Professional Documents
Culture Documents
مسافر بلا متاع
مسافر بلا متاع
اصدار 0202
شخصيات املسرحية
الغالم الصغير
الطباخة الوصيف
جولييت
2
الفصل األول
( غرفة االستقبال في احد المنازل الريفية الغنية تطل علي منظر لحديقة
من الطراز الفرنسي ،يظهر المسرح خاليا عند رفع الستار ثم تدخل
الدوقة و رئيس الخدم و السيد هوسبار و جاستون)
:من اعلن قدومه يا سيدتي ؟ رئيس الخدم
:الدوقة ديبون – ديفور و االستاذ هوسبار المحامي و الدوقة
السيد ( ...تتردد) السيد جاستون (الي هوسبار) اننا
مضطرون الي ان نطلق عليه هذا االسم حتي ظهور
تطورات جديدة .
( :ويبدو انه علي علم بالموضوع) آه! لعل الدوقة تلتمس رئيس الخدم
العذر لسيدي و سيدتي فلم يكن سيدتي و سيدي ينتظران
وصول الدوقة اال في قطار الحادية عشرة و الخمسين
سأخطر في الحال سيدي و سيدتي بقدوم الدوقة .
( :ناظرة اليه وهو يبتعد) يعجبني رئيس الخدم هذا ! آه يا الدوقة
صغيري جاستون ،اني ألجن فرحاً لقد كنت واثقة من
انك ابن أسرة ممتازة .
:ال تسرفي في التفاؤل ! ال تنسي انه مازال لدينا غير هوسبار
عائلة رينو خمس اسر اخري .
:كال يا استاذ هوسبار ان شيئاً في نفسي يحدثني بان الدوقة
جاستون سيتعرف في عائلة رينو علي اهله و بانه سيجد
في هذا البيت جو ماضيه ان شيئاً في نفسي يحدثني
3
بانه سيستعيد هنا ذاكرته و تلك غريزة نسائية قلما
خدعتني
( :ينحني امام حجة من هذا القبيل) آه في هذه الحالة هوسبار
(.....تتركه و تتجه الي جاستون الذي ينظر الي
اللوحات المعلقة و كانه طفل في زيارة)
( :تستجوبه) و انت يا جاستون امل ان تكون متأث اًر ؟ الدوقة
:الي حد ما جاستون
:الي حد ما ! آه يا صديقي اني اتسأل احياناً هل تدرك الدوقة
ما في حالتك من ضني ؟
:ولكن سيدتي الدوقة ...... جاستون
:ال ،ال ،ال لن يقتلع شيء مما قد تقوله لي هذه الفكرة الدوقة
من رأسي انك ال تدرك هيا اعترف بانك ال تدرك
:ربما لست ادرك تماماً يا سيدتي الدوقة جاستون
:انك علي االقل ولد لطيف ولد يعرف كيف يعترف الدوقة
بأخطائه وهذا لست أكف عن ترديده ولكن ذلك ال يهون
من حقيقة االمر وهو ان عدم مباالتك و طيشك
يستحقان غاية اللوم اليس كذلك يا هوسبار ؟
:يا الهي اني .... هوسبار
:بلي ،بلي ينبغي ان تؤيدني و ان تجعله يفهم ان من الدوقة
الواجب عليه ان يتأثر (يكمل جاستون النظر الي
االعمال الفنية ) جاستون ،ما هذا الذي تفعله ؟
:سيدتي الدوقة ؟ جاستون
4
:هل انت من حجر ؟ الدوقة
:من حجر ؟ جاستون
:هل قلبك اقسي من الصخر ؟ الدوقة
:اني ال اظن ذلك يا سيدتي الدوقة جاستون
:اجابة ممتازة انا مثلك ال اظن ذلك غير ان سلوكك الدوقة
يوحي للناظر اليك و الذي ال يعرف عنك شيء بانك
رجل من رخام
:حقاً ؟ جاستون
:لعلك ال تفهم اهمية ما قوله لك ؟ احيانا انا انسي اني الدوقة
اخاطب شخصاً فقد الذاكرة و ان هناك كلمات لعلها
غابت عن علمك منذ ثمانية عشر عاماً اتعرف ما
الرخام ؟
:نوع من الحجر ! جاستون
:هذا حسن و لكن أتعرف اي نوع من االحجار هو ؟ انه الدوقة
اشد االحجار صالبة يا جاستون أتفهمني ؟
:نعم جاستون
:اال يثير في نفسك شيئاً ان اشبه قلبك بأقسى االحجار ؟ الدوقة
( :متضايقا) أبداً (برهة) بل ان هذا قد يبعث علي جاستون
الضحك
:اسمعت يا هوسبار ؟ الدوقة
( :ليسوي االمور) انه طفل هوسبار
( :في لهجة قاطعة) طفل ! لم يعد هناك اطفال انما هو الدوقة
5
جاحد (الي جاستون) جاستون انت تعاني مرضاً من
اغرب ما حار في عالجه طب النفس وبينما انت لغز
من اكبر الغاز الحرب العظمي اثارة للحيرة ال اكاد اترجم
في عبارة مهذبة لغتك الغليظة حتي يدعوك ذلك الي
الضحك ؟ انك كما قال احد الصحفيين الجندي المجهول
حياً هل يضحك هذا ؟ اتعجز اذن عن الشعور باالحترام
يا جاستون ؟
:ما دمت انا المقصود بهذا ...... جاستون
:ال يهمنا ! باسم المعني الذي تمثله ينبغي ان تمنع نفسك الدوقة
من االستهزاء بنفسك ربما يبدو اني غير جادة و لكني
تعبر عما في اعماق فكري حين اقول :عندما تنظر في
مرآة عليك ان ترفع قبعتك تحية لنفسك يا جاستون
:انا ..لنفسي ؟ جاستون
:نعم انت لنفسك اننا ننفعل ذلك جميعاً عندما نتصور ما الدوقة
يمثله شخصك فمن تحسب ان تكون انت حتي تعفي من
ذلك ؟
:ال احد يا سيدتي الدوقة جاستون
:اجابة رديئة انك تظن انك شخص عظيم الشأن لقد الدوقة
غرتك الضجة التي اثارتها الصحف حولت حالتك هذا
كل ما في االمر (يريد ان يتكلم) ال تعلق بشيء وال
اغضبتني (يطأطئ راسه و ينصرف الي تأمل االعمال
الفنية) ما رايك فيه يا هوسبار ؟
6
:كما هو غير مكترث هوسبار
:غير مكترث هذا هو التعبير الصحيح لقد كان علي الدوقة
طرف لساني منذ ثمانية ايام ولكني لم استطيع ان انطق
به غير مكترث انك كذلك تماماً ومع هذا فان مصيره
هو الذي يتقرر يا للشيطان ! فلسنا نحن الذين فقدنا
الذاكرة و لسنا نحن الذين نبحث عن اهلنا اليس كذلك يا
هوسبار ؟
:بالتأكيد هوسبار
:فما العمل اذن ؟ الدوقة
( :هز كتفه في غير احتفال) مازالت لديك اوهام ايمان هوسبار
حديث العهد ها هي ذي سنوات كاملة قد انتقضت وهو
يعارض جميع محاوالتنا بهذا الجمود
:ال يمكن باي حال ان ننكر العناء الذي يتكبده ابن اخي الدوقة
من اجله ليتك رأيت باي اخالص عجيب يعالجه و باي
حماس يتولى هذه المهمة ! ارجو ان يكون قد افضي
اليك بالحادث قبل ان تسافر ؟
:لم يكن الدكتور جيبالن في الملجأ حينما مررت آلخذ هوسبار
ملفات جاستون ولم استطع لألسف أن انتظره
:ما الذي تقوله لي يا استاذ ؟ لم تر صغيري البير قبل ان الدوقة
تسافر ؟ انك تجهل الخبر اذن ؟
:اي خبر ؟ هوسبار
:عندما اجري له آخر خراج للثبيت افلح في ان يحمله الدوقة
7
علي الكالم وهو في سكرة األلم أوه ! لم يقل كالماً كثي اًر
لقد قال " خنزير "
:خنزير ؟ هوسبار
:نعم خنزير ستقول لي انها شيء تافه ولكن المثير الدوقة
لالهتمام في االمر انها كلمة لم يسمعه شخص ينطق
بها قط وهو متنبه كلمة ال يذكر احد انه لفظها امامه
ابداً فهي علي اغلب الظن كلمة ترجع الي ماضيه
:خنزير ؟ هوسبار
:خنزير انها قرينة صغيرة جدا ولكننا توصلنا الي شيء ما الدوقة
فان ماضيه لم يعد هوة مظلمة ومن يدري لعل هذا
الكلمة تساعدنا علي بداية الطريق (تفكر) خنزير لعله
لقب صديق لعلها شتمه ألفيها من يدريني ؟ وانما لدينا
االن علي االقل اساس صغير
( :مفك ار) خنزير .... هوسبار
( :تردد ،في طرب) خنزير حينما اقبل البير يزف الي الدوقة
بشري هذه النتيجة التي كنا قد يئسنا من الحصول عليها
صاح بي بمجرد ان دخل من الباب " :عمتي لقد نطق
مريضي بكلمة من ماضيه انها شتيمة ! " فارتعشت يا
عزيزي خشيت لفظة قذرة شاب في مثل هذا اللطف
يؤلمني ان يكون من منبت خسيس فهل كان يستحق
الذي بذله صغيري البير من سهر الليالي فقد نحل جسم
الولد العزيز في استجوابه و في تطعيم ردفيه بالخ ارريج
8
فتكون المصيبة عندما يستعيد ان الشاب ذاكرته ليقول
لنا انه كان قبل الحرب بناء ! ولكن شيئاً في نفسي
يحدثني بعكس ذلك اني صاحبة خيال يا استاذي العزيز
و في نفسي ما يحدثني بان مريض ابن اخي كان رجالً
في غاية الشهرة انني اود كاتباً مسرحياً نعم كاتباً مسرحياً
عظيماً
:رجل واسع الشهرة ذلك احتمال ضعيف ألنه لو كان هوسبار
كذلك لعرفه الناس
:لقد كانت الصور كلها رديئة ثم ان الحرب محنة شديدة الدوقة
اليس كذلك ؟
:لست اذكر علي اي حال ان كاتباً مسرحياً معروفاً قد هوسبار
ورد نباً اختفائه اثناء الحرب ان المرء منهم يسجل في
المجالت ادني اخبار تنقالته فأولي من ذلك نباء اختفائه
:آه يا استاذ انك قاس ! انك تهدم حلماً جميالً ولكنه مع الدوقة
ذلك رجل عريق االصل انا واثقة من هذا انظر الي
هيئته وهو في هذه الحلة لقد فصلتها له عند خياط البير
( :وهو يضع نظارته) صحيح ! لقد كنت اقول في نفسي هوسبار
"ليست هذه حلة الملجأ "...
:اكنت تظن يا عزيزي مما بلغ االمر انني قد احتمل الدوقة
وجوده بقربي وهو في حلة رمادية من القطن ذي الوبر
بعد ان قررت ان اسكنه في القصر و ان اذهب به
شخصياً الي االسر التي تتداعي بانها اسر مريض ابن
9
اخي
:هذه المقابالت في البيوت فكرة ممتازة هوسبار
:اليس كذلك ؟ لقد اقترح ذلك صغيري البير منذ تولي أمره الدوقة
ان ما يلزمه لكي يستعيد ماضيه هو ان ينغمر في جو
ذلك الماذي بعينه ولم يكن بين هذا الرأي و بين قرار
اصطحابه لدي االسر االربع او الخمس التي قدمت
اعجب االدلة اال خطوة فجاستون ليس مريض ابن اخي
الوحيد وال يمكن أللبير ان يتغيب عن الملجأ طيلة وقت
المقابالت ،فماذا كنت تفعل لو كنت في مكاني ؟ لقد
اجبت "ها انا ذا موجودة !" كما فعلت في سنة 9191
:مثل رائع ! هوسبار
:عندما اذكر انه في عهد الدكتور "بونفان" كانت االسر الدوقة
تأتي كل يوم من ايام االثنين الي الملجأ فتراه بضع
دقائق ثم ترجع من حيث أتت بأول قطار ! من عساه
يجد اباه و امه في مثل تلك الظروف اني اسالك ؟ اوه !
ال ،ال ،لقد توفي الدكتور " بونفان " وحسناً ما فعل
ولكن من واجبنا االن ان نلزم الصمت ولكن اقل ما
يمكن ان يقال اذا لم يكن الصمت فوق القبور فرضاً
مقدساً انه كان غير كفء و مجرماً
:اوه مجرم ! هوسبار
:ال تخرجني عن طوري ليته لم يمت كي القي في وجهه الدوقة
هذه الكلمة مجرم ! لقد كان من جرائمه تخبط هذا التعس
10
بين المالجئ منذ سنة 9191حينما اذكر انه احتفظ به
في "بونتوبرون" قرابة خمسة عشر عاماً دون ان ينطقه
بكلمة واحدة من ماضيه و ان صغيري البير الذي لم
يتسلمه اال منذ ثالثة شهور وقد جعله يقول "خنزير" فان
ذلك يدهشني بشكل كبير! ان صغيري البير يا استاذ
طبيب نفساني عظيم
:وشاب لطيف هوسبار
:يا للولد العزيز ! بفضله اخذ كل هذا يتغير ،مقابالت ، الدوقة
تقارير من خبراء الخطوط ،تحاليل كيماوية ،تحريات
من الشرطة لم يدخر شيء مما في طاقة البشر لكي
يستعيد مريضه اهله ومن الناحية الطبية بالمثل فان
البير عازم علي عالجه بأحدث الطرق تخيل انه اجري
حتي االن سبعة عشر خراجاً للتثبيت
:سبعة عشر ؟ هذا عدد ضخم ! هوسبار
( :مسرورة) عمل ضخم ! وفي غاية الشجاعة من جانب الدوقة
صغيري البير فيجب أن نعترف بأن في األمر مخاطرة
:وماذا كان من أمر جاستون ؟ هوسبار
:من أي شيء يجوز له أن يشكو ؟ أن كل شيء في الدوقة
سبيل منفعته سوف تصبح مؤخرته كالمصفاة بال شك
ولكنه سيجد ماضيه ،وماضينا هو أفضل ما لدينا ! أي
رجل ذي قلب كبير يمكن ان يتردد بين ماضيه وبين
جلد مؤخرته ؟
11
:ال محل للسؤال هوسبار
( :وهي تلمح جاستون الذي يمر بالقرب منها) أليس الدوقة
كذلك يا جاستون ألست ممتناً للدكتور " جيبالن " انه
بعد كل هذه السنين الطويلة التي ضيعها الدكتور "
بونفان " استخدم كافة االمكانيات لكى يعيد اليك
ماضيك؟
:كثير االمتنان يا سيدتي الدوقة جاستون
( :الى هوسبار) انني ال أحمله على أن يقول ذلك (الي الدوقة
جاستون) آه ! جاستون يا عزيزي كم هو مؤثر أن
تقول لنفسك بأن وراء هذا الباب ربما يوجد قلب أم يخفق
،أو أب شيخ يستعد ألن يمد لك ذراعيه ! أليس كذلك؟
( :كالطفل) أنت تعرفين ما أكثر ما رأيت من أولئك جاستون
العجائز الطيبات الذين يخطئن وهن يقبلنني وأنوفهن
مبلولة ،وهؤالء الشيوخ الذين التبس األمر عليهم يحكون
وجهي بلحاهم ،تخيلي انساناً له أربعمائة أسرة تقريباً يا
سيدتي الدوقة ،أربعمائة أسرة تصر على تدليله .هذا
كثير !
:فما بالك بأطفال صغار ،في غاية اللطف ! أطفال الدوقة
ينتظرون أباهم أتجرؤ على القول بأنك ال تجد نفسك
مدفوعاً لتقبيل هؤالء الصغار ،وجعلهم يتقافزون على
ركبتيك
:ذلك عمل مرهق يا سيدتي الدوقة فأحدثهم سناً ،البد و جاستون
12
انه يناهز االن العشرين من عمره
:آه ! هوسبار ،انه يريد تدنيس أقدس األشياء! الدوقة
( :فجأة حالما) أطفال ..كان يمكن أن يكون لدي اآلن جاستون
أطفال صغار حقيقيون ،لو قد تركني الناس أعيش .
:انك لتعلم أن هذا كان محاال ! الدوقة
:لماذا ؟ ألنني لم أكن أتذكر شيئا قبل ذلك المساء من جاستون
ربيع سنة ،9191حينما كشفوا وجودي في احدى
محطات الفرز ؟
:بالضبط ،لألسف ! .. الدوقة
:لقد خاف الناس بال شك حين أروا رجالً يعيش بال ماض جاستون
فاألطفال اللقطاء يثيرون االرتياب ومع ذلك فقد أتيح لهم
أن يلقنوا بعض المفاهيم الصغيرة وأما في حالة رجل ،
رجل ناضج ليس له وطن تقريباً ،وليس له مسقط رأس
،وال تقاليد ،وال اسم ..فيا للقذارة يا لها من فضيحة !
