المرأة في المسرح

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 110

‫جامعة األقصى‬

‫عمادة الدراسات العميا‬


‫كمية اآلداب والعموم اإلنسانية‬
‫قسم المغة العربية‬

‫صورة المرأة في النص المسرحي الشعري الفمسطيني‬


‫دراسة بنائية في نصوص معين بسيسو المسرحية‬

‫"‪"The Image of Women in the Palestinian Theatrical Texts‬‬


‫‪Constructive Study in the Theatrical Texts of the Playwright Mu'in Bseiso‬‬

‫إعداد الطالب ‪:‬‬

‫ماهر محمود داود‬

‫إشراف‬

‫األستاذ الدكتور‪ /‬محمد إسماعيل حسونة‬

‫قدمت ىذه الرسالة استكماالً لمتطمبات الحصول عمى درجة الماجستير‬


‫من قسم المغة العربية بكمية اآلداب والعموم اإلنسانية في جامعة األقصى‬

‫‪7102‬م ‪0341-‬ه‬
‫أنا الموقع أدناه مقدم الرسالة التي تحمل العنوان‪:‬‬

‫صورة املرأة يف النص املسرحي الشعري الفلسطيين‬


‫دراسة بنائية يف نصوص معني بسيسو املسرحية‬
‫"‪"The Image of Women in the Palestinian Theatrical Texts‬‬
‫‪Constructive Study in the Theatrical Texts of the Playwright Mu'in Bseiso‬‬

‫أقر بأن ما اشتممت عميو ىذه الرسالة إنما ىي نتاج جيدي الخاص‪ ،‬باستثناء ما تمت‬
‫اإلشارة إليو حيثما ورد‪ ،‬وان ىذه الرسالة ككل‪ ،‬أو أي جزء منيا لم يقدم من قبل لنيل درجة أو‬
‫لقب عممي أو بحث لدى أية مؤسسة تعميمية أو بحثية أخرى‪.‬‬

‫وأنييييييل ألمسييييييا قاسوييييييكوايم قاكانونيييييييم ق ا يسيييييييم اس ييييييم ميييييياا ييييييو‬


‫سا يخااف ذاك‪.‬‬

‫ساهر سمسو موين قو‬


‫قوييييييم قاطييييييييااب‪:‬‬

‫قالوقييييييييييييييييييييييييييييع‪:‬‬
‫‪2017-6-11‬م‬ ‫قاليييييييييييييييييييييييييييياريخ‪:‬‬
‫إهداء‬
‫إلى من نذرت عمرىا في أداء رسالة‬ ‫‪-‬‬
‫نسجتيا من أوراق الصبر‬
‫وطرزتيا في ظالم الدىر‬
‫عمى سراج األمل‬
‫بال فتور أو كمل‬
‫رسالة تعمم العطاء كيف يكون عطاء‬
‫وتعمم الوفاء كيف يكون وفاء‬
‫إليك أمي أىدي ىذه الرسالة ‪.‬‬

‫إلى من كمل العرق جبينو ‪ ...‬وشققت األيام يديو‬ ‫‪-‬‬


‫إلى من عممني أن األعمال الكبيرة ال تنجز إال بالصبر والعزيمة واإلصرار‬
‫إلى والدي أطال اهلل في عمره ‪.‬‬

‫بكل الحب ‪ ...‬إلى رفيقة دربي‬ ‫‪-‬‬


‫وشريكتي في الحياة‬
‫إلى من سارت معي نحو الحمم ‪ ...‬خطوة بخطوة‬

‫بذرناه سوياً ‪ ...‬وحصدناه سوياً‬


‫وسنبقى سوياً ‪.‬‬
‫‪ -‬إلى من أىدوني زىرة الحياة‬

‫إلى من عمّموني عمم الحياة‪ ,‬إلى من أظيروا لي ما ىو أجمل من الحياة‪ ,‬إخوتي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬لكل من قدم لممسرح عرضاً أو نقداً أو نصاً‬

‫إلييم جميعاً أىدي ىذا الجيد المتواضع‬

‫ب‬
‫شكر وتقدير‬
‫عز َّ‬
‫وجل"‬ ‫الناس ال يشكر اهللَ َّ‬
‫( رواه اإلمام أحمد في مسنده)‬ ‫يقول النبي محمد ‪" ‬من ال يشكر َ‬

‫أتقدم بالشكر والعرفان لجامعة األقصى ممثَّمة في كمية اآلداب وعمادة الدراسات العميا عمى إتاحة‬
‫الفرصة لاللتحاق ببرنامج الماجستير ‪.‬‬

‫الخمق الرفيع والعمم الوافر أستاذي ومعممي األستاذ‬


‫أخص بالشكر الجزيل والعرفان لصاحب ُ‬
‫و ُّ‬
‫الدكتور ‪ :‬محمد إسماعيل حسونة المشرف عمى ىذه الرسالة‪ ,‬وعمى ما َّ‬
‫قدمو لي من نصح‬
‫وتوجيو‪ ,‬سائالً المولى أن يبارك في عمره وعممو ‪.‬‬

‫أسجل شكري وتقديري لعضوي لجنة المناقشة الكريمين األستاذ الدكتور ‪ :‬أحمد جبر شعت‪,‬‬
‫كما ّ‬
‫تفضميما بقبول مناقشة الرسالة‪ ,‬واثرائيا‬
‫واألستاذ الدكتور ‪ :‬عاطف عبد اهلل أبو حمادة‪ ,‬عمى ّ‬
‫بآرائيما السديدة‪ ,‬وتوجيياتيم الرشيدة ‪.‬‬

‫كما ال يفوتني أن أتقدم بالشكر ألساتذتي بقسم المغة العربية في جامعة األقصى‪ ,‬و أتقدم بجزيل‬
‫الشكر والعرفان لحاممة الجمرة الرفيقة ‪ " :‬صيباء البربري "‪ ,‬زوجة الشاعر " معين بسيسو "‪,‬‬
‫والدكتورة " زينب الطحان" عمى ما قدموه لي من مساعدة بتوفير أغمب المصادر التي تخدم‬
‫رسالتي‪ ,‬ولجميع رفاقي و أصدقائي كل الشكر ‪.‬‬

‫وختاماً أتقدم بجزيل الشكر لكل من ساىم في انجاز ىذا العمل ‪...‬‬

‫دمتم جميعاً خير عون‬

‫واهلل ولي التوفيق‬

‫ت‬
‫الممخص‬

‫ىذه الدراسة الموسومة بصورة المرأة في النص المسرحي الشعري الفمسطيني‪ ,‬معين بسيسو‬
‫أنموذجاً‪ ,‬حيث قامت بدراسة دور المرأة‪ ,‬وتعدد صورىا‪ ,‬وعالجت القضايا المطروحة لوجود المرأة‬
‫داخل المسرحيات الشعرية الخمس " مأساة جيفارا‪ ,‬ثورة الزنج‪ ,‬شمشون ودليمة‪ ,‬الصخرة‪,‬‬
‫العصافير تبني أعشاشيا بين األصابع" ‪.‬‬

‫وقد برز ذلك من خالل استخدام الكاتب لمعديد من الشخصيات واألحداث الدرامية التي تظافرت‬
‫إلظيار أىم القضايا االجتماعية والسياسية والنفسية لشخصية المرأة‪ ,‬وىذا ما تناولناه بالتحميل‬
‫والعرض من خالل إبراز داللة توظيف المرأة نصياً ‪.‬‬

‫وشممت الدراسة مقدمة‪ ,‬وتمييداً‪ ,‬وثالثة فصول‪ ,‬وخاتمة وتوصيات‪ ,‬وفق اآلتي ‪:‬‬

‫التمهيد ‪:‬‬

‫قدم البحث تعريفاً نظرياً بعناصر النص الدرامي المسرحي‪ ,‬وقام بإظيار الفرق بين النص‬
‫المسرحي والنص الدرامي المسرحي‪ ,‬باإلضافة إلى نبذة عن حياة الكاتب وممخص لمسرحياتو‬
‫الخمسة وىي محور الدراسة‪ ,‬وفي خاتمة التمييد قُِدمت معطيات نظرية عن المنيج البنائي ‪.‬‬

‫الفصل األول ‪:‬‬

‫جاء بعنوان " بنية الشخصية النسائية" وقد جاء في مبحثين‪ ,‬المبحث األول الوظائف السردية‬
‫لمشخصية والذي تناول أبعاد شخصية المرأة ( البعد الخارجي – النفسي – االجتماعي – الفكري‬
‫)‪ ,‬وأنواع الشخصيات ونموىا وتطورىا ومصداقيتيا وعناصر التشخيص‪ ,‬أما المبحث الثاني فقد‬
‫أظير صورة المرأة التي تجمت عند الكاتب في نصوصو المسرحية عمى النحو اآلتي ‪ " :‬المرأة‬
‫المناضمة – المرأة الرمز – المرأة الواعية – المرأة الصييونية " ‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫تناول موضوع " المرأة والتشكيل البنائي لممكان والزمان "‪ ,‬حيث سمط البحث عمى داللة حركة‬
‫المرأة في المكان وتأثيرىا عمى تشكيل صورتيا الداللية وفق الثنائية البنائية الضدية الداخل‬

‫ث‬
‫والخارج‪ ,‬وقام بدراسة تقنيات تشكيل الزمن النصي في عالقتو بإبراز صورة المرأة‪ ,‬وال سيما الزمن‬
‫النفسي‪ ,‬وما يجول في نفسيتيا وعالقتيا بالمحيط االجتماعي الذكوري ‪.‬‬

‫الفصل الثالث ‪:‬‬

‫وقد جاء بعنوان " بنية المغة النصية "‪ ,‬والذي تناول دالالت الحوار الخارجي والداخمي عمى‬
‫شخصية المرأة الفمسطينية‪ ,‬وأظير طبيعة الحياة التي تحياىا المرأة تحت وطأة االحتالل وقام‬
‫بإبراز دور المرأة في القضايا الوطنية‪ ,‬وعبر عن انفعاالتيا وأبعادىا الفكرية والنفسية ‪.‬‬

‫وقد ُسبِقت الدراسة بمقدمة عرضت دوافع الدراسة وأىميتيا‪ ,‬والمنيج الذي اتبعتو‪ ,‬وختمت الدراسة‬
‫بخاتمة تضم النتائج والتوصيات التي توصل ليا البحث من خالل الدراسة‪ ,‬ثم المصادر والمراجع‬
‫التي اعتمدت عمييا الدراسة ‪.‬‬

‫ج‬
Abstract
This study which is tagged image of women in the Palestinian theatrical
dramatic text, in the dramatic texts of the playwright Mu'in Bseiso . It
studied the role of women and their multi forms. it dealt with the issues
of the women presence within the dramatic texts of five plays "Tragedy
of Guevara, Zinj revolution, Samson and Delilah, Rock, Birds build their
nests between the fingers "

The writer employs many characters and dramatic events that worked
together to show the most important social, political and psychological
issues of women's character, and that's what we've had through analysis
by highlighting the concept of using women in texts.
The study included an introduction, preface, three chapters, conclusion
and recommendations, according to the following:
Preface:
The Research presented a theoretical definition of the dramatic theatrical
text elements and showed the differences between theatrical text and the
dramatic theatrical text , in addition to the writer biography and a
summary of his five plays, which serves the study. At the end of preface ,
some theoretical data has been provided for constructivist approach.
Chapter 1 :
It was Titled "structure of constructive personal," which presented in two
sections. the first section concludes the narrative functions of the
character, which dealt with the woman's personality dimensions (external
dimension - psycho - social - intellectual), the types of characters: their
growth ,development, credibility and elements of diagnosis. while the
second section shows the image of women that illustrated in the writer's

‫ح‬
play texts as follows: " struggling women – symbol women - conscious
women – Zionist women ".
Chapter II:
It discussed he theme of "Women and the structural formation of space
and time". the research highlighted the signify of women's
movement in space and its impact on the formation of its image
according double constructive and contradictive inside and outside.
it also, studied the formation of the text time techniques in relation
to highlight the image of women, particularly the psychological
time, and what comes in their psyche and its relationship with male
social environment .

Chapter III :
It was Entitled " structure of textual language ," which dealt with the
implications of the external and internal dialogue on Palestinian
women character which showed the nature of life that women live
under occupation . It also highlighted the role of women in national
issues and expressed her emotions and their intellectual
psychological dimensions.

The study was preceded by an introduction presented the Purpose,


importance of the study and the approach followed. The study
concludes with a summary of the findings and recommendations
reached by the research through the study, then the sources and
references that were adopted by the study.

‫خ‬
‫المقدمة‬

‫يمثل المسرح أداة ميمة في تشكيل الوعي الثقافي والمعرفي‪ ,‬حيث أسيم في تحريك عجمة تطوير‬
‫المجتمعات‪ ,‬فيو ليس وسيمة ترفييية فقط‪ ,‬وانما يتخطى ذلك الدور إلى اكتشاف نوا ِح الجمال في‬
‫النفس البشرية‪ ,‬حيث إنو يعتمد عمى قدرة اإلنسان عمى االستكشاف والتعجب والتأمل في جميع‬
‫نواحي حياتو؛ ألنو يخاطب العقل والوجدان معاً ‪.‬‬

‫إن الفن المسرحي ىو الفن الذي تمتقي عنده جميع الفنون‪ ,‬وميما تعددت الفنون بكافة أشكاليا‬
‫وأنواعيا يبقى المسرح ىو الوحيد القادر عمى كشف مكنونات اإلنسان الفكرية والنفسية‬
‫واالجتماعية وغيرىا ‪.‬‬

‫وجود المرأة في المسرح العربي بالعموم والفمسطيني بالخصوص يكاد يكون ضئيالً‪ ,‬فقد قدمت‬
‫المرأة صو اًر متداخمة في النص المسرحي و من حيث إنيا كاتبة‪ ,‬لكنيا كانت تسير في ظروف‬
‫ضيقة‪ ,‬ويعود السبب إلى نظرة المجتمع غير الراغبة عن وجود المرأة في ىذا المجال‪ ,‬وان‬
‫وجدت تكون في أدوار ىامشية غير واضحة‬

‫فنرى في المسرحية امرأة واحدة مقابل ثالثة رجال فمثل ىذا األمر نجد فيو قصو اًر لتحفيز وجود‬
‫المرأة في مجال المسرح‪ ,‬وعند التعرض لمالمح شخصية المرأة داخل النص الدرامي المسرحي‬
‫الفمسطيني نرى غياباً لدورىا الفاعل‪ ,‬وتغييب لدورىا األساسي كونيا عنص اًر فاعالً داخل المجتمع‬
‫وتتجمى تمك الفاعمية في ترجمتيا لنصوص مسرحية‪ ,‬وكيفية النظر ليا داخل النص الدرامي‬
‫المسرحي الذي مازال يقدم المرأة عمى إنيا مسحوقة ومظمومة ‪.‬‬

‫وىذا األمر يؤدي إلى عجز عن رؤية مشاركتيا الفاعمة في الحياة االجتماعية والسياسية التي‬
‫اتسعت في العصر الحديث‪ ,‬وعمى الرغم من تحفيز واىتمام المؤسسات في اآلونة األخيرة لدمج‬
‫المرأة كعنصر فاعل في االنتاج المسرحي إال أن العوائق ال تزال حاضرة‪ ,‬ومازال وجود المرأة‬
‫خجوالً في الوسط المسرحي‪.‬‬

‫د‬
‫إن البحث في ىذا الموضوع بحث شيق رغم قمة المصادر والمراجع التي تناولت ىذا الموضوع‬
‫إال في بعض الدراسات واإلشارات التي وردت في ثنايا الدراسات‪ ,‬أما عن أىم الدراسات التي‬
‫ساعدتني في إتمام البحث‪ ,‬ىي الرمز في مسرح معين بسيسو الشعري ‪ ,‬د‪ .‬نجوى السيد عطا‬
‫اهلل‪ -‬مكتبة مصر‪ -‬القاىرة‪3102 ,‬م‪ ,‬و المسرح في الوطن العربي‪ ,‬د‪ .‬عمي الراعي‪ ,‬ط‪,3‬‬
‫الكويت‪ ,‬عالم المعرفة كتب عن المسرح في فمسطين ‪ ,‬والشخصية النسائية في مسرح توفيق‬
‫الحكيم قراءة نقدية وتحميمية ألحمد صقر ‪.‬‬

‫ومما شجعني الختيار موضوع الدراسة الموسوم ب " صورة المرأة في النص الدرامي المسرحي‬
‫الشعري الفمسطيني " ‪ :‬قمة الدراسات التي تناولت النصوص الدرامية المسرحية المتعمقة بموضوع‬
‫المرأة‪ ,‬والرغبة في الكشف عن صور المرأة في النص الدرامي المسرحي الفمسطيني وكيفية‬
‫تشكيميا فنياً‪ ,‬والطموح في تزويد المكتبة العربية بدراسة تتناول واقع المرأة وقضاياىا في النص‬
‫الدرامي المسرحي الفمسطيني‪ ,‬وبغرض الكشف عن مكنونات المرأة وأىم القضايا التي تُطرح في‬
‫النص الدرامي المسرحي ‪.‬‬

‫وكانت حدود الدراسة محصورة في خمسة نصوص درامية مسرحية لمشاعر " معين بسيسو"‪ ,‬ىي‬
‫مأساة جيفارا‪ ,‬ثورة الزنج‪ ,‬شمشون ودليمة‪ ,‬الصخرة‪ ,‬العصافير تبني أعشاشيا بين األصابع‪,‬‬
‫حيث تم اختيار النصوص المسرحية بعناية؛ حيث إن البحث راعى تواجد المرأة بشكل ثري يخدم‬
‫الدراسة‪ ,‬فضالً عن أن النماذج السابقة كانت من أكثر النصوص الدرامية المسرحية الفمسطينية‬
‫التي أعطت أدوا اًر مختمفة لممرأة‪ ,‬ورسمت صورىا بطرق عدة‪ ,‬ولذا تنيض الدراسة لتتبع ودراسة‬
‫التشكيل الفني الذي طرحو الشاعر " معين بسيسو" لصور المرأة نصياً وداللة توظيفيا ‪.‬‬

‫وتتمثل مشكمة الدراسة في الوقوف عمى دور المرأة وطرح أىم قضاياىا في النص المسرحي‬
‫الفمسطيني‪ ,‬وتظير من خالل التساؤالت التي يطرحيا البحث حول داللة توظيف المرأة نصياً في‬
‫البناء الدرامي لمنص الدرامي المسرحي الفمسطيني ؟ وعن أىم القضايا االجتماعية والسياسية‬
‫والنفسية المقدمة لممرأة في النص الدرامي المسرحي الفمسطيني؟ وعن رؤية الكاتب لصورة المرأة‬
‫في النص الدرامي المسرحي الفمسطيني ؟ ‪.‬‬

‫ذ‬
‫و من خالل ما سبق‪ ,‬يعتبر النص المسرحي أحد أبرز األجناس األدبية‪ ,‬حيث إنو أكثر األجناس‬
‫قدرة عمى كشف المكنونات الشخصية واألبعاد الفكرية لممرأة‪ ,‬وقد اتخذ ىذا البحث المنيج‬
‫البنائي أساساً لو‪ ,‬ليسيم في إضاءة جنبات النص األدبي‪ ,‬ودراسة أجزاء النص األدبي وعالقاتو‬
‫المتشابكة ‪.‬‬

‫وتتألف الدراسة من تمييد‪ ,‬يميو ثالثة فصول‪ ,‬وخاتمة ‪ ,‬أما التمييد فجاء عمى النحو التالي‪:‬‬
‫التعريف النظري بعناصر النص المسرحي الدرامي‪ ,‬ونبذة مختصرة عن حياة الكاتب " معين‬
‫بسيسو" وأعمالو المسرحية‪ ,‬ومعطيات نظرية عن المنيج البنيوي ‪.‬‬

‫أما الفصل األول فقد تناول بنية الشخصية النسائية‪ ,‬وقد تم تقسيمو إلى مبحثين‪ ,‬وىما ‪" :‬‬
‫الوظائف السردية لمشخصية "‪ ,‬و " صورة المرأة " ‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فقد تناول موضوع المرأة والتشكيل البنائي لممكان والزمان‪ ,‬حيث تم فيو تناول‪,‬‬
‫" بنية المكان النصي"‪ ,‬و" بنية الزمان النصي" ‪.‬‬

‫أما الفصل الثالث فقد أفرد البحث لو عنوان بنية المغة النصية‪ ,‬وتم الحديث فيو عن " الحوار‬
‫الخارجي"‪ ,‬و" الحوار الداخمي " ‪.‬‬

‫أما الخاتمة فقد اشتممت عمى أىم ما توصمت إليو الدراسة من نتائج وتوصيات ‪.‬‬

‫ر‬
‫مدخل تمييدي‬

‫أوال‪ :‬التعريؼ النظري بالفف المسرحي‬

‫ثانيا‪ :‬التعريؼ بالمؤلؼ والمسرحيات‬

‫ثالثا‪ :‬معطيات نظرية عف المنيج البنيوي‬

‫‪1‬‬
‫الفن المسرحي ‪:‬‬

‫األدب نتاج تجارب إنسانية‪ ,‬فيو أكثر مف يستطيع التعبير عف مكنونات المجتمع النفسية‬
‫واالجتماعية‪ ,‬وعف مشاعر وتجارب وأفكار أي أمة‪.‬‬
‫حيث إف الحالة التي يعيشيا األديب في الوسط المجتمعي ليا أثر واضح عمى نتاجو األدبي‪,‬‬
‫ُ‬
‫ف األدباء يعيشوف في مجتمع لو ظروؼ وأحكاـ يستميموف مف خبلؿ فنونو أفكا ار وقيما‪ ,‬تفرض‬
‫عمييـ توجيو رسائؿ تيدؼ إلى تيذيب الخمؽ واألفكار‪.‬‬
‫وفف المسرح فف أدبي رفيع المستوى‪ ,‬ويعتبر مصد ار مف المصادر اليامة التي يستند إلييا أي‬
‫كاتب لمخروج بمادة أدبية تصور النواحي النفسية والفكرية واالجتماعية لممجتمع وألفراده‪.‬‬

‫تؼريف الوسرح ‪:‬‬

‫تعددت التعريفات التي تناولت مفيوـ المسرح‪ ,‬ومنيا ما ورد في كتاب حيرة النص المسرحي‬
‫"المسرح لوف مف ألواف النشاط الفكري البشري المخصوص بالتعبير عف مشاعر اإلنساف‬
‫ودوافعو وعبلقاتو وتاريخو وقيمو ونوازعو وارادات أفراده بوصفيـ ذوات خاصة أو لكؿ منيا‬
‫خصوصيتيا المتفاعمة فك ار ومشاعر وقيما مع غيرىا في حيز زماني ومكاني‪ ,‬وفي حالة مف‬
‫التغيير والنمو تعبي ار حاض ار في الرسالة والتمقي في االرساؿ واالستقباؿ عف طريؽ نص مترجـ‬
‫أو مقتبس أو مؤلؼ ومجسدا تجسيدا مترجما بالصورة الصوتية وبالصورة الحركية البشرية"ٔ ‪.‬‬
‫وعميو‪" ,‬إف المسرح ىو الفف القائـ عمى المشاىدة والرؤية وال أدؿ عمى ذلؾ مف أصؿ كممة مسرح‬
‫في حد ذاتيا‪ ,‬فكممة مسرح "‪ "theatre‬مأخوذة مف الكممة اليونانية "‪ "theatron‬وىي تعني حرفيا‬
‫ٕ‬
‫مكاف الرؤية والمشاىدة"‪.‬‬

‫ٔ‬
‫‪ -‬أبو الحسف عبد الحميد سبلـ‪ ,‬حيرة النص المسرحي بيف الترجمة واالقتباس واإلعداد والتأليؼ‪ ,‬مركز االسكندرية‪ ,‬الطبعة الثانية‪,‬‬
‫ٖ‪,ٜٜٔ‬ص‪.ٜٔ‬‬
‫ٕ‪ -‬شكري عبد الوىاب‪ ,‬النص المسرحي‪ ,‬دار فمور لمنشر‪ ,‬االسكندرية‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,ٕٓٓٔ ,‬ص‪.ٜ‬‬

‫‪2‬‬
‫رصد كثير من الكتاب والنقاد مصطمحات عديدة لمنص المسرحي نورد منيا‪:‬‬

‫المسرح الشعري‪:‬‬

‫"النص المكتوب شع اُر وىو القابؿ –في الوقت نفسو‪ -‬لمتمثيؿ‪ ,‬فمف المؤكد ىنا أف البناء الدرامي‬
‫البالغ الدقة فيو يييمف عمى العناصر الغنائية ويسيرىا لمصمحة حركة الدراما"ٔ‪ ,‬وعميو نفرؽ بيف‬
‫الشعر المسرحي والمسرح الشعري فاألوؿ اتفؽ النقاد عمى أنو شعر ويحتفظ بمبلمح الشعر‬
‫الغنائي كاستقبلؿ البيت والقافية‪ ,‬أما المسرح الشعري فيو النوع األدبي الذي تمتقي فيو مبلمح‬
‫ٕ‬
‫الشعر الغنائي بالفف الدرامي وتمتزج بو"‪.‬‬

‫حيث أتى عمى المسرح حيف مف الدىر كانت لغتو ىي الشعر‪ ,‬فمف ثـ كاف يحرؾ انفعاالت‬
‫الجماىير‪ ,‬ويوافؽ حاجتيـ الدائمة الى مفرج قوي عنيـ‪ ,‬ومطير آلالميـ المكبوتة‪ ,‬كما كاف مرآة‬
‫ٖ‬
‫تحاكي ما تزخر بو النفوس مف أشواؽ‪.‬‬
‫"المسرحية الشعرية ىي خمؽ عالـ كامؿ ومتفرد يقوـ عمى معايشة وجدانية لتجزئة شعرية كثيرة‬
‫الظبلؿ واإليحاءات ال ينبع الشعر فييا مف صميؿ القوافي المتتابعة ورتابة اإليقاع الواحد يأخذ‬
‫بأعناقيا مف البداية لمنياية‪ ,‬ولكف مف "عبلمات" تحدد انتظاـ ىذا العالـ الخاص‪ ,‬وتشير الى‬
‫التنوع والصراع فيو‪ ,‬المسرحية الشعرية ليست ثرثرة بالشعر لكنيا تطويع الشعر لممسرح واغناء‬
‫ٗ‬
‫المسرح بالشعر‪ ,‬المسرحية الشعرية معايشة لمتجربة ال مبلمسة ليا"‬
‫كثي ار ما يقع الخمط بيف المنظريف لممسرح ما بيف مصطمحيف لكؿ منيا داللة تميزه عف اآلخر‬
‫وىما النص المسرحي‪ ,‬والنص الدرامي ‪:‬‬

‫ػلن الوسرحيت‪:‬‬

‫"ىو ذلؾ العمـ الذي شغؿ أذىاف الكثيريف مف ألمع النقاد والفبلسفة في عالـ األدب منذ أف انبمج‬
‫فجر الفف المسرحي في سماء أوروبا‪ ,‬ومف اليوناف القديمة حتى العصر الحديث‪ ,‬وليس مف‬
‫العسير إدراؾ السبب في ذلؾ‪ ,‬فالمسرحية ىي أغرب طرز اآلداب جميعا‪ ,‬فيي تتصؿ اتصاال‬

‫ٔ‬
‫‪-‬مصطفى عبد الغني‪ ,‬المسرح الشعري "األزمة والمستقبؿ"‪ ,‬عالـ المعرفة‪ ,‬سمسمة كتب ثقافية شيرية‪ ,‬الكويت ‪,ٜٔٚٛ‬صٕٕ‪.‬‬
‫ٕ‬
‫‪ -‬المرجع نفسو ‪,‬صٕٕ‪ ,‬بتصرؼ‪.‬‬
‫ٖ‬
‫‪ -‬كماؿ محمد إسماعيؿ‪ ,‬الشعر المسرحي في األدب المسرحي المعاصر‪ ,‬تقديـ د‪ .‬عبد المنعـ إسماعيؿ‪ ,‬الييئة المصرية العامة‬
‫لمكتاب‪,ٜٔٛٔ,‬ص‪.ٚ‬‬
‫ٗ‬
‫‪ -‬فاروؽ عبد القادر‪ ,‬رؤى الواقع وىموـ الثورة المحاصرة "دراسات في المسرح المعاصر"‪ ,‬دار اآلداب ‪,‬بيروت‪,ٜٜٔٓ ,‬صٔ‪.ٔٛ‬‬

‫‪3‬‬
‫وثيقاً بكؿ ما في دنيا المسرح مف مادة‪ ,‬كما تعتمد اعتمادا كميا عمى جميع ما يشتمؿ عميو ىذا‬
‫ٔ‬
‫العالـ‪ ,‬عمى جماىيره المكتظة‪ ,‬وعمى شغؼ الناس بيا في جميع أصقاع األرض"‪.‬‬
‫الٌص الوسرحي‪ "performance" :‬فيو نص العرض‪ ,‬الذي يعني ىنا مركب ظاىرة تشارؾ‬
‫في تعامؿ الممثؿ ‪,‬المتفرجيف إلنتاج معنى ‪ meaning‬وايصالو"ٕ بوساطة العرض نفسو‬
‫واألنساؽ التي تشكؿ أساسا لو"‪.‬‬

‫كممة دراما مشتقة مف الفعؿ اليوناني القديـ "دراؤ" بمعنى أعمؿ فيي تعني إذف أي عمؿ أو حدث‬
‫سواء في الحياة أو عمى خشبة المسرح‪ ,‬فإذا نظرنا الى كممة دراما عمى أساس أنيا عمؿ أو‬
‫ٖ‬
‫حركة أو حدث فيي محاكاة‪ ,‬ألف المحاكاة تشتمؿ عمى العمؿ والحركة والحدث‪.‬‬

‫الٌص الذراهي ‪ "dramatictext" :‬نص المؤلؼ المكتوب‪ ,‬وىو ذلؾ النوع مف التخيؿ ‪fiction‬‬
‫المصمـ خصيصا لمتمثيؿ المسرحي(ماعدا حاالت خاصة جدا) والمبني عمى أساس أعراؼ‬
‫ٗ‬
‫درامية خاصة "‪.‬‬

‫وعميو يكوف تعريؼ النص المسرحي ‪ :‬جنس أدبي اليدؼ منو العرض عمى خشبة المسرح أماـ‬
‫جميور‪ ,‬حيث يقوـ الممثموف بعرض النص المسرحي عمى شكؿ حوار وعرض حركات يصنعيا‬
‫الكاتب‪.‬‬

‫ٔ‬
‫‪-‬أالردس نيكوؿ‪ ,‬عمـ المسرحية‪ ,‬ترجمة دريني خشبة‪ ,‬مكتبة اآلداب ومطبعتيا بالجماميز‪,ٜٖٔٛ,‬صٔ‬
‫ٕ‬
‫‪ -‬أكرـ اليوسؼ‪ ,‬الفضاء المسرحي "دراسة سيميائية"‪ ,‬دار المشرؽ‪ ,‬دمشؽ‪ ,‬الطبعة األولى‪,ٜٜٔٗ ,‬ص٘٘‪.‬‬
‫ٖ‬
‫‪-‬عادؿ محمد النادي‪ ,‬فف كتابة الدراما‪ ,‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪ ,‬الطبعة الثانية‪,ٜٜٖٔ,‬صٗ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬أكرـ يوسؼ‪ ,‬الفضاء المسرحي‪,‬ص٘٘‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫معين بسيسو ‪:‬‬
‫يعد الشاعر " معيف بسيسو " مف رواد الشعر المقاوـ بعد النكبة‪ ,‬فمف خبلؿ شعره عكس‬
‫ّ‬
‫الحالة السياسية واالجتماعية لشعبو الفمسطيني‪ ,‬وصور ىموـ شعبو وتميز بنبذه لكافة أشكاؿ‬
‫الظمـ الواقع عميو‪ ,‬ممتزماً بالقضايا الطبقية واإلنسانية والوطنية‪ ,‬ىو شاعر تحريضي ثائر يتسـ‬
‫شعره بالمصداقية العالية كونو نابعاً مف تجربتو الشخصية ‪.‬‬
‫اتصؼ شعره بالفكر الشمولي غير نابع عف ذاتية أو أنانية لشخصو‪ ,‬فيو يعبر عف‬
‫قضايا العماؿ والفبلحيف‪ ,‬قصائده مرتبطة بالوطف وقضايا التحرر مف االستبداد الواقع عمى جميع‬
‫المقيوريف عمى األرض‪ ,‬نتاجو األدبي إنساني الطابع تقدمياً ثورياً‪ ,‬ييدؼ مف خبللو إلظيار دور‬
‫المرأة و جماؿ الوطف ‪.‬‬
‫" في الثالث والعشريف مف شير كانوف الثاني توقؼ قمب الشاعر المناضؿ معيف بسيسو‬
‫عف الخفقاف "ٔ‪ " ,‬لـ يكف معيف بسيسو شاع ار فحسب بؿ كاف مناضبل‪ ,‬سياسيا تعامؿ مع عممو‬
‫بأسموب خاص وانتقائي في مجاؿ السياسة والعمـ"ٕ‪.‬‬
‫" ولد معيف توفيؽ بسيسو في مدينة غزة بفمسطيف‪ ,‬بتاريخ ٓٔ‪ ,ٜٕٔٙ/ٔٓ/‬وتمقى‬
‫عمومو االبتدائية في مدارسيا الحكومية‪ ,‬ومع إعبلف اإلضراب العاـ الشامؿ وانطبلقة ثورة الشعب‬
‫العربي الفمسطيني عمى االنتداب البريطاني والوجود الصييوني في فمسطيف عاـ ‪ ٜٖٔٙ‬كاف‬
‫معيف مع رفاقو طبلب المدارس في مدينة غزة وىو ال يزاؿ صبيا يقاتموف قوات البوليس‬
‫البريطاني في شوارع المدينة الباسمة "ٖ‪.‬‬
‫" التحؽ الشاعر بالجامعة األمريكية بالقاىرة عاـ ٕ٘‪ ,ٜٔ‬بدأ مسيرتو األدبية مبك ار‬
‫بالنشر في جريدة "الحرية" اليافاوية ‪ ,‬نشر أولى قصائده عاـ ‪ ,ٜٔٗٙ‬وانخرط بالعمؿ السياسي‬
‫حيث أنو تقدـ المظاىرات بصدر مكشوؼ رافضا مشروع التوطيف الذي ييدؼ الى توطيف شعبو‬
‫في سيناء‪ ,‬فبل بديؿ عف أرض فمسطيف‪ ,‬وبسبب مواقفو السياسية سجف في المعتقبلت المصرية‪,‬‬
‫ترؾ لنا الشاعر إرثا أدبيا واسعا ‪ ,‬مف دواوينو "األردف عمى الصميب"‪" ,‬قصائد مصرية"‪" ,‬فمسطيف‬
‫في القمب"‪" ,‬األشجار تموت واقفة"‪" ,‬مارد مف السنابؿ"‪" ,‬حيف تمطر األحجار" وغيرىا"ٗ‪.‬‬

‫ٔ‬
‫‪ -‬في ذكرى معيف بسيسو‪ ,‬الممتقى الفكري العربي‪-‬دائرة الكتاب‪ -‬القدس‪,ٜٔٛٗ,‬ص‪.ٚ‬‬
‫ٕ‬
‫‪-‬المرجع نفسو‪ ,‬صٔٔ‪ ,‬بتصرؼ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬الذكرى الرابعة لرحيؿ شاعر فمسطيف والثورة معيف بسيسو‪ ,‬االتحاد العاـ لمكتاب والصحفييف الفمسطينييف‪-‬األمانة العامة‪ -‬تونس‪,‬‬
‫‪,ٜٔٛٛ‬صٕ‪.‬‬
‫ٗ‬
‫‪ -‬محمد توكمنا‪ ,‬محطات في حياة الشاعر معيف بسيسو‪ ,‬بيت فمسطيف لمشعر‪ ,‬موقع الكتروني‪ ,‬بتصرؼ‪,‬‬
‫‪http://www.ppbait.org/index.php?option=com_content&view=article&id=1880:2010-04-11-13-39-‬‬
‫‪.-05&catid=120:-2012‬‬

‫‪5‬‬
‫انتماء الشاعر لعصبة التحرر ما قبؿ النكبة ومشاركتو في الحياة السياسية أثناء تواجده‬
‫في قطاع غزة‪ ,‬أثرت عمى إنتاج الشاعر األدبي ففمسفتو كانت قائمة عمى مبدأ التحريض الثوري‬
‫مف خبلؿ األدب ‪.‬‬
‫"النضوج الفكري المبكر لمعيف بسيسو ساعده الى حد كبير في تطوير نظرتو الى الشعر‬
‫وفي تعميؽ رؤياه الفكرية والسياسية‪ ,‬فقد كاف عضوا في عصبة التحرر الوطني الفمسطيني في‬
‫أواخر األربعينات ‪ ,‬ومف ثـ سكرتير لمحزب الشيوعي الفمسطيني في غزة‪ ,‬وال شؾ في أف امتبلكو‬
‫لنظرية العصر‪-‬الماركسية المينينية‪ -‬كانت ليا أثر كبير في معاني شعره والمضاميف والقضايا‬
‫التي توجو شعره إلييا"ٔ ‪.‬‬

‫لقد أدى الفقيد معيف بسيسو دوره ورسالتو وكانت رحمتو طويمة مف شواطئ غزة الى قمب‬
‫عواصـ العالـ يحمؿ التراب والذكريات مف و إلى فمسطيف‪ ,‬سيظؿ معيف أسطورة فمسطينية‪,‬‬
‫خالدة لـ يكتبيا لنفسو‪ ,‬بؿ كتبيا لشعبو أف مثؿ معيف الذي خمؼ لنا كؿ ىذا التراث اليائؿ ال‬
‫يمكف إال أف يكف معنا وبيننا عمى الدواـ‪ ,‬وحياة المنفى ليست حالة جديدة في حياة الفمسطينييف‬
‫والثورة ثورة أجياؿ وتاريخ ويظؿ األساس أف يحسف جيمنا بناء األساسٕ ‪.‬‬
‫وأما أعمالو األدبية فقد تنوعت‪ ,‬ما بيف الشعر والنثر والمقاالت‪ ,‬بؿ وقدـ لممسرح الفمسطيني ست‬
‫مسرحيات كانت دافعا لمتعبير عف رأيو والوصوؿ ألىدافو‪ ,‬نتناوؿ منيا ما يخدـ الدراسة عمى‬
‫النحو اآلتي‪:‬‬

‫هأساة خيفارا‪:‬‬

‫ؼ عف معيف بسيسو أنو مف جيؿ أدب المقاومة الفمسطينية فكاف مف فرساف المسرح‬ ‫ُع ِر َ‬
‫الشعري الفمسطيني‪ ,‬يسخر طاقتو الكتابية لخدمة أىدافو وقيمو الصورية فكتب مسرحية "مأساة‬
‫جيفارا" التي أخذ مادتيا مف تجربة عصرية لرمز مف رموز الثورة ضد االستعمار‪ ,‬لقد تأثر‬
‫بسيسو بشخصية الثائر جيفا ار وحاوؿ إسقاط تجربتو النضالية لمدفاع عف القضية الفمسطينية‪",‬‬
‫وتدور حوادث ىذه المسرحية في قرية بوليفينية بعد مصرع البطؿ جيفا ار عاـ ‪ ,ٜٔٙٚ‬فما أف‬
‫أردى جيفا ار صريعا حتى أصبحت أقوالو وأفعالو منا ار ييتدي بيا ومثاال يقتدى‪ ,‬فيو كما وصفو‬
‫ٖ‬
‫سارتر "أكثر الرجاؿ اكتماال في ىذا العصر"‪.‬‬

‫ٔ‬
‫‪-‬في ذكرى معيف بسيسو‪,‬ص‪.ٜٗ‬‬
‫ٕ‬
‫‪-‬الذكرى الرابعة لرحيؿ شاعر فمسطيف والثورة معيف بسيسو‪ ,‬ص ‪.ٔٙ‬‬
‫ٖ‬
‫‪ -‬نادي ساري الديؾ‪ ,‬ما قالتو غزة لمبحر " دراسة نقدية في تجربة معيف بسيسو الشعرية"‪ ,‬و ازرة الثقافة الفمسطينية‪ ,‬البيرة‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى ‪,ٜٔٛٛ,‬صٓ‪.ٔٙ‬‬

‫‪6‬‬
‫جاءت المسرحية مقسمة الى ثبلثة فصوؿ‪ ,‬عند الوقوؼ عند الفصؿ األوؿ نجد أف الشاعر‬
‫يعرض حياة و بؤس الفبلحيف في القرية البوليفينية بعد مصرع جيفارا‪ ,‬ويكوف الفصؿ الثاني‬
‫عرضا لعممية مطاردة جيفارا‪ ,‬وتنتيي المسرحية عند الفصؿ الثالث حيث القبض عمى جيفا ار‬
‫وقتمو بطريقة قاسية‪ ,‬حيث تدور أحداث المسرحية لتظير معاناة امرأة اسميا ماريانا فالكؿ‬
‫يتيميا بأقذر االتيامات‪ ,‬و كؿ السمطات الدينية والتنفيذية داخؿ القرية الممثمة بالقسيس والضابط‬
‫استغمت ضعفيا وقامت بحرثيا عنوة‪ ,‬إلى أف جاء جيفا ار عمى ىيئة فبلح ال ليظمميا أو يتيميا‬
‫بؿ ليظير وجييا الحقيقي الوجو اإلنساني ‪.‬‬

