُدَ افِ ُع َعنْك ُْمَ ،ف َتكُون َ
ب َل َغ ا ْل َخبر ا ْلح ِ
ْ ِّ ُ َ َ َُ َ َ
ِ ِ ِ
ُوه ْمَ .و َقد ا ْنت ََش َر ْت َهذه ِ ِ
اإل َشا َع ُة َب ْي َن َف َأ َخ َذ ا ْل ُجنُو ُد ا ْل َم َالَ ،و َعم ُلوا ك ََما َل َّقن ُ
ا ْليه ِ
ود إِ َلى ا ْل َي ْو ِم.((5(». َُ
ثم فلنقرأ ماذا يقول إنجيل مرقس الذي هو أقدم األناجيل عن هذه
الحكاية(:((5
َاك ت ََر ْو َن ُه ك ََما َق َال َلك ُْم»َ .ف َخ َر ْج َن يلُ .هن َ َولِ ُب ْط ُر َس :إِ َّن ُه َي ْسبِ ُقك ُْم إِ َلى ا ْل َج ِل ِ
َاه َّنَ .و َل ْم َي ُق ْل َن ألَ َح ٍد ِ
َس ِري ًعا َو َه َر ْب َن م َن ا ْل َق ْب ِر ،ألَ َّن ِّ
الرعْدَ َة َوا ْل َح ْي َر َة َأ َخ َذت ُ
ات. َشي ًئا ألَنَّهن ُكن َخ ِائ َف ٍ
ُ َّ َّ ْ
وبحسب إنجيل يوحنا فقد ساعد نيقوديموس صديقه يوسف
الرامي في دفن يسوع وقال إن المسيح دفن في بستان بالقرب من موضع
قبرا جديدً ا لم يدفن فيه أحد من قبل(:((5
الصلب وكان ً
ب لك ْن ُخ ْف َي ًة لِ َس َب ِ يذ يسوع ،و ِ ِ ِ
الرا َمةَ ،و ُه َو ت ْلم ُ َ ُ َ َ
ِ ُثم إِ َّن يوس َ ِ ِ
ف ا َّلذي م َن َّ َّ ُ ُ
ال ُط ُس. وعَ ،ف َأ ِذ َن بِي َ ال ُط َس َأ ْن َي ْأ ُخ َذ َج َسدَ َي ُس َ ودَ ،س َأ َل بِي َ ف ِمن ا ْليه ِ
َ َُ
ا ْل َخو ِ
ْ
وس ،ا َّلذي َأتَى َأو ًَّل إِ َلى ِ ِ ِ
يم ُ وعَ .و َجا َء َأ ْي ًضا ني ُقود ُ َف َجا َء َو َأ َخ َذ َج َسدَ َي ُس َ
ِ ِ ٍ ِ
وع،يج ُم ّر َو ُعود ن َْح َو م َئة َمنًاَ .ف َأ َخ َذا َج َسدَ َي ُس َ وع َل ْي ًلَ ،و ُه َو َحام ٌل َم ِز ََي ُس َ
َان فِي ا ْل َم ْو ِض ِع ود َعا َد ٌة َأ ْن ُي َك ِّفنُواَ .وك َ اب ،كَما لِ ْليه ِ ٍ
َو َل َّفا ُه بِ َأ ْك َفان َم َع األَ ْط َي ِ َ َ ُ
وض ْع فِ ِيه َأ َحدٌ َق ُّط. َان َق ْب ٌر َج ِديدٌ َل ْم ُي َ َان ،وفِي ا ْلبست ِ
ُْ
ا َّل ِذي ص ِل ِ ِ
ب فيه ُب ْست ٌ َ ُ َ
َان َق ِري ًبا. ِ ِ ِ
است ْعدَ اد ا ْل َي ُهود ،ألَ َّن ا ْل َق ْب َر ك َ ِ
وع ل َس َب ِ َف ُهن َ
ب ْ َاك َو َض َعا َي ُس َ
أيضا فإن تلميذين من التالميذ جاءا إلى القبر للتأكد
وبحسب يوحنا ً
من ادعاء مريم المجدلية أنها شاهدته فار ًغا .هذا األمر ال يذكره مرقس
وال لوقا أو متى ،وهو يشير إلى أن التالميذ لم يصدقوا إال بعد رؤيتهم
المسيح ح ًيا(:((5
وفِي َأو ِل األُسبو ِع جاء ْت مريم ا ْلمجدَ لِي ُة إِ َلى ا ْل َقب ِر ب ِ
اك ًراَ ،وال َّظ َ
ال ُم ْ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َّ َّ َ
ان ِ ِ
َباقَ .فنَ َظ َرت ا ْل َح َج َر َم ْر ُفو ًعا َع ِن ا ْل َق ْب ِرَ .ف َرك ََض ْت َو َجا َء ْت إِ َلى س ْم َع َ
وع ُي ِح ُّب ُهَ ،و َقا َل ْت َل ُه َماَ « :أ َخ ُذوا اآلخ ِر ا َّل ِذي ك َ
َان َي ُس ُ يذ َ ب ْطرس وإِ َلى ال ِّت ْل ِم ِ
ُ ُ َ َ
يذ الس ِّيدَ ِم َن ا ْل َق ْب ِرَ ،و َل ْسنَا َن ْع َل ُم َأ ْي َن َو َض ُعو ُه!»َ .ف َخ َر َج ُب ْط ُر ُس َوال ِّت ْل ِم ُ َّ
اآلخ ُريذ َ ِ ِ ِ
َان اال ْثنَان َي ْرك َُضان َم ًعاَ .ف َس َب َق ال ِّت ْلم ُ اآلخ ُر َو َأ َت َيا إِ َلى ا ْل َق ْب ِرَ .وك َ
َ
ان مو ُضو َع ًة ،و ِ
لكنَّ ُه َ ُب ْط ُر َس َو َجا َء َأو ًَّل إِ َلى ا ْل َق ْب ِرَ ،وان َْحنَى َفنَ َظ َر األَ ْك َف َ َ ْ
انان ُب ْط ُر ُس َي ْت َب ُع ُهَ ،و َد َخ َل ا ْل َق ْب َر َو َن َظ َر األَ ْك َف َ َل ْم َيدْ ُخ ْلُ .ث َّم َجا َء ِس ْم َع ُ
انَ ،ب ْل َان َع َلى ر ْأ ِس ِه َليس مو ُضو ًعا مع األَ ْك َف ِ َم ْو ُضو َع ًةَ ،وا ْل ِمن ِْد َيل ا َّل ِذي ك َ
َ َ ْ َ َْ َ
اآلخ ُر ا َّل ِذي َجا َء َأو ًَّل يذ َ َم ْل ُفو ًفا فِي َم ْو ِض ٍع َو ْحدَ ُهَ .ف ِحين َِئ ٍذ َد َخ َل َأ ْي ًضا ال ِّت ْل ِم ُ
َابَ :أ َّن ُه َينْ َب ِغي إِ َلى ا ْل َقب ِر ،ور َأى َفآمن ،ألَنَّهم َلم يكُونُوا بعدُ يع ِر ُف َ ِ
ون ا ْلكت َ َْ َْ ُ ْ ْ َ َ َ ْ ََ
َأ ْن َي ُقو َم ِم َن األَ ْم َوات.
ِ
Richard C. Carrier. «The Plausibility of Theft»., pp. 349- 352 ( ((5
William Lane Craig. «The Empty Tomb of Jesus». In Geivett, R. Douglas; Habermas,
Gary. In Defense of Miracles: A Comprehensive Case for God’s Action in History. Downers
Grove, IL: InterVarsity Press Academic. 1997., p. 259.
Gary R. Habermas, The Historical Jesus: Ancient Evidence for the Life of (((5
Christ. Thomas Nelson, Inc., 2008., p. 205
( ((5حوار مع تريفو اليهودي (ً 142
فصل) عبارة عن مناظرة مع يهودي معتدل طالب
للمعرفة ،التقى به يوستنيانوس في مدينة أفسس .وقد استغرقت هذه المناظرة يومين.
ويوستنيانوس هو الذي جمع الدياطيشرون.
