الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 198

‫الـ ــدائ ـ ـ ـ ــرة الس ـيــاس ـي ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫ال ـ ـ ـ ـ ــوث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬


‫الوثيقة السياسية‬
‫ال ـ ـ ـسـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــاس ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫‪1445‬هـ ‪2023 /‬م‬


4
‫‪5‬‬

‫الـمـح ـتـ ــويـ ـ ــات‬

‫‪09‬‬ ‫ت ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬

‫املنطلقات واألفق‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ‬
‫﴿ إِ َّن الل َه َيأمُ ُر بِال َع ْد ِل و ِ‬
‫َاإْلحْ َس ِ‬
‫ان ﴾‬

‫‪17‬‬ ‫‪ .1‬جماعة العدل واإلحسان‪ :‬الهوية واملرجعية والشعار‬


‫‪20‬‬ ‫‪ .2‬املشروع السيايس لجماعة العدل واإلحسان‪ :‬األسس والغايات‬
‫‪20‬‬ ‫‪ .1.2‬بناء اإْلنسان‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .2.2‬تشييد مجتمع العمران األخوي‬
‫‪23‬‬ ‫‪ .3.2‬ترسيخ القيم اإْلسالمية يف تأسيس مفهوم املواطنة‬
‫‪24‬‬ ‫‪ .3‬املشروع السيايس لجماعة العدل واإلحسان‪ :‬األهداف والخصائص‬
‫‪24‬‬ ‫‪ .1.3‬األهداف العامة للمشروع السيايس‬
‫‪27‬‬ ‫‪ .2.3‬خصائص املشروع السيايس‬

‫املحور السيايس‪:‬‬
‫حرية وعدل وحكم املؤسسات‬

‫‪33‬‬ ‫‪ .1‬بناء دولة العدل والكرامة والحرية‬


‫‪33‬‬ ‫‪ .1.1‬من مجتمع الدولة إىل دولة املجتمع‬
‫‪35‬‬ ‫‪ .2.1‬من السلطوية املدسرتة إىل الدستور الديمقراطي‬
‫‪35‬‬ ‫‪ .1.2.1‬خلل يف املنطلق‬
‫‪36‬‬ ‫‪ .2.2.1‬السلطة التأسيسية الجماعية مدخل للدستور الديمقراطي‬
‫‪38‬‬ ‫‪ .3.2.1‬فصل السلط وتوازنها‬
‫‪39‬‬ ‫‪ .3.1‬دولة الحقوق والحريات‬
‫‪43‬‬ ‫‪ .4.1‬دولة الالمركزية‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪6‬‬

‫‪46‬‬ ‫‪ .5.1‬دولة اإْلدارة املواطنة والفاعلة‬

‫‪46‬‬ ‫‪ .1.5.1‬إصالح اإلدارة‬

‫‪49‬‬ ‫‪ .2.5.1‬محاربة الفساد‬

‫‪50‬‬ ‫‪ .6.1‬دولة مستقلة ومنفتحة‬

‫‪54‬‬ ‫‪ .2‬بناء حكم املؤسسات‬


‫‪54‬‬ ‫‪ .1.2‬السلطة التشريعية‬

‫‪57‬‬ ‫‪ .2.2‬السلطة التنفيذية‬

‫‪60‬‬ ‫‪ .3.2‬السلطة القضائية‬

‫‪65‬‬ ‫‪ .4.2‬هيآت الحكامة‬

‫‪66‬‬ ‫‪ .5.2‬األحزاب والنقابات والجمعيات‬

‫‪66‬‬ ‫‪ .1.5.2‬األحزاب‬

‫‪67‬‬ ‫‪ .2.5.2‬النقابات‬

‫‪69‬‬ ‫‪ .3.5.2‬الجمعيات‬

‫‪71‬‬ ‫‪ .6.2‬السياسة األمنية‬

‫‪73‬‬ ‫‪ .7.2‬السياسة الدفاعية‬

‫‪75‬‬ ‫‪ .8.2‬الوقاية املدنية‬

‫املحور االقتصادي واالجتماعي‪:‬‬


‫عدالة وتكافل وتنمية مستدامة‬

‫‪81‬‬ ‫‪ .1‬اختالالت النسيج االقتصادي ومرتكزات التنمية الشاملة‬


‫‪86‬‬ ‫‪ .2‬من أجل سياسة اقتصادية يف خدمة التنمية‬
‫‪86‬‬ ‫‪ .1.2‬تطوير املقاوالت الصغرى واملتوسطة واالستمرار يف تعبئة رؤوس األموال‬

‫‪87‬‬ ‫‪ .2.2‬التحول نحو االقتصاد الرقمي واقتصاد املعرفة‬

‫‪89‬‬ ‫‪ .3.2‬ربط املغرب بسالسل اإْلنتاج العاملية دون التفريط يف استقالله االقتصادي‬

‫‪90‬‬ ‫‪ .4.2‬النهوض باالقتصاد االجتماعي والتضامني‬


‫‪7‬‬ ‫الـمـح ـتـ ــويـ ـ ــات‬

‫‪91‬‬ ‫‪ .5.2‬مراجعة السياسة الطاقية‬

‫‪93‬‬ ‫‪ .6.2‬تثمني استغالل الفوسفاط‬

‫‪96‬‬ ‫‪ .7.2‬ترشيد استغالل وتطوير الرثوات املعدنية األخرى‬

‫‪97‬‬ ‫‪ .8.2‬تطوير وتأهيل التجارة‬

‫‪97‬‬ ‫‪ .9.2‬التجارة الداخلية‬

‫‪98‬‬ ‫‪ .10.2‬التجارة الخارجية‬

‫‪100‬‬ ‫‪ .11.2‬تطوير قطاع النقل واللوجستيك‬

‫‪102‬‬ ‫‪ .12.2‬من أجل نهضة فالحية تضمن أمننا الغذايئ‬

‫‪108‬‬ ‫‪ .13.2‬عرض سياحي متنوع ومسوق للرأسمال الالمادي‬

‫‪110‬‬ ‫‪ .14.2‬الصناعة التقليدية‪ :‬رافعة للتنمية وحافظة للموروث الثقايف‬

‫‪112‬‬ ‫‪ .15.2‬العقار‪ :‬رافعة لالستثمار والتنمية‬

‫‪115‬‬ ‫‪ .16.2‬البيئة والتنمية املستدامة‬

‫‪120‬‬ ‫‪ .3‬نحو منظومة تمويلية خادمة للتنمية‬


‫‪120‬‬ ‫‪ .1.3‬الضرائب‬

‫‪122‬‬ ‫‪ .2.3‬عائدات االحتكار وأمالك الدولة واستغالل امللك العمومي‬

‫‪123‬‬ ‫‪ .3.3‬نفقات الدولة‬

‫‪123‬‬ ‫‪ .4.3‬الزكاة‬

‫‪125‬‬ ‫‪ .5.3‬األوقاف العامة‬

‫‪126‬‬ ‫‪ .6.3‬املنظومة املصرفية‬

‫‪127‬‬ ‫‪ .7.3‬التمويل الخارجي‬

‫‪128‬‬ ‫‪ .8.3‬الرأسمال األجنبي‬

‫‪130‬‬ ‫‪ .4‬من أجل عدالة اجتماعية وفرص متساوية يف التنمية‬


‫‪130‬‬ ‫‪ .1.4‬واقع يكرس الفوارق االجتماعية‬

‫‪132‬‬ ‫‪ .2.4‬أولويات يف التنمية الجهوية الرتابية وإعداد الرتاب‬

‫‪136‬‬ ‫‪ .3.4‬أنظمة الحماية االجتماعية‬

‫‪138‬‬ ‫‪ .4.4‬الصحة العامة أساس التنمية‬


‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪8‬‬

‫املحور املجتمعي‪:‬‬
‫كرامة وتضامن وتربية متوازنة‬

‫‪145‬‬ ‫‪ .1‬تدبري الحقل الديني‬


‫‪149‬‬ ‫‪ .2‬األسرة والطفولة وذوو الوضعيات الخاصة‬
‫‪149‬‬ ‫‪ .1.2‬األسرة عماد البناء املتني‬

‫‪151‬‬ ‫‪ .2.2‬الطفولة ثمرة البناء ومستقبل األجيال‬


‫‪153‬‬ ‫‪ .3.2‬ذوو الوضعيات الخاصة مسؤولية الجميع‬

‫‪156‬‬ ‫‪ .3‬املرأة والشباب فئتان اسرتاتيجيتان‬


‫‪156‬‬ ‫‪ .1.3‬املرأة يف قلب التغيري املجتمعي‬
‫‪159‬‬ ‫‪ .2.3‬الشباب عماد الوطن‬

‫‪164‬‬ ‫‪ .4‬الرتبية والتعليم‬


‫‪164‬‬ ‫‪ .1.4‬اختالالت السياسة التعليمية‬

‫‪165‬‬ ‫‪ .2.4‬مدخالن أساسيان للنهوض بالرتبية والتعليم‬


‫‪166‬‬ ‫‪ .3.4‬التعليم‪ :‬الرسالة واملبادئ املوجهة‬
‫‪167‬‬ ‫‪ .4.4‬أولويات وتدابري‬

‫‪180‬‬ ‫‪ .5‬اإلعالم واالتصال‬


‫‪180‬‬ ‫‪ .1.5‬اختالالت الحكامة ومعيقات املهنية‬
‫‪181‬‬ ‫‪ .2.5‬من أجل منظومة إعالمية مهنية تعددية وفاعلة‬
‫‪184‬‬ ‫‪ .6‬الثقافة والفن‬
‫‪185‬‬ ‫‪ .1.6‬الرؤية الثقافية‪ :‬مرتكزات ومحددات‬

‫‪188‬‬ ‫‪ .2.6‬مقرتحات عىل مستوى واجهات الفعل الثقايف والفني‬


‫‪193‬‬ ‫‪ .7‬الرياضة‪ :‬أخالق وصحة وإشعاع‬
‫‪9‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه‬

‫تقديم‬

‫اع ُتبِرت قضيتا العدل واإلحسان قضيتين محوريتين يف فكر جماعة العدل واإلحسان‬
‫ومشروعها وبرامجها‪ .‬وإذا كان اإلحسان هو سلوك الفرد إلى اهلل تعالى برتبية إيمانية‬
‫غايتها رضا اهلل وطلب وجهه الكريم‪ ،‬فإن العدل هو هتمم بأمور الناس وبشأهنم العام‬
‫ومواجهة الظلم ونصرة المستضعفين‪ ،‬إحقاقا للحق وللكرامة اإلنسانية وللحرية المدنية‪.‬‬
‫وقد أكد األستاذ المرشد عبد السالم ياسين رحمه اهلل على أهمية الجمع بين القضيتين يف‬
‫مشروع الجماعة قائال‪« :‬نحمل إخويت شعار العدل واإلحسان ليكون لواؤنا بين الدعوات‬
‫ثائرا خفاقا بخفقان حب اهلل يف قلوبنا‪ ،‬وخفقان الحب يف اهلل‪ ،‬والذلة على المؤمنين‪،‬‬
‫وحب المساكين‪ ،‬والجهاد يف سبيل اهلل والمستضعفين‪ ،‬وليكون عنواننا يف السياسة‬
‫منشورا مشهورا‪ ،‬له أصالته من القرآن‪ ،‬وله واقعيته من غضبنا لما تنتهكه الطبقة المرتفة‬
‫المستكربة من حقوق اهلل وحقوق العباد» (رسالة األستاذ عبد السالم ياسين رحمه اهلل إلى‬
‫عموم أعضاء الجماعة‪.)1987 ،‬‬

‫لقد كان لهذا التصور صدى على مستوى الهيكلة التنظيمية للجماعة منذ بدايتها‪،‬‬
‫ويف مختلف محطات تجديد وتعديل تلك الهيكلة‪ ،‬كان أبرزها تأسيس الدائرة السياسية‬
‫لجماعة العدل واإلحسان عام ‪ ،1998‬وهي المؤسسة المتخصصة يف قضايا الشأن العام‪.‬‬
‫ورغم القمع والتضييق والشيطنة التي مارستها السلطة على الجماعة على مدى عشرات‬
‫السنين‪ ،‬فقد ساهمت الدائرة السياسية يف مقاومة االستبداد والفساد إلى جانب فضالء‬
‫غيورين من أبناء الوطن‪ ،‬عرب مشاركتها يف العديد من المبادرات السياسية‪ ،‬وحضورها‬
‫المتواصل يف المشهد السياسي‪ ،‬وكلمتها الصريحة يف النقاش العمومي‪ .‬كما اشتغل‬
‫أطرها على إعداد عدة أوراق ووثائق اقرتاحية إلخراج بالدنا الحبيبة مما تعيشه من‬
‫أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية‪ ،‬بعضها عرف طريقه إلى النشر الخارجي مثل وثيقة‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪10‬‬

‫حلف اإلخاء الصادرة عام ‪ ،2006‬ووثيقة جميعا من أجل الخالص الصادرة عام ‪2007‬‬
‫وغيرهما‪ ،‬والبعض اآلخر ظل رهن التداول الداخلي متتبعا لمستجدات كل مرحلة‬
‫وتحدياهتا‪ ،‬وعيا بأن التغيير ال يكون ضربة الزب‪ ،‬بل هو فعل جماعي عميق ومستدام‪،‬‬
‫يتطلب إعدادا مبكرا ومتواصال يف كل المجاالت‪ ،‬ويتأسس على الرتبية‪ ،‬ويحتاج إلى‬
‫إبداع مسارات تنزيلية تربط العلم بالعمل‪ ،‬والفكرة بالواقع‪ ،‬والتصور بالممارسة‪ .‬ومع‬
‫ذلك وقبله وبعده لجوء مستمر إلى اهلل عز وجل طلبا لعونه وتوفيقه‪.‬‬

‫بناء عليه‪ ،‬فإن الوثيقة التي بين أيدينا نسخة متطورة من مثيالهتا‪ ،‬وحلقة ضمن سلسلة‬
‫الوثائق التي ضمنتها الجماعة مقرتحاهتا السياسية‪ ،‬مواصلة اجتهادها وتطوير مشروعها‬
‫وإسهامها اإليجابي‪ :‬تفصيال وتوضيحا وتدقيقا وتحيينا يف اتجاه رص الصف وتوحيد‬
‫الجهود وبناء القوة المجتمعية لصناعة التحول المنشود والتغيير المراد‪ ،‬راسمة بذلك‬
‫حرص الجماعة الدائم على التواصل وتوضيح جوانب عديدة من تصوراهتا يف مختلف‬
‫مجاالت الشأن العام‪.‬‬

‫إن هذه الوثيقة وهي تروم التفاعل مع الواقع بتحدياته وفرصه لبناء المستقبل‪ ،‬فإهنا‬
‫أيضا تدرك ما تتسم به المرحلة الحالية من صراع وتقاطب دوليين‪ ،‬وتصاعد للغطرسة‬
‫الصهيونية وتمددها يف بالد المسلمين عموما ويف بالدنا على وجه الخصوص‪ ،‬كما‬
‫تعي جيدا تغول السلطوية يف مغربنا‪ ،‬وتمادي الحاكمين يف إهدار كرامة اإلنسان‪،‬‬
‫ومصادرة الحقوق السياسية والمدنية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وما يرتبط بذلك كله‬
‫من تردي األوضاع المعيشية‪ ،‬وتفشي الفساد‪ ،‬وانحالل األخالق‪ ،‬وإفالس السياسات‬
‫المتبعة وغيرها من المظاهر التي تعكس وصول بلدنا إلى حالة غير مسبوقة من الجمود‬
‫واالنحباس‪ ،‬مما يهددنا باهنيار عام ‪-‬ال قدر اهلل‪ -‬وتصدع شامل للنظام االجتماعي‪.‬‬
‫ويفرض هذا األمر على كل الغيورين تحمل المسؤولية التاريخية يف الحضور والفعل‬
‫والمبادرة وتكثيف وتوحيد الجهود‪ ،‬والسعي لفتح مسارات قابلة للتحقق يف المرحلة من‬
‫أجل إيقاف النزيف والتأسيس لمستقبل الحرية والكرامة والعدالة‪.‬‬

‫يف إطار هذه المسؤولية أمام اهلل تعالى أوال وقياما بالواجب تجاه وطننا ثانيا وحرصا‬
‫على الوضوح ثالثا‪ ،‬قررنا أن ننشر هذه الوثيقة‪ ،‬ونتقاسم مضامينها مع كل المواطنين‬
‫‪11‬‬ ‫تقديم‬

‫والمهتمين والسياسيين والباحثين والنخب؛ راجين من اهلل عز وجل أن تكون بما تضمنته‬
‫من تنبيهات وتوجهات ومقرتحات خطوة على طريق اإلنقاذ وتجنيب بالدنا األخطار‬
‫المحدقة‪ .‬إن تعويلنا على اهلل الكريم الوهاب توفيقا وسدادا‪ ،‬ثم على ذكاء ومروءة وغيرة‬
‫الصادقين تعاونا وتناصرا‪ ،‬وكذا على الفطرة والسالمة القلبية لهذا الشعب سندا شعبيا‪،‬‬
‫لهو السبيل للنهوض الجماعي لصنع ما يستحقه المغاربة‪ ،‬كل المغاربة‪ ،‬من عدل وكرامة‬
‫وحرية‪ .‬ولعل مما يدعو إلى التفاؤل ما نراه من إنجازات هنا وهناك على يد أطر وكفاءات‬
‫مغربية غيورة على وطنها يف مجاالت مختلفة‪ ،‬رغم معيقات االستبداد وفساده واستغالله‬
‫البشع لتلك الكفاءات التي وهبها اهلل تعالى ألبناء وطننا الحبيب‪.‬‬

‫على مستوى المضمون فقد حرصت الوثيقة على تناول جل قضايا الشأن العام‬
‫مركزة أساسا على ما يهم المغرب‪ ،‬ومعتمدة على لغة مشرتكة من حيث المصطلحات‬
‫حرصا على التواصل والتفاهم‪ .‬وقد تميزت باشتمالها على المبادئ االسرتاتيجية‬
‫الراسخة الممتدة زمنيا والتي تشكل أسس تصور الجماعة لقضايا الشأن العام يف عالقة‬
‫بمشروعها الشامل‪ .‬كما تضمنت فقرات تشخيصية آثرنا عدم التفصيل فيها إال بما يلزم‬
‫الموضوع من تأسيس وتقعيد لألسئلة الملحة والقضايا المعروضة يف مجال تدبير الشأن‬
‫العام‪ .‬كما شملت يف جزء هام منها َن َفسًا استشرافيا قريبا يمتد لبضع سنوات‪ ،‬أطرنا من‬
‫خاللها حدود التغيير الممكن يف ظل التحوالت اإلقليمية والدولية واألزمات المحلية‬
‫التي تعيشها بالدنا‪ .‬وتجلى هذا النّ َفس يف مبادرة اقرتاحية تروم عرض توجهات عملية‬
‫وواقعية‪ .‬وبقدر ما هي مختلفة عن أي نزعة تنظيرية مجردة‪ ،‬فإهنا بعيدة أيضا عن أي‬
‫نزعة تجريبية أو برنامج انتخابي مباشر‪ .‬فقد أردناها أن تكون وسطا شارحا يقع بين‬
‫مستوى الخطاب االسرتاتيجي العام والمستوى التنفيذي التفصيلي‪ .‬لذلك اخرتنا لهذه‬
‫الوثيقة اسم «الوثيقة السياسية»‪ ،‬تمييزا لها عن الورقة المذهبية وعن الربنامج اإلجرائي‬
‫يف الوقت نفسه‪.‬‬

‫من الجدير بالتأكيد أن ما نطرحه من مداخل واقرتاحات غير مفصولة عن بعضها‪،‬‬


‫وإنما يحكمها تكامل األبعاد السياسية واالقتصادية واالجتماعية يف نسق واحد‪ ،‬إذا اختل‬
‫أحد عناصره اختل النسق بكامله‪ .‬كما لزم التأكيد على أن اإلرادة السياسية الجماعية هي‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪12‬‬

‫الشرط األول لتفعيل هذه المداخل واالقرتاحات‪ ،‬التي قد تلتقي يف بعض خطوطها العامة‬
‫مع ما يطرحه بعض الفضالء والغيورين‪.‬‬

‫لقد تم تقسيم مضامينها إلى أربعة محاور‪ :‬يتعلق األول بمحور تمهيدي يتضمن‬
‫منطلقات وأفق الوثيقة‪ ،‬ويربز الخلفية التي تستند إليها حتى ال ينظر إلى ما بسطته بشكل‬
‫مفصول عن مشروعها العام الذي ال يشكل المجال السياسي إال جزءا منه‪ .‬وهكذا فقد تم‬
‫التعريف بالمشروع السياسي لجماعة العدل واإلحسان‪ ،‬أساسه وأفقه وأهدافه وخصائصه‪.‬‬
‫أما المحور الثاين الذي هو المحور السياسي‪ ،‬فقدتم تأطيره بشعار‪« :‬حرية وعدل‬
‫وحكم المؤسسات»‪ ،‬وتم التطرق فيه للعديد من القضايا‪ ،‬من أهمها‪ :‬الدولة والدستور‬
‫والسلطات الثالث‪ ،‬والعالقات الخارجية‪ ،‬واألحزاب‪ ،‬والنقابات‪ ،‬والجمعيات‪،‬‬
‫وغيرها‪ .‬وتم تخصيص المحور الثالث للسياسات االقتصادية واالجتماعية تحت شعار‪:‬‬
‫«عدالة وتكافل وتنمية مستدامة»‪ ،‬وشمل العديد من القضايا من قبيل النسيج االقتصادي‪،‬‬
‫والتحول الرقمي‪ ،‬والسياسة الطاقية‪ ،‬والتجارة الداخلية والخارجية‪ ،‬والفالحة والثروات‬
‫المعدنية‪ ،‬ومنظومة التمويل‪ ،‬والصحة العامة‪ ،‬والحماية االجتماعية‪ ،‬والتنمية الجهوية‪.‬‬
‫أما المحور الرابع فهو المحور المجتمعي تحت شعار‪« :‬كرامة وتضامن وتربية متوازنة»‪،‬‬
‫وتم فيه طرق مجموعة من القضايا المجتمعية‪ ،‬كتدبير الشأن الديني واألسرة والطفولة‬
‫والمرأة والشباب والتعليم واإلعالم والثقافة والفن والرياضة‪.‬‬

‫وتم العمل على إعداد هذه الوثيقة خالل األربع سنوات األخيرة‪ ،‬بمشاركة فاعلة‬
‫ألطر الجماعة يف مختلف التخصصات وواجهات العمل الدعوية والرتبوية والسياسية‪،‬‬
‫فضال عن اإلسهام الكبير لمكاتب الدراسات واألبحاث التي تضم نخبة من خرباء‬
‫الجماعة يف ميادين متنوعة‪ .‬كما حظيت بتشاور موسع شمل مختلف مؤسسات الجماعة‬
‫بتنوع اختصاصاهتا ومسؤولياهتا محليا ووطنيا‪.‬‬

‫وبإصدارنا لهذه الوثيقة فإننا ال ندعي لها الكمال‪ ،‬ولكنها تعكس إرادة صادقة لبناء‬
‫مغرب جديد على هدى من اهلل وبمعية كل من له غيرة على هذا البلد‪ .‬فقد كانت يد‬
‫الجماعة منذ تأسيسها ممدودة لكل الصادقين‪ ،‬وستظل كذلك‪ ،‬وهو ما نعتربه واجبا‬
‫وليس منة على أحد‪ .‬ومما يجعل ذلك أكثر إلحاحا هو حجم مشاكل المغرب التي‬
‫‪13‬‬ ‫الوثيقة السياسية‬

‫تعقدت وتضخمت لدرجة أصبحت أكرب من أن يواجهها طرف واحد مهما بلغت قوته‬
‫وحسنت نيته‪ ،‬مما يتطلب حال جماعيا يتم قبله وخالله وبعده حوار مسؤول وواضح‪.‬‬
‫وهو أمر ممكن إن صفت النيات‪ ،‬وكانت مصلحة المغرب والمغاربة أسبق يف االعتبار‪،‬‬
‫وأبعد عن الحسابات الضيقة والدروب المعتمة‪.‬‬

‫الرباط‪ 7 ،‬ربيع الثاين ‪1445‬هـ‬

‫الموافق لـ ‪ 22‬أكتوبر ‪2023‬م‬


14
‫‪15‬‬

‫املنطلقات واألفق‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ‬
‫﴿ إِ َّن الل َه َيأمُ ُر بِال َع ْد ِل و ِ‬
‫َاإْلحْ َس ِ‬
‫ان ﴾‬
‫(سورة النحل‪)90 ،‬‬
16
‫‪17‬‬ ‫املنطلقات واألفق‬

‫يهدف المشروع التغييري لجماعة العدل واإلحسان إلى تحقيق العدل الذي هو‬
‫قرين اإلحسان‪ .‬يقول اإلمام عبد السالم ياسين رحمه اهلل‪« :‬وليس التغيير الذي نقول به‬
‫ونعمل عليه مشروع تنمية يقف عند التنمية‪ ،‬أو مشروع عدالة اجتماعية ين َْحدُّ يف إدماج‬
‫دة تدافع عن‬ ‫اجتماعي يقارب بين طبقات الناس يف المعاش‪ ،‬أو مشروع حضارة مهدَّ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الـمبين‪ ،‬وال مشروع ُه َو ّية‬
‫النصر ُ‬
‫َ‬ ‫وازدهارها‬
‫ُ‬ ‫الـمنى‬ ‫وجودها وبقائها‪ ،‬يكون بقاؤها غاي َة ُ‬
‫ِ‬
‫االندثار‬ ‫الغالبة‪ .‬ويكون ِ‬
‫الح ُ‬
‫فاظ عليها من‬ ‫ِ‬ ‫اله َو َّيات‬ ‫ّ‬ ‫ُي ْخشى عليها أن تذوب‬
‫وتضمحل يف ُ‬
‫أقصى ما تص ُبو إليه األمة‪ .‬التنمي ُة وشروطها‪ ،‬والتم ّيز الحضاري ولوازمه‪ ،‬والعدالة‬
‫مجاالت للتغيير‬
‫ٌ‬ ‫الخاص ُة وما تحافظ‪ ،‬كل هذه‬
‫َّ‬ ‫االجتماعية وما ُتقرب وما تدمج‪ُ ،‬‬
‫واله َو ّية‬
‫المحركة التي هبا تحيا التنمية‪ ،‬وتتأ ّتى العدالة‪ ،‬وتتألق‬
‫ِّ‬ ‫ومظه ٌر‪ .‬الروح‬
‫َ‬ ‫جسم‬
‫ٌ‬ ‫الذي ُ‬
‫ننشدُ ه‪،‬‬
‫الحضارة‪ ،‬وتتميز الهوية‪ ،‬إن لم تكن روح اإليمان باهلل ورسوله‪ ،‬وشريع َة اإلسالم فإنما‬
‫نحن ناس من الناس‪ .‬ال نكون خير أمة أخرجت للناس كما يريد اهلل تعالى لنا» (الشورى‬
‫والديمقراطية‪ ،1996 ،‬ص ‪ 271‬و‪ .)272‬فالتغيير السياسي يف مشروع الجماعة يرتبط‬
‫إذا على مستوى مبادئه وقيمه ارتباطا وثيقا بالمشروع الدعوي العام وبالتغيير الرتبوي‬
‫واألخالقي‪ .‬وحتى ال يتم الوقوع يف إسقاطات قد تضر بالعملين الدعوي والسياسي معا‪،‬‬
‫وجب التأكيد على ضرورة التمايز الوظيفي والموضوعي بالقوة نفسها التي يتم هبا إقرار‬
‫هذا الرتابط المبدئي والقيمي‪ .‬ويف هذا السياق‪ ،‬يعترب تأسيس الدائرة السياسية لجماعة‬
‫العدل واإلحسان منذ أكثر من ربع قرن تجربة أولى للتأسيس لهذا التمايز‪ .‬ومن هذا‬
‫المنطلق‪ ،‬نعرض المنطلقات التي تؤسس للمشروع السياسي لجماعة العدل واإلحسان‬
‫يف عالقته بالمشروع الدعوي العام‪.‬‬

‫‪ .1‬جماعة العدل واإلحسان‪ :‬الهوية واملرجعية والشعار‬

‫جماعة العدل واإلحسان حركة إسالمية مغربية األصل والمنشإ‪ ،‬وجماعة دعوية‬
‫تربوية تتوب إلى اهلل وتدعو أعضاءها والناس إلى معرفة اهلل عز وجل والتوبة إليه‪ ،‬ثم‬
‫هي أيضا حركة مجتمعية سياسية مكاهنا األساسي والطبيعي هو المجتمع بما هو حاضنة‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪18‬‬

‫شعبية‪ ،‬فهي على هذا النحو ليست توجها منزويا مستقال عما يدور حوله‪ ،‬وليست مجرد‬
‫حركة ثقافية فكرية‪ ،‬كما أهنا ليست حزبا سياسيا بالمعنى المتداول للحزب السياسي‪.‬‬

‫وإذا كانت جماعة العدل واإلحسان ‪-‬كما تقدم‪ -‬حركة إسالمية دعوية تربوية‪،‬‬
‫وظيفتها الدعوة إلى اهلل بمعناها الشامل خدمة لإلنسان ونشرا لقيم الخير والفضيلة يف‬
‫المجتمع‪ ،‬فإنه من البديهي انسجاما مع هذه الطبيعة الدعوية الشاملة أن يشمل نشاطها‬
‫الفعلي إضافة لألساس الرتبوي مختلف مجاالت العمران الرتبوية والسياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬الفردية منها والجماعية‪.‬‬

‫تسعى جماعة العدل واإلحسان لإلسهام إلى جانب غيرها يف تحقيق المعنى الكلي‬
‫للعبادة فرديا وجماعيا ومجتمعيا‪ ،‬من دون احتكار لإلسالم‪ ،‬وال فرض لفهمها له على‬
‫الغير‪ ،‬وال ادعاء على قدرهتا وحدها على حل معضالت المجتمع والعالم من دون‬
‫إسهامات باقي التصورات على قاعدة الحوار البناء والتعاون المثمر الهادف‪ .‬وتنطلق‬
‫الجماعة من اإلسالم مرجعية‪ ،‬لكن من منظور منهاج تجديدي ال يرهتن لالجتهادات‬
‫المظروفة بزماهنا ومكاهنا‪ ،‬وبإرادة جهادية تسعى إلقامة الدين يف نفسها ويف المجتمع‪ ،‬عرب‬
‫الدعوة السلمية الرفيقة‪ ،‬والحراك المجتمعي المدين على جميع أصعدة الفعل اإلنساين‪،‬‬
‫تربية وتفكيرا وتثقيفا وتنويرا وتعليما وتنظيرا وتدافعا‪.‬‬

‫تنطلق المرجعية التنظيرية لجماعة العدل واإلحسان من المنهاج النبوي بما هو آلة‬
‫للعلم ومرشد للعمل‪ ،‬بقراءة متجددة لكتاب اهلل وسنة رسوله ﷺ‪ ،‬وكتاب العالم والحكمة‬
‫البشرية‪ .‬فهو يف مستوى التصور يحدد المنطلقات والمبادئ‪ ،‬ويرسم األهداف والغايات‪،‬‬
‫ويضبط الوسائل‪ ،‬ويرتب المراحل‪ ،‬وينظم الفعل الدعوي والمجتمعي لجماعة العدل‬
‫واإلحسان يف إطار مشروع مجتمعي تغييري مطلبه اآلين العدل‪ ،‬وغايته اإلحسان‪ ،‬وأداته‬
‫العملية األساسية‪ :‬الرتبية ثم الرتبية ثم الرتبية‪ .‬يقول اإلمام عبد السالم ياسين رحمه اهلل‪:‬‬
‫«المستقبل لتغيير عميق شامل‪ ،‬تغيير من داخل اإلنسان‪ ،‬من تربية اإلنسان‪ ،‬من تعليم‬
‫اإلنسان‪ .‬التغيير أجيال‪ ،‬التغيير أمهات صالحات‪ ،‬التغيير مدرسة صالحة‪ ،‬التغيير َمنَع ٌة‬
‫ضد االمتداد السرطاين للثقافة الدوابية‪ ،‬التغيير إعادة بناء األمة على أصولها‪ ،‬التغيير تعبئة‬
‫أمة‪ ،‬قومة أمة» (العدل‪ ،‬اإلسالميون والحكم‪ ،2000 ،‬ص ‪.)691‬‬
‫‪19‬‬ ‫املنطلقات واألفق‬

‫برزت الجماعة‪ ،‬منذ أكثر من ثالثة عقود‪ ،‬للرأي العام الوطني والدولي وللساحة‬
‫الدعوية والسياسية بشعار العدل واإلحسان‪ ،‬وهو ليس مجرد شعار ورمز يريد التميز‬
‫عن العناوين السائدة يف الساحة الدعوية اإلسالمية‪ ،‬بل إنه شعار يلخص رؤيتها الفكرية‬
‫والرتبوية والسياسية‪ .‬فهو من جهة يحدد الغايات واألهداف النهائية المتجسدة يف‬
‫الغاية اإلحسانية والغاية االستخالفية‪ ،‬ويروم من جهة أخرى التنبيه على أن الغايتين‬
‫غير منفصلتين‪ ،‬بل إهنما موصولتان ببعضهما البعض يف نسق بنائي منهاجي تكاملي ال‬
‫يفصل بين متطلبات الخالص الفردي ومقتضيات الخالص الجماعي‪ .‬فهما منتظمتان‬
‫معا يف مرجعية العدل واإلحسان لتشكال كالّ ال يتجزأ من بنية المشروع المجتمعي العام‬
‫للجماعة‪ .‬يقول اإلمام عبد السالم ياسين رحمه اهلل‪« :‬ال ترضى جماعة العدل واإلحسان‬
‫هبدف اجتماعي سياسي دون العدل على شريعة اهلل‪ ،‬وال ترضى بغاية تتطلع إليها همم‬
‫المؤمنين والمؤمنات دون اإلحسان‪ .‬اإلحسان أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬اإلحسان أن تحسن‬
‫يحسن عملك‪ ،‬اإلحسان أن ُتجيدَ وتفيد» (رسالة تذكير‪،1995 ،‬‬‫إلى الناس‪ ،‬اإلحسان أن ُ‬
‫ص‪ 8‬و‪.)9‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪20‬‬

‫‪ .2‬املشروع السيايس لجماعة العدل واإلحسان‪ :‬األسس والغايات‬

‫ال يروم المشروع السياسي لجماعة العدل واإلحسان تحقيق تغيير سياسي مرحلي‬
‫فحسب‪ ،‬بل إنه مشروع يمتد أفقه إلى إحداث تغيير تاريخي يتأسس على بناء اإلنسان‪،‬‬
‫وتشييد مجتمع العمران األخوي‪ ،‬وترسيخ القيم اإلسالمية والقيم اإلنسانية المثلى‪.‬‬

‫‪ ...‬بناء اإلنسان‬

‫اإلنسان محور الكون‪ ،‬وقد أنيطت به وظيفة االستخالف‪ ،‬لذا فهو يسعى يف الكون‬
‫بموجب أخالق التسخير والصالح‪ .‬وقد قامت كل الشرائع السماوية مستندة إلى هذا‬
‫األصل‪ ،‬وجعلت كل إجراء عملي اجتهادي ُيصادم يف أفق تطبيقه محورية اإلنسان يف‬
‫الكون محل مراجعة وتصحيح‪ .‬لذلك يركز المشروع العام لجماعة العدل واإلحسان‬
‫على أولوية بناء اإلنسان بناء أخالقيا فطريا شامال‪ ،‬انطالقا من بناء إرادة التغيير وترسيخها‬
‫لديه والعمل على تجددها المستمر‪ ،‬على اعتبار أن اإلنسان هو الفاعل يف التاريخ‪ ،‬وهو‬
‫ب السياسات هي تزكية نفس اإلنسان‬ ‫من يصنع السياسة وليست هي من تصنعه‪ .‬بل إن ُل َّ‬
‫وتعليمه‪ ،‬وتربيته تربية إيمانية متوازنة‪ ،‬تؤهله لتحصيل قيم الخير وأخالق الصالح؛ ليكون‬
‫فردا صالحا لنفسه ومجتمعه ووطنه وأمته‪.‬‬

‫وتقتضي مركزية اإلنسان ضمن المشروع السياسي لجماعة العدل واإلحسان تقديم‬
‫مصلحة اإلنسان وما يجلب له النفع عرب تمكينه من كل حقوقه‪ ،‬والوعي بأهمية العمل‬
‫الرتبوي ومتطلباته األساسية يف البناء الشامل لإلنسان تعليما وتكريما وتمكينا‪ ،‬إذ إنه ال‬
‫يستقيم إصالح سياسي أو تغيير مجتمعي ال يستهدف النهوض باإلنسان وتمكينه من كافة‬
‫الحقوق والحاجيات المادية والمعنوية‪.‬‬

‫تقوم أولوية بناء اإلنسان يف المشروع السياسي لجماعة العدل واإلحسان أساسا‬
‫على وصل اإلنسان بخالقه‪ ،‬وعلى هتذيب عالقته بالكون‪ ،‬يف نسيج منسجم من الوشائج‬
‫والعالقات‪ :‬عالقة عبودية هلل عز وجل تتحقق هبا التزكية اإليمانية والثراء الروحي والتحرر‬
‫المطلق من عبادة العباد وعبادة األشياء‪ ،‬وتتحد الوجهة نحو عبادة اإلله الواحد األحد‪،‬‬
‫وعالقة تسخير تنتفي بموجبها كل مطامع ونزوعات االستنزاف واإلفساد للبيئة الكونية‪،‬‬
‫‪21‬‬ ‫املنطلقات واألفق‬

‫وعالقة عمران تنطلق بموجبها الهمم والعقول والسواعد نحو فعل الخير والتنمية والبذل‬
‫والعطاء تحقيقا لمجتمع العمران األخوي بدل مجتمع الفتنة(‪ )1‬والتباغض والصراع‪.‬‬

‫إن فاعلية توزين العامل الذايت من حيث هو تغيير ما باإلنسان حامل المشروع ليتغير‬
‫ما حوله‪ ،‬يفرض االشتغال على اإلنسان فاعال للتغيير وموضوعا له‪ .‬وال يتحقق ذلك‬
‫إال عرب أداة الرتبية التي تعني مجموع العمليات المختلفة التي تتناول الذات اإلنسانية‬
‫يف قواها المختلفة تنمية وتدريبا وتطويرا إلمكاناهتا وتوظيفا لقدراهتا‪ .‬فالرتبية هي جوهر‬
‫محرك عملية التغيير يف الفرد والجماعة واألمة‪ ،‬وهي على هذا األساس عملية ديناميكية‬
‫متكاملة األركان‪ ،‬تشتغل على إعادة صياغة اإلنسان إيمانا ورحمة يف قلبه‪ ،‬وفهما وحكمة‬
‫يف عقله‪ ،‬وتوفيقا وسدادا يف حركته‪ .‬يقول اإلمام عبد السالم ياسين رحمه اهلل‪« :‬الرتبية‬
‫قدح زناد يف القلب والعقل‪ ،‬إشعال فتيل‪ ،‬تعبئة طاقات فردية لتندمج يف حركة اجتماعية‬
‫يعمل فيها العاملون بجهد متكامل ينفع اهلل به األمة» (حوار الماضي والمستقبل‪ ،‬ص‬
‫‪.)84‬‬

‫إن جوهر العملية الرتبوية عندنا‪ ،‬يجب أن ينصب على صياغة الفرد اإلنساين صياغة‬
‫متوازنة تتناول مختلف جوانب شخصيته الوجدانية والفكرية والحركية؛ لينمو هذا‬
‫الفرد سليما معاىف‪ ،‬قادرا على توظيف إمكاناته وكفاياته الوجهة المطلوبة‪ ،‬وليقدر على‬
‫االندماج يف الحياة االجتماعية الجماعية‪ ،‬على أن تكون خصائص هذه الرتبية جامعة‬
‫لألصالة القرآنية اإليمانية النبوية‪ ،‬ولخصائص الشمولية المتكاملة والجهادية المتدرجة‪،‬‬
‫وللتوازن والوسطية‪ ،‬وللعلمية والعملية‪ ،‬وللنفسية والجمالية‪.‬‬