‫ثىرة الزًح ‪:‬‬

‫يرى فييا الشاعر أف التاريخ منشور عمى حبؿ غسيؿ" صندوؽ الدنيا والتاريخ عمى حبؿ‬
‫غسيؿ"ٔ‪ ,‬استمد الشاعر المرجعية مف حدث تاريخي‪ ,‬حيث إنو يستدعي شخصية عبد اهلل بف‬
‫محمد‪ ,‬قائد ثورة الزنج‪ ,‬الثائر عمى الخميفة المعتمد بأمر اهلل‪ ,‬ويجعمو موازيا لثورة الفمسطيني ضد‬
‫االحتبلؿ اإلسرائيمي في القرف العشريف‪ ,‬حيث إف الشاعر استخدـ تقنية القناع التاريخي في‬
‫الحدث‪ ,‬فتتشابو األحداث بيف ما حصؿ لمزنج مف نيب لمثروات واستبلب لؤلرض والحريات‬
‫وع ِم َؿ عمى نقؿ التجربة مف القرف الثالث اليجري لمقرف‬
‫والحقوؽ مع ما حدث لمشعب الفمسطيني‪َ ,‬‬
‫العشريف‪ ,‬فالوقائع مف وجية نظر الكاتب تتشابو الظمـ والنيب والقتؿ واحد ولكف الزمف ىو ما‬
‫يختمؼ فيو بذلؾ يعمؿ عمى مزج اليـ اإلنساني ورفضو لكافة أشكاؿ الظمـ والقير الممارسة ضد‬
‫اإلنساف ‪.‬‬

‫شوشىى ودليلت‪:‬‬

‫انتقمت شخصية شمشوف الجبارة مف التوراة الى المسرح عند معيف بسيسو‪ ,‬حيث تقوؿ الرواية‬
‫اإلسرائيمية بأنو "بطؿ أسطوري عاش عندما كاف يعاقب اهلل بني إسرائيؿ بتسميميـ أليدي‬
‫الفمسطينييف جراء فعميـ الشرور وتنكرىـ مف عبادة اهلل"‪" ٕ,‬حيث أف شمشوف قاـ بحرؽ مزروعات‬
‫الفمسطينييف وعندما انتقؿ الى غزة تعرؼ عمى دليمة فتزوجيا خبلفا إلرادة والديو‪ ,‬أما دليمة فكانت‬
‫تعد العدة لبلنتقاـ مف شمشوف مع قوميا الفمسطيني وعرفت سر ضعفو بأنو يوجد في شعره فقاـ‬
‫قوميا بقص شعره وفقأ عينيو واعتقدوا أنيـ تخمصوا منو‪ ,‬وأثناء إقامتو في السجف أخذ شعره ينمو‬
‫واستعاد قوتو‪ ,‬وبينما الفمسطينيوف يحتفموف باإللو داغوف إاله القمح ‪,‬عمد شمشوف الى جذب‬

‫ٔ‬
‫‪ -‬معيف بسيسو‪ ,‬األعماؿ المسرحية‪ ,‬طٕ‪ ,‬دار األسوار‪ ,‬عكا‪ ,ٜٔٛٛ ,‬ثورة الزنج‪,‬ص‪.ٜٔٔ‬‬
‫ٕ‬
‫‪ -‬االتحاد‪ ,‬موقع الكتروني‪ ٖٔ,‬مايو ‪ ,ٕٓٔٙ‬بتصرؼ‪,‬‬
‫‪.http://www.alittihad.ae/details.php?id=18337&y=2011&article=full‬‬

‫‪7‬‬
‫السمسمتيف‪ ,‬وكانتا مربوطتيف الى عموديف مف أعمدة المعبد فانيار المعبد عمى الرؤوس وقتِؿ‬
‫كثيروف بينيـ شمشوف"ٔ ‪.‬‬
‫وتحاوؿ المسرحية اظيار الفكر الصييوني اتجاه الشعب و األرض الفمسطينية‪ ,‬وأف الجرائـ التي‬
‫يرتكبيا جيشو بحقنا مدعومة بحكـ توراتي لقتؿ كؿ ما ىو فمسطيني‪ ,‬حيث يظير في ثنايا‬
‫المسرحية أف راحيؿ المجندة في الجيش اإلسرائيمي تتيـ ريـ بأنيا دليمة التي تحاوؿ قتؿ شمشوف‪.‬‬

‫الصخرة ‪:‬‬

‫تبدأ أحداث المسرحية بحصار لعماؿ في منجـ ذىب‪ ,‬ثـ يتضح مع سير المسرحية أف حصار‬
‫المنجـ ما ىو إال إسقاط لحالة المواطف الفمسطيني الذي يتعرض لحالة حصار‪ ,‬الذي يحاصره‬
‫يريده أف يعيش تحت األنقاض يمارس طقوسو وحياتو لكف دوف أف يشتـ رائحة الحرية يبقى‬
‫محاصرا‪ ,‬ميددا بالموت في أي وقت‪ " ,‬الكل يريدك ال حيا فوق السطح ‪ ...‬وال ميتا في قاع‬
‫المنجم"ٕ‪ ,‬يمنعو مف أف يحارب كؿ أشكاؿ نيؿ االنعتاؽ مف حالة البل موت و البل حياة‪ ,‬فيقابمو‬
‫رفض يأتي مف صوت امرأة تدعو لمحرية وتستخدـ كافة وسائؿ المقاومة مف تحريض و تحريؾ‬
‫ليمـ مف في الصالة لكسر زجاج القبة ليناؿ الجميع حريتو ‪.‬‬

‫الؼصافير تبٌي أػشاشها بيي األصابغ‪:‬‬

‫شامة امرأة ال تريد إال أف تناضؿ مف أجؿ فؾ الجبس عف قدمييا وفؾ األربطة عف جسدىا‪,‬‬
‫التي ترى أف الوقت منشار تريد أف تقطع أغبلليا بو‪ ,‬فكمما تقدـ بيا الوقت زادت نسبة بتر‬
‫قدميا‪ ,‬كانت تقود السيارة ضد قوانيف ىذا العالـ‪ ,‬المسرحية تُظير الواقع المرير التي تمر بيا‬
‫الثورة الفمسطينية المحاصرة عربياً ودولياً‪ ,‬و يطمب منيا أف تكوف مبتورة القدـ ال تتحرؾ وال تقوى‬
‫عمى فعؿ أي شيء‪ ,‬تدور أحداث المسرحية في مستشفى حيث يقوـ الطبيب والممرض‬
‫باغتصابيا‪ ,‬ومحاولة بتر قدميا بيف الحيف واآلخر ‪.‬‬

‫ٔ‬
‫‪ -‬فمسطيف‪ ,‬موقع الكتروني‪ ,‬بتصرؼ‪,‬‬
‫‪.http://palestine.assafir.com/Article.aspx?ChannelID=128&ArticleID=2486‬‬
‫ٕ‬
‫‪ -‬معيف بسيسو‪ ,‬األعماؿ المسرحية‪ ,‬صٖٗٗ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫هؼطياث ًظريت ػي الوٌهح البٌيىي‪:‬‬

‫ظيرت في القرف العشريف اتجاىات ومناىج نقدية متعددة اتسمت بنزعات فمسفية وفكرية‪ ,‬كاف ليا‬
‫أثر واضح في تشكيؿ الخطاب النقدي‪ ,‬ونذكر منيا المنيج البنيوي‪:‬‬

‫في العصر الحديث ظير عالـ المغة فريناند دي سوسير الذي فرؽ بيف المغة والكبلـ‪ ,‬والداؿ‬
‫والمدلوؿ‪ ,‬والتفرقة بيف التزامف والتعاقب‪ ,‬فيرجع الدارسوف إال أف نشأة تأسيس الدراسات البنيوية‬
‫تعود إلى دي سوسير‪ ,‬فالمناىج التي سبقت المنيج البنيوي كانت تقوـ عمى دراسة النص األدبي‬
‫في سياقاتو االجتماعية والنفسية‪ ,‬لكف البنيوية أعادت االعتبار لمنص األدبي‪" ,‬فالتحميؿ الذي‬
‫يتناوؿ ىيكؿ البنية يكشؼ أسرار المعبة الفنية‪ ,‬ألنو تحميؿ يتعامؿ مع التقنيات المستخدمة في‬
‫إقامة النص‪ ,‬أي يتعامؿ مع التقنيات التي تستخدميا الكتابة والتي بيا تمعب لتبني الجسد الناطؽ‬
‫ٔ‬
‫والموىـ‪ ,‬ومف ثـ‪ ,‬بالحياة فيو"‪.‬‬

‫"‪ structuralism‬الى بنية ‪ ,structure‬ويروف أنيا مشتقة مف‬ ‫حيث "ينسب الغربيوف البنيوية‬
‫ٕ‬
‫األصؿ البلتيني ‪ stuere‬الذي يعني البناء أو الطريقة التي يقاـ بيا مبنى معيف"‪.‬‬

‫البنى بالضـ‪ ,‬يقاؿ بِنية وىي مثؿ ِرشوة‬


‫البنية ما بنتيو‪ ,‬وىو البِنى و ُ‬
‫وفي المغة ‪" :‬ىي البِنية و ُ‬
‫الركبة‪ ,‬والبنى بالضـ ُبنية و ُبنى و بِنى‪ ,‬بكسر‬
‫المشية ِ‬‫ورشا كأف البنية الييئة التي بني عمييا ِ‬
‫ُ‬
‫ٖ‬
‫الباء مقصور‪ ,‬مثؿ ِجزية‪ :‬المقصور‪ ,‬مثؿ البِنى‪ ,‬ويقاؿ‪ِ :‬جزى"‪.‬‬

‫ليونارد جاكبسوف يعرؼ البنيوية أنيا تعني" القياـ بدراسة ظواىر مختمفة كالمجتمعات‪ ,‬والعقوؿ‪,‬‬
‫والمغات‪ ,‬واألساطير‪ ,‬بوصؼ كؿ منيا نظاما تاما‪ ,‬أو كبل مترابطا‪ ,‬أي بوصفيا بنيات‪ ,‬فتتـ‬
‫دراستيا مف حيث أنساؽ ترابطيا الداخمية‪ ,‬ال مف حيث ىي مجموعات مف الوحدات أو العناصر‬
‫المنعزلة وال مف حيث تعاقبيا التاريخي"ٗ‪.‬‬

‫ويقدـ جاف بياجو تعريفاً لمبنيوية باعتبارىا نسقاً مف التحوالت " يحتوي عمى قوانينو الخاصة‪ ,‬عمماً‬
‫بأف مف شأف ىذا النسؽ أف يظؿ قائماً ويزداد ثراء بفضؿ الدور الذي تقوـ بو ىذه التحوالت‬

‫ٔ‬
‫‪-‬يمنى العيد‪ ,‬تقنيات السرد الروائي في ضوء المنيج البنيوي‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬دار الفارابي‪ ,‬بيروت‪,ٜٜٜٔ,‬ص٘ٔ‪.‬‬
‫ٕ‬
‫‪ -‬صبلح فضؿ‪ ,‬نظرية البنائية في النقد العربي‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬دار الشروؽ‪ ,‬القاىرة‪,ٜٜٔٛ,‬صٕٓٔ‪.‬‬
‫ٖ‬
‫‪-‬ابف منظور‪ ,‬لساف العرب‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪,ٕٓٓٗ ,‬ص‪.ٔٓٙ‬‬
‫ٗ‬
‫‪ -‬عز الديف مناصرة‪ ,‬عمـ الشعريات‪ ,‬مونتاجية في أدبية األدب‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬دار مجدالوي‪,‬عماف‪,ٕٓٓٙ,‬صٕٗ٘‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫نفسيا‪ ,‬دوف أف يكوف مف شأف ىذه التحوالت أف تخرج عف حدود ذلؾ النسؽ أو أف تستعيف‬
‫بعناصر خارجية‪ ,‬وبإيجاز فالبنية تتألؼ مف ثبلث خصائص ‪ :‬ىي الكمية والتحوالت والضبط‬
‫الذاتي"ٔ ‪.‬‬
‫تحوؿ يعرض لمو ِ‬
‫احد‬ ‫ٍ‬ ‫أي‬
‫ويحدد شتراوس البنية بأنيا " نسؽ يتألؼ مف عناصر يكوف مف شأف ِّ‬
‫ُ‬
‫منيا أف يحدث تحوالً في باقي العناصر األخرى "ٕ ‪.‬‬

‫وحسب تعريؼ عبد السبلـ المسدي فإف المنيج البنيوي " يعتزـ الولوج إلى بنية النص الداللية مف‬
‫خبلؿ بنيتو التركيبية "ٖ ‪.‬‬

‫تتميز " القراءة البنيوية بأنيا نظاـ تحميمي‪ ,‬يعتمد أساسا الرمز واإلشارة في دراسة النصوص و‬
‫يقوـ عمى قاعدة عممية يعتمدىا القارئ لحظة التعامؿ مع النص‪ ,‬فالتمقي البنيوي يقوـ أساسا عمى‬
‫إدراؾ العبلقات القائمة بيف عناصر البناء في النص "ٗ‪.‬‬

‫فالبنيوية تبحث عف العبلقات الداخمية لمنص‪ ,‬فالتحميؿ البنيوي يتصؼ بأنو تحميؿ محايث وتعرؼ‬
‫المحايثة بأنيا "مصطمح يدؿ عمى االىتماـ بالشيء مف حيث ىو ذاتو فالنظرة المحايثة ىي‬
‫النظرة التي تفسير األشياء في ذاتيا ومف حيث ىي موضوعات تحكميا قوانيف تنبع مف داخميا‬
‫وليس مف خارجيا"٘‪ ,‬و" يقوـ المحمؿ البنيوي بدراسة جميع مستويات النقد البنيوي في نفسيا أوالً‪,‬‬
‫وعبلقاتيا المتبادلة وتوافقاتيا والتداعي الحر فيما بينيا واألنشطة المتمثمة فييا‪ ,‬وفي نياية األمر‬
‫ىو ما يحدد البنية األدبية المتكاممة "‪ ,ٙ‬ومف ثمة فالبنيوية تتكئ عمى مذىب عممي يستند إلى‬
‫وضعية عقبلنية يريد توضيح الوقائع االجتماعية واإلنسانية بتحميميا واعادة تركيبيا وشرحيا عمى‬
‫ىذا التصميـ الداخمي الذي تخضع لو وىو البنية‪ ,‬وجوىر المذىب ىو الفمسفة الوضعية التي مف‬
‫روادىا أوغست كونت ‪ ٔٛ٘ٚ/ٜٔٚٛ‬المناىضة لبلىوتية‪ ,‬والميتافيزيقية الداعية لمخبرة الحسية‬
‫‪ٚ‬‬
‫والعموـ الوضعية بدليميا ‪.‬‬

‫ٔ‬
‫‪ -‬ينظر ‪ :‬جاف بياجو‪ ,‬البنيوية‪ ,‬ترجمة‪ :‬عارؼ منيمنو وبشير أوبري‪ ,‬طٗ‪ ,‬منشورات عويدات‪ ,‬بيروت‪ٜٔٛ٘ ,‬ـ‪ ,‬ص ‪. ٛ‬‬
‫ٕ‬
‫‪ -‬ينظر ‪ :‬إبراىيـ محمود خميؿ‪ ,‬النقد األدبي الحديث مف المحاكاة إلى التفكيؾ‪ ,‬طٔ‪ ,‬دار المسيرة لمنشر والتوزيع ‪ٕٖٓٓ ,‬ـ ص‬
‫‪. ٜٙ,ٜٚ‬‬
‫ٖ‬
‫‪ -‬ينظر ‪:‬عبد السبلـ المسدي‪ ,‬قضية البنيوية دراسة ونماذج‪ ,‬طٔ‪ ,‬و ازرة الثقافة‪ ,‬تونس‪ٜٜٔٔ ,‬ـ‪ ,‬ص ‪. ٚٚ‬‬
‫ٗ‬
‫‪ -‬صالح قسيس‪ ,‬الخطاب المسرحي الجزائري المعاصر "دراسة بنيوية"‪ ,‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪,ٕٓٓٛ ,‬ص‪.ٕٜ‬‬
‫٘‬
‫‪ -‬جابر عصفور‪ ,‬نظريات معاصرة‪ ,‬الييئة المصرية العامة لكتب‪ ,‬القاىرة‪,ٜٜٔٛ ,‬صٕ٘ٔ‪.ٕٔٙ-‬‬
‫‪ - ٙ‬ينظر ‪ :‬حساـ الخطيب‪ ,‬مقاؿ بعنواف‪ :‬البنيوية والنقد العربي القديـ‪ ,‬مجمة الموقؼ األدبي‪ ,‬العدد ٕ‪ ,ٔٛ‬حزيراف‪ٜٔٛٙ ,‬ـ ‪.‬‬
‫‪ٌٕ - 7‬عف ٔغهٍغً‪ ,‬انُمذ انغضائشي انًؼبطش يٍ انالعٍَٕخ إنى األنغٍُخ‪ ,‬ؽ‪ ,1‬انظُذٔق انٕؽًُ نزشلٍخ انفٌُٕ ٔاَداة‪,‬‬
‫انغضائش‪ ,2112,‬ص‪.116‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‬

‫بنية الشخصية النسائية‬

‫المبحث األول ‪ :‬الوظائف السردية لمشخصية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬صورة المرأة‬

‫‪11‬‬
‫المبحث األوؿ‬

‫الوظائؼ السردية لمشخصية‬

‫‪12‬‬
‫الىظائف السرديت للشخصيت‪-:‬‬

‫أوالً ‪ :‬الشخصيت في الوسرح‬

‫تعد الشخصية المحرؾ األساسي ألحداث الفف المسرحي‪ ,‬كما أف ديناميكية أي عمؿ أدبي يعتمد‬
‫ّ‬
‫اعتماداً مباش اًر عمى كيفية تركيب الشخصية وبنائيا داخؿ العمؿ‪ ,‬فالشخصية تجسيد لمواقع‬
‫المعنوي وتشخيص لممفاىيـ السامية‪ ,‬فإف المسرحية تعرؼ عمى ّأنيا " حدث يتـ بواسطة‬
‫الشخصيات"ٔ‪.‬‬

‫أف "الشخص سواد اإلنساف وغيره‪ ,‬تراه مف بعيد‪ ,‬وكؿ شيء رأيت‬
‫ولقد ورد في لساف العرب ّ‬
‫جسمو فقد رأيت شخصو‪ ,‬والشخص كؿ جسـ لو ارتفاع وطوؿ‪ ,‬والمراد بو إثبات الذات‪,‬‬
‫والشخيص العظيـ الشخص‪ ,‬واألنثى شخيصة "ٕ‪.‬‬

‫أما كممة شخصية " فإنيا لـ ترد إال في العصر الحديث‪ ,‬وقد جاءت مترجمة عف المغة الفرنسية‬
‫في األصؿ التي استخدمت فييا كممة شخص " ‪ "personne‬في القرف الثاني عشر الميبلدي"ٖ‪,‬‬
‫وعميو تكوف الشخصية "مجموعة الخصائص الجسمية والوجدانية والعقمية والنفسية التي تعيف الفرد‬
‫وتميزه عف غيره‪ ,‬فمكؿ شخص شخصية تخصو دوف سواه "ٗ‪.‬‬

‫الشخصية ىي مف تصنع العقدة أو الحبكة في النص المسرحي‪ ,‬فيي المثير ألحداث العمؿ‬
‫المسرحي‪ ,‬وعميو فقد اىتـ الشاعر معيف بسيسو بشخصياتو بإتقاف لتخرج لنا بصورة تمفت النظر‬
‫واالنتباه‪ ,‬فالقارئ ال يدرؾ االنفعاالت النفسية واالجتماعية وغيرىا‪ ,‬داخؿ النص األدبي إال مف‬
‫خبلؿ معرفة أدوار الشخصية وأبعادىا‪ ,‬فشخصيات الكاتب تستطيع أف تترجـ المشاعر‬
‫واألحاسيس بطريقة واضحة بعيدة عف الزيؼ والتضميؿ‪ ,‬تعبر عف حياتيا بإدراؾ‪ ,‬لذا أقاـ‬
‫شخصياتو وفؽ أبعاد أربعة‪:‬‬

‫‪ -1‬عبيٍخ أعؼذ‪ ,‬انشخظٍخ انًغشؽٍخ‪ ,‬يغهخ انفكش‪ ,‬انؼذد‪ ,84‬انكٌٕذ‪,1988 ,‬ص‪. 115‬‬
‫‪ -2‬ابف منظور‪ ,‬لساف العرب‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪ ,ٕٓٓٗ ,‬ص‪.51‬‬
‫‪ -3‬سٔصَفبل ٌٕٔدٌش‪ ,‬إششاف انًٕعٕػخ انفهغفٍخ‪ ,‬د‪:‬عًٍش كشو‪ ,‬ثٍشٔد‪ ,‬داس انطهٍؼخ‪ ,‬ؽ‪ ,1981 ,2‬يبدح شخض ‪.‬‬
‫‪ -4‬انًشعغ َفغّ‪ ,‬يبدح شخض ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬البعد الخارجي‪:‬‬
‫إف كؿ‬
‫كوف االنعكاسات النفسية واالجتماعية والجسمانية لمشخصية‪ ,‬والبنية المورفولوجية‪ّ ,‬‬
‫ُي ِّ‬
‫شخصية تستقؿ ببنية خاصة عف باقي الشخصيات‪ ,‬ويشمؿ أيضاً الشكؿ العاـ " الظاىري"‬
‫والمبلبس والطوؿ والعمر‪ ,‬والكاتب أظير لنا امرأة مقيدة باألربطة البيضاء‪ ,‬ممددة عمى‬
‫السرير‪ ,‬مك بمة الساقيف في مسرحية" العصافير تبني أعشاشيا بيف األصابع"‪ ,‬فشخصية‬
‫"شامة" انعكاس واضح لمثورة الفمسطينية المقيدة‪ ,‬المحاصرة التي ال تتحرؾ إال بقيود وشروط‬
‫فحركتيا محسوبة‪ ,‬مراقبة‪" ,‬المرأة ‪:‬‬

‫أنت ‪...‬‬
‫لكن ْ‬
‫أنت ‪...‬‬
‫ْ‬
‫ماذا أعطيت لقدمي‪...‬؟‬
‫ىذا القطن ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫ىذي األربطة البيضاء"‪.‬‬

‫‪ -‬البعد النفسي ‪:‬‬


‫مسرحيات معيف بسيسو تحاوؿ أف تُظ ِير الحالة النفسية والذىنية لمشخصية‪ ,‬وتحدد سموؾ‬
‫الشخصيات مف ىدوء‪ ,‬وانتقاـ‪ ,‬وانطواء‪ ,‬وتفاؤؿ‪ ,‬وتشاؤـ ‪,‬‬
‫فيذه ريـ ترفض مبدأ الخيانة و التعاوف مع شمشوف بقوة عزيمتيا واصرارىا عمى تحدي‬
‫المحتؿ رغـ كؿ اإلغراءات ‪ ,‬فيي ترى أنيـ رغـ كؿ االنتصارات يرتجفوف مف خوفيـ‬
‫"ريم ‪:‬‬
‫إنكمو ترتجفون‪..‬‬
‫كل ثموج العالم تحت جمودكم يا شمشون"ٕ‪.‬‬

‫‪ -‬البعد االجتماعي‪:‬‬
‫يحدد نشاط الشخصية في المجتمع‪ ,‬فربما تكوف الشخصية فبلحة‪ ,‬عاممة‪ ,‬متعممة‪ ,‬غير‬
‫متعممة‪ ,‬طالبة‪ ,‬امرأة ريفية ‪ , ...‬فالنشاط االجتماعي لو أىمية في بناء الشخصية‪ ,‬في‬
‫مسرحية" الصخرة" يتضح دور المرأة الفاعؿ في المجتمع مف تحريض ثوري ضد الظمـ‬
‫والقير‪ ,‬فنرى تمؾ المرأة التي تحرض الرجاؿ والنساء لييدموا القبة بدالً مف الدوراف حوليا‪.‬‬
‫ٔ‬
‫‪ -‬معيف بسيسو‪ ,‬األعماؿ المسرحية‪ ,‬العصافير تبني أعشاشيا بيف األصابع ‪,‬ص‪.ٖٜٚ‬‬
‫ٕ‪ -‬المرجع نفسو‪ ,‬شمشوف ودليمة‪ ,‬صٖٓٔ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫" صوت المرأة ‪:‬‬
‫ماذا ينفعكم ىذا الدوران‬
‫‪1‬‬
‫دقوا القبة باأليدي ىدوىا باأليدي بدل الدوران‪". .‬‬
‫‪ -‬البعد الفكري ‪:‬‬
‫أفكار الشخصيات في مسرح بسيسو متعددة تبعاً أليديولوجيات يفرضيا الواقع المعاش‪ ,‬وتبعاً‬
‫لفمسفة المجتمعات التي تكوف فييا الشخصيات‪ ,‬وعف طريؽ البعد الفكري لمشخصية نستطيع‬
‫تحديد ىوية الشخصية وتحديد اإلسقاطات المرادة ‪ ,‬شامة تقوؿ ‪:‬‬
‫" يا ساقي اليسرى يا قدمي‪..‬‬
‫اآلن خذيني اآلن‬
‫الى ذاك البستان‪ ,‬إلى شجر الرمان"ٕ‪.‬‬
‫وتقوؿ في حوار آخر ‪:‬‬
‫" ىي ذي األرض‬
‫مائدة الفقراء‬
‫ٖ‬
‫يا قدمي كوني فاكية األرض عمى مائدة الفقراء"‬
‫ذكر البحث سابقاً أف شامة رمز لمثورة الفمسطينية ‪ ,‬وربط القدـ اليسرى ومائدة الفقراء لـ يكف عبثاً‬
‫مف ِقبؿ الشاعر "بسيسو"‪ ,‬ومف الواضح أف الكاتب أراد القوؿ أف الفكر اليساري ىو المسمؾ‬
‫الصحيح لمثورة الفمسطينية‪.‬‬

‫أًىاع الشخصياث ‪:‬‬

‫يقدـ الكاتب شخصياتو في النص المسرحي‪ ,‬وفؽ ما يقتضيو الحدث الدرامي‪ ,‬فالشخصية‬
‫العنصر الفاعؿ الذي يصنع الحدث‪ ,‬وقد قسـ الكاتب " معيف بسيسو" شخصياتو إلى ثبلثة أنواع‬
‫حسب األدوار التي تؤدييا‪:‬‬

‫‪ -1‬الشخصيت الرئيسيت ‪:‬‬

‫ىي الشخصية التي تدور حوليا معظـ أحداث المسرحية‪ ,‬كما أنيا تُعبر عف أفكار ورؤية‬
‫المسرحية‪ ,‬فقد " أطمؽ مفيوـ البطؿ في المسرح عمى الشخصية الرئيسية التي تظير بكثرة‬
‫وتقوـ بدور مركزي"ٔ ‪.‬‬

‫‪ - 1‬يؼٍٍ ثغٍغٕ‪ ,‬األػًبل انًغشؽٍخ ‪ ,‬انظخشح‪ ,‬ص‪.357‬‬


‫‪ - 2‬انًشعغ َفغّ‪ ,‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص‪.389‬‬
‫‪ - 3‬انًشعغ َفغّ‪ ,‬ص ‪.416‬‬

‫‪15‬‬
‫فشخصية "شامة" كما ُذ ِكر بأنيا المحور األساسي في سير أحداث مسرحية العصافير تبني‬
‫إف أغمب األفكار تدور حوؿ شخصية شامة التي تعكس لنا‬ ‫أعشاشيا بيف األصابع‪ ,‬إ ّذ ّ‬
‫موضوع القضية الفمسطينية المكبمة المحاصرة الممنوعة مف الحركة ‪.‬‬
‫‪ -2‬الشخصيت الثاًىيت ‪:‬‬

‫تُِدير أحداثاً غير رئيسية؛ لتساعد في سير الحدث الرئيسي لمنص المسرحي‪ّ ,‬‬
‫وتعد الشخصية‬
‫الثانوية مساندة لشخصية البطؿ‪ ,‬فيي تسمط األضواء عمى الشخصيات الرئيسية وتربط‬
‫األحداث كما أنيا تساعد في كشؼ مبلمح الشخصيات الرئيسية‪ ,‬فظيور "راحيؿ" في‬
‫مسرحية شمشوف ودليمة‪ ,‬جاء مسانداً لشخصية شمشوف مساعدةً في سير الحدث الرئيسي‪,‬‬
‫الذي يتراوح ما بيف شمشوف وريـ ‪.‬‬

‫‪ -3‬الشخصيت الكىهبارس ‪:‬‬

‫شخصيات غير مؤثرة ولكف ال يمكف االستغناء عنيا في النص المسرحي‪ ,‬فوجودىا يعزز‬
‫موقؼ ما‪ ,‬ويساعد عمى إيضاحو بشكؿ أوسع‪ ,‬فالجوقة في مسرحية "مأساة جيفارا"‪ ,‬أوضحت‬
‫رأي القرية بشخصية ماريانا ‪.‬‬

‫ًوى الشخصيت وتطىرها‪:‬‬

‫تتحوؿ الشخصيات في النص المسرحي وفاؽ سير أحداث تتحكـ بمنحنى التغيرات األساسية التي‬
‫تط أر عمى عبلقة الشخصيات مع بعضيا البعض مف خبلؿ الصراع الذي يؤدي إلى تحوؿ في‬
‫المشاعر واألحاسيس لمشخصية‪" ,‬فالمسرحية التي ال تتطور شخصياتيا ضمف عناصر وحدة‬
‫الموضوع والمعادؿ الموضوعي‪ ,‬تصاب بالركود‪ ,‬ويم ّؿ منيا المتفرج‪ ,‬وليذا ينبغي أف تحمؿ كؿ‬
‫شخصية في المسرحية بذور تطورىا المستقبمي‪ ,‬بحيث ال نفاجأ بتصرؼ أي شخصية أو انقبلبيا‬
‫مف دوف مبرر منطقي"ٕ‪.‬‬
‫فتحوؿ شخصية "المرأة" في مسرحية الصخرة مف حالة التيو والرفض لما يدور خارج القبة إلى‬
‫حاؿ تحرر و ثورة وتحرؾ فعمي لكسر زجاج القبة‪ ,‬فالشخصية سارت في تصاعد ونمو ممموس‬
‫غير في أحداث المسرحية وصوالً لمذروة فكاف الحؿ‬
‫وفؽ وتيرة معمومة مف الكاتب‪ ,‬مما أدى إلى تَ ُ‬
‫في نياية النص المسرحي ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ػض انذٌٍ ثٍَٕذ‪ ,‬انشخظٍخ فً انًغشػ انًغشثً "ثٍُبد ٔرغهٍبد"‪ ,‬عبيؼخ اثٍ صْش كهٍخ اَداة ٔانؼهٕو اإلَغبٍَخ‪,1992 ,‬‬
‫ص‪.85‬‬
‫‪ - 2‬االرؾبد‪ ,‬يٕلغ انكزشًَٔ‪َ ,‬شش فً ٌٕو األسثؼبء ‪ 17‬أغغطظ ‪2116‬و‪,‬‬
‫‪. http://www.alittihad.ae/details.php?id=45201&y=2013&article=full‬‬

‫‪16‬‬
‫"المرأة‪:‬‬
‫انكسر زجاج القبة‪...‬‬
‫انكسر زجاج القبة‪...‬‬
‫فمنتقدم خطوات أخرى ‪...‬‬
‫فمنتقدم خطوات أخرى ‪...‬‬
‫فمنتقدم ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫(إطفاء)‬

‫هصذاقيت الشخصيت وواقؼيتها‪:‬‬

‫يعكس الكاتب فمسفتو ورؤيتو اتجاه العالـ مف خبلؿ مكانتو االجتماعية والفكرية‪ ,‬والمبلحظ عمى‬
‫شخصيات "معيف بسيسو" أنيا تتبلءـ مع الواقع المعاش في المجتمع الفمسطيني‪ ,‬فيي قابمة‬
‫لمتصديؽ تنسجـ مع طبيعة البشر بعيداً عف تصوير القوى الغيبية‪ ,‬فالشخصيات الواردة في‬
‫المسرحيات الخمسة تسير حركتيا في نمط عادي بعيد عف الخوارؽ‪ ,‬ومثاؿ ذلؾ ظيور "ماريانا"‬
‫في مسرحية جيفا ار فيي رمز األرض‪ ,‬استباحيا القسيس والضابط‪ ,‬تمؾ الغارقة في الوحؿ‪ ,‬يمر‬
‫عنيا الجميع ما بيف ساخط وساخر‪ ,‬فيظير الثائر جيفا ار منقذاً ليا فيو الوحيد الذي يزيؿ عنيا‬
‫الوحؿ ال ليضاجعيا بؿ ليحمييا ولتحميو‪ ,‬وعندما تقبؿ بذلؾ تستعيد عذريتيا‪.‬‬
‫يقوؿ ليا الثائر ‪:‬‬
‫" ما أشبو وجو العذراء بوجيك ‪..‬‬
‫لك وجو العذراء‪. ٕ"..‬‬
‫فالثورة ىي القادرة عمى منح اإلنساف خبلصو مف خبلليا‪ ,‬فنرى مف خبلؿ ىذا المشيد صورة‬
‫مف صور المطالبة بالحرية مف طرؼ شخصيات تتوؽ إلى نيؿ الحرية ‪.‬‬

‫ػٌاصر التشخيص‪:‬‬

‫"الكاتب ىو الذي يخمؽ شخصياتو بالمقدرة الفائقة عمى التشخيص‪ ,‬فيبث بوسائمو الفنية الحياة‬
‫فييا‪ ,‬ويحمميا أفكا اًر وآراء‪ ,‬ويجسد بيا تعبيره الجمالي‪ ,‬فيي ليست وجوداً واقعياً بقدر ما ىي‬
‫مفيوـ تخيمي تشير إليو أساليب التشخيص المختمفة‪ ,‬التي اعتمدىا الكاتب مدعمة بقوة الداللة‬

‫‪ - 1‬يؼٍٍ ثغٍغٕ‪ ,‬يغشؽٍخ انظخشح‪ ,‬ص ‪. 365‬‬


‫‪ - 2‬انًشعغ َفغّ‪ ,‬يغشؽٍخ عٍفبسا‪ ,‬ص‪.88‬‬

‫‪17‬‬
‫والفعؿ"ٔ‪ ,‬ويمكف تحديد التشخيص وفؽ مجموعتيف مف العناصر إحداىما أساسية واألخرى‬
‫ثانوية‪.‬‬
‫أوالً الؼٌاصر األساسيت‪:‬‬

‫‪ -‬التشخيص بالفؼل‪:‬‬

‫األفعاؿ الصادرة مف الشخصيات داخؿ النص المسرحي تحديداً‪ ,‬تحدد خفايا الشخصية ودوافعيا‬
‫لمقياـ بالفعؿ‪ ,‬وألف" جوىر المسرحية تمثيؿ فعؿ ما‪ ,‬شرط أف يصدر ذلؾ الفعؿ وفؽ مزاج‬
‫الشخصيات المعنية ومشاعرىا‪ ,‬وعواطفيا وغرائزىا وميوليا الطبيعية‪ ,‬وأفكارىا وقواىا التفكيرية‪,‬‬
‫ألنو مف أبرز عناصر التشخيص في المتخيؿ المسرحي"ٕ‪ ,‬فاألفعاؿ تترجـ وظائؼ الشخصيات‪,‬‬
‫فالكاتب استطاع تفعيؿ شخصياتو وفؽ الطبائع والرغبات والمشاعر‪ ",‬فاألحداث الخارجية تكشؼ‬
‫البنية الداخمية لمشخصية"ٖ‪.‬‬
‫فشخصيات معيف بسيسو مفعمة بالحركة والحيوية‪ ,‬نجد أف المرأة في مسرحية " الصخرة"‬
‫حركتيا حركة فاعمة مفعمة بالنشاط مطالباً بالثورة بتحطيـ القبة‪ ,‬فاألفعاؿ الصادرة مف المرأة تدؿ‬
‫عمى الشموخ والعزة واألنفة‪ ,‬وتكشؼ لنا روح التحدي التي تتمتع بيا المرأة وفقاً لحركتيا‪ ,‬أما‬
‫أفعاؿ "شامة" في مسرحية العصافير تبني أعشاشيا بيف األصابع‪ ,‬والتي تسعى لتحطيـ الجبس‬
‫وفؾ األربطة‪ ,‬تنبؤ بأف شخصية شامة رشفغ كم أشكبل انزمٍٍذ ٔانًشالجخ ‪.‬‬

‫‪ -‬التشخيص بالفكر‪:‬‬

‫مف حيث يريد الشاعر أف يبث أفكا اًر في مجتمعو‪ ,‬فيتمبس الكاتب الشخصية ليكشؼ مف‬
‫خبلليا أفكاره وآ ارءه مف خبلؿ التشخيص‪ ,‬فمف خبلؿ ىذه التقنية يستطيع أف يكشؼ عف‬
‫مكنونات الشخصية الداخمية وأفكارىا ‪ ,‬وىذا يظير في دعوة "شامة" لمحرية و رفض الظمـ‪,‬‬
‫وتحرير األرض‪ ,‬ومساندة الفقراء‪ ,‬مما يظير لنا أف مطالبتيا بالتحرر مف الظمـ الواقع عمى‬
‫الفقراء ما ىو إال ترجمة ألفكار أرادىا الكاتب‪ ,‬فأسقطيا عمى لساف شخصياتو في المسرحية‬
‫" حتى يسقط لحمي ‪...‬‬
‫األرض ‪...‬‬
‫ْ‬ ‫يتناثر فوق‬
‫ريشا يصنع منو الفقراء عصافير‪...‬‬
‫عندئذ سأسير عمى عظمي ‪...‬‬
‫ات‬
‫حتى يتناثر فوق األرض بحير ْ‬

‫‪ -1‬يفزبػ خهٕف‪ ,‬شؼشٌخ انزشخٍض ٔأعبنٍجّ فً انًغشػ‪ ,‬يغهخ انًخجش‪ ,‬انؼذد انغبثغ‪ ,‬عبيؼخ يؾًذ خؼٍش‪-‬انغضائش‪ ,2111,‬ص‪.141‬‬
‫‪ - 2‬ػٕاد ػهً‪ ,‬غٕاٌخ انًزخٍم انًغشؽً‪ ,‬يمبسثبد نشؼشٌخ انُض ٔانؼشع ٔانُمذ‪ ,‬انًشكض انضمبفً انؼشثً‪,1997,‬ص‪.62‬‬
‫‪ - 3‬ػجذ هللا خًبس‪ ,‬رمٍُبد انذساعخ فً انشٔاٌخ‪" ,‬انشخظٍخ" ‪ ,‬ؽ‪ ,1‬داس انكزبة انؼشثً‪ ,‬انغضائش‪ ,1999 ,‬ص‪.137‬‬

‫‪18‬‬
‫‪1‬‬
‫يصنع منو الفقراء مرايا وشبابيك "‬

‫ثاًياً‪ :‬الؼٌاصر الثاًىيت‪:‬‬

‫‪ -‬التشخيص بالرأي اآلخر‪:‬‬

‫توظيؼ فني لمكشؼ عف الشخصية مف خبلؿ آراء الشخصيات األخرى‪ " ,‬إف التشخيص‬
‫بالرأي ىو محاولة إماطة المثاـ عف شخصية ما مف خبلؿ ما تطرحو الشخصيات األخرى‬
‫مف آراء وانطباعات عنيا‪ ,‬ومبلحظات ووصؼ لطباعيا وأبعادىا النفسية واالجتماعية‬
‫والفكرية "ٕ‪ ,‬وىذا يظير جمياً في رأي الجوقة الرافض لسموكيات ماريانا وايضاح رأي أىؿ‬
‫القرية منيا‪ ,‬وىذا ما جاء عمى لساف الجوقة ‪:‬‬
‫كامرأة مخمورة ‪...‬‬
‫كأس الخمر بيدىا اليمنى ‪...‬‬
‫والمنجل في يدىا اليسرى ‪...‬‬
‫كامرأة تترنح‪ ,‬تتعثر‪ ,‬تسقطُ ‪...‬‬
‫تنيض ‪...‬‬
‫ُ‬
‫الوحل‪...‬‬
‫ْ‬ ‫كامرأة سقطت في‬
‫قريتنا امرأة مخمورة‪...‬‬
‫ٖ‬
‫الوحل ‪...‬‬
‫ْ‬ ‫قريتنا امرأة في‬
‫ويعزز الرأي بأنيا مومس أحد أفراد الشرطة وأحد الفبلحيف بعد أف ساندت جيفا ار وأخفتو في‬
‫بيتيا ‪.‬‬
‫أحد الشرطة ‪:‬‬
‫ماريانا ‪...‬‬
‫ماريانا ‪...‬‬
‫‪4‬‬
‫أيتيا المومس ‪...‬‬
‫فبعد أف ظُمِمت " ماريانا " مف القسيس الذي ألقى في أحشائيا بذرة طفؿ غير شرعي‪,‬‬
‫واتيميا الجميع بالمومس‪ ,‬ومطالبتيـ بقتميا‪ ,‬يظير رأي مخالؼ لكؿ اآلراء‪ ,‬فرأي الثائر‬