423 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
في الليل من القبر حيث كان مسجى بعد أخذه عن الصليب ،وأنهم اآلن
يخدعون الناس بالقول إنه قام من بين األموات وصعد إلى السماء».
وثمة رواية لعلها غريبة نو ًعا ما ،ذكرها ترتليان( ((6تقول إن من
بين االحتماالت أن يكون البستاني هو من سرق الجثة حفا ًظا على
المزروعات من أن تفسدها كثرة الزائرين للقبر .ومع أن ما ذكره ترتليان
قد يكون بهدف السخرية من مزاعم سرقة الجثمان إال أننا نجد ما يماثله
في إنجيل يوحنا كما في الدياطيشرون.
نقرأ في إنجيل يوحنا(:((6
ِ ِ اب بِ ٍ ِ ال َك ْي ِن بِثِ َي ٍ
اآلخ َر س َو َ الر ْأ ِيض َجال َس ْي ِن َواحدً ا عنْدَ َّ َفنَ َظ َر ْت َم َ
وع َم ْو ُضو ًعاَ .ف َقاالَ َل َهاَ « :يا ا ْم َر َأةُ، الر ْج َل ْي ِنَ ،ح ْي ُث ك َ ِ
َان َج َسدُ َي ُس َ عنْدَ ِّ
لِ َما َذا َت ْب ِكي َن؟» َقا َل ْت َل ُه َما« :إِن َُّه ْم َأ َخ ُذوا َس ِّي ِديَ ،و َل ْس ُت َأ ْع َل ُم َأ ْي َن
وع َو ِاق ًفاَ ،و َل ْم ِ
هذا ا ْل َت َفت َْت إِ َلى ا ْل َو َراءَ ،فنَ َظ َر ْت َي ُس َ َو َض ُعو ُه!»َ .و َل َّما َقا َل ْت َ
وعَ « :يا ا ْم َر َأةُ ،لِ َما َذا َت ْب ِكي َن؟ َم ْن َت ْط ُلبِي َن؟» وعَ .ق َال َل َها َي ُس ُ َت ْع َل ْم َأ َّن ُه َي ُس ُ
ْت َقدْ َح َم ْل َت ُه َف َظنَّ ْت تِ ْل َك َأ َّن ُه ا ْل ُب ْستَانِ ُّيَ ،ف َقا َل ْت َل ُهَ « :يا َس ِّيدُ ،إِ ْن ُكن َْت َأن َ
وعَ « :يا َم ْر َي ُم» َفا ْل َت َفت َْت تِ ْل َك
آخ ُذ ُه»َ .ق َال َل َها َي ُس ُ َف ُق ْل لِي َأ ْي َن َو َض ْع َت ُهَ ،و َأنَا ُ
«ر ُّبونِي!» ا َّل ِذي َت ْف ِس ُير ُهَ :يا ُم َع ِّل ُم. َو َقا َل ْت َل ُهَ :
أيضا أن مريم بعد أنوفي الدياطيشرون الذي جمعه تاطيانوس نقرأ ً
افترضت أن يكون الواقف أمامها هو البستاني سألته ماذا فعل بالجثمان
ما يعني ظنها أن يكون عنده دافع لنقل الجثمان( .((6وقد رأينا ساب ًقا كيف
أن التلمود (توليدوث يشوع) يقول إن بستان ًيا اسمه يهوذا نقل الجثة ً
أول
ً
سجال بين اليهود ثم باعها لكهان اليهود .ومع أن هذا النص يعكس
والمسيحيين إال أنه يشير في الوقت عينه إلى أن الناس في ذلك الزمن
وجدت فرضية سرقة البستاني للجثة معقولة برغم عدم وجود دافع
معروف لنا حتى اليوم(.((6
وهناك رواية مهمة أخرى تتعلق بوجود حراس من اليهود على
القبر .وقد وردت بداية في إنجيل متى(:((6
ً
تأويل يعطي مصداقية لفرضية الزلزال ووقوع جثة عيسى في اللحظة
جب غميق:
ول َلك ُْم :إِ ْن َل ْم َت َق ْع َح َّب ُةفي إنجيل يوحنا َ 24 :12ا ْل َح َّق ا ْل َح َّق َأ ُق ُ
َت ت َْأتِي بِ َث َم ٍر ض وتَم ْت َف ِهي َتب َقى وحدَ ها .و ِ
لك ْن إِ ْن َمات ْ َ ْ َ ْ َ َ
ِ ِ ِ
ا ْلحنْ َطة في األَ ْر ِ َ ُ
كَثِ ٍير.
ويقول بولس في الرسالة األولى إلى أهل كورنثوس ،اإلصحاح
:38-36 :15
يا غبي الذي تزرعه ال يحيا إن لم يمت والذي تزرعه لست
تزرع الجسم الذي سوف يصير بل حبة مجردة ربما من حنطة أو أحد
جسما كما أراد و لكل واحد من البزور جسمه.
ً البواقي ولكن الله يعطيها
وكان لهذه الفرضية أنصار كبار في العصر الحديث .ففي القرن
الثامن عشر تبنى العالم الروحاني والعقالني األلماني الراديكالي جون
إدلمان ( )1746فرضية أن يكون الزلزال المذكور في األناجيل قد دفن
الجثة في باطن األرض ما جعل من المستحيل إيجادها( .((7وفي مطلع
(Joh. Chr. Edelmann. Abgenöthigtes, jedoch Andern nicht wieder aufgenöthigtes ((7
Glaubens-Bekenntniß. (Abandoned, but not another renounced faith confession) (1746), p.196,
translation of the German text.
429 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
وكان أوريجينوس فسر زلزال متى بأنه حدث تاريخي وإنما محلي
محدود بأرض اليهودية (الضفة الغربية في فلسطين) .وقد أكدت
الدراسات العلمية وقوع زلزال بقوة 6.3درجة في السنوات ما بين 26
و 36أي زمن حياة عيسى بحسب الكنيسة(.((7
(Rudolph Steiner. The Fifth Gospel: From the Akashic Record. Rudolf Steiner ((7
)Press; 3rd edition, 1985. (The original german print: Das Fünfte Evangelium, 1913
R. Seeberg, Christliche Dogmatik. see Dale C. Allison, «Studies in Matthew: (((7
Interpretation Past and Present». Baker Academic. 2005., p. 89
(Jefferson Williams, Markus Schwab and A. Brauer. An early first-century ((7
earthquake in the Dead Sea. International Geology Review. July 2012., pp. 1–10
Holger Kersten: Jésus a vécu en Inde. Garancière (France) 1987 ( ((7
برنابا وأناجيل أخرى 430
الزارع والبذور .وقد أورد المولوي محمد علي هذا التعليق في تفسير
اآلية الكريمة «وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار
ومعين» وأورد تعلي ًقا يقرب منه في تفسير قوله تعالى «إني متوفيك
إلي» وغيرها من اآليات التي تناولت حياة عيسى بن مريم»(.((7
ورافعك ّ
كما كتب الشيخ عبد الوهاب النجار« :يوجد رأي في في مسألة
المسيح جاء به غالم أحمد القادياني ،وهو من بلدة قاديان في الهند .قال:
إن المسيح أنجاه الله من كيد اليهود فذهب إلى بالد الهند واستقر في بلدة
كشمير في شمال الهند بسفح جبال همااليا ،وأقام هناك إلى أن وفاه أجله
و ُدفن في تلك البالد بقرب بلدة سرنجار وله قبر معروف .هذا الرجل
أدعى أنه المسيح الموعود بمجيئه .ولكن كيف يكون هو المسيح ،وهو
معروف بأنه غالم أحمد القادياني ،معروف النسب ومعروف األسرة؟
فذهب إلى تأويل األمر ،على أن المسيح مات وال يمكن أن يأتي ،ولما
كانت األحاديث دالة على أنه سيأتي في آخر الزمان .قال :أنا المسيح
بمعنى أني آت بهديه وتعاليمه من بث السالم والرحمة والتعاطف
والمحبة ...وفي رأيي أن دعواه مجئ المسيح إلى الهند أمر يحتاج إلى
ظهورا
ً بحث واف وتحقيق دقيق ،وال يمكن تصديقه إال بظهور األمر
بينًا وثبوته ثبوتًا قاط ًعا لكل شبهة ،ولو ثبت ذلك ما أفاده شي ًئا ،ألننا إذا
تمشينا مع األحاديث وجدنا فيها عالمات منها أنه يقتل الدجال ..وهذا
لم يحصل من ذلك الرجل»(.((7
( ((7عباس محمود العقاد« :حياة المسيح في التاريخ وكشوف العصر الحديث» .دار
نهضة مصر للطباعة والنشر .القاهرة .1953ص ،192-191
ونجد النص نفسه وحرف ًيا عند عباس محمود العقاد« :عبقرية المسيح» .سلسلة
العبقريات .كتاب اليوم .القاهرة .1953ص215
( ((7الشيخ عبد الوهاب النجار« :قصص األنبياء» .دار إحياء التراث العربي .بيروت.
