Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 51

‫ِ‬

‫كندة الأ�صل وامل�ستقر‬

‫معطيات من النقو�ش والآثار‬


‫ﻛﻨﺪﺓ ﺍﻻﺻﻞ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮ ‪ :‬ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻮﺵ ﻭﺍﻷﺛﺎﺭ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ‪ -‬ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬

‫*‬ ‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﻰ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﷲ ﻛﺮﺍﻣﻪ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ ‪20‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬امللخ�ص‬
‫ندة يف �ضوء النقو�ش املكت�شفة والآثار‪ ,‬ويهدف �إلى �إي�ضاح الدور الذي لعبته هذه‬ ‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬البحث قبيلة ِك‬
‫‪2011‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ يتناول هذا‬
‫العربية قبل الإ�سالم‪ ,‬ويعالج �إ�شكالية رئي�سة تتمثل يف حتديد املوطن الأول ِلكندة‬
‫ﺷﺘﺎﺀ‬ ‫القبيلة على م�ستوى اجلزيرة‬‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫وحت ّول م�ستقرها يف �ضوء املعلومات اجلديدة التي قدمتها النقو�ش والآثار‪.‬‬
‫‪44 - 92‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫ومت تق�سيم البحث �إلى �ستة حماور هي‪:‬‬
‫‪182720‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫‪ِ )1‬كندة يف عا�صمتها قرية ذات كهل (قرية الفاو)‬
‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪ :‬قبيلة �أعرابيةﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ‪ِ )2‬كندة‬
‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪ِ )3 :‬كندة يف ح�ضرموت‪Arabic‬‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ‪ )4‬كنده يف‬
‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬غمر ذي ِكندة يف جند‬
‫‪HumanIndex‬‬
‫ﺍﻣﺮﺅ ﺍﻟﻘﻴﺲ ﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺍﻟﻜﻨﺪﻱ‪ ،‬ﺣﻮ‪ 130-80 .‬ﻕ‪ .‬ﻫـ‪،.‬‬
‫الكندية يف ح�ضرموت‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪ )5:‬املدن ِ‬
‫ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬ ‫‪ )6‬اخلامتة‪.‬‬
‫ﺭﺍﺑﻂ‪ :‬وقد خل�ص البحث �إلى �أن املوطن الأول ِلكندة لي�س ح�ضرموت كما كان متداو ًال‪ ،‬بل مدينة‬
‫‪( http://search.mandumah.com/Record/182720‬قرية ذات‬
‫كهل) (قرية الفاو) �إلى ال�شمال ال�شرقي من جنران الواقعة حال ًّيا جنوب اململكة العربية ال�سعودية‪ .‬ثم انتقلت‬
‫�إلى منطقة الأعراب يف ع�سري وما حولها �إثر هزميتها‪ ,‬وا�ستقر بها املطاف يف ح�ضرموت مقت�سمة بذلك �أر�ض‬
‫ح�ضرموت مع ال�سكان احل�ضارمة الأ�صليني‪ .‬وظلت ِكندة مقت�سمة �أر�ض ح�ضرموت مع �سكانها الأ�صليني حتى‬
‫دخول ح�ضرموت يف كنف الدولة الإ�سالمية‪ .‬و�شي ًئا ف�شي ًئا اندمج الكنديون مع ال�سكان الأ�صليني و�شكلوا يف‬
‫مرحلة الحقة عن�ص ًرا �سكان ًّيا واحدً ا وهو ما ُعرف بـ (احل�ضارمة)‪.‬‬

‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ - .‬جامعة ح�ضرموت ‪ -‬اجلمهورية اليمنية‬


‫آداب ‪ -‬املكال‬ ‫كلية ال‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ‬‫التاريخ ‪-‬‬ ‫© *‬
‫‪2022‬ق�سم‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ِ‬
‫كندة الأ�صل وامل�ستقر‬

‫معطيات من النقو�ش والآثار‬


‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬

‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﻰ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﷲ ﻛﺮﺍﻣﻪ‪ .(2011) .‬ﻛﻨﺪﺓ ﺍﻻﺻﻞ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮ‪ :‬ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻮﺵ‬
‫*‬ ‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬
‫ﻭﺍﻷﺛﺎﺭ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻉ ‪ .92 - 44 ،20‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/182720‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﻰ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﷲ ﻛﺮﺍﻣﻪ‪" .‬ﻛﻨﺪﺓ ﺍﻻﺻﻞ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮ‪ :‬ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻮﺵ‬ ‫امللخ�ص‬
‫الذي لعبته هذه‬
‫الدورﻣﻦ‬ ‫‪.92‬إلى �إي�ضاح‬
‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ‬ ‫ويهدف �‬
‫‪- 44‬‬‫)‪:(2011‬آثار‪,‬‬
‫‪20‬املكت�شفة وال‬
‫النقو�ش‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻮﻡندة يف �ضوء‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔﻉ‬ ‫البحث قبيلة ِك‬
‫ﻣﺠﻠﺔ‬ ‫هذا‬ ‫يتناول‬
‫ﻭﺍﻷﺛﺎﺭ‪".‬‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/182720‬‬
‫القبيلة على م�ستوى اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم‪ ,‬ويعالج �إ�شكالية رئي�سة تتمثل يف حتديد املوطن الأول ِلكندة‬
‫وحت ّول م�ستقرها يف �ضوء املعلومات اجلديدة التي قدمتها النقو�ش والآثار‪.‬‬
‫ومت تق�سيم البحث �إلى �ستة حماور هي‪:‬‬
‫‪ِ )1‬كندة يف عا�صمتها قرية ذات كهل (قرية الفاو)‬
‫‪ِ )2‬كندة قبيلة �أعرابية‬
‫‪ِ )3‬كندة يف ح�ضرموت‬
‫‪ )4‬كنده يف غمر ذي ِكندة يف جند‬
‫الكندية يف ح�ضرموت‬ ‫‪ )5‬املدن ِ‬
‫‪ )6‬اخلامتة‪.‬‬
‫وقد خل�ص البحث �إلى �أن املوطن الأول ِلكندة لي�س ح�ضرموت كما كان متداو ًال‪ ،‬بل مدينة (قرية ذات‬
‫كهل) (قرية الفاو) �إلى ال�شمال ال�شرقي من جنران الواقعة حال ًّيا جنوب اململكة العربية ال�سعودية‪ .‬ثم انتقلت‬
‫�إلى منطقة الأعراب يف ع�سري وما حولها �إثر هزميتها‪ ,‬وا�ستقر بها املطاف يف ح�ضرموت مقت�سمة بذلك �أر�ض‬
‫ح�ضرموت مع ال�سكان احل�ضارمة الأ�صليني‪ .‬وظلت ِكندة مقت�سمة �أر�ض ح�ضرموت مع �سكانها الأ�صليني حتى‬
‫دخول ح�ضرموت يف كنف الدولة الإ�سالمية‪ .‬و�شي ًئا ف�شي ًئا اندمج الكنديون مع ال�سكان الأ�صليني و�شكلوا يف‬
‫مرحلة الحقة عن�ص ًرا �سكان ًّيا واحدً ا وهو ما ُعرف بـ (احل�ضارمة)‪.‬‬

‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ - .‬جامعة ح�ضرموت ‪ -‬اجلمهورية اليمنية‬


‫آداب ‪ -‬املكال‬ ‫كلية ال‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ‬‫التاريخ ‪-‬‬ ‫© *‬
‫‪2022‬ق�سم‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ِ‬
‫كندة الأ�صل وامل�ستقر‬

‫معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫*‬‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬

‫امللخ�ص‬
‫يتناول هذا البحث قبيلة ِكندة يف �ضوء النقو�ش املكت�شفة والآثار‪ ,‬ويهدف �إلى �إي�ضاح الدور الذي لعبته هذه‬
‫القبيلة على م�ستوى اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم‪ ,‬ويعالج �إ�شكالية رئي�سة تتمثل يف حتديد املوطن الأول ِلكندة‬
‫وحت ّول م�ستقرها يف �ضوء املعلومات اجلديدة التي قدمتها النقو�ش والآثار‪.‬‬
‫ومت تق�سيم البحث �إلى �ستة حماور هي‪:‬‬
‫‪ِ )1‬كندة يف عا�صمتها قرية ذات كهل (قرية الفاو)‬
‫‪ِ )2‬كندة قبيلة �أعرابية‬
‫‪ِ )3‬كندة يف ح�ضرموت‬
‫‪ )4‬كنده يف غمر ذي ِكندة يف جند‬
‫الكندية يف ح�ضرموت‬ ‫‪ )5‬املدن ِ‬
‫‪ )6‬اخلامتة‪.‬‬
‫وقد خل�ص البحث �إلى �أن املوطن الأول ِلكندة لي�س ح�ضرموت كما كان متداو ًال‪ ،‬بل مدينة (قرية ذات‬
‫كهل) (قرية الفاو) �إلى ال�شمال ال�شرقي من جنران الواقعة حال ًّيا جنوب اململكة العربية ال�سعودية‪ .‬ثم انتقلت‬
‫�إلى منطقة الأعراب يف ع�سري وما حولها �إثر هزميتها‪ ,‬وا�ستقر بها املطاف يف ح�ضرموت مقت�سمة بذلك �أر�ض‬
‫ح�ضرموت مع ال�سكان احل�ضارمة الأ�صليني‪ .‬وظلت ِكندة مقت�سمة �أر�ض ح�ضرموت مع �سكانها الأ�صليني حتى‬
‫دخول ح�ضرموت يف كنف الدولة الإ�سالمية‪ .‬و�شي ًئا ف�شي ًئا اندمج الكنديون مع ال�سكان الأ�صليني و�شكلوا يف‬
‫مرحلة الحقة عن�ص ًرا �سكان ًّيا واحدً ا وهو ما ُعرف بـ (احل�ضارمة)‪.‬‬

‫* ق�سم التاريخ ‪ -‬كلية الآداب ‪ -‬املكال ‪ -‬جامعة ح�ضرموت ‪ -‬اجلمهورية اليمنية‬

‫‪44‬‬
2011 - 20 ‫ العدد‬- ‫جملة العلوم الإن�سانية‬

The Arabic Comparative Study


Realism and Optimism

Dr. Abdullah kramah Al Tamimi


Abstract
This paper discusses the factor of the Arabic Comparative Study through some issues and
problems connected with the study of Arabic Comparative Literature like, its concept, methods,
directions and other relevant issues which concern the researcher in the Comparative Literature.
Although most of these issues were resolved by prominent American and European comparative
literature scholars long time ago, some of them are still under discussion among Arab scholars.
Other problems hinder the progress and development of Arabic comparative literature and prevent
it from achieving its aim and improvement.
No doubt, the main reason of the differences in viewpoints is due to the variety of the comparative
methods, which Arab scholars have studied at the hands of their advocates in the West. There is
an important factor to enrich the Arabic Literature in particular, and the Arabic Culture in general.
The fearing point in this context is to reach an extent of intolerance and not respecting others’
opinions.
The purpose of this paper is to reach a clear Arabic vision and a comprehensive academic
method in studying Arabic comparative literature. For this reason: 1. the situation and the problems
facing the Arabic comparative studies have been discussed, 2. The situation of translation and
publication in the Arabic comparative literature have been discussed too. A wide bibliography on
the comparative literature in the Arab World which contained publications and researches has been
prepared.
This paper ends with a conclusion which includes the most important methods that Arab
researchers must follow to improve and enrich the horizons of Arabic Comparative Literature.

45
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫توطئة ‪ -‬ن�سب ِكندة‬


‫تتفق النقو�ش وامل�صادر الإخبارية العربية يف �أن ِكندة تن�سب �إلى �شخ�ص يدعى‬
‫(ثور)‪ ,‬و قبل الك�شف عن النقو�ش درجت امل�صادر الإخبارية العربية على القول ب�أن‬
‫ِكندة قبيلة قحطان ّية مينية تن�سب �إلى (ثور بن عفري بن عدي بن احلارث وينتهي ن�سب‬
‫ثور �إلى كهالن بن �سب�أ‪ ,‬وثور عندهم هو ِكندة)(‪.)1‬‬
‫(كندة) �ضمن قبائل اليمن ثم هاجرت من ديارها بد ّمون‬ ‫الن�سابون العرب ِ‬ ‫ويجعل ّ‬
‫ب�أر�ض ح�ضرموت‪ ،‬وا�ستقرت يف غمر ذي ِكندة بنجد على م�سافة ع�شرين مي ًال من‬
‫حكاما لتحالف قبلي �أ�سا�سه قبائل (مع ّد)(‪ ,)2‬وي�ستدل ه�ؤالء الن�سابون‬
‫مكة‪ ,‬و �أ�صبحوا ً‬
‫على �أنها قبيلة مينية من �أ�سماء ملوكها و�أفرادها التي تت�شابه مع �أ�سماء �إخوانهم يف‬
‫اليمن �أمثال (�شرحبيل) و(مع ّد يكرب) ‪�...‬إلخ‪ .‬كما �أن هناك �شع ًرا لل�شاعر الكندي‬
‫اجلاهلي امرئ القي�س �أ�شار فيه �إلى موطن �أجداده بد ّمون باليمن‪ ,‬و لعل الإخباريني‬
‫ا�ستندوا �إلى �شعره يف حتديد موطن قبيلة ِكندة يف ح�ضرموت‪ ,‬حيث جاء يف �شعره‪:‬‬
‫د ّمون �إنا مع�شر ميانون‬ ‫تطاول الليـــــــــــل علينا د ّمون‬
‫و�إننا لأهلنا حمبون‬
‫وقوله � ً‬
‫أي�ضا‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫و لكن عمدًا �إلى الروم �أنفرا‬ ‫ولو �شاء كان الغزو من �أر�ض حِ مريا‬
‫ويف هذا البيت جنده ي�شكو حاله بعد مقتل �أبيه غد ًرا على يد بني �أ�سد ‪ ,‬فيقول وهو‬
‫مغادر لال�ستنجاد بالروم‪ :‬لو كانت بالد ِحمري على ما كانت عليه قبل غزو الأحبا�ش‬
‫لها لكان الن�صر من هناك و ملا ا�ستنجدت بالروم‪.‬‬
‫الكنديني وهو‬‫وجاء ا�سم (ثور) يف �أحد النقو�ش ال�سبئية ن�س ًبا �إلى �أحد امللوك ِ‬
‫(ربيعة �آل ثور) ملك ِكندة و قحطان‪ .‬وهذا النق�ش من عهد امللك ال�سبئي (�شعرم �أوتر‬
‫بن علهان نهفان) ملك �سب�أ وذي ريدان(‪ )4‬فجاء ن�سب امللك الكندي املعا�صر ل�شعرم‬
‫�أوتر(�آل ثور) وهو الن�سب الذي جعله الإخباريون ِلكندة ‪ ,‬الأمر الذي يدل على �صدق‬
‫روايتهم عن انت�ساب ِكندة �إلى ثور‪ ،‬على الرغم من �أنهم جعلوا ِكندة هو ثور نف�سه‪ ,‬يف‬

‫‪46‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫حني جند يف النقو�ش �أن ِكندة قبيلة ا�ستقرت يف قرية ذات كهل‪ ،‬و�أقامت دولة هناك‬
‫يرجع تاريخها ح�سب النق�ش املذكور �إلى القرن الأول امليالدي(‪.)5‬‬
‫ومما �سبق وعلى �ضوء املقارنة بني ما جاء يف النقو�ش و ما جاء عند الإخباريني‬
‫العرب عن ن�سب ِكندة ن�ستطيع القول‪� :‬إن ملوك ِكندة بد ًءا بـ (حجر بن عمرو �آكل‬
‫املرار) و انتها ًء بال�شاعر امرئ القي�س بن حجر بن احلارث ينت�سبون �إلى امللك الكندي‬
‫املذكور يف النق�ش جام ‪ 635‬وهو (ربيعة �آل ثور) (ملك ِكندة و قحطان) املعا�صر للملك‬
‫ال�سبئي �شعرم �أوتر بن علهان نهفان ملك �سب�أ وذي ريدان(‪.)6‬‬

‫�أو ًال‪ :‬دولة ِكندة يف قرية الفاو‪:‬‬


‫واحلمريية كانت معلومات امل�ؤرخني عن الدور‬ ‫قبل الك�شف عن النقو�ش ال�سبئية ِ‬
‫ال�سيا�سي ِلكندة تنح�صر فيما جاء عنهم يف كتب الإخباريني العرب ملو ًكا على قبائل‬
‫مع ّد يف و�سط �شبه اجلزيرة العربية‪ ,‬متخذين من (غمر ذي ِكندة) مق ًرا حلكمهم(‪.)7‬‬
‫�أما بعد الك�شف عن النقو�ش فقد تبني �أن ِكندة دولة منذ القرن الأول امليالدي‪ ,‬كانت‬
‫تتخذ من مدينة (قرية) (قرية ذات كهل) مق ًرا حلكمها و ذلك �إلى ال�شمال ال�شرقي‬
‫من جنران‪ .‬و جاء حديث هذه النقو�ش عن ِكندة يف �سياق حديثها عن احلروب التي‬
‫خا�ضها بع�ض امللوك ال�سبئيني مع ملوك ِكندة(‪.)8‬‬
‫وبالك�شف عن هذه النقو�ش ف�إن التاريخ قد عاد ِبكندة �إلى القرن الأول امليالدي‪,‬‬
‫كيا ًنا �سيا�س ًّيا وع�سكر ًّيا م�ستق ًال يحكم يف (قرية ذات كهل) ون�صت هذه النقو�ش �أن‬
‫ِكندة �شعب‪ ،‬وهو باملفهوم اليمني القدمي قبيلة ح�ضرية م�ستقرة(‪ .)9‬ويف مرحلة مت�أخرة‬
‫واحلمريية عن ِكندة حيث مت الك�شف‬ ‫�أ�سند علم الآثار ما جاءت به النقو�ش ال�سبئية ِ‬
‫الكندية القدمية فيما يعرف اليوم بـ (قرية الفاو)‬‫عن �آثار (قرية ذات كهل) العا�صمة ِ‬
‫�إلى ال�شمال ال�شرقي من جنران يف وادي الدوا�سر الواقع اليوم �ضمن حدود اململكة‬
‫العربية ال�سعودية‪ ,‬وقد حدث هذا الك�شف الأثري يف عام ‪1970‬م ‪.‬‬
‫(‪)10‬‬

‫و�سوف نتناول ب�شيء من التف�صيل املعلومات املتوافرة عن ِكندة يف عا�صمتها (قرية‬

‫‪47‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫ذات كهل) امل�ستقاة من النقو�ش ونتائج التنقيب الأثري‪.‬‬


‫�أ) املعلومات الواردة يف النقو�ش عن ِكندة يف قرية ذات كهل‪:‬‬
‫حتدثت النقو�ش عن ِكندة مملكة و �شع ًبا يحكمها ملوك من عا�صمتها (قرية ذات‬
‫احلمريي غري النظامي‬ ‫كهل) (‪ )11‬كما حتدثت عن ِكندة قبيلة �أعرابية يف قوام اجلي�ش ِ‬
‫(جي�ش الأع��راب)‪ ,‬و م�شاركة يف حمالت ملوك ِحمري الت�أديبية �ضد قبائل مع ّد يف‬
‫و�سط �شبه اجلزيرة العربية(‪ )12‬وحتدثت عنها كيا ًنا �سيا�س ًّيا قائ ًما يف ح�ضرموت يف‬
‫عهد �أبرهة احلب�شي(‪.)13‬‬
‫و�سوف نتناول هذه النقو�ش لنقف عند كل نق�ش واملعلومات التي �أمدنا بها عن‬
‫ِكندة‪:‬‬
‫النق�ش الأول املو�سوم بـ (‪ 635‬جام)‪:‬‬
‫ُيعد هذا النق�ش ذا �أهمية عظيمة بالن�سبة �إلى تاريخ ِكندة يف عا�صمتها (قرية‬
‫ذات كهل) والتي ك�شفت التنقيبات الأثرية التي جرت عام ‪1970‬م عن موقعها �إلى‬
‫ال�شمال ال�شرقي من جنـران يف موقع يقال له‪( :‬قرية الفاو) جنوب اململكة العربية‬
‫ال�سع ـ ـ ـ ـ ـ ــودية (‪.)14‬‬
‫وتكمن الأهمية التاريخية لهذا النق�ش يف �أنه ك�شف لنا‪ ,‬ولأول مرة‪ ,‬عن ِكندة‬
‫مملكة حتكم يف و�سط �شبه اجلزيرة العربية يف فرتة القرن الأول امليالدي ح�سب‬
‫تقديرات جام لتاريخ كتابة هذا النق�ش‪ ,‬بعد �أن كانت معلومات امل�ؤرخني عن ِكندة ال‬
‫تتعدى القرن اخلام�س امليالدي‪ .‬عندما كانت حاكمة على قبائل مع ّد تتخذ من غمر‬
‫ذي ِكندة مق ًّرا لها(‪.)15‬‬
‫وكما �أ�سلفنا ف�إن هذا النق�ش يعود �إلى عهد امللك ال�سبئي (�شعرم �أوتر بن علهان‬
‫نهفان) ملك �سب�أ وذي ريدان‪ ,‬و�سطر النق�ش قائده (�أبا كرب �أحر�س) الذي ذكر يف‬
‫هذا النق�ش �أنه قائد احلملة الع�سكرية �ضد (قرية ذات كهل) التي يحكمها (ربيعة �آل‬
‫ثور) (ملك ِكندة و قحطان)‪ ,‬و�ضد �سادات قرية و�شعب قرية ب�أمر من �سيده (�شعرم‬
‫�أوتر) ملك �سب�أ وذي ريدان (‪. )16‬‬