:على كل حال كل شيء يثبت لنا يا صغيري جاستون الدوقة
أنك كنت في حاجة الى تربية ثم انني سبق لي أن
نهيتك عن استخدام هذه الكلمة
:فضيحة ؟ جاستون
:ال ( ..تتردد) الكلمة األخرى الدوقة
( :يواصل حلمه) وليس له صحيفة سوابق أيضا ..هل جاستون
فكرت في ذلك يا سيدتي الدوقة ؟ انك تأتمنينني على
فضياتك عند تناول الطعام ،وفي القصر تقع غرفتي
13
على قيد خطوتين من غرفتك فماذا لو كنت سفاحاً قد
قتلت ثالثة من الناس ؟
:عيناك تقوالن لي كال الدوقة
:ما أسعد حظك اذ تنالين شرف افضائهما اليك بأسرارهما جاستون
! وأما أنا فأنظر اليهما أحياناً حتى يدركني الشرود وأنا
أحاول أن أجد فيها بعض ما رأتاه و ال تريدان أن
تعترف به اني ال أرى فيهما شيئا
َ
( :مبتسمة) ومع ذلك فأنت لم تقتل ثالثة رجال اطمئن ما الدوقة
من حاجة إلى معرفة ماضيك حتي ندرك ذلك
:لقد وجدوني أمام قطار أسرى قادم من ألمانيا اذن كنت جاستون
في الميدان والبد أنني كاآلخرين رميت بعض تلك
األشياء التي ما أقسى أن تتلقاها جلودنا البائسة التي
تدميها شوكة وردة ،أوه ! اني أعرف نفسي فأنا ال
أحسن التصويب ولكن في الحرب كانت القيادة تعتمد
على كثرة الرصاص ال على مهارة المقاتلين و مع ذلك
فلنأمل أنني لم أصب ثالثة رجال
:بماذا تخرف اآلن ؟ اني أريد العكس اريد ان اري فيك الدوقة
بطالً ،أنا كنت أعني رجاال قتلوا في الحياة المدنية
:البطل ،موضع التباس أيضا ،في وقت الحرب النمام جاستون
والبخيل والحسود بل والجبان كان مقضيا عليهم حسب
اللوائح بأن يكونوا أبطاال جنبا الى جنب بنفس الطريقة
تقريباً
14
:اطمئن ان شيئا ال يمكن أن يخدعني يقول لي انك كنت الدوقة
من أبناء أسرة راقية جدا
:هذا دليل هزيل علي انني لم ارتكب سوءاً ! البد أنني جاستون
اصطدت فأن أبناء األسر الراقية يزاولون رياضة الصيد
فلنأمل أيضا أنني كنت صياداً يضحك منه الجميع وأنني
لم أصب ثالثة حيوانات
:آه ! يا عزيزی ،البد من حب جم لكي يصغي اليك الدوقة
المرء دون أن يضحك انك تبالغ في مالحظاتك الدقيقة
:كم كنت مرتاح البال في الملجأ ،كنت قد ألفت نفسي جاستون
كنت أعرف نفسي معرفة وثيقة وهأنذا يجب على أن
أفارق نفسي ،وأن أجد نفسا أخرى وأرتديها مثل سترة
قديمة هل سأتعرف نفسي غدا في ابن وقاد المصابيح
الذي ال يكتفي بأقل من أربعة لترات من النبيذ األحمر
الغليظ يوميا و أنا الذي ال أشرب اال الماء أو في أبن
تاجرة الخردوات الذي قد جمع وصنف ألفا ومائتي نوع
من األزرار و انا الذي ال صبر لي علي شيء
:لذلك فقد حرصت على أن نبدأ بال رينو هؤالء ،اال الدوقة
ألنهم أسرة راقية جدا
:هذا يعني أن لديهم بيتا جميال ،و رئيس خدم لطيف ، جاستون
ولكن أي ولد كان لهم ؟
( :وهي ترى رئيس الخدم داخال) سنعرف ذلك في الحال الدوقة
(لرئيس الخدم) لحظة يا صديقی قبل أن تدخل سادتك
15
(لجاستون) جاستون هال انصرفت برهة الى الحديقة
سوف نستدعيك
:حسناً يا سيدتي الدوقة جاستون
( :وهي تخاطبه على حدة) ثم أرجوك ال تخاطبني اآلن الدوقة
بلقب سيدتي الدوقة هذه كلفة كانت تصلح أيام لم تكن
سوی مريض يعالجه ابن أخي
:حسناً يا سيدتی جاستون
:هيا وال تحاول أن تنظر من ثقب الباب الدوقة
( :وهو ينصرف) لست متعجال .لقد سبق لی أن رأيت جاستون
ثالثمائة وسبعا وثمانين أسرة
( :ناظرة اليه وهو يخرج) ولد لذيذ ! آه يا أستاذ عندما الدوقة
يخطر على بالي أن الدكتور" بونفان" كان يستخدمه في
تقشير السلطة أرتعش ! (لرئيس الخدم) و االن يا
صديقي تستطيع أن تدخل سادتك (تأخذ ذراع هوسبار)
أنا في شدة التأثر يا عزيزی أحس أني مقدمة على
صراع ال رحمة فيه ضد القدر ضد جميع القوى الخفية
في الدنيا لقد لبست ثوباً أسود فقد رأيت أن ذلك أنسب ما
يليق (يدخل آل رينو من كبار أثرياء الريف)
( :على الباب) أترون لقد قلت لكم انه ليس هنا مدام رينو
:لقد قلنا له بكل بساطة أن يبتعد لحظة يا سيدتي هوسبار
:اسمحا لي بأن أقدم نفسي جورج رينو (مقدما سيدتين جورج
تصحبانه) أمي وزوجتي
16
:اسمحوا لي ان اقدم نفسي انا ايضاً انا لوسيان هوسبار هوسبار
المحامي المكلف بمصالح المريض المادية ،و السيدة
الدوقة ديبون -ديفور رئيسة عدة جمعيات خيرية في
بونتوبرون وقد تفضلت باصطحاب المريض في غياب
ابن أخيها الدكتور "جيبالن" الذي تعذر عليه أن يغادر
الملجأ (تحيات)
:نعم فأنا ساهمت بكل قوای الضعيفة في عمل ابن أخي الدوقة
لقد بذل نفسه في هذه المهمة بحماس و عزيمة وايمان
عظيم !..
:نحن ندين له بامتنان أبدي على ما أولى صغيرنا جاك مدام رينو
من عناية يا سيدتي ،وما كان أسعدني لو استطعت أن
أقول له ذلك شخصيا
:أشكرك يا سيدتی الدوقة
:ولكني أسألكما المعذرة ..تفضال بالجلوس يا لها من مدام رينو
لحظة مؤثرة
:ما أشد ما أفهمك يا سيدتي ! الدوقة
:تصوری يا سيدتي الى أي حد فعال نفد صبرنا لقد مدام رينو
انقضت اكثر سنتان اآلن منذ ذهبنا الى الملجأ للمرة
األولى..
:وبالرغم من مطالباتنا المتصلة ،فقد اضطررنا الي جورج
االنتظار حتى اليوم لكي نحصل على هذه المقابلة
الثانية
17
:لقد كان عدد الملفات كبي ار جدا يا سيدي تصور أنه كان هوسبار
في فرنسا أربعمائة ألف مفقود أربعمائة ألف أسرة وقل
من يقبل التخلي عن األمل صدقني
:ولكن سنتان يا سيدي ! ثم ليتك عرفت في أية ظروف مدام رينو
أرونا اياه انا ذاك أظن أنك بريئة من ذلك يا سيدتي
وبالمثل السيد ابن أخيك ألنه لم يكن هو مدير الملجأ في
تلك األيام لقد مر المريض بجانبنا وسط تدافع الناس
دون أن نستطيع حتى أن نقربه كنا حوالي أربعين
شخصا معا
:مقابالت الدكتور " بونفان " كانت فضائح حقا فقد اختلط الدوقة
فيها الحابل بالنابل !
:فضائح ! ..أوه ! لقد أصررنا و لكن اضطر ابني مدام رينو
جورج الي السفر فقد كان لديه عمل ولكني انا و زوجة
ابني مكثنا في الفندق على أمل أن نقربه و باغداق
النقود دبر لنا أحد الحراس مقابلة دامت بضع دقائق
كانت لألسف بال نتيجة واستطاعت امرأة ابني في مرة
أخرى أن تحل محل متعهدة الكساء التي مرضت فرأته
طول فترة ما بعد الظهر ولكن دون أن تتمكن من أن
تقول له شيئا اذ لم تتح لها فرصة االنفراد به
( :لفالنتين) ما أشبه هذا بالروايات الخيالية ! ولكن لو الدوقة
انكشف أمرك ؟ لعلك تعرفين الخياطة على األقل ؟
:نعم يا سيدتي فالنتبن
18
:ولم تستطيعي أبدا أن تنفردي به ؟ الدوقة
:ال يا سيدتی أبدا فالنتين
:آه ! ذلك الدكتور " بونفان " ذلك الدكتور " بونفان " الدوقة
مذنب كبير !
:الذي ال أجد له تفسي ار أنه رغم جميع األدلة التي جورج
أوردناها مازال هناك تردد بين عدة أسر
:هذا شيء غريب نعم ،ولكن تصوروا أنه بعد تحقيقاتنا هوسبار
األخيرة التي كانت في غاية الدقة ما زالت هناك معكم
خمس أسر تكاد تتساوى في الفرص
:خمس أسر يا سيدي هذا محال ! .. مدام رينو
:بلى يا سيدتی لألسف ! هوسبار
( :تق أر في مفكرتها) أسر بريجو و بوجران و جريجو و الدوقة
لوجروباتر و ومادينسال ولكن ينبغي أن أقول لكم توا
انني صممت علي ان بدأ بكم فذلك ألني أحمل لكم كل
عطفی
:اني أشكرك يا سيدتي مدام رينو
:ال ،ال ،ال تشكريني اني أقول لك ما أشعر به لقد الدوقة
أوحت الى رسالتك من مستهلها بأنكم أهل لطف وهو
احساس تؤيده لقيانا من جميع الوجوه ومن بعدكم على
أي حال يعلم اهلل في أي طبقة سنتردی بعدكم ! هناك
بائعة لبن و وقاد مصابيح ..
:وقاد مصابيح ؟ مدام رينو
19
:نعم ال يا سيدتي ،وقاد مصابيح ! اننا نعيش في عصر الدوقة
لم يسمع به أحد ! هؤالء الناس يدعون ألنفسهم كل
شيء أوه ! ولكن ال تخافوا فما دمت على قيد الحياة لن
يعطی جاستون لوقاد مصابيح !
( :لجورج) نعم فقد أعلن أن هذه الزيارات ستجرى بترتيب هوسبار
ورود الطلبات وهذا شيء منطقيا ولكن لما كنتم على هذا
النحو آخر الناس شاءت السيدة الدوقة ديبون – ديفور
في شيء من التهور بال شك أن تتخطى الحدود
المرسومة وأن تبدأ بالحضور لديكم
:فيم التهور ؟ اني أتخيل أن القائمين على أمر المريض مدام رينو
أحرار ..
:أحرار نعم ربما ولكنك ال تستطيعين أن تعرفي يا سيدتي هوسبار
أی سيل جارف من األهواء المغرضة التي تحيط
بجاستون في أكثر األحيان لألسف ! ان معاشه بوصفه
جنديا مصابا ولم يتح له أن يقبضه قط يجعله على رأس
ثروة حقيقية صغيرة تصوري أن بقايا حساب هذا المعاش
وأرباحه المركبة تبلغ اليوم أكثر من مائتين وخمسين ألف
فرنك
:كيف تستطيع تلك المسألة المالية أن تتدخل في توجيه مدام رينو
مصير انسان ؟
:انها تستطيع لسوء الحظ يا سيدتی اسمحي لي في هذا هوسبار
الشأن بكلمة عن الوضع القانوني للمريض ..
20
:فيما بعد ،يا سيدي فيما بعد أرجوك .. مدام رينو
:أن األستاذ هوسبار يحمل نصوص القوانين محل القلب الدوقة
! ولكن بما أنه لطيف جدا ( ..تقرص هوسبار في
استخفاء) فسيذهب ليأتينا بجاستون في الحال !
( :يقلع عن محاولة المقاومة) اني أنزل على رغبتكن يا هوسبار
سيداتی و أسألكن فقط أال تصرخن وأال ترتمين عليه
فهذه التجارب التي تجددت م ار ار تجعله في حالة عصبية
مؤلمة غاية األلم (يخرج)
:البد أنك متلهفة الى رؤيته يا سيدتي الدوقة
:هيهات أن يكون ألم غير هذا الشعور يا سيدتي مدام رينو
:آه ! أنا متأثرة من أجلك ! (لفالنتين) وأنت قد عرفت الدوقة
بالمثل مريضنا أعني هذا الذي تظنون أنه مريضنا يا
سيدتي ؟
:أجل يا سيدتي لقد قلت لك انني ذهبت الى الملجأ فالنتين
:هذا صحيح ! هل شرد بالى .. الدوقة
:جورج ابني األكبر تزوج فالنتين وهي صبية فجمعت بين مدام رينو
الصغيرين فالنتين و جاك زمالة حقيقية لقد كانا يتبادالن
مودة كبيرة أليس كذلك يا جورج ؟
( :في برود) كبيرة يا أمي جورج
:أن زوجة األخ كاألخت تقريبا أليس كذلك يا سيدتي؟ الدوقة
:بالتأكيد يا سيدتی فالنتين
:البد أنك سعيدة الى حد الجنون بلقائه الدوقة
21
( :فالنتين متضايقة ،تنظر الى جورج الذي يتولى عنها جورج
الجواب) سعيدة جدا كأخت
:انني صاحبة خيال كبير لقد تخيلت هل أقول لكم ذلك؟ الدوقة
تخيلت وجود امرأة يكون قد شغف بحبها لكي تتعرفه
وتبادله قبلة غرام هي األولى عند خروجه من ذلك القبر
ولكني أرى أن هذا لن يكون
( :واضحا) کال يا سيدتی هذا لن يكون جورج
:فليذهب حلمي الجميل ! (تمضي الى النافذة) ولكن ما الدوقة
أشد بطء األستاذ هوسبار ! ان حديقتكم واسعة جدا وهو
ضعيف البصر بعض الشيء أراهن على أنه قد تاه
( :بصوت خافت لجورج) لماذا تنظر الى هكذا ؟ لن تخرج فالنتين
اآلن كل حكاياتك القديمة ؟
( :في جد) عندما غفرت لكما محوت كل شيء جورج
:اذن ال ترمني بنظرة شزراء كلما تنطق هذه العجوز فالنتبن
المجنونة بعبارة !
( :وهي لم تسمع وال يبدو عليها أنها تعلم شيئا من هذه مدام رينو
القصة)فالنتين يا لك من صبية طيبة انظر يا جورج آنها
شديدة التأثر فهذا طيباً منها أن تتذكر هكذا صغيرنا
جاك بهذا الشكل ،أليس كذلك يا جورج ؟
:نعم يا أمي جورج
:آه !ها هو ذا ! ( هوسبار يدخل بمفرده ) كنت متأكدة الدوقة
من انك لن تجده ؟
22
:كال وجدته ولكني لم أجرؤ على أن أزعجه هوسبار
:ما معنى هذا ؟ ماذا كان يفعل ؟ الدوقة
:كان واقفا أمام تمثال هوسبار
( :تصيح) تمثال لديانا آلهة الصيد ،الذي يتوسط مقعدا فالنتين
دائريا في أقصى الحديقة ؟
:نعم ،انظروا ،يمكن رؤيته من هنا (الجميع ينظرون) هوسبار
( :فجأة) حسناً ،على أي شيء يدل هذا ؟ جورج
( :لهوسبار) شيء مثير يا عزيزی ! الدوقة
( :في رقة) لست أدري أظن أنني أتذكر أنه كان يحب فالنتين
كثي ار هذا التمثال و هذا المقعد ..
( :لهوسبار) اننا نحترق ،يا عزيزی ،نحترق الدوقة
:أنت تدهشينني يا صغيرتي فالنتين فهذا الركن من مدام رينو
الحديقة كان جزءا من أمالك السيد دوباتنون لقد اشترينا
بالفعل هذه القطعة من األرض أيام جاك ولكننا لم نهدم
الحائط اال بعد الحرب
( :يساورها االضطراب) ال أدري البد أنك على حق فالنتين
:كان مظهره من الغرابة وهو واقف أمام هذا التمثال هوسبار
بحيث لم أجرؤ أن أزعجه قبل أن آتی ألسألكم هل لهذه
الواقعة معني وما دام ليس لها معنى فسأذهب آلتي به
(يخرج)
( :بصوت خافت لفالنتين) هل على هذا المقعد كنتما جورج
تلتقيان ؟
23
:ال أعلم ماذا تريد أن تقول فالنتين
:سيدتی ،برغم تأثرك الواجب ،فأني أستحلفك بأن تظل الدوقة
متجلدة
:اعتمدي على يا سيدتی (يدخل هوسبار مع جاستون مدام رينو
مدام رينو تتمتم) آه ! انه هو حقاً ،هو حقاً ..
( :وهي تذهب نحو جاستون في حركة مسرحية كبيرة الدوقة
وتحجب عنه اآلخرين) جاستون حاول أال تفكر في
شيء اترك نفسك على سجيتها دون بذل مجهود أمعن
النظر في جميع الوجوه ..
( صمت الجميع جامدون يمر جاستون أوال أمام جورج
وينظر اليه ثم مدام رينو وأمام فالنتين)
( :يتوقف امامها لحظة و تتمتم في غير جالء) حبيبی.. فالنتين
( :ينظر اليها دهشا ولكنه يمر ويستدير نحو الدوقة
لطيفا مباعدا ما بين يديه في حركة عجز)
( :في أدب) متأسف .. جاستون
ستار
24
الفصل الثاني
مصرعاه ،قد اجتمع أمامه
ا (باب من طراز لويس الخامس عشر مغلق
خدم آل رينو ،يتهامسون ،الطاهية تجلس القرفصاء لتنظر من ثقب
الباب ؛ واآلخرون ملتفون حولها )
25
علي لسانك ! ليس األموات هم الذين ينتهكون شرفك
فهم مساكين ممنوعون من هذا بل أولئك هم األحياء أما
األموات فليس لهم شأن بحكايات األحياء
:يا سالم ! على هذا يكون األمر سهال جدا انت تنتهك الوصيف
شرف الناس ثم هيا ! ال من رأي وال من عرف راحت
عليك ! يكفي أن يموت الواحد منهم
:طبعا ! يكفي ! جولييت
:وماذا عن انتهاك الشرف ؟ .. الوصيف
:أوه ! أنت تسرف في الكالم عن هذا االمر اكثر مما جولييت
ينبغي وسينتهي هذا االمر بأن يصيبك
26
:أنا ،أنا كنت أعز السيد جاك كثي اًر ماذا يمكن ان تقول جولييت
في هذا أنت ؟ أنت لم تعرفه أما أنا فكنت أعزه جدًا
:يعني ماذا ؟ كان سيدك كنت تمسحين له حذاءه الوصيف
:انما كنت أعزه ،فهو كان بخالف كل الناس جولييت
:مفهوم ! مثل أخيه بهيمة عظيمة ! الوصيف
( :مخليا مكانه لجولييت) أرذل يا اخي أرذل ! كم جعلني السائق
أنتظر حتى الساعة الرابعة صباحا أمام الحانات وفي
الفجر بعد أن تتجمد أنت من البرد كان سيادته يخرج
محتقن الوجه ورائحة الخمر تفوح منه على بعد ثالثة
أمتار ويأتي سيادته ليتقيأ على وسائد العربة ..آه !
الدون !