‫‪ - 1‬يؼٍٍ ثغٍغٕ ‪ ,‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص ‪.418‬‬


‫‪ - 2‬ػٕاد ػهً ‪ ,‬غٕاٌخ انًزخٍم انًغشؽً‪ ,‬ص‪.63‬‬
‫‪ - 3‬يؼٍٍ ثغٍغٕ ‪ ,‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص ‪.57‬‬
‫‪ - 4‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.89‬‬

‫‪19‬‬
‫وبصيرتو تجانب الخطأ‪ ,‬وال تتماشى مع اآلراء السائدة الجائرة بحؽ أي مظموـ‪ ,‬فجيفا ار المس‬
‫الجانب اإلنساني لدى ماريانا ‪.‬‬
‫الفالح الثالث ‪:‬‬
‫ماريانا والثائر ‪...‬‬
‫ما أشبو وجو العذراء بوجيك ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫لك وجو العذراء ‪...‬‬
‫تتجمى مظاىر قوة المرأة الفمسطينية وعنادىا في مطالبتيا بحقيا وبأنيا عصية عمى الكسر‬
‫واليزيمة في مسرحية " شمشوف ودليمة "‪ ,‬بعد أف كسرت عزيمة شمشوف عمى مقاومتيا‪,‬‬
‫وأصابتو باليذياف يعترؼ شمشوف بقوة " ريـ " ويعبر عف رأيو لراحيؿ بأنيا امرأة ال تكسر ‪.‬‬
‫" شمشون ‪:‬‬
‫تدعى ريم ‪..‬‬
‫تمك المرأة يا راحيل ‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫يوجد في داخميا شيء ال يكسر يا راحيل ‪"...‬‬
‫ما في داخميا ىو الحؽ وصبلبتيا الداخمية تجبر العدو عمى أف يعترؼ بقوتيا‪ ,‬وتأتي آراء‬
‫الفكر الصييوني تجاه المواطف الفمسطيني عمى لساف راحيؿ التي ترى بأف ريـ ىي األقوى ما‬
‫لـ يكسرىا شمشوف ببطشو وظممو ‪.‬‬
‫راحيل ‪:‬‬
‫لكن ما زالت ريم ىي األقوى ‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫ما لم تكسرىا ‪...‬‬

‫‪ -‬التشخيص بالوظهر واإلكسسىاراث‪:‬‬

‫يكوف مف خبلؿ معرفة شكؿ الشخصية مف الخارج وبنيتيا وقواميا‪ ,‬ومعرفة الطوؿ والضخامة‬
‫والنحافة ولوف الشعر والعينيف والندوب ونوع المباس‪ ,‬حيث يقوؿ عواد عمي ‪ " :‬إنو بمجرد معرفتؾ‬
‫المظير الخارجي لمشخصية‪ ,‬يمكنؾ أف تعرؼ حقيقة ىذه الشخصية ومستواىا االجتماعي‪,‬‬
‫وتوجييا الفكري‪ ,‬ولذلؾ ال يستطيع الكاتب المسرحي أف ييمؿ ىذا العنصر الياـ في‬
‫التشخيص"ٗ‪ ,‬فالتشخيص بالمظير يعكس الحاؿ االجتماعية والنفسية لمشخصية‪" ,‬راحيؿ" تظير‬

‫‪ - 1‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.88‬‬


‫‪ - 2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.315,316‬‬
‫‪ - 3‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.317‬‬
‫‪ - 4‬ػٕاد ػهً‪ ,‬غٕاٌخ انًزخٍم انًغشؽً‪ ,‬ص‪.494‬‬

‫‪21‬‬
‫بزي عسكري تبيف وظيفتيا والتي تؤدي بدورىا إلى داللة ممارسة العنؼ والقتؿ واالستيانة‬
‫باألرواح " امرأة تظير من الجية اليسرى ترتدي الزي العسكري لممجندات اإلسرائيميات وفي‬
‫يدىا زجاجة وكأسان‪.ٔ" ...‬‬
‫أما مظير ريـ ولباسيا يظير لنا صورة الفدائية‪ ,‬العنيدة المقاتمة لمعدو اإلسرائيمي المتمثؿ‬
‫بشمشوف‪ ",‬يبسط كفو‪ ...‬بينما تتسمل ريم من خمف مقدمة العربة ‪ ...‬وتتقدم وقد وضعت فوق‬
‫رأسيا كوفية مرقطة بالنقط السوداء ‪ ...‬في ىيئة فدائية ‪ ...‬تتقدم حتى تقف إلى الجانب‬
‫‪2‬‬
‫األيمن‪"...‬‬

‫‪ -‬التشخيص بالكالم والصىث‪:‬‬

‫عف طريؽ الصوت نستطيع تحديد مكنونات الشخصية ووصفيا‪ ,‬فمف خبلؿ حدة الصوت وشدتو‬
‫أو عمقو نميز الشخصيات بعضيا عف بعض‪ ,‬فكبلـ الشخصية يعبر عما يجوؿ في خاطرىا‬
‫ويجسد مشاعرىا والمعاني المراد توصيميا‪ ,‬فصوت" المرأة" في مسرحية الصخرة يظير لنا أنيا‬
‫منفعمة محرضة لمثورة ومساندة لمفقراء يعترييا الغضب ‪:‬‬
‫" ذىب الذىب وبقى الخبز ‪...‬‬
‫(تصرخ‪)...‬‬
‫امسك برغيف الفقراء وقاتل‪,‬‬
‫فالقنبمة من القمح تجيء‪...‬‬
‫فرغيف الفقراء‪...‬‬
‫قنبمة الفقراء ‪...‬‬
‫ٖ‬
‫مصباح الثورة‪"...‬‬

‫يزداد انفعاؿ المرأة وصوتيا يرتفع يكشؼ استشاطتيا وغضبيا مف وضع القبة والدوراف حوليا ببل‬
‫جدوى ‪.‬‬
‫" صوت المرأة ينطمق من مكبر صوت‪:‬‬
‫أوال تسمعني اآلن ‪...‬‬
‫أوال تفعل شيئاً‪ ,‬كي توقف حول القبة ىذا الدوران ‪...‬‬
‫دار الفقراء وتعب من الدوران الفقراء ‪...‬‬

‫‪ - 1‬يؼٍٍ ثغٍغٕ‪ ,‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.314‬‬


‫‪ - 2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص ‪.299‬‬
‫‪ - 3‬يؼٍٍ ثغٍغٕ‪ ,‬انظخشح‪ ,‬ص ‪.346‬‬

‫‪21‬‬
‫وكراسي األنظمة ُمذىبة ‪...‬‬
‫ذىب‬
‫وسرير األنظمة ُم ْ‬
‫حجرات األنظمة مكيفة طول فصول العام ‪...‬‬
‫ال تتوقف في ىذي السنة األمريكية ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫( يرتفع صوتيا أكثر ‪ ,...‬الجميور في الصالة يمتفت ىنا وىناك ‪)...‬‬

‫فيتضح مف خبلؿ حدة صوتيا‪ ,‬الصرامة والجدية في التحريض لثورة الفقراء‪ ,‬ولوقؼ كافة أشكاؿ‬
‫الرضوخ لبلحتبلؿ واألنظمة المتخاذلة‪ ,‬صوت ال مجاؿ فيو لمتياوف أو االستسبلـ لؤلمر الواقع ‪.‬‬

‫‪ -‬التشخيص بالوىًىلىج‪:‬‬

‫تقنية تكشؼ لنا عما يدور في نفس الشخصية‪ ,‬فتكشؼ عف أفكارىا وآرائيا ودوافعيا‬
‫الداخمية‪ ,‬فيي أكثر ما تقرب الشخصية لممتمقي‪ ,‬حيف تصبح معرفة المتمقي لمشكمة‬
‫الشخصية واضحة ‪ ,‬فمناجاة وطفاء الذاتية تظير لنا حزنيا عمى عبد اهلل بف محمد‪ ,‬وخوفيا‬
‫عمى ابنيا‪ ,‬يظير حالة القمؽ التي تعانييا وأنو ال أحد يدرؾ تضحياتيا‪ ,‬فأصبح كؿ ما تسعى‬
‫لو وىـ‬
‫" أو لن تنظر في وجيو‪...‬‬
‫ىل سيكون لعينيو لون عيونك ‪ ...‬؟‬
‫أولن تحممو بين يديك ‪...‬؟‬
‫مثل جميع اآلباء ‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫أولن تعطيو اسما‪ ,‬عمما وجواز سفر ‪"...‬‬
‫أما اعتراؼ ماريانا لمجميور مباش اًر بأنيا امرأة فاسقة‪ ,‬مومس‪ ,‬عرافة‪ ,‬قديسة‪ ,‬فيذا االعتراؼ يبيف‬
‫ىيئة ماريانا ويوضح لنا مبلمح شخصيتيا‬
‫اآلن ‪...‬‬
‫" إني أعترف ْ‬
‫قديستكم ماريانا‬
‫ْ‬ ‫فعشيقتكم ‪ ...‬عرافتكم ‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫تعترف اآلن ‪" ...‬‬
‫وظؼ الشاعر " معيف بسيسو" في مسرحياتو كافة تقنيات التشخيص‪ ,‬فدالالت الشخصية في‬
‫مسرحو متعددة‪ ,‬فقد رسـ لنا الكاتب الشخصيات النسوية وفؽ ما يقتضيو الموضوع وربطيا ربطاً‬
‫وثيقاً في سير األحداث ونموىا مف بداية المسرحية لنيايتيا‪ ,‬وبيف لنا كافة ىيئات المرأة في‬

‫‪ - 1‬انظخشح‪ ,‬ص ‪. 355‬‬


‫‪ - 2‬يؼٍٍ ثغٍغٕ‪ ,‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص ‪.199‬‬
‫‪ - 3‬يؼٍٍ ثغٍغٕ‪ ,‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.61‬‬

‫‪22‬‬
‫نصوصو المسرحية‪ ,‬والجدوؿ اآلتي سيبيف لنا صفات الشخصيات النسوية‪ ,‬واألبعاد المتبعة في‬
‫اظيار الشخصيات الشكمي ومعنوي داخمي ‪:‬‬

‫المسرحية‬ ‫نوع البعد‬ ‫سمات الشخصية‬ ‫الشخصية‬


‫مأساة جيفا ار‬ ‫ساقطة ‪ -‬مومس ‪ -‬شكمي‪ ,‬معنوي‬ ‫ماريانا‬
‫عرافة ‪ -‬قديسة –‬
‫منبوذة في القرية–‬
‫ثائرة – وكانت رفيقة‬
‫ثائر‪ -‬ممطخة بالوحؿ‬
‫ثورة الزنج‬ ‫الصبر ‪ -‬تحب عبد شكمي‪ ,‬معنوي‬ ‫وطفاء‬
‫اهلل ‪ ,‬تحمؿ طفبل منو‬
‫شمشوف ودليمة‬ ‫حكيمة – أمية – شكمي‪ ,‬معنوي‬ ‫األم‬
‫مطرودة مف وطنيا –‬
‫فبلحة ‪-‬حنونة ‪ -‬ثائرة‬
‫شمشوف ودليمة‬ ‫عنيدة – الجئة – شكمي‪ ,‬معنوي‬ ‫ريم‬
‫منتمية لقضيتيا –‬
‫فاقدة العقؿ – تضع‬
‫عمى رأسيا كوفية‬
‫شمشوف ودليمة‬ ‫قاتمة – حاقدة – تمبس شكمي‪ ,‬معنوي‬ ‫راحيل‬
‫( زي عسكري)‬
‫الصخرة‬ ‫– شكمي‪ ,‬معنوي‬ ‫القدميف‬ ‫حافية‬ ‫المرأة‬
‫–‬ ‫ثائرة‬ ‫–‬ ‫تائية‬
‫رافضة لمواقع المعاش‬
‫تبني‬ ‫العصافير‬ ‫بالجبس شكمي‪ ,‬معنوي‬ ‫مقيدة‬ ‫المرأة (شامة)‬
‫أعشاشيا بيف األصابع‬ ‫واألربطة – مناضمة –‬
‫فوؽ خدىا شامة‬

‫‪23‬‬
‫فالجدوؿ يبيف لنا أبرز صفات الشخصية النسوية في مسرح "معيف بسيسو"‪ ,‬فانصرؼ الكاتب إلى‬
‫وصؼ شخصياتو بشكؿ ظاىري وباطني‪ ,‬فعمى مستوى الوصف الظاىري قاـ بوصؼ الشكؿ‬
‫الخارجي لمشخصية بكافة أشكاليا مف نوع المباس‪ ,‬والعبلمات المميزة وغير ذلؾ‪ ,‬وغالباً ما يكوف‬
‫الوصؼ الظاىري في بداية ظيور الشخصية‪ ,‬أما عمى مستوى الوصف الباطني فقد وصؼ لنا‬
‫الحاالت النفسية مف مشاعر وأحاسيس التي تسيطر عمى شخصياتو في موقؼ ما‪ ,‬والتي تتغير‬
‫حسب الظروؼ والمواقؼ المتحكمة في الحاؿ النفسية لمشخصية ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫صورة المرأة‬

‫‪ -‬المرأة المناضمة‬
‫‪ -‬المرأة الرمز‬
‫‪ -‬المرأة الواعية‬
‫‪ -‬الوجو اآلخر لممرأة‪ ,‬المرأة الصييونية‬

‫‪25‬‬
‫صورة المرأة‪:‬‬

‫ارتسمت صورة المرأة في األذىاف‪ ,‬بأنيا أضعؼ وأقؿ مف الرجؿ في نيؿ الحقوؽ‪ ,‬وفي قدرتيا‬
‫عمى ممارسة أشكاؿ حياتيا المختمفة بما يميؽ بمكانتيا وكينونتيا الخاصة‪ ,‬وىذه النظرة شكمت‬
‫انعكاساً واضحاً عمى أدبنا‪.‬‬
‫النصوص المسرحية وقد نالت حظاً واف اًر في إظيار ضعؼ المرأة وتيميش أدوارىا الحقيقية‪,‬‬
‫ومف المبلحظ أف أغمب النصوص المسرحية يكوف الشخص البطؿ فييا رجؿ وأف مصدر الشر‬
‫والضعؼ ىي المرأة‪ ,‬ومف خبلؿ تتبع ظيور المرأة في الحضارات المختمفة نجد أف أدوراىا‬
‫تقتصر عمى المتعة والضعؼ‪ ,‬وأنو ال يوجد مراعاة إلنسانيتيا‪ ,‬فقد" كانت تقوـ بأدوار تافية‬
‫وضعيفة‪ ,‬وكاف الرجاؿ يجد فييف التسمية والمتعة ىذا إلى أنو كاف مف الميسور جعميف نافعات‬
‫في األعماؿ المألوفة كاألكؿ والمبس والشرب وأف ال يتجاوزف ىذه الحدود"ٔ‪.‬‬
‫لكف مع ظيور حركات التحرر الوطني في العصور الحديثة ودعوتيا لمبادئ التحرر واعبلء‬
‫شأف المرأة والمطالبة بتعميميا وكسر كافة الحواجز التي تُعيؽ مسيرتيا االنتاجية في المجتمع‪,‬‬
‫طرأت تغيرات جذرية في طرح قضايا المرأة االجتماعية والسياسية واالقتصادية ‪.‬‬
‫وي ّذكر أف " أوؿ نشاط سياسي لممرأة الفمسطينية عاـ ٗ‪ ٔٛٛ‬ـ‪ ,‬في مدينة العفولة احتجاجاً عمى‬
‫إنشاء أوؿ مستوطنة ييودية‪ ,‬حيث خرجت مجموعة مف النساء الفمسطينيات في مظاىرة تعبي اًر‬
‫ٕ‬
‫عف رفضيف إلنشاء المستوطنة "‬
‫فتحولت نظرة األدب حوؿ قضاياىا السطحية اليامشية إلى قضايا تحرر ورفض لكؿ ما ُي ِنقص‬
‫مف الحؽ في مشاركتيا في جميع جوانب الحياة‪ ,‬فنجد صورىا في النص المسرحي الفمسطيني‬
‫متعددة بتعدد القضايا التي تطرقت ليا ‪.‬‬

‫ولعؿ خصوصية الظرؼ االستثنائي الذي يمر بو الشعب الفمسطيني مف احتبلؿ إسرائيمي بعد‬
‫نكبة عاـ‪ٜٔٗٛ‬ـ‪ ,‬جعؿ المرأة الفمسطينية تبرز في الجوانب االجتماعية والسياسية بشكؿ الفت‬
‫وقوي "في مجتمع بني جزء أساسي مف تاريخو الحديث عمى الصراع ضد االستعمار‬
‫والصييونية‪ ,‬لذلؾ كاف ال بد وأف تحتؿ قضية تحرير الوطف وقضايا الديمقراطية‪ ,‬المساحة األكبر‬
‫في النضاؿ مف أجؿ بناء مجتمع فمسطيني قائـ عمى أسس العدالة والمساواة لجميع أبنائو رجاالً‬
‫ونساء "‪.3‬‬

‫‪ -1‬كًبل ػٍذ‪ ,‬أػالو ٔيظطهؾبد انًغشػ األٔسٔثً‪ ,‬داس انٕفبء نذٍَب انطجبػخ ٔانُشش‪ ,‬انمبْشح‪ ,2116 ,‬ص‪.329‬‬
‫‪ - 2‬غغبٌ يظطفى انشبيً‪ ,‬دٔس انًشأح انفهغطٍٍُخ انًمبٔو نالؽزالل اإلعشائٍهً فً لطبع غضح يب ثٍٍ ( ‪ ,) 1994 – 1967‬سعبنخ‬
‫يبعغزٍش‪ ,‬انغبيؼخ اإلعاليٍخ‪ ,‬غضح‪ ,2112 ,‬ص‪. 2‬‬
‫‪ - 3‬يً انظبٌغ‪ ,‬انًشأح انؼشثٍخ‪ -‬انٕالغ ٔانزطهؼبد‪ ,‬يغهخ انُٓظ‪ ,‬ديشك انؼذد "‪ "4‬نؼبو ‪ ,1995‬ص‪.111‬‬

‫‪26‬‬
‫وعمى الرغـ مف الظروؼ التي تمر بيا المرأة الفمسطينية‪ ,‬إال أنيا غير منفصمة انفصاالً تاماً‬
‫عف المرأة العربية‪ ,‬فقد كاف "نشاط المرأة العربية الفمسطينية ودرجة تقدميا يرتبطاف ارتباطاً وثيقاً‬
‫أف التقاليد والعادات المتوارثة‪,‬‬
‫وتقدـ المرأة العربية في كافة الوطف العربي‪ ,‬عمى اعتبار ّ‬
‫بنشاط ّ‬
‫والحقوؽ والواجبات التي حصمت عمييا المرأة‪ ,‬والظروؼ االجتماعية التي تعيشيا تكاد تكوف‬
‫متقاربة باستثناء بعض البمداف المحافظة"ٔ ‪.‬‬
‫فالمجتمع الفمسطيني تأسس عمى النضاؿ ضد االستعمار ورفض أشكاؿ االحتبلؿ‪ ,‬فنشأت المرأة‬
‫الفمسطينية في ظروؼ صعبة‪ ,‬حيث أف األديب ال يستطيع أف ُيظ ِيرىا بصورة مختمفة عف الواقع‬
‫الذي تحياه ‪.‬‬
‫مما شكؿ وعياً كامبلً عند الشاعر "معيف بسيسو" في نصوصو‪ ,‬فجعؿ المرأة قوة فاعمة ومؤثرة‬
‫في قضايا التحرر والنضاؿ‪ ,‬وحاضرة في القضايا الوطنية واالجتماعية‪ ,‬وىذا ما سنعبر عنو فيما‬
‫ورد عند الكاتب مف ذكر صور متعددة لممرأة في مسرحياتو الخمسة ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬الورأة الوٌاضلت ‪:‬‬

‫كتب "معيف بسيسو" مسرحياتو‪ ,‬بعد النكسة عاـ ‪ٜٔٙٚ‬ـ‪ ,‬فاتضحت معالـ النضاؿ والتضحية‬
‫والفداء ألجؿ الوطف‪ ,‬وكانت المرأة جزء أصيؿ مف تمؾ التضحية‪ ,‬فكانت تشارؾ الرجؿ في‬
‫نضالو ضد المحتؿ‪ ,‬و قد تطورت مراحؿ النضاؿ عند المرأة الفمسطينية مف الشكؿ الثانوي‬
‫البسيط مثمما كاف قبؿ النكبة‪ ,‬يقوؿ أحمد أبو مطر " شاركت المرأة الفمسطينية في الثورات‬
‫واالنتفاضات الوطنية قبؿ عاـ ‪ ,ٜٔٗٛ‬إال أف دورىا كاف مقصو اًر عمى تقديـ ُحبلىا وذىبيا‬
‫لشراء السبلح‪ ,‬وأدوار أخرى ثانوية‪ ,‬كنقؿ المعمومات البسيطة أو إخفاء المجاىديف"ٕ‪.‬‬

‫ومع اتساع حمقة الصراع الفمسطيني االسرائيمي‪ ,‬اتسع دور المرأة في النضاؿ وتطور تطو اًر‬
‫ممحوظاً‪ ,‬وىذا ما أوضحو الكاتب في نصوصو المسرحية مف دور المرأة في ممارسة كافة أشكاؿ‬
‫النضاؿ ألجؿ نيؿ الحرية ‪.‬‬

‫الكاتب أظير في نصوصو المسرحية أدوار المرأة في حياتيا ‪ ,‬كاف أبرزىا نبذ كؿ أشكاؿ الظمـ‬
‫االجتماعي ليا‪ ,‬والتمرد والتخمص مف القيود الموجية ضدىا‪ ,‬وقد أقدـ الكاتب عمى تغيير‬
‫المفاىيـ الخاطئة تجاه المرأة التي تصورىا بأنيا ضعيفة وال تقوى عمى االنتاج والحياة‪ ,‬فصورىا‬

‫‪ٔ -1‬فٍمخ ؽًذي انشبػش‪ ,‬كفبػ انًشأح ػهى انظؼٍذٌٍ انؼبنًً ٔانؼشثً (انفهغطًٍُ)‪ ,‬يُشٕساد عٍش انزؾشٌش انفهغطًٍُ‪ ,‬ديشك‪ ,‬ؽ‪1‬‬
‫‪,1973‬ص‪.129‬‬
‫‪ - 2‬أؽًذ أثٕ يطش‪ ,‬انشٔاٌخ فً األدة انفهغطًٍُ‪ ,‬ؽ‪ ,1‬انًؤعغخ انؼشثٍخ نهذساعبد ٔانُشش‪ ,‬ثٍشٔد‪ ,1991 ,‬ص‪. 289-282‬‬

‫‪27‬‬
‫بأنيا قادرة عمى أف تكوف عنص اًر مؤث اًر في جميع مفاصؿ البيئة المحيطة بيا‪ ,‬فالمتغيرات‬
‫السياسية والتغير الجذري في تركيبة المجتمع الذي ط أر عمى الشعب الفمسطيني بعد احتبلؿ عاـ‬
‫‪ ٜٔٗٛ‬ـ‪ ,‬أجبرت الجميع عمى االعتراؼ بدور المرأة الفاعؿ في اثبات نفسيا في الواقع‬
‫االجتماعي وفي قدرتيا عمى مقارعة االحتبلؿ االسرائيمي‪.‬‬
‫وعميو فإف د‪ .‬مصطفى عبد الغني يقوؿ عف دور المرأة الحقيقي "إف دورىا الخبلؽ يتعدى دور‬
‫(ست البيت) أو( المثقفة الصامتة)‪ ,‬أو غيرىا مف النماذج السمبية‪ ,‬إنما يتجاوز ذلؾ كمو بالنضاؿ‬
‫الذاتي اليومي المستمر‪ ,‬فالخبلص لـ يعد فردياً‪ ,‬وانما جماعياً‪ ,‬يشارؾ فيو‪ :‬الرجؿ والمرأة معاً‪,‬‬
‫وال يميز نيراف الجيش االسرائيمي بينيما"ٔ فيي تصارع بكؿ قوتيا ألجؿ البقاء‪ ,‬تمارس كؿ أشكاؿ‬
‫النضاؿ‪ ,‬فيي تتعرض لممارسات االحتبلؿ كما يتعرض الرجؿ مف اعتقاؿ وقتؿ وتعذيب وقير‬
‫واذالؿ‪ ,‬ولعؿ أسباب نضاؿ المرأة في المجتمع الفمسطيني‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬سبب فطري يدفعيا لحماية نفسيا وأسرتيا‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬سبب نفسي يحثيا لتأكيد وجودىا االنساني واالجتماعي‪.‬‬

‫وبذلؾ خرجت المرأة التقميدية التي ال تتجاوز حدودىا عف كونيا تابعة لمرجؿ إلى امرأة مناضمة‬
‫ضاربة القيود المحجمة لقدراتيا وطاقاتيا عرض الحائط‪ ,‬فالتحريض الثوري شكؿ مف أشكاؿ‬
‫النضاؿ‪.‬‬
‫المطالِب‬
‫فنرى األـ في مسرحية "شمشوف ودليمة" تطرح تساؤالت عمى ابنيا مازف الرافض لمواقع‪ُ ,‬‬
‫باليجرة واليروب مف تحديات واقعو‪ ,‬تساؤالت تشحذ فيو روح البقاء‪ ,‬و تدفعو لمنضاؿ والتحدي‬
‫وحمؿ قضيتو عمى محمؿ الجد‪ ,‬ليرى مف خبللو النور ويتذوؽ طعـ الحرية التي يسعى ليا‪,‬‬
‫األم ‪:‬‬
‫إن كان احتفظ أبوك بمفتاح في يده ‪...‬‬
‫لِ َم ال تحممو أنت ‪...‬‬
‫لِ َم ال ترفعو كالراية ‪...‬‬
‫وتقاتل من أجل النافذة ومن أجل الباب ‪..‬‬
‫ِل َم ال تشحذه كالخنجر ‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫تطعن وجو عدوك‪...‬‬

‫‪ - 1‬يظطفى ػجذ انغًُ‪ ,‬انغٍى ٔانًطش‪ :‬انشٔاٌخ انفهغطٍٍُخ يٍ انُكجخ إنى االَزفبػخ‪ ,‬انمبْشح‪ ,‬يظش‪ ,‬داس عٓبد نهُششٔانزٕصٌغ‪,2113,‬‬
‫ص‪.111‬‬
‫‪ - 2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.219‬‬

‫‪28‬‬
‫فالمتأمؿ في كممات األـ يرى بوضوح ايمانيا باليـ الوطني وتمسكيا بحؽ العودة ‪ ,‬وتُظ ِير‬
‫روحيا التحريضية البنيا في حمؿ مفتاح العودة كالراية‪ ,‬وتحثو عمى قتاؿ كؿ مف سمب حقاً مف‬
‫حقوقو‪ ,‬حيث أف اليروب ال يجدي نفعاً وال يرد حؽ لمظموـ ‪.‬‬
‫يتعرض مازف لمخطؼ وتكتوي أمو بنار الفراؽ‪ ,‬تختمط عمييا مشاعرىا ما بيف الخوؼ والحيرة‬
‫والبحث عف مصيره المجيوؿ‪ ,‬يتضح ليا أف " الرجؿ ذو المعطؼ" ىو خاطؼ ابنيا‬
‫"األم‪:‬‬
‫خاطف مازن ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫خاطف ولدي ‪"...‬‬
‫ٕ‬
‫تصرخ وتطالب بذبحو بالمقص الذي يحممو رجؿ آخر لمدفاع عنو‪" ,‬األم ‪ :‬فمنذبحو بمقصو"‬
‫ىنا يتضح أرقى شكؿ مف أشكاؿ النضاؿ‪ ,‬أال وىو الكفاح المسمح‪ ,‬تطالب بذبحو رداً العتبارىا‪,‬‬
‫وانتقاماً لفعمتو االجرامية اتجاه ولدىا مازف‪.‬‬
‫تيدؼ المرأة الفمسطينية مف نضاليا ضد المحتؿ‪ ,‬لكسر كؿ القيود والحواجز التي تقيد حريتيا‬
‫وحرية اآلخريف‪ ,‬فنراىا في مسرحية" الصخرة"‪ ,‬تصرخ في المتفرجيف مطالباً منيـ قص األسبلؾ‬
‫الشائكة التي تحيط بالقبة‪,‬‬
‫المرأة ‪:‬‬
‫قصوا بأصابعكم ىذي األسالك الشائكة‪,‬‬
‫‪3‬‬
‫فال بد وأن نبمغ تمك القبة ‪...‬‬
‫رغـ كؿ التيديدات التي يتمقاىا الجميور‪ ,‬واشيار السبلح في وجييـ إال أف المرأة تحرضيـ‬
‫لمتقدـ لموصوؿ لمقبة‬
‫" المرأة ‪:‬‬
‫ال يفصمنا غير جدار أفاع‪ ,‬عن تمك القبة ‪...‬‬
‫فمنتقدم ‪ ...‬فمنتقدم‪" ... 4‬‬
‫يتجدد الوعيد والتيديد بتفجير الصالة المتواجد بيا الجميور والمرأة‪ ,‬إال أنيا ال تكؼ عف‬
‫التحريض‪ ,‬مف أجؿ نيؿ الحرية‬
‫المرأة ‪:‬‬
‫ال بد وأن نبمغ تمك القبة ‪...‬‬
‫نحن المعتقمون ىنا في ىذي الصالة‬

‫‪ -1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.253-252‬‬


‫‪ -2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.253‬‬
‫‪ -3‬انظخشح ‪ ,‬ص‪.364‬‬
‫‪َ -4‬فغّ‪ ,‬ص‪.364‬‬

‫‪29‬‬
‫لو حررنا الرجل ىناك تحت األحجار‬
‫‪1‬‬
‫اصبحنا اح ار ار ‪...‬‬
‫فيتضح بشكؿ جمي دور المرأة في النضاؿ المجتمعي والسياسي في نصوص " معيف بسيسو"‬
‫المسرحية‪ ,‬مف خبلؿ مشاركتيا المؤثرة تأثي اًر واضحاً في المجتمع الذي تعيش فيو‪ ,‬و مف خبلؿ‬
‫تحريضيا لنيؿ الحرية ‪.‬‬

‫ثاًيا ً ‪ :‬الورأة الرهز ‪:‬‬

‫وصورىا بصور متعددة كاف أبرزىا صورة ( المناضمة‪ ,‬األـ‪,‬‬


‫ّ‬ ‫ركز الشاعر عمى قضايا المرأة‬
‫العاممة‪ ,‬المثقفة)‪ ,‬وصورة المرأة الرمز انتقؿ بيا مف الوصؼ الحسي إلى الوصؼ المعنوي‪,‬‬
‫ُمجسداً فييا حاالت االغتراب والمعاناة واألرض وغيرىا مف المعاني المرتبطة بالمرأة‪ ,‬وجد فييا‬
‫الكاتب مساحة الستخداـ تقنية القناع ليعرض أفكاره مف خبلليا‪ ,‬ويظيرىا كرمز لقضية معينة ‪.‬‬

‫دليمة رمز لمنضاؿ الوطني‪ ,‬ونموذج لممرأة الفمسطينية التي تحاوؿ بكؿ جيدىا اعادة الوطف‬
‫المسموب وتتكرر دليمة في شخصية ريـ‪ ,‬فيي رمز لشعب مشرد ُس ِر ْ‬
‫قت أرضو‪ ,‬يسعى بكؿ‬
‫وسائمو الستعادة األرض ‪.‬‬
‫ريم‪:‬‬
‫أعرف ىذا ‪...‬‬
‫أعرف أنك شمشون ‪...‬‬
‫أعرف أننا كنا في خوذتك الفوالذية كالبيض المكسور ‪...‬‬
‫لكن ماذا بعد اليوم الخامس يا شمشون ‪...‬‬
‫ماذا بعد اليوم التاسع والعاشر من يونيو ‪...‬‬
‫قشر البيضة صار متاريس ‪...‬‬

‫‪ -1‬انظخشح‪ ,‬ص‪.365‬‬

‫‪31‬‬
‫ٔ‬
‫والبيضة صارت قنبمة يا شمشون ‪...‬‬
‫ريـ تجسد شعباً وفياً مخمصاً لقضيتو‪ ,‬يرفض الخيانة ويحاربيا بكافة أشكاليا‪ ,‬رم اًز لمثبات عمى‬
‫الموقؼ في وجو المحتؿ‪ ,‬وقد وفؽ الكاتب في تقديميا كنموذج لئلنساف الحر‪ ,‬فيي رمز حقيقي‬
‫لموفاء واظيار العدؿ وخمع الظمـ مف مكانو ‪.‬‬
‫ريم‪:‬‬
‫كوني خائنة يا ريم ‪...‬‬
‫ٕ‬
‫ىذا ما تطمبو من ريم ‪...‬‬
‫ريـ رم اًز لمثورة الفمسطينية‪ ,‬التي تدعو لرفض القير وكؿ أشكاؿ االضطياد‪ ,‬وتدعو لتحرير‬
‫األرض‪ ,‬وتنبذ أشكاؿ الخيانة وترفض فكرة التعاوف مع المحتؿ أو مساعدتو ‪.‬‬
‫وفي شخصية وطفاء تتضح معالـ الوفاء بشكؿ أوضح‪ ,‬فبعد سيطرة الزنج عمى البصرة ونجاح‬
‫ثورتيـ‪ ,‬وسقوط حكـ " عبد اهلل بف محمد"‪ ,‬يدخؿ الشؾ في قمبو فيتيـ وطفاء بأنيا خانتو‬
‫" حتى وطفاء ‪...‬‬
‫كبدك ‪ ...‬ضمعك ‪...‬‬
‫فمذة َ‬
‫لؤلؤة الدم ‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫صارت في منقار الحدأة ‪"...‬‬
‫ينطمؽ صوت وطفاء لتنكر ما قالو عبد اهلل‪ ,‬وتؤكد عمى تمسكيا بالثورة‪ ,‬وأنيا مازالت متمسكة‬
‫بو‪ ,‬وأنيا لف تخذلو تحت أي ظرؼ أو حاؿ ‪ ,‬لف تخمع خاتمو ولف تكوف يوماً مف األعداء‬
‫"ال يا عبد اهلل بن محمد ‪...‬‬
‫وطفاؤك لن تخمع خاتمك من االصبع ‪...‬‬
‫لن تمقي بالخاتم في كأس عدوك ‪...‬‬
‫وذراعي يا عبد اهلل بن محمد ‪...‬‬
‫‪4‬‬
‫لن تحمل وشم عدوك ‪"...‬‬
‫وطفاء التي تحمؿ في أحشائيا نطفة الثورة التي أخذتيا مف عبد اهلل ستحافظ عمى مسيرة‬
‫النضاؿ‪ ,‬فيي انتقاؿ حقيقي لمزمف مف القرف الثالث الى القرف المعاصر‪ ,‬فيي رمز لكؿ مرأة‬
‫فمسطينية تحمؿ في داخميا معاني الثورة ضد المحتؿ ‪.‬‬

‫‪ - 1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ ‪ ,‬ص‪.318‬‬


‫‪َ - 2‬فغّ ‪ ,‬ص‪. 311‬‬
‫‪ - 3‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪177‬‬
‫‪َ - 4‬فغّ ‪ ,‬ص‪179-178‬‬

‫‪31‬‬
‫في مسرحية "مأساة جيفارا"‪ ,‬ماريانا رمز واضح لتشتت الشعب الفمسطيني وضياعو‪ ,‬رمز لتخمي‬
‫أغمب الدوؿ عف القضية والشعب الفمسطيني‪ ,‬تركوه وحيداً في دائرة الصراع‪ ,‬لـ يمتفت لو أحد في‬
‫أحمؾ المحف وأصعبيا‪ ,‬فماريانا تُمقى في الوحؿ ال يمتفت ليا أحد‪ ,‬ال يسندىا أحد ‪.‬‬
‫المرأة ‪:‬‬
‫( تترنح أكثر ‪)..‬‬
‫من منكم يتقدم يسند ماريانا ‪ ..‬؟‬
‫ْ‬
‫ال أحد يتقدم ‪...‬‬
‫ال أحد يتقدم ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫ال أحد يتقدم ‪...‬‬
‫جيفا ار يساعد ماريانا دوف مقابؿ‪ ,‬ال يضاجعيا أو يسرقيا‪ ,‬يساعدىا ألنو آمف بقضيتيا‪ ,‬ماريانا‬
‫تمؾ التي ترمز لؤلرض المسموبة المغتصبة مف االحتبلؿ االسرائيمي‪ ,‬وكؿ مف يساعده لمبقاء عمى‬
‫أرض فمسطيف‪ ,‬كميـ شركاء في الجريمة ‪.‬‬
‫ماريانا‪:‬‬
‫أول رجل يسكر بابي ‪...‬‬
‫ال ليضاجعني ‪...‬‬
‫أو يسرقني ‪...‬‬
‫أول رجل يكسر بابي ‪...‬‬
‫كي أحميو ‪...‬‬
‫ويحميني ‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫ىذا يكفيني ‪...‬‬
‫فعبلً ىذا ما تحتاجو األرض والشعب الفمسطيني‪ ,‬يحتاج لحاضنة حقيقية تخرجو مف مأزؽ‬
‫التشتت والتشرد‪ ,‬ال يحتاج لمف يسرقو باسـ الوطف‪ ,‬أو مف يساند المحتؿ‪ ,‬جيفا ار رمز حقيقي‬
‫لمثائر الصادؽ‪ ,‬الذي يناضؿ مف أجؿ انقاذ و إخراج ماريانا ( األرض ) مف الظمـ والقير الواقع‬
‫عمييا ‪.‬‬
‫ُوِف َ‬
‫ؽ الشاعر في تقديـ المرأة كرمز لؤلرض والثورة‪ ,‬وكرمز لمعاني التشتت والقير‪ ,‬و لموفاء‬
‫والصدؽ‪ ,‬فقد أخرجيا مف دالالتيا الحسية الظاىرة إلى دالالت رمزية عميقة ذات صمة وثيقة‬
‫بالوطف ‪.‬‬

‫‪ - 1‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.61‬‬


‫‪َ - 2‬فغّ‪ ,‬ص‪.87‬‬

‫‪32‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬الورأة الىاػيت‪:‬‬

‫التجربة واأللـ والمعاناة ىي مف تشكؿ شخصية االنساف وتصقمو بمعارؼ‪ ,‬وتجعمو قاد اًر عمى‬
‫تحميؿ ما يدور مف حولو‪ ,‬و تصنع لو معاييره الخاصة التي يستطيع أف يطمؽ مف خبلليا‬
‫أحكامو عمى األشياء‪ ,‬وأستطيع القوؿ إف المرأة الفمسطينية بعيدة كؿ البعد عف كونيا امرأة‬
‫عادية‪ ,‬وأف مستجدات العصر الحديث‪ ,‬وظرؼ االحتبلؿ أوجد مساحة ليا لتعبر عف رأييا‪,‬‬
‫الم ِثقفة‪ ,‬وبما أف‬
‫المثقَفة‪ ,‬و ُ‬
‫وتطرح أفكارىا بكؿ حرية‪ ,‬فكانت الشاعرة‪ ,‬والمفكرة‪ ,‬والمحرضة‪ ,‬و ُ‬
‫الشخص الواعي "إنساف عمـ ومعرفة‪ ,‬وموقؼ حضاري عاـ تجاه عصره ومجتمعو‪ ,‬إنساف شديد‬
‫التأثير بالبيئة االجتماعية المحيطة بو‪ ,‬كما أنو في الوقت نفسو‪ ,‬إنساف شديد التأثر في وسطو‬
‫االجتماعي‪ ,‬وفي محيط عالمو وعصره‪ ,‬وذلؾ لما لو مف قوى فكرية خاصة‪ ,‬ومواىب روحية‬
‫ونفسية متميزة"ٔ‪ ,‬نجد أف المرأة الواعية تشكؿ أث اًر ايجابياً في قدرتيا عمى تغيير المفاىيـ‬
‫المغموطة‪ ,‬والقدرة عمى توعية األبناء ‪.‬‬
‫فنممس وعي وادراؾ األـ في مسرحية" شمشوف ودليمة"‪ ,‬مف خبلؿ مناقشتيا البنيا مازف‪ ,‬بعدما‬
‫رفض الواقع وقرر اليجرة‪ ,‬ىذا كمو نتيجة اليأس واالحباط الذي لحؽ بمازف نتيجة ممارسات‬
‫االحتبلؿ مف قمع وحصار‪ ,‬فيو ال يعرؼ اال األسبلؾ الشائكة والتوقيؼ لمتفتيش والحواجز ‪.‬‬
‫"مازن ‪:‬‬
‫وأنا اآلخر سوف أىاجر ‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫سأىاجر من ىذي العربة ‪"...‬‬
‫األـ تعمـ جيداً أف اليجرة ال فائدة منيا‪ ,‬فيي تعتبرىا شكبلً مف أشكاؿ اليروب وعدـ القدرة عمى‬
‫المواجية‪ ,‬تدرؾ جيداً أف العالـ تخمى عف قضيتنا‪ ,‬وأنو ال يعترؼ بنا‬
‫"األم ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫ذاك العالم ال يعترف بأحد منا يا ولدي ‪"...‬‬
‫تدرؾ ادراكاً تاماً بأف العالـ تخمى عنا ورفضنا‪ ,‬فموال التجارب التي مرت بيا األـ ما كانت‬
‫توصمت الستنتاجيا القادر عمى تحميؿ الواقع والمحيط الذي تعيش بو‪ ,‬ولعؿ أعمى مستويات‬
‫الثقافة ىي القدرة عمى التحميؿ وادراؾ ما ال يدركو اآلخروف‪.‬‬
‫كثير مف المحاوالت االقميمية والدولية أرادت أف تغرؽ الثورة الفمسطينية بالماؿ‪ ,‬لغرض غير‬
‫الثوار‪ ,‬يقوؿ الزعيـ ىوتشي منو ‪ " :‬إذا أردت أف تفسد ثورة‪ ,‬أغرقيا‬
‫شريؼ أال وىو افساد نفوس ّ‬
‫بالماؿ" ‪.‬‬