‫‪48‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫ولفظة ذات كهل املرتبطة با�سم (قرية) يف النق�ش تعني �أنها قرية الإله كهل �أو‬
‫القرية التي تتعبد للإله كهل‪ .‬والإله كهل هو من الآلهة العربية اجلنوبية (كهل �آن) (�أي‬
‫الكهل)‪ .‬وي�صور هذا اللفظ �إله القمر عند ال�شعوب ال�سامية التي تتعبد له وتت�صوره‬
‫رج ًال كه ًال وهو �إله القمر يف كل الأ�ساطري ال�سامية(‪.)17‬‬
‫ويذكر النق�ش ِكندة بـ (ك��دت) �أي بالتاء املفتوحة‪ ,‬و(ك��دت) يف النقو�ش هي‬
‫(كندة) لأن النون ال�ساكنة يف اللغة اليمنية القدمية تنطق وال تكتب وهذه خا�صية من‬ ‫ِ‬
‫خ�صائ�ص اللغة اليمنية القدمية وبها ح�سمت م�س�ألة ال�شك التي �أثارها بع�ضهم‬
‫(‪)18‬‬

‫حول ا�سم (كدت) يف النقو�ش‪ ،‬و�أنه قد يكون ا�س ًما لقبيلة �أخرى غري ِكندة املعروفة‬
‫لدى امل�ؤرخني العرب‪.‬‬
‫لقد ظهرت ِكندة يف هذا النق�ش عد ًّوا للملك ال�سبئي (�شعرم �أوتر) ولهذا ج ّرد‬
‫عليها هذه احلملة الع�سكرية ال�ضخمة بقيادة �أحد قادته البارزين وهو (�أبو كرب‬
‫�أحر�س) الذي �سبق �أن ظهر قائدً ا حلملة �أخرى �ضد الأحبا�ش املحتلني لظفار العا�صمة‬
‫احلمريية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫�أم��ا غر�ض احلملة كما بي ّنه النق�ش هو مهاجمة ملك ِكندة و�سادتها و�شعبها‬
‫املتمركزين يف(قرية ذات كهل)‪ .‬وكتب جام عن �أحداث هذه احلملة بعد درا�سته لهذا‬
‫النق�ش وقال‪�« :‬إن جي�ش �شعرم �أوتر التحم يف معركتني‪ :‬الأولى مع ربيعة �آل ثور ملك‬
‫ِكندة وقحطان ( ر ب ع ت ‪ /‬ذ ث و ر م ‪ /‬م ل ك ‪ /‬ك د ت ‪ /‬و ق ح ط ن م ‪ /‬و ب ع ل‬
‫ى ‪� /‬أ ب ع ل ‪ /‬هـ ج ر ن ‪ /‬ق ر ي ت م ‪ ) /‬وحارب �سادات قرية و�شعب قرية‪ ،‬وحقق‬
‫الن�صر عليهم وعاد بالغنائم الوفرية‪ .‬واملعركة الثانية مع بني �أ�سد مل�ساعدتهم بني‬
‫(كندة) يف هذه احلرب وحقق الن�صر عليهم � ً‬
‫أي�ضا»(‪.)19‬‬ ‫ثورم ِ‬
‫و ن�ستخل�ص من هذا النق�ش ما يلي‪:‬‬
‫‪ِ - 1‬كندة دولة عا�صمتها قرية ذات كهل‪.‬‬
‫‪ - 2‬يحكم ِكندة ملك ‪ ،‬يدعى (ربيعة �آل ثور) ولقبه (ملك ِكندة وقحطان)‪.‬‬
‫‪ - 3‬قحطان قبيلة تخ�ضع ِلكندة ومللكها ربيعة �آل ثور‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫‪ - 4‬جتريد امللك ال�سبئي (�شعرم �أوتر) حملة ع�سكرية �ضخمة لغزو ِكندة بقيادة‬
‫قائده (�أبي كرب �أحر�س) اجتهت �إلى قرية وملكها ربيعة �آل ثور و�إحلاقه الهزمية بهذا‬
‫امللك وب�شعبه‪.‬‬
‫الكنديني بلفظ (�شعب ِكندة)‪ ،‬وهو لفظ له داللة ح�ضرية نفهم‬ ‫‪ - 5‬ذكر النق�ش ِ‬
‫منها �أن ِكندة �شعب ح�ضري م�ستقر يف مدينته (هجرن قريتم) �أي (مدينة قرية)‪.‬‬
‫ولي�س قبيلة �أعرابية بدوية كما هو حال قبائل مع ّد‪.‬‬
‫تظهركندة يف النق�ش عد ًّوا للملك ال�سبئي (�شعرم �أوتر) ومل يذكر النق�ش �سبب‬‫ِ‬ ‫‪-6‬‬
‫هذه العداوة ولكن رمبا �شكلت ِكندة خط ًرا على القوافل التجارية املتجهة من بالد �سب�أ‬
‫�إلى اخلليج العربي حيث تقع قرية على اخلط التجاري الذي ت�سلكه القوافل التجارية‬
‫املتجهة من بالد �سب�أ �إلى اخلليج العربي(‪� .)20‬أو �أن ِكندة ا�ستغلت �ضعف دولة �سب�أ‬
‫ودخولها يف �صراع داخلي حول العر�ش ال�سبئي يف م�أرب قبيل و�صول (�شعرم �أوتر)‬
‫معاد حمل (�شعرم �أوتر) على ت�أديبها(‪.)21‬‬ ‫�إلى �سدة احلكم يف م�أرب فقامت بعمل ٍ‬
‫‪ - 7‬الفرتة التي كان يحكم فيها امللك الكندي (ربيعة �آل ثور) هي فرتة القرن الأول‬
‫امليالدي ح�سب تقدير جام لتاريخ هذا النق�ش(‪.)22‬‬
‫�إن هذا النق�ش ميثل وثيقة تاريخية مهمة بالن�سبة �إلى ِكندة فهو منطل ٌق لكل من �أراد‬
‫�أن يقف على تاريخ ِكندة قبل الإ�سالم‪ ,‬و�أي جتاهل له يجعل احلديث عن ِكندة ودورها‬
‫ومنقو�صا‪ .‬فبعد اكت�شاف البعثة‬
‫ً‬ ‫التاريخي يف �شبه اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم واه ًيا‬
‫الأمريكية عام ‪1951‬م لهذا النق�ش ودرا�سة جام له توافرت لدى الباحثني والدار�سني‬
‫معلومات عن تاريخ ِكندة يف جند يف القرون امليالدية الأولى ورمبا القرن الأول ق‪.‬م‬
‫بعد مرور فرتة من الزمن �ساد فيها االعتقاد ب�أن الدور ال�سيا�سي ِلكندة يبد�أ يف القرن‬
‫اخلام�س امليالدي كقبيلة حاكمة على قبائل مع ّد يف جند‪.‬‬
‫لقد بينّ هذا النق�ش �أن ِكندة كانت دولة قائمة يف و�سط �شبه اجلزيرة العربية‬
‫تتخذ من (هجرن قريتم) عا�صمة لها ولي�س هذا فح�سب‪ ،‬بل يلقي ال�ضوء على طبيعة‬
‫العالقة القائمة بينها وبني الدولة ال�سبئية يف تلك الفرتة‪ ,‬وي�ست�شف منه �أن دولة ِكندة‬

‫‪50‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫كانت على قدر من القوة بحيث �شكلت خط ًرا على دولة �سب�أ مما ا�ستدعى جتريد امللك‬
‫ال�سبئي (�شعرم �أوتر) حملة ع�سكرية �ضخمة لت�أديبها‪ .‬وعلى الرغم من �أن الهزمية‬
‫قد حلقت ِبكندة وملكها؛ نالحظ �أنها ظلت قائمة بعد تلك احلملة بدليل جتريد حملة‬
‫�سبئية �أخرى عليها يف نهاية القرن الثاين �أو �أوائل القرن الثالث امليالدي(‪.)23‬‬
‫وي�ستوقفنا لقب ملك ِكندة يف هذا النق�ش وهو (ملك ِكندة و قحطان)‪ ,‬فهو ي�شري‬
‫�إما �إلى حتالف ِكندة مع قحطان حتت زعامة امللك الكندي (ربيعة �آل ثور)‪� ،‬أو �أن‬
‫الكندية‪ .‬وي�ستوجب الأمر علينا �أن نقف عند هذا اال�سم‬ ‫قحطان قد خ�ضعت لل�سيطرة ِ‬
‫(قحطان)‪ ,‬وهو بدون �شك ا�سم لقبيلة تعي�ش بجوار ِكندة يف منطقة وادي الدوا�سر‬
‫وما حولها‪ .‬ومن حما�سن ال�صدف �أن ذلك النق�ش الذي عرث عليه يف �أنقا�ض (قرية)‬
‫‪ -‬وهو عبارة عن �شاهد قرب �أحد امللوك وهو معاوية بن ربيعة ‪ -‬مكتو ًبا بخط امل�سند‬
‫وهذا ن�صه‪:‬‬
‫‪ - 1‬قرب معاوية بن ربيعة من �آل ‪. . .‬‬
‫‪ - 2‬ملك قحطان و مذحج بنى عليه‪.‬‬
‫(‪)24‬‬
‫‪ - 3‬عبده هفعم بن بران بن �آل �أال‬
‫�إن هذا النق�ش يثري �إ�شكالية يف تاريخ ِكندة �إذا ما قورن بالنق�ش ‪ 635‬جام‪ ,‬ففي‬
‫النق�ش ‪ 635‬جام كان لقب امللك الكندي (ربيعة �آل ثور) هو (ملك ِكندة و قحطان)‪,‬‬
‫يف حني جند يف نق�ش (قرية) لق ًبا �آخر للملك معاوية بن ربيعة وهو(ملك قحطان‬
‫ومذحج)‪ ,‬دون ذكر ِلكندة هنا‪ ,‬كما �أنه ال وجود ال�سم ثور‪ .‬وهناك تلف يف ال�سطر‬
‫الأول بعد ا�سم ربيعة �أ�ضاع علينا ا�سم جده‪ ,‬ثم ي�أتي لقبه (ملك قحطان ومذحج)‬
‫ليدل على �أنه لي�س من ِكندة‪ ،‬ورمبا يكون قحطان ًّيا(‪.)25‬‬
‫�إن ما ميكن اخلروج به من قراءة هذا النق�ش وحتليله �أن قحطان �أ�صبحت هي‬
‫القبيلة احلاكمة يف قرية يف عهد هذا امللك متحالفة مع قبيلة �أخرى هي (مذحج)‬
‫يف حني مل يعد ِلكندة وجود يف قرية‪ ,‬ورمبا �أنها هاجرت منها بعد انت�صار التحالف‬
‫القحطاين املذحجي بزعامة امللك القحطاين (معاوية بن ربيعة)‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫ويف تعليق للدكتور عبدالرحمن الأن�صاري على هذا النق�ش يقول‪« :‬هذا الن�ص‪،‬‬
‫على ق�صره‪ ،‬يثري كث ًريا من اال�ستف�سارات عن هذا امللك اجلديد الذي مل يرد له ذكر‬
‫ال يف النقو�ش اجلنوبية وال يف كتب الأخبار العربية‪ ,‬فهو على ما يبدو قحطاين ب�سط‬
‫نفوذه يف قرية على قحطان ومذحج »(‪.)26‬‬
‫ويت�ساءل الأن�صاري قائ ًال‪« :‬ما �صلة معاوية هذا بربيعة �آل ثور ملك ِكندة و قحطان‬
‫يف النق�ش ‪ 635‬جام؟ ويجيب قائ ًال‪� :‬إنني �أظن �أن معاوية هذا‪ ,‬و�أعتقد �أنه كان يف القرن‬
‫الثاين امليالدي �إمنا كان يف فرتة �ضعف ِلكندة فا�ستطاع وهو من قحطان �أن يتملك‬
‫ً‬
‫ارتباطا قو ًّيا مع ِكندة يف النقو�ش اجلنوبية‬ ‫عليها وعلى مذحج رغم �أن مذحج مرتبطة‬
‫ويف الكتب العربية»(‪.)27‬‬
‫فالأن�صاري هنا يرجح �سيطرة قحطان على ِكندة يف فرتة �ضعف كانت متر بها‬
‫ولكنه مل يحدد �أ�سباب هذا ال�ضعف‪ .‬ونحن نتفق مع الأن�صاري ونت�ساءل‪ :‬هل تعر�ضت‬
‫ِكندة يف الفرتة التي �سبقت و�صول هذا امللك القحطاين (معاوية بن ربيعه) لغزو‬
‫خارجي �أ�ضعفها �أمام قحطان فتغلبت عليها و�أ�صبحت ِكندة حمكومة بعد �أن كانت‬
‫حاكمة‪ ،‬ثم �آثرت الرحيل عن قرية طواعية �أو كرهً ا؟‬
‫والإجابة عن هذا الت�سا�ؤل جندها يف حيثيات النق�ش ال�سبئي املو�سوم بـ ‪2110‬جام‪،‬‬
‫ونق�ش النمارة‪ .‬فالنق�ش الأول يتحدث عن حملة ع�سكرية كبرية قادها امللكان ال�سبئيان‬
‫(�إل �شرح يح�ضب و�أخوه ي�أزل بينّ ) (ملكا �سب�أ وذي ريدان) على مدينة (قرية) وملكها‬
‫الكندي (مالك بن ب ّدا) امللقب بـ (ملك ِكندة ومذحج)(‪.)28‬‬
‫وال�س�ؤال الذي يطرح نف�سه‪ ،‬ما �سبب هذا الغزو؟ وما النتائج التي ترتبت عليه؟‬
‫خال�صة املعلومات الواردة يف هذا النق�ش ميكن ح�صرها يف الآتي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬يعود النق�ش لعهد امللكني ال�سبئيني (�إل �شرح يح�ضب و�أخيه ي�أزل بينّ ) (ملكي‬
‫�سب�أ وذي ريدان)‪.‬‬
‫‪ - 2‬جتريد امللكني حملة ع�سكرية كبرية على (قرية) وملكها الكندي (مالك بن‬
‫ب ّدا) (ملك ِكندة ومذحج) وعلى (�أ�سد) وملكها (احلارث بن كعب)‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫‪� - 3‬سبب هذه احلملة هو معاداة ملك ِكندة وقبيلة ِكندة لل�سبئيني‪ ،‬وذلك لقيامهم‬
‫بدعم وت�أييد (امرئ القي�س بن عوف) (ملك خ�ص�صنت) (ملك خ�صا�صة) الذي قام‬
‫بغزو م�أرب العا�صمة ال�سبئية وف�شل هذا الغزو‪.‬‬
‫‪ - 4‬نتيجة احلملة حتقيق الن�صر و�إحل��اق الهزمية ِبكندة و�أ�سر ملكها وقادته‬
‫والقدوم بهم �إلى العا�صمة ال�سبئية (م�أرب)‪.‬‬
‫‪ - 5‬يذكر النق�ش �أن الأمر انتهى بعقد �صلح مبوجبه يقوم الكنديون بت�سليم امرئ‬
‫القي�س بن عوف لل�سبئيني وتقدمي الرهائن‪ ،‬ومن بينهم ابن امللك الكندي و�أبناء‬
‫�سادات ِكندة بالإ�ضافة �إلى تقدمي الأموال من الإبل واخليل والذهب والف�ضة‪ ,‬ومقابل‬
‫ذالك يقوم ال�سبئيون بفك �أ�سر امللك الكندي وقادته(‪.)29‬‬
‫‪ - 6‬ي�ؤكد النق�ش تنفيذ ال�صلح بكامل �شروطه وفك �أ�سر امللك الكندي(‪.)30‬‬
‫‪ - 7‬يعود زمن هذه احلملة ح�سب تقدير جام لتاريخ النق�ش �إلى نهاية القرن الثاين‬
‫امليالدي‪� ,‬أو �أوائل القرن الثالث امليالدي (‪.)31‬‬
‫لقد �أجاب هذا النق�ش عن ت�سا�ؤلنا حول ما �إذا تعر�ضت ِكندة لغزو خارجي �أ�ضعفها‬
‫�أمام مناف�سيها القحطانيني‪ ،‬وكان هذا غز ًوا �سبئ ًّيا تعر�ضت له ِكندة يف عقر دارها‬
‫(قرية) يف نهاية القرن الثاين �أو �أوائل القرن الثالث امليالدي‪ ,‬و�أ�صبحت مغلوبة على‬
‫�أمرها بعد �أن �أ�سر ال�سبئيون ملكها وقادتها‪ .‬وعلى الرغم من عقد ال�صلح‪ ،‬و�إطالق‬
‫�سراح امللك الكندي‪ ,‬نالحظ �أن ِكندة قد �أ�صابها ال�ضعف و�أنهكتها احلرب و�شروط‬
‫ذلك ال�صلح خا�صة الأموال التي دفعتها و�إن مل تكن معروفة لنا؛ �إال �أنه من الطبيعي‬
‫ً‬
‫تعوي�ضا عن خ�سائره‬ ‫�أن تكون باهظة كعادة املنت�صر يف احلرب �إذ يفر�ض غرامات‬
‫نرجح �أن هذه احلملة قد �أ�ضعفت‬‫وحماولة منه لإنهاك عدوه بحيث يظل �ضعي ًفا‪ .‬ولهذا ِّ‬
‫ون�صبوا زعيمهم مل ًكا يف قرية‪ .‬و�إلى هذه‬
‫ِكندة �أمام القحطانيني فا�ستغلوا الفر�صة ّ‬
‫احلمريي (�شمر يهرع�ش‬ ‫احلمريي الذي �أ�س�سه امللك ِ‬‫الفرتة يعود تكوين جي�ش الأعراب ِ‬
‫بن يا�سر يهنعم) (ملك �سب�أ وذي ريدان) يف نهاية القرن الثالث امليالدي‪ .‬و�أ�صبحت‬
‫ِكندة الف�صيل الرئي�س يف هذا اجلي�ش الأمر الذي يف�سر لنا انح�سار دورها يف قرية‬

‫‪53‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫وبروز دور قحطان(‪� .)32‬أما نق�ش ال ّنمارة فقد حمل لنا �أخبار احلملة الع�سكرية التي‬
‫قادها ملك احلرية (امر�ؤ القي�س بن عمرو) (‪328-288‬م) منطل ًقا من احلرية ومنته ًيا‬
‫ب�أ�سوار جنران يف اجلنوب‪ .‬ويف طريقه �أخ�ضع القبائل العربية يف جند ‪ ,‬التي كانت يف‬
‫عداءٍ معه ‪ ,‬وهي قبائل �أ�سد ونزار ومذحج‪ .‬وما يهمنا من هذا النق�ش �أمران ‪:‬‬
‫الأول فرتة احلملة‪ ,‬وقد متت خالل فرتة حكم امللك (امرىء القي�س بن عمرو)‬
‫(‪328-288‬م)‪ ,‬حيث مت تدوين تاريخ وفاته بعام ‪328‬م ‪ .‬ورمبا يكون هذا العام هو العام‬
‫الذي حدثت فيه هذه احلملة‪ ,‬بدليل �أن قرب هذا امللك ُعرث عليه يف حوران ببالد ال�شام‬
‫(خرائب ال ّنمارة )‪.‬و من املحتمل �أن وفاته كانت عند عودته من حملته على جنوب‬
‫احلمريية‪ ,‬بدليل قوله يف النق�ش (وقاد‬ ‫اجلزيرة العربية وف�شله يف غزو الأرا�ضي ِ‬
‫احلمريي امل�شهور يف‬ ‫الظفر �إلى �أ�سوار جنران مدينة �شمر)‪ ,‬و�شمر هنا هو امللك ِ‬
‫النقو�ش العربية اجلنوبية با�سم (�شمر يهرع�ش بن يا�سر يهنعم) الذي كان معا�ص ًرا‬
‫للملك (امرىء القي�س بن عمرو ) �صاحب نق�ش ال ّنمارة‪.)33(.‬‬
‫وهذه الفرتة هي الفرتة التي �أ�صبحت فيها ِكندة قبيلة �أعرابية‪ ,‬تعي�ش يف كنف‬
‫احلمريية‪ ،‬ومل تعد حاكمة يف (قرية ذات كهل) (‪. )34‬‬ ‫الدولة ِ‬
‫الأمر الثاين ‪� :‬أن نق�ش ال ّنمارة على الرغم من �أنه مل يذكر ِكندة‪ ,‬لكنه ذكر مذحج‬
‫ب�أنها هُ �� ِّر َب��ت‪� ,‬أي مت �إج�لا�ؤه��ا عن منطقتها باجتاه اجلنوب‪ .‬وعرفنا من النقو�ش‬
‫ال�سابقة �أن مذحج كانت متحالفة مع ِكندة �إ ّبان حكم الأخرية لقرية ذات كهل‪ ,‬ثم‬
‫احلمي ـ ـ ـ ــري جن ًبا �إلى‬
‫�أ�صبحت يف القرن الرابع املي ـ ـ ــالدي يف قوام جي�ش الأعراب ِ‬
‫جنب مع ِكندة (‪.)35‬‬
‫ويقودنا هذا الأمر �إلى القول باحتمال مغادرة ِكندة ملوطنها يف قرية ذات كهل‬
‫احلمريية ) �إثر هزميتها‬ ‫باجتاه اجلنوب (منطقة الأعراب املحاذية لأرا�ضي الدولة ِ‬
‫وحليفتها مذحج من قبل ملك احلرية (امرىء القي�س بن عمرو)‪ ,‬الذي لقب نف�سه‪،‬‬
‫عقب انت�صاراته يف اجلزيرة العربية‪ ،‬بلقب (ملك العرب كلهم) (‪.)36‬‬
‫ويف هذا ال�صدد يقول الدكتور يو�سف حممد عبداهلل‪ . .« :‬ورغم �أن النق�ش _‬