ط .3الت .ص 427
برنابا وأناجيل أخرى 432
( ((7د .محمد إبراهيم الفيومي :الفكر الديني الجاهلي .دار المعارف .ط 3سنة
1982م .ص .168 ،167 ،149 ،148
( ((8العقاد :حياة المسيح .ص.192-191
(«Barlaam and Josaphat: «a Christian adaptation of tales about the Buddha». The ((8
New Encylopoedia Britannica. vol. 22. 15 ed., p. 473.
( ((8المرجع السابق المجلد .15ص .276
( ((8دائرة المعارف اإلسالمية .نقلها إلى العربية :أحمد الشنتاوي وإبراهيم خورشيد
وعبد الحميد يونس .دار المعرفة للطباعة والنشر .بيروت .الت .الجزء الثامن .ص .8
( ((8مجلة المسرة .عدد .586حزيران/يونيو .1973ص .543
نجيب العقيقي :المستشرقون .ط .4دار المعارف .1965جـ .1ص 378
أيضا كتاب بعنوان «بوذا والبوذية في التقاليد اإلسالمية»
كما أن لجماريه ً
(Daniel Gimaret. Le Livre de Bilawhar et Budasf selon la version arabe ((8
433 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
نسخة لم تترجم بعد بكاملها إلى العربية ولكنها انتشرت بقوة بفضل
ترجمة محمد باقر المجلسي (ت )1699 :لها إلى الفارسية .كما أن
أيضا نسخة عربية لنص بهلوي كانت صيغته ترجمة المجلسي تضمنت ً
العربية المسماة آداب بزرجمهر ال ترجع إلى أبعد من العام 750م .ورأى
جماريه أن هذه النسخة اإلسماعيلية فائقة األهمية لدراسة كيف تحولت
الحكاية البوذية إلى نص إسالمي رائع ثم إلى نص مسيحي صار فيما بعد
جز ًءا من «تاريخ شهداء المسيحية» حيث تجعل الكنيستان الكاثوليكية
واألرثوذكسية يوم 27نوفمبر عيدً ا للقديسين برالم ويوشافاط ،من دون
أن يكون هناك أي دليل على وجودهما التاريخي.
-9ق�صة برالم ويو�شافاط في التقليد الم�سيحي
برالم Barlaamويوشافاط Joasaphatهما شهيدان مسيحيان
أسطوريان ،ربما استندت قصتهما في نهاية المطاف على حياة بوذا؛
حيث تروي األسطورة كيف أن الملك الهندي أبنر Abennerقام باضطهاد
الكنيسة المسيحية في مملكته .وعندما تنبأ المنجمون أن ابنه يوشافاط
سيصبح في يوم من األيام مسيح ًيا ،قام الملك بسجن األمير الشاب،
حيث التقى بالناسك «القديس» برالم وتحول إلى المسيحية .بعد الكثير
من الفتن قبل والد األمير الشاب المسيحية ،ونقل عرشه البنه ،وذهب
إلى الصحراء ليصبح ناسكًا .ثم تنازل يوشافاط في وقت الحق عن
الحكم وذهب في عزلة مع أستاذه القديم برالم.
اعتبر ولفرد كانتويل سميث أن القصة تستمد أصولها من حكاية
سنسكريتية من القرن الرابع للبوذية المهايانية ،bouddhisme Mahayana
انتقلت من ثم إلى المانوية ووجدت لها ً
محل في التراث اإلسالمي من
خالل كتاب بلوهر وبوذآساف ،وهي قصة كانت منتشرة في بغداد في
القرن الثامن .وظهرت القصة في آداب الجماعات المسيحية في الشرق
435 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
(George Ratcliffe Woodward; Harold Mattingly: John Damascene, Barlaam and ((8
Ioasaph. London, W. Heinemann; New York, The Macmillan Co., 1914
E. A. Wallis Budge. Baralam And Yewasef: The Ethiopic Version of a Christianized
;Recension of the Legend of the Buddha and the Bodhisattva (1923). London. Kegan Paul.2004
Literary Licensing, LLC. 2013
Jean Marcel. Barlaam et Josaphat ou Le Bouddha christianisé, Lanctôt éditeur, coll.
PCL/Petite collection Lanctôt. Outremont, 2006
( ((8كتاب «(إكمال) أو (كمال) الدين و(اتمام) أو (تمام) النعمة في إثبات الغيبة
وكشف الحيرة» وهو من تأليف أبو جعفر محمد بن على بن الحسين بن موسى ابن بابويه
القمي -أشهر مؤلفي المائة الرابعة للهجرة قدم من خراسان إلى بغداد سنة 966م وتوفي بالري
سنة 991م.
( ((8كارل بروكمان« :تاريخ األدب العربي» .تعريب د .عبد الحليم النجار .ط 4دار
المعارف .القاهرة .1977جـ .3ص 104-103
برنابا وأناجيل أخرى 436
السريان النساطرة الذين رحلوا إلى الهند ،والراجح أن مادة القصة تعتمد
على أصل بوذي ...والذي نرجحه أنها نقلت من السريانية إلى اليونانية،
وأن الذي وضعها بالسريانية صقلها بالطابع المسيحي لكي توائم ذوق
الشعب الذي كتبت له .فلما ترجمت إلى اليونانية صقلت بالطابع
أيضا ،وعن اليونانية وصلت إلى العالم الغربي ،ثم نقلت إلى اليوناني ً
األرمينية والعربية والحبشية القديمة .و ُيعزى النص اليوناني إلى يوحنا
الدمشقي ،وهناك من يرى أنه يرجع إلى راهب فلسطيني اسمه يوحنا وأن
المؤلف عاش في أواخر القرن العاشر(.((9
المستشرق جماريه يرى أن القصة ظهرت قبل القرن التاسع
الميالدي .بينما يقول المستشرق هوروفتز « j. Horovtzلعل قصة برالم
اليونانية قد كتبت في فلسطين بدير ‘القديس سابا’ في النصف األول من
القرن السابع الميالدي»(.((9
أيضا أن أصل النص الذي ترجم إلى اليونانية عربي
وهناك من يرى ً
إسالمي منقول عن ترجمة بهلوية لقصة بوذية ،وأن أول ترجمة عربية
كانت في النصف الثاني من القرن الثامن الميالدي ،وكلها احتماالت
ضعيفة إذ إن أقدم نص سرياني لهذه القصة يرجع إلى القرن الخامس.
كما توجد رواية أو حكاية يهودية صدرت في القرن الثالث
عشر بعنوان «سفر بن ها-ملك وها-نظير» ،أي كتاب األمير/الملك
والراهب ،أو الناسك المتعبد أو الدرويش الصوفي»( .((9وهذا الكتاب
( ((9مراد كامل وآخرون« :تاريخ األدب السرياني» .دار الثقافة للطباعة والنشر.
