Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 20

‫خطة البحث‬

‫مقدمة‬

‫المبحث األول ‪ :‬مؤشرات االقتصاد الكلى‬

‫المطلب األول ‪ :‬النمو االقتصادي في شرق آسيا‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مصادر النمو االقتصادي في شرق آسيا‬

‫المبحث الثاني‪ :‬السياسات االقتصادية الكلية‬

‫المطلب األول‪ :‬السياسات الصناعية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سياسات التوجه نحو الخارج‬


‫المطلب الثالث‪ :‬تعبئة الموارد المحلية‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬سياسات أخرى محفزة‬


‫المطلب األول‪ :‬سياسات القطاع الضريبي و المالي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االستثمار في الموارد البشرية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬سياسات التكنولوجيا‬
‫خاتمة‬
‫قائمة المراجع‬
‫مقدمة‬

‫اس تطاعت ال دول اآلس يوية تحقي ق قف زة تنموي ة كب يرة س واء ك ان ذل ك سياس يا‪ ،‬أو اقتص اديا‪،‬‬
‫اجتماعيا‪ ،‬بعد عقود من حكم السلطوية والتخلف في كافة المجاالت‪ ،‬مما جعلها نموذجا يحتذى به في‬
‫العدي د من ال دول المتطلع ة للتنمي ة‪ ،‬ومس ايرة ركب التق دم والنم و والتنمي ة خاص ة في ظ ل مي ل النظ ام‬
‫الع المي تجاه القارة اآلس يوية‪ ،‬فض ال عن أن القارة تشهد ص عودا عاما وصعودا ص ينيا بشكل خ اص‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يمكن القول إن القرن الحادي والعشرين أضحى أن يكون آسيويا‪.‬‬

‫إن ال دول اآلس يوية ال تي حققت تق دما ه ائال في التنمي ة ب دأت من أرض ية ش ديدة الفق ر‪ ،‬فالياب ان‬
‫خ رجت من الح رب العالمي ة مهزوم ة وبال م وارد طبيعي ة والص ين ع انت وض عا سياس يا واقتص اديا‬
‫ص عبا‪ ،‬فض ال عن دخ ول البالد في ح رب أهلي ة وث ورة ثقافي ة اس تغرقت ‪ 10‬س نوات‪ ،‬كم ا أن الهن د‬
‫خض عت لالحتالل البريط اني أم ا كوري ا الجنوبي ة‪ ،‬فك انت دول ة ش ديدة التخل ف‪ .‬ففي ع ام ‪ ،1948‬ك ان‬
‫متوسط دخل الفرد يصل إلى ‪ 87‬دوالرا ‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مؤشرات االقتصاد الكلى‬

‫يعت بر االقتص اد األس يوي من االقتص اديات س ريعة التط ور حيث في خالل م دة زمني ة قص يرة‬
‫تح ولت البل دان وخاص ة بل دان ش رق أس يا من نامي ة إلى بل دان غني ة وذات مع دالت نم و س ريعة على‬
‫مختلف القطاعات االقتصادية‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬النمو االقتصادي في شرق آسيا‬

‫كان األداء االقتصادي القتصاديات شرق آسيا مذهال حيث عرف الناتج الداخلي الخام الحقيقي‬
‫في االقتص اديات حديث ة التص نيع ( ‪ )Newly-Industrialized Economies NIES‬كهون غ كون غ‪،‬‬
‫س نغافورة و ت ایوان نم وا س ريعا و مرتفع ا ي تراوح م ا بين ‪ 7‬إلى ‪ %10‬س نويا في المتوس ط و تص نيعا‬
‫س ريعا على م دار ثالثين عام ا ب الالءا من أوائ ل الس تينات‪ .‬كم ا تم تحقي ق مع دالت نم و لنص يب الف رد‬
‫يتجاوز نسبة ‪ . %6.4‬ففي تايوان‪ ،‬ارتفع نصيب الفرد من ‪ GDP‬عشرة أضعاف منذ عام ‪ ،1960‬كما‬
‫أن بلدان ‪ NIES‬كمجموعة ارتقت بشكل سريع من رتبة البلدان النامية إلى رتبة البلدان المتقدمة‪.‬‬

‫الجدول رقم ‪ 01‬المتوسط السنوي لمعدالت نمو نصيب الفرد من الدخل ل‪ 10‬اقتصاديات أسيوية عالية‬
‫األداء مقارنة ب ‪ 5‬بلدان غنية‬
‫يتبين من الجدول أعاله أنه خالل الفترة ما بين ‪ 1950‬إلى غاية ‪ 2010‬شهد نصيب الفرد من الدخل‬
‫لكل من اليابان‪ ،‬تايوان كوريا الجنوبية‪ ،‬وسنغافورة نموا سريعا بمعدل ي تراوح م ابين ‪ % 5‬و ‪ % 6‬في‬
‫المتوسط‪ .‬أما بالنسبة للصين ‪ ،‬و التي بدأت االنتقال إلى اقتصاد السوق في ‪ ،1978‬حققت نموا سنويا‬
‫يقارب ‪ 9%‬خالل العقود الثالثة الماضية على نقيض ذلك‪ ،‬تراوحت معدالت النمو في الواليات المتحدة‬
‫و أوروبا الغربية خالل نفس الفترة حوالي ‪ %2‬مما يشير جليا انه خالل العقود القليلة المقبلة و في ظ ل‬
‫الفرق الجوهري لمعدالت النمو‪ ،‬ستلحق بلدان شرق آسيا بركب البلدان الغربية بل يمكن أن تتجاوزهم‬
‫في جانب الناتج و التقدم التكنولوجي على أن حدوث ذلك‪ ،‬يتطلب من تلك البلدان أن تحافظ على نفس‬
‫‪1‬‬
‫المستوى المرتفع للنمو و على المدى الطويل‪.‬‬

‫قضية مهمة أخرى تتعلق بتضاعف و توسع ‪ GDP‬القتصاديات شرق آسيا‪ ،‬و التي تشير إلى تلك‬
‫القف زة النوعي ة الكب يرة ال تي عرفه ا حجم ‪ GDP‬خالل الف ترة م ابين ‪ 1999-1950‬بح والي ‪ 24‬ض عفا‬
‫(كمجموع ة) (انظ ر الج دول رقم (‪ . )02‬فعلى س بيل المث ال‪ ،‬ش هد حجم ‪ GDP‬في االقتص اد الت ايواني‬
‫أعلى توسع في المنطقة ب‪ 46‬ضعفا خالل الفترة ‪ ،‬تليها كوريا الجنوبية ب ‪ 38‬ضعفا ‪ ،‬سنغافورة ب‬
‫‪ 36‬ضعفا‪ ،‬إلى جانب الصين بتوسع يقارب ‪ 26‬مرة‪ .‬كما يمكن مالحظة انه على طول الفترة ما بين‬
‫‪ ، 1999 -1950‬تضاعف ‪ GDP‬في الواليات المتحدة و اروربا الغربية بخمس مرات فقط‪.‬‬

