Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 100

‫الــنــص الـــمـــســرحــــي‬

‫اصدار ‪0202‬‬
‫شخصيات املسرحية‬

‫جاستون ‪ :‬فاقد الذاكرة‬

‫جورج رينو ‪ :‬الاخ الاكبر لجاك رينو‬

‫مدام رينو ‪ :‬أم جاك رينو‬

‫فالنتين رينو ‪ :‬زوجة جورج رينو‬

‫الدوقة ديبون – ديفور ‪ :‬مسئولة في امللجأ‬

‫الاستاذ هوسبار ‪ :‬محامي‪ ،‬و املكلف بمصالح جاستون‬

‫الغالم الصغير‬

‫الاستاذ بكويك ‪ :‬محامي الغالم الصغير‬

‫مجموعة خدم آل رينو‬

‫السائق‬ ‫رئيس الخدم‬

‫الطباخة‬ ‫الوصيف‬

‫جولييت‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول‬
‫( غرفة االستقبال في احد المنازل الريفية الغنية تطل علي منظر لحديقة‬
‫من الطراز الفرنسي ‪ ،‬يظهر المسرح خاليا عند رفع الستار ثم تدخل‬
‫الدوقة و رئيس الخدم و السيد هوسبار و جاستون)‬
‫‪ :‬من اعلن قدومه يا سيدتي ؟‬ ‫رئيس الخدم‬
‫‪ :‬الدوقة ديبون – ديفور و االستاذ هوسبار المحامي و‬ ‫الدوقة‬
‫السيد ‪( ...‬تتردد) السيد جاستون (الي هوسبار) اننا‬
‫مضطرون الي ان نطلق عليه هذا االسم حتي ظهور‬
‫تطورات جديدة ‪.‬‬
‫‪( :‬ويبدو انه علي علم بالموضوع) آه! لعل الدوقة تلتمس‬ ‫رئيس الخدم‬
‫العذر لسيدي و سيدتي فلم يكن سيدتي و سيدي ينتظران‬
‫وصول الدوقة اال في قطار الحادية عشرة و الخمسين‬
‫سأخطر في الحال سيدي و سيدتي بقدوم الدوقة ‪.‬‬
‫‪( :‬ناظرة اليه وهو يبتعد) يعجبني رئيس الخدم هذا ! آه يا‬ ‫الدوقة‬
‫صغيري جاستون ‪ ،‬اني ألجن فرحاً لقد كنت واثقة من‬
‫انك ابن أسرة ممتازة ‪.‬‬
‫‪ :‬ال تسرفي في التفاؤل ! ال تنسي انه مازال لدينا غير‬ ‫هوسبار‬
‫عائلة رينو خمس اسر اخري ‪.‬‬
‫‪ :‬كال يا استاذ هوسبار ان شيئاً في نفسي يحدثني بان‬ ‫الدوقة‬
‫جاستون سيتعرف في عائلة رينو علي اهله و بانه سيجد‬
‫في هذا البيت جو ماضيه ان شيئاً في نفسي يحدثني‬

‫‪3‬‬
‫بانه سيستعيد هنا ذاكرته و تلك غريزة نسائية قلما‬
‫خدعتني‬
‫‪( :‬ينحني امام حجة من هذا القبيل) آه في هذه الحالة‬ ‫هوسبار‬
‫‪(.....‬تتركه و تتجه الي جاستون الذي ينظر الي‬
‫اللوحات المعلقة و كانه طفل في زيارة)‬
‫‪( :‬تستجوبه) و انت يا جاستون امل ان تكون متأث اًر ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬الي حد ما‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬الي حد ما ! آه يا صديقي اني اتسأل احياناً هل تدرك‬ ‫الدوقة‬
‫ما في حالتك من ضني ؟‬
‫‪ :‬ولكن سيدتي الدوقة ‪......‬‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ال ‪ ،‬ال ‪ ،‬ال لن يقتلع شيء مما قد تقوله لي هذه الفكرة‬ ‫الدوقة‬
‫من رأسي انك ال تدرك هيا اعترف بانك ال تدرك‬
‫‪ :‬ربما لست ادرك تماماً يا سيدتي الدوقة‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬انك علي االقل ولد لطيف ولد يعرف كيف يعترف‬ ‫الدوقة‬
‫بأخطائه وهذا لست أكف عن ترديده ولكن ذلك ال يهون‬
‫من حقيقة االمر وهو ان عدم مباالتك و طيشك‬
‫يستحقان غاية اللوم اليس كذلك يا هوسبار ؟‬
‫‪ :‬يا الهي اني ‪....‬‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬بلي ‪ ،‬بلي ينبغي ان تؤيدني و ان تجعله يفهم ان من‬ ‫الدوقة‬
‫الواجب عليه ان يتأثر (يكمل جاستون النظر الي‬
‫االعمال الفنية ) جاستون ‪ ،‬ما هذا الذي تفعله ؟‬
‫‪ :‬سيدتي الدوقة ؟‬ ‫جاستون‬

‫‪4‬‬
‫‪ :‬هل انت من حجر ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬من حجر ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬هل قلبك اقسي من الصخر ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬اني ال اظن ذلك يا سيدتي الدوقة‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬اجابة ممتازة انا مثلك ال اظن ذلك غير ان سلوكك‬ ‫الدوقة‬
‫يوحي للناظر اليك و الذي ال يعرف عنك شيء بانك‬
‫رجل من رخام‬
‫‪ :‬حقاً ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬لعلك ال تفهم اهمية ما قوله لك ؟ احيانا انا انسي اني‬ ‫الدوقة‬
‫اخاطب شخصاً فقد الذاكرة و ان هناك كلمات لعلها‬
‫غابت عن علمك منذ ثمانية عشر عاماً اتعرف ما‬
‫الرخام ؟‬
‫‪ :‬نوع من الحجر !‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬هذا حسن و لكن أتعرف اي نوع من االحجار هو ؟ انه‬ ‫الدوقة‬
‫اشد االحجار صالبة يا جاستون أتفهمني ؟‬
‫‪ :‬نعم‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬اال يثير في نفسك شيئاً ان اشبه قلبك بأقسى االحجار ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪( :‬متضايقا) أبداً (برهة) بل ان هذا قد يبعث علي‬ ‫جاستون‬
‫الضحك‬
‫‪ :‬اسمعت يا هوسبار ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪( :‬ليسوي االمور) انه طفل‬ ‫هوسبار‬
‫‪( :‬في لهجة قاطعة) طفل ! لم يعد هناك اطفال انما هو‬ ‫الدوقة‬

‫‪5‬‬
‫جاحد (الي جاستون) جاستون انت تعاني مرضاً من‬
‫اغرب ما حار في عالجه طب النفس وبينما انت لغز‬
‫من اكبر الغاز الحرب العظمي اثارة للحيرة ال اكاد اترجم‬
‫في عبارة مهذبة لغتك الغليظة حتي يدعوك ذلك الي‬
‫الضحك ؟ انك كما قال احد الصحفيين الجندي المجهول‬
‫حياً هل يضحك هذا ؟ اتعجز اذن عن الشعور باالحترام‬
‫يا جاستون ؟‬
‫‪ :‬ما دمت انا المقصود بهذا ‪......‬‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ال يهمنا ! باسم المعني الذي تمثله ينبغي ان تمنع نفسك‬ ‫الدوقة‬
‫من االستهزاء بنفسك ربما يبدو اني غير جادة و لكني‬
‫تعبر عما في اعماق فكري حين اقول ‪ :‬عندما تنظر في‬
‫مرآة عليك ان ترفع قبعتك تحية لنفسك يا جاستون‬
‫‪ :‬انا ‪ ..‬لنفسي ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬نعم انت لنفسك اننا ننفعل ذلك جميعاً عندما نتصور ما‬ ‫الدوقة‬
‫يمثله شخصك فمن تحسب ان تكون انت حتي تعفي من‬
‫ذلك ؟‬
‫‪ :‬ال احد يا سيدتي الدوقة‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬اجابة رديئة انك تظن انك شخص عظيم الشأن لقد‬ ‫الدوقة‬
‫غرتك الضجة التي اثارتها الصحف حولت حالتك هذا‬
‫كل ما في االمر (يريد ان يتكلم) ال تعلق بشيء وال‬
‫اغضبتني (يطأطئ راسه و ينصرف الي تأمل االعمال‬
‫الفنية) ما رايك فيه يا هوسبار ؟‬

‫‪6‬‬
‫‪ :‬كما هو غير مكترث‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬غير مكترث هذا هو التعبير الصحيح لقد كان علي‬ ‫الدوقة‬
‫طرف لساني منذ ثمانية ايام ولكني لم استطيع ان انطق‬
‫به غير مكترث انك كذلك تماماً ومع هذا فان مصيره‬
‫هو الذي يتقرر يا للشيطان ! فلسنا نحن الذين فقدنا‬
‫الذاكرة و لسنا نحن الذين نبحث عن اهلنا اليس كذلك يا‬
‫هوسبار ؟‬
‫‪ :‬بالتأكيد‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬فما العمل اذن ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪( :‬هز كتفه في غير احتفال) مازالت لديك اوهام ايمان‬ ‫هوسبار‬
‫حديث العهد ها هي ذي سنوات كاملة قد انتقضت وهو‬
‫يعارض جميع محاوالتنا بهذا الجمود‬
‫‪ :‬ال يمكن باي حال ان ننكر العناء الذي يتكبده ابن اخي‬ ‫الدوقة‬
‫من اجله ليتك رأيت باي اخالص عجيب يعالجه و باي‬
‫حماس يتولى هذه المهمة ! ارجو ان يكون قد افضي‬
‫اليك بالحادث قبل ان تسافر ؟‬
‫‪ :‬لم يكن الدكتور جيبالن في الملجأ حينما مررت آلخذ‬ ‫هوسبار‬
‫ملفات جاستون ولم استطع لألسف أن انتظره‬
‫‪ :‬ما الذي تقوله لي يا استاذ ؟ لم تر صغيري البير قبل ان‬ ‫الدوقة‬
‫تسافر ؟ انك تجهل الخبر اذن ؟‬
‫‪ :‬اي خبر ؟‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬عندما اجري له آخر خراج للثبيت افلح في ان يحمله‬ ‫الدوقة‬

‫‪7‬‬
‫علي الكالم وهو في سكرة األلم أوه ! لم يقل كالماً كثي اًر‬
‫لقد قال " خنزير "‬
‫‪ :‬خنزير ؟‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬نعم خنزير ستقول لي انها شيء تافه ولكن المثير‬ ‫الدوقة‬
‫لالهتمام في االمر انها كلمة لم يسمعه شخص ينطق‬
‫بها قط وهو متنبه كلمة ال يذكر احد انه لفظها امامه‬
‫ابداً فهي علي اغلب الظن كلمة ترجع الي ماضيه‬
‫‪ :‬خنزير ؟‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬خنزير انها قرينة صغيرة جدا ولكننا توصلنا الي شيء ما‬ ‫الدوقة‬
‫فان ماضيه لم يعد هوة مظلمة ومن يدري لعل هذا‬
‫الكلمة تساعدنا علي بداية الطريق (تفكر) خنزير لعله‬
‫لقب صديق لعلها شتمه ألفيها من يدريني ؟ وانما لدينا‬
‫االن علي االقل اساس صغير‬
‫‪( :‬مفك ار) خنزير ‪....‬‬ ‫هوسبار‬
‫‪( :‬تردد ‪ ،‬في طرب) خنزير حينما اقبل البير يزف الي‬ ‫الدوقة‬
‫بشري هذه النتيجة التي كنا قد يئسنا من الحصول عليها‬
‫صاح بي بمجرد ان دخل من الباب ‪ " :‬عمتي لقد نطق‬
‫مريضي بكلمة من ماضيه انها شتيمة ! " فارتعشت يا‬
‫عزيزي خشيت لفظة قذرة شاب في مثل هذا اللطف‬
‫يؤلمني ان يكون من منبت خسيس فهل كان يستحق‬
‫الذي بذله صغيري البير من سهر الليالي فقد نحل جسم‬
‫الولد العزيز في استجوابه و في تطعيم ردفيه بالخ ارريج‬

‫‪8‬‬
‫فتكون المصيبة عندما يستعيد ان الشاب ذاكرته ليقول‬
‫لنا انه كان قبل الحرب بناء ! ولكن شيئاً في نفسي‬
‫يحدثني بعكس ذلك اني صاحبة خيال يا استاذي العزيز‬
‫و في نفسي ما يحدثني بان مريض ابن اخي كان رجالً‬
‫في غاية الشهرة انني اود كاتباً مسرحياً نعم كاتباً مسرحياً‬
‫عظيماً‬
‫‪ :‬رجل واسع الشهرة ذلك احتمال ضعيف ألنه لو كان‬ ‫هوسبار‬
‫كذلك لعرفه الناس‬
‫‪ :‬لقد كانت الصور كلها رديئة ثم ان الحرب محنة شديدة‬ ‫الدوقة‬
‫اليس كذلك ؟‬
‫‪ :‬لست اذكر علي اي حال ان كاتباً مسرحياً معروفاً قد‬ ‫هوسبار‬
‫ورد نباً اختفائه اثناء الحرب ان المرء منهم يسجل في‬
‫المجالت ادني اخبار تنقالته فأولي من ذلك نباء اختفائه‬
‫‪ :‬آه يا استاذ انك قاس ! انك تهدم حلماً جميالً ولكنه مع‬ ‫الدوقة‬
‫ذلك رجل عريق االصل انا واثقة من هذا انظر الي‬
‫هيئته وهو في هذه الحلة لقد فصلتها له عند خياط البير‬
‫‪( :‬وهو يضع نظارته) صحيح ! لقد كنت اقول في نفسي‬ ‫هوسبار‬
‫"ليست هذه حلة الملجأ ‪"...‬‬
‫‪ :‬اكنت تظن يا عزيزي مما بلغ االمر انني قد احتمل‬ ‫الدوقة‬
‫وجوده بقربي وهو في حلة رمادية من القطن ذي الوبر‬
‫بعد ان قررت ان اسكنه في القصر و ان اذهب به‬
‫شخصياً الي االسر التي تتداعي بانها اسر مريض ابن‬

‫‪9‬‬
‫اخي‬
‫‪ :‬هذه المقابالت في البيوت فكرة ممتازة‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬اليس كذلك ؟ لقد اقترح ذلك صغيري البير منذ تولي أمره‬ ‫الدوقة‬
‫ان ما يلزمه لكي يستعيد ماضيه هو ان ينغمر في جو‬
‫ذلك الماذي بعينه ولم يكن بين هذا الرأي و بين قرار‬
‫اصطحابه لدي االسر االربع او الخمس التي قدمت‬
‫اعجب االدلة اال خطوة فجاستون ليس مريض ابن اخي‬
‫الوحيد وال يمكن أللبير ان يتغيب عن الملجأ طيلة وقت‬
‫المقابالت ‪ ،‬فماذا كنت تفعل لو كنت في مكاني ؟ لقد‬
‫اجبت "ها انا ذا موجودة !" كما فعلت في سنة ‪9191‬‬
‫‪ :‬مثل رائع !‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬عندما اذكر انه في عهد الدكتور "بونفان" كانت االسر‬ ‫الدوقة‬
‫تأتي كل يوم من ايام االثنين الي الملجأ فتراه بضع‬
‫دقائق ثم ترجع من حيث أتت بأول قطار ! من عساه‬
‫يجد اباه و امه في مثل تلك الظروف اني اسالك ؟ اوه !‬
‫ال ‪ ،‬ال ‪ ،‬لقد توفي الدكتور " بونفان " وحسناً ما فعل‬
‫ولكن من واجبنا االن ان نلزم الصمت ولكن اقل ما‬
‫يمكن ان يقال اذا لم يكن الصمت فوق القبور فرضاً‬
‫مقدساً انه كان غير كفء و مجرماً‬
‫‪ :‬اوه مجرم !‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬ال تخرجني عن طوري ليته لم يمت كي القي في وجهه‬ ‫الدوقة‬
‫هذه الكلمة مجرم ! لقد كان من جرائمه تخبط هذا التعس‬

‫‪10‬‬
‫بين المالجئ منذ سنة ‪ 9191‬حينما اذكر انه احتفظ به‬
‫في "بونتوبرون" قرابة خمسة عشر عاماً دون ان ينطقه‬
‫بكلمة واحدة من ماضيه و ان صغيري البير الذي لم‬
‫يتسلمه اال منذ ثالثة شهور وقد جعله يقول "خنزير" فان‬
‫ذلك يدهشني بشكل كبير! ان صغيري البير يا استاذ‬
‫طبيب نفساني عظيم‬
‫‪ :‬وشاب لطيف‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬يا للولد العزيز ! بفضله اخذ كل هذا يتغير ‪ ،‬مقابالت ‪،‬‬ ‫الدوقة‬
‫تقارير من خبراء الخطوط ‪ ،‬تحاليل كيماوية ‪ ،‬تحريات‬
‫من الشرطة لم يدخر شيء مما في طاقة البشر لكي‬
‫يستعيد مريضه اهله ومن الناحية الطبية بالمثل فان‬
‫البير عازم علي عالجه بأحدث الطرق تخيل انه اجري‬
‫حتي االن سبعة عشر خراجاً للتثبيت‬
‫‪ :‬سبعة عشر ؟ هذا عدد ضخم !‬ ‫هوسبار‬
‫‪( :‬مسرورة) عمل ضخم ! وفي غاية الشجاعة من جانب‬ ‫الدوقة‬
‫صغيري البير فيجب أن نعترف بأن في األمر مخاطرة‬
‫‪ :‬وماذا كان من أمر جاستون ؟‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬من أي شيء يجوز له أن يشكو ؟ أن كل شيء في‬ ‫الدوقة‬
‫سبيل منفعته سوف تصبح مؤخرته كالمصفاة بال شك‬
‫ولكنه سيجد ماضيه ‪ ،‬وماضينا هو أفضل ما لدينا ! أي‬
‫رجل ذي قلب كبير يمكن ان يتردد بين ماضيه وبين‬
‫جلد مؤخرته ؟‬

‫‪11‬‬
‫‪ :‬ال محل للسؤال‬ ‫هوسبار‬
‫‪( :‬وهي تلمح جاستون الذي يمر بالقرب منها) أليس‬ ‫الدوقة‬
‫كذلك يا جاستون ألست ممتناً للدكتور " جيبالن " انه‬
‫بعد كل هذه السنين الطويلة التي ضيعها الدكتور "‬
‫بونفان " استخدم كافة االمكانيات لكى يعيد اليك‬
‫ماضيك؟‬
‫‪ :‬كثير االمتنان يا سيدتي الدوقة‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬الى هوسبار) انني ال أحمله على أن يقول ذلك (الي‬ ‫الدوقة‬
‫جاستون) آه ! جاستون يا عزيزي كم هو مؤثر أن‬
‫تقول لنفسك بأن وراء هذا الباب ربما يوجد قلب أم يخفق‬
‫‪ ،‬أو أب شيخ يستعد ألن يمد لك ذراعيه ! أليس كذلك؟‬
‫‪( :‬كالطفل) أنت تعرفين ما أكثر ما رأيت من أولئك‬ ‫جاستون‬
‫العجائز الطيبات الذين يخطئن وهن يقبلنني وأنوفهن‬
‫مبلولة ‪ ،‬وهؤالء الشيوخ الذين التبس األمر عليهم يحكون‬
‫وجهي بلحاهم ‪ ،‬تخيلي انساناً له أربعمائة أسرة تقريباً يا‬
‫سيدتي الدوقة ‪ ،‬أربعمائة أسرة تصر على تدليله ‪ .‬هذا‬
‫كثير !‬
‫‪ :‬فما بالك بأطفال صغار ‪ ،‬في غاية اللطف ! أطفال‬ ‫الدوقة‬
‫ينتظرون أباهم أتجرؤ على القول بأنك ال تجد نفسك‬
‫مدفوعاً لتقبيل هؤالء الصغار ‪ ،‬وجعلهم يتقافزون على‬
‫ركبتيك‬
‫‪ :‬ذلك عمل مرهق يا سيدتي الدوقة فأحدثهم سناً ‪ ،‬البد و‬ ‫جاستون‬

‫‪12‬‬
‫انه يناهز االن العشرين من عمره‬
‫‪ :‬آه ! هوسبار ‪ ،‬انه يريد تدنيس أقدس األشياء!‬ ‫الدوقة‬
‫‪( :‬فجأة حالما) أطفال ‪ ..‬كان يمكن أن يكون لدي اآلن‬ ‫جاستون‬
‫أطفال صغار حقيقيون ‪ ،‬لو قد تركني الناس أعيش ‪.‬‬
‫‪ :‬انك لتعلم أن هذا كان محاال !‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬لماذا ؟ ألنني لم أكن أتذكر شيئا قبل ذلك المساء من‬ ‫جاستون‬
‫ربيع سنة ‪ ،9191‬حينما كشفوا وجودي في احدى‬
‫محطات الفرز ؟‬
‫‪ :‬بالضبط ‪ ،‬لألسف ! ‪..‬‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬لقد خاف الناس بال شك حين أروا رجالً يعيش بال ماض‬ ‫جاستون‬
‫فاألطفال اللقطاء يثيرون االرتياب ومع ذلك فقد أتيح لهم‬
‫أن يلقنوا بعض المفاهيم الصغيرة وأما في حالة رجل ‪،‬‬
‫رجل ناضج ليس له وطن تقريباً ‪ ،‬وليس له مسقط رأس‬
‫‪ ،‬وال تقاليد ‪ ،‬وال اسم ‪ ..‬فيا للقذارة يا لها من فضيحة !‬
‫‪ :‬على كل حال كل شيء يثبت لنا يا صغيري جاستون‬ ‫الدوقة‬
‫أنك كنت في حاجة الى تربية ثم انني سبق لي أن‬
‫نهيتك عن استخدام هذه الكلمة‬
‫‪ :‬فضيحة ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ال ‪( ..‬تتردد) الكلمة األخرى‬ ‫الدوقة‬
‫‪( :‬يواصل حلمه) وليس له صحيفة سوابق أيضا ‪ ..‬هل‬ ‫جاستون‬
‫فكرت في ذلك يا سيدتي الدوقة ؟ انك تأتمنينني على‬
‫فضياتك عند تناول الطعام ‪ ،‬وفي القصر تقع غرفتي‬

‫‪13‬‬
‫على قيد خطوتين من غرفتك فماذا لو كنت سفاحاً قد‬
‫قتلت ثالثة من الناس ؟‬
‫‪ :‬عيناك تقوالن لي كال‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬ما أسعد حظك اذ تنالين شرف افضائهما اليك بأسرارهما‬ ‫جاستون‬
‫! وأما أنا فأنظر اليهما أحياناً حتى يدركني الشرود وأنا‬
‫أحاول أن أجد فيها بعض ما رأتاه و ال تريدان أن‬
‫تعترف به اني ال أرى فيهما شيئا‬
‫َ‬
‫‪( :‬مبتسمة) ومع ذلك فأنت لم تقتل ثالثة رجال اطمئن ما‬ ‫الدوقة‬
‫من حاجة إلى معرفة ماضيك حتي ندرك ذلك‬
‫‪ :‬لقد وجدوني أمام قطار أسرى قادم من ألمانيا اذن كنت‬ ‫جاستون‬
‫في الميدان والبد أنني كاآلخرين رميت بعض تلك‬
‫األشياء التي ما أقسى أن تتلقاها جلودنا البائسة التي‬
‫تدميها شوكة وردة ‪ ،‬أوه ! اني أعرف نفسي فأنا ال‬
‫أحسن التصويب ولكن في الحرب كانت القيادة تعتمد‬
‫على كثرة الرصاص ال على مهارة المقاتلين و مع ذلك‬
‫فلنأمل أنني لم أصب ثالثة رجال‬
‫‪ :‬بماذا تخرف اآلن ؟ اني أريد العكس اريد ان اري فيك‬ ‫الدوقة‬
‫بطالً ‪ ،‬أنا كنت أعني رجاال قتلوا في الحياة المدنية‬
‫‪ :‬البطل ‪ ،‬موضع التباس أيضا ‪ ،‬في وقت الحرب النمام‬ ‫جاستون‬
‫والبخيل والحسود بل والجبان كان مقضيا عليهم حسب‬
‫اللوائح بأن يكونوا أبطاال جنبا الى جنب بنفس الطريقة‬
‫تقريباً‬