‫‪54‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫نق�ش ال ّنمارة – مل ي�شر �إلى ِكندة‪� ،‬إال �أن املرء يفرت�ض �أن ِكندة كانت ممن هُ ّرب‬
‫أي�ضا‪ ..‬ا�ستنادًا �إلى ما ورد ذكره يف النقو�ش من دخول ِكندة ومذحج يف احتاد قبلي‬ ‫� ً‬
‫واحد ويف ظل ملك واحد» (‪.)37‬‬
‫ورج���ح الدكتور عبد العزيز �صالح � ً‬
‫أي�ضا هجرة ِك��ن��دة وم��ذح��ج �إل��ى اجلنوب‬ ‫ّ‬
‫وا�ستقرارهما يف �أرا�ضي حليفهما القوي (�شمر يهرع�ش) ملك ِحمري عقب حملة ملك‬
‫أي�ضا �إلى وجود ِكندة ومذحج يف احتاد‬ ‫احلرية (امرىء القي�س بن عمرو)‪ ,‬ا�ستنادًا � ً‬
‫احلمريي (‪.)38‬‬ ‫قبلي واحد ‪ ,‬والح ًقا يف قوام جي�ش الأعراب ِ‬
‫وخال�صة ما جاء يف النقو�ش املذكورة �آن ًفا �أن ِكندة كانت قبيلة حكمت يف (قرية)‬
‫منذ ما قبل القرن الأول للميالد وحتى نهاية القرن الثاين للميالد �أو بداية القرن‬
‫الثالث للميالد‪ .‬و�أنها كانت مملكة قوية ناف�ست مملكة �سب�أ وذي ريدان‪ ،‬وانتهى حكمها‬
‫عقب احلمالت ال�سبئية و حملة ملك احلرية (امرىء القي�س بن عمرو) و هجرتها �إلى‬
‫اجلنوب ‪.‬‬

‫ب) ِكندة يف �ضوء الآثار املكت�شفة (قرية حا�ضرة ِكندة الأولى)‪:‬‬


‫قبل عام ‪1972‬م مل يكن �أحد يعرف �شي ًئا عن موقع قرية ذات كهل عدا ذكرها يف‬
‫النقو�ش ال�سبئية (‪2110 ,675,635‬جام) ومن خاللها عرف العلماء �أنها ‪ -‬وبدون �شك‬
‫‪ -‬تقع �إلى ال�شمال ال�شرقي من جنران‪ .‬وبد�أ علماء الآثار يبحثون عن موقعها منذ‬
‫اكت�شاف تلك النقو�ش حتى اهتدى ه�ؤالء العلماء �إلى موقع �أثري بال�صدفة عندما نبه‬
‫�أحد موظفي �شركة (�أرامكو) العاملة يف اململكة العربية ال�سعودية لأهمية هذا املوقع‬
‫وكان ذلك يف عام ‪1940‬م‪ .‬وتال ذلك رحالت ا�ستطالعية للعامل الأثري (فليبي)‪.‬‬
‫وبعد درا�سة املوقع والت�أكد من �أنه موقع �أثري بد�أت عمليات التنقيب فيه من قبل‬
‫البعثة الأثرية العربية منذ �سنة ‪1970‬م(‪.)39‬وكان يطلق على املوقع ت�سمية (الفاو) ن�سبة‬
‫�إلى امتداد قناة الفاو فيه‪ .‬و�أ�سفرت التنقيبات عن االكت�شاف العظيم‪ ،‬وهو مدينة‬
‫قرية ذات كهل‪ ،‬وهنا تعانقت الآثار مع النقو�ش؛ لتعلن الك�شف عن �آثار ح�ضارة راقية‬

‫‪55‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫الكندية وحا�ضرتها‬‫�شهدتها منطقة و�سط �شبه اجلزيرة العربية‪� ،‬أال وهي احل�ضارة ِ‬
‫(قرية ذات كهل) (‪. )40‬‬
‫ولقد حتدد بعد هذا الك�شف موقع (قرية) �إلى ال�شمال ال�شرقي من جنران مب�سافة‬
‫‪ 280‬كلم بوادي الدوا�سر الواقع حال ًّيا �ضمن حدود اململكة العربية ال�سعودية‪ .‬وم ّثلت‬
‫مبوقعها هذا حمطة جتارية مهمة على الطريق التجاري املتجه من جنوب اجلزيرة‬
‫العربية �صوب اخلليج العربي(جنران ← قرية ← الأفالج ← اليمامة ←جرها←‬
‫العراق)‪ .‬ومبوقعها هذا ف�إنه ُي�شرف عليها من جهة ال�شرق جبل طويق‪ ,‬الأمر الذي‬
‫الكنديني قد اختاروا هذا املكان بعد درا�سة للموقع فر�أوا يف هذا اجلبل‬ ‫يدل على �أن ِ‬
‫حام ًيا طبيعيا للمدينة من جهة ال�شرق؛ حلمايتها من الغزاة (‪ .)41‬ولت�أمني مدينتهم‬
‫�أقاموا �سو ًرا من اجلهات الأخ��رى‪ ,‬كما �شيدوا �سو ًرا �آخر يحيط بال�سوق التجاري‬
‫مدع ًما باحل�صون والأبراج بلغ �سمكه �ستة �أمتار‪ ،‬وله باب واحد من الناحية الغربية‪,‬‬
‫وي�صل ارتفاعه �إلى حوالى ثمانية �أمتار(‪.)42‬‬
‫لقد دعمت التنقيبات الأثرية يف قرية وما �أ�سفر عنها من نتائج مهمة ‪ ,‬ذلك الدور‬
‫احل�ضاري الذي قامت به (قرية) احلا�ضرة الكندية الأولى يف فرتة ما قبل الإ�سالم‪.‬‬
‫وك�شفت موا�سم التنقيب الأثري يف هذه املدينة العربية القدمية‪ ,‬التي قام بها ق�سم‬
‫الآثار بجامعة الريا�ض بقيادة الدكتور عبد الرحمن الطيب الأن�صاري‪ ,‬عن الكثري‬
‫من املعامل وال َّل َقى الأثرية التي دللت على امل�ستوى احل�ضاري الذي بلغته (قرية) يف‬
‫ميادين خمتلفة‪.‬‬
‫لقد مت الك�شف عن �سور املدينة و�سوقها و ق�صرها ومقربتها ومعبدها ‪� ,‬إلى جانب‬
‫الك�شف عن قطع �أثرية متعددة (‪ .)43‬واحتوى الق�صر على قاعتني �شمالية وجنوبية‬
‫تزين جدرانها الر�سوم مما يوحي ب�أنه كان مق ًّرا للحكم‪ ,‬الأمر الذي يدل على ما‬
‫بلغته (قرية) من تطور يف نظام احلكم ‪ّ .‬‬
‫ودل املعبد املكت�شف على بلوغ (قرية) درجة‬
‫متطورة يف اجلانب الديني من حيث �إقامة الطقو�س الدينية‪ ,‬و مت العثور فيه على‬
‫متاثيل برونزية‪� ،‬أبرزها متثال الطفل املجنح الذي مي�سك بيده الي�سرى قرن اخلري‬

‫‪56‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫و به عنقود عنب‪ُ ,‬مق ِّر ًبا �سبابة يده اليمنى من فمه ويتد ّلى �شعره على جانبي ر�أ�سه‪.‬‬
‫ومتثال �آخر حليوان بحري هو (الدلفني) يقول الدكتور عبد اهلل ح�سن ال�شيبة‪� :‬إن‬
‫اكت�شاف هذا التمثال ميثل االعتقاد ال�سائد �آنذاك من �أن الدلفني هو احلامي من‬
‫املخاطر والواقي من املخاوف و�سط ال�صحراء ويف عباب البحر(‪ ,)44‬وهناك متثال‬
‫ثالث لن�صف امر�أة‪ ،‬ومتاثيل �أخرى (‪.)45‬‬
‫ويف جمال الفن املعماري وفنون الر�سم والنحت دلت �آثار (قرية) على تطور هذه‬
‫الفنون‪ ,‬حيث عرفت هذه املدينة ف ًّنا معمار ًّيا عرب ًّيا متميزًا‪ ,‬ا�ستخدموا فيه ال ِّلنب املربع‬
‫وامل�ستطيل يف البناء‪ ,‬واحلجر املنقور وامل�صقول يف الأ�س�س �إلى جانب مواد خمتلفة‬
‫�أخرى كاجلب�س والرمل والرماد يف التمليط الداخلي‪ ,‬وعرف �سكانها زخرفة اجلدران‬
‫من الداخل واخلارج‪ ,‬كل ذلك كان جم�سدً ا يف الق�صر واملعبد وال�سوق واملنازل‪ .‬ويربز‬
‫هذا الفن املعماري بو�ضوح يف بناء الق�صر وقاعاته و�أعمدته املر ّبعة واملث ّمنة (‪.)46‬‬
‫ويف جمال الر�سم والنحت ُعرث يف (قرية) على بع�ض اللوحات الفنية املعربة عن‬
‫تقدم وتطور فنون الر�سم والنحت‪ ,‬وهنا يقول الدكتور عبداهلل ح�سن ال�شيبة ‪�«:‬إن‬
‫الفنان العربي يف (قرية) قد مر ب�أربع مراحل تبد�أ بالنقر على �سفوح اجلبال ومتثلها‬
‫�صورة �إن�سان يف كامل مالب�سه‪ ,‬ومي�سك رحمني يف يديه ويتمنطق �سي ًفا �أو جنبية طويلة‪,‬‬
‫�إلى جانب لوحة على جبل(مريبخ) حلفل راق�ص تتخلله مناظر النخيل وجني الثمار‬
‫و�صور حليوانات‪ .‬واملرحلة الثانية‪ ،‬ومتثلها لوحات ور�سوم داخل املنازل ‪� .‬أما املرحلة‬
‫الثالثة التي �أ�صبح فيها الفنان ذا مكانة اجتماعية‪ ,‬فتمثلها ثالث لوحات منتزعة من‬
‫البيئة وامل�شاهدات اليومية كالرحلة وال�صيد وما ي�ستبقهما»(‪.)47‬‬
‫وتبلغ قمة الفن عند فنان (قرية) يف لوحات الق�صر ‪ ,‬و�أغلبها كان مفتتًا ومت‬
‫�إنقاذ ق�سم منها _مبجهودات فنية وعلمية_ منها جزء من لوحة متثل بح ًرا فيه‬
‫�أ�سماك‪ ,‬وجزء من لوحة �أخرى بها جزء من ج�سم امر�أة (‪. )48‬‬
‫ويف جمال النحت ُعرث يف(قرية)على متاثيل فنية رائعة معدنية وحجرية وطينية‬
‫وخزفية‪ ,‬ا�ستطاع فيها الفنان �أن ميزج بني الت�أثريات اخلارجية والفن العربي الذي‬

‫‪57‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫يعك�س البيئة العربية‪ ,‬وذلك يف �صور �أ�شكال �آدمية وحيوانية‪� ،‬أهمها متثال الطفل‬
‫املج ّنح‪ ،‬ومتثال حيوان الدلفني‪ ،‬ومتثاالن لناقة وجمل‪ ،‬ومتثاالن �آخران لر�أ�سي �أ�سد‬
‫ووعل �صغري‪ ,‬ومتاثيل �أخرى‪ ،‬منها متثال لر�أ�س امر�أة (‪. )49‬‬
‫وعرث �أي�ضا على �أدوات منزلية خمتلفة منها �أواين طعام (قدور وجرار وت�ؤو�س‬ ‫ُ‬
‫أوان حجرية �أغلبها من حجر املرمر‬ ‫أوان فخارية على �شكل �أطباق و�أباريق‪ ,‬و� ٍ‬ ‫ف�ضية و� ٍ‬
‫واحلجر اجلريي والب ّلور ال�صخري واجلرانيت)‪ .‬وز ّينوا �أوانيهم بالر�سوم والزخارف‬
‫والنقو�ش(‪.)50‬‬
‫ويف جمال الكتابة والنقو�ش ُعرث يف مقربة قرية ذات كهل على �شاهد قرب امللك‬
‫دل على معرفة‬ ‫(معاوية بن ربيعة) امل�شار �إليه �آن ًفا‪ ,‬وميثل النق�ش �أهمية علمية‪ ,‬فقد ّ‬
‫�سكان قرية للقراءة والكتابة والتدوين‪ ,‬وقد كتبوا باخلط امل�سند اجلنوبي‪ .‬وبهذا‬
‫النق�ش تكتمل ال�صورة احل�ضارية امل�شرقة لقبيلة ِكندة القاطنة يف و�سط �شبه اجلزيرة‬
‫العربية‪.‬‬
‫�أما كتابتهم بخط امل�سند اجلنوبي فمرجعه �إلى �أن خط امل�سند كان منت�ش ًرا يف‬
‫�أ�صقاع متعددة من �شبه اجلزيرة العربية �إل��ى جانب موطنه يف جنوبها‪� .‬أم��ا لغة‬
‫مزيجا من اللغة العربية اجلنوبية واللغة العربية ال�شمالية التي يتكلم‬‫الكنديني فكانت ً‬ ‫ِ‬
‫بها �سكان احلجاز وجند‪ ،‬وهو �أمر يدل على امتزاج الثقافتني العربيتني‪ :‬اجلنوبية‬
‫وال�شمالية‪ ,‬ف�شكلت ِكندة يف موطنها بقرية ذات كهل نقطة التقاء لقبائل اجلزيرة‬
‫العربية و�سو ًقا جتار ًّيا مه ًّما يف فرتة ما قبل الإ�سالم (‪.)51‬‬
‫�إن هذه الآثار املكت�شفة يف قرية ذات كهل لهي دليل قاطع على امل�ستوى احل�ضاري‬
‫الذي بلغته قبيلة ِكندة والقبائل املتحالفة معها كقحطان ومذحج يف الفرتة من القرن‬
‫الأول امليالدي حتى القرن الثالث امليالدي �سواء من حيث الكتابة �أو الفنون املختلفة‬
‫كفن البناء والهند�سة املعمارية والر�سم والزخرفة والنحت وغريها‪.‬‬
‫وحيث �إن �أغلب الكتابات التي حتدثت عن ِكندة كتبها م�ؤلفون قبل �أن يتم الك�شف‬
‫عن �آثارها والنقو�ش التي حتدثت عنها ف���إن معلوماتهم عن ِكندة ج��اءت ناق�صة‬

‫‪58‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫ح�صرت ِكندة يف قبيلة حاكمة يف مناطق �أعرابية و�سط جند يف غمر ذي ِكندة لي�س‬
‫لها من احل�ضارة �سوى احلكم على طريقة احلكم الع�شائري عند العرب مدعومني من‬
‫احلمرييني‪ .‬ولهذا وجب الآن �إعادة �صياغة تاريخ ِكندة بنا ًء على ما تو�صل �إليه‬
‫امللوك ِ‬
‫ِعلما النقو�ش والآثار ا ّللذان �أظهرا �أن ِكندة دولة ذات �إرث ح�ضاري �شادته يف و�سط‬
‫ال�صحراء العربية؛ لتكتمل بذلك ال�صورة احل�ضارية عن عرب �شبه اجلزيرة العربية‬
‫جنوبها وو�سطها و�شرقها و�شمالها‪.‬‬

‫ميا‪:‬‬
‫ج‪ -‬الأهمية التجارية لقرية قد ً‬
‫لقد احتلت املوا�صالت �أهمية عظيمة يف �شبه اجلزيرة العربية يف تاريخها القدمي‪,‬‬
‫ً‬
‫متو�سطا يف العامل القدمي‬ ‫وذلك ب�سبب موقعها اال�سرتاتيجي؛ حيث احتلت موق ًعا‬
‫ف�شكلت حلقة الو�صل التجاري بني م�شرقه ومغربه‪ .‬وا�ستفاد العرب من موقعهم هذا‬
‫فعملوا بتجارة النقل واختطوا طر ًقا جتارية برية‪ ,‬تخرتق اجلزيرة من اجلنوب �إلى‬
‫ال�شمال‪ ،‬ومن ال�شرق �إلى الغرب والعك�س‪ ,‬م�ستفيدين من موقع جزيرتهم التي تطل‬
‫على عدد من البحار(املحيط الهندي ‪ -‬البحر الأحمر ‪ -‬اخلليج العربي)‪ ,‬وامتالكهم‬
‫لأهم املوانئ البحرية التي تتحكم يف طريق املوا�صالت العاملي عرب البحر الأحمر‬
‫واخلليج العربي (‪ . )52‬و�أبرز هذه اخلطوط التجارية الربية خطان هما اخلط امل�سمى‬
‫بـ(طريق اللبان �أو طريق البخور)‪ ،‬وميتد من اجلنوب �إلى ال�شمال مبحاذاة البحر‬
‫الأحمر (جنران←يرثب ←ديدان (العال) ←احلجر(مدائن �صالح) ←البرتاء )‪,‬‬
‫ويبلغ نهايته يف بالد ال�شام ‪ .‬وكان (بليني) هو �أول من �أطلق على هذا الطريق ت�سمية‬
‫(طريق اللبان �أو طريق البخور) يف القرن الأول امليالدي (‪.)53‬‬
‫وميتد اخلط الثاين من اجلنوب الغربي ل�شبه اجلزيرة العربية �إلى اخلليج العربي‬
‫�شر ًقا مبحاذاة ال�صحراء العربية من جهة اجلنوب (جنران← وادي الدوا�سر←‬
‫الأفالج← اليمامة←جرها )(‪.)54‬‬
‫نوع من التكامل‬
‫وكان لهذين الطريقني دور رئي�س يف ازدهار التجارة العربية‪ ،‬وخلق ٍ‬