القاهرة .ط 2سنة .1979ص.177-172
( ((9دائرة المعارف اإلسالمية .الجزء الثامن .ص 100و ،101ومجلة المسرة
ص.543
(Sefer ben ha-melekh we-ha-nazir or Book of the Prince and the Ascetic. Le Livre ((9
du roi et de l’ermite
437 املسيح يف الهند نظريات وفرضيات:الباب السابع
(J. Sadan, «Le mort qui confessa ses méfaits au vivant: Fables enchâssées entre l’arabe
et l’hébreu dans Barlaam et Josaphat», D’Orient en Occident: les recueils de fables enchâssées
avant les Mille et une nuits de Galland (Barlaam et Josaphat, Disciplina clericalis, Calila et
Dimna, Roman des Sept Sages), ed. M. Uhlig and Y. Foehr-Janssens, Turnhout, Brepols, 2014,
p. 231-258)
The Prince and the hermit (S. L. Albert, «The Hebrew Barlaam and Joasaph: An
experiment in Jewish adab?», ed. F. Bauden, A. Chraïbi, A. Ghersetti, Répertoire narratif
arabe médiéval, transmission et ouverture. Actes du Colloque international (Liège, 15-17
septembre 2005), Geneva, Droz, 2008, p. 273-285)
Constanza Cordoni, « The Book of the Prince and the Ascetic and the transmission of
wisdom », Cahiers de recherches médiévales et humanistes, 29 | 2015, 43-69.
For an overview on the Sefer ben ha-melekh in particular see art. «Ben Ha-Melekh Ve-
Ha- Nazir», Encyclopaedia Judaica. ed. M. Berenbaum and F. Skolnik, 2nd ed. Vol. 3. Detroit,
Macmillan Reference USA, 2007, p. 351
G. Tamani, «La tradizione ebraica della leggenda di Barlaam e Iosafat», Il viaggio dei
testi. III Coloquio Internazionale Medioevo Romanzo e Orientale Venezia, 10-13 ottobre 1996,
ed. A. Pioletti, Soveria Mannelli (Catanzaro), Rubettino, 1999, p. 393-400;
A. Schippers, «The Hebrew Maqama», Chapter 8 of J. Hämeen-Anttila, Maqama. A
History of a Genre, Wiesbaden, Harrassowitz, 2002, p. 302-327.
انظر عنه في كتاب جماريه
D. Gimaret, Le Livre de Bilawhar et Būdāsf selon la version arabe ismaélienne, Geneva,
Droz, 1971, p. 47
The online catalogue of the National Library of Israel: ((9(
Sefer ben-ha-melekh: Amsterdam, M. H. Gans Samml., 25 (1590), Budapest, Magyar
tudomanyos akademia, Kaufmann 528 (1358), Cambridge, Univ. Libr., Add. 507,2 (ifteenth-
sixteenth cent.), Cambridge, Trinity College, R 8 23 (sixteenth cent.), Cincinatti, Hebrew
Union College, 308 (sixteenth cent.), Firenze, Bibl. Medicea
Laurent., Plut. I.19 (ifteenth-sixteenth cent.), Hamburg, Staats- und Universitätsbibl.,
Levy 108 (eighteenth-nineteenth cent.), Jerusalem, The Israel Museum, 21.51.180 (fourteenth
cent.), Jerusalem, Ha-Rav Sassoon, Ha-Pisga, Sassoon Samml., 695, (seventeenth cent.),
Jerusalem, Schocken Institute for Jewish Research, 5386 (nineteenth cent.), London, Brit.
Libr., Or. 1485 (fourteenth-ifteenth cent.), London, Monteiori Library,
277 (seventeenth-eighteenth cent.), Moskow, Staatsbibl., Guinzburg 273 (1465),
Moskow, Staatsbibl., Guinzburg 166 (1433), Moskow, Staatsbibl., Guinzburg 338 (ifteenth
cent.), New York, Jew. Theol. Sem., 1509 (1727), New York, Jew. Theol. Sem., 1499 (s.a),
New York, Manfred and Anne Lehmann Foundation, D 134 (Fragment) (seventeenth cent.),
Nürnberg, Stadtbibl., Cent. S. App. 35 (s. a.), Oxford, Bodl. Libr., Hunt 225 (14th – 15th
cent.), Paris, Bibl. Nat., Hebr. 775 (fourteenth-ifteenth cent.), Paris, Bibl. Nat., Hebr.
برنابا وأناجيل أخرى 438
وملخص القصة أنه كان بأرض الهند ملك كبير يحب الدنيا ويعمل
جاهدً ا لها ،ويكره الزهد ويحرق الزاهدين ،فلما كان ذات يوم سأل
عن رجل من خاصته ،فقيل له إنه زهد في الدنيا ،فعظم عليه ،أرسل
في طلبه .فلما مثل بين يديه ،أنكر عليه الملك إهالكه لنفسه ومفارقته
ألهله ،فأجابه الناسك بأن الدنيا إلى فناء ،فحياتها موت وغناها فقر،
وفرحها حزن ،وشبعها جوع ،وصحتها سقم ،وقوتها ضعف ،وعزها
ذل ،ولذتها ألم ،وأنها الصاحب المؤذي ،والطريق المهلك ،والمركب
الخشن ،تجمع لصاحبها األغاني والمضحكين والمادحين ،ثم تجمع
عليه النوائح والباكين والنادبين ،واستمر الناسك على ذلك يصف الدنيا
وأهلها في حديث طويل ،وما انتهى منه حتى سأل الملك هل يريد أن
يصف له اآلخرة ،فلم يكن جواب الملك إال أن جازاه بالشقاء والحرمان،
وطرده من مملكته .ويدور الفلك ويرزق الملك بغالم بعد يأس ،فيجمع
المنجمين والعلماء فيبلغونه أن هذا المولود سيبلغ مرتبة لم يبلغها ملك
من ملوك األرض ،وأنه سيكون إما ًما في النسك .فيشيع الحزن والبؤس
في نفس الملك من أجل ذلك ،ولكنه يطرق حينًا ثم يأمر فإذا مدينة قد
أخليت ممن فيها ،وإذا بين يديه جماعة ممن نبغوا في التربية ،وإذا هو
بأل يذكر أحدهم يلقي إليهم بأنه سيعهد إليهم بولي العهد ويوصيهم ّ
شي ًئا عن الموت أو اآلخرة ،أو الدين والزهد ،وال أن يسمحوا لبصره أن
1283 (1423), Parma, Bibl. Palat., Parm. 2486 (1319), Parma, Bibl. Palat., Parm. 3025
(fourteenth cent.), Parma, Bibl. Palat., Parm. 2461 (fourteenth-ifteenth cent.), Parma, Bibl.
Palat., Parm. 2297 (fourteenth cent.), Rochester, Abraham Karp [56] (fragment) (s. a.), Rom,
Bibl. Casanatense, 3126 (fourteenth cent.), St. Petersburg, Russ. Nationalbibl., Evr. II.A.544
(fragment) (ifteenth cent.), Tel Aviv, Shaar-Zion Library at Beit Ariela, 1(1739). Numerous are
also the Sefer’s early prints which comprise Constantinople 1518, Mantua 1557, Wandsbek
1727, Frankfurt an der Oder 1766, 1791, Ofenbach und Fürth 1783, Zhovkva 1795, Livorno
1831, Zhytomyr 1850, 1873 u. 1877, Lviv 1870, Warsaw 1870, 1884, 1889, 1894, 1902, 1922,
(after) 1925, Jerusalem 1907. See: Calders, El Príncepi el monjo, p. 59-60 and Tamani, «La
tradizione ebraica», p. 396-397.
The online catalogue Israel Union List lists 20 editions for the nineteenth and twentieth
centuries.
439 الباب السابع :املسيح يف الهند نظريات وفرضيات
يقع على شئ مادي تستفاد منه هذه المعاني .وينظر الملك فإذا للنساك
منزلة في قلوب الناس ،ولكنه ال يطمئن لذلك ،ويأمر بنفيهم من بالده،
ويتوعدهم بالقتل ،فأخذوا في الهرب والتخفي .وكبر ابن الملك ونبت
فاضل ،ولكنه نظر فإذا أمره إلى جماعة وهم ً عالما
ً نباتًا حسنًا ،ونشأ
يحاصرونه في ذلك البلد وهو ال يفهم لذلك معنى ،فمال إلى واحد
كان يأنس إليه من هذه الجماعة وما زال به حتى استوضحه جلية األمر.