‫‪14‬‬
‫‪ :‬اطمئن ان شيئا ال يمكن أن يخدعني يقول لي انك كنت‬ ‫الدوقة‬
‫من أبناء أسرة راقية جدا‬
‫‪ :‬هذا دليل هزيل علي انني لم ارتكب سوءاً ! البد أنني‬ ‫جاستون‬
‫اصطدت فأن أبناء األسر الراقية يزاولون رياضة الصيد‬
‫فلنأمل أيضا أنني كنت صياداً يضحك منه الجميع وأنني‬
‫لم أصب ثالثة حيوانات‬
‫‪ :‬آه ! يا عزيزی ‪ ،‬البد من حب جم لكي يصغي اليك‬ ‫الدوقة‬
‫المرء دون أن يضحك انك تبالغ في مالحظاتك الدقيقة‬
‫‪ :‬كم كنت مرتاح البال في الملجأ ‪ ،‬كنت قد ألفت نفسي‬ ‫جاستون‬
‫كنت أعرف نفسي معرفة وثيقة وهأنذا يجب على أن‬
‫أفارق نفسي ‪ ،‬وأن أجد نفسا أخرى وأرتديها مثل سترة‬
‫قديمة هل سأتعرف نفسي غدا في ابن وقاد المصابيح‬
‫الذي ال يكتفي بأقل من أربعة لترات من النبيذ األحمر‬
‫الغليظ يوميا و أنا الذي ال أشرب اال الماء أو في أبن‬
‫تاجرة الخردوات الذي قد جمع وصنف ألفا ومائتي نوع‬
‫من األزرار و انا الذي ال صبر لي علي شيء‬
‫‪ :‬لذلك فقد حرصت على أن نبدأ بال رينو هؤالء ‪ ،‬اال‬ ‫الدوقة‬
‫ألنهم أسرة راقية جدا‬
‫‪ :‬هذا يعني أن لديهم بيتا جميال ‪ ،‬و رئيس خدم لطيف ‪،‬‬ ‫جاستون‬
‫ولكن أي ولد كان لهم ؟‬
‫‪( :‬وهي ترى رئيس الخدم داخال) سنعرف ذلك في الحال‬ ‫الدوقة‬
‫(لرئيس الخدم) لحظة يا صديقی قبل أن تدخل سادتك‬

‫‪15‬‬
‫(لجاستون) جاستون هال انصرفت برهة الى الحديقة‬
‫سوف نستدعيك‬
‫‪ :‬حسناً يا سيدتي الدوقة‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬وهي تخاطبه على حدة) ثم أرجوك ال تخاطبني اآلن‬ ‫الدوقة‬
‫بلقب سيدتي الدوقة هذه كلفة كانت تصلح أيام لم تكن‬
‫سوی مريض يعالجه ابن أخي‬
‫‪ :‬حسناً يا سيدتی‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬هيا وال تحاول أن تنظر من ثقب الباب‬ ‫الدوقة‬
‫‪( :‬وهو ينصرف) لست متعجال ‪ .‬لقد سبق لی أن رأيت‬ ‫جاستون‬
‫ثالثمائة وسبعا وثمانين أسرة‬
‫‪( :‬ناظرة اليه وهو يخرج) ولد لذيذ ! آه يا أستاذ عندما‬ ‫الدوقة‬
‫يخطر على بالي أن الدكتور" بونفان" كان يستخدمه في‬
‫تقشير السلطة أرتعش ! (لرئيس الخدم) و االن يا‬
‫صديقي تستطيع أن تدخل سادتك (تأخذ ذراع هوسبار)‬
‫أنا في شدة التأثر يا عزيزی أحس أني مقدمة على‬
‫صراع ال رحمة فيه ضد القدر ضد جميع القوى الخفية‬
‫في الدنيا لقد لبست ثوباً أسود فقد رأيت أن ذلك أنسب ما‬
‫يليق (يدخل آل رينو من كبار أثرياء الريف)‬
‫‪( :‬على الباب) أترون لقد قلت لكم انه ليس هنا‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬لقد قلنا له بكل بساطة أن يبتعد لحظة يا سيدتي‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬اسمحا لي بأن أقدم نفسي جورج رينو (مقدما سيدتين‬ ‫جورج‬
‫تصحبانه) أمي وزوجتي‬

‫‪16‬‬
‫‪ :‬اسمحوا لي ان اقدم نفسي انا ايضاً انا لوسيان هوسبار‬ ‫هوسبار‬
‫المحامي المكلف بمصالح المريض المادية ‪ ،‬و السيدة‬
‫الدوقة ديبون ‪ -‬ديفور رئيسة عدة جمعيات خيرية في‬
‫بونتوبرون وقد تفضلت باصطحاب المريض في غياب‬
‫ابن أخيها الدكتور "جيبالن" الذي تعذر عليه أن يغادر‬
‫الملجأ (تحيات)‬
‫‪ :‬نعم فأنا ساهمت بكل قوای الضعيفة في عمل ابن أخي‬ ‫الدوقة‬
‫لقد بذل نفسه في هذه المهمة بحماس و عزيمة وايمان‬
‫عظيم !‪..‬‬
‫‪ :‬نحن ندين له بامتنان أبدي على ما أولى صغيرنا جاك‬ ‫مدام رينو‬
‫من عناية يا سيدتي ‪ ،‬وما كان أسعدني لو استطعت أن‬
‫أقول له ذلك شخصيا‬
‫‪ :‬أشكرك يا سيدتی‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬ولكني أسألكما المعذرة ‪ ..‬تفضال بالجلوس يا لها من‬ ‫مدام رينو‬
‫لحظة مؤثرة‬
‫‪ :‬ما أشد ما أفهمك يا سيدتي !‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬تصوری يا سيدتي الى أي حد فعال نفد صبرنا لقد‬ ‫مدام رينو‬
‫انقضت اكثر سنتان اآلن منذ ذهبنا الى الملجأ للمرة‬
‫األولى‪..‬‬
‫‪ :‬وبالرغم من مطالباتنا المتصلة ‪ ،‬فقد اضطررنا الي‬ ‫جورج‬
‫االنتظار حتى اليوم لكي نحصل على هذه المقابلة‬
‫الثانية‬

‫‪17‬‬
‫‪ :‬لقد كان عدد الملفات كبي ار جدا يا سيدي تصور أنه كان‬ ‫هوسبار‬
‫في فرنسا أربعمائة ألف مفقود أربعمائة ألف أسرة وقل‬
‫من يقبل التخلي عن األمل صدقني‬
‫‪ :‬ولكن سنتان يا سيدي ! ثم ليتك عرفت في أية ظروف‬ ‫مدام رينو‬
‫أرونا اياه انا ذاك أظن أنك بريئة من ذلك يا سيدتي‬
‫وبالمثل السيد ابن أخيك ألنه لم يكن هو مدير الملجأ في‬
‫تلك األيام لقد مر المريض بجانبنا وسط تدافع الناس‬
‫دون أن نستطيع حتى أن نقربه كنا حوالي أربعين‬
‫شخصا معا‬
‫‪ :‬مقابالت الدكتور " بونفان " كانت فضائح حقا فقد اختلط‬ ‫الدوقة‬
‫فيها الحابل بالنابل !‬
‫‪ :‬فضائح ! ‪ ..‬أوه ! لقد أصررنا و لكن اضطر ابني‬ ‫مدام رينو‬
‫جورج الي السفر فقد كان لديه عمل ولكني انا و زوجة‬
‫ابني مكثنا في الفندق على أمل أن نقربه و باغداق‬
‫النقود دبر لنا أحد الحراس مقابلة دامت بضع دقائق‬
‫كانت لألسف بال نتيجة واستطاعت امرأة ابني في مرة‬
‫أخرى أن تحل محل متعهدة الكساء التي مرضت فرأته‬
‫طول فترة ما بعد الظهر ولكن دون أن تتمكن من أن‬
‫تقول له شيئا اذ لم تتح لها فرصة االنفراد به‬
‫‪( :‬لفالنتين) ما أشبه هذا بالروايات الخيالية ! ولكن لو‬ ‫الدوقة‬
‫انكشف أمرك ؟ لعلك تعرفين الخياطة على األقل ؟‬
‫‪ :‬نعم يا سيدتي‬ ‫فالنتبن‬

‫‪18‬‬
‫‪ :‬ولم تستطيعي أبدا أن تنفردي به ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬ال يا سيدتی أبدا‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬آه ! ذلك الدكتور " بونفان " ذلك الدكتور " بونفان "‬ ‫الدوقة‬
‫مذنب كبير !‬
‫‪ :‬الذي ال أجد له تفسي ار أنه رغم جميع األدلة التي‬ ‫جورج‬
‫أوردناها مازال هناك تردد بين عدة أسر‬
‫‪ :‬هذا شيء غريب نعم ‪ ،‬ولكن تصوروا أنه بعد تحقيقاتنا‬ ‫هوسبار‬
‫األخيرة التي كانت في غاية الدقة ما زالت هناك معكم‬
‫خمس أسر تكاد تتساوى في الفرص‬
‫‪ :‬خمس أسر يا سيدي هذا محال ! ‪..‬‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬بلى يا سيدتی لألسف !‬ ‫هوسبار‬
‫‪( :‬تق أر في مفكرتها) أسر بريجو و بوجران و جريجو و‬ ‫الدوقة‬
‫لوجروباتر و ومادينسال ولكن ينبغي أن أقول لكم توا‬
‫انني صممت علي ان بدأ بكم فذلك ألني أحمل لكم كل‬
‫عطفی‬
‫‪ :‬اني أشكرك يا سيدتي‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬ال ‪ ،‬ال ‪ ،‬ال تشكريني اني أقول لك ما أشعر به لقد‬ ‫الدوقة‬
‫أوحت الى رسالتك من مستهلها بأنكم أهل لطف وهو‬
‫احساس تؤيده لقيانا من جميع الوجوه ومن بعدكم على‬
‫أي حال يعلم اهلل في أي طبقة سنتردی بعدكم ! هناك‬
‫بائعة لبن و وقاد مصابيح ‪..‬‬
‫‪ :‬وقاد مصابيح ؟‬ ‫مدام رينو‬

‫‪19‬‬
‫‪ :‬نعم ال يا سيدتي ‪ ،‬وقاد مصابيح ! اننا نعيش في عصر‬ ‫الدوقة‬
‫لم يسمع به أحد ! هؤالء الناس يدعون ألنفسهم كل‬
‫شيء أوه ! ولكن ال تخافوا فما دمت على قيد الحياة لن‬
‫يعطی جاستون لوقاد مصابيح !‬
‫‪( :‬لجورج) نعم فقد أعلن أن هذه الزيارات ستجرى بترتيب‬ ‫هوسبار‬
‫ورود الطلبات وهذا شيء منطقيا ولكن لما كنتم على هذا‬
‫النحو آخر الناس شاءت السيدة الدوقة ديبون – ديفور‬
‫في شيء من التهور بال شك أن تتخطى الحدود‬
‫المرسومة وأن تبدأ بالحضور لديكم‬
‫‪ :‬فيم التهور ؟ اني أتخيل أن القائمين على أمر المريض‬ ‫مدام رينو‬
‫أحرار ‪..‬‬
‫‪ :‬أحرار نعم ربما ولكنك ال تستطيعين أن تعرفي يا سيدتي‬ ‫هوسبار‬
‫أی سيل جارف من األهواء المغرضة التي تحيط‬
‫بجاستون في أكثر األحيان لألسف ! ان معاشه بوصفه‬
‫جنديا مصابا ولم يتح له أن يقبضه قط يجعله على رأس‬
‫ثروة حقيقية صغيرة تصوري أن بقايا حساب هذا المعاش‬
‫وأرباحه المركبة تبلغ اليوم أكثر من مائتين وخمسين ألف‬
‫فرنك‬
‫‪ :‬كيف تستطيع تلك المسألة المالية أن تتدخل في توجيه‬ ‫مدام رينو‬
‫مصير انسان ؟‬
‫‪ :‬انها تستطيع لسوء الحظ يا سيدتی اسمحي لي في هذا‬ ‫هوسبار‬
‫الشأن بكلمة عن الوضع القانوني للمريض ‪..‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ :‬فيما بعد‪ ،‬يا سيدي فيما بعد أرجوك ‪..‬‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬أن األستاذ هوسبار يحمل نصوص القوانين محل القلب‬ ‫الدوقة‬
‫! ولكن بما أنه لطيف جدا ‪( ..‬تقرص هوسبار في‬
‫استخفاء) فسيذهب ليأتينا بجاستون في الحال !‬
‫‪( :‬يقلع عن محاولة المقاومة) اني أنزل على رغبتكن يا‬ ‫هوسبار‬
‫سيداتی و أسألكن فقط أال تصرخن وأال ترتمين عليه‬
‫فهذه التجارب التي تجددت م ار ار تجعله في حالة عصبية‬
‫مؤلمة غاية األلم (يخرج)‬
‫‪ :‬البد أنك متلهفة الى رؤيته يا سيدتي‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬هيهات أن يكون ألم غير هذا الشعور يا سيدتي‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬آه ! أنا متأثرة من أجلك ! (لفالنتين) وأنت قد عرفت‬ ‫الدوقة‬
‫بالمثل مريضنا أعني هذا الذي تظنون أنه مريضنا يا‬
‫سيدتي ؟‬
‫‪ :‬أجل يا سيدتي لقد قلت لك انني ذهبت الى الملجأ‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬هذا صحيح ! هل شرد بالى ‪..‬‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬جورج ابني األكبر تزوج فالنتين وهي صبية فجمعت بين‬ ‫مدام رينو‬
‫الصغيرين فالنتين و جاك زمالة حقيقية لقد كانا يتبادالن‬
‫مودة كبيرة أليس كذلك يا جورج ؟‬
‫‪( :‬في برود) كبيرة يا أمي‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬أن زوجة األخ كاألخت تقريبا أليس كذلك يا سيدتي؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬بالتأكيد يا سيدتی‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬البد أنك سعيدة الى حد الجنون بلقائه‬ ‫الدوقة‬

‫‪21‬‬
‫‪( :‬فالنتين متضايقة ‪ ،‬تنظر الى جورج الذي يتولى عنها‬ ‫جورج‬
‫الجواب) سعيدة جدا كأخت‬
‫‪ :‬انني صاحبة خيال كبير لقد تخيلت هل أقول لكم ذلك؟‬ ‫الدوقة‬
‫تخيلت وجود امرأة يكون قد شغف بحبها لكي تتعرفه‬
‫وتبادله قبلة غرام هي األولى عند خروجه من ذلك القبر‬
‫ولكني أرى أن هذا لن يكون‬
‫‪( :‬واضحا) کال يا سيدتی هذا لن يكون‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬فليذهب حلمي الجميل ! (تمضي الى النافذة) ولكن ما‬ ‫الدوقة‬
‫أشد بطء األستاذ هوسبار ! ان حديقتكم واسعة جدا وهو‬
‫ضعيف البصر بعض الشيء أراهن على أنه قد تاه‬
‫‪( :‬بصوت خافت لجورج) لماذا تنظر الى هكذا ؟ لن تخرج‬ ‫فالنتين‬
‫اآلن كل حكاياتك القديمة ؟‬
‫‪( :‬في جد) عندما غفرت لكما محوت كل شيء‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬اذن ال ترمني بنظرة شزراء كلما تنطق هذه العجوز‬ ‫فالنتبن‬
‫المجنونة بعبارة !‬
‫‪( :‬وهي لم تسمع وال يبدو عليها أنها تعلم شيئا من هذه‬ ‫مدام رينو‬
‫القصة)فالنتين يا لك من صبية طيبة انظر يا جورج آنها‬
‫شديدة التأثر فهذا طيباً منها أن تتذكر هكذا صغيرنا‬
‫جاك بهذا الشكل‪ ،‬أليس كذلك يا جورج ؟‬
‫‪ :‬نعم يا أمي‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬آه !ها هو ذا ! ( هوسبار يدخل بمفرده ) كنت متأكدة‬ ‫الدوقة‬
‫من انك لن تجده ؟‬

‫‪22‬‬
‫‪ :‬كال وجدته ولكني لم أجرؤ على أن أزعجه‬ ‫هوسبار‬
‫‪ :‬ما معنى هذا ؟ ماذا كان يفعل ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬كان واقفا أمام تمثال‬ ‫هوسبار‬
‫‪( :‬تصيح) تمثال لديانا آلهة الصيد‪ ،‬الذي يتوسط مقعدا‬ ‫فالنتين‬
‫دائريا في أقصى الحديقة ؟‬
‫‪ :‬نعم ‪ ،‬انظروا ‪ ،‬يمكن رؤيته من هنا (الجميع ينظرون)‬ ‫هوسبار‬
‫‪( :‬فجأة) حسناً ‪ ،‬على أي شيء يدل هذا ؟‬ ‫جورج‬
‫‪( :‬لهوسبار) شيء مثير يا عزيزی !‬ ‫الدوقة‬
‫‪( :‬في رقة) لست أدري أظن أنني أتذكر أنه كان يحب‬ ‫فالنتين‬
‫كثي ار هذا التمثال و هذا المقعد ‪..‬‬
‫‪( :‬لهوسبار) اننا نحترق ‪ ،‬يا عزيزی ‪ ،‬نحترق‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬أنت تدهشينني يا صغيرتي فالنتين فهذا الركن من‬ ‫مدام رينو‬
‫الحديقة كان جزءا من أمالك السيد دوباتنون لقد اشترينا‬
‫بالفعل هذه القطعة من األرض أيام جاك ولكننا لم نهدم‬
‫الحائط اال بعد الحرب‬
‫‪( :‬يساورها االضطراب) ال أدري البد أنك على حق‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬كان مظهره من الغرابة وهو واقف أمام هذا التمثال‬ ‫هوسبار‬
‫بحيث لم أجرؤ أن أزعجه قبل أن آتی ألسألكم هل لهذه‬
‫الواقعة معني وما دام ليس لها معنى فسأذهب آلتي به‬
‫(يخرج)‬
‫‪( :‬بصوت خافت لفالنتين) هل على هذا المقعد كنتما‬ ‫جورج‬
‫تلتقيان ؟‬

‫‪23‬‬
‫‪ :‬ال أعلم ماذا تريد أن تقول‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬سيدتی ‪ ،‬برغم تأثرك الواجب ‪ ،‬فأني أستحلفك بأن تظل‬ ‫الدوقة‬
‫متجلدة‬
‫‪ :‬اعتمدي على يا سيدتی (يدخل هوسبار مع جاستون‬ ‫مدام رينو‬
‫مدام رينو تتمتم) آه ! انه هو حقاً ‪ ،‬هو حقاً ‪..‬‬
‫‪( :‬وهي تذهب نحو جاستون في حركة مسرحية كبيرة‬ ‫الدوقة‬
‫وتحجب عنه اآلخرين) جاستون حاول أال تفكر في‬
‫شيء اترك نفسك على سجيتها دون بذل مجهود أمعن‬
‫النظر في جميع الوجوه ‪..‬‬
‫( صمت الجميع جامدون يمر جاستون أوال أمام جورج‬
‫وينظر اليه ثم مدام رينو وأمام فالنتين)‬
‫‪( :‬يتوقف امامها لحظة و تتمتم في غير جالء) حبيبی‪..‬‬ ‫فالنتين‬
‫‪( :‬ينظر اليها دهشا ولكنه يمر ويستدير نحو الدوقة‬
‫لطيفا مباعدا ما بين يديه في حركة عجز)‬
‫‪( :‬في أدب) متأسف ‪..‬‬ ‫جاستون‬

‫ستار‬

‫‪24‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫مصرعاه ‪ ،‬قد اجتمع أمامه‬
‫ا‬ ‫(باب من طراز لويس الخامس عشر مغلق‬
‫خدم آل رينو ‪ ،‬يتهامسون ‪ ،‬الطاهية تجلس القرفصاء لتنظر من ثقب‬
‫الباب ؛ واآلخرون ملتفون حولها )‬

‫‪( :‬لألخرين) انتظروا ‪ ،‬انتظروا ‪ ..‬الجميع ينظرون اليه‬ ‫الطاهية‬


‫كأنه حيوان عجيب والولد المسكين ال يدرى أين يجلس‬
‫‪ :‬أريني ‪..‬‬ ‫السائق‬
‫‪ :‬انتظر ! انه قام فجأة وقلب في قيامه فنجانه يبدو عليه‬ ‫الطاهية‬
‫أنه ضاق بأسئلتهم هو ذا السيد جورج يأخذه على جنب‬
‫الى الشباك انه يمسكه من ذراعه بلطف كأن شيئا لم‬
‫يحدث ‪..‬‬
‫‪ :‬يا خبر ! ‪..‬‬ ‫السائق‬
‫‪ :‬آه ! لو سمعتم السيد جورج عندما اكتشف خطاباتهما‬ ‫جولييت‬
‫بعد الحرب ! مع ذلك فانه يظهر عليه أنه وديع كالحمل‬
‫ولكن أستطيع أن أؤكد لكم هذا مظهر خداع !‬
‫‪ :‬تريدين رأيی لقد كان على حق هذا الرجل‬ ‫الوصيف‬
‫‪( :‬غاضبة) نعم ؟ كان على حق ؟ هل ينهش االنسان‬ ‫جولييت‬
‫األموات ؟ هل يذهب و يفتش عن مساوئ الموتى هل‬
‫هذه اصول ؟‬
‫‪ :‬كان على األموات أال يبدأوا بأن ينتهكوا شرفنا !‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬آه منك ! منذ تزوجنا وانت ال توجد غير هذه الكلمة في‬ ‫جولييت‬

‫‪25‬‬
‫علي لسانك ! ليس األموات هم الذين ينتهكون شرفك‬
‫فهم مساكين ممنوعون من هذا بل أولئك هم األحياء أما‬
‫األموات فليس لهم شأن بحكايات األحياء‬
‫‪ :‬يا سالم ! على هذا يكون األمر سهال جدا انت تنتهك‬ ‫الوصيف‬
‫شرف الناس ثم هيا ! ال من رأي وال من عرف راحت‬
‫عليك ! يكفي أن يموت الواحد منهم‬
‫‪ :‬طبعا ! يكفي !‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬وماذا عن انتهاك الشرف ؟ ‪..‬‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬أوه ! أنت تسرف في الكالم عن هذا االمر اكثر مما‬ ‫جولييت‬
‫ينبغي وسينتهي هذا االمر بأن يصيبك‬