‫‪59‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫االقت�صادي لأهل اجلزيرة العربية يف فرتة ما قبل الإ�سالم‪ .‬وكان اجلمل هو الو�سيلة‬
‫الرئي�سة للنقل‪ ,‬و�شكل ا�ستخدامه مرحلة فا�صلة يف حركة التجارة داخل �شبه اجلزيرة‬
‫العربية منذ �أواخر الألف الثاين ق‪ .‬م‪ ,‬بعد �أن كانت احلمري هي الو�سيلة الرئي�سة‪,‬‬
‫وذلك ملا ميتاز به اجلمل من مزايا جعلته بحق �سفينة ال�صحراء‪ ,‬وما ي�ؤكد ازدهار‬
‫التجارة العربية عرب الطرق الربية قبل الإ�سالم؛ ورود �سورة يف القر�آن الكرمي تتحدث‬
‫عن جتارة قري�ش ورحلتي ال�شتاء وال�صيف (�إلى ال�شام واليمن )(‪.)55‬‬
‫و�أهم ال�سلع التي تاجر بها العرب عرب هذه اخلطوط التجارية ‪ :‬اللبان( البخور)‬
‫واملر‪ ,‬بالإ�ضافة �إلى ال�سلع القادمة من �شرق �أفريقيا وال�صني والهند‪ ,‬وحتدث م�ؤلف‬
‫كتاب (دليل البحرالإرثري‪ -‬الأح��م��ر) وامل�سمى � ً‬
‫أي�ضا بـ(كتاب ال��ط��واف) مل�ؤلفه‬
‫املجهول‪ ,‬وا�ص ًفا التجارة يف ميناء موزا (املخا) على البحر الأحمر قائلاً ‪« :‬واملتاجر‬
‫التي ت�صل �إلى موزا تت�ألف من الأقم�شة الأرجوانية‪ ،‬الناعم منها واخل�شن‪ ,‬والثياب‬
‫العادي منها‪ ،‬واملطرز واملذهب ‪ ,‬والزعفران ونبات ال�سعادى احللو وقما�ش املو�سلني‪,‬‬
‫والربود واحلرامات‪ ،‬بع�ضها عادي‪ ،‬والآخر م�صنوع على الطريقة املحلية ‪ .‬والأو�شحة‬
‫(‪)56‬‬
‫املنوعة الألوان ‪ ,‬والدهانات املعطرة بكميات معتدلة‪ ,‬واخلمر والقمح‪». .‬‬
‫واكت�سبت (ق��ري��ة) �أهميتها التجارية؛ لوقوعها على الطريق التجاري املمتد‬
‫من جنوب بالد العرب حتى �شرقها على �سواحل اخلليج العربي(جنران← وادي‬
‫الدوا�سر← الأفالج← اليمامة←جرها)‪ ,‬وعن هذه الأهمية لقرية كتب الدكتور‬
‫عبد الرحمن الطيب الأن�صاري يف كتابه (قرية الفاو �صورة للح�ضارة العربية قبل‬
‫الإ�سالم) فقال‪�« :‬إن كتابنا هذا �صورة حية ملا كانت عليه منطقة من مناطق و�سط‬
‫اجلزيرة العربية من م�ستوى ح�ضاري يف فرتة لي�ست طويلة يف عمر الزمن‪ ،‬ولكنها‬
‫ذات �أهمية يف الت�سل�سل التاريخي حل�ضارة اجلزيرة العربية»(‪.)57‬‬
‫وكتب الدكتور يو�سف حممد عبداهلل عن �أهمية قرية‪ ،‬فقال‪�« :‬إن قرية يف عز‬
‫ازدهارها كانت �أ�شبه ما تكون ب�إحدى دول مدن القوافل التي عرفت جزيرة العرب‬
‫عددًا منها‪ ,‬فقد كانت قرية مدينة �أو حمطة جتارية على ذلك الطريق الذي يربط‬

‫‪60‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫جنوب اجلزيرة ب�شرقها‪ ,‬وميتد من (جن��ران) �إل��ى (هجر) م��ا ًّرا ب��وادي الدوا�سر‬
‫والأفالج» (‪.)58‬‬
‫ويعد الهمداين �أول من �أ�شار �إلى (قرية) وموقعها التجاري يف كتابه (�صفة جزيرة‬
‫العرب) حيث قال‪:‬‬
‫« ثم رجعت �إلى الطريق من املقرتب تريد اليمن ق�صد جنران فت�شرب بح�سي‬
‫كباب‪ . .‬ف�إن تيامنت �شربت ماء عاديا ي�سمى قرية �إلى جنبه �آبار عادية وكني�سة‪,‬‬
‫ثج ِر ماء ‪.)59( » . . .‬‬
‫منحوتة يف ال�صخر‪ ,‬ثم ترد ْ‬
‫و�أورد الدكتور يو�سف حممد عبداهلل يف مو�ضوع له بعنوان (كندة يف دهرها‬
‫الأول) حدي ًثا لـ(فون في�سمان)عن �أهمية مناطق �شرق اجلزيرة العربية فقال‪ « :‬ويرى‬
‫فون في�سمان �أن مناطق �شرق اجلزيرة العربية الواقعة على اخلليج تدخل يف نطاق‬
‫مراكز احل�ضارة ‪ . .‬وم�ستند ُه يف ذلك اللقى الأثرية التي ك�شفت عنها تنقيبات البعثة‬
‫الدامناركية يف البحرين التي بد�أت بن�شر درا�ستها يف عام ‪1984‬م‪ ,‬و التي �أبانت عن‬
‫بناء مدينة منتظمة ال�شكل تعود �أ�سفل طبقاتها �إلى ما بني عامي ‪1800-2800‬ق‪.‬م‪ ,‬وعن‬
‫معبد وا�سع يرجع تاريخ بنائه �إلى ما بني عامي ‪1800-2300‬ق‪.‬م» (‪.)60‬‬

‫نحن � ًإذا �أمام طريق جتاري يربط بني ثالثة مراكز ح�ضارية عربية تعود �إلى فرتة‬
‫ما قبل الإ�سالم و تتمثل يف ح�ضارة جنوب اجلزيرة (اليمن)‪ ,‬وح�ضارة( قرية )يف‬
‫و�سطها‪ ,‬وح�ضارة اخلليج يف �شرقها ممثلة بح�ضارة البحرين القدمية‪ ,‬الأمر الذي‬
‫يدل على التوا�صل احل�ضاري بني املراكز احل�ضارية يف �شبه اجلزيرة العربية قبل‬
‫رئي�سا فيه ‪.‬‬
‫الإ�سالم‪ ,‬الذي لعبت اخلطوط التجارية دو ًرا ً‬
‫ولعبت (قرية) مبوقعها على هذا الطريق التجاري دو ًرا مه ًّما يف عملية التبادل‬
‫التجاري بني جنوب اجلزيرة العربية و�شرقها‪ ،‬ومثلت الو�سيط التجاري بينهما‪ .‬ودعمت‬
‫التنقيبات الأثرية يف موقع (قرية) وما �أ�سفر عنها من نتائج مهمة‪ ,‬هذا الدور التجاري‬
‫الذي قامت به (قرية) يف فرتة ما قبل الإ�سالم‪ ,‬حيث ك�شفت موا�سم التنقيب التي‬

‫‪61‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫قام بها ق�سم الآثار بجامعة الريا�ض بقيادة الدكتور عبد الرحمن الطيب الأن�صاري‬
‫عن عدد من املعامل الأثرية يف موقع (قرية)‪ ،‬ومنها ال�سوق التجاري الذي جت�سد ت‬
‫فيه التجارة الداخلية واخلارجية‪ ,‬و�أ ّمن ب�سور �ضخم‪ ،‬الأمر الذي يدل على ازدهار‬
‫التجارة على هذا الطريق املار بـ(قرية) حا�ضرة ِكندة الأول��ى ومدى الرثاء املادي‬
‫لأهل قرية الذي انعك�س على املر�أة وزينتها وحليها ‪ ,‬فقد عرث يف �أنقا�ض (قرية) على‬
‫العديد من الأ�ساور املعدنية والزجاجية والعظمية والعاجية وبع�ض اخلوامت الف�ضية‬
‫والنحا�سية واحلديدية‪� ,‬إلى جانب عقود وداليات م�صوغة وغري م�صوغة‪ ،‬م�صنوعة‬
‫من العقيق والب ّلور ال�صخري والياقوت والزجاج املعتم وال�شفاف‪ُ .‬‬
‫وعرث � ً‬
‫أي�ضا على‬
‫ف�صو�ص خمتلفة للخوامت من العقيق امللون و مقاب�ض لل�شعر م�صنوعة من النحا�س‬
‫و�أم�شاط خ�شبية (‪.)61‬‬

‫ثان ًيا‪ِ :‬كندة قبيلة �أعرابية تعي�ش يف كنف الدولة احلِمريية من نهاية‬
‫القرن الثالث حتى نهاية القرن اخلام�س امليالدي‪:‬‬

‫حلمريي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬كِندة وجي�ش الأعراب ا ِ‬


‫�أ�شرنا �ساب ًقا �إلى احتمال الرحيل الق�سري ِلكندة عن ديارها بقرية ذات كهل �إثر‬
‫�ضعفها عقب حملة امللكني ال�سبئيني (�إل �شرح يح�ضب و�أخيه ي�أزل بينّ )‪ ،‬ومن ثم‬
‫�إزاحتها من ال�سلطة من قبل القحطانيني وذلك حوالى �أوائل القرن الثالث امليالدي‪.‬‬
‫ثم ارحتلت ِكندة �صوب اجلنوب يف منطقة ع�سري وما حولها (مناطق الأعراب‬
‫احلمريية)‪ .‬وبد ًءا من نهاية القرن الثالث امليالدي‪� ,‬أ�صبحت‬
‫كما ت�سميها النقو�ش ِ‬
‫ِكندة القبيلة �أكرث ُق َّو ًة بني قبائل الأعراب من حيث العدد والقوة الع�سكرية‪ ،‬ال�سيما‬
‫�أنها كانت دولة تدرب �أفرادها على احلروب‪ ,‬غري �أنها الآن �أ�صبحت قبيلة تدور يف‬
‫احلمريي‪ ،‬وهو اجلي�ش‬‫احلمرييني وتخ�ضع لقائد ِحمريي هو قائد جي�ش الأعراب ِ‬ ‫فلك ِ‬
‫احلمريي (‪. )62‬‬
‫الرديف للجي�ش النظامي ِ‬

‫‪62‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫احلمريي كانت متار�س هيمنتها‬ ‫ويبدو �أن ِكندة قبل ان�ضمامها �إلى جي�ش الأعراب ِ‬
‫يف مناطق الأعراب الواقعة على خطوط التجارة الربية التي تربط جنوب اجلزيرة‬
‫العربية ب�شرقها و�شمالها‪ .‬ويتحدث الدكتور با فقيه عن معاهدة اخلفارة بني �سب�أ‬
‫ِوكندة قائ ًال‪« :‬اخلفارة يف ذاتها نظام تعاقدي عريق‪ ،‬توجد �أقدم �إ�شارة �إليه يف نق�ش‬
‫�سبئي من القرن الثالث امليالدي؛ حيث �أ�صبحت ِكندة يف العهد الذي يلي �شعرم �أوتر‬
‫م�سئولة مللوك �سب�أ عن خفارة الطرق حتى �أنها لتطالب بت�سليم املخربني‪ ,‬وهو �أمر‬
‫ينطوي على �شيء من خ�ضوع ِكندة وتبعيتها ل�سب�أ»‪.‬‬
‫�إن هذه املعاهدة ترجح م�س�ألة هجرة ِكندة من مركزها يف قرية ذات كهل باجتاه‬
‫منطقة ع�سري امل�سماة يف النقو�ش ب�أر�ض طودم املنت�شرة بها قبائل الأعراب(‪.)63‬‬
‫احلمريية تتحدث عن دور‬ ‫ومنذ نهاية القرن الثالث امليالدي �أخ��ذت النقو�ش ِ‬
‫احلمريي وما يقوم به من دور ع�سكري‬ ‫جي�ش الأع��راب كرديف للجي�ش النظامي ِ‬
‫بارز يف احلمالت التي �شنها ملوك ِحمري؛ لت�أديب قبائل مع ّد يف و�سط �شبه اجلزيرة‬
‫احلمريية وال�سيما امل�صالح الع�سكرية‬
‫العربية التي �شكلت خط ًرا على م�صالح الدولة ِ‬
‫والتجارية‪.‬‬
‫ومل يقت�صر دور جي�ش الأعراب على احلمالت اخلارجية فقط بل الداخلية � ً‬
‫أي�ضا‪,‬‬
‫وخا�صة يف ح�ضرموت التي �شهدت العديد من حركات التمرد على ال�سلطة املركزية‬
‫احلمريية يف ظفار(‪� .)64‬إن ِكندة مل تعد دولة يف هذا الوقت‪ ,‬بل قبيلة �أعرابية كغريها‬‫ِ‬
‫من قبائل الأعراب القاطنة يف بالد ع�سري وجنران‪ ,‬و�أ�صبحت يف عداد القبائل املكونة‬
‫احلمي ـ ـ ـ ـ ــري الذي تزعمه يف تلك الفتـ ـ ــرة �شخ�ص يدعى (وهب‬ ‫جلي�ش الأعراب ِ‬
‫�أوام)(‪.)65‬‬
‫وينقل جواد علي عن جام قوله‪� :‬إنَّ �أر�ض ِكندة يف هذه الفرتة بعد زوال ُملكها‬
‫وهجرتها من قرية يجب �أن تكون يف جنوب (ق�شمم ‪ -‬ق�شام) (الق�شم) وذلك لأن‬
‫النق�ش املو�سوم بـالرقم (‪660‬جام) ي�ضعها بني ح�ضرموت ومذحج(‪.)66‬‬
‫احلمريي‬‫ويحدثنا النق�ش (‪660‬جام) و�صاحبه (وهب �أوام) ‪ -‬قائد جي�ش الأعراب ِ‬

‫‪63‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫احلمريي (�شمر يهرع�ش‬ ‫‪ -‬عن الكيان الع�سكري اجلديد (جي�ش الأعراب) التابع للملك ِ‬
‫احلمريي الذي �أ�صبحت منطقة جنوب اجلزيرة العربية يف‬ ‫بن يا�سر يهنعم) وهو امللك ِ‬
‫عهده موحدة حتت قيادته ويحكمها من عا�صمته (ظفار)‪ ،‬وذلك بعد قيامه ب�إخ�ضاع‬
‫احلمرييني يف ظفار يف الفرتة ما بني نهاية القرن الثالث‬ ‫�سب�أ وح�ضرموت ل�سلطة ِ‬
‫امليالدي وبداية القرن الرابع امليالدي(‪ .)67‬وفيه تظهر ِكندة على ر�أ�س قبائل الأعراب‬
‫احلمريي بزعامته؛ �إذ جاء لقبه يف النق�ش (كبري �أعراب ملك‬ ‫املكونة جلي�ش الأعراب ِ‬
‫�سب�أ وذي ريدان وح�ضرموت ِوكندة ومذحج وحرام وباهل وزيد�إيل(زيد�إل) واحلدا‬
‫و�أظلم و�أمري وكل �أعراب ملك �سب�أ وذي ريدان وح�ضرموت ومينت)(‪.)68‬‬
‫احلمريي �إمنا يدل‬ ‫�إن ظهور ِكندة على ر�أ�س قبائل الأعراب املكونة جلي�ش الأعراب ِ‬
‫على قوتها وكونها القبيلة الرئي�سة يف هذا التكوين الع�سكري الذي �أ ّدى دو ًرا بار ًزا يف‬
‫احلمريية منذ قيامها على �أر�ض جنوب اجلزيرة العربية يف �أوائل القرن‬ ‫تاريخ الدولة ِ‬
‫الرابع امليالدي عقب �إخ�ضاع ح�ضرموت النهائي(‪.)69‬‬
‫وحتدث وهب �أوام يف هذا النق�ش عن جناح جي�شه يف تنفيذ املهمة الع�سكرية التي‬
‫احلمريي (�شمر يهرع�ش بن يا�سر يهنعم)؛ ملالحقة (احلارث‬ ‫�أوكلها �إليه �سيده امللك ِ‬
‫ابن كعب) و(�سود بن عمرو) و(النخع بن عمرو) و(جرم) فتمكن من اللحاق بهم‬
‫والقب�ض عليهم و�إيداعهم �سجن م�أرب(‪.)70‬‬
‫احلمريي (�شمر‬ ‫ويرى الدكتور خالد الع�سلي �أن هذا النق�ش يعالج ثورة على امللك ِ‬
‫يهرع�ش) قامت بها القبائل التي كانت ت�سكن �شمال جنران‪ ،‬وهم بنو احلارث بن كعب‬
‫و�سود بن عامر والنخع بن عمرو وجرم(‪.)71‬‬

‫ونقف يف هذا النق�ش �أمام احلقائق الآتية‪:‬‬


‫الأولى‪� :‬أن ِكندة مل تعد دولة �أو كيا ًنا م�ستقلاً كما كان احلال يف النق�شني ‪675,635‬‬

‫جام‪ ,‬والنق�ش �أن�صاري‪-‬الفاو‪.2‬‬


‫الثانية‪� :‬أن ِكندة يف ترتيبها ت�أتي يف مقدمة القبائل املكونة جلي�ش الأعراب‬

‫‪64‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫احلمريية‪.‬‬
‫احلمريي‪ ،‬وبدت قوة يح�سب لها ح�سابها داخل كيان الدولة ِ‬ ‫ِ‬
‫الثالثة‪ :‬الفرتة التي �أ�صبح فيها الكنديون خا�ضعني مللوك حمري هي فرتة حكم‬
‫امللك �شمر يهرع�ش (نهاية القرن الثالث و الثلث الأول من القرن الرابع امليالدي)‪.‬‬

‫‪ - 2‬م�شاركةكِندة يف حمالت ملوك حِ مري على قبائل معدّ‪:‬‬


‫تتحدث النقو�ش عن حمالت مللوك ِحمري �إلى و�سط �شبه اجلزيرة العربية‪� ,‬شاركت‬
‫للحمرييني منها النق�ش (‪ 509‬رينان)‪ ,‬الذي‬ ‫فيها ِكندة كقبيلة �أعرابية خا�ضعة ِ‬
‫(ح�سان)‬
‫يتحدث عن حملة ع�سكرية كبرية قادها امللكان (�أبو كرب �أ�سعد) وابنه ّ‬
‫ملكا �سب�أ وذي ريدان وح�ضرموت ومينت و�أعرابهم طودم وتهمت �إلى �أر�ض قبائل‬
‫(مع ّد)‪ ,‬ودارت املواجهة يف وادي (م�أ�سل اجلمح)‪ ،‬و�أعاد العلماء تاريخ هذا النق�ش‬
‫�إلى العقدين الأولني من القرن اخلام�س امليالدي(‪.)72‬‬
‫احلمريي (مع ّد‬ ‫ويتحدث نق�ش �آخر عن جتريد حملة ع�سكرية �أخرى تزعمها امللك ِ‬
‫كرب يعفر)؛ للدفاع عن الأعراب اخلا�ضعني ململكة ِحمري بعد تعر�ضهم لهجوم املنذر‬
‫احلمريي‬ ‫ملك احلرية‪ ,‬وكانت ِكندة من بني قبائل الأعراب تلك‪ ,‬و�شاركت مع اجلي�ش ِ‬
‫يف هذه احلملة؛ ل�صد الهجوم اللخمي امل�ساند لقبائل مع ّد‪ ،‬وكان ذلك يف عام ‪516‬م‪.‬‬
‫وهذا النق�ش مو�سوم لدى العلماء بـ (‪ 510‬رينان)‪ .‬ودارت املعركة ب�أر�ض جند بوادي‬
‫احلمريي(‪.)73‬‬
‫م�أ�سل اجلمح‪ ,‬وانت�صر فيها اجلي�ش ِ‬
‫كما �شاركت ِكندة يف احلملة الع�سكرية التي �أر�سلها �أبرهة؛ ملحاربة قبائل مع ّد يف‬
‫(‪)74‬‬
‫جند‪ ,‬وحينها كان �أبرهة مل ًكا على ِحمري �إثر الغزو احلب�شي ململكة ِحمري عام ‪525‬م‬
‫وكان على ر�أ�س ِكندة قائدها (�أبو جرب)‪ .‬وتاريخ هذه احلملة هو عام ‪547‬م(‪.)75‬‬
‫احلمريية على قبائل مع ّد ا�ستمرا ًرا‬
‫الكندية يف احلمالت ِ‬ ‫وت�شكل هذه امل�شاركة ِ‬
‫احلمريي غري النظامي (جي�ش‬ ‫للدور الع�سكري ِلكندة كقبيلة حماربة يف قوام اجلي�ش ِ‬
‫الأعراب)‪.‬‬
‫وبهذه النقو�ش يت�ضح لنا ال��دور الع�سكري الكبري ال��ذي قامت به ِكندة ل�صالح‬

‫‪65‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫ملوك ِحمري على مدى قرنني من الزمان‪ ,‬منذ �أن �أ�صبحت قبيلة �أعرابية‪ ،‬بل الف�صيل‬
‫الكنديني‬
‫الرئي�س يف جي�ش الأعراب �إثر �سقوط حكمها يف قرية ذات كهل‪ .‬وال�شك �أن ِ‬
‫قد جمعوا من هذه احلروب غنائم كثرية‪ ،‬وظلوا حمافظني على كيانهم يف مناطق‬
‫احلمريية‪ ,‬وجت�سد ذلك اخل�ضوع يف خ�ضوعها‬ ‫الأعراب ولكن يف ظل اخل�ضوع للمملكة ِ‬
‫احلمريي(‪.)76‬‬
‫لقائد جي�ش الأعراب ِ‬