‫‪ -1‬ػجذ انغالو انشبرنً‪ ,‬شخظٍخ انًضمف فً انشٔاٌخ انؼشثٍخ انؾذٌضخ "‪ ,"1952-1982‬داس انؾذاصخ‪ ,‬ثٍشٔد‪ ,‬ؽ‪ ,1985 ,1‬ص‪. 8‬‬
‫‪ -2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.215‬‬
‫‪َ -3‬فغّ ‪ ,‬ص‪.216‬‬

‫‪33‬‬
‫فيذه ريـ العرافة تحذر ابنيا يونس مف االنسياؽ وراء شيوات الماؿ و تحدد لو البوصمة الحقيقية‬
‫لمنجاة‪,‬‬
‫" كن حذ ار يا يونس ‪...‬‬
‫أنا أعرف أنك عريان ‪...‬‬
‫لكن سيجيء اليك‪...‬‬
‫من سوف يغطيك بأوراق النقد‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫ال لمخبز ولكن لمبارود ‪"...‬‬
‫ادراكيا يقودىا إال أف مف ينساؽ وراء شيوات الماؿ‪ ,‬يصبح ببل قيمة‪ ,‬يفقد ثوريتو‬
‫" احذر يا يونس‪...‬‬
‫كن ثورة‪...‬‬
‫واحذر أن تصبح اعالنا لمثورة‪,2"...‬‬
‫تحذره أف يكوف أداة مف أدوات التبرير والخذالف‪ ,‬و أف يكوف فقط اعبلناً واىياً غير مؤثر تأثي اًر‬
‫حقيقياً في مسار القضية والوطف ‪.‬‬
‫يعد موقؼ المرأة في مسرحية" الصخرة" موقفاً واعياً حاسماً رافضاً‪ ,‬لدور سماسرة األرض و‬
‫لذا ّ‬
‫كؿ محاوالتيـ لممارسة النصب واالحتياؿ لسرقة األرض‪ ,‬ترفض قطعاً لعنة السماسرة‪ ,‬ال تقبؿ‬
‫البيع بأي ثمف كاف‪ ,‬و تحذر مف القبوؿ ببيع األرض‪ ,‬فتبعيات البيع وخيمة عمى أصحابيا‪,‬‬
‫ستستباح أرض فمسطيف مف المغتصبيف والمحمتيف‪,‬‬
‫الفقراء أتوا بالخبز‪ ,‬وجاءك بسبيكة ذىب‪,‬‬
‫كل سماسرة البورصة والمحتالين ‪...‬‬
‫صار سرير فمسطين ‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫يتسع لكل القوادين ‪...‬‬
‫ىي تعي بأف مف يتخاذؿ ويقبؿ ببيع األرض سيحوؿ األرض الى شركة‪ ,‬يستنزؼ المحتؿ كؿ‬
‫خيراتيا ومقدراتيا‬
‫" صوت المرأة ‪:‬‬
‫جعموا وطنكمو شركة‬
‫ٗ‬ ‫جعموا وطنكمو منجم لحم ِ‬
‫ودم‪"...‬‬

‫‪ -1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.278‬‬


‫‪ -2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.278‬‬
‫‪ -3‬انظخشح‪ ,‬ص‪.346‬‬
‫‪ -4‬انظخشح‪ ,‬ص‪.361‬‬

‫‪34‬‬
‫فتجربة خبث السماسرة وسرقتيـ لؤلرض الفمسطينية‪ ,‬بطرقيـ البلقانونية ما قبؿ نكبة عاـ‬
‫‪ٜٔٗٛ‬ـ‪ ,‬ما كانت إال لجيؿ أصحابيا وعدـ ادراكيـ لخطورة ما يصنعوف مف تفريط وتمرير‬
‫لممشروع الصييوني‪ ,‬فقد أدركت المرأة بعد خوض تجربة لعنة السماسرة بأف التفريط بالوطف‬
‫تحت أي ثمف وأي ظروؼ لو ضريبة موجعة وخسارة فادحة ‪.‬‬
‫فالمرأة في نصوص الكاتب‪ ,‬امرأة واعية مدركة لمخاطر قد ال يدركيا األبناء‪ ,‬ساىمت في تغيير‬
‫المفاىيـ المغموطة‪ ,‬حاولت أف تصحح مسار كؿ اعوجاج يحاوؿ أف يحيط بيا ‪.‬‬

‫رابؼا ً ‪:‬الىخه اآلخر للورأة‪ ,‬الورأة الصهيىًيت ‪:‬‬

‫"إسرائيؿ" ىي وليدة الحركة الصييونية العالمية‪ ,‬والصييونية كفكرة تنطوي في جوىرىا عمى دعوة‬
‫العودة الى "أرض إسرائيؿ" بحدودىا التي وردت وورد ذكرىا في الكتب المقدسة لدى الييود‪ ,‬بينما‬
‫نجد الصييونية بمفيوميا السياسي عبارة عف حركة سياسية عالمية منظمة تستند الي عدة‬
‫مفاىيـ‪ ,‬مف المفاىيـ الدينية الي المزاعـ التاريخية إلي النيات االستعمارية‪ٔ".‬‬
‫والصييوني حسب " بف غوريوف" ‪ " :‬ىو الييودي الذي يريد العودة الى جبؿ صييوف ‪ ,‬وىو‬
‫الييودي الذي يحس أنو إذا عاش في أي بمد آخر غير إسرائيؿ فيو منفي ‪ ,‬وانػو آف األواف‬
‫النتيػاء عصر النفي والتشرد والبد مف العودة الى إسرائيؿ"ٕ‪.‬‬
‫تتميز شخصية راحيؿ في مسرحية " شمشوف ودليمة" بأنيا امرأة عنصرية تميؿ لمقتؿ والسطو‪,‬‬
‫تتعطش لسفؾ الدماء‪ ,‬تابعة لشخصية شمشوف وتتعامؿ مع الشخصيات األخرى بقسوة وىمجية‪,‬‬
‫فيي تعبر عف الصراع اإلسرائيمي الفمسطيني‪ ,‬تتمذذ بقتؿ الفمسطينييف‪ ,‬و عندما يقؼ شمشوف‬
‫عاج اًز منكس اًر أماـ شخصية " ريـ"‪ ,‬تقترح عميو راحيؿ أف يقتميا ‪.‬‬

‫راحيل ‪:‬‬
‫اقتميا ‪...‬‬
‫لكن ىنالك ما ىو أمتع يا شمشون من القتل ‪...‬‬
‫أشيى وألذ من القتل ‪...‬‬
‫( تضحك )‬
‫أن تتمدد معيا فوق سرير واحد ‪...‬‬
‫ٖ‬
‫نم معيا فوق النقالة واقتميا ‪...‬‬

‫‪ -1‬غبصي انغؼذي‪ ,‬األؽضاة ٔانؾكى فً إعشائٍم‪ ,‬ؽ‪ ,1‬داس انغهٍم نهُشش ٔانذساعبد ٔاألثؾبس انفهغطٍٍُخ‪ ,‬ػًبٌ‪1989 ,‬و‪ ,‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -2‬ػجذ انمبدس انشششبس‪ ,‬خظبئض انخطبة األدثً فً سٔاٌخ انظشاع انؼشثً انظًٍَٕٓ " دساعخ رؾهٍهٍخ"‪ ,‬ؽ‪ ,1‬يشكض دساعبد‬
‫انٕؽذح انؼشثٍخ‪ ,‬ثٍشٔد‪ ,2116 ,‬ص‪. 113‬‬
‫‪ - 3‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ ‪ ,‬ص‪.316‬‬

‫‪35‬‬
‫تتضح سادية راحيؿ في متعتيا وتمذذىا النابعيف مف اقتراحيا لقتؿ ريـ بأبشع الصور‪ ,‬أظير‬
‫الشاعر "معيف بسيسو" شخصية المرأة الصييونية‪ ,‬وأظيرىا عمى حقيقتيا مف غير تجني‪,‬‬
‫وأوضح ممارساتيا الحقيقية تجاه الشعب الفمسطيني ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫المرأة والتشكيل البنائي لممكان والزمان‬

‫المبحث األول ‪ :‬بنية المكان النصي‬


‫المبحث الثاني ‪ :‬بنية الزمن النصي‬

‫‪37‬‬
‫المبحث األول‬
‫بنية المكان النصي‬

‫‪38‬‬
‫الؼالقت بيي الوكاى والشخصيت ‪:‬‬

‫يعد المكاف في النص المسرحي عنص اًر ىاماً مف عناصر البناء الفني لو تأثير واضح في إبراز‬
‫ّ‬
‫مبلمح الشخصية وتكوينيا‪ ,‬فتوظيؼ المكاف مف الوسائؿ الفنية التي ليا دالالت عميقة‪ ,‬لما‬
‫تحممو مف عواطؼ ومشاعر إنسانية‪ ,‬فالمكاف تكمف أىميتو في كونو " يمثؿ اإلطار العاـ‬
‫لمحركات‪ ,‬وألفعاؿ الشخصيات ليمعب ىذا اإلطار أدوا اًر متعددة مف ذلؾ مثبلً ‪ :‬تحديده لنوعية‬
‫األحداث‪ ,‬أو نوعية سموؾ الشخصيات"ٔ ‪.‬‬
‫احد مف أبطاؿ المسرح الحقيقيف والفاعميف"ٕ‪ ,‬والمكاف في النص األدبي يجمع‬
‫ورآه البعض أنو " و ٌ‬
‫باقي العناصر األخرى‪ ,‬فالمكاف عمى ىذا األساس " ىو بمثابة عمود فقري لمنص وبدونو تسقط‬
‫العناصر والوظائؼ في الفراغ‪ ,‬وتتبلشى مف تمقائيا وجوبا مف ىنا فقط تنجـ مركزية وأىمية‬
‫المكاف في النص "ٖ ‪.‬‬
‫فالقرية والعربة والقبة والمستشفى والبيت ‪ ...‬الخ‪ ,‬في نصوص " معيف بسيسو" المسرحية تعتبر‬
‫أماكف تشيد عمى حركة شخصياتو‪ ,‬وتساعد في تطور األحداث داخؿ النص المسرحي‪ ,‬فاألماكف‬
‫وما تحتويو مف متناقضات الداخؿ والخارج والمكاف المغمؽ والمفتوح‪ ,‬تساعدنا عمى معرفة القيـ‬
‫واأليديولوجيات الكامنة في نفوس شخصياتو‪ ,‬إذ " تتحوؿ ىذه الثنائيات مف كونيا وصفا لممكاف‬
‫لتعبر عف قيـ مختمفة اجتماعية‪ ,‬دينية‪ ,‬إيديولوجية‪ ,‬فيي ليست مجرد إحداثيات مكانية – مجردة‬
‫– بؿ نجد ليا عبلقة بواقع اإلنساف وبمحيطو االجتماعي والسياسي واألخبلقي"ٗ‪.‬‬

‫ويرى البحث أف اىتماـ الكاتب كاف ينصب عمى تصوير واقعي لؤلماكف مبتعداً عف التصوير‬
‫األسطوري‪ ,‬مصو اًر بذلؾ رؤيتو الحقيقية اتجاه أحداث واقعية‪ ,‬والكاتب ال يمتزـ بمكاف واحد في‬
‫كؿ فصؿ مف فصوؿ مسرحياتو‪ ,‬ولعؿ ذلؾ يرجع إلى عدـ انحصاره في ضيؽ المحددات التي‬
‫تحجـ مف حركة وأفعاؿ شخصياتو‪ ,‬فكثرة األماكف توفر اتصاالً وتقارباً بيف الشخصيات‪ ,‬فيكوف‬
‫لو أثر واضح عمى سير أحداث المسرحية ‪.‬‬

‫‪ - 1‬إثشاٍْى عُذاسي‪ " ,‬انًٕطم فؼب ًء سٔائٍب ً – سٔاٌزب اإلػظبس ٔانًئزَخ‪ ,‬فغش ثٓب ٔؽشً‪ًَٕ /‬رعٍٍ"‪ ,‬يغهخ ألالو‪,1992 ,8-74 ,‬‬
‫ص‪.56‬‬
‫‪ٔ - 2‬نٍذ إخالطً‪ ,‬نٕؽخ انًغشػ انُبلظخ‪ ,‬أثؾبس ٔيمبالد فً انًغشػ‪ٔ ,‬صاسح انضمبفخ فً انغًٕٓسٌخ انؼشثٍخ انغٕسٌخ‪,1997,‬‬
‫ص‪.137‬‬
‫‪َ - 3‬غٍت انؼٕفً‪ ,‬يمبسثخ انٕالغ فً انمظخ انمظٍشح انًغشثٍخ ( يٍ انزأعٍظ إنى انزغٍُظ )‪,‬ؽ‪ ,1‬انًشكض انضمبفً انؼشثً‪ ,‬ثٍشٔد‪,‬‬
‫نجُبٌ‪ ,1987 ,‬ص‪.149‬‬
‫‪ - 4‬عٕادي ٍُْخ‪ ,‬طٕسح انًكبٌ ٔدالالرّ فً سٔاٌبد ٔاعًٍُ األػشط‪ ,‬سعبنخ يمذيخ نٍُم دسعخ انذكزٕساِ‪ ,‬عبيؼخ يؾًذ خٍؼش ثغكشح‪,‬‬
‫كهٍخ اَداة ٔانهغبد‪ ,2113/2112 ,‬ص‪.55‬‬

‫‪39‬‬
‫فطبيعة حركة الشخصية النسائية في نصوصو المسرحية‪ ,‬وفقاً لمثنائية الضدية الداخؿ والخارج‪,‬‬
‫والمكاف المفتوح والمكاف المغمؽ‪ ,‬لو داللة وتأثير عمى تشكيؿ صورتيا الداللية‪ ,‬وىذا ما سيتـ‬
‫دراستو في ىذا المبحث ‪.‬‬

‫تحذيذ هصطلحاث ‪:‬‬

‫المكان ‪ :‬في معجـ لساف العرب ورد تعريفو عمى أنو " الموضع و المكانة يقاؿ فبلف يعمؿ عمى‬
‫مكينتو أي عمى اتئاده ‪...‬والمكانة المنزلة عند الممؾ‪ ,‬والجمع مكانات وال يجمع جمع تكسير وقد‬
‫ٔ‬
‫مكف مكانو فيو مكيف"‬
‫أما معجـ جميرة المغة فقد عرفو عمى أنو " مكاف األشياء وغيره"ٕ‪ ,‬وفي توضيح لمفظ غيره‪ " ,‬أما‬
‫غيره فيو مكاف األشياء الروحية فمكانة فبلف في قمبي‪ ,‬تذىب إلى أف مكانة اإلنساف ليست شيئاً‬
‫ٖ‬
‫متعيناً ولكنو كاف مطمؽ"‬
‫ويطمؽ عمى المكاف بأنو " الموضع المتخيؿ الذي تجري فيو األحداث‪ ,‬والذي تحدده اإلرشادات‬
‫ٗ‬
‫اإلخراجية ويسمى مكاف الحدث‪ ,‬ينقؿ إلى الخشبة مادياً بعبلمات تدرؾ بالحواس ومنيا الديكور"‬
‫وعند الحديث عف المكاف‪ ,‬تظير لنا مصطمحات يجب ذكرىا والتعرؼ عمييا وأىميا‪:‬‬
‫المكاف الدرامي‪ ,‬الفضاء المسرحي‪ ,‬المكاف المسرحي ‪.‬‬

‫أ‪ -‬المكان الدرامي ‪:‬‬


‫إف المكاف الدرامي ىو " نظاـ مف العبلقات المكانية المتصفة بحديث‪ ,‬األوؿ يتسـ بالممموسية‬
‫الواضحة التي يحددىا المؤلؼ بوصفو جية أو سطحاً أو شكبلً مف معمارية المكاف الكمي المتعدد‬
‫الجيات وىذه الجية تمثؿ وعاء لمشخصيات واألحداث والصراع والمغة ‪ ...‬أما الحد الثاني فيو‬
‫يشكؿ امتداداً آلنات المكاف الخارجية ال في جية‪ ,‬وانما في كؿ جيات المكاف التي يتشكؿ‬
‫مستوياتو المختمفة والمنسكبة والمتفاعمة مع األوؿ مف خبلؿ فاعمية الشخصيات واألبطاؿ‬
‫واألفعاؿ"٘ ‪.‬‬
‫أما الفضاء الدرامي " ىو الفضاء التقديري الخاص بالنص‪ ,‬وينشأ مف مفيوميف ‪ :‬المفيوـ‬
‫الخاص بالفضاء النصي الذي يمكف أف يحدد الفضاء المادي لمنص المسرحي‪ ,‬المطبوع أو‬

‫‪ - 1‬ابف منظور‪ ,‬لساف العرب‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪ ,ٕٓٓٗ ,‬ص‪.82‬‬
‫‪ - 2‬اثٍ دسٌذ‪ ,‬عًٓشح انهغخ‪ ,‬انؼذد ‪ٔ ,57‬صاسح انضمبفخ ٔاإلػالو‪ ,‬ثغذاد‪ ,1981 ,‬ص‪.5‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ - 3‬ػجذ هللا ؽغٍٍ ؽغٍ‪ ,‬االشزغبل انذالنً نهًكبٌ ثٍٍ انُض انًغشؽً ٔانفٍهى انغًٍُبئً‪ " ,‬أٔدٌت يهكب ًَٕرعب"‪ ,‬عبيؼخ ثغذاد‪ ,‬يغهخ‬
‫كهٍخ اَداة‪ /‬انؼذد ‪ ,112‬ص‪.592‬‬
‫‪ - 4‬يبسي إنٍبط ٔؽُبٌ لظبة ؽغٍ‪ ,‬انًؼغى انًغشؽً‪ ,‬ؽ‪ ,1‬و‪ ,1‬يكزجخ نجُبٌ َبششٌٔ‪,1997 ,‬ص‪.473‬‬
‫‪ - 5‬يُظٕس َؼًبٌ َغى انذسًٌهً‪ ,‬انًكبٌ فً انُض انًغشؽً‪ ,‬ؽ‪ ,1‬داس انكُذي نهُشش ٔانزٕصٌغ‪ ,1999 ,‬ص‪.21‬‬

‫‪41‬‬
‫المكتوب عمى اآللة‪ ,‬كما يظير عمى الورؽ‪ ,‬بنظامو الخاص ( حوارات‪ ,‬إشارات إرشادية )‪,‬‬
‫والفضاء الوىمي المشكؿ انطبلقاً مف النص‪ ,‬ويوحي بو النص‪ ,‬سواء ظير أـ لـ يظير عمى‬
‫ٔ‬
‫المنصة"‬

‫ب‪ -‬الفضاء المسرحي ‪:‬‬


‫" تقابمو بالفرنسية كممة ( ‪ ,) espace‬وباإلنجميزية ( ‪ ,) space‬وىي تطمؽ عمى المكاف الذي‬
‫يطرحو النص‪ ,‬ويقوـ القارئ بتشكيمو بخيالو‪ ,‬وعمى المكاف الذي نراه عمى الخشبة‪ ,‬ويدور فيو‬
‫ٕ‬
‫الحدث‪ ,‬وتتحرؾ فيو الشخصيات"‬
‫وحسب تعريؼ عواد عمي‪ ,‬فإف الفضاء المسرحي ‪ " :‬ذلؾ الجزء مف الفضاء المتخيؿ الذي‬
‫يتحقؽ بشكؿ ممموس ومرئي عمى الخشبة‪ ,‬أي أنو مكاف الحدث ‪ ...‬الذي يتـ تصويره عمى‬
‫ٖ‬
‫الخشبة بعناصر الديكور واإلكسسوار وحركة الممثؿ"‬
‫"وىذا الفضاء ىو فضاء الصراع بيف القوى الفاعمة الذي يشكؿ البنية العميقة لمنص ويتجمى‬
‫بشكؿ ما في البنية الظاىرية‪ ,‬عبر العبلقات المكانية المتولدة عف الصراع"ٗ ‪.‬‬
‫فتمؾ العبلقات تصنع حالة دمج كمي في طبقات المكاف‪ ,‬فكؿ طبقة تميد الطريؽ إلى طبقة‬
‫أخرى‪ ,‬فالبنية المكانية الظاىرة تتضح في العبلقات بيف الشخصيات والمكاف‪ ,‬إنما البنية العميقة‬
‫فتتحرؾ بشكؿ معاكس لمبنية الظاىرة مف خبلؿ تعدد مستوياتو وسعة أماكنو‪ ,‬فالمكاف وعاء‬
‫لحركة الشخصيات ورغباتيـ وصراعاتيـ‪ ,‬فيي بذلؾ تمتص كؿ مفاصؿ المكاف في النص‪ ,‬فينتج‬
‫تفاعؿ بيف طبقات المكاف يتيح لنا معرفة أعمؽ لحيوية وثراء المكاف‪ ,‬والمخطط يوضح لنا ذلؾ٘‪.‬‬
‫ذلؾ٘‪.‬‬

‫‪ -1‬ػٕاد ػهً‪ ,‬انًؼشفخ ٔانؼمبة‪ ,‬لشاءاد فً انخطبة انًغشؽً انؼشثً‪ ,‬انًؤعغخ انؼشثٍخ نهذساعبد ٔانُشش‪ ,2111,‬ص‪.51‬‬
‫‪ -2‬أكشو ٌٕعف‪ ,‬انفؼبء انًغشؽً‪ ,‬دساعخ عًٍٍبئٍخ‪ ,‬ؽ‪ ,1‬داس انًششق‪ ,‬داس انًششق‪ ,‬عٕسٌب‪ ,1994 ,‬ص‪.26‬‬
‫‪ -3‬ػٕاد ػهً‪ ,‬انًؼشفخ ٔانؼمبة‪ ,‬ص‪.49‬‬
‫‪ -4‬ثٕؽٕنخ أيٍُخ‪ ,‬عًبنٍخ انًكبٌ انذسايً فً انُض انًغشؽً انغضائشي‪ ,‬سعبنخ يبعغزٍش‪ ,‬كهٍخ اَداة‪ ,‬لغى انفٌُٕ انذسايٍخ‪ ,‬عبيؼخ‬
‫ْٔشاٌ‪,2116,‬ص‪.29‬‬
‫‪ٌُ -5‬ظش‪ :‬رذسٔف رضفزبٌ ٔ آخشٌٔ‪ ,‬أطٕل انخطبة انُمذي انغذٌذ‪ ,‬رشعًخ ٔرمذٌى أؽًذ انًذًَ‪ ,‬ثغذاد‪ ,‬داس انشؤٌٔ انضمبفٍخ‬
‫انؼبيخ‪ ,1978,‬ص‪.81‬‬

‫‪41‬‬
‫‪1‬‬
‫هخطط طبقاث الوكاى في الٌص ‪:‬‬

‫‪ -1‬يُظٕس َؼًبٌ َغى انذسًٌهً‪ ,‬انًكبٌ فً انُض انًغشؽً‪ ,‬ص‪.91‬‬

‫‪42‬‬
‫ت‪ -‬المكان المسرحي‪:‬‬
‫اس‪ ,‬وىو أحد العناصر األساسية في‬ ‫الحيز كوجود مادي يمكف إدراكو بالحو ّ‬
‫" ىو الموضع أو ّ‬
‫المسرح ألنو شرط لتحقيؽ العرض المسرحي‪ ,‬وىو ذو طبيعة مركبة ألنو يرتبط بالواقع مف جية‬
‫وبالمتخيؿ مف جية أخرى"ٔ‪.‬‬
‫ومما سبؽ يتضح لنا أف ىناؾ فارقاً بيف المكاف المادي أال وىو الخشبة المسرحية " الفضاء‬
‫المسرحي"‪ ,‬والمكاف في النص المسرحي " الفضاء الدرامي"‪ ,‬فالفضاء المسرحي يتناوؿ العمؿ‬
‫عمى خشبة المسرح وىذا عمؿ مخرج مسرحي‪ ,‬وكيفية تناوؿ شكمو وسير األحداث عميو‪ ,‬ويقوـ‬
‫بتحوؿ المتخيؿ إلى ممموس‪ ,‬أما الفضاء الدرامي فيتناوؿ المكاف داخؿ النص المسرحي نفسو ‪.‬‬

‫البعد النفسي لممكان ‪:‬‬


‫تنعكس متناقضات ومكونات المكاف عمى البعد النفسي لمشخصية وتؤثر في أفعاليا‪ ,‬إذ يقوؿ‬
‫ٍ‬
‫بمعاف غير مستحبة‪ ,‬ألف الضيؽ‬ ‫غاستوف باشبلر ‪ " :‬إذ كمما كاف المكاف ضيقاً يشعر اإلنساف‬
‫واالنغبلؽ يوحي عادة باالختناؽ واليأس‪ ,‬في حيف يوحي االنفتاح بالحرية واالنطبلؽ"ٕ‪.‬‬
‫فضدية المكاف المفتوح والمغمؽ‪ ,‬تكشؼ األبعاد السياسة والفكرية لمكاتب‪ ,‬يقوؿ مدحت الجيار "‬
‫ولممكاف بعده النفسي داخؿ النص‪ ,‬وداخؿ الصورة الشعرية إلى جانب وظائفو الفنية وأبعاده‬
‫االجتماعية والتاريخية والعقائدية التي ترتبط بالمكاف وال تفارقو"ٖ‪.‬‬
‫وترى "أسماء شاىيف" أف المكاف ليس ديكو اًر وشكبلً لمزينة فحسب‪ ,‬إنما ىناؾ عبلقة بيف المكاف‬
‫واإلنساف‪ ,‬فموال حركة الشخصيات في المكاف لكاف جماداً ال قيمة لو‪ ,‬فتقوؿ ‪ " :‬المكاف في حركة‬
‫أخذ وعطاء مع الشخصيات وأحداثيا إلى األماـ‪ ,‬ومف الواضح أف االنساف مف خبلؿ حركتو في‬
‫المكاف‪ ,‬ىو الذي يقوـ برسـ جمالياتو‪ ,‬لذلؾ فالمكاف دوف اإلنساف عبارة عف قطعة مف الجماد‪,‬‬
‫ال حياة وال روح فييا‪ ,‬كذلؾ ىو اإلنساف بمشاعره وعواطفو ومزاجو يأخذ مف الطبيعة طقوسيا‬
‫وفصوليا‪ ,‬ما يساعد مشاعره ومزاجو عمى رسـ المكاف "ٗ ‪.‬‬
‫فالمكاف يتجاوز قيمتو الجغرافية الصرفة ليدخؿ في جدلية مع األشخاص ونفسياتيـ واألحداث‬
‫ودالالتيا‪ ,‬فوصؼ المنازؿ واألثاث وسيمة لرسـ الشخصيات والحالة النفسية ليا‪ ,‬فالمكاف يصبح‬
‫عنص اًر بنائياً وداللياً‪ ,‬يساىـ في تحديد طباع الشخصية وأمزجتيا٘‪.‬‬

‫‪ -1‬يبسي إنٍبط ٔؽُبٌ لظبة ؽغٍ‪ ,‬انًؼغى انًغشؽً‪ ,‬ص‪.473‬‬


‫‪ -2‬غبعزٌٕ ثبشالس‪ ,‬عًبنٍخ انًكبٌ‪ ,‬رشعًخ غبنت ْهغب‪ ,‬ؽ‪ ,3‬انًؤعغخ انغبيؼٍخ نهذساعبد ٔانُشش ٔانزٕصٌغ‪ ,‬ثٍشٔد‪ ,1987 ,‬ص‪.46‬‬
‫‪ -3‬يذؽذ انغٍبس‪ ,‬انجؾش ػٍ انُض فً انًغشػ انؼشثً‪ ,‬ؽ‪ ,2‬داس انُشش نهغبيؼبد انًظشٌخ‪ ,1995 ,‬ص‪.211‬‬
‫‪ - 4‬أعًبء شبٍٍْ‪ ,‬عًبنٍبد انًكبٌ فً سٔاٌبد عجشا‪ ,‬ؽ‪ ,1‬انًؤعغخ انؼشثٍخ نهذساعبد ٔانُشش‪ ,2111 ,‬ص‪.17‬‬
‫‪ٌُ - 5‬ظش‪ :‬ايزُبٌ ػضًبٌ انظًبدي ‪ ,‬صكشٌب ربيش ٔانمظخ انمظٍشح‪ ,‬ؽ‪ ,1‬انًؤعغخ انؼشثٍخ نهذساعبد‪ ,‬ػ ًّبٌ ‪ ,1995‬ص‪.171‬‬

‫‪43‬‬
‫ولقد استثمر الكاتب " معيف بسيسو" ىذه الضدية‪ ,‬مف أجؿ تحقيؽ رؤيتو الجمالية والفنية‪ ,‬ومف‬
‫خبلؿ دراستنا لنصوصو المسرحية نجد أف الفضاء المغمؽ ىو الغالب عمى محيط شخصياتو‪,‬‬
‫والسبب في انغبلؽ أماكنو حالة االنفراد والعزلة التي تشعر بيا شخصياتو‪ ,‬فقد تحققت العزلة في‬
‫العديد مف نصوص " بسيسو" المسرحية‪ ,‬ونذكر منيا شخصية ماريانا في مسرحية مأساة جيفا ار‬
‫إذ يتعمؽ إحساسيا بالوحدة والضعؼ عند زجيا في الزنزانة‬
‫" حجرة عريانة ‪...‬‬
‫امرأة متكومة ‪...‬‬
‫في زاوية من الحجرة ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫ماريانا راكعة في وسط الحجرة وقد ضمت يدييا إلى صدرىا"‬
‫شعر بالدؼء والطمأنينة‪ ,‬فالحجرة مكاف طارد مرفوض‪ ,‬فانحسارىا وانكماشيا في‬ ‫فالمكاف ال ي ِ‬
‫ُ‬
‫زاوية الحجرة يشير إلى إحساس بالغربة والظمـ والقير الواقع عمييا ‪.‬‬

‫أنواع الفضاءات الواردة في المسرحيات الشعرية الخمس‪:‬‬


‫أوالً ‪ :‬الفضاء المفتوح ‪:‬‬
‫ىو الفضاء الذي تخضع في الغالب ممكيتو لسمطة الدولة‪ ,‬ويتسـ باتساع المساحة جغرافياً‪,‬‬
‫ويكوف عامبلً مشتركاً بيف جميع الناس‪ ,‬في معامبلتيـ وأمور حياتيـ ‪.‬‬
‫فضاء القرية‪:‬‬
‫القرية فضاء يدؿ عمى الحياة اإلنسانية البسيطة‪ ,‬العفوية‪ ,‬يحيا فييا اإلنساف عمى فطرتو‬
‫وطبيعتو‪ ,‬إال أنيا عند " معيف بسيسو" تحمؿ في طياتيا أحداثاً تنـ عف قير وذؿ الطغاة ألىميا‪,‬‬
‫فرمزية المكا ف المفتوح التي تدؿ عمى السعة والراحة جاءت مغايرة في مسرحية " مأساة جيفا ار "‪,‬‬
‫أي كمما اتسع المكاف مساحاً‪ ,‬ضاؽ عمى أىميا قي اًر وظمماً ‪.‬‬
‫فالقرية مكاف محدود‪ ,‬يسمب حرية أىميا‪ ,‬وحقوقيـ‪ ,‬ونبلحظ ضعؼ اإلمكانيات المتوفرة في القرية‬
‫التي تتسبب في الفقر والجوع والعجز‪ ,‬ومنع لمثورة باسـ الرب عمى لساف قسيسيا ‪:‬‬
‫" ممعون باسم الرب ‪...‬‬
‫ممعون من ألصق تمك األوراق ‪...‬‬
‫ممعون من يحمميا‪...‬‬
‫يقرأىا"ٕ‬ ‫ممعون من‬

‫‪ -1‬يغشؽٍخ يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص ‪.114‬‬


‫‪ - 2‬يغشؽٍخ يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.27‬‬

‫‪44‬‬
‫يمكف التمييز بيف الشخصيات وفقاً لممكاف الذي تعيش فيو‪ ,‬فالشخصية القروية شخصية منيكة‬
‫السياح‪ ,‬الفبلح العجوز ‪:‬‬
‫متعبة مف الزراعة والفقر‪ ,‬وقد عقد الشاعر مقارنة بيف أىؿ القرية و ّ‬
‫" لن أدفعو ألشاىد رجالً ميتا أو حيا ‪..‬‬
‫‪ٔ"...‬‬ ‫ىذا أجري عن يوم في تمك المزرعة الممعونة‬
‫فالقروي الذي يمعف ظمـ وقير اإلقطاعي وممارساتو الظالمة لمفبلحيف في المزرعة‪ ,‬وعدـ إعطاء‬
‫الر و ٍ‬
‫احد لرؤية‬ ‫الفبلحيف حقيـ‪ ,‬وأجورىـ المتدنية‪ ,‬تدؿ عمى فقر الفبلح الذي ال يقوى عمى دفع دو ٍ‬
‫جثة جيفا ار ‪ ,‬الموجودة في العربة‪ ,‬أما السائح الوافد مف خارج القرية يستطيع دفع الماؿ‪ ,‬يقوؿ‪" :‬‬
‫الفالح العجوز ‪:‬‬
‫لكن السائح إذ يدفع ‪..‬‬
‫ال يخدع ‪...‬‬
‫ٕ‬ ‫وىم سياح أمريكان "‬
‫يصؼ الكاتب في بداية مشيد " المنظر الرابع" مف مسرحية مأساة جيفارا‪ ,‬بيوت الفبلحيف في‬
‫القرية عمى أنيا بيوت تقميدية طينية متناثرة‪ ( ,‬الجدار الطيني الطويل لشارع في القرية ‪ ..‬بعض‬
‫البيوت المتناثرة ‪ ..‬الضوء الخافت)‪ ,3‬ومما ال شؾ فيو أف شكؿ البيوت يوحي بالفقر والبؤس‬
‫وىي دالالت تؤثر في سموؾ الشخصيات‪ ,‬وتنعكس بشكؿ سمبي عمى راحتيـ وكرامتيـ‪ ,‬ويبدو أف‬
‫رسـ المكاف لـ يكف عبثياً‪ ,‬فالبيوت المتناثرة تدؿ عمى انعداـ التنظيـ وفقداف االستقرار‪ ,‬إضافة‬
‫إلى اإلضاءة الخافتة التي تدؿ عمى قمؽ القرويات‪ ,‬فيي منسجمة مع الشعور الداخمي لمنسوة‬
‫القرويات المواتي يدخمف المسرح متسمبلت بتوتر وقمؽ ( تخرج أربع قرويات يرتدين األردية‬
‫الحمراء ‪ ..‬و فوق وجوىين أقنعة سوداء ‪ ..‬ال تظير غير عيونين‪ ..‬القرويات األربع يدخمن‬
‫‪4‬‬
‫متسمالت )‬
‫يتعقب الكاتب حركة " ماريانا "‪ ,‬وىي تمشي في أزقة القرية تترنح‪ ,‬تسقط‪ ( ,‬تترنح وتسقط ‪..‬‬
‫األضواء تخفت في جوانب المسرح )‪ ,5‬فظبلمية المكاف تعادؿ ظبلمية الحياة التي تعيشيا‬
‫ماريانا‪ ,‬تتشابو حياتيا مع الحياة البيائمية بؿ أقؿ‪ ,‬يمر عنيا كؿ أىؿ القرية والجندي‪ ,‬وال منقذ‬
‫ليا مف الوحؿ‪ ,‬إال رجؿ يظير عمى ىيئة جيفا ار ‪.‬‬
‫ونجد أف الكاتب " معيف بسيسو"‪ ,‬حكمت عميو تجربتو االشتراكية‪ ,‬ويقينو بأف ِعزة اإلنساف‬
‫الضعيؼ‪ ,‬المعذب وانتصاره‪ ,‬في كؿ بقاع األرض ىو انتصار لقضاياه وىمومو‪ ,‬ىنا يحاوؿ‬

‫‪ - 1‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.12‬‬


‫‪َ - 2‬فغّ ‪َ ,‬فظ انًٕػغ ‪.‬‬
‫‪ - 3‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.57‬‬
‫‪َ - 4‬فغّ‪ ,‬ص‪.57‬‬
‫‪َ - 5‬فغّ‪ ,‬ص ‪.61‬‬

‫‪45‬‬
‫الشاعر أف يصور داللة عمؽ المكاف و إظيار داللة اليوية المكانية لمقرية التي قيرت المستعمر‬
‫واإلقطاعي‪ ,‬وىكذا نجد أف شخصية " ماريانا" بائسة حزينة‪ ,‬ونجد أف القرية جسدت مقاربة‬
‫لمواقع الفمسطيني والظمـ الواقع عميو مف االحتبلؿ اإلسرائيمي ‪.‬‬

‫فضاء األرض ‪:‬‬


‫األرض ببل حرية عبودية‪ ,‬والحرية ببل أرض منفى‪ ,‬فاألرض مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحرية‪ ,‬تقوؿ‬
‫سي از قاسـ ‪ " :‬العبلقة بيف اإلنساف والمكاف مف ىذا المنحنى تظير بوصفيا عبلقة جدلية بيف‬
‫المكاف والحرية‪ ,‬وتصبح الحرية في ىذا المضمار ىي مجموع األفعاؿ التي يستطيع اإلنساف أف‬
‫يقوـ بيا دوف أف يصطدـ بحواجز ‪ ...‬ناتجة عف الوسط الخارجي"‪ ,1‬اإلنساف بطبعو يتوؽ إلى‬
‫التحرر مف الضيؽ والتضييؽ‪ ,‬يرفض كؿ ما يحجـ حركتو وحريتو ‪.‬‬

‫فشامة في مسرحية " العصافير تبني أعشاشيا بيف األصابع" بعد أف ىددوىا بقطع قدميا ومنعيا‬
‫مف الحركة‪ ,‬وتحجيـ حريتيا رفضت وثارت عمى كؿ ما يمنع حريتيا‪ ,‬وأصرت عمى التمسؾ‬
‫بحقيا في السير عمى األرض‬
‫( تشد الحبل الثاني‪ ,‬فتقطعو بيدييا وأسنانيا ‪)...‬‬
‫ىي ذي رائحة األ رض تفوح ‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫ش ِّمي األ رض ‪...‬‬
‫يا قدمي ُ‬
‫" شامة " اختارت رائحة األرض‪ ,‬رائحة الحرية واالنعتاؽ مف القيد‪ ,‬فيي تعرؼ تماماً أف األرض‬
‫مصدر الثبات‪ ,‬مف يتخمى عنيا يتخمى عف كرامتو ويرضى بعبوديتو‪.‬‬

‫التسمؿ ىو دخوؿ مكاف خفّية ودوف أف يراؾ أحد‪ ,‬وىو مرتبط بفعؿ غير مرغوب فيو‪ ,‬إال أف‬
‫تسمؿ مازف في مسرحية " شمشوف ودليمة" واقتحامو لما بعد األسبلؾ الشائكة التي وضعيا‬
‫االحتبلؿ بينو وبيف أرضو كاف مشروعاً‪ ,‬قُتِؿ مازف بتيمة التسمؿ‬
‫" قتموا رجال من ىذي األرض وقالو متسمل ‪...‬‬
‫قتموه ويده في االرض تغوص ‪...‬‬
‫كجذر في االرض ‪...‬‬
‫ٖ‬
‫وقالو متسمل ‪"...‬‬