‫الجدول رقم ‪ 02‬تضاعف توسع ‪ GDP‬ل ‪ 15‬اقتصادا خالل ‪( 1999-1950‬نسبة ‪ GDP‬سنة ‪1999‬‬
‫إلى ‪ GDP‬سنة ‪ ،1950‬الدوالر األمريكي)‬

‫‪5.07‬‬ ‫الواليات المتحدة‬


‫‪5.22‬‬ ‫فرنسا‬
‫‪5.50‬‬ ‫المانيا‬
‫‪6.20‬‬ ‫ايطاليا‬
‫‪8.39‬‬ ‫اسبانيا‬
‫‪3.19‬‬ ‫المملكة المتحدة‬
‫‪4.98‬‬ ‫البلدان األوروبية‬
‫‪25.59‬‬ ‫الصين‬
‫‪28.01‬‬ ‫هونغ كونغ‬
‫‪9.48‬‬ ‫الدونيسيا‬
‫‪38.93‬‬ ‫كوريا الجنوبية‬
‫‪15.61‬‬ ‫ماليزيا‬
‫‪36.72‬‬ ‫سنغافورة‬
‫‪46.84‬‬ ‫تایوان‬

‫‪1‬‬
‫أمين حواس (‪ )2013‬المعجزات األسيوية‪ :‬بعض الدروس للبلدان النامية األخرى‪ ،‬مجلة اإلستراتجية وا‪23.68‬لتنمية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ص‪3‬‬
‫‪23.68‬‬ ‫تایالندا‬
‫‪24.06‬‬ ‫‪8‬بلدان جنوب شرق آسيا‬
‫‪8.11‬‬ ‫الهند‬
‫‪16.09‬‬ ‫اليابان‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مصادر النمو االقتصادي في شرق آسيا‬

‫انطالقا من معطيات الجدول ‪ 03‬و ‪ 04‬لهيكل توزيع ‪ GDP‬في االقتصاد العالمي لسنة ‪ 2000‬و‬
‫‪ ،2040‬يت بين بوض وح هيمن ة س ت مجموع ات من البل دان على االقتص اد الع المي ( بدالل ة (‪)GDP‬‬
‫وهي‪ :‬الواليات المتحدة ‪ ،‬االتحاد األوروبي مجموعة ‪ ،)EU15‬الهند الصين اليابان و مجموعة الست‬
‫بلدان الجنوب شرق آسيا ( سنغافورة‪ ،‬مالیزیا‪ ،‬اندونيسيا‪ ،‬تایالندا كوريا الجنوبية‪ ،‬و تايوان‪ .‬و قياسا ب‬
‫‪ ،GDP،‬اس تحوذت المجموع ات الس تة على ‪ %73‬من الن اتج االقتص ادي الع المي و ‪ %57‬من إجم الي‬
‫ع دد الس كان في الع الم (انظ ر الج دول رقم (‪ .)03‬و الظ اهر أيض ا أن النم و االقتص ادي الس ريع ال ذي‬
‫ش هدته الص ين في العق ود الماض ية ك ان ل ه اث ر عمي ق على االقتص اد الع المي‪ ،‬فبع د ثالثين عام ا من‬
‫تطبيق اإلصالحات التي قادها ‪ Deng Xiaoping‬جعلت الصين اليوم تستحوذ على ‪ %11‬من ‪GDP‬‬
‫العالمي‪ .‬أما باقي العالم (بما في ذلك أمريكا الالتينية و إفريقيا)‪ ،‬فتستحوذ على حوالي ‪ %28‬فقط من‬
‫‪ GDP‬العالمي و ‪ % 42‬من سكان العالم‪.‬‬

‫الجدول رقم ‪ 03‬التوزيع اإلجمالي ل‪ GDP‬سنة ‪2000‬‬


‫في حين يق دم الج دول رقم ‪ 04‬مجموع ة غ ير مس تبعدة من التوقع ات ح ول حجم و توزي ع الس كان‪ ،‬و‬
‫الناتج االقتصادي العالمي لعام ‪ ،20402‬حيث يشير البيانات إلى توقع ح دوث انخف اض نس بي في األداء‬
‫االقتصادي لالتحاد األوروبي‪ ،‬مما يعني ركودا في عدد السكان و تواضعا في أداء النمو في ‪.GDP‬‬

‫الجدول رقم ‪ 04‬التوزيع اإلجمالي ل‪ GDP‬سنة ‪2040‬‬

‫لكن مع ذلك ‪،‬هذا ال يعني أن إنتاجية العمل و نصيب الفرد في االتحاد األوروبي سينعدم فيه‬
‫النمو ‪،‬بل سينمو بمعدل سنوي ال يتجاوز ‪ ،%1.8‬إال أنها لن تكون قادرة على مجاراة النمو السريع و‬
‫الكب ير ال ذي منطق ة جن وب ش رق ش رق آس يا ‪ .‬فمن المتوق ع أن تص بح الس وق األوروبي ة أك بر بح والي‬
‫‪ %60‬س نة ‪ 2040‬مقارن ة مم ا ك انت علي ه س نة ‪ 2000‬بدالل ة ‪ ، ) GDP‬بينم ا س يعرف االقتص اد‬
‫األم ريكي توس عا أك بر بح والي ‪، %300‬أم ا الهن د ستص بح أك بر بح والي ‪ ، %1,400‬و الص ين أك بر‬
‫بحوالي ‪ %2,400‬في الواقع ‪ ،‬من المرجح أن تصبح السوق الصينية أكبر من أسواق الواليات المتحدة‬
‫االتحاد األوروبي ‪ ،‬الهند و اليابان مجتمعة ‪ ،‬مستحوذة على نسبة ‪ %40‬من الناتج العالمي لوحدها‪.‬‬