:كالمك في محله كم مرة غمست يدي في ذلك أنا التي الطاهية
أكلمك ! وعمر سيادته ثماني عشرة سنة فقط
:والعيدية كانت شتائم السائق
:وضرب ! أتتذكر في تلك األيام كان في المطبخ صبی الطاهية
مسكين كل مرة كان يراه فيها كان البد من ان يدعك له
أذنيه أو يخبطه برجله
:ومن غير سبب ! كان ولد دون صحيح ولما علمنا أن السائق
عمره انقصف سنة ۹۱۹۱قلنا انه يستحق ذلك
:هيا ،هيا ،اآلن يجب االنصراف رئيس الخدم
:ماذا ؟ ألست من رأينا أنت يا سيد "جول" ؟ السائق
:أنا لو تكلمت أستطيع أن أقول عنه أكثر منكم لقد رئيس الخدم
27
سمعت شجارهم على المائدة بل كنت هناك عندما رفع
يده على السيدة والدته
:على والدته ! وهو في الثامنة عشرة ! الطاهية
:والحكايات الصغيرة مع السيدة فالنتين يمكنني أن أقول رئيس الخدم
انني أعرفها بالتفصيل
:اسمح لي أن أقول لك انك كنت في منتهی الطيبة ألنك السائق
أغمضت عينيك يا سيد "جول"
:حكايات السادة من شأن السادة وحدهم رئيس الخدم
:صحيح لكن مع ولد صغير من هذا النوع ..أفسحي السائق
قليال کی أرى شكله اآلن
( :تاركة مكانها) آه ! هو ،هو ،أنا متأكدة السيد جاك ! جولييت
أتعرف ؟ لقد كان شابا جميال في تلك األيام جميال بحق
وممتا از !
:دعك من هذا ،بين الشبان من هم أجمل وأصغر ! رئيس الخدم
:هذا صحيح عشرين سنة تقريبا هذا زمن طويل أتظن أنه جولييت
سيجدني قد تغيرت كثي ار ؟
:وماذا يهمك من هذا ؟ الوصيف
:أبدا ،ال شيء .. جولييت
( :بعد تفكير بينما يتغامز سائر الخدم من وراء ظهره) الوصيف
أال قولي لي ما السر في أنك تتنهدين منذ علمت أنه
ربما يعود ؟
:أنا ال لشيء (يتضاحك اآلخرون) جولييت
28
:ما السر في أنك تسوين شكلك أمام المرآة وتسألين عما الوصيف
اذا كنت تغيرت ؟
:أنا ؟ جولييت
:كم كان عمرك عندما سافر للحرب ؟ الوصيف
:خمس عشرة سنة جولييت
( :باستجواب) ساعي البريد ،هل كان أول رجل في الوصيف
حياتك؟
:قلت لك انه كممني وناولني أدوية منومة (..يتضاحك جولييت
اآلخرون)
:أنت متأكدة من أنه كان األول الحقيقي في حياتك ؟ الوصيف
:أهذا سؤال ؟ تلك أشياء تتذكرها البنت وال تنساها ذلك جولييت
الكاسر وضع حقيبته في المطبخ و سقطت منها كل
الخطابات (تبكي بافتعال)
( :وما زال ينظر من ثقب الباب) هذه الفاالنتين ال تحول السائق
عنه عينيها اني أراهنكم على أنه لو مكث هنا لتمتع
األب جورج بزوج آخر من القرون يقدمه له أخوه
( :يحتل مكانه) شيء منفر رئيس الخدم
:لكنه يحب ذلك يا سيد "جول" السائق
:لكنهم يضحكونني بمقولة " فقدان الذاكرة " ! بالفهم اذا الوصيف
كانت هذه هي عائلة هذا الشاب لكان عرف أهله منذ
الصباح ان " فقدان الذاكرة " ال يبقى طويال
29
:غير أكيد يا صغيری غير أكيد فأنا التي أكلمك أحيانا الطاهية
أعجز عن أن أتذكر هل ملحت مرقي أم ال
:ولكن األهل ! الوصيف
:أوه ! وهل كان يهتم هذا الولد المفسود بأهله الطاهية
( :على ثقب الباب) أما عن أنه هو فانه هو ! أقطع رأسي رئيس الخدم
لو لم يكن هو
:ولكنهم يقولون ان هناك خمس عائالت أخرى لديها نفس الطاهية
األدلة
:أتريدون أن أقول لكم أنا أحسن كلمة في الموضوع ؟ السائق
ليس من المرغوب فيه ال بالنسبة لنا وال بالنسبة ألحد أال
يكون ذلك الولد الدون قد مات !..
30
( :ينظر من ثقب الباب) انتبهوا ها هم يقومون! سيخرجون الوصيف
من باب الردهة (يتفرق الخدم)
( :وهي خارجة) سيدی جاك بالرغم من كل شيء جذاب.. جولييت
( :يتبعها ويقول مرتابا) ماذا تقصدين ؟ الوصيف
:أبدا ،ال شيء ( خرجوا ) جولييت
ستار
31
الفصل الثالث
(غرفة جاك رينو وما يفضي اليها من الممرات المظلمة الطويلة في هذه
الدار العتيقة من دور أهل الثراء من ناحية ردهة مبلطة ينتهي بها سلم
حجری عريض ذو سياج من الحديد المشغول يظهر من السلم مدام رينو
وجورج وجاستون ويجتازون الردهة )
:معذرة سوف أسبقكما ها هنا كما ترى يقع الممر الذي مدام رينو
کنت تسير فيه لتذهب الى غرفتك (تفتح الباب) وهذه
هي غرفتك (دخل ثالثتهم الغرفة) أوه ! يا لإلهمال ! لقد
أمرت بفتح خشب هذه النوافذ (تفتحها يغمر النور
الغرفة األثاث من صميم طراز سنة )۹۱۹۱
32
تثور عندما يحاول احد ان يرغمك علي الدرس و كنت
تحطم آالتك الموسيقية بركلها ولم يقاوم اال هذا الحامل
( :يبتسم) ليته لم يقاوم (يتجه الى صورة) و هذا هو جاستون
صورته ؟
:نعم هذا أنت في الثانية عشرة من عمرك مدام رينو
:كنت أتصور نفسي أشقر الشعر و خجوالً جاستون
:كان شعرك كستنائيا داكنا جدا وكنت تلعب كرة القدم جورج
طول النهار وتكسر كل شيء
( :وهي تريه حقيبة ضخمة) انظر ماذا أمرت بإنزاله من مدام رينو
المخزن ..
:و ما هذا ؟ حقيبتي القديمة ؟ انكم سوف تنتهون بأن جاستون
تجعلوني أعتقد أني عشت في عهد " االمبراطورية " ..
:ال ،يا أبله انها حقيبة العم جوستاف و هذه لعبك مدام رينو
( :يفتح الحقيبة) لعبي ! هل كان لي لعب كباقي الناس ؟ جاستون
:بالطبع يا عزيزي ،انظر هذه نبلتك مدام رينو
:نبلة ..بل يبدو على هذا الشيء أنه نبلة ال يستهان بها جاستون
:يا الهي ! كم كنت تقتل بها من العصافير لقد کنت مدام رينو
وحشا حقا ..أو تعلم انك ما کنت تكتفي بعصافير
الحديقة فقد كان لدي قفص به عصافير ثمينة ذات مرة
دخلت فيه وقتلتها كلها
:العصافير ؟ عصافير صغيرة ؟ جاستون
:نعم ،نعم مدام رينو
33
:كم كان عمرى ؟ جاستون
:ست سنين أو ربما تسع سنين .. مدام رينو
( :يهز رأسه) لست أنا جاستون
:بل انت مدام رينو
:ال لست انا فانا ما اذكره علي العكس فعندما كنت في جاستون
السابعة من عمري كنت أذهب الى الحديقة ومعی فتات
الخبز وأنادي العصافير لكي تأتي تلتقط الخبز من يدي
:يا ويلها لو جاءت کنت تلوي عنقها جورج
:والكلب الذي كسر له رجال بحجر ؟ مدام رينو
:والفأر الذي ربطه بحبل و كان يجره ؟ جورج
:والسناجيب و حيوانات الحديقة الصغيرة والظربی يا مدام رينو
الهی! کم قتلت منها تلك الحيوانات الصغيرة ! كنت
تحنط أجملها و هناك مجموعة كاملة منها في المخزن
ينبغي أن آمر بإخراجها (تنقب في الحقيبة) وهذه
سكاكينك وبندقياتك األولى ..
:أال توجد لعب عرائس ،دمي ،مراكب ؟ جاستون
:منذ كنت طفال صغي ار ،لم تكن تحب اال االلعاب مدام رينو
العلمية ها هي كراتك األرض وأنابيب االختبار
والمغناطيسات الكهربائية وأنابيب التقطير و رافعتك
الميكانيكية
:كنا نريد أن نجعل منك مهندسا المعا جورج
( :يقهقه) انا مهندس ؟ جاستون
34
:ولكن كتب الجغرافيا كانت أشد ما يروقك كنت على كل مدام رينو
حال األول في الجغرافيا دائما
:في سن العاشرة ،كنت تسمع أسماء المحافظات من جورج
األول لألخر وبالعكس!
:و بالعكس ! صحيح أني فقدت الذاكرة ومع ذلك حاولت جاستون
أن أتعلمها من جديد في الملجأ فلم استطع ان احفظها
ولو من األول لآلخر فقط لندع حقيبة المفاجتت هذه
أظن أنها لن تفيدنا بشيء فلست أتصور نفسي على
االطالق هكذا في طفولتي (أغلق الحقيبة وراح يهيم
في الغرفة يلمس األشياء ويجلس في المقاعد الكبيرة ،
يسأل فجأة) هل كان له صديق ذلك الولد الصغير ؟
صبی آخر لم يكن يفارقه وكان يتبادل معه الكالم في
مشاكله و يتبادل معه طوابع البريد ؟
( :مسترسلة) أجل ،أجل .كان لك كثير من الرفاق طبعا مدام رينو
أصحابك في المدرسة وفي الجمعية ! ..
:نعم ولكني ال اقصد الزمالء بل صديقا أتفهمين يا جاستون
سيدتي ؟ وذلك بالطبع قبل ان أسألك عمن عرفت من
النساء ..
( :مستاءة) أوه ! لقد كنت صغير السن جدا يا جاك مدام رينو
عندما رحلت !
:و مع ذلك سوف أسألك عنهن ولكن قبل هذا السؤال ، جاستون
يبدو لي من المهم اوالً أن أسألك عن الصديق الذي
35
اخترته
:انك تستطيع أن ترى صورهم جميعا في فرق المدرسة ثم مدام رينو
كان هناك من تخرج معهم في المساء .
:ولكن من هو الذي كنت أفضل الخروج معه وأحكي له جاستون
عن كل شيء ؟
لم تكن تفضل أحدا في الواقع (تكلمت بسرعة بعد أن مدام رينو
ألقت الى جورج نظرة مستخفيه جاستون ينظر اليها)
:إذن لم يكن البنك صديق ؟ خسارة أعني خسارة لو جاستون
اكتشفنا أنه أنا أعتقد أن اإلنسان حينما يصبح رجال ال
يمكنه أن يجد مصد ار للعزاء أكبر من صورة لطفولته
تنعكس في عينی صديق طفولته بل وأعترف لكما بأنني
كنت آمل أن أتلقى ذاكرتي من هذا الصديق الذي تخيلته
( :بعد تردد) أوه ! أقصد أن أقول صديق أجل كان لك جورج
صديق وكنت تحبه حبا جما بل واحتفظت به حتى سن
السابعة عشرة و اننا لم نحدثك عنه ألنها قصة أليمة
جدا
:هل مات ؟ جاستون
:ال ،ال .لم يمت ولكنكما افترقتما تخاصمتما نهائيا جورج
:نهائيا! في سن السابعة عشرة ! (برهة) وهل عرفتم سبب جاستون
الخصام ؟
:لألسف لم نستطيع ان نعرف ذلك السبب فظل غامضاً جورج
بالنسبة لنا
36
:ألم يحاول أخوك وال هذا الفتى ان يلتقيا منذ ذلك الحين؟ جاستون
:هل نسيت أن الحرب قد قامت ..كما انه حسب ما مدام رينو
فهمنا انكما قد تشاجرتما من أجل شيء تافه و تضاربتما
كما يفعل الصبية في هذه السن ودون تعمد منك بال شك
أتيت بحركة عنيفة حركة يؤسف لها و قمت بدفعه من
على السلم وفي أثناء سقوطه أصيب في عموده الفقري
واقتضى األمر أن يمكث في الجبس مدة طويلة جدا ثم
ظل مقعدا انك تفهم اآلن كم كان صعبا و أليما حتى
بالنسبة لك أن تحاول االلتقاء به
( :بعد برهة) نعم أفهم وأين حدث هذا العراك ،في جاستون
المدرسة ،في بيته ؟
( :بسرعة) ال هنا و لكن دعنا من الكالم في هذا مدام رينو
الموضوع الفظيع فهذا احدي االشياء التي يستحسن ان
ال تتذكرها يا جاك
:لو انني استعدت ذاكرتي في شيء فيجب أن أستعيدها جاستون
في كل شيء كما تعلمون ذلك ان ماضي االنسان ال
يباع له بالتجزئة ،أين هو ذلك السلم أريد أن أراه ؟
:هنا بجوار غرفتك يا جاك ولكن ما فائدة ذلك ؟ مدام رينو
( :لجورج) هل تسمح بأن ترشدني اليه ؟ جاستون
:اذا شأت ولكني ال أفهم حقا لماذا تريد أن تري هذا جورج
المكان (ذهبوا الى الردهة)
:ها هو ذا هنا مدام رينو
37
:هنا جورج
( :ينظر حوله ينحني على السياج) و أين تعاركنا ؟ جاستون
:اننا لم نعرف ذلك بالضبط ابداً فان احدي الخامات هي جورج
التي روت لنا هذا المشاجرة
:ليست هذه مشاجرة عادية و اني أظن أنها روتها بكثير جاستون
من التفاصيل عن اين تعاركنا فهذه البسطة فسيحة جدا
:البد أنكما تعاركتما على الحافة وتعثرت رجله ومن يدري مدام رينو
لعلك لم تدفعه قط
( :مستدي ار نحوها) فاذا لم تكن المسألة سوي حادثة جاستون
عارضة فلماذا لم أذهب كل يوم لمرافقته في غرفته وهو
طريح الفراش ؟ وأنفق معه کل أيام الخميس بدال من
الجري في الشمس لكى يقل شعوره بالظلم؟
:ان كل واحد شرح المسألة على طريقته وهواه كما تعرف جورج
وتدخل في ذلك خبث الناس
:أي خادمة شاهدتنا ؟ جاستون
:هل من الضروري لك أن تعرف هذه التفاصيل ؟ ثم انها مدام رينو
على كل حال لم تعد في البيت
:من المؤكد أن هناك سواها ال يزالون في الخدمة ممن جاستون
عاصروا تلك الفترة و سوف أستجوبهم
:أرجو أال تولي ثقتك لما يثرثر به الخدم في المطبخ مدام رينو
سوف يقولون لك اشياء عجيبة بال شك لو استجوبتهم
بالتأكيد ،انت ال تدري من هم هؤالء الناس
38
( :مستدي ار نحو جورج) يا سيدي أنا متأكد من أنك جاستون
ستفهمني أنت انني لم أتعرف علي شيئا بعد لديكم والذي
أنبأتموني به عن طفولة أخيك يبدو لي أبعد شيء ممكن
عما أعتقد أنه طبعي ولكن ألول مرة ينتابني نوع من
االضطراب وأنا أصغى لقوم يتحدثون عن ابنهم وال ادري
ان كان هذا تعباً ام شيء اخر
:آه ! يا صغيری جاك ،لقد كنت واثقة انك ..... مدام رينو
:ال ينبغي أن يحن قلبك وأن تسميني قبل األوان " يا جاستون
صغيری جاك " اننا هنا للتحقيق كرجال الشرطة و بما
يعهد في الشرطة من الشدة وعدم الشعور إذا أمكن ان
هذا االتصال بكائن غريب عني تماما قد أكون مضط ار
بعد لحظة ألن أقبله على أنه جزء من نفسي هذه الخطبة
الغريبة التي أعقدها الى شبح ،هذا كله شيء مؤلم لي
بما يكفي فلست بحاجة مع هذا االآلم للدخول في صراع
معكم من اجل الوصول للحقيقة فانا سوف أقبل كل
تجربة وأسمع كل رواية ولكن صوتا في نفسي يقول لي
انني يجب أن أعرف الحقيقة بشأن هذه المشاجرة قبل
كل شيء و مهما كانت هذه الحقيقة قاسية
( :تبدأ مترددة) حسنا ،هذا ما حصل تبادلتما الضرب من مدام رينو
أجل ...حماقة من حماقات الشباب فأنت تعرف كيف
يستجيب الشبان للغيظ في تلك السن
( :يقفها) ال لست اريد ان اسمع منكي التفاصيل بل من جاستون
39
تلك الخادمة ،وهي ما زالت هنا أليس كذلك و لقد
كذبت عليا بشأنها ؟
( :فجأة بعد صمت) نعم ما زالت في البيت جورج
:اطلبها من فضلك يا سيدی ،لماذا تتمادى في التردد ما جاستون
دمت تعلم يقينا أنني سوف أجدها وأستجوبها في يوم من
األيام ؟
:لقد كان هذا شيء احمق ،احمق لدرجة فظيعة جورج
:انني لست هنا لكي أعلم اشياء لطيف و جميلة ثم انه جاستون
إذا كانت هذه الواقعة هي التي تستطيع أن تعيد لى
ذاكرتي فليس لكم الحق في اخفائها عني
:سأناديها اذن ما دمت تريد (يدق الجرس) جورج
:ولكنك ترتعش يا جاك أرجو أال تكون مريضا ؟ مدام رينو
:أرتعش ؟ جاستون
:لعلك تحس بشيء يضيء اآلن في نفسك ؟ مدام رينو
:ال ،ال شيء هناك سوى الليل أشد الليل ظالما جاستون
:فلماذا ترتعش اذن ؟ مدام رينو
:أمر سخيف ،ولكن من بين آالف الذكريات الممكنة ، جاستون
كانت ذکری صديق هي التي أحن اليها بأعظم الشوق
لقد أقمت كل شيء على ذكرى هذا الصديق الخيالي
نزهاتنا التي شغفنا بها والكتب التي اكتشفناها معا وفتاة
أحبها وأحببتها في الوقت ذاته فضحيت بها من اجله بل
و اظن انكم ستضحكان من هذا انني قد أنقذت حياته
40
يوما في مركب اما االن فاذا كنت ابنكم فعلى أن أعتاد
حقيقة ما أبعدها عن حلمي (دخلت جولييت)
:سيدتی دقت الجرس ؟ جولييت
:السيد جاك يود أن يكلمك يا جولييت مدام رينو
:أنا ؟ جولييت
:نعم يود أن يستجوبك عن تلك الحادثة المؤسفة التي جورج
وقعت ل ـ ـ " مارسيل جرانشان " و التي كنت قد شهدت
وقوعها
:أنك تعرفين الحقيقة يا بنتي وتعرفين أيضا أن السيد جاك مدام رينو
رغم كونه عنيف الطبع فما كان يضمر له أي نية
اجرامية
( :يقاطعها مرة أخرى) ال تقولي لها شيئا من فضلك ! أين جاستون
كنت يا آنسة عندما وقع الحادث ؟
:كنت على البسطة مع أولئك السادة يا سيد جاك جولييت
:ال تسميني السيد جاك االن ،كيف بدأت تلك المشاجرة؟ جاستون
( :تلقي نظرة الى آل رينو) بدأت ...يعنی .. جولييت
( :يتجه اليهما) هل تسمحان بأن تترکانی بمفردي معها ؟ جاستون
احس بأنكما تحرجانها
:أنا على استعداد لكل ما تريد اذا كان في ذلك ما يعيدك مدام رينو
الينا يا جاك
( :يرافقهما) سوف أناديكما (لجولييت عندما أصبحا جاستون
وحدهما) اجلسی
41
:أيسمح سيدی ؟ جولييت
( :وهو يجلس قبالتها) ولنترك الكلفة جانبا أرجوك فهي جاستون
لن تستطيع اال مضايقتنا ،كم عمرك ؟
:ثالث وثالثون سنة وانت تعرف هذا تماماً ،يا سيد جاك جولييت
فقد كان عندي خمس عشرة سنة حينما سافرت للميدان
لماذا تسألني عن سنی ؟
:أوال ألنني لم أكن أعرف سنك ثم انني أكرر لك أنني جاستون
ربما لست السيد جاك
:أوه ! كيف تقول ذلك ! فأنا أعرفك جيدا ،يا سيد جاك جولييت
:هل کنت تعرفينه معرفة جيدة ؟ جاستون
( :تنفجر فجأة منتحبة) آه مستحيل أن ينسى أحد الى هذا جولييت
الحد ! أفال تتذكر شيئا ابداً يا سيد جاك ؟
:ال شيء أبداً جاستون
( :تصيح بين دموعها) هل يمكن أن أسمع مثل هذه جولييت
األسئلة بعد الذي جرى ..آه ! هذا شيء يمزق القلب
بالنسبة المرأة حدث لها ما حدث
( :يظل لحظة مشدوها ثم فجأة يفهم) آه ! أوه ! العفو جاستون
أستميحك العفو على ذلك فالسيد جاك كان قد ...