‫‪( :‬وقد دفعها السائق) انتظر ‪ ،‬انتظر هم يذهبون جميعا‬ ‫الطاهية‬


‫الى آخر الحجرة اآلن ويعرضون عليه صو ار ‪( ..‬وهي‬
‫تخلى مكانها) يا لألسف ! ثقوب أبواب زمان كانت‬
‫العين ترى منها أما هذه األقفال الحديثة فاألمر بسيط‬
‫على الناظر أن يقلع عينيه‬
‫‪( :‬منحنيا بدوره) انه هو ! انه هو ! أنا أعرف سحنته‬ ‫السائق‬
‫القذرة ‪ ،‬هذا الولد الدون!‬
‫‪ :‬قل لى لماذا تقول هذا الكالم ؟ أنت أقفل فمك القذر‬ ‫جولييت‬
‫هذا!‬
‫‪ :‬ولماذا تدافعين عنه أنت ؟ أال تستطيعين أن تفعلی‬ ‫الوصيف‬
‫كاآلخرين ؟‬

‫‪26‬‬
‫‪ :‬أنا‪ ،‬أنا كنت أعز السيد جاك كثي اًر ماذا يمكن ان تقول‬ ‫جولييت‬
‫في هذا أنت ؟ أنت لم تعرفه أما أنا فكنت أعزه جدًا‬
‫‪ :‬يعني ماذا ؟ كان سيدك كنت تمسحين له حذاءه‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬انما كنت أعزه ‪ ،‬فهو كان بخالف كل الناس‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬مفهوم ! مثل أخيه بهيمة عظيمة !‬ ‫الوصيف‬
‫‪( :‬مخليا مكانه لجولييت) أرذل يا اخي أرذل ! كم جعلني‬ ‫السائق‬
‫أنتظر حتى الساعة الرابعة صباحا أمام الحانات وفي‬
‫الفجر بعد أن تتجمد أنت من البرد كان سيادته يخرج‬
‫محتقن الوجه ورائحة الخمر تفوح منه على بعد ثالثة‬
‫أمتار ويأتي سيادته ليتقيأ على وسائد العربة ‪ ..‬آه !‬
‫الدون !‬
‫‪ :‬كالمك في محله كم مرة غمست يدي في ذلك أنا التي‬ ‫الطاهية‬
‫أكلمك ! وعمر سيادته ثماني عشرة سنة فقط‬
‫‪ :‬والعيدية كانت شتائم‬ ‫السائق‬
‫‪ :‬وضرب ! أتتذكر في تلك األيام كان في المطبخ صبی‬ ‫الطاهية‬
‫مسكين كل مرة كان يراه فيها كان البد من ان يدعك له‬
‫أذنيه أو يخبطه برجله‬
‫‪ :‬ومن غير سبب ! كان ولد دون صحيح ولما علمنا أن‬ ‫السائق‬
‫عمره انقصف سنة ‪ ۹۱۹۱‬قلنا انه يستحق ذلك‬
‫‪ :‬هيا ‪ ،‬هيا ‪ ،‬اآلن يجب االنصراف‬ ‫رئيس الخدم‬
‫‪ :‬ماذا ؟ ألست من رأينا أنت يا سيد "جول" ؟‬ ‫السائق‬
‫‪ :‬أنا لو تكلمت أستطيع أن أقول عنه أكثر منكم لقد‬ ‫رئيس الخدم‬

‫‪27‬‬
‫سمعت شجارهم على المائدة بل كنت هناك عندما رفع‬
‫يده على السيدة والدته‬
‫‪ :‬على والدته ! وهو في الثامنة عشرة !‬ ‫الطاهية‬
‫‪ :‬والحكايات الصغيرة مع السيدة فالنتين يمكنني أن أقول‬ ‫رئيس الخدم‬
‫انني أعرفها بالتفصيل‬
‫‪ :‬اسمح لي أن أقول لك انك كنت في منتهی الطيبة ألنك‬ ‫السائق‬
‫أغمضت عينيك يا سيد "جول"‬
‫‪ :‬حكايات السادة من شأن السادة وحدهم‬ ‫رئيس الخدم‬
‫‪ :‬صحيح لكن مع ولد صغير من هذا النوع ‪ ..‬أفسحي‬ ‫السائق‬
‫قليال کی أرى شكله اآلن‬
‫‪( :‬تاركة مكانها) آه ! هو ‪ ،‬هو ‪ ،‬أنا متأكدة السيد جاك !‬ ‫جولييت‬
‫أتعرف ؟ لقد كان شابا جميال في تلك األيام جميال بحق‬
‫وممتا از !‬
‫‪ :‬دعك من هذا ‪ ،‬بين الشبان من هم أجمل وأصغر !‬ ‫رئيس الخدم‬
‫‪ :‬هذا صحيح عشرين سنة تقريبا هذا زمن طويل أتظن أنه‬ ‫جولييت‬
‫سيجدني قد تغيرت كثي ار ؟‬
‫‪ :‬وماذا يهمك من هذا ؟‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬أبدا ‪ ،‬ال شيء ‪..‬‬ ‫جولييت‬
‫‪( :‬بعد تفكير بينما يتغامز سائر الخدم من وراء ظهره)‬ ‫الوصيف‬
‫أال قولي لي ما السر في أنك تتنهدين منذ علمت أنه‬
‫ربما يعود ؟‬
‫‪ :‬أنا ال لشيء (يتضاحك اآلخرون)‬ ‫جولييت‬

‫‪28‬‬
‫‪ :‬ما السر في أنك تسوين شكلك أمام المرآة وتسألين عما‬ ‫الوصيف‬
‫اذا كنت تغيرت ؟‬
‫‪ :‬أنا ؟‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬كم كان عمرك عندما سافر للحرب ؟‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬خمس عشرة سنة‬ ‫جولييت‬
‫‪( :‬باستجواب) ساعي البريد ‪ ،‬هل كان أول رجل في‬ ‫الوصيف‬
‫حياتك؟‬
‫‪ :‬قلت لك انه كممني وناولني أدوية منومة ‪(..‬يتضاحك‬ ‫جولييت‬
‫اآلخرون)‬
‫‪ :‬أنت متأكدة من أنه كان األول الحقيقي في حياتك ؟‬ ‫الوصيف‬

‫‪ :‬أهذا سؤال ؟ تلك أشياء تتذكرها البنت وال تنساها ذلك‬ ‫جولييت‬
‫الكاسر وضع حقيبته في المطبخ و سقطت منها كل‬
‫الخطابات (تبكي بافتعال)‬
‫‪( :‬وما زال ينظر من ثقب الباب) هذه الفاالنتين ال تحول‬ ‫السائق‬
‫عنه عينيها اني أراهنكم على أنه لو مكث هنا لتمتع‬
‫األب جورج بزوج آخر من القرون يقدمه له أخوه‬
‫‪( :‬يحتل مكانه) شيء منفر‬ ‫رئيس الخدم‬
‫‪ :‬لكنه يحب ذلك يا سيد "جول"‬ ‫السائق‬
‫‪ :‬لكنهم يضحكونني بمقولة " فقدان الذاكرة " ! بالفهم اذا‬ ‫الوصيف‬
‫كانت هذه هي عائلة هذا الشاب لكان عرف أهله منذ‬
‫الصباح ان " فقدان الذاكرة " ال يبقى طويال‬

‫‪29‬‬
‫‪ :‬غير أكيد يا صغيری غير أكيد فأنا التي أكلمك أحيانا‬ ‫الطاهية‬
‫أعجز عن أن أتذكر هل ملحت مرقي أم ال‬
‫‪ :‬ولكن األهل !‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬أوه ! وهل كان يهتم هذا الولد المفسود بأهله‬ ‫الطاهية‬
‫‪( :‬على ثقب الباب) أما عن أنه هو فانه هو ! أقطع رأسي‬ ‫رئيس الخدم‬
‫لو لم يكن هو‬
‫‪ :‬ولكنهم يقولون ان هناك خمس عائالت أخرى لديها نفس‬ ‫الطاهية‬
‫األدلة‬
‫‪ :‬أتريدون أن أقول لكم أنا أحسن كلمة في الموضوع ؟‬ ‫السائق‬
‫ليس من المرغوب فيه ال بالنسبة لنا وال بالنسبة ألحد أال‬
‫يكون ذلك الولد الدون قد مات !‪..‬‬

‫‪ :‬آه ! ال ‪..‬‬ ‫الطاهية‬


‫‪ :‬أتمني أن أراك في محله وقد مت ‪..‬‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬هذا بالتأكيد شيء ال تتمناه للناس وال له طبعا ! ألن‬ ‫رئيس الخدم‬
‫الحياة التي تبدأ بهذا الشكل ال تنتهي أبدا نهاية خير‬
‫‪ :‬ثم انه قد أخذ يحب الحياة الهادئة الخالية من المشاكل‬ ‫السائق‬
‫في ملجئه ‪ ،‬فماذا عساه أن يعلم من أخبار ذلك األخ ؟‬
‫حكايته مع ابن جرانشان حكاية فالنتين حكاية الخمسمائة‬
‫ألف فرنك وما ال نعرفه من الحكايات األخرى ‪..‬‬
‫‪ :‬هذا مؤكد اني أفضل أن أكون في مكانی علي ان اكون‬ ‫رئيس الخدم‬
‫في مكانه‬

‫‪30‬‬
‫‪( :‬ينظر من ثقب الباب) انتبهوا ها هم يقومون! سيخرجون‬ ‫الوصيف‬
‫من باب الردهة (يتفرق الخدم)‬
‫‪( :‬وهي خارجة) سيدی جاك بالرغم من كل شيء جذاب‪..‬‬ ‫جولييت‬
‫‪( :‬يتبعها ويقول مرتابا) ماذا تقصدين ؟‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬أبدا ‪ ،‬ال شيء ( خرجوا )‬ ‫جولييت‬

‫ستار‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫(غرفة جاك رينو وما يفضي اليها من الممرات المظلمة الطويلة في هذه‬
‫الدار العتيقة من دور أهل الثراء من ناحية ردهة مبلطة ينتهي بها سلم‬
‫حجری عريض ذو سياج من الحديد المشغول يظهر من السلم مدام رينو‬
‫وجورج وجاستون ويجتازون الردهة )‬
‫‪ :‬معذرة سوف أسبقكما ها هنا كما ترى يقع الممر الذي‬ ‫مدام رينو‬
‫کنت تسير فيه لتذهب الى غرفتك (تفتح الباب) وهذه‬
‫هي غرفتك (دخل ثالثتهم الغرفة) أوه ! يا لإلهمال ! لقد‬
‫أمرت بفتح خشب هذه النوافذ (تفتحها يغمر النور‬
‫الغرفة األثاث من صميم طراز سنة ‪)۹۱۹۱‬‬

‫‪( :‬ناظ ار حوله) غرفتي‬ ‫جاستون‬


‫‪ :‬لقد أردت أن تأسسها حسب تصميماتك کم كان ذوقك‬ ‫مدام رينو‬
‫عصريا !‬
‫‪ :‬يبدو أنني كنت احب اشكال تلك األزهار‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬أوه ! لقد كنت جريئا جدا‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬هذا ما أراه (يالحظ قطعة أثاث مضحكة) ما هذا ؟ شجرة‬ ‫جاستون‬
‫في مهب العاصفة ؟‬
‫‪ :‬ال ‪ ،‬أنه حامل لدفاتر الموسيقى‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬هل كنت موسيقيا ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬كنا نود ان تتعلم " الكمان " ولكنك لم تقبل أبدا و كنت‬ ‫مدام رينو‬

‫‪32‬‬
‫تثور عندما يحاول احد ان يرغمك علي الدرس و كنت‬
‫تحطم آالتك الموسيقية بركلها ولم يقاوم اال هذا الحامل‬
‫‪( :‬يبتسم) ليته لم يقاوم (يتجه الى صورة) و هذا هو‬ ‫جاستون‬
‫صورته ؟‬
‫‪ :‬نعم هذا أنت في الثانية عشرة من عمرك‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬كنت أتصور نفسي أشقر الشعر و خجوالً‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬كان شعرك كستنائيا داكنا جدا وكنت تلعب كرة القدم‬ ‫جورج‬
‫طول النهار وتكسر كل شيء‬
‫‪( :‬وهي تريه حقيبة ضخمة) انظر ماذا أمرت بإنزاله من‬ ‫مدام رينو‬
‫المخزن ‪..‬‬
‫‪ :‬و ما هذا ؟ حقيبتي القديمة ؟ انكم سوف تنتهون بأن‬ ‫جاستون‬
‫تجعلوني أعتقد أني عشت في عهد " االمبراطورية " ‪..‬‬
‫‪ :‬ال‪ ،‬يا أبله انها حقيبة العم جوستاف و هذه لعبك‬ ‫مدام رينو‬
‫‪( :‬يفتح الحقيبة) لعبي ! هل كان لي لعب كباقي الناس ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬بالطبع يا عزيزي ‪ ،‬انظر هذه نبلتك‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬نبلة ‪ ..‬بل يبدو على هذا الشيء أنه نبلة ال يستهان بها‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬يا الهي ! كم كنت تقتل بها من العصافير لقد کنت‬ ‫مدام رينو‬
‫وحشا حقا ‪ ..‬أو تعلم انك ما کنت تكتفي بعصافير‬
‫الحديقة فقد كان لدي قفص به عصافير ثمينة ذات مرة‬
‫دخلت فيه وقتلتها كلها‬
‫‪ :‬العصافير ؟ عصافير صغيرة ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬نعم ‪ ،‬نعم‬ ‫مدام رينو‬

‫‪33‬‬
‫‪ :‬كم كان عمرى ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ست سنين أو ربما تسع سنين ‪..‬‬ ‫مدام رينو‬
‫‪( :‬يهز رأسه) لست أنا‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬بل انت‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬ال لست انا فانا ما اذكره علي العكس فعندما كنت في‬ ‫جاستون‬
‫السابعة من عمري كنت أذهب الى الحديقة ومعی فتات‬
‫الخبز وأنادي العصافير لكي تأتي تلتقط الخبز من يدي‬
‫‪ :‬يا ويلها لو جاءت کنت تلوي عنقها‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬والكلب الذي كسر له رجال بحجر ؟‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬والفأر الذي ربطه بحبل و كان يجره ؟‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬والسناجيب و حيوانات الحديقة الصغيرة والظربی يا‬ ‫مدام رينو‬
‫الهی! کم قتلت منها تلك الحيوانات الصغيرة ! كنت‬
‫تحنط أجملها و هناك مجموعة كاملة منها في المخزن‬
‫ينبغي أن آمر بإخراجها (تنقب في الحقيبة) وهذه‬
‫سكاكينك وبندقياتك األولى ‪..‬‬
‫‪ :‬أال توجد لعب عرائس ‪ ،‬دمي ‪ ،‬مراكب ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬منذ كنت طفال صغي ار ‪ ،‬لم تكن تحب اال االلعاب‬ ‫مدام رينو‬
‫العلمية ها هي كراتك األرض وأنابيب االختبار‬
‫والمغناطيسات الكهربائية وأنابيب التقطير و رافعتك‬
‫الميكانيكية‬
‫‪ :‬كنا نريد أن نجعل منك مهندسا المعا‬ ‫جورج‬
‫‪( :‬يقهقه) انا مهندس ؟‬ ‫جاستون‬

‫‪34‬‬
‫‪ :‬ولكن كتب الجغرافيا كانت أشد ما يروقك كنت على كل‬ ‫مدام رينو‬
‫حال األول في الجغرافيا دائما‬
‫‪ :‬في سن العاشرة ‪ ،‬كنت تسمع أسماء المحافظات من‬ ‫جورج‬
‫األول لألخر وبالعكس!‬
‫‪ :‬و بالعكس ! صحيح أني فقدت الذاكرة ومع ذلك حاولت‬ ‫جاستون‬
‫أن أتعلمها من جديد في الملجأ فلم استطع ان احفظها‬
‫ولو من األول لآلخر فقط لندع حقيبة المفاجتت هذه‬
‫أظن أنها لن تفيدنا بشيء فلست أتصور نفسي على‬
‫االطالق هكذا في طفولتي (أغلق الحقيبة وراح يهيم‬
‫في الغرفة يلمس األشياء ويجلس في المقاعد الكبيرة ‪،‬‬
‫يسأل فجأة) هل كان له صديق ذلك الولد الصغير ؟‬
‫صبی آخر لم يكن يفارقه وكان يتبادل معه الكالم في‬
‫مشاكله و يتبادل معه طوابع البريد ؟‬
‫‪( :‬مسترسلة) أجل ‪ ،‬أجل ‪ .‬كان لك كثير من الرفاق طبعا‬ ‫مدام رينو‬
‫أصحابك في المدرسة وفي الجمعية ! ‪..‬‬
‫‪ :‬نعم ولكني ال اقصد الزمالء بل صديقا أتفهمين يا‬ ‫جاستون‬
‫سيدتي ؟ وذلك بالطبع قبل ان أسألك عمن عرفت من‬
‫النساء ‪..‬‬
‫‪( :‬مستاءة) أوه ! لقد كنت صغير السن جدا يا جاك‬ ‫مدام رينو‬
‫عندما رحلت !‬
‫‪ :‬و مع ذلك سوف أسألك عنهن ولكن قبل هذا السؤال ‪،‬‬ ‫جاستون‬
‫يبدو لي من المهم اوالً أن أسألك عن الصديق الذي‬

‫‪35‬‬
‫اخترته‬
‫‪ :‬انك تستطيع أن ترى صورهم جميعا في فرق المدرسة ثم‬ ‫مدام رينو‬
‫كان هناك من تخرج معهم في المساء ‪.‬‬
‫‪ :‬ولكن من هو الذي كنت أفضل الخروج معه وأحكي له‬ ‫جاستون‬
‫عن كل شيء ؟‬
‫لم تكن تفضل أحدا في الواقع (تكلمت بسرعة بعد أن‬ ‫مدام رينو‬
‫ألقت الى جورج نظرة مستخفيه جاستون ينظر اليها)‬
‫‪ :‬إذن لم يكن البنك صديق ؟ خسارة أعني خسارة لو‬ ‫جاستون‬
‫اكتشفنا أنه أنا أعتقد أن اإلنسان حينما يصبح رجال ال‬
‫يمكنه أن يجد مصد ار للعزاء أكبر من صورة لطفولته‬
‫تنعكس في عينی صديق طفولته بل وأعترف لكما بأنني‬
‫كنت آمل أن أتلقى ذاكرتي من هذا الصديق الذي تخيلته‬
‫‪( :‬بعد تردد) أوه ! أقصد أن أقول صديق أجل كان لك‬ ‫جورج‬
‫صديق وكنت تحبه حبا جما بل واحتفظت به حتى سن‬
‫السابعة عشرة و اننا لم نحدثك عنه ألنها قصة أليمة‬
‫جدا‬
‫‪ :‬هل مات ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ال‪ ،‬ال‪ .‬لم يمت ولكنكما افترقتما تخاصمتما نهائيا‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬نهائيا! في سن السابعة عشرة ! (برهة) وهل عرفتم سبب‬ ‫جاستون‬
‫الخصام ؟‬
‫‪ :‬لألسف لم نستطيع ان نعرف ذلك السبب فظل غامضاً‬ ‫جورج‬
‫بالنسبة لنا‬

‫‪36‬‬
‫‪ :‬ألم يحاول أخوك وال هذا الفتى ان يلتقيا منذ ذلك الحين؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬هل نسيت أن الحرب قد قامت ‪ ..‬كما انه حسب ما‬ ‫مدام رينو‬
‫فهمنا انكما قد تشاجرتما من أجل شيء تافه و تضاربتما‬
‫كما يفعل الصبية في هذه السن ودون تعمد منك بال شك‬
‫أتيت بحركة عنيفة حركة يؤسف لها و قمت بدفعه من‬
‫على السلم وفي أثناء سقوطه أصيب في عموده الفقري‬
‫واقتضى األمر أن يمكث في الجبس مدة طويلة جدا ثم‬
‫ظل مقعدا انك تفهم اآلن كم كان صعبا و أليما حتى‬
‫بالنسبة لك أن تحاول االلتقاء به‬
‫‪( :‬بعد برهة) نعم أفهم وأين حدث هذا العراك ‪ ،‬في‬ ‫جاستون‬
‫المدرسة ‪ ،‬في بيته ؟‬
‫‪( :‬بسرعة) ال هنا و لكن دعنا من الكالم في هذا‬ ‫مدام رينو‬
‫الموضوع الفظيع فهذا احدي االشياء التي يستحسن ان‬
‫ال تتذكرها يا جاك‬
‫‪ :‬لو انني استعدت ذاكرتي في شيء فيجب أن أستعيدها‬ ‫جاستون‬
‫في كل شيء كما تعلمون ذلك ان ماضي االنسان ال‬
‫يباع له بالتجزئة ‪ ،‬أين هو ذلك السلم أريد أن أراه ؟‬
‫‪ :‬هنا بجوار غرفتك يا جاك ولكن ما فائدة ذلك ؟‬ ‫مدام رينو‬
‫‪( :‬لجورج) هل تسمح بأن ترشدني اليه ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬اذا شأت ولكني ال أفهم حقا لماذا تريد أن تري هذا‬ ‫جورج‬
‫المكان (ذهبوا الى الردهة)‬
‫‪ :‬ها هو ذا هنا‬ ‫مدام رينو‬

‫‪37‬‬
‫‪ :‬هنا‬ ‫جورج‬
‫‪( :‬ينظر حوله ينحني على السياج) و أين تعاركنا ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬اننا لم نعرف ذلك بالضبط ابداً فان احدي الخامات هي‬ ‫جورج‬
‫التي روت لنا هذا المشاجرة‬
‫‪ :‬ليست هذه مشاجرة عادية و اني أظن أنها روتها بكثير‬ ‫جاستون‬
‫من التفاصيل عن اين تعاركنا فهذه البسطة فسيحة جدا‬
‫‪ :‬البد أنكما تعاركتما على الحافة وتعثرت رجله ومن يدري‬ ‫مدام رينو‬
‫لعلك لم تدفعه قط‬
‫‪( :‬مستدي ار نحوها) فاذا لم تكن المسألة سوي حادثة‬ ‫جاستون‬
‫عارضة فلماذا لم أذهب كل يوم لمرافقته في غرفته وهو‬
‫طريح الفراش ؟ وأنفق معه کل أيام الخميس بدال من‬
‫الجري في الشمس لكى يقل شعوره بالظلم؟‬
‫‪ :‬ان كل واحد شرح المسألة على طريقته وهواه كما تعرف‬ ‫جورج‬
‫وتدخل في ذلك خبث الناس‬
‫‪ :‬أي خادمة شاهدتنا ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬هل من الضروري لك أن تعرف هذه التفاصيل ؟ ثم انها‬ ‫مدام رينو‬
‫على كل حال لم تعد في البيت‬
‫‪ :‬من المؤكد أن هناك سواها ال يزالون في الخدمة ممن‬ ‫جاستون‬
‫عاصروا تلك الفترة و سوف أستجوبهم‬
‫‪ :‬أرجو أال تولي ثقتك لما يثرثر به الخدم في المطبخ‬ ‫مدام رينو‬
‫سوف يقولون لك اشياء عجيبة بال شك لو استجوبتهم‬
‫بالتأكيد ‪ ،‬انت ال تدري من هم هؤالء الناس‬