‫‪ - 1‬عٍضا لبعى‪ ,‬انمبسئ ٔانُض‪ ,‬انؼاليخ‪ ,‬انذالنخ‪ ,‬انًغهظ األػهى نهضمبفخ‪ ,‬انمبْشح‪ ,2112 ,‬ص‪. 45‬‬
‫‪ - 2‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص‪.415‬‬
‫‪ - 3‬يغشؽٍخ شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.266-265‬‬

‫‪46‬‬
‫قتؿ مازف وسمب حقو في الدخوؿ ألرضو‪ ,‬جعؿ أمو تصرخ وترفض التيمة الموجية البنيا‪,‬‬
‫فتقوؿ بأف كؿ مف يحاوؿ قمع األسبلؾ الشائكة فتيمتو جاىزة ىي متسمؿ‬
‫" األم ( وىي فوق الجثة )‬
‫متسمل ‪...‬‬
‫ولدي متسمل ‪...‬‬
‫من ‪ ...‬يمتقط برمض العينين‪ ,‬األسالك الشائكة بأرضك يا وطني ‪....‬‬
‫ٔ‬
‫يدعى متسمل "‬
‫فيتحوؿ الوطف مف مكاف آمف إلى مكاف خطر ورعب وموت‪ ,‬مما جعمو يفقد حميميتو ‪.‬‬
‫" وطفاء " في مسرحية " ثورة الزنج" تؤكد أف قدر الثورة أف تبقى متجذرة في األرض‪ ,‬متمسكة‬
‫ومزروعة فيو‪ ,‬تقوؿ ‪:‬‬
‫" ىل قدر الثورة أن تمضي ‪...‬‬
‫تغرس ساعدىا في ىذي األرض‬
‫ٕ‬
‫في تمك األرض ‪"...‬‬
‫فيي تثير تساؤالت تؤكد عمى ما ترمي إليو مف أف ما تحممو في أحشائيا ثورة مقدمة ألجؿ‬
‫ٖ‬
‫األرض وتحريرىا‪ " ,‬ىؿ قدر الثورة أف تمد الطفؿ األوؿ لمسكيف ‪" ...‬‬

‫ثانياً ‪ :‬الفضاء المغمق ‪:‬‬


‫ىو " مكاف محدود المساحة يتخذه اإلنساف لمعيش والسكف‪ ,‬يقطف فيو فترات مف الزمف‪ ,‬بإرادتو‬
‫التامة‪ ,‬أو بإرادة اآلخريف‪ ,‬لذا فيو مكاف لو إطار ىندسي وجغرافي‪ ,‬قد ُيشعرؾ باألماف واأللفة‪,‬‬
‫أو قد ُيشعرؾ بالخوؼ والذعر"ٗ‪ ,‬ومف ىذه الفضاءات ‪:‬‬
‫فضاء البيت‪:‬‬
‫البيت في المنجد‪ " :‬البيت بيوت‪ ,‬وأبيات قيؿ‪ ,‬وىذا يختص باإلشراؼ‪ ,‬و ( بيت) ‪ :‬المسكف سواء‬
‫أكاف مف شعر أو مدر‪ ,‬ويقاؿ" ىو جارى بيت بيت" أي مبلصقاً‪ ,‬و" البيت الحراـ" ‪ :‬الكعبة‪,‬‬
‫وبيت الرجؿ‪ ,‬عيالو‪ " ,‬بيت الماؿ " خزينة الماؿ‪ " ,‬بيت العنكبوت" نسيجو‪ ,‬وبيت الشعر ما‬
‫اشتمؿ مف النظـ عمى مصراعيف ‪ :‬صدر وعجز‪ ,‬بيت القصيدة‪ ,‬أبياتيا نفسيا‪ ,‬أو بيت المتضمف‬
‫٘‬
‫غرض الشاعر‪ ,‬المبيت ‪ :‬المسكف "‬

‫‪ - 1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.267‬‬


‫‪ - 2‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.174‬‬
‫‪َ - 3‬فغّ‪ ,‬ص ‪.174‬‬
‫‪ٌُ - 4‬ظش فٓذ ؽغٍٍ‪ ,‬انًكبٌ فً انشٔاٌخ انجؾشاٍَخ‪ ( ,‬دساعخ فً صالس سٔاٌبد " انغزٔح‪ ,‬انؾظبس‪ ,‬أغٍُخ انًبء ٔانُبس" )‪ ,‬ؽ‪ ,1‬فشادٌظ‬
‫نهُشش ٔانزٕصٌغ‪ ,‬انجؾشٌٍ‪ ,2113 ,‬ص‪.163‬‬
‫‪ - 5‬نٌٕظ يؼهٕف‪ ,‬انًُغذ فً انهغخ ٔاألػالو ‪ ,‬ؽجؼخ عذٌذح يُمؾخ‪ ,‬ؽ‪ ,4‬داس انًششق‪ ,‬ثٍشٔد‪ ,‬نجُبٌ‪ ,2115 ,‬ص‪.56-55‬‬

‫‪47‬‬
‫فالبيت ىو ممجأ واستقرار لمفرد‪ ,‬يمارس نشاطاتو الحياتية فيو بحرية وراحة‪ ,‬يقوؿ ‪ :‬أحمد زنبير‬
‫َّ‬
‫إف البيت " مكاف ال بد منو لضماف استقرار الفرد واثبات وجوده‪ ,‬فيو خمية يتجمع فييا وداخميا‬
‫أفراد العائمة حيث يمارسوف بشكؿ تمقائي عبلقاتيـ اإلنسانية "ٔ‪ ,‬فنجد أف البيت تتخطى داللتو‬
‫كونو مكاناً لمنوـ والسكف فقط‪ ,‬بؿ تتعدى داللتو إلى طمب األماف واالستقرار‪ ,‬ونرى أف غاستوف‬
‫باشبلر جعؿ لمبيت جسداً وروحاً‪ ,‬فيو يخدـ البيئة الحكائية لمشخصية ‪.‬‬
‫غاستوف باشبلر يقوؿ ‪ " :‬البيت جسد وروح‪ ,‬وىو عالـ اإلنساف األوؿ قبؿ أف يقذؼ باإلنساف في‬
‫العالـ كما يدعي بعض الفبلسفة الميتافيزيقييف‪ ,‬فإنو يجد مكانو في ميد البيت‪ ,‬وأي ميتافيزيقيا‬
‫دقيقة ال تستطيع إىماؿ ىذه الحقيقة البسيطة‪ ,‬ألنيا قيمة ىامة نعود إلييا دائماً في أحبلـ يقظتنا‪,‬‬
‫ٕ‬
‫الوجود أصبح قيمة‪ ,‬الحياة تبدأ جيدة‪ ,‬تبدأ مسيجة‪ ,‬محمية دافئة في صدر البيت"‬
‫وىذا ما نجده في مسرحية " شمشوف ودليمة "‪ ,‬بأف البيت ىو وطف اإلنساف وممجأ لحمايتو‪,‬‬
‫والمأوى الدافئ لو‪ ,‬فيرتبط البيت بالوطف واليوية‪ ,‬فيكتسب قيمتو مف رفض األب إلقامة بيت‬
‫خارج حدود عالمو‪ ,‬عندما يطمب ابنو اليجرة و المنفى ‪:‬‬
‫األب ‪:‬‬
‫حين الواحد منا ييجر بيتو ‪...‬‬
‫ييجره ولبيت آخر ‪...‬‬
‫فالبيت اآلخر يصبح كل العالم ‪..‬‬
‫والعالم يصبح منفاه ‪...‬‬
‫من يحمل حج ار في المنفى‪ ,‬ليقيم بو بيتا ‪...‬‬
‫ٖ‬
‫فمتقطع يده يا عاصم ‪...‬‬
‫لساف األب يقوؿ ‪ :‬رغـ كؿ الضيؽ الذي تجده في بيتؾ فمف تجد أدفأ منو‪ ,‬فكؿ البيوت خارج‬
‫بيتؾ منفى وال استقرار فييا ‪.‬‬
‫نجد أف البيت تحوؿ لمخفر شرطة‪ ,‬مف ِقبؿ االحتبلؿ‪ ,‬مما كاف لو أثر عمى مشاعر المرأة في‬
‫مسرحية " الصخرة "‪ ,‬واحساسيا بالقير والظمـ‪ ,‬فتزيد معاناتيا بسمب بيتيا وبيت حبيبيا‪ ,‬وتحويمو‬
‫إلى مخفر‬
‫صوت المرأة ‪:‬‬
‫حولتم بيت حبيبي مخفر شرطة ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫يا وطنا لن يصبح مخفر شرطة ‪" ...‬‬

‫‪ - 1‬أؽًذ صَجٍش‪ ,‬عًبنٍبد انًكبٌ فً لظض إدسٌظ انخٕسي‪ ,‬دساعخ َمذٌخ‪ ,‬ؽ‪,1‬انزُٕخً نهطجبػخ ٔانُشش‪ ,‬انشثبؽ‪ ,‬انًغشة‪2119,‬‬
‫ص‪. 53‬‬
‫‪ - 2‬غبعزٌٕ ثبشالس‪ ,‬عًبنٍبد انًكبٌ‪ ,‬رشعًخ غبنت ْهغب‪ ,‬ؽ‪ ,2‬يكزجخ االعكُذسٌخ‪ ,1984,‬ص‪. 38‬‬
‫‪ - 3‬يغشؽٍخ شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.224‬‬

‫‪48‬‬
‫فالمرأة تربط البيت بالوطف‪ ,‬مف يسمب بيتاً كأنما سمب وطناً‪ ,‬فتحويؿ بيتيا إلى مخفر شرطة لو‬
‫دالالت الحزف واألسى عمى نفسيتيا ‪.‬‬
‫و يصؼ الكاتب غرفة نوـ ماريانا في مسرحية " مأساة جيفارا" بعناية ودقة وبجميع تفاصيميا‪,‬‬
‫وقد خيـ عمييا اليدوء واالطمئناف والراحة‪ ,‬مف خبلؿ وصؼ الصميب والشموع المضيئة في‬
‫الغرفة‪ " ,‬حجرة النوم في بيت ماريانا ‪ ..‬صميب كبير معمق عمى الجدار ‪ ..‬في صدر الحجرة‬
‫شمعدان طويل مشتعل فوق االرض‪ ..‬سرير صغير الى اليمين‪ ..‬زجاجات فارغة ‪ ..‬قد رصت‬
‫في ارض الحجرة ‪ ...‬زجاجتان معمقتان الى يمين الصميب والى يساره وفي فوىة كل زجاجة‬
‫شمعة تضيء ‪ ..‬ماريانا راكعة عمى االرض امام الصميب ‪ ..‬يداىا مضمومتان الى صدرىا‬
‫ورأسيا الى أعمى‪ ,ٕ"..‬فوصؼ غرفتيا يوحي بأجواء العبادة التي تضفي عمى العبد االطمئناف‬
‫والسكينة‪ ,‬إال أف وصؼ المكاف الذي يوحي بالراحة يحمؿ مضاميف الحزف واألسى داخؿ نفسية‬
‫ماريانا‪ ,‬وذلؾ يتضح مف مناجاتيا وشكواىا مف الشعور بالعذاب والقير‪ " ,‬ال أحد غيري يعرف‬
‫ذبت ‪. ٖ"...‬‬
‫تع ْ‬‫كيف َّ‬
‫يتصؿ البيت بمحظات األماف والحماية‪ ,‬فبعد وقوع وطفاء في األسر مف ِقبؿ الزنج‪ ,‬يقؼ الجبلد‬
‫محاوالً تعذيبيا‪ ,‬وطمب خاتميا‪ ,‬تحدؽ فيو وتعرفو فتقوؿ لو ‪ " :‬أولم أربط لك يوماً جرحا ‪...‬؟"ٗ‪,‬‬
‫تعود بو في الزماف لتذكره بحاضنة األماف ‪.‬‬
‫" وطفاء ‪:‬‬
‫في بيت في البصرة ‪...‬‬
‫في يوم من أيام القرن الثالث لميجرة ‪...‬‬
‫أوال تذكر ‪...‬‬
‫عبد اهلل بن محمد ‪...‬‬
‫أوال تذكر من مزق ثوبو ‪...‬‬
‫‪5‬‬
‫كي يربط جرحك ‪" ...‬‬
‫تعرؼ " وطفاء " تماماً أف مف سيوقؼ بطش الجبلد ىو تذكيره في البيت الذي قدـ لو الحماية‬
‫والرعاية وربط جرحو‪ ,‬وتكشؼ بأف ىذا البيت لو دالالت الكرـ والضيافة التي تُقدـ لكؿ مف يدخمو‬
‫‪ ,‬فجمعت مف بيتيا حاضنة الستعطاؼ الجبلد ووقؼ بطشو ‪.‬‬

‫‪ - 1‬يغشؽٍخ انظخشح‪ ,‬ص‪.357‬‬


‫‪ - 2‬يغشؽٍخ يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.83‬‬
‫‪َ - 3‬فغّ‪ ,‬ص‪.83‬‬
‫‪ -4‬يغشؽٍخ صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.189‬‬
‫‪ - 5‬صٕسح انضَظ‪َ ,‬فظ انًٕػغ ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫فضاء الزنزانة ‪:‬‬
‫فضاء ضيؽ يعمف عف عدائو المستمر لئلنساف وقيمتو‪ ,‬ويسمب كرامتو مف خبلؿ الظمـ والضيؽ‬
‫واالنغبلؽ‪ ,‬مكاف ُمظمِـ يحمؿ دالالت االغتراب و الضيؽ و النفي عف اآلخريف‪ ,‬والزنزانة في‬
‫وزنازيف ‪ :‬حجرة في السجف ضيقة ُيحبس فييا السجيف عادة‬‫أبسط تعريفاتيا ‪ " :‬جمع ِزْن َزانات َ‬
‫ٔ‬
‫عمى انفراد "‬
‫و ميمة النصوص األدبية النزوع إلى الحرية‪ ,‬وكشؼ الوجو الحقيقي لممستبد والظالـ‪ ,‬فالزنزانة‬
‫ىي الوجو الحقيقي لمظمـ واالستبداد‪ ,‬ونرى أف نصوص " معيف بسيسو " المسرحية‪ ,‬تحاوؿ أف‬
‫تبرز لنا مظاىر أزمة الحرية‪ ,‬وما تجده شخصياتو مف اغتراب نفسي‪ ,‬ومطاردة وتعذيب ال‬
‫إنساني ‪.‬‬
‫فيصؼ الشكؿ اليندسي لمزنزانة التي تقبع بيا " وطفاء " بعد اعتقاليا مف ِقبؿ الزنج في مسرحية‬
‫" ثورة الزنج"‪ " ,‬زنزانة في شكل مستطيل ‪ ..‬منضدة في الوسط وفوقيا آنية زىور ‪ ..‬في الركن‬
‫االيسر من الزنزانة وطفاء وكأنيا مشدودة بحبال غير مرئية ‪ ..‬الى كرسي "ٕ‪ ,‬جاءت الزنزانة‬
‫عمى شكؿ مستطيؿ‪ ,‬ضيقة العرض‪ ,‬واسعة الطوؿ‪ ,‬فداللة شكؿ المستطيؿ ال توحي إال بالضيؽ‬
‫واالختناؽ تذكرنا بشكؿ التابوت والقبر‪ ,‬إضافة إلى منضدة في الوسط تخنؽ المكاف وتزيد مف‬
‫ضيقو‪ ,‬فطبيعة المكاف ال توحي إال بطاقة سمبية تنبع مف المكاف تنعكس عمى شخصية وطفاء‪,‬‬
‫وتزيد مف سخط الجبلديف خمؼ أبواب الزنازيف‪ ,‬إضافة إلى ربط " وطفاء " بحباؿ واخضاعيا‬
‫لمتعذيب الجسدي‪ ,‬فداللة المكاف ال توحي إال بالقمع واالستبداد‪" ,‬وطفاء " تشعر بتثاقؿ وشبو‬
‫إغماء مف أثر العذاب‪ ,‬تعرؼ الجبلد‪ ,‬تعرؼ أنيا قدمت إليو المساعدة يوماً ما‪ ,‬فتستنكر عميو‬
‫فعمتو وترجع بو في الذاكرة إلى يوـ ربط جرحو‪ ,‬الجبلد يعرفيا ويستنكر ما فعمو بيا‪ ,‬فكيؼ مف‬
‫بيف نساء األرض يضرب مف قدـ لو الحماية يوماً ما ‪.‬‬
‫" من بين جميع النساء األرض‬
‫اضرب بطنك يا وطفاء ‪...‬‬
‫ٖ‬
‫إن عمينا أن نخرج من ىذي الزنزانة"‬
‫فالجبلد يعرؼ أف وطفاء مكانيا ليست الزنزانة والعذاب ‪.‬‬

‫تشكؿ الزنزانة ىاجساً مرعباً لكؿ األميات وخاصة الفمسطينيات‪ ,‬فالسجف يرتبط بممارسات‬
‫االحتبلؿ التعسفية ضد الشخصيات التي تقع تحت أسرىـ‪ ,‬فريـ في مسرحية " شمشوف ودليمة"‬

‫‪ - 1‬يٕلغ انكزشًَٔ‪ ,‬يؼغى انًؼبًَ‪.www.almaany.com ,‬‬


‫‪ - 2‬يغشؽٍخ صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.186‬‬
‫‪َ - 3‬فظ انًشعغ‪ ,‬ص ‪.191‬‬

‫‪51‬‬
‫بعد وقوعيا في األسر‪ ,‬يظير ليا شمشوف ليساوميا ويضغط عمييا لتعمؿ معيـ كخائنة لوطنيا‬
‫فترفض‪ ,‬فيقوـ بالضغط عمييا مف خبلؿ سؤاليا عف ابنيا يونس الضائع‬
‫" شمشون ‪ :‬ابنك يونس ‪...‬‬
‫االبن الضائع ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫أنا أعرف أين ىو اآلن ‪" ...‬‬
‫ريـ تعرؼ أف كؿ مف ُيفقد مصيره الزنزانة والعذاب‬
‫"ريم ‪:‬‬
‫في أية زنزانة ‪ ...‬؟‬
‫ٕ‬
‫في أية حجرة تعذيب ‪" ...‬‬
‫بعد رفض ريـ التعامؿ مع شمشوف المحتؿ ألرضيا‪ ,‬ييددىا بظممة الزنزانة التي سيمقى بيا ابنيا‬
‫يونس ‪.‬‬
‫" إنك تمقين اآلن بيونس ‪...‬‬
‫من نافذة الفندق ‪ ...‬لظالم الزنزانة ‪.ٖ"...‬‬
‫تتذمر شامة مف وجودىا في المستشفى ومف الحصار المفروض عمييا مف خبلؿ تكبيميا‬
‫باألربطة والقطف‪ ,‬فيي تعتبر نفسيا بزنزانة تخنؽ وتحجـ حريتيا ‪.‬‬
‫" المرأة ‪:‬‬
‫ٗ‬
‫وصمت الى ىذي الزنزانة؟"‬
‫ُ‬ ‫كيف‬
‫يرد عمييا الممرض مصححاً مكاف وجودىا‪ " ,‬إنك في حجرة مستشفى"٘‪ ,‬لقد تحولت المستشفى‬
‫في نظر شامة إلى زنزانة تفرض حصا اًر عمييا‪ ,‬فالمكاف ُيظير حجـ األلـ والمعاناة التي تعيشيا‬
‫شامة‪ ,‬فجعميا تتألـ مف الوضع الذي تعيشو وترفضو وتعتبر أف ىذا المكاف زنزانة ‪.‬‬
‫ومما سبؽ يظير لنا أف أحداث مسرحيات الشاعر "معيف بسيسو" تدور في أماكف مغمقة‬
‫قدـ لمقارئ وصفاً ألماكنو‪,‬‬
‫ومفتوحة‪ ,‬وتتحرؾ شخصياتو فييا وفؽ المكاف المرسوـ ليا‪ ,‬حيث ّ‬
‫تتمثؿ فييا العبلقات بيف شخصياتو‪ ,‬فكؿ مكاف تميز عف اآلخر بانفتاحو أو انغبلقو‪ ,‬مع ىيمنة‬
‫انغبلؽ المكاف في نصوصو مما أثر في تشكيؿ الصورة الداللية لممرأة‪ ,‬ومف خبلؿ دراسة الثنائية‬
‫الضدية لممكاف المفتوح والمغمؽ‪ ,‬اتضحت داللة حركة المرأة في المكاف وىي تعاني في جنباتو‬
‫القير والضيؽ واالختناؽ ‪.‬‬

‫‪ - 1‬يغشؽٍخ شًشٌٕ ٔدنٍهخ ‪ ,‬ص‪. 316‬‬


‫‪َ - 2‬فغّ‪ ,‬ص‪.316‬‬
‫‪ - 3‬يغشؽٍخ شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص ‪. 311‬‬
‫‪ - 4‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص‪. 373‬‬
‫‪َ - 5‬فظ انًشعغ‪ ,‬ص‪. 373‬‬

‫‪51‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫بنية الزمن النصي‬

‫‪52‬‬
‫بٌيت الزهي الٌصي ‪:‬‬

‫الزمف مرتبط بمختمؼ العموـ اإلنسانية‪ ,‬كونو مرتبط بوجود اإلنساف وحياتو‪ ,‬فجدلية الموت والحياة‬
‫مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بو‪ " ,‬فالمناىج الفمسفية تجدىا تدور حوؿ محاور استفيامية لتكشؼ عف‬
‫ماىية الزمف‪ ,‬وعبلقتو الجدلية باإلنساف‪ ,‬وتثير تساؤالت ىؿ الزمف مطمؽ أـ نسبي؟ الزمف دائري‬
‫أـ خطي؟ الزمف موضوعي أـ ذاتي؟ الزمف ىو الماضي أـ الحاضر أـ المستقبؿ‪ ,‬كما أف‬
‫توجيات الفبلسفة انصبت حوؿ ضديات مختمفة متعمقة بالزمف‪ ,‬كالكوف والحياة واإلنساف‪ ,‬و‬
‫والوجود والعدـ والميبلد والموت‪ ,‬والثبات والحركة‪ ,‬والحضور والزواؿ‪ ,‬والغياب والديمومة"ٔ‪,‬‬
‫فالزمف ال نستطيع إدراكو مادياً كالمكاف‪ ,‬بؿ يدركو اإلنساف بوعيو وباآلثار الناتجة عنو‪ ,‬فالوالدة‬
‫والموت يمثبلف خطاً البداية والنياية لكينونة اإلنساف‪.‬‬
‫ففي الحضارات السابقة كاف اإلنساف يسعى إلى التغمب عمى الزمف‪ ,‬ويطمب الخمود‪ ,‬إذ كاف‬
‫يسمى الزماف في الحضارة اليونانية كرونوس اإللو الذي يمتيـ أوالده خوفاً عمى ممكو‪ ,‬وىذا الوقت‬
‫ينجب اإلنساف ثـ يقضي عميو‪ " ,‬لو رجعنا إلى المصطمح اليوناني لكممة الزماف‪ ,‬فسوؼ نجد أف‬
‫كممة كرونوس ‪ chromos‬تشير إلى الزماف منذ عصر ىوميروس "ٕ ‪.‬‬
‫وحسب اعترافات القديس أوغسطيف "فالماضي قد انتيى‪ ,‬والحاضر يمر‪ ,‬والمستقبؿ ال يوجد‬
‫بعد‪ ,‬والمعروؼ أف كرونوسيس إلو الزمف اليوناني كاف يفترس أوالده مباشرة بعد إنجابو ليـ "ٖ ‪.‬‬
‫موسع ألنو يتناوؿ قضايا اإلنساف ومصيره‬
‫ّ‬ ‫وقد تحدثت الديانات السماوية عف الزماف بشكؿ‬
‫واألحداث التي يمر بيا في حياتو‪ " ,‬وتتحدث الكتب المقدسة أيضاً عف مصير اإلنساف بعد‬
‫الموت‪ ,‬ويوـ القيامة الذي يمثؿ نياية اإلنساف والعالـ والتاريخ تبعا ليذه النظرة محدد ببداية‬
‫ونياية ‪ :‬بدء ىو خروج آدـ مف الجنة وبدء الحياة اإلنسانية‪ ,‬ونياية ىي يوـ الحساب "ٗ‪.‬‬
‫غيرت الديانات السماوية الفيـ اليوناني لمزمف بأنو يمكف التغمب عميو بالخمود وتكرار الزمف‬ ‫ّ‬
‫األوؿ‪ ,‬واإليماف بوجود كائنات خالدة‪ ,‬فقد انصب اىتماميا عمى بداية خمؽ الكوف و نزوؿ آدـ‬
‫ض‪,‬‬ ‫ؽ اهلل الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّم َاوات َواأل َْر َ‬
‫إلى األرض وبداية الحياة اآلدمية‪ ,‬يقوؿ سفر التكويف‪ " :‬في اْل َب ْدء َخمَ َ َ َ‬
‫ط ِح‬
‫ؼ عمى س ْ‬ ‫ؼ الظُّْممةُ وجو اْل ِمي ِاه‪ ,‬وِا ْذ َكاف روح ِ‬
‫اهلل ُي َرْف ِر ُ‬ ‫ض ُم َش َّو َشةً َو ُم ْق ِف َرةً َوتَ ْكتَنِ ُ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫َ ََْ َ َ‬ ‫َوِا ْذ َك َانت األ َْر ُ‬
‫اْل ِم َي ِاه"٘‪ ,‬وقد ركزت الديانات عمى الماضي بصفتو ُيمثؿ الخطيئة‪ ,‬والحاضر والمستقبؿ بصفتو‬
‫ُيمثؿ الخبلص مف خطيئة الماضي‪ ,‬وأف الزمف مف خمؽ اهلل وأف لو غاية محددة‪ ,‬وكافة األحداث‬

‫‪ٌُ - 1‬ظش‪ :‬يٓب ؽغٍ انمظشأي‪ ,‬انضيٍ فً انشٔاٌخ انؼشثٍخ‪ ,‬انًؤعغخ انؼشثٍخ نهذساعبد ٔانُشش‪ ,‬ؽ‪ ,1‬ثٍشٔد‪ ,2114 ,‬ص‪.11,17‬‬
‫‪ - 2‬أيٍش يطش‪ ,‬دساعبد فً انفهغفخ انٍَٕبٍَخ ‪ :‬انزأيم‪ ,‬انضيبٌ‪ ,‬انٕػً‪ ,‬داس انضمبفخ نهطجبػخ ٔانُشش‪ ,‬انمبْشح‪ ,‬يظش‪ ,1981 ,‬ص‪.132‬‬
‫‪ - 3‬أيٍش يطش‪ ,‬دساعبد فً انفهغفخ انٍَٕبٍَخ‪ ,‬ص‪.115‬‬
‫‪ - 4‬ػجذ انشؽًٍ ثذٔي‪ ,‬انضيبٌ انٕعٕدي‪ ,‬ؽ‪ ,2‬يكزجخ انُٓؼخ انًظشٌخ‪ ,‬انمبْشح‪ ,1955 ,‬ص‪.94‬‬
‫‪ - 5‬عفش انزكٌٍٕ‪ ,‬اٌَخ ‪.2,1‬‬

‫‪53‬‬
‫التي نمر بيا عبر الزمف ىي مف صنع اهلل‪ ,‬وزمف اهلل غير زمف اإلنساف‪ ,‬يقوؿ اهلل في محكـ‬
‫ؼ ٍَ‬‫ِّؾ َكأْل ِ‬ ‫تنزيمو ‪َ " :‬وِا َّف َي ْوماً ِع َ‬
‫سنة ِّم َّما تَ ُع ُّد َ‬
‫ٔ‬
‫وف "‬ ‫ند َرب َ‬
‫يعتبر الزمف مف العناصر األساسية لمنص األدبي وخاصة النص الدرامي المسرحي‪ " ,‬فقد ّميز‬
‫أرسطو"‪ ٖٕٕ – ٖ٘ٛ‬ؽ‪ .‬ـ" المسرح عف غيره مف الفنوف واألجناس األدبية مف خبلؿ الزمف‬
‫واعتبر المسرح فف الحاضر‪ ,‬يقدـ أفعاؿ أشخاص يعمموف عمى ّأنيا تجري اآلف‪ ,‬في حيف تروي‬
‫الفنوف السردية ومنيا المبلحـ ما حصؿ بصيغة الماضي "ٕ ‪.‬‬
‫قيد عنصر الزمف عمى األحداث الجارية وأف ال تتجاوز قصة‬ ‫و نجد َّ‬
‫أف المسرح اليوناني ّ‬
‫المسرحية أكثر مف زمف‪ ,‬حيث " تتقيد المسرحية بالوحدات الثبلث أي وحدات الزماف والمكاف‬
‫ٖ‬
‫أف كسروا ىذا الجمود المفروض عمى سير أحداث المسرحية‪ ,‬فقد‬
‫والموضوع" ‪ ,‬وما لبثوا إال ْ‬
‫يتناوؿ النص المسرحي أحداثاً تدور في أزمنة مختمفة ويقدميا في عرض واحد قد ال يستغرؽ‬
‫المبلحظ‬
‫مدتو الساعة‪ ,‬فالزمف يؤثر في التسمسؿ الدرامي وتتابع األحداث في النص المسرحي‪ ,‬و ُ‬
‫في التوجيات الحديثة لممسرح استخداـ زمف ال معقوؿ عبثي التداخؿ والتشابؾ ما بيف الماضي‬
‫والحاضر لمتعبير عف شكمي‪ ,‬معنوي حالة نفسية تتداخؿ فييا األحداث والموضوعات‪ ,‬ويجسدىا‬
‫المسرحي بمشاعر " تنمو وتتطور مما يساعد عمى مزج ىويتو بيف المحظة اآلنية والزمف الماضي‬
‫ليجعؿ مف ذلؾ المزيج ىما طاغياً عمى كؿ ما عداه مما أكد االعتقاد السائد حوؿ تأثير الزمف‬
‫في األشياء درامياً "ٗ‪.‬‬

‫وعميو فإف" لممسرح زمنو الخاص كما ىو لمسينما والرواية واألسطورة والممحمة والشعر‪ ,‬و أف‬
‫المسرح فف يرتكز عميو محوريف أساسييف ىما‪ :‬المكاف والزماف‪ ,‬لكنو ال يقدـ ىذيف المرتكزيف كما‬
‫ىما‪ ,‬إنو يقدـ الوىـ بيما ألف معادلة المسرح األساسية تبنى عمى أساس مف الوىـ بالواقع‪ ,‬و ىو‬
‫بالتالي يقدـ زمنو الخاص الذي يميزه عف بقية الفنوف والعموـ و أف زمف المسرح زمف متفرد‪,‬‬
‫ومستقؿ بمعنى أف فيمو يقتضي منا أف نعرؼ إف المسرح فف لو استقبلليتو التامة‪ ,‬بمعنى آخر‬
‫مكتؼ بذاتو‪ ,‬لو سببياتو ومنطقو الخاص وأوؿ شرط ىو في كونو‬‫ٍ‬ ‫أنو ليس زمف باطف ‪ ,‬فيو‬
‫زمف حاضر"‪. 5‬‬

‫‪ - 1‬عٕسح انؾظ‪ ,‬اٌَخ ‪.47‬‬


‫‪ٌُ - 2‬ظش ‪ :‬طبنؼ لغٍظ‪ ,‬انخطبة انًغشؽً انغضائشي انًؼبطش " دساعخ ثٌٍُٕخ "‪ ,‬يزكشح يمذيخ نٍُم شٓبدح انًبعغزٍش فً األدة‬
‫انؾذٌش‪ ,‬عبيؼخ انؾبط نخؼش ثبرُخ‪ ,2118 ,‬ص‪.129‬‬
‫‪ - 3‬يهزٌٕ يبسكظ‪ ,‬انًغشؽٍخ كٍف َذسعٓب َٔززٔلٓب‪ ,‬رش‪ .‬فشٌذ يذٔس‪ ,‬داس نكزبة انؼشثً‪ ,1965 ,‬ص ‪.118‬‬
‫‪ - 4‬ثشٍش ثٌٕغشح يؾًذ ‪ ,‬انضيٍ فً انًغشؽٍخ‪ ,‬انمبْشح‪ ,1991 ,‬ص‪. 71‬‬
‫‪ٌُ - 5‬ظش ‪ :‬شفٍك انًٓذي‪ ,‬يفٕٓو انضيٍ فً انًغشػ انفشَغً انؾذٌش‪ ,‬يٕلغ انكزشًَٔ‬
‫(‪َ ,)http://www.alnoor.se/article.asp?id=232674‬مالُ ػٍ ٌٕسي نٕرًبٌ‪ ,‬يذخم إنى عًٍٍبئٍخ انفهى‪ ,‬ديشك‪.1989 ,‬‬

‫‪54‬‬
‫تحذيذ هصطلحاث ‪:‬‬

‫الزمف‪,‬‬ ‫ورد في لساف العرب بأف ‪ " :‬الزمف‪ ,‬والزماف ‪ :‬اسـ لقميؿ الوقت‪ ,‬وكثيره‪ ,‬وفي المحكـ َّ‬
‫ام ٌف ‪ :‬شديد‪ .‬و أزمف الشيء‪ :‬طاؿ‬ ‫منةٌ ‪ .‬و َزم ٌف َز ِ‬
‫والزماف‪ ,‬العصر‪ ,‬والجمع ْأزُمف‪ ,‬و ْأزماَ ٌف‪ ,‬و ِأز َ‬
‫َ‬
‫ام َنةً‪,‬‬
‫الزمنة‪ .‬و أزمف بالمكاف أقاـ بو َزَماناً‪ ,‬وعامموُ ُم َز َ‬ ‫الزمف‪ ,‬و ُّ‬ ‫الزماف‪ ,‬واالسـ مف ذلؾ َّ‬‫عميو َّ‬
‫مف "ٔ‪.‬‬ ‫مف َّ‬
‫الز ِ‬ ‫وزماَناً َ‬
‫َ‬
‫وقد ورد تعريؼ الزمف في معجـ مقاييس المغة ‪َ " :‬زَم ٌف‪ ,‬الزاء‪ ,‬والميـ‪ ,‬والنوف أصؿ واحد يدؿ‬
‫ماف‪ ,‬و َزَم ٌف‪ ,‬والجمع‬
‫الزماف‪ ,‬وىو الحيف قميمو‪ ,‬وكثيره‪ .‬يقاؿ َز ٌ‬ ‫عمى ٍ‬
‫وقت مف الوقت‪ ,‬ومف ذلؾ َّ‬
‫ماف‪ ,‬وأ َْزِم َنةٌ "‬
‫أ َْز ٌ‬
‫ٕ‬

‫وحسب التعريفيف السابقيف يظير أف ىناؾ اختبلفاً بيف مصطمحي الزمف والزماف‪ ,‬إال أف ىذا‬
‫التفريؽ قوبؿ بالرفض ورأى بعض الدارسيف أنو ال يوجد فرؽ بيف المصطمحيف وانما يستخدماف‬
‫لغرض ومعنى واحد‪ ,‬إذ إف " النحاة القدماء‪ ,‬و المحدثيف لـ يشيروا مف قريب‪ ,‬أو بعيد إلى ىذا‬
‫التفريؽ‪ ,‬بؿ إف الكممتيف " زمف‪ ,‬زماف" تتبادالف االستعماؿ في المعنى الواحد "ٖ وقد " تعددت في‬
‫المغة األلفاظ الدالة عمى الزمف‪ ,‬فيو الزمف‪ ,‬والزماف‪ ,‬والدىر‪ ,‬و الدىر‪ ,‬والحيف‪ ,‬والوقت‪ ,‬واألمد‪,‬‬
‫ٗ‬
‫السرمد "‬
‫واألزؿ‪ ,‬و ّ‬
‫وحسب تعريؼ عمي الجرجاني‪ :‬فإف " الزماف ىو مقدار حركة الفمؾ األطمس عند الحكماء وعند‬
‫المتكمميف عبارة عف متجدد معموـ مقدر بو متجدد آخر موىوـ كما يقاؿ آتيؾ عند طموع الشمس‬
‫٘‬
‫فإف طموع الشمس معموـ ومجيئو موىوـ فإذا قرف ذلؾ الموىوـ بذلؾ المعموـ زاؿ اإليياـ "‬
‫‪ٙ‬‬
‫فالزمف‪ " :‬المادة المعنوية المجردة التي يتش ّكؿ فييا إطار ك ّؿ حياة‪ ,‬وحيز ك ّؿ فعؿ وك ّؿ حركة"‬

‫تداخل األزمنة في النصوص الدرامية المسرحية ‪:‬‬


‫ارتكزت أحداث مسرحية " ثورة الزنج " عمى حادثة أ ِ‬
‫ُخذت مف التاريخ أي مف الزمف الماضي‪,‬‬
‫ولكف الشاعر لـ يكف ىدفو سرد وقائع تاريخية حدثت في زمنيا‪ ,‬بؿ كاف اليدؼ مف سرد الوقائع‬
‫التاريخية إيقاظ الوعي بالحاضر‪ ,‬وانعكاس لرؤية واقعية معاصرة ‪ ,‬وىذا ما يظير في استدعاء‬
‫شخصية عبد اهلل بف محمد مف مقبرة التاريخ‪ " ,‬وجيا ننيضو من مقبرة التاريخ ‪ ,ٚ"...‬لتتشابؾ‬

‫‪ - 1‬ابف منظور‪ ,‬لساف العرب‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪,ٕٓٓٗ ,‬ص‪.61‬‬
‫‪ - 2‬أثٕ انؾغٍٍ أؽًذ ثٍ صكشٌب‪ ,‬يؼغى يمبٌٍظ انهؼخ‪ ,‬رؼ ‪ :‬ػجذ انغالو يؾًذ ْبسٌٔ‪ ,‬و‪ ,3‬داس انغجم‪ ,‬ثٍشٔد‪ ( ,1991 ,‬ثبة انضاء‬
‫ٔانًٍى ٔيب ٌضهضًٓب )‪ ,‬ص‪.15‬‬
‫‪ - 3‬كًبل سشٍذ‪ ,‬انضيٍ انُؾٕي فً انهغخ انؼشثٍخ‪ ,‬داس ػبنى انضمبفخ‪ ,‬ػًبٌ ‪ ,‬األسدٌ‪ ,2118, ,‬ص‪.15‬‬
‫‪ - 4‬كًبل سشٍذ‪ ,‬انضيٍ انُؾٕي فً انهغخ انؼشثٍخ‪ , ,‬ص‪.14‬‬
‫‪ - 5‬ػهً ثٍ يؾًذ ثٍ ػهً انغشعبًَ‪ ,‬انزؼشٌفبد‪ ,‬رؾمٍك إثشاٍْى األثٍبسي‪ ,‬داس انكزبة انؼشثً‪ ,‬ؽ‪ ,1‬ثٍشٔد‪ ,1985 ,‬ص‪.153‬‬
‫‪ - 6‬ػجذ انظًذ صاٌذ‪ ,‬يفٕٓو انضيٍ ٔدالنزّ فً انشٔاٌخ انؼشثٍخ انًؼبطشح‪ ,‬انذاس انؼشثٍخ نهكزبة‪ ,‬نٍجٍب‪ ,1988,‬ص‪.7‬‬
‫‪ - 7‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪. 125‬‬

‫‪55‬‬
‫أحداثيا مع أحداث الوقت الحاضر وما يجري مف أحداث في فمسطيف‪ ,‬وثورة شعبيا ضد المحتؿ‬
‫اإلسرائيمي ‪.‬‬
‫تحمؿ " وطفاء " في أحشائيا نطفة الثورة مف زمف القرف الثالث لميجرة‪ ,‬ثورة الزنج في البصرة‪,‬‬
‫تعده أنيا ستبقى محافظةً عمييا حتى ينطمؽ طائر الحرية حامبلً حبة قمح مف طاحوف البصرة‬
‫ويمقييا في طاحوف القرف العشريف‬
‫" طائرك بأحشائي يا عبد اهلل بن محمد ‪...‬‬
‫سيظل يرفرف حتى ينطمق وفي منقاره ‪...‬‬
‫حبة قمح من طاحون البصرة ‪...‬‬
‫حبة قمح يمقييا ‪...‬‬
‫باسم الزنج وثورتيم ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫في طاحون القرن العشرين ‪" ...‬‬
‫تتداخؿ األحداث وتتشابو فيما بينيا ولكف الزمف الفيزيائي الذي يختمؼ‪ ,‬الظمـ والقير واحد‬
‫وأشكاؿ الظُ ّبلـ مختمفة‪ ,‬مع أف أحداث ثورة الزنج وقعت في الزمف الماضي إال أف الشاعر "‬
‫معيف بسيسو"‪ ,‬استحضر القرف الثالث لميجرة؛ ليشرؾ المتمقي في أف ُي ِقر بأف الثورة باقية في‬
‫نفوسيـ‪ ,‬وليصدر حكماً مف خبلؿ زمف سابؽ غير زمف الحدث الحاضر‪ ,‬فالمتمقي لو الحؽ أف‬
‫المعاش‪ ,‬وىنا تدخؿ‬
‫يحكـ عمى أحداث الماضي مف منظور نقدي ليسقطو عمى الحاضر والواقع ُ‬
‫وطفاء مع ما تحممو في أحشائيا مف زمف آخر لزمف حاضر‪ ,‬ترفض أف ترجع لزمنيا حتى تمد‬
‫نطفة الثورة في القرف العشريف ‪.‬‬
‫" وطفاء ‪:‬‬
‫ال ‪...‬‬
‫ال بد وان ألد ىنا‪...‬‬
‫ٕ‬
‫في ىذا القرن‪"...‬‬
‫وىنا يكشؼ الكاتب بأف تركيبة المجتمعات في مختمؼ األزمنة ترفض الظمـ والقير الواقع عمييا‪,‬‬
‫فأذاب الفوارؽ التاريخية في نصو المسرحي‪ ,‬وجعؿ األحداث متشابكة‪ ,‬ليصؿ لحالة انسجاـ‬
‫طبيعي في عقد مقارناتو بيف األزمنة المتباعدة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.179‬‬