‫في تقرير البنك الدولي (‪ )1993‬قام العديد من االقتصاديين باستخدام تقديرات االنحدار لنص يب‬
‫الفرد من النمو االقتصادي بغية تحديد مختلف العوامل التي قد تفسر "موجة النمو السريعة والعالية "‬
‫ال تي ش هدتها بل دان ش رق آس يا‪ .‬و باالس تعانة بثماني ة متغ يرات تفس يرية‪ GDP :‬النس بي لع ام ‪،1960‬‬

‫‪2‬‬
‫‪1Fogel, R.W. (2007). Capitalism and Democracy in 2040, NBER working paper No 13184, Cambridge‬‬
‫‪MA., pp.1-23.‬‬
‫مع دل االلتح اق بالم دارس االبتدائي ة لع ام ‪ 1960‬مع دل االلتح اق بالم دارس الثانوي ة لع ام ‪ 1960‬مع دل‬
‫النم و الس كاني م ابين ‪ ،1960-1985‬متوس ط نس بة االس تثمار إلى ‪ GDP‬م ابين ‪،1985-1960‬‬
‫المتغ يرات الوهمي ة لبل دان ‪ ،HPAES‬أمريك ا الالتيني ة‪ ،‬و إفريقي ا جن وب الص حراء؛ تم الحص ول على‬
‫مع امالت المتغ يرات على الت والي ‪، 0.017 ،0.007،0.100،0.028 ، 0.027، - 0.0328 :‬‬
‫‪ - 0.010 -0.013‬ري دل الرم ز » ف وق األرق ام واح دة و االث نين على وج ود معنوي ة إحص ائية عن د‬
‫مستوى ‪ %5‬و ‪ %1‬على الترتيب) ‪ .‬أما معدل التحديد المعدل ‪ The Adjusted R‬فقدر ب ‪.0.482‬‬
‫باستبعاد بعض المتغيرات كمعدالت االس تثمار ‪ ،‬الم دارس الثانوي ة ‪ ،‬و مع دل‬ ‫‪3‬‬
‫بعد ذلك ‪ ،‬قام ‪Rodrik‬‬
‫النم و الس كاني ال تي لم تتمت ع بمعنوي ة إحص ائية في الدراس ة الس ابقة ‪ ،‬و اس تبدالها بالمع امالت‬
‫الجينية ) ‪ ) Gini Coefficient‬لعدم المساواة في ملكية األراضي عام ‪ 1960‬و توزيع الدخل عام‬
‫‪ 1960‬؛ لتصبح المعامالت على الشكل التالي‪:‬‬

‫إذا ما تعاملنا مع البلدان األسيوية كمجموعة نالحظ وجود درجة منخفضة للغاية في عدم المساواة في‬
‫ملكي ة األراض ي و توزي ع ال دخل مقارن ة ببل دان نامي ة أخ رى‪ .‬و بالت الي ‪ ،‬تش ير نت ائج ‪ Rodrik‬على‬
‫وجود ارتباط ايجابي بين تحقيق معدالت نمو اقتصادي مرتفعة و زيادة العدالة في توزيع الدخل ‪.‬‬

‫من ج انب آخ ر ق امت دراس ة البن ك ال دولي (‪ )1993‬بتحدي د مص دريين ه امين للمعج زة‪ :‬ت راكم رأس‬
‫الم ال الم ادي و رأس الم ال البش ري ‪ ،Accumulation of Physical and Human Capital‬و‬
‫التغير في اإلنتاجية ‪ .Productivity Change‬هذا األخير يقاس بنمو إنتاجية العوامل الكلية ( ‪Total‬‬
‫‪ )Factor Productivity, TFP‬التي يمكن حسابها ببساطة في اإلطار النيوكالسيكي بطرح جزء النمو‬
‫الناتج عن تراكم رأس المال المادي‪ ،‬تراكم رأس المال البشري (مستوى االلتحاق بالمدارس االبتدائية‬

‫‪3‬‬
‫‪Rodrik, D. (1994). King Kong meets Godzilla: The World Bank and the East Asia miracle. In Wade, R‬‬
‫كتقريب) و نمو القوة العاملة من نمو الناتج الكلي و باستخدام بيانات ل ‪ 87‬بلدا يتراوح ما بين الدخل‬
‫المرتفع إلى المنخفض ‪ ،‬تم الحصول على تقديرات ‪ TF‬لبلدان )‪ AES (1989-1960‬كما يلي ‪:‬‬

‫أما السمات األساسية األخرى لقصة نجاح شرق آسيا فتمثلت في الحفاظ على الكفاءة التنافسية في س وق‬
‫التص دير و االنفت اح على النج ارة الدولي ة عملي ات التعلم بالممارس ة و إقام ة المش اريع المش تركة م ع‬
‫الشركات الدولية التي ساعدت إلى حد كبير في تحقيق الكفاءة‪ .‬و الحفاظ على اس تقرار االقتص اد الكلي‬
‫من خالل التص ميم والتنفي ذ الجي دين للسياس ات المالي ة والنقدي ة؛ كم ا أن التت ابع في إقام ة الص ناعات‬
‫الرائدة في االقتصاد كما تم التأكيد عليه في دراسة البنك الدولي مثل عنصرا رئيسيا للنمو السريع ‪.‬‬
‫فعلى س بيل المث ال ‪ ،‬رك زت السياس ة الص ناعية في الياب ان على تش جيع ص ناعة بع د ص ناعة ‪ :‬من‬
‫المنسوجات ولعب األطفال ‪ ،‬الصلب والكيماويات ‪ ،‬صنع السفن إلى صناعات التكنولوجيا العالية‪ .‬أما‬
‫تايوان فقد ركزت على صناعة الكمبيوتر ‪ ،‬البرمجيات ‪ ،‬وتصاميم البحث و التطوير ‪ ،‬كما أنها أقامت‬
‫ص ناعات خفيف ة ذات تكنولوجي ا منخفض ة ‪ ،‬لتقف ز فيم ا بع د إلى مرحل ة إقام ة ص ناعات ذات تكنولوجي ا‬
‫‪4‬‬
‫متوسطة‪ .‬أما اليوم ‪ ،‬فتنافس تايوان العديد من البلدان المتقدمة في مجاالت التكنولوجيا الفائقة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أميـن حـواس‪).2013(.‬المعجزات األسيوية‪ :‬بعض الدروس للبلدان النامية األخرى‪ ،‬مجلة اإلستراتجية والتنمية‪ ،‬العدد الرابع‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬السياسات االقتصادية الكلية‬