‫‪38‬‬
‫‪( :‬مستدي ار نحو جورج) يا سيدي أنا متأكد من أنك‬ ‫جاستون‬
‫ستفهمني أنت انني لم أتعرف علي شيئا بعد لديكم والذي‬
‫أنبأتموني به عن طفولة أخيك يبدو لي أبعد شيء ممكن‬
‫عما أعتقد أنه طبعي ولكن ألول مرة ينتابني نوع من‬
‫االضطراب وأنا أصغى لقوم يتحدثون عن ابنهم وال ادري‬
‫ان كان هذا تعباً ام شيء اخر‬
‫‪ :‬آه ! يا صغيری جاك ‪ ،‬لقد كنت واثقة انك ‪.....‬‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬ال ينبغي أن يحن قلبك وأن تسميني قبل األوان " يا‬ ‫جاستون‬
‫صغيری جاك " اننا هنا للتحقيق كرجال الشرطة و بما‬
‫يعهد في الشرطة من الشدة وعدم الشعور إذا أمكن ان‬
‫هذا االتصال بكائن غريب عني تماما قد أكون مضط ار‬
‫بعد لحظة ألن أقبله على أنه جزء من نفسي هذه الخطبة‬
‫الغريبة التي أعقدها الى شبح ‪ ،‬هذا كله شيء مؤلم لي‬
‫بما يكفي فلست بحاجة مع هذا االآلم للدخول في صراع‬
‫معكم من اجل الوصول للحقيقة فانا سوف أقبل كل‬
‫تجربة وأسمع كل رواية ولكن صوتا في نفسي يقول لي‬
‫انني يجب أن أعرف الحقيقة بشأن هذه المشاجرة قبل‬
‫كل شيء و مهما كانت هذه الحقيقة قاسية‬
‫‪( :‬تبدأ مترددة) حسنا ‪ ،‬هذا ما حصل تبادلتما الضرب من‬ ‫مدام رينو‬
‫أجل ‪ ...‬حماقة من حماقات الشباب فأنت تعرف كيف‬
‫يستجيب الشبان للغيظ في تلك السن‬
‫‪( :‬يقفها) ال لست اريد ان اسمع منكي التفاصيل بل من‬ ‫جاستون‬

‫‪39‬‬
‫تلك الخادمة ‪ ،‬وهي ما زالت هنا أليس كذلك و لقد‬
‫كذبت عليا بشأنها ؟‬
‫‪( :‬فجأة بعد صمت) نعم ما زالت في البيت‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬اطلبها من فضلك يا سيدی ‪ ،‬لماذا تتمادى في التردد ما‬ ‫جاستون‬
‫دمت تعلم يقينا أنني سوف أجدها وأستجوبها في يوم من‬
‫األيام ؟‬
‫‪ :‬لقد كان هذا شيء احمق ‪ ،‬احمق لدرجة فظيعة‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬انني لست هنا لكي أعلم اشياء لطيف و جميلة ثم انه‬ ‫جاستون‬
‫إذا كانت هذه الواقعة هي التي تستطيع أن تعيد لى‬
‫ذاكرتي فليس لكم الحق في اخفائها عني‬
‫‪ :‬سأناديها اذن ما دمت تريد (يدق الجرس)‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬ولكنك ترتعش يا جاك أرجو أال تكون مريضا ؟‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬أرتعش ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬لعلك تحس بشيء يضيء اآلن في نفسك ؟‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬ال‪ ،‬ال شيء هناك سوى الليل أشد الليل ظالما‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬فلماذا ترتعش اذن ؟‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬أمر سخيف ‪ ،‬ولكن من بين آالف الذكريات الممكنة ‪،‬‬ ‫جاستون‬
‫كانت ذکری صديق هي التي أحن اليها بأعظم الشوق‬
‫لقد أقمت كل شيء على ذكرى هذا الصديق الخيالي‬
‫نزهاتنا التي شغفنا بها والكتب التي اكتشفناها معا وفتاة‬
‫أحبها وأحببتها في الوقت ذاته فضحيت بها من اجله بل‬
‫و اظن انكم ستضحكان من هذا انني قد أنقذت حياته‬

‫‪40‬‬
‫يوما في مركب اما االن فاذا كنت ابنكم فعلى أن أعتاد‬
‫حقيقة ما أبعدها عن حلمي (دخلت جولييت)‬
‫‪ :‬سيدتی دقت الجرس ؟‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬السيد جاك يود أن يكلمك يا جولييت‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬أنا ؟‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬نعم يود أن يستجوبك عن تلك الحادثة المؤسفة التي‬ ‫جورج‬
‫وقعت ل ـ ـ " مارسيل جرانشان " و التي كنت قد شهدت‬
‫وقوعها‬
‫‪ :‬أنك تعرفين الحقيقة يا بنتي وتعرفين أيضا أن السيد جاك‬ ‫مدام رينو‬
‫رغم كونه عنيف الطبع فما كان يضمر له أي نية‬
‫اجرامية‬
‫‪( :‬يقاطعها مرة أخرى) ال تقولي لها شيئا من فضلك ! أين‬ ‫جاستون‬
‫كنت يا آنسة عندما وقع الحادث ؟‬
‫‪ :‬كنت على البسطة مع أولئك السادة يا سيد جاك‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬ال تسميني السيد جاك االن ‪ ،‬كيف بدأت تلك المشاجرة؟‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬تلقي نظرة الى آل رينو) بدأت ‪ ...‬يعنی ‪..‬‬ ‫جولييت‬
‫‪( :‬يتجه اليهما) هل تسمحان بأن تترکانی بمفردي معها ؟‬ ‫جاستون‬
‫احس بأنكما تحرجانها‬
‫‪ :‬أنا على استعداد لكل ما تريد اذا كان في ذلك ما يعيدك‬ ‫مدام رينو‬
‫الينا يا جاك‬
‫‪( :‬يرافقهما) سوف أناديكما (لجولييت عندما أصبحا‬ ‫جاستون‬
‫وحدهما) اجلسی‬

‫‪41‬‬
‫‪ :‬أيسمح سيدی ؟‬ ‫جولييت‬
‫‪( :‬وهو يجلس قبالتها) ولنترك الكلفة جانبا أرجوك فهي‬ ‫جاستون‬
‫لن تستطيع اال مضايقتنا ‪ ،‬كم عمرك ؟‬
‫‪ :‬ثالث وثالثون سنة وانت تعرف هذا تماماً ‪ ،‬يا سيد جاك‬ ‫جولييت‬
‫فقد كان عندي خمس عشرة سنة حينما سافرت للميدان‬
‫لماذا تسألني عن سنی ؟‬
‫‪ :‬أوال ألنني لم أكن أعرف سنك ثم انني أكرر لك أنني‬ ‫جاستون‬
‫ربما لست السيد جاك‬
‫‪ :‬أوه ! كيف تقول ذلك ! فأنا أعرفك جيدا ‪ ،‬يا سيد جاك‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬هل کنت تعرفينه معرفة جيدة ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬تنفجر فجأة منتحبة) آه مستحيل أن ينسى أحد الى هذا‬ ‫جولييت‬
‫الحد ! أفال تتذكر شيئا ابداً يا سيد جاك ؟‬
‫‪ :‬ال شيء أبداً‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬تصيح بين دموعها) هل يمكن أن أسمع مثل هذه‬ ‫جولييت‬
‫األسئلة بعد الذي جرى ‪ ..‬آه ! هذا شيء يمزق القلب‬
‫بالنسبة المرأة حدث لها ما حدث‬
‫‪( :‬يظل لحظة مشدوها ثم فجأة يفهم) آه ! أوه ! العفو‬ ‫جاستون‬
‫أستميحك العفو على ذلك فالسيد جاك كان قد ‪...‬‬
‫‪ :‬نعم‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬أوه ! أستميحك العفو اذن ولكن کم كان سنك ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬خمس عشرة سنة لقد كان أول رجل في حياتی‬ ‫جولييت‬
‫‪( :‬يبتسم فجأة منشرحا) خمس عشرة سنة وهو سبع عشرة‬ ‫جاستون‬

‫‪42‬‬
‫انها لطيفة جدا هذه القصة انها أول شيء مما أسمعه‬
‫عنه يلوح لي جذابا وهل دام ذلك طويال؟‬
‫‪ :‬الى أن سافر‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬وأنا الذي جهدت في البحث لكي أعرف ما وجه تلك‬ ‫جاستون‬
‫التي كانت صاحبتی ! عال لقد كانت بديعة !‬
‫‪ :‬ربما كانت بديعة ولكنها لم تكن الوحيدة علي أي حال !‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬آه ! صحيح ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬أوه ! صحيح طبعاً !‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬عال هذا شيء أيضا ال يجعلني أكرهه كثي ار‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬أنت تجد ان هذا شيئاً ظريفاً ! ولكن هذا الشيء بالنسبة‬ ‫جولييت‬
‫المرأة ‪....‬‬
‫‪ :‬بالتأكيد ‪ ،‬بالنسبة المرأة ‪..‬‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬شيء صعب ‪ ،‬أن تحس بالذل في أليم حبها‬ ‫جولييت‬
‫‪( :‬مشدوها قليال) في أليم ‪ ..‬؟ نعم ‪ ،‬بالتأكيد‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬لم أكن اال خادمة صغيرة مهملة ‪ ،‬ولكن هذا لم يمنعني‬ ‫جولييت‬
‫من أن أشربه حتى الثمالة هذا األلم الفظيع ألم العشيقة‬
‫المقهورة ‪..‬‬
‫‪ :‬هذا االلم ال ‪ ..‬؟ بالتأكيد‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ألم تق أر أبدا رواية " المغتصبة في ليلة زفافها " ؟‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬ال‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬يجب أن تقرأها سوف تری ان هناك حالة تشبه تقريبا‬ ‫جولييت‬
‫حالتي النذل الذي أغوی " برتراند " ثم سافر هو أيضا‬

‫‪43‬‬
‫ولكنه سافر إلى أمريكا حيث طلبه عمه الثرى و عند‬
‫اذن تقول له "برتراند " انها شربته حتى الثمالة هذا األلم‬
‫الفظيع ألم العشيقة المقهورة ‪...‬‬
‫‪( :‬الذي يتضح له كل شيء) آه ! تلك كانت جملة من‬ ‫جاستون‬
‫الرواية ؟‬
‫‪ :‬نعم ‪ ،‬ولكنها تنطبق على تماما !‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬بالتأكيد ‪( ..‬نهض فجأة يسأل متظرفا) وهل كان يحبك‬ ‫جاستون‬
‫كثي ار السيد جاك ؟‬
‫‪ :‬حبا عنيفا فقد كان يقول لي انه سينتحر من أجلى‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬و كيف أصبحت عشيقته ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬أوه ! كان ذلك في ثاني يوم لي بالبيت کنت أرتب غرفته‬ ‫جولييت‬
‫فأسقطني على السرير وكنت أضحك كالبلهاء طبعا في‬
‫تلك السن ! وحدثة كم لو كان رغم عني ولكنه بعد ذلك‬
‫اقسم لي أنه سيحبني طول حياته !‬
‫‪( :‬ينظر اليها ويبتسم) عجيب السيد جاك‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬عجيب! لماذا ؟‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬ال لشيء على كل حال لو انني أصبحت السيد جاك‬ ‫جاستون‬
‫أعدك بأن أكلمك بكل جد بخصوص هذا الموضوع‬
‫‪ :‬أوه ! أنا ال أطلب اآلن تسوية للموضوع فاني اآلن‬ ‫جولييت‬
‫متزوجة‬
‫‪ :‬بصرف النظر بصرف النظر (برهة) ولكني أهرب من‬ ‫جاستون‬
‫الدرس ولن أنجح في االمتحان فلنعد الى تلك القصة‬

‫‪44‬‬
‫الرهيبة التي بودي أن أجهلها والتي مع ذلك يجب ان‬
‫اعرفها بحذافيرها‬
‫‪ :‬آوه ! نعم المعركة مع السيد مارسيل‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬نعم هل كنت هناك ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬تنتفخ) بكل تأكيد كنت هناك‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬هل شهدت بداية عراكهما ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬طبعا‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬اذن تستطيعين أن تقولي لي من أجل أي جنون غريب‬ ‫جاستون‬
‫تضاربا بتلك الوحشية ؟‬
‫‪( :‬بهدوء) أي جنون غريب ؟ لقد تضاربا من أجلی‬ ‫جولييت‬
‫‪( :‬ينهض) من أجلك ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬طبعا من أجلى أيدهشك هذا ؟‬ ‫جولييت‬
‫‪( :‬يردد مشدوها) من أجلك ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬بالتأكيد فقد كنت عشيقة السيد جاك و انا أقول لك هذا‬ ‫جولييت‬
‫بصفة شخصية ألنه يجب أن تعرفه ولكن اياك ان تبوح‬
‫بهذا السر ألي شخص فأنا ال أسعى إلى أن أفقد عملي‬
‫بسبب حكاية حصلت من عشرين سنة ! نعم کنت‬
‫عشيقة السيد جاك وفي الحقيقة السيد مارسيل كان يحوم‬
‫حولي قليال‬
‫‪ :‬وبعد ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬و بعد ‪ ،‬ففي ذات يوم كان يحاول أن يقبلني وراء الباب‬ ‫جولييت‬
‫أما أنا فلم أترك له نفسي و لكنك تعرف كيف يصبح‬

‫‪45‬‬
‫الولد عندما يصمم على هذا الشيء وفي هذه اللحظة‬
‫بالضبط خرج السيد جاك من غرفته ورآنا فوثب على‬
‫السيد مارسيل الذي رد عليه وتضاربا وتدحرجا على‬
‫األرض‬
‫‪ :‬اين کانا ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬على بسطة الدور األول الكبيرة‬ ‫جولييت‬
‫‪( :‬يصبح فجأة كالمجنون) أين ؟ أين ؟ أين ؟ تعالى أريد‬ ‫جاستون‬
‫أن أرى المكان بالضبط‬
‫‪( :‬جرها من معصمها حتى الردهة) انك تؤلمني !‬ ‫جولييت‬
‫‪ :‬أين ؟ أين ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬تنتزع نفسها من قبضته وتدلك معصمها) ها هنا !‬ ‫جولييت‬
‫سقطا هنا نصفهما في الردهة و نصفهما على البسطة‬
‫وكان السيد مارسيل تحت‬
‫‪( :‬يصيح) لكنهما هنا كانا بعيدين عن الحافة ! كيف‬ ‫جاستون‬
‫استطاع أن ينزلق حتى أسفل الدرجات ؟ هل تدحرجا‬
‫معا وهما يتصارعان ؟‬
‫‪ :‬ال فالسيد جاك هو الذي أفلح في النهوض وجر السيد‬ ‫جولييت‬
‫مارسيل من رجله حتى الدرجات‬
‫‪ :‬وبعد ذلك ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬بعد ذلك دفعه يا لألسف ! وهو يصيح به " خذ يا ولد‬ ‫جولييت‬
‫يا وغد هذا سيعلمك أن تقبل عشيقات غيرك) هذا كل ما‬
‫حدث (يسود صمت) آه ! لقد كان رجال السيد جاك !‬

‫‪46‬‬
‫‪( :‬بصوت مكتوم) وكان صديقه ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬تصور انهما منذ سن ست سنين كانا يذهبان الى‬ ‫جولييت‬
‫المدرسة معا‬
‫‪ :‬منذ سن ست سنين !‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬آه ! هذا فظيع بالتأكيد! ولكن ماذا تريد ؟ انه الحب‬ ‫جولييت‬
‫فهو أقوى من كل شيء‬
‫‪( :‬يقرع باب الغرفة واذ ال يجده يأتي الى الردهة) سمحت‬ ‫جورج‬
‫لنفسي بأن أعود فقد أبطأت في االتصال بنا وكانت أمي‬
‫قلقة فهل عرفت اآلن ما كنت تريد معرفته ؟ (خرجت‬
‫جولييت) أوه ! انها ليست فعلة كريمة طبعا ولكني أود‬
‫أن أظن برغم من كل ما يمكن أن يقال انها لم تكن في‬
‫الواقع سوى حادثة بل وال تنسى أنك كنت في السابعة‬
‫عشرة أي يعني انه مجرد عبث صبياني عبث صبيانی‬
‫مشئوم (صمت يعتريه حرج) کيف روت لك الواقعة؟‬
‫‪ :‬كما شهدتها بال شك‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬هل قالت لك ان سبب تلك المعركة كانت لتنافسكما في‬ ‫جورج‬
‫النادي ؟ فقد استقال مارسيل من ناديك ألسباب شخصية‬
‫و انضم للفريق المنافس لك و علي الرغم من كل شيء‬
‫و في غمرة حماسك الرياضي ‪( ..‬جاستون ال يقول‬
‫شيئا) هذه هي القصة التي أردت أنا أن أصدقها ألنه‬
‫من جانب آل جرانشان أذيعت قصة أخرى قصة رفضت‬
‫على طول الخط أن أقبلها شخصيا وال تحاول أن تعرف‬

‫‪47‬‬
‫تلك القصة فما هي اال حمق ولؤم‬
‫‪( :‬ينظر اليه) هل كنت تحبه حقا ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬لقد كان أخي األصغر بالرغم من كل شيء ‪ ،‬بالرغم من‬ ‫جورج‬
‫كل شيء آخر فقد حدثت أشياء أخرى كثيرة آه ! لقد‬
‫کنت فظيعا‬
‫‪ :‬فسأطلب منك طالما يحق لي هذا الطلب أن تقول كان "‬ ‫جاستون‬
‫هو " فظيعا‬
‫‪( :‬مبتسما ابتسامة بائسة لذكرياته) نعم فظيعا أوه ! ما‬ ‫جورج‬
‫أكثر ما سببت لنا من هموم ! واذا عدت بيننا فيجب ان‬
‫تعرف امور أخطر من تلك الحركة التعسة ‪ ،‬التي‬
‫تستطيع ان تشكك في مدي ارتباطك بها علي الرغم من‬
‫كل شيء‬
‫‪ :‬هل على أن أعلم شيئا آخر ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬لقد كنت طفال ‪ ،‬طفال أطلق العنان لنفسه في عالم‬ ‫جورج‬
‫مختل النظام وراحت أمي بمبادئها الصرامة كنت‬
‫تصطدم بك دون أن أي حسن للتصرف ودون أن تؤدي‬
‫اال إلمعانك في االنطواء على نفسك وأما أنا فلم تكن لي‬
‫السلطة الكافية وقد ارتكبت حماقة كبيرة نعم حماقة كلفتنا‬
‫كثي ار جدا فانت تعرف اننا الكبار كنا في ميدان الحرب‬
‫فظن أمثالك من الشبان ان كل شيء مباحا لهم ‪ ،‬و‬
‫أردت أن تنفذ مشروعا تجاريا ترى هل كنت صادق‬
‫التفكير في هذا المشروع ؟ أم أنه لم يكن اال خداع لبلوغ‬

‫‪48‬‬
‫مت ربك ؟ و ال يوجد احد يعرف هذه االجابة اال أنت‬
‫وحدك اذا استعدت ذاكرتك تماما ‪ ،‬مهما يكن من شيء‬
‫فقد سحرت صديقة من أقدم أصدقاء العائلة وجعلتها‬
‫كبير حوالي خمسمائة ألف فرنك كنت تزعم‬
‫تعطيك مبلغا ا‬
‫أنك وسيط وكنت قد جئت بورقة مزورة على رأسها أسم‬
‫شركة وهمية بال شك ورحت توقع ايصاالت مزورة وذات‬
‫يوم انكشف كل شيء ولكن بعد فوات األوان اذ لم يتبق‬
‫سوى بضعة ألوف كنت قد أنفقت الباقي و يعلم اهلل في‬
‫أي األوكار او أي الحانات قد انفقتها و بالطبع دفعنا‬
‫نحن المال ألصحابه‬
‫‪ :‬أن الفرحة التي تأهبتم بها الستقبال أخيك العائد تدعو‬ ‫جاستون‬
‫الى االعجاب حقاً‬
‫‪( :‬يطأطئ رأسه) وأكثر مما تعتقد يا جاك‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬كيف ؟ هل هناك شيء آخر ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬سوف نتكلم عن هذا في مرة أخرى‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬لماذا في مرة أخرى ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬يستحسن ان نأجله اآلن سأدعو اآلن أمي فهي البد انها‬ ‫جورج‬
‫قلقة لسكوتنا عنها كل هذه الفترة‬
‫‪( :‬يقفه) تستطيع أن تحدثني بما شأت فاني أكاد أقطع‬ ‫جاستون‬
‫بأني لست أخاك‬
‫‪( :‬ينظر اليه لحظة في صمت ثم بصوت مخنوق) و مع‬ ‫جورج‬
‫ذلك فانك تشبهه كثي ار هذا وجهه ولكن كأنما مرت به‬

‫‪49‬‬
‫مسحة عذاب‬
‫‪ :‬ثمانية عشر عاما ! كذلك وجهك بال شك وان لم يكن‬ ‫جاستون‬
‫لي الشرف بأن أتذكره دون تجاعيد‬
‫‪ :‬ليس االمر يتعلق بمجرد التجاعيد بل هو التأثر بمرور‬ ‫جورج‬
‫الزمن و لكنه بدال من أن يقسى المالمح فكأنه قد أشاع‬
‫العذوبة والرقة كأنما هي مسحة من االرهاف والطيبة تلك‬
‫التي مرت بوجهك‬
‫‪ :‬نعم هناك أسباب كثيرة كما فهمت اآلن ال تتيح لوجه‬ ‫جاستون‬
‫السيد أخيك أن يتصف بطابع الرقة‬
‫‪ :‬انت تخطيء لقد كان قاسيا و طائشا و متقلبا ولكن أوه !‬ ‫جورج‬
‫كنت أحبه بكل عيوبه كان أجمل منی لعله لم يكن أذكى‬
‫أعني ذلك النوع من الذكاء الالزم في المدرسة وفي‬
‫االمتحانات ولكنه كان أعمق احساسا وأشد تألقا بالتأكيد‬
‫(يقول بصوت مخنوق) وأشد اغواء وكان في الحقيقة‬
‫يحبني هو أيضا ولكن على طريقته بل و انه على األقل‬
‫عند خروجه من الطفولة كان يحص بنوع من العرفان‬
‫للجميل و المحبة و كان هذا يؤثر في نفسي كثي ار ولهذا‬
‫كانت الصدمة قاسية جدا عندما علمت انه ‪....‬‬
‫(يطاطیء رأسه كما لو كان هو المخطئ) عند اذن‬
‫كرهته نعم كرهته ثم بسرعة كبرى نسيت كيف أحقد عليه‬
‫‪ :‬وفيم الحقد ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬رفع رأسه ينظر اليه) هل أنت جاك ؟ (جاستون يأتی‬ ‫جورج‬

‫‪50‬‬
‫بحركة) عبثا أقول لنفسي انه كان صغير السن وأنه كان‬
‫ضعيفا ككل الذين يظهرون العنف عبثا أقول لنفسي أن‬
‫كل شيء يبدو سهل لشفتين جميلتين في ليلة صيف‬
‫عندما يحين رحيلنا الى الميدان عبثا أقول لنفسی انی‬
‫کنت بعيدا وانهما أيضا كانوا صغا اًر ‪.....‬‬
‫‪ :‬ال أكاد أفهمك ‪ .‬هل أخذ منك امرأة ؟ (برهة) زوجتك ؟‬ ‫جاستون‬
‫(جورج يومئ باإليجاب جاستون بصوت مكتوم) القذر‬
‫‪( :‬بابتسامة صغيرة حزينة) ال تقل ذلك ‪ ،‬ربما كنت انت!‬ ‫جورج‬
‫‪( :‬بعد برهة يسأل بصوت متهدج) هل اسمك جورج ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬نعم‬ ‫جورج‬
‫‪( :‬ينظر اليه لحظة ثم تغلبه حركة عاطفية عفوا) جورج‬ ‫جاستون‬
‫‪ ..‬أنا ‪.....‬‬
‫‪( :‬تظهر خارج الغرفة) هل أنت هنا يا جاك ؟‬ ‫مدام رينو‬
‫‪( :‬والدموع في عينيه خجال من تأثره) معذرة سوف‬ ‫جورج‬
‫أترككما (يخرج مسرعا من الباب اآلخر)‬
‫‪( :‬وهي تدخل الغرفة) جاك ‪..‬‬ ‫مدام رينو‬
‫‪( :‬دون أن يتحرك) نعم‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬خمن من الذي حضر اآلن آه ! يالها من جرأة !‬ ‫مدام رينو‬
‫‪( :‬كليال) أنا من األصل ليس لي ذاكرة اما بالنسبة لحل‬ ‫جاستون‬
‫االلغاز فليس ‪...‬‬
‫‪ :‬العمة لويز يا عزيزی ! نعم العمة لويز !‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬العمة لويز ! وهل هذه تعتبر جرأة ؟ ‪..‬‬ ‫جاستون‬