‫ثال ًثا‪ِ :‬كندة يف ح�ضرموت‪:‬‬


‫تعد ِكندة اليوم من �سكان ح�ضرموت‪ ,‬وميكننا القول‪� :‬إنَّ املعقل الأخري للكنديني‬
‫يف �شبه اجلزيرة العربية هو ح�ضرموت‪ ,‬ونق�صد بذلك ِكندة ككيان �سيا�سي وقبلي برز‬
‫وجوده يف ح�ضرموت قبل الإ�سالم بفرتة تقدر ب�أكرث من مائة عام(‪ .)77‬و ال�س�ؤال الذي‬
‫يواجه الباحث هنا هو‪ :‬كيف انتقلت ِكندة �إلى ح�ضرموت بعد �أن كانت قبيلة �أعرابية‬
‫احلمريي يف الفرتة من نهاية القرن الثالث‬ ‫يف مقدمة القبائل املكونة جلي�ش الأعراب ِ‬
‫امليالدي حتى نهاية القرن اخلام�س؟‬
‫كان االعتقاد ال�سائد لدى امل�ؤرخني العرب القدامى قبل الك�شف عن النقو�ش �أن‬
‫املوطن الأول ِلكندة هو ح�ضرموت‪ ,‬وهنا يقول ابن خلدون‪�« :‬إن مواطن ِكندة الأ�صلية‬
‫كانت بجبال اليمن مما يلي ح�ضرموت»(‪� .)78‬أما الهمداين فيقول‪« :‬كان بح�ضرموت‬
‫ال�ص ّدف من يوم هُ م ثم فاءت �إليهم ِكندة بعد قتل ابن اجلون يوم ِ�شعب ِجبلة ملا‬
‫ان�صرفوا من الغمر غمر ذي ِكندة»‪ .‬ويق�صد الهمداين هنا هجرة الكنديني من �آل‬
‫اجلون الذين �أقاموا حك ًما لهم يف اليمامة يف فرتة القرن ال�ساد�س امليالدي‪ ,‬وعليه ف�إن‬
‫الهمداين قد جعل املوطن الأول ِلكندة بالد جند‪ .‬ويعتقد الدكتور �سرجي�س �أن ذلك‬
‫اليوم قد حدث يف الفرتة ما بني عامي ‪525‬م – ‪580‬م‪ ,‬ويرجح حدوثه عام ‪569‬م(‪.)79‬‬
‫وقد تبينّ لنا من النقو�ش والآثار �أن املوطن الأ�صلي ِلكندة هو قرية ذات كهل‪ ,‬وعليه‬
‫ف�إنه ال ح�ضرموت وال غمر ذي ِكندة يف جند ي�شكالن املوطن الأ�صلي ِلكندة كما اعتقد‬
‫م�ؤرخونا القدامى واملحدثون‪ ,‬و�سوف نتتبع النقو�ش؛ لنعرف من خاللها كيفية انتقال‬

‫‪66‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫ِكندة �إلى ح�ضرموت‪:‬‬


‫النقو�ش التي لها عالقة بالوجود الكندي يف ح�ضرموت‪:‬‬
‫نبد�أ حديثنا بنق�ش �أبرهة املو�سوم بـ (‪)C.I.H 541‬؛ لأن��ه النق�ش الوحيد الذي‬
‫يتحدث عن الوجود الكندي ال�صريح يف ح�ضرموت‪ .‬لقد �سطر �أبرهة نق�شه الطويل‬
‫هذا والذي احتوى على ذكر العديد من الأحداث املهمة يف الفرتة التي يتحدث عنها‬
‫النق�ش‪ ,‬كان من �أبرزها مترد يزيد بن كب�شة خليفته على ِكندة‪ ,‬وثانيها هو تهدم �سد‬
‫م�أرب والإ�صالحات التي قام بها �أبرهة؛ لإعادة ال�سد �إلى ما كان عليه قبل تهدمه‬
‫الذي ح�صل �إبان ثورة يزيد بن كب�شة‪.‬‬
‫ويبد�أ النق�ش بت�سجيل �أحداث ثورة يزيد بن كب�شة و�سماه يف النق�ش بـ (خليفته‬
‫الذي ا�ستخلفه على ِكندة)(‪.)80‬‬
‫ونقف يف هذا النق�ش �أمام عبارتني لهما دالالت مهمة فيما يتعلق بالأو�ضاع ال�سيا�سية‬
‫يف ح�ضرموت يف تلك الفرتة التي حدثت فيها ثورة يزيد بن كب�شة على �أبرهة‪:‬‬
‫العبارة الأولى‪« :‬يزيد بن كب�شة خليفته الذي ا�ستخلفه على ِكندة»(‪.)81‬‬
‫والعبارة الثانية‪« :‬ويزيد جمع الذين �أطاعوه من ِكندة وحارب ح�ضرموت»(‪.)82‬‬
‫فالعبارة الأول��ى ت�ؤكد �أن يزيدً ا كان خليفة لأبرهة على ِكندة‪ ,‬و�أبرهة هو امللك‬
‫احلمرييون‪,‬‬‫احلمريي‪ ،‬و�إن مل يكن ِحمري ًّيا فقد �أ�صبح يتمتع مبا كان يتمتع به امللوك ِ‬
‫ِ‬
‫ودانت له معظم مناطق جنوب �شبه اجلزيرة العربية‪ ،‬ومن بينها ح�ضرموت مبا يف‬
‫أي�ضا �أن يزيدً ا هو الزعيم الكندي‪ .‬ويوحي‬‫ذلك ِكندة‪ .‬ون�ستخل�ص من هذه العبارة � ً‬
‫لنا النق�ش ب�أنه �أعلن والءه لأبرهة بعد �أن �أ�صبح مل ًكا على ِحمري‪ ,‬و�أقره �أبرهة على‬
‫ِكندة زعي ًما وخليف ًة له مبعنى نائبه على ِكندة‪ .‬وذلك على طريقة احلكم يف اليمن قبل‬
‫الإ�سالم‪ ,‬املتمثلة يف تعيني خلفاء للملك على القبائل واملدن ينتمون �إلى قبيلة نف�سها‬
‫عدا بع�ض احلاالت التي يتم فيها تعيني خلفاء للملك ال ينتمون �إلى قبيلة‪.‬‬
‫ويزيد كان كند ًّيا واكتفى �أبرهة بذكر ا�سمه وا�سم �أمه (كب�شة)‪ .‬ويذكر لوندين �أن‬
‫زوجة معاوية بن حجر والد يزيد كانت ت�سمى (كب�شة) ودُعي �أبنا�ؤها عادة با�سمها كما‬

‫‪67‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫هو احلال يف بع�ض �أ�سماء امل�شهورين من ملوك العرب و�شعرائهم قبل الإ�سالم‪� ,‬أمثال‬
‫عمرو بن هند وعمرو بن كلثوم وغريهما‪ ،‬وذكر الهمداين �أن يزيدً ا هو ابن معاوية �أحد‬
‫بطون قبيلة ِكندة(‪.)83‬‬
‫�أما العبارة الثانية‪« :‬ويزيد جمع الذين �أطاعوه من ِكندة وحارب ح�ضرموت» ف ُيفهم‬
‫منها �أن يزيد بن كب�شة �سيطر على ح�ضرموت بدليل �أن �أبرهة ذكر يف النق�ش ب�أن يزيد‬
‫�أطاح بـ (مازن هجان الأذموري) وقام ب�أ�سره يف حني جل�أ �إليه فا ًّرا كبري ح�ضرموت‬
‫(حاكم ح�ضرموت)(‪.)84‬‬
‫فنق�ش �أبرهة يثبت لنا الوجود الكندي ال�صريح بح�ضرموت‪ ،‬وهو لي�س وجودًا عاد ًّيا‬
‫بل كيا ًنا ِكند ًّيا يحكم جز ًءا من ح�ضرموت‪ ،‬بل �إنه �سيطر على ح�ضرموت بكاملها‬
‫يف فرتة زعامة يزيد بن كب�شة الذي �أ�صبح حاك ًما حل�ضرموت ِوكندة م ًعا بعد فرار‬
‫كبري ح�ضرموت �إلى م���أرب و�أ�سر (م��ازن هجان الأذم��وري) الذي رمبا كان ر�سول‬
‫�أبرهة �إلى يزيد؛ لإقناعه بالعدول عن الثورة التي �أعلنها على الأحبا�ش منطل ًقا من‬
‫ح�ضرموت(‪.)85‬‬
‫أي�ضا ومن العبارة التي �سبق ذكرها �أن منطقة ح�ضرموت‬ ‫ون�ستدل من هذا النق�ش � ً‬
‫كانت تخ�ضع حلاكمني �أو زعيمني ولي�س حاك ًما واحدً ا وهما (كبري ح�ضرموت)‪ ،‬وكان‬
‫حاك ًما على ح�ضرموت‪ ،‬و(يزيد بن كب�شة) وكان حاك ًما على ِكندة بجوار ح�ضرموت‪,‬‬
‫ويقودنا هذا �إلى القول بوجود كيانني يف ح�ضرموت هما الكيان احل�ضرمي والكيان‬
‫الكندي‪.‬‬
‫ِ‬
‫ول�سنا هنا ب�صدد احلديث عن يزيد بن كب�شة وثورته �ضد �أبرهة لأن ما يهمنا‬
‫هنا هو الوجود الكندي بح�ضرموت‪ ,‬حيث ت�أكد لنا مبا ال يدع جما ًال لل�شك �أن ِكندة‬
‫�سيا�سي يف ح�ضرموت منذ الن�صف الأول من القرن ال�ساد�س‬ ‫ًٌ‬ ‫قد �أ�صبح لها كيا ٌن‬
‫امليالدي‪ ,‬وعا�شت جن ًبا �إلى جنب مع الكيان احل�ضرمي‪ ,‬الأمر الذي يقودنا �إلى القول‬
‫ب�أن ِكندة ا�ستوطنت جز ًءا من ح�ضرموت يف فرتة �سابقة لهذا التاريخ‪ ,‬فمتى ح�صل‬
‫هذا اال�ستيطان؟‬

‫‪68‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫لقد �ساد اعتقاد لدى م�ؤرخينا‪ ,‬القدامى منهم واملحدثون ب�أن ا�ستيطان ِكندة‬
‫حل�ضرموت قد حدث يف القرن ال�ساد�س امليالدي عقب هزميتها يف جند واليمامة‪.‬‬
‫ويرى بع�ضهم �أن ا�ستيطا ًنا ِكند ًّيا يف ح�ضرموت قد �سبق هجرتهم الأخرية ولكن دون‬
‫حتديد زمني دقيق‪ ,‬حيث اكتفى جونار �أوليندر بالقول‪� :‬إن اجلزء الأكرب من ِكندة مع‬
‫الكندية اجلديدة يف جند يف‬
‫زعمائهم كان بح�ضرموت يف فرتة ظهور وازدهار اململكة ِ‬
‫القرن اخلام�س امليالدي‪� .‬أما �سرجي�س فريى �أن ا�ستيطان ِكندة حل�ضرموت قد حدث‬
‫يف بداية الأربعينات من القرن ال�ساد�س امليالدي معتمدً ا على ذكر يزيد بن كب�شة‬
‫ومترده على �أبرهة احلب�شي كما جاء يف نق�ش �أبرهة املو�سوم بـ( ‪ )C. I. H 541‬وذلك‬
‫عام ‪542‬م(‪.)86‬‬
‫احل��م�يري بحملتني عظيمتني على‬ ‫حتدثنا النقو�ش ع��ن قيام جي�ش الأع���راب ِ‬
‫تنفيذا لأوام��ر ملوك ِحمري للق�ضاء على حركة االنف�صال عن الدولة‬ ‫ً‬ ‫ح�ضرموت؛‬
‫املركزية التي �شهدتها ح�ضرموت يف فرتة القرن اخلام�س امليالدي(‪.)87‬‬

‫وللوقوف على الأمر وتفا�صيل هاتني احلملتني نعر�ض املعلومات الواردة يف تلك‬
‫النقو�ش‪:‬‬
‫ال���ن���ق�������ش الأول ه�����و امل�����و������س�����وم ب�����ـ (‪ 665‬ج����������ام)‪ ,‬وه�������و م�����ن عهد‬
‫امل���ل���ك�ي�ن ي���ا����س���ر ي���ه���ن���ع���م واب�����ن�����ه ذر�أ �أم��������ر �أمي��������ن و����س���ج���ل���ه ق���ائ���ده���م���ا‬
‫(����س���ع���د ت������أل�����ب ي���ت���ل���ف اجل���������دين) وه������و ن���ف�������س���ه ق����ائ����د ج���ي�������ش الأع���������راب‬
‫احل�����م��ي��ري يف ع���ه���ده���م���ا‪ ،‬وج��������اء ف����ي����ه‪( :‬ب������أم�����ر م�����ن ����س���ي���دي���ه امل��ل��ك�ين‬ ‫ِ‬
‫( يا�سر يهنعم وابنه ذر�أ �أمر�أمين) (ملكي �سب�أ وذي ري��دان وح�ضرموت ومينت)‬
‫اجته بجي�شه الأع ـ ـ ـ ــرابي‪ ،‬ويف مقدمته كندة؛ للق�ضــاء على حركة االنف�صـال يف‬
‫ح�ضرمـ ـ ــوت)(‪.)88‬‬
‫وذك����ر ���س��ع��د ت���أل��ب اجل����دين امل��ن��اط��ق احل�����ض��رم��ي��ة ال��ت��ي و���ص��ل �إل��ي��ه��ا جي�شه‬
‫ف��ذك��ر(ال��ع�بر) و( ُده�����ر) و(رخ���ي���ة)‪ .‬وي��ب��دو م��ن ���س��ي��اق النق�ش �أن �سعد ت�ألب‬

‫‪69‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫ق���د �أحل����ق ال��ه��زمي��ة ب��ج��ي�����ش ح�����ض��رم��وت ول��ك��ن��ه مل ي��ت��م��ك��ن م���ن ال��ق�����ض��اء على‬
‫احل���م�ي�ري���ة؛ �إذ مل يذكر‬ ‫احل���رك���ة‪ ،‬و�إع������ادة ح�����ض��رم��وت �إل����ى ح��ظ�يرة ال���دول���ة ِ‬
‫�أن���ه �أ���س��ر ���س��ي��دي ح�����ض��رم��وت وق����ادة االن��ف�����ص��ال ف��ي��ه��ا‪ ،‬وه��م��ا (رب��ي��ع��ة ب��ن وائ���ل)‬
‫و(ذهل) وذكر فقط �أنه �أ�سر قائد الركبان ويدعى (�أف�صي بن جمان) و�أقيال وكبار‬
‫ح�ضرموت(‪.)89‬‬
‫والنق�ش ال��ث��اين ه��و املو�سوم ب��ـ (‪� 32‬إ) و�صاحبه ه��و القائد نف�سه ال��ذي كتب‬
‫النق�ش ال�سابق (‪665‬جام) و�صفته ه��ي �صفته نف�سها ال�سابقة (ق��ائ��د جي�ش‬
‫احل��م�يري) غ�ير �أن الأوام����ر يف ه��ذا النق�ش تلقاها م��ن امللك اجلديد‬ ‫الأع����راب ِ‬
‫(ذمار علي يهرب) (ملك �سب�أ وذي ريدان وح�ضرموت ومينت) وهو امللك الذي خلف‬
‫امللكني (يا�سر يهنعم وابنه ذر�أ �أم ٌر �أمي��ن) وهو �أمر ي�ؤكده ا�ستمرار القائد نف�سه‬
‫(�سعد ت�ألب يتلف اجلدين) قائدً ا جلي�ش الأعراب يف العهدين املذكورين(‪ )90‬وذكر‬
‫�سعد ت�ألب اجلدين يف هذا النق�ش �أنه رابط يف مدينة (ال َعرب) بعد عودته من �أر�ض‬
‫ح�ضرموت �إثر غزوته ال�سابقة لها حتى و�صلت �إليه الأوامر من �سيده امللك ( ذمار علي‬
‫يهرب) لغزو ح�ضرموت و�أ�سنده بقبيلة �سب�أ م�أرب(‪� .)91‬إن �إ�سناد جي�ش الأعراب بقبيلة‬
‫�سب�أ م�أرب يدل على �أن القوة ال�سابقة مل تكن قادرة على الق�ضاء على حركة االنف�صال‬
‫يف ح�ضرموت ولهذا رابط �سعد مبدينة العرب احلدودية احل�ضرمية حتى و�صل �إليه‬
‫املدد الع�سكري املتمثل يف قبيلة �سب�أ القاطنة م���أرب‪ .‬وهنا يتحدث �سعد ت�ألب يف‬
‫نق�شه اجلديد (‪� 32‬إ) عن مهاجمته جميع مدن ح�ضرموت وذكرها باال�سم (�صو�أران‪,‬‬
‫�شبام ‪ -‬وذكر �أن ب�شبام قبائل ال�صدف ‪ -‬رطغة‪� ,‬سيئون‪ ,‬مرمية‪ ,‬حدب‪ ,‬عر �أهالن‬
‫(ح�صن �أهالن)‪ ,‬ترمي‪ ,‬دمون‪ ,‬م�شطه‪ ,‬عر كليب (ح�صن كليب) (‪ .)92‬ومن �سياق‬
‫ذكر تلك املدن احل�ضرمية يف النق�ش يت�ضح مدى الدقة يف هذا النق�ش‪ ,‬فالرتتيب لهذه‬
‫املدن يف النق�ش هو الرتتيب نف�سه املحدد لها على الواقع حتى يومنا هذا بد ًءا ب�شبام‬
‫فرتمي فدمون فم�شطة فح�صن العر القريب من منطقة ال�سوم احلالية التي ت�شكل‬
‫بداية النهاية ملناطق وادي ح�ضرموت‪ ,‬ومازالت معظم هذه املدن قائمة وب�أ�سمائها‬

‫‪70‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫نف�سها املذكورة يف النق�ش ‪.‬‬


‫وذكر �سعد ت�ألب اجلدين �أنه هزم جي�ش ح�ضرموت وقام ب�أ�سر �سيد ح�ضرموت‬
‫وملكها وا�سمه (�أمن��ار) ومعه (ربيعة بن وائ��ل)‪ ،‬و�أخذهما معه حتى قدم بهما �إلى‬
‫احلمريية(‪ .)93‬وب�أ�سرهما عادت ح�ضرموت من جديد �إلى حظرية‬ ‫(ظفار) العا�صمة ِ‬
‫احلمريية‪.‬‬ ‫الدولة املركزية ِ‬
‫وما يهمنا من هذين النق�شني هو �أمر ِكندة التي كانت يف مقدمة جي�ش الأعراب‬
‫الذي يقوده (�سعد ت�ألب اجلدين) وهي بذلك تدخل ح�ضرموت لأول مرة وال ذكر لها‬
‫يف ح�ضرموت قبل ذلك التاريخ (الن�صف الثاين من القرن الرابع امليالدي)‪.‬‬
‫و�إذا ما قارنا بني نق�ش �أبرهة (‪ )C.I.H 5 4 1‬والنق�شني (‪ 665‬جام‪� 32 ,‬إ) ف�سنجد‬
‫�أن الفارق الزمني الذي يف�صل بينهما يق َّدر بحوالى قرن من الزمان‪ ,‬وهذا هو الفارق‬
‫الزمني بني دخول ِكندة وا�ستيطانها يف ح�ضرموت‪ ،‬وبني ِكندة كيا ًنا حاك ًما يف جزء من‬
‫ح�ضرموت يف عهد �أبرهة (‪.)94‬‬
‫والتف�سري الذي يبدو مقبو ًال عندنا حول ا�ستيطان ِكندة يف جزء من ح�ضرموت‬
‫هو �أن ِكندة �أو ق�س ًما منها �آثر البقاء يف ح�ضرموت عقب انت�صار جي�ش الأعراب على‬
‫احلمريي (ذمار علي يهرب) هو الذي �أمر بتوطني‬ ‫احل�ضارمة‪ .‬ومن املحتمل �أن امللك ِ‬
‫ِكندة �أو ق�سم منها يف ح�ضرموت؛ ل�ضمان عدم عودة ح�ضرموت للتمرد على الدولة‬
‫احلمريية واالنف�صال مرة �أخرى‪ ،‬وذلك ملا تتمتع به ِكندة من قدرات قتالية‬ ‫املركزية ِ‬
‫عالية‪ .‬وعلى هذا الأ�سا�س اتخذت ِكندة من املناطق الغربية من ح�ضرموت التي تبد�أ‬
‫من �شبام‪ ،‬وتنتهي بالعرب منطقة ال�سكن والعي�ش اجلديدة لها‪ .‬فا�ستقروا يف هذه املدن‬
‫احل�ضرمية وتركوا حياة الأعراب التي كانوا يعي�شونها‪ ،‬وذلك منذ منت�صف القرن‬
‫الرابع امليالدي‪ ,‬و�شي ًئا ف�شي ًئا توطد نفوذهم حتى �أ�صبحوا يف القرن ال�ساد�س امليالدي‬
‫كيا ًنا حاك ًما للجزء الغربي من ح�ضرموت(‪ .)95‬وظل هذا الكيان الكندي قويا يف اجلزء‬
‫الغربي من ح�ضرموت‪.‬‬
‫وميكننا القول‪� :‬إنه ومنذ ا�ستيطان ِكندة للجزء الغربي من ح�ضرموت يف القرن‬

‫‪71‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫والكنديني‪ ,‬فا�ستقر‬ ‫مق�سمة بني احل�ضرميني ِ‬ ‫الرابع امليالدي �أ�صبحت ح�ضرموت ّ‬