‫انتهجت دول جن وب ش رق أس يا ع دة سياس ات اقتص ادية س اهمت بش كل كب ير في تطوره ا على‬


‫فترات مختلفة‪ ،‬حيث أصبحت العديد من الدول النامية تحاول أن تستفيد من هذه التجارب وتطبقها في‬
‫بلدانها من اجل النهوض باقتصادها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬السياسات الصناعية‬

‫إن اله دف الرئيس ي وراء تص ميم اقتص اديات ش رق آس يا للسياس ات الص ناعية ه و " تغذي ة‬
‫وتط وير الص ناعات المخت ارة لرف ع الرفاهي ة في تل ك البل دان‪ ،‬و تحقي ق م يزات نس بية ديناميكي ة لتل ك‬
‫الص ناعات عن طري ق اس تخدام جه از الدول ة في تخص يص الم وارد ‪5‬وعلى ه ذا األس اس‪ ،‬ق امت حكوم ات‬
‫شرق آسيا باختيار الصناعات على أساس أهميتها لتحقيق النمو في المستقبل‪ .‬فعلى سبيل المثال ‪ ،‬قامت‬
‫الحكوم ة الياباني ة بإعط اء األولوي ة لص ناعات الحدي د والص لب في أواخ ر األربعين ات وبداي ة الخمس ينات‬
‫نظرا ألهمية نواتج تلك الصناعات التي تمثل مدخالت هامة للصناعات الثقيلة األخرى ‪ ،‬و التي يعتبر‬
‫تطويره ا (أي الص ناعات الثقيل ة) عنص را رئيس يا لتحقي ق نم و س ريع في االقتص اد‪ .‬و بش كل مماث ل‪،‬‬
‫ق امت الحكوم ة الكوري ة بتغذي ة الص ناعات الثقيل ة و الكيماوي ة في الخمس ينات به دف إنش اء قاع دة‬
‫‪6‬‬
‫صناعية في المستقبل‪.‬‬

‫فبن اءا على مب دأ االختي ار‪ ،‬تتلقى الص ناعات الف ائزة ‪ Winner Industries‬عموم ا في البداي ة‬
‫الحماي ة و ال دعم الكب يرين من ط رف الحكوم ة‪ .‬لكن بمج رد بل وغ مرك ز تنافس ي ه ام يتم فتحه ا أم ام‬
‫المنافس ة األجنبي ة‪ .‬تس مى ه ذه العملي ة ببن اء " المزاي ا النس بية الديناميكي ة ‪Dynamic Comparative‬‬
‫‪."Advantages‬‬

‫ارتباطا بما سبق‪ ،‬يشير ‪ Chenery7‬أن ه م ا بين ‪ ،1980-1960‬انخفض ت حص ة قط اع الم واد األولي ة‬
‫في اقتص اديات(‪ )NIES‬خاص ة القط اع ال زراعي من اإلنت اج الص ادرات و العمال ة لص الح قط اع‬
‫)‪ Chenery (1988‬السبب في ذلك إلى عدة عوامل في‬ ‫الصناعات الذي شهد توسعا كبيرا‪ .‬و يرجع‬
‫جانبي العرض والتي س اهمت في تحقيق النمو في القط اع الصناعي‪ .‬ففي ج انب الطلب‪ ،‬يعتمد النمو‬

‫‪5‬‬
‫‪Itoh, M.et al. (1991), Economic Analysis of Industrial Policy, New York: Academy Press‬‬
‫‪ 6‬وفقا لنظرية " الدفعة الكبرى ‪ " Big Push‬المقدمة من قبل )‪ ، Rosenstein-Rodan (1943‬ال بد من تشجيع ودعم المشــاريع‬
‫االستثمارية أو الصناعات الكبرى التي تتميز تمرينات مرتفعــة للــدخل من جــانب الطلب بأمــا في جــانب العــرض ‪ ،‬فتتمــيز بوالناحيــة‬
‫مرتفعة متوقعة أو تقدم تكنولوجي عالي ‪ ،‬و بالتالي ‪ .‬يمكن القول أن الصناعات الثقيلـة والكيماويـة هم المرشـحون األكـثر مالئمـة من‬
‫وجهة نظر هذه الفكرة (‪.) Kali,2009‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Chenery, H. B. (1988) ,Industrialization and Growth: Alternative Views of East Asia, in Hughes, H. (ed.),‬‬
‫‪Achieving Industrialization in East Asia, Cambridge: Cambridge University Press p42‬‬
‫الص ناعي على (‪ )1‬توس يع الطلب المحلي (‪ )2‬توس يع الص ادرات (‪ )3‬إحالل ال واردات و (‪ )4‬التغ ير‬
‫التكنولوجي‪ .‬و نظرا الطابع التوجه نحو الخارج الذي انتهجته بلدان شرق آسيا‪ ،‬فان توسيع الصادرات‬
‫كان العامل األكثر مساهمة في نمو الصناعات‪ .‬أما في جانب العرض‪ ،‬فان العوامل الرئيسية التي أدت‬
‫إلى النمو في القطاع الصناعي تمثلت في تزايد اليد العاملة المتاحة ‪ ،‬رأس المال ‪ ،‬و ‪ TFP‬هذا األخير‬
‫يتك ون من ع دد من العوام ل ال تي يص عب قياس ها مث ل التحس ينات في التعليم ‪ ،‬اقتص اديات الحجم‬
‫‪ ،Economies of Scale‬اس تخدام اك بر للتكنولوجي ا ‪ ،‬و عناص ر القيم ة المض افة ‪Value-Added‬‬
‫‪.Elements‬‬