‫‪ - 2‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.192‬‬

‫‪56‬‬
‫تظير في مسرحية " شمشوف ودليمة " أسس التفكير الصييوني المبني عمى العقيدة التوراتية‪,‬‬
‫صر عمى أف كؿ‬ ‫فشخصية راحيؿ المتعنتة المتعطشة الرتكاب الجرائـ بحؽ الشعب الفمسطيني‪ ,‬تُ ِ‬
‫امرأة تقاوـ المحتؿ ىي دليمة التي أعدت المكيدة لشمشوف وعرفت سر ضعفو في قص شعره‪" ,‬‬
‫ما عادت قوتو في شعره ‪ ,ٔ"...‬وجعمت قوميا يسجنونو كما ُذ ِكر في التوراة ‪.‬‬
‫" راحيل ‪:‬‬
‫أنت دليمة ‪...‬‬
‫ىذا ىو اسمك ‪...‬‬
‫أما ريم ‪...‬‬
‫ٕ‬
‫فيو االسم السري ‪"...‬‬
‫الخوؼ مف شخصية ريـ الثائرة ضد المحتؿ‪ ,‬ىيأ ظرفاً نفسياً مناسباً الختبلط األزمنة عند‬
‫شخصية راحيؿ التي تظف بأف كؿ امرأة تعارض المحتؿ ىي امتداد تاريخي لتمؾ المرأة التي‬
‫خدعت شمشوف في الزمف الماضي‪ ,‬فالكاتب ىنا اعتمد تقنية االرتداد الزمني إلظيار قوة‬
‫شخصية المرأة الفمسطينية‪ ,‬ومدى ضعؼ وخوؼ المرأة اإلسرائيمية ‪.‬‬
‫ماريانا في مسرح ية " مأساة جيفارا"‪ ,‬تستحضر حادثة الصمب لممسيح‪ ,‬تناجي ربيا فزمنيا زمف‬
‫الظمـ لممرأة‪ ,‬فتقوؿ ‪:‬‬
‫" ال أحد يعرفني غيرك‪...‬‬
‫بت‪...‬‬
‫ال أحد غيري يعرف كيف تع َذ ْ‬
‫ِ ٖ‬
‫ما أسيل أن نكتب عن إكميل الشوك"‬
‫تذ ُكر أنو مف السيؿ البكاء والتباكي عمى حادثة صمب المسيح ومف الصعب أف نكذب باسـ‬
‫الديف ‪.‬‬
‫" كذابون وقتمة ‪...‬‬
‫كسروا خشب صميبك ‪...‬‬
‫ٗ‬
‫باعوه في األرض شظايا ‪"...‬‬
‫ىنا ذكرت حادثة وقعت في الزمف الماضي أال وىي صمب المسيح وجاءت عمى ىيئة دعاء‬
‫فكانت أحداث الماضي دالة عمى المستقبؿ‪ ,‬فالدعاء ال يتحقؽ في الوقت الحاضر‪ ,‬وأنو ال‬
‫تنطمي عمييا حيؿ رجاؿ الديف الذيف يتبلعبوف بمفاىيـ الديف كما أنيـ ضاجعوىا وبعدىا ألقوا‬
‫عمييا االتيامات وقيروىا وظمموىا ‪.‬‬

‫‪ - 1‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.324‬‬


‫‪ - 2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.323‬‬
‫‪ -3‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.83‬‬
‫‪ -4‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.84‬‬

‫‪57‬‬
‫المكونات الدالة عمى الزمن‪:‬‬
‫كثير مف الوسائؿ التي توحي بالزمف في النص الدرامي المسرحي‪ ,‬منيا ما ىو مباشر كالديكور‬
‫واألزياء وشكؿ المكاف واألثاث‪ ,‬وشكؿ اإلضاءة التي تدؿ عمى الميؿ والنيار‪ ,‬فاإلضاءة الخافتة‬
‫دلت عمى خروج النساء ليبلً في مسرحية " مأساة جيفارا"‪ ,‬وأف مسرح األحداث و ما حصؿ مع‬
‫ماريانا مف سقوط بالوحؿ كاف في وقت الميؿ‪ ,‬وىذا ما أبرزه الكاتب بأف زمف الظمـ والقير ليبلً‬
‫يكوف أشد وطأة عمى النفس اإلنسانية ‪.‬‬
‫بعدما تـ تشكيؿ عبد اهلل بف محمد مف ِقبؿ الرجؿ الغسالة في مسرحية " ثورة الزنج "‪ ,‬ليخرج في‬
‫القرف العشريف ثائ اًر ضد االحتبلؿ اإلسرائيمي‪ ,‬يصطدـ معو في المباس التقميدي لمقرف الثالث‬
‫اليجري‪ ,‬فيستنكر عميو لباسو وىيئتو فيقوؿ لو الرجؿ الغسالة ‪:‬‬
‫" من أعطاك ثياب القرن الثالث لميجرة ‪...‬‬
‫من أعطى لك صورة عبد اهلل بن محمد ‪...‬‬
‫ليس ىنا دور لك ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫نحن ىنا في القرن العشرين ‪" ...‬‬
‫فالدور الذي يحتاجو الرجؿ الغسالة في المسرحية دور في زمف القرف العشريف‪ ,‬ال في زمف‬
‫مضى وانتيى‪ ,‬فيقابمو رفض تاـ مف عبد اهلل بف محمد‪ ,‬فشكؿ المكاف والديكور ال يوحي إال‬
‫بزمف القرف الثالث لميجرة‬
‫" نحن ىنا في القرن الثالث لميجرة ‪...‬‬
‫كل الديكورات تشير الى البصرة ‪...‬‬
‫ٕ‬
‫وأوالء عبيد البصرة ‪" ...‬‬
‫فبرغـ وجود جميع الدالئؿ التي توحي بزمف القرف العشريف‪ ,‬إال أف عبد اهلل بف محمد ينكر ذلؾ‬
‫ويستنكر وجوده في فمسطيف‪ ,‬فيقوؿ ‪:‬‬
‫المكياج‬
‫ْ‬ ‫" رغم الجمجمة ورغم‬
‫ٖ‬
‫أو لست بشار"‬
‫ويقوؿ‪:‬‬
‫" أما أنت ألست النخاس " ابن عتيق"‪...‬‬
‫أسك‪...‬‬
‫أو لم أقطع ر ْ‬
‫ىل ألصقت بصمغ أم بمعاب رأسك بين الكتفين‬

‫‪ - 1‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.133‬‬


‫‪َ - 2‬فغّ‪ ,‬ص‪.134‬‬
‫‪ 3‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.134‬‬

‫‪58‬‬
‫ٔ‬
‫وأتيت فمسطين ‪"...‬‬
‫فالميمة الموكمة لعبد اهلل بف محمد ىي الثورة في أرض فمسطيف ال في أرض البصرة‪ ,‬فشكؿ‬
‫المكاف اختمط عميو وأوىمو أنو في القرف الثالث لميجرة ‪.‬‬
‫ومف المبلحظ أف عبثية الوصؼ المشيدي لممكاف في مسرحية " الصخرة "‪ ,‬تدؿ عمى عدـ‬
‫انتظاـ الزمف المعاش لدى المرأة فيي تصرخ وتستدرؾ الوقت الضائع في حصار زوجيا داخؿ‬
‫القبة‪ ,‬فيي تعتبر أف ىذه القبة بيتيا و مسكنيا و موطف استقرارىا وليست شركة أو مزار‬
‫لمزائريف‪ ,‬فصراخيا لكسر زجاج القبة‪ ,‬وتحرير مف فييا‪ ,‬ما ىو إال تسارع مع الزمف قبؿ أف ُيحكـ‬
‫عمييـ باالعتقاؿ المؤبد داخؿ الصالة‪ ,‬فكسر زجاج القبة يؤدي لتحريرىـ ‪.‬‬
‫" المرأة ‪:‬‬
‫فمنتقدم ‪ ...‬فمنتقدم ‪...‬‬
‫ال بد وأن نبمغ تمك القبة ‪...‬‬
‫نحن المعتقمون ىنا في ىذي الصالة‬
‫لو حررنا الرجل ىنالك تحت األحجار‬
‫ٕ‬
‫اصبحنا أح ار ار ‪"...‬‬
‫" شامة " في مسرحية " العصافير تبني أعشاشيا بيف األصابع "‪ ,‬بعد أف قيدوىا بالجبس ومنعوىا‬
‫مف الحركة‪ ,‬أصبحت تصارع الوقت في نقاشيا مع الطبيب لمنعو مف بتر قدميا‪ ,‬المرأة ‪ :‬لِ َـ ال‬
‫الجبس؟ٖ‪ ,‬فبعد تقييدىا في المستشفى أصبحت ترى كؿ مكونات الغرفة‬ ‫ْ‬ ‫تكسر عف ساقي ىذا‬
‫أدوات تستخدـ لبتر قدميا‪ ,‬فترى أف رقاص الساعة تحوؿ لمنشار ‪.‬‬
‫" المرأة ‪:‬‬
‫ٗ‬
‫عصا موسى أم ىذا المنشار"‬
‫٘‬
‫مر‬
‫فيرد عمييا الممرض متعجباً مف كبلميا‪ ",‬الممرض ‪ :‬رقاص الساعة‪ ,‬منشار ؟!" ‪ ,‬أي كمما َّ‬
‫وقت أكثر في مكوثيا اإلجباري داخؿ المستشفى يزيد مف احتماؿ بتر قدميا‪ ,‬فالوقت منشار‬
‫مسمط عمى قدميا‪ ,‬فالزمف النفسي ولّد عند شامة شعو اًر بثقؿ الزمف داخؿ حجرات المستشفى‪,‬‬
‫فتحوؿ الزمف الحقيقي إلى لحظات تخنقيا‪ ,‬وتدؽ فوؽ رأسيا‪ ,‬فيي تكابد القمؽ والتوتر‪ ,‬فمرور‬
‫الوقت بالنسبة ليا يعني شيئاً واحداً ىو اقتراب موعد بتر قدميا ‪.‬‬

‫‪ - 1‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.135‬‬


‫‪ - 2‬انظخشح‪ ,‬ص‪.365‬‬
‫‪ - 3‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص‪.373‬‬
‫‪َ - 4‬فغّ ‪ ,‬ص‪.374‬‬
‫‪َ - 5‬فغّ‪.374,‬‬

‫‪59‬‬
‫ريـ في مسرحية " شمشوف ودليمة "‪ ,‬تصر عمى تحدي شمشوف وأف ال تركع لتيديداتو في زّج‬
‫ابنيا يونس في السجف‪ ,‬فظبلـ الزنزانة يدؿ عمى أبدية المدة التي سيقضييا داخؿ المعتقبلت‬
‫اإلسرائيمية‬
‫" شمشون ‪:‬‬
‫إنك تمقين اآلن بيونس ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫من نافذة الفندق ‪ ...‬لظالم الزنزانة"‬
‫إال أف التيديدات لف تجدي نفعاً بكسر عزيمة ريـ أماـ جبروت شمشوف‪ ,‬فيي تُ ِ‬
‫صر عمى‬
‫تنشئة ابنيا ليعرؼ عدوه واسـ مدينتو ويقاتؿ عدوه‪ ,‬و حمميا أف تجعؿ منو بطبلً‪ ,‬إال أف شمشوف‬
‫يزيد مف تيديده ليا بإطالة المدة الزمنية لتعذيب ابنيا‬
‫" شمشون ‪:‬‬
‫ال يصبح حمم االنسان ‪..‬‬
‫أن يتعذب أبدا ‪...‬‬
‫كوني عاقمة يا ريم"ٕ ‪.‬‬
‫فالظبلـ في المشيد َّ‬
‫دؿ عمى إطالة المدة الزمنية التي سيقضييا ابنيا داخؿ المعتقبلت‬
‫اإلسرائيمية‪ ,‬وىو تجسيد لحالة الظبلمية والقير المستخدمة مف ِقبؿ االحتبلؿ ضد األسرى‬
‫الفمسطينييف ‪.‬‬
‫أما غير المباشر فعمى المشاىد أف يفكؾ جزئياتيا ليدرؾ الزمف‪ ,‬كتغير الديكور مف فصؿ إلى‬
‫فصؿ‪ ,‬والزمف في المسرح ال يقتصر عمى كونو إرجاعاً لفترة أو حقبة زمنية أو امتداداً ليا‪ ,‬وانما‬
‫ىو أيضا تحوؿ وصيرورة ُيعبر بيا عف ديناميكية الفعؿ المسرحي‪ ,‬عبر انتقالو مف بداية إلى‬
‫نياية‪ ,‬وفي ىذه الحالة ال تكوف العناصر المعبرة عف الزمف مادية ممموسة‪ ,‬وانما تستنبط مف‬
‫شكؿ كتابة النص والعرض ومنيا التغيرات الطارئة عمى الشخصية في عبلقتيا مع الشخصيات‬
‫ٖ‬
‫األخرى ضمف الحدث ‪.‬‬

‫‪ - 1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.311‬‬


‫‪ - 2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.311‬‬
‫‪ٌُ - 3‬ظش ‪ :‬طبنؼ لغٍظ‪ ,‬انخطبة انًغشؽً انغضائشي انًؼبطش‪ ,‬دساعخ ثٌٍُٕخ " يغشؽٍخ انُٕس ٔانُبس"‪ ,‬يزكشح يمذيخ نٍُم شٓبدح‬
‫انًبعغزٍش‪ ,‬عبيؼخ انؾبط نخؼش ثبرُخ‪ ,‬انغضائش‪ ,2118 -2117 ,‬ص‪.135‬‬

‫‪61‬‬
‫أشكال البنية الزمنية في مسرح معين بسيسو ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬بنية زمن الخوف واالكتئاب ‪:‬‬


‫سيطرت انفعاالت الخوؼ واالكتئاب عمى شامة بشكؿ واضح في نياية المنظر األوؿ مف‬
‫مسرحية " العصافير تبني أعشاشيا بيف األصابع"‪ ,‬حينما أمر الطبيب بتخديرىا لقطع قدميا‬
‫بشكؿ نيائي‪ ,‬ففي المحظة التي أمر بيا الطبيب بتخديرىا تعالت صيحاتيا‪ " ,‬النجدة ‪ ...‬النجدة‬
‫ٔ‬
‫‪" ...‬‬
‫كما سيطرت انفعاالت الخوؼ واالكتئاب عمى ريـ في مسرحية " شمشوف ودليمة "‪ ,‬عندما اختفى‬
‫ابنيا يونس مدة زمنية طويمة‪ ,‬عندما وقع أسي اًر بيد شمشوف‪ ,‬وتممكيا الشعور بأنو لف يرجع ليا ‪.‬‬
‫" ريم ‪:‬‬
‫يونس يا ولدي ‪...‬‬
‫أي الحيتان ابتمعك ‪ ...‬؟‬
‫واعتقمك في صدره ‪...‬‬
‫معتقل يا ولدي أنت ببطن الحوت ‪...‬‬
‫ٕ‬
‫معتقل منذ ولدت ‪"...‬‬

‫ثانياً ‪ :‬بنية زمن التستر ‪:‬‬


‫تظير ىذه البنية في مسرحية " مأساة جيفارا"‪ ,‬حينما دخؿ جيفا ار بيت ماريانا طمباً لمحماية مف‬
‫مبلحقة الشرطة لو‪ " ,‬الفالح الثالث‪ :‬الشرطة خمفي‪ ,ٖ"...‬لكف مدة الراحة التي مكث بيا داخؿ‬
‫بيتيا‪ ,‬لـ تكف طويمة‪ ,‬حيث دخمت الشرطة البيت بحثاً عف جيفا ار وكشفت مكانو ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬بنية زمن االنتصار ‪:‬‬


‫ظيرت بنية االنتصار في نياية مسرحية" الصخرة"‪ ,‬حينما انتيى صراع المرأة مع مف يحاصر‬
‫زوجيا في قبة‪ ,‬بالتزامف مع إصرارىا وتحيف كؿ فرصة لتحريض مف في الصالة لمتقدـ وكسر‬
‫الزجاج‬
‫" المرأة ‪:‬‬
‫البد وأن نبمغ تمك القبة‪...‬‬

‫‪ - 1‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص‪.379‬‬


‫‪ - 2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.255‬‬
‫‪- 3‬يأعبح عٍفبسا‪,‬ص‪.86‬‬

‫‪61‬‬
‫نحن المعتقمون ىنا في ىذي الصالة‬
‫لو حررنا الرجل ىنالك تحت األحجار‬
‫ٔ‬
‫أصبحنا أح ار ار ‪"..‬‬
‫فالمدة الزمنية لتحرير الرجؿ مف القبة ىي لحظة تحررىـ مف االعتقاؿ في الصالة‪ ,‬واستطاعت‬
‫بالفعؿ التقدـ و كسر زجاج القبة وتحرير مف فييا ‪.‬‬
‫" انكسر زجاج القبة ‪...‬‬
‫ٕ‬
‫انكسر زجاج القبة ‪" ...‬‬

‫رابعاً ‪ :‬بنية زمن الصراخ واالحتدام ‪:‬‬


‫استطاع الشاعر " معيف بسيسو" استخداـ تقنية رسـ األحداث بتقنية عالية‪ ,‬لينقميا إلى المتمقي‬
‫بطريقة تشعره وكأنو يعيش الحدث في لحظتو‪ ,‬ففي بداية الجزء الثاني مف مسرحية" الصخرة"‪,‬‬
‫ظيرت بنية االحتداـ مف المرأة مع الرجؿ ذي القناع الذىبي‪ ,‬فتعالت صيحاتيا بوقؼ الدوراف‬
‫حوؿ القبة‪ ,‬فالمدة الزمنية التي يقضييا الفقراء بالدوراف حوؿ القبة لف تجدي نفعاً ‪.‬‬
‫" صوت المرأة ‪:‬‬
‫ماذا ينفعكم ىذا الدوران‬
‫دقوا القبة باأليدي‪ ,‬ىدوىا باأليدي بدل الدوران ‪...‬‬
‫أسنانكمو كم عضت‪,‬‬
‫طول الوقت تعض‪ ,‬فعضوا باألسنان زجاج القبة ‪...‬‬
‫ٖ‬
‫عضوه باألسنان ‪"...‬‬
‫فاألولى عند المرأة مف قضاء وقت بالدوراف حوؿ القبة بدوف جدوى وال فائدة‪ ,‬ىو استغبلؿ الوقت‬
‫الذي ُييدر في الدوراف واستخدامو ليدـ تمؾ القبة التي تحجـ مف حريتيـ ‪.‬‬

‫‪- 1‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.365‬‬


‫‪ - 2‬انظخشح‪ ,‬ص‪.365‬‬
‫‪ - 3‬انظخشح‪ ,‬ص‪.357‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫بنية المغة النصية‬

‫‪ -‬المبحث األول ‪ :‬الحوار الخارجي‬

‫‪ -‬المبحث الثاني ‪ :‬الحوار الداخمي‬

‫‪63‬‬
‫أوالً ‪ :‬الحوار ‪:‬‬
‫عمـ االجتماع يقوؿ‪ :‬إف اإلنساف ال يستطيع العيش منعزالً‪ ,‬فيو في حاجة دائمة لممحاورة مع‬
‫اآلخريف لكي تستقيـ حياتو‪ ,‬فيبادليـ آ ارءه وحاجاتو وأفكاره المختمفة في جميع مناحي الحياة‬
‫البشرية‪ ,‬فالمغة وسيمة لمتواصؿ البشري ومع تعدد القوميات تعددت المغات والميجات‪ ,‬وتباينت‬
‫أساليب الحوار في كبلميـ اليومي‪ ,‬فبل تظير فاعمية الحياة ومعرفة تفاصيميا إال بالحوار‪,‬‬
‫فأصبح ضرورة لكؿ فرد في حياتو اليومية ‪ ,‬وعميو " يشكؿ الحوار ظاىرة إنسانية حيث تعتبر‬
‫عنص اًر ميماً مف عناصر التواصؿ البشري‪ ,‬ذلؾ أف أي تفاعؿ بيف طرفيف أو أكثر يتطمب الفعؿ‬
‫ٔ‬
‫ورد الفعؿ‪ ,‬مف أجؿ غاية إخبارية أو إقناعيو أو تواصمية أو حجاجية "‬
‫لمستقبؿ‪,‬‬
‫وقد عمؽ الجاحظ عمى أسموب الحوار مف حيث مراعاة مستوى الكبلـ مف المرسؿ إلى ا ُ‬
‫قائبلً ‪ " :‬ينبغي لممتكمـ أف يعرؼ أقدار المعاني‪ ,‬ويوازف بينيا وبيف أقدار المستمعيف‪ ,‬وبيف أقدار‬
‫الحاجات‪ ,‬فيجعؿ لكؿ طبقة مف ذلؾ كبلما‪ ,‬ولكؿ حاؿ مف ذلؾ مقاما‪ ,‬حتى يقسـ أقدار الكبلـ‬
‫عمى أقدار المعاني‪ ,‬ويقسـ أقدار المعاني عمى أقدار المقامات‪ ,‬وأقدار المستمعيف عمى أقدار تمؾ‬
‫الحاالت "ٕ ‪.‬‬
‫عرؼ ابف منظور الحوار لغةً " ىو الرجوع عف الشيء والى الشيء‪ ,‬فيقاؿ حار إلى الشيء‪,‬‬
‫وعنو حوارا‪ ,‬ومحا ار ومحارة‪ ,‬وحؤو ار ‪ :‬رجع عنو و إليو‪ ,‬والمحاورة ‪ :‬مراجعة المنطؽ والكبلـ في‬
‫المحاورة " ٖ ‪.‬‬
‫أما اصطبلحاً فقد عرفو عمي أوشاف بأنيا‪ " ,‬طريقة مف طرائؽ التعبير المختمفة‪ ,‬وىو مف أىـ‬
‫األساليب التي نعتمدىا في حياتنا اليومية‪ ,‬لكونو وسيمة أساسية لمتخاطب والتواصؿ "ٗ‪ ,‬وعرفو‬
‫عبد الممؾ مرتاض بأنو " المغة المعترضة التي تقع وسطا بيف المناجاة‪ ,‬والمغة السردية ويجري‬
‫الحوار بيف شخصية وشخصية "٘ ‪.‬‬
‫ومف شروط الحوار أف يقوـ عمى وحدة الموضوع‪ ,‬حتى ال يصبح عبثياً وفارغاً‪ ,‬فيرى عبد‬
‫الرحمف النحبلوي بأف الحوار يجب‪ " ,‬أف يتناوؿ الحديث طرفاف أو أكثر‪ ,‬عف طريؽ السؤاؿ‬
‫والجواب‪ ,‬بشرط وحدة الموضوع أو اليدؼ‪ ,‬فيتبادالف النقاش حوؿ أمر معيف‪ ,‬وقد يصبلف إلى‬
‫‪ٙ‬‬
‫ويكوف لنفسو عبرة "‬
‫نتيجة‪ ,‬وقد ال يقنع أحدىما اآلخر‪ ,‬ولكف السامع يأخذ العبرة ّ‬

‫‪ٌُ - 1‬ظش ‪ :‬صأي أؽًذ‪ ,‬ثٍُخ انهغخ انؾٕاسٌخ فً سٔاٌبد يؾًذ يفالػ‪ ,‬أؽشٔؽخ يمذيخ نٍُم دسعخ انذكزٕساِ‪ ,‬عبيؼخ ْٔشاٌ‪ ,‬انغضائش‪,‬‬
‫‪ ,2115/2114‬ص‪. 13‬‬
‫‪ - 2‬انغبؽع أثٕ ػضًبٌ ػًشٔ ثٍ ثؾش ثٍ يؾجٕة‪ ,‬انجٍبٌ ٔانزجٍٍ‪ ,‬رمذٌى ٔششػ ٔرجٌٕت ػهى أثٕ يهؾى‪ ,‬داس يكزجخ انٓالل‪ ,‬ؽ‪ ,2‬ثٍشٔد‪,‬‬
‫ط‪,1992 ,1‬ص‪. 18‬‬
‫‪ - 3‬ابف منظور‪ ,‬لساف العرب‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪ ,ٕٓٓٗ ,‬ص‪. 182‬‬
‫‪ - 4‬ػهً أٔشبٌ‪ ,‬دٌبن كزٍك انزؼجٍش ٔانزٕاطم ( انزمٍُبد ٔانًغبالد )‪ ,‬داس أثً لشالش نهطجبػخ ٔانُشش‪ ,‬انشثبؽ‪ ,2111 ,‬ص‪. 61‬‬
‫‪ - 5‬ػجذ انًهك يشربع ‪ ,‬فً َظشٌخ انشٔاٌخ ( ثؾش فً رمٍُبد انغشد )‪ ,‬داس انغشة نهُشش ٔانزٕصٌغ‪ْٔ ,‬شاٌ‪ ,2115 ,‬ص ‪. 176‬‬
‫‪ -6‬ػجذ انشؽًٍ انُؾالٔي‪ ,‬أطٕل انزشثٍخ اإلعاليٍخ فً انجٍذ ٔانًذسعخ ٔانًغزًغ‪ ,‬داس انفكش‪ ,‬ؽ‪ ,2‬ديشك‪ ,2111 ,‬ص ‪. 216‬‬

‫‪64‬‬
‫وحسب تعريؼ د‪ .‬إبراىيـ حمادة في كتابو " معجـ المصطمحات الدرامية والمسرحية "‪ ,‬يقوؿ ‪" :‬‬
‫الحوار ىو الكبلـ الذي يتـ بيف شخصيف أو أكثر‪ ,‬ويتميز بقيـ خاصة منيا أنو ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬يدفع إلى تطوير الحدث الدرامي وتجميتو‪ ,‬ومف ثـ تنتفي وظيفتو كعامؿ زخرفي خالص ‪.‬‬
‫يميز الشخصية مف الناحية الجسمية والنفسية واالجتماعية‪ ,‬والبيولوجية ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬يعبر عما ّ‬
‫يولد في المشاىد اإلحساس بأنو مشابو لمواقع‪ ,‬مع أنو ليس نسخة فوتوغرافية لمواقع‬
‫ٖ‪ّ -‬‬
‫المعاش ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬يوحى بأنو نتيجة أخذ ورد بيف الشخصيتيف المتحاورتيف ( أو الشخصيات ) وليس مجرد‬
‫ٔ‬
‫مبلحظات لغوية تنطؽ بالتبادؿ ‪.‬‬

‫وعميو فالحوار " أحد النشاطات أو العمميات العقمية والمفظية يقوـ بو مجموعة مف األشخاص‪,‬‬
‫لتقديـ أفكار يؤمنوف بيا أو أدلة وبراىيف لتكشؼ عف وجيات نظرىـ‪ ,‬وتبرر سبب إيمانيـ بيا‬
‫ٕ‬
‫بكؿ ديمقراطية لغايات الوصوؿ إلى الصواب أو لحؿ جذري لمشكمة معينة "‬
‫الحوار في النص المسرحي ‪:‬‬
‫الحوار مرتبط بالدراسات المغوية ارتباطاً وثيقاً‪ ,‬فعف طريقو يتـ إخراج كوامف الخطاب األدبي‬
‫وفيمو وتحميمو‪ ,‬ويشكؿ في النص الدرامي المسرحي جزءاً ىاماً مف المشاىد واألحداث‪ ,‬واف‬
‫كانت الشخصيات تعمؿ عمى تفاعؿ األحداث ونموىا‪ ,‬فإف ىذا التفاعؿ والنمو ال يتحقؽ إال‬
‫بالحوار الذي يدور بيف الشخصيات فيتـ التخاطب والتحاور بينيا بالتداوؿ ‪.‬‬
‫ؼ "الحوار ينمو ويتوالد ففي الحياة قد يتوقؼ الحديث عند نقطة معينة ال يتجاوزىا إلى غيرىا‪.‬‬
‫أما الحوار فينتقؿ ‪ -‬بمنطقية وتسمسؿ ‪ -‬مف نقطة إلى نقطة‪ ,‬وىذا النمو والتوالد ىو السبلح‬
‫الرئيسي في يد الكاتب لنمو الحكاية‪ ,‬فقد يطمب االبف مف والده ماالً‪ ,‬فيرد األب عميو بأنو أخذ‬
‫البارحة ماالً كافياً لمصروفو‪ ,‬فيرد االبف بأنو يقمؿ لػو مخصصاتو المالية ألنو يحب ابف الزوجة‬
‫الثانية أكثر مما يحبو‪ ,‬فيرد األب بأف زوجتو األولى ىي التي أجبػرتو عمى الزواج ألنيا كانت‬
‫تيممو‪ .‬وىنا قد تدخؿ الزوجة األولى ِّ‬
‫وتعيػره بأنيا تزوجتو غصباً عنيا و تطمب الطبلؽ‪ ,‬وبيذا‬
‫الشكؿ يحتدـ الصراع بينيما ‪ ,‬وىو صراع ولَّده الحوار المتنامي بمنطؽ السببية الذي يبني‬
‫الحكاية‪ ,‬وىذا النمػو والتوالػد يجب أف يتػـ بسرعة ودوف توقؼ حتى يستوفي الكاتب كؿ ما تقدـ‬
‫مف أركاف التأليؼ المسرحي في المػدة الزمنية القصيرة المتاحة لػو"ٖ‪.‬‬

‫‪ - 1‬إثشاٍْى ؽًبدح‪ ,‬يؼغى انًظطهؾبد انذسايٍخ ٔانًغشؽٍخ‪َ ,‬مالً ػٍ كزبة انًَٕٕنٕط ثٍٍ انذسايب ٔانشؼش ألعبيخ فشؽبد‪,‬‬
‫ص‪.113,114‬‬
‫‪ - 2‬إًٌبٌ انؾٍبسي‪ ,‬يفٕٓو انؾٕاس‪ ,‬يٕلغ انكزشًَٔ ( يٕػٕع )‪,‬‬
‫‪http://mawdoo3.com/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AD‬‬
‫‪ 9 ,%D9%88%D8%A7%D8%B1‬فجشاٌش‪. 2116 ,‬‬
‫‪ - 3‬فشؽبٌ ثهجم‪ ,‬أطٕل االنمبء ٔاالنمبء انًغشؽً‪ ,‬يطبثغ ٔصاسح انضمبفخ‪ ,‬ديشك‪ ,‬ؽ‪ , 2111, 2‬ص‪.122‬‬

‫‪65‬‬
‫" وعمى ىذا األساس نجد أف الحوار ىو أداة التخاطب في المسرحية‪ ,‬وىو السمة التي تشيع‬
‫الحياة و الجاذبية في المسرحية‪ ,‬و ىو الخصيصة التي تميز المسرحية عف سائر األشكاؿ‬
‫األدبية األخرى مف حيث إف المسرحية ال تأخذ الشكؿ النيائي إال عف طريؽ الحوار وخشبة‬
‫المسرح "ٔ ‪.‬‬
‫فتبرز السمات الفنية لمنص المسرحي عف طريؽ الحوار‪ ,‬فيو قاد اًر عمى صنع الحبكة واألفكار‬
‫مف خبللو‪ ,‬وىو وسيمة اتصاؿ بيف الشخصيات‪ ,‬والقارئ‪ ,‬ومف خبلليا يستطيع الكاتب تمرير‬
‫أفكاره ورؤيتو‪ ,‬والحوار يجب أف يكوف ليدؼ منشود صادر بغرض عرض فكرة أو موضوع‬
‫معيف‪ ,‬ال ألجؿ المحادثة العادية فارغة المضموف‪ ,‬فيجب عمينا أف نفرؽ بيف الحوار وبيف‬
‫المحادثة العادية‪" ,‬البد أف يدرؾ المؤلؼ أف ىناؾ فروقا واضحة بيف الحوار في العمؿ الدرامي‬
‫والحوار في الحياة‪ ,‬فكؿ منيما حوار‪ ,‬ولكف في الحياة األفضؿ أف نسميو محادثة‪ ,‬حيث إف كممة‬
‫"حوار" أكثر اختصا ار وافصاحاً عف كممة "محادثة"ٕ ‪.‬‬
‫فالسمة الفنية التي تميز النص المسرحي عف باقي األجناس األدبية ىي حوارية المغة‪,‬‬
‫" فػالتأليؼ المسرحي يعتمد اعتمادا كميا عمى الحوار ‪ ..‬في حيف يمكف ألنواع أدبية أخرى ‪,‬‬
‫شعرية ونثرية ‪ ,‬كالقصيدة ‪ ,‬والقصة ‪ ,‬والرواية أف تستغني عنو "ٖ‪ " ,‬وال نكوف مبالغيف إذا قمنا‬
‫ٗ‬
‫إنو بدوف الحوار لما كاف ىناؾ أدب مسرحي "‬
‫و عف طريؽ الحوار نتوصؿ إلى ىوية الشخصيات ومبلمحيا‪ " ,‬فكمما ذكرت المسرحية‪ ,‬ذكرت‬
‫معيا كممة الحوار ‪ ..‬ذلؾ أف الحوار ىو أداة المسرحية فيو الذي يعرض الحوادث ‪ ,‬ويخمؽ‬
‫الشخصيات‪ ,‬ويقيـ المسرحية مف مبدئيا إلى ختاميا "٘ ‪.‬‬
‫وقد يكوف الحوار المسرحي شع اًر كمو أو نث اًر‪ ,‬كما قد يكوف عاميا أو فصيحا‪ ,‬وقد يكوف مزيجا‬
‫مف تمؾ األنواع‪ ,‬وقد أنطقت الدراما اإلليزابيثية شخصياتيا مف الطبقات النبيمة بالشعر الحر‪ ,‬أما‬
‫الشخصيات الوضيعة أو العامية‪ ,‬فقد أنطقتيا بالنثر العادي‪ ,‬وقد اختمؼ النقاد في قضية كتابة‬
‫الحوار في المسرح العربي‪ ,‬فقسـ نادى بالفصحى لقدرتيا عمى تصوير المشاعر واألفكار ولما‬
‫تشكمو العامية مف خطر عمى الفصحى‪ ,‬وقسـ نادى بتناوؿ بالعامية ألنيا أقدر عمى التعبير عف‬
‫مشاعر اإلنساف العصري الحديث وأفكاره‪ ,‬وقسـ نادى بتناوؿ الفصحى في المسرحيات التاريخية‬
‫والمترجمة‪ ,‬وتناوؿ العامية في المسرحيات المعبرة عف الشخصيات المعاصرة‪ ,‬وقسـ رابع نادى‬
‫‪ٙ‬‬
‫باستخداـ لغة وسط بيف الفصحى والعامية ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ػبدل انُبدي‪ ,‬يذخم إنى فٍ كزبثخ انذسايب‪ ,‬يؤعغبد ػجذ انكشٌى ثٍ ػجذهللا‪ ,‬رَٕظ‪ ,‬ؽ‪ ,1987 ,1‬ص ‪.28‬‬
‫‪ - 2‬ػبدل انُبدي‪ ,‬يشعغ عبثك‪ ,‬ص‪. 29‬‬
‫‪ - 3‬ػذَبٌ ثٍ رسٌم‪ ,‬فٍ كزبثخ انًغشؽٍخ‪ ,‬يطجؼخ ارؾبد انكزبة انؼشة‪ ,‬ديشك‪,1996,‬ص ‪.59‬‬
‫‪ - 4‬ػجذ انؼضٌض ؽًٕدح‪ ,‬انجُبء انذسايً‪ ,‬انٍٓئخ انًظشٌخ نهكزبة‪ ,‬انمبْشح‪ ,1998 ,‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 5‬رٕفٍك انؾكٍى‪ ,‬فٍ األدة‪ ,‬داس يظش نهطجبػخ‪ ,1952 ,‬د‪ .‬ؽ ‪ ,‬ص‪.141‬‬
‫‪ٌُ - 6‬ظش‪ :‬كًبل أؽًذ غٍُى‪ ,‬انًغشػ انفهغطًٍُ " دساعخ ربسٌخٍخ َمذٌخ فً األدة انًغشؽً"‪ ,‬ؽ‪ ,1‬داس انؾشو نهزشاس‪,2113 ,‬‬
‫ص‪.386-385‬‬

‫‪66‬‬
‫ونجد أنو في " الدراما الشعرية يوجد – بشكؿ أساسي نوعاف مف الحوار؛ الحوار العادي بيف‬
‫الشخصيات أي الديالوج‪ ,‬الذي يش ّكؿ الجسد الرئيسي لمدراما‪ ,‬ثـ الحوار الداخمي أو المونولوج (‬
‫غنية ال‬
‫حي اًز كبي اًر إال أنيا قد تمنح العمؿ الدرامي أبعاداً ّ‬
‫المناجاة ) التي واف كانت ال تشغؿ ّ‬
‫تتوفر لو في غيابيا "ٔ ‪.‬‬
‫فالحوار وسيمة مف أىـ وسائؿ البناء الدرامي‪ ,‬يستخدميا الكاتب لتقديـ " حدث درامي يصور‬
‫صراعاً إرادياً بيف إرادتيف تحاوؿ كؿ منيا كسر األخرى وىزيمتيا"ٕ‪ ,‬وينقسـ الحوار إلى ‪ :‬حوار‬
‫خارجي‪ ,‬وحوار داخمي ‪.‬‬

‫‪ - 1‬أعبيخ فشؽبد‪ ,‬انًَٕٕنٕط ثٍٍ انذسايب ٔانشؼش‪ ,‬انٍٓئخ انًظشٌخ انؼبيخ نهكزبة‪ ,‬د‪ .‬ؽ ‪ ,‬د‪ .‬د‪ ,‬ص‪.113‬‬
‫‪ - 2‬رٕفٍك انؾكٍى‪ ,‬فٍ األدة‪ ,‬داس يظش نهطجبػخ‪ ,‬د‪ .‬ؽ‪ ,1952 ,‬ص‪. 141‬‬

‫‪67‬‬
‫المبحث األول‬
‫الحوار الخارجي‬

‫‪68‬‬
‫‪:‬‬ ‫الحوار الخارجي ( الديالوج )‬
‫امة البناء الدرامي ىو الحوار الخارجي‪ ,‬ألنو يعتمد عمى تعدد المشاىد واألصوات" وفقاً لما‬ ‫ِ‬
‫د َع َ‬
‫يقتضيو موضوع التجربة الوجدانية‪ ,‬إلغناء التجربة‪ ,‬وابراز جوانب الصراع"‪ ,1‬فالحوار الخارجي "‬
‫أداة لتقديـ حدث درامي دوف وسيط أو وعاء يختاره المؤلؼ أو ُيرغـ عميو لتقديـ حدث درامي‬
‫يصور صراعاً إرادياً بيف إرادتيف تحاوؿ كؿ منيما كسر األخرى وىزيمتيا"‪.2‬‬
‫والحوار يفتح المجاؿ لمتفاعؿ ويحرر النص مف االنغبلقية ويبقيو مفتوحاً عمى عوالـ متعددة‪ ,‬فيو‬
‫ليس جامداً وال يفتح المجاؿ لمنقاش‪ ,‬بؿ " تتعدد مستوياتو طبقاً لمواقؼ الشخصيات ومستوياتيا‬
‫المعرفية"‪ ,3‬ويعتبر " وسيمة تعبيرية ميمة في البناء الدرامي‪ ,‬ألنو يرسـ صورة الزماف والمكاف‪,‬‬
‫وحركة الشخصيات‪ ,‬والكشؼ عف أفكارىا وعواطفيا وىموميا"‪. 4‬‬
‫لذلؾ فالحوار يعد جزءاً أساسياً مف صميـ البنية الدرامية لمنص‪ ,‬ويعمؿ عمى دفع األفكار‬
‫والمشاعر واألحداث نحو الذروة‪ ,‬فيو شكؿ مف أشكاؿ البناء الشعري الدرامي‪ ,‬تخرج بو القصيدة‬
‫مف غنائيتيا الذاتية‪ ,‬وفؽ ما يقتضيو موضوع التجربة الوجدانية‪ ,‬إلغناء التجربة وابراز جوانب‬
‫الصراع الحياتي في شتى المجاالت‪ ,‬فالحوار منطؽ فني مرتبط بأسموب المبدع ومنيجو‪ ,‬وطبيعة‬
‫األصوات الفنية التي يتوسؿ بيا النص‪ ,‬ألنو ليس لصيقاً بالعمؿ الفني وال مفروضاً عميو مف‬
‫٘‬
‫الخارج‪ ,‬بؿ ىو نابع مف طبيعة التجربة ‪.‬‬
‫فعاؿ في نصوصو المسرحية ‪.‬‬
‫وقد استخدـ الشاعر " معيف بسيسو" ىذا النوع مف الحوار بشكؿ ّ‬
‫الحوار بيف راحيؿ وشمشوف وريـ في مسرحية " شمشوف ودليمة "‪ ,‬يكشؼ عف وىف وضعؼ المرأة‬
‫الصييونية أماـ صبلبة واصرار المرأة الفمسطينية عمى مواجية المحتؿ بكافة األشكاؿ المتاحة‬
‫ليا‪.‬‬