‫‪ . .‬تشييد مجتمع العمران األخوي‬

‫إن بناء نموذج تنموي فعال وناجح يقتضي تحديد طبيعة المجتمع الذي نرغب يف‬
‫بنائه وتشييد أركانه‪ .‬وقد أطلقنا عليه توصيف «مجتمع العمران األخوي»‪ ،‬وهو توصيف‬
‫نجمع فيه إلى جانب كل الوسائل المادية للحياة اإلنسانية الالزمة لعمارة األرض وإنمائها‬

‫(‪ )1‬يف «المنهاج النبوي» استعمال لوصف الفتنة‪ ،‬ورفض لوصف المجتمع بالجاهلي‪ ،‬لما ينتج عن هذا‬
‫الوصف األخير من تكفير للمجتمع وعنف وانعزال‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪22‬‬

‫والحياة فيها وتجنب اإلفساد فيها معاين الوالية العامة محبة وتعاضدا وتعاونا وتكافال‪،‬‬
‫على قواعد األخوة اإليمانية واألخوة اإلنسانية‪ ،‬فنؤسس يف معنى العمران لتوليفة جامعة‬
‫لمعاين االزدهار والتقدم والتنمية والحضارة مع دالالت التضامن والتكافل‪ ،‬لتنجمع‬
‫عمارة القلوب باإليمان بعمارة المساجد بالصالة‪ ،‬وعمارة المجتمع بقيم المحبة‬
‫والرحمة واألخوة اإلنسانية بعمارة الكون واألرض بالخير العميم والنفع المجدي‪ .‬يقول‬
‫اإلمام عبد السالم ياسين رحمه اهلل‪« :‬يف مجتمع العمران األخوي المنشود‪ ،‬المسبوق‬
‫برتبية وتزكية وتعليم‪ ،‬يستنبط المسلمون دستور سلوكهم فيما بينهم وعهود تعاملهم مع‬
‫الخلق الدولي‪ ،‬والخلق الطبيعي‪ ،‬والبيئة المشرتكة‪ ،‬من القرآن كل القرآن‪ ،‬ومن السنة كل‬
‫السنة» (محنة العقل المسلم‪ ،‬ص ‪.)60‬‬

‫إن بناء الوطن المشرتك يقتضي إلى جانب توفير سبل الرغد يف العيش تتويجه‬
‫بجوهر من الروابط المجتمعية الجامعة ذات البعد القيمي واألخالقي المحصنة للحمة‬
‫المجتمع‪ ،‬والذي تتالزم فيه قيم العمل والسعي واإلنتاج واإلبداع بقيم التقوى والخير‬
‫والفيض الروحي والتماسك االجتماعي والتعاون والتكافل‪ .‬فمجتمع العمران األخوي‬
‫مجتمع يحرص على تحقيق التأهيل الذايت لألفراد بما يجعلهم يجمعون بين القوة واألمانة‬
‫والكفاءة واألخالق‪.‬‬

‫وإذا كان الموجه األساسي للمنظورات التنموية يف العالم هو الرتكيز على متطلبات‬
‫النمو االقتصادي والتقدم التكنولوجي واالجتماعي والتنظيمي‪ ،‬الذي به يتم تطويع‬
‫الموارد لتلبية الحاجات الحضارية والمعيشية والدفاعية‪ ،‬دون اكرتاث لألبعاد الروحية‬
‫والمعنوية لإلنسان‪ ،‬فيكون اإلنسان وفق هذه المنظورات المادية مجرد رقم يف دورة‬
‫اإلنتاج واالستهالك‪ ،‬وكائنا غاية طموحه الرفاهية المادية وإشباع الشهوات والغرائز بال‬
‫حدود‪ ،‬إذا كان األمر كذلك يف عالمنا المعاصر‪ ،‬فإننا يف العدل واإلحسان نؤكد على‬
‫أهمية األبعاد المادية للتنمية‪ ،‬لكن ال نتصور تحقيق أي نمو اقتصادي أو تقدم تكنولوجي‬
‫ َ َ َ‬
‫ال  ُيغ ِّ ُ َما‬ ‫أو تطور سياسي وتنظيمي دون استحضار األبعاد الرتبوية واألخالقية‪ِ ﴿ ،‬إن‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِبق ْو ٍم َح  ٰ ُيغ ِّ ُوا َما ِنف ِ ِ ْم ﴾ (الرعد‪.)12 ،‬‬
‫‪23‬‬ ‫املنطلقات واألفق‬

‫‪ ...‬ترسيخ القيم اإلسالمية يف تأسيس مفهوم املواطنة‬

‫ينطلق المشروع السياسي لجماعة العدل واإلحسان من رؤية مرجعية تقوم على‬
‫االتصال بين القيم اإلسالمية والحكمة البشرية يف تفاعلها مع الواقع اإلنساين واالجتماع‬
‫البشري‪ ،‬ولذلك فإن مطلب ترسيخ القيم اإلسالمية ليس إجراء زجريا يتم فرضه على‬
‫األفراد والمجتمعات‪ ،‬بقدر ما هو فعل تربوي وعمل دؤوب يتغيى التدرج يف تنزيل مبادئ‬
‫اإلسالم وقيمه ومقاصده يف حياة األفراد والمجتمع‪ ،‬وتحقيق مطالبه األساسية يف حفظ‬
‫الحرية واألمن والعدل والسلم األهلي والرتاحم اإلنساين‪.‬‬

‫ويقتضي العمل على ترسيخ القيم اإلسالمية واإلنسانية ضرورة تجديد الرؤى‬
‫وإحكام التصورات التي تراعي متغيرات الواقع وتحوالت المجتمع دون إهدار المقاصد‬
‫الكربى‪ ،‬ودون تردد يف القبول بفضائل الحكمة اإلنسانية وما أثلته من قيم مثلى‪ .‬كما‬
‫يقتضي ذلك بناء رؤية متحررة من الكثير من قيود التجربة التاريخية‪ ،‬وقراءة فاحصة‬
‫وناقدة الجتهادات من سبقونا يف ضوء القيم والمقاصد الكلية لإلسالم‪.‬‬

‫ويقتضي مطلب ترسيخ القيم اإلسالمية تمكين اإلنسان من حقه الفطري والطبيعي يف‬
‫معرفة خالقه واإليمان به والسعي نحو التطلع إلى الفضيلة‪ ،‬مع تمكينه من حرية المعتقد‬
‫وحرية التدين بما ال يخل باألمن الروحي والسلم األهلي للمجتمع‪ ،‬كما يتطلب الحفاظ‬
‫على الكيانات الجمعية يف ظل تموجات العولمة وتحدياهتا الجسيمة المهددة باختفاء‬
‫كل الحدود والحواجز وهتاوي كل المنتظمات التي يقوم عليها االجتماع اإلنساين‪ .‬من‬
‫أجل ذلك‪ ،‬يتطلب األمر العمل على ترسيخ قيم المواطنة مع التوفيق بين مختلف دوائر‬
‫االنتماء التي تنتظم األفراد والمجتمع‪ ،‬وذلك بجعل هذه الدوائر المتعددة‪ ،‬ومنها االنتماء‬
‫للدولة الوطنية واالنتماء لألمة العربية واإلسالمية ولإلنسانية عامة‪ ،‬تتكامل فيما بينها‬
‫وال تتناقض‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪24‬‬

‫‪ .3‬املشروع السيايس لجماعة العدل واإلحسان‪ :‬األهداف والخصائص‬

‫ينبثق المشروع السياسي لجماعة العدل واإلحسان عن الرؤية العامة الناظمة‬


‫لمشروع المنهاج النبوي التغييري؛ فهو يجسد تصور الجماعة واجتهادها العملي يف‬
‫مقاربة القضايا السياسية وتدبير الشأن العام‪ ،‬لذلك فإنه يتسم بأهداف وخصائص تحقق‬
‫التكامل واالنسجام مع المشروع الرتبوي والدعوي‪ ،‬بل نقول دون مواربة إنه ال مشروع‬
‫سياسي يف تصور العدل واإلحسان دون أساس تربوي وأفق دعوي‪.‬‬

‫‪ ....‬األهداف العامة للمشروع السيايس‬

‫تنهض اسرتاتيجية التغيير السياسي عند جماعة العدل واإلحسان على معنى وخط‬
‫وأهداف‪ .‬فالمعنى يحدد فهما للسياسة يجعلها اهتماما بالشأن العام‪ ،‬وإسهاما يف التدافع‬
‫المجتمعي لنصرة المستضعفين عرب تضافر الجهود الجماعية لتأسيس األرضية العدلية‬
‫لبناء الجو العام الذي يسمح بتحقق العبودية هلل‪ ،‬تحريرا لإلنسان من عبودية غير اهلل‪،‬‬
‫وتكريما له ليحيا إنسانيته الكاملة من منطلق اختياري ال إكراهي‪.‬‬

‫أما الخط السياسي للجماعة‪ ،‬فجوهره قائم على مبدإ األمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬والمعارضة الشرعية القائمة على الشهادة بالقسط والكينونة مع المستضعفين‬
‫قبل أن تكون معارضة تدبير المعاش واالقتصاد‪ .‬يقول اإلمام عبد السالم ياسين رحمه‬
‫اهلل‪« :‬لن نكون إال معارضة من المعارضات تنتقد الحكم وتطعن يف كفاءته إن لم نتعرض‬
‫ألصول الحكم الجائر‪ ،‬باعتباره خرقا يف الدين وانتحاال تزويريا لقداسة الدين قبل كل‬
‫شيء» (العدل‪ ،‬اإلسالميون والحكم‪ ،2000 ،‬ص ‪ .)104‬ومن نافلة القول التأكيد‬
‫على سلمية هذه المعارضة‪ ،‬سواء يف بعدها الشرعي أو المعاشي‪ ،‬والتأكيد على رفض‬
‫االستقواء بالخارج واالنزواء يف غلس السرية‪ ،‬وهذه ميزات ترتجم الالءات الثالثة التي‬
‫ما فتئت الجماعة تعلنها بوضوح‪ :‬ال للسرية‪ ،‬ال للعنف‪ ،‬ال للتبعية للخارج‪.‬‬

‫أما األهداف العامة للمشروع السياسي للجماعة‪ ،‬فيمكن تلخيصها يف اآليت‪:‬‬


‫‪25‬‬ ‫املنطلقات واألفق‬

‫بناء نظام شورى‪ ،‬ذلك أن ما عرفته األمة منذ االنكسار التاريخي(‪ ،)1‬وما تعيشه‬
‫أغلب المجتمعات العربية واإلسالمية المعاصرة من ترد وانحطاط‪ ،‬يعود يف جزء كبير منه‬
‫إلى تغييب الشورى باعتبارها جوهر الحكم وركيزته األساس‪ .‬وكوننا نؤمن بأن الشورى‬
‫هي روح الحكم وفلسفته يف اإلسالم‪ ،‬فإننا نؤمن يف اآلن نفسه بنجاعة الكثير من اآلليات‬
‫الديمقراطية وفاعليتها يف تحصين الدولة والمجتمع من نوازع االستبداد‪ ،‬وتحقيق‬
‫التداول السلمي على السلطة‪ ،‬وما يرتبط بذلك من فصل بين السلط‪ ،‬ومنع تغول سلطة‬
‫على أخرى‪ ،‬وربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬وإرساء التعددية السياسية‪ ،‬وكفالة الحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬واحرتام الدستور والقانون‪.‬‬

‫تحقيق العدل بمعانيه الشرعية وأبعاده السياسية واالجتماعية واالقتصادية‬


‫والقضائية‪ ،‬فالعدل هو ضمان الحقوق والكرامة يف عالقة اإلنسان مع أخيه اإلنسان‪،‬‬
‫واإلحسان سمو هبذه العالقة نحو رب اإلنسان‪ .‬وال يخفى أنه إذا تحقق العدل لإلنسان‪،‬‬
‫كان إلى اهلل تعالى أقرب‪ ،‬ومن وقع عليه الظلم وغشيه الفقر كان إلى التمرد والكفر أقرب‪،‬‬
‫إذ «كاد الفقر أن يكون كفرا»‪ .‬لكل ذلك يحتل العدل مكانة محورية يف مشروع الجماعة‬
‫السياسي بوصفه الهدف المركزي الذي تدور حوله باقي األهداف السياسية‪ .‬يقول اإلمام‬
‫عبد السالم ياسين رحمه اهلل‪« :‬العدل أم المصالح التي يقصد إليها الشرع‪ .‬هو ُصلب‬
‫الدين‪ ،‬وحوله ُت ُ‬
‫طيف همو ُم المسلمين‪ ،‬وبه بعث اهلل الرسل والنبيئين‪ ،‬مبشرين ومنذرين»‬
‫(العدل اإلسالميون والحكم‪ ،‬ص ‪ .)221‬وال يتحقق هذا العدل يف منظور الجماعة إال يف‬
‫ظل منظومة سياسية متكاملة على أساس دولة الحق والقانون والمؤسسات‪ ،‬ومن خالل‬
‫سياسات اجتماعية واقتصادية هتدف إلى التوزيع العادل للثروات وحماية المال العام‪،‬‬
‫وتجريم اإلثراء غير المشروع‪ ،‬وتفعيل الحكامة الجيدة‪ ،‬وتقوية األجهزة الرقابية داخل‬
‫الدولة‪ ،‬وتمكين المواطنين جميعهم من الحقوق األساسية‪ ،‬وما يتطلبه العيش الكريم‬

‫(‪ )1‬يقصد باالنكسار التاريخي انقضاض عروة الحكم‪ ،‬واالنقالب الغاشم من خالفة راشدة إلى ملك عاض‬
‫وراثي‪ .‬يقول اإلمام عبد السالم ياسين رحمه اهلل‪« :‬االنكسار التاريخي حدث محوري يف تاريخ اإلسالم‪،‬‬
‫وسيبقى فهمنا لحاضر األمة ومستقبلها مضببا‪ ،‬بل مشوشا غاية التشويش‪ ،‬إن لم ندرك أبعاد تلك األحداث‬
‫وآثارها على مسار تاريخنا» (نظرات يف الفقه والتاريخ‪ ،‬ص‪.)27‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪26‬‬

‫من حق يف الصحة والتعليم والشغل الكريم والسكن الالئق والقضاء العادل واألمن‬
‫الروحي والمادي‪.‬‬

‫صون الكرامة بوصفها تشريفا من اهلل عز وجل لإلنسان‪ .‬يقول اهلل جل جالله‪:‬‬
‫َ َْ‬ ‫َ ََ ْ َ  ْ َ َ ˜ َ َ َ َ ََْ ُ ْ ˜ َْ ّ َ َْ ْ َ َ َ ْ َ ُ ّ َ ّ َ َ َ  َْ ُ ْ َ َ‬
‫اˆ َع ٰ† ك ِث  ٍ ِّ ƒ ْن خلق َنا‬ ‫﴿ ولقد كرمنا ب ِ  آدم وšلناˆ ِ ™ ال  ِ والبح ِر ورزقناˆ ِمن الط ِيب ِ‬
‫ات وفضلن‬
‫َْ ً‬
‫تف ِضي¡ ﴾ (اإلسراء ‪ .)70‬ففي دوس كرامة اإلنسان عصيان هلل عز وجل‪ ،‬وفيه سلب‬
‫آلدميته وأفضليته‪ ،‬لذلك فإن من صميم المشروع السياسي لجماعة العدل واإلحسان‬
‫معارضة كل ما يمس بكرامة اإلنسان ويحط من إنسانية اإلنسان‪ ،‬كل إنسان‪ ،‬والدفاع عن‬
‫هذه الكرامة‪ ،‬والعمل على إحقاقها كاملة غير ناقصة‪.‬‬

‫تحقيق الحرية‪ ،‬بوصفها قيمة شرعية وإنسانية مثلى يتوقف عليها تقدم الشعوب‬
‫والمجتمعات وازدهارها‪ ،‬بل تتوقف عليها حياة اإلنسان‪ ،‬إذ ال معنى لحياة بال حرية‪.‬‬

‫وتتحقق الحرية يف الفضاء العام بفسح المجال لالختيارات السياسية والفكرية‬


‫والثقافية‪ .‬ومن الحرية التي نؤمن هبا‪ ،‬وندعو إليها‪ ،‬تحرر اإلنسان من شهوات النفس‬
‫ونوازع الهوى‪ ،‬إذ ال تتحقق الحرية‪ ،‬بشقيها العام والخاص‪ ،‬يف صورهتا األسمى إال‬
‫باستنادها إلى تربية أخالقية عميقة ُترسخ يف ضمير الفرد والمجتمع التزام قيم العدل‬
‫والفضيلة والمسؤولية‪ ،‬واجتناب منازع الظلم والرذيلة وكل ما فيه إخالل بالقانون‬
‫والنظام العام‪.‬‬

‫ترسيخ الوحدة والتعاون‪ ،‬إذ ال يمكن تحقيق تغيير حقيقي لألوضاع السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بدون توحيد الجهود بين ذوي المروءات بغض النظر عن‬
‫مرجعياهتم‪ .‬ومن الوحدة الوقوف ضد كل مشاريع التفتيت والتجزئة المحلية واإلقليمية‪،‬‬
‫والدفاع عن الوحدة الرتابية للدول العربية واإلسالمية‪ ،‬وتقوية الشعور باالنتماء للوطن‬
‫وللمجال المغاربي واإلفريقي ولألمة العربية واإلسالمية‪.‬‬

‫وتشكل الوحدة اإلسالمية الجامعة مطلبا ملحا وأفقا اسرتاتيجيا يف عالم التكتالت‬
‫الكربى‪ ،‬كما يشكل التعاون بين الدول والمنظمات وشعوب العالم موقفا مبدئيا نتشبث‬
‫‪27‬‬ ‫املنطلقات واألفق‬

‫به وندعو إليه لمواجهة ما ُيهدد اإلنسانية من تحديات على أساس من االحرتام التام‬
‫لقواعد التعايش المشرتك‪.‬‬

‫‪ . ..‬خصائص املشروع السيايس‬

‫ُتستمد الخصائص األساسية للمشروع السياسي للجماعة من خصائص مشروعها‬


‫المجتمعي‪ ،‬كما بسطها المنهاج النبوي‪ ،‬ويمكن تلخيصها يف العناصر اآلتية‪:‬‬

‫األصالة‪ :‬يستمد المشروع السياسي للجماعة أصالته من أصالة مشروعها‬


‫التغييري‪ ،‬الذي ينهل أصوله من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‪ .‬وهي أصالة‬
‫يف األهداف والغايات واألسلوب والوسائل واآلليات ويف المفاهيم‪ .‬فلتحقيق الدولة‬
‫العادلة وبناء العمران األخوي‪ ،‬البد من اعتماد اآلليات المشروعة للتدافع السياسي‬
‫السلمي لتدبير الشأن العام‪ .‬والفعل السياسي لدى جماعة العدل واإلحسان يحكمه‬
‫ضابط معياري وهو االلتزام بالمبادئ اإلسالمية والمقاصد الكلية للعمل السياسي على‬
‫مستوى الغايات والوسائل‪ ،‬باإلضافة إلى كون األهداف السياسية والسعي لتحققها ال‬
‫يخرج عن المقاصد والغايات الرتبوية اإلحسانية‪.‬‬

‫تكامل األبعاد‪ :‬يتسم المشروع السياسي للجماعة بتكامل األبعاد يف تجليها‬


‫الفردي والجماعي‪ ،‬والمحلي والعالمي‪ ،‬فتتسع جوانب الرؤية فيه لتحيط بالجوانب‬
‫التعبدية والجوانب المعيشية‪ ،‬وتسعى لتحقيق الخالص الفردي والجماعي‪ .‬وال يقتصر‬
‫على مجال دون آخر‪ ،‬بل يشمل كل المجاالت‪ ،‬وينظر يف الماضي والحاضر ويستشرف‬
‫المستقبل؛ ليشكل رؤية لحل مشكالت العصر وتحدياته المحلية والعالمية‪ ،‬ويف القلب‬
‫منها مشكالت المجتمع المغربي الرتبوية والثقافية واالجتماعية والسياسية واالقتصادية‪.‬‬

‫الوضوح‪ :‬يتحدد ذلك يف وضوح أهداف المشروع السياسي للجماعة‪ ،‬ووضوح‬


‫مطالبه ووسائله وأساليبه ومبادئه ومفاهيمه‪ .‬ويشكل هذا الوضوح التزاما أخالقيا تجاه‬
‫الرأي العام والفاعلين السياسيين بالمغرب‪ ،‬ويتجسد من خالل الموقف األخالقي‬
‫واإلنساين الثابت من رفض االستبداد والفساد‪ ،‬ومن خالل الموقف المبدئي من عدد من‬
‫القضايا الفكرية والسياسية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪28‬‬

‫والوضوح يف الرؤية والخطاب يعد اختيارا مركزيا ثابتا لدى الجماعة ال يخفى على‬
‫كل متتبع لمسيرهتا أو دارس ألفكارها‪ .‬وقد اختارت الجماعة منذ تأسيسها أال تعمل‬
‫يف إطار مغلق على الذات مهما كانت الدواعي‪ ،‬بل إهنا آثرت أن يظل خطاهبا وصوهتا‬
‫موصولين بالشعب وهبمومه وقضاياه‪.‬‬

‫النسقية‪ :‬يندرج المشروع السياسي للجماعة ضمن النسق العام لمشروعها‬


‫المجتمعي التغييري‪ ،‬ولذلك فهو جزء من كل‪ ،‬بحيث يتسق مع أهدافه ومقاصده‬
‫ومطالبه الكربى‪ ،‬فالتصور العام للعمل السياسي اإلسالمي يشكل نسقا منتظما وفق‬
‫أساس منهاجي يرتب الوسائل لبلوغ األهداف‪ ،‬ويصوغ المراحل واألولويات يف شكل‬
‫خطط وبرامج قابلة للتنزيل والتطبيق‪ .‬وتتجسد خاصية النسقية أيضا يف انسجام المواقف‬
‫السياسية تجاه القضايا المحلية والدولية مع المبادئ الناظمة للمشروع من غير تناقض أو‬
‫تغير يف المواقف المبدئية تبعا للمصالح المتغيرة‪.‬‬

‫المستقبلية‪ :‬إذا كان المشروع المنهاجي التغييري ال ينحصر يف الحاضر ولكنه‬


‫مشروع مستقبلي لألمة وأجيالها المتالحقة‪ ،‬فإن المشروع السياسي يرتكز على ذلك‬
‫للتفاعل مع الوضع السياسي الراهن للمجتمع المغربي‪ ،‬وفق رؤية استشرافية تأخذ بعين‬
‫االعتبار إكراهات الحاضر للعمل على تجاوز األزمات المتعددة‪ ،‬والنهوض باألوضاع‬
‫المجتمعية‪ ،‬وبناء مجتمع العمران األخوي‪ ،‬وبعث روح العزة والوحدة يف األمة يف أفق‬
‫استعادهتا لوظيفتها االستخالفية والشهود الحضاري‪.‬‬

‫الوسطية واالعتدال‪ :‬إن إقامة التوازن بين األساس الرتبوي والعمل السياسي‬
‫مطلب من مطالب المشروع السياسي للجماعة‪ ،‬بما يحقق تالزم األخالق والسياسة‬
‫على مستوى الخطاب والممارسة‪ ،‬وتالزم السلوك اإليماين والمسعى االستخاليف‪،‬‬
‫الذي يعدّ عنوانا لتحقيق مطالب العدل والعمران األخوي واستعادة فاعلية الشهود‬
‫ٱل ٱل ِذ  ˜َ‪َ ¥‬ء َام ُن ْوا ِم ُ ْ‬
‫ن‪£‬‬ ‫﴿و َع َد  ُ‬
‫الحضاري اإلسالمي ألمتنا اإلسالمية‪ .‬يقول اهلل عز وجل‪َ :‬‬
‫َ ْ ْ َ َ ُ َ ّ ˜َ ˜ َ ُ ْ ˜َ ُ ‬ ‫ََ ‬ ‫َ‬ ‫َ ˜ ْ َ‬ ‫َ َ ُ ْ  ٰ َٰ َ‬
‫ي© ُم ٱل ِذى‬ ‫ات ل َي ْس َت ْخ ِلف ˜ ُ© ْم ِ™ ٱ ْر ِض َ‪µ‬ا ْٱس َت ْخلف ٱل ِذ  ˜َ‪ِ ¥‬من قب ِل ِهم‪ ،‬وليم ِك« ‪ª‬م ِد‬
‫و ِ»لوا ٱلص ِا‪ِ ¹‬‬
‫ْ َ ˜ َ ٰ َ ُ ْ َ َ ُ َ ّ َ ˜  ُ ّ َ ْ َ ْ ˜ ْ َ ْ ً َ ْ ُ ُ َ ˜ َ ُ ‪َ َٰ ْ ُ َ َ َٰ َ ْ َ َ َ َ َ Á ْ َ َ ُ ْ Å‬‬
‫‪Æ‬كون ِ‪ Ä‬شيـا‪ ،‬ومن كفر بعد ذ ِلك فأول ِئك‬ ‫‪ª Ê‬م‪ ،‬وليب ِدل©م ِمن بع ِد خو ِ ِ‪É‬م أمنا‪ ،‬يعبدون ِ  ي ِ‬ ‫ٱرت‬
‫ُ ُ ْ َٰ ُ َ‬
‫ˆ ٱلف ِسقون﴾ (النور ‪.)53‬‬
‫‪29‬‬ ‫املنطلقات واألفق‬

‫ويقرتن التوازن يف المشروع السياسي للجماعة بالوسطية باعتبارها مبدأ إسالميا‬


‫أصيال‪ ،‬يقي من التشدد والتطرف بكل أنواعهما‪ ،‬ويحقق الرفق والتيسير والرحمة‬
‫للعالمين‪ ،‬ويجسد االنتماء الفعلي ألمة اإلسالم‪ ،‬يقول اهلل عز وجل‪َ ﴿ :‬و َك َذ ِل َك َج َع ْل َن ُ ْ‬
‫ا‪Ë‬‬
‫ُ  ً َ َ ً ّ َ ُ ُ ‪َÅ ْ ُ ْ َ َ ُ ُ  َ ُ َ َ  َ َ َ َ َ ُÅ‬‬
‫‪ً Í‬يدا ﴾ (البقرة‪.)142 ،‬‬ ‫اس ويكون الرسول علي‪ِ £‬‬ ‫أمة وسطا ِلتكونوا ‪Í‬داء ع† الن ِ‬
‫التدرج والمرونة‪ :‬التغيير مسألة أجيال‪ ،‬فليست إزاحة االستبداد والفساد بجرة‬
‫قلم‪ ،‬وال تحويل الواقع المرير إلى عدل وتنمية بضربة الزب‪ ،‬لذلك يلزم التدرج بما‬
‫هو أسلوب نبوي ال يعني قبول أنصاف الحلول‪ ،‬وال االنبطاح أمام الظلم‪ ،‬وال التنازل‬
‫عن القيم والمبادئ بدعوى الواقعية‪ ،‬بل هو استمرارية متئدة بصرب ومصابرة تبني التقدم‬
‫القاصد لبنة لبنة‪ ،‬إنه غشيان للميدان وقدرة على مواجهة الصعاب بقوة ضابطة للنفس‬
‫صامدة رفيقة وحكيمة‪ .‬كما يحتاج التغيير إلى المرونة بحسباهنا اجتهادا وقابلية استثمار‬
‫الجديد يف التعامل مع الواقع السياسي وتحدياته دون التخلي عن األصول والثوابت‪ ،‬مع‬
‫األخذ بعين االعتبار نسبية االجتهاد البشري يف التطبيق وسعة الشرع يف ذلك‪.‬‬
30
‫‪31‬‬

‫املحور السيايس‪:‬‬
‫حرية وعدل وحكم املؤسسات‬
32
‫‪33‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫تسعى جماعة العدل واإلحسان إلى اإلسهام يف بناء دولة العدل والكرامة والحرية‪،‬‬
‫إذ تروم بناء نظام حكم عادل ومنضبط للتعاقد الدستوري المنبثق عن اإلرادة الشعبية؛‬
‫نظام يقوم على سلط حقيقية ومستقلة ومتوازنة ومتعاونة‪ ،‬وعلى مؤسسات مدنية فاعلة‬
‫ومبادرة‪.‬‬

‫‪ .1‬بناء دولة العدل والكرامة والحرية‬

‫إن بناء دولة العدل والكرامة والحرية يتوقف على إحداث قطيعة فعلية مع االستبداد‪،‬‬
‫وتوفير شروط وآليات جديدة تضمن حق االختالف‪ ،‬وتمكن الجميع من العيش تحت‬
‫سقف دولة واحدة تكفل الحكم بدستور ديمقراطي‪ ،‬وترعى على أساس من الالمركزية‬
‫والعدالة االجتماعية حريات وحقوق كل المواطنين‪.‬‬

‫‪ ....‬من مجتمع الدولة إىل دولة املجتمع‬

‫تسعى جماعة العدل واإلحسان إلى اإلسهام يف بناء دولة عصرية عادلة منضبطة‬
‫للتعاقد الدستوري المنبثق عن اإلرادة الشعبية‪ ،‬دولة مدنية بكل ما يعنيه ذلك من بعد‬
‫عن طبيعة الدول التيوقراطية والعسكرية والبوليسية‪ ،‬دولة القانون والمؤسسات القائمة‬
‫على الفصل والتوازن والتعاون بين السلطات‪ ،‬وعلى التداول السلمي للسلطة من خالل‬
‫انتخابات حرة ونزيهة ومنتظمة وفعالة‪ ،‬دولة تسعى عرب مؤسساهتا وبرامجها إلى مشاركة‬
‫المواطنين يف الحياة العامة‪ ،‬مع خضوع مسؤوليها للمحاسبة والمساءلة بغض النظر عن‬
‫مكانتهم السياسية ومواقعهم االجتماعية‪.‬‬

‫ننشد دولة المجتمع‪ ،‬أي الدولة التي تجعل أولى أولوياهتا خدمة المجتمع وضمان‬
‫أمنه واستقراره‪ ،‬والسعي الدؤوب للرقي به بعيدا عن أي تمييز بين أبنائه‪ .‬وال تتأتى دولة‬
‫المجتمع هبذه الخصائص يف ظل مجتمع ضعيف تنخره عوامل التفكيك والتهميش‪،‬‬
‫وترتسخ فيه آليات التجهيل‪ ،‬مع ما يصاحب ذلك من استقالة من الشأن العام وضعف‬
‫لرقابة الشعب على مؤسسات الدولة التي تمثله‪ .‬كل هذا يؤكد أهمية بناء المجتمع‬
‫قيميا ومعرفيا وتنمويا من خالل تنمية حس االنخراط واإليجابية وتكافؤ فرص الولوج‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪34‬‬

‫إلى الرتبية والتعليم واإلنتاج والرفاه‪ .‬كما نؤكد ضرورة توسيع الشراكة المجتمعية بين‬
‫مؤسسات المجتمع وقواه الحية‪ ،‬انطالقا من العمل المجتمعي وسط الشعب‪ ،‬والتواصل‬
‫المباشر مع المواطنين سعيا لرفع الوعي‪ ،‬ودفعا للسلبية‪ ،‬وتأسيسا لعالقة جديدة بين‬
‫المواطن والشأن العام‪ ،‬مع إعادة االعتبار للعمل الجماعي التطوعي التشاركي‪.‬‬

‫ويقتضي ذلك أن ترفع الدولة يدها عن األحزاب السياسية لتقوم هذه األخيرة بما‬
‫يفرتض فيها من تنافس على الحكم وتمثيل للمواطنين وتأطير سياسي لهم‪ ،‬وفسح‬
‫المجال للجمعيات الثقافية والحركات الدعوية والتنظيمات المدنية ومؤسسة العلماء‬
‫لإلسهام يف نشر القيم األصيلة التي تبني اإلنسان وترسخ فيه البواعث السامية‪ ،‬وتفتل‬
‫يف حبل المجتمع المشارك والمبادر‪ .‬ويجب أن تكون القاعدة الصلبة لكل ذلك تحرير‬
‫الطاقات‪ ،‬خاصة الشبابية والنسائية‪ ،‬وفتح مجاالت اإلبداع والعمل واإلسهام أمامها‪ .‬هبذا‬
‫المجتمع‪ ،‬ستكون دولة‪ ،‬ال شك‪ ،‬متماسكة ومتقدمة رغم الصعاب الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫ونرى من الضروري أن تنضبط الدولة المنشودة للمبادئ اآلتية‪:‬‬

‫مساواة الجميع أمام القانون‪ ،‬حكاما ومحكومين‪ ،‬وحماية حقوق وحريات كل‬
‫المواطنين بواسطة نص الدستور والمؤسسات واآلليات القانونية والقضائية‪ ،‬التي تسمح‬
‫بمواجهة كل شطط من شأنه المس بالحقوق والحريات‪.‬‬

‫جعل كرامة اإلنسان يف المقام األول‪ ،‬فال معنى لوجود حرية وديمقراطية سياسية‬
‫يف ظل استعباد اقتصادي واجتماعي للمواطن بدعاوى مختلفة‪ .‬وال يمكن أن تصان كرامة‬
‫اإلنسان بدون هنج الدولة لسياسات واضحة إلقرار العدالة االجتماعية‪ ،‬وكذا بدون وجود‬
‫حد أدنى ُيم ّكن المواطن من العيش الكريم من خالل توفير ضروريات الحياة‪ ،‬التي يمكن‬
‫أن تتسع كلما استقر االقتصاد الوطني ونما وتقدم‪.‬‬

‫جعل التعددية السياسية أساس العمل السياسي‪ ،‬مع ما يتطلب ذلك من ترسيخ‬
‫لثقافة القبول باآلخر مهما كانت االختالفات والتباينات‪ .‬فالوطن يسع جميع أبنائه‪ ،‬وثقل‬
‫تركة االستبداد يفرض على كل الغيورين أن يمدوا أيديهم إلنقاذ هذا الوطن والنهوض‬
‫به من جديد‪ ،‬والمشرتك يتسع نطاقه بإرادة مختلف القوى الحية‪ ،‬والبناء المشرتك يكون‬
‫‪35‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫بنيانه أقوى وعمره أطول ومناعته أصلب أمام استكبار عالمي ال مكان فيه للدول الضعيفة‬
‫المنقسم شعبها‪.‬‬

‫تحييد المساجد والمؤسسات الدينية عن الصراع الحزبي واالنتخابي‪ ،‬ومنع‬


‫احتكارها وتوظيفها لتربير التسلط من قبل الدولة ومؤسساهتا الرسمية‪ ،‬مع ضرورة‬
‫تأطيرها وتنظيمها لجعلها مجاال للمجتمع وقواه الدعوية والعلمية والمدنية‪ ،‬بما‬
‫ينسجم مع قيم اإلسالم السمحة ومعانيه الجامعة وأخالقه الراسخة التي تعود بالتعاون‬
‫واإليجابية واليقظة على المواطنين والمؤسسات‪ ،‬وبما يقف حاجزا أمام التعصب‬
‫والتشدد والغلو والفوضى‪.‬‬

‫‪ . ..‬من السلطوية املدسرتة إىل الدستور الديمقراطي‬

‫ال تخرج مختلف التجارب الدستورية التي عرفها المغرب عن مسار تكريس‬
‫السلطوية من خالل وثائق دستورية ممنوحة ُتكرس الحكم الفردي‪ .‬لذلك‪ ،‬نرى أن هناك‬
‫عالقة وطيدة بين طريقة وضع الدستور وبين مضمونه وتفعيله‪ ،‬فال يمكن لدستور تم‬
‫وضعه بطريقة غير ديمقراطية أن يحقق فعال ما يقتضيه الدستور الديمقراطي على مستوى‬
‫مضمونه وتفعيله من سيادة شعبية وفصل للسلط وضمان للحقوق والحريات‪.‬‬

‫‪ .1.2.1‬خلل يف املنطلق‬

‫ُيشكل احتكار «السلطة التأسيسية األصلية» من قبل الملك‪ ،‬واعتباره فوق كل السلط‪،‬‬
‫أحد األعطاب البنيوية األساسية التي أسهمت وتسهم يف انغالق النسق السياسي المغربي‪،‬‬
‫وتحكم على مساره باالختالل‪ ،‬وعلى نظام الحكم فيه بالمركزة والسلطوية‪ .‬لقد أخطأ‬
‫المغرب منذ االستقالل مسار بناء الدولة الحديثة الديمقراطية‪ ،‬فرغم نضاالت الوطنيين‬
‫الغيورين‪ ،‬الذين نعتز هبم وبما قدموا من تضحيات جسام‪ ،‬سرعان ما رجحت كفة ميزان‬
‫القوى لصالح ملكية مطلقة‪ ،‬وذلك ما تجلى بوضوح يف مضمون دستور ‪ ،1962‬ويف‬
‫واضعيه الذين استُبعد منهم ممثلو الشعب ونخبه الحية‪ ،‬رغم مناداة بعض القوى بمطلب‬
‫الجمعية التأسيسية المنتخبة لوضع الوثيقة الدستورية باعتبارها المدخل الطبيعي لتحقيق‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪36‬‬

‫دستور ديمقراطي‪ .‬وقد أسس دستور ‪ 1962‬لنظام سلطوي ارهتنت له كل الدساتير‬


‫الالحقة‪ ،‬مرورا بدساتير ‪ 1970‬و‪ ،1972‬و‪ 1992‬و‪ 1996‬إلى دستور ‪ ،2011‬حيث‬
‫أصر الملك على االستمرار يف احتكار المبادرة الدستورية‪ ،‬من خالل تشكيل لجنة ملكية‬
‫لوضع الدستور‪ ،‬بعد أن وضع الثوابت والمرتكزات الدستورية األساسية يف خطاب‬
‫‪ 9‬مارس ‪ .2011‬ورغم إحداث آلية سياسية تتكون من مسؤولي األحزاب السياسية‬
‫والنقابات للمتابعة وفسح المجال لتقديم مذكرات دستورية‪ ،‬فإن ذلك لم ينبع من إرادة‬
‫إشراك فعلي‪ ،‬ولكن كان فقط لجلب التزكية السياسية للمبادرة الملكية‪.‬‬

‫‪ .2.2.1‬السلطة التأسيسية الجماعية مدخل للدستور الديمقراطي‬

‫تنبع حساسية وأهمية السلطة التأسيسية األصلية من أهنا السلطة المنشئة للدستور‪ ،‬أي‬
‫أهنا السلطة المخولة إلنشاء الوثيقة الدستورية‪ ،‬وهي بذلك سابقة على كل السلط وفوقها‪،‬‬
‫فمصدرها يف ذاهتا وليس يف سلطة أخرى تعلوها‪ .‬وألن جماعة العدل واإلحسان تنتصر‬
‫لخيار السيادة الشعبية‪ ،‬وتسعى لبناء نظام ديمقراطي‪ ،‬وترفض رفضا مطلقا خيار إرادة‬
‫الحاكم المنفردة‪ ،‬فإهنا تنطلق من التمييز المتعارف عليه يف الفقه الدستوري بين األساليب‬
‫غير الديمقراطية لوضع الدستور ومنها أسلوب المنحة‪ ،‬واألساليب الديمقراطية ومنها‬
‫أسلوب الجمعية التأسيسية المنتخبة واالستفتاء‪ ،‬وتعلن تمسكها باألساليب الديمقراطية‬
‫يف وضع الدستور‪ ،‬بعيدا عن المبادرات السلطوية االنفرادية‪.‬‬

‫ويف هذا السياق نلح على إعادة تأسيس دستور بشكل من األشكال الديمقراطية‪،‬‬
‫ونضع يف المقام األول ما يسمى يف الفقه الدستوري ب «الجمعية التأسيسية غير السيادية»‪،‬‬
‫وهو ما يعني انتخاب الشعب لهيأة تضع مشروع الدستور‪ ،‬ثم يطرح هذا المشروع على‬
‫الشعب يف استفتاء عام حر ونزيه من أجل قبوله أو رفضه‪ .‬فهذا الشكل يجعل الشعب من‬
‫جهة أولى هو مصدر «المبادرة الدستورية» عرب انتخاب جمعية تأسيسية (أو مجلس أو‬
‫ؤسسة)‪ ،‬كما تجعله من جهة‬
‫مؤتمر‪ ،‬إذ ال هتم التسمية مادام الجامع أهنا سلطة تأسيسية ُم ّ‬
‫ثانية صاحب الكلمة النهائية يف اإلقرار عرب االستفتاء الدستوري حين ُيعرض «مشروع‬
‫الدستور» على الناخبين ليكتسب مشروعية القوة القانونية بالتصديق الشعبي‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫إذا كان من شأن هذه اآللية المزدوجة أن تضفي الطابع الديمقراطي على عملية‬
‫اإلعداد وعملية اإلقرار‪ ،‬وذلك ما يحقق السيادة الشعبية يف أجلى صورها‪ ،‬فإننا يف المقابل‬
‫نستحث الفاعلين والتيارات واألحزاب على توسيع مساحات التوافق بحثا عن تالقي‬
‫إرادة الشعب بإرادة نخبه الحية‪ .‬إننا نروم هنا استبعاد وتجاوز منطق الغلبة واالكتساح الذي‬
‫تتيحه اآللية االنتخابية حين يختار الشعب الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور‪،‬‬
‫ونطمح أن تبحث القوى عن أفضل السبل وأنجعها للوصول إلى «هيئة منتخبة» تحظى‬
‫بأوسع قدر من التوافق‪ ،‬يجد الجميع فيها ذاته وتشكل اختيارا ينتصر لكل المغاربة‪ .‬ولعل‬
‫من الصيغ الممكن التوافق عليها تقديم مرشحين مشرتكين للجمعية التأسيسية‪.‬‬