‫من جانب آخر‪ ،‬يرى ‪ Adams8‬أن سلم التنمية ‪ Development Ladder‬في بلدان شرق آسيا‬
‫يتبع نمطا صناعيا متميزا يفترض انه كلما بلغت البلدان مستوى النضج (في مراحل النمو االقتصادي‬
‫حسب‪ ، )Rostow‬و ارتفعت مستويات الدخل و التكلفة (تكلفة عنصر العمل)‪ ،‬ستؤدي ببعض الصناعات‬
‫إلى فق دان ميزته ا التنافس ية وانتقاله ا إلى البل دان المج اورة في ش رق آس يا ال تي هي دونه ا في مراح ل‬
‫التنمي ة ‪ ،‬في حين تتح ول البل دان المتقدم ة في ش رق آس يا نح و الص ناعات ذات التكنولوجي ا العالي ة‬
‫والخدمات ذات المستويات العالية انظر الجدول رقم و بالفعل يمكن أن نالحظ انه خالل الفترة ما بين‬
‫‪ )2‬ثم تح ولت‬ ‫‪ ، 1980-1950‬تم يزت الياب ان في الغ الب بإنتاجه ا للس لع كثيف ة العم ل (المرحل ة (‬
‫بعد ذلك نحو الصناعات عالية التكنولوجية (المرحلة ( ‪ )3‬في الفترة مابين ‪ ، 1995-1980‬أما في‬
‫الفائقة‬
‫‪9‬‬
‫السنوات األخيرة تتجه اليابان بشكل مكثف نحو زيادة إنتاجها في مجال الخدمات ذات التكنولوجيا‬
‫‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ ،‬كلما تحول اإلنتاج جغرافيا‪ ،‬تقوم البلدان المتقدمة بإعادة تعديل إنتاجه ا بعي دا‬
‫عن السلع االستهالكية و نحو المنتجات المتطورة عالية التقنية‪ .‬و في بعض األحيان تطوير األجزاء‬
‫المكونة للسلع التامة الصنع التي يتم تجميعها في الخارج‪ ،‬أو تطوير المنتجات األكثر تعقيدا مثل‬
‫السلع الرأسمالية أو السلع الكمالية‪.‬‬

‫في شرق آس يا ‪ ،‬ال ت زال اليابان رائ دة في المرحل ة (‪ )3‬في س لم عملي ة التنمي ة على الرغم من‬
‫تحقي ق كوري ا الجنوبي ة ‪ ،‬ت ايوان ‪ ،‬وس نغافورة نم وا س ريعا نظ را لتركيزه ا على أنش طة تكنولوجي ا‬
‫المعلوم ات وس نغافورة ‪ ،‬على وج ه الخص وص‪ ،‬زادت اعتماده ا على الخ دمات رفيع ة المس توى على‬
‫ال رغم من أن الياب ان تتمت ع بالفع ل أنش طة الخ دمات عالي ة المس توى المرحل ة) (‪ ، )4‬إال أنه ا ال ت زال‬

‫‪8‬‬
‫‪Adams, F. G. (2006). East Asia, Globalization and New Economy, London: Routledge‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Klein, L.et al. (2008). Accelerating Japan's Economic Growth: Resolving Japan's growth controversy‬‬
‫‪Routledge London‬‬
‫تحتفظ بدورها الريادي كمنتج بالعديد الصناعات عالية التكنولوجيا كاقتصاد في المرحلة (‪ )3‬بدال من‬
‫أن تصبح في المقام األول مركز ‪ .‬القتصاديات شرق آسيا كسنغافورة مثال‪.‬‬

‫الجدول رقم ‪ 06‬الحصص القطاعية لـ ‪ GDP‬خالل ‪2010-1970‬‬

‫‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سياسات التوجه نحو الخارج‬


‫إحدى أهم المالمح التي ميزت اقتصاديات شرق آسيا تتمثل في أهمية نمو الصادرات في عملية التنمية‬
‫االقتص ادية فيه ا‪ .‬فبالفع ل مثلت التج ارة حق ا محرك ا رئيس يا للنم و في المنطق ة‪ .‬فعلى م دار س نوات‬
‫السبعينات‬
‫شهد حجم الصادرات نموا عاليا بنسبة ‪ %27‬في كوريا ‪ ،‬و بأكثر من ‪ %10‬في الفلبين ‪ ،‬سنغافورة و‬
‫تايالندا‪ .‬أما في سنوات الثمانينات ‪ ،‬وعلى الرغم من نمو حجم التجارة العالمية بنحو ‪ %2‬سنويا ‪ ،‬إال‬
‫أن بلدان ‪ ، NIES‬مالیزیا و تايالندا شهدت نموا كبيرا للصادرات بأكثر من ‪ %10‬سنويا ‪ ،‬في حين انه‬
‫تج اوز ‪ 6%‬س نويا في ك ل من اندونيس يا والفل بين‪ .‬كنتيج ة ل ذلك‪ ،‬انتقلت حص ة ‪ NIES‬من الص ادرات‬
‫العالمية بأقل‬
‫‪10‬‬
‫‪ 2%‬سنة ‪ 1960‬إلى أكثر من ‪ %68‬سنة ‪1988‬‬
‫إن العامل الرئيسي وراء نجاح الصادرات في االقتصاديات اآلسيوية النامية تمثل في رفضها لسياسات‬
‫إحالل ال واردات ‪ Import Substitution Policies‬لص الح سياس ات التوج ه نح و الخ ارج‪ ،‬فسياس ات‬
‫إحالل ال واردات ال تي اتبعته ا العدي د من ال دول النامي ة في أوائ ل ف ترة م ا بع د الح رب تم يزت بش كل‬
‫واض ح يتبعيته ا لنم ط سياس ي يه دف لتحقي ق بعض األه داف القومي ة‪ ،‬باإلض افة إلى تحقي ق طف رة أولي ة‬
‫سريعة للنمو االقتصادي كلما ارتفع الطلب المحلي ليحل محل الواردات‪ .‬و مع ذلك‪ ،‬و بوجود حواجز‬
‫تجاري ة مرتفع ة س يعمل على حماي ة الص ناعات المحلي ة ال تي ال تتم يز بالكف اءة و غ ير الق ادرة على‬
‫المنافسة األجنبية الشديدة و ستمنع التخصص من االستفادة من الميزة النسبية للمكاسب الدولية للتجارة‪.‬‬
‫في الواقع ‪ ،‬عملت السياسة التجارية التشويهية (‪ The Distortionary Trade Policies‬على خفض‬
‫مع دالت النم و و ت دني مس توى التكنولوجي ا من خالل إجب ار االقتص اد على اس تخدام رؤوس األم وال‬
‫المحلية أكثر من مستوى كفاءته‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ 01‬نمو الصادرات في آسيا ‪2005-1970‬‬

‫جدير بالذكر أن بعد انتهاج بعض بلدان شرق آسيا لسياسات إحالل الواردات في المراحل األولى بشكل‬
‫م ؤقت‪ ،‬ش رعت اقتص اديات المعج زة بتب ني إس تراتيجية التوج ه نح و الص ادرات ‪Export-Oriented‬‬
‫‪ Strategy‬ابت داءا من الس تينات ‪ ،‬و ال تي انعكس ت في االنخف اض المحس وس في مع دالت الرس وم‬
‫الجمركية و الضرائب على الصادرات‪ ،‬إزالة القيود الكمية على التجارة‪ ،‬و تقليل الحواجز أمام تدفقات‬
‫االس تثمار ال دولي ‪.‬و خالل الس بعينات ‪ ،‬ق امت العدي د من البل دان اآلس يوية الى ج انب هون غ كون غ ‪،‬‬