‫الكنديون ما بني �شبام والعرب‪ ،‬يف حني انح�صر احل�ضرميون ما بني �شبام وح�صن‬
‫العر �إل��ى ال�شرق من ت��رمي‪ ,‬ثم حدثت الهجرة الأخ�يرة ِلكندة من جند واليمامة‬
‫فا�ستوطن القادمون يف اجلزء ال�شرقي من ح�ضرموت‪ .‬وما ي�ؤكد ذلك االنق�سام قبل‬
‫الإ�سالم هو وجود ملكني يحكمان بلد ح�ضرموت عند جميء الإ�سالم‪ ،‬وهما اللذان‬
‫�أعلنا �إ�سالم ح�ضرموت �أمام الر�سول حممد‪� ،‬صلى اهلل عليه و�سلم يف املدينة‪ ,‬وهما‬
‫(وائل بن حجر احل�ضرمي) و(الأ�شعث بن قي�س الكندي)(‪ .)96‬ومن الطبيعي �أن يدخل‬
‫الطرفان الكندي واحل�ضرمي يف نزاع‪ ،‬يف الفرتة التي �أعقبت ا�ستيطان ِكندة‪ ,‬و�أ�شار‬
‫بع�ض الباحثني �إلى حدوث هذا النزاع‪ ،‬ومن بينهم الأ�ستاذ الباحث احل�ضرمي �سعيد‬
‫عو�ض باوزير يرحمه اهلل حيث كتب‪« :‬وكان بني ِكندة وح�ضرموت حروب يف اجلاهلية‬
‫�أفنت كث ًريا منهم‪ ،‬وكانت احلرب �سجا ًال بني الطرفني‪ ,‬وبقي العداء بينهم حتى جاء‬
‫الإ�سالم»(‪.)97‬‬
‫وكتب امل�ست�شرق الرو�سي بيوتروف�سكي‪�« :‬أن احل�ضارمة دخلوا مع ِكندة الوافدين‬
‫الكنديني و�أقيال ح�ضرموت‪,‬‬ ‫يف نزاع م�ستمر‪ ،‬ودارت رحى املناف�سة بني الزعماء ِ‬
‫وكانت هذه املناف�سة جوهر حرب الردة يف ح�ضرموت حيث مترد الكندي ـ ـ ـ ـ ــون على‬
‫امل�سلمني»(‪.)98‬‬
‫�أما يف النقو�ش فقد وردت �إ�شارة يف نق�ش �أبرهة املو�سوم بـ (‪ )C.I.H 541‬عن حدوث‬
‫نزاع بني يزيد بن كب�شة وكبري ح�ضرموت متكن بعده يزيد من ال�سيطرة على ح�ضرموت‬
‫بكاملها‪ ،‬وف َّر كبري ح�ضرموت م�ستنجدً ا ب�أبرهة‪ .‬ومن املحتمل �أن خال ًفا قد ن�شب بني‬
‫الزعيمني حول القيام بالثورة �ضد احلكم احلب�شي انطال ًقا من ح�ضرموت الأمر الذي‬
‫دفع يزيد بن كب�شة �إلى حماربة ح�ضرموت وال�سيطرة عليها‪.‬‬

‫راب ًعا‪ :‬ت�أ�سي�س حكم ِكندة يف جند‪:‬‬


‫لقد �أ�صبح ِلكندة يف القرنني اخلام�س وال�ساد�س امليالديني ما ي�شبه احلكومة‬

‫‪72‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫القبلية يف منطقة جن��د بو�سط �شبه اجل��زي��رة ال��ع��رب��ي��ة‪ ,‬وك���ان مقرها يف غمر‬
‫�لا م��ن م��ك��ة‪ .‬و�أط��ل��ق زع��م��اء ِك��ن��دة على �أنف�سهم‬ ‫ذي ِك��ن��دة على بعد ع�شرين م��ي ً‬
‫لقب (م��ل��وك ِك��ن��دة) وك���ان �أول ملوكهم ه��و(ح��ج��ر ب��ن ع��م��رو) امللقب ب��ـ (�آك��ل‬
‫املرار)(‪ )99‬وحت���دث الإخ��ب��اري��ون ال��ع��رب بالتف�صيل ع��ن ه����ؤالء امل��ل��وك و�سنوات‬
‫��ارك��ن��دة يف غ��م��ره��ا‪ ،‬و�أ���ش��ه��ره��ا كتاب‬
‫حكمهم‪ ،‬وام��ت�ل�أت الكتب احل��دي��ث��ة ب���أخ��ب ِ‬
‫(جونار �أوليندر) وعنوانه (ملوك ِكندة من بني �آكل املرار) الذي �صدر عام ‪1927‬م‪,‬‬
‫و�صدرت ترجمة له من قبل الدكتور عبد اجلبار املطلبي عام ‪1973‬م‪ ,‬و�صدر عن دار‬
‫احلرية ببغداد ‪.‬‬
‫وحيث �إننا ملتزمون يف ه��ذا البحث ب�أخبار ِكندة يف النقو�ش والآث���ار ف�سوف‬
‫يقت�صر حديثنا يف هذا املو�ضوع بالبحث عن دليل نق�شي نتعرف من خالله على الدور‬
‫الكندي يف جند يف هذه الفرتة‪ ،‬وخا�صة فيما يتعلق بت�أ�سي�س هذا احلكم الذي ربطته‬
‫الروايات العربية ب�أحد ملوك ِحمري العظام وي�سمونه بـ ( ُت َّبع ح�سان) و(تبع كرب)‬
‫و(�أبي كرب)(‪ .)100‬وتفيد الروايات العربية �أنَّ التبع اليماين ال�سابق ذكره ملا غزا‬
‫العراق خ�ضعت له قبائل مع ّد يف جند‪ ،‬فجعل عليهم (حجر بن عمرو الكندي) امللقب‬
‫احلمريي ح�سان من جهة‬ ‫بـ (�آكل املرار) ف�أ�صبح مل ًكا عليهم‪ .‬وجعلوا حج ًرا � ًأخا للتبع ِ‬
‫�أمه(‪ )101‬وذكرت الروايات العربية �أن �أول موقع نزل به حجر هو (بطن عاقل) جنوب‬
‫احلمرييني‬ ‫وادي ال ّرمه على الطريق بني مكة والب�صرة(‪ )102‬ومبقارنة �أ�سماء امللوك ِ‬
‫احلمرييني الذين ورد ذكرهم يف النقو�ش‬ ‫املذكورين يف كتب الأخبار مع �أ�سماء امللوك ِ‬
‫احلمريي (�أبي‬ ‫يف فرتة القرن اخلام�س امليالدي‪ ,‬جند �أن الأمر ينح�صر بني امللك ِ‬
‫(ح�سان)‪.‬‬
‫كرب �أ�سعد) وابنه ّ‬
‫احلمريي الذي تن�سب �إليه �أول �إ�ضافة يف اللقب امللكي‬ ‫و�أبو كرب �أ�سعد هو امللك ِ‬
‫احلمريي بعد �ضم ح�ضرموت لهذا اللقب يف عهد �شمر يهرع�ش واملتمثلة يف (و�أعرابهم‬ ‫ِ‬
‫طودم وتهمت)‪ ,‬والتي تعني تو�سيع �سيطرة ملوك ِحمري؛ لت�شمل الأع��راب يف جبال‬
‫ع�سري وتهامة(‪.)103‬‬

‫‪73‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫وتفيدنا النقو�ش �أنَّ امللك �أبا كرب �أ�سعد قد �أ�شرك معه ابنه ح�سان يف احلكم‪,‬‬
‫وا�شرتكا يف غزوة �إلى �أر���ض جند وقبائل مع ّد‪ ,‬ومتت املواجهة الع�سكرية يف وادي‬
‫احلمريي الن�صر على قبائل مع ّد‪ ،‬وذلك يف حدود‬ ‫(م�أ�سل اجلمح) وحقق اجلي�ش ِ‬
‫القرن اخلام�س امليالدي ح�سب تقديرات العلماء لتاريخ النق�ش(‪.)104‬‬
‫الكنديني بـ (الأعراب) يف‬ ‫احلمريي ِكندة‪ ,‬وقد ورد و�صف ِ‬ ‫وكان يف قوام اجلي�ش ِ‬
‫هذا النق�ش‪ ,‬الأمر الذي يدل على �أن ِكندة امل�شاركة يف احلملة هم من الأعراب‪ ,‬وقد‬
‫عرفنا �ساب ًقا �أن ِكندة قد نزحت من مركزها يف قرية �إلى منطقة الأعراب يف ع�سري‬
‫وما حولها(‪ ،)105‬فهذا النق�ش املو�سوم بـ (‪ 509‬رينان) ي�ؤكد لنا حقيقة قيام �أبي كرب‬
‫�أ�سعد وابنه ح�سان بغزوة �إلى �أعماق �شبه اجلزيرة العربية‪ ،‬وبالتحديد قبائل مع ّد التي‬
‫�أ�صبحت بعد هذه احلملة تخ�ضع حلكم ملوك ِكندة من بني �آكل املرار‪.‬‬
‫احلمريية التي �شهدت‬ ‫واملحتمل هنا �أن معدًّا �شكلت خط ًرا ما على حدود الدولة ِ‬
‫احلمريي ف�شملت مناطق الأع��راب (ع�سري وما حولها)‪,‬‬ ‫تو�س ًعا يف عهد هذا امللك ِ‬
‫احلمريية‪ ،‬الأمر الذي دفع �أبا كرب �أ�سعد‬‫وبذلك �أ�صبحت مع ّد جماورة حلدود اململكة ِ‬
‫للقيام بهذه احلملة؛ لت�أديب قبائل مع ّد‪ ،‬ورمبا فكر يف �إخ�ضاعها ولو ب�شكل غري مبا�شر‬
‫عن طريق تعيني الزعيم الكندي (حجر بن عمرو) مل ًكا على قبائل مع ّد نيابة عن‬
‫الكنديني هم الأقربون للمع ّديني‪ ،‬و�أدرى بهم مبالهم من عهد‬ ‫احلمرييني‪ .‬ورمبا لأن ِ‬
‫ِ‬
‫�سابق للحكم يف املنطقة �إ َّبان حكمهم يف قرية وجماورتهم لقبائل مع ّد ‪.‬‬
‫�إن اكت�شاف هذا النق�ش التاريخي املهم قد �ساعد على تف�سري الرواية العربية حول‬
‫احلمريية ‪.‬‬
‫ت�أ�سي�س حكم ِكندة يف جند‪ ،‬وارتباط ملوك ِكندة باململكة ِ‬
‫لقد ظل علماء التاريخ وبخا�صة امل�ست�شرقون منهم يرون يف هذه الرواية العربية‬
‫احلمريية جمرد ق�ص�ص و�أ�ساطري‬ ‫عن ت�أ�سي�س حكم ِكندة يف جند‪ ،‬وارتباطه باململكة ِ‬
‫احلمريي‪ ,‬ف�أ�صبح لهذه الرواية‬ ‫تروى عن تبابعة اليمن حتى مت العثور على هذا النق�ش ِ‬
‫احلمريي‬ ‫�أ�سا�س تاريخي متني ولي�س �أ�سطور ًّيا‪ .‬و�أ�صبح ثابتًا لدى العلماء و�صول اجلي�ش ِ‬
‫احلمرييان‪� :‬أبو كرب �أ�سعد وابنه ح�سان �إلى و�سط جند‪ ،‬وحتديدً ا وادي‬ ‫يقوده امللكان ِ‬

‫‪74‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫(م�أ�سل اجلمح)‪ ,‬ومما زاد من م�صداقية هذه احلملة �أنه مت العثور على هذا النق�ش‬
‫يف و�سط هذا الوادي القابع يف و�سط جند‪.‬‬
‫وهنا ي�ستقيم الأمر وتتفق الرواية العربية مع �أحداث هذا النق�ش (‪ 509‬رينان)‪,‬‬
‫احلمريي بقيادة امللكني (�أبي كرب �أ�سعد وابنه ح�سان) على‬ ‫فهو يذكر انت�صار اجلي�ش ِ‬
‫قبائل مع ّد‪ ,‬ورغم �أنه مل يذكر �شي ًئا عن تن�صيب الزعيم الكندي (حجر بن عمرو)‬
‫احلمرييني ف�إن الأمر يبدو مقبولاً ‪ ،‬فهما قد حققا‪،‬‬‫حاك ًما على قبائل مع ّد نيابة عن ِ‬
‫احلمريية‪ ،‬الأمر الذي يرجح تعيني‬ ‫الن�صر على مع ّد‪ ,‬وكانت ِكندة يف قوام احلملة ِ‬
‫احلمرييني‪.‬‬
‫زعيمها حاك ًما على مع ّد نيابة عن ِ‬
‫ويذكر جونار �أوليندر �أنه مت العثور على نق�ش من قبل (ريكمانز) يف هذه املنطقة‬
‫يحمل ا�سم (حجر بن عمرو ملك ِكندة) غري �أنني مل �أقف على هذا النق�ش وحمتواه‬
‫وهل اقت�صر على اال�سم فقط �أو �أكرث؟ فالكاتب مل ي�شر �إلى ذلك(‪.)106‬‬
‫�إن ما ميكن اخلروج به من هذه املقارنة بني امل�صادر النق�شية وامل�صادر الإخبارية‬
‫العربية فيما يتعلق باحلكم الكندي يف جند �أمران ‪:‬‬
‫احلمرييني �أث��ن��اء ف�ترة حكمهم‬
‫الأم��ر الأول‪ :‬ت�أكيد �صلة ملوك ِكندة بامللوك ِ‬
‫حكاما وملو ًكا على قبائل مع ّد‪ ,‬وم��ا ي�ؤكد �صحة ه��ذا ال��ر�أي �أن �سقوط‬‫يف جند ً‬
‫احل�م�يري��ة على ي��د الأحبا�ش‬
‫احلكم الكندي يف جن��د ج��اء عقب �سقوط اململكة ِ‬
‫عام ‪ 525‬م(‪.)107‬‬
‫الأم���ر ال��ث��اين‪��� :‬ض��رورة �إع���ادة النظر يف احل��ك��م على املعلومات ال��ت��ي ذكرها‬
‫الإخباريون العرب عن تاريخ �شبه اجلزيرة العربية والتي يعتقد الكثري من م�ؤرخينا‬
‫املعا�صرين �أن معظمها ن�سج من اخليال والأ�ساطري وبعيدة عن الواقع‪ ،‬وخا�صة تلك‬
‫احلمريي‬
‫التي تتعلق ب�أخبار العرب قبل الإ�سالم‪ ,‬بدليل ما �أكده اكت�شاف هذا النق�ش ِ‬
‫من املعلومات التي جاءت على ل�سان الإخباريني العرب عن ت�أ�سي�س حكم ِكندة يف جند‬
‫احلمريي على قبائل و�سط �شبه اجلزيرة العربية‪ .‬وعلينا نحن الباحثني‬ ‫وحملة التبع ِ‬
‫وامل�ؤرخني �أن نبادر بتحقيق ما جاء يف امل�صادر الإخبارية العربية عن طريق املقارنة‬

‫‪75‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫مع امل�صادر النق�شية والأثرية‪ ،‬و�إن�صاف م�ؤرخينا القدامى الذين بذلوا جهودًا م�ضنية‬
‫يف جمع تلك املعلومات وحتمل املعاناة يف تلك الظروف القا�سية‪ ،‬ومتكنوا من حفظها‬
‫للأجيال الالحقة‪.‬‬
‫ومهما �شاب هذه املعلومات من بع�ض اخلرافات الأ�سطورية ف�إنَّ احلقيقة التاريخية‬
‫كامنة بداخلها تنتظر من يبحث عنها‪ .‬ولنا يف الأوروبيني �أنف�سهم مث ٌل‪ ,‬فقد جعلوا‬
‫رئي�سا لتاريخ اليونان على الرغم من اجلانب‬ ‫ملحمتي الإلياذة والأودي�سة م�صد ًرا ً‬
‫الأ�سطوري امل�صاحب لهاتني امللحمتني‪.‬‬
‫�أما عن ارتباط ِكندة جند ِبكندة ح�ضرموت فلي�س يف النقو�ش املكت�شفة ما ي�شري‬
‫�إلى ذلك حتى الآن‪� .‬أما يف امل�صادر الإخبارية العربية ف�إننا جند حدي ًثا عن هجرة‬
‫ِكندة من جند �إلى ح�ضرموت �إثر �سقوط حكمها هناك(‪ .)108‬ون�ستخل�ص من هذه‬
‫امل�صادر دليلني حول ارتباط ِكندة جند ِبكندة ح�ضرموت ‪:‬‬
‫الأول‪ :‬ما ذكرته هذه امل�صادر على ل�سان �شاعر ِكندة اجلاهلي املعروف‪ ،‬وهو امر�ؤ‬
‫القي�س عندما قال‪:‬‬
‫دمون �إنا مع�شر ميانون و�إننا لأهلنا حمبون‬
‫وال�����دل�����ي�����ل ال�����ث�����اين م�����ا ق����ال����ه امل����ل����ك ال����ك����ن����دي الأ������ش�����ع�����ث ب�����ن قي�س‬
‫������ادم������ا م�����ن ح�������ض���رم���وت‪,‬‬
‫يف امل����دي����ن����ة وه�������و ي���ع���ل���ن �إ�������س���ل��ام ِك�����ن�����دة ق ً‬
‫(ي��ا ر���س��ول اهلل نحن بنو �آك��ل امل���رار‪ ،‬و�أن���ت اب��ن �آك��ل املرار)(‪ .)109‬على الرغم‬
‫م�صححا بقوله ‪« :‬نحن بنو الن�ضر‬ ‫ً‬ ‫من �أن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ر ّد عليه‬
‫ب��ن كنانة» ‪ ,‬جن��د �أن فيما ق��ال��ه الأ���ش��ع��ث ت���أك��ي��دً ا الم��ت��داد ن�سبه �إل���ى �آك���ل امل��رار‬
‫(حجر بن عمرو)‪.‬‬
‫فامر�ؤ القي�س �أكد ن�سبه اليماين وموطنه يف دمون ب�أر�ض ح�ضرموت الواقعة اليوم‬
‫مبنطقة دوع��ن‪ ،‬وهو ابن �آخ��ر ملوك ِكندة ‪ -‬حجر بن احل��ارث ‪ -‬الذين حكموا يف‬
‫جند ثم قتل على يد بني �أ�سد(‪.)110‬كما �أن امللك الكندي الأ�شعث بن قي�س قد �أكد‬
‫�صلته بـ (�آكل امل��رار) وهو (امللك حجر بن عمرو) م�ؤ�س�س احلكم الكندي يف جند‬

‫‪76‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫يف القرن اخلام�س امليالدي‪ .‬ف�إذا ما �صح هذا االرتباط ف�إن ِكندة جند قد هاجروا‬
‫من ح�ضرموت ثم عادوا �إليها بعد �سقوط حكمهم هناك‪ ،‬ولكن يبقى البحث عن �أدلة‬
‫قوية؛ لت�أكيد هذا االرتباط‪.‬‬