‫راحيل ‪:‬‬
‫اعترفي انك أنت دليمة ‪...‬‬
‫اعترفي ‪ ...‬اعترفي ‪...‬‬
‫شمشون ‪:‬‬
‫سأدمر ىذي العربة ‪...‬‬

‫‪ - 1‬طبنؼ ؽغٍ سعت‪ ,‬انزشكٍم انذسايً‪ ,‬فً شؼش عًٍؼ انمبعى‪ ,‬سعبنخ دكزٕساِ‪ ,‬يؼٓذ انذساعبد ٔانجؾٕس انؼشثٍخ‪ ,‬انمبْشح‪,2118 ,‬‬
‫ص‪.256‬‬
‫‪ - 2‬ػجذ انؼضٌض ؽًٕدح‪ ,‬انجُبء انذسايً‪ ,‬ص‪.165‬‬
‫‪ - 3‬ػجذ هللا انزطٕاي‪ ,‬انغذل ٔانمض فً انُضش انؼجبعً‪ ,‬داس انضمبفخ‪ ,‬انمبْشح‪ ,1988 ,‬ص‪.156‬‬
‫‪ٌُ - 4‬ظش ‪ :‬فشدة يٍهٍت ٔعجش انذاٌذط ثُزهً‪ ,‬فٍ انًغشؽٍخ‪ ,‬رشعًخ طذلً خطبة‪ ,‬يشاعؼخ يؾًٕد انغًشح‪ ,‬داس انضمبفخ‪ ,‬ثٍشٔد‪,‬‬
‫‪,1986‬ص ‪.481,482‬‬
‫‪ٌُ - 5‬ظش ‪ :‬طبنؼ ؽغٍ سعت‪ ,‬يشعغ عبثك‪ ,‬ص ‪.254,255,256‬‬

‫‪69‬‬
‫سأدمرىا ‪....‬‬
‫ريم ‪:‬‬
‫در حول المدفع‪...‬‬
‫ْ‬
‫ستظل تدور الى أن تسقط ‪...‬‬
‫ستظل تدور الى أن تسقط ‪...‬‬
‫ىذا ىو قدرك ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫ىذا ىو قدرك ‪....‬‬
‫والحوار الذي دار بينيـ شكؿ صراعاً ضدياً‪ ,‬أراد الشاعر منو إظيار بأف المكاف ال يتسع إال‬
‫ألحد منيـ‪ ,‬فحياة أحدىما عمى حساب حياة أخرى‪ ,‬وأبرز الحوار بيف راحيؿ وشمشوف طبيعة‬
‫التفكير الصييوني وما يحممو مف عداء وكراىية ودمار‪ ,‬فالحوار أبرز توتر الحدث وتعقده بيف‬
‫الشخصيات‪ ,‬وأظير المشاعر التي تحمميا كؿ شخصية لؤلخرى ‪.‬‬
‫شمشون ‪:‬‬
‫ال بد وأن تكسر ‪...‬‬
‫سقط أخوىا في يدنا يا راحيل ‪...‬‬
‫لو اكسره فاكسرىا ‪...‬‬
‫لو اكسره ‪...‬‬
‫راحيل ‪:‬‬
‫ولماذا ال تكسره ‪ ...‬؟‬
‫لكن ال تموي يا شمشون ذراعيو ‪ ...‬؟‬
‫شمشون ‪:‬‬
‫ماذا ألوي يا راحيل ‪ ...‬؟‬
‫راحيل ‪:‬‬
‫ٕ‬
‫عنقو ‪...‬‬
‫والمبلحظ مف الحوار في المسرحية‪ ,‬استخداـ تقنية الديالوج لمكشؼ عف وجيات النظر واألفكار‬
‫المختمفة‪ ,‬تَظير مف خبلليا العبلقة الضدية القائمة عمى التباعد في الرؤى بيف الشخصيات‪,‬‬
‫وتكشؼ عف عمؽ الفكرة المرادة مف الحوار بيف ريـ والوجو اآلخر " راحيؿ وشمشوف"‪ ,‬بأف‬
‫الصراع الصييوني الفمسطيني صراع بقاء ووجود‪ ,‬وأنو مبني عمى أسس تاريخية تممودية‪ ,‬وىذا‬

‫‪ - 1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.324,325‬‬


‫‪ - 2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪. 318‬‬

‫‪71‬‬
‫يتضح مف خبلؿ إصرار راحيؿ عمى أف كؿ امرأة فمسطينية ىي بمثابة دليمة التي قيرت شمشوف‬
‫وعرفت سر قوتو ‪.‬‬
‫راحيل ‪:‬‬
‫اعترفي ‪ ...‬انك ‪ ...‬أنت دليمة ‪...‬‬
‫ريم ‪:‬‬
‫أنا ريم ‪...‬‬
‫راحيل ‪:‬‬
‫من أرسمك لشمشون ‪...‬‬
‫ما عادت قوتو في شعره ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫عبثا تخفين مقصك تحت األربطة البيضاء ‪...‬‬

‫يستخرج الشاعر حوادثاً مف بواطف التراث العربي‪ ,‬ليطوعيا في خدمة فكرتو في الدفاع عف‬
‫القضية الفمسطينية‪ ,‬وتظؿ الثورة محتفظة ببقائيا‪ ,‬فالجبلد في الموحة الرابعة مف مسرحية " ثورة‬
‫الزنج"‪ ,‬يحاور وطفاء ليأخذ منيا الجنيف الذي تحممو والمتمثؿ في الثورة لتنقمو عبر الزمف مف‬
‫القرف الثالث لمقرف العشريف ‪.‬‬
‫الجالد ‪:‬‬
‫ماذا تنتظرين ‪..‬؟‬ ‫‪-‬‬

‫وطفاء ‪:‬‬
‫كفى ‪ ...‬كفى ‪...‬‬
‫الجالد ‪:‬‬
‫اعطيني الطفل اذن ‪...‬‬
‫اآلن ‪ ...‬؟‬
‫لم ال تمدين ْ‬
‫وطفاء ‪ :‬أنا ان أعطيك الخاتم ‪...‬‬
‫ٕ‬
‫فكأني أعطي جسدي‬
‫فالكاتب يريد عبر نصوصو التخمص مف االحتبلؿ‪ ,‬واالستقرار والعيش عمى أرض فمسطيف‪,‬‬
‫والعيش بأماف‪ ,‬ونبلحظ أف وطفاء ترفض الوالدة في قرنيا اليجري‪ ,‬فيي تريد نقؿ تجربة الثورة‬

‫‪ - 1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص ‪.324‬‬


‫‪ - 2‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.186‬‬

‫‪71‬‬
‫عمى المحتؿ والظمـ ألرض فمسطيف‪ ,‬ويتضح مف كبلميا أف قرار التخمي عف الثورة ليس ق ار اًر‬
‫فردياً‪ ,‬فيي ال تممؾ أف تعطيو ما في أحشائيا ‪.‬‬
‫" وطفاء ‪:‬‬
‫ال أممك أن أعطيو لك ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫انك تسألني أن أعطي ما ال أممك ‪"...‬‬
‫ورغـ أف طريقيا وعر وطويؿ إال أنيا تواصؿ مسيرتيا قُدماً‪ ,‬ورغـ تيديدات الجبلد وغضبو‬
‫تصر عمى توجيو البوصمة اتجاه األرض الفمسطينية ‪.‬‬
‫" أعطى نصف رغيف الخبز لزنج البصرة ‪...‬‬
‫والنصف الثاني أبقاه لزنج القرن العشرين ‪. ٕ" ...‬‬

‫يكشؼ الشاعر الوجو الحقيقي لممحتؿ السالب ألرض غيره‪ ,‬والذي يسعى دوماً إلى مصادرة‬
‫األرض ومبلحقة الفمسطينييف‪ ,‬ومف خبلؿ الحوار الذي يدور بيف المرأة والممرض في مسرحية "‬
‫العصافير تبني أعشاشيا بيف األصابع"‪ ,‬يظير ما في نفس المرأة مف رفض لتحجيـ أرضيا‬
‫وفرض الحصار الجغرافي عمييا وتضييؽ مساحة األرض‪ ,‬فالمحتؿ دائماً يسعى إلى قير وظمـ‬
‫الفمسطيني‪ ,‬ومف خبلؿ الحوار تتنامي األحداث الدرامية التي تظير عمى شكؿ تساؤالت‬
‫استنكارية تعرض وجية نظر المرأة ورفضيا لمتحجيـ المقصود تجاىيا‪ ,‬وذلؾ يساىـ في كشؼ‬
‫الحالة النفسية التي بداخؿ المرأة وما تعانيو مف قير المحتؿ ‪.‬‬
‫الممرض ‪:‬‬
‫انا سائق ىذا الكرسي‬
‫أرض ‪...‬‬
‫من يممك كرسياً‪ ,‬ستكون لو ْ‬
‫المرأة ‪:‬‬
‫الكرسي ‪...‬‬
‫ْ‬ ‫أرض في حجم‬
‫قل لي ما ىو عرض الكرسي‪ :‬متر ‪,‬‬
‫ما ىو طول الكرسي‪ :‬متران ‪ ...‬؟‬
‫ىل ىذي ىي ارضي ‪...‬‬
‫ارض في حجم الكرسي ‪ ...‬؟‬
‫ٖ‬
‫حتى ارض الزنزانة اكبر ‪...‬‬

‫‪ - 1‬يؼٍٍ ثغٍغٕ‪ ,‬األػًبل انًغشؽٍخ‪ ,‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.188‬‬


‫‪َ - 2‬فغّ‪ ,‬ص‪.189‬‬
‫‪ - 3‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص‪.395,396‬‬

‫‪72‬‬
‫يصر الشاعر عمى تأكيد أف األرض مف حقو ال مف حؽ المحتؿ‪ ,‬فالحوار القائـ بيف‬ ‫ّ‬
‫الشخصيتيف‪ :‬الممرض المتمثؿ باإلسرائيمي الذي ال يدخر جيداً لمصادرة األرض والحؽ‪ ,‬والمرأة‬
‫صاحبة األرض‪ ,‬يبرز العبلقة الضدية بيف شخصياتو لتصنع صراعاً عمى ممكية األرض‪,‬‬
‫فالشاعر مف خبلؿ الحوار يظير القمؽ الوجودي لممرأة وتمسكيا وثباتيا عمى أرضيا ‪.‬‬
‫الممرض ‪:‬‬
‫ِ‬
‫أرضك‪ ,‬ال توجد لك أرض أخرى ‪...‬‬ ‫راحة كفي ىي‬
‫ِ‬
‫عممك ‪...‬‬ ‫في راحة كفي نيرك ‪ ...‬جبمك ‪ ...‬كرسيك ‪...‬‬
‫المرأة ‪:‬‬
‫انا ال ابحث عن عممي ‪...‬‬
‫انا ابحث عن قدمي ‪...‬‬
‫حين عمى االرض ترفرف قدمي ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫سيرفرف عممي ‪...‬‬
‫في مسرحية " مأساة جيفارا"‪ ,‬تقوـ الشرطة بمبلحقة جيفا ار فيقوـ باالحتماء ببيت ماريانا القديسة‬
‫والعرافة والمومس كما تصؼ نفسيا‪ ,‬ويكشؼ لنا الحوار الذي دار بينيما الوجو اإلنساني والثوري‬
‫ليا فيي بحاجة لبلحتماء والشعور باألماف ال االستغبلؿ لجسدىا كمومس ‪.‬‬
‫ماريانا ‪:‬‬
‫أرقد في فراشي ‪...‬‬
‫الفالح الثالث ‪:‬‬
‫ستموتين ‪...‬‬
‫انك ال تدرين ‪...‬‬
‫من تخفين األن ‪ ...‬؟‬
‫ماريانا ‪:‬‬
‫أول رجل يكسر بابي ‪...‬‬
‫ال ليضاجعني ‪...‬‬
‫أو يسرقني ‪...‬‬
‫أول رجل يكسر بابي ‪...‬‬
‫كي أحميو ‪...‬‬
‫ويحميني ‪...‬‬

‫‪ - 1‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص‪.396‬‬

‫‪73‬‬
‫ىذا يكفيني ‪...‬‬
‫الفالح الثالث ‪:‬‬
‫ماريانا والثائر ‪...‬‬
‫ما اشبو وجو العذراء بوجيك ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫لك وجو العذراء ‪...‬‬
‫فالحوار في المسرحية كشؼ لنا تطور الحدث الدرامي داخؿ النص‪ ,‬حيث ينتقؿ الشاعر مف حالة‬
‫الخوؼ مف مبلحقة الشرطة لجيفارا‪ ,‬إلى حالة األماف واالستقرار التي شعرت بيا ماريانا‪ ,‬فيأخذنا‬
‫الحوار إلى منحى التضحية والثورة المشتعمة داخؿ ماريانا ضد كؿ ظالـ‪ ,‬واظيار الجانب‬
‫اإلنساني ليا ‪.‬‬
‫يدور حو ٌار بيف األـ ومازف في مسرحية " شمشوف ودليمة"‪ ,‬يصور واقعاً مري اًر مف خبلؿ الصراع‬
‫الذي ال ييدأ بيف اآلباء واألبناء‪ ,‬بيف جدلية البقاء والثبات وما بيف التخمي واليرب‪ ,‬أطراؼ‬
‫الحوار في مأزؽ‪ ,‬جيؿ با ٍ‬
‫ؽ عمى ثوريتو واحتفاظو باألرض وحؽ العودة والبقاء عمى الثوابت رغـ‬
‫كؿ ما يحيطيـ مف خذالف‪ ,‬وجيؿ يأس مف الوعودات واالنتظار داخؿ صندوؽ االحتبلؿ وسمب‬
‫األرض‪ ,‬فالحوار حقيقي يجسد م اررة ما نمر بو مف خذالف وتراجع عمى المستوى الوطني‬
‫واالجتماعي ‪.‬‬
‫األم ‪:‬‬
‫بل من ال يضحك من كمماتك أنت ‪...‬‬
‫ان كان احتفظ أبوك بمفتاح في ِ‬
‫يده ‪...‬‬
‫لِ َم ال تحممو أنت ‪...‬‬
‫لِ َم ال ترفعو كالراية ‪...‬‬
‫وتقاتل من أجل النافذة ومن أجل الباب ‪....‬‬
‫لِ َم ال تشحذه كالخنجر ‪...‬‬
‫تطعن وجو عدوك ‪...‬‬
‫مازن ‪:‬‬
‫وجو عدوي ‪ ...‬؟‬
‫أنا لم أر وجو عدوي يا أمي ‪...‬‬
‫أنا ال أعرف من ىو يا أمي ‪...‬‬
‫ىل ىو مطموب مني أال أعرف وجو عدوي ‪...‬‬

‫‪ - 1‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.87,88‬‬

‫‪74‬‬
‫اني أسألك اآلن ‪ ...‬أجيبي ‪...‬‬
‫ىل ىذا الضوء االحمر‪ ,‬وجو عدوي ‪...‬‬
‫أم ىذا الجندي المتخشب كالتمثال ‪...‬‬
‫أم ىو يا أمي الكمساري ‪....‬‬
‫أم ىذي االسالك الشائكة أمام العربة ‪...‬‬
‫أم ىو وجيي ‪ ...‬أم ىو وجو أخي ‪...‬‬
‫كنت تقول لنا‪ ,‬في العام الثالث سوف نعود ‪...‬‬
‫ومدرسنا كان يقول لنا في العام الرابع سوف نعود ‪...‬‬
‫والراديو كان يقول لنا في الخامس سوف نعود ‪...‬‬
‫والصحف تقول ‪...‬‬
‫والراقصة االولى في الكباريو تقول ‪...‬‬
‫وتمر االعوام ونحن نقول ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫وتمر االعوام ونحن بيذي العربة ‪...‬‬
‫ىذا الواقع حقيقي وجب عمينا أف نقتنع بو‪ ,‬فالحوار يبرز دور األـ التحريضي لمبقاء‪ ,‬و أف أحقية‬
‫ىذه األرض لمفمسطينييف‪ ,‬فألفاظيا ال تدؿ إال عمى الدور التحريضي ( خنجر‪ ,‬راية‪ ,‬مفتاح‪,‬‬
‫تطعف)‪ ,‬فالحوار يقدـ لنا صراعاً حقيقياً‪ ,‬فطرفا الحوار ييدفاف إلى الوصوؿ إلى حقيقة فيـ الواقع‬
‫الشائؾ‪ ,‬وفي وصؼ ألفاظ مازف نجد أنيا ال تنـ عف الخذالف واالنيزاـ بقدر ما ىو رفض لمواقع‬
‫ورفض لممارسات المحتؿ ‪.‬‬
‫يكشؼ الحوار الذي دار بيف األـ وعاصـ في مسرحية " شمشوف ودليمة" تطور الحدث الدرامي‪,‬‬
‫فاألـ يصيبيا اإلحباط واليأس مف مسيرة الثورة الفمسطينية ضد االحتبلؿ اإلسرائيمي‪ ,‬فموقفيا‬
‫تحدد مف الثورة بعد حالة الضغط والحصار الممارس عمى أىؿ العربة‪ ,‬فكثرة القتؿ واألسر التي‬
‫يمارسيا المحتؿ ضد الفمسطينييف شكمت ضغطاً وصراعاً نفسياً عمى األـ‪ ,‬ورسخت شعو اًر لدييا‬
‫بعدـ الجدوى و العجز‪ ,‬ولكف الثوابت الوطنية التي ترسخيا وتغرسيا األـ في نفوس األبناء تبقى‬
‫راسخة رغـ كؿ الصعوبات التي يواجيا الفمسطيني‪ ,‬فالحوار يكشؼ عف مدة ثورية االبف عاصـ‬
‫وثبات المواقؼ‪ ,‬فاألـ عنده بمثابة وقود الثورة وىي مف تربي وتنمي الروح الوطنية داخؿ األبناء‬
‫وتتابعو كطفؿ وترعاه حتى يكبر ‪.‬‬

‫‪ - 1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص‪.219,221‬‬

‫‪75‬‬
‫األم ‪:‬‬
‫ما عاد ىنالك قرط في األذن وال وشم فوق الساعد ‪...‬‬
‫ما عاد ىنالك ما ندفعو ‪...‬‬
‫ما عاد ىنالك ما نسمعو ‪...‬‬
‫ما عاد ىنالك من نرضعو ‪...‬‬
‫عاصم ‪:‬‬
‫أمي ‪...‬‬
‫كنت امرأة عاقر ‪...‬‬
‫حتى ىبط مالك البارود ولمسك بجناحو ‪....‬‬
‫طالت سنوات الحمل ‪...‬‬
‫وولدت اآلن ‪...‬‬
‫وعمينا أن نرضع الطفل ‪...‬‬
‫أكبر أبنائك ‪...‬‬
‫أشرف أبنائك يا أمي ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫طفل البارود ‪...‬‬
‫دلؿ الشاعر في حواره عمى أف النضاؿ ضد المحتؿ ومقاومتو‪ ,‬سيحقؽ النصر في نياية‬
‫المطاؼ‪ ,‬ألنو صاحب األرض والحؽ‪ ,‬فالصراع الفمسطيني اإلسرائيمي خرج مف عزلتو‪ ,‬وانتشر‬
‫في كافة أرجاء العالـ بعد الرصاصة األولى‪ ,‬فالمقاومة مف وجية نظر الشاعر كسرت حالة‬
‫فعؿ وساعد عمى تحريؾ الصراع‬ ‫الجمود الدولي اتجاه القضية الفمسطينية‪ ,‬فالحوار ىنا ّ‬
‫الفمسطيني اإلسرائيمي وأبرزه وطوره ليخمؽ حالة تحريضية‪ ,‬ليعترؼ العالـ بنا كشعب واقع تحت‬
‫االحتبلؿ ويؤمف بقضيتنا ويدافع عنيا ‪.‬‬
‫األب ‪:‬‬
‫بعد رصاصتنا األ ولى ‪...‬‬
‫َ‬
‫العالم أصبح يتصل بنا اآلن ‪...‬‬
‫يمقي برسائمو في صندوق بريد العربة ‪...‬‬
‫صار لنا صندوق بريد يا عاصم ‪...‬‬
‫عاصم ‪:‬‬
‫صار لنا عنوان يا أبتي ‪...‬‬

‫‪ - 1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص ‪.281 ,281‬‬

‫‪76‬‬
‫صار لنا تيمفون ‪...‬‬
‫والعالم أصبح يتصل بنا اآلن ‪...‬‬
‫ريم ‪:‬‬
‫صار ‪ ...‬لنا عنوان يا يونس ‪...‬‬
‫صار لنا صندوق بريد ‪...‬‬
‫نحن ‪...‬‬
‫أبناء الكولي ار والطاعون ‪...‬‬
‫شعب الحجر الصحي ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫شعب السمك الشائك ‪...‬‬
‫فالشاعر في نصوصو المسرحية وظؼ الحوار الخارجي‪ ,‬ليظير لنا حياة الشعب الفمسطيني‪,‬‬
‫ويبرز دور المرأة في القضايا الوطنية والسياسية‪ ,‬وعبر عف أفكار وانفعاالت الشخصيات‪,‬‬
‫وأبعادىا الفكرية والسيكولوجية‪ ,‬وتتبع األحداث وكيفية تعامؿ الشخصيات معيا ‪.‬‬

‫‪ - 1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص ‪.281,282‬‬

‫‪77‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫الحوار الداخمي‬

‫‪78‬‬
‫الحوار الداخمي ( المونولوج )‬
‫الحوار الداخمي " ىو ما يميز القصيدة الدرامية‪ ,‬حيث يتواجد متكمـ خيالي يخاطب مستمعيف‬
‫خيالييف‪ ,‬وحيث تكشؼ فيو شخصية ما عف طبيعتيا والموقؼ الدرامي الذي يحوطيا "ٔ‪ ,‬فيو‬
‫" ذلؾ العنصر الذي يتيح لمشخصية أف تفصح عف دخيمة نفسيا لتكشؼ عف مشاعرىا الباطنية‬
‫وأفكارىا وعواطفيا‪ ,‬كأنيا تفكر بصوت مسموع "ٕ ‪.‬‬
‫وحسب تعريؼ أسامة فرحات فالمونولوج الدرامي ىو " البوتقة التي يحدث في داخميا ذلؾ‬
‫التفاعؿ بيف الحياة والحقائؽ السائدة‪ ,‬حيث يتـ النظر إلى الحياة‪ ,‬ومحاولة تحديد أبعادىا أو حتى‬
‫تشويييا عف طريؽ وجية نظر شخص معيف في زماف ومكاف معينيف "ٖ ‪.‬‬
‫في الحوار الخارجي يكوف ىناؾ صوتاف لشخص واحد‪ ,‬صوتو الخارجي الطبيعي الذي يتعامؿ‬
‫بو في مخاطبة اآلخريف‪ ,‬وصوت آخر ىو الصوت الداخمي الذي ال يسمعو غيره‪ ,‬ليبرز كؿ‬
‫ٗ‬
‫اليواجس واألفكار التي تدور في ظاىر الشعور أو التفكير ‪.‬‬
‫فالمونولوج وسيمة فنية يمجأ إلييا السارد مف أجؿ الكشؼ عف مكنونات نفسو‪ ,‬فيو ليس مجرد‬
‫حوار داخمي تأممي يقوـ بو المبدع لغض التخفيؼ عف نفسو‪ ,‬بؿ ىو حديث يوجو لآلخريف‬
‫لمتأثير فييـ وجعميـ أكثر قرباً عف الشخصية‪ ,‬ودور المونولوج في العممية السردية يساعد في نمو‬
‫وتطوير الحدث‪ ,‬والكشؼ عف صفات الشخصية‪ ,‬ومبلمحيا النفسية‪ ,‬وأبعادىا المعرفية‪ ,‬وطبائعيا‬
‫االجتماعية‪ ,‬وابراز أقواليا وأفعاليا‪ ,‬وانفعاالتيا‪ ,‬وما يدور في خياليا مف رؤى ومعارؼ‪ ,‬واتاحة‬
‫المجاؿ أماـ الشخوص‪ ,‬لمتحدث عف أفكارىا وأماـ المتمقي لبلستماع إلييا‪ ,‬والدخوؿ بعمؽ في‬
‫أغوارىا النفسية ومعرفة ىواجسيا القابعة في الشعور والبلشعور "٘ ‪.‬‬
‫يظير الحوار الداخمي عند الشاعر " معيف بسيسو "‪ ,‬في نصوصو المسرحية لمعرفتو ووعيو بأف‬
‫المونولوج يظير رؤى وأفكار الشخصية ‪:‬‬
‫ويظير الحوار الداخمي في مسرحية " شمشوف ودليمة " ‪ ,‬عندما قُتِؿ مازف وىو يحاوؿ الدخوؿ‬
‫إلى األراضي المحتمة التي ىي في األصؿ أرضو‪ ,‬ولكف بطش المحتؿ ال يرحـ‪ ,‬فقتمو وألقى‬
‫بجثتو بالقرب مف األسبلؾ الشائكة‪ ,‬فيأتي الصوت الداخمي لؤلـ الذي يعبر عف مدى قيرىا‬
‫وشعورىا بالظمـ الواقع عمى أىميا وابنيا ‪.‬‬

‫‪ - 1‬أعبيخ فشؽبد‪ ,‬انًَٕٕنٕط ثٍٍ انذسايب ٔانشؼش‪ ,‬انٍٓئخ انًظشٌخ انؼبيخ نهكزبة‪ ,‬انمبْشح‪ ,1997 ,‬ص‪.24‬‬
‫‪ - 2‬ػهً ػٕاد‪ ,‬غٕاٌخ انًزخٍم انًغشؽً‪ ,‬يمبسثبد نشؼشٌخ انُض ٔانؼشع ٔانُمذ‪ ,‬ؽ‪ ,1‬انًشكض انضمبفً انؼشثً‪ ,‬ثٍشٔد – داس‬
‫انجٍؼبء‪ ,1997 ,‬ص‪. 66,65‬‬
‫‪ٌُ - 3‬ظش ‪ :‬انًَٕٕنٕط ثٍٍ انذسايب ٔانشؼش‪ ,‬ص‪.33‬‬
‫‪ٌُ - 4‬ظش ‪ :‬انشؼش انؼشثً انًؼبطش لؼبٌبِ ٔظٕاْشِ انفٍُخ ٔانًؼٌُٕخ‪ ,‬ص‪.294‬‬
‫‪ٌُ - 5‬ظش‪ :‬انزشكٍم انذسايً فً شؼش عًٍؼ انمبعى‪ ,‬ص‪.238‬‬

‫‪79‬‬
‫" األم ( وىي فوق الجثة )‬
‫متسمل ‪...‬‬
‫ولدي متسمل ‪...‬‬
‫من ‪ ...‬يمتقط برمش العينين‪ ,‬األسالك الشائكة بأرضك‬
‫يا وطني ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫يدعى متسمل ‪"...‬‬
‫يؤكد صوتيا حجـ الم اررة واأللـ لفقداف ابنيا مازف ومدى شعورىا بالقير والظمـ حياؿ اتياـ مف‬
‫يحاوؿ الدخوؿ إلى أرضو بالمتسمؿ وكأنو لص‪ ,‬فكممة " متسمؿ " تحمؿ في ثناياىا حجـ الجرح‬
‫الذي يكوي قمب األـ ‪.‬‬
‫أصدؽ المحظات التي تعبر عف ما يدور في دواخمنا ىي لحظات الغضب ولحظات الحيرة والشؾ‬
‫والتساؤالت التي نطرحيا‪ ,‬فشخصية راحيؿ الصييونية شخصية انتقامية تميؿ إلى القتؿ واالنتقاـ‪,‬‬
‫وريـ الفمسطينية امرأة تبحث عف حقيا في األرض المسموبة‪ ,‬فالكاتب يعبر عف صوتيف مختمفيف‬
‫في مسرحية " شمشوف ودليمة "‪ ,‬صوت المقيور الذي ُسمبت أرضو وقتؿ أوالده ويأتي عمى لساف‬
‫ريـ التي تعاني مف حصار قاتؿ داخؿ العربة‪ ,‬فموقفيا موقؼ حؽ تقاوـ بو المحتؿ الذي يسعى‬
‫جاىداً إلخراسيا واسكات صوت الحؽ في نفوس الفمسطينييف ‪ ,‬فيي تقاوـ لتناؿ حريتيا‪ ,‬فردة‬
‫فعميا بوجو المحتؿ تأتي في سياؽ الدفاع عف حقيا ‪.‬‬

‫" ريم ‪:‬‬


‫األلسنة عمى السندان ‪...‬‬
‫قطع حديد ممتيبة ‪...‬‬
‫طرق عيدان ثقاب ‪...‬‬
‫تُ َ‬
‫تحشى في عمبة كبريت ‪...‬‬
‫صارت في يدي اآلن ‪...‬‬
‫ال صوت ‪...‬‬
‫اال صوت المطرقة عمى السندان ونحن ندخن ‪...‬‬
‫فمنتكمم ‪...‬‬
‫ما دام البنزين ىو الدم ‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫ما دام الدم فوق االرض يسيل ‪"...‬‬

‫‪ - 1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪.267 ,‬‬


‫‪ - 2‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص ‪.258,257‬‬

‫‪81‬‬
‫يدعي أنو مظموـ‪ ,‬وأف الحؽ التاريخي يؤىمو ألف‬
‫والصوت اآلخر ىو صوت الطاغية‪ ,‬الذي ّ‬
‫يبطش ويحتؿ أرضاً ليست أرضو‪ ,‬ويزور الحقائؽ‪ ,‬شاع اًر بأف ممارساتو ستحجب الحؽ ‪.‬‬
‫" راحيل ‪:‬‬
‫انا مثمك ‪...‬‬
‫أبحث عن شيء أكسره ‪...‬‬
‫وليذا جئت وراءك ‪...‬‬
‫وتبعتك عبر مئات السنين ‪...‬‬
‫حتى القت بي باخرة ‪ ...‬في منتصف الميل ‪...‬‬
‫عمى شاطئ حيفا ‪...‬‬
‫وانا اآلن معك ‪...‬‬
‫كنت تحطم كل االشياء ‪ ...‬وكنت معك ‪...‬‬
‫في اليوم األول من يونيو كنت معك ‪...‬‬
‫في اليوم الثاني والثالث والرابع والخامس كنت معك ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫وكسرناىم كزجاج النافذة ‪ ...‬وكنت معك ‪"...‬‬
‫استطاع الشاعر كشؼ المكنونات النفسية لكؿ شخصية تجاه التعامؿ مع الحؽ والسمب والقتؿ‬
‫مف منظور ك ٌؿ عمى حدة‪ ,‬فجعؿ مقابمة بيف أىؿ األرض األصمييف وتمسكيـ بحقيـ والتضحية‬
‫مف أجؿ نيؿ حقيـ‪ ,‬وبيف المغتصب المحتؿ الذي يعبث بأرواح البشر وكشؼ تضميؿ المحتؿ‬
‫لمعالـ بأحقيتو التاريخية في امتبلؾ ىذه األرض القائمة عمى المعتقدات الصييونية التي ال يقبميا‬
‫عقؿ وال منطؽ ‪.‬‬
‫تظير المناجاة في مسرحية " مأساة جيفا ار "‪ ,‬عمى شكؿ دعاء لمرب عمى لساف ماريانا محاورة‬
‫نفسيا قائمة ‪:‬‬
‫"ماريانا ‪:‬‬
‫ال أحد يعرفني غيرك ‪...‬‬
‫بت ‪...‬‬ ‫ال أحد غيري يعرف كيف َّ‬
‫تعذ ْ‬
‫ِ‬
‫الشوك ‪...‬‬ ‫كميل‬
‫ب عن إ َ‬‫أسيل أن تَ ْكتَ َ‬
‫َ‬ ‫ما‬
‫الخل ‪...‬‬
‫وعن كأس ْ‬
‫ما أصعب أن تتزيَّن بالشوك ‪...‬‬
‫وتجرع كأس الخل ‪...‬‬

‫‪ - 1‬شًشٌٕ ٔدنٍهخ‪ ,‬ص ‪.217‬‬

‫‪81‬‬
‫ما أسيل أن نطرق مسما ار ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫ما أقسى أن يغرس في الكف المسمار ‪"...‬‬
‫أراد الشاعر أف يبرز حالة ماريانا النفسية‪ ,‬وما وصمت إليو مف ضيؽ‪ ,‬لدرجة أنيا جعمت مف‬
‫أحزانيا مثوى ليا لبلنطواء والبعد عف الكؿ‪ ,‬فيـ مف وجية نظرىا كذابوف ومخادعوف ‪ ,‬ىمسيا‬
‫صو ار األرؽ الذي تعانيو‪ ,‬فالحوار الداخمي السابؽ كشؼ لنا حالة اليأس الذي تعانيو‪,‬‬
‫ومناجاتيا ّ‬
‫فيي تبحث عبر مناجاتيا عف شخص يعرفيا‪ ,‬ويعرؼ وجييا الحقيقي‪ ,‬فمجأت إلى ربيا‪,‬‬
‫فالمونولوج يظير حالة االغتراب النفسي الذي تعانيو ماريانا‪ ,‬ومدى الحزف واليـ الذي يكمف في‬
‫داخميا‪ ,‬مف ممارسات واتيامات أىؿ القرية ليا ‪.‬‬
‫تظير مواجع وآالـ شامة في مسرحية " العصافير تبني أعشاشيا بيف األصابع"‪ ,‬مف خبلؿ‬
‫الحوار الداخمي الذي ُيظ ِير مدى ارتباطيا باألرض والوطف‪ ,‬حيث تقوؿ ‪:‬‬
‫"المرأة ‪:‬‬
‫انك تعرف اسمي ‪...‬‬
‫لكني ال اعرف اين حذائي ؟‬
‫دعني أضع عمى ىذي االرض‬
‫قدمي واذبحني من قدمي ‪...‬‬
‫انك ال تعرف جوع اليد لألرض‪ ,‬وجوع الفم لألرض ‪.‬‬
‫لكني اعرف لو لمست قدمي االرض‬
‫سقطت ىذي االربطة البيضاء‬
‫ٕ‬
‫ومشيت عمى وجو الماء ‪"...‬‬
‫ُيظ ِير المونولوج حالة االمتزاج الجسدي والنفسي لشامة مع األرض‪ ,‬والكاتب يؤكد عمى تمسؾ‬
‫الشعب الفمسطيني بأرضو‪ ,‬ويكشؼ حالة اليأس واآلالـ التي تعانييا شامة جراء التكبيؿ والتقييد‬
‫المفروض عمى قدمييا لمنعيا مف ممارسة أشكاؿ حياتيا عمى أرضيا‪ ,‬وما تعانيو مف قير‬
‫يصر عمى بتر قدميا ‪.‬‬
‫وعذاب عمى يد المحتؿ المتمثمة بالطبيب الذي ّ‬
‫‪ " -‬طول العمر يداي‬
‫عاشقتان تحبان االرض ‪...‬‬
‫كيف تخونان االرض اآلن ‪ ...‬؟‬
‫اعطتني نطفتيا االرض فماذا اعطيت االرض ‪ ...‬؟‬

‫‪ - 1‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪. 83‬‬


‫‪ - 2‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص‪.378‬‬

‫‪82‬‬
‫عمبة كبريت‪ ,‬شمعة ‪...‬‬
‫اعطتني دميا‪ ,‬اعطيت ليا‪ ,‬دمعة ‪...‬‬
‫اعطتني غدىا‪ ,‬اعطيت ليا االمس ‪...‬‬
‫يا قدمي العاشقة طريق العشق طويمة ‪...‬‬
‫شرياني لممصباح فتيمة ‪...‬‬
‫ٔ‬
‫ودمي الزيت ‪"...‬‬

‫أراد الشاعر مف خبلؿ المونولوج أف يكشؼ طابعاً جدلياً يدور في نفس شامة مف خبلؿ حالة‬
‫التمسؾ والعشؽ ألرضيا ورفض مبدأ الخيانة‪ ,‬وما بيف حالة العجز الذي تعانيو جراء تقييدىا‬
‫بالجبس‪ ,‬وعدـ قدرتيا عمى تقديـ شيء لتحرير األرض‪ ,‬فيي تعاني صراعاً نفسياً حاداً يزيد مف‬
‫التوتر وتأزـ الحالة‪ ,‬فالحوار الداخمي السابؽ يصور أفكار وعواطؼ شامة تجاه القضية واألرض‪,‬‬
‫والتساؤالت التي تطرحيا شامة تعبر عف البعد النفسي لمشخصية‪ ,‬فالتساؤالت " تثير الدىشة‬
‫واالحتماالت المفارقة‪ ,‬وتفصح عف العالـ الداخمي لمشخصية‪ ,‬وتكشؼ األبعاد المختمفة‬
‫لمموقؼ"ٕ‪ ,‬واستخداـ التضاد لـ يكف عبثياً " عاشقتاف – تخوناف"‪ " ,‬غدىا – األمس "‪ ,‬بؿ‬
‫إلظيار حالة اإلرباؾ التي يعانييا المواطف الفمسطيني ‪.‬‬

‫يستحضر الشاعر أحداثاً مأساوية يمر بيا الشعب الفمسطيني مف خبلؿ مونولوج المرأة التي‬
‫تتوسط منتصؼ الحمبة في مسرحية " ثورة الزنج "‪ ,‬حيث تقوؿ ‪:‬‬
‫" المرأة تتقدم حتى تصبح في منتصف الحمبة ‪:‬‬
‫وجيي ‪ ...‬ولماذا وجيي أنا يا قتمة‬
‫صباح ‪...‬‬
‫ْ‬ ‫يكسر كل‬
‫ُ‬ ‫وجيي لوح زجاج‬
‫كي تصنع منو ىذي المرآة وتمك المرآةْ ‪...‬‬
‫االرض ‪...‬‬
‫ْ‬ ‫عنقي يقطع‪ ,‬فيغرس سارية في‬
‫كي تخفق فيو ىذي الراية او تمك الراية ‪...‬‬
‫عاج ‪...‬‬
‫عظمي ينحت أمشاطاً من ْ‬
‫شعري قصوه وباعوه‬
‫أصبح ىذي الباروكة او تمك المانيكان‬

‫‪ - 1‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص‪.414‬‬


‫‪ - 2‬ػجذ انفزبػ ػضًبٌ‪ ,‬األعهٕة انمظظً ػُذ ٌؾٍى ؽمً " انزُظٍش انُمذي‪ -‬اإلثذاع األدثً"‪ ,‬يكزجخ انشجبة‪ ,‬انمبْشح‪ ,1991 ,‬ص‬
‫‪.216‬‬

‫‪83‬‬
‫مانيكان فمسطين‬
‫تظير حين يريدون‬
‫ٔ‬
‫وتغيب عن المسرح حين يريدون ‪"...‬‬
‫فالمشيد المأ ساوي الذي ذكرتو المرأة لـ يكف ألجؿ الوصؼ والعرض‪ ,‬بؿ ليجسد ما يدور داخميا‬
‫مف حالة صراع دائر مع العدو الصييوني‪ ,‬فيي تستنكر ممارساتو وتطرح التساؤؿ " لماذا وجيي‬
‫أنا يا قتمة "‪ ,‬لتبرز مدى القير والظمـ الذي تعانيو‪ ,‬وتعرض الحالة النفسية ليا‪ ,‬مما يخمؽ‬
‫صراعاً دراميا يصؼ حالة الحزف واآلثار النفسية الناتجة لدى المرأة ‪.‬‬
‫ترد وطفاء عمى االفتراءات التي يذكرىا الرجؿ الغسالة لعبد اهلل بف محمد وىو مصموب بأنيا‬
‫طرقت باب العدو وسممت جسدىا‪ ,‬وأنيا غانية تناـ في سرر األعداء وأنيـ قتموىا و جنازتيا‬
‫تمشي اآلف‪ ,‬قائبلً ‪:‬‬
‫" وطفاء ‪:‬‬
‫ال يا عبد اهلل بن محمد ‪...‬‬
‫كذاب ىذا النعش عمى االكتاف ‪...‬‬
‫وجنازتيم كذابة ‪...‬‬
‫قالوا لك ماتت‪,‬‬
‫خانت ‪, ...‬‬
‫لكن عمم الثورة في أحشائي‪,‬‬
‫نسجتو يداي ‪...‬‬
‫خيطا من دم ‪...‬‬
‫وخيطا من دم ‪...‬‬
‫لن ُيطوى عمم الثورة يا عبد اهلل ‪...‬‬
‫فعمم الثورة ىو عمم اهلل ‪...‬‬
‫وطفاؤك لن تتمدد فوق سرير القتمة ‪...‬‬
‫وطفاؤك لن تصبح تمك النحمة ‪...‬‬
‫تمتص رحيق جراحك‪,‬‬
‫‪2‬‬
‫كي يقطفو أعداء الثورة عسال ‪"...‬‬