‫‪10‬‬
‫أمين جولي مرجع سابق ص ‪13‬‬
‫الص ين ‪ ،‬و س نغافورة بتخفيض الح واجز الجمركي ة ‪ .‬كم ا س جلت ك ل من كوري ا ‪ ،‬ماليزي ا ‪ ،‬و تايالن دا‬
‫مع دالت الرس وم جمركي ة تق در ب ‪ ، % 9،9،13‬على الت والي‪ ،‬وهي اق ل بكث ير من نظيرته ا في الهن د‬
‫(‪ ، )29%‬باكس تان (‪ ، ) %23‬و الع الم الن امي كك ل (‪11 )%23‬و ح تى في المن اطق ال تي ح افظت على‬
‫الحماية التجارية‪ ،‬تم تطبيق تدابير تعويضية لمنع التحيز ضد الصادرات و التي تعتبر شائعة‬
‫بين معظم البلدان النامية األخرى‪ .‬و تتضمن هذه التدابير االلتزام بسياسات سعر صرف تنافسية ‪،‬‬
‫مم ا يس مح للمص درين الوص ول الى الم دخالت بأس عار الس وق العالمي ة عن طري ق تق ديم إعف اءات و‬
‫الس ماح بحري ة الوص ول الى الص رف األجن بي ‪ ،‬تط وير مؤسس ات جدي دة كمن اطق تجه يز الص ادرات‬
‫‪. 12Export Processing Zones‬أما في س نوات الثمانين ات و التس عينات ‪،‬ق امت اقتص اديات ش رق آس يا‬
‫بتخفيض المزيد من الرسوم الجمركية على الواردات و القضاء بشكل كبير على الضرائب الصادرات و‬
‫الرسوم غير الجمركية‪ .‬ففي منتصف التسعينات ‪ ،‬سجلت معدالت الرسوم الجمركية في كل من كوريا ‪،‬‬
‫من‪ ، %‬في حين ح افظت الهن د على مع دالت رس وم‬
‫اندونيس يا ‪ ،‬و ماليزي ا انخفاض ا لبص ل إلى مس توى اق ل ‪5‬‬
‫جمركية مرتفعة عند( ‪ ) %30‬على الرغم من انخفاض متوسط الرسوم الجمركية للعالم النامي ككل إلى‬
‫حوالي( ‪. )% 13‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تعبئة الموارد المحلية‬

‫إن العامل الرئيسي وراء تحقيق النمو السريع في شرق آسيا تمثل في تمكن المنطقة من تعبئة معدالت‬
‫مرتفع ة من االدخ ار المحلي و ال تي اس تطاعت تغذي ة و دعم مع دالت االس تثمار المرتفع ة‪ .‬فبل دان مث ل‬
‫اليابان ‪ NIES ،‬و ‪( ASEAN‬باستثناء الفلبين إضافة إلى الصين والهند عرفت سواءا زيادات هائلة أو‬
‫ح افظت على مس تويات عالي ة من االدخ ار على م دى العق ود الثالث ة الماض ية‪ .‬في ه ذا الص دد ‪ ،‬كش فت‬
‫الدراس ات التجريبي ة أن النم و االقتص ادي الم ذهل ال ذي ش هدته بل دان ‪ NIES‬بع د الح رب يرج ع في‬
‫األس اس إلى نم و عوام ل الم دخالت رأس الم ال الم ادي و العم ل ؛ أي بوج ود مع دالت ادخ ار كب يرة ‪،‬‬
‫استثمارات عمالقة و ساعات عمل طويلة و بالفعل ‪ ،‬عرفت كوريا الجنوبية زيادة في معدالت االدخار‬
‫من ‪ %1‬سنة ‪ 1960‬إلى ‪ 35%‬في الوقت الحالي‪ .‬أما سنغافورة فبعد تحقيق معدالت صفرية لالدخار‬
‫سنة ‪ ،1960‬أصبحت حاليا تدخر نسبة تقدر بأكثر ‪ %40‬من ‪GDP‬‬

‫‪11‬‬
‫‪World Bank (1993), The East Asian Miracle: Economic Growth and Public Policy, published for the World Bank‬‬
‫‪by Oxford University Press‬‬
‫‪12‬‬
‫‪Quibria, M. G.(2002), Growth and Poverty: Lessons from the East Asian Miracle Revisited, ADB Institute‬‬
‫‪Research Paper Series No. 33, pp.1-78‬‬
‫و يمكن إرجاع هذا االرتفاع الكبير لمستويات االدخار في جزء منه إلى السياسات الحكومية التي تشجع‬
‫االدخار ‪ ،‬من خالل تطبيق التدابير الرامية للحفاظ على معدالت ايجابية لسعر الفائدة الحقيقي لضمان‬
‫تف ادي تقلب ات مع دالت الفائ دة الحقيقي ة على الودائ ع في النظ ام الم الي‪ .‬كم ا أن العملي ة الموس عة إلع ادة‬
‫توجي ه ال دخل من اإلنف اق إلى االدخ ار أدى إلى خل ق كتل ة نقدي ة كب يرة خصص ت لتموي ل االس تثمار‬
‫المحلي "اإلنفاق االستثماري ‪ "Investment Spending‬في البنى التحتية‪ ،‬القدرة اإلنتاجية و التعليم‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫مس ألة أخ رى مهم ة و ذات ص لة بارتف اع مس تويات االدخ ار في ش رق آس يا ه و االفتق ار إلى‬


‫أس واق مالي ة متط ورة تعم ل بش كل س ليم ؛ فالمالح ظ أن من بين األس باب ال تي تجع ل مع دالت االدخ ار‬
‫ل دى األمريك يين مقارب ا للص فر ه و إمكاني ة حص ولهم على االئتم ان (الق روض) بس هولة نظ را لتط ور‬
‫األس واق المالي ة بدرج ة عالي ة أم ا في ش رق آس يا ‪ ،‬لم يكن الح ال ك ذلك في العق ود األولى بع د النم و‬
‫المتسارع ‪ ،‬ففي الصين مثال ‪ ،‬تم إدراج الرهون العقارية وقروض السيارات في السنوات األخيرة فقط‬
‫‪ ،‬كم ا أن األس واق المالي ة ال ت زال متخلف ة إلى ح د كب ير‪ .‬ل ذلك‪ ،‬وفي ظ ل ه ذه الظ روف حيث أن‬
‫االئتمانات (القروض) غير متاحة بشكل نسبي ‪ ،‬يضطر المواطنون لالدخار لس نوات طويلة من اجل‬
‫‪13‬‬
‫شراء السلع المعمرة أو العقارات السكنية‬