:نعم جولييت
:أوه ! أستميحك العفو اذن ولكن کم كان سنك ؟ جاستون
:خمس عشرة سنة لقد كان أول رجل في حياتی جولييت
( :يبتسم فجأة منشرحا) خمس عشرة سنة وهو سبع عشرة جاستون
42
انها لطيفة جدا هذه القصة انها أول شيء مما أسمعه
عنه يلوح لي جذابا وهل دام ذلك طويال؟
:الى أن سافر جولييت
:وأنا الذي جهدت في البحث لكي أعرف ما وجه تلك جاستون
التي كانت صاحبتی ! عال لقد كانت بديعة !
:ربما كانت بديعة ولكنها لم تكن الوحيدة علي أي حال ! جولييت
:آه ! صحيح ؟ جاستون
:أوه ! صحيح طبعاً ! جولييت
:عال هذا شيء أيضا ال يجعلني أكرهه كثي ار جاستون
:أنت تجد ان هذا شيئاً ظريفاً ! ولكن هذا الشيء بالنسبة جولييت
المرأة ....
:بالتأكيد ،بالنسبة المرأة .. جاستون
:شيء صعب ،أن تحس بالذل في أليم حبها جولييت
( :مشدوها قليال) في أليم ..؟ نعم ،بالتأكيد جاستون
:لم أكن اال خادمة صغيرة مهملة ،ولكن هذا لم يمنعني جولييت
من أن أشربه حتى الثمالة هذا األلم الفظيع ألم العشيقة
المقهورة ..
:هذا االلم ال ..؟ بالتأكيد جاستون
:ألم تق أر أبدا رواية " المغتصبة في ليلة زفافها " ؟ جولييت
:ال جاستون
:يجب أن تقرأها سوف تری ان هناك حالة تشبه تقريبا جولييت
حالتي النذل الذي أغوی " برتراند " ثم سافر هو أيضا
43
ولكنه سافر إلى أمريكا حيث طلبه عمه الثرى و عند
اذن تقول له "برتراند " انها شربته حتى الثمالة هذا األلم
الفظيع ألم العشيقة المقهورة ...
( :الذي يتضح له كل شيء) آه ! تلك كانت جملة من جاستون
الرواية ؟
:نعم ،ولكنها تنطبق على تماما ! جولييت
:بالتأكيد ( ..نهض فجأة يسأل متظرفا) وهل كان يحبك جاستون
كثي ار السيد جاك ؟
:حبا عنيفا فقد كان يقول لي انه سينتحر من أجلى جولييت
:و كيف أصبحت عشيقته ؟ جاستون
:أوه ! كان ذلك في ثاني يوم لي بالبيت کنت أرتب غرفته جولييت
فأسقطني على السرير وكنت أضحك كالبلهاء طبعا في
تلك السن ! وحدثة كم لو كان رغم عني ولكنه بعد ذلك
اقسم لي أنه سيحبني طول حياته !
( :ينظر اليها ويبتسم) عجيب السيد جاك جاستون
:عجيب! لماذا ؟ جولييت
:ال لشيء على كل حال لو انني أصبحت السيد جاك جاستون
أعدك بأن أكلمك بكل جد بخصوص هذا الموضوع
:أوه ! أنا ال أطلب اآلن تسوية للموضوع فاني اآلن جولييت
متزوجة
:بصرف النظر بصرف النظر (برهة) ولكني أهرب من جاستون
الدرس ولن أنجح في االمتحان فلنعد الى تلك القصة
44
الرهيبة التي بودي أن أجهلها والتي مع ذلك يجب ان
اعرفها بحذافيرها
:آوه ! نعم المعركة مع السيد مارسيل جولييت
:نعم هل كنت هناك ؟ جاستون
( :تنتفخ) بكل تأكيد كنت هناك جولييت
:هل شهدت بداية عراكهما ؟ جاستون
:طبعا جولييت
:اذن تستطيعين أن تقولي لي من أجل أي جنون غريب جاستون
تضاربا بتلك الوحشية ؟
( :بهدوء) أي جنون غريب ؟ لقد تضاربا من أجلی جولييت
( :ينهض) من أجلك ؟ جاستون
:طبعا من أجلى أيدهشك هذا ؟ جولييت
( :يردد مشدوها) من أجلك ؟ جاستون
:بالتأكيد فقد كنت عشيقة السيد جاك و انا أقول لك هذا جولييت
بصفة شخصية ألنه يجب أن تعرفه ولكن اياك ان تبوح
بهذا السر ألي شخص فأنا ال أسعى إلى أن أفقد عملي
بسبب حكاية حصلت من عشرين سنة ! نعم کنت
عشيقة السيد جاك وفي الحقيقة السيد مارسيل كان يحوم
حولي قليال
:وبعد ؟ جاستون
:و بعد ،ففي ذات يوم كان يحاول أن يقبلني وراء الباب جولييت
أما أنا فلم أترك له نفسي و لكنك تعرف كيف يصبح
45
الولد عندما يصمم على هذا الشيء وفي هذه اللحظة
بالضبط خرج السيد جاك من غرفته ورآنا فوثب على
السيد مارسيل الذي رد عليه وتضاربا وتدحرجا على
األرض
:اين کانا ؟ جاستون
:على بسطة الدور األول الكبيرة جولييت
( :يصبح فجأة كالمجنون) أين ؟ أين ؟ أين ؟ تعالى أريد جاستون
أن أرى المكان بالضبط
( :جرها من معصمها حتى الردهة) انك تؤلمني ! جولييت
:أين ؟ أين ؟ جاستون
( :تنتزع نفسها من قبضته وتدلك معصمها) ها هنا ! جولييت
سقطا هنا نصفهما في الردهة و نصفهما على البسطة
وكان السيد مارسيل تحت
( :يصيح) لكنهما هنا كانا بعيدين عن الحافة ! كيف جاستون
استطاع أن ينزلق حتى أسفل الدرجات ؟ هل تدحرجا
معا وهما يتصارعان ؟
:ال فالسيد جاك هو الذي أفلح في النهوض وجر السيد جولييت
مارسيل من رجله حتى الدرجات
:وبعد ذلك ؟ جاستون
:بعد ذلك دفعه يا لألسف ! وهو يصيح به " خذ يا ولد جولييت
يا وغد هذا سيعلمك أن تقبل عشيقات غيرك) هذا كل ما
حدث (يسود صمت) آه ! لقد كان رجال السيد جاك !
46
( :بصوت مكتوم) وكان صديقه ؟ جاستون
:تصور انهما منذ سن ست سنين كانا يذهبان الى جولييت
المدرسة معا
:منذ سن ست سنين ! جاستون
:آه ! هذا فظيع بالتأكيد! ولكن ماذا تريد ؟ انه الحب جولييت
فهو أقوى من كل شيء
( :يقرع باب الغرفة واذ ال يجده يأتي الى الردهة) سمحت جورج
لنفسي بأن أعود فقد أبطأت في االتصال بنا وكانت أمي
قلقة فهل عرفت اآلن ما كنت تريد معرفته ؟ (خرجت
جولييت) أوه ! انها ليست فعلة كريمة طبعا ولكني أود
أن أظن برغم من كل ما يمكن أن يقال انها لم تكن في
الواقع سوى حادثة بل وال تنسى أنك كنت في السابعة
عشرة أي يعني انه مجرد عبث صبياني عبث صبيانی
مشئوم (صمت يعتريه حرج) کيف روت لك الواقعة؟
:كما شهدتها بال شك جاستون
:هل قالت لك ان سبب تلك المعركة كانت لتنافسكما في جورج
النادي ؟ فقد استقال مارسيل من ناديك ألسباب شخصية
و انضم للفريق المنافس لك و علي الرغم من كل شيء
و في غمرة حماسك الرياضي ( ..جاستون ال يقول
شيئا) هذه هي القصة التي أردت أنا أن أصدقها ألنه
من جانب آل جرانشان أذيعت قصة أخرى قصة رفضت
على طول الخط أن أقبلها شخصيا وال تحاول أن تعرف
47
تلك القصة فما هي اال حمق ولؤم
( :ينظر اليه) هل كنت تحبه حقا ؟ جاستون
:لقد كان أخي األصغر بالرغم من كل شيء ،بالرغم من جورج
كل شيء آخر فقد حدثت أشياء أخرى كثيرة آه ! لقد
کنت فظيعا
:فسأطلب منك طالما يحق لي هذا الطلب أن تقول كان " جاستون
هو " فظيعا
( :مبتسما ابتسامة بائسة لذكرياته) نعم فظيعا أوه ! ما جورج
أكثر ما سببت لنا من هموم ! واذا عدت بيننا فيجب ان
تعرف امور أخطر من تلك الحركة التعسة ،التي
تستطيع ان تشكك في مدي ارتباطك بها علي الرغم من
كل شيء
:هل على أن أعلم شيئا آخر ؟ جاستون
:لقد كنت طفال ،طفال أطلق العنان لنفسه في عالم جورج
مختل النظام وراحت أمي بمبادئها الصرامة كنت
تصطدم بك دون أن أي حسن للتصرف ودون أن تؤدي
اال إلمعانك في االنطواء على نفسك وأما أنا فلم تكن لي
السلطة الكافية وقد ارتكبت حماقة كبيرة نعم حماقة كلفتنا
كثي ار جدا فانت تعرف اننا الكبار كنا في ميدان الحرب
فظن أمثالك من الشبان ان كل شيء مباحا لهم ،و
أردت أن تنفذ مشروعا تجاريا ترى هل كنت صادق
التفكير في هذا المشروع ؟ أم أنه لم يكن اال خداع لبلوغ
48
مت ربك ؟ و ال يوجد احد يعرف هذه االجابة اال أنت
وحدك اذا استعدت ذاكرتك تماما ،مهما يكن من شيء
فقد سحرت صديقة من أقدم أصدقاء العائلة وجعلتها
كبير حوالي خمسمائة ألف فرنك كنت تزعم
تعطيك مبلغا ا
أنك وسيط وكنت قد جئت بورقة مزورة على رأسها أسم
شركة وهمية بال شك ورحت توقع ايصاالت مزورة وذات
يوم انكشف كل شيء ولكن بعد فوات األوان اذ لم يتبق
سوى بضعة ألوف كنت قد أنفقت الباقي و يعلم اهلل في
أي األوكار او أي الحانات قد انفقتها و بالطبع دفعنا
نحن المال ألصحابه
:أن الفرحة التي تأهبتم بها الستقبال أخيك العائد تدعو جاستون
الى االعجاب حقاً
( :يطأطئ رأسه) وأكثر مما تعتقد يا جاك جورج
:كيف ؟ هل هناك شيء آخر ؟ جاستون
:سوف نتكلم عن هذا في مرة أخرى جورج
:لماذا في مرة أخرى ؟ جاستون
:يستحسن ان نأجله اآلن سأدعو اآلن أمي فهي البد انها جورج
قلقة لسكوتنا عنها كل هذه الفترة
( :يقفه) تستطيع أن تحدثني بما شأت فاني أكاد أقطع جاستون
بأني لست أخاك
( :ينظر اليه لحظة في صمت ثم بصوت مخنوق) و مع جورج
ذلك فانك تشبهه كثي ار هذا وجهه ولكن كأنما مرت به
49
مسحة عذاب
:ثمانية عشر عاما ! كذلك وجهك بال شك وان لم يكن جاستون
لي الشرف بأن أتذكره دون تجاعيد
:ليس االمر يتعلق بمجرد التجاعيد بل هو التأثر بمرور جورج
الزمن و لكنه بدال من أن يقسى المالمح فكأنه قد أشاع
العذوبة والرقة كأنما هي مسحة من االرهاف والطيبة تلك
التي مرت بوجهك
:نعم هناك أسباب كثيرة كما فهمت اآلن ال تتيح لوجه جاستون
السيد أخيك أن يتصف بطابع الرقة
:انت تخطيء لقد كان قاسيا و طائشا و متقلبا ولكن أوه ! جورج
كنت أحبه بكل عيوبه كان أجمل منی لعله لم يكن أذكى
أعني ذلك النوع من الذكاء الالزم في المدرسة وفي
االمتحانات ولكنه كان أعمق احساسا وأشد تألقا بالتأكيد
(يقول بصوت مخنوق) وأشد اغواء وكان في الحقيقة
يحبني هو أيضا ولكن على طريقته بل و انه على األقل
عند خروجه من الطفولة كان يحص بنوع من العرفان
للجميل و المحبة و كان هذا يؤثر في نفسي كثي ار ولهذا
كانت الصدمة قاسية جدا عندما علمت انه ....
(يطاطیء رأسه كما لو كان هو المخطئ) عند اذن
كرهته نعم كرهته ثم بسرعة كبرى نسيت كيف أحقد عليه
:وفيم الحقد ؟ جاستون
( :رفع رأسه ينظر اليه) هل أنت جاك ؟ (جاستون يأتی جورج
50
بحركة) عبثا أقول لنفسي انه كان صغير السن وأنه كان
ضعيفا ككل الذين يظهرون العنف عبثا أقول لنفسي أن
كل شيء يبدو سهل لشفتين جميلتين في ليلة صيف
عندما يحين رحيلنا الى الميدان عبثا أقول لنفسی انی
کنت بعيدا وانهما أيضا كانوا صغا اًر .....
:ال أكاد أفهمك .هل أخذ منك امرأة ؟ (برهة) زوجتك ؟ جاستون
(جورج يومئ باإليجاب جاستون بصوت مكتوم) القذر
( :بابتسامة صغيرة حزينة) ال تقل ذلك ،ربما كنت انت! جورج
( :بعد برهة يسأل بصوت متهدج) هل اسمك جورج ؟ جاستون
:نعم جورج
( :ينظر اليه لحظة ثم تغلبه حركة عاطفية عفوا) جورج جاستون
..أنا .....
( :تظهر خارج الغرفة) هل أنت هنا يا جاك ؟ مدام رينو
( :والدموع في عينيه خجال من تأثره) معذرة سوف جورج
أترككما (يخرج مسرعا من الباب اآلخر)
( :وهي تدخل الغرفة) جاك .. مدام رينو
( :دون أن يتحرك) نعم جاستون
:خمن من الذي حضر اآلن آه ! يالها من جرأة ! مدام رينو
( :كليال) أنا من األصل ليس لي ذاكرة اما بالنسبة لحل جاستون
االلغاز فليس ...
:العمة لويز يا عزيزی ! نعم العمة لويز ! مدام رينو
:العمة لويز ! وهل هذه تعتبر جرأة ؟ .. جاستون
51
:لقد جاءت هنا بعد الذي حدث اتصدق ! أرجو ان تفعل مدام رينو
من اجلي خدمة بأال تستقبلها و اذا حاولت أن تقربك
علي الرغم منا ،لقد تصرفت بشكل غريب ! ثم أنت لم
تكن تحبها على كل حال أوه ! بل لقد جاء ابنها جول
ايضاً ذلك الذي كنت تبغضه بغضاً حقيقياً
( :وما زال ثابتا ال يتحرك) فقد كنت اذاً أبغض شخصاً ما جاستون
بغضا حقيقيا وال اعرف
:جول ! اال تعرف ماذا فعل بك هذا الولد البائس ؟ لقد مدام رينو
وشى بك في امتحان الشهادة العامة ألنك كنت تخفي
جدول لوغاريتمات في جيبك ،هذا صحيح يجب أن
أحكي لك تلك الحكايات واال استقبلتهم بوجه بشوش ما
دمت ال تتذكر شيئا ! ثم ان هناك جيرار دوبوك الذي
البد انه سياتی بالتأكيد ليتودد اليك ،هذا الولد الحقير
لكي يتمكن من الدخول في " شركة فيليير " حيث كانت
الفرص أمامك أكبر بسبب عمك أبعدك عن الوظيفة
باالفتراء عليك لدى االدارة نعم لقد علمنا فيما بعد أنه
كان هو أوه ! انني أرجو أن تغلق في وجهه الباب
وكذلك األشخاص اآلخرين الدين سأخبرك بأمرهم ممن
غدروا بك في دناءة
:ما أكثر األشياء الحلوة في ماضي انسان ! .. جاستون
:وعلي العكس يجب ان تذهب و تقبل " مدام بوکون " مدام رينو
العزيزة علي الرغم من أن شكلها يثير بعض النفور منذ
52
أصابها الشلل مسكينة ! لقد شهدت ميالدك ..
:ال يبدو لي هذا سبب كافي جاستون
:ثم انها هي التي عنيت بك أيام التهابك الرئوي وكنت أنا مدام رينو
مريضة في الوقت ذاته لقد أنقذت حياتك يا ولدى !
:صحيح هناك أيضا االعتراف بالجميل لقد فاتني أن جاستون
أفكر في هذا األمر (برهة) واجبات ،وأحقاد ،وجراح ..