فكاشف أباه بأنه يرى في مقامه هذا ضي ًقا وسوء حال .ويتعلل األب بأنه
إنما يريد أن يبعد عنه األذى حتى ال يرى وال يسمع إال ما يسره .ولكنه
رأى أن حبسه لن يزيده إال إغراء ،فأمر المربين أن يخرجوا به إلى ظاهر
المدينة وأن يجنبوه النظر إلى ما يسوء .ولكنه سرعان ما يرى الشيخوخة
ويعلم أنها بداية طريق الموت .ثم يسأل عن طول الطريق التي تنتهي
بالمرء إلى هذه الخاتمة ،فيعلم أنه مهما طال فلن يجاوز المائة عام .ثم
يتدبر األمر فيرى األيام تمر سرا ًعا ،وأن األجل غير طويل ،وأن األمر لغير
ما نشتغل به .فانصرفت نفسه عن الدنيا ،ثم سأل فعلم أن هناك جماعة هم
النساك يختلف شأنهم عن عامة الناس ،يرفضون الدنيا ويطلبون اآلخرة،
ولكنه يعلم أن الناس يعادونهم وأن الملك أباه قد نفاهم وأحرقهم بالنار.
تقول القصة إن أمر ابن الملك قد اشتهر حتى بلغ ناسكًا اسمه
برالم ،فسار حتى بلغ المدينة التي يقيم فيها وخلع لباس الناسك
ولبس ثياب التجار واحتال حتى وصل البن الملك ،وما زال به يشبه له
الناسك بتابوت النار المملوء بالذهب ظاهره غث وباطنه ثمين ،ويشبه
له المتزينين من األشراف بتابوت الذهب المملوء بالجيفة القذرة النتنة،
ثم ما زال به يضرب له األمثال عن الدنيا وغرور أهلها بها وما هم عليه،
وعن صاحب الدنيا المغرور فيها بما ال ينفعه ،ويصف له الحكمة .وابن
الملك منصت يستزيده ويتمنى لو يسمع أبوه شي ًئا من هذا الكالم .وهو
مع هذا مشفق عليه متوجع له .ثم أخذ الناسك يوضح له الفرق بين
برنابا وأناجيل أخرى 440
النساك وعبادة األصنام ولم يزل برالم يتردد على ابن الملك أربعة أشهر
وهو يغذيه بلبان الحكمة ويدني نفسه إلى الزهد في الدنيا .وفي يوم زعم
برالم أن له عيدً ا يريد أن يحضره مع أصحابه .فقال له ابن الملك :أنا
علي
أخرج معك .فقال له برالم :إن خروجك معي فيه تحريض للملك ّ
وعلى أصحابي ،وإن بقاءك عند الملك يك ّفه عن أهل الدين ،وفي ذلك
عبادة لك .وخرج برالم بعد أن تعاهدا على أن يرجع البن الملك قبل أن
يحل الحلول»(.((9
وبمقارنة هذه القصة بقصة اهتداء بوذا( ((9نرى الشبه الكبير للغاية ما
جعل الكثيرين من الباحثين يحاول فهم الصلة بين عرب الجاهلية والهند
القديمة ليجد جذور القصة .فقد ارتبطت الهند مع البالد العربية بعالقات
قوية على مر العصور« ،وكانت السفن الهندية تتردد من ساحلها الغربي
إلى مواني الخليج العربي منذ أقدم العصور .وفي هذا العصر أصبح ميناء
باريغازا Barygazaعلى الساحل الغربي الهندي همزة الوصل بين الهند
والخليج العربي .وكان هذا الميناء على مقربة من بومباي ،ولذلك كان
يربط بينه وبين وسط الهند وشمالها طرق برية آمنة ممتدة»( .((9وقد كان في
شبه الجزيرة العربية أصنام منها «أساف» وهو صنم من أصنام مكة ،يذكر
( ((10حامد عبد القادر :بوذا األكبر .مكتبة نهضة مصر .1957ص .158-157
أيضا :محمد غالب «التصوف المقارن» .مكتبة نهضة مصر .الت ،.ص .55-54وانظر ً
برنابا وأناجيل أخرى 444
الشام ومات بها ...من هنا نرى أن غولدزيهر على حق حين يقول« :إن
أميرا تخلى
قصة إبراهيم بن أدهم تشبه قصة بوذا نفسه ،فكالهما كان ً
عن إمارته ،ثم سلك مسلك التبتل والتعبد» .فهل كان إبراهيم على علم
بقصة بوذا ألنه بلخي ،وبلخ عاصمة بختر (باكترا القديمة) القريبة جدً ا
من مسقط رأس بوذا»(.((10
نائما في غرفته ذات
«وتذكر رواية أخرى أنه وهو أمير في بلخ كان ً
ضجيجا ووقع
ً نائما فوق سطح هذه الغرفة فسمع
ليلة ،وكان الحارس ً
أقدام فوق السقف ،فسأل عن مصدر هذه الجلبة ،فأطلت كائنات من
نوافذ الغرفة وأجابته قائلة :إننا نبحث عن إبل .فسأل إبراهيم ً
قائل:
وهل يبحث عن إبل فوق السقف؟ فأجابته األشباح قائلة :وأنت كيف
تحاول االتصال بالله وأنت جالس فوق العرش .فأثرت هذه العبارات
تأثرا دفعه إلى مغادرة قصره وهجران ثروته .ومنذ ذلكفي نفس األمير ً
العهد انقطع عن العالم وتفرغ للعبادة والتأمل في مصنوعات الله حتى
هذه من أجالء الصوفية ...هذه هي الصورة التي قدمتها إلينا األساطير
عن إبراهيم بن أدهم ...تلك األساطير التي تشبه أساطير بوذا ،بل لعلها
مأخوذة منها»(.((10
الخاتمة
الحق بحسب فلسفة ّ نفهم من معنى اإلشراق إذن أنه المعرفة
اإلشراقيين أو المشرقيين ،وتحصل هذه المعرفة عن طريق النور الذي
الحق ،وهذا العقل يمثله الحكماء
يمنحه العقل الهادي إلى طريق المعرفة ّ
يتحررون من الما ّدة ،وتصعد
ّ المطهرون المقدّ سون ألَّنهم
ّ األصفياء
السماء ،في حين تندمج أجسامهم مع جسم كوكب نفوسهم النّاجية إلى ّ
من الـكواكب ،وتبقى النّفوس األخرى تعيش في غربة؛ ألنّها حبيسة
((( محمد غالب :التنسك اإلسالمي ،منشؤه ،وتطوره ،ومذاهبه ورجاله ،المجلس
األعلى للشؤون اإلسالمية ،مصر ،د.ت ،ص 112
برنابا وأناجيل أخرى 446
الما ّدة أي الجسد ،وال يمكن أن تتخ ّلص من هذه الغربة إال ّ إذا تخ ّلصت
المهتمين بهذا
ّ من ربقة الما ّدة ،والتحقت بالعالم العلوي .يذهب أغلب
أن أصوله ترجع إلى الفلسفة الهرمس ّية ،وهي في الفكر اإلشراقي إلى ّ
أصلها فلسفة تقوم على ر ّد الفعل ضدّ العقالن ّية األرسط ّية ،ولها امتداد
السهروردي المقتول (ت /587 محمد غالّب عن ّ
(((
ّ على ما يذكر
«وجدت في فارس القديمة 1191م) في كتابه «حكمة اإلشراق» ،إذ ُ
طائفة أخرى غير طائفة المجوس ،كانت تتلقى الهداية من الله ،الذي
كان يرشد حكماءها األجالء ،وكان مذهب النور الذي تدين به قد شهد
السهروردي من جديد متب ًعا ثم بعثه ّبه هرمس وفيثاغورس وأفالطونّ ،
لتأصيل هذه الفلسفة اآلية 35من سورة النور»:
ٍ ِ ِ ض م َث ُل ن ِ ِ ِ ﴿ال َّله نُور السم ِ
اح ُوره كَم ْشكَاة ف َيها م ْص َب ٌ اوات َو ْالَ ْر ِ َ ُ ُ َّ َ َ
َب ُد ِّر ٌّي ُيو َقدُ ِم ْن َش َج َر ٍة ُم َب َارك ٍَة اج ُة ك ََأن ََّها ك َْوك ٌ
الز َج َاج ٍة ُّ
اح في ُز َج َ
ا ْل ِمصب ِ
ْ َ ُ
ِ ٍ ٍ ِ ٍ
ُور َع َلى َار ن ٌَز ْيتُونَة َل َش ْرق َّية َو َل َغ ْربِ َّية َيكَا ُد َز ْيت َُها ُيضي ُء َو َل ْو َل ْم ت َْم َس ْس ُه ن ٌ
َّاس َوال َّل ُه بِك ُِّل َش ْي ٍء
ُور ِه َم ْن َي َشا ُء َو َي ْض ِر ُب ال َّل ُه ْالمثال لِلن ِ ُور َي ْه ِدي ال َّل ُه لِن ِ
ن ٍ
يم﴾ ِ
َعل ٌ
وهو يخاطب (((
وتتأسس الفلسفة اإلشراق ّية على رؤيا هرمس
ّ
يحتل مرتبة اإلله المتعالي. بوامندريس ،العقل الكلي المهيمن ،الذي
أن هرمس عرف مصدر وجود اإلنسان الخ ّير ،وهو وفحوى هذه الرؤيا ّ
اإلنسان السماوي ابن الله الذي حقق خلوده في عالم النور واإلشراق،
في حين بقى مصير اإلنسان المشدود إلى جسمه رهين الموت ،إذ ذاك
حق لهذا الجسم أن يرجع إلى الطبيعة ،أي إلى الظلمة األولى .لقد ّ
تج ّلت فلسفة اإلشراق في أد َّب ّيات اإلسماعيلية من خالل نظرية (اإلمامة
والنبوة والوالية) عندهم ،إذ يذهب الداعي إبراهيم الحامدي (ت /557 ّ
السبعة من آدم إلىالنبوة ّ )1162في كتابه (كنز الولد) إلى ّ
أن أدوار ّ
القائم المنتظر ،يربطهم نور ساطع ،هو العمود الذي يصل اإلمام بخالقه،
يقول« :هو نور ساطع متصل بالنفوس الخ ّيرة ،...هو العمود الذي
يذكرون أنّه بين اإلمام وبين باريه ،عمود من نور ،مجرى الوحي على
ممر الدهور ،وطرفه الثاني بأيدي عبيده ،هو الحبل المذكور أن طرفه
بيد الله وطرفه الثاني بأيدي عبيده ،يدرك به ما في العالم العلوي وما في
العالم السفلي»(((.