‫من أجل صياغة دستور ديمقراطي‪ ،‬وربطا لألفكار والمقرتحات أعاله بما سبقها من‬
‫مبادئ ُم َؤ ِّسسة‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬صياغة ميثاق جامع عن طريق الحوار والتوافق‪ ،‬يعرب عن «الرؤية االسرتاتيجية»‬


‫التي يريدها المغاربة لبلدهم (يمكن أن نصطلح عليه ب «وثيقة المبادئ فوق‬
‫الدستورية»)‪.‬‬

‫‪ .2‬عرض لوائح المرشحين والمرشحات على االنتخاب العام‪ ،‬مع ضمان كافة‬
‫تدابير النزاهة والشفافية‪.‬‬

‫‪ .3‬انتخاب الهيئة التأسيسية المكلفة بوضع مشروع الدستور الجديد‪.‬‬

‫‪ .4‬فسح المجال لالقرتاح الشعبي ومنح مهلة كافية للهيئة التأسيسية إلعداد مشروع‬
‫الدستور‪.‬‬

‫‪ .5‬عرض مشروع الدستور على االستفتاء‪.‬‬

‫إن العمل هبذه المقرتحات وتفعيلها على أرض الواقع‪ ،‬من شأنه أن يؤسس لدستور‬
‫ديمقراطي يشكل النواة الصلبة والمدخل الحقيقي لدولة العدل والكرامة والحرية التي‬
‫تنشدها كل القوى الحية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪38‬‬

‫‪ .3.2.1‬فصل السلط وتوازنها‬

‫ال معنى لوجود دستور إن كان الحاكم يجمع بين يديه كل السلط‪ :‬التشريعية والتنفيذية‬
‫والقضائية‪ ،‬ويجعلها يف خدمته وعلى الهامش من وجوده‪ .‬ففكرة الدستور ارتبطت يف‬
‫نشأهتا وتطورها بمبدإ فصل السلط‪ ،‬كما ارتبطت بحفظ حقوق المواطنين وحرياهتم‪،‬‬
‫لذلك البد أن تحقق الوثيقة الدستورية نوعا من التوازن بين مختلف السلط الدستورية‪.‬‬
‫فالربلمان المنتخب من طرف األمة يملك السلطة التشريعية‪ ،‬إذ ال قانون يصدر خارج‬
‫سلطته‪ ،‬مع حقه األصيل يف تقييم السياسات العمومية والرقابة على العمل الحكومي‪.‬‬
‫والحكومة هي السلطة التنفيذية التي تتحمل كامل مسؤوليتها يف وضع السياسات‬
‫العمومية وتنفيذها‪ ،‬وتقدم حساب ذلك بشكل دوري أمام الربلمان ومؤسسات الرأي‬
‫العام وعند المحطات االنتخابية‪ .‬وتكتسي السلطة القضائية أهمية خاصة إذ إهنا هي‬
‫الحامية للمجتمع أفرادا وجماعات من االستبداد والشطط يف استعمال السلطة‪ ،‬كما‬
‫تسهم باقي المؤسسات الدستورية يف الحفاظ على التوازن بين السلط‪ ،‬يف إطار يجعل‬
‫للسيادة الشعبية سموا واضح المعالم يف مواجهة كل منحى للتسلط سواء كان مصدره‬
‫تنفيذيا أو تشريعيا أو قضائيا‪.‬‬

‫ويقوم القضاء الدستوري يف هذا السياق بدور محوري‪ ،‬حيث يسهر على ضمان سمو‬
‫أحكام الدستور‪ ،‬وحماية التوازن بين المؤسسات‪ ،‬وحماية الحقوق والحريات‪ ،‬ومراقبة‬
‫دستورية القوانين‪.‬‬

‫ولتحقيق هذه األهداف‪ ،‬نقترح بشأن المحكمة الدستورية ما يلي‪:‬‬


‫‪ .6‬ضمان استقالليتها وحيادها وجعلها على مسافة واحدة من مختلف الفاعلين‬
‫السياسيين‪.‬‬
‫‪ .7‬إعادة النظر يف طريقة تشكيلها بما يضمن تحقيق االستقاللية والحياد‪.‬‬
‫‪ .8‬اعتماد االستقامة والكفاءة يف اختيار رئيس المحكمة الدستورية وأعضائها‪.‬‬
‫‪ .9‬توفير الضمانات واإلجراءات المساعدة على االبتعاد عن التأويل السلطوي‬
‫للدستور‪.‬‬
‫‪39‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ ....‬دولة الحقوق والحريات‬

‫سارع مهندسو ما سمي «بالعهد الجديد» إلى التبشير بطي صفحة االنتهاكات‬
‫الجسيمة لحقوق اإلنسان التي مست جميع المكونات‪ ،‬لكن سرعان ما تم االنقالب‬
‫على ذلك لتعود السلطة من جديد إلى سابق عهدها وممارساهتا القمعية‪ ،‬إلى أن سنحت‬
‫فرصة الربيع العربي الذي أطاح برؤساء دول عرفوا باالستبداد والفساد‪ ،‬بانطالق الحراك‬
‫الشعبي مع حركة ‪ 20‬فرباير‪ ،‬التي رفعت شعار ًا مركزيًا يوحد مطالبها ومطالب داعميها‪،‬‬
‫عنوانه «الشعب يريد إسقاط الفساد واالستبداد»‪ ،‬لتمتد رقعة االحتجاج السلمي إلى كافة‬
‫مدن وبوادي المغرب‪ ،‬وليصدح الجميع بنداء الحرية والكرامة والعدالة االجتماعية‪ .‬وتم‬
‫االلتفاف مرة أخرى على ذلك من خالل دستور ‪ 2011‬الذي استنفذ «بريقه»‪ .‬وبدا أن ما‬
‫شكل بصيص أمل لدى مناصري حقوق اإلنسان لم يصمد أمام رجوع السلطوية بوجهها‬
‫المكشوف من جديد‪ ،‬وتغول األجهزة األمنية يف التعامل مع االحتجاجات االجتماعية‬
‫التي اتسع مداها بسبب تراجع الدولة عن تنفيذ التزاماهتا‪.‬‬

‫لقد فشل العرض الدستوري والسياسي فشال ذريعا‪ ،‬ويف وقت وجيز؛ ألنه لم يتمخض‬
‫عن إرادة سياسية حقيقية‪ ،‬لتكون النتيجة انحسارا حقوقيا‪ ،‬وتقهقرا يف منسوب الحرية لدى‬
‫الناشطين‪ ،‬وتدنيا يف مؤشرات التنمية البشرية‪ ،‬وترديا يف خدمات المرافق العمومية ذات‬
‫الطبيعة االجتماعية‪ ،‬وتغوال مخزنيا يحمي لوبيات الفساد‪ ،‬ويمنع المواطنين من أبسط‬
‫حقوقهم يف االحتجاج السلمي‪ ،‬وتفاقم كل ذلك مع جائحة كورونا‪ ،‬التي تم استغاللها‬
‫من قبل األجهزة األمنية لتكريس السلطوية‪.‬‬

‫إن المدخل األساسي لحماية حقوق المواطنين وحرياهتم يتمثل يف التأسيس لنظام‬
‫سياسي ديمقراطي‪ ،‬يلتزم بالحقوق والحريات‪ ،‬ويكرم اإلنسان تكريما متناسبا مع التكريم‬
‫اإللهي‪ ،‬ويجعل منه منطلقًا للتنمية وهدفا لها‪.‬‬

‫على مستوى الحقوق والحريات السياسية والمدنية نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .10‬اعرتاف الدولة بمسؤوليتها عن جرائم االعتقال السياسي واإلخفاء القسري‬


‫والتعذيب‪ ،‬وفتح باب المصالحة الوطنية وجرب الضرر الفردي والجماعي‪،‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪40‬‬

‫المادي والمعنوي‪ ،‬يف كل الملفات التي وقعت فيها انتهاكات‪ ،‬مع وضع ضمانات‬
‫دستورية تجرم هذه الممارسات يف حق المخالفين‪.‬‬
‫‪ .11‬تحصين العملية السياسية‪ ،‬وتيسير ممارسة الهيآت السياسية لمهامها يف تمثيل‬
‫المواطنين مع العمل على ترشيد الحقل السياسي‪.‬‬
‫‪ .12‬جعل االنتخاب المباشر‪ ،‬الحر والنزيه‪ ،‬الشكل الوحيد المعرب عن إرادة األمة‪،‬‬
‫وتفعيل مبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة‪.‬‬
‫‪ .13‬ضمان حرية التعبير والصحافة وحمايتها دستوريا‪ ،‬وتنظيم مجال اشتغالها‪،‬‬
‫بما يقطع مع العقوبات السالبة للحرية‪ ،‬ويف إطار المسؤولية واحرتام القانون‪،‬‬
‫وإشراك اإلعالم بكل أنواعه يف تخليق الحياة السياسية ورفع وعي المجتمع‬
‫بحقوقه وواجباته‪.‬‬
‫‪ .14‬ترسيخ الحكامة القضائية والعدالة الناجزة‪ ،‬وتقوية هيآت التقصي عن انتهاكات‬
‫حقوق اإلنسان واإلبالغ عنها بشراكة مع المجتمع المدين‪.‬‬
‫‪ .15‬تشجيع اإلعالم العمومي والخاص على التعريف بالحقوق والحريات المؤطرة‬
‫دستوريًا‪ ،‬وتشكيل وعي مجتمعي ضد انتهاكات الماضي الجسيمة‪ ،‬وضمان‬
‫حق الجميع يف الحصول على المعلومة‪.‬‬
‫‪ .16‬حماية حقوق السجناء‪ ،‬وربطهم بالنسيج االقتصادي والمهني تسهيالً إلدماجهم‬
‫يف الحياة العامة بعد انتهاء مدة العقوبة السجنية‪ ،‬واالرتقاء بالمؤسسة السجنية‬
‫وجعلها فضا ًء للرتبية والتعليم والتأهيل النفسي والمجتمعي والمهني‪.‬‬
‫‪ .17‬تفعيل مبدإ سيادة القانون وتيسير الدفع بعدم دستورية القوانين أمام مختلف‬
‫المحاكم‪ ،‬إذا تعلق األمر بالحقوق والحريات األساسية‪.‬‬
‫‪ .18‬ضمان الحق يف المحاكمة العادلة لكل المتهمين بغض النظر على التهم‬
‫الموجهة لهم‪.‬‬
‫‪ .19‬ضمان الحق يف التنظيم لكل المواطنين‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫على مستوى الحقوق االقتصادية واالجتماعية‪:‬‬

‫يتوقف تحقيق النهوض التنموي للمجتمع يف منظورنا على ضمان الحقوق‬


‫االقتصادية واالجتماعية وحمايتها‪ .‬ومن أجل الحفاظ على النسيج المجتمعي وتحقيقا‬
‫للعدالة المجالية‪ ،‬وتأسيسًا لمجتمع العمران األخوي‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .20‬ضمان الحق يف التعليم العمومي الجيد والمنصف لكل فئات المجتمع وبكل‬
‫المناطق بشكل مستدام ومتاح بأفضل السبل‪ ،‬والرفع من اإلنفاق العام لتجويد‬
‫مخرجاته‪ ،‬وإشراك المجتمع المدين يف النهوض بالعملية التعليمية‪.‬‬
‫‪ .21‬تأمين الحق يف الصحة والتطبيب لكل المواطنين وإعادة االعتبار للقطاع العام‪،‬‬
‫مع ضرورة تعزيز الموارد البشرية بالقطاع‪ ،‬والعمل على تعميم االستفادة من‬
‫التغطية الصحية‪.‬‬
‫‪ .22‬ضمان الحق يف الشغل‪ ،‬وتدريب الموارد البشرية للتخفيف من ضعف كفاءة‬
‫اليد العاملة‪ ،‬ودعم الباحثين عن العمل‪ ،‬وتعويض الفاقدين للشغل لفرتة معقولة‪،‬‬
‫والعمل على انخراط جميع األجراء يف منظومة الضمان االجتماعي‪ ،‬مع دعم‬
‫التشغيل الذايت‪.‬‬
‫‪ .23‬حماية مؤسسة األسرة باعتبارها محضنا أساسيا للرتبية والتنشئة االجتماعية‪،‬‬
‫ودعم األسر الفقيرة والشباب الراغب يف الزواج ماديا‪ ،‬وبتوفير مساكن باإليجار‪،‬‬
‫وفق صيغ تعاقدية منخفضة التكلفة‪.‬‬
‫‪ .24‬العناية بالنساء عموما وخاصة اللوايت يعانين وضعية هشاشة‪ ،‬وإزالة كافة أشكال‬
‫التمييز ضدهن‪ ،‬ليساهمن يف النهوض بدورهن داخل المجتمع باعتبارهن‬
‫حافظات لألجيال‪.‬‬
‫‪ .25‬حماية حق الطفولة ‪-‬خاصة األطفال يف وضعية صعبة‪ -‬يف العيش الكريم‬
‫والتنشئة االجتماعية يف كنف األسرة‪ ،‬وضمان حقها يف التعليم والرتبية والرتفيه‪،‬‬
‫ويف الرعاية الصحية واالجتماعية‪ ،‬واالهتمام بفئة الشباب وتأهيلها عرب برامج‬
‫مندمجة تجمع بين بناء الجسد والعناية بالروح‪ ،‬وتحصينها من االستالب الثقايف‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪42‬‬

‫‪ .26‬العناية بفئة المسنين وتحسين أوضاعهم المادية واالجتماعية‪ ،‬وتخصيص برامج‬


‫تدمجهم يف الحياة العامة‪ ،‬واالستفادة من رصيد تجربتهم يف الحفاظ على هوية‬
‫المجتمع وتماسك األجيال‪.‬‬
‫‪ .27‬الحق يف السكن المحافظ على الكرامة اآلدمية‪ ،‬لكل فئات المجتمع خاصة‬
‫الفئات الهشة‪ ،‬والقضاء على السكن العشوائي‪ ،‬وتقديم تحفيزات مالية لمساعدة‬
‫األسر المعوزة على إعادة اإليواء يف تجمعات سكنية الئقة‪ ،‬عرب وضع برامج‬
‫جادة وواقعية‪ ،‬يف إطار شراكة منصفة بين الدولة والقطاع الخاص‪ ،‬وإنعاش سوق‬
‫الكراء عرب تحفيزات ضريبية‪ ،‬واعتماد آلية السكن التعاوين‪ ،‬وتيسير المساطر‬
‫اإلدارية والقانونية‪ ،‬وضمان إمكانية السكن العمومي وفق آليات تمويلية‬
‫قانونية وتعاقدية‪.‬‬
‫‪ .28‬وضع سياسة وطنية للتهيئة الرتابية والعمرانية على قواعد علمية ومنطلقات‬
‫أخالقية تحقق عدالة الولوج إلى السكن‪ ،‬وتحافظ على البيئة والجمالية‪ ،‬وتراعي‬
‫حاجيات ذوي الوضعيات الخاصة‪ ،‬كما تراعي خصوصية الجهات‪ ،‬والصبغة‬
‫الرتاثية التاريخية للمدينة‪.‬‬
‫‪ .29‬إشراك الساكنة المحلية يف كل المبادرات التنموية‪ ،‬وضمان احرتام خصوصيات‬
‫المناطق والجهات واالستجابة لتطلعات المواطنين عرب استدامة التنمية‪،‬‬
‫والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية‪.‬‬
‫على مستوى الجيل الثالث من الحقوق نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .30‬الحق يف التنمية المستدامة التي تضمن الحياة الكريمة للفرد والمجتمع‪ ،‬والتزام‬
‫الدولة بمحاربة الفوارق االجتماعية والمجالية‪ ،‬والقضاء على الفقر والجوع‪.‬‬

‫‪ .31‬التزام الدولة بتوفير التعليم الجيد‪ ،‬وضمان حق الوصول إلى المعرفة‪ ،‬والولوج‬
‫إلى األنرتنيت يف جميع المناطق‪.‬‬

‫‪ .32‬الحق يف العيش يف بيئة صحية سليمة‪ ،‬وتحمل الدولة المسؤولية يف توفير الحد‬
‫األدنى الالزم من شروط األمن الصحي للمواطنين‪.‬‬
‫‪43‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .33‬ضمان الحفاظ على البيئة عن طريق التضامن ما بين األجيال‪ ،‬وحماية السكان‬
‫والمناطق من مخاطر التدهور البيئي المنجمي والصناعي‪ ،‬وتكريس التعبئة‬
‫الوطنية لتنمية الوعي البيئي‪.‬‬

‫‪ .34‬ضمان الحق يف العيش يف بيئة يطبعها السلم والطمأنينة‪ ،‬وذلك من خالل توفير‬
‫األمن بكل أبعاده بما فيها االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ ....‬دولة الالمركزية‬

‫رغم المحاوالت القانونية والتنظيمية المحتشمة التي قامت هبا السلطات العمومية‬
‫منذ االستقالل بخصوص الالمركزية بالمغرب‪ ،‬إال أهنا فشلت يف التأسيس لنظام المركزي‬
‫قوي يعد شريكا تنمويا للسلطات المركزية‪ ،‬وذلك بالنظر إلى طبيعة النظام السياسي‬
‫الموغل يف التمركز والمهووس بالهاجس األمني‪ .‬وقد نتج عن هذا الوضع اختالالت‬
‫كربى ظلت قائمة رغم ما أقره دستور ‪ 2011‬والقوانين التنظيمية للجماعات الرتابية من‬
‫مبادئ ومقتضيات هامة‪ ،‬وذلك لغياب إرادة سياسية حقيقية‪ .‬ومن أبرز االختالالت على‬
‫هذا المستوى‪ ،‬نذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬التحكم يف التدبير المحلي والجهوي من قبل وزارة الداخلية‪ ،‬التي تقوم بضبطه‬
‫حسب أجندة ال عالقة لها بالتنمية وال بإشراك الساكنة‪ ،‬عرب تغليب الخيارات‬
‫المركزية والهواجس األمنية على كل مشاريع وخطط التنمية‪.‬‬

‫‪ -‬الضبط القانوين القبلي والبعدي‪ ،‬الذي يكون يف كثير من األحيان مبالغا فيه‪،‬‬
‫ويحد من المبادرة المحلية‪.‬‬

‫‪ -‬التدخل المباشر وغير المباشر للسلطة يف االنتخابات المحلية عن طريق تشكيل‬


‫األغلبيات المسيرة للمجالس حسب تخطيط أولي مسبق‪.‬‬

‫‪ -‬تولي الوالة والعمال‪ ،‬عوض المنتخبين‪ ،‬تدبير القضايا الكربى داخل الجماعات‬
‫الرتابية على اختالف أشكالها‪ ،‬يف ظل بيروقراطية إدارية بإمكاهنا عرقلة كل قرار‬
‫ال ترضى عنه وزارة الداخلية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪44‬‬

‫‪ -‬محدودية تكوين األطر اإلدارية والتقنية وسوء توزيعها‪ ،‬وضعف الموارد المالية‪،‬‬
‫وانتشار الفساد اإلداري والمالي وهتميش الكفاءات المحلية‪.‬‬

‫لتجاوز هذه االختالالت‪ ،‬ومن أجل التأسيس لنظام المركزي قوي يعد شريكا تنمويا‬
‫للسلطات المركزية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .35‬الفصل التام بين التنمية المحلية وبين االعتبارات األمنية الضبطية‪ ،‬وإحداث‬
‫وزارة مستقلة عن وزارة الداخلية مكلفة بالجهات والجماعات الرتابية؛ من‬
‫أجل التسريع بتنزيل التنمية الرتابية وتوسيع الالمركزية وتفعيل الموارد البشرية‬
‫المحلية‪ ،‬مع تفعيل صندوق التنمية القروية إلحداث الثروة وتقوية جاذبية‬
‫المجاالت القروية‪.‬‬

‫‪ .36‬اعتماد االنتخاب المباشر لرؤساء الجهات مع ضبط عدد أعضاء المجالس‬


‫المنتخبة بما يتناسب مع الجدوى والفعالية‪.‬‬

‫‪ .37‬اعتماد المركزية رئاسية من خالل منح رؤساء الجهات سلطات واسعة‪.‬‬

‫‪ .38‬جعل الرقابة اإلدارية على الجماعات الرتابية من اختصاص رئاسة الحكومة‬


‫والوزارة المكلفة بالجهات والجماعات الرتابية‪.‬‬

‫‪ .39‬التخفيف على المركز وحسن توزيع االختصاصات بينه وبين الوحدات‬


‫الالمركزية من خالل إطار قانوين واضح‪.‬‬

‫‪ .40‬العمل على تنويع الموارد المالية الضرورية لتنمية الجماعات الرتابية‪.‬‬

‫‪ .41‬اعتماد سجل اجتماعي يوفر قاعدة بيانات إحصائية لتحديد الخريطة الحقيقية‬
‫للفقر والهشاشة لكل الفئات واألسر‪ ،‬على مستوى األقاليم والجماعات‬
‫والمناطق الجغرافية‪ ،‬وذلك لتسهيل عملية تدخل الدولة واألجهزة المنتخبة‬
‫لمعالجة الظواهر االجتماعية‪ ،‬وحاالت القصور يف مجال التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .42‬تطوير ميثاق المرافق العمومية وتفعيله‪ ،‬والنهوض بالمرافق العامة المحلية‪ ،‬خاصة‬
‫المتعلقة بالصحة والتعليم والرتفيه والرياضة‪ ،‬وتجويدها وتقريبها من الساكنة‪.‬‬

‫‪ .43‬تحقيق العدالة المجالية واالجتماعية‪ ،‬مع احرتام خصوصيات المناطق‬


‫والجهات‪ ،‬واالستجابة لتطلعات المواطنين عرب استدامة التنمية‪ ،‬والحفاظ‬
‫على البيئة والموارد الطبيعية‪ ،‬والرفع من االستثمار العمومي يف البنيات التحتية‬
‫األساسية وترشيده‪ ،‬والعمل على تشجيع التكامل االقتصادي مع العالم القروي‪.‬‬

‫‪ .44‬اعتماد مبدإ التعاقد مع الساكنة على أساس برامج جماعية وجهوية واضحة‪،‬‬
‫وذلك لتوضيح المسؤوليات وتحديد األهداف‪ ،‬يف إطار أغلبية تتحالف على‬
‫برامج تنموية محددة‪.‬‬

‫‪ .45‬إشراك النسيج المدين والجمعوي المحلي يف وضع الخطط والربامج التنموية‬


‫وتنفيذها‪.‬‬

‫‪ .46‬دعم وتشجيع العمل التطوعي‪ ،‬والعمل على إبداع مرافق إدارية وخدماتية يف‬
‫إطار شراكة مع الساكنة المحلية‪.‬‬

‫‪ .47‬تقوية الموارد الذاتية للجماعات الرتابية‪ ،‬مع تحديد نسب من الضرائب الكربى‬
‫المستقطعة على مستوى المجاالت الرتابية لصالح الجماعات نفسها‪ ،‬والرفع‬
‫منها تدريجيا‪.‬‬

‫‪ .48‬ترشيد الموارد المالية والبشرية للجماعات الرتابية بشكل يسمح بانسيابية تقديم‬
‫الخدمة المرفقية بشكل جيد‪.‬‬

‫‪ .49‬إخراج نظام أساسي لموظفي الجماعات الرتابية‪ ،‬يكرس حفظ حقوقهم ويضع‬
‫آليات للتحفيز من أجل الرفع من مردوديتهم‪.‬‬

‫‪ .50‬وضع آليات لتحقيق المحاسبة والمساءلة على الصعيد المحلي‪ ،‬وتفعيل تمكين‬
‫الرأي العام المحلي من متابعة أشغال المجالس الرتابية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪46‬‬

‫‪ ....‬دولة اإلدارة املواطنة والفاعلة‬

‫يعترب تحقيق نجاعة اإلدارة العمومية وتحسين أدائها‪ ،‬مع ما يقتضي ذلك من مراجعة‬
‫ألساليب عملها وطرق تدبير مواردها من المطالب الملحة‪ ،‬وذلك اعتبارا للدور الحاسم‬
‫المنوط هبا يف الدفع بالتطور السياسي واالقتصادي والتنموي‪.‬‬

‫‪ .1.5.1‬إصالح اإْلدارة‬

‫رغم تعدد محاوالت اإلصالح اإلداري بالمغرب منذ االستقالل‪ ،‬ما زال نظامنا‬
‫اإلداري يعاين الكثير من األعطاب واالختالالت‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬غياب رؤية شمولية واسرتاتيجية واضحة للعمل اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬التمركز المفرط للمصالح والسلطات والوسائل وضعف اإلمكانيات‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف اإلنتاجية والخدمات اإلدارية خصوصا بالعالم القروي‪.‬‬

‫‪ -‬تفشي الزبونية والمحسوبية والرشوة وإهدار المال العام‪.‬‬

‫‪ -‬تعقيد المساطر واإلجراءات اإلدارية‪ ،‬واعتماد تسيير موغل يف البيروقراطية‬


‫يتسبب يف البطء يف تقديم الخدمات‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف المحاسبة والمساءلة‪ ،‬وعدم اعتماد منظومة واضحة لتقييم األداء اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬اعتماد منظومة غير عادلة فيما يتعلق بأجور العاملين يف اإلدارة‪.‬‬

‫لتجاوز هذه االختالالت‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .51‬القيام بإصالح إداري‪ ،‬على نحو يجعل اإلدارة‪ ،‬باإلضافة إلى تقديمها للخدمات‪،‬‬
‫قاطرة للتنمية وتوليد الثروة وتحريك دواليب االقتصاد الوطني واإلسهام يف‬
‫إنعاش االستثمار‪ ،‬والمساهمة يف حل إشكاليات التشغيل‪ ،‬وتعميم الخدمات‬
‫االجتماعية (التعليم‪ ،‬الصحة‪.)...‬‬
‫‪47‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .52‬توسيع دائرة اإلصالح ليشمل‪ ،‬إضافة إلى اإلدارة‪ ،‬المجاالت السياسية والقانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ذلك أن النظام الفاسد يقتات من سياسة اإلفساد‬
‫السياسي واإلداري واالقتصادي واالجتماعي واألخالقي‪.‬‬

‫‪ .53‬تجويد الخدمات عرب ترسيخ الوازع األخالقي بالمرفق العمومي‪ ،‬ومقاومة كل‬
‫أشكال االنحراف التي تعرفها اإلدارة العمومية والشطط والتعسف يف استعمال‬
‫السلطة‪ ،‬والنهوض بمبادئ الشفافية وترشيد المال العام‪ ،‬وحسن اإلنصات‬
‫للمواطنين وحسن استقبالهم‪.‬‬

‫‪ .54‬الحد من البيروقراطية‪ ،‬ودعم الالتمركز اإلداري بشكل يسهم يف تحقيق المركزية‬


‫ترابية فعلية‪ ،‬عرب منح صالحيات وسلطات مهمة للمصالح الخارجية‪ ،‬ومدها‬
‫بالموارد البشرية والمالية الالزمة‪ ،‬وتقييم عملها وإنجازاهتا بشكل دوري‪ ،‬مقابل‬
‫احتفاظ اإلدارة المركزية بمهام الضبط والتأطير والتخطيط والتقويم‪.‬‬

‫‪ .55‬تعزيز آليات الحكامة اإلدارية من خالل ترشيد النفقات العمومية‪ ،‬وهنج تدبير‬
‫أمثل للشأن العام عرب إقرار مبادئ التدبير الراشد‪ ،‬وتبني مقاربة تشاركية مع جميع‬
‫الفاعلين (قطاع خاص ومجتمع مدين وجماعات ترابية) يف بلورة السياسات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫‪ .56‬تحسين مبادئ الشفافية يف المرفق العام‪ ،‬وربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬وتعزيز‬


‫آليات مراقبة صرف المال العام‪ ،‬وتقوية األجهزة الرقابية الرسمية والمدنية‬
‫المستقلة عن السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫‪ .57‬تأسيس مبادئ الحوار والتشاور بين اإلدارة والمواطنين‪ ،‬وإشراك الفاعلين‬


‫االقتصاديين واالجتماعيين يف إعداد المشاريع الوطنية للتنمية‪ ،‬وهتييئ وثائق‬
‫التعمير وإعداد الرتاب الوطني‪.‬‬

‫‪ .58‬هنج سياسة فعالة للتواصل اإلداري مع المواطنين‪ ،‬وتعزيز العالقة وإعادة الثقة‬
‫بين اإلدارة والمرتفقين‪ ،‬ودعم اإلدارة اإللكرتونية بتعزيز الموارد التكنولوجية‬
‫العصرية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪48‬‬

‫‪ .59‬تحسين ظروف االستقبال وتيسير المساطر اإلدارية والرقمنة‪ ،‬وتجويد الخدمات‬


‫المقدمة للمرتفقين‪ ،‬وتسهيل الولوج إليها‪ ،‬والرفع من مستوى أدائها ومردوديتها‪.‬‬
‫‪ .60‬تطوير بوابة الخدمات العمومية من خالل تزويدها بنظام معلومايت لتحديد‬
‫المواقع الجغرافية للمصالح اإلدارية‪ ،‬وإحداث مرصد لتتبع استعمال تكنولوجيا‬
‫المعلومات واالتصال يف القطاع العمومي‪.‬‬
‫‪ .61‬تطوير منظومة الموارد البشرية‪ ،‬والسهر على حسن اعتماد مبدإ تكافؤ الفرص‪،‬‬
‫ووضع آليات مبنية على الكفاءة الختيار المرشحين لمناصب المسؤولية‪ ،‬بعيدا‬
‫عن المحاباة والزبونية واإلقصاء‪.‬‬
‫‪ .62‬تأهيل قطاع الوظيفة العمومية من خالل التكوين المستمر للموظفين وتنمية‬
‫مهاراهتم ومعارفهم‪ ،‬والعمل على توجيههم إلى التخصصات التي تفتقر إليها‬
‫اإلدارة‪ ،‬وذلك وفق اسرتاتيجية تروم تحديث اإلدارة وجعلها قاطرة للتنمية‪.‬‬
‫‪ .63‬إصالح منظومة األجور بشكل يجعلها أكثر انسجاما وشفافية‪ ،‬وذلك بالحد من‬
‫الفوارق الكبيرة بين األجور‪ ،‬وتبني نظام تحفيزي فعال يعتمد على االستحقاق‬
‫والكفاءة والمردودية‪.‬‬
‫‪ .64‬ضمان األمان الوظيفي‪ ،‬وذلك بالعمل على استمرارية واستقرار الموظف‪،‬‬
‫خاصة صاحب الكفاءة والمردودية‪ ،‬يف عمله بشكل يخلصه من هاجس الخوف‬
‫والقلق‪ ،‬ويشجعه على اإلبداع واالبتكار‪.‬‬
‫‪ .65‬دمقرطة العمل اإلداري من خالل إشراك الموظف يف مناقشة مشاكل العمل‪ ،‬ويف‬
‫بلورة المشاريع والربامج التي هتم المنظومة اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .66‬ترشيد إحداث المؤسسات والمقاوالت العمومية من خالل احرتام مبدإ‬
‫التخصص الوظيفي‪ ،‬وربط إنشائها بالضرورة والجدوى والفعالية‪ ،‬وترشيد نمط‬
‫تدبيرها‪.‬‬
‫‪ .67‬إلزام اإلدارة باحرتام مبدإ الشرعية‪ ،‬من خالل االمتثال للقوانين وتنفيذ األحكام‬
‫القضائية الصادرة ضدها‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .2.5.1‬محاربة الفساد‬

‫يشكل الفساد خطرا كبيرا على استقرار المجتمعات وأمنها ورقيها‪ ،‬إذ مهما كانت‬
‫الجهود المبذولة ال يمكن لدولة ينخرها الفساد أن تحقق تنمية شاملة‪ .‬ويعرف المغرب‬
‫تفشيا عميقا وبنيويا للفساد يف سائر مؤسسات وإدارات الدولة‪ ،‬كما تدرجه التقارير‬
‫الوطنية والدولية يف خانات الدول األكثر فسادا‪ .‬ونرى أنه من غير الممكن محاربة الفساد‬
‫اإلداري يف غياب اسرتاتيجية واضحة وفعالة لمحاربة الفساد بشكل عام‪ ،‬يف جوانبه‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية وغيرها‪.‬‬

‫من أجل التصدي للفساد يف مؤسسات الدولة‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .68‬اعتبار المدخل األساس للتخلص من الفساد يكمن يف االنتقال من نظام سياسي‬


‫سلطوي إلى نظام ديمقراطي‪.‬‬

‫‪ .69‬استنهاض الوازع األخالقي من خالل برامج توعوية تعليمية وإعالمية تكرس‬


‫رفض الفساد بكل أنواعه‪ ،‬وتبين خطورته على األفراد والمجتمع‪.‬‬

‫‪ .70‬تحرير وتقوية الدور الرقابي للمجتمع من خالل منظمات المجتمع المدين‬


‫واإلعالم‪.‬‬

‫‪ .71‬اعتبار النزاهة من معايير االرتقاء العلمي والوظيفي والمهني‪.‬‬

‫‪ .72‬إحداث هيئة مستقلة ذات صالحيات واسعة لمحاربة الفساد‪ ،‬وتمكينها من‬
‫الموارد المادية والموظفين المتخصصين‪ ،‬وإخضاعهم للتداريب الضرورية‪،‬‬
‫إضافة إلى توفير الحماية القانونية لهم أثناء االضطالع بوظائفهم‪.‬‬

‫‪ .73‬وضع آليات قانونية لحماية الشهود والمبلغين عن الفساد‪.‬‬

‫‪ .74‬اتخاذ تدابير لتدعيم النـزاهة ودرء الفساد عن جهاز القضاء‪ ،‬وسن قواعد‬
‫ضابطة بشأن سلوك أعضائه‪ ،‬وذلك ألهمية استقاللية القضاء ودوره الحاسم يف‬
‫مكافحـة الفسـاد‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪50‬‬

‫‪ .75‬اتخاذ تدابير لمنع ضلـوع القطـاع الخاص يف الفسـاد‪ ،‬وتعزيز معايير المحاسبة‬
‫ومراجعـة الحسابات‪ ،‬وفرض عقوبات فعالـة ومتناسـبة ورادعـة لمنع عدم‬
‫االمتثال لتلك التدابير‪.‬‬

‫‪ ....‬دولة مستقلة ومنفتحة‬

‫يتوقف نجاح الدول يف العالم المعاصر‪ ،‬إلى حد بعيد‪ ،‬على قدرهتا التفاعلية مع‬
‫محيطها اإلقليمي والدولي من خالل نسج عالقات مع الفاعلين الدوليين واإلقليميين‪،‬‬
‫سواء كانوا دوال أو اتحادات دولية أو منظمات‪ ،‬وذلك من خالل توافقات واتفاقات‬
‫للتعاون تتأسس على احرتام سيادة الدول وعدم التدخل يف شؤوهنا الداخلية‪.‬‬

‫يحظى المغرب بموقع جيوسياسي مهم‪ ،‬يجعل منه منطقة جذب للعديد من مشاريع‬
‫الشراكة والتعاون الدوليين‪ ،‬ويمكنه من تأثير إقليمي وعالمي‪ .‬وإذا كان العمل الدبلوماسي‬
‫بمختلف أنواعه يشكل وسيلة أساسية لتطوير العالقات والدفاع عن مصالح الوطن يف‬
‫مختلف المجاالت‪ ،‬فإن المغرب ال يزال يعرف على مستوى العالقات الخارجية والعمل‬
‫الدبلوماسي العديد من االختالالت‪ ،‬نذكر أبرزها يف اآليت‪:‬‬

‫‪ -‬احتكار الملكية لتدبير العالقات الخارجية والعمل الدبلوماسي‪ ،‬واعتبار ذلك‬


‫مجاال محفوظا‪ ،‬والتحكم يف وزارة الخارجية‪ ،‬وعدم السماح لباقي الفاعلين‬
‫السياسيين إال بأدوار ثانوية‪.‬‬

‫‪ -‬غياب التخطيط االسرتاتيجي‪ ،‬وضعف األداء االحرتايف‪ ،‬وشبه غياب للعمل‬


‫المؤسسايت المتخصص الذي من شأنه التأثير وفتح اآلفاق سياسيا واقتصاديا‪.‬‬

‫‪ -‬غياب معايير الكفاءة يف إسناد مناصب المسؤولية يف العالقات الخارجية والعمل‬


‫الدبلوماسي‪ ،‬وحضور منطق الوالء للمخزن والريع والتسويات الحزبية‪.‬‬

‫‪ -‬محدودية إسهام السياسة الخارجية يف التنمية االقتصادية‪ ،‬وضعف آليات‬


‫استقطاب االستثمارات الخارجية وفتح أسواق جديدة لالقتصاد الوطني‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ -‬تراكم الفشل يف معالجة العديد من الملفات والقضايا الخارجية المعقدة‬


‫والمتشابكة بسبب ضعف الدبلوماسية المغربية وعدم تنويع أشكالها‪.‬‬

‫لتجاوز هذه االختالالت‪ ،‬نرى ضرورة إعادة تنظيم وتشكيل العالقات الخارجية‬
‫للمغرب مع مراكز القوى اإلقليمية والعالمية‪ ،‬وانضباطها للتوجهات والمبادئ التالية‪:‬‬

‫تكريس االرتباط العضوي باألمة العربية واإلسالمية‪ ،‬وهو ما يقتضي العمل‬


‫بمبدإ التعاون والتنسيق السياسي والثقايف واالقتصادي مع كل الشعوب والدول‬
‫العربية واإلسالمية‪ ،‬وذلك ببذل مزيد من الجهود لزيادة التعاون الثنائي مع هذه‬
‫الدول‪ ،‬واعتماد دبلوماسية متعددة االتجاهات تحقيقا للمصالح العليا المشرتكة‪.‬‬

‫تعزيز مقومات التكامل المغاربي‪ ،‬لبناء وحدة مغاربية ديمقراطية يف أفق تمتين‬
‫المصير المشرتك‪ ،‬وبذل المزيد من الجهود من أجل إقامة األمن واالستقرار يف‬
‫المحيط القريب واستمرار العالقات الطيبة القائمة على الحوار وحسن الجوار‪.‬‬

‫تطوير العالقات مع الدول اإلفريقية األخرى‪ ،‬يف كل المجاالت بما يخدم‬


‫األهداف التنموية والمصالح االقتصادية واالجتماعية والثقافية للقارة‪.‬‬

‫الحفاظ على العالقات مع أوربا‪ ،‬التي تجمعنا هبا صالت جغرافية وتاريخية‪،‬‬
‫بناء على المصالح المشروعة والمتبادلة‪.‬‬

‫تنويع العالقات الخارجية‪ ،‬لتشمل العديد من الدول والتجمعات الدولية‪،‬‬


‫وتكثيف التعاون خاص ًة يف مجاالت االقتصاد والعلوم والتكنولوجيا واالستثمار‬
‫والتجارة‪.‬‬

‫تطوير وتفعيل الحضور يف المنظمات الدولية‪ ،‬بما يخدم األمن والسلم‬


‫واالستقرار والتفاهم وتغليب لغة الحوار وترجيح بناء المصالح المشرتكة يف‬
‫مؤسس على‬
‫حل األزمات والنزاعات الدولية‪ ،‬إسهاما يف تحقيق نظام عالمي َّ‬
‫األمن واالستقرار والتعايش السلمي والعدالة االجتماعية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪52‬‬

‫الحفاظ على استقالل الدولة‪ ،‬وصون سيادهتا يف التنظيم والقرار بمختلف أشكاله‬
‫السياسية واالقتصادية والمالية والثقافية‪ ،‬واحرتام خصوصيات المجموعات‬
‫والجماعات والتكتالت والدول‪.‬‬