ماذا كنت أحسبها ذلك ذكريات االنسان ؟ (يتوقف
ويفكر) ..صحيح لقد نسيت ذكريات الندم و تلك التي
يؤنبني عليها الضمير اما اآلن فلدي ماض كامل
(يبتسم بصورة غريبة ويذهب نحوها) ها انت ترين اني
اطلب الكثير ولكني فقط كنت افضل بعض من ذكريات
الماضي التي فيها بعض من المرح و األف ارح ونفحة من
الشغف أيضا اذا كان ذلك ممكن أليس لديك ما تقدمينه
لی ؟
:لست أفهمك ،يا ولدي مدام رينو
:األمر بسيط جداً أود لو رويت لی فرحة من أفراحي جاستون
القديمة فان أحقادي و أوزاري لم تنبئني بشيء أعطني
فرحة مما كان البنك حتى أرى كيف يتردد رنينها في
نفسی
:أوه ! ليس هذا عسي ار األفراح لقد نلت منها الكثير لقد مدام رينو
كنت مدلال جداً !
:اذن ،اسمحي لي بفرحة واحدة .. جاستون
53
:انه من المحرج أن يفرض االنسان على نفسه أن يتذكر مدام رينو
هكذا دفعة واحدة فال يدري المرء ماذا يختار ..
:قولي لي اول شيء يخطر علي بالك هكذا دون اختيار جاستون
:حسناً اسمع عندما كنت في الثانية عشرة من عمرك .. مدام رينو
( :يقفها) فرحة من أفراح الرجال فما عداها بعيدة عن جاستون
الشعور
( :فجأة متضايقة) انما أفراحك في طور الرجولة لم تكن مدام رينو
تقول لي معظمها فأن شابا كبي ار مثلك كما تعرف كان
كثير الخروج كجميع الشبان الكبار کنتم الملوك في ذلك
العهد کنت تذهب الى الحانات وسباق الخيل كنت تمرح
مع رفاقك وأما معي ..
:ألم تريني أبدا فرحا أمامك ؟ جاستون
:بال شك طبعا ! مثال يوم تسلمت جوائزك األخيرة مدام رينو
أتذكر...
( :يقاطعها) ال داعى للجوائز ! اقصد بعد ذلك ،بين جاستون
الوقت الذي وضعت فيه كتب المدرسة والوقت الذي فيه
وضعوا بندقية بيدي في خالل تلك الشهور القليلة التي
كان مقد اًر لها دون ان ادري ان تكون كل ما اعرف عن
حياتي كرجل
:اني أبحث ولكنك في الواقع كنت تكثر من الخروج كنت مدام رينو
تسرف في التشبه بمظاهر الرجال ..
:ولكن مع ذلك ففي سن الثامنة عشرة مهما جد الشاب جاستون
54
في تمثيل حياة الرجال فهو ال يزال طفال ! البد انه
حدث ذات يوم أن تسرب الماء من صنبور الحمام ولم
يستطع أحد أن يصلحه أو ذات يوم ط أر على موقد
المطبخ اختالل هائل أو صادفنا محصل ترام مضحكا
فضحكت أمامك أو يوم انشرح صدری بهدية أو بشعاع
من الشمس لست أسألك فرحة طاغية بل فرحة صغيرة
جدا فاني لم أكن مريض بمرض عصبي ؟
( :فجأة محرجة) سأقول لك يا صغيری جاك ..كنت أود مدام رينو
أن أشرح لك هذا الموضوع فيما بعد وفي هدوء أوفر لم
تكن العالقة بينك و بينی طيبة جدا في هذا الوقت أوه !
كان ذلك طيشا صبيانيا ! وبعد مرور هذا الزمن فأنا
متأكدة من أنه سيبدو لك اآلن أشد خط ار مما كان في
الحقيقة نعم في تلك الفترة بالذات بين المدرسة والجيش
لم نكن نكلم احدنا االخر
:آه ! جاستون
:نعم من أجل حماقات تافهة مدام رينو
:وهل استمر هذا الخصام فترة طويلة ؟ جاستون
:سنة تقريباً مدام رينو
:ويحا ! کنا عنيدين ومن الذي بدأ ؟ جاستون
( :بعد تردد) أوه ! أنا اذا شئت ولكن ذلك كان بسببك مدام رينو
كنت قد ركبت رأسك بشكل غبي و بدأت في العناد
:أي عناد من جانب شاب هذا الذي دفعك إلى أال تكلمي جاستون
55
ابنك مدة سنة كاملة ؟
:انك لم تفعل قط شيئا في سبيل فض هذا الموقف ال مدام رينو
شيء !
:ولكني عندما سافرت للميدان تصالحنا مع ذلك في جاستون
يمكننك ان تتركيني ان أرحل دون أن تقبليني ؟
( :بعد صمت فجأة) ال (برهة ثم بسرعة) هذا خطائك ففي مدام رينو
ذلك اليوم أيضا انتظرتك في غرفتي وأما أنت فكنت
تنتظر في غرفتك كنت تريد أن أخطو الخطوات األولى
أنا أمك ! في حين أنك كنت أهنتني اهانة بالغة وراح
الناس يتوسطون فلم يفلح شيء في حملك على التنازل
ال شيء ثم ذهبت الي الميدان .
:كم كانت سنی ؟ جاستون
:ثمانية عشرة مدام رينو
:لعلى لم أكن أدرك الى أين كنت ذاهبا ففي الثامنة عشرة جاستون
تكون الحرب مغامرة مسلية ولكننا و لكننا لم نكن في
سنة 9191حين كانت األمهات يضعن األزهار في
البندقيات و الشك انك كنت تعرفين الى أين كنت ذاهبا
:أوه ! كنت أظن أن الحرب ستنتهي قبل أن تغادر مدام رينو
المعسكر أو أنني سأراك في أول عطلة لك قبل ان
تذهب الميدان ثم انك كنت دائما شديد العنف شديد
القسوة معي
:أما كنت تستطيعين أن تنزلی من غرفتك لتقولي لي جاستون
56
"انت مجنون قبلني!"
:لقد خفت من عينيك ..من تلك االبتسامة الملتوية مدام رينو
المتكبرة التي كانت بال شك ستعترى أنفك حين اتي اليك
لقد كان من الممكن ان تطردني
:وماذا في ذلك ! كنت تعاودين الكرة كنت تبكين على جاستون
بابي كنت تتوسلين لی کنت تركعين حتي ال يكون هذا
الشر وحتي أقبلك قبل أن أرحل آه ! أسأت بأنك لم
ترکعی
:أم ،تفعل هذا يا جاك ! مدام رينو
:كنت في الثامنة عشرة وكانوا يرسلونني للموت اني أشعر جاستون
ببعض الخجل وأنا أقول لك هذا ولكني مهما كنت عاتيا
ومهما حبست نفسي في کبريائی الطائش الغبي فإنما
كان واجبكم جميعا أن تركعوا وأن تستغفرونی
:نستغفرك ؟ عما ! ثم انني لم أرتكب ذنبا ! مدام رينو
:وماذا ارتكبت أنا حتى تمتد بيننا هذه الهوة السحيقة ؟ جاستون
( :فجأة بلهجة الماضي) أوه ! كنت قد صممت رأيك على مدام رينو
أن تتزوج خياطة صغيرة يعلم اهلل وحده أين وجدتها وأنت
في الثامنة عشرة و بال شك كانت قد رفضت أن تصبح
عشيقتك ،ليس الزواج هوى ! فهل كان يجب علينا أن
ندعك تفسد حياتك وتدخل هذه البنت عندنا ؟ ال تقل لي
انك كنت تحبها أو يعرف االنسان الحب في الثامنة
عشرة أعني هل هو حب عميق مستديم صالح للزواج
57
وتأسيس عائلة بنت خياطة لقيها في حفلة راقصة منذ
ثالثة أسابيع ؟
( :بعد صمت) بالتأكيد كان في ذلك حماقة ولكننا كنا جاستون
سندعي للتجنيد بعد شهور قالئل كما تعرفين فماذا اذا
كانت هذه هي الحماقة الوحيدة التي قدر على أن أرتكبها
هذا الحب الذي لم يكن ليستمر هذا الحب الذي تقولين
انه لم يكن مقدر له الحياة اال بضعة شهور فال تكفي
حتي الستنفاده و الفراغ منه فماذا في ذلك ؟
:ولكننا لم نكن نفكر في أنك ستموت ! ثم اني لم أقل لك مدام رينو
كل شيء لقد صرخت في وجهي بفمك الملتوي ألقصاه
وقد رفعت يدك على ،على أنا أمك؟ " اني أكرهك اني
أكرهك ! " هذا ما صرخت به في وجهي (صمت) أتفهم
اآلن لماذا بقيت في غرفتي آمله أن تصعد حتى سمعتك
تغلق باب الشارع وراءك بعنف ؟
( :في رقة بعد صمت) ومت في الثامنة عشرة دون أن جاستون
تكون لي فرحتي الصغيرة بحجة أنها حماقة ودون أن
تكلميني لقد استلقيت على ظهري ليلة كاملة والجرح
ينزف من كتفي و كنت اكثر وحدة من كل االخرين
الذين كانوا ينادون أمهاتهم (صمت ثم يقول فجأة كأنه
يخاطب نفسه) حقا اني أكرهك
( :تصيح مذعورة) جاك ما الذي دهاك ؟ مدام رينو
( :يعود الى نفسه ويراها) ماذا ؟ عفوا أسألك العفو (ابتعد جاستون
58
مغلق النفس جامدا) ولكني لست جاك رينو لست
أتعرف شيئا هنا مما كان له نعم وأنا أصغى الى
كالمك خلطت بينه وبينی لحظة ولكن لعلك ترين أن
ماضيا بأكمله بالنسبة لرجل بال ذاكرة انما هو عبء
باهظ أثقل مما يطيق ظهره أن يحمله دفعة واحدة لو
شئت أن تؤدى لي خادمة ال خدمة فحسب بل فضال
أرجو أن تسمحي لي بالعودة الى الملجأ لقد كنت أغرس
الخس وألمع األرضيات وكانت األيام تمضي ولكن حتى
بعد مرور ثماني عشرة سنة نصف آخر بالضبط من
حياتي لم تستطع االيام وهي تنضاف يوما الى يوم من
أن تصنع هذا الشيء الفتاك الذي تسمونه الماضي
:ولكن يا جاك .. مدام رينو
:ال تنديني جاك بعد اآلن لقد فعل أشياء كثيرة جاك هذا ، جاستون
اما جاستون أحسن وان لم يكن شخصا موجودا فأنا
أعرف من هو ولكن جاك هذا الذي أحاطت باسمه جثث
كل تلك الطيور جاك هذا الذي احتال وآلم ورحل وحده
الى الحرب دون أن يرافقه الى قطاره مودع جاك هذا
الذي لم يعرف حتى الحب إنه يخيفني
:ولكن األمر ،يا ولدي .. مدام رينو
:اذهبی عني ! لست ولدك جاستون
:أوه ! انك تخاطبني كما في الماضي ! مدام رينو
:أنا ليس لي ماض إني أخاطبك كما أخاطبك اليوم جاستون
59
اذهبی عني !
( :تنتصب كما كانت تفعل في الماضي هي أيضا) حسناً مدام رينو
يا جاك ! لكن عندما يثبت لك اآلخرون أنني أمك فعليك
أن تأتي لتسألني العفو (تخرج دون أن ترى فالنتين التي
أصغت إلى العبارات األخيرة من الممر)
( :تتقدم بعد مداك رينو) أتقول انه لم يحب أبدا ماذا فالنتين
تعرف عن ذلك أنت الذي ال تعرف شيئا ؟
( :يستعرضها مندهشا) أنت أيضا ،اذهبی عني ! جاستون
:لماذا تحدثني هكذا ؟ ماذا بك ؟ فالنتين
:اذهبی عني ! أنا لست جاك رينو جاستون
:انك تصرخ بهذا كما لو كنت خائفا من أن تكون اياه فالنتين
:هذا صحيح الى حد ما جاستون
:اذا كان خوفا فال بأس ان شبح الفتى جاك شبح يكره فالنتين
المرء ان يتقمصه ،ولكن لماذا البغض وابغاضي أنا ؟
:ال أحب أن تأتي لتبتسمي لي وهو ما لم تكفي عن فعله جاستون
منذ حللت هنا ،لقد كنت عشيقته
:من اجت أر على أن يقول هذا ؟ فالنتين
:زوجك (صمت) جاستون
:ال بأس ماذا اذا كنت عشيقي واذا كنت وجدتك وأريد أن فالنتين
أستعيدك هل أنت من السخف بحيث تجد في ذلك ما
يسوء ؟
:انك تكلمين شخصا يكاد يكون فالحا من فالحي الدانوب جاستون
60
ويا له من دانوب أسود المياه ليس لضفافه اسم انني
رجل متقدم في السن ولكني أصل إلى الحياة جديد
الصفحة فأول ما يرتكبه في هذا العالم هو أن يأخذ امرأة
أخيه ،أخيه الذي كان يحبه ،أخيه الذي أحسن اليه ؟
( :برقة) عندما تعارفنا علي بعضنا اثناء االجازة الصيفية فالنتين
في " دينار " كنت ألعب التنس وأسبح معك أكثر مما
كنت أفعل مع أخيك وتنزهت على الصخور معك أكثر
مما تنزهت معه ومعك أنت ،أنت وحدك تبادلت
القبالت ثم زرت بعد ذلك بيت أمك لالشتراك في بعض
حفالت الرفاق فبدأ أخوك يحبني ولكنك أنت الذي كنت
آتي لكي أراه
:ولكنه هو الذي تزوجته مع ذلك ؟ جاستون
:كنت طفال وكنت انا يتيمة قاصرة مفلسة أعيش مع خالة فالنتين
محسنة جعلتني أدفع غاليا ثمن رفض الزواج من بضعة
خطاب فهل كان على أن أبيع نفسي آلخر بدال من ذلك
الذي كان يقريني اليك ؟
:هناك في المجاالت النسائية باب يجيب فيه المحرر جاستون
على هذا النوع من األسئلة
:لقد أصبحت عشيقتك عند عودتنا من رحلة شهر العسل فالنتين
:آه ! اننا على ذلك انتظرنا قليال جاستون
:قليال ؟ شهرين ،شهرين فظيعين ثم كانت لنا ثالث فالنتين
سنين لنا وحدنا ألن الحرب قامت فو ار ورحل جورج في
61
أغسطس وبعد هذه األعوام السبعة عشر يا جاك
(وضعت يدها على ذراعه فتراجع)
:أنا لست جاك رينو جاستون
:وحتي لو لم تكن هو دعني أتأمل طيف الرجل الوحيد فالنتين
الذي أحببته (تبتسم ابتسامة صغيرة) أوه ! انك تجعد
فمك (تحدق في وجهه فيتحرج) أال يوجد في شيء
يناسب شيئا مما في مخزن بضائعك الترفيهية ،ابتسامة
،نبرة ؟
:ال شيء جاستون
:ال تكن جافا الى هذا الحد مهما يكن جحيما ذلك فالنتين
الدانوب الذي جئت منه ! أتدري انه شيء خطير بالنسبة
المرأة قد أحبت أن يأتي يوم بعد غياب ال نهاية له
فتعثر علي شخصا ان لم يكن عشيقها فهو على األقل
شبحه الذي يشبهه ادق الشبه حتي في تجعيد الفم الذي
ال يكاد يالحظه احد
:لعلى اكون شبح دقيق الشبه ولكني لست جاك رينو جاستون
:انظر الى مليا فالنتين
:انني أنظر اليك مليا انك فاتنة ولكني لست جاك رينو ! جاستون
:هل أنت متأكد من اني ال شيء بالنسبة لك ؟ فالنتين
:ال شيء جاستون
:اذن فلن تستعيد ذاكرتك أبدا فالنتين
:يبلغ بی الحال أن أتمنى ذلك (برهة غير أن القلق جاستون
62
يساوره) ولكن لماذا لن أستعيد ذاكرتي أبدا ؟
:اال تذكر حتي الناس الذين رأيتهم منذ سنتين فالنتين
:سنتين ؟ جاستون
:متعهدة الكساء متعهدة حلت يوما محل المتعهدة األصلية فالنتين
:متعهدة ثياب محل المتعهدة األصلية ؟ (صمت و فجأة جاستون
يسأل) من أخبرك بتلك القصة ؟
:لم يخبرني أحد کنت بموافقة حماتي على كل حال قد فالنتين
استعرت هذه الشخصية لكی يباح لي أن أقربك انظر
الى مليا أيها الرجل الذي فقد الذاكرة ..
( :يجذبها بالرغم منه مضطربا) هل كنت أنت المتعهدة جاستون
التي لم تمكث اال يوما ؟
:نعم ،كنت أنا فالنتين
:ولكنك لم تقولي لي شيئا في ذلك اليوم ؟ جاستون
:ما كنت أريد أن أقول لك شيئا قبل وصالنا کنت آمل فالنتين
أنك اذ تنالني تسترد ذاكرتك أتري كما اؤمن بالحب و
معجزاته
:ولكن بعده ؟ جاستون
:بعده عندما هممت بأن أقول لك أتذكر ،فوجئنا فالنتين
( :يبتسم لهذه الذكرى) آه ! أمين المخازن ! جاستون
:أمين المخازن ،نعم . فالنتين
:و لكن ألم تصرخي في كل مكان انك عرفتني؟ جاستون
:صرخت ولكننا كنا خمسين عائلة نصرخ بذلك فالنتين
63
( :تعتريه ضحكة عصبية فجأة) أن هذا صحيح يا لي من جاستون
غبى ! كل الناس تتعرفني ! و هذا ال يثبت باي حال
من االحوال أنني جاك رينو
:ومع ذلك فانك قد تذكرت متعهدة ثيابك وصرة مالءاتها فالنتين
الضخمة
:أجل بالتأكيد تذكرتها اني فيما عدا مرضی بفقد الذاكرة جاستون
عندي ذاكرة قوية .