‫‪ -1‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪.124‬‬


‫‪ - 2‬صٕسح انضَظ‪ ,‬ص‪. 178‬‬

‫‪84‬‬
‫وطفاء رغـ كؿ العقبات التي تتعرض ليا عبر رحمتيا عبر الزمف مف القرف الثالث اليجري إلى‬
‫القرف العشريف الميبلدي‪ ,‬لتنقؿ ما في أحشائيا مف الثورة‪ ,‬ثورة المظموـ عمى الظالـ‪ ,‬نضاؿ‬
‫المسموبة أرضو ضد المحتؿ‪ ,‬ومع سقوط زوجيا عبد اهلل بف محمد وصمبو وتعذيبو‪ ,‬يقوـ الرجؿ‬
‫الغسالة بالتبلعب بمشاعره‪ ,‬بأنيا خانت وباعت العيد والثورة‪ ,‬إال أنيا عبر حوارىا الداخمي‬
‫السابؽ تخرج وتؤكد بأنيا متمسكة بمبدأ الثورة‪ ,‬وأنيا تكمؿ مشوار النضاؿ لتنقؿ تجربة أحداث‬
‫ثورة الزنج‪ ,‬ومف خبلؿ المونولوج السابؽ ينكشؼ المنظور الخاص لمكاتب " معيف بسيسو"‪ ,‬الذي‬
‫يخالؼ الرأي السائد بأف الثورة الفمسطينية تخاذلت وأنيا ببل جدوى‪ ,‬فيو ُيؤصِّؿ ويرسخ في‬
‫النفوس زيؼ األقنعة المتبدلة التي تحاوؿ قتؿ الثورة الفمسطينية ‪.‬‬

‫عما يجوؿ في خاطره مف رفض لممارسات رجاؿ الديف‪ ,‬واستغبلؿ الضعفاء‬ ‫يعبر الشاعر ّ‬
‫بواسطة سمطتيـ الدينية‪ ,‬وتمثؿ ذلؾ عمى لساف الفبلحة في مسرحية " مأساة جيفا ار "‪ ,‬التي تن ّكر‬
‫ليا القسيس بعد أف زنى بيا‪ ,‬واستغؿ لحظة ضعفيا حيف جاءت لممارسة طقوسيا الدينية داخؿ‬
‫الكنيسة " االعتراؼ "‪ ,‬فألقاىا أرضاً وحرثيا وألقى في أحشائيا طفبلً يمعنيا ويمنعيا مف الخروج ‪.‬‬

‫" الفالحة ‪:‬‬


‫بذرتو في بطني‪ ,‬فمماذا يمعن بطني ‪ ..‬؟‬
‫رحت ألعترف اليو ‪..‬‬
‫ألقاني أرضاً وحرثني ‪...‬‬
‫ألقى بذرتو في بطني ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫فمماذا يمعن بطني ‪ ..‬؟"‬
‫أراد الشاعر مف خبلؿ مناجاة الفبلحة إظيار الوجو اآلخر لرجاؿ الديف المتخفيف خمؼ ستار‬
‫الديف‪ ,‬فأخطر ما يمكف ىو مزج الديف بالسياسة؛ لتمرير بطش السمطات وتبرير جرائميـ ‪.‬‬

‫الحوار الداخمي في مسرحية " العصافير تبني أعشاشيا بيف األصابع "‪ُ ,‬يظ ِير سادية التفكير‬
‫التي يتصؼ بيا الممرض اتجاه شامة‪ ,‬فرغـ أنيا ممفوفة باألربطة والقطف‪ ,‬فيو يقوـ بتخديرىا‬
‫ليضاجعيا‪ ,‬ال ليعالجيا كما يدعي‪ ,‬فشامة تحمؿ داللة الثورة والدفاع عف األرض‪ ,‬والممرض ىو‬
‫يصر عمى كسر شوكتيا بيف المحظة واألخرى ‪.‬‬
‫المحتؿ الذي ّ‬

‫‪ - 1‬يأعبح عٍفبسا‪ ,‬ص‪.31‬‬

‫‪85‬‬
‫" الممرض ‪:‬‬
‫( كمن يحدث نفسو )‬
‫لو تعطيني تمك المرأة ليمة ‪ ...‬والقطن يغطي العينين ‪ ...‬والقطن يغطي الشفتين ‪ ...‬النيدين‬
‫‪1‬‬
‫‪ ...‬الفخذين ‪ ...‬ما أجمميا ام أرةً تحت القطن وتحت األربطة البيضاء ‪"...‬‬

‫الحوار الداخمي في نصوص " معيف بسيسو" المسرحية‪ ,‬يعبر عف اليواجس واليموـ التي تدور‬
‫داخؿ نفوس شخصياتو‪ ,‬ويبيف حالة الصراع الدائـ بيف الواقع وما يجيش داخؿ نفوسيـ‪ ,‬صراع‬
‫سياسي‪ ,‬واجتماعي‪ ,‬وكشؼ كمية اإلحساس الداخمي بالقير والظمـ واأللـ نتيجة ممارسات‬
‫االحتبلؿ اإلسرائيمي ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انؼظبفٍش رجًُ أػشبشٓب ثٍٍ األطبثغ‪ ,‬ص‪. 382‬‬

‫‪86‬‬
‫الخاتمة‬

‫وبعد؛ فإني أحمد اهلل عز وجؿ حمداً يميؽ بجبللو عمى إنجازي ىذه الرسالة التي استخمصت منيا‬
‫العديد مف النتائج وتمثمت في النقاط التالية ‪:‬‬

‫ٔ‪ -‬نصوص الشاعر " معيف بسيسو " المسرحية جاءت ترجمة لحياتو النضالية‪ ,‬وامتداداً لنضاؿ‬
‫الشعب الفمسطيني في وجو الصييونية ‪.‬‬

‫ٕ – تنوعت تجربة الشاعر في نصوصو المسرحية في عدة أبعاد منيا البعد الوطني‪ ,‬والذي أكد‬
‫فيو الشاعر انتماءه لمنضاؿ بكافة األشكاؿ‪ ,‬والبعد األممي‪ ,‬مف خبلؿ دعمو لكافة حركات‬
‫التحرر الوطني في العالـ‪ ,‬والبعد االجتماعي مف خبلؿ ما ظير مف مساندتو لمفبلح والفقير في‬
‫سبيؿ الوصوؿ إلقامة العدؿ ‪.‬‬

‫ٖ – اتخذ الشاعر المغة الدرامية وسيمة لتحريض الشعب الفمسطيني ضد كافة المقومات‬
‫الصييونية السالبة لحقو‪ ,‬وبث روح النضاؿ في نفوسيـ‪ ,‬وكانت نيايات نصوصو تتمسؾ بمغة‬
‫النصر ال اليزيمة تأكيداً عمى صمود المواطف الفمسطيني وثباتو عمى أرضو ‪.‬‬

‫ٗ – استخدـ الشاعر " معيف بسيسو " البناء الدرامي كتقنية ليعبر بيا عف واقعو المميء‬
‫بالمتناقضات ‪ ,‬كما تناغمت كافة عناصر البناء الدرامي لخدمة تجربتو المسرحية ‪.‬‬

‫٘ – تأثرت النصوص المسرحية لمشاعر بتجربتو االشتراكية‪ ,‬التي وظفيا في إظيار كافة صور‬
‫المرأة الفمسطينية ( االجتماعية والسياسية والوطنية و األسرية )‪ ,‬و رفضو لكافة أشكاؿ الظمـ‬
‫وقدـ لنا صورة المرأة الصييونية‪ ,‬وعقد‬
‫الواقع عمييا‪ ,‬كما أنو أظير نقيض المرأة الفمسطينية‪ّ ,‬‬
‫مقارنة بيف الوجييف‪ ,‬الوجو المطالب بحقو المسموب‪ ,‬والوجو اآلخر الغاصب لؤلرض‪ ,‬المتمذذ‬
‫عمى آىات شعب كامؿ‪ ,‬لكشؼ معالـ الصراع الفمسطيني الصييوني ‪.‬‬

‫‪ – ٙ‬كثؼ الشاعر مف صور المرأة الفمسطينية داخؿ نصوصو المسرحية‪ ,‬التي وظفت داللياً‬
‫لتخدمو في الكشؼ عف أىـ القضايا المقدمة لممرأة في نصوصو‪ ,‬ومف خبلؿ داللة النص تظير‬
‫رؤية الكاتب الداعمة لقضاياىا‪ ,‬وابراز دورىا الحقيقي ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ – ٚ‬شخصيات الشاعر واقعية بعيدة كؿ البعد عف الخياؿ‪ ,‬فداللة شخصياتو تجسد واقعاً ومعاناة‬
‫عايشيا الكاتب ‪.‬‬

‫‪ – ٛ‬داللة المكاف في النصوص المسرحية ‪ ,‬رغـ تنوعيا ما بيف المكاف المفتوح والمغمؽ‪ ,‬إال أنيا‬
‫اتخذت داللة المكاف المغمؽ التي ال توحي إال بالضيؽ واالختناؽ عمى شخصياتو ‪.‬‬

‫عبر الحدث الدرامي لممسرحيات الخمسة عف مجموعة الصراعات غير المتكافئة بيف‬
‫‪ّ –ٜ‬‬
‫الشعب الفمسطيني و بيف الصييوني بسبب االختبلؼ في معايير القوة المادية التي يمتمكيا‬
‫عبر عف امتبلؾ الفمسطيني لقوة وعزيمة داخمية ال يمكف ىزيمتيا أو كسرىا ‪.‬‬
‫الصييوني‪ ,‬كما ّ‬

‫غيب الزمف التقميدي‪ ,‬وعمؿ عمى تداخؿ األزمنة مع‬


‫ٓٔ – تبلعب الشاعر بالزمف‪ ,‬حيث إنو ّ‬
‫وقائع وحوادث مختمفة‪ ,‬و عمؿ عمى تشابكيا لخدمة قضيتو ‪.‬‬

‫وعمى ضوء النتائج التي توصمت إلييا الدراسة‪ ,‬يقترح البحث عدة توصيات تتعمؽ بصورة المرأة‬
‫في النص المسرحي الفمسطيني‪ ,‬والتي تساىـ في إضاءة مظاىر ومبلمح شخصية المرأة في‬
‫النص المسرحي الفمسطيني ‪:‬‬

‫ٔ‪ -‬العمؿ عمى إظيار الدور الحقيقي لممرأة الفمسطينية داخؿ النصوص األدبية‪ ,‬وخاصة‬
‫النص المسرحي‪ ,‬وابراز المبلمح التي تتميز بيا عف المرأة العربية‪ ,‬والعالمية لِما ليا مف‬
‫خصوصية في النضاؿ‪ ,‬ومشاركتيا السياسية الفاعمة داخؿ مجتمعيا المحتؿ ‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬السعي الحثيث لتكثيؼ الدراسات النقدية التي تساىـ في إضاءة جنبات صورة المرأة‬
‫الفمسطينية داخؿ النص المسرحي ‪.‬‬

‫العمؿ عمى توجيو الدراسات النقدية واألدبية إلى النص المسرحي‪ ,‬فيو جنس أدبي قادر ‪3-‬‬
‫عمى إبراز الدالالت التي يرجوىا الشاعر ‪.‬‬

‫واهلل ولي التوفيؽ‬

‫‪88‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪89‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ -‬القرآف الكريـ‬
‫‪ -‬الحديث الشريؼ‬
‫‪ -‬سفر التكويف‬

‫أوالً ‪ :‬المصادر‬
‫ٔ‪ -‬معيف بسيسو‪ ,‬األعماؿ المسرحية‪ ,‬طٕ‪ ,‬دار األسوار‪ ,‬عكا‪.ٜٔٛٛ ,‬‬
‫ثانياً ‪ :‬المراجع‬
‫ٔ‪ -‬ابف دريد‪ ,‬جميرة المغة‪ ,‬العدد‪ ,٘ٚ‬و ازرة الثقافة واإلعبلـ‪ ,‬بغداد‪.ٜٔٛٓ ,‬‬
‫ٕ‪ -‬ابف منظور‪ ,‬لساف العرب‪ ,‬طٖ‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪.ٕٓٓٗ ,‬‬
‫ٖ‪ -‬إبراىيـ محمود خميؿ‪ ,‬النقد األدبي الحديث مف المحاكاة إلى التفكيؾ‪ ,‬طٔ‪ ,‬دار‬
‫المسيرة لمنشر والتوزيع‪. ٕٖٓٓ ,‬‬
‫ٗ‪ -‬أبو الحسف عبد الحميد سبلـ‪ ,‬حيرة النص المسرحي بيف الترجمة واالقتباس واإلعداد‬
‫و التأليؼ‪ ,‬طٕ‪ ,‬مركز اإلسكندرية‪.ٜٜٖٔ ,‬‬
‫٘‪ -‬أبو الحسيف أحمد بف زكريا‪ ,‬معجـ مقاييس المغة‪ ,‬تحقيؽ ‪ :‬عبد السبلـ محمد‬
‫ىاروف‪ ,‬ـٖ‪ ,‬دار الجبؿ‪ ,‬بيروت‪.ٜٜٔٔ ,‬‬
‫‪ -ٙ‬أحمد أبو مطر‪ ,‬الرواية في األدب الفمسطيني‪ ,‬طٔ‪ ,‬المؤسسة العربية لمدراسات‬
‫والنشر‪ ,‬بيروت‪.ٜٜٔٓ ,‬‬
‫‪ -ٚ‬أحمد زنبير‪ ,‬جماليات المكاف في قصص إدريس الخوري‪ ,‬دراسة نقدية‪ ,‬طٔ‪,‬‬
‫التنوخي لمطباعة والنشر‪ ,‬الرباط‪ ,‬المغرب‪.ٕٜٓٓ ,‬‬
‫‪ -ٛ‬أسامة فرحات‪ ,‬المونولوج بيف الدراما والشعر‪ ,‬الييئة المصرية لمكتاب‪ ,‬القاىرة‪,‬‬
‫‪.ٜٜٔٚ‬‬
‫‪ -ٜ‬أسماء شاىيف‪ ,‬جماليات المكاف في روايات جبرا‪ ,‬طٔ‪ ,‬المؤسسة العربية لمدراسات‬
‫والنشر‪.ٕٓٓٔ ,‬‬
‫ٓٔ‪ -‬أكرـ اليوسؼ‪ ,‬الفضاء المسرحي " دراسة سيميائية "‪ ,‬طٔ‪ ,‬دار المشرؽ‪ ,‬دمشؽ‪,‬‬
‫ٗ‪.ٜٜٔ‬‬

‫‪91‬‬
‫أالردس نيكوؿ‪ ,‬عمـ المسرحية‪ ,‬ترجمة دريني خشبة‪ ,‬مكتبة اآلداب ومطبعتيا‬ ‫ٔٔ‪-‬‬
‫بالجماميز‪.ٜٖٔٛ ,‬‬
‫ٕٔ‪ -‬امتناف عثماف الصمادي‪ ,‬زكريا تامر والقصة القصيرة‪ ,‬طٔ‪ ,‬المؤسسة العربية‬
‫عماف‪.ٜٜٔ٘ ,‬‬
‫لمدراسات‪ّ ,‬‬
‫أمير مطر‪ ,‬دراسات في الفمسفة اليونانية‪ :‬التأمؿ‪ ,‬الزماف‪ ,‬الوعي‪ ,‬دار الثقافة‬ ‫ٖٔ‪-‬‬
‫لمطباعة والنشر‪ ,‬القاىرة‪ ,‬مصر‪.ٜٔٛٓ ,‬‬
‫ٗٔ‪ -‬بشير بويجرة محمد‪ ,‬الزمف في المسرحية‪ ,‬د‪.‬ط‪ ,‬القاىرة‪.ٜٜٔٔ ,‬‬
‫٘ٔ‪ -‬تدروؼ تزفتاف وآخروف‪ ,‬أصوؿ الخطاب النقدي الجديد‪ ,‬ترجمة وتقديـ أحمد‬
‫المدني‪ ,‬دار الشؤوف الثقافية العامة‪ ,‬بغداد‪.ٜٔٚٛ ,‬‬
‫‪ -ٔٙ‬توفيؽ الحكيـ‪ ,‬فف األدب‪ ,‬د‪.‬ط‪ ,‬دار مصر لمطباعة‪.ٜٕٔ٘ ,‬‬
‫جابر أحمد عصفور‪ ,‬الصورة الفنية في التراث النقدي والببلغي‪ ,‬طٖ‪ ,‬المركز‬ ‫‪-ٔٚ‬‬
‫الثقافي الغربي‪ ,‬بيروت – دار البيضاء‪.ٜٜٕٔ ,‬‬
‫‪ -ٔٛ‬جابر عصفور‪ ,‬نظريات معاصرة‪ ,‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪ ,‬القاىرة‪,‬‬
‫‪.ٜٜٔٛ‬‬
‫الجاحظ أبو عثماف عمرو بف بحر بف محبوب‪ ,‬البياف والتبييف‪ ,‬تقديـ وشرح‬ ‫‪-ٜٔ‬‬
‫وتبويب عمي أبو ممحـ‪ ,‬طٕ‪ ,‬جٔ‪ ,‬دار مكتبة اليبلؿ‪ ,‬بيروت‪.ٜٜٕٔ ,‬‬
‫جاف بياجو‪ ,‬البنيوية‪ ,‬ترجمة ‪ :‬عارؼ منيمنو وبشير أوبري‪ ,‬طٔ‪ ,‬منشورات‬ ‫ٕٓ‪-‬‬
‫عويدات‪ ,‬بيروت‪. ٜٔٛ٘ ,‬‬
‫ٕٔ‪ -‬الذكرى الرابعة لرحيؿ شاعر فمسطيف والثورة معيف بسيسو‪ ,‬االتحاد العاـ لمكتاب‬
‫والصحفييف الفمسطينييف – األمانة العامة ‪ ,-‬تونس‪.ٜٔٛٛ ,‬‬
‫ٕٕ‪ -‬روزنفاؿ ويوديث‪ ,‬إشراؼ الموسوعة الفمسفية‪ ,‬طٕ‪ ,‬ترجمة سمير كرـ‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫دار الطميعة‪.ٜٔٛٓ ,‬‬
‫ٖٕ‪ -‬سي از قاسـ‪ ,‬القارئ والنص‪ ,‬والعبلمة‪ ,‬والداللة‪ ,‬المجمس األعمى لمثقافة‪ ,‬القاىرة‪,‬‬
‫ٕٕٓٓ‪.‬‬
‫ٕٗ‪ -‬شكري عبد الوىاب‪ ,‬النص المسرحي‪ ,‬طٕ‪ ,‬دار فمور لمنشر‪ ,‬االسكندرية‪,‬‬
‫ٕٔٓٓ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫ٕ٘‪ -‬صبلح فضؿ‪ ,‬نظرية البنائية في النقد العربي‪ ,‬طٔ‪ ,‬دار الشروؽ‪ ,‬القاىرة‪,‬‬
‫‪.ٜٜٔٛ‬‬
‫عادؿ النادي‪ ,‬مدخؿ إلى فف كتابة الدراما‪ ,‬طٔ‪ ,‬مؤسسات عبد الكريـ بف عبد‬ ‫‪-ٕٙ‬‬
‫اهلل‪ ,‬تونس‪.ٜٔٛٚ ,‬‬
‫عادؿ محمد النادي‪ ,‬فف كتابة الدراما‪ ,‬طٕ‪ ,‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪,‬‬ ‫‪-ٕٚ‬‬
‫ٖ‪.ٜٜٔ‬‬
‫‪ -ٕٛ‬عبد الرحمف النحبلوي‪ ,‬أصوؿ التربية اإلسبلمية في البيت والمدرسة والمجتمع‪,‬‬
‫طٕ‪ ,‬دار الفكر‪ ,‬دمشؽ‪.ٕٓٓٔ ,‬‬
‫عبد الرحمف بدوي‪ ,‬الزماف الوجودي‪ ,‬طٕ‪ ,‬مكتبة النيضة المصرية‪ ,‬القاىرة‪,‬‬ ‫‪-ٕٜ‬‬
‫٘٘‪.ٜٔ‬‬
‫عبد السبلـ الشاذلي‪ ,‬شخصية المثقؼ في الرواية العربية الحديثة " ٕ٘‪-ٜٔ‬‬ ‫ٖٓ‪-‬‬
‫ٕ‪ ,"ٜٔٛ‬طٔ‪ ,‬دار الحداثة‪ ,‬بيروت‪.ٜٔٛ٘ ,‬‬
‫عبد السبلـ المسدي‪ ,‬قضية البنيوية دراسة ونماذج‪ ,‬طٔ‪ ,‬و ارزة الثقافة‪ ,‬تونس‪,‬‬ ‫ٖٔ‪-‬‬
‫ٔ‪.ٜٜٔ‬‬
‫عبد الصمد زايد‪ ,‬مفيوـ الزمف وداللتو في الرواية العربية المعاصرة‪ ,‬الدار‬ ‫ٕٖ‪-‬‬
‫العربية لمكتاب‪ ,‬ليبيا‪.ٜٔٛٛ ,‬‬
‫ٖٖ‪ -‬عبد العزيز حمودة‪ ,‬البناء الدرامي‪ ,‬الييئة المصرية لمكتاب‪ ,‬القاىرة‪.ٜٜٔٛ,‬‬
‫عبد الفتاح عثماف‪ ,‬األسموب القصصي عند يحيى حقي " التنظير النقدي –‬ ‫ٖٗ‪-‬‬
‫اإلبداع األدبي "‪ ,‬مكتبة الشباب‪ ,‬القاىرة‪.ٜٜٔٓ ,‬‬
‫عبد القادر الشرشار‪ ,‬خصائص الخطاب األدبي في رواية الصراع العربي‬ ‫ٖ٘‪-‬‬
‫الصييوني " دراسة تحميمية "‪ ,‬طٔ‪ ,‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ,‬بيروت‪.ٕٓٓٙ ,‬‬
‫عبد اهلل التطواي‪ ,‬الجدؿ والقص في النثر العباسي‪ ,‬دار الثقافة‪ ,‬القاىرة‪,‬‬ ‫‪-ٖٙ‬‬
‫‪.ٜٔٛٛ‬‬
‫عبد اهلل خمار‪ ,‬تقنيات الدراسة في الرواية " الشخصية "‪ ,‬طٔ‪ ,‬دار الكتاب‬ ‫‪-ٖٚ‬‬
‫العربي‪ ,‬الجزائر‪.ٜٜٜٔ ,‬‬

‫‪92‬‬
‫عبد الممؾ مرتاض‪ ,‬في نظرية الرواية ( بحث في تقنيات السرد )‪ ,‬دار الغرب‬ ‫‪-ٖٛ‬‬
‫لمنشر والتوزيع‪ ,‬وىراف‪.ٕٓٓ٘ ,‬‬
‫عدناف بف ذريؿ‪ ,‬فف كتابة المسرحية‪ ,‬مطبعة اتحاد الكتاب العرب‪ ,‬دمشؽ‪,‬‬ ‫‪-ٖٜ‬‬
‫‪.ٜٜٔٙ‬‬
‫عز الديف إسماعيؿ‪ ,‬الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواىره الفنية والمعنوية‪,‬‬ ‫ٓٗ‪-‬‬
‫طٖ‪ ,‬دار الفكر العربي‪.ٜٔٚٛ ,‬‬
‫عز الديف مناصرة‪ ,‬عمـ الشعريات‪ ,‬مونتاجية في أدبية األدب‪ ,‬طٔ‪ ,‬دار‬ ‫ٔٗ‪-‬‬
‫مجدالوي‪ ,‬عماف‪.ٕٓٓٙ ,‬‬
‫ٕٗ‪ -‬عمي أوشاف‪ ,‬ديالكتيؾ التعبير والتواصؿ ( التقنيات و المجاالت )‪ ,‬دار أبي‬
‫قراقر لمطباعة والنشر‪ ,‬الرباط‪.ٕٓٔٓ ,‬‬
‫عمي بف محمد عمي الجرجاني‪ ,‬التعريفات‪ ,‬تحقيؽ ‪ :‬إبراىيـ األبياري‪ ,‬طٔ‪ ,‬دار‬ ‫ٖٗ‪-‬‬
‫الكتاب العربي‪ ,‬بيروت‪.ٜٔٛ٘ ,‬‬
‫عمي عواد‪ ,‬المعرفة والعقاب‪ ,‬قراءات في الخطاب المسرحي العربي‪ ,‬المؤسسة‬ ‫ٗٗ‪-‬‬
‫العربية لمدراسات والنشر‪.ٕٓٓٔ ,‬‬
‫عمي عواد‪ ,‬غواية المتخيؿ المسرحي‪ ,‬مقاربات لشعرية النص والعرض والنقد‪,‬‬ ‫٘ٗ‪-‬‬
‫طٔ‪ ,‬المركز الثقافي العربي‪ ,‬بيروت – دار البيضاء‪.ٜٜٔٚ ,‬‬
‫غازي السعدي‪ ,‬األحزاب والحكـ في إسرائيؿ‪ ,‬طٔ‪ ,‬دار الجميؿ لمنشر والدراسات‬ ‫‪-ٗٙ‬‬
‫واألبحاث الفمسطينية‪ ,‬عماف‪.ٜٜٔٛ ,‬‬
‫غاستوف باشبلر‪ ,‬جماليات المكاف‪ ,‬ترجمة غالب ىمسا‪ ,‬طٕ‪ ,‬مكتبة اإلسكندرية‪,‬‬ ‫‪-ٗٚ‬‬
‫ٗ‪.ٜٔٛ‬‬
‫غاستوف باشبلر‪ ,‬جمالية المكاف‪ ,‬ترجمة غالب ىمسا‪ ,‬طٖ‪ ,‬المؤسسة الجامعية‬ ‫‪-ٗٛ‬‬
‫لمدراسات والنشر والتوزيع‪ ,‬بيروت‪.ٜٔٛٚ ,‬‬
‫فاروؽ عبد القادر‪ ,‬رؤى الواقع وىموـ الثورة المحاصرة " دراسات في المسرح‬ ‫‪-ٜٗ‬‬
‫المعاصر "‪ ,‬دار اآلداب‪ ,‬بيروت‪.ٜٜٔٓ ,‬‬
‫ٓ٘‪ -‬فرحاف بمبؿ‪ ,‬أصوؿ اإللقاء واإللقاء المسرحي‪ ,‬طٕ‪ ,‬مطابع و ازرة الثقافة‪ ,‬دمشؽ‪,‬‬
‫ٕٔٓٓ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫ٔ٘‪ -‬فردب ميميب وجبر الدايدس بنتمي‪ ,‬فف المسرحية‪ ,‬ترجمة صدقي خطاب‪,‬‬
‫مراجعة محمود السمرة‪ ,‬دار الثقافة‪ ,‬بيروت‪.ٜٔٛٙ ,‬‬
‫فيد حسيف‪ ,‬المكاف في الرواية البحرانية ( دراسة في ثبلث روايات " الجذوة‪,‬‬ ‫ٕ٘‪-‬‬
‫الحصار‪ ,‬أغنية الماء والنار" )‪ ,‬طٔ‪ ,‬فراديس لمنشر والتوزيع‪ ,‬البحريف‪.ٕٖٓٓ ,‬‬
‫ٖ٘‪ -‬في ذكرى معيف بسيسو‪ ,‬الممتقى الفكري العربي – دائرة الكتاب ‪ ,-‬القدس‪,‬‬
‫ٗ‪.ٜٔٛ‬‬
‫كماؿ أحمد غنيـ‪ ,‬المسرح الفمسطيني " دراسة تاريخية نقدية في األدب‬ ‫ٗ٘‪-‬‬
‫المسرحي"‪ ,‬طٔ‪ ,‬دار الحرـ لمتراث‪.ٕٖٓٓ ,‬‬
‫كماؿ رشيد‪ ,‬الزمف النحوي في المغة العربية‪ ,‬دار عالـ الثقافة‪ ,‬عماف‪ ,‬األردف‪,‬‬ ‫٘٘‪-‬‬
‫‪.ٕٓٓٛ‬‬
‫‪ -٘ٙ‬كماؿ عيد‪ ,‬أعبلـ ومصطمحات المسرح األوروبي‪ ,‬د‪.‬ط‪ ,‬دار الوفاء لدنيا‬
‫الطباعة والنشر‪ ,‬القاىرة‪.ٕٓٓٙ ,‬‬
‫كماؿ محمد إسماعيؿ‪ ,‬الشعر المسرحي في األدب المسرحي المعاصر‪ ,‬تقديـ د‪.‬‬ ‫‪-٘ٚ‬‬
‫عبد المنعـ إسماعيؿ‪ ,‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪.ٜٔٛٔ ,‬‬
‫‪ -٘ٛ‬لويس معموؼ‪ ,‬المنجد في المغة واألعبلـ‪ ,‬طٗ‪ ,‬دار المشرؽ‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبناف‪,‬‬
‫ٕ٘ٓٓ‪.‬‬
‫‪ -ٜ٘‬ماري إلياس وحناف قصاب حسف‪ ,‬المعجـ المسرحي‪ ,‬طٔ‪ ,‬ـٔ‪ ,‬مكتبة لبناف‬
‫ناشروف‪.ٜٜٔٚ ,‬‬
‫مدحت الجيار‪ ,‬البحث عف النص في المسرح العربي‪ ,‬طٕ‪ ,‬دار النشر‬ ‫ٓ‪-ٙ‬‬
‫لمجامعات المصرية‪.ٜٜٔ٘ ,‬‬
‫مصطفى عبد الغني‪ ,‬الغيـ والمطر ‪ :‬الرواية الفمسطينية مف النكبة إلى‬ ‫ٔ‪-ٙ‬‬
‫االنتفاضة‪ ,‬دار جياد لمنشر‪ ,‬القاىرة‪ ,‬مصر‪.ٕٖٓٓ ,‬‬
‫ممتوف ماركس‪ ,‬المسرحية كيؼ ندرسيا ونتذوقيا‪ ,‬ترجمة فريد مدور‪ ,‬دار الكتاب‬ ‫ٕ‪-ٙ‬‬
‫العربي‪.ٜٔٙ٘ ,‬‬
‫منصور نعماف نجـ الدريممي‪ ,‬المكاف في النص المسرحي‪ ,‬طٔ‪ ,‬دار الكندي‬ ‫ٖ‪-ٙ‬‬
‫لمنشر والتوزيع‪.ٜٜٜٔ ,‬‬

‫‪94‬‬
‫ٗ‪ -ٙ‬ميا حسف القصراوي‪ ,‬الزمف في الرواية العربية‪ ,‬طٔ‪ ,‬المؤسسة العربية لمدراسات‬
‫والنشر‪ ,‬بيروت‪.ٕٓٓٗ ,‬‬
‫نادي ساري الديؾ‪ ,‬ما قالتو غزة لمبحر " دراسة نقدية في تجربة معيف بسيسو‬ ‫٘‪-ٙ‬‬
‫الشعرية "‪ ,‬طٔ‪ ,‬و ازرة الثقافة الفمسطينية‪ ,‬البيرة‪.ٜٔٛٛ ,‬‬
‫نجيب العوفي‪ ,‬مقاربة الواقع في القصة القصيرة المغربية ( مف التأسيس إلى‬ ‫‪-ٙٙ‬‬
‫التجنيس )‪ ,‬طٔ‪ ,‬المركز الثقافي العربي‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبناف‪.ٜٔٛٚ ,‬‬
‫وفيقة حمدي الشاعر‪ ,‬كفاح المرأة عمى الصعيديف العالمي والعربي ( الفمسطيني‬ ‫‪-ٙٚ‬‬
‫)‪ ,‬طٔ‪ ,‬منشورات جيش التحرير الفمسطيني‪ ,‬دمشؽ‪.ٜٖٔٚ ,‬‬
‫يمنى العيد‪ ,‬تقنيات السرد الروائي في ضوء المنيج البنيوي‪ ,‬طٕ‪ ,‬دار الفارابي‪,‬‬ ‫‪-ٙٛ‬‬
‫بيروت‪.ٜٜٜٔ ,‬‬
‫‪ -ٜٙ‬يوسؼ وغميسي‪ ,‬النقد الجزائري المعاصر مف البلسونية إلى األلسنية‪ ,‬طٔ‪,‬‬
‫الصندوؽ الوطني لترقية الفنوف واآلداب‪ ,‬الجزائر‪. ٕٕٓٓ,‬‬

‫الرسائل العممية ‪:‬‬


‫ٔ‪ -‬بوطولة أمينة‪ ,‬جمالية المكاف الدرامي في النص المسرحي الجزائري‪ ,‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ,‬كمية اآلداب‪ ,‬قسـ الفنوف الدرامية‪ ,‬جامعة وىراف‪.ٕٓٔٙ ,‬‬
‫ٕ‪ -‬جوادي ىنية‪ ,‬صورة المكاف ودالالتو في روايات واسيني األعرج‪ ,‬رسالة دكتوراه‪,‬‬
‫جامعة محمد خيضر‪ ,‬بسكرة‪ ,‬كمية اآلداب والمغات‪.ٕٖٓٔ /ٕٕٓٔ ,‬‬
‫ٖ‪ -‬زاوي أحمد‪ ,‬بنية المغة الحوارية في روايات محمد مفبلح‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬جامعة‬
‫وىراف‪ ,‬الجزائر‪.ٕٓٔ٘ /ٕٓٔٗ ,‬‬
‫ٗ‪ -‬صالح حسف رجب‪ ,‬التشكيؿ الدرامي في شعر سميح القاسـ‪ ,‬رسالة دكتوراه‪,‬‬
‫معيد الدراسات والبحوث العربية‪ ,‬القاىرة‪.ٕٓٓٛ ,‬‬
‫٘‪ -‬صالح قسيس‪ ,‬الخطاب المسرحي الجزائري المعاصر " دراسة بنيوية "‪ ,‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ,‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪.ٕٓٓٛ ,‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -ٙ‬غساف مصطفى الشامي‪ ,‬دور المرأة الفمسطينية المقاوـ لبلحتبلؿ اإلسرائيمي في‬
‫قطاع غزة ما بيف ( ‪ ,) ٜٜٔٗ – ٜٔٙٚ‬رسالة ماجستير‪ ,‬الجامعة اإلسبلمية‪,‬‬
‫غزة‪. ٕٕٓٔ ,‬‬
‫الدوريات ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬إبراىيـ الجنداري‪ " ,‬الموصؿ فضائياً روائياً‪ -‬روايتا اإلعصار والمئذنة‪ ,‬فجر‬
‫بيا وحشي ‪ /‬نموذجيف "‪ ,‬مجمة أقبلـ‪.ٜٜٕٔ ,ٛ -ٚٗ ,‬‬
‫ٕ‪ -‬حساـ الخطيب‪ ,‬مقاؿ بعنواف ‪ :‬البنيوية والنقد العربي القديـ‪ ,‬مجمة الموقؼ‬
‫األدبي‪ ,‬العدد ٕ‪ ,ٔٛ‬حزيراف‪. ٜٔٛٙ ,‬‬
‫ٖ‪ -‬سامية أسعد‪ ,‬الشخصية المسرحية‪ ,‬مجمة الفكر‪ ,‬العدد ٗ‪ ,ٛ‬الكويت‪,‬‬
‫‪.ٜٔٛٛ‬‬
‫ٗ‪ -‬عبد اهلل حسيف حسف‪ ,‬االشتغاؿ الداللي لممكاف بيف النص المسرحي والفيمـ‬
‫السينمائي‪ " ,‬أوديب ممكاً نموذجاً"‪ ,‬جامعة بغداد‪ ,‬مجمة كمية اآلداب‪ ,‬العدد‬
‫ٕٓٔ‪.‬‬
‫٘‪ -‬مصطفى عبد الغني‪ ,‬المسرح الشعري " األزمة والمستقبؿ "‪ ,‬عالـ المعرفة‪,‬‬
‫سمسمة كتب ثقافية شيرية‪ ,‬الكويت‪.ٜٔٚٛ ,‬‬
‫‪ -ٙ‬مفتاح خموؼ‪ ,‬شعرية التشخيص وأساليبو في المسرح‪ ,‬مجمة المخبر‪ ,‬العدد‬
‫السابع‪ ,‬جامعة محمد خضير‪ ,‬الجزائر‪.ٕٓٔٔ ,‬‬
‫‪ -ٚ‬مي الصايغ‪ ,‬المرأة العربية – الواقع والتطمعات‪ ,‬مجمة النيج‪ ,‬دمشؽ‪,‬‬
‫العددٗ‪.ٜٜٔ٘ ,‬‬
‫‪ -ٛ‬وليد إخبلصي‪ ,‬لوحة المسرح الناقصة‪ ,‬أبحاث ومقاالت في المسرح‪ ,‬و ازرة‬
‫الثقافة في الجميورية العربية السورية‪.ٜٜٔٚ ,‬‬
‫المواقع اإللكترونية ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬االتحاد‪ ,‬موقع الكتروني‪ ,‬نشر في يوـ األربعاء ‪ ٔٚ‬أغسطس ‪ٕٓٔٙ‬ـ‪,‬‬
‫‪http://www.alittihad.ae/details.php?id=45201&y=2013&a‬‬
‫‪. rticle=full‬‬

‫‪96‬‬
‫ٕ‪ -‬االتحاد‪ ,‬موقع الكتروني‪ ٖٔ,‬مايو ‪ ,ٕٓٔٙ‬بتصرؼ‪,‬‬
‫‪http://www.alittihad.ae/details.php?id=18337&y=2011&a‬‬
‫‪. rticle=full‬‬
‫ٖ‪ -‬إيماف الحياري‪ ,‬مفيوـ الحوار‪ ,‬موقع الكتروني ( موضوع )‪,‬‬
‫‪http://mawdoo3.com/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%‬‬
‫‪88%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8‬‬
‫‪ ٜ ,%A7%D8%B1‬فبراير‪. ٕٓٔٙ ,‬‬
‫ٗ‪ -‬شفيؽ الميدي‪ ,‬مفيوـ الزمف في المسرح الفرنسي الحديث‪ ,‬موقع الكتروني‪,‬‬
‫بتصرؼ‪,)http://www.alnoor.se/article.asp?id=232674( ,‬‬
‫نقبلُ عف يوري لوتماف‪ ,‬مدخؿ إلى سيميائية الفمـ‪ ,‬دمشؽ‪.ٜٜٔٛ ,‬‬
‫٘‪ -‬فمسطيف‪ ,‬موقع الكتروني‪ ,‬بتصرؼ‪,‬‬
‫‪http://palestine.assafir.com/Article.aspx?ChannelID=128‬‬
‫‪. &ArticleID=2486‬‬
‫‪ -ٙ‬محمد توكمنا‪ ,‬محطات في حياة الشاعر معيف بسيسو‪ ,‬بيت فمسطيف لمشعر‪,‬‬
‫موقع الكتروني‪ ,‬بتصرؼ‪,‬‬
‫‪http://www.ppbait.org/index.php?option=com_content&vi‬‬
‫‪ew=article&id=1880:2010-04-11-13-39-‬‬
‫‪. -05&catid=120:-2012‬‬

‫‪ -ٚ‬موقع الكتروني‪ ,‬معجـ المعاني‪.www.almaany.com ,‬‬

‫‪97‬‬
‫الفيرس‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫ب‬ ‫اإلىداء‬
‫ت‬ ‫شكر وتقدير‬
‫ث‬ ‫ممخص الدراسة بالمغة العربية‬
‫ح‬ ‫ممخص الدراسة بالمغة اإلنجميزية‬
‫د‬ ‫المقدمة‬
‫ٔ‪ٔٓ -‬‬ ‫مدخؿ تمييدي‬
‫ٔٔ‪ٖٙ -‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬بنية الشخصية النسائية‬
‫ٕٔ – ٕٗ‬ ‫المبحث األوؿ ‪ :‬الوظائؼ السردية لمشخصية‬
‫ٕ٘ – ‪ٖٙ‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬صورة المرأة‬
‫‪ٕٙ -ٖٚ‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬المرأة والتشكيؿ البنائي لممكاف والزماف‬
‫‪٘ٔ -ٖٛ‬‬ ‫المبحث األوؿ ‪ :‬بنية المكاف النصي‬
‫ٕ٘ – ٕ‪ٙ‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬بنية الزماف النصي‬
‫ٖ‪ٛٙ-ٙ‬‬ ‫الفصل الثالث ‪ :‬بنية المغة النصية‬
‫ٗ‪ٙٚ – ٙ‬‬ ‫الحوار‬
‫‪ٚٚ – ٙٛ‬‬ ‫المبحث األوؿ ‪ :‬الحوار الخارجي‬
‫‪ٛٙ – ٚٛ‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬الحوار الداخمي‬
‫‪ٛٛ – ٛٚ‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪ٜٚ -ٜٛ‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪ٜٛ‬‬ ‫الفيرس‬

‫‪98‬‬

You might also like