‫تأسيس عالقاتنا الخارجية على مبدإ الخيرية لإلنسان‪ ،‬وتحقيق المصالح‬


‫المشرتكة النافعة والحافظة للكرامة اإلنسانية‪.‬‬

‫استناد عالقاتنا الخارجية إلى قاعدة المصالح‪ ،‬وعدم االنخراط يف أي نوع من‬
‫أنواع االتفاقيات أو التحالفات التي ال تخدم المصالح العليا للوطن والشعب‪.‬‬

‫االلتزام بمبدإ العدل الدولي بأبعاده الثقافية والسياسية واالقتصادية والحقوقية‬


‫والبيئية والصحية والتنموية‪.‬‬

‫رفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوين الغاصب‪.‬‬

‫دعم فرص العمران والتنمية لدى مختلف الشعوب‪ ،‬بعيدا عن كل أشكال‬


‫االستغالل‪.‬‬

‫لتجاوز االختالالت يف عالقاتنا الخارجية‪ ،‬وتفعيال لهذه المبادئ والتوجهات‪،‬‬


‫نقترح ما يلي‪:‬‬
‫‪ .76‬وضع اسرتاتيجية فعالة للسياسة الخارجية والعمل الدبلوماسي‪ ،‬وجعل‬
‫الدبلوماسية بمختلف أبعادها وأنماطها ومجاالهتا أكثر فعالية ومردودية يف‬
‫التعاطي مع كل القضايا التي تعرفها أجندة السياسة الخارجية المغربية‪.‬‬
‫‪ .77‬جعل السياسة الخارجية والعمل الدبلوماسي مجاال وطنيا تشارك فيه مختلف‬
‫القوى الوطنية‪ ،‬وإشراك الهيئات والشخصيات ذات الخربة الدولية العالية‬
‫والرصيد الدبلوماسي المعرتف به‪ ،‬وتشجيع الدبلوماسية الموازية غير الرسمية‬
‫يف مختلف أشكالها‪.‬‬
‫‪ .78‬العمل باستمرار على الرفع من كفاءة أطر السياسة الخارجية والعمل‬
‫الدبلوماسي‪ ،‬وذلك من خالل تكوينات منتظمة وقاصدة يف الجامعات وبعض‬
‫‪53‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫المعاهد المتخصصة‪ ،‬مع تشجيع وتيسير ولوج الكفاءات المغربية للمنظمات‬


‫الدولية واإلقليمية‪.‬‬

‫‪ .79‬توفير مزيد من الحماية لحقوق المواطنين المغاربة الذين يعيشون خارج الوطن‪،‬‬
‫وحمل األجهزة الدبلوماسية الموجودة من سفارات وقنصليات على العمل‬
‫بشكل أكثر فعالية من أجل معالجة مشاكلهم‪.‬‬

‫‪ .80‬إحداث مراكز للفكر والرأي ومؤسسات للدراسات االسرتاتيجية تضطلع‬


‫بمهام أكاديمية وبحثية استشرافية لخدمة قرار السياسة الخارجية‪ ،‬ومد مختلف‬
‫المؤسسات المعنية بالمشورة والرأي‪ ،‬وتقدير الموقف الالزم لحماية ودعم أداء‬
‫وفعالية الدبلوماسية المغربية الرسمية‪.‬‬

‫‪ .81‬تأهيل قدرات المفاوض المغربي يف مختلف المجاالت لحماية ورعاية المصالح‬


‫الحيوية الوطنية‪ ،‬سواء داخل الهيئات والتمثيليات الدبلوماسية أو المنظمات‬
‫الدولية المختلفة‪.‬‬

‫‪ .82‬اعتماد اللغة العربية يف كل المحافل الدولية‪ ،‬من قبل أطر وزارة الخارجية‬
‫والدبلوماسيين المغاربة ومختلف ممثلي المغرب‪ ،‬وخاصة يف المناسبات‬
‫الرسمية‪.‬‬

‫‪ .83‬تشجيع الدبلوماسية الرقمية‪ ،‬وفتح آفاق جديدة للعمل الدبلوماسي من أجل‬


‫إشراكه يف اسرتاتيجيات التنمية الوطنية‪.‬‬

‫‪ .84‬نشر وعي ثقايف إنساين عادل يرقى باإلنسانية ويدعم كرامتها ويحرتم الحضارات‬
‫والثقافات المختلفة‪ ،‬مع العمل على تشجيع التبادل الثقايف والمعريف بين الهيئات‬
‫والحضارات والشعوب‪.‬‬

‫‪ .85‬دعم كل مبادرات السلم واالستقرار والتعاون التي تضمنتها المعاهدات‬


‫واالتفاقات الدولية التي وقعها المغرب‪ ،‬يف إطار العمران األخوي المنشود‬
‫والوفاء بالعهود‪ ،‬بما يخدم المصلحة العامة ويحقق التنمية والسلم واالستقرار‬
‫يف العالم‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪54‬‬

‫‪ .2‬بناء حكم املؤسسات‬

‫لقد عمل المغرب منذ االستقالل على إحداث العديد من المؤسسات والهيئات‪،‬‬
‫وبعد عقود من الزمن تأكدت محدودية جدوى تلك المؤسسات والهيئات‪ ،‬ليبقى الحكم‬
‫الفردي واحتكار السلط هو السمة الغالبة‪ .‬ومن أجل التحرر والنهوض‪ ،‬ال بد من القطع‬
‫مع الحكم الفردي ومؤسساته الصورية والهامشية‪ ،‬وذلك من خالل التأسيس لحكم‬
‫مؤسسايت فعلي‪ ،‬يقوم على سلط حقيقية متعددة ومتوازنة ومتعاونة‪ ،‬وعلى مؤسسات‬
‫فعلية مستقلة ومبادرة‪.‬‬

‫‪ ...‬السلطة التشريعية‬

‫يعترب الربلمان المؤسسة المركزية التي تعرب عن إرادة الشعوب‪ ،‬ومؤشرا مهما لقياس‬
‫منسوب الديمقراطية يف أي بلد‪ .‬وتشوب الربلمان المغربي العديد من االختالالت التي‬
‫ال تجعل منه سلطة فعلية تمكنه من القيام بوظائفه يف تمثيل المواطنين والتشريع والرقابة‬
‫وتقييم السياسات العمومية على أحسن وجه كما يقتضي ذلك النظام الديمقراطي‪.‬‬

‫على مستوى تمثيل الناخبين‪ ،‬يشوب االنتخابات الربلمانية يف المغرب العديد من‬
‫االختالالت التي تمس بمبادئ حرية االنتخابات ونزاهتها وشفافيتها‪ ،‬والتي تشمل كل‬
‫مراحل العملية االنتخابية‪ ،‬من التقطيع االنتخابي إلى التالعب يف نسب المشاركة‪ ،‬مما‬
‫يطرح الكثير من عالمات االستفهام على الدور التمثيلي للربلمان‪ ،‬بل يجعل من المشروع‬
‫التساؤل عن شرعية هذه المؤسسة‪ ،‬فالربلمان‪ ،‬يف أحسن األحوال‪ ،‬ال يشكل إال ممثال‬
‫أدنى لألمة‪ ،‬يف مقابل الملك الذي هو الممثل «األعلى»‪ ،‬بل يف بعض األحيان يتحول‬
‫الربلمان إلى ممثل للملك‪ ،‬الذي له سلطة افتتاحه وحله وتوجيه سياسته التشريعية‪.‬‬

‫رغم أن التمثيلية ترتبط يف مرحلة أولى‪ ،‬وقبل أن تتخذ طابعها المؤسسي يف الربلمان‪،‬‬
‫بالتعددية السياسية وفتح المجال أمام جميع مكونات المجتمع للتنافس االنتخابي الحر‬
‫والنزيه‪ ،‬فإنه يتم إقصاء جزء مهم من المجتمع‪ ،‬بمنعه من حق التنظيم والتعبير بحرية‪،‬‬
‫‪55‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫وبوضع شروط يعترب قبولها قبوال بالرأي الواحد‪ ،‬وإقرارا بإفراغ مؤسسة الربلمان من‬
‫وظائفها الحقيقية‪ ،‬وجعلها مؤسسة صورية‪.‬‬

‫أما على مستوى وظائف التشريع‪ ،‬فيمكن أن نسجل أن بعض التشريعات ال تتوافق‬
‫مع نص الدستور‪ ،‬كما أن بعضها ال يحقق العدالة بأبعادها االقتصادية واالجتماعية‬
‫والقضائية‪ ،‬ومنها ما يضر باالستقرار االجتماعي للمواطنين‪ ،‬ويكرس الميز الضريبي‪،‬‬
‫ويخدم مصالح فئات بعينها‪ ،‬ويجعل من الربلمان مؤسسة للريع‪.‬‬

‫ومن االختالالت التي تكبل عمل الربلمان أيضا‪ ،‬ضعف التشريعات كميا ونوعيا‪،‬‬
‫خاصة تلك التي يتم اقرتاحها من قبل الربلمانيين‪ ،‬وقصر مدة دورات الربلمان‪ ،‬مما يحد‬
‫من قدرته على التشريع‪ ،‬ويعطي للحكومة إمكانيات إضافية للعمل بين دوراته‪.‬‬

‫على مستوى الرقابة الربلمانية وتقييم السياسات العمومية‪ ،‬يالحظ أن الربلمان‬


‫المغربي ال يقوم بوظيفته الرقابية على أحسن وجه‪ ،‬وذلك بسبب وجود عراقيل قانونية‬
‫وسياسية تحد من فعالية تلك الرقابة وضعف كفاءة الكثير من الربلمانيين‪ .‬فالربلمان يكاد‬
‫يقتصر‪ ،‬فيما يتعلق هبذه الوظيفة األساسية‪ ،‬على وسيلة األسئلة الشفهية والكتابية‪ ،‬ويف‬
‫أحسن الحاالت تشكيل لجان تقصي الحقائق‪ ،‬التي ينتهي عملها يف أحسن األحوال‬
‫بتقديم تقارير من دون أي أثر فعلي‪ ،‬وال يتم اللجوء إلى الوسائل المنتجة للمسؤولية‬
‫السياسية‪ ،‬كملتمس الرقابة أو سحب الثقة‪ ،‬كما يالحظ أن بعض مجاالت السياسات‬
‫العمومية تكون يف منأى عن أية رقابة برلمانية‪.‬‬

‫لإلسهام يف القطع مع هذا الواقع وتجاوز هذه االختالالت‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .86‬انبثاق الربلمان عن انتخابات حرة ونزيهة‪ ،‬تضمن مشاركة الجميع بشكل حر‬
‫ودون تمييز بسبب الرأي أو الدين أو الجنس أو االنتماء الجغرايف‪ ،‬وإقرار نسبة‬
‫من المقاعد للمغاربة المقيمين بالخارج‪.‬‬
‫‪ .87‬وضع نظام انتخابي بشكل تشاركي‪ ،‬يضمن النزاهة يف العملية برمتها منذ التقطيع‬
‫إلى إعالن النتائج‪ ،‬ويتيح تجاوز البلقنة الربلمانية‪ ،‬ويحقق فرز أغلبية قوية‬
‫ومنسجمة‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪56‬‬

‫‪ .88‬اعتبار اإلسالم مصدرا أساسيا للتشريع‪ ،‬مع ضمان احرتام التشريعات الخاصة‬
‫باألحوال الشخصية ألصحاب الرساالت السماوية‪.‬‬
‫‪ .89‬اعتبار التشريع مجاال حصريا للربلمان‪.‬‬
‫‪ .90‬تقييد الحكومة بآجال محددة فيما يتعلق بوضع وتنقيح مشاريع القوانين‪.‬‬
‫‪ .91‬تمديد عمل دورات الربلمان‪.‬‬
‫‪ .92‬التأهيل القانوين المستمر للربلمانيين عرب تنظيم دورات تكوينية فيما يتعلق بتقديم‬
‫مقرتحات وتعديالت القوانين‪.‬‬
‫‪ .93‬اإللزام بدراسة األثر التشريعي‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالمجال االجتماعي وببعض‬
‫القطاعات االسرتاتيجية والحيوية‪.‬‬
‫‪ .94‬إلزامية النشر القبلي لكل مقرتحات ومشاريع القوانين‪ ،‬وتيسير استقبال‬
‫مالحظات ومقرتحات المعنيين وعموم المواطنين بخصوص تلك المقرتحات‬
‫والتشريعات‪.‬‬
‫‪ .95‬تخويل الربلمان السلطة والصالحيات للقيام بتقييم السياسات العمومية وبدوره‬
‫الرقابي الحقيقي‪ ،‬مع ما يتطلب ذلك من ضمان لحصانة الربلمانيين‪.‬‬
‫‪ .96‬توسيع الرقابة الربلمانية لتشمل كل المؤسسات والمجاالت المتعلقة بتنفيذ‬
‫السياسات العمومية‪ ،‬بما فيها قطاعا األمن والدفاع‪ ،‬خاصة على المستوى المالي‪.‬‬
‫‪ .97‬تفعيل لجان تقصي الحقائق وتوسيع اختصاصاهتا‪ ،‬ودعم دور المعارضة يف‬
‫هذه اللجان‪.‬‬
‫‪ .98‬التشجيع على ترشيح النساء والشباب مع مراعاة الكفاءة والفاعلية‪.‬‬
‫‪ .99‬جعل الغرفة الثانية ممثال فعليا للجهات وللفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‪،‬‬
‫وليس عبئا مضافا على الغرفة األولى أو غرفة مضادة لها‪.‬‬
‫‪ .100‬إلغاء المجالس واللجان التي من شأهنا أن تنتقص من األدوار التمثيلية للمؤسسة‬
‫الربلمانية‪.‬‬
‫‪57‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .101‬ضمان حرية واستقاللية الربلمانيين‪ ،‬خصوصا حرية الرأي والتعبير يف نطاق‬


‫الدستور‪.‬‬
‫‪ .102‬إحداث مكاتب تواصل بين الربلمانيين ومنتخبيهم على مستوى دوائرهم‬
‫االنتخابية‪.‬‬
‫‪ .103‬إقرار مدونة سلوك برلمانية ملزمة‪ ،‬ونشر لوائح الربلمانيين المتغيبين عن‬
‫الجلسات العامة وأعمال اللجان‪ ،‬وذلك لوضع حد لظاهرة غياب الربلمانيين‬
‫واستهانتهم بالمسؤولية‪.‬‬
‫‪ .104‬ربط التعويضات المقررة للربلمانيين بالحضور والفعالية والمبادرة‪.‬‬

‫‪ . .‬السلطة التنفيذية‬

‫عرف المغرب منذ االستقالل‪ ،‬تشكيل أكثر من ثالثين حكومة تميزت مبدئيا بالضعف‬
‫وعدم الفعالية والخضوع للوصاية‪ .‬ونتيجة لضعف الحكومات المتعاقبة وتفككها وعدم‬
‫انسجامها وغياب الرؤية الموحدة‪ ،‬لم يستطع المغرب الخروج من نفق االستفراد بالحكم‪،‬‬
‫مما كلفه تأخرا ملحوظا عن ركب الدول المتقدمة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا‪ .‬وتشوب‬
‫العمل الحكومي بالمغرب اختالالت كربى على مستوى البنية وطريقة التشكيل‪ ،‬وكذا‬
‫على مستوى االختصاصات واالستقاللية يف العمل‪.‬‬

‫على مستوى البنية وطريقة التشكيل‪ ،‬تخضع الحكومة يف المغرب للملك ومستشاريه‪،‬‬
‫حيث ال تكون مستقلة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق باالختيارات والقرارات االسرتاتيجية‪ ،‬كما‬
‫عرفت أغلب التجارب الحكومية بالمغرب غياب انسجام مكوناهتا‪ ،‬إذ نشهد يف كل‬
‫مرة تشكيلة هجينة ال هوية سياسية لها‪ ،‬وال رؤية مشرتكة بين مكوناهتا‪ ،‬بل أحيانا تضم‬
‫مرجعيات ووالءات سياسية تصل حد التناقض‪ ،‬وذلك نتيجة طبيعية لمنظومة االنتخابات‬
‫التي تسهم يف بلقنة المشهد السياسي‪ ،‬وتجعل من شبه المستحيل إفراز حزب قادر على‬
‫تشكيل حكومة أغلبية قادرة على تطبيق برنامجها‪ ،‬والوفاء بالتزاماهتا أمام الشعب‪ ،‬بل‬
‫وعلى العكس من ذلك‪ ،‬يكون الهاجس األول يف كثير من األحيان ترضية بعض األحزاب‬
‫السياسية بإشراكها يف الحكومة‪ ،‬ينضاف إلى ذلك استمرار ظاهرة «وزارات السيادة»‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪58‬‬

‫والوزراء الذين ُيصبغون بألوان حزبية معينة من أجل استوزارهم‪ .‬كما عرفت الكثير من‬
‫التجارب الحكومية تضخما يف عدد الوزارات والوزراء المنتدبين‪ ،‬يف القطاع نفسه أحيانا‪،‬‬
‫لرتضية األحزاب المشكلة لها‪.‬‬

‫أما على مستوى االختصاصات واالستقاللية يف العمل‪ ،‬ورغم أن دستور ‪2011‬‬


‫منح للحكومة صالحيات مهمة وواسعة يف بعض المجاالت‪ ،‬إال أهنا تبقى ناقصة‬
‫ومحتكرة من قبل جهة أخرى‪ .‬فالسلطة التنفيذية عندما تكون برأسين وتكون واحدة‬
‫منهما فوق األخرى‪ ،‬فلننتظر غياب محاسبة السلطة التنفيذية العليا‪ ،‬وربط الفشل دائما‬
‫بالسلطة التنفيذية الدنيا؛ فرئيس الحكومة خاضع لسلطة الملك الذي يعينه ويعين‬
‫الوزراء ويعفيهم‪ ،‬ويضع السياسات العمومية «االسرتاتيجية» ويرتأس المجلس الوزاري‬
‫الذي تحسم فيه القضايا األساسية‪ ،‬إضافة إلى القضايا األمنية والملفات االسرتاتيجية‬
‫واالتفاقيات الدولية والمشاريع الكربى والمجال الدبلوماسي‪ .‬ويتم باستمرار إحداث‬
‫لجان تتولى تدبير بعض القضايا والملفات التي تكون يف كثير من األحيان من صميم‬
‫اختصاصات الحكومة‪ ،‬علما أن تلك اللجان ال تخضع للوصاية الفعلية للحكومة‪ ،‬كما‬
‫أنه ال توجد سلطة فعلية للحكومة على الوالة والعمال الذين يعتربون الحكام الفعليين‬
‫على مستوى الجهات واألقاليم‪.‬‬

‫لتجاوز اختالالت العمل الحكومي‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .105‬التأكيد على اختيار رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لالنتخابات‪ ،‬ووضع‬


‫مسطرة دستورية واضحة لضمان تشكيل الحكومة يف أجل معقول‪.‬‬

‫‪ .106‬ربط السلطة التنفيذية بالحكومة دون غيرها‪ ،‬ووضع آليات دستورية وقانونية‬
‫ضامنة لذلك‪.‬‬

‫‪ .107‬تمكين الحكومة من كل ما يؤهلها لالختيار وصناعة السياسات العمومية والقدرة‬


‫على تنفيذها يف إطار من االستقاللية‪ ،‬وتحت رقابة السلطة التشريعية والقضائية‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .108‬العمل على وضع هيكلة حكومية مستقرة ما أمكن لتفادي التغييرات الهيكلية‬
‫التي تكون مع التعديالت الحكومية‪ ،‬والتي تؤدي إلى هدر الزمن الحكومي‬
‫وتؤثر سلبا يف استمرار التوجهات والمشاريع الحكومية االسرتاتيجية‪.‬‬

‫‪ .109‬جعل اختيار الوزراء وإعفائهم من اختصاص رئيس الحكومة وحده‪.‬‬

‫‪ .110‬ضرورة تزكية الربلمان للحكومة من خالل منحها الثقة والتصويت على برنامجها‪.‬‬

‫‪ .111‬التنصيص يف الدستور على جعل مجال وضع السياسات العمومية وتنفيذها‬


‫اختصاصا حصريا للحكومة‪ ،‬وتتحمل وحدها المسؤولية يف ذلك أمام نواب‬
‫الشعب والرأي العام‪.‬‬

‫‪ .112‬حل المؤسسات واللجان التي تعمل يف نفس مجال اختصاص الحكومة‪ ،‬ويف‬
‫حالة الضرورة يتم إخضاع ما يسمح بإحداثه من مؤسسات ولجان للحكومة‬
‫للتدقيق يف االختصاصات حتى ال تكون يف مرتبة توازي اختصاصات الحكومة‬
‫أو تفوقها‪.‬‬

‫‪ .113‬جعل اإلدارة بكل مستوياهتا وكل إمكانات الدولة تحت تصرف الحكومة‬
‫لتيسير عملها‪.‬‬

‫‪ .114‬توفير الضمانات القانونية الكافية للحكومة للعمل بحرية‪ ،‬وفق ما سطرته من‬
‫سياسات وأهداف‪ ،‬وتفعيل القوانين على أرض الواقع‪ ،‬وممارسة اختصاصاهتا‬
‫بحرية وجرأة‪ ،‬دون رقابة ذاتية زائدة‪.‬‬

‫‪ .115‬للوزراء كامل الحرية إلبداء آرائهم‪ ،‬والتدخل يف كل القضايا التي هتم مجاالت‬
‫اختصاصهم‪.‬‬

‫‪ .116‬تضع الحكومة كشف الحساب أمام الربلمان بشكل دوري‪ ،‬مع محاسبة كل وزير‬
‫غير كفء‪ ،‬ومتابعة كل من يثبت يف حقه فساد أمام القضاء‪.‬‬

‫‪ .117‬إقرار مسؤولية الحكومة عن جميع القطاعات بما فيها المجال األمني والعسكري‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪60‬‬

‫‪ ...‬السلطة القضائية‬

‫رغم الوعود المتكررة والشعارات المرفوعة‪ ،‬ال تزال العدالة ببالدنا تعرف العديد‬
‫من االختالالت البنيوية العميقة‪ ،‬كشفت عنها تقارير وخطابات رسمية‪ ،‬ومالحظات‬
‫فعاليات المجتمع المدين المعنية‪ ،‬وتصنيفات المنظمات الدولية يف مجال العدالة‪ ،‬حيث‬
‫يحتل فيها المغرب مراتب غير مشرفة‪ .‬وقد أثبتت المقاربة التقنية التي جسدها ما سمي‬
‫ب«الحوار الوطني إلصالح منظومة العدالة» محدودية هذا التوجه وعدم قدرته على منح‬
‫المواطن المغربي والمستثمر األجنبي عدالة مستقلة ونزيهة‪ ،‬وفعالة ومحايدة‪ ،‬تحقق حدا‬
‫مقبوال من العدل واإلنصاف‪.‬‬

‫ويعود اإلشكال الحقيقي لمعضلة العدالة ببالدنا إلى عامل محوري‪ ،‬تم تغييبه يف‬
‫جميع المقاربات اإلصالحية لموضوع القضاء‪ ،‬وهو حضور البعد السياسي والطابع‬
‫األمني لنظام الحكم وما يتسم به من نزوع نحو الهيمنة والتحكم يف كل السلط والمجاالت‪،‬‬
‫بما فيها السلطة القضائية‪ ،‬التي يفرتض فيها أن تكون سلطة مستقلة ومحايدة‪ .‬ويمكن‬
‫رصد أهم اختالالت السلطة القضائية بالمغرب وما يرتبط هبا من منظومة العدالة يف اآليت‪:‬‬

‫‪ -‬تبعية القضاء لمراكز النفوذ والتأثير داخل الدولة‪ ،‬وضعف الرقابة والمساءلة‪،‬‬
‫ونقص الشفافية والنزاهة‪ ،‬وانتشار واسع لممارسات منحرفة وشائنة من رشوة‬
‫ومحسوبية واستغالل للنفوذ وغيرها‪ ،‬وما يرتتب عن ذلك من ضياع الحقوق‬
‫وفقدان الثقة يف منظومة العدالة‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف ثقافة الحق والواجب‪ ،‬فاالستبداد السياسي جعل جميع الحقوق‬
‫امتيازات تمنحها وترعاها وتنزعها السلطة‪ ،‬مما يجعل التقاضي يف كثير من‬
‫األحيان حرب امتيازات واستغالل نفوذ‪ ،‬األمر الذي ينتج عنه هضم الحقوق‬
‫وكثرة الخصومات وتشعبها‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف التنسيق والمالءمة بين السياسات العامة وغياب اسرتاتيجية واضحة‬
‫للنهوض بمنظومة العدالة‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ -‬صعوبة الولوج إلى العدالة وربط الحقوق وإجراءات التقاضي بآجال صارمة‬
‫وإجراءات شكلية يرتتب عن عدم التقيد هبا سقوط الحقوق وإهدارها‪ ،‬مهما‬
‫كانت مشروعة وواضحة‪.‬‬
‫‪ -‬غياب شروط وضمانات المحاكمة العادلة‪ ،‬وضعف سلطات الدفاع والصالحيات‬
‫الممنوحة للمحامي يف المحاكمة الجنائية‪ ،‬خالفا لما هو عليه الوضع يف بعض‬
‫األنظمة التي تعترب الدفاع عنصرا حاسما يف الوصول إلى الحقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬بطء المساطر واإلجراءات وتفرعها يف الكثير من األحيان نتيجة االرهتان‬
‫لشكليات مغرقة يف التعقيد‪ ،‬وما ينتج عنه من تأخر يف الفصل يف النزاعات‬
‫وإجراءات تنفيذ األحكام‪.‬‬
‫‪ -‬محدودية آليات البحث الجنائي رغم تضخم النصوص القانونية‪ ،‬واستئثار‬
‫الشرطة القضائية بتوجيه التحقيق الجنائي‪ ،‬وضعف الرقابة القضائية عليه‪،‬‬
‫وغياب إرادة معالجة االختالالت التي تعرتيه‪.‬‬
‫‪ -‬اللجوء المكثف للحرمان من الحرية‪ ،‬خصوصا عرب االعتقال االحتياطي‬
‫مقابل الحق يف المثول حرا أمام القضاء المتعارف عليه يف األنظمة القانونية‬
‫األنجلوساكسونية‪.‬‬
‫‪ -‬فشل سياسة اإلدماج االجتماعي للسجناء السابقين وتزايد حالة العود‪.‬‬
‫‪ -‬عدم كفاية المعايير والشروط الالزمة للتوظيف يف سلك القضاء ومختلف المهن‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬ومحدودية المؤهالت المهنية ونقص الكفاءات التخصصية‬
‫لبعض العاملين يف منظومة العدالة وغياب الحوافز‪.‬‬
‫‪ -‬محدودية اعتماد الوسائل البديلة لتسوية المنازعات‪ ،‬مثل الوساطة‪ ،‬والصلح‪،‬‬
‫والتحكيم‪...‬‬
‫وللنهوض بمنظومة العدالة ببالدنا‪ ،‬يلزم التكريس الدستوري والقانوين لمبادئ‬
‫االستقاللية واالستقامة والنزاهة‪ ،‬والنجاعة والفعالية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪62‬‬

‫على مستوى االستقاللية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .118‬ضمان استقاللية كاملة للمجلس األعلى للسلطة القضائية‪.‬‬

‫‪ .119‬اعتماد االنتخاب آلية وحيدة الختيار أعضاء المجلس األعلى للسلطة القضائية‪،‬‬
‫ووضع معايير شفافة لذلك وتحديد مدة االنتداب وحاالت التنايف‪.‬‬

‫‪ .120‬إسناد التدبير المهني للقضاة حصرا للمجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬ووضع‬
‫معايير واضحة وموضوعية لتقييم أداء القضاة وترقيتهم وإسنادهم المسؤوليات‪،‬‬
‫بما يضمن الفعالية والمساواة وتكافؤ الفرص‪ ،‬والتشاور مع المجلس يف كل ما‬
‫يتعلق بقضايا العدالة من تشريعات وقوانين‪.‬‬

‫‪ .121‬انتخاب رؤساء المحاكم من قبل قضاة المحاكم‪.‬‬

‫‪ .122‬منح هيئات المشتغلين يف منظومة العدالة من قضاة ومحامين ومفوضين قضائيين‬


‫وغيرهم صالحيات واسعة لتدبير الشأن المهني ألعضائها‪ ،‬سواء تعلق األمر بما‬
‫هو إداري أو تأديبي‪.‬‬

‫‪ .123‬تخويل الطعن باالستئناف يف القرارات المهنية للمعنيين هبا دون غيرهم‪ ،‬سواء‬
‫كانوا مشتكين أو مهنيين (إداري‪/‬تأديبي)‪ ،‬ونفس األمر بالنسبة للطعن بالنقض‬
‫أمام الغرفة اإلدارية أو المدنية بمحكمة النقض‪.‬‬

‫على مستوى االستقامة والنزاهة‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .124‬إحياء القيم السليمة والفطرية‪ ،‬بما فيها حب العدل ورفض الظلم‪ ،‬وتشجيع‬
‫الرتبية عليها‪.‬‬

‫‪ .125‬وضع مدونات للسلوك هتم كل المتدخلين يف قطاع العدالة؛ لرتسيخ القيم‬


‫واألخالق وضمان احرتامها‪.‬‬

‫‪ .126‬تحديد المهام والمسؤوليات بشكل دقيق وتعزيز آليات الجزاء عند المخالفة‪.‬‬
‫‪63‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .127‬مراقبة وتتبع الذمة المالية والتصريح بالممتلكات وتشديد العقوبات عند بروز‬
‫مظاهر االغتناء غير المشروع‪.‬‬
‫‪ .128‬تشجيع قيم النزاهة والسلوك اإليجابي‪ ،‬واعتبارها معيارا حاسما يف الرتقية‬
‫وتحمل المسؤوليات‪.‬‬
‫‪ .129‬تعزيز آليات قانونية لحماية المبلغين والشهود والضحايا يف جرائم الفساد المالي‪،‬‬
‫ونشر األحكام الصادرة بشأن هذه األخيرة‪ ،‬لتعزيز ثقة المواطنين بالعدالة‪.‬‬
‫‪ .130‬مأسسة وتقوية الرقابة الشعبية العامة على القضاء ومؤسساته‪ ،‬وفتح إمكانية‬
‫االنتقال من القضاء الوظيفي إلى القضاء المنتخب‪.‬‬
‫‪ .131‬التأسيس للمساءلة السياسية للهيئات المكلفة بتدبير القضاء‪ ،‬سواء عن الفعل‬
‫اإليجابي بالتدخل يف أعمال القضاء أو عن الفعل السلبي باالمتناع عن تفعيل‬
‫آليات المراقبة والتفتيش والمتابعة‪.‬‬
‫على مستوى النجاعة والفعالية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .132‬تقوية القدرات المؤسساتية لمنظومة العدالة‪ ،‬من خالل التحسين والرفع من‬
‫شروط ولوج سلك القضاء وباقي مهن منظومة العدالة‪ ،‬وضمان جودة التكوين‬
‫األساسي والمستمر والتخصصي‪ ،‬واعتماد مبدأي اإللزامية والتحفيز‪.‬‬
‫‪ .133‬توحيد األطراف المتدخلة يف مرفق العدل (قضاة‪ ،‬محامون‪ ،‬موثقون‪ ،‬عدول‪،‬‬
‫ضباط الشرطة القضائية بمرفق العدل) ضمن منظومة واحدة تسمى منظومة‬
‫المهن القانونية والقضائية‪ ،‬وإقرار شروط ومعايير موحدة ما أمكن لولوج‬
‫هذه المهن‪.‬‬
‫‪ .134‬إبرام شراكات مع المؤسسات الجامعية لفتح مسالك وتكوينات يف مختلف مهن‬
‫منظومة العدالة‪.‬‬
‫‪ .135‬توفير الضمانات القانونية واالجتماعية الكفيلة بجعل مهنيي منظومة العدالة‬
‫يؤدون مهامهم بتجرد واستقاللية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪64‬‬

‫‪ .136‬تحسين الوضعية المادية لمختلف العاملين يف سلك القضاء‪.‬‬


‫‪ .137‬حصر الرقابة على الممارسة المهنية يف المؤسسة المهنية التي ينتمي إليها المهني‬
‫المعني باألمر دون باقي أطراف المنظومة‪.‬‬
‫‪ .138‬مالءمة الخريطة القضائية للتقسيم الرتابي‪ ،‬والرفع من عدد المحاكم خاصة‬
‫اإلدارية والتجارية منها‪.‬‬
‫‪ .139‬تعزيز الحكامة‪ ،‬وتحديث أساليب اإلدارة‪ ،‬واعتماد التقنية لبلوغ المحكمة‬
‫الرقمية‪ ،‬والحرص على انخراط مكونات العدالة يف ذلك‪.‬‬
‫‪ .140‬تمكين المتقاضين من المساعدة القانونية والقضائية والحق يف المعلومة‪.‬‬
‫‪ .141‬تقوية التواصل واالنفتاح مع المواطنين وتشجيعهم على االنخراط الواعي يف‬
‫قضايا العدالة‪.‬‬
‫‪ .142‬الرفع من جودة األحكام القضائية وتشجيع االجتهاد القضائي بما يحقق العدالة‪،‬‬
‫وإقرار التعويض عن الخطأ القضائي‪.‬‬
‫‪ .143‬البت يف القضايا وتنفيذ األحكام يف آجال معقولة‪ ،‬عرب تيسير اإلجراءات‪ ،‬وتقليص‬
‫اآلجال وترشيدها‪ ،‬واحرتام حجيتها وقوهتا الملزمة‪.‬‬
‫‪ .144‬هنج سياسة جنائية جديدة تقوم على احرتام الحقوق والحريات‪ ،‬واتخاذ التدابير‬
‫الوقائية لمكافحة الجريمة والتنسيق بين السياسات‪ ،‬وحماية الضحايا والفئات‬
‫الهشة (النساء‪ ،‬األطفال‪.)...‬‬
‫‪ .145‬تشجيع مؤسسات البحث العلمي الجنائي واعتماد نتائجها عند وضع السياسة‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫‪ .146‬مراجعة النصوص القانونية إلقرار العقوبات البديلة‪.‬‬
‫‪ .147‬تقوية مراقبة النيابة العامة لمراكز االعتقال والسجون والقائمين عليها‪.‬‬
‫‪ .148‬اعتماد التقنيات الحديثة لتسريع وتجويد معالجة المحاضر واإلجراءات‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ ...‬هيآت الحكامة‬

‫رغم أن الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬خصص بابا كامال (الباب الثاين عشر) لهيئات‬
‫الحكامة التي أسندت لها بعض الصالحيات‪ ،‬إال أن التجربة أكدت استمرار العديد من‬
‫العوائق التي حالت دون تحقيق األهداف المعلنة‪ .‬فعلى مستوى النص نالحظ تعددا‬
‫مبالغا فيه لتلك الهيئات‪ ،‬وتقاطعا الختصاصاهتا مع اختصاصات مؤسسات أخرى‪،‬‬
‫سواء التشريعية أو التنفيذية‪ ،‬مع غياب ألي تنسيق بينها‪ .‬أما على مستوى الواقع‪ ،‬فقد‬
‫ظل أثرها محدودا‪ ،‬حيث تنتهي مهماهتا غالبا بوضع تقاريرها‪ .‬كما تشكو هذه الهيآت من‬
‫ضعف استقالليتها‪ ،‬إذ تنجر يف كثير من األحيان إلى تربير بعض السياسات والممارسات‬
‫الرسمية‪ ،‬أو إلى تقمص دور معارضة الحكومة‪ .‬كما أن الفاعل السياسي كثيرا ما يعلق‬
‫فشله عليها‪ ،‬إذ يفضل االختباء وراءها معربا عن عجزه عن تحمل مسؤولياته‪ ،‬باالدعاء‬
‫المتكرر أن ملفات معينة هي يف عهدة مؤسسة من مؤسسات الحكامة‪ .‬وتأكد أيضا أن‬
‫حصيلة هذه الهيئات لم تتعد‪ ،‬يف أحسن األحوال‪ ،‬إحداث تغييرات شكلية يف بعض‬
‫القوانين‪ ،‬أو إصدار تقارير شاهدة على تفشي الفساد‪ ،‬دون ترتيب المسؤوليات وتفعيل‬
‫مبدإ المساءلة والمحاسبة‪.‬‬

‫من أجل ضمان نجاعة وفعالية مؤسسات الحكامة‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .149‬إخضاع مؤسسات وهيئات الحكامة القائمة لتقييم علمي لقياس نجاعتها‬


‫ومردوديتها‪.‬‬
‫‪ .150‬ترشيد مؤسسات وهيئات الحكامة باختزالها يف عدد محدود‪ ،‬مع ضمان الفعالية‬
‫والنجاعة‪.‬‬
‫‪ .151‬تجاوز أسلوب الرتضيات يف تعيين مسؤوليها واعتماد معيار الكفاءة وتكافؤ‬
‫الفرص يف توظيفاهتا‪.‬‬
‫‪ .152‬اعتماد المقاربة التشاركية مع المتدخلين المعنيين‪ ،‬وتحقيق التنسيق وااللتقائية‬
‫بين مختلف مؤسسات وهيئات الحكامة انطالقا من رؤية اسرتاتيجية وطنية‬
‫متعددة األبعاد‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪66‬‬

‫‪ .153‬تيسير عمل مؤسسات وهيئات الحكامة وضمان وصولها إلى المعلومة‪ ،‬واعتماد‬
‫آليات واضحة لتفعيل مقرراهتا وتوصياهتا‪ ،‬مع احرتام شرط التخصص وتجنب‬
‫كل صور التعارض والتنايف‪.‬‬

‫‪ .154‬تمتيع هيئات الحكامة باالستقالل المالي واإلداري‪ ،‬وتقويتها باألطر المتخصصة‬


‫والنزيهة للقيام بمهامها‪.‬‬

‫‪ .155‬منح هيئات الحكامة حق إحالة ملفاهتا إلى المؤسسات التنفيذية أو التشريعية أو‬
‫إلى السلطات القضائية‪.‬‬

‫‪ ...‬األحزاب والنقابات والجمعيات‬

‫يعد وجود األحزاب والنقابات والمجتمع المدين ضرورة الستقرار النظام السياسي‬
‫وبناء الديمقراطية‪ ،‬إذ تقوم بدور مهم يف التعبير عن مصالح المجتمع وآرائه يف تدبير الشأن‬
‫العام‪ ،‬لذلك وجب تقوية مركزها القانوين ودورها السياسي والمجتمعي‪ .‬فال ديمقراطية‬
‫بدون أحزاب قوية ومسؤولة‪ ،‬ونقابات فاعلة وفعالة‪ ،‬وجمعيات نشيطة ومستقلة‪ .‬ورغم‬
‫اختالف هذه المؤسسات من حيث الطبيعة القانونية وكذا األهداف‪ ،‬إال أهنا تعاين‬
‫االختالالت نفسها وتواجهها العقبات ذاهتا‪.‬‬

‫‪ .1.5.2‬األحزاب‬

‫رغم تبني المغرب لنظام التعددية الحزبية منذ االستقالل‪ ،‬إال أن التجربة أثبتت إفشال‬
‫هذا المسعى‪ ،‬فمنذ السنوات األولى انخرط نظام الحكم بالمغرب يف مواجهة األحزاب‬
‫السياسية الوطنية‪ ،‬محاوال تدجينها وإضعافها عرب اللجوء إلى أساليب االخرتاق أو تشجيع‬
‫االنشقاقات وافتعالها‪ ،‬أو تأسيس أحزاب موالية؛ بغية التحكم يف الخريطة السياسية‬
‫وإخضاعها للضبط المخزين‪ ،‬وذلك للحفاظ على نظام الحكم واستقراره واستمراريته‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تعاين بعض األحزاب السياسية يف المغرب غياب الديمقراطية الداخلية‪،‬‬
‫وانتشار ظاهرة الرتحال السياسي‪ ،‬وتأثير البلقنة الناجمة عن القوانين االنتخابية‪.‬‬
‫‪67‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫ومن نتائج هذا الواقع السياسي تراجع األداء الحزبي‪ ،‬حيث أضحت بعض األحزاب‬
‫أداة لتكريس واقع االستبداد‪ ،‬برضوخها لسلوكيات سياسوية هجينة ولمنطق التشرذم‪،‬‬
‫فأصبحت الساحة الوطنية تعج بالعديد من األحزاب السياسية التي تتشابه برامجها رغم‬
‫اختالف مرجعياهتا‪ ،‬مما أدى إلى تراجع دورها يف التأطير والتوعية السياسية‪.‬‬