‫‪13‬‬
‫‪Tochkov, K. (2010), East Asian Economies, in Free, R. (ed.), 21st century Economics: A Reference Handbook,‬‬
‫‪SAGE Publications‬‬
‫من ج انب آخ ر‪ ،‬انته اج حكوم ات ش رق آس يا للسياس ات الجبائي ة والنقدي ة الموجه ة ل دعم النم و‬
‫االقتص ادي المط رد وغ ير التض خمي س اعد بش كل كب ير على تش جيع االدخ ار وتك وين رأس الم ال‪.‬‬
‫وبالفع ل ‪ ،‬ق امت تل ك الحكوم ات بوض ع عالوات على المس ؤولية الجبائي ة ‪Premium on Fiscal‬‬
‫‪ Responsibility‬وخفض مع دالت التض خم‪ ،‬ح تى وان أدى ذل ك إلى ظه ور أزم ات اقتص ادية على‬
‫الم دى القص ير لص الح تحقي ق تل ك األه داف‪ .‬ففي كوري ا الجنوبي ة مثال‪ ،‬تبنت الحكوم ة ب رامج للتقش ف‬
‫المفروضة سنة ‪ 1980‬للحد من احتياجات خدمة الدين الخارجي الكبير الذي قد يغرق حسابها الجاري‪.‬‬
‫نش ير هن ا‪ ،‬إلى أن ق درة تل ك الحكوم ات على تنفي ذ تل ك السياس ات بش كل ن اجح اعتم د بش كل كب ير على‬
‫وجود درجة عالية نسبيا من االستقرار االجتماعي و القبول العام للمواطنين لهذه التدابير‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬سياسات أخرى محفزة‬


‫يعت بر التحف يز الض ريبي والم الي من أهم السياس ات االقتص ادية ال تي تس مح بش كل كب ير في االس تثمار‬
‫بمختل ف أنواع ه حيث تبنت دول ش رق أس يا ه ذه السياس ة وس مح له ا ذل ك بزي ادة االدخ ار و رف ع قيم ة‬
‫االستثمار مما أدى إلى تطوير القطاع البنكي واستقطاب استثمارات أجنبية هامة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬سياسات القطاع الضريبي و المالي‬
‫قدم المتأخرون اآلسيويون حوافز ضريبية مختلفة‪ ،‬وتدخلوا في األسواق المالية من اجل توفير‬
‫رأس المال الالزم و بتكلفة منخفضة لالستثمار في الصناعات المستهدفة‪ .‬و الواضح انه خالل المراح ل‬
‫األولى للتنمية‪ ،‬يتطلب القيام باستثمارات عمالقة في مجال التصنيع حجما كثيفا من رأس المال‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫يس مح وج ود ح وافز ض ريبية ‪ Tax Incentives‬بإمكاني ة جم ع الش ركات لألم وال داخلي ا من خالل‬
‫اس تثماراتها‪ .‬و تش مل ه ذه الح وافز‪ ،‬من بين األم ور األخ رى‪ ،‬ض رائب ج د منخفض ة أو ح تى ص فرية‬
‫على السلع الرأسمالية المستوردة‪،‬‬
‫إعفاء الشركات من الضرائب لفترة معينة من الزمن‪ .‬و المالحظ أيضا في تجربة تلك البلدان ‪ ،‬توجيه‬
‫الحكوم ات لألم وال في األس واق المالي ة لص الح الص ناعات المحف زة من اج ل توف ير رأس الم ال الالزم‬
‫لتوسيع‬
‫الناتج و الصادرات ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االستثمار في الموارد البشرية‬


‫إن التصنيع السريع الذي شهدته اليابان و بلدان ‪ NIES‬و ‪ ASEAN‬لم يكن ممكنا دون إحداث‬
‫نم و كب ير في م ؤهالت ‪ Skills‬معرف ة ‪ ، Knowledge‬و ق درة ‪ Ability‬الق وى العامل ة المحلي ة‪ .‬ففي‬
‫عملي ة التنمي ة‪ ،‬يمكن ل تراكم رأس الم ال الم ادي أن يمث ل محرك ا رئيس يا للنم و االقتص ادي في الف ترة‬
‫االنتقالية (الفترة قصيرة و متوسطة المدى)‪ .‬و مع ذلك‪ ،‬وعلى المدى الطويل سيتقلص دور المعدالت‬
‫المرتفعة لالستثمار المادي تدريجيا مما يعني انخفاض ا في اإلنتاجية الحدية لرأس المال إلى أن تنعدم‬
‫في مرحل ة الحق ة و بالت الي ال يمكن إدام ة النم و إال عن طري ق إح داث تحس ينات في التكنولوجي ا (أو‬
‫إنتاجية العوامل الكلية ()‪ Paul (TFP Krngman (1994‬من بين آخرين ‪ ،‬كان محقا في حكمه على‬
‫أن نم و اقتص اديات ش رق آس يا يجب أن يتباط أ في المس تقبل بس بب م ا س ماه " االعتم اد المف رط‬
‫‪ "Excessive Reliance‬على تراكم رأس المال‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يمكن لهذه النظرة التشاؤمية أال تتحقق إذا‬
‫م ا تمكنت تل ك االقتص اديات من عب ور بعض عتب ات التنمي ة ؛ بمع نى الب دء في اس تثمارات في رأس‬
‫الم ال البش ري و التكنولوجي ا الجدي دة ‪ ،‬فاالقتص اد ال ذي يمتل ك نوعي ة جي دة من رأس الم ال البش ري و‬
‫التكنولوجي ا الجدي دة س يحقق نم وا مرتفع ا ل ‪ .TFP‬بالت الي تحقي ق النم و الس ريع ليس فق ط في الف ترة‬
‫االنتقالية بل أيضا على المدى الطويل‪ .‬ارتباطا بهذه النتيجة ‪ ،‬يمكن اعتبار نوعيات رأس المال البشري‬
‫والتكنولوجيا الجديدة عوامل مفسرة للتباعد االقتصادي بين االقتصاديات في العالم (‪Le Van, 2009‬‬
‫‪.)and Nguyen‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬سياسات التكنولوجيا‬