‫‪51‬‬
‫‪ :‬لقد جاءت هنا بعد الذي حدث اتصدق ! أرجو ان تفعل‬ ‫مدام رينو‬
‫من اجلي خدمة بأال تستقبلها و اذا حاولت أن تقربك‬
‫علي الرغم منا ‪ ،‬لقد تصرفت بشكل غريب ! ثم أنت لم‬
‫تكن تحبها على كل حال أوه ! بل لقد جاء ابنها جول‬
‫ايضاً ذلك الذي كنت تبغضه بغضاً حقيقياً‬
‫‪( :‬وما زال ثابتا ال يتحرك) فقد كنت اذاً أبغض شخصاً ما‬ ‫جاستون‬
‫بغضا حقيقيا وال اعرف‬
‫‪ :‬جول ! اال تعرف ماذا فعل بك هذا الولد البائس ؟ لقد‬ ‫مدام رينو‬
‫وشى بك في امتحان الشهادة العامة ألنك كنت تخفي‬
‫جدول لوغاريتمات في جيبك ‪ ،‬هذا صحيح يجب أن‬
‫أحكي لك تلك الحكايات واال استقبلتهم بوجه بشوش ما‬
‫دمت ال تتذكر شيئا ! ثم ان هناك جيرار دوبوك الذي‬
‫البد انه سياتی بالتأكيد ليتودد اليك ‪ ،‬هذا الولد الحقير‬
‫لكي يتمكن من الدخول في " شركة فيليير " حيث كانت‬
‫الفرص أمامك أكبر بسبب عمك أبعدك عن الوظيفة‬
‫باالفتراء عليك لدى االدارة نعم لقد علمنا فيما بعد أنه‬
‫كان هو أوه ! انني أرجو أن تغلق في وجهه الباب‬
‫وكذلك األشخاص اآلخرين الدين سأخبرك بأمرهم ممن‬
‫غدروا بك في دناءة‬
‫‪ :‬ما أكثر األشياء الحلوة في ماضي انسان ! ‪..‬‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬وعلي العكس يجب ان تذهب و تقبل " مدام بوکون "‬ ‫مدام رينو‬
‫العزيزة علي الرغم من أن شكلها يثير بعض النفور منذ‬

‫‪52‬‬
‫أصابها الشلل مسكينة ! لقد شهدت ميالدك ‪..‬‬
‫‪ :‬ال يبدو لي هذا سبب كافي‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ثم انها هي التي عنيت بك أيام التهابك الرئوي وكنت أنا‬ ‫مدام رينو‬
‫مريضة في الوقت ذاته لقد أنقذت حياتك يا ولدى !‬
‫‪ :‬صحيح هناك أيضا االعتراف بالجميل لقد فاتني أن‬ ‫جاستون‬
‫أفكر في هذا األمر (برهة) واجبات ‪ ،‬وأحقاد ‪ ،‬وجراح ‪..‬‬
‫ماذا كنت أحسبها ذلك ذكريات االنسان ؟ (يتوقف‬
‫ويفكر)‪ ..‬صحيح لقد نسيت ذكريات الندم و تلك التي‬
‫يؤنبني عليها الضمير اما اآلن فلدي ماض كامل‬
‫(يبتسم بصورة غريبة ويذهب نحوها) ها انت ترين اني‬
‫اطلب الكثير ولكني فقط كنت افضل بعض من ذكريات‬
‫الماضي التي فيها بعض من المرح و األف ارح ونفحة من‬
‫الشغف أيضا اذا كان ذلك ممكن أليس لديك ما تقدمينه‬
‫لی ؟‬
‫‪ :‬لست أفهمك ‪ ،‬يا ولدي‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬األمر بسيط جداً أود لو رويت لی فرحة من أفراحي‬ ‫جاستون‬
‫القديمة فان أحقادي و أوزاري لم تنبئني بشيء أعطني‬
‫فرحة مما كان البنك حتى أرى كيف يتردد رنينها في‬
‫نفسی‬
‫‪ :‬أوه ! ليس هذا عسي ار األفراح لقد نلت منها الكثير لقد‬ ‫مدام رينو‬
‫كنت مدلال جداً !‬
‫‪ :‬اذن ‪ ،‬اسمحي لي بفرحة واحدة ‪..‬‬ ‫جاستون‬

‫‪53‬‬
‫‪ :‬انه من المحرج أن يفرض االنسان على نفسه أن يتذكر‬ ‫مدام رينو‬
‫هكذا دفعة واحدة فال يدري المرء ماذا يختار ‪..‬‬
‫‪ :‬قولي لي اول شيء يخطر علي بالك هكذا دون اختيار‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬حسناً اسمع عندما كنت في الثانية عشرة من عمرك ‪..‬‬ ‫مدام رينو‬
‫‪( :‬يقفها) فرحة من أفراح الرجال فما عداها بعيدة عن‬ ‫جاستون‬
‫الشعور‬
‫‪( :‬فجأة متضايقة) انما أفراحك في طور الرجولة لم تكن‬ ‫مدام رينو‬
‫تقول لي معظمها فأن شابا كبي ار مثلك كما تعرف كان‬
‫كثير الخروج كجميع الشبان الكبار کنتم الملوك في ذلك‬
‫العهد کنت تذهب الى الحانات وسباق الخيل كنت تمرح‬
‫مع رفاقك وأما معي ‪..‬‬
‫‪ :‬ألم تريني أبدا فرحا أمامك ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬بال شك طبعا ! مثال يوم تسلمت جوائزك األخيرة‬ ‫مدام رينو‬
‫أتذكر‪...‬‬
‫‪( :‬يقاطعها) ال داعى للجوائز ! اقصد بعد ذلك ‪ ،‬بين‬ ‫جاستون‬
‫الوقت الذي وضعت فيه كتب المدرسة والوقت الذي فيه‬
‫وضعوا بندقية بيدي في خالل تلك الشهور القليلة التي‬
‫كان مقد اًر لها دون ان ادري ان تكون كل ما اعرف عن‬
‫حياتي كرجل‬
‫‪ :‬اني أبحث ولكنك في الواقع كنت تكثر من الخروج كنت‬ ‫مدام رينو‬
‫تسرف في التشبه بمظاهر الرجال ‪..‬‬
‫‪ :‬ولكن مع ذلك ففي سن الثامنة عشرة مهما جد الشاب‬ ‫جاستون‬

‫‪54‬‬
‫في تمثيل حياة الرجال فهو ال يزال طفال ! البد انه‬
‫حدث ذات يوم أن تسرب الماء من صنبور الحمام ولم‬
‫يستطع أحد أن يصلحه أو ذات يوم ط أر على موقد‬
‫المطبخ اختالل هائل أو صادفنا محصل ترام مضحكا‬
‫فضحكت أمامك أو يوم انشرح صدری بهدية أو بشعاع‬
‫من الشمس لست أسألك فرحة طاغية بل فرحة صغيرة‬
‫جدا فاني لم أكن مريض بمرض عصبي ؟‬
‫‪( :‬فجأة محرجة) سأقول لك يا صغيری جاك ‪ ..‬كنت أود‬ ‫مدام رينو‬
‫أن أشرح لك هذا الموضوع فيما بعد وفي هدوء أوفر لم‬
‫تكن العالقة بينك و بينی طيبة جدا في هذا الوقت أوه !‬
‫كان ذلك طيشا صبيانيا ! وبعد مرور هذا الزمن فأنا‬
‫متأكدة من أنه سيبدو لك اآلن أشد خط ار مما كان في‬
‫الحقيقة نعم في تلك الفترة بالذات بين المدرسة والجيش‬
‫لم نكن نكلم احدنا االخر‬
‫‪ :‬آه !‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬نعم من أجل حماقات تافهة‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬وهل استمر هذا الخصام فترة طويلة ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬سنة تقريباً‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬ويحا ! کنا عنيدين ومن الذي بدأ ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬بعد تردد) أوه ! أنا اذا شئت ولكن ذلك كان بسببك‬ ‫مدام رينو‬
‫كنت قد ركبت رأسك بشكل غبي و بدأت في العناد‬
‫‪ :‬أي عناد من جانب شاب هذا الذي دفعك إلى أال تكلمي‬ ‫جاستون‬

‫‪55‬‬
‫ابنك مدة سنة كاملة ؟‬
‫‪ :‬انك لم تفعل قط شيئا في سبيل فض هذا الموقف ال‬ ‫مدام رينو‬
‫شيء !‬
‫‪ :‬ولكني عندما سافرت للميدان تصالحنا مع ذلك في‬ ‫جاستون‬
‫يمكننك ان تتركيني ان أرحل دون أن تقبليني ؟‬
‫‪( :‬بعد صمت فجأة) ال (برهة ثم بسرعة) هذا خطائك ففي‬ ‫مدام رينو‬
‫ذلك اليوم أيضا انتظرتك في غرفتي وأما أنت فكنت‬
‫تنتظر في غرفتك كنت تريد أن أخطو الخطوات األولى‬
‫أنا أمك ! في حين أنك كنت أهنتني اهانة بالغة وراح‬
‫الناس يتوسطون فلم يفلح شيء في حملك على التنازل‬
‫ال شيء ثم ذهبت الي الميدان ‪.‬‬
‫‪ :‬كم كانت سنی ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ثمانية عشرة‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬لعلى لم أكن أدرك الى أين كنت ذاهبا ففي الثامنة عشرة‬ ‫جاستون‬
‫تكون الحرب مغامرة مسلية ولكننا و لكننا لم نكن في‬
‫سنة ‪ 9191‬حين كانت األمهات يضعن األزهار في‬
‫البندقيات و الشك انك كنت تعرفين الى أين كنت ذاهبا‬
‫‪ :‬أوه ! كنت أظن أن الحرب ستنتهي قبل أن تغادر‬ ‫مدام رينو‬
‫المعسكر أو أنني سأراك في أول عطلة لك قبل ان‬
‫تذهب الميدان ثم انك كنت دائما شديد العنف شديد‬
‫القسوة معي‬
‫‪ :‬أما كنت تستطيعين أن تنزلی من غرفتك لتقولي لي‬ ‫جاستون‬

‫‪56‬‬
‫"انت مجنون قبلني!"‬
‫‪ :‬لقد خفت من عينيك ‪ ..‬من تلك االبتسامة الملتوية‬ ‫مدام رينو‬
‫المتكبرة التي كانت بال شك ستعترى أنفك حين اتي اليك‬
‫لقد كان من الممكن ان تطردني‬
‫‪ :‬وماذا في ذلك ! كنت تعاودين الكرة كنت تبكين على‬ ‫جاستون‬
‫بابي كنت تتوسلين لی کنت تركعين حتي ال يكون هذا‬
‫الشر وحتي أقبلك قبل أن أرحل آه ! أسأت بأنك لم‬
‫ترکعی‬
‫‪ :‬أم ‪ ،‬تفعل هذا يا جاك !‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬كنت في الثامنة عشرة وكانوا يرسلونني للموت اني أشعر‬ ‫جاستون‬
‫ببعض الخجل وأنا أقول لك هذا ولكني مهما كنت عاتيا‬
‫ومهما حبست نفسي في کبريائی الطائش الغبي فإنما‬
‫كان واجبكم جميعا أن تركعوا وأن تستغفرونی‬
‫‪ :‬نستغفرك ؟ عما ! ثم انني لم أرتكب ذنبا !‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬وماذا ارتكبت أنا حتى تمتد بيننا هذه الهوة السحيقة ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬فجأة بلهجة الماضي) أوه ! كنت قد صممت رأيك على‬ ‫مدام رينو‬
‫أن تتزوج خياطة صغيرة يعلم اهلل وحده أين وجدتها وأنت‬
‫في الثامنة عشرة و بال شك كانت قد رفضت أن تصبح‬
‫عشيقتك ‪ ،‬ليس الزواج هوى ! فهل كان يجب علينا أن‬
‫ندعك تفسد حياتك وتدخل هذه البنت عندنا ؟ ال تقل لي‬
‫انك كنت تحبها أو يعرف االنسان الحب في الثامنة‬
‫عشرة أعني هل هو حب عميق مستديم صالح للزواج‬

‫‪57‬‬
‫وتأسيس عائلة بنت خياطة لقيها في حفلة راقصة منذ‬
‫ثالثة أسابيع ؟‬
‫‪( :‬بعد صمت) بالتأكيد كان في ذلك حماقة ولكننا كنا‬ ‫جاستون‬
‫سندعي للتجنيد بعد شهور قالئل كما تعرفين فماذا اذا‬
‫كانت هذه هي الحماقة الوحيدة التي قدر على أن أرتكبها‬
‫هذا الحب الذي لم يكن ليستمر هذا الحب الذي تقولين‬
‫انه لم يكن مقدر له الحياة اال بضعة شهور فال تكفي‬
‫حتي الستنفاده و الفراغ منه فماذا في ذلك ؟‬
‫‪ :‬ولكننا لم نكن نفكر في أنك ستموت ! ثم اني لم أقل لك‬ ‫مدام رينو‬
‫كل شيء لقد صرخت في وجهي بفمك الملتوي ألقصاه‬
‫وقد رفعت يدك على ‪ ،‬على أنا أمك؟ " اني أكرهك اني‬
‫أكرهك ! " هذا ما صرخت به في وجهي (صمت) أتفهم‬
‫اآلن لماذا بقيت في غرفتي آمله أن تصعد حتى سمعتك‬
‫تغلق باب الشارع وراءك بعنف ؟‬
‫‪( :‬في رقة بعد صمت) ومت في الثامنة عشرة دون أن‬ ‫جاستون‬
‫تكون لي فرحتي الصغيرة بحجة أنها حماقة ودون أن‬
‫تكلميني لقد استلقيت على ظهري ليلة كاملة والجرح‬
‫ينزف من كتفي و كنت اكثر وحدة من كل االخرين‬
‫الذين كانوا ينادون أمهاتهم (صمت ثم يقول فجأة كأنه‬
‫يخاطب نفسه) حقا اني أكرهك‬
‫‪( :‬تصيح مذعورة) جاك ما الذي دهاك ؟‬ ‫مدام رينو‬
‫‪( :‬يعود الى نفسه ويراها) ماذا ؟ عفوا أسألك العفو (ابتعد‬ ‫جاستون‬

‫‪58‬‬
‫مغلق النفس جامدا) ولكني لست جاك رينو لست‬
‫أتعرف شيئا هنا مما كان له نعم وأنا أصغى الى‬
‫كالمك خلطت بينه وبينی لحظة ولكن لعلك ترين أن‬
‫ماضيا بأكمله بالنسبة لرجل بال ذاكرة انما هو عبء‬
‫باهظ أثقل مما يطيق ظهره أن يحمله دفعة واحدة لو‬
‫شئت أن تؤدى لي خادمة ال خدمة فحسب بل فضال‬
‫أرجو أن تسمحي لي بالعودة الى الملجأ لقد كنت أغرس‬
‫الخس وألمع األرضيات وكانت األيام تمضي ولكن حتى‬
‫بعد مرور ثماني عشرة سنة نصف آخر بالضبط من‬
‫حياتي لم تستطع االيام وهي تنضاف يوما الى يوم من‬
‫أن تصنع هذا الشيء الفتاك الذي تسمونه الماضي‬
‫‪ :‬ولكن يا جاك ‪..‬‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬ال تنديني جاك بعد اآلن لقد فعل أشياء كثيرة جاك هذا ‪،‬‬ ‫جاستون‬
‫اما جاستون أحسن وان لم يكن شخصا موجودا فأنا‬
‫أعرف من هو ولكن جاك هذا الذي أحاطت باسمه جثث‬
‫كل تلك الطيور جاك هذا الذي احتال وآلم ورحل وحده‬
‫الى الحرب دون أن يرافقه الى قطاره مودع جاك هذا‬
‫الذي لم يعرف حتى الحب إنه يخيفني‬
‫‪ :‬ولكن األمر ‪ ،‬يا ولدي ‪..‬‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬اذهبی عني ! لست ولدك‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬أوه ! انك تخاطبني كما في الماضي !‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬أنا ليس لي ماض إني أخاطبك كما أخاطبك اليوم‬ ‫جاستون‬

‫‪59‬‬
‫اذهبی عني !‬
‫‪( :‬تنتصب كما كانت تفعل في الماضي هي أيضا) حسناً‬ ‫مدام رينو‬
‫يا جاك ! لكن عندما يثبت لك اآلخرون أنني أمك فعليك‬
‫أن تأتي لتسألني العفو (تخرج دون أن ترى فالنتين التي‬
‫أصغت إلى العبارات األخيرة من الممر)‬
‫‪( :‬تتقدم بعد مداك رينو) أتقول انه لم يحب أبدا ماذا‬ ‫فالنتين‬
‫تعرف عن ذلك أنت الذي ال تعرف شيئا ؟‬
‫‪( :‬يستعرضها مندهشا) أنت أيضا ‪ ،‬اذهبی عني !‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬لماذا تحدثني هكذا ؟ ماذا بك ؟‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬اذهبی عني ! أنا لست جاك رينو‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬انك تصرخ بهذا كما لو كنت خائفا من أن تكون اياه‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬هذا صحيح الى حد ما‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬اذا كان خوفا فال بأس ان شبح الفتى جاك شبح يكره‬ ‫فالنتين‬
‫المرء ان يتقمصه ‪ ،‬ولكن لماذا البغض وابغاضي أنا ؟‬
‫‪ :‬ال أحب أن تأتي لتبتسمي لي وهو ما لم تكفي عن فعله‬ ‫جاستون‬
‫منذ حللت هنا ‪ ،‬لقد كنت عشيقته‬
‫‪ :‬من اجت أر على أن يقول هذا ؟‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬زوجك (صمت)‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ال بأس ماذا اذا كنت عشيقي واذا كنت وجدتك وأريد أن‬ ‫فالنتين‬
‫أستعيدك هل أنت من السخف بحيث تجد في ذلك ما‬
‫يسوء ؟‬
‫‪ :‬انك تكلمين شخصا يكاد يكون فالحا من فالحي الدانوب‬ ‫جاستون‬

‫‪60‬‬
‫ويا له من دانوب أسود المياه ليس لضفافه اسم انني‬
‫رجل متقدم في السن ولكني أصل إلى الحياة جديد‬
‫الصفحة فأول ما يرتكبه في هذا العالم هو أن يأخذ امرأة‬
‫أخيه ‪ ،‬أخيه الذي كان يحبه ‪ ،‬أخيه الذي أحسن اليه ؟‬
‫‪( :‬برقة) عندما تعارفنا علي بعضنا اثناء االجازة الصيفية‬ ‫فالنتين‬
‫في " دينار " كنت ألعب التنس وأسبح معك أكثر مما‬
‫كنت أفعل مع أخيك وتنزهت على الصخور معك أكثر‬
‫مما تنزهت معه ومعك أنت ‪ ،‬أنت وحدك تبادلت‬
‫القبالت ثم زرت بعد ذلك بيت أمك لالشتراك في بعض‬
‫حفالت الرفاق فبدأ أخوك يحبني ولكنك أنت الذي كنت‬
‫آتي لكي أراه‬
‫‪ :‬ولكنه هو الذي تزوجته مع ذلك ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬كنت طفال وكنت انا يتيمة قاصرة مفلسة أعيش مع خالة‬ ‫فالنتين‬
‫محسنة جعلتني أدفع غاليا ثمن رفض الزواج من بضعة‬
‫خطاب فهل كان على أن أبيع نفسي آلخر بدال من ذلك‬
‫الذي كان يقريني اليك ؟‬
‫‪ :‬هناك في المجاالت النسائية باب يجيب فيه المحرر‬ ‫جاستون‬
‫على هذا النوع من األسئلة‬
‫‪ :‬لقد أصبحت عشيقتك عند عودتنا من رحلة شهر العسل‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬آه ! اننا على ذلك انتظرنا قليال‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬قليال ؟ شهرين ‪ ،‬شهرين فظيعين ثم كانت لنا ثالث‬ ‫فالنتين‬
‫سنين لنا وحدنا ألن الحرب قامت فو ار ورحل جورج في‬

‫‪61‬‬
‫أغسطس وبعد هذه األعوام السبعة عشر يا جاك‬
‫(وضعت يدها على ذراعه فتراجع)‬
‫‪ :‬أنا لست جاك رينو‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬وحتي لو لم تكن هو دعني أتأمل طيف الرجل الوحيد‬ ‫فالنتين‬
‫الذي أحببته (تبتسم ابتسامة صغيرة) أوه ! انك تجعد‬
‫فمك (تحدق في وجهه فيتحرج) أال يوجد في شيء‬
‫يناسب شيئا مما في مخزن بضائعك الترفيهية ‪ ،‬ابتسامة‬
‫‪ ،‬نبرة ؟‬
‫‪ :‬ال شيء‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ال تكن جافا الى هذا الحد مهما يكن جحيما ذلك‬ ‫فالنتين‬
‫الدانوب الذي جئت منه ! أتدري انه شيء خطير بالنسبة‬
‫المرأة قد أحبت أن يأتي يوم بعد غياب ال نهاية له‬
‫فتعثر علي شخصا ان لم يكن عشيقها فهو على األقل‬
‫شبحه الذي يشبهه ادق الشبه حتي في تجعيد الفم الذي‬
‫ال يكاد يالحظه احد‬
‫‪ :‬لعلى اكون شبح دقيق الشبه ولكني لست جاك رينو‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬انظر الى مليا‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬انني أنظر اليك مليا انك فاتنة ولكني لست جاك رينو !‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬هل أنت متأكد من اني ال شيء بالنسبة لك ؟‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬ال شيء‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬اذن فلن تستعيد ذاكرتك أبدا‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬يبلغ بی الحال أن أتمنى ذلك (برهة غير أن القلق‬ ‫جاستون‬

‫‪62‬‬
‫يساوره) ولكن لماذا لن أستعيد ذاكرتي أبدا ؟‬
‫‪ :‬اال تذكر حتي الناس الذين رأيتهم منذ سنتين‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬سنتين ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬متعهدة الكساء متعهدة حلت يوما محل المتعهدة األصلية‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬متعهدة ثياب محل المتعهدة األصلية ؟ (صمت و فجأة‬ ‫جاستون‬
‫يسأل) من أخبرك بتلك القصة ؟‬
‫‪ :‬لم يخبرني أحد کنت بموافقة حماتي على كل حال قد‬ ‫فالنتين‬
‫استعرت هذه الشخصية لكی يباح لي أن أقربك انظر‬
‫الى مليا أيها الرجل الذي فقد الذاكرة ‪..‬‬
‫‪( :‬يجذبها بالرغم منه مضطربا) هل كنت أنت المتعهدة‬ ‫جاستون‬
‫التي لم تمكث اال يوما ؟‬
‫‪ :‬نعم ‪ ،‬كنت أنا‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬ولكنك لم تقولي لي شيئا في ذلك اليوم ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ما كنت أريد أن أقول لك شيئا قبل وصالنا کنت آمل‬ ‫فالنتين‬
‫أنك اذ تنالني تسترد ذاكرتك أتري كما اؤمن بالحب و‬
‫معجزاته‬
‫‪ :‬ولكن بعده ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬بعده عندما هممت بأن أقول لك أتذكر‪ ،‬فوجئنا‬ ‫فالنتين‬
‫‪( :‬يبتسم لهذه الذكرى) آه ! أمين المخازن !‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬أمين المخازن ‪ ،‬نعم ‪.‬‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬و لكن ألم تصرخي في كل مكان انك عرفتني؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬صرخت ولكننا كنا خمسين عائلة نصرخ بذلك‬ ‫فالنتين‬