‫من أجل تحديث العمل الحزبي وتطويره وإعادة االعتبار له‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .156‬ضمان حرية تأسيس األحزاب السياسية من خالل اعتماد فعلي لمبدإ التصريح‬
‫وطبقا للقانون‪ ،‬مع توفير ضمانات االستقاللية والحياد للقضاء عند فصله يف كل‬
‫ما يتعلق بتأسيس األحزاب السياسية ونشاطها وحلها‪.‬‬

‫‪ .157‬اعتبار الحزب السياسي أداة لممارسة السلطة والحكم عرب انتخابات حرة ونزيهة‪.‬‬

‫‪ .158‬توفير الظروف المالئمة لمزاولة األحزاب ألنشطتها السياسية من أجل إعادة‬


‫االعتبار للعمل الحزبي ومحاربة الصور النمطية التي تحاول السلطة تكريسها‪.‬‬

‫‪ .159‬تعزيز الديمقراطية الداخلية وتشجيع الشباب والنساء على المشاركة يف مراكز‬


‫القرار داخل األحزاب‪.‬‬

‫‪ .160‬ضمان استقاللية القرار الحزبي وعدم منع تنظيم األحزاب السياسية ألنشطتها‪،‬‬
‫وجعل احرتام الدستور والقانون هو المعيار الوحيد لذلك‪.‬‬

‫‪ .161‬ضمان الحق يف التواصل الحر لألحزاب السياسية مع المواطنين‪ ،‬والحق يف‬


‫الفضاءات العمومية واإلعالم‪ ،‬والعدالة يف الدعم العمومي‪.‬‬

‫‪ .162‬وضع آلية صارمة لضمان الشفافية المالية لألحزاب السياسية‪.‬‬

‫‪ .2.5.2‬النقابات‬

‫يعترب العمل النقابي واجهة أساسية للدفاع عن حقوق الشغيلة ضد الجور والظلم‬
‫واالستغالل واإلقصاء االجتماعي‪ ،‬واإلسهام يف تحقيق السلم االجتماعي والتعبئة‬
‫االقتصادية‪ ،‬والحفاظ على التوازن بين قوة العمل والقوة الضاغطة للمشغل‪ ،‬وبين‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪68‬‬

‫مؤسسات الدولة (برلمان وحكومة) المسؤولة عن إرساء وتطبيق القوانين التي تخدم‬
‫الصالح العام‪ .‬لكن يف ظل نظام سياسي استبدادي يقمع ويضعف ويفسد العمل النقابي‪،‬‬
‫يتعذر على النقابات القيام هبذه األدوار‪ .‬فقد عمدت السلطة على مر عقود من الزمن‬
‫إلى قمع المناضلين النقابيين والتضييق عليهم‪ ،‬وخنق حرية العمل النقابي‪ ،‬واستقطاب‬
‫النقابات وإضعافها‪ ،‬واالستعانة ببعضها يف تمرير سياساهتا ضد العمال‪ .‬كما تشكو بعض‬
‫النقابات من غياب الديمقراطية الداخلية‪ ،‬حيث تفرض القرارات بشكل فوقي‪ ،‬ويعمد‬
‫إلى إسكات األصوات المعارضة واستبعادها‪ ،‬وإلى التعامل بانتهازية مع المطالب‬
‫العمالية‪ .‬وقد أسهم هذا الواقع يف تشتت النقابات‪ ،‬وتراجع ثقة األجراء يف إطاراهتا‪،‬‬
‫وضعف مصداقية العمل النقابي واالنخراط فيه‪.‬‬

‫يف هذا السياق‪ ،‬نؤكد على مبادئ تجديد روح الحركة النقابية عرب وسائل الضغط‬
‫والتفاوض وتجنيب الفعل النقابي وسائل التخريب أو شراء الذمم‪ ،‬وندعو لتجاوز‬
‫منطق الصراع المنتصر للمصلحة الخاصة إلى منطق التعاون لتحقيق المصلحة العامة‬
‫لكل األطراف‪ ،‬األمر الذي يفرض ضرورة تنسيق الجهود بين النقابات والدولة والقطاع‬
‫الخاص يف إطار حوار اجتماعي حقيقي وعادل وممأسس ومنتج‪ .‬ونرى من الضروري‬
‫تنويع وتطوير مجاالت االشتغال النقابي لتشمل إلى جانب المجال المطلبي دفاعا عن‬
‫المصالح المادية والمعنوية للطبقة العاملة المجال التكويني تنمية للوعي السياسي‬
‫والقانوين‪ ،‬والمجال المهني تحسينا لألداء وتأهيال للذات‪ ،‬والمجال االجتماعي‬
‫والتواصلي‪ ،‬دون نسيان المجال األخالقي القيمي‪.‬‬

‫انطالقا من هذه التوجهات والمبادئ‪ ،‬ومن أجل النهوض بالمؤسسات النقابية للقيام‬
‫باألدوار المنوطة هبا يف أفق إعادة االعتبار والجدية للعمل النقابي وتقويته‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .163‬تكريس مبدإ حرية العمل النقابي‪ ،‬وذلك عرب اإلعمال الفعلي لمبدإ التصريح يف‬
‫التأسيس‪.‬‬
‫‪ .164‬حماية ممثلي العمال والمأجورين من التضييق والتسريح والطرد‪ ،‬واعتبارهم‬
‫جزءا ال يتجزأ من مؤسسة العمل‪ ،‬والسماح للعمال والموظفين بحقهم‬
‫الدستوري يف ممارسة اإلضراب‪ ،‬وحرية فعلهم النقابي دون منع وال تضييق‪.‬‬
‫‪69‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .165‬ضمان استقاللية النقابات يف اتخاذ القرار من داخل هياكلها بشكل ديموقراطي‪،‬‬


‫ومقاومة كل اخرتاق من طرف اإلدارة‪ ،‬مما يعد شرطا لفعالية نضالها لتحقيق‬
‫مطالب الشغيلة‪.‬‬
‫‪ .166‬تكريس ديمقراطية حقيقية داخل النقابات بشكل يقطع الطريق على االنتهازية‬
‫والبيروقراطية‪ ،‬ويضمن تخليقا للممارسة النقابية‪.‬‬
‫‪ .167‬التوجه نحو تأسيس جبهة نقابية مناضلة وموحدة‪ ،‬وذلك عن طريق تنسيق قوي‬
‫ومؤثر بين النقابات‪ ،‬خصوصا يف الملفات الكربى‪ ،‬من أجل تجاوز عقبة التشرذم‬
‫النقابي‪ ،‬وتقوية جبهة الدفاع عن مصالح األجراء‪ ،‬وإرجاع المصداقية والثقة للعمل‬
‫النقابي‪ ،‬واإلسهام يف بناء حركة اجتماعية قوية وفعالة يف مواجهة كل التحديات‪.‬‬
‫‪ .168‬تجديد األطر النقابية‪ ،‬حيث ال يمكن أن يقوى العمل النقابي دون تشجيع المرأة‬
‫العاملة على االنخراط الفاعل فيه‪ ،‬وتحمل المسؤولية يف مؤسساته‪ ،‬ودون‬
‫استيعاب أفواج اليد العاملة الشابة التي تلج سوق الشغل‪ ،‬وذلك عرب حسن‬
‫تأطيرها وتكوينها‪ ،‬وفتح المجال أمامها لتحمل المسؤولية والقيام باألدوار‬
‫المنوطة هبا يف تعبئة الطبقة العاملة وقيادة نضاالهتا‪.‬‬
‫‪ .169‬الحفاظ على البعد التحرري للعمل النقابي‪ ،‬إذ ولد العمل النقابي يف المغرب من‬
‫رحم الحركة الوطنية المناهضة لالستعمار‪ ،‬وجمعت الحركة النقابية المغربية‬
‫قبل خروج المستعمر بين الكفاح من أجل التحرر والنضال النقابي المطلبي‪،‬‬
‫وحاولت بعد ذلك االنخراط يف معركة بناء الدولة‪ ،‬كما دعمت الحركات‬
‫التحررية والقضايا العادلة يف العالم‪ ،‬ويف مقدمتها القضية الفلسطينية‪ ،‬كما‬
‫ينبغي للفاعل النقابي استحضار بعد النضال المجتمعي العام لتحقيق العدل‬
‫والكرامة والحرية‪.‬‬

‫‪ .3.5.2‬الجمعيات‬

‫أضحى العمل الجمعوي شريكا للدولة والمؤسسات المنتخبة يف تدبير الشأن العام‪،‬‬
‫ومساهما رئيسيا يف معالجة المشاكل االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ .‬وقد عرف‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪70‬‬

‫المغرب تطورا كميا للجمعيات يف السنوات األخيرة‪ ،‬إذ تجاوز عددها ‪ 200.000‬جمعية‪.‬‬
‫يقابل هذا الحضور الكمي خفوت على مستوى الفعل والتأثير‪ ،‬وذلك بسبب تبعية العديد‬
‫من الجمعيات للسلطة‪ ،‬وارهتاهنا بخدمة أهدافها السياسية‪ ،‬أو خدمة مصالح خاصة‪،‬‬
‫وهو ما جعل الكثير من الجمعيات جزءا من المنظومة القائمة‪ ،‬تنهل بدورها من الريع‬
‫والفساد‪ ،‬عوض أن تكون رافعة للتثقيف والتوعية‪ ،‬أما الجمعيات التي تحاول الحفاظ‬
‫على استقالليتها فإهنا تتعرض باستمرار لتضييقات إدارية ولشطط يف استعمال السلطة‪.‬‬

‫من أجل تجاوز هذه االختالالت‪ ،‬ودعم الدور التثقيفي والتنموي للجمعيات للرتافع‬
‫حول قضايا التنمية والسياسات العمومية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .170‬إصالح المنظومة القانونية المتعلقة بالحريات العامة‪ ،‬وتيسير المساطر اإلدارية‬


‫المتعلقة بحرية تأسيس الجمعيات‪ ،‬والتكريس الفعلي لمبدإ التصريح‪ ،‬وإبعاد يد‬
‫السلطة عن مجال المبادرة المدنية‪.‬‬

‫‪ .171‬توعية المواطنين وحفزهم على الخدمة العامة‪ ،‬باعتبارها شرطا من شروط‬


‫المواطنة‪ ،‬وعدم حصر ذلك يف العمل الجمعوي المنظم‪ ،‬بل إن األصل فيه هو‬
‫العمل الفردي التلقائي‪.‬‬

‫‪ .172‬تأهيل الموارد البشرية والرفع من القدرات المؤسساتية للجمعيات‪.‬‬

‫‪ .173‬تكريس الديمقراطية الداخلية والشفافية المالية داخل الجمعيات‪ ،‬وفرض‬


‫المساءلة والمحاسبة‪.‬‬

‫‪ .174‬الحرص على تكافؤ الفرص بين الجمعيات فيما يتعلق باالستفادة من إمكانيات‬
‫التمويل العمومي واألماكن العمومية الخاصة بممارسة األنشطة الجمعوية‪.‬‬

‫‪ .175‬التأسيس لعالقات مع الدولة على أساس الشراكة والتكامل‪.‬‬

‫‪ .176‬ضبط الشراكات الدولية للجمعيات بما يضمن استقالليتها عن الخارج‪.‬‬


‫‪71‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .177‬توسيع آليات مساهمة هيآت المجتمع المدين يف إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات‬
‫العمومية‪ ،‬وتقديم اقرتاحات حلول للدولة ومؤسساهتا‪.‬‬

‫‪ ...‬السياسة األمنية‬

‫رغم بعض محاوالت تحديثها يف السنوات األخيرة‪ ،‬ما تزال السياسة األمنية تعرف‬
‫العديد من االختالالت الكربى‪ ،‬يتمثل أبرزها يف اآليت‪:‬‬

‫‪ -‬قيام «العقيدة األمنية» لجهاز األمن على خدمة نظام الحكم أكثر من خدمة‬
‫الوطن‪ ،‬وعلى أولوية األمن بمفهومه الضيق وليس الواسع الذي يعني األمن‬
‫المجتمعي بما يقتضي ذلك من صون لكرامة اإلنسان وحريته‪.‬‬

‫‪ -‬غياب قواعد ومعايير واضحة لحكامة أمنية وطنية وللتدخالت األمنية‪.‬‬

‫‪ -‬االستعمال المفرط للعنف يف التدخالت األمنية‪.‬‬

‫‪ -‬انتشار بعض مظاهر االنفالت األمني بشكل مقلق‪.‬‬

‫‪ -‬اضطراب يف الفعالية األمنية بفعل الحركية المفرطة لألطر األمنية‪.‬‬

‫‪ -‬وجود ممارسات غير ديمقراطية وسط الجسم األمني‪.‬‬

‫‪ -‬عدم خضوع الجهاز األمني للحكومة إال بشكل صوري‪.‬‬

‫‪ -‬االستعمال المتكرر والفج للجهاز األمني يف قمع المعارضين السياسيين‬


‫والضغط عليهم‪.‬‬

‫‪ -‬تحرك أجهزة المخابرات يف كثير من األحيان خارج الضوابط القانونية‪.‬‬

‫‪ -‬اللجوء يف بعض األحيان‪ ،‬إلى التعذيب واالحتجاز السري يف حق المعارضين‪.‬‬

‫‪ -‬خرق خصوصيات بعض المواطنين واللجوء بشكل متنام للتجسس غير القانوين‪.‬‬

‫‪ -‬فربكة ملفات أخالقية وتوظيفها لتخويف ومحاكمة المعارضين‪.‬‬


‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪72‬‬

‫من أجل بناء ثقة المجتمع يف الجهاز األمني‪ ،‬ال بد من تجديد هذا األخير على‬
‫أسس احرتافية‪ ،‬ووضع سياسات تشاركية حقيقية مع المجتمع المدين هبدف االنفتاح‬
‫على المجتمع‪ ،‬وإشراكه يف الوقاية من األخطار األمنية‪ ،‬وتحقيق التكامل األمني مع‬
‫المؤسسات االجتماعية والدينية‪.‬‬

‫ولتجاوز االختالالت السالفة‪ ،‬ومن أجل إعادة بناء جهاز أمني حديث‪ ،‬يستجيب‬
‫الحتياجات المواطنين‪ ،‬ويحمي األمن المجتمعي‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .178‬إعادة النظر يف النصوص القانونية المنظمة للمرفق األمني بشكل يسمح له بالقيام‬
‫بدوره بشكل سلس‪ ،‬وذلك بإعداد قانون أساسي جديد لموظفي األمن يستجيب‬
‫لمعالم السياسة األمنية الجديدة‪.‬‬

‫‪ .179‬إعداد قواعد ومعايير حكامة أمنية وطنية‪ ،‬واإلعالن عن مقياس وطني لتوفير‬
‫خدمة األمن بالمدن والحواضر‪.‬‬

‫‪ .180‬تأسيس معهد للدارسات األمنية لرصد وتتبع السياسات األمنية‪.‬‬

‫‪ .181‬ترشيد تدبير الموارد البشرية من خالل إعادة تحديد أدوار جديدة للقوات األمنية‬
‫المعروفة بقوات التدخل السريع‪.‬‬

‫‪ .182‬إعادة االعتبار للموارد البشرية األمنية من خالل الحد من الشطط الذي يمارس‬
‫عليها‪ ،‬واحرتام حقوق العاملين‪ ،‬وتحسين ظروف اشتغالهم‪ ،‬والسماح لهم‬
‫بممارسة العمل النقابي‪.‬‬

‫‪ .183‬جعل األمن بمفهومه العام ضرورة من ضروريات الحياة األساسية وحقا من‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ .184‬تطوير استعمال الوسائل الحديثة والرقمية يف تدبير المرفق األمني‪ ،‬بما يحقق‬
‫شفافية أكثر يف الفعل األمني‪ ،‬ويضمن تقديم خدمة أمنية سريعة وأكثر جودة‪.‬‬

‫‪ .185‬جعل أجهزة األمن بمختلف أصنافها يف خدمة المواطن والوطن‪.‬‬


‫‪73‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .186‬إدماج البعد األخالقي واالجتماعي والحقوقي يف السياسة األمنية‪ ،‬وإدماج‬


‫الرتبية على حقوق اإلنسان يف برامج تكوين الشرطة‪.‬‬

‫‪ .187‬حماية األمن العام بشكل احرتايف واالبتعاد عن توظيف األمن والمخابرات يف‬
‫الصراع السياسي‪.‬‬

‫‪ .188‬إخضاع مختلف أجهزة األمن والمخابرات للمراقبة الربلمانية والمحاسبة‬


‫القضائية‪.‬‬

‫‪ ...‬السياسة الدفاعية‬

‫تقوم المؤسسة العسكرية بدور محوري يف حماية الرتاب الوطني من المخاطر‬


‫الخارجية‪ ،‬كما تعد صمام األمان ودرع حماية الوطن‪ ،‬لكنها تعاين بعض أوجه القصور‬
‫نذكرها يف اآليت‪:‬‬

‫‪ -‬عدم خضوعها لرقابة الحكومة والربلمان‪.‬‬


‫‪ -‬السرية المبالغ فيها بخصوص االتفاقيات والصفقات المربمة من قبلها‪ ،‬مما‬
‫يجعلها بعيدة عن رقابة اإلعالم والرأي العام‪.‬‬
‫‪ -‬تلطيخ سمعتها من خالل توريطها يف بعض األحداث الدموية ضد فئات من‬
‫الشعب المغربي‪.‬‬
‫‪ -‬ارهتاهنا بشكل كبير لقضية الصحراء‪ ،‬مما حجم من أدوارها الوطنية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬التمادي يف التطبيع العسكري مع الكيان الصهيوين وتوسيعه ليشمل األسلحة‬
‫واالستخبارات والتدريبات العسكرية والمنظومة المعلوماتية؛ مما يهدد األمن‬
‫القومي للمغرب ويشكل خطرا على استقراره واستقرار المنطقة‪.‬‬
‫‪ -‬إغراء بعض كبار األطر العسكرية باالمتيازات والريع‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف التعويضات واألجور بالنسبة للمستويات الدنيا من أفراد الجيش‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪74‬‬

‫لرتشيد أداء المؤسسة العسكرية وتجويد خدماهتا‪ ،‬ينبغي العمل على بناء جيش‬
‫احرتايف مهمته األولى الدفاع عن حوزة الوطن وحماية أمنه من خالل حماية حدوده‬
‫من مختلف األخطار التي هتدده‪ ،‬ونقل الخربات التقنية للمجتمع‪ ،‬والقيام بدور إنقاذي‬
‫واجتماعي خاصة يف الحاالت االستثنائية‪.‬‬

‫من أجل تحقيق هذه األهداف‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .189‬قيام «عقيدة» الجيش على حماية الوطن وخدمته أوال وأساسا‪ ،‬وعدم التدخل يف‬
‫المجال السياسي‪ ،‬والتزام الحياد يف العالقة بمختلف الفاعلين السياسيين‪.‬‬
‫‪ .190‬إحداث منصب وزير الدفاع وإعادة االعتبار للخدمة العسكرية وفق مقاربة وطنية‬
‫واضحة‪ ،‬مع تشجيع الشباب على االنخراط يف الخدمة العسكرية عرب برامج‬
‫محددة ويف فرتات زمنية متباعدة‪.‬‬
‫‪ .191‬محاربة الفساد ومنع الريع داخل المؤسسة العسكرية‪ ،‬ووضع آليات صارمة‬
‫لمتابعة المتورطين يف ذلك‪.‬‬
‫‪ .192‬حماية حقوق الجنود وتوفير الرعاية االجتماعية لهم‪.‬‬
‫‪ .193‬وضع معايير واضحة للصفقات العسكرية‪ ،‬وإخضاعها لمراقبة صارمة‪.‬‬
‫‪ .194‬تطوير الصناعات العسكرية الدفاعية من أجل التخفيف من االعتماد على‬
‫الخارج‪.‬‬
‫‪ .195‬تحديث العتاد العسكري كلما دعت الضرورة لذلك من أجل إدماج الجيش يف‬
‫المنظومة العسكرية الحديثة‪.‬‬
‫‪ .196‬تطوير البحث العلمي المتعلق باالسرتاتيجيات العسكرية والصناعات الدفاعية‪.‬‬
‫‪ .197‬إحداث فرق عسكرية خاصة للتدخل يف حالة الكوارث الطبيعية ومقاومة‬
‫الحرائق‪.‬‬
‫‪ .198‬اإلسهام يف جهود التنمية االجتماعية وتشييد البنيات التحتية الكربى‪.‬‬
‫‪75‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .199‬اإلسهام يف مراقبة الحالة الوبائية المرتبطة باألمن العام‪ ،‬وتقييم المخاطر ذات‬
‫البعد الوبائي‪.‬‬
‫‪ .200‬اإلسهام يف جهود االنتقال التقني والرقمي واالسرتاتيجي عرب شراكات وتعاون‬
‫مع مؤسسات مدنية حكومية‪.‬‬
‫‪ .201‬الدفاع عن األمن المعلومايت والسيربياين‪ ،‬وتحصين المنظومة المعلوماتية‬
‫الوطنية من كل أشكال االخرتاق‪.‬‬
‫‪ .202‬اإلسهام يف جهود حفظ السالم العالمي بموافقة من الربلمان‪.‬‬

‫‪ ...‬الوقاية املدنية‬

‫تعترب الوقاية المدنية مرفقا هاما يتولى القيام بالعديد من الخدمات الالزمة لحماية‬
‫السكان والممتلكات العامة والخاصة من األخطار المختلفة الناجمة عن الحرائق‬
‫والكوارث والحروب‪ ،‬وإغاثة المنكوبين‪ ،‬وتأمين سالمة المواصالت واالتصاالت وسير‬
‫العمل يف المرافق العامة وحماية مصادر الثروة الوطنية يف زمن السلم والحرب والطوارئ‪.‬‬
‫غير أن هذه األدوار الهامة يستعصي القيام هبا على الوجه المطلوب‪ ،‬يف ظل الكثير‬
‫من االختالالت التي تعيق سير هذا المرفق العمومي بالمغرب‪ .‬وتتلخص أهم هذه‬
‫االختالالت يف اآليت‪:‬‬

‫‪ -‬غياب قانون إطار متعلق بالوقاية وتدبير المخاطر يحدد بدقة السلطات المختصة‬
‫يف هذا المجال‪.‬‬
‫‪ -‬تعدد التشريعات المتعلقة بتنظيم مجاالت الوقاية وتدبير المخاطر ومحدودية‬
‫التناغم بينها‪.‬‬
‫‪ -‬تعدد األطراف المتدخلة يف مجاالت مكافحة الكوارث الطبيعية وما يصاحب‬
‫ذلك من تنازع االختصاص على مستوى الممارسة‪.‬‬
‫‪ -‬تقزيم دور الوقاية المدنية يف التدخالت بالمجال الحضري والقروي أحيانا‪،‬‬
‫وإلحاقها بوزارة الداخلية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪76‬‬

‫‪ -‬ضعف الموارد البشرية المعبئة‪.‬‬


‫‪ -‬عدم القدرة على التكيف السريع مع المخاطر المتنوعة التي ظهرت يف اآلونة‬
‫األخيرة‪ ،‬مثل األوبئة والتسممات الصناعية‪.‬‬
‫‪ -‬شبه انحصار دور الوقاية المدنية يف نقل المصابين إلى المستعجالت دون تنسيق‬
‫رقمي مع مستشفيات االستقبال‪ ،‬ودون أي تدخل استباقي واحرتايف لمعالجتهم‪،‬‬
‫نظرا لغياب اإلمكانيات الالزمة‪.‬‬
‫يعترب القيام بوظيفة اإلغاثة‪ ،‬يف منظورنا‪ ،‬واجبا على الدولة والمجتمع‪ .‬يقول رسول‬
‫اهلل ﷺ‪« :‬من ن َّفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس اهلل عنه كربة من كرب يوم القيامة‪،‬‬
‫ومن يسر على معسر يسر اهلل عليه يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬ومن سرت مسلما سرته اهلل يف الدنيا‬
‫واآلخرة‪ ،‬واهلل يف عون العبد ما كان العبد يف عون أخيه» (رواه مسلم)‪ .‬إن بناء مجتمع‬
‫متضامن وقوي يتطلب تأمين الجبهة الداخلية وتقويتها‪ ،‬ومما يسهم يف ذلك إقرار منظومة‬
‫جديدة للوقاية من الكوارث وإدارة األزمات‪.‬‬

‫لتجاوز اختالالت جهاز الوقاية المدنية‪ ،‬ومن أجل منظومة ناجعة تمنح المواطن‬
‫العناية الكافية برتسيخ خدمات الوقاية يف المجتمع لتحقيق مرامي األمن المجتمعي العام‬
‫يف الحاالت العادية وإبان الطوارئ‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .203‬تسطير رؤية واضحة وذات مقاربة شمولية تؤطر مختلف مجاالت الوقاية وتدبير‬
‫المخاطر‪ ،‬وتحصر الهيئات المتدخلة فيها‪ ،‬وتحدد اختصاصاهتا بشكل دقيق‪،‬‬
‫وتبين كيفية التنسيق بينها‪.‬‬
‫‪ .204‬إحداث وكالة وطنية للكوارث وإدارة األزمات تتبع لرئاسة الحكومة وتتولى‬
‫التنسيق بين مؤسسات الدولة والمجتمع‪.‬‬
‫‪ .205‬الرفع من جهوزية التدخل عرب تحديث منظومة الوقاية المدنية عن طريق تأمين‬
‫التكنولوجيا والتقنية الكفيلة بتسهيل مجهودات الوقاية المدنية‪ ،‬والزيادة يف عدد‬
‫األطر لتوفير البنية البشرية والموارد الالزمة‪ ،‬وتجديد العتاد واألجهزة‪ ،‬وتطوير‬
‫القدرات والخربات التقنية والبدنية‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫املحور السيايس‬

‫‪ .206‬تعزيز القدرات البحثية والتنبؤية حول إدارة الكوارث‪ ،‬وتطوير آليات الرصد‬
‫والتشخيص‪ ،‬وتوفير المعلومات الخاصة بمجال المخاطر والكوارث‪.‬‬
‫‪ .207‬إنشاء مراكز لألبحاث والدراسات البتكار طرق جديدة لمواجهة تحديات‬
‫المخاطر التي تواجه المجتمع‪ ،‬وإبداع مسلكيات وبروتوكوالت التدخل يف‬
‫المجتمع يف حاالت الطوارئ الناجمة عن الكوارث الطبيعية وما شاهبها‪.‬‬
‫‪ .208‬تطوير التشريعات الخاصة بتدبير الكوارث‪ ،‬وتنظيم التدخالت االستعجالية‬
‫والمستعجالت الطبية‪ ،‬مع الحرص على ضبط التنسيق بين مختلف مؤسسات‬
‫االستشفاء العمومي والخصوصي وبين كافة الهيئات المتدخلة يف مجاالت‬
‫الوقاية االستعجالية ما قبل مرحلة ولوج المستشفيات‪ ،‬وعلى توحيد وتسريع‬
‫أنظمة اإلخطار عرب إنشاء شبكة تواصل بينية لربط مراكز االتصال الطبية العاملة‬
‫بالمستشفيات بمراكز االتصال العاملة يف حاالت الطوارئ الطبية التابعة لمرافق‬
‫الوقاية المدنية والشرطة والدرك والجيش‪.‬‬
‫‪ .209‬إعادة بناء جهاز الوقاية المدنية عن طريق إشراك المجتمع يف مجهود العمل‬
‫الجماعي لتقديم الخدمة العمومية‪ ،‬مع تكوين قوة احتياطية تطوعية محرتفة‬
‫يمكن تعبئتها يف حاالت الطوارئ‪.‬‬
‫‪ .210‬توفير مراكز القرب لالستجابة للحاجيات‪.‬‬
‫‪ .211‬تحسين الوضعية العامة لألطر وللعاملين يف القطاع تحفيزا وتثمينا‪.‬‬
‫‪ .212‬تطوير أنظمة التدريب والتكوين يف مختلف مجاالت التدخل خاصة على مستوى‬
‫مكافحة المخاطر واألوبئة‪ ،‬وتعزيز برامج التكوين األساسي والمستمر‪ ،‬وتبادل‬
‫الخربات مع المؤسسات النظيرة يف العالم‪.‬‬
‫‪ .213‬نشر ثقافة اإلسعاف وخدمة مجهود الدعم االجتماعي للفئات المحتاجة‪ ،‬وذلك‬
‫عرب االهتمام بالتكوين المستمر للمسعفين وتلقين مهارات اإلسعاف العمومي‬
‫لمختلف فئات المجتمع‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪78‬‬

‫‪ .214‬تطوير الطب الوقائي واإلسعافات األولية‪ ،‬وتكوين األطقم المتطوعة يف المجال‬


‫يف إطار جمعيات الوقاية األهلية أو المدنية‪.‬‬
‫‪ .215‬إلزام المؤسسات الصناعية الكربى المعرضة للمخاطر بتوظيف متخصصين‬
‫يف اإلسعاف‪ ،‬حتى يتسنى اتباع سياسات وقائية قبل وقوع الحوادث‪ ،‬وتسهيل‬
‫عملية التنسيق مع إدارة الوقاية المدنية‪.‬‬
‫‪ .216‬االنفتاح على مؤسسات التنشئة االجتماعية من أجل غرس قيم اإلسعاف‬
‫واإلغاثة‪ ،‬خاصة يف مختلف مراحل التعليم والتكوين مع إدماج دبلوم خاص‬
‫باإلسعاف عند اجتياز امتحان رخص السياقة ومختلف المدارس العليا بعد‬
‫الباكلوريا‪.‬‬
‫‪ .217‬منح الرتخيص لمؤسسات التكوين المهني الخاصة والمؤسسات الخاصة التي‬
‫تعنى بالتكوين يف المهن الطبية وشبه الطبية لمنح دبلوم حول اإلسعاف تحت‬
‫إشراف ومراقبة جهاز الوقاية المدنية‪.‬‬
‫‪ .218‬إقرار شراكات طويلة األمد مع مؤسسات المجتمع المدين التي لها ارتباط‬
‫بالصحة والبيئة والشباب واألسرة من أجل رفع مستوى الجاهزية المجتمعية‬
‫لمواجهة مختلف المخاطر المدنية‪.‬‬
‫‪ .219‬تنظيم وتنسيق مجهود اإلغاثة العامة والمقاومة المؤسساتية والمجتمعية لحالة‬
‫االحتياج العامة بسبب الكوارث الطبيعة وغيرها‪.‬‬
‫‪ .220‬تنظيم مناورات وتداريب جماعية لرفع الجاهزية المجتمعية يف مواجهة ومقاومة‬
‫الحاالت التي تتطلب تدخالت جهاز الوقاية المدنية‪.‬‬
‫‪79‬‬

‫املحور االقتصادي واالجتماعي‪:‬‬


‫عدالة وتكافل وتنمية مستدامة‬
80
‫‪81‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫يزخر المغرب بطاقات بشرية وموارد طبيعية هامة‪ ،‬إذ رغم تراجع معدل الخصوبة‪،‬‬
‫فإن الهرم السكاين ال يزال يتسم باتساع قاعدته من الشباب‪ ،‬كما يتوفر المغرب على‬
‫ساكنة نشيطة هامة‪ ،‬تمثل فيها النساء نسبة مهمة ترسخ مكانتهن يف المجتمع يوما بعد‬
‫آخر‪ ،‬يؤكدها تفوقهن الدراسي وتحملهن للعديد من المسؤوليات والوظائف األساسية‪.‬‬
‫ويمتلك المغرب حوالي ‪ 70%‬من االحتياطي العالمي من الفوسفاط‪ ،‬وثروة معدنية ال‬
‫يستهان هبا‪.‬‬

‫ورغم هتديدات التغيرات المناخية‪ ،‬يتوفر البلد على مخزون مائي جيد‪ ،‬وتمتد‬
‫جغرافيته على واجهتين بحريتين تجعل منه بلدا اسرتاتيجيا من حيث الموقع‪ ،‬كما تزخر‬
‫مسطحاته المائية من بحر ومحيط بثروة سمكية استثنائية‪.‬‬

‫‪ .1‬اختالالت النسيج االقتصادي ومرتكزات التنمية الشاملة‬

‫رغم اإلمكانيات المهمة التي يتوفر عليها المغرب‪ ،‬إال أن اقتصاده ما زال يعاين‬
‫اختالالت هيكلية كربى‪ ،‬نتيجة قصور االختيارات والسياسات العمومية المتبعة‬
‫منذ االستقالل‪ ،‬وذلك بشهادة االعرتافات الرسمية والتقارير المتوالية لمؤسسات‬
‫وطنية ودولية‪.‬‬

‫ويمكن إجمال أبرز تلك االختالالت يف الرتكيز الشديد لرؤوس األموال ووسائل‬
‫اإلنتاج واألراضي يف يد العائلة الملكية والعائالت النافذة وبعض الشركات األجنبية التي‬
‫استفادت من اقتصاد الريع والتوزيع غير العادل لألراضي والثروات واالمتيازات‪ ،‬يف‬
‫مقابل انحسار كبير للفرص المتاحة لباقي الفاعلين والمستثمرين الصغار والمتوسطين‪،‬‬
‫يزيد ذلك تفاقما التضييق الممنهج وآفة البيروقراطية والفساد والرشوة‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬يعاين النسيج االقتصادي الوطني تغول االقتصاد غير المهيكل‪ ،‬إذ‬
‫تشير تقديرات «بنك المغرب» إلى أنه يمثل ‪ 30%‬من الناتج الداخلي اإلجمالي إلى حدود‬
‫سنة ‪ ،2018‬كما تشير تقديرات أخرى لمؤسسات وطنية ودولية‪ ،‬إلى أن ما بين ‪60%‬‬
‫و‪ 80%‬من الساكنة النشيطة المشتغلة تمارس نشاطا غير مهيكل‪ .‬وإذا كان الجزء الظاهر‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪82‬‬

‫من االقتصاد غير المهيكل يتمثل أساسا يف الوحدات الصغيرة التي تشغل عماال دون‬
‫التصريح هبم وتنتج سلعا وخدمات‪ ،‬وتتهرب عمدا من التزاماهتا الضريبية والقانونية‪ ،‬فإن‬
‫الجزء اآلخر الذي هو نتاج منظومة الفساد والريع والبحث عن اإلثراء غير المشروع‪،‬‬
‫يشمل التهريب واألنشطة الخفية للمقاوالت الرسمية‪ ،‬مثل عدم التصريح برقم المعامالت‬
‫الكلي وعدد العمال الحقيقي‪ ،‬إضافة إلى «المنافسة غير الرسمية»‪ ،‬حيث تتهرب بعض‬
‫الشركات عمدً ا من التزاماهتا على الرغم من امتالكها الموارد والهياكل الالزمة للوفاء هبا‪.‬‬

‫أدت هذه الوضعية إلى استمرار اغتناء العائالت النافذة وتفقير شرائح عريضة من‬
‫المجتمع‪ ،‬مع استمرار تراجع المؤشرات الماكرو اقتصادية من قبيل التزايد البنيوي‬
‫والم ّطرد لمستوى العجز التجاري وعجز الميزانية‪ ،‬وتفاقم المديونية‪ ،‬وارتفاع معدل‬ ‫ّ‬
‫البطالة‪ ،‬وتنامي ظواهر الفقر والهشاشة‪ ،‬واستمرار اعتماد االقتصاد على التساقطات‬
‫المطرية‪ ،‬واتساع رقعة االقتصاد غير المهيكل‪ ،‬وتركيز مجالي كبير للنشاط االقتصادي‪،‬‬
‫مع استمرار وضعية العزلة التي تعيشها معظم المناطق‪ ،‬وضعف البنيات التحتية يف جل‬
‫المجاالت الرتابية غير الساحلية‪ ،‬وخاصة منها العالم القروي‪ .‬يعزز ذلك ضعف التكوين‬
‫التقني والمهني‪ ،‬وعدم تشجيع االبتكار والبحث العلمي‪ ،‬ومحدودية االنفتاح على‬
‫التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬وعدم كفاية التأطير العمليايت واإلداري لدى الشركات الصغرى‬
‫والمتوسطة‪ ،‬ولدى الحرفيين والفالحين وأصحاب المهن الحرة‪ ،‬وتلكؤ القطاع المالي‬
‫يف دعم المبادرة الحرة يف القطاعات المنتجة واقتصاد المعرفة واالبتكار‪ ،‬وضعف مستوى‬
‫نجاعة االستثمار‪ ،‬وتآكل الطبقة المتوسطة وتراجع أدوارها التنموية‪ ،‬وضعف دور الدولة‬
‫يف مراقبة معايير الجودة والصحة والسالمة والتتبع والتقييم‪ ،‬وغياب الحماية االجتماعية‬
‫لدى شرائح واسعة من المواطنين‪.‬‬

‫ولبلوغ المقاصد التنموية من النشاط االقتصادي‪ ،‬ال بد من توفر إرادة حقيقية‪ ،‬وتضافر‬
‫جهود كل الفاعلين‪ ،‬واستثمار الفرص المتاحة‪ ،‬وحسن استعمال المقدرات المتوفرة من‬
‫رأسمال بشري وموارد وثروات والعمل على بناء اقتصاد تكافلي قوي ومنتج‪ .‬يشارك يف‬
‫هذا البناء الدولة‪ ،‬لما لها من دور محدد يف عالج األزمات والدورات االقتصادية السيئة‬
‫التي تحدث من حين آلخر‪ ،‬كالبطالة والتضخم واالنكماش االقتصادي‪ ،‬ويف محاربة‬
‫‪83‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫بعض المعضالت مثل االحتكار والغش‪ ،‬إذ يجب أال ينحصر دور الدولة يف عمليات‬
‫التوجيه والحفز والمواكبة‪ ،‬بل من واجبها إنتاج السلع والخدمات االجتماعية‪ ،‬خاصة ما‬
‫يتعلق بالمرافق األساسية من أمن وعدالة وصحة وتعليم وبنيات تحتية وغيرها‪.‬‬

‫يعضد القطاع الخاص جهود الدولة يف هذا البناء‪ ،‬إذ من الضروري حفزه‪ ،‬باعتباره‬
‫منتجا للثروات ومشغال للكفاءات ومساهما يف بلورة وتنزيل االسرتاتيجيات المعتمدة‬
‫يف إطار التنمية االقتصادية واالجتماعية الشاملة والمتكاملة‪ .‬وباإلضافة إلى الفاعلين‬
‫االقتصاديين األساسيين‪ ،‬وبالنظر للدور المتنامي عرب العالم لمؤسسات االقتصاد‬
‫االجتماعي والتضامني‪ ،‬فإن االهتمام هبذه المؤسسات أصبح ضرورة ملحة‪.‬‬

‫وإذا كانت الجمعيات والتعاضديات تقوم بدور رئيسي يف تدبير الظواهر االجتماعية‬
‫من خالل إدماجها يف تدبير التضامن االجتماعي‪ ،‬فإن التعاونيات يمكن أن تشكل نموذجا‬
‫تنظيميا مهما يف توليد الثروة‪ ،‬ويف الحد من الريع وثقافة االسرتزاق غير المشروع‪.‬‬

‫وللخروج من الوضع االقتصادي الراهن‪ ،‬وتحقيق المرتكزات األساسية للتنمية‬


‫الشاملة‪ ،‬فإن جماعة العدل اإلحسان مقتنعة أن الحل مشروط بتضافر جهود جميع الفاعلين‬
‫لتصحيح األعطاب البنيوية الكربى لالقتصاد الوطني‪ ،‬وبناء اقتصاد قوي ومتوازن‪ ،‬يضمن‬
‫العيش الكريم لجميع المغاربة‪ ،‬ويقوى على الصمود أمام المنافسة العالمية والصدمات‬
‫الخارجية‪ .‬وينبني هذا الطرح‪ ،‬يف منظورنا‪ ،‬على المرتكزات األساسية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬اقتصاد مسؤول‪ ،‬يكون يف خدمة اإلنسان ويلبي الحاجيات األساسية من حق يف‬


‫الولوج إلى الغذاء الكايف والمتوازن والسكن الكريم‪ ،‬والملبس والنقل والتعليم‬
‫والعناية الصحية والحماية االجتماعية‪ ،‬ويضمن الفرص االقتصادية المتكافئة‬
‫بين الجميع‪ ،‬ويحافظ على البيئة‪ ،‬ويثمن الثروات الطبيعية‪ ،‬ويرشد االستغالل‪،‬‬
‫وال يرهن مستقبل األجيال لممارسات غير مسؤولة‪ .‬اقتصاد يتيح للمواطن من‬
‫الوقت واإلمكانات ما يساعده على تحقيق العبودية هلل عز وجل‪ .‬فال يجعل‬
‫اإلنسان آلة أو يجعله يلهث وراء حاجيات ورغبات مادية ال تنتهي‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪84‬‬