:اال تود أن تأخذ متعهدة ثيابك مرة أخرى بين ذراعيك؟ فالنتين
( :يدفعها عنه) انتظرى حتى نعرف هل أنا جاك رينو جاستون
:وان كنت أنت جاك رينو ؟ فالنتين
:أن كنت أنا جاك رينو لن آخذها مرة أخرى بين ذراعي جاستون
مهما كان الثمن فلست أريد أن أكون عشيق زوجة أخي
:ولكن سبق بالفعل أن كنت كذلك ! .. فالنتين
:كان هذا من زمن طويل وكنت شديد الشقاء في ذلك جاستون
الحين و اآلن فقد اغتسلت من شبابي
( :تطلق ضحكة انتصار صغيرة) ها أنت ذا قد نسيت فالنتين
متعهدة ثيابك ! ان كنت أنت جاك رينو فمن سنتين فقط
كنت عشيق زوجة أخيك أنت ،أنت بنفسك ال شابا
صغي ار عفى عليه الزمان
:لست جاك رينو جاستون
:اسمع يا جاك عليك رغم ذلك أن تتخلى عن البساطة فالنتين
العجيبة التي يتمتع بها فاقد الذاكرة اسمع يا جاك يجب
64
عليك أن تتقبل نفسك ان حياتنا كلها وما بها من مبادئنا
األخالقية الكريمة وحريتنا العزيزة انما قوامها في آخر
األمر هو تقبلنا لنفسنا كما نحن ،هذه األعوام السبعة
عشر التي قضيتها في الملجأ واحتفظت خاللها بنفسك
طاهرة نقية انها بالضبط فترة المراهقة مرهقتك الثانية
التي تنتهي وعليك اآلن أن تصبح رجال من جديد بكل
ما تفتضيه الرجولة من مهمات ومن افراح و مباهج ومن
مسرات أيضا تقبل نفسك وتقبلني يا جاك
:أن اضطررت الى ذلك بقيام دليل ما فسوف يكون عليا جاستون
أن أتقبل نفسي ولكني لن أتقبلك
:ولكنه قد حدث ذلك بالفعل على الرغم منذ سنتين ! فالنتين
:لن آخذ امرأة أخي جاستون
:متى ستترك عباراتك الضخمة ؟ سوف ترى انك اآلن اذ فالنتين
تصبح رجال انه ال توجد مشكلة واحدة من مشاكلك
الجديدة بسيطة بحيث تستطيع ايجازها في صيغة واحدة
،لقد أخذتني منه نعم ولكنه كان قد أخذني منك أوال
بكل بساطة لمجرد انه كان رجال مطلق التصرف قبلك
:ثم أن األمر ليس مقصو ار عليك انني لست حريصا على جاستون
أن أكون قد نهبت سيدات عجائز وهتكت عرض
خادمات .
:أي خادمات ؟ فالنتين
:واقعة أخرى انني لست حريصا كذلك على أن أكون قد جاستون
65
رفعت يدي على أمي ،أو أي سفاهة من سفاهات
شبيهي المخيف
:ما أشد تصايحك ! ولكنك فعلت هذا أيضا على وجه فالنتين
التقريب منذ لحظات
:قلت لسيدة عجوز قاسية القلب اننی أكرهها ولكن هذه جاستون
السيدة العجوز لم تكن أمی
:بل هي امك يا جاك ! ولهذا السبب تحدثت معها بكل فالنتين
هذا العنف و ها أنت ترى أنه كان كافيا لك أن تخالط
ساعة شخصيات ماضيك حتى تستأنف معهم عن غير
وعى سيرتك القديمة اسمع يا جاك أنا سأصعد الى
غرفتي ألنك سوف تثور غاضباً اآلن وبعد عشر دقائق
ستناديني الن ثورة غضبك فظيعة ولكنها ال تدوم أبدا
أكثر من عشر دقائق .
:ومن أدراك ؟ أنت تغيظينني في آخر األمر يبدو عليك جاستون
أنك تريدين أن توحى الى أنك تعرفينني خي ار مما أعرف
نفسی
:بكل تأكيد ! ..اسمع يا جاك اسمع هناك دليل قاطع لم فالنتين
أستطع قط أن أقوله لآلخرين
:لست أصدقك ! جاستون
( :تبتسم) انتظر فاني لم أقله شيء بعد فالنتين
( :يصيح) ال أريد أن أصدقك ،ال أريد أن أصدق أحدا ! جاستون
ال أريد أن يكلمني أحد عن ماضي منذ اآلن
66
( :تدخل كالزوبعة يتبعها األستاذ هوسبار تختبأ فالنتين الدوقة
في الحمام) جاستون ،جاستون هذا شيء فظيع ! وصل
منذ لحظة جماعة من الناس غاضبين مرعدين انهم
احدى أسرك ! فاضطررت الى أن أستقبلهم لقد غمروني
بالشتائم اني أدرك اآلن أنني كنت مجنونة حينما
استهترت باألمر ولم أتبع ترتيب ورود األسماء كما أعلنا
في الصحف هؤالء الناس يظنون أننا نحرمهم حقوقهم
سيجعلونها فضيحة ويتهموننا بتهم ال يعلمها اال اهلل !
:أنا على يقين يا سيدتي من أن أحدا لن يجرؤ على هوسبار
االشتباه فيك
:أال تفهم إذن أن هذه المائتين والخمسين ألف فرنك تعمى الدوقة
أبصارهم ! انهم يتكلمون عن المحسوبية والمحاباة
وليس بعد ذلك اال خطوة واحدة ! نحوا ان يزعموا أن
صغيري ألبير سيقبض مبلغ ضخم من العائلة التي
ينسب اليها جاستون
( :يدخل)عفواً سيدتي الدوقة هناك أشخاص آخرون رئيس الخدم
يطالبون بمخاطبة األستاذ هوسبار أو جناب الدوقة
:ما اسمهم ؟ الدوقة
:أعطوني هذه البطاقة التي لم أشأ أن أقدمها مباشرة رئيس الخدم
لجناب الدوقة ،نظ ار ألنها بطاقة تجارية (يق أر بوقار
كبير) " محل بوجران زبد وبيض وجبن "
( :باحثة في مفكرتها) بوج ارن ؟ قلت بوجران ؟ آنها الدوقة
67
بائعة اللبن !
( :يقرع الباب ويدخل) عفواً يا سيدتي ولكن هناك سيد أو الوصيف
على األصح رجل يطلب سيدتي الدوقة ونظ ار لهيئته
يجب أن أقول لسيدتي انني لم أجرؤ على ادخاله
( :عاكفة على مفكرتها) ما اسمه ؟ " لوجروباتر " أم " الدوقة
مادينسال " ؟
" :لوجروباتر " يا سيدتي الدوقة الوصيف
" :لوجروباتر " انه وقاد المصابيح ! أدخله بالتعظيم الدوقة
والتكريم ! لقد جاءوا جميعا في نفس القطار اني أراهن
على أن آل " مادينسال " سيتبعونهم لقد طلبت "
بونتوبرون " في التليفون وسأذهب ألحملهم علي
االنتظار (تخرج مسرعة يتبعها األستاذ هوسبار)
( :يتمتم مرهقا) لديكم جميعا األدلة والصور الفوتجرافية جاستون
كبيرة الشبه وذكريات دقيقة كتفاصيل الجرائم وأسمعكم
جميعا فأحس بكائن مختلط الجنس يقوم من ورائي شيئا
فشيئا به بعض من كل ولد من أوالدكم وليس فيهم شيء
منی ألن أوالدكم ليس فيهم شيء منی (يردد) أنا ،أنا
اننی موجود أنا برغم من حكاياتكم كلها لقد تحدثت منذ
لحظة عن البساطة العجيبة التي أتمتع بها في حياة
المريض بفقدان الذاكرة انك تعبثين حاولي أن تجمعي
كل الفضائل وكل الرذائل وأن تعلقيها على ظهرك
( :وقد عادت عند خروج الدوقة) سيصبح نصيبك منها فالنتين
68
أهون بكثير لو شئت أن تصغي الى دقيقة واحدة يا جاك
اني أقدم لك تركة مثقلة الى حد ما بال شك ولكنها
ستبدو لك أخف ألنها ستزيح عنك كل ما عداها هل تود
أن تستمع لی ؟
:اني أستمع لك .. جاستون
:اني لم أرك أبدا عاريا أليس كذلك ؟ حسنا ان بجسمك فالنتين
أثر جرح أثر جرح صغير جدا لم يكتشفه أي طبيب ممن
فحصوك انا متأكدة من ذلك على مسافة سنتيمترين
تحت عظمة الكتف اليسرى آنها ضربة بدبوس قبعة
ولعلك تتخيل كيف كانت األزياء سنة 9191وقد
أصبتك بها ذات يوم ظننت فيه أنك قد خنتني (تخرج
يمكث مشدوها لحظة ثم يأخذ ببطء في خلع سترته)
ستار
69
الفصل الرابع
(السائق والوصيف وقد تسلقا كرسيا في ممر صغير مظلم ينظران من
فتحة علوية فيه تطل علي الغرفة)
:ايه ! يا خبر ! انه يتعرى .. الوصيف
( :يدفعه ليحتل مكانه) ال يا رجل ؟ البد أنه مجنون ألخر السائق
درجة هذا الولد ! ماذا يفعل ؟ يبحث عن برغوث ؟
انتظر ،انتظر ها هو ذا يركب على كرسي ليرى نفسه
في مرآة المدفأة ..
:أنت تمزح يركب على كرسي ؟ الوصيف
:كما أقول لك السائق
( :محتال مكانه) أرني هذا ..آه ! يا خبر ! وكل هذا لكي الوصيف
يرى ظهره اني أقول لك انه مجنون ها هو ذا ينزل لقد
رأى ما كان يريد أن يراه انه يعيد كرسيه ويجلس عليه
آه ! يا خبر ! ..مصيبة صحيح !
:ماذا يفعل السائق
( :يلتفت مبهوتا) انه يبكي الوصيف
ستار
70
الفصل اخلامس
(غرفة جاك خشب النوافذ مغلق والظلمة الضاربة الى الحمرة يخططها
النور انه الصباح جاستون مضطجع في السرير ناعس رئيس الخدم
والوصيف منهمكان في إحضار طيور محنطة الى الغرفة ينظمانها حول
تديرن العمليات من الممر كل شيء يتم
السرير و الدوقة ومدام رينو ا
بالتهامس والسير على أطراف األقدام)
:هل نضعها كذلك حول السرير يا جناب الدوقة ؟ رئيس الخدم
:نعم ،نعم ،حول السرير بحيث يراها كلها مرة واحدة الدوقة
بمجرد أن يفتح عينيه
:آه ! ليت منظر هذه الحيوانات الصغيرة يستطيع أن مدام رينو
يرجعه الي نفسه !
:هذا يمكن أن يؤثر فيه كثي ار الدوقة
:كم كان يهوي أن يطاردها ! كان يتسلق األشجار الى مدام رينو
ارتفاعات شاهقة لكي يضع الصمغ على األغصان
( :لرئيس الخدم) ضع أحدها على الوسادة بالقرب منه الدوقة
جدا على الوسادة ،نعم ،نعم ،على الوسادة
:أال تخشى سيدتي الدوقة أن يصاب بالذعر عندما يرى رئيس الخدم
هذا الحيوان الصغير بجوار وجهه عندما يستيقظ ؟
:الذعر عنصر ممتاز في حالته يا صديقي ممتاز الدوقة
جداً (تعود الى مدام رينو) آه ! انا لن أخفي عنك أن
71
القلق ينهشني يا سيدتی ! لقد أمكنني أن أهدیء
خواطر أولئك الناس أمس بأن قلت لهم ان هوسبار
وصغيري البير سيكونان هنا في الصباح الباكر ولكن
من يدري ان كنا سنفلح في التخلص منهم بال خسائر ؟
( :يدخل) األسر المرشحة للسيد جاستون قد وصلت االن الوصيف
يا سيدتي الدوقة
:أترين ! لقد قلت لهم الساعة التاسعة ،وها هم هنا في الدوقة
التاسعة اال خمس دقائق هؤالء الناس لن يستطيع شيء
أن يحملهم على التنازل .
:إلى أين أدخلتهم يا فكتور ؟ مدام رينو
:الى الصالون الكبير يا سيدتی الدوقة الوصيف
:هل جاءوا بنفس عددهم الذي جاءوا به أمس ؟ يا لها الدوقة
من فكرة فالحين أن يأتوا عي شكل جماعة حتي يكون
دفاعهم أشد
:بل زاد عددهم يا سيدتي الدوقة الوصيف
:زاد ؟ كيف هذا ؟ الدوقة
:نعم يا سيدتي الدوقة زاد العدد ثالثة فقد انضم اليهم الوصيف
سيد حسن المظهر يصحب صبيا صغي ار ومربيته
:مربية ؟ أي نوع من المربيات ؟ الدوقة
انجليزية يا جناب الدوقة الوصيف
:آه ! انهم آل مادينسال ! أناس أعتقد أنهم لطفاء ان الدوقة
الفرع االنجليزي لألسرة هو الذي يطالب بجاستون شيء
72
مؤثر أن يجيئوا هكذا من بعيد للبحث عن أهلهم ،أال
ترين ذلك ؟ اسأل هؤالء األشخاص أن يصبروا بضع
دقائق يا صديقي
:ولكن هؤالء الناس جميعا لن يستردوه قبل أن يتكلم مدام رينو
أليس كذلك يا سيدتي ؟
:ال تخافي يا عزيزتي ان االمتحان بدأ بكم والبد برضاهم الدوقة
أو بغير رضاهم أن نتمه بالطريقة القانونية وقد وعدني
صغيری ألبير أن يكون حازما جدا فيما يتعلق بهذه
النقطة ولكننا من ناحية أخرى مضطرون الى معاملتهم
بكثير من اللباقة لكي نتجنب أقل فضيحة
:يخيل الي أنك تبالغين في تقدير خطره مثل هذه مدام رينو
الفضيحة يا سيدتي
:عليك ان تصححي هذه الفكرة يا سيدتي ! ان الصحافة الدوقة
اليسارية تتربص لصغيري ألبير أنا أعرف ذلك جيداً
فان لي جواسيس وهؤالء الناس سيهجمون على هذه
الفضيحة كما تهجم الكالب المسعورة على جثة وهذا
شيء ال أستطيع أبداً أن أسمح به مهما كانت رغبتي
في أن آری جاستون ينضم الي أسرة لطيفة و يا
عزيزتي كما أنك أم فأنا عمة قبل كل شيء (تضغط
على ذراعها) ولكن صدقيني ان قلبي يتحطم مثلك من
جراء ما قد يترتب علي هذا االمتحان من آالم وعذاب
(يمر الوصيف بالقرب منها ومعه سناجيب محنطة
73
تتبعه بعينيها) اال ما أجمل جلد السنجاب ! كيف لم
تخطر ألحد فكرة صنع المعاطف منه ؟
( :مشدوهة) لست أدري مدام رينو
:البد ألنه أصغر من الالزم الوصيف
( :الذي يراقب الباب) انتبهوا لقد تحرك سيدی ! رئيس الخدم
:قبل كل شيء يجب أال نظهر انفسنا (لرئيس الخدم) الدوقة
أفتح النوافذ (النور يغمر الغرفة يفتح جاستون عينيه
ويرى شيئا ما بجانب وجهه فيتراجع وينتصب جالسا)
:ما هذا ؟ (يرى نفسه وسط بنات عرس وظربي جاستون
وسناجيب محنطة فيحملق ويصيح) ما هذه الحيوانات
كلها ؟ ماذا تريده منی ؟
( :يتقدم) انها محنطة يا سيدی انها الحيوانات الصغيرة رئيس الخدم
التي كان سيدی يلهو بقتلها أال يذكرها سيدی ؟
( :يصيح بصوت أجش) أنا لم أقتل حيوانات ابدا ! جاستون
(ينهض فيهرع اليه الوصيف حامال رداءه المنزلي
ويدلفان الى الحمام ولكن سرعان ما يخرج جاستون
ويعود الى الحيوانات) كيف كان يأتي بها ؟
:إال يتذكر سيدي الفخاخ المصنوعة من الصلب التي رئيس الخدم
كان يتأنى في اختيارها من الكتاب المصور التي كانت
تعرض منتجات " مصنع أسلحة وعجالت سانت اتيين "
وكان سيدي يفضل استخدام الصمغ الصطياد بعض
الحيوانات
74
:و هل كان يجدها وهي ما زالت حية ؟ جاستون
:لم تكن في الغالب قد ماتت فكان سيدي ينجز حياتها رئيس الخدم
بسكين الصيد الخاصة كان سيدی بارعا جدا في ذلك
( :بعد صمت) ماذا يمكن لإلنسان أن يفعل بهذه جاستون
الحيوانات الميتة ؟ (تصدر عنه حركة يمنعها الخزي
من أن ان تكون مداعبة لها ويشرد ذهنه لحظة) اي
مداعبة تصلح لهذه الجلود المشدودة المجففة ؟ سأذهب
أللقى ثمر البندق وقطع الخبز لسناجيب غيرها كل يوم
وسأحرم حيثما كانت األرض ملكی أن يتعرض امرؤ
بأخف أذى لبنات عرس ولكن كيف اعزي هذه
الحيوانات عن الليل الطويل الذي قضته في األلم
والخوف دون أن تفهم وقد أمسك برجلها هذا الفخاخ
التي ال ترحم؟
:أوه ! ال يجب أن يتألم سيدى الى هذا الحد ليس أمر رئيس الخدم
هذه الحيوانات الصغيرة باألمر الخطير ثم انه شيء قد
انقضى اآلن على كل حال