‫ي رى بعض االقتص اديين أن اح د أهم الس مات المم يزة للمراح ل األولى للتنمي ة في بل دان ش رق‬
‫آس يا اعتماده ا على التعلم ‪ Learning‬ب دال من االبتك ار ‪ .Innovation‬على ذل ك‪ ،‬ك ان اس تيراد‬
‫التكنولوجي ا األجنبي ة العام ل األك ثر أهمي ة في تفس ير النم و االقتص ادي الس ريع في العدي د من البل دان‬
‫كالياب ان ‪ ،‬ت ايوان ‪ ،‬كوري ا الجنوبي ة ‪ ،‬و غيره ا من البل دان المص نعة ح ديثا‪ .‬من ه ذا المنط ق ‪ ،‬ت رى‬
‫)‪ Amsden (1989‬أن الط ابع المش ترك في عملي ات التنمي ة االقتص ادية لجمي ع ال دول المص نعة ح ديثا‬
‫(تع ني ب ذلك ال دول س الفة ال ذكر) يتجس د في التص نيع الق ائم على تعلم التكنولوجي ا األجنبي ة ‪Learning‬‬
‫‪ ،Foreign Technology‬ف دول مث ل الياب ان ‪ ،‬ت ايوان ‪ ،‬كوري ا الجنوبي ة ‪ ،‬البرازي ل ‪ ،‬تركي ا ‪ ،‬الهن د‬
‫والمكسيك " أصبحت اقتصاديات مصنعة من خالل حصولها (افتراضها) على التكنولوجيا األجنبية بدال‬
‫من تولي د منتج ات أو عملي ات جدي دة"‪ .‬فتل ك البل دان س عت إلى تض ييق (تقليص الفج وة في الق درة‬
‫التكنولوجي ة بينه ا و بين البل دان الص ناعية‪ . 14‬و الظ اهر أن عملي ة اللح اق ب الركب تطلب في البداي ة‬
‫استيعاب التكنولوجيا ‪ Technology Absorption‬خالل من شراء كميات كبيرة من التكنولوجيا األجنبية‪.‬‬
‫يضيف )‪ Knigman (2011‬لهذا التحليل "أن معظم التحليالت االقتصادية ترى أن تحقيق دول شرق آسيا‬
‫(بالخصوص ( ‪ )NIC's‬لمعدالت نمو مرتفعة كان ممكنا‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪Amsden, A. (1989), Asia's Next Giant: South Korea and Later Industrialization, Oxford: Oxford University‬‬
‫‪Press.p5‬‬
‫خاتمة‬
‫إن قصة النجاح اآلسيوي لم تتحقق بسبب موقعها الجغرافي الخاص أو لوفرة الموارد الطبيعية‬
‫فقط ‪ ،‬وإ نما إلى مجموعة من العوامل المختلفة كاستثمار رؤوس األموال المادية والبشرية ثم االهتمام‬
‫الب الغ ب الجودة والكف اءة والنوعي ة هي ال تي وض عت األس س ال تي أطلقت النج اح تل و النج اح في ال دول‬
‫اآلسيوية على خالف ما حدث في أميركا الالتينية والقارة اإلفريقية فيما يختص بالتنمية‪ ،‬بل إن نجاح‬
‫الق ارة اآلس يوية في ت أمين ش ركات عص رية تتس م بكام ل الفعالي ة والنش اط وتعم ل تحت مظل ة سياس ات‬
‫مس تقرة لالقتص اد الكلي بم ا في ذل ك من حكم ة في المج ال الم الي ووج ود أنظم ة مص رفية مس تقرة‬
‫واندفاع متسارع الوتيرة نحو التكامل مع النظام التجاري العالمي‪ ،‬إضافة إلى وجود قطاعات زراعية‬
‫هائلة الحجم ووجود مؤسسات عامة فعالة‪ ،‬كل هذه العوامل والظروف ساعدت على تجنب المستويات‬
‫العالي ة من التض خم واس تقرار أس عار الفائ دة مس تويات إيجابي ة مم ا س اعد على اس تحداث وخل ق كمي ات‬
‫هائلة من الفرص‪ ،‬حيث أن االزدهار الذي تشهده القارة اآلسيوية أصبح يعتبر مس تدامًا ويمكن أن يتلقى‬
‫المزيد من الترسيخ والتعزيز إذا ما أقدمت الدول اآلسيوية إلى نقل ذلك النجاح العالمي الذي حققته في‬
‫اإلنتاجية الصناعية إلى قطاعاتها الخدمية وبذلك يكون التطور على مختلف القطاعات االقتصادية‪.‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫ مجل ة‬،‫ بعض ال دروس للبل دان النامي ة األخ رى‬:‫) المعج زات األس يوية‬2013( ‫أمين ح واس‬ 
،‫ العدد الرابع‬،‫اإلستراتجية والتنمية‬
 Fogel, R.W. (2007). Capitalism and Democracy in 2040, NBER working paper No 13184,
Cambridge MA.,
 Rodrik, D. (1994). King Kong meets Godzilla: The World Bank and the East Asia
miracle. In Wade, R
 Itoh, M.et al. (1991), Economic Analysis of Industrial Policy, New York: Academy Press
 Chenery, H. B. (1988) ,Industrialization and Growth: Alternative Views of East Asia, in
Hughes, H. (ed.), Achieving Industrialization in East Asia, Cambridge: Cambridge
University Press
 Adams, F. G. (2006). East Asia, Globalization and New Economy, London: Routledge
 Klein, L.et al. (2008). Accelerating Japan's Economic Growth: Resolving Japan's growth
controversy Routledge London
 World Bank (1993), The East Asian Miracle: Economic Growth and Public Policy,
published for the World Bank by Oxford University Press
 Quibria, M. G.(2002), Growth and Poverty: Lessons from the East Asian Miracle
Revisited, ADB Institute Research Paper Series No. 33, Tochkov, K. (2010), East Asian
Economies, in Free, R. (ed.), 21st century Economics: A Reference Handbook, SAGE
Publications
 Amsden, A. (1989), Asia's Next Giant: South Korea and Later Industrialization, Oxford:

Oxford University Press.


.

You might also like