‫‪ -‬اقتصاد العدل‪ ،‬الذي يمنح للجميع فرصا متكافئة للمساهمة يف إنتاج الثروة‬
‫واالستفادة منها عرب آليات التوزيع المنصفة والمتاحة أو الممكن ابتكارها‪،‬‬
‫وتوزيع مجالي متوازن‪ ،‬ورعاية اجتماعية كافية‪.‬‬
‫‪ -‬اقتصاد منفتح على العالم‪ ،‬يستفيد من الفرص المتاحة يف األسواق الدولية‪،‬‬
‫لكن يضمن استقاللية البلد والمجتمع‪ ،‬عرب االعتماد على المنتوج المحلي‬
‫بدعم الطلب الداخلي‪ ،‬والتقليص من نفقات االستيراد‪ ،‬مع تشجيع المنتوج‬
‫التصديري‪.‬‬
‫‪ -‬اقتصاد تنافسي‪ُ ،‬يقوي االستثمار و ُيحفز على الجودة واالبتكار‪ ،‬بعيدا عن‬
‫كل أشكال االحتكار واستغالل النفوذ والتفضيالت غير المشروعة‪ ،‬انطالقا‬
‫من إطار قانوين واضح وجهاز مؤسسايت فعال يف مراقبته لمدى احرتام شروط‬
‫التنافسية ومعاييرها‪.‬‬
‫‪ -‬اقتصاد أخالقي‪ ،‬تتسم عملياته بالتيسير والسهولة والمرونة‪ ،‬ويتصف العاملون‬
‫فيه بالصدق واإلخالص واإلتقان واإلنصاف والعفو والسماحة واإليفاء بالعهد‪.‬‬
‫إذ تعترب هذه الفضائل األخالقية أساسية يف زرع الثقة وتجذرها يف العمليات‬
‫االقتصادية‪ ،‬مما يؤدي إلى ارتفاع أداء االقتصاد وفعاليته يف الحد من الفقر‬
‫والهشاشة والتعاسة وما إلى ذلك من األمراض االجتماعية والنفسية‪.‬‬
‫‪ -‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬عرب هنج اسرتاتيجية تروم تأهيل رأس المال المعريف‪ ،‬وذلك‬
‫باالستثمار الجيد يف البحث والتطوير والتعليم والتدريب ونماذج اإلدارة‬
‫الجيدة‪ ،‬إذ أصبحت االتصاالت وتقنية المعلومات واألنشطة الرقمية واألنشطة‬
‫المبنية على المعرفة تؤدي دورا أساسيا يف عمليات إنتاج السلع والخدمات‬
‫يف مختلف المجاالت من مال وأعمال وسياحة وتأمين ونقل ومواصالت‪،‬‬
‫وأضحت أهميتها تزداد بوتيرة سريعة يف تنافسية االقتصادات‪.‬‬
‫لتنزيل هذه المرتكزات‪ ،‬نقترح جملة من اإلجراءات تندرج يف ثالثة أقطاب‪:‬‬
‫‪85‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫القطب األول‪ :‬يهدف إلى اقرتاح معالم كربى لسياسة اقتصادية تروم دعم‬
‫وتقوية نقاط قوة النسيج االقتصادي القائم‪ ،‬والتصدي للمعيقات التي تحول‬
‫دون تطوره‪ ،‬وذلك من خالل تعزيز المؤشرات الماكرواقتصادية‪ ،‬وبلورة برامج‬
‫اسرتاتيجية تشاركية ومندمجة من شأهنا أن تشكل رافعات جديدة للنهوض‬
‫باالقتصاد الوطني‪ ،‬والتأسيس لنماذج جديدة من المشاريع المهيكلة‪ ،‬هتدف إلى‬
‫إحداث دينامية استثمارية جديدة تقطع مع الريع وتدعم روح المقاولة‪.‬‬

‫القطب الثاين‪ :‬يهدف إلى تطوير المنظومة التمويلية وتخليصها من الهاجس‬


‫المالي الضيق وربطها بمتطلبات التنمية‪ ،‬إذ من الضروري فتح آفاق تمويلية‬
‫جديدة ومبتكرة‪ ،‬من أهمها الزكاة واألوقاف التي يحتفظ التاريخ المغربي‬
‫بصور مشرقة لها‪ .‬كما أنه من الضروري تجديد وترشيد باقي المصادر التمويلية‬
‫األخرى لتصب يف تحقيق تنمية مستدامة‪.‬‬

‫القطب الثالث‪ :‬يهدف إلى رسم بوصلة النمو االقتصادي يف اتجاه تكريس الدولة‬
‫االجتماعية‪ ،‬التي تضمن الخدمات االجتماعية األساسية والحاجيات الضرورية‬
‫لجميع المواطنين دون استثناء‪ .‬فال جدوى من انتعاش اقتصادي ال يساهم يف‬
‫خفض معدالت البطالة‪ ،‬وتوفير التنمية المجالية‪ ،‬وإعداد التجهيزات والبنيات‬
‫التحتية المستحقة‪ ،‬وتوفير وتنويع عروض ومسالك االرتقاء االجتماعي‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪86‬‬

‫‪ .2‬من أجل سياسة اقتصادية يف خدمة التنمية‬

‫لتجاوز اختالالت النسيج االقتصادي الوطني‪ ،‬وانطالقا من التوصيف والمرتكزات‬


‫أعاله‪ ،‬نقترح وضع سياسة اقتصادية تروم تحقيق ما يلي‪:‬‬

‫‪ ...‬تطوير املقاوالت الصغرى واملتوسطة واالستمرار يف تعبئة رؤوس األموال‬

‫تعترب المقاوالت عموما‪ ،‬والصغرى والمتوسطة خصوصا‪ ،‬نواة ودعامة استقرار‬


‫لالقتصاد الوطني‪ ،‬بما توفره من فرص الشغل وتوجهها عموما نحو تلبية الحاجيات‬
‫الداخلية‪.‬‬

‫ولتطوير هذه المقاوالت وجعلها رافعة للتنمية وتوليد الثروة‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .221‬تفكيك بنية الريع االقتصادي ومحاربة االمتيازات االقتصادية الفئوية غير المربرة‬
‫وجميع أشكال الميز االقتصادي‪ ،‬وتذليل العقبات التي تحول دون المنافسة‬
‫الشفافة والحرة والعادلة‪.‬‬
‫‪ .222‬دعم ومواكبة الوحدات اإلنتاجية الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬عرب المواكبة الضريبية‬
‫والتقنية والعملياتية ويف مجال التدبير‪ ،‬والعمل على تيسير ظروف تمويلها‪.‬‬
‫‪ .223‬دعم القطاعات الموجهة للطلب الداخلي‪.‬‬
‫‪ .224‬إعادة هيكلة القطاع المالي بما يشجع على المبادرة الحرة ويدعم القطاعات‬
‫اإلنتاجية واقتصاد المعرفة‪.‬‬
‫‪ .225‬محاربة الرتكيز المجالي عرب تأهيل المناطق المعزولة وهنج التمييز اإليجابي‪.‬‬
‫‪ .226‬إعادة هيكلة عرض التكوين المهني وتطوير الكفاءات بإشراك الفاعلين‬
‫االقتصاديين يف تصميم وإنجاز برامج التكوين مع مراعاة متطلبات سوق الشغل‪.‬‬
‫‪ .227‬دعم التكوين المستمر وتشجيع االنفتاح على التقنيات الجديدة‪ ،‬وتطوير مراكز‬
‫التكوين المشرتكة‪.‬‬
‫‪ .228‬تطوير دور القضاء التجاري يف تشجيع االستثمار وحماية المستثمرين‪.‬‬
‫‪87‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ . .‬التحول نحو االقتصاد الرقمي واقتصاد املعرفة‬

‫يعيش العالم تسارعا كبيرا على مستوى التطور التكنولوجي والتكنولوجيا الرقمية‪،‬‬
‫بينما تتوالى على المغرب الفرص الضائعة لتقليص الفجوة التكنولوجية والرقمية التي‬
‫تؤثر سلبا يف كل القطاعات االقتصادية‪ .‬وال يمكن االستمرار يف تطوير هذه األخيرة‪ ،‬دون‬
‫اعتماد سياسة رقمية حديثة وناجعة ومتكاملة‪ ،‬من شأهنا تعزيز القدرات التقنية والرقمية‬
‫وتطوير التكنولوجيا واالتصاالت‪ ،‬ودفع عجلة التنمية االقتصادية‪ ،‬وتوفير فرص عمل‬
‫جديدة وتعزيز التنافسية يف السوق العالمية‪.‬‬

‫لتدارك هذا التأخر‪ ،‬ولضمان انخراط المغرب يف مسار الرقمنة العالمي‪ ،‬نقترح‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ .229‬وضع اسرتاتيجيات رقمية طويلة األمد (من ‪ 10‬إلى ‪ 30‬سنة) خصوصا يف‬
‫القطاعات التي ما زالت يف مرحلة التطوير‪ ،‬كقطاع السيارات ذاتية القيادة‬
‫والطباعة ثالثية األبعاد والحواسيب الكمية‪.‬‬
‫‪ .230‬تشجيع روح ريادة األعمال الرقمية من خالل توفير بيئة مالئمة لالبتكار‬
‫ودعم المشاريع التكنولوجية الناشئة‪ ،‬وذلك عرب تقديم التسهيالت والدعم‬
‫المالي للشركات الناشئة‪ ،‬وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص والدولة‬
‫والمؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫‪ .231‬تشجيع االستثمار يف قطاع التكنولوجيا من خالل دعم الشركات التقنية‬
‫والمبتكرة‪ ،‬وذلك عن طريق برامج التمويل والمنح واإلعفاءات الضريبية‬
‫وتبسيط اإلجراءات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .232‬ضمان تكامل االسرتاتيجيات الرقمية بين القطاعات والمؤسسات الحكومية‬
‫والقطاع الخاص والمجتمع المدين‪ ،‬وتتبع التنزيل وتقييم وتقويم برامج التحول‬
‫الرقمي‪ ،‬وتعزيز الحكامة‪ ،‬وترشيد النفقات العمومية‪ ،‬وفعالية االمتيازات‬
‫الضريبية واستعماالت الدعم الحكومي‪ ،‬وحماية مبادرات االبتكار من‬
‫الريع واالنتهازية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪88‬‬

‫‪ .233‬تعزيز البنية التحتية لالتصاالت لتشمل تحسين شبكات االتصال‪ ،‬وتوفير اتصال‬
‫سريع يف المناطق الحضرية والقروية‪.‬‬
‫‪ .234‬توفير البنية التحتية الالزمة والتكنولوجيا المالئمة يف المدارس والجامعات‪،‬‬
‫وتطوير مناهج تعليمية تركز على المهارات الرقمية وتعليم تكنولوجيا المعلومات‬
‫واالتصاالت الحديثة‪.‬‬
‫‪ .235‬تعزيز األمن الرقمي لحماية المعطيات والبيانات الحساسة للمؤسسات‬
‫واألفراد‪ ،‬وتطوير اإلطار القانوين لحماية الخصوصية واألمان الرقمي‪ ،‬وتعزيز‬
‫التوعية والتدريب يف المجال داخل المؤسسات والمجتمع‪.‬‬
‫‪ .236‬تطوير قدرات العاملين يف قطاع التكنولوجيا واالتصاالت يف المجال التقني‬
‫والرقمي عن طريق التدريب والتكوين المستمر‪ ،‬وتشجيع الشباب على اكتساب‬
‫المهارات الرقمية والتقنية من خالل الربامج التدريبية والدورات التعليمية‪،‬‬
‫وتعزيز التعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية لتوفير برامج تعليمية‬
‫تتناسب مع احتياجات سوق العمل يف المجال الرقمي‪.‬‬
‫‪ .237‬تعزيز السيادة الرقمية للبالد وتفادي االخرتاقات الرقمية وسرقة البيانات‪ ،‬وعدم‬
‫استعمال برامج ونظم طورهتا شركات صهيونية أو مؤسسات مرتبطة هبا‪.‬‬
‫‪ .238‬إنشاء منصات لتبادل المعرفة والخربات‪ ،‬وتعزيز التعاون يف مجال التكنولوجيا‬
‫واالتصاالت‪ ،‬وتشجيع إقامة شراكات اسرتاتيجية مع الشركات العالمية‬
‫والجهات الدولية لنقل التكنولوجيا وتعزيز االبتكار‪.‬‬
‫‪ .239‬تخصيص موارد مالية كافية للتحول الرقمي موجهة أساسا للتطوير وليس فقط‬
‫القتناء برمجيات طورهتا شركات أجنبية‪ ،‬مع الحرص على التوازن بين القطاع‬
‫العام والقطاع الخاص وميزانيات البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ .240‬إدماج العالم القروي والفئات الهشة والمسنين والسجناء يف برامج التحول‬
‫الرقمي‪ ،‬وذلك عرب توفير البنيات التحتية واألنرتنيت يف المدارس والمؤسسات‬
‫السجنية ومؤسسات القرب والتأهيل والتكوين؛ تشجيعا على االبتكار يف المجال‪.‬‬
‫‪89‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .241‬تطوير مجاالت إنتاج واستعمال البيانات‪ ،‬مع مراعاة حماية المعطيات‬


‫الشخصية‪ ،‬من خالل تنزيل الربامج الخاصة بالمدن والقرى الذكية واستعمالها‬
‫يف تدبير الخدمات العمومية‪ ،‬باإلضافة إلى وضع إطار قانوين يوازن بين حماية‬
‫المعطيات الشخصية وإمكانية استعمال هذه البيانات يف بناء نماذج جديدة‬
‫وتطوير قيمة مضافة‪.‬‬

‫‪ ...‬ربط املغرب بسالسل اإلنتاج العاملية دون التفريط يف استقالله االقتصادي‬

‫توجه المغرب يف السنوات األخيرة نحو تعزيز ربط االقتصاد الوطني بسالسل‬
‫اإلنتاج العالمية يف كل من قطاع صناعة السيارات والطائرات والمناولة الخدماتية‪ ،‬ويف‬
‫وقت سابق يف قطاع النسيج‪ ،‬مما جعله يستقطب وحدات إنتاجية مهمة مكنت من توفير‬
‫فرص عمل جديدة‪.‬‬

‫ولتوسيع استفادة المغرب من هذه االستثمارات والحد من تأثيرها السلبي‪ ،‬نقترح‬


‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ .242‬مراجعة االتفاقيات المربمة مع الشركات األجنبية لالستفادة من نقل التكنولوجيا‬


‫وتحسين مستويات األجور وترشيد حزمة اإلعفاءات الضريبية واالمتيازات‬
‫العقارية‪.‬‬
‫‪ .243‬توسيع مجال اهتمامات الشركات األجنبية لتشمل سالسل إنتاج جديدة وبشروط‬
‫أفضل‪.‬‬
‫‪ .244‬توسيع شراكة المقاوالت مع الجامعات ومراكز البحث العلمي؛ دعما لالبتكار‬
‫وتوطين التقانة‪.‬‬
‫‪ .245‬استثمار مخزون الثروات الطبيعية والمنجمية الستقطاب استثمارات جديدة‬
‫يف المناطق المعنية‪ ،‬وذلك للتخفيف من مستوى الرتكيز المجالي لهذه‬
‫االستثمارات‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪90‬‬

‫‪ ...‬النهوض باالقتصاد االجتماعي والتضامني‬

‫يقتضي إعادة التموقع االجتماعي واالقتصادي للمغرب النهوض باالقتصاد‬


‫االجتماعي والتضامني‪ ،‬باعتباره اقتصادا للممانعة والصمود‪ ،‬مع جعله صمام أمان للرتكة‬
‫السلبية التي يخلفها وراءه االقتصاد التقليدي ذو الطابع «الرأسمالي الريعي»‪.‬‬

‫إذا كانت التعاونيات من أهم مكونات االقتصاد االجتماعي والتضامني‪ ،‬فإن الحركة‬
‫التعاونية المؤسساتية لم تنطلق فعليا بالمغرب إال بعد االستقالل‪ ،‬بإيعاز من الدولة التي‬
‫سخرت لذلك ذراعا تقنيا لتدبير القطاع ممثال يف «مكتب تنمية التعاون»‪ .‬ويمكن اعتبار‬
‫الغالبية العظمى من التعاونيات مقاوالت تضامنية صغيرة جدا‪( ،‬يف المتوسط أقل من‬
‫‪ 10‬منخرطين وبرسملة ضعيفة)‪ ،‬تنشط أساسا يف قطاعات الفالحة والسكن والصناعة‬
‫التقليدية‪ ،‬إال أن هذا القطاع يعاين مشاكل مزمنة تتمثل يف اآليت‪:‬‬

‫وجود محتشم يف قطاعات اسرتاتيجية من بينها القطاع البنكي والتأمينات‬ ‫‪-‬‬


‫والصناعة والخدمات ذات القيمة المضافة العالية‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف الحكامة والتدبير مع وجود استثناءات لهذه القاعدة لتعاونيات رائدة‬
‫خاصة يف المجال الفالحي وبعض الصناعات التحويلية‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف التسويق والبيع المباشر والتصدير وإغالق جل األسواق التضامنية‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف القدرات التخزينية خاصة حينما يتعلق األمر بسلع سريعة التلف أو تراجع‬
‫التموين ببعض المواد األولية‪ ،‬واستحالة إيصال المنتوج لألسواق أو هيمنة‬
‫الوسطاء‪.‬‬
‫لتجاوز هذه المعيقات البنيوية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .246‬تحيين اإلحصاء العام للتعاونيات لمعرفة الديمغرافية الحقيقية للحركة التعاونية‬


‫وللتمكن من وضع خطة دمج هذا المكون يف صلب نموذج التنمية االجتماعية‬
‫واالقتصادية والرتابية‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .247‬إقرار الولوجية الفعلية للصفقات العمومية‪ ،‬وذلك بمبدإ التمييز اإليجابي‬


‫وتخصيص حصيص إجباري للتعاونيات قياسا على ما هو معمول به بالنسبة‬
‫للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬
‫‪ .248‬إحداث «نظام المتعاون» ضمانا للحماية القانونية واالجتماعية للمتعاونات‬
‫والمتعاونين‪.‬‬
‫‪ .249‬تطوير التمويل والتأمين التعاوين لفائدة الحركة التعاونية‪.‬‬
‫‪ .250‬تطوير سالسل القيمة والقدرات اإلنتاجية والروابط اللوجستيكية‪ ،‬مع تثمين‬
‫تجربة التسويق اإللكرتوين‪.‬‬
‫‪ .251‬تثمين وتطوير تجربة االتحادات لتوفير الكتلة الحرجة الضرورية للوصول‬
‫للتجارة العادلة‪.‬‬
‫‪ .252‬تطوير عالمة ‪ MarocCoop‬بحكم توفر المغرب على منتوجات مغربية محلية‬
‫متميزة‪.‬‬
‫‪ .253‬إشراك التعاونيات يف المجهود المبذول إلحالل الواردات يف قطاعات غير تلك‬
‫التقليدية التي تنشط فيها‪.‬‬
‫‪ .254‬ربط التدريب والتأهيل والتكوين واالبتكار التعاوين بالمنظومة الرتبوية والبحثية‪.‬‬

‫‪ ...‬مراجعة السياسة الطاقية‬

‫هنج المغرب سياسة طاقية جديدة تركزت حول إعادة بلورة المنظومة المشرفة‬
‫على تسيير القطاع عرب تأسيس وكالة «مازن» وتمتيعها بالصالحيات التي كانت موكلة‬
‫للمكتب الوطني للكهرباء والوزارة الوصية‪ .‬وهكذا تم إطالق عدة مشاريع للطاقة البديلة‬
‫وخصوصا الطاقة الشمسية‪ ،‬رغم ضعف مردوديتها‪ ،‬وارتفاع تكلفة الكيلواط ساعة مقارنة‬
‫مع تكلفة الطاقة الحرارية‪ ،‬وكثرة استهالك الماء من قبل المنشآت الطاقية‪ ،‬خاصة وأهنا‬
‫أنشئت يف مناطق تعاين شح الموارد المائية‪ .‬ورغم هذا الجهد االستثماري الكبير‪ ،‬ما زال‬
‫المغرب يعتمد بشكل شبه كلي على استيراد حاجياته الطاقية من الخارج‪ ،‬مما يشكل عبئا‬
‫كبيرا على الميزان التجاري‪ ،‬ويجعله يف مهب التقلبات الجيوسياسية الدولية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪92‬‬

‫لإلسهام يف التخفيف من حدة هذا الوضع‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .255‬مراجعة الرتسانة القانونية والمؤسساتية لمحاربة كل أشكال االحتكار والريع يف‬


‫قطاع الطاقة‪.‬‬

‫‪ .256‬إطالق استشارة عمومية مع جميع الفاعلين والمتدخلين يف القطاع بخصوص‬


‫التوجهات الكربى لقطاع الطاقة‪ ،‬وعدم جعل القرارات الكربى يف هذا المجال‬
‫حكرا على المؤسسات والوكاالت التي ال تخضع بطريقة مباشرة للرقابة‬
‫الربلمانية‪.‬‬

‫‪ .257‬العمل على ضمان األمن الطاقي للبالد عرب االستثمار المباشر أو بتعاون مع‬
‫القطاع الخاص يف دعم قدرات التخزين والتكرير وتوسيع مراكز تسييل الغاز‬
‫وموانئ االستقبال‪.‬‬

‫‪ .258‬تسريع وتيرة االستكشافات البرتولية والغازية‪ ،‬واستكمال اإلطار القانوين‬


‫الستكشاف واستخراج وتوزيع هذه المواد‪.‬‬

‫‪ .259‬مراجعة عقود استغالل االكتشافات الغازية بما يحقق مصالح المغرب مع ضمان‬
‫آجال قصوى لبدء االستغالل‪.‬‬

‫‪ .260‬تقييم ومراجعة عقود استكشاف الغاز الطبيعي واستثماره من أجل تثمينها داخليا‬
‫عوض التصدير وما يقتضيه ذلك من تأهيل المحطات الحرارية الحالية‪.‬‬

‫‪ .261‬التسريع من تطوير البدائل الطاقية وتحسين تنافسيتها‪ ،‬وإدراج الطاقة النووية‬


‫باعتبارها خيارا مهما يف العرض الطاقي بحكم الكثافة العالية التي تتميز هبا‬
‫وكلفتها المنخفضة نسبيا‪ ،‬مما سيسهم بشكل كبير يف النهوض الصناعي ويف‬
‫إنجاز مشاريع تحلية مياه البحر‪ ،‬التي تعترب من المشاريع األكثر استهالكا للطاقة‪.‬‬

‫‪ .262‬ترشيد االستثمار يف مشاريع الطاقات المتجددة بما يضمن عدم المجازفة يف‬
‫الخيارات التقنية غير مضمونة المردودية أو ذات الفعالية المحدودة‪ ،‬واالستفادة‬
‫من األخطاء التي واكبت مشاريع الطاقة الشمسية‪.‬‬
‫‪93‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .263‬ترشيد استهالك الطاقة سواء يف القطاع الصناعي والتجاري أو يف االستعمال‬


‫المنزلي‪ ،‬ووضع قواعد ومعايير مساعدة على ذلك‪.‬‬

‫‪ .264‬تطوير مناطق صناعية جديدة بمحاذاة حقول الغاز الطبيعي‪ ،‬مع مراعاة التأثير‬
‫البيئي واالجتماعي‪.‬‬

‫‪ .265‬دعم وتطوير البحث العلمي يف مجال الطاقة‪ ،‬وإطالق برامج بحثية مندمجة بين‬
‫الفاعلين والجامعات ومدارس تكوين المهندسين ومعاهد التكوين المهني‪.‬‬

‫‪ .266‬تطوير شبكة توزيع الغاز داخل المدن‪ ،‬وتحسين العرض السكني‪ ،‬وتسريع برامج‬
‫النجاعة الطاقية يف قطاعات الصناعة والنقل واالستعمال المنزلي‪.‬‬

‫‪ .267‬تطوير شبكة نقل وتوزيع الكهرباء من أجل استيعاب اإلنتاج الناجم عن مختلف‬
‫المصادر‪.‬‬

‫‪ ...‬تثمني استغالل الفوسفاط‬

‫أدى توالي األزمات جراء التوترات الجيوسياسية والتغيرات المناخية إلى زيادة وعي‬
‫الدول بأهمية األمن الغذائي لشعوهبا‪ .‬ولما كان الفوسفاط الذي يزخر المغرب بأكرب‬
‫االحتياطات العالمية منه (‪ 70%‬من االحتياط العالمي)‪ ،‬يوفر مشتقات أساسية تعتمد‬
‫عليها الزراعات لضمان المردودية‪ ،‬فقد اعتنى المغرب بتنمية قطاع الفوسفاط من خالل‬
‫«المكتب الشريف للفوسفاط»‪ ،‬الذي يتولى مختلف العمليات المرتبطة بإدارة سلسة‬
‫إنتاج الفوسفاط استخراجا وإنتاجا وبيعا واستثمارا‪ .‬وكان ُيفرتض أن يكون لعائدات هذه‬
‫الثروة الوطنية القيمة انعكاس أقوى على جوانب متعددة من واقع التنمية العامة بالبالد‪،‬‬
‫لكن واقع الحال يكشف غير ذلك على مستويات عدة‪:‬‬

‫على مستوى المساهمة يف ضمان األمن الغذائي‪ :‬يبقى معدل استخدام األسمدة‬
‫بالمغرب نسبة إلى الهكتار الواحد ضعيفا جدا (‪ 75‬كلغ للهكتار) إذا ما قورن‬
‫بدول مثل إسبانيا وفرنسا خصوصا يف الزراعات البورية‪ .‬وهو ما يؤثر سلبا يف‬
‫مردودية اإلنتاج الزراعي خاصة أمام عدم انتظام التساقطات المطرية وضعف‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪94‬‬

‫التأطير والتكوين لدى الفالحين ومحدودية اللجوء إلى تحاليل الماء والرتبة‬
‫لمعرفة حاجيات النباتات من األسمدة‪ ،‬هذا إلى جانب ارتفاع أسعار هذه‬
‫األسمدة يف السوق الداخلية مقارنة بالقدرة الشرائية للفالحين الصغار‪.‬‬

‫على مستوى الحفاظ على البيئة‪ :‬تؤثر العمليات المنجمية وما يرافقها بشكل كبير‬
‫يف البيئة‪ ،‬حيث تؤدي إلى تدمير الثروة النباتية والحيوانية‪ ،‬إضافة إلى التلوث‬
‫الناجم عن الغبار المتطاير من عمليات تحريك األتربة‪ .‬كما يؤدي االستعمال‬
‫المفرط للماء يف عمليات غسل الفوسفاط والنقل السائل إلى استنزاف مخزون‬
‫السدود والفرشة المائية يف مناطق تعاين أصال شح الموارد المائية وتعتمد‬
‫الساكنة فيها أساسا على النشاط الفالحي‪ .‬وبشكل مماثل‪ ،‬تضررت المناطق‬
‫المحيطة بمحطات معالجة الفوسفاط يف كل من الجرف األصفر وآسفي جراء‬
‫انبعاث الغازات والفضالت السائلة الملقاة يف السواحل‪ ،‬مما أثر بشكل كبير يف‬
‫الثروة البحرية يف مناطق كانت تعتمد بشكل أساسي على الصيد البحري‪ .‬كما‬
‫تؤثر العمليات المنجمية أيضا يف صحة السكان‪ ،‬فحتى وإن غابت اإلحصائيات‬
‫الرسمية الموثوقة‪ ،‬فقد أشارت بعض التقارير إلى إصابة العديد من عمال مناجم‬
‫الفوسفاط والساكنة المجاورة بأمراض يف الجهاز التنفسي وأمراض السرطان‬
‫وأمراض األسنان‪.‬‬

‫على مستوى الحكامة ودعم المالية العمومية وتوزيع األرباح‪ :‬انخرط «المكتب‬
‫الشريف للفوسفاط» يف سياسة تجارية واستثمارية «إرادوية» مكنت من رفع‬
‫رقم معامالته وربح حصص جديدة يف األسواق الدولية‪ ،‬إال أن هذه السياسة‬
‫أدت إلى ارتفاع كبير يف مستوى مديونية المكتب‪ ،‬وهو ما قد يؤدي إلى رهن‬
‫استقالليته لدى المؤسسات المانحة‪ .‬كما أن مساهمة المكتب يف المالية‬
‫العمومية‪ ،‬باستثناء سنتي ‪ 2021‬و‪ ،2022‬تظل ضعيفة جدا‪ .‬وعلى مستوى‬
‫الحكامة‪ ،‬ظهرت اختالالت على مستوى تدبير تلك المؤسسة كما أشارت‬
‫إلى ذلك خالصات لتقارير افتحاصية لم تبلغ مداها ولم تنشر مضامينها كاملة‬
‫بدعوى الخصوصية والحساسية‪.‬‬
‫‪95‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫من أجل تجاوز هذه االختالالت‪ ،‬وضمان مساهمة أكرب للفوسفاط يف مجاالت‬
‫التنمية الشاملة ببالدنا‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .268‬تأطير وتدقيق السياسة العمومية لتدبير القطاع على مستوى مسلسل التخطيط‬
‫االسرتاتيجي‪ ،‬والدراسات المنجمية‪ ،‬وتدبير األوعية العقارية المنجمية‪ ،‬على‬
‫نحو يحقق الفعالية والنجاعة واستدامة التنمية‪.‬‬
‫‪ .269‬مراجعة سياسة االستثمار بما يحافظ على سيادة المغرب على المخزون‪.‬‬
‫‪ .270‬دعم التكامل وااللتقاء القطاعي بين كافة المتدخلين‪ ،‬خاصة بين برامج وزارة‬
‫الفالحة والمكتب‪ ،‬لتوسيع المواكبة التقنية واعتماد سياسة أثمنة تفضيلية لصالح‬
‫السوق الداخلية‪.‬‬
‫‪ .271‬تطوير صناعات موازية وتحقيق تنمية مجالية يف المناطق المنجمية‪.‬‬
‫‪ .272‬تقوية وتنمية الجانب التحويلي والصناعي للفوسفاط على نحو يسهم يف تقوية‬
‫الجانب التنافسي يف السوق الدولية‪.‬‬
‫‪ .273‬صيانة وتجديد العتاد واآلليات‪ ،‬وتطوير توظيف التقنيات الرقمية يف مختلف‬
‫مجاالت القطاع‪ ،‬بما يمكن من تخفيض كلفة اإلنتاج‪ ،‬والرفع من جودة المنتوج‪.‬‬
‫‪ .274‬تعزيز الشفافية والحكامة‪ ،‬وإعمال آليات الرقابة القانونية على مستوى التدبير‬
‫وعلى نفقات ومداخيل المكتب‪ ،‬والرفع من مساهمته يف الميزانية العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ .275‬تعزيز السياسة التجارية‪ ،‬وتطوير العرض الداخلي‪ ،‬وربط شراكات جديدة‪.‬‬
‫‪ .276‬تركيز اسرتاتيجية المكتب على المهن المتعلقة بشكل مباشر بالفوسفاط وتفادي‬
‫االستثمار يف مهن ال ترتبط بتخصصه‪.‬‬
‫‪ .277‬تعزيز برامج التنمية البيئية والمحافظة على الصحة العامة‪ ،‬وكذا الحفاظ على‬
‫األنظمة اإليكولوجية بما يحد من التأثيرات السلبية للعمليات المنجمية يف‬
‫الصحة والمجال‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪96‬‬

‫‪ .278‬تعزيز البنيات الصحية يف المناطق المتضررة مع تحمل مصاريف العالج المتعلقة‬


‫بالجهاز التنفسي والسرطان وأمراض األسنان‪.‬‬
‫‪ .279‬التعويض عن تضرر األنشطة الفالحية وأنشطة الصيد البحري عرب التمييز‬
‫اإليجابي فيما يخص مناصب الشغل واإلدماج االقتصادي والتكوين‪.‬‬
‫‪ .280‬إيجاد البدائل عن استعمال مياه السدود والفرشة المائية‪.‬‬
‫‪ .281‬تجميع ونشر المعطيات وتشجيع الدراسات الخاصة بدراسة آثار عمليات‬
‫االستخراج والنقل على البيئة والصحة‪.‬‬
‫‪ .282‬االعتناء بالجانب العلمي يف مجال الفوسفاط‪ ،‬والمرتبط باالكتشافات الحفرية‬
‫على نحو يسهم يف تطوير الدراسات التوصيفية للتاريخ الجيولوجي‪.‬‬
‫‪ .283‬تعزيز إسهام المكتب يف مجاالت التنمية االجتماعية والمجالية والتعليمية وتنمية‬
‫البحث العلمي‪ ،‬وتوسيع دائرة االستفادة من الطاقات والكفاءات المحلية‪.‬‬
‫‪ .284‬التأسيس لقاعدة بحث علمية يف المجاالت ذات الصلة‪ ،‬وتطوير تطبيقات هندسية‬
‫كفيلة بضمان االستقالل التقني للمكتب عن الموردين ومكاتب الدراسات‬
‫األجنبية‪ ،‬يف أفق أن يصبح المكتب ُمصدرا للتكنولوجيا يف مجاالت كالكيمياء‬
‫والميكانيك واألتمتة والطاقة وتقنيات الرصد الجيولوجي‪.‬‬
‫‪ .285‬استغالل المكتب لفرصة االستعماالت المتعددة التي باتت متاحة للفوسفاط‬
‫على الصعيد الدولي يف مجاالت الطاقة النووية وصناعة البطاريات والصناعات‬
‫الطبية والهيدروجين الطاقي لتحقيق مسارات استثمارية متجددة تخدم التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية والبيئية بالمغرب‪.‬‬

‫‪ ...‬ترشيد استغالل وتطوير الرثوات املعدنية األخرى‬

‫يتوفر المغرب على موارد منجمية أخرى غير الفوسفاط‪ ،‬مثل الذهب والحديد‬
‫والرصاص والفضة والزنك والنحاس والكوبالت وغيرها‪ ،‬تتوزع غالبا يف المناطق‬
‫المهمشة من المغرب المنسي‪ ،‬وتغيب بشأهنا المعطيات حول مستغليها والكميات‬
‫‪97‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫المنتجة والتي توجه بصفة أساسية للتصدير‪ .‬ولتثمين هذه الثروات الوطنية‪ ،‬وتسخيرها‬
‫لخدمة التنمية الشاملة ببالدنا‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .286‬مراجعة سياسة رخص االستغالل وسياسة التثمين وحصة الدولة من مداخيل‬


‫االستغالل‪.‬‬
‫‪ .287‬العمل على دمج األنشطة غير المهيكلة يف القطاع وفتح باب المنافسة الحرة‪،‬‬
‫وتعزيز الحماية االجتماعية والصحية وشروط السالمة للعمال والساكنة‪.‬‬
‫‪ .288‬إعطاء األولوية للتنمية المحلية عرب ضمان جزء مهم من المداخيل للجماعات‬
‫الرتابية‪.‬‬
‫‪ .289‬استكمال التنقيب والمسح الخرائطي‪ ،‬وتحيين ونشر قاعدة البيانات المتعلقة‬
‫بجميع الثروات المعدنية بما يضمن منها استفادة عادلة ومستدامة‪ ،‬وتحفيز‬
‫االستثمار وتشجيع المنافسة‪.‬‬

‫‪ ...‬تطوير وتأهيل التجارة‬

‫رغم التطور الملحوظ الذي عرفته التجارة الداخلية بالمغرب خالل السنوات‬
‫األخيرة‪ ،‬ال يزال هذا القطاع يعاين اختالالت متعددة ويواجه تحديات صعبة‪ .‬واألمر نفسه‬
‫على مستوى التجارة الخارجية‪ ،‬إذ رغم سياسة االنفتاح التي هنجها المغرب منذ سبعينيات‬
‫القرن الماضي واإلصالحات المالية والمؤسساتية التي قام هبا لتعزيز هذا المسار‪ ،‬ظل‬
‫الميزان التجاري يعرف عجزا بنيويا بسبب قصور الخيارات العمومية يف المجال‪.‬‬

‫‪ ...‬التجارة الداخلية‬

‫يعاين قطاع التجارة الداخلية اختالالت كربى تتمثل أساسا يف تغول المساحات‬
‫التجارية الكربى وشبكات استغالل األسماء التجارية (‪ )Franchise‬مقابل إضعاف‬
‫المحالت التجارية الصغرى والمتوسطة‪ ،‬والطبقية يف األسواق (أسواق كبيرة وأسواق‬
‫متوسطة وأسواق تقليدية وأخرى حديثة) يف غياب مواكبة متكافئة بين كل منها‪ .‬كما‬
‫يعرف القطاع ضعفا يف الهيكلة‪ ،‬وفوضى يف نقل البضائع‪ ،‬وغياب االنسجام يف التوزيع‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪98‬‬

‫الجغرايف لألنشطة التجارية‪ ،‬الشيء الذي يؤثر سلبا يف جودة السلع وأسعارها‪ ،‬ويجعل‬
‫القطاع عرضة للجشع وكثرة الوسطاء والمحتكرين‪ ،‬يف غياب دور فعال للدولة على‬
‫مستوى تكوين وتأطير الفاعلين وحمايتهم‪ ،‬وخاصة التجار الصغار‪.‬‬

‫لتجاوز هذه االختالالت‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .290‬إعادة تقييم االتفاقيات المربمة مع المساحات الكربى األجنبية لفائدة تسويق‬


‫المنتوج الوطني بنسب معتربة من طرف هذه المحالت‪.‬‬
‫‪ .291‬تنظيم أسواق الجملة بما يحافظ على جودة المنتوج‪ ،‬والحد من تعدد المتدخلين‬
‫والوسطاء‪.‬‬
‫‪ .292‬تطوير األسواق التجارية النموذجية يف األحياء‪.‬‬
‫‪ .293‬تشجيع التجار الصغار عن طريق التكوين والتأطير والمواكبة‪ ،‬وتمكينهم من‬
‫الحصول على العقار والقروض والتغطية الصحية‪ ،‬وتسهيل ولوجهم القطاع‬
‫المهيكل عرب التحفيز الضريبي‪.‬‬
‫‪ .294‬تحديث وتنظيم قطاع نقل البضائع‪.‬‬

‫‪ ....‬التجارة الخارجية‬

‫هنج المغرب منذ أوائل السبعينيات من القرن الماضي سياسة تجارية تروم تشجيع‬
‫الصادرات لتحقيق التنمية‪ ،‬غير أن نتائج هذه السياسة كانت معاكسة لما كان منتظرا‪ ،‬ذلك‬
‫أن الميزان التجاري ظل يف عجز هيكلي منذ سنة ‪ 1974‬بسبب االرتفاع الم ّطرد للواردات‬
‫البرتولية ومواد التجهيز والمواد األولية وسلع االستهالك النهائي‪ .‬أما الصادرات فلم‬
‫تعرف تطورا مهما يف السوق الدولية‪ ،‬سواء على مستوى تنويع المواد المصدرة أو تنويع‬
‫األسواق الخارجية‪ ،‬بحيث بقيت الصادرات المغربية مرتبطة جغرافيا إلى أبعد الحدود‬
‫بالسوق األوروبية‪ ،‬ومحدودة من حيث التنوع‪ ،‬وذات قيمة مضافة ضعيفة إذا ما استثنينا‬
‫منتجات قطاع السيارات والطائرات وبعض األنشطة اإللكرتونية والكيميائية وشبه‬
‫الكيمائية التي اعتمدت يف السنوات األخيرة‪ .‬ويرجع سبب بنية التجارة الخارجية هذه‬
‫‪99‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫إلى أن نسبة مهمة من المواد األولية ونصف المصنعة التي تدخل يف إنتاج المنتجات‬
‫الصناعية النهائية تستورد من الخارج بدل السوق المحلية‪.‬‬

‫من أجل تحسين عالقاتنا التجارية الخارجية وتقوية موقعنا يف السوق الدولية‪ ،‬نقترح‬
‫أن تروم السياسة المتعلقة بالتجارة الخارجية تحقيق األهداف اآلتية‪:‬‬