( :يردد) انه شيء قد انقضى فعالً حتى لو كانت لي جاستون
القدرة على أن أجعل كل الحيوانات الصغيرة في
الغابات سعيدة الى األبد فقد قلتها انه شيء قد
انقضى(ينصرف نحو الحمام قائال) لماذا ال ألبس
الرداء المنزلي الذي لبسته أمس ؟
:هذا أيضا من مالبس سيدى فقد أوصتني سيدتی أن رئيس الخدم
75
أجعل سيدی يجرب مالبسه جميعاً علي آمل أن يتعرف
سيدي علي واحدا منها
:و ماذا في جيوب هذا الرداء ؟ أهي ذكريات مثل جاستون
األمس؟
( :وهو يتبعه) ال يا سيدی هذه المرة کرات نفتالين (أعيد رئيس الخدم
أغالق باب الحمام تخرج الدوقة ومدام رينو من
مخبئهما و تصدر عنه حركة قبل أن يخرج) أظن ان
سيدتی استطاعت أن تسمع كل شيء وال اظن ان
سيدی قد تعرف علي شيء
( :ساخطة) كأنه يتعمد هذا حقا مدام رينو
:لو كان االمر كذلك فصدقينی اني سوف اكلمه بلهجة الدوقة
شديدة جدا ولكني أخشى لسوء الحظ أن يكون األمر
أخطر من ذلك
( :داخال) ترى هل استيقظ ؟ جورج
:نعم ولكن مؤامرتنا الصغيرة لم تنتج شيئا . الدوقة
:الحت عليه دهشة أليمة لرؤية جثث تلك الحيوانات و مدام رينو
هذا كل شيء
:هل تسمحان بأن تترکانی لحظة سأحاول التحدث اليه جورج
:عسي ان توفق يا جورج ! أما أنا فقد بدأت أفقد األمل مدام رينو
:ال يجب يا أماه ال يجب بل بالعكس يجب التمسك جورج
باألمل حتى النهاية األمل في وجه كل االدلة و
البراهين
76
( :في شيء من الحنق) أن سلوكه متعب حقا أتريد مدام رينو
الصراحة ؟ يبدو لي أنه يعاندني كما كان يفعل في
الماضي
:ولكنه لم يتعرف عليك حتي جورج
:أوه ! كم كان شرس الخلق ! فلماذا يتغير خلقه سواء مدام رينو
أكان فقد الذاكرة أو لم يفقدها ؟
( :وهي تنصرف معها) أعتقد أنك تبالغين في الشعور الدوقة
بعدائه لك يا سيدتي و ليس لى أن أعطيك نصيحة
على أي حال ولكني أريد أن أقول لك اني أجد طريقتك
في التصرف معه طريقة باردة الى حد ما أكثر مما
يجب انك أم يا للشيطان ! اظهري الحزن ارتمى عند
قدميه و اصرخی
:أن أعز مرادی ان أرى جاك يستعيد مكانه هنا يا مدام رينو
سيدتی ولكني ال أستطيع حقا أن أذهب الى ذلك المدى
وخاصة بعد الذي جرى
:خسارة فأنا متأكدة من أن هذا كان سيهزه بشدة أما أنا الدوقة
فلو حاولوا أن يأخذوا مني صغيري ألبير فاني أحس
بأنني سأصبح عند اذن مخيفة كالوحش الضاري هل
رويت لك أنني عندما رسب في البكالوريا تعلقت بلحية
عميد الكلية ؟ (خرجتا)
( :طرق جورج باب الغرفة ثم دخل في حياء) هل جورج
أستطيع أن أكلمك يا جاك ؟
77
ص .جاستون ( :من الحمام) من هذا الذي جاء أيضا ؟ لقد طلبت أال
يأتي أحد أفال أستطيع حتى أن أستحم دون أن
تالحقوني باألسئلة او دون أن تقذفوني بالذكريات في
وجهی ؟
( :وهو يوارب الباب) سيدی في الحمام يا سيدی الوصيف
(لجاستون الذي ال نراه) انه سيدی جورج يا سيدی
( :وما زال متجهما ولكنه أرق) آه ! أهذا أنت يا جورج ؟ جاستون
( :للوصيف) اتركنا لحظة يا فيكتور (يخرج يقترب جورج جورج
من الباب) أسألك العفو يا جاك انني أدرك فعال أننا
نزعجك بتوالي حكاياتنا عليك ولكن الذي أريد أن أقوله
لك شيء مهم مع ذلك اذا لم يكن حديثي يضايقك فوق
ما تطيق فانی أود أن تسمح لي
( :من الحمام) أي قذارة أخرى وجدتها في ماضي أخيك جاستون
وتريد ان تلصقها بي؟
:ليست قذارة هذه المرة يا جاك بالعكس انها أفكار ، جورج
أفكار أود أن أفضى بها اليك اذا سمحت (يتردد هنيهة
ثم يبدأ) اتعرف يا جاك أن المرء بطبيعته يظن ان كل
شيء مباح له بحجة انه امين وشريف و انه كان كذلك
طوال حياته و انه لم يفعل شيء سيء ابداً وهو ما
ابسط فعله بالنسبة للبعض فيتحدث المرء لآلخرين من
اعالي سماءه ويوجه اللوم و يتشاكى (يسأل فجأة)
ألست ناقما على بسبب ما حدث أمس ؟ (يصدر
78
الجواب في تجهم كالجواب السابق ومتأخ ار هنيهة كأنه
يصدر على مضض)
:لماذا ؟ جاستون
:بسبب كل ما رويته لك وبالغت فيه وقد وضعت نفسي جورج
في موضع الفريسة بسبب هذا النوع من االبتزاز لعطفك
تحت تأثير حكايتی من التعسة (نسمع ضجة في
الحمام وينهض جورج مذعورة) انتظر ،انتظر ،ال
تخرج من الحمام االن ودعني اكمل ما بدأته فانا أفضل
هذا فاذا رأيتك أمامي سأستأنف الظهور بمظهر األخ
ولن استطيع ان اخبرك بما في نفسي ،لقد أمعنت
التفكير فما قلته لك باألمس ،أن الذي حدث كان شيئا
فظيعا بكل تأكيد ولكنك كنت طفال و كذلك هي أيضا
كانت طفلة أليس كذلك ؟ ثم انه في " دينار " قبل
زواجنا كانت تحب التنزه معك انت وليس انا ولعلكما
كنتما تتبادالن الحب من قبل وأنتما كالصبية المساكين
الذين ال يستطيعون ان يفعلوا شيئا ثم حللت أنا بينكما
بحذائي الغليظ ووظيفتي وسنی ولعبت دور الخطيب
الجاد والبد أن خالتها قد دفعتها الى قبول طلبي ،
الخالصة أن الذي فكرت فيه هو أنه لم يكن لي الحق
في أن أوجه اليك لوم ابداً وانا أسحبه کل شيء (يهوى
جالسا وقد استنفد قواه يخرج جاستون من الحمام
فيذهب اليه في وداعة ويقول واضعا يده على كتفه)
79
:كيف استطعت أن تحب الى هذا الحد ذلك الولد النذل جاستون
ذلك الولد الشرس ؟
:وماذا تريد أن أفعل ؟ لقد كان أخي جورج
:لم يفعل شيء مما يفعله االخوة األخ لقد سلبك وخانك جاستون
لو ان اصدق اصدقائك عاملك على هذا النحو لكنت
كرهته
:الصديق شيء آخر أما هو فقد كان أخي جورج
:فكيف تستطيع أن تتمنى عودته بين زوجتك وبنيك حتي جاستون
لو تقدمت به السن و تغير طبعه ؟
( :ببساطة) وماذا تريدني أن أفعل ؟ حتي لو كان سفاحا جورج
فهو من األسرة ومكانه في األسرة
( :يردد بعد برهة) هو من األسرة ومكانه في األسرة ما جاستون
أبسط هذا ! (يقول لنفسه) كان يظن نفسه صالحا وهو
ليس بصالح فاضال ولم يكن فاضال ابداً ولكنه وحيدا
في الدنيا وح ار علي الرغم من جدران الملجأ ولكن الدنيا
تعمرها كائنات قدم لها رهونا وما زالت تنتظره وأدنى
حركاته ال يمكنها أن تكون اال امتدادا لحركات كان
يأتي بها قديما ما أبسط هذا ! (يشد ذراع جورج بعنف)
لماذا جئت تحكي لي حكايتك فوق هذا كله ؟ لماذا
جئت تقذف في وجهي بعطفك ؟ حتي يكون األمر
أبسط مما أصبح عليه بال شك ؟ (هوى جالسا على
السرير مرهقا بشكل غريب) لقد كسبت
80
( :مسلوب الخاطر) ولكن يا جاك لست أفهم لومك لقد جورج
جئت أحدثك هذا الحديث صدقني كان هذا فقط ألشيع
شيئا من الدفء في هذه الوحدة التي البد لنك أحسست
بها حولك منذ أمس
:لم تكن هذه الوحدة أسوء أعدائي جاستون
:لعلك تفاجأت ببعض نظرات الخدم وحرجا من الذين جورج
هما حولك و مع ذلك ال يجب أن تعتقد أنه لم يكن
يحبك أحد ،أن أمي (..ينظر اليه جاستون فيضطرب)
ثم على أي حال أنا كنت احبك جداً
:وفيما عداك ؟ جاستون
:طبعا (يتحرج) مهما يكن ..فالنتين بال شك جورج
:كانت تعشقني لم يكن هذا حب بأي حال من االحوال ، جاستون
ليس هناك سواك
( :يطأطئ رأسه) نعم ربما جورج
:ولماذا ؟ ال استطيع أن أفهم لماذا ؟ جاستون
( :في وداعة) ألم تحلم في حياتك بصديق كان في أول جورج
األمر صبيا صغي ار تمسكه من يده وتخرج به الى النزهة
؟ أنت يا من تحب الصداقة تأمل هذه النعمة ،صديق
جديد يأخذ عنك سر حروف الهجاء األولى وسر
ضربات القدم األولى وهو يركب الدراجة وسر حركات
الذراعين األولى ليسبح في الماء صديق هش رقيق
يحتاج اليك طول الوقت حتي تدافع عنه
81
( :بعد برهة) هل كنت صغي ار جدا عندما توفي والدك ؟ جاستون
:كنت في الثانية من عمرك جورج
:وأنت ؟ جاستون
:في الرابعة عشرة كان على أن أعتني بك فقد كنت جورج
صغي ار جدا (بعد برهة يقول له عذره الحقيقي) لقد
كنت دائما صغي ار جدا بالنسبة لكل شيء بالنسبة للمال
الذي أعطيناك اياه قبل األوان كالسفهاء بالنسبة لشدة
أمي وبالنسبة لضعفي أنا أيضا بالنسبة لسوء تصرفي ،
هذه الكبرياء وهذا العنف اللذان كنت تصارعهما وأنت
في الثانية من عمرك تلك كانت وحوش انت منها بريء
وكان علينا نحن أن ننقذك منهما و لكننا عجزنا عن
فعل ذلك بل اتهمناك و تركناك ترحل وحدك الى
الميدان ببندقيتك وکيسك وعلبة قناعك الواقي والبد أنك
كنت جنديا ضئيال جدا على رصيف المحطة !
( :يهز كتفيه) أظن أن اولئك الجنود ذوي الشوارب جاستون
الغليظة والوجوه الرهيبة انما كانوا جنودا ضئاال ايضاً و
كان سيطلب منهم بعد قليل شيء أكبر من قواهم
( :يصيح ويكاد يتأوه) نعم ولكنك أنت كنت في الثامنة جورج
عشرة ! وبعد أن يتباهى الغزاة بلغاتهم الميتة وحياتهم
المزخرفة بالنياشين كان أول شيء سيفرضه عليك
الرجال هو أن تنظف الخنادق بسكين المطبخ
( :تند عنه ضحكة ناشزة) وماذا بعد ؟ يبدو لي ان جاستون
82
الموت هو اول صلة مدهشة بالحياة يعرفها احد الشبان
( :يظهر) سيدتي الدوقة ترجو سيدي أن يتفضل باللحاق رئيس الخدم
بها في الصالون الكبير بمجرد أن يتم استعداده
( :نهض) اني أتركك ولكن ارجوك بالرغم من كل ما قيل جورج
ال تكرهه كثي اًر جاك هذا اعتقد أنه كان في اعماقه ولدا
مسكيناً (يخرج يمكث رئيس الخدم مع جاستون
ويساعده في ارتداء مالبسه)
( :يسأله فجأة) يا رئيس الخدم ؟ جاستون
:نعم يا سيدي ؟ رئيس الخدم
:ألم تقتل في حياتك شخصا ما ؟ جاستون
:ال شك ان سيدی يريد أن يمزح سيدی انت تدرك جيدا رئيس الخدم
أنني لو كنت قتلت شخصا ما لما بقيت في خدمة
سيدتي
:وال حتي في اثناء الحرب ؟ في مواجهة فجائية وأنت جاستون
تقفز داخل مخبأ أثناء موجة الهجوم الثانية ؟
:لقد حاربت برتبة صول في مهمات المالبس ويجب أن رئيس الخدم
أقول لسيدي اننا في وكالة المهمات لم تسنح لنا الفرص
الكافية لالشتراك في الحرب
( :جامدا شاحبا جدا ووديعا جدا) ما أسعد حظك يا جاستون
رئيس الخدم ! ألنه شعور رهيب أن تقوم بقتل انسان
لكي تنجو بحياتك
( :يتساءل أيجب عليه أن يضحك أم ال) انك تعبر يا رئيس الخدم
83
سيدي عن ذلك تعبي اًر حسن ،بالطبع شعور رهيب ! ال
سيما بالنسبة للمقتول
:انك تخطيء يا رئيس الخدم المسألة كلها مسألة خيال جاستون
والمقتول في أغلب األحيان أقل خياال من القاتل (برهة)
و أحيانا ال يكون المقتول اال مجرد خيال في حلم من
احالم القاتل
:في هذه الحالة أظن أنه ال يتعذب كثي ار يا سيدی رئيس الخدم
:ولكن القاتل على العكس يحظى بعذاب األثنين معاً ، جاستون
هل تحب الحياة يا رئيس الخدم ؟
:مثل كل واحد يا سيدی رئيس الخدم
:تصور أنك لكي تحتفظ بالحياة يجب عليك أن تقذف جاستون
بشاب الي العدم الي االبد ،شاب في الثامنة عشرة من
عمره شاب صغي ار و متكب ار ودنيئا ولكنه مع ذلك شاب
مسكين و بفعلك ذلك سوف تصبح ح ار وتفوز بأعظم
حرية يتمتع بها انسان في الدنيا ،و ليس امامك اختيار
فهذا هو السبيل الوحيد للوصول للحرية ان تترك خلفك
هذه الجثة الصغيرة البريئة ،فماذا تفعل ؟
:أعترف لسيدي بأنني لم أسأل نفسي هذا السؤال أبداً رئيس الخدم
ولكن يجب أن أقول أيضا انه اذا صدقنا ما يقال في
الروايات البوليسية ال ينبغي قط أن يترك المرء الجثة
خلفه
( :فجأة ينطلق ضاحكا) ولكن اذا لم يكن يستطيع أن جاستون
84
يرى الجثة احداً ابداً غير القاتل ؟ (يذهب نحوه
ويتلطف) انظر يا رئيس الخدم لقد انتهى األمر والجثة
هنا تحت قدميك هل تراها ؟
:تحت قدمي ! (ينظر رئيس الخدم الى قدميه ويثب رئيس الخدم
وثبة الى جانبه وينظر حوله ثم يفر مذعو ار بأقصى
سرعة يسمح بها الوقار وتظهر فالنتين على الفور في
الممر انها تجري الى الغرفة)
:ما هذا الذي يقوله جورج ؟ ألم تقل لهم شيئا بعد ؟ لم فالنتين
أشأ أن أكون أول الداخلين الى غرفتك هذا الصباح
ولكني كنت أعتقد أنهم سوف يندونني حتى اسمع
االخبار السارة لماذا لم تقل لهم ؟ (جاستون ينظر اليها
دون أن يقول شيئا) تكلم و ال تدفعني للجنون ! أثر
الجرح الذي اخبرتك عنه باألمس لقد رأيته في المرآة
انني واثقة من هذا !
( :بوداعة دون أن يكف عن النظر اليها) لم أر أي أثر جاستون
لجرح
:ماذا تقول ؟ فالنتين
:أقول انني نظرت بانتباه شديد الى ظهري وانني لم أر جاستون
أي أثر لجرح البد أنك أخطأت
( :تنظر اليه لحظة مذهولة ثم تفهم وتصيح فجأة) أوه ! فالنتين
فهمت ،أني أكرهك ! أكرهك !
( :هادئا جدا) أظن أن هذا أفضل جاستون
85
:أو تدرك مجرد ادراك ما تقوم به اآلن ؟ فالنتين
:نعم اني أقوم اآلن برفض ماضي وشخصياته بما فيهم جاستون
أنا ربما کنتم أسرتی وغرامياتی وقصتي الحقيقية نعم
ولكن هناك شيء وهو أنكم ال تعجبونني اني أرفضكم
...
:انك مجنون ! انت وحش ! ال يستطيع االنسان أن فالنتين
يرفض ماضيه ال يستطيع االنسان أن يرفض نفسه
:انني االنسان الوحيد بال شك الذي منحه القدر الفرصة جاستون
السانحة لتحقيق ذلك الحلم الذي يراود كل انسان انني
رجل وفي استطاعتي اذا شئت أن أكون جديدا كطفل !