‫خام�سا‪ :‬املدن ال ِكندية يف ح�ضرموت ‪:‬‬ ‫ً‬


‫التذكر النقو�ش مد ًنا كندية يف ح�ضرموت‪ ،‬ولكنها تذكر مد ًنا ح�ضرمية يف �سياق‬
‫احلمريية‬
‫احلمريي لهذه املدن؛ لإعادتها �إلى حظرية الدولة ِ‬ ‫اكت�ساح جي�ش الأعراب ِ‬
‫احلمريية عقب �ضمها يف �أوائل القرن‬‫بعد حماولة ح�ضرموت االنف�صال عن الدولة ِ‬
‫احلمريي �شمر يهرع�ش(‪.)111‬‬ ‫الرابع امليالدي على يد امللك ِ‬
‫ومن املدن املذكورة يف النق�ش (‪� 32‬إ)‪( :‬العرب‪ ,‬و�صو�أران‪ ,‬و�شبام‪ ,‬ورطغة‪ ,‬و�سيئون‪,‬‬
‫ومرمية‪ ,‬وح��دب‪ ,‬وت��رمي‪ ,‬ودم��ون‪ ,‬وم�شطة)‪ .‬ومن احل�صون‪( :‬عر �أه�لان (ح�صن‬
‫الأهل)‪ ,‬وعر كليب (ح�صن كليب)(‪.)112‬‬
‫�أما يف النق�ش (‪665‬جام) فقد جاء ذكر مدن �أخرى هي‪�( :‬أراك‪ ,‬دهر‪ ,‬رخية‪,‬‬
‫(‪)113‬‬
‫�أعيان خرا�ص)‬
‫أي�ضا وهي‪( :‬عقران)‪ ,‬وجاء ذكرها بعد‬ ‫ويف النق�ش (‪� 31‬إ) جاء ذكر مدن �أخرى � ً‬
‫ذكر مدينة (�صو�أران) و(رطغة) بني (�شبوة) و(عقران)(‪ ،)114‬وجاء ذكر مدينة‬
‫(قنا) يف النق�ش (‪� 13‬إ)(‪ .)115‬وما زالت معظم هذه املدن حتمل الأ�سماء نف�سها‬
‫واملواقع نف�سها ماتزال حتى يومنا هذا يف وادي ح�ضرموت(‪.)116‬‬
‫الكندية بح�ضرموت ف�سوف جندها عند الهمداين يف‬ ‫�أما �إذا �أردنا معرفة املدن ِ‬
‫كتابه (�صفة جزيرة العرب)‪ ،‬وقد �أ�سهب يف ذكر بع�ض التفا�صيل عنها‪ ،‬فقال‪« :‬ف�إذا‬
‫خرج اخلارج من (العرب) لقي �أول ذلك (درب ال ُع َجيز الكندي) ثم (هينن)»‪ ،‬ويقول‬
‫عن (هينن)‪�» :‬إنها قرية كبرية يف �أ�سفلها �سوق ويف �أعالها ح�صن للح�صني حممد‬
‫التجيبي و�ساكنها (بنو ب ّدا) و (بنو �سهل) من جتيب)‪ .‬وما زالت هينن حتمل اال�سم‬
‫نف�سه حتى يومنا هذا»‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫ثم ذكر مدينة (�صوران)‪ ،‬وهي املدينة املذكورة نف�سها يف النقو�ش با�سم (�صو�أران)‬
‫وقال عنها‪�« :‬إنها قرية مقت�صدة لتجيب من ِكندة ثم (ق�شا ق�ش)» وقال عنها‪�« :‬إنها‬
‫قرية يف ر�أ�س جبل لتجيب‪ .‬ثم (عندل) وقال عنها‪« :‬مدينة عظيمة لل�صدف‪ ،‬ويذكر‬
‫قول امرئ القي�س فيها‪:‬‬
‫يوما بعندل‬ ‫ين مل �أَ ْل ُه بدمون م َّر ًة *** ومل �أ�شهد الغارات ً‬
‫ك�أ َ‬
‫ث��م (خ�����ودون) و(ه�����دون) و(دم�����ون) وي��ق��ول ع��ن��ه��ا‪�« :‬إن���ه���ا م���دن لل�صدف‬
‫بح�ضرموت»(‪.)117‬‬

‫ثم يذكر(الهجرين)‪ ،‬وقال عنهما‪�« :‬إنهما مدينتان متقابلتان يف ر�أ�س جبل ح�صني‬
‫يقال لواحدة (خيدون) اليوم‪ ,‬وذكر �أن �ساكن (خيدون) ال�صدف‪ ،‬و�ساكن (دمون)‬
‫بنو احلارث امللك ابن عمرو املق�صور بن حجر �آكل املرار»(‪.)118‬‬
‫ثم ي�صف الهمداين هذه املدن ب�أنها‪( :‬بلد ِكندة) ويقول عنه‪« :‬بلد ِكندة مرتفع ك�أنه‬
‫�سراة‪ ,‬وت�صب �أوديته يف ح�ضرموت‪ ،‬ثم ي�صب ح�ضرموت �إلى بلد مهرة من الهجرين‬
‫�إلى ريدة �أر�ضني واد فيه قرى كثرية ونخل للعباد من ِكندة»(‪.)119‬‬

‫الكندية ال�سفلى فيقول‪« :‬ثم يهبط الهابط �إلى (�سدبة)‬


‫ثم يوا�صل حديثه عن املدن ِ‬
‫(ح��ورة)»‪ .‬وقال عن حورة‪�« :‬إنها مدينة عظيمة‬ ‫قرية حممد بن يو�سف التجيبي ثم ُ‬
‫لبني حارثة من ِكندة(‪ .)120‬ثم (قارة الأ�شبا) وقال‪�« :‬إنها ِلكندة‪ ,‬ثم (العجالنية)‬
‫وقال عنها‪( :‬قرية كبرية مقابلة لهينن) �إال �أن هينن يف وادي العرب وا�سمه عني‪ ,‬ثم‬
‫(منوب) واد فيه قرى كثرية ونخل وزرع ويفي�ض مع (ال َعرب) و (دوعن) بني �شبام‬
‫والقارة)(‪.)121‬‬

‫الكندية بح�ضرموت بلد ِكندة يف‬


‫ويلخ�ص الهمداين يف ختام حديثه عن املدن ِ‬
‫وادي�ين فيقول‪« :‬وبلد ِكندة هي ه��ذان ال��وادي��ان ال َعرب ودوع��ن‪� ,‬أعالهما احل�صون‬

‫‪78‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫و�أ�سفلهما الزرع والنخل»(‪.)122‬‬


‫الكندية التي ذكرها الهمداين باملدن احل�ضرمية التي جاء‬
‫و�إذا ما قارنا هذه املدن ِ‬
‫الكندية كانت يف الأ�صل مدن ح�ضرمية‪ ،‬ولي�ست‬
‫ذكرها يف النقو�ش ف�سنجد �أن املدن ِ‬
‫كندية‪ ،‬الأمر الذي يدعم الر�أي الذي ذهبنا �إليه يف �أن ِكندة ا�ستوطنت ح�ضرموت‬
‫احلمريي الذي اكت�سح ح�ضرموت كما �أ�سلفنا‪.‬‬
‫عقب م�شاركتها يف جي�ش الأعراب ِ‬

‫اخلامتة ‪:‬‬
‫خل�ص البحث �إلى �أن املوطن الأول ِلكندة لي�س ح�ضرموت �أو غمر ذي ِكندة يف‬
‫جند‪ ،‬كما كان ُيعتقد بل مدينة (قرية ذات كهل) وهو ا�سمها يف النقو�ش و(قرية الفاو)‬
‫حال ًّيا �إلى ال�شمال ال�شرقي من جنران جنوب اململكة العربية ال�سعودية‪ ,‬بعد �أن ُرفعت‬
‫الأنقا�ض عنها �إثر التنقيبات التي جرت منذ عام ‪1970‬م‪ ,‬ثم انتقلت ِكندة �إلى منطقة‬
‫الأعراب يف ع�سري وما حولها �إثر هزميتها على يد القحطانيني‪ .‬وا�ستقر بها املطاف‬
‫يف ح�ضرموت مقت�سمة بذلك �أر�ض ح�ضرموت مع ال�سكان احل�ضارمة الأ�صليني وذلك‬
‫يف حدود منت�صف القرن الرابع امليالدي‪ .‬وعلى �إثر الك�شف عن تلك النقو�ش وما‬
‫الكندية (قرية ذات كهل) ف�إن‬ ‫تالها من تنقيب‪ ،‬وما �أ�سفر عنه من اكت�شاف للمدينة ِ‬
‫التاريخ قد عاد ِبكندة ما يقرب من خم�سة قرون عن التاريخ ال�سابق الذي حتدث عن‬
‫ِكندة ككيان حاكم يف جند يف القرن ال�ساد�س امليالدي‪ .‬وبذلك الك�شف �أ�ضافت ِكندة‬
‫ر�صيدً ا ح�ضار ًّيا ل�شعوب اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم‪ .‬و�شكلت ب�إرثها احل�ضاري هذا‬
‫نقطة االت�صال والتوا�صل احل�ضاري ما بني ح�ضارة جنوب اجلزيرة العربية و�شمالها‬
‫و�شرقها يف فرتة ما قبل الإ�سالم‪.‬‬
‫الكنديني قد هاجر من ح�ضرموت �إلى‬ ‫فرعا من ِ‬ ‫كما خل�ص البحث � ً‬
‫أي�ضا �إلى �أن ً‬
‫جند يف القرن اخلام�س امليالدي‪ ,‬و�إلى هذا الفرع ين�سب الكيان الكندي الذي ت�أ�س�س‬
‫احلمريية على‬
‫يف جند يف القرن ال�ساد�س امليالدي‪ ،‬و�شكل هذا الكيان امتدادًا لل�سلطة ِ‬
‫احلمرييون حاك ًما كند ًّيا عنهم يف جند عقب انت�صارهم‬
‫قبائل مع ّد؛ حيث �أناب امللوك ِ‬

‫‪79‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫على قبائل مع ّد �أواخر القرن اخلام�س امليالدي‪ .‬وتال�شى هذا الدور الكندي يف جند‬
‫احلمريية على يد الأحبا�ش عام ‪ 525‬م‪ .‬ثم عاد الكنديون �إلى‬ ‫عقب �سقوط الدولة ِ‬
‫موطنهم قبل تلك الهجرة وهو بلد ح�ضرموت‪ ,‬وعلى الأرجح �أنهم اجتهوا �إلى اجلزء‬
‫ال�شرقي فيما ُيعرف اليوم ببلد ترمي وما حولها‪.‬‬

‫وظلت ِكندة مقت�سمة �أر�ض ح�ضرموت مع �سكانها الأ�صليني حتى دخول ح�ضرموت‬
‫يف كنف الدولة الإ�سالمية باملدينة‪ .‬ثم ا�ست�ضعفت ِكندة عقب هزميتها على يد جي�ش‬
‫اخلالفة الذي �أر�سله اخلليفة الأول �أبو بكر ال�صديق بعد �أن دخلت ِكندة يف عداد‬
‫القبائل العربية املرتدة عن الإ�سالم‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫احلوا�شي (الهوام�ش)‪:‬‬
‫‪ - 1‬ابن حزم الأندل�سي‪� ,‬أبو حممد علي بن �أحمد‪ ,‬جمهرة �أن�ساب العرب‪ ,‬حتقيق عبد ال�سالم حممد‬
‫هارون‪ ,‬دار املعارف‪ ,‬القاهرة‪1983 ,‬م‪� ,‬ص‪ .399‬والهمداين‪ ,‬احل�سن بن �أحمد بن يعقوب‪ ,‬الإكليل‪,‬‬
‫ج‪ ,10‬حتقيق حممد بن علي الأكوع‪ ,‬مكتبة اجليل اجلديد‪� ,‬صنعاء‪� ,‬ص‪ ,32 - 31‬وابن خلدون‪ ,‬عبد‬
‫الرحمن بن حممد‪ ,‬العرب‪ ,‬م‪ ,2:‬م�ؤ�س�سة جمال للطباعة والن�شر‪ ,‬بريوت ‪1990‬م‪� ,‬ص‪.56‬‬
‫‪ - 2‬دمون املق�صود بها دمون الواقعة اليوم يف دوعن‪ ،‬ولي�ست دمون الواقعة �إلى ال�شرق من ترمي‪ ،‬وقد‬
‫خلط بع�ضهم بني املدينتني ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ابن خلدون‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪ ,56‬وابن حزم الأندل�سي‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪.92‬‬
‫‪ - 4‬ابن حزم‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪.477‬‬
‫‪ - 5‬النق�ش ‪ 635‬جام‪.‬‬
‫‪ - 6‬نف�سه‪.‬‬
‫‪ - 7‬ابن خلدون‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص ‪.56‬‬
‫‪ - 8‬النقو�ش ‪ 576 - 635‬جام و‪ 509‬رينان‪.‬‬
‫‪ - 9‬انظر معنى لفظة ( �شعب) يف املعجم ال�سبئي‪� ,‬ص ‪130.10‬‬

‫‪- 10‬الأن�صاري‪ ,‬عبد الرحمن الطيب‪1979 ,‬م‪� ,‬أ�ضواء جديدة على مملكة كندة من خالل �آثار قرية‬
‫الفاو ونقو�شها‪( ,‬درا�سات تاريخ اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم)‪ ,‬كتاب م�صادر تاريخ اجلزيرة‬
‫العربية قبل الإ�سالم‪ ,‬ج‪ ,1‬الريا�ض‪� ,‬ص‪.17-16‬‬
‫‪- 11‬النق�ش ‪ 635‬جام ‪.‬‬
‫‪- 12‬النق�ش ‪ 660‬جام ‪.‬‬
‫‪- 13‬النق�ش ‪C. I . H 541‬‬

‫‪- 14‬النق�ش �أن�صاري الفاو ‪( .2 ,‬نق�ش �شاهد قرب امللك معاوية بن ربيعة ) ‪.‬‬
‫‪ - 15‬الأن�صاري‪ ,‬عبد الرحمن الطيب‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 16‬ابن خلدون‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص ‪.56‬‬

‫‪81‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫‪ - 17‬النق�ش ‪ 635‬جام‪.‬‬
‫‪ - 18‬نل�سن‪ ,‬ديتلف ‪ ,‬فرتزهومل‪ ,‬ل‪ .‬رودوكاناكي�س ‪� ,‬أدولف جرومان‪ ,‬التاريخ العربي القدمي‪ ,‬ترجمة‬
‫ف�ؤاد ح�سنني علي‪ ,‬مكتبة النه�ضة امل�صرية‪ ,‬القاهرة‪1958 ,‬م‪� ,‬ص ‪.208 190-‬‬
‫‪ - 19‬بي�ستون‪� ,‬إلفريد‪ ,‬لغات النقو�ش اليمنية القدمية‪ ,‬يف كتاب خمتارات من النقو�ش اليمنية القدمية‪,‬‬
‫املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ,‬تون�س‪1985 ,‬م‪� ,‬ص ‪.70‬‬
‫‪- 20‬النق�ش ‪ 635‬جام ‪.‬‬
‫‪- 21‬انظر موقع قرية على اخلريطة �ص‪.30‬‬
‫‪- 22‬مرت دولة �سب�أ مبرحلة �ضعف ب�سبب التناف�س على العر�ش ال�سبئي بني الأ�سر املتنفذة‪ ،‬وهو ما �أطلق‬
‫عليه بـ ع�صر ملوك �سب�أ وذي ريدان ‪.‬‬
‫‪Jamme, A Sabaean inscriptions from Mahram Bilgis (Marib), Baltimor, the John -23‬‬

‫‪.Hopkins press,1962, p 125‬‬

‫‪ -24‬النق�ش ‪ 576‬جام وهو يتحدث عن حملة ع�سكرية �سبئية على قرية ذات كهل يف عهد امللكني �إلـ �شرح‬
‫يح�ضب و �أخيه ي�أزل بني‪ .‬انظر النق�ش يف كتاب خمتارات من النقو�ش اليمنية القدمية حتت رقم‬
‫‪� ,67‬ص‪.262‬‬
‫‪- 25‬الأن�صاري‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص ‪.17 - 16‬‬
‫‪- 26‬النق�ش �أن�صاري‪ ,‬الفاو‪.2‬‬
‫‪ - 27‬الأن�صاري‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص ‪. 17 - 16‬‬
‫‪ 576 - 28‬جام و ‪. Ry 535‬‬
‫‪ - 29‬النق�ش ‪ 576‬جام‪.‬‬
‫‪ - 30‬نف�سه‪.‬‬
‫‪ - 31‬نف�سه‪.‬‬
‫‪ - 32‬بيوتروف�سكي‪ ,‬م ‪ .‬ب‪ ,‬اليمن قبل الإ�سالم والقرون الأولى قبل الهجرة‪ ,‬تعريب حممد ال�شعيبي‪,‬‬
‫دار العودة‪ ,‬بريوت ‪1987‬م‪� ,‬ص‪ ,71‬وجواد علي‪ ,‬املف�صل يف تاريخ العرب قبل الإ�سالم‪ ,‬ج‪ ,3‬بريوت‬

‫‪82‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫‪1969‬م‪� ,‬ص‪.317‬‬
‫‪ - 33‬نق�ش ال ّنمارة ‪ ,‬كتاب جرجي زيدان ‪ ,‬العرب قبل الإ�سالم ‪ ,‬بريوت‪ ,‬من�شورات املكتبة الأهلية‪,‬‬
‫د‪.‬ت ‪� ,‬ص‪.211‬‬
‫‪ - 34‬النق�ش ‪ 660‬جام ‪.‬‬
‫‪- 35‬النقو�ش ‪2110 ,635‬جام ‪� ,‬أن�صاري الفاو ‪ ,2 ,‬نق�ش النمارة ‪.‬‬
‫‪ - 36‬نق�ش النمارة ‪.‬‬
‫‪ - 37‬يو�سف حممد عبداهلل ‪ ,‬ال�سابق ‪� ,‬ص ‪.274‬‬
‫‪ - 38‬عبد العزيز �صالح ‪ ,‬تاريخ �شبه اجلزيرة العربية يف ع�صورها القدمية ‪ ,‬مكتبة الأجنلو امل�صرية‪,‬‬
‫‪� ,1997‬ص‪.169‬‬
‫‪ - 39‬الأن�صاري‪ ,‬عبد الرحمن الطيب‪ ,‬قرية الفاو �صورة للح�ضارة العربية قبل الإ�سالم يف اململكة‬
‫العربية ال�سعودية جامعة الريا�ض‪1982 ,‬م‪� ,‬أعمال التنقيب الأثري يف قرية الفاو ونتائجها‪ ,‬كتاب‬
‫م�صادر تاريخ اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم‪ ,‬ج‪1979 ,1‬م‪ ,‬الريا�ض‪� ,‬ص ‪ 16‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪- 40‬نف�سه‪.‬‬
‫‪- 41‬نف�سه ‪.‬‬
‫‪- 42‬نف�سه‪.‬‬
‫‪- 43‬نف�سه‪.‬‬
‫‪- 44‬الأن�صاري‪ ,‬عبد الرحمن الطيب‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪ 16‬وما بعدها‪ .‬وعبد العزيز �صالح‪ ,‬تاريخ �شبه‬
‫اجلزيرة العربية يف ع�صورها القدمية‪ ,‬مكتبة الأجنلو امل�صرية‪ ,‬القاهرة‪1997 ,‬م‪� ,‬ص‪ .169‬وعبد‬
‫اهلل ح�سن ال�شيبه‪ ,‬حما�ضرات يف تاريخ العرب القدمي‪� ,‬صنعاء‪1991 ,‬م‪ ,‬د ‪ .‬ن‪� ,‬ص‪ 401‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪ - 45‬عبد الرحمن الطيب الأن�صاري‪ ,‬ال�سابق ‪� ,‬ص‪.11-3‬‬
‫‪ - 46‬عبد اهلل ح�سن ال�شيبة ‪ ,‬ال�سابق ‪� ,‬ص‪.407‬‬
‫‪ - 47‬نف�سه‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫‪ - 48‬عبد الرحمن الطيب الأن�صاري ‪� ,1979,‬أ�ضواء جديدة على مملكة ِكندة من خالل �آثار قرية الفاو‬
‫ونقو�شها ‪( ,‬درا�سات تاريخ اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم ) ‪ ,‬كتاب م�صادر تاريخ اجلزيرة العربية‬
‫قبل الإ�سالم‪ ,‬ج‪ , 1‬الريا�ض‪� ,‬ص‪.17-16‬‬
‫‪- 49‬الأن�صاري‪ ,‬نف�سه‪� ,‬ص‪.19‬‬
‫‪- 50‬الأن�صاري‪ ,‬نف�سه‪� ,‬ص‪ 16‬وما بعدها‪ .‬وعبد اهلل ال�شيبه‪ ,‬نف�سه �ص‪.404‬‬
‫‪- 51‬الأن�صاري‪ ,‬نف�سه‪� ,‬ص‪ .19‬وعبد اهلل ال�شيبه‪ ,‬نف�سه‪� ,‬ص‪.406 - 405‬‬
‫‪- 52‬نقوال زيادة‪ ,‬دليل البحر الإرثري‪ ,‬كتاب اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم‪ ,‬عبد القادر حممود عبد اهلل‬
‫و�آخرون‪ ,‬جامعة الريا�ض‪ ,‬مطابع امللك �سعود ‪� ,1984 ,‬ص‪ 263‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪�- 53‬شيبمان كالو�س‪ ,‬تاريخ املمالك القدمية يف جنوب اجلزيرة العربية ‪ ,‬ترجمة فاروق �إ�سماعيل‪,‬‬
‫مركز الدرا�سات والبحوث اليمني‪� ,‬صنعاء ‪� ,2002‬ص‪ .120‬وكذلك درا�سة طريق اللبان و�أ�سواق‬
‫العرب‪ ,‬وثيقة الوفد اليمني املقدمة �إلى م�ؤمتر الآثار ‪ ,12‬املنامة‪ ,‬مملكة البحرين‪ ,‬مايو ‪,1993‬‬
‫جملة ريدان‪ ,‬حولية الآثار والنقو�ش اليمنية القدمية‪ ,‬العدد ‪� ,7‬سنة ‪� ,2001‬ص‪.126-124‬‬
‫‪�- 54‬شيبمان كالو�س‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪. 120‬‬
‫‪�- 55‬سورة قري�ش ‪.‬‬
‫‪- 56‬نقوال زيادة‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪( ,256‬الف�صل ‪ 24‬من كتاب دليل البحر الإرثري)‪.‬‬
‫‪- 57‬عبد الرحمن الطيب الأن�صاري‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص ‪.136‬‬
‫‪- 58‬يو�سف حممد عبداهلل‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص ‪.269‬‬
‫‪- 59‬الهمداين‪ ,‬احل�سن بن �أحمد بن يعقوب‪� ,‬صفة جزيرة العرب‪1990 ,‬م‪ ,‬حتقيق حممد بن علي الأكوع‪,‬‬
‫مكتبة الإر�شاد‪� ,‬صنعاء‪� ,‬ص‪.266‬‬
‫‪- 60‬يو�سف حممد عبداهلل‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص ‪. 277‬‬
‫‪- 61‬عبد الرحمن الطيب الأن�صاري‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص ‪.137-136‬‬
‫‪- 62‬النق�ش ‪ 660‬جام‪.‬‬
‫‪- 63‬بافقيه‪ ,‬حممد عبدالقادر‪ ,‬يف العربية ال�سعيدة (درا�سات تاريخية ق�صرية)‪ ,‬مركز البحوث‬