وبعدّ ،
فإن أصول هذه الفلسفة المشرق ّية كانت في الحقيقة على يد ابن
وبخاصة في كتابه( :منطق المشرقيين) ،الذيّ سينا (427هـ1037 /م)،
قسم الوجود إلىخاصة في موضوع النّفس والمعاد .فبعد أن ّ شكّل رؤية ّ
أن النفس هي جوهر كل تال منها أدون من األول((( ،رأى ّعشرة عقولّ ،
روحاني ،يستعدّ للرجوع إلى ربه متى اكتسب المعارف التي تجعله م َلكًا
من مالئكته ،وال يتسنّى لها ذلك إال ّ متى انسلخت عن األبدان .يقول
ابن سينا« :وهذا هو رأي الحكماء اإللهيين والعلماء الربانيين ،ووافقهم
في ذلك جماعة من أرباب الرياضة وأصحاب المكاشفة ،فإنهم شاهدوا
جواهر أنفسهم عند انسالخها عن أبدانهم واتصالها باألنوار اإلله ّية»(((.
وهكذا يربط ابن سينا سعاد َة اإلنسان باتصال النّفس بالعقل الفعال،
كقوة الشمس إلى البصر ،وال يتسنّى ذلك إال ّإذا قوة ّالذي تفيض منه ّ
بالقوة إلى العقل
ّ استخدم اإلنسان البدن آلة تنقله من العقول التي هي
أن االستكمال التا ّمالعاقل بالفعل .يقول« :والذي عليه المشرقيون ّ
بالعلم ،إنّما يكون باالتصال بالفعل بالعقل الف ّعال ،ونحن إذا حصلنا
الملـكة ،ولم يكن عائق كان لنا أن نتّصل به متى شئنا ،فإن العقل الف ّعال
ليس َّم ّما يغيب ويحضر ،بل هو حاضر بنفسه ،وإنّما نغيب نحن عنه
باإلقبال على األمور األخرى ،فمتى شئنا حضرناه»(((.
((( أبو علي ابن سينا :النجاة مختصر الشفاء في الحكمة المنطق ّية والطبيع ّية واالله ّية،
األول
مراجعة ماجد فخري ،بيروت ،دار اآلفاق1985 ،م ،ص « ،334الوجود إذا ابتدأ من عند ّ
فأول ذلك درجة المالئكة ّ
ينحط درجاتّ : األول ،وال يزال
كل تال منه أدون مرتبة من ّ لم يزل ّ
نفوسا وهي ً تسمى
ثم مراتب المالئكة الروحان ّية التي ّ ً
عقولّ ، تسمى
المجردة التي ّ
ّ الروحان ّية
ثم
ّ آخرها، تبلغ أن إلى بعض من أشرف وبعضها السماوية، األجرام مراتب ثم ة،
ّ ّ ي العمل المالئكة
من بعدها يبتدئ وجود الما ّدة القابلة للصور الكائنة الفاسدة ،فتلبس ّأول شيء صور العناصر،
أخسأخس وأرذل مرتبة من الذي يتلوه ،فيكون ّ يسيرا فيكون ّأول الوجود فيها ّيسيرا ً ثم تتدرج ً ّ
ثم الناميات وبعدها الحيوانات ،وأفضلها ثم المركبات الجماديةّ ، ثم العناصرّ ،ما فيه الما ّدةّ ،
ومحصل لألخالق التي تكون بها ً عقل بالفعل، اإلنسان ،وأفضل الناس من استكملت نفسه ً
النبوة».
فضائل عملية ،وأفضل هؤالء هو المستعدّ لمرتبة ّ
((( أبو علي ابن سينا :رسالة في معرفة النفس الناطقة وأحوالها ،المطبعة الكاثوليكية،
بيروت ،د .ت ،.ص 31-30
((( ابن سينا :تعليقات على حواشي كتاب النفس :ألرسطو ،مكتبة النهضة المصرية،
،1945القاهرة ،ص 95
449 الخامتة
مرآة النفس إال على قدر ما تكون لها بواط ُن العقول محددة ومستعلية،
متطهرة ،صافية ،ن ِّيرة؟
ِّ ومشاعرها مرهفة ،وصفائح القلوب
مناسبة التأليف ...التعرف األصيل الداخلي ،بنظرة أبناء التوحيد
أنفسهم ،إلى معتقدهم وتوحيدهم .والمسالك الروحانية ،كالعقائد في
األديان والمذاهب ،هي وجهة نظر شخصية ،فردية داخلية ،subjective
أكثر منها وضعية في المعنى الغرضي للكلمة .وللراغب في التأليف فائدة
ومصلحة في أن ينظر إلى المعتقد ويعتبر المسلك من منطلق وجهة نظر
يصح له هذا
موحدً ا لكي َّمعتنقيه .واألصوب طب ًعا أن يكون هو ذاته مؤمنًا ِّ
التزاوج والتناغم ،في الفهم واإلدراك ،بين العقل والقلب ،بين العاطفة
وخيال التصور ،بين حدس الذهن وتوق اإلرادة .وفوق ذلك ،فإنه
يكون لمثل هذه المشاركة في التأليف والمبادلة المثمرة في الرأي بين
ُ
وتداخل هذه المواجهات الموحد والمؤرخ ،المؤ ِّلف والمتع ِّبد،
ِّ المؤمن
التقصي والتدقيق واستجالء الغامض، ِّ بعضا ،في سعي وتجاوب بعضها ً ُ
سليما واقع ًّيا ،أي حقيق ًّيا ،على مفاهيم المعتقد.