وهذا امتياز أرى من األجرام اال أنتفع به اني أرفضكم و
منذ أمس الذي ليس لدي اال فيض من أشياء عني
ينبغي أن أنساها
:وحبي أنا ماذا تفعل به ؟ اهو ايضا من االشياء التي فالنتين
تريد ان تنساها
:لست أرى منه في هذه اللحظة اال البغض الذي يمأل جاستون
عينيك وهذا بال شك وجه من وجوه الحب ال يندهش له
سوى شخص فقد الذاكرة ! و على كل حال انه مريح
جدا ولست أريد أن أرى وجها غيره انني عاشق ال
يعرف حب عشيقته عاشق ال يتذكر القبلة األولى وال
الدمعة األولى عاشق ليس سجين ألي ذکری وسوف
ينسى غدا كل شيء و هذه أيضا فرصة نادرة و اني
86
أنتهزها
:واذا صرخت في كل مكان بأنني قد تعرفت علي أثر فالنتين
ذلك الجرح ؟
:لقد تدبرت هذا الفرض فمن ناحية الحب فأعتقد أن جاستون
فالنتين القديمة كانت قد تفعل ذلك في الماضي و لكن
االن هي عاقلة و حذرة تخشي علي مكانتها االجتماعية
المرموقة اما من الناحية القانونية أنت زوجة أخي
وتدعين أنك عشيقتي فأي محكمة يمكنها أن تقبل اتخاذ
مثل ذلك القرار الخطير استنادا الى خلط مريب في
الفراش الذي ال يستطيع احداً غيرك التكلم عنه
( :شاحبة تضغط فكيها) حسنا لك أن تتباهى ولكن ال فالنتين
تعتقد أن سلوكك مما يستغرب صدوره عن رجل بصرف
النظر عن كالمك الفارغ حول فقد ذاكرتك بل انني
متأكدة من أنك في ق اررة نفسك فخور بحركتك هذه كم
يروق لكبرياء الرجل أن يرفض امرأة انتظرته كل هذا
الوقت الطويل ! ما دام األمر كذلك أسألك أن تغفر لي
ما سأسببه لك اآلن من ألم فانك ال تعلم أنه كان لى
عشاق آخرون منذ الحرب
( :يبتسم) شك ار هذا ال يؤلمني ( ..في الممر يظهر جاستون
رئيس الخدم والوصيف من اشاراتهما نفهم أنهما رأيا
من األفضل أن يكونا أثنين لمواجهة جاستون)
( :على الباب) جناب الدوقة ديبون – ديفور رجتني أن الوصيف
87
أقول لسيدي أن يتعجل فيتفضل باللحاق بها في أقرب
فرصة في الصالون الكبير ألن عائالت سيدی قد نفد
صبرها (جاستون لم يتحرك يتوارى الخادمان)
( :تنفجر ضاحكة) عائالتك يا جاك ! آه ! ما اعبي فالنتين
ذلك أريد أن أضحك ألن هناك شيئا تنساه وهو أنك اذا
رفضت أن تأتي معنا فسيجب عليك أن تذهب مع هذه
العائالت رضيت أم كرهت سيجب أن تذهب لتنام في
فراش ابنهم الميت وأن تلبس مالبسه الداخلية ومركوبه
القديم الذي احتفظوا به في وفاء وتقديس عائالتك قد
نفد صبرها هيا تعال أنت يا من تخاف من ماضيك هذا
الخوف تعال انظر الى وجوه هؤالء الناس الفالحين
تعال واسأل نفسك أي أنواع لديهم من الماضي
يعرضونها عليك ،ماضي مليء بالحسابات الصغيرة
والبخل
:يصعب عليهم ان يفعلوا اسوء مما فعلتم علي أي حال جاستون
:أتظن ذلك؟ تلك الخمسمائة ألف فرنك التي جاءت بها فالنتين
عن طريق النصب وأنفقتها في اللهو والعربدة سوف
تبدو لك شيئا تافها حقا بجانب حكايات اخري عن
مشاحنات على شبر من األرض وتقتير الدخار المالليم
هيا تعال ما دمت ال تريدنا فانت مدين بنفسك اآلن
لألسر األخرى تعال ! لما ال تحرك
( :تريد أن تجره فيقاوم) ال لن أذهب جاستون
88
:آه ؟ وماذا ستفعل ؟ فالنتين
:سأرحل جاستون
:إلى أين ؟ فالنتين
:يا له من سؤال ! الى أي مكان جاستون
:تلك اجابة شخص فقد الذاكرة وأما نحن الذين احتفظنا فالنتين
بذاكرتنا فنعرف أن اإلنسان مضطر دائما الى أن يختار
اتجاها معينا وال يستطيع ان يبتعد أبدا الى أبعد من
المسافة التي تحددها له ثمن تذكرته فاذا كانت لديك
نقود ينفتح العالم أمامك ! ولكنك ال تملك مليما في
جيبك فماذا ستفعل ؟
:سأحبط تقديراتكم سأسافر ماشيا عبر الحقول جاستون
:أتشعر أنك تملك كل هذه الحرية لمجرد ألنك تخلصت فالنتين
منا ؟ ولكنك في نظر الشرطة لست اال مجنونا هاربا
من ملجأ سوف يقبضون عليك
:سأكون بعيدا اني سريع المشي جدا جاستون
( :تصرخ في وجهه) أتظن أنني لن اصرخ باعلي صوتي فالنتين
اذا خطوت خطوة واحدة خارج هذه الغرفة ؟ (ذهب
فجأة الى النافذة) انك مضحك فالنافذة عالية جدا وليس
هذا حال (التفت نحوها كحيوان مطارد تنظر اليه
وتخاطبه برقة) ربما سوف تتخلص منا ولكنك لن
تتخلص من عادة نقل أفكارك واحدة بعد األخرى الى
عينيك ال يا جاك حتى ولو قتلتني لتكسب ساعة
89
تنتهزها في الفرار فسوف يقبض عليك (طأطأ رأسه وقد
الذ بركن من الغرفة) ثم و انك تعلم حق العلم أنني
لست أنا وحدي التي أطاردك وأريد استبقاءك بل كل
النساء وكل الرجال حتى الموتى ال توجد فرصة للهرب
من كل هؤالء يا جاك وسواء شئت أم لم تشأ سيجب
عليك أن تنتمي الى شخص ما أو أن تعود الى ملجئك
( :بصوت مكتوم) اذن سأعود الى ملجئ جاستون
:انك تنسي أنني كنت متعهدة الثياب طيلة يوم کامل في فالنتين
ملجئك ! وأنني رأيتك تعزق الخس كالمزارعين ولكني
رأيتك أيضا تساعد في تفريغ المباول وغسل االنية و ان
الممرضين كانوا ينهرونك عندما تطلب اليهم قليالً من
التبغ لغليونك و انت هنا تتكبر علينا و تسيء حديثنا
وته أز بنا ولكنك مع غيرنا لست اال ولدا صغي ار عاج از
ال حق له في أن يخرج وحده وعليه أن يختبئ في
المراحيض لكی يدخن
( :تصدر عنه حركة) اذهبی عنى اآلن لم يعد لدى أدنى جاستون
أمل لقد أديت دورك (خرجت دون أن تنطق بكلمة
جاستون يمكث وحده فيجيل نظرة مرهقة في الغرفة
ويقف أمام الخزانة ذات المرأة وينظر الى صورته
مليا) يا للسماء ! لم يعد لي من مخرج لن استطيع ابداً
التخلص من هذا الماضي الكريه وال هذه الشخصية
األخرى التي ابغضها(فجأة يتناول شيئا مما على
90
المائدة بجواره دون أن يحول بصره عن صورته
وبأقصى عزمه يقذف به المرأة التي تتهشم وتهوي
قطعا ثم ينصرف فيجلس على السرير ورأسه في
راحتيه صمت ثم يبدأ برفق عزف موسيقى حزينة في
أولها ثم تتحول شيئا فشيئا بالرغم من جاستون
وبالرغم منا الى موسيقي مرحة بعد انقضاء برهة يفتح
غالم صغير قد ارتدی زی " كلبة ايتون " باب غرفة
االنتظار ويلقي نظرة استطالع ثم يعيد اغالق الباب
بعناية ويسير في الممر على طرف قدميه مستكشفا
يفتح كل باب يصادفه في طريقه ويلقي نظرة
مستفهمة داخل الحجرات عندما يصل الى باب الغرفة
يؤدي نفس الحركات واذا به أمام جاستون الذي يرفع
رأسه مندهشا من ظهور هذه الشخصية له)
الغالم الصغير :عفواً يا سيد لعلك تستطيع أن ترشدني اني أبحث عن
المكان الصغير
( :يفيق من حلم) المكان الصغير ؟ أي مكان صغير ؟ جاستون
الغالم الصغير :المكان الصغير الذي يستريح المرء فيه
( :يفهم وينظر اليه ثم فجأة يطلق ضحكة طيبة لم جاستون
يتعمدها) يا لها من مصادفة ! تصور أنني أنا أيضا
أبحث عنه في هذه اللحظة المكان الصغير الذي
يستريح المرء فيه
الغالم الصغير :فاني أتساءل اذن من الذي ينبغي أن نسأله اآلن
91
( :ما زال يضحك) اني أتساءل كذلك جاستون
الغالم الصغير :ولكنك اذا مكثت هنا على كل حال لن تتاح لك فرص
كثيرة ألن تجده (يلمح حطام المرآة) يا للهول ! أهو
أنت الذي كسرت المرأة
:نعم أنا جاستون
الغالم الصغير :االن افهم لماذا أنت شديد الضيق ولكن صدقني من
األفضل لك أن تقول هذا بصراحة انك سيد ولن
يستطيع احد ان يفعل لك شيئا خطي ار ولكن أتدري انهم
يقولون أن كسر المرأة يجلب النحس
:يقولون هذا نعم جاستون
الغالم الصغير ( :منصرفا) سأذهب للبحث في الممرات عن خادم ..
وبمجرد أن يدلني سأعود ألشرح لك أين يوجد
(جاستون نظر اليه) المكان الصغير الذي يبحث عنه
كالنا
( :يبتسم ويناديه) اسمع ،اسمع عثورك علي مكانك جاستون
الصغير الذي يستريح المرء فيه أسهل جدا من عثوري
على مكانی انا ..اما عن مكانك الصغير فهو عندك
هنا في الحمام
الغالم الصغير :أشكرك جدا يا سيدی (يدخل الحمام وتستأنف
الموسيقى لحنها الصغير الساخر يعود الغالم الصغير
بعد انقضاء بضع ثوان جاستون لم يتحرك) واآلن
يجب أن أعود الى الصالون ،هل الطريق من هنا ؟
92
:نعم من هنا ،هل أنت مع األسر ؟ جاستون
الغالم الصغير :نعم هناك كثير جدا من الناس من كل نوع جاءوا لكي
يجربوا التعرف على شخص فقد الذاكرة في الحرب و أنا
أيضا أتيت لهذا لقد تعجلنا السفر بالطيارة ألنه يبدو أن
هناك مؤامرة تجرى وراء ستار و أنا على أي حال لم
أفهم بالضبط يجب أن أستفسر من العم جوب ،هل
سبق لك أن ركبت الطيارة ؟
:من أي عائلة أنت ؟ جاستون
الغالم الصغير :مادينسال
:مادينسال آه ! نعم مادينسال االنجليز اني أذكر الملف جاستون
جيدا درجة القرابة عم فأنا الذي نسخت بطاقة الملف ال
شك ان هناك عم في آل مادينسال
الغالم الصغير :نعم ،يا سيدی ..
:العم جوب هذا صحيح حسناً قل للعم جوب انه اذا كان جاستون
لي أن أقدم له نصيحة فهي أال يسرف في األمل بشأن
ابن أخيه
الغالم الصغير :و لماذا تقول لي هذا يا سيدي ؟
:ألن أكبر الظن ان ابن األخ المذكور لن يتعرف ابداً جاستون
علي العم جوب
الغالم الصغير :ولكن ليس هناك ما يدعو الى أن يتعرفه يا سيدي فليس
العم جوب هو الذي يبحث عن ابن أخيه
:آه ! أيوجد عم آخر باسم مادينسال ؟ جاستون
93
الغالم الصغير :بكل تأكيد يا سيدي بل وانه شيء يثير بعض التعجب
في الواقع ..فالعم مادينسال هو أنا
( :مبهوتا) انت ! كيف يمكنك أن يكون ؟ تقصد أنه جاستون
أبوك ؟
الغالم الصغير :ال ،ال ،بل انا ،انه من المحرج جدا كما ترى أن يكون
غالم صغير عم لشخص كبير لقد أمضيت وقتا طويال
على كل حال حتی فهمت الوضع واقتنعت به فقد كان
جدي قد أنجب أوالدا بعد أن تقدم في السن جدا ومن
هنا كان األمر على هذا النحو وولدت انا بعد ابن أخي
بست وعشرين سنة
( :ينطلق ضاحكا بصراحة ويجذبه على ركبتيه) اذن جاستون
فأنت العم مادينسال ؟
الغالم الصغير :نعم انه أنا ولكن ليس لك ان تسخر من هذا فال حيلة
لي في ذلك
:ولكن في هذه الحال من يكون العم جوب الذي کنت جاستون
تتحدث عنه ؟
الغالم الصغير :أوه ! أنه من أصدقاء أبي القدماء وهو المحامي الذي
يتولى جميع شئوني الخاصة بالتركة فعلي الرغم من كل
شيء يصعب عليا انا اناديه باألستاذ لذلك أدعوه عمى
جوب
:ولكن كيف حدث أنك وحدك ممثل لعائلة مادينسال ؟ جاستون
الغالم الصغير :كان هذا على اثر كارثة فظيعة لعلك سمعت عن غرق
94
الباخرة " نبتونيا " ؟
:نعم من زمن بعيد جاستون
الغالم الصغير :كانت أسرتي كلها كانت على ظهرها في نزهة بحرية
( :جاستون ينظر اليه مسحو ار) اذن كل أقربائك قد ماتوا جاستون
؟
الغالم الصغير ( :بلطف) أوه ! ولكن ال يجب أن تنظر الى هكذا ليس
األمر محزنا الى هذه الدرجة فقد كنت ال أزال طفال
صغي ار جدا عندما وقعت الكارثة والحق أني لم أشعر
حتى بوقوعها
( :ينزله على األرض ويتأمله ثم يضرب على كتفه) يا جاستون
عمي مادينسال الصغير انك شخصية كبيرة دون أن
تدري !
الغالم الصغير :أتعلم أني من اآلن أتقن جدا لعب الكريكت ؟ وأنت هل
تلعب ؟
:الذي ال أفهمه هو لماذا يحضر العم جوب من آخر جاستون
انجلت ار ليبحث عن ابن أخ لموكله الصغير ،ابن أخ قد
يعقد له االمور على األرجح
الغالم الصغير :أوه ! ذلك ألنك ال تعرف مسائل الوراثة آنها معقدة جدا
ولكني أظن أنني فهمت أننا ان لم نجد ابن أخينا هذا
فان النصيب األكبر من مالي سيفلت من بين أيدينا
وهذا يضايقني كثي ار ألن هناك ضمن التركة المذكورة
بيتا جميال جدا في منطقة " ساسكس " وبه أفراس بديعة
95
،هل تحب ركوب الخيل؟
( :فجأة حالما) على ذلك فالعم جوب يتمني العثور علي جاستون
ابن أخيك ؟
الغالم الصغير :طبعا ! من أجلي ومن أجله ايضاً هو لم يعترف لى
بذلك ولكن مربيتی قالت لي آن له نسبة مئوية على
جميع شئوني
:آه ! حسناً وأي نوع من الرجال هو هذا العم جوب ؟ جاستون
الغالم الصغير :سيد يميل الى البدانة شعره أبيض
:ال ليس هذا ما أقصد ،و لكن ذلك رأي لن تستطيع جاستون
أنت أن تجيبني عنه على أي حال اين هو في هذه
اللحظة ؟
الغالم الصغير :انه يدخن غليونه في الحديقة فهو لم يرد أن يمكث في
الصالون لالنتظار مع المنتظرين
:حسنا تستطيع أن تقودني اليه ؟
الغالم الصغير :اذا شئت
( :يدق الجرس الى الوصيف الذي يدخل) أرجوك أن جاستون
تخطر الدوقة ديبون -ديفور بأن عندي خب ار هاما
أتسمع جيدا خب ار هاما يجب أن أفضى به اليها ولتتكرم
بالحضور الى هنا
:خب ار هاما حاضر سيدي يستطيع االعتماد على (يخرج الوصيف
شديد الهياج وهو يتمتم) هاما
( :يجذب الغالم الصغير نحو الباب المقابل) لنمر من جاستون
96
هنا (عندما يصل الى الباب يتوقف ويسأله) قل لي هل
أنت متأكد جدا من أن أهلك جميعا قد ماتوا ؟
الغالم الصغير :جميعا حتى أعز األصدقاء الذين دعوهم بكامل هيئتهم
الى هذه النزهة البحرية
:عظيم (يفسح له الطريق ليمر أمامه ويخرج تعود جاستون
الموسيقى ساخرة يظل المسرح خاليا لحظة)
( :تدخل الدوقة يتبعها الوصيف) كيف هذا ؟ يريد أن الدوقة
يراني ؟ ولكنه يعرف أنني في انتظاره منذ ربع ساعة
هل قال لك ان لديه خب ار ؟
:هاماً الوصيف
( :في الغرفة الخالية) فأين هو ؟ (جاستون يتبعه العم الدوقة
جوب والغالم الصغير يدخل الغرفة بوقار الرسميات
تنبعث من الفرقة الموسيقية نغمة طرب مرتعشة أو ما
يشبه ذلك)
:سيدتي الدوقة أقدم لك األستاذ " بيكويك " محامي أسرة جاستون
مادينسال وها هو ذا ممثلها الوحيد لقد أبلغني األستاذ "
بيكويك " اآلن شيئا يثير غاية العجب فهو يدعي أن
ابن أخي موكله كان لديه على بعد سنتيمترين تحت
عظمة الكتف اليسرى أثر جرح خفيف لم يكن يعرفه
أحد وقد قد عرف هذا أخي ار بالصدفة من خطاب وجده
في قلب كتاب
:وهو خطاب أضعه تحت تصرف سلطات الملجأ يا بيكويك
97
سيدتي بمجرد عودتي الى انجلت ار
:ولكن هذا الجرح يا جاستون لم اره أبدا ؟ ولم يره أحد الدوقة
أبدا أليس كذلك ؟
:ابداً جاستون
:ولكنه جرح شديد الصغر يا سيدتی حتي انني أظن أن بيكويك
أحدا لم ينتبه اليه حتى اآلن
( :خالعا سترته) أن التجربة سهلة أتريدان أن تنظ ار ؟ جاستون
(يسحب قميصه تتناول الدوقة منظارها اليدوي ويضع
األستاذ بيكويك نظارته الغليظة وهو إذ يقدم لهما ظهره
ينحني نحو الغالم الصغير)
الغالم الصغير :أرجو أن يكون لديك أثر ذلك الجرح فسوف آسف اذا لم
تكن أنت
:ال تخف انه أنا هل صحيح اذن أنك ال تتذكر شيئا عن جاستون
أهلك وال وجها واحدا وال حكاية صغيرة ؟
الغالم الصغير :وال حكاية ولكن اذا كان هذا يضايقك ربما أتمكن من
القيام باالستفسار
:ال تفعل شيئا من ذلك جاستون
( :التي كانت تنظر الى ظهره تصيح فجأة) ها هو ذا ! الدوقة
ها هو ذا ! آه ! يا الهي ،ها هو ذا ! اثر الجرح
( :الذي كان يبحث أيضا) هذا صحيح ،ها هو ذا ! بيكويك
:آه ! قبلني يا جاستون يجب أن تقبلني يا لها من حادثة الدوقة
عجيبة
98
( :بال ضحك) وغير منتظرة بالمرة ... بيكويك
( :تهوى جالسة) شيء رهيب سوف يغمی على بال شك الدوقة
!
( :ينهضها بابتسامة) ال أظن جاستون
:وال أنا أيضا سوف أخاطب " بونتوبرون " بالتليفون حاال الدوقة
ولكن قل يا سيد مادينسال هناك شيء كنت اود معرفته
عند اجراء آخر خراج للتثبت جعلك صغيری ألبير تقول
" خنزير " في هذيانك فهل هذه كلمة تربطك اآلن
بحياتك السابقة ..
:صه ! ال تقولي هذا ألحد فقد كنت اناديه بهذا االسم جاستون
( :مرتاعة) أوه ! صغيري ألبير ! (تتردد لحظة ثم تغير الدوقة
رأيها) ولكن هذا غير مهم اني أصفح عنك (استدارت
نحو بيكويك مترددة) فهمت اآلن ! انها كانت من روح
الفكاهة االنجليزية
:بعينها ! بيكويك
( :تخطر لها الفكرة فجأة) ولكن بالنسبة آلل رينو يا لها الدوقة
من ضربة فظيعة ! كيف نخبرهم بهذا الخبر ؟
( :في جذل) اني أعهد اليك بذلك فسأكون قد غادرت هذا جاستون
البيت بعد خمس دقائق دون أن أراهم
:أليس لديك أية رسالة أبلغها لهم ؟ الدوقة
:ال ليس عندي لهم رسائل بل نعم (يتردد) قولي لجورج جاستون
رينو آن ظل أخيه الخفيف يرقد قطعا في مكان ما
99
داخل حفرة جماعية بألمانيا وانه لم يكن في حياته اال
طفال جدي ار بكل مغفرة ،طفال يستطيع أن يحبه اآلن
دون خوف من أن يري شيئا قبيحا أبدا على وجهه اذا
أصبح رجال تلك هي الرسالة (يفتح الباب الى أقصاه
ويومئ لهما بلطف نحو طريق الخروج وما زال يضم
اليه الغالم الصغير) واآلن ..دعيني وحدي مع أهلي
فعلينا أن نقابل بين ذكرياتنا ( ..تصاعد الموسيقى
بأنغام النصر تخرج الدوقة مع األستاذ بيكويك)
ستار
100