‫‪84‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫والدرا�سات اليمني‪� ,‬صنعاء‪1985 ,‬م‪� ,‬ص‪.34‬‬


‫‪- 64‬النق�ش ‪� 32‬إ ‪.‬‬
‫‪- 65‬النقو�ش ‪ 665 660-‬جام‪� 32 ,‬إ ‪.‬‬
‫‪- 66‬النق�ش ‪ 660‬جام‪.‬‬
‫‪- 67‬نف�سه‪.‬‬
‫‪- 68‬نف�سه‪.‬‬
‫‪- 69‬نف�سه‪.‬‬
‫‪- 70‬نف�سه‪.‬‬
‫‪- 71‬انظر جملة العرب‪ ,‬ج‪� ,9‬ص‪ ,825‬دار اليمامة للبحث والرتجمة والن�شر‪ ,‬الريا�ض‪ ,‬د‪ .‬ت‪.‬‬
‫‪- 72‬انظر دار�سة هذا النق�ش (‪ 509‬رينان) عند �أوليندر (ملوك ِكندة من بني �آكل املرار) ترجمة عبد‬
‫اجلبار املطلبي‪� ,‬ص‪ 325‬وعند بيوتروف�سكي كتاب (اليمن قبل الإ�سالم والقرون الأولى للهجرة)‪,‬‬
‫ترجمة ال�شعيبي‪� ,‬ص‪. 75‬‬
‫‪ - 73‬انظر درا�سة للنق�ش املذكور (‪ 510‬رينان) عند �أوليندر ال�سابق‪� ,‬ص‪ ,326‬وعند بيوتروف�سكي‪,‬‬
‫ال�سابق‪� ,‬ص‪.75‬‬
‫‪- 74‬النق�ش ‪.C.I.H 621‬‬
‫‪ - 75‬انظر درا�سة لهذا النق�ش (‪ 500‬رينان) عند �أوليندر‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪.327‬‬
‫‪- 76‬النق�ش ‪ 660‬جام‪.‬‬
‫‪ - 77‬حتدث نق�ش �أبرهة املو�سوم بـ ‪ C.I.H 541‬عن ِكندة ككيان �سيا�سي يف ح�ضرموت عام ‪542‬م‪.‬‬
‫‪- 78‬ابن خلدون‪ ,‬ال�سابق‪ ,‬ج‪� ,2‬ص‪. 56‬‬
‫‪- 79‬الهمداين‪� ,‬صفة جزيرة العرب‪1990 ,‬م‪ ,‬حتقيق حممد بن علي الأكوع‪ ,‬مكتبة الإر�شاد‪� ,‬صنعاء‪.‬‬
‫ود‪� .‬سرجي�س فرانت�سوزوف‪2004 ,‬م‪ ,‬تاريخ ح�ضرموت االجتماعي وال�سيا�سي قبيل الإ�سالم وبعده‪,‬‬
‫تعريب عبدالعزيز جعفر بن عقيل‪ ,‬املعهد الفرن�سي للآثار‪� ,‬صنعاء‪� ,‬ص‪.73‬‬
‫‪ - 80‬الأ�سطر ‪ 12 - 11- 10-‬من النق�ش ‪.C.I.H 541‬‬

‫‪85‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫‪ - 81‬الأ�سطر ‪ 22 - 21‬من النق�ش ‪.C.I.H 541‬‬


‫‪- 82‬كان م�صطلح (�شعنب) مبعنى (ال�شعب) هو ال�سائد يف جنوب �شبه اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم‪,‬‬
‫وقابله العلماء بـ (م�صطلح القبيلة) ال�سائد يف �شمالها رغم الفارق يف الداللة االجتماعية؛ �إذ �إن‬
‫م�صطلح (ال�شعب) يعرب عن التجمع ال�سكاين احل�ضري امل�ستقر يف مدن وقرى جنوب �شبه اجلزيرة‬
‫العربية‪ ,‬يف حني يعرب م�صطلح القبيلة‪ ,‬عن التجمعات ال�سكانية البدوية املرتحلة �أو �شبه امل�ستقرة‬
‫يف و�سطها و�شمالها‪ .‬انظر املعجم ال�سبئي �ص‪.130‬‬
‫‪- 83‬الهمداين‪ ,‬ال�صفة‪� ,‬ص‪ .88‬وانظر لوندين‪� ,‬أ‪.‬ج‪ ,‬اليمن �إبان القرن ال�ساد�س امليالدي‪ ,‬ترجمة حممد‬
‫علي البحر‪ ,‬جملة الإكليل‪ ,‬العددان ‪ ,2 - 1‬ال�سنة ‪1988 ,6‬م‪ ,‬املركز اليمني للأبحاث الثقافية‪,‬‬
‫�صنعاء‪� ,‬ص‪.25‬‬
‫‪ - 84‬الأ�سطر ‪ 87 - 86‬من النق�ش ‪ .C.I.H 541‬ولفظة (كبري) لقب يطلق على احلاكم الإداري للإقليم‪.‬‬
‫احلمرييني‪ .‬انظر املعجم ال�سبئي �ص‪.76‬‬ ‫ويتم تعيينه من قبل امللوك ِ‬
‫‪ُ - 85‬ي َع ُّد النق�ش ‪ C.I.H 541‬هو امل�صدر الوحيد الذي يتحدث عن هذه الثورة‪.‬‬
‫‪�- 86‬أوليندر‪ ,‬جونار‪ ,‬ال�سابق �ص ‪ ,215 - 208‬وانظر �سرجي�س‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪.70‬‬
‫‪- 87‬النق�ش ‪ 665‬جام و النق�ش ‪� 32‬إ ‪.‬‬
‫‪- 88‬النق�ش ‪ 665‬جام ‪.‬‬
‫‪- 89‬الأ�سطر ‪ 34 - 31‬من النق�ش ‪ 665‬جام يف كتاب مطهر الإري��اين (نقو�ش م�سندية)‪1990 ,‬م‪,‬‬
‫املركزاليمني للدرا�سات والبحوث‪� ,‬صنعاء‪� ,‬ص‪. 243 - 242‬‬
‫‪- 90‬النق�ش ‪ 665‬جام و النق�ش ‪� 32‬إ ‪.‬‬
‫‪- 91‬النق�ش ‪� 32‬إ‪ ,‬ال�سطران ‪ 3 - 2‬يف كتاب الإرياين‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪.200‬‬
‫‪- 92‬نف�سه‪.‬‬
‫‪- 93‬نف�سه‪.‬‬
‫‪�- 94‬أ ّرخ �أبرهة نق�شه املو�سوم بـ ‪ C.I.H 541‬بعام ‪ 542‬م = ‪657‬ح‪ ,‬يف حني �أن فرتة حكم امللك ذمار علي‬
‫يهرب كانت يف الن�صف الثاين من القرن الرابع امليالدي‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫‪- 95‬النق�ش �أبرهة املو�سوم بـ‪.C.I.H 541‬‬


‫‪- 96‬ابن خلدون‪ ,‬ال�سابق‪ ,‬ج‪� ,2‬ص‪.56‬‬
‫‪- 97‬باوزير‪� ,‬سعيد عو�ض‪� ,‬صفحات من التاريخ احل�ضرمي‪1983 ,‬م‪ ,‬دار الهمداين‪ ,‬عدن‪� ,‬ص‪.23-22‬‬
‫‪- 98‬بيوتروف�سكي‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪.133‬‬
‫‪- 99‬ابن خلدون‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪ .56‬والهمداين‪ ,‬ال�سابق ‪� ,‬ص‪.166‬‬
‫‪- 100‬نف�سه‪� ,‬ص‪.56‬‬
‫‪ - 101‬نف�سه‪� ,‬ص‪.56‬‬
‫‪- 102‬نف�سه‪� ,‬ص‪.56‬‬
‫‪- 103‬النق�ش ‪ 509‬رينان‪.‬‬
‫‪- 104‬نف�سه‪.‬‬
‫(كندة قبيلة �أعرابية)‪.‬‬
‫‪- 105‬انظر �ص‪ 11-10‬من البحث ِ‬
‫‪�- 106‬أوليندر‪ ,‬جونار‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪. 23‬‬
‫‪- 107‬النق�ش ‪. C.I.H 621‬‬
‫‪- 108‬الهمداين‪ ,‬ال�صفة‪� ,‬ص‪. 166‬‬
‫‪- 109‬ابن خلدون‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪. 56‬‬
‫‪- 110‬نف�سه‪� ,‬ص‪.274‬‬
‫‪- 111‬النق�ش ‪ 643‬جام‪.‬‬
‫‪- 112‬النق�ش ‪� 32‬إ ‪.‬‬
‫‪- 113‬النق�ش ‪ 665‬جام (و�أعيان خرا�ص جاء ذكرها عند الهمداين يف ال�صفة‪� ,‬ص‪ 166‬بـ (عني) وذكر‬
‫�أنه ا�سم لوادي العرب)‪.‬‬
‫‪- 114‬النق�ش ‪� 32‬إ ‪.‬‬
‫‪- 115‬النق�ش ‪� 13‬إ ‪.‬‬
‫‪- 116‬ملعرفة مواقع هذه املدن اليوم ميكن العودة �إلى معجم (�إدام القوت يف ذكر بلدان ح�ضرموت)‪,‬‬

‫‪87‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫مل�ؤلفه عبد الرحمن بن عبيد اهلل ال�سقاف‪ ,‬حتقيق �إبراهيم املقحفي وعبد الرحمن ح�سن ال�سقاف‪,‬‬
‫مكتبة الإر�شاد‪� ,‬صنعاء‪2002 ,‬م ‪.‬‬
‫‪- 117‬الهمداين‪ ,‬ال�سابق‪� ,‬ص‪. 166‬‬
‫‪- 118‬هجرن مبعنى الهجر‪ ,‬م�صطلح ِحمريي يطلق على املدن اليمنية القدمية متييزً ا لها من القرى‪,‬‬
‫انظر املعجم ال�سبئي �ص‪. 56‬‬
‫‪�- 119‬سدبة‪ ,‬قرية اليوم من قرى وادي ح�ضرموت ‪.‬‬
‫‪- 120‬حورة‪ ,‬قرية مازالت حتمل اال�سم نف�سه يف وادي ح�ضرموت ‪.‬‬
‫‪- 121‬الهمداين‪ ,‬ال�صفة‪� ,‬ص‪. 166‬‬
‫‪- 122‬نف�سه‪� ,‬ص‪.166‬‬

‫‪88‬‬
‫جملة العلوم الإن�سانية ‪ -‬العدد ‪2011 - 20‬‬

‫م�صادر ومراجع البحث‪:‬‬


‫‪- 1‬القر�آن الكرمي ‪.‬‬
‫‪- 2‬الأن�صاري‪ ,‬عبدالرحمن اخلطيب‪1979 ,‬م �أ�ضواء جديدة على مملكة ِكندة من خالل �آثار قرية الفاو‬
‫ونقو�شها‪( ,‬درا�سة �أثرية تاريخية ن�شرت يف كتاب م�صادر تاريخ اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم )‬
‫�إ�شراف عبد القادر حممود طه و�سامي ال�صقار‪ ,‬جامعة امللك �سعود‪ ,‬الريا�ض‪ ,‬ج‪.1‬‬
‫‪- 3‬الأن�صاري‪ ,‬عبدالرحمن اخلطيب‪1979 ,‬م قرية الفاو �صورة للح�ضارة العربية قبل الإ�سالم يف‬
‫اململكة العربية ال�سعودية ‪� ,‬أعمال التنقيب الأثري يف قرية الفاو ونتائجها ‪ ,‬ن�شر يف كتاب م�صادر‬
‫تاريخ اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم ‪�,‬إ�شراف عبد القادر حممود طه و �سامي ال�صقار‪,‬جامعة امللك‬
‫�سعود‪ ,‬الريا�ض ‪ ,‬ج‪.1‬‬
‫‪- 4‬الإرياين‪ ,‬مطهر علي‪ 1990 ,‬نقو�ش م�سندية‪ ,‬املركز اليمني للدرا�سات والبحوث‪� ,‬صنعاء‪.‬‬
‫‪�- 5‬أوليندر‪ ,‬جونار‪1973 ,‬م ملوك ِكندة من بني �آكل املرار‪ ,‬ترجمة عبداجلبار املطلبي‪ ,‬دار احلرية‬
‫للطباعة‪ ,‬بغداد‪.‬‬
‫‪- 6‬باوزير‪� ,‬سعيد عو�ض‪1983 ,‬م �صفحات من التاريخ احل�ضرمي‪ ,‬دار الهمداين‪ ,‬عدن‬
‫‪- 7‬بافقيه‪ ,‬حممد عبدالقادر‪� ,‬إلفريد بي�ستون ‪,‬كري�ستيان روبان ‪,‬حممود الغول‪1985 ,‬م خمتارات من‬
‫النقو�ش اليمنية القدمية‪ ,‬املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ,‬تون�س‪.‬‬
‫‪- 8‬بافقيه‪ ,‬حممد عبدالقادر‪1985 ,‬م يف العربية ال�سعيدة (درا�سات تاريخية ق�صرية) مركز البحوث‬
‫والدرا�سات اليمني‪� ,‬صنعاء‪.‬‬
‫‪- 9‬بيوتروف�سكي‪ ,‬م ‪ .‬ب‪1987 ,‬م اليمن قبل الإ�سالم والقرون الأولى للهجرة‪ ,‬ترجمة حممد ال�شعيبي‪,‬‬
‫دار العودة‪ ,‬بريوت‪.‬‬
‫‪- 10‬ابن حزم الأندل�سي‪� ,‬أبو حممد علي بن �أحمد‪1983 ,‬م جمهرة �أن�ساب العرب‪ ,‬حتقيق عبد ال�سالم‬
‫حممد هارون‪ ,‬دار املعارف‪ ,‬القاهرة‬
‫‪- 11‬ابن خلدون‪ ,‬عبد الرحمن بن حممد‪1990 ,‬م العرب‪ ,‬م�ؤ�س�سة جمال للطباعة والن�شر‪ ,‬بريوت‪.‬‬
‫‪ - 12‬زيادة ‪ ,‬نقوال‪ 1984 ,‬م دليل البحر الأرثري‪(,‬يف كتاب م�صادر تاريخ اجلزيرة العربية قبل الإ�سالم)‬
‫�إ�شراف عبد القادر حممود طه و�سامي ال�صقار‪ ,‬جامعة امللك �سعود‪ ,‬الريا�ض‪ ,‬ج‪.1‬‬

‫‪89‬‬
‫د‪ .‬عبداهلل كرامه التميمي‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

‫‪- 13‬زيدان‪ ,‬جرجي ‪ ,‬د‪ .‬ت العرب قبل الإ�سالم ‪ ,‬من�شورات املكتبة الأهلية ‪ ,‬بريوت ‪.‬‬
‫‪- 14‬ال�شيبه‪ ,‬عبداهلل ح�سن‪1991 ,‬م حما�ضرات يف تاريخ العرب القدمي‪� ,‬صنعاء‪ ,‬د‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪�- 15‬صالح‪ ,‬عبد العزيز‪1997 ,‬م تاريخ �شبه اجلزيرة العربية يف ع�صورها القدمية (مكتبة الأجنلو‬
‫امل�صرية)‪ ,‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ - 16‬عبد اهلل ‪ .‬يو�سف حممد‪ 1990 ,‬م �أوراق يف تاريخ اليمن و�آثاره‪ ,‬دار الفكر املعا�صر‪ ,‬بريوت‬
‫‪- 17‬علي‪ ,‬جواد‪1969 ,‬م املف�صل يف تاريخ العرب قبل الإ�سالم‪ ,‬ج‪ ,3‬دار العلم للماليني‪ ,‬بريوت ‪.‬‬
‫‪- 18‬كالو�س �شيبمان‪ 2002 ,‬م تاريخ املمالك القدمية يف جنوب اجلزيرة العربية‪ ,‬ترجمة ‪ ,‬فاروق‬
‫�إ�سماعيل‪ .‬مركز الدرا�سات والبحوث اليمني‪� ،‬صنعاء‪.‬‬
‫‪ - 19‬نل�سن‪ ,‬ديتلف ‪ ,‬فرتزهومل ‪,‬ل‪ .‬رودوكناكي�س‪� ,‬أدولف جرومان‪1958 ,‬م التاريخ العربي القدمي‪,‬‬
‫ترجمة ف�ؤاد ح�سنني علي‪ ,‬مكتبة النه�ضة امل�صرية‪ ,‬القاهرة‪.‬‬
‫‪- 20‬الندوة العاملية الثانية (‪� 19 – 13‬إبريل ‪1979‬م)‪1984 ,‬م درا�سـات يف تاريخ اجلزيـرة العربيـة‪,‬‬
‫(اجلزيرة العربية قبل الإ�سـالم)‪ ,‬مطابع جامـعة امللك �سعود‪ ,‬الريا�ض‪.‬‬
‫‪ - 21‬الهمداين‪ ,‬احل�سن بن �أحمد بن يعقوب‪1991 ,‬م �صفة جزيرة العرب‪ ,‬حتقيق حممد بن علي الأكوع‪,‬‬
‫مكتبة الإر�شاد‪� ,‬صنعاء‪.‬‬
‫‪- 22‬الهمداين‪ ,‬احل�سن بن �أحمد بن يعقوب‪ ,‬د ‪ .‬ت الإكليل‪ ,‬ج‪ ,10‬حتقيق حممد بن علي الأكوع‪ ,‬مكتبة‬
‫اجليل اجلديد‪� ,‬صنعاء‪.‬‬

‫الدوريات‪:‬‬
‫جملة العرب‪ ,‬ج‪ ,9‬دار اليمامة للبحث والرتجمة والن�شر‪ ,‬الريا�ض‪ ,‬د ‪ .‬ت‪.‬‬
‫جملة الإكليل‪ ,‬الأعداد ‪ ,2 - 1‬ال�سنة ‪1988‬م‪ ,‬املركز اليمني للأبحاث الثقافية‪� ,‬صنعاء‪.‬‬

‫املعاجم‪:‬‬
‫املعجم ال�سبئي‪1982 ,‬م‪ .‬ت�أليف بي�ستون‪� ,‬إلفريد‪ ,‬و�آخرين‪ ,‬دار ن�شر بيرتز ( لوﭬان اجلديدة)‪ ,‬بريوت‪.‬‬
‫املراجع باللغة الأجنبية‪:‬‬

‫‪90‬‬
2011 - 20 ‫ العدد‬- ‫جملة العلوم الإن�سانية‬

1 - Corpus Inscriptionum Semiticarum, pars quarta, Inscriptiones Himyariticas et

Sabaeas Continens, 3. Bde. Paris, 1889, 1911, 1929.

2 -Jamme, A Sabaean inscriptions from Mahram Bilgis (Marib), Baltimor, the John

Hopkins press, 1962, p 125.


3 -Repertoire d’Epigraphie Semitique.( R.E.S ) Paris, 1929 .

:‫املخت�صرات‬
.‫�إ = �إرياين‬
.‫ ت = دون تاريخ‬. ‫د‬
.‫ ن = دون نا�شر‬. ‫د‬
.‫ = ريكمانز‬Ry
.)‫ = كوربو�س (مدونة النقو�ش ال�سامية‬C . I . H

91
‫ عبداهلل كرامه التميمي‬.‫د‬ ‫كندة الأ�صل وامل�ستقر معطيات من النقو�ش والآثار‬

.474‫ �ص‬,‫ خمتارات‬,‫نق ًال عن بافقيه‬

Kindah th Kindah through inscriptions and antiquities This search deals with
Kindah tribe in the light of the latest discovered inscriptions and antiquities. It

aims at clarifying its role at the pre-Islam period at the level of the Arabian peninsula.

The research tackles one main problem, that is, the original place of Kindah by the help

of the recent data provided by the inscriptions and antiquities. The research is divided

into six main points as follows:

1) Kindah`s capital, THAT KAHEL village, ``Al-FAW village``.

2) Kindah as Bedouins tribe.

3) Kindah in Hadhramout.

4) Kindah in Najd?

5) Kindah sities.

92

Powered by TCPDF (www.tcpdf.org)

You might also like