‫‪ .295‬العمل على تصحيح العجز الهيكلي الذي يعرفه الميزان التجاري عن طريق‬
‫بلورة اسرتاتيجيات صناعية (سلع صناعية عالية التقنية) وفالحية تستجيب‬
‫للطلب الداخلي أوال وتتجه نحو التصدير تدريجيا‪ ،‬وتحسين جودة المنتوج‬
‫باالعتماد على الخربة والوحدات اإلنتاجية المحلية‪.‬‬
‫‪ .296‬تقليل االعتماد على الخارج خاصة فيما يتعلق بسلع االستهالك النهائي‪ ،‬وبلورة‬
‫سياسة هتدف إلى االستقالل االقتصادي‪ ،‬وذلك بالعمل على تقليص الواردات‬
‫التي تدخل خاصة يف السلع الكمالية‪ ،‬وتشجيع إنتاج محلي بديل‪ ،‬وتوجيه‬
‫االستهالك نحوه باالعتماد على أنشطة المجتمع المدين (جمعيات هتتم بثقافة‬
‫االستهالك) يف تأطير المواطن‪.‬‬
‫‪ .297‬إعادة النظر يف منظومة دعم الصادرات‪ ،‬وتبني مبدإ االستحقاق يف توزيع‬
‫االمتيازات‪ ،‬مع تنويع الصادرات وتجويدها وتوجيهها نحو أسواق صاعدة‪.‬‬
‫‪ .298‬تجاوز المقاربة التي تعترب التصدير عامال لجلب العملة الصعبة فقط‪ ،‬إلى التي‬
‫تعتربه عنصرا لتعزيز الموقع االقتصادي للبلد يف السوق الدولية‪.‬‬
‫‪ .299‬إعادة تقييم اتفاقيات التبادل الحر لجعلها متوازنة بين األطراف‪ ،‬ومحققة‬
‫لمصالح البلد على مستوى التشغيل وتشجيع اإلنتاج الوطني‪ ،‬خاصة بالنسبة‬
‫للوحدات اإلنتاجية حديثة النشأة‪.‬‬
‫‪ .300‬تقوية القدرات التفاوضية للجانب المغربي عند اإلعداد التفاقيات التبادل الحر‪.‬‬
‫‪ .301‬االنخراط يف تكتالت اقتصادية متكاملة تقوي القدرة على التفاوض مع التكتالت‬
‫االقتصادية األخرى واالستفادة من انفتاح األسواق األجنبية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪100‬‬

‫‪ ....‬تطوير قطاع النقل واللوجستيك‬

‫رغم التطور الذي عرفه قطاع النقل واللوجستيك يف العشرين سنة األخيرة والمتمثل‬
‫يف تعزيز البنيات التحتية‪ ،‬من إنشاء موانئ جديدة وتوسيع أخرى‪ ،‬وإعادة هيكلة المكتب‬
‫الوطني للموانئ‪ ،‬وتوسيع شبكة الطرق السيارة‪ ،‬وتعزيز عرض المناطق اللوجستيكية‬
‫بشراكة مع القطاع الخاص‪ ،‬وتعزيز قدرات المكتب الوطني للمطارات‪ ،‬إال أن هذا القطاع‬
‫ما زال يعاين اختالالت هتم أساسا استمرار ضعف جودة الطرق الجهوية واإلقليمية‪،‬‬
‫وضعف مستوى الصيانة الطرقية‪ ،‬وضعف جودة نقل المسافرين بين المدن وداخلها‬
‫بسبب استمرار نظام المأذونيات‪ ،‬وعدم انفتاح السوق على االستثمار الحر‪ ،‬وعدم اعتماد‬
‫دفاتر تحمالت للرفع من جودة الخدمات‪ ،‬ومحدودية تغطية شبكة السكك الحديدية‬
‫للرتاب الوطني‪ ،‬وارتفاع أسعار النقل الجوي بحكم شبه احتكار الخطوط الجوية الملكية‬
‫للسوق الداخلية‪.‬‬

‫بالموازاة مع ذلك‪ ،‬تعاين مختلف المؤسسات العمومية المتدخلة يف القطاع‬


‫ارتفاع مستوى المديونية‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق بالمكتب الوطني للسكك الحديدية‬
‫والمكتب الوطني للمطارات وشركة الخطوط الملكية‪ ،‬وبنسبة أقل الشركة الوطنية‬
‫للطرق السيارة‪ ،‬دون احتساب حجم االستثمارات التي همت يف العقدين األخيرين كالّ‬
‫من ميناء طنجة المتوسط بمختلف محطاته وكذا الموانئ التي تشرف عليها الوكالة‬
‫الوطنية المعنية التي ساهمت يف ارتفاع الدين العمومي‪.‬‬

‫من أجل تطوير قطاع النقل واللوجستيك‪ ،‬وتعزيز المكتسبات وتحجيم المخاطر‪،‬‬
‫نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .302‬القيام بتقييم جدي للجدوى االقتصادية واالجتماعية لالستثمارات المنجزة‪،‬‬


‫خصوصا مشاريع الخط السريع ومشاريع هتيئة محطات القطارات والتي فاقمت‬
‫من أزمة مديونية المكتب الوطني للسكك الحديدية‪ ،‬وإحاطة الفاعلين المدنيين‬
‫والربلمان علما بذلك‪ ،‬بما يعزز دورها الرقابي ويقوي مستوى الحكامة‪.‬‬
‫‪101‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .303‬توسيع خطوط السكك الحديدية لتشمل مدنا جديدة وتعزيز وتجويد عرض نقل‬
‫المسافرين والبضائع‪.‬‬

‫‪ .304‬ربط االستثمار بالمقدرات المحلية من أجل تطوير صناعات محلية خصوصا يف‬
‫مجال النقل السككي‪.‬‬

‫‪ .305‬تقييم عقود التسيير المتعلقة بالموانئ المغربية مع الشركات المتعددة الجنسيات‪،‬‬


‫ومراجعتها بما يخدم المصلحة الوطنية يف إطار شراكة رابح ‪-‬رابح‪.‬‬

‫‪ .306‬الدفع يف اتجاه إنشاء شركات وطنية وإقليمية للنقل البحري‪ ،‬ودعمها لتعزيز‬
‫قدرهتا على المنافسة الدولية وتعزيز السيادة فيما يتعلق بالنقل البحري‪.‬‬

‫‪ .307‬توطين صناعة بحرية مغربية قادرة على المنافسة يف السوق الدولية من خالل تعزيز‬
‫البنيات التحتية وتكوين التقنيين والمهندسين وكذا المواكبة التقنية والمالية‪.‬‬

‫‪ .308‬تعزيز شبكة الطرق الجهوية واإلقليمية‪ ،‬وتحسين مستوى الصيانة لفك العزلة‬
‫عن القرى والبوادي وضمان حد أدنى من العدالة المجالية‪.‬‬

‫‪ .309‬تحسين مستوى الحكامة داخل المؤسسات العمومية المشرفة‪ ،‬وتعزيز قدرهتا‬


‫التنافسية يف أفق فتح السوق أمام فاعلين جدد‪ ،‬خصوصا النقل الجوي والسككي‪.‬‬

‫‪ .310‬حذف نظام المأذونيات وتعويضه بنظام دفاتر التحمالت‪ ،‬فيما يخص نقل‬
‫المسافرين داخل وبين المدن من أجل فتح السوق أمام المنافسة وتجويد العرض‪.‬‬

‫‪ .311‬تسريع مشاريع «الطرامواي والمعابر الخاصة لحافالت النقل العمومي يف المدن‬


‫الكربى‪ ،‬وتوحيد تدبيرها‪ ،‬من أجل تجويد عرض النقل العمومي وتحديثه‪.‬‬

‫‪ .312‬تعميم استعمال المحطات الرقمية للدفع نحو تجويد عرض اللوجستيك والنقل‪،‬‬
‫وتشجيع التطبيقات الوطنية ودعمها من أجل المنافسة الدولية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫مراجعة الرتسانة القانونية للسماح باستعمال أمثل لهذه التطبيقات‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪102‬‬

‫‪ .. .‬من أجل نهضة فالحية تضمن أمننا الغذايئ‬

‫يعترب القطاع الفالحي قاطرة أساسية للتنمية االقتصادية يف المغرب‪ ،‬إذ يساهم‬
‫بحوالي ‪ 12‬إلى ‪ 14%‬من الناتج الداخلي الخام ويشغل أكثر من ‪ 40%‬من السكان‬
‫النشيطين ويمثل حوالي ‪ 20%‬من الصادرات (بما يف ذلك الصيد البحري)‪ .‬كما يساهم‬
‫يف إمداد السوق الوطني بأهم المواد االستهالكية ويف الحد من عجز الميزان التجاري‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬مازال القطاع الفالحي يف المغرب يعاين اختالالت كربى تحد من إنتاجيته وتنميته‪،‬‬
‫وتتلخص يف اآليت‪:‬‬

‫‪ -‬ارتباط جزء كبير من اإلنتاج الفالحي (الحبوب واإلنتاج الحيواين‪ )...‬بالفالحة‬


‫البورية‪ ،‬حيث تعتمد ‪ 90%‬من األراضي الصالحة للزراعة على التساقطات‬
‫المطرية‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد جزء كبير من المساحات المسقية على الموارد المائية السطحية المجمعة‬
‫يف السدود‪ ،‬وارتباطها كذلك بالتساقطات المطرية‪.‬‬
‫‪ -‬إعاقة الوعاء العقاري لتطور القطاع الفالحي‪ ،‬حيث إن صغر الضيعات الفالحية‬
‫وتشتت القطع المكونة لها يعيق عملية التأهيل الفالحي‪ ،‬إذ إن حوالي ‪ 70%‬من‬
‫الضيعات الفالحية تقل مساحتها عن ‪ 5‬هكتارات‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف هياكل تسويق وتحويل اإلنتاج الفالحي‪ ،‬فباستثناء الشمندر السكري‪،‬‬
‫وقصب السكر‪ ،‬والحبوب‪ ،‬وزيت الزيتون والحليب‪ ،‬التي يتم تحويلها إلى مواد‬
‫استهالكية‪ ،‬أو بعض المنتوجات المصدرة (البواكير والحوامض)‪ ،‬فإن ميزان‬
‫العرض والطلب يف السوق الداخلية عموما ال يكون يف صالح الفالح‪ ،‬بسبب‬
‫ضعف تثمين منتوجه الفالحي‪.‬‬
‫‪ -‬غياب اسرتاتيجية فالحية واضحة لدى الدولة‪ ،‬إذ بعد سياسة التدخل والتوجيه‬
‫التي عرفتها سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي‪ ،‬تراجع دور الدولة يف هناية‬
‫التسعينيات وبداية األلفية الثالثة إلى أن استقر يف العشرية الثانية يف دعم كبار‬
‫المستثمرين من فالحين وشركات يف إطار مخطط المغرب األخضر‪ ،‬مما كرس‬
‫اقتصاد الريع بشكل واضح‪.‬‬
‫‪103‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫لتجاوز هذه المعيقات البنيوية‪ ،‬وضمن عشرة مجاالت‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬


‫تشجيع التمدن يف المجال القروي‪ ،‬وذلك عن طريق‪:‬‬

‫‪ .313‬إنشاء وحدات صناعية للمساهمة يف تشغيل اليد العاملة وتخفيف العبء على‬
‫الفالحة‪ ،‬مع مراعاة المؤهالت البشرية والطبيعية لكل مجال‪.‬‬
‫‪ .314‬تأهيل العالم القروي‪ ،‬وذلك بتقوية البنيات التحتية والمرافق االجتماعية‪،‬‬
‫تشجيعا للساكنة على االستقرار وتنمية محيطها القريب‪.‬‬
‫‪ .315‬إعادة النظر يف السياسات العمرانية التوسعية على حساب األراضي الفالحية‪.‬‬
‫إصالح الوعاء العقاري‪ ،‬وذلك بواسطة‪:‬‬
‫‪ .316‬هنج سياسة عقارية تجمع بين تحفيز االستثمار وتراكم رأس المال الثابت‪ ،‬وذلك‬
‫عن طريق سن قوانين عقارية تساهم يف انتقال الملكية أو حق االستغالل بشكل‬
‫يضمن مشروعية المعامالت العقارية ويشجع االستثمار‪.‬‬
‫‪ .317‬تشجيع الملكية العقارية يف أراضي الجموع‪ ،‬والتي تمثل لوحدها ما يناهز ‪15‬‬
‫مليون هكتار‪.‬‬
‫‪ .318‬وضع حد للتفتت العقاري لألراضي‪ ،‬مع إحداث آلية سهلة لتمكين تجميع‬
‫األراضي لتشجيع االستثمار‪.‬‬
‫‪ .319‬إحداث آلية لتسهيل عملية كراء أراضي المالكين الصغار‪ ،‬مقابل تشجيعهم على‬
‫مزاولة أنشطة موازية لتحسين الدخل‪.‬‬
‫‪ .320‬ضم األراضي الفالحية كلما توفرت الظروف المناسبة‪.‬‬
‫تعزيز البنيات التحتية والتجهيزات الفالحية‪ ،‬وذلك عن طريق‪:‬‬

‫‪ .321‬استمرار الدولة يف إنشاء وصيانة وتسيير البنيات التحتية والتجهيزات الفالحية‬


‫األساسية‪ ،‬مع تحديد سعر مناسب لمياه السقي‪.‬‬
‫‪ .322‬إنشاء وتأطير تجمعات المستفيدين لصيانة الشبكات التفصيلية‪ ،‬وكذا تأطير‬
‫الفالحين وتنظيم جهودهم يف جميع مستويات اإلنتاج والتسويق‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪104‬‬

‫‪ .323‬ترشيد دعم الدولة وإعادة النظر يف اإلجراءات التي تستلزم الدعم المباشر‪.‬‬
‫تطوير اإلنتاج الفالحي‪ ،‬وذلك عن طريق‪:‬‬

‫‪ .324‬استحضار البعد الجهوي يف تحديد السالسل النباتية أو الحيوانية المؤهلة‬


‫لإلنتاج‪.‬‬
‫‪ .325‬اعتماد اليقظة التقنية والتكنولوجية لتحديث وسائل اإلنتاج وخفض تكلفته‪.‬‬
‫‪ .326‬تشجيع وتنظيم التعاونيات أو الشركات التشاركية على استغالل مستويات‬
‫اإلنتاج والتسويق أو التحويل حول سالسل مضبوطة (المنتوجات الصناعية‪،‬‬
‫الحبوب‪.)...‬‬
‫‪ .327‬تحسين الوضعية المادية للعمال الفالحيين والزيادة يف أجورهم‪.‬‬
‫‪ .328‬تشجيع اإلنتاج الوطني‪ ،‬مع مراعاة الجدوى لجميع المواد األولية لإلنتاج‬
‫(بذور‪ ،‬أسمدة‪ ،‬مبيدات‪.)...‬‬
‫‪ .329‬تشجيع المكننة الصغيرة والمتوسطة يف األشغال الفالحية‪ ،‬مع مراعاة حجم‬
‫الضيعات وخفض تكلفة األشغال‪.‬‬
‫‪ .330‬تنمية بنك جيني واستثمار التباين الجيني الموجود من أجل انتقاء أصناف جديدة‬
‫مالئمة لالحتياجات الوطنية ومتأقلمة مع الظروف المناخية الوطنية‪.‬‬
‫‪ .331‬تشجيع البحث العلمي والتنظيم المهني‪.‬‬
‫‪ .332‬تحسين جودة المنتوجات عرب تعميم التقنيات الجيدة‪ ،‬وتتبع أطوار المنتوج‪،‬‬
‫وتوعية الفالح بسبل المحافظة على الجودة‪ ،‬والقيام بدورات تكوينية لذلك‪.‬‬
‫‪ .333‬إحداث ضيعات نموذجية من أجل تعميم أحدث التقنيات على باقي الضيعات‪.‬‬
‫إنعاش تسويق المنتوج الوطني‪ ،‬وذلك عن طريق‪:‬‬

‫‪ .334‬قيام الدولة بتسهيل فتح األسواق الخارجية أمام المنتوج الوطني‪ ،‬مع مراعاة‬
‫الشروط الموضوعية وهيكلة عملية التصدير بعيدا عن الريع والمحسوبية‪،‬‬
‫وتشجيع دور القطاع الخاص يف هذا السياق‪.‬‬
‫‪105‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .335‬إعادة هيكلة البنية التحتية للتسويق‪ ،‬وتنظيم عملية العرض والطلب بشكل يضمن‬
‫عدم تدهور األسعار‪ ،‬وتوزيع القيمة المضافة مع تشجيع دور القطاع الخاص‬
‫والتعاونيات‪ ،‬وضبط دور الوسطاء‪ ،‬ومحاربة االحتكار‪.‬‬
‫‪ .336‬تطوير الصناعات الغذائية بما يتناسب مع المعايير الدولية‪ ،‬وتشجيع القطاع‬
‫الخاص الوطني‪ ،‬والشركات التشاركية والتعاونيات‪.‬‬
‫‪ .337‬مواجهة التحدي الناتج عن تحرير األسواق واالتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫تشجيع وتطوير الصناعات الغذائية‪ ،‬عن طريق‪:‬‬

‫‪ .338‬تشجيع التعاونيات والقطاع الخاص الوطني لتطوير الصناعات الغذائية وتحويل‬


‫المنتوجات الفالحية‪.‬‬
‫‪ .339‬تشجيع وتطوير الصناعات المرتبطة باألسماك ومشتقات المنتوجات الفالحية‬
‫(العجائن‪ ،‬اللحوم‪ ،‬الحليب)‪.‬‬
‫‪ .340‬تشجيع االقتصاد التعاوين لتدبير الصناعات التقليدية المحلية‪.‬‬
‫‪ .341‬تطوير التكنولوجيا يف الصناعات المحلية هبدف تقليص تكلفة اإلنتاج‪.‬‬

‫إعداد سياسة تنموية خاصة بالمناطق الجبلية‪ ،‬وذلك عن طريق‪:‬‬

‫‪ .342‬تخفيف الكثافة الرعوية هبذه المناطق وضبطها حتى ال تشكل أي خطر على‬
‫الغطاء النبايت وتدهور الثروات الطبيعية المنتجة (الماء‪ ،‬الرتبة‪ ،‬المنتوجات‬
‫الغابوية)‪.‬‬
‫‪ .343‬تقليص األنشطة الفالحية التقليدية المعيشية غير المنتجة وتعويضها بأنشطة‬
‫محافظة على البيئة (السياحة البيئية‪ ،‬استغالل النباتات العطرية والطبية‪ ،‬إنتاج‬
‫العسل‪ ،)...‬مع سن قوانين استثمارية تحفيزية لهذه األنشطة‪.‬‬
‫‪ .344‬االهتمام بالمراعي والمحميات والتشجير ومحاربة التصحر‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪106‬‬

‫تطوير اإلنتاج الحيواين‪ ،‬وذلك عن طريق‪:‬‬

‫‪ .345‬تحسين الشروط التقنية والصحية لإلنتاج على مستوى الضيعات‪ ،‬والمجازر‪،‬‬


‫واألسواق‪...‬‬
‫‪ .346‬تحسين قنوات التسويق والذبح والتحويل والتوزيع الخاصة بالمنتوجات‪.‬‬
‫‪ .347‬تنظيم السوق بوضع آليات لضبط الحاجيات وتتبع مستويات اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ .348‬تشجيع البحث العلمي يف التحسين الوراثي للحد من االرتباط بالخارج فيما‬
‫يتعلق بجلب المواد األولية وبعض أصناف الماشية والدواجن‪.‬‬
‫‪ .349‬تفعيل عمل المنظمات المهنية لإلشراف على تحسيس وتأطير المهنيين‬
‫ومصاحبتهم يف تأهيل القطاع‪.‬‬
‫‪ .350‬استغالل المراعي والغابات من طرف المربين بشكل عقالين‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫نظام المحميات وزرع الشجيرات الكلئية‪.‬‬
‫‪ .351‬تثمين بعض المنتوجات الحيوانية بتحويلها إلى منتجات صناعية‪.‬‬
‫‪ .352‬تشجيع المربين على إدخال التقنيات الجديدة يف ميدان اإلنتاج الحيواين‪.‬‬
‫‪ .353‬تطوير منتوجات حيوانية ذات صفة بيولوجية والتي يمكن للمغرب أن يكون‬
‫مصدرا منافسا فيها‪.‬‬
‫‪ .354‬حماية الموارد الرعوية والتنوع البيئي والتنمية المستدامة ألنظمة اإلنتاج‪.‬‬
‫مراجعة السياسة المائية‪ ،‬ويف هذا الصدد نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .355‬ضبط الطلب على الماء الموجه للقطاع الفالحي وخصوصا المرتبط بالزراعات‬
‫المستهلكة للماء أو الزراعات يف المناطق األكثر حرارة‪.‬‬
‫‪ .356‬تطوير البنية التحتية المعبئة للمياه السطحية من قبيل السدود المتوسطة أو السدود‬
‫التلية‪.‬‬
‫‪ .357‬تحويل الموارد المائية من مناطق الفائض إلى مناطق الخصاص‪.‬‬
‫‪107‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .358‬برمجة موارد استعجالية لمياه الشرب لتزويد الحواضر الكربى يف حالة الخطر‪،‬‬
‫وذلك عن طريق محطات تحلية مياه البحر‪ ،‬وإعادة استعمال المياه العادمة‪.‬‬
‫‪ .359‬إنتاج طاقة أقل تكلفة من قبيل الطاقة النووية لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر‪.‬‬
‫‪ .360‬تحويل مركز الثقل يف االقتصاد المغربي من االعتماد على القطاع الفالحي إلى‬
‫قطاعات أخرى أكثر تنافسية وأقل خطرا على الموارد المائية‪.‬‬
‫‪ .361‬وقف نزيف اإلفراط يف استغالل المياه الجوفية ألغراض فالحية‪ ،‬وزجر‬
‫التجاوزات‪.‬‬
‫‪ .362‬تشجيع االبتكار يف مجال التقنيات الجديدة الخاصة بالفالحة للحفاظ على‬
‫الرتبة والماء‪.‬‬
‫‪ .363‬توعية السكان بضرورة االقتصاد والرتشيد يف استعمال الماء‪.‬‬
‫تطوير قطاع الصيد البحري من أجل توفير فرص الشغل والحفاظ على البيئة‬
‫والتنوع البيئي البحري وإنماء المخزون السمكي‪ .‬ويف هذا اإلطار‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .364‬تحديد المؤهالت األساسية للقطاع وحماية الموارد البحرية‪.‬‬


‫‪ .365‬وضع خطة تنموية مستدامة للصيد البحري بإشراك الفاعلين يف القطاع‪.‬‬
‫‪ .366‬مراجعة النصوص القانونية وإدماج وتسهيل المساطر اإلدارية المؤطرة للقطاع‪.‬‬
‫‪ .367‬وضع قوانين خاصة بحماية البيئة البحرية والساحلية‪.‬‬
‫‪ .368‬تشجيع االستثمار يف صناعات الصيد البحري‪ ،‬والبحث عن أسواق جديدة‪،‬‬
‫وتأهيل المنتوج ليكون قادرا على المنافسة الدولية‪.‬‬
‫‪ .369‬دعم تموين السوق الداخلي من منتوجات الصيد‪ ،‬ومحاربة طرق التسويق‬
‫العشوائية‪.‬‬
‫‪ .370‬تحسين وضعية العاملين بقطاع الصيد البحري‪.‬‬
‫‪ .371‬متابعة ومراقبة سالمة جودة المنتوجات البحرية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪108‬‬

‫‪ .372‬تطوير وسائل إنتاج أسماك ذات تكلفة منخفضة‪.‬‬


‫‪ .373‬استغالل جميع األحواض المائية الداخلية‪.‬‬
‫‪ .374‬وضع خطة وطنية لإلرشاد والتكوين والتعليم والبحث العلمي يف مجاالت‬
‫األحياء المائية‪ ،‬وذلك لجعلها نشاطا فالحيا بامتياز‪.‬‬
‫‪ .375‬إدماج أنشطة تربية األحياء المائية يف المخطط الوطني لتهييئ المناطق الساحلية‪.‬‬

‫‪ ....‬عرض سياحي متنوع ومسوق للرأسمال الالمادي‬

‫تعترب السياحة مصدرا مهما للعملة الصعبة وعامال أساسيا يف تنشيط قطاعات‬
‫اقتصادية‪ ،‬خاصة النقل والصناعة التقليدية‪ .‬كما لألنشطة السياحية أيضا أدوار مهمة يف‬
‫تطوير العالقات االجتماعية داخليا وخارجيا‪.‬‬

‫على الرغم من اعتماد المغرب لعدة اسرتاتيجيات سياحية منذ سنين‪ ،‬إال أن هذا‬
‫القطاع ما زال يعاين اختالالت بنيوية تتمثل أساسا يف محدودية العرض الموجه للسياحة‬
‫الداخلية وعدم تالؤمه مع القدرة الشرائية لألسر المغربية‪ ،‬ويف الطابع الموسمي للنشاط‬
‫السياحي‪ ،‬وتمركز مؤسسات اإليواء المصنفة يف بعض الوجهات السياحية خاصة‬
‫البحرية‪ ،‬وضعف استقرار اليد العاملة وعدم تالؤم األجور مع طبيعة الوظائف‪ ،‬وضعف‬
‫تثمين المؤهالت الالمادية‪.‬‬

‫من أجل تنويع العرض السياحي‪ ،‬وتثمين الرأسمال الالمادي‪ ،‬وتفادي التداعيات‬
‫السلبية لألنشطة السياحية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .376‬إعطاء األولوية للسياحة الداخلية من أجل تنمية روح االنتماء والتالحم‬


‫االجتماعي‪.‬‬
‫‪ .377‬التوجه نحو سياحة محرتمة لإلنسان والبيئة‪ ،‬ومحافظة على المقدرات‬
‫والخصوصيات المجتمعية لكل منطقة‪.‬‬
‫‪ .378‬جعل السياحة رافعة أساسية للتشغيل والتعريف الحضاري بالمغرب وتنوعه‬
‫المجالي‪.‬‬
‫‪109‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .379‬تطوير السياحة الثقافية والرتاثية وسياحة التنشيط الثقايف الهادف من خالل‬


‫بناء هويات ترابية معتمدة على تثمين المواقع األثرية والمدن العتيقة والمواقع‬
‫الطبيعية والتاريخية والثقافية‪.‬‬
‫‪ .380‬تأهيل المواقع األثرية واألماكن التاريخية والعمرانية‪ ،‬من خالل العمل على‬
‫توسيع قدرهتا االستقطابية وتأهيلها إلى مستوى التنافسية عرب إعداد الخرائط‬
‫المفصلة والمنظومات والتطبيقات الرقمية المسهلة لعملية التعريف والتحفيز‬
‫ّ‬
‫على الزيارة‪.‬‬
‫‪ .381‬تشجيع السياحة الرياضية والطبية واالستشفائية والعالجية‪ ،‬وتطوير سياحة‬
‫األعمال والمؤتمرات والمعارض‪.‬‬
‫‪ .382‬تنمية السياحة القروية‪ ،‬وتشجيع الساكنة القروية على االنخراط يف عروضها‪.‬‬
‫‪ .383‬تشجيع السياحة الجبلية والنهرية‪ ،‬وسياحة المحميات (السياحة العلمية وسياحة‬
‫الصيد‪.)...‬‬
‫‪ .384‬سن سياسات داعمة الستكشاف أسواق جديدة‪.‬‬
‫‪ .385‬عصرنة الرتسانة القانونية لتسهيل مساطر اإليواء‪ ،‬ودعم مؤسسات اإليواء‬
‫الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬
‫‪ .386‬تطوير النقل السياحي بين الجهات بما يف ذلك الطيران الداخلي والنقل البحري‬
‫الداخلي‪.‬‬
‫‪ .387‬تطوير الكفاءات عن طريق دعم التكوين المهني السياحي‪.‬‬
‫‪ .388‬مالءمة العرض السياحي للطلب الداخلي‪ ،‬خاصة للفئات متوسطة الدخل‪ ،‬عن‬
‫طريق تأمين المرافق والمنتزهات‪ ،‬وتجهيز أماكن االصطياف‪.‬‬
‫‪ .389‬تشجيع الشراكة بين الجماعات الرتابية والقطاعات الحكومية ذات الصلة‬
‫والجمعيات لتعزيز البنية التحتية لتسهيل الولوج إلى المناطق المستهدفة‬
‫بالسياحة الداخلية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪110‬‬

‫‪ ....‬الصناعة التقليدية‪ :‬رافعة للتنمية وحافظة للموروث الثقايف‬

‫تقوم الصناعة التقليدية بأدوار مهمة يف التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬إذ تسهم‬
‫يف التنمية المستدامة وتعزيز االقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل للسكان المحليين‬
‫وتحسين مستوى دخلهم‪ .‬كما تحقق الصناعة التقليدية ترويجا للسياحة الثقافية‪ ،‬وذلك‬
‫بجذب السياح وتعزيز السياحة الثقافية والحرفية‪ ،‬مما يضفي قيمة مضافة على الوجهات‬
‫السياحية‪ .‬وتعترب الصناعة التقليدية أيضا حاملة للمعرفة والمهارات التقليدية التي تنتقل من‬
‫جيل إلى جيل‪ ،‬وتساهم يف الحفاظ على الهوية والموروث الثقايف للمجتمعات والشعوب‪.‬‬

‫للمغرب مقومات أساسية تمثل قاعدة قوية لتطوير الصناعة التقليدية‪ ،‬إذ يتوفر على‬
‫تاريخ عريق يف مجاالت الحرف والمهارات اليدوية‪ ،‬ويزخر برتاث ثقايف غني ومتنوع‪،‬‬
‫يتضمن العديد من الفنون خاصة يف قطاعات النسيج والخزف واألثاث التقليدي‪ ،‬كما‬
‫يتمتع بوفرة المواد الطبيعية الخام المستخدمة يف الصناعة التقليدية‪ ،‬كالصوف والجلود‬
‫والخشب والطين واأللياف النباتية؛ مما يوفر فرصا ابتكارية للحرفيين والصناعيين‬
‫المغاربة الذين يشهد لهم بمهارات عالية‪ ،‬لكن بالرغم من هذه المقومات‪ ،‬ال يزال قطاع‬
‫الصناعة التقليدية يف المغرب يعاين عدة اختالالت‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ضعف التحديث التكنولوجي وعدم مواكبة القطاع للتطورات الحديثة يف مجال‬


‫التكنولوجيا‪ ،‬مما يؤثر يف كفاءة اإلنتاج وجودة المنتجات وتنافسيتها يف السوق‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف التنسيق والتعاون بين المتدخلين‪ ،‬وغياب منصات تبادل المعلومات‬
‫والخربات بين الفاعلين‪ ،‬مما يؤثر سلبا يف قدرة القطاع على االبتكار والوصول‬
‫إلى أسواق جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة الولوج للتمويل الالزم لتحديث المعدات وتطوير القدرات التكنولوجية‬
‫من البنوك والمؤسسات المالية‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف االبتكار والتنوع يف المنتجات‪ ،‬حيث يتمسك العديد من الحرفيين‬
‫بالممارسات التقليدية‪ ،‬مما يفقد القطاع القدرة على تطوير منتجات جديدة‬
‫وتلبية تطلعات السوق‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ -‬مواجهة القطاع لتحديات بيئية مثل التلوث واستخدام المواد الضارة‪ ،‬مما يؤثر‬
‫يف سمعة المنتجات التقليدية‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف مسالك التسويق والتوزيع بسبب نقص يف القدرات التسويقية لولوج‬
‫األسواق الدولية‪.‬‬
‫لتجاوز هذه االختالالت‪ ،‬ومن أجل قطاع للصناعة التقليدية يكون رافعة للتنمية‬
‫ومحافظا على الموروث الثقايف المغربي‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬
‫‪ .390‬وضع اسرتاتيجية وطنية مندمجة تستحضر تنمية األبعاد الثقافية والقيمية‬
‫والسياحية للصناعة التقليدية من دون ارهتان للطابع الفلكلوري وال الموسمي‪.‬‬
‫‪ .391‬تشجيع مقاوالت الصناعة التقليدية على استخدام التكنولوجيا الحديثة يف‬
‫عمليات اإلنتاج والتصنيع‪ ،‬وتوفير المواكبة التقنية‪ ،‬والتدريب لزيادة كفاءهتا‬
‫وتحسين جودة منتجاهتا‪.‬‬
‫‪ .392‬تعزيز االبتكار والتنوع وتشجيع مقاوالت القطاع على تطوير منتجات جديدة‬
‫وتنويع نطاق إنتاجها‪ ،‬عرب توفير الدعم وتمويل أبحاث التطوير واالبتكار‪،‬‬
‫وتنظيم ورشات العمل والفعاليات التي تشجع على التبادل المعريف وتعزيز‬
‫التفاعل والتعاون بينها‪.‬‬
‫‪ .393‬تعزيز قدرات المقاوالت على ولوج أسواق جديدة عرب توفير الدعم يف تطوير‬
‫اسرتاتيجيات التسويق وتوسيع قنوات التوزيع‪ ،‬والمساعدة يف تجاوز العقبات‬
‫التجارية واللوجستية‪.‬‬
‫‪ .394‬تطوير المنصات الرقمية الخاصة بالتعريف بمنتوج الصناعة التقليدية‪.‬‬
‫‪ .395‬تعزيز التعاون بين الفاعلين يف القطاع من خالل إنشاء شبكات ومنصات لتبادل‬
‫الخربات والمعارف‪ ،‬والشراكة مع مراكز التدريب والبحث لتعزيز التعلم‬
‫واالبتكار‪.‬‬
‫‪ .396‬توفير بيئة مالئمة لمقاوالت الصناعة التقليدية عن طريق تسهيل ولوجها التمويل‬
‫المناسب ودعم الدولة للقطاع عرب المنح والتسهيالت الضريبية‪ ،‬وتقديم‬
‫االستشارات والمساعدة يف إجراءات الرتاخيص والتنظيم‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪112‬‬

‫‪ .397‬تطوير الموارد البشرية عرب برامج التدريب والتأهيل المهني للحرفيين‪ ،‬وتعزيز‬
‫قدراهتم ومهاراهتم يف مجاالت التصميم والتصنيع وإدارة الجودة‪.‬‬
‫‪ .398‬تفعيل وتطوير التعاونيات المتدخلة يف القطاع وتنظيمها على أسس تراعي‬
‫الجودة والتنافسية‪.‬‬
‫‪ .399‬إنشاء مراكز ومدن لتنمية الكفاءات يف الصناعة التقليدية‪.‬‬
‫‪ .400‬إدماج العاملين يف القطاع يف أنظمة الرعاية الصحية والحماية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ ....‬العقار‪ :‬رافعة لالستثمار والتنمية‬

‫يعترب امتالك آليات ضبط العقار شرطا أساسيا للتمكن من إنجاح مخططات التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ذلك ألن الشروع يف إعداد التجهيزات والبنى التحتية المعدة‬
‫الستقبال أنشطة مختلف القطاعات االقتصادية‪ ،‬تستلزم ابتداء التوفر على العقار الخالي‬
‫والمؤ َّمن قانونيا؛ فال يمكن تصور إقالع حقيقي لقطاعات الفالحة والصناعة‬
‫َ‬ ‫من الموانع‬
‫والسياحة والسكن والتجارة واللوجستيك‪ ،‬إذا لم ُيتَحكم يف العقار تحفيظا وضبطا‬
‫ألسعار تداوله‪ ،‬ومنعا للمضاربة به على مستوى كمية العرض وقيمته وتوقيته إسراعا أو‬
‫تأجيال بحسب تقديرات المضاربين وحساباهتم ال بحسب حاجيات التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية ومتطلباهتا‪.‬‬

‫يف سبعينيات القرن الماضي‪ ،‬ومع تناسل تجزئات السكن االقتصادي‪ ،‬شهدت‬
‫أسعار العقار بالمغرب تصاعدا مهوال‪ ،‬صار معه عدم التمكن من ضبط كلفته وتسهيل‬
‫تعبئته آفة تستدعي التعجيل والمسارعة إلى معالجتها واتخاذ اإلجراءات الضرورية للحد‬
‫من انعكاساهتا السلبية على كافة القطاعات االقتصادية واالجتماعية‪ .‬وقد أدت سرعة‬
‫وتيرة التمدن وتضخم الطلب على العقارات إلى استهالك جل المخزون من العقار‬
‫سهل التعبئة (الملك الخاص للدولة أو للجماعات الرتابية‪ ،‬أراضي الجموع أو األراضي‬
‫الساللية‪ ،‬أراضي المياه والغابات يف إطار االستبدال‪ ،‬أراضي األحباس‪ ،‬األراضي‬
‫العسكرية لفائدة سكن الضباط والجنود‪ .)...‬واستجابة للحاجة إلى السكن (مرخصا‬
‫كان أو عشوائيا عن طريق الرتامي على ملك الغير)‪ ،‬أصبحت ندرة العقار القابل للتعبئة‬
‫‪113‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫وبأسعار معقولة هاجس كل المخططات يف مختلف القطاعات التنموية‪ .‬وقد تفاقم األمر‬
‫إلى حد أصبحت معه المضاربة يف العقار غير المبني واالستثمار فيه تحقق من األرباح‬
‫ما ال يمكن تحقيقه يف أي أنشطة اقتصادية أخرى‪ .‬وتفيد بعض التقديرات أن كلفة العقار‬
‫المعد للسكن بالمغرب‪ ،‬بما يف ذلك المدن المتوسطة‪ ،‬يمثل نسبة ‪ 50%‬من الكلفة‬
‫اإلجمالية للمباين‪ ،‬وهي النسبة ذاهتا التي نجدها يف القلب النابض للعاصمة الفرنسية‪.‬‬

‫ومما ساهم يف رفع حجم الخصاص من العقارات أيضا ما التهمته التجهيزات‬


‫الكربى‪ ،‬التي لم يكن مربمجوها يضعون يف حسباهنم أي اعتبار لندرة العقار العمومي‬
‫وحاجة كل القطاعات إليه‪ ،‬فيضعون أيديهم عليه دون تدخل جهات تحكيمية توازن بين‬
‫المتاح منه واحتياجات التنمية الشاملة والمتوازنة‪ ،‬وتأخذ بعين االعتبار المصلحة العامة‬
‫للبلد وتطور حاجياته المستقبلية‪ .‬واستفحل األمر بعدما ُسلم تدبير عقارات الدولة للوالة‬
‫والعمال يف إطار تفعيل الالتمركز اإلداري‪ .‬ولم تقتصر هذه الظاهرة على التجهيزات‬
‫الكربى التي تستهلك من المساحات ما يفوق حاجياهتا الحقيقية للتوسع‪( ،‬المطارات‬
‫والثكنات ومقرات اإلدارات‪ )...‬بل نجدها سائدة أيضا حتى يف المرافق الصغيرة من‬
‫مقرات إدارية وغيرها‪ ،‬حتى عجزت بعضها بميزانياهتا المتواضعة عن تأمين العقارات‬
‫التي حصلتها‪ ،‬ناهيك عن تثمينها واستعمالها فيما سلمت من أجله‪.‬‬

‫من أجل التمكن من االستجابة للحاجيات من العقار بأسعار معقولة‪ ،‬وتعبئته وتيسير‬
‫تجهيزه واستعماله بالمدن والحواضر‪ ،‬وبغرض جعله رافعة لالستثمار والتنمية‪ ،‬نقترح‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ .401‬إخضاع الرتسانة القانونية لمراجعة شاملة بناء على حوار وطني موسع وشفاف‬
‫يتم فيه إشراك كل المتدخلين‪ ،‬وذلك لتسهيل تعبئة العقار وتيسير تجهيزه‪.‬‬

‫‪ .402‬سن قوانين تروم تدبير الجوانب المرتبطة بالعقار‪ ،‬تتعلق بالتحفيظ العقاري‪،‬‬
‫وبالضم العقاري الحضري (على غرار ما يقع يف المجاالت الفالحية السقوية)‪،‬‬
‫وبتقاسم أعباء وفوائد التخصيصات التعميرية بما يحقق العدالة العقارية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪114‬‬

‫‪ .403‬سن تشريعات لتجديد مخزون الدولة من أمالكها الخاصة (حق الشفعة‬


‫واألسبقية) أو للتمكين من القيام بالتهيئات التشاركية المتشاور حولها‪.‬‬

‫‪ .404‬تعزيز الشراكة بين المالكين والمدبرين الحضريين والممولين‪ ،‬وإحداث نقابات‬


‫ُم ّالك تنظم هتيئة كافة العقارات غير المبنية‪.‬‬

‫‪ .405‬إنشاء وكاالت عقارية جهوية متخصصة تكون مهمتها األساس العمل على حل‬
‫المشاكل المرتبطة بالعقار‪.‬‬