‫‪63‬‬
‫‪( :‬تعتريه ضحكة عصبية فجأة) أن هذا صحيح يا لي من‬ ‫جاستون‬
‫غبى ! كل الناس تتعرفني ! و هذا ال يثبت باي حال‬
‫من االحوال أنني جاك رينو‬
‫‪ :‬ومع ذلك فانك قد تذكرت متعهدة ثيابك وصرة مالءاتها‬ ‫فالنتين‬
‫الضخمة‬
‫‪ :‬أجل بالتأكيد تذكرتها اني فيما عدا مرضی بفقد الذاكرة‬ ‫جاستون‬
‫عندي ذاكرة قوية ‪.‬‬
‫‪ :‬اال تود أن تأخذ متعهدة ثيابك مرة أخرى بين ذراعيك؟‬ ‫فالنتين‬
‫‪( :‬يدفعها عنه) انتظرى حتى نعرف هل أنا جاك رينو‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬وان كنت أنت جاك رينو ؟‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬أن كنت أنا جاك رينو لن آخذها مرة أخرى بين ذراعي‬ ‫جاستون‬
‫مهما كان الثمن فلست أريد أن أكون عشيق زوجة أخي‬
‫‪ :‬ولكن سبق بالفعل أن كنت كذلك ! ‪..‬‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬كان هذا من زمن طويل وكنت شديد الشقاء في ذلك‬ ‫جاستون‬
‫الحين و اآلن فقد اغتسلت من شبابي‬
‫‪( :‬تطلق ضحكة انتصار صغيرة) ها أنت ذا قد نسيت‬ ‫فالنتين‬
‫متعهدة ثيابك ! ان كنت أنت جاك رينو فمن سنتين فقط‬
‫كنت عشيق زوجة أخيك أنت ‪ ،‬أنت بنفسك ال شابا‬
‫صغي ار عفى عليه الزمان‬
‫‪ :‬لست جاك رينو‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬اسمع يا جاك عليك رغم ذلك أن تتخلى عن البساطة‬ ‫فالنتين‬
‫العجيبة التي يتمتع بها فاقد الذاكرة اسمع يا جاك يجب‬

‫‪64‬‬
‫عليك أن تتقبل نفسك ان حياتنا كلها وما بها من مبادئنا‬
‫األخالقية الكريمة وحريتنا العزيزة انما قوامها في آخر‬
‫األمر هو تقبلنا لنفسنا كما نحن ‪ ،‬هذه األعوام السبعة‬
‫عشر التي قضيتها في الملجأ واحتفظت خاللها بنفسك‬
‫طاهرة نقية انها بالضبط فترة المراهقة مرهقتك الثانية‬
‫التي تنتهي وعليك اآلن أن تصبح رجال من جديد بكل‬
‫ما تفتضيه الرجولة من مهمات ومن افراح و مباهج ومن‬
‫مسرات أيضا تقبل نفسك وتقبلني يا جاك‬
‫‪ :‬أن اضطررت الى ذلك بقيام دليل ما فسوف يكون عليا‬ ‫جاستون‬
‫أن أتقبل نفسي ولكني لن أتقبلك‬
‫‪ :‬ولكنه قد حدث ذلك بالفعل على الرغم منذ سنتين !‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬لن آخذ امرأة أخي‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬متى ستترك عباراتك الضخمة ؟ سوف ترى انك اآلن اذ‬ ‫فالنتين‬
‫تصبح رجال انه ال توجد مشكلة واحدة من مشاكلك‬
‫الجديدة بسيطة بحيث تستطيع ايجازها في صيغة واحدة‬
‫‪ ،‬لقد أخذتني منه نعم ولكنه كان قد أخذني منك أوال‬
‫بكل بساطة لمجرد انه كان رجال مطلق التصرف قبلك‬
‫‪ :‬ثم أن األمر ليس مقصو ار عليك انني لست حريصا على‬ ‫جاستون‬
‫أن أكون قد نهبت سيدات عجائز وهتكت عرض‬
‫خادمات ‪.‬‬
‫‪ :‬أي خادمات ؟‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬واقعة أخرى انني لست حريصا كذلك على أن أكون قد‬ ‫جاستون‬

‫‪65‬‬
‫رفعت يدي على أمي ‪ ،‬أو أي سفاهة من سفاهات‬
‫شبيهي المخيف‬
‫‪ :‬ما أشد تصايحك ! ولكنك فعلت هذا أيضا على وجه‬ ‫فالنتين‬
‫التقريب منذ لحظات‬
‫‪ :‬قلت لسيدة عجوز قاسية القلب اننی أكرهها ولكن هذه‬ ‫جاستون‬
‫السيدة العجوز لم تكن أمی‬
‫‪ :‬بل هي امك يا جاك ! ولهذا السبب تحدثت معها بكل‬ ‫فالنتين‬
‫هذا العنف و ها أنت ترى أنه كان كافيا لك أن تخالط‬
‫ساعة شخصيات ماضيك حتى تستأنف معهم عن غير‬
‫وعى سيرتك القديمة اسمع يا جاك أنا سأصعد الى‬
‫غرفتي ألنك سوف تثور غاضباً اآلن وبعد عشر دقائق‬
‫ستناديني الن ثورة غضبك فظيعة ولكنها ال تدوم أبدا‬
‫أكثر من عشر دقائق ‪.‬‬
‫‪ :‬ومن أدراك ؟ أنت تغيظينني في آخر األمر يبدو عليك‬ ‫جاستون‬
‫أنك تريدين أن توحى الى أنك تعرفينني خي ار مما أعرف‬
‫نفسی‬
‫‪ :‬بكل تأكيد ! ‪ ..‬اسمع يا جاك اسمع هناك دليل قاطع لم‬ ‫فالنتين‬
‫أستطع قط أن أقوله لآلخرين‬
‫‪ :‬لست أصدقك !‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬تبتسم) انتظر فاني لم أقله شيء بعد‬ ‫فالنتين‬
‫‪( :‬يصيح) ال أريد أن أصدقك ‪ ،‬ال أريد أن أصدق أحدا !‬ ‫جاستون‬
‫ال أريد أن يكلمني أحد عن ماضي منذ اآلن‬

‫‪66‬‬
‫‪( :‬تدخل كالزوبعة يتبعها األستاذ هوسبار تختبأ فالنتين‬ ‫الدوقة‬
‫في الحمام) جاستون ‪ ،‬جاستون هذا شيء فظيع ! وصل‬
‫منذ لحظة جماعة من الناس غاضبين مرعدين انهم‬
‫احدى أسرك ! فاضطررت الى أن أستقبلهم لقد غمروني‬
‫بالشتائم اني أدرك اآلن أنني كنت مجنونة حينما‬
‫استهترت باألمر ولم أتبع ترتيب ورود األسماء كما أعلنا‬
‫في الصحف هؤالء الناس يظنون أننا نحرمهم حقوقهم‬
‫سيجعلونها فضيحة ويتهموننا بتهم ال يعلمها اال اهلل !‬
‫‪ :‬أنا على يقين يا سيدتي من أن أحدا لن يجرؤ على‬ ‫هوسبار‬
‫االشتباه فيك‬
‫‪ :‬أال تفهم إذن أن هذه المائتين والخمسين ألف فرنك تعمى‬ ‫الدوقة‬
‫أبصارهم ! انهم يتكلمون عن المحسوبية والمحاباة‬
‫وليس بعد ذلك اال خطوة واحدة ! نحوا ان يزعموا أن‬
‫صغيري ألبير سيقبض مبلغ ضخم من العائلة التي‬
‫ينسب اليها جاستون‬
‫‪( :‬يدخل)عفواً سيدتي الدوقة هناك أشخاص آخرون‬ ‫رئيس الخدم‬
‫يطالبون بمخاطبة األستاذ هوسبار أو جناب الدوقة‬
‫‪ :‬ما اسمهم ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬أعطوني هذه البطاقة التي لم أشأ أن أقدمها مباشرة‬ ‫رئيس الخدم‬
‫لجناب الدوقة ‪ ،‬نظ ار ألنها بطاقة تجارية (يق أر بوقار‬
‫كبير) " محل بوجران زبد وبيض وجبن "‬
‫‪( :‬باحثة في مفكرتها) بوج ارن ؟ قلت بوجران ؟ آنها‬ ‫الدوقة‬

‫‪67‬‬
‫بائعة اللبن !‬
‫‪( :‬يقرع الباب ويدخل) عفواً يا سيدتي ولكن هناك سيد أو‬ ‫الوصيف‬
‫على األصح رجل يطلب سيدتي الدوقة ونظ ار لهيئته‬
‫يجب أن أقول لسيدتي انني لم أجرؤ على ادخاله‬
‫‪( :‬عاكفة على مفكرتها) ما اسمه ؟ " لوجروباتر " أم "‬ ‫الدوقة‬
‫مادينسال " ؟‬
‫‪ " :‬لوجروباتر " يا سيدتي الدوقة‬ ‫الوصيف‬
‫‪ " :‬لوجروباتر " انه وقاد المصابيح ! أدخله بالتعظيم‬ ‫الدوقة‬
‫والتكريم ! لقد جاءوا جميعا في نفس القطار اني أراهن‬
‫على أن آل " مادينسال " سيتبعونهم لقد طلبت "‬
‫بونتوبرون " في التليفون وسأذهب ألحملهم علي‬
‫االنتظار (تخرج مسرعة يتبعها األستاذ هوسبار)‬
‫‪( :‬يتمتم مرهقا) لديكم جميعا األدلة والصور الفوتجرافية‬ ‫جاستون‬
‫كبيرة الشبه وذكريات دقيقة كتفاصيل الجرائم وأسمعكم‬
‫جميعا فأحس بكائن مختلط الجنس يقوم من ورائي شيئا‬
‫فشيئا به بعض من كل ولد من أوالدكم وليس فيهم شيء‬
‫منی ألن أوالدكم ليس فيهم شيء منی (يردد) أنا ‪ ،‬أنا‬
‫اننی موجود أنا برغم من حكاياتكم كلها لقد تحدثت منذ‬
‫لحظة عن البساطة العجيبة التي أتمتع بها في حياة‬
‫المريض بفقدان الذاكرة انك تعبثين حاولي أن تجمعي‬
‫كل الفضائل وكل الرذائل وأن تعلقيها على ظهرك‬
‫‪( :‬وقد عادت عند خروج الدوقة) سيصبح نصيبك منها‬ ‫فالنتين‬

‫‪68‬‬
‫أهون بكثير لو شئت أن تصغي الى دقيقة واحدة يا جاك‬
‫اني أقدم لك تركة مثقلة الى حد ما بال شك ولكنها‬
‫ستبدو لك أخف ألنها ستزيح عنك كل ما عداها هل تود‬
‫أن تستمع لی ؟‬
‫‪ :‬اني أستمع لك ‪..‬‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬اني لم أرك أبدا عاريا أليس كذلك ؟ حسنا ان بجسمك‬ ‫فالنتين‬
‫أثر جرح أثر جرح صغير جدا لم يكتشفه أي طبيب ممن‬
‫فحصوك انا متأكدة من ذلك على مسافة سنتيمترين‬
‫تحت عظمة الكتف اليسرى آنها ضربة بدبوس قبعة‬
‫ولعلك تتخيل كيف كانت األزياء سنة ‪ 9191‬وقد‬
‫أصبتك بها ذات يوم ظننت فيه أنك قد خنتني (تخرج‬
‫يمكث مشدوها لحظة ثم يأخذ ببطء في خلع سترته)‬

‫ستار‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫(السائق والوصيف وقد تسلقا كرسيا في ممر صغير مظلم ينظران من‬
‫فتحة علوية فيه تطل علي الغرفة)‬
‫‪ :‬ايه ! يا خبر ! انه يتعرى ‪..‬‬ ‫الوصيف‬
‫‪( :‬يدفعه ليحتل مكانه) ال يا رجل ؟ البد أنه مجنون ألخر‬ ‫السائق‬
‫درجة هذا الولد ! ماذا يفعل ؟ يبحث عن برغوث ؟‬
‫انتظر ‪ ،‬انتظر ها هو ذا يركب على كرسي ليرى نفسه‬
‫في مرآة المدفأة ‪..‬‬
‫‪ :‬أنت تمزح يركب على كرسي ؟‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬كما أقول لك‬ ‫السائق‬
‫‪( :‬محتال مكانه) أرني هذا ‪ ..‬آه ! يا خبر ! وكل هذا لكي‬ ‫الوصيف‬
‫يرى ظهره اني أقول لك انه مجنون ها هو ذا ينزل لقد‬
‫رأى ما كان يريد أن يراه انه يعيد كرسيه ويجلس عليه‬
‫آه ! يا خبر ! ‪ ..‬مصيبة صحيح !‬
‫‪ :‬ماذا يفعل‬ ‫السائق‬
‫‪( :‬يلتفت مبهوتا) انه يبكي‬ ‫الوصيف‬

‫ستار‬

‫‪70‬‬
‫الفصل اخلامس‬
‫(غرفة جاك خشب النوافذ مغلق والظلمة الضاربة الى الحمرة يخططها‬
‫النور انه الصباح جاستون مضطجع في السرير ناعس رئيس الخدم‬
‫والوصيف منهمكان في إحضار طيور محنطة الى الغرفة ينظمانها حول‬
‫تديرن العمليات من الممر كل شيء يتم‬
‫السرير و الدوقة ومدام رينو ا‬
‫بالتهامس والسير على أطراف األقدام)‬
‫‪ :‬هل نضعها كذلك حول السرير يا جناب الدوقة ؟‬ ‫رئيس الخدم‬
‫‪ :‬نعم ‪ ،‬نعم ‪ ،‬حول السرير بحيث يراها كلها مرة واحدة‬ ‫الدوقة‬
‫بمجرد أن يفتح عينيه‬
‫‪ :‬آه ! ليت منظر هذه الحيوانات الصغيرة يستطيع أن‬ ‫مدام رينو‬
‫يرجعه الي نفسه !‬
‫‪ :‬هذا يمكن أن يؤثر فيه كثي ار‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬كم كان يهوي أن يطاردها ! كان يتسلق األشجار الى‬ ‫مدام رينو‬
‫ارتفاعات شاهقة لكي يضع الصمغ على األغصان‬
‫‪( :‬لرئيس الخدم) ضع أحدها على الوسادة بالقرب منه‬ ‫الدوقة‬
‫جدا على الوسادة ‪ ،‬نعم ‪ ،‬نعم ‪ ،‬على الوسادة‬
‫‪ :‬أال تخشى سيدتي الدوقة أن يصاب بالذعر عندما يرى‬ ‫رئيس الخدم‬
‫هذا الحيوان الصغير بجوار وجهه عندما يستيقظ ؟‬
‫‪ :‬الذعر عنصر ممتاز في حالته يا صديقي ممتاز‬ ‫الدوقة‬
‫جداً (تعود الى مدام رينو) آه ! انا لن أخفي عنك أن‬

‫‪71‬‬
‫القلق ينهشني يا سيدتی ! لقد أمكنني أن أهدیء‬
‫خواطر أولئك الناس أمس بأن قلت لهم ان هوسبار‬
‫وصغيري البير سيكونان هنا في الصباح الباكر ولكن‬
‫من يدري ان كنا سنفلح في التخلص منهم بال خسائر ؟‬
‫‪( :‬يدخل) األسر المرشحة للسيد جاستون قد وصلت االن‬ ‫الوصيف‬
‫يا سيدتي الدوقة‬
‫‪ :‬أترين ! لقد قلت لهم الساعة التاسعة ‪ ،‬وها هم هنا في‬ ‫الدوقة‬
‫التاسعة اال خمس دقائق هؤالء الناس لن يستطيع شيء‬
‫أن يحملهم على التنازل ‪.‬‬
‫‪ :‬إلى أين أدخلتهم يا فكتور ؟‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬الى الصالون الكبير يا سيدتی الدوقة‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬هل جاءوا بنفس عددهم الذي جاءوا به أمس ؟ يا لها‬ ‫الدوقة‬
‫من فكرة فالحين أن يأتوا عي شكل جماعة حتي يكون‬
‫دفاعهم أشد‬
‫‪ :‬بل زاد عددهم يا سيدتي الدوقة‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬زاد ؟ كيف هذا ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬نعم يا سيدتي الدوقة زاد العدد ثالثة فقد انضم اليهم‬ ‫الوصيف‬
‫سيد حسن المظهر يصحب صبيا صغي ار ومربيته‬
‫‪ :‬مربية ؟ أي نوع من المربيات ؟‬ ‫الدوقة‬
‫انجليزية يا جناب الدوقة‬ ‫الوصيف‬
‫‪ :‬آه ! انهم آل مادينسال ! أناس أعتقد أنهم لطفاء ان‬ ‫الدوقة‬
‫الفرع االنجليزي لألسرة هو الذي يطالب بجاستون شيء‬

‫‪72‬‬
‫مؤثر أن يجيئوا هكذا من بعيد للبحث عن أهلهم ‪ ،‬أال‬
‫ترين ذلك ؟ اسأل هؤالء األشخاص أن يصبروا بضع‬
‫دقائق يا صديقي‬
‫‪ :‬ولكن هؤالء الناس جميعا لن يستردوه قبل أن يتكلم‬ ‫مدام رينو‬
‫أليس كذلك يا سيدتي ؟‬
‫‪ :‬ال تخافي يا عزيزتي ان االمتحان بدأ بكم والبد برضاهم‬ ‫الدوقة‬
‫أو بغير رضاهم أن نتمه بالطريقة القانونية وقد وعدني‬
‫صغيری ألبير أن يكون حازما جدا فيما يتعلق بهذه‬
‫النقطة ولكننا من ناحية أخرى مضطرون الى معاملتهم‬
‫بكثير من اللباقة لكي نتجنب أقل فضيحة‬
‫‪ :‬يخيل الي أنك تبالغين في تقدير خطره مثل هذه‬ ‫مدام رينو‬
‫الفضيحة يا سيدتي‬
‫‪ :‬عليك ان تصححي هذه الفكرة يا سيدتي ! ان الصحافة‬ ‫الدوقة‬
‫اليسارية تتربص لصغيري ألبير أنا أعرف ذلك جيداً‬
‫فان لي جواسيس وهؤالء الناس سيهجمون على هذه‬
‫الفضيحة كما تهجم الكالب المسعورة على جثة وهذا‬
‫شيء ال أستطيع أبداً أن أسمح به مهما كانت رغبتي‬
‫في أن آری جاستون ينضم الي أسرة لطيفة و يا‬
‫عزيزتي كما أنك أم فأنا عمة قبل كل شيء (تضغط‬
‫على ذراعها) ولكن صدقيني ان قلبي يتحطم مثلك من‬
‫جراء ما قد يترتب علي هذا االمتحان من آالم وعذاب‬
‫(يمر الوصيف بالقرب منها ومعه سناجيب محنطة‬

‫‪73‬‬
‫تتبعه بعينيها) اال ما أجمل جلد السنجاب ! كيف لم‬
‫تخطر ألحد فكرة صنع المعاطف منه ؟‬
‫‪( :‬مشدوهة) لست أدري‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬البد ألنه أصغر من الالزم‬ ‫الوصيف‬
‫‪( :‬الذي يراقب الباب) انتبهوا لقد تحرك سيدی !‬ ‫رئيس الخدم‬
‫‪ :‬قبل كل شيء يجب أال نظهر انفسنا (لرئيس الخدم)‬ ‫الدوقة‬
‫أفتح النوافذ (النور يغمر الغرفة يفتح جاستون عينيه‬
‫ويرى شيئا ما بجانب وجهه فيتراجع وينتصب جالسا)‬
‫‪ :‬ما هذا ؟ (يرى نفسه وسط بنات عرس وظربي‬ ‫جاستون‬
‫وسناجيب محنطة فيحملق ويصيح) ما هذه الحيوانات‬
‫كلها ؟ ماذا تريده منی ؟‬
‫‪( :‬يتقدم) انها محنطة يا سيدی انها الحيوانات الصغيرة‬ ‫رئيس الخدم‬
‫التي كان سيدی يلهو بقتلها أال يذكرها سيدی ؟‬
‫‪( :‬يصيح بصوت أجش) أنا لم أقتل حيوانات ابدا !‬ ‫جاستون‬
‫(ينهض فيهرع اليه الوصيف حامال رداءه المنزلي‬
‫ويدلفان الى الحمام ولكن سرعان ما يخرج جاستون‬
‫ويعود الى الحيوانات) كيف كان يأتي بها ؟‬
‫‪ :‬إال يتذكر سيدي الفخاخ المصنوعة من الصلب التي‬ ‫رئيس الخدم‬
‫كان يتأنى في اختيارها من الكتاب المصور التي كانت‬
‫تعرض منتجات " مصنع أسلحة وعجالت سانت اتيين "‬
‫وكان سيدي يفضل استخدام الصمغ الصطياد بعض‬
‫الحيوانات‬

‫‪74‬‬
‫‪ :‬و هل كان يجدها وهي ما زالت حية ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬لم تكن في الغالب قد ماتت فكان سيدي ينجز حياتها‬ ‫رئيس الخدم‬
‫بسكين الصيد الخاصة كان سيدی بارعا جدا في ذلك‬
‫‪( :‬بعد صمت) ماذا يمكن لإلنسان أن يفعل بهذه‬ ‫جاستون‬
‫الحيوانات الميتة ؟ (تصدر عنه حركة يمنعها الخزي‬
‫من أن ان تكون مداعبة لها ويشرد ذهنه لحظة) اي‬
‫مداعبة تصلح لهذه الجلود المشدودة المجففة ؟ سأذهب‬
‫أللقى ثمر البندق وقطع الخبز لسناجيب غيرها كل يوم‬
‫وسأحرم حيثما كانت األرض ملكی أن يتعرض امرؤ‬
‫بأخف أذى لبنات عرس ولكن كيف اعزي هذه‬
‫الحيوانات عن الليل الطويل الذي قضته في األلم‬
‫والخوف دون أن تفهم وقد أمسك برجلها هذا الفخاخ‬
‫التي ال ترحم؟‬
‫‪ :‬أوه ! ال يجب أن يتألم سيدى الى هذا الحد ليس أمر‬ ‫رئيس الخدم‬
‫هذه الحيوانات الصغيرة باألمر الخطير ثم انه شيء قد‬
‫انقضى اآلن على كل حال‬
‫‪( :‬يردد) انه شيء قد انقضى فعالً حتى لو كانت لي‬ ‫جاستون‬
‫القدرة على أن أجعل كل الحيوانات الصغيرة في‬
‫الغابات سعيدة الى األبد فقد قلتها انه شيء قد‬
‫انقضى(ينصرف نحو الحمام قائال) لماذا ال ألبس‬
‫الرداء المنزلي الذي لبسته أمس ؟‬
‫‪ :‬هذا أيضا من مالبس سيدى فقد أوصتني سيدتی أن‬ ‫رئيس الخدم‬