ً ما يلقي ضو ًءا
فريضة الوعظ وحدودها ...ونعتقد ،مخلصين في ذلك ،أن في هذا
التوجه والسعي واج ًبا يترتب على المشايخ والمسؤولين الروحيين ونفر ُّ
من المثقفين الذين تتوفر فيهم األمانة الروحية ويستطيعون الولوج في
مثل هذه األبحاث المفيدة الشيقة الدقيقة ،وأن عليهم أن يعكفوا على
يوحدوا جهودهم في التبيان هذه المشاركة في التأليف والعمل وأن ِّ
واالستطالع إذا أردنا أن نتجنب أو نتفادى قيام عزلة فكرية وفاصل
معنوي بين هؤالء المسؤولين الروحيين وبين رعيل من المثقفين بالعلم
ال أن نقوم بما نلتزم به ،دينًا ودنيا ،من العصري المادي ،وإذا شئنا فع ً
ومتطلبات
ُ واجب الضمير
ُ فروض الوعظ واإلرشاد والتنوير التي يحتِّمها
المعتقد ذاته .وكيف يتسنى لمن ال يعرف شي ًئا عن مبادئ دينه العامة أن
يتشخص في صورته ،وأن ينتسب َّ يسترشد به ،وأن ينطبع بقالبه ،وأن
451 الخامتة
كل حال ،حدَّ روح ًّيا -وحتى اجتماع ًّيا -إليه ،دون أن يتجاوز أحدٌ ،في ِّ
ما ال يحق كش ُفه إال للمتعبدين الصدِّ يقين والصالحين المحترزين ،أي
الجن واإلنْس إالَّ لِيعبدُ ِ
ون» [الذاريات ،]56أي َُْ َ «و َما َخ َل ْق ُت ِ َّ
للمريدينَ :
ِ
على حدِّ تعبير أحد كبار الصوفيين« :إالَّ ليعرفون» .على أن هذه المعرفة،
كما سبق وأشرنا ،نوعان :معرفة عقلية أو عبادة صورية ،وذوق عرفاني؛
أو كما كان يقول الشبلي« :المحب إذا لم يتكلم هلك ،والعارف إذا تكلم
صح توحيدُ ه ،و َمن هلك ».أو قوله ،رضي الله عنهَ « :من َط َل َبه به تعالى َّ
َط َل َبه بنفسه لم يصح له توحيد» ،على أنه وقف في مقام الدين .أما الطلبة
الخاصة المختارة والصفوة َّ األولى فهي منه إليه ،ال تستنفر إليها سوى
المتقربة ،كما روى ابن حضرويه -رضي الله عنه -عن أبي يزيد
مت أحدً ا من الناس إال دعوته إلى الله ثم ك َّلمتُه ،إال أبا البسطامي« :ما ك َّل ُ
يزيد :فإنِّي متى أردت أن أك ِّلمه دعوتُه من الله ثم ك َّلمتُه ».أو كما َو َر َد في
توحيد األوپنشاد الهندية:
اآلتمن [أي الذات الجوهرية] ال ُيكتنَه بالعقيدة ،وال َ ك َّ
ال إن هذا
بتقديم األضاحي ،وال بتعاليم كثيرة .ال يكتنهه إال الذي هو اختاره:
الخاصة [فقرة 3من ]III – 2بنعمة
َّ فاآلتمن هو الذي يكشف له طبيعتَهَ
المعرفة [فقرة 8من ،III – 1أوپنشاد ُمنداكا].
أو كما جرى على لسان الصوفيين وفي عرفهم(((:
غش َ
ـاشـا ستروا ولم ُيرا ِع اتِّصـاالً َ
كان َّ سار ُرو ُه فأ ْبدى ك َّلما ُ
من َ
سـر موال ُه وس ِّيده لم يأمنو ُه على األسرار ما َ
عاشا َمن لم َي ُص ْن َّ
َ
إيحاشـا مكـان األُن ِ
ْس َ كـان من َز َلـل وأبدَ لو ُه
وعا َقبو ُه على ما َ
ُنسب هذه األبيات إلى أبي المغيث الحسين بن منصور الحالج ،من قصيدة((( ت َ
األهوال أمانات عند أهلها من ديوان الحالج
برنابا وأناجيل أخرى 452
الفيدنتا ليس مذه ًبا على اإلطالق .الفيدنتا يعني غاية المعرفة.
أي دين ،بل يقول فقط هو الحق وحده ُّ
الدال على الحق .وهو ال ينازع َّ
ذهبت إليه أنت
َ لجميع المتد ِّينين« :يا صاحبي العزيز ،على قدر ما
بأي دين بعينه، على صواب .لك ْن رجا ًء ِ
ارتق أكثر ».الفيدنتا ال يختص ِّ
بل يستعلي عن األديان جمي ًعا ،وهو في الواقع غاية جميع األديان.
إن الفيدنتا وحده ،الذي يدوم بوصفه الخلفية ،هو الذي يهب الحيا َة
(((1
طرا.
لألديان َّ
المسلكان الرئيسيان للعرفان والتوحيد :وال يفوتنا أن نوضح أن
األولين وفي اآلخرين على حدٍّ
مسلك الحكمة والتوحيد المحض ،في َّ
سواء ،هو على نهجين في االقتراب من الكشف والسعي إلى نيل الحقيقة
األخيرة وفق تحديد مذاهب الحكمة القديمة:
-النهج أو الطريق «الكوني» ،Cosmogonic Wayأي التعرف إلى
الذات الجوهرية من خالل تحليل الكون ومفهوم الخالق والخليقة،
ارتفا ًعا من الكثيف إلى اللطيف ،ومن المفهوم الفكري لروح الكون،
نسميه المولى أو الله ،إلى الجوهر الفريد الساطع في ك ِّلية
ِّ الذي
برهمن أو الحق.
َ مجده:
تنزه
-النهج أو الطريق «المباشر» الذي يقصد التعرف إلى الحق َّ -
كل تنزيه واعتالء -من خالل اإلنسان ذاته ومن معراج الروح وتعالى عن ِّ
اآلتمن العظيم ،كما يسكن هذا َ اإلنسانية التي يسكنها الحق تعالى أو
كل ذرة من ذراته« .اعرف العالم بأسره ،إذا جاز لنا القول ،وينيرها كما ينير َّ
منقوشا على مدخل هيكل دلفي Delphiالشهير ً نفسك» ،على حدِّ ما كان
الشاعر في قوله:
ُ في يونان الحكماء األقدمين وفي حقيقة ما يع ِّبر عنه
ُبصـــر
ُ َ
فيــك َومــا ت َ
وداؤك منك وما تَش ُعـر َ
دواؤك َ
األكبر العالم وفيك ان َط َ
ـوى َ ـغير ِ
ُ ُ َزعم أنك ج ْر ٌم َص ٌ
وت ُ
(«Vedantam is not a system at all. Vedantam means the end of knowledge. It is ((1
Truth alone pointing to Truth. It has no quarrel with any religion. It only says to all religionists:
«Dear friend, so far as you have gone, it is all right. But please come higher still.» Vedantam
does not belong to any particular religion, but transcends all and is in fact the fulfillment of all
»religions. It is Vedantam alone, remaining as the background, which gives life to all religions.
)(Spiritual Discourses, p. 105
455 الخامتة
«Jivas, like waves in the sea, come into being, rise and fall, fight against each (((1
other and die.
»«Waves have their birth, life and death in the sea itself, jivas in the Lord.
برنابا وأناجيل أخرى 456
(Water can be reached straightaway from the wave by following the direct path. ((1
)If the way through the sea is taken, much more time is needed.» (Atma Darshan, p. 8
(Spiritual sadhakas are strictly enjoined by the Sastras «not to speak the naked ((1
truth to purely minded persons.» Truth suffers thereby. Such listeners interpret it in the
customary objective Relativity in which alone they live. They find it impossible to reconcile
the truth this way. So they begin to ridicule truth itself. This naturally drives them to perdition.
)You must try to avoid such a catastrophe at all cost.» (Spiritual Discourses, p. 102
457 الخامتة
العقل األدنى والعقل األرفع :أما «العقل» الذي نعني فليس هو
العقل في المعنى العادي للكلمة ،أي هذه الوظيفة التي تمكِّن من القياس
والمقارنة والتمييز والمحاكمة فيما بين أغراض الحواس ومعقوالت
الفكر ،ولالتصال بشؤون هذه الدنيا والتعاطي بأحوالها ،والتمكُّن من
تنوعها .إنما العقل المقصود هو العقل معالجة ظروف العيش على ُّ
األرفع :هذا الفيض اللطيف والصورة البسيطة النورانية المتج ِّلية في
كل حين ،وهذه األداة اإلشراقية الرفيعة ،Supreme Organonعلى حدِّ ِّ
تعبير بعض الحكماء األصيلين ،التي ترجع أحكا ُمها ،وتعود في تقييم
موازينها واستنتاج تمييزها وتحليل تجريدها وفصلها ووصلها وقطعها،
وتتنزل
إلى الحقيقة السرمدية ذاتها ،الكامنة في عين نفوسنا واختباراتهاَّ ،
منها.