‫‪75‬‬
‫أجعل سيدی يجرب مالبسه جميعاً علي آمل أن يتعرف‬
‫سيدي علي واحدا منها‬
‫‪ :‬و ماذا في جيوب هذا الرداء ؟ أهي ذكريات مثل‬ ‫جاستون‬
‫األمس؟‬
‫‪( :‬وهو يتبعه) ال يا سيدی هذه المرة کرات نفتالين (أعيد‬ ‫رئيس الخدم‬
‫أغالق باب الحمام تخرج الدوقة ومدام رينو من‬
‫مخبئهما و تصدر عنه حركة قبل أن يخرج) أظن ان‬
‫سيدتی استطاعت أن تسمع كل شيء وال اظن ان‬
‫سيدی قد تعرف علي شيء‬
‫‪( :‬ساخطة) كأنه يتعمد هذا حقا‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬لو كان االمر كذلك فصدقينی اني سوف اكلمه بلهجة‬ ‫الدوقة‬
‫شديدة جدا ولكني أخشى لسوء الحظ أن يكون األمر‬
‫أخطر من ذلك‬
‫‪( :‬داخال) ترى هل استيقظ ؟‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬نعم ولكن مؤامرتنا الصغيرة لم تنتج شيئا ‪.‬‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬الحت عليه دهشة أليمة لرؤية جثث تلك الحيوانات و‬ ‫مدام رينو‬
‫هذا كل شيء‬
‫‪ :‬هل تسمحان بأن تترکانی لحظة سأحاول التحدث اليه‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬عسي ان توفق يا جورج ! أما أنا فقد بدأت أفقد األمل‬ ‫مدام رينو‬
‫‪ :‬ال يجب يا أماه ال يجب بل بالعكس يجب التمسك‬ ‫جورج‬
‫باألمل حتى النهاية األمل في وجه كل االدلة و‬
‫البراهين‬

‫‪76‬‬
‫‪( :‬في شيء من الحنق) أن سلوكه متعب حقا أتريد‬ ‫مدام رينو‬
‫الصراحة ؟ يبدو لي أنه يعاندني كما كان يفعل في‬
‫الماضي‬
‫‪ :‬ولكنه لم يتعرف عليك حتي‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬أوه ! كم كان شرس الخلق ! فلماذا يتغير خلقه سواء‬ ‫مدام رينو‬
‫أكان فقد الذاكرة أو لم يفقدها ؟‬
‫‪( :‬وهي تنصرف معها) أعتقد أنك تبالغين في الشعور‬ ‫الدوقة‬
‫بعدائه لك يا سيدتي و ليس لى أن أعطيك نصيحة‬
‫على أي حال ولكني أريد أن أقول لك اني أجد طريقتك‬
‫في التصرف معه طريقة باردة الى حد ما أكثر مما‬
‫يجب انك أم يا للشيطان ! اظهري الحزن ارتمى عند‬
‫قدميه و اصرخی‬
‫‪ :‬أن أعز مرادی ان أرى جاك يستعيد مكانه هنا يا‬ ‫مدام رينو‬
‫سيدتی ولكني ال أستطيع حقا أن أذهب الى ذلك المدى‬
‫وخاصة بعد الذي جرى‬
‫‪ :‬خسارة فأنا متأكدة من أن هذا كان سيهزه بشدة أما أنا‬ ‫الدوقة‬
‫فلو حاولوا أن يأخذوا مني صغيري ألبير فاني أحس‬
‫بأنني سأصبح عند اذن مخيفة كالوحش الضاري هل‬
‫رويت لك أنني عندما رسب في البكالوريا تعلقت بلحية‬
‫عميد الكلية ؟ (خرجتا)‬
‫‪( :‬طرق جورج باب الغرفة ثم دخل في حياء) هل‬ ‫جورج‬
‫أستطيع أن أكلمك يا جاك ؟‬

‫‪77‬‬
‫ص‪ .‬جاستون ‪( :‬من الحمام) من هذا الذي جاء أيضا ؟ لقد طلبت أال‬
‫يأتي أحد أفال أستطيع حتى أن أستحم دون أن‬
‫تالحقوني باألسئلة او دون أن تقذفوني بالذكريات في‬
‫وجهی ؟‬
‫‪( :‬وهو يوارب الباب) سيدی في الحمام يا سيدی‬ ‫الوصيف‬
‫(لجاستون الذي ال نراه) انه سيدی جورج يا سيدی‬
‫‪( :‬وما زال متجهما ولكنه أرق) آه ! أهذا أنت يا جورج ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬للوصيف) اتركنا لحظة يا فيكتور (يخرج يقترب جورج‬ ‫جورج‬
‫من الباب) أسألك العفو يا جاك انني أدرك فعال أننا‬
‫نزعجك بتوالي حكاياتنا عليك ولكن الذي أريد أن أقوله‬
‫لك شيء مهم مع ذلك اذا لم يكن حديثي يضايقك فوق‬
‫ما تطيق فانی أود أن تسمح لي‬
‫‪( :‬من الحمام) أي قذارة أخرى وجدتها في ماضي أخيك‬ ‫جاستون‬
‫وتريد ان تلصقها بي؟‬
‫‪ :‬ليست قذارة هذه المرة يا جاك بالعكس انها أفكار ‪،‬‬ ‫جورج‬
‫أفكار أود أن أفضى بها اليك اذا سمحت (يتردد هنيهة‬
‫ثم يبدأ) اتعرف يا جاك أن المرء بطبيعته يظن ان كل‬
‫شيء مباح له بحجة انه امين وشريف و انه كان كذلك‬
‫طوال حياته و انه لم يفعل شيء سيء ابداً وهو ما‬
‫ابسط فعله بالنسبة للبعض فيتحدث المرء لآلخرين من‬
‫اعالي سماءه ويوجه اللوم و يتشاكى (يسأل فجأة)‬
‫ألست ناقما على بسبب ما حدث أمس ؟ (يصدر‬

‫‪78‬‬
‫الجواب في تجهم كالجواب السابق ومتأخ ار هنيهة كأنه‬
‫يصدر على مضض)‬
‫‪ :‬لماذا ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬بسبب كل ما رويته لك وبالغت فيه وقد وضعت نفسي‬ ‫جورج‬
‫في موضع الفريسة بسبب هذا النوع من االبتزاز لعطفك‬
‫تحت تأثير حكايتی من التعسة (نسمع ضجة في‬
‫الحمام وينهض جورج مذعورة) انتظر ‪ ،‬انتظر ‪ ،‬ال‬
‫تخرج من الحمام االن ودعني اكمل ما بدأته فانا أفضل‬
‫هذا فاذا رأيتك أمامي سأستأنف الظهور بمظهر األخ‬
‫ولن استطيع ان اخبرك بما في نفسي ‪ ،‬لقد أمعنت‬
‫التفكير فما قلته لك باألمس ‪ ،‬أن الذي حدث كان شيئا‬
‫فظيعا بكل تأكيد ولكنك كنت طفال و كذلك هي أيضا‬
‫كانت طفلة أليس كذلك ؟ ثم انه في " دينار " قبل‬
‫زواجنا كانت تحب التنزه معك انت وليس انا ولعلكما‬
‫كنتما تتبادالن الحب من قبل وأنتما كالصبية المساكين‬
‫الذين ال يستطيعون ان يفعلوا شيئا ثم حللت أنا بينكما‬
‫بحذائي الغليظ ووظيفتي وسنی ولعبت دور الخطيب‬
‫الجاد والبد أن خالتها قد دفعتها الى قبول طلبي ‪،‬‬
‫الخالصة أن الذي فكرت فيه هو أنه لم يكن لي الحق‬
‫في أن أوجه اليك لوم ابداً وانا أسحبه کل شيء (يهوى‬
‫جالسا وقد استنفد قواه يخرج جاستون من الحمام‬
‫فيذهب اليه في وداعة ويقول واضعا يده على كتفه)‬

‫‪79‬‬
‫‪ :‬كيف استطعت أن تحب الى هذا الحد ذلك الولد النذل‬ ‫جاستون‬
‫ذلك الولد الشرس ؟‬
‫‪ :‬وماذا تريد أن أفعل ؟ لقد كان أخي‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬لم يفعل شيء مما يفعله االخوة األخ لقد سلبك وخانك‬ ‫جاستون‬
‫لو ان اصدق اصدقائك عاملك على هذا النحو لكنت‬
‫كرهته‬
‫‪ :‬الصديق شيء آخر أما هو فقد كان أخي‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬فكيف تستطيع أن تتمنى عودته بين زوجتك وبنيك حتي‬ ‫جاستون‬
‫لو تقدمت به السن و تغير طبعه ؟‬
‫‪( :‬ببساطة) وماذا تريدني أن أفعل ؟ حتي لو كان سفاحا‬ ‫جورج‬
‫فهو من األسرة ومكانه في األسرة‬
‫‪( :‬يردد بعد برهة) هو من األسرة ومكانه في األسرة ما‬ ‫جاستون‬
‫أبسط هذا ! (يقول لنفسه) كان يظن نفسه صالحا وهو‬
‫ليس بصالح فاضال ولم يكن فاضال ابداً ولكنه وحيدا‬
‫في الدنيا وح ار علي الرغم من جدران الملجأ ولكن الدنيا‬
‫تعمرها كائنات قدم لها رهونا وما زالت تنتظره وأدنى‬
‫حركاته ال يمكنها أن تكون اال امتدادا لحركات كان‬
‫يأتي بها قديما ما أبسط هذا ! (يشد ذراع جورج بعنف)‬
‫لماذا جئت تحكي لي حكايتك فوق هذا كله ؟ لماذا‬
‫جئت تقذف في وجهي بعطفك ؟ حتي يكون األمر‬
‫أبسط مما أصبح عليه بال شك ؟ (هوى جالسا على‬
‫السرير مرهقا بشكل غريب) لقد كسبت‬

‫‪80‬‬
‫‪( :‬مسلوب الخاطر) ولكن يا جاك لست أفهم لومك لقد‬ ‫جورج‬
‫جئت أحدثك هذا الحديث صدقني كان هذا فقط ألشيع‬
‫شيئا من الدفء في هذه الوحدة التي البد لنك أحسست‬
‫بها حولك منذ أمس‬
‫‪ :‬لم تكن هذه الوحدة أسوء أعدائي‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬لعلك تفاجأت ببعض نظرات الخدم وحرجا من الذين‬ ‫جورج‬
‫هما حولك و مع ذلك ال يجب أن تعتقد أنه لم يكن‬
‫يحبك أحد ‪ ،‬أن أمي ‪(..‬ينظر اليه جاستون فيضطرب)‬
‫ثم على أي حال أنا كنت احبك جداً‬
‫‪ :‬وفيما عداك ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬طبعا (يتحرج) مهما يكن ‪ ..‬فالنتين بال شك‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬كانت تعشقني لم يكن هذا حب بأي حال من االحوال ‪،‬‬ ‫جاستون‬
‫ليس هناك سواك‬
‫‪( :‬يطأطئ رأسه) نعم ربما‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬ولماذا ؟ ال استطيع أن أفهم لماذا ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬في وداعة) ألم تحلم في حياتك بصديق كان في أول‬ ‫جورج‬
‫األمر صبيا صغي ار تمسكه من يده وتخرج به الى النزهة‬
‫؟ أنت يا من تحب الصداقة تأمل هذه النعمة ‪،‬صديق‬
‫جديد يأخذ عنك سر حروف الهجاء األولى وسر‬
‫ضربات القدم األولى وهو يركب الدراجة وسر حركات‬
‫الذراعين األولى ليسبح في الماء صديق هش رقيق‬
‫يحتاج اليك طول الوقت حتي تدافع عنه‬

‫‪81‬‬
‫‪( :‬بعد برهة) هل كنت صغي ار جدا عندما توفي والدك ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬كنت في الثانية من عمرك‬ ‫جورج‬
‫‪ :‬وأنت ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬في الرابعة عشرة كان على أن أعتني بك فقد كنت‬ ‫جورج‬
‫صغي ار جدا (بعد برهة يقول له عذره الحقيقي) لقد‬
‫كنت دائما صغي ار جدا بالنسبة لكل شيء بالنسبة للمال‬
‫الذي أعطيناك اياه قبل األوان كالسفهاء بالنسبة لشدة‬
‫أمي وبالنسبة لضعفي أنا أيضا بالنسبة لسوء تصرفي ‪،‬‬
‫هذه الكبرياء وهذا العنف اللذان كنت تصارعهما وأنت‬
‫في الثانية من عمرك تلك كانت وحوش انت منها بريء‬
‫وكان علينا نحن أن ننقذك منهما و لكننا عجزنا عن‬
‫فعل ذلك بل اتهمناك و تركناك ترحل وحدك الى‬
‫الميدان ببندقيتك وکيسك وعلبة قناعك الواقي والبد أنك‬
‫كنت جنديا ضئيال جدا على رصيف المحطة !‬
‫‪( :‬يهز كتفيه) أظن أن اولئك الجنود ذوي الشوارب‬ ‫جاستون‬
‫الغليظة والوجوه الرهيبة انما كانوا جنودا ضئاال ايضاً و‬
‫كان سيطلب منهم بعد قليل شيء أكبر من قواهم‬
‫‪( :‬يصيح ويكاد يتأوه) نعم ولكنك أنت كنت في الثامنة‬ ‫جورج‬
‫عشرة ! وبعد أن يتباهى الغزاة بلغاتهم الميتة وحياتهم‬
‫المزخرفة بالنياشين كان أول شيء سيفرضه عليك‬
‫الرجال هو أن تنظف الخنادق بسكين المطبخ‬
‫‪( :‬تند عنه ضحكة ناشزة) وماذا بعد ؟ يبدو لي ان‬ ‫جاستون‬

‫‪82‬‬
‫الموت هو اول صلة مدهشة بالحياة يعرفها احد الشبان‬
‫‪( :‬يظهر) سيدتي الدوقة ترجو سيدي أن يتفضل باللحاق‬ ‫رئيس الخدم‬
‫بها في الصالون الكبير بمجرد أن يتم استعداده‬
‫‪( :‬نهض) اني أتركك ولكن ارجوك بالرغم من كل ما قيل‬ ‫جورج‬
‫ال تكرهه كثي اًر جاك هذا اعتقد أنه كان في اعماقه ولدا‬
‫مسكيناً (يخرج يمكث رئيس الخدم مع جاستون‬
‫ويساعده في ارتداء مالبسه)‬
‫‪( :‬يسأله فجأة) يا رئيس الخدم ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬نعم يا سيدي ؟‬ ‫رئيس الخدم‬
‫‪ :‬ألم تقتل في حياتك شخصا ما ؟‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ال شك ان سيدی يريد أن يمزح سيدی انت تدرك جيدا‬ ‫رئيس الخدم‬
‫أنني لو كنت قتلت شخصا ما لما بقيت في خدمة‬
‫سيدتي‬
‫‪ :‬وال حتي في اثناء الحرب ؟ في مواجهة فجائية وأنت‬ ‫جاستون‬
‫تقفز داخل مخبأ أثناء موجة الهجوم الثانية ؟‬
‫‪ :‬لقد حاربت برتبة صول في مهمات المالبس ويجب أن‬ ‫رئيس الخدم‬
‫أقول لسيدي اننا في وكالة المهمات لم تسنح لنا الفرص‬
‫الكافية لالشتراك في الحرب‬
‫‪( :‬جامدا شاحبا جدا ووديعا جدا) ما أسعد حظك يا‬ ‫جاستون‬
‫رئيس الخدم ! ألنه شعور رهيب أن تقوم بقتل انسان‬
‫لكي تنجو بحياتك‬
‫‪( :‬يتساءل أيجب عليه أن يضحك أم ال) انك تعبر يا‬ ‫رئيس الخدم‬

‫‪83‬‬
‫سيدي عن ذلك تعبي اًر حسن ‪ ،‬بالطبع شعور رهيب ! ال‬
‫سيما بالنسبة للمقتول‬
‫‪ :‬انك تخطيء يا رئيس الخدم المسألة كلها مسألة خيال‬ ‫جاستون‬
‫والمقتول في أغلب األحيان أقل خياال من القاتل (برهة)‬
‫و أحيانا ال يكون المقتول اال مجرد خيال في حلم من‬
‫احالم القاتل‬
‫‪ :‬في هذه الحالة أظن أنه ال يتعذب كثي ار يا سيدی‬ ‫رئيس الخدم‬
‫‪ :‬ولكن القاتل على العكس يحظى بعذاب األثنين معاً ‪،‬‬ ‫جاستون‬
‫هل تحب الحياة يا رئيس الخدم ؟‬
‫‪ :‬مثل كل واحد يا سيدی‬ ‫رئيس الخدم‬
‫‪ :‬تصور أنك لكي تحتفظ بالحياة يجب عليك أن تقذف‬ ‫جاستون‬
‫بشاب الي العدم الي االبد ‪ ،‬شاب في الثامنة عشرة من‬
‫عمره شاب صغي ار و متكب ار ودنيئا ولكنه مع ذلك شاب‬
‫مسكين و بفعلك ذلك سوف تصبح ح ار وتفوز بأعظم‬
‫حرية يتمتع بها انسان في الدنيا ‪ ،‬و ليس امامك اختيار‬
‫فهذا هو السبيل الوحيد للوصول للحرية ان تترك خلفك‬
‫هذه الجثة الصغيرة البريئة ‪ ،‬فماذا تفعل ؟‬
‫‪ :‬أعترف لسيدي بأنني لم أسأل نفسي هذا السؤال أبداً‬ ‫رئيس الخدم‬
‫ولكن يجب أن أقول أيضا انه اذا صدقنا ما يقال في‬
‫الروايات البوليسية ال ينبغي قط أن يترك المرء الجثة‬
‫خلفه‬
‫‪( :‬فجأة ينطلق ضاحكا) ولكن اذا لم يكن يستطيع أن‬ ‫جاستون‬

‫‪84‬‬
‫يرى الجثة احداً ابداً غير القاتل ؟ (يذهب نحوه‬
‫ويتلطف) انظر يا رئيس الخدم لقد انتهى األمر والجثة‬
‫هنا تحت قدميك هل تراها ؟‬
‫‪ :‬تحت قدمي ! (ينظر رئيس الخدم الى قدميه ويثب‬ ‫رئيس الخدم‬
‫وثبة الى جانبه وينظر حوله ثم يفر مذعو ار بأقصى‬
‫سرعة يسمح بها الوقار وتظهر فالنتين على الفور في‬
‫الممر انها تجري الى الغرفة)‬
‫‪ :‬ما هذا الذي يقوله جورج ؟ ألم تقل لهم شيئا بعد ؟ لم‬ ‫فالنتين‬
‫أشأ أن أكون أول الداخلين الى غرفتك هذا الصباح‬
‫ولكني كنت أعتقد أنهم سوف يندونني حتى اسمع‬
‫االخبار السارة لماذا لم تقل لهم ؟ (جاستون ينظر اليها‬
‫دون أن يقول شيئا) تكلم و ال تدفعني للجنون ! أثر‬
‫الجرح الذي اخبرتك عنه باألمس لقد رأيته في المرآة‬
‫انني واثقة من هذا !‬
‫‪( :‬بوداعة دون أن يكف عن النظر اليها) لم أر أي أثر‬ ‫جاستون‬
‫لجرح‬
‫‪ :‬ماذا تقول ؟‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬أقول انني نظرت بانتباه شديد الى ظهري وانني لم أر‬ ‫جاستون‬
‫أي أثر لجرح البد أنك أخطأت‬
‫‪( :‬تنظر اليه لحظة مذهولة ثم تفهم وتصيح فجأة) أوه !‬ ‫فالنتين‬
‫فهمت ‪ ،‬أني أكرهك ! أكرهك !‬
‫‪( :‬هادئا جدا) أظن أن هذا أفضل‬ ‫جاستون‬

‫‪85‬‬
‫‪ :‬أو تدرك مجرد ادراك ما تقوم به اآلن ؟‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬نعم اني أقوم اآلن برفض ماضي وشخصياته بما فيهم‬ ‫جاستون‬
‫أنا ربما کنتم أسرتی وغرامياتی وقصتي الحقيقية نعم‬
‫ولكن هناك شيء وهو أنكم ال تعجبونني اني أرفضكم‬
‫‪...‬‬
‫‪ :‬انك مجنون ! انت وحش ! ال يستطيع االنسان أن‬ ‫فالنتين‬
‫يرفض ماضيه ال يستطيع االنسان أن يرفض نفسه‬
‫‪ :‬انني االنسان الوحيد بال شك الذي منحه القدر الفرصة‬ ‫جاستون‬
‫السانحة لتحقيق ذلك الحلم الذي يراود كل انسان انني‬
‫رجل وفي استطاعتي اذا شئت أن أكون جديدا كطفل !‬
‫وهذا امتياز أرى من األجرام اال أنتفع به اني أرفضكم و‬
‫منذ أمس الذي ليس لدي اال فيض من أشياء عني‬
‫ينبغي أن أنساها‬
‫‪ :‬وحبي أنا ماذا تفعل به ؟ اهو ايضا من االشياء التي‬ ‫فالنتين‬
‫تريد ان تنساها‬
‫‪ :‬لست أرى منه في هذه اللحظة اال البغض الذي يمأل‬ ‫جاستون‬
‫عينيك وهذا بال شك وجه من وجوه الحب ال يندهش له‬
‫سوى شخص فقد الذاكرة ! و على كل حال انه مريح‬
‫جدا ولست أريد أن أرى وجها غيره انني عاشق ال‬
‫يعرف حب عشيقته عاشق ال يتذكر القبلة األولى وال‬
‫الدمعة األولى عاشق ليس سجين ألي ذکری وسوف‬
‫ينسى غدا كل شيء و هذه أيضا فرصة نادرة و اني‬

‫‪86‬‬
‫أنتهزها‬
‫‪ :‬واذا صرخت في كل مكان بأنني قد تعرفت علي أثر‬ ‫فالنتين‬
‫ذلك الجرح ؟‬
‫‪ :‬لقد تدبرت هذا الفرض فمن ناحية الحب فأعتقد أن‬ ‫جاستون‬
‫فالنتين القديمة كانت قد تفعل ذلك في الماضي و لكن‬
‫االن هي عاقلة و حذرة تخشي علي مكانتها االجتماعية‬
‫المرموقة اما من الناحية القانونية أنت زوجة أخي‬
‫وتدعين أنك عشيقتي فأي محكمة يمكنها أن تقبل اتخاذ‬
‫مثل ذلك القرار الخطير استنادا الى خلط مريب في‬
‫الفراش الذي ال يستطيع احداً غيرك التكلم عنه‬
‫‪( :‬شاحبة تضغط فكيها) حسنا لك أن تتباهى ولكن ال‬ ‫فالنتين‬
‫تعتقد أن سلوكك مما يستغرب صدوره عن رجل بصرف‬
‫النظر عن كالمك الفارغ حول فقد ذاكرتك بل انني‬
‫متأكدة من أنك في ق اررة نفسك فخور بحركتك هذه كم‬
‫يروق لكبرياء الرجل أن يرفض امرأة انتظرته كل هذا‬
‫الوقت الطويل ! ما دام األمر كذلك أسألك أن تغفر لي‬
‫ما سأسببه لك اآلن من ألم فانك ال تعلم أنه كان لى‬
‫عشاق آخرون منذ الحرب‬
‫‪( :‬يبتسم) شك ار هذا ال يؤلمني ‪( ..‬في الممر يظهر‬ ‫جاستون‬
‫رئيس الخدم والوصيف من اشاراتهما نفهم أنهما رأيا‬
‫من األفضل أن يكونا أثنين لمواجهة جاستون)‬
‫‪( :‬على الباب) جناب الدوقة ديبون – ديفور رجتني أن‬ ‫الوصيف‬

‫‪87‬‬
‫أقول لسيدي أن يتعجل فيتفضل باللحاق بها في أقرب‬
‫فرصة في الصالون الكبير ألن عائالت سيدی قد نفد‬
‫صبرها (جاستون لم يتحرك يتوارى الخادمان)‬
‫‪( :‬تنفجر ضاحكة) عائالتك يا جاك ! آه ! ما اعبي‬ ‫فالنتين‬
‫ذلك أريد أن أضحك ألن هناك شيئا تنساه وهو أنك اذا‬
‫رفضت أن تأتي معنا فسيجب عليك أن تذهب مع هذه‬
‫العائالت رضيت أم كرهت سيجب أن تذهب لتنام في‬
‫فراش ابنهم الميت وأن تلبس مالبسه الداخلية ومركوبه‬
‫القديم الذي احتفظوا به في وفاء وتقديس عائالتك قد‬
‫نفد صبرها هيا تعال أنت يا من تخاف من ماضيك هذا‬
‫الخوف تعال انظر الى وجوه هؤالء الناس الفالحين‬
‫تعال واسأل نفسك أي أنواع لديهم من الماضي‬
‫يعرضونها عليك ‪ ،‬ماضي مليء بالحسابات الصغيرة‬
‫والبخل‬
‫‪ :‬يصعب عليهم ان يفعلوا اسوء مما فعلتم علي أي حال‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬أتظن ذلك؟ تلك الخمسمائة ألف فرنك التي جاءت بها‬ ‫فالنتين‬
‫عن طريق النصب وأنفقتها في اللهو والعربدة سوف‬
‫تبدو لك شيئا تافها حقا بجانب حكايات اخري عن‬
‫مشاحنات على شبر من األرض وتقتير الدخار المالليم‬
‫هيا تعال ما دمت ال تريدنا فانت مدين بنفسك اآلن‬
‫لألسر األخرى تعال ! لما ال تحرك‬
‫‪( :‬تريد أن تجره فيقاوم) ال لن أذهب‬ ‫جاستون‬

‫‪88‬‬
‫‪ :‬آه ؟ وماذا ستفعل ؟‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬سأرحل‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬إلى أين ؟‬ ‫فالنتين‬
‫‪ :‬يا له من سؤال ! الى أي مكان‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬تلك اجابة شخص فقد الذاكرة وأما نحن الذين احتفظنا‬ ‫فالنتين‬
‫بذاكرتنا فنعرف أن اإلنسان مضطر دائما الى أن يختار‬
‫اتجاها معينا وال يستطيع ان يبتعد أبدا الى أبعد من‬
‫المسافة التي تحددها له ثمن تذكرته فاذا كانت لديك‬
‫نقود ينفتح العالم أمامك ! ولكنك ال تملك مليما في‬
‫جيبك فماذا ستفعل ؟‬
‫‪ :‬سأحبط تقديراتكم سأسافر ماشيا عبر الحقول‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬أتشعر أنك تملك كل هذه الحرية لمجرد ألنك تخلصت‬ ‫فالنتين‬
‫منا ؟ ولكنك في نظر الشرطة لست اال مجنونا هاربا‬
‫من ملجأ سوف يقبضون عليك‬
‫‪ :‬سأكون بعيدا اني سريع المشي جدا‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬تصرخ في وجهه) أتظن أنني لن اصرخ باعلي صوتي‬ ‫فالنتين‬
‫اذا خطوت خطوة واحدة خارج هذه الغرفة ؟ (ذهب‬
‫فجأة الى النافذة) انك مضحك فالنافذة عالية جدا وليس‬
‫هذا حال (التفت نحوها كحيوان مطارد تنظر اليه‬
‫وتخاطبه برقة) ربما سوف تتخلص منا ولكنك لن‬
‫تتخلص من عادة نقل أفكارك واحدة بعد األخرى الى‬
‫عينيك ال يا جاك حتى ولو قتلتني لتكسب ساعة‬

‫‪89‬‬
‫تنتهزها في الفرار فسوف يقبض عليك (طأطأ رأسه وقد‬
‫الذ بركن من الغرفة) ثم و انك تعلم حق العلم أنني‬
‫لست أنا وحدي التي أطاردك وأريد استبقاءك بل كل‬
‫النساء وكل الرجال حتى الموتى ال توجد فرصة للهرب‬
‫من كل هؤالء يا جاك وسواء شئت أم لم تشأ سيجب‬
‫عليك أن تنتمي الى شخص ما أو أن تعود الى ملجئك‬
‫‪( :‬بصوت مكتوم) اذن سأعود الى ملجئ‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬انك تنسي أنني كنت متعهدة الثياب طيلة يوم کامل في‬ ‫فالنتين‬
‫ملجئك ! وأنني رأيتك تعزق الخس كالمزارعين ولكني‬
‫رأيتك أيضا تساعد في تفريغ المباول وغسل االنية و ان‬
‫الممرضين كانوا ينهرونك عندما تطلب اليهم قليالً من‬
‫التبغ لغليونك و انت هنا تتكبر علينا و تسيء حديثنا‬
‫وته أز بنا ولكنك مع غيرنا لست اال ولدا صغي ار عاج از‬
‫ال حق له في أن يخرج وحده وعليه أن يختبئ في‬
‫المراحيض لكی يدخن‬
‫‪( :‬تصدر عنه حركة) اذهبی عنى اآلن لم يعد لدى أدنى‬ ‫جاستون‬
‫أمل لقد أديت دورك (خرجت دون أن تنطق بكلمة‬
‫جاستون يمكث وحده فيجيل نظرة مرهقة في الغرفة‬
‫ويقف أمام الخزانة ذات المرأة وينظر الى صورته‬
‫مليا) يا للسماء ! لم يعد لي من مخرج لن استطيع ابداً‬
‫التخلص من هذا الماضي الكريه وال هذه الشخصية‬
‫األخرى التي ابغضها(فجأة يتناول شيئا مما على‬

‫‪90‬‬
‫المائدة بجواره دون أن يحول بصره عن صورته‬
‫وبأقصى عزمه يقذف به المرأة التي تتهشم وتهوي‬
‫قطعا ثم ينصرف فيجلس على السرير ورأسه في‬
‫راحتيه صمت ثم يبدأ برفق عزف موسيقى حزينة في‬
‫أولها ثم تتحول شيئا فشيئا بالرغم من جاستون‬
‫وبالرغم منا الى موسيقي مرحة بعد انقضاء برهة يفتح‬
‫غالم صغير قد ارتدی زی " كلبة ايتون " باب غرفة‬
‫االنتظار ويلقي نظرة استطالع ثم يعيد اغالق الباب‬
‫بعناية ويسير في الممر على طرف قدميه مستكشفا‬
‫يفتح كل باب يصادفه في طريقه ويلقي نظرة‬
‫مستفهمة داخل الحجرات عندما يصل الى باب الغرفة‬
‫يؤدي نفس الحركات واذا به أمام جاستون الذي يرفع‬
‫رأسه مندهشا من ظهور هذه الشخصية له)‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬عفواً يا سيد لعلك تستطيع أن ترشدني اني أبحث عن‬
‫المكان الصغير‬
‫‪( :‬يفيق من حلم) المكان الصغير ؟ أي مكان صغير ؟‬ ‫جاستون‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬المكان الصغير الذي يستريح المرء فيه‬
‫‪( :‬يفهم وينظر اليه ثم فجأة يطلق ضحكة طيبة لم‬ ‫جاستون‬
‫يتعمدها) يا لها من مصادفة ! تصور أنني أنا أيضا‬
‫أبحث عنه في هذه اللحظة المكان الصغير الذي‬
‫يستريح المرء فيه‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬فاني أتساءل اذن من الذي ينبغي أن نسأله اآلن‬

‫‪91‬‬
‫‪( :‬ما زال يضحك) اني أتساءل كذلك‬ ‫جاستون‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬ولكنك اذا مكثت هنا على كل حال لن تتاح لك فرص‬
‫كثيرة ألن تجده (يلمح حطام المرآة) يا للهول ! أهو‬
‫أنت الذي كسرت المرأة‬
‫‪ :‬نعم أنا‬ ‫جاستون‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬االن افهم لماذا أنت شديد الضيق ولكن صدقني من‬
‫األفضل لك أن تقول هذا بصراحة انك سيد ولن‬
‫يستطيع احد ان يفعل لك شيئا خطي ار ولكن أتدري انهم‬
‫يقولون أن كسر المرأة يجلب النحس‬
‫‪ :‬يقولون هذا نعم‬ ‫جاستون‬
‫الغالم الصغير ‪( :‬منصرفا) سأذهب للبحث في الممرات عن خادم ‪..‬‬
‫وبمجرد أن يدلني سأعود ألشرح لك أين يوجد‬
‫(جاستون نظر اليه) المكان الصغير الذي يبحث عنه‬
‫كالنا‬
‫‪( :‬يبتسم ويناديه) اسمع ‪ ،‬اسمع عثورك علي مكانك‬ ‫جاستون‬
‫الصغير الذي يستريح المرء فيه أسهل جدا من عثوري‬
‫على مكانی انا ‪ ..‬اما عن مكانك الصغير فهو عندك‬
‫هنا في الحمام‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬أشكرك جدا يا سيدی (يدخل الحمام وتستأنف‬
‫الموسيقى لحنها الصغير الساخر يعود الغالم الصغير‬
‫بعد انقضاء بضع ثوان جاستون لم يتحرك) واآلن‬
‫يجب أن أعود الى الصالون ‪ ،‬هل الطريق من هنا ؟‬

‫‪92‬‬
‫‪ :‬نعم من هنا ‪ ،‬هل أنت مع األسر ؟‬ ‫جاستون‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬نعم هناك كثير جدا من الناس من كل نوع جاءوا لكي‬
‫يجربوا التعرف على شخص فقد الذاكرة في الحرب و أنا‬
‫أيضا أتيت لهذا لقد تعجلنا السفر بالطيارة ألنه يبدو أن‬
‫هناك مؤامرة تجرى وراء ستار و أنا على أي حال لم‬
‫أفهم بالضبط يجب أن أستفسر من العم جوب ‪ ،‬هل‬
‫سبق لك أن ركبت الطيارة ؟‬
‫‪ :‬من أي عائلة أنت ؟‬ ‫جاستون‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬مادينسال‬
‫‪ :‬مادينسال آه ! نعم مادينسال االنجليز اني أذكر الملف‬ ‫جاستون‬
‫جيدا درجة القرابة عم فأنا الذي نسخت بطاقة الملف ال‬
‫شك ان هناك عم في آل مادينسال‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬نعم ‪ ،‬يا سيدی ‪..‬‬
‫‪ :‬العم جوب هذا صحيح حسناً قل للعم جوب انه اذا كان‬ ‫جاستون‬
‫لي أن أقدم له نصيحة فهي أال يسرف في األمل بشأن‬
‫ابن أخيه‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬و لماذا تقول لي هذا يا سيدي ؟‬
‫‪ :‬ألن أكبر الظن ان ابن األخ المذكور لن يتعرف ابداً‬ ‫جاستون‬
‫علي العم جوب‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬ولكن ليس هناك ما يدعو الى أن يتعرفه يا سيدي فليس‬
‫العم جوب هو الذي يبحث عن ابن أخيه‬
‫‪ :‬آه ! أيوجد عم آخر باسم مادينسال ؟‬ ‫جاستون‬

‫‪93‬‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬بكل تأكيد يا سيدي بل وانه شيء يثير بعض التعجب‬
‫في الواقع ‪ ..‬فالعم مادينسال هو أنا‬
‫‪( :‬مبهوتا) انت ! كيف يمكنك أن يكون ؟ تقصد أنه‬ ‫جاستون‬
‫أبوك ؟‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬ال‪ ،‬ال‪ ،‬بل انا ‪ ،‬انه من المحرج جدا كما ترى أن يكون‬
‫غالم صغير عم لشخص كبير لقد أمضيت وقتا طويال‬
‫على كل حال حتی فهمت الوضع واقتنعت به فقد كان‬
‫جدي قد أنجب أوالدا بعد أن تقدم في السن جدا ومن‬
‫هنا كان األمر على هذا النحو وولدت انا بعد ابن أخي‬
‫بست وعشرين سنة‬
‫‪( :‬ينطلق ضاحكا بصراحة ويجذبه على ركبتيه) اذن‬ ‫جاستون‬
‫فأنت العم مادينسال ؟‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬نعم انه أنا ولكن ليس لك ان تسخر من هذا فال حيلة‬
‫لي في ذلك‬
‫‪ :‬ولكن في هذه الحال من يكون العم جوب الذي کنت‬ ‫جاستون‬
‫تتحدث عنه ؟‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬أوه ! أنه من أصدقاء أبي القدماء وهو المحامي الذي‬
‫يتولى جميع شئوني الخاصة بالتركة فعلي الرغم من كل‬
‫شيء يصعب عليا انا اناديه باألستاذ لذلك أدعوه عمى‬
‫جوب‬
‫‪ :‬ولكن كيف حدث أنك وحدك ممثل لعائلة مادينسال ؟‬ ‫جاستون‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬كان هذا على اثر كارثة فظيعة لعلك سمعت عن غرق‬

‫‪94‬‬
‫الباخرة " نبتونيا " ؟‬
‫‪ :‬نعم من زمن بعيد‬ ‫جاستون‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬كانت أسرتي كلها كانت على ظهرها في نزهة بحرية‬
‫‪( :‬جاستون ينظر اليه مسحو ار) اذن كل أقربائك قد ماتوا‬ ‫جاستون‬
‫؟‬
‫الغالم الصغير ‪( :‬بلطف) أوه ! ولكن ال يجب أن تنظر الى هكذا ليس‬
‫األمر محزنا الى هذه الدرجة فقد كنت ال أزال طفال‬
‫صغي ار جدا عندما وقعت الكارثة والحق أني لم أشعر‬
‫حتى بوقوعها‬
‫‪( :‬ينزله على األرض ويتأمله ثم يضرب على كتفه) يا‬ ‫جاستون‬
‫عمي مادينسال الصغير انك شخصية كبيرة دون أن‬
‫تدري !‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬أتعلم أني من اآلن أتقن جدا لعب الكريكت ؟ وأنت هل‬
‫تلعب ؟‬
‫‪ :‬الذي ال أفهمه هو لماذا يحضر العم جوب من آخر‬ ‫جاستون‬
‫انجلت ار ليبحث عن ابن أخ لموكله الصغير ‪ ،‬ابن أخ قد‬
‫يعقد له االمور على األرجح‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬أوه ! ذلك ألنك ال تعرف مسائل الوراثة آنها معقدة جدا‬
‫ولكني أظن أنني فهمت أننا ان لم نجد ابن أخينا هذا‬
‫فان النصيب األكبر من مالي سيفلت من بين أيدينا‬
‫وهذا يضايقني كثي ار ألن هناك ضمن التركة المذكورة‬
‫بيتا جميال جدا في منطقة " ساسكس " وبه أفراس بديعة‬

‫‪95‬‬
‫‪ ،‬هل تحب ركوب الخيل؟‬
‫‪( :‬فجأة حالما) على ذلك فالعم جوب يتمني العثور علي‬ ‫جاستون‬
‫ابن أخيك ؟‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬طبعا ! من أجلي ومن أجله ايضاً هو لم يعترف لى‬
‫بذلك ولكن مربيتی قالت لي آن له نسبة مئوية على‬
‫جميع شئوني‬
‫‪ :‬آه ! حسناً وأي نوع من الرجال هو هذا العم جوب ؟‬ ‫جاستون‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬سيد يميل الى البدانة شعره أبيض‬
‫‪ :‬ال ليس هذا ما أقصد ‪ ،‬و لكن ذلك رأي لن تستطيع‬ ‫جاستون‬
‫أنت أن تجيبني عنه على أي حال اين هو في هذه‬
‫اللحظة ؟‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬انه يدخن غليونه في الحديقة فهو لم يرد أن يمكث في‬
‫الصالون لالنتظار مع المنتظرين‬
‫‪ :‬حسنا تستطيع أن تقودني اليه ؟‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬اذا شئت‬
‫‪( :‬يدق الجرس الى الوصيف الذي يدخل) أرجوك أن‬ ‫جاستون‬
‫تخطر الدوقة ديبون ‪ -‬ديفور بأن عندي خب ار هاما‬
‫أتسمع جيدا خب ار هاما يجب أن أفضى به اليها ولتتكرم‬
‫بالحضور الى هنا‬
‫‪ :‬خب ار هاما حاضر سيدي يستطيع االعتماد على (يخرج‬ ‫الوصيف‬
‫شديد الهياج وهو يتمتم) هاما‬
‫‪( :‬يجذب الغالم الصغير نحو الباب المقابل) لنمر من‬ ‫جاستون‬

‫‪96‬‬
‫هنا (عندما يصل الى الباب يتوقف ويسأله) قل لي هل‬
‫أنت متأكد جدا من أن أهلك جميعا قد ماتوا ؟‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬جميعا حتى أعز األصدقاء الذين دعوهم بكامل هيئتهم‬
‫الى هذه النزهة البحرية‬
‫‪ :‬عظيم (يفسح له الطريق ليمر أمامه ويخرج تعود‬ ‫جاستون‬
‫الموسيقى ساخرة يظل المسرح خاليا لحظة)‬
‫‪( :‬تدخل الدوقة يتبعها الوصيف) كيف هذا ؟ يريد أن‬ ‫الدوقة‬
‫يراني ؟ ولكنه يعرف أنني في انتظاره منذ ربع ساعة‬
‫هل قال لك ان لديه خب ار ؟‬
‫‪ :‬هاماً‬ ‫الوصيف‬
‫‪( :‬في الغرفة الخالية) فأين هو ؟ (جاستون يتبعه العم‬ ‫الدوقة‬
‫جوب والغالم الصغير يدخل الغرفة بوقار الرسميات‬
‫تنبعث من الفرقة الموسيقية نغمة طرب مرتعشة أو ما‬
‫يشبه ذلك)‬
‫‪ :‬سيدتي الدوقة أقدم لك األستاذ " بيكويك " محامي أسرة‬ ‫جاستون‬
‫مادينسال وها هو ذا ممثلها الوحيد لقد أبلغني األستاذ "‬
‫بيكويك " اآلن شيئا يثير غاية العجب فهو يدعي أن‬
‫ابن أخي موكله كان لديه على بعد سنتيمترين تحت‬
‫عظمة الكتف اليسرى أثر جرح خفيف لم يكن يعرفه‬
‫أحد وقد قد عرف هذا أخي ار بالصدفة من خطاب وجده‬
‫في قلب كتاب‬
‫‪ :‬وهو خطاب أضعه تحت تصرف سلطات الملجأ يا‬ ‫بيكويك‬

‫‪97‬‬
‫سيدتي بمجرد عودتي الى انجلت ار‬
‫‪ :‬ولكن هذا الجرح يا جاستون لم اره أبدا ؟ ولم يره أحد‬ ‫الدوقة‬
‫أبدا أليس كذلك ؟‬
‫‪ :‬ابداً‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬ولكنه جرح شديد الصغر يا سيدتی حتي انني أظن أن‬ ‫بيكويك‬
‫أحدا لم ينتبه اليه حتى اآلن‬
‫‪( :‬خالعا سترته) أن التجربة سهلة أتريدان أن تنظ ار ؟‬ ‫جاستون‬
‫(يسحب قميصه تتناول الدوقة منظارها اليدوي ويضع‬
‫األستاذ بيكويك نظارته الغليظة وهو إذ يقدم لهما ظهره‬
‫ينحني نحو الغالم الصغير)‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬أرجو أن يكون لديك أثر ذلك الجرح فسوف آسف اذا لم‬
‫تكن أنت‬
‫‪ :‬ال تخف انه أنا هل صحيح اذن أنك ال تتذكر شيئا عن‬ ‫جاستون‬
‫أهلك وال وجها واحدا وال حكاية صغيرة ؟‬
‫الغالم الصغير ‪ :‬وال حكاية ولكن اذا كان هذا يضايقك ربما أتمكن من‬
‫القيام باالستفسار‬
‫‪ :‬ال تفعل شيئا من ذلك‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬التي كانت تنظر الى ظهره تصيح فجأة) ها هو ذا !‬ ‫الدوقة‬
‫ها هو ذا ! آه ! يا الهي ‪ ،‬ها هو ذا ! اثر الجرح‬
‫‪( :‬الذي كان يبحث أيضا) هذا صحيح ‪ ،‬ها هو ذا !‬ ‫بيكويك‬
‫‪ :‬آه ! قبلني يا جاستون يجب أن تقبلني يا لها من حادثة‬ ‫الدوقة‬
‫عجيبة‬

‫‪98‬‬
‫‪( :‬بال ضحك) وغير منتظرة بالمرة ‪...‬‬ ‫بيكويك‬
‫‪( :‬تهوى جالسة) شيء رهيب سوف يغمی على بال شك‬ ‫الدوقة‬
‫!‬
‫‪( :‬ينهضها بابتسامة) ال أظن‬ ‫جاستون‬
‫‪ :‬وال أنا أيضا سوف أخاطب " بونتوبرون " بالتليفون حاال‬ ‫الدوقة‬
‫ولكن قل يا سيد مادينسال هناك شيء كنت اود معرفته‬
‫عند اجراء آخر خراج للتثبت جعلك صغيری ألبير تقول‬
‫" خنزير " في هذيانك فهل هذه كلمة تربطك اآلن‬
‫بحياتك السابقة ‪..‬‬
‫‪ :‬صه ! ال تقولي هذا ألحد فقد كنت اناديه بهذا االسم‬ ‫جاستون‬
‫‪( :‬مرتاعة) أوه ! صغيري ألبير ! (تتردد لحظة ثم تغير‬ ‫الدوقة‬
‫رأيها) ولكن هذا غير مهم اني أصفح عنك (استدارت‬
‫نحو بيكويك مترددة) فهمت اآلن ! انها كانت من روح‬
‫الفكاهة االنجليزية‬
‫‪ :‬بعينها !‬ ‫بيكويك‬
‫‪( :‬تخطر لها الفكرة فجأة) ولكن بالنسبة آلل رينو يا لها‬ ‫الدوقة‬
‫من ضربة فظيعة ! كيف نخبرهم بهذا الخبر ؟‬
‫‪( :‬في جذل) اني أعهد اليك بذلك فسأكون قد غادرت هذا‬ ‫جاستون‬
‫البيت بعد خمس دقائق دون أن أراهم‬
‫‪ :‬أليس لديك أية رسالة أبلغها لهم ؟‬ ‫الدوقة‬
‫‪ :‬ال ليس عندي لهم رسائل بل نعم (يتردد) قولي لجورج‬ ‫جاستون‬
‫رينو آن ظل أخيه الخفيف يرقد قطعا في مكان ما‬

‫‪99‬‬
‫داخل حفرة جماعية بألمانيا وانه لم يكن في حياته اال‬
‫طفال جدي ار بكل مغفرة ‪ ،‬طفال يستطيع أن يحبه اآلن‬
‫دون خوف من أن يري شيئا قبيحا أبدا على وجهه اذا‬
‫أصبح رجال تلك هي الرسالة (يفتح الباب الى أقصاه‬
‫ويومئ لهما بلطف نحو طريق الخروج وما زال يضم‬
‫اليه الغالم الصغير) واآلن ‪ ..‬دعيني وحدي مع أهلي‬
‫فعلينا أن نقابل بين ذكرياتنا ‪( ..‬تصاعد الموسيقى‬
‫بأنغام النصر تخرج الدوقة مع األستاذ بيكويك)‬

‫ستار‬

‫‪100‬‬

You might also like