يتوجه إلى الخارج ،ويسترشد في منطقه باختبارات فالعقل العادي َّ
أغراض الحواس وما تعكسه من معقوالت عن الدنيا ،في إدراكها وفي
مرآة الفكر والتذكُّر .وهذه األشياء واألغراض هي في دورة التبدل
والتحول الدائم؛ ولوال هذا التبدل والتغير لما كانت في الظاهر .أي أن
هذا العقل العادي يستهدي بنور الدنيا واختباراتها.
أما العقل األرفع فيستهدي ويستوعب بالحقائق الثابتة
وباالستطالعات األزلية المشرفة واالختبارات والتأ ُّمالت المتج ِّلية
من الجوهر الكامن في غالف العقل الظاهر ،أي عقلنا األدنى العادي،
ككمون النار في حجره:
هذا ،الشاهد على ِّ
كل شيء ،هذا ،نور ذاته،
في غالف العقل ،على الدوام يسطع(.((1
( ((1شري شنكاراتشاريا ،في وهج التوحيد ،ترجمة بيازيد (كمال جنبالط) ،الدار
التقدمية ،بيروت ،2011ص .4
برنابا وأناجيل أخرى 460
(« Parce que l’homme est aujourd’hui incapable de suivre la civilisation dans la ((1
voie où elle s’est engagée. Parce qu’il y dégénère. Fasciné par la beauté des sciences de la
matière inerte, il n’a pas compris que son corps et sa conscience suivent des lois plus obscures,
mais aussi inexorables, que celles du monde sidéral. Et qu’il ne peut pas les enfreindre sans
]…[ danger.
« L’attention de l’humanité doit se porter des machines et du monde physique sur le
corps et l’esprit de l’homme. Sur les processus physiologiques et spirituels sans lesquels les
machines et l’univers de Newton, d’Einstein n’existeraient pas. » (L’homme, cet inconnu, pp.
)VI-VII
برنابا وأناجيل أخرى 462
ارتباط مسالك العرفان :وفي رأينا أنه ال يمكن النظر إلى مسلك
ال عن مسالك الحكمة والعرفان المتقدمة في ال ومستق ًّالتوحيد منفص ً
أدوار التاريخ المعروف والمجهول ،التي عمرت بها حياة المؤمنين
األولين الموحدين في مصر الفرعونية القديمة ،وفي الهند وإيران وبالد
التيبت وما وراء الواحات ،وفي بابل وآشور ،وفي اليونان وفي جزر
البحر األبيض المتوسط وعلى انفراج شواطئه ،ثم بعد ذلك في اإلسالم،
مغاور البحر الميت
ُ مرورا بالنصرانية األولى وما قبلها فيما َّ
تكشفت عنه ً
في فلسطين ،وبالمذاهب العرفانية Gnosticismالتي انتشرت في كل صقع
من أصقاع العالم القديم.
أي زمان أو مكان ،عن االستطالع األخيرفالحكمة ال تنفصل ،في ِّ
للعقل ونزعته الجوهرية إلى معرفة مصدر انبثاقه وأصل ينبوعه ومعين
إبداعه .وال ينفصل هذا المسلك التوحيدي (أي الدرزي) بشكل خاص
عن التصوف العرفاني اإلسالمي والتح ُّقق الحنيف األصيل الذي استقى
هو ذاته مما سبقه في اختبار أرباب الحكمة والعرفان األقدمين .ففي
سر اجتناب الخطأ فيدرس هذه المصادر واستطالع كشفها يكمن ُّ
تكوين فكرة صحيحة عن المعتقد التوحيدي الدرزي.
نهج العقل والقلب هو التوحيد :ومطلب التوحيد هذا هو في منطق
وتقصيه وسيره واستطالعه .فالشعور (أي القلب) ِّ نهج العقل البشري
يطلب التوحيد والوحدة ،وال تطيب له السعاد ُة إال إذا غمرتْه غبط ٌة
واحدة ،متصلة ،عميقة ،دائمة ،ال تتبدل وال تتغير.
أيضا التوحيد والوحدة :وحدة التفسير ووحدة عقلوالعقل يطلب ً
جميع مظاهر الكون ،وال يرتاح من قلقه األزلي واستكشافه األبدي إال
إذا ح َّل ْت فيه وحد ُة التفكير وانسجام األسباب في فعلها األول وكانت له
نظر ٌة واحدة منسجمة إلى الكون.
463 الخامتة
تشوق
وبدهي القول إن هذه المعادلة األخيرة للوجود الظاهر ،التي َّ
أينشتاين إلى اكتشافها وتحديدها قبل وفاته بقليل ،ال تعود ،في هذا
المستوى األخير ،معادل ًة على اإلطالق ،ألن هذه الطاقات التي تنبثق
وتتنزل وتتج َّلى وتتفرع من هذا المرتكز الورائي الخلفي األخير ،ومن
َّ
عين أصالة الوجود -وال «عدم» في الوجود -تضيع وتضمحل وتندثر
وتذوب كما في ينبوعها ومصدرها وعينها ونقطة بروزها وكينونتها.
شاهد ،والناظر والمنظور إليه ،في الحقيقة
والم َ
إذ ذاك ،يتوحد الشاهد ُ
النهائية واالختبار األخير الذي تنتهي إليه جميع المعادالت.
اكتمال العلم بالعرفان وتوا ُفقهما :وبعد ،فيعتبون على الموحدين
خارجا ونزوالً وانحرا ًفا وعماهة،
ً ويأخذون عليهم ْ
إن هم لم ينجذبوا،
الحسي السحري المحيط بهمْ ،
وإن ِّ إلى هذه األشباح الظاهرة في الكون
هم أرجعوا بصيرتَهم إلى الباطن الخفي ،وتط َّلعوا ،في داخلهم وفي
جميع هذه المبدَ عات
ُ داخل األشياء ،إلى حيث هبطت من نقطة اإلبداع
المتسلسلة المتج ِّلية في سمط عقد النجوم وأكاليل المجرات ُّ
والسدُ م
وفي العوالم المجهرية المشعة ،الدائرة في أفالك الخاليا والذرات ،وفي
نور سماوات نفوسهم.
والسفحين،
َ فسبحان َمن جعل العارفين ،في الحقلين ،والمنط َلقين،
وفي الباطن والظاهر ،يتالقون ليصدحوا على «مآذن أفئدة قلوبهم» بنداء
الوحدة النابع الهادر من صميم هذا الوجود وثناياه بذلك النغم األزلي
العالم
ُ الذي بعث فيهم العشق والتوق في الحالتين ،والذي به ُو ِجدَ وكان
الظاهر والباطن على السواء -وهل ينفصل أحدهما عن اآلخر إال في
النوري -رضي الله عنه -قوله
ِّ منطق المحال؟ وسبحان َمن أوحى إلى
فسماها خل ًقا» -
فسماها ح ًّقا ،وك َّثف ذاته َّ
العجيب« :إن الله ل َّطف ذاته َّ
كل وصف وتشبيه. تعالى إبداعه عن ِّ
***
465 الخامتة
(«Awake, arise, and stop not, till the goal is reached» is the trumpet call of ((1
Vedanta.
«All religions serve human tastes and ignorantly multiply differences. But Vedantam
alone serves the changeless Truth and reconciles all differences without exception.
«The wise saying goes: When no two religions, mystics, yogins, scientists or
philosophers agree, no two sages have ever disagreed about the ultimate Truth.» (Spiritual
)Discourses, p. 410
المحتويات
ا�ستهالل 7 ----------------------------------------
الخاتمة 445----------------------------------------
445 -1هرمس والفلسفة اإلشراقية --------------------