‫‪ .406‬توسيع العرض من العقار‪ ،‬سواء منه المعد الحتضان مناطق األنشطة الصناعية‬
‫والتجارية والتجهيزات الكربى‪ ،‬ومن ضمنها المركبات اإلدارية لتجميع اإلدارات‬
‫تسهيال على المرتفقين واقتصادا يف كلفتي المباين والعقار‪ ،‬أو المخصص لتوسيع‬
‫العرض السكني وخاصة منه الموجه لذوي الدخل المحدود والمتوسط‪.‬‬

‫‪ .407‬إنشاء مدن جديدة من شأهنا توفير العرض لبناء آالف المساكن‪ ،‬مع تخصيص‬
‫ما يكفي من المساحات الحتضان األنشطة الصناعية والتجارية والخدماتية‬
‫المحددة بعد دراسات الجدوى‪.‬‬

‫‪ .408‬ضرورة وضع الرتكيبات المالية والعقارية والتدبيرية يف الحسبان‪ ،‬لتفادي أن‬


‫تكون هذه المدن الجديدة للنوم تقتصر على اإليواء السكني وال توفر أنشطة‬
‫تجارية أو صناعية أو خدماتية‪ ،‬أو تجهيزات إدارية واجتماعية‪.‬‬

‫‪ .409‬تمتيع المدن الجديدة المقرتحة بتشريعات خاصة تراعي خصوصيتها يف مجاالت‬


‫التدبير والجبايات والحماية من ممارسات المضاربين النافذين ومن المنافسة‬
‫غير الشريفة والمضرة باالستثمارات العمومية‪.‬‬

‫‪ .410‬هتيئة مناطق التوسع العمراين التي فتحتها وثائق التعمير المصدّ ق عليها‪ ،‬عن‬
‫طريق إقامة شراكات بين الدولة والجماعات الرتابية والمالكين والممولين‪،‬‬
‫تتولى الجماعات الرتابية المعنية اإلشراف عليها والقيام بتجهيزات البنية التحتية‬
‫خارج الموقع‪.‬‬
‫‪115‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ ....‬البيئة والتنمية املستدامة‬

‫تضطر الدول النامية اليوم إلى االنخراط يف األجندات الدولية للبيئة والتنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬الرامية إلى توحيد السياسات المتبعة عالميا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة‪،‬‬
‫وذلك بسبب الضغوطات واإلغراءات التي تعتمدها المنظمات الدولية ذات الصلة‬
‫والدول الكربى والتكتالت اإلقليمية‪ .‬إذ توفر الربامج المقرتحة‪ ،‬يف هذا اإلطار‪ ،‬جملة‬
‫من الفرص التنموية‪ ،‬تتعلق أساسا باالقتصاد الدائري وتعزيز البنيات التحتية‪ ،‬غير أن هذه‬
‫االلتزامات يمكن أن تطرح عدة تحديات بسبب إمكانية عدم توافق بعض هذه األجندات‬
‫مع األولويات التنموية واالقتصادية والبيئية للبلدان النامية‪.‬‬

‫ويعاين المغرب‪ ،‬كباقي الدول األخرى‪ ،‬تنامي المخاطر الناجمة عن تدهور المجال‬
‫الحيوي وزيادة الضغط على الموارد الطبيعية‪ ،‬مما يحتم عليه التصدي لها إما بصفة‬
‫استباقية وإما تفاعال مع الكوارث البيئية المتزايدة كالجفاف والفيضانات والحرائق‪،‬‬
‫أو الظواهر الجوية القصوى وتلوث الهواء والمياه‪.‬‬

‫ومن أجل تحجيم اآلثار السلبية لهذه الظواهر وتثمين الفرص المتاحة‪ ،‬نقترح‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ .411‬وضع سياسة بيئية وطنية توازن بين األهداف البيئية واألهداف االقتصادية‬
‫واالحتياجات االجتماعية‪ ،‬على أن تشمل هذه السياسة الجوانب المتعلقة‬
‫بالتنمية االقتصادية واالجتماعية والبيئية‪ ،‬وكذا مجاالت التعليم والتحسيس‬
‫والبحث العلمي‪.‬‬

‫‪ .412‬تفعيل المقتضيات القانونية والدستورية المتعلقة بحماية البيئة‪ ،‬وتطوير قدرات‬


‫المؤسسات الوصية على تطبيق قوانين البيئة (شرطة البيئة‪ ،‬شرطة الماء‪.)...‬‬

‫‪ .413‬تعزيز الرتسانة القانونية وتوسيعها لتشمل كل المخاطر البيئية‪ ،‬وتبسيط القوانين‬


‫لتسهيل تطبيقها وتعزيز آليات الرقابة البيئية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪116‬‬

‫‪ .414‬تطوير نموذج طاقي مالئم وفعال‪ ،‬ضمن تحقيق اكتفاء ذايت يدعم التطور الصناعي‬
‫على المدى البعيد والمتوسط ويعزز األمن والسيادة الطاقيين للمغرب‪ ،‬ويأخذ‬
‫بعين االعتبار خطر المديونية والنتائج المحتملة لالنخراط يف بعض التعاقدات‬
‫والمشاريع غير المستدامة اقتصاديا واجتماعيا‪.‬‬

‫‪ .415‬تدقيق األهداف من انخراط المغرب يف االتفاقيات الدولية‪ ،‬والفصل بين‬


‫األولويات البيئية الوطنية وبين الرغبة يف الولوج إلى التمويالت الخضراء‬
‫واألسواق التجارية أو الرضوخ للضغوطات الدولية‪.‬‬

‫‪ .416‬تعزيز اإلطار المؤسسايت عرب توسيع االستشارات الداخلية‪ ،‬وتفعيل دور‬


‫المؤسسات االستشارية والربلمان قبل االنخراط يف اتفاقيات جديدة‪.‬‬

‫‪ .417‬إعادة النظر يف االتفاقيات اإلقليمية ودراسة وتحديد المخاطر االجتماعية‬


‫واالقتصادية المحتملة وأثرها يف قيمة أصول الشركات والدولة جراء اعتماد‬
‫بعض المعايير البيئية‪.‬‬

‫‪ .418‬إعادة تقييم المشاريع المرتبطة بالبيئة‪ ،‬باعتماد مقاربة اقتصادية واجتماعية‬


‫وطنية‪ ،‬مع تقييم الرتسانة القانونية الحالية وعالقتها بالمعاهدات واالتفاقيات‬
‫المربمة عرب القيام بدراسات حول أثر تنزيلها يف مجال الطاقة والبيئة‪ ،‬للنظر يف‬
‫إمكانية مراجعة االتفاقيات المجحفة‪.‬‬

‫‪ .419‬العمل على بناء تحالف عربي‪-‬إفريقي موحد لتعزيز قدرات الرتافع والتفاوض‬
‫الدولي حول ملف البيئة مع االنفتاح على تحالفات جديدة وتكوين لوبيات‬
‫ضغط بما يضمن مصالح هذه الدول‪.‬‬

‫‪ .420‬تقوية القدرات التفاوضية للمغرب عرب تأهيل فرق متعددة التخصصات‬


‫للتفاوض‪ ،‬والعمل على إشراكها يف المنتديات العالمية ذات الصلة‪.‬‬

‫‪ .421‬دعم وتقوية موقف المغرب بالعضوية والمشاركة الفعالة يف الجمعيات المدنية‬


‫واالتحادات الدولية للضغط والتفاوض‪.‬‬
‫‪117‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .422‬اعتماد نموذج وطني لتقييم السياسات البيئية مبني على النتائج عوض الموارد‬
‫المالية المعبأة يف كل مشروع‪.‬‬

‫‪ .423‬اعتماد مقاربة محلية وجهوية فيما يتعلق بربمجة المشاريع والمبادرات البيئية‪.‬‬

‫‪ .424‬إنشاء قاعدة للبحث العلمي يف مجال البيئة‪ ،‬وتطوير شراكات مع الجامعات‬


‫والمختربات‪ ،‬لدعم التوجهات البيئية التي تخدم مصالح المغرب‪.‬‬

‫‪ .425‬تعزيز ودعم برامج البحث العلمي يف مجاالت الرصد وتحليل المعطيات‬


‫البيئية وتدوير النٌّفايات وتحلية وتطوير المياه والفالحة المستدامة والنجاعة‬
‫الطاقية وتدبير المخاطر‪ ،‬وابتكار نظم إنتاج واستهالك مسؤولة واالنفتاح على‬
‫المستجدات التكنولوجية يف المجال وتوطينها ودعم االبتكار‪.‬‬

‫‪ .426‬تعزيز دور الفاعلين يف مجاالت تدبير مياه الصرف الصحي وتدوير النفايات‪،‬‬
‫وذلك عرب الدعم والمواكبة والتأطير‪.‬‬

‫‪ .427‬تعزيز إجراءات حماية الساحل من التلوث وضغط األنشطة الصناعية والفالحية‬


‫والتعميرية وأنشطة الصيد البحري المكثف‪ ،‬وكذا مراجعة عقود استغالل‬
‫الثروات البحرية بما يعطي األولوية لالستهالك الداخلي واستدامة المخزون‪.‬‬

‫‪ .428‬تعزيز القدرة على رصد جودة الماء والهواء عرب تكثيف محطات القياس‬
‫واستعمال تكنولوجيا األقمار الصناعية لرصد التطورات البيئية والمناخية بشكل‬
‫آين ودقيق‪ ،‬مع إعطاء مزيد من االستقاللية لمراصد قياس نسبة التلوث وجودة‬
‫القياس وتعزيز الشفافية حول هذه المعطيات وضمان حق الولوج إليها‪.‬‬

‫‪ .429‬ترشيد تدبير الموارد المائية‪ ،‬مع اعتماد تسلسل لألولويات يف توزيع واستغالل‬
‫الماء‪ ،‬ومراجعة السياسة الفالحية ومالءمتها مع واقع اإلجهاد المائي وتلوث الماء‬
‫واألرض‪ ،‬وتعميم وتطوير مشاريع التطهير السائل وإعادة تدوير المياه العادمة‪.‬‬

‫‪ .430‬تعزيز وتطوير قدرات إدارة الوقاية المدنية والجيش قصد التدخل لمواجهة‬
‫األزمات والحد من آثار الكوارث‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪118‬‬

‫‪ .431‬مراجعة القوانين المتعلقة بالعمليات المنجمية‪ ،‬على نحو يضمن التقليل من‬
‫اآلثار البيئية وإعادة تأهيل األراضي المستغلة من طرف الشركات المعدنية‬
‫والمقالع‪.‬‬

‫‪ .432‬تنظيم المشتغلين يف مجال تدوير النفايات يف إطار جمعيات وتعاونيات‬


‫ومقاوالت صغيرة‪ ،‬ومواكبتها تقنيا وتدبيريا وتسويقيا‪ ،‬وتيسير المساطر اإلدارية‬
‫من أجل تسهيل إنشائها‪ ،‬واستثمار ارتباط المخزون الثقايف المغربي بمفاهيم‬
‫االستعمال الجماعي للموارد وتقاسم وإعادة االستعمال‪.‬‬

‫‪ .433‬تعزيز ثقافة االستهالك المسؤول وتقاسم االستعمال للموارد وإعادة االستعمال‬


‫بين المواطنين عرب مختلف الوسائل التوعوية والتعليمية والدعوية‪ ،‬وعرب إنشاء‬
‫الضيعات والمصانع النموذجية‪ ،‬واستعمال المواقع الرقمية لتأطير عمليات‬
‫االستعمال المشرتك للمنتوجات والموارد‪.‬‬

‫‪ .434‬تطوير سالسل القيمة المتعلقة باالقتصاد الدائري‪ ،‬بجمع النفايات ونقلها وفرزها‬
‫وإصالح المنتوجات المستعملة وإنتاج الطاقة من المطارح وتعميم محطات‬
‫معالجة المياه العادمة ومأسسة القدرات التدويرية وتحفيز المصنعين الوطنيين‬
‫على استعمال مواد مدورة‪ ،‬وكذا تطوير ميثاق االقتصاد الدائري وإنشاء مشاريع‬
‫نموذجية لتشكل قاطرات يف مجال االقتصاد الدائري‪.‬‬

‫‪ .435‬تطوير المعايير الصناعية لتشمل تعزيز جودة المنتوجات واستدامتها وقابليتها‬


‫للتدوير‪ ،‬والرفع من القيم الدنيا المطلوبة بخصوص معايير التلوث المقبولة‪ ،‬مما‬
‫يمكن من تقليص مستوى االنبعاثات الغازية وطرح النفايات‪.‬‬

‫‪ .436‬تطوير جودة وفعالية دراسات األثر القبلية والبعدية لمشاريع البنية التحتية‬
‫والمشاريع الصناعية والطاقية والفالحية والسياحية والتعميرية‪.‬‬

‫‪ .437‬تشجيع االستثمار يف تجديد المنشآت الطاقية والصناعية غير المطابقة للمعايير‬


‫الدولية للحد من االنبعاثات الغازية والسائلة وكذا ترشيد االستهالك الطاقي‪.‬‬
‫‪119‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .438‬تعزيز دور الفاعل الجمعوي والفضاء الجامعي إشراكا وتكوينا وتأطيرا وتمويال‪،‬‬
‫وإقرار مبدإ جرب الضرر للسكان المتضررين من مطارح النفايات واألنشطة‬
‫الصناعية والمنجمية الملوثة‪.‬‬

‫‪ .439‬توعية المجتمع المدين بااللتزامات والقوانين البيئية وما يرتتب عنها واألدوار‬
‫التي يمكن القيام هبا‪.‬‬

‫‪ .440‬إدماج الرتبية البيئية يف المناهج الدراسية واإلعالم‪ ،‬ويف األنشطة الثقافية‪.‬‬


‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪120‬‬

‫‪ .3‬نحو منظومة تمويلية خادمة للتنمية‬

‫يعترب تمويل اقتصاديات الدول اليوم من أكثر التحديات وأعقدها‪ ،‬فأمام تعاظم‬
‫أدوار الدولة ومسؤوليتها يف مواجهة التحديات االقتصادية والتنموية‪ ،‬وتحقيق أهداف‬
‫التنمية الشاملة للمجتمع‪ ،‬يبقى القيام باإلصالحات الضرورية واالستثمارات الممكنة‬
‫مقيد ًا بقدرة الحكومات على إيجاد البيئة السياسية المواتية لذلك‪ ،‬وتعبئة الموارد المالية‬
‫المتاحة‪ ،‬وإخضاع تدبيرها لحكامة جيدة تفضي إلى النجاعة والفعالية‪.‬‬

‫إذا كانت المالية العمومية ُتستخدم يف حفز النمو‪ ،‬يالحظ أن ذلك ال يتحقق بالشكل‬
‫المطلوب يف المغرب بسبب التدبير السيء لها من قبل السلطات العمومية‪ ،‬لتكون النتيجة‬
‫هي التفاقم المتواصل لعجز الميزانية‪ ،‬وضعف النمو االقتصادي‪ ،‬وارتفاع وتيرة الدين‬
‫العمومي‪ ،‬وانحسار الموارد التقليدية بسبب شروط اللجوء إلى الدين وضعف مردودية‬
‫النظام الجبائي‪.‬‬

‫ولكي تصبح المالية العمومية آلية لحفز النمو وتوليد الثروة وتوزيعها بشكل أكثر‬
‫عدالة‪ ،‬ينبغي إعادة النظر يف بنيتها وآليات تدبيرها‪ .‬يف هذا السياق‪ ،‬نقرتح مصادر جديدة‬
‫وآليات مبتكرة لتمويل أنشطة الدولة وبرامج التنمية الشاملة‪.‬‬

‫‪ ....‬الضرائب‬

‫تشكل الضريبة مساهمة المجتمع مع الدولة‪ ،‬عند الضرورة‪ ،‬بجزء من القيمة التي‬
‫ينتجها‪ .‬لهذا فإن الضرائب هبيكلياهتا وخصائصها تؤثر يف اتجاه وشكل قرارات اإلنفاق‬
‫واالستثمار للوحدات االقتصادية‪ .‬ومن َثم تعترب السياسات الضريبية المتزامنة مع النمو‬
‫االقتصادي المستمر والمستديم أمرا بالغ األهمية‪.‬‬

‫يعترب النظام الضريبي المغربي نظاما تصريحيا يف عمومه‪ ،‬لكنه نظام معقد وغير عادل‬
‫وذو مردودية ضعيفة‪ .‬ومن أجل التأسيس لنظام ضريبي ناجع‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .441‬تقليل عدد الضرائب وتخفيض معدالهتا مع ضمان عدالة النظام الضريبي‪.‬‬


‫‪121‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .442‬تجاوز الهاجس المالي يف التضريب‪ ،‬وذلك باستخدام الضرائب بصورة أكثر‬


‫فاعلية باعتبارها وسيلة لتحقيق األهداف االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫‪ .443‬فرض ضرائب على األنشطة االقتصادية غير المقيدة (القطاع غير المهيكل‬
‫والسوق السوداء)‪.‬‬

‫‪ .444‬توسيع القاعدة الضريبية‪ ،‬وذلك بالرفع من المعدل الهامشي للتضريب ليشمل‬


‫الطبقات الغنية وجميع أنواع الدخول‪.‬‬

‫‪ .445‬سن ضريبة على الثروة لتشجيع االستثمار‪.‬‬

‫‪ .446‬اعتماد دخل األسرة بدل دخل الفرد أساسا الحتساب الضرائب على الدخل‪.‬‬

‫‪ .447‬إسقاط نفقات الصحة والتمدرس من الدخل اإلجمالي الخاضع للضريبة على‬


‫الدخل‪.‬‬

‫‪ .448‬تقييم النفقات الجبائية بشكل مستمر‪ ،‬ووضع حد الرتفاعها‪ ،‬واالحتفاظ على‬


‫المربر منها‪ ،‬ومراجعة منظومة الحوافز الجبائية وربطها بأهداف اقتصادية أو‬
‫اجتماعية محددة يف إطار تعاقدي تحدده أولويات السياسة العامة‪.‬‬

‫‪ .449‬إلغاء التطبيقات غير العادلة يف النظام الضريبي وتخفيف العبء الجبائي‬


‫على ذوي الدخل الضعيف والمتوسط من صغار التجار والحرفيين والعمال‬
‫والموظفين والمتقاعدين ومحدودي الدخل‪ ،‬وذلك بالرفع يف القسط المعفى‬
‫من جدول الضريبة على الدخل‪.‬‬

‫‪ .450‬اعتماد سياسة ضريبية تجعل للضرائب المباشرة والتصاعدية اإلسهام األكرب يف‬
‫الوعاء الضريبي‪ ،‬ومواءمة الضرائب غير المباشرة وتوحيد أسعارها وتحديدها‬
‫يف مستويات مقبولة‪.‬‬

‫‪ .451‬مراجعة نسب الغرامات والزيادات وتقنين اإلعفاء منها‪.‬‬

‫‪ .452‬اعتماد سياسة العفو الضريبي عند الضرورة القصوى بناء على إقرار من الربلمان‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪122‬‬

‫‪ .453‬التصدي للتهرب الجبائي من خالل تحسين استغالل الوسائط الرقمية وتتبع‬


‫الجرائم الجبائية وتشديد المنظومة الجبائية الجزائية‪.‬‬

‫‪ .454‬إعادة تموقع عمل اإلدارة الجبائية يف توسيع الوعاء الضريبي‪ ،‬وتعزيز نسبة‬
‫المراقبة والعدالة يف برمجتها بين أنواع الضرائب وفئات الملزمين‪ ،‬وتيسير‬
‫ولوجها للمعلومات وزيادة عدد موظفيها‪.‬‬

‫‪ . ..‬عائدات االحتكار وأمالك الدولة واستغالل امللك العمومي‬

‫يشكل احتكار الدولة لبعض األنشطة والخدمات مصدرا من مصادر تمويل ميزانية‬
‫الدولة‪ .‬كما يشكل استغالل الملك العمومي من ثروات بحرية كالصيد يف أعالي البحار‪،‬‬
‫وباطنية من مناجم كالفوسفاط‪ ،‬ومعادن كالذهب وغيرها رافعة مهمة لتمويل ميزانية الدولة‪.‬‬

‫ومن أجل تثمين استغالل الملك العمومي وتطوير هذه األنشطة والخدمات‪ ،‬نقترح‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ .455‬ربط استغالل الملك العمومي من قبل الدولة أو الخواص بمعايير الجدوى‬


‫والمردودية والشفافية والمحاسبة‪.‬‬
‫‪ .456‬محاربة كل أشكال الريع سواء تعلق األمر بالدولة والمؤسسات التابعة لها أو‬
‫الخواص‪.‬‬
‫‪ .457‬اسرتجاع الدولة لسيادهتا على مصادر الثروة‪ ،‬والحرص على حسن تدبيرها‪ ،‬كي‬
‫ال يتحول اإلخالل بالمسؤولية إلى ذريعة لتفويت المصادر الحيوية للبالد إلى‬
‫فئات معينة‪.‬‬
‫‪ .458‬ضرورة قيام الدولة بدور المراقبة والتقييم المستمر لعمليات تفويت أو تفويض‬
‫بعض القطاعات التي يقتضي حسن استثمارها تفويتها إلى مؤسسات أو مستثمرين‬
‫خواص‪ ،‬وذلك وفق قوانين صارمة ومن خالل آليات واقعية‪.‬‬
‫‪ .459‬العمل على تكافؤ الفرص بين المستثمرين لالستفادة من الحق يف المنافسة على‬
‫المشاريع‪.‬‬
‫‪123‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ ....‬نفقات الدولة‬

‫من أجل ترشيد وتأمين نجاعة اإلنفاق العام‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬


‫‪ .460‬إعطاء األسبقية للنفقات الضرورية على الكمالية يف وضع الميزانية السنوية‬
‫للدولة‪ ،‬وللتجهيز وتثبيت قواعد االقتصاد من بنيات تحتية وغيرها على نفقات‬
‫التسيير الزائدة على حد الضرورة‪.‬‬
‫‪ .461‬التقليل إلى أبعد مدى من نفقات الفخفخة والسمعة‪ ،‬إال ماال بد منه من رعاية‬
‫كرامة الدولة يف عالم تسوده المظاهر والدبلوماسية والصورة اإليجابية والسمعة‪.‬‬
‫‪ .462‬إعطاء األهمية لمؤسسة الجيش تدريبا وتسليحا وذلك لحماية ثغور وهيبة‬
‫الوطن‪.‬‬
‫‪ .463‬تأمين نجاعة تدخل الدولة عن طريق اإلنفاق العام‪ ،‬بواسطة المراقبة الصارمة‬
‫والمحاسبة الدقيقة على كل المستويات‪ ،‬كي ال تصرف أموال الدولة يف وجوه ال‬
‫تناسب األهداف االقتصادية واالجتماعية وال تخدمها‪.‬‬
‫‪ .464‬تشديد الرقابة على المال العام من خالل الرفع من نجاعة القضاء المالي‪ ،‬وتوطيد‬
‫استقالله عن كل المؤسسات التنفيذية والتشريعية‪ ،‬وتمكينه من الوسائل المادية‬
‫والبشرية والتقنية الضرورية للقيام بمهامه الرقابية‪ ،‬وتكريس الصبغة اإللزامية‬
‫على التوصيات الصادرة عنه‪ ،‬وترسيخ المقاربة الزجرية يف توجهاته الرقابية‪.‬‬

‫‪ ....‬الزكاة‬

‫تعترب الزكاة من أهم المؤسسات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فباإلضافة إلى وظائفها‬


‫االجتماعية‪ ،‬لها وظائف مالية واقتصادية‪ .‬إذ تعترب آلية إلعادة توزيع الثروة وعائدات‬
‫النمو‪ ،‬كما تعد حافزا اقتصاديا على االستثمار واإلنتاج‪ .‬ومن أجل ضمان تحقيق أهداف‬
‫الزكاة‪ ،‬نقترح أن تراعى المبادئ التالية‪:‬‬

‫‪ .465‬ضرورة مراعاة مبدإ التدرج يف أجرأة الزكاة‪ ،‬فتكون يف البداية من خصوصية‬


‫الفريضة الفردية االختيارية‪ ،‬قبل أن تصبح سياسة عامة للدولة‪ ،‬ومصدرا قارا‬
‫للتمويل متى توفرت الشروط لذلك‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪124‬‬

‫‪ .466‬إسقاط مقدار الزكاة من الحصيلة الضريبية‪ ،‬وذلك تشجيعا لألفراد والمؤسسات‬


‫على إخراجها‪.‬‬

‫‪ .467‬توسيع نطاق الزكاة تحصيال‪ ،‬لتشمل الثروات المعدنية والبحرية والفالحية‬


‫والتجارية والصناعية‪ ،‬ويمكن أن نقيس على النقود المستندات المالية‬
‫وأسهم الشركات‪.‬‬

‫‪ .468‬توسيع نطاق الزكاة إنفاقا‪ .‬فإلى جانب وظيفة الزكاة التضامنية التوزيعية بحيث‬
‫يصيب منها الفقير والمسكين وسائر األصناف الثمانية المذكورة المفصلة يف‬
‫القرآن‪ ،‬ينبغي أن تقوم الزكاة بوظيفة التوفير والتجميع واالستثمار والتنمية؛‬
‫فيساهم صندوق الزكاة يف مصاريف المقاصة المتعلقة بالفقراء والمساكين‪ ،‬وأداء‬
‫جزء من ديون الغارمين‪ ،‬وخاصة ما يرتبط بالسلفات الصغرى التي تكون لفائدة‬
‫األسر المعوزة‪ ،‬ويف دعم الطلبة والتالميذ المتفوقين لمتابعة الدراسة عرب منح‬
‫التميز واالستحقاق‪ ،‬ومواكبة الشباب من ذوي الشهادات إلنشاء المشاريع‪ ،‬ويف‬
‫محاربة الفقر والمساهمة يف االستثمار المنتج‪ ،‬وذلك عن طريق تدريب الفقراء‬
‫على العمل والحرف ومواكبتهم إلنشاء مقاوالت صغيرة ومتوسطة للحد من‬
‫البطالة وتحقيق التنمية‪ ،‬ويف تجهيز أصحاب الحرف واإلسهام يف تمويل نظام‬
‫الحماية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ .469‬مأسسة الزكاة وضبط قانوهنا جمعا واستثمارا وتوزيعا‪ ،‬وذلك بإحداث وكالة‬
‫خاصة ومستقلة بمواردها ومصارفها عن الدولة لتدبير أموال الزكاة‪ ،‬بناء‬
‫على عقد تتحدد بموجبه التزامات الوكالة بمكافحة الفقر والتهميش وإنعاش‬
‫التشغيل والتنمية يف مناطق وجهات محددة‪ ،‬وذلك وفق مؤشرات تحدد سلفا‪.‬‬
‫تسير هذه الوكالة إدارة عامة‪ ،‬ومجلس إداري يضم ممثلين عن الدولة وعن‬
‫مانحي الزكاة والعلماء‪ ،‬إضافة إلى بعض الشخصيات االعتبارية من األوساط‬
‫االقتصادية والمالية‪.‬‬
‫‪125‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ ....‬األوقاف العامة‬

‫تقوم أموال الوقف بدور مهم يف عملية التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ومن أجل‬
‫ضمان ذلك‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .470‬وضع أنظمة وقوانين تحمي أموال الوقف‪ ،‬وتجعل عملية وقف أموال وممتلكات‬
‫المحسنين سهلة وبسيطة ومضمونة‪ ،‬وإسناد هذه المهمة للخرباء من الفقهاء‬
‫واالقتصاديين‪.‬‬

‫‪ .471‬توسيع ممتلكات وأموال الوقف‪ ،‬وذلك بتشجيع المحسنين من خالل خطط‬


‫إعالمية وإرشادية‪.‬‬

‫‪ .472‬توسيع نطاق الوقف ليشمل كل أوجه الرعاية االجتماعية من بناء المساجد‬


‫والمستشفيات ومراكز إيواء األطفال والعجزة والمتخلى عنهم‪ ،‬كما يشمل‬
‫مساعدة األسر من ذوي الدخل المحدود على اقتناء سكن‪ ،‬وإعانة غير القادرين‬
‫من الشباب على تحمل تبعات الزواج المادية وتكاليفه‪ .‬ويمكن ألموال الوقف‬
‫أن ترصد كذلك لبناء المدارس والجامعات ومراكز البحث وتقديم المنح للطلبة‬
‫والباحثين‪ ،‬والتدريب الميداين للطلبة المتخرجين‪ .‬ويمكن كذلك أن تخصص‬
‫أموال الوقف وعائداته لقطاعات النقل واإلعالم والصحة‪ .‬و ُتوجه األوقاف‬
‫كذلك لتمويل األنشطة اإلنتاجية‪ ،‬كتأجير العقارات وإنشاء استثمارات حقيقية يف‬
‫الصناعة والزراعة وغيرها‪ .‬ويمكن رصد أموال الوقف لتدريب الشباب والنساء‬
‫على العمل والحرف وتمويل إنشاء مقاوالت صغيرة ومتوسطة للشباب والنساء‬
‫أو تأسيس تعاونيات وتمويل أنشطتها‪ ،‬كما يمكن للوقف أن يرصد للتأمين من‬
‫المخاطر المختلفة‪ ،‬وينبغي الرتكيز أكثر على التخفيف من حدة الفقر والبطالة‬
‫وتنمية المشاريع التي تحتوي على عناصر مباشرة للتخفيف منه‪ .‬وينبغي توسيع‬
‫نطاق المساعدة لتشمل التنمية القروية‪ ،‬وتحسين مداخيل صغار المزارعين‬
‫والفقراء يف الوسط القروي‪ ،‬واستصالح األراضي لصالح المزارعين‪ ،‬وتوفير‬
‫الحاضنات للمشاريع وتمويلها‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪126‬‬

‫‪ .473‬دمج القطاعين الربحي والوقفي عن طريق الوقف النقدي وذلك لضمان مزيد‬
‫من النجاعة والكفاءة‪.‬‬

‫‪ .474‬توسيع وعاء الوقف باللجوء إلى اقرتاح مشاريع على منصات إلكرتونية‪ ،‬وذلك‬
‫لتشجيع الناس على البذل والعطاء‪.‬‬

‫‪ .475‬إحداث وكالة خاصة ومستقلة بمواردها ومصارفها عن الدولة لتدبير أموال‬


‫الوقف‪ ،‬وذلك بناء على عقد تتحدد بموجبه التزامات الوكالة بمكافحة الفقر‬
‫والتهميش وإنعاش التشغيل والتنمية يف مناطق وجهات محددة‪ ،‬وذلك وفق‬
‫مؤشرات تحدد سلفا‪ .‬تسير هذه الوكالة إدارة عامة‪ ،‬ومجلس إداري يضم ممثلين‬
‫عن الدولة وعن أصحاب الوقف والعلماء‪ ،‬إضافة إلى بعض الشخصيات‬
‫االعتبارية من األوساط االقتصادية والمالية‪.‬‬

‫‪ .476‬دمج مؤسستي الوقف والزكاة عرب شبكات معلوماتية‪ ،‬وذلك للقيام بمشاريع‬
‫اجتماعية واقتصادية مندمجة لإلسهام يف التنمية‪ ،‬وإنشاء شبكة أمان‬
‫اجتماعي وطني‪.‬‬

‫‪ ....‬املنظومة املصرفية‬

‫يطبع المنظومة المصرفية المغربية تمركز كبير لرأس المال وغياب المنافسة واالعتماد‬
‫المفرط على القروض العمومية وقروض االستهالك يف جلب األرباح‪ .‬وعلى مستوى‬
‫توظيف أموالها‪ُ ،‬يالحظ ضعف المجازفة يف تمويل االستثمارات والقطاعات المنتجة‬
‫ذات العائد طويل األمد ومشاريع استثمار المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ .‬وتنحصر‬
‫التمويالت البنكية أساسا يف تلبية حاجيات قطاعات محدودة كالعقارات والسياحة‪.‬‬

‫ويبقى دور «بنك المغرب» منحصرا بشكل كبير يف مراقبة المستوى العام لألسعار‬
‫ومستوى سعر صرف العملة الوطنية‪ ،‬وال يولي اهتماما كبيرا لتحفيز وتوجيه التمويالت‬
‫نحو القطاعات واألنشطة االقتصادية األساسية‪ ،‬كما أن قراراته وتوجيهاته غالبا ما ال تجد‬
‫طريقها نحو التطبيق على أرض الواقع من طرف القطاع المصريف‪.‬‬
‫‪127‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫لكي تقوم المنظومة المصرفية بدورها كامال يف خدمة التنمية االقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫نقترح أن تعتمد السياسة النقدية التوجهات التالية‪:‬‬

‫‪ .477‬تحفيز وتشجيع القطاع المصريف على االهتمام بالقطاعات واألنشطة االقتصادية‬


‫المنتجة وانفتاحه على الجهات الرتابية األقل نشاطا‪.‬‬

‫‪ .478‬تطوير وسائل الرقابة والتحفيز للبنك المركزي والتشجيع على تنزيل مقرتحاته‬
‫يف تمويل األنشطة االقتصادية‪.‬‬

‫‪ .479‬توسيع دور البنك المركزي وتطوير آليات تعامله لتتالءم مع آليات المصارف‬
‫التشاركية والتزاماهتا‪.‬‬

‫‪ .480‬فتح باب المنافسة الحقيقية ودعم وتقوية الممولين الجدد‪ ،‬مثل المصارف‬
‫التشاركية العتمادها على تقنيات مبنية على المشاركة‪ ،‬وتحملها لجزء من‬
‫مخاطر االستثمار واستجابتها لحاجيات المجتمع الضرورية من المنتجات‬
‫المتنوعة والمالئمة‪.‬‬

‫‪ ....‬التمويل الخارجي‬

‫من أبرز ما يطبع سياسة تمويل االقتصاد الوطني هو االعتماد بشكل مستمر على‬
‫الدين الخارجي من طرف السلطات المغربية‪ ،‬إذ بلغ الدين العام نسبا مقلقة‪ ،‬مما فرض‬
‫وحدَّ من‬
‫على السلطات العمومية الرتكيز على معالجة االختالالت الماكرواقتصادية‪َ ،‬‬
‫الحرية يف هنج سياسة اقتصادية ومالية تخدم األهداف التنموية للبلد من صحة وتعليم‬
‫وتشغيل‪.‬‬

‫إذا كان اللجوء لالستدانة يعترب من بين الحلول لتمويل ميزانيات الدول‪ ،‬فإن نجاعة‬
‫هذا الخيار تبقى رهينة بتخصيصه لتمويل مشاريع يكون عائدها أكثر من خدمة الدين‬
‫نفسه‪ ،‬وليس لتمويل النفقات االعتيادية للدولة‪ ،‬كما أن اللجوء لهذا الخيار ينبغي أن يبقى‬
‫يف معظمه مرتبطا بعجز االدخار الوطني وضعفه‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪128‬‬

‫لعقلنة اللجوء للدين الخارجي‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .481‬تعبئة االدخار الوطني وتوجيهه لتمويل مشاريع تشارك فيها القوى المنتجة‬
‫وأصحاب رؤوس األموال الوطنية بواسطة اكتتابات واسعة تضمن الدولة فيها‬
‫الحد األدنى من العائد عن طريق الرقابة الصارمة‪.‬‬
‫‪ .482‬اعتماد دراسات الجدوى ونجاعة التمويل األجنبي‪ ،‬بدءا باختيار المشاريع‬
‫واختيار الممولين والشروط التي يجب احرتامها‪.‬‬
‫‪ .483‬إعطاء األولوية للتخفيف من عبء اسرتداد الدين على ميزانية الدولة‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق سن سياسة وطنية تضامنية لبلوغ هذا الهدف‪.‬‬

‫‪ ....‬الرأسمال األجنبي‬

‫هنج المغرب سياسة تروم جذب االستثمارات األجنبية لتوفير مناصب الشغل‪ ،‬وبعث‬
‫دينامية يف الجهاز اإلنتاجي الوطني وجلب التكنولوجيا‪ .‬ومن أجل ذلك‪ ،‬تم العمل على‬
‫تحسين مناخ االستثمار‪ ،‬والقيام باإلصالحات الضرورية عن طريق سن القوانين‪ ،‬وتوفير‬
‫التحفيزات لهذه االستثمارات‪.‬‬
‫ورغم الجهود التي بذلتها السلطات العمومية‪ ،‬ما زالت االستثمارات األجنبية‬
‫بالمغرب تعرف اختالالت كربى‪ ،‬تتمثل أساسا‪ ،‬يف مركزهتا قطاعيا (السيارات‬
‫والطائرات) وترابيا (طنجة‪-‬القنيطرة‪-‬البيضاء)‪ ،‬كما أهنا مقتصرة على الرتكيب أساسا‬
‫وموجهة للتصدير‪ .‬ويطبع هذه االستثمارات أيضا غياب عالقات التعاون أو الشراكة‬
‫مع النسيج اإلنتاجي الوطني‪ ،‬وضعف تحويل التكنولوجيا لصالح المقاوالت الوطنية‪،‬‬
‫ومنافسة الشركات األجنبية للمقاوالت الوطنية يف االستفادة من العملة الصعبة؛ مما يحد‬
‫من إمكانية االستثمار المحلي‪.‬‬
‫من أجل ضمان استفادة المغرب من االستثمارات األجنبية‪ ،‬وضمان جدوى اللجوء‬
‫إليها‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬
‫‪ .484‬بلورة سياسة إرادية لتشجيع االستثمارات وتوجيهها قطاعيا وترابيا‪.‬‬
‫‪129‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .485‬هتييئ بيئة فعلية لالبتكار واالستثمار خاصة فيما يتعلق بإعداد الكفاءات المؤهلة‬
‫والمقاوالت القادرة على استيعاب التكنولوجيا‪.‬‬

‫‪ .486‬ربط منظومة الحوافز باالبتكار واالستثمار عوض االعتماد على التحفيزات‬


‫الضريبية والعقارية واليد العاملة الرخيصة‪.‬‬

‫‪ .487‬اإلسهام يف نقل التكنولوجيا المتطورة للمقاوالت الوطنية‪.‬‬

‫‪ .488‬إلزام الشركات األجنبية بإبرام اتفاقيات شراكة مع المقاوالت الوطنية‪.‬‬

‫‪ .489‬ضمان تزويد السوق المحلي بجزء من المنتجات وبأسعار تفضيلية‪.‬‬


‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪130‬‬

‫‪ .4‬من أجل عدالة اجتماعية وفرص متساوية يف التنمية‬


‫َََ‬
‫وجل‪﴿:‬ولق ْد‬ ‫تعترب العدالة االجتماعية جزءا أساسيا من تكريم بني اإلنسان‪ ،‬يقول اهلل عز‬
‫َ  ْ َ َ ˜ َ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ ˜ ْ َ ّ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ ّ َ  ّ َ َ َ  ْ َ ُ ْ َ َ ٰ َ ِّ  ْ َ َ ْ َ َ ْ ً‬
‫ات وفضلناˆ ع† ك ِث  ٍ ƒن خلقنا تف ِضي¡﴾‬ ‫كرمنا ب ِ  آدم وšلناˆ ِ ™ ال  ِ والبح ِر ورزقناˆ ِمن الط ِيب ِ‬
‫(اإلسراء‪ .)70 ،‬وتبقى التفاوتات الموجودة يف كل المجتمعات مهما كانت هويتها‬
‫ومستوى تقدمها طبيعية‪ .‬لكن عندما تتحول هذه التفاوتات إلى فوارق مجالية واجتماعية‬
‫صارخة‪ ،‬فذلك مظهر رئيس النعدام العدالة واإلنصاف‪ .‬وعندما يصبح األمر وضعا دائما‬
‫ومستمرا فإن ذلك يؤكد حقيقة الجمود المجالي واالجتماعي‪ ،‬وغياب العدالة المطلوبة‬
‫يف العملية التنموية‪ ،‬وتدمير طموح الفئات الهشة يف االرتقاء االجتماعي وتحسين ظروف‬
‫عيشها‪ ،‬ويؤكد أن مخرجات السياسات العمومية تسهم يف استدامة هذه الفوارق‪ ،‬وجمود‬
‫عموم البنيات داخل المجتمع‪.‬‬

‫‪ ....‬واقع يكرس الفوارق االجتماعية‬

‫يطغى التوصيف أعاله على وضعية المغرب تخطيطا وممارسة منذ فجر االستقالل‪ ،‬إذ‬
‫تخلت الدولة المغربية تدريجيا عن دورها االجتماعي‪ ،‬وأصبحت السياسات االجتماعية‬
‫الرسمية يف كثير من األحيان عبارة عن صدقات وتدابير موسمية وغير ذات أثر بنيوي‪،‬‬
‫األمر الذي أدى إلى اختالل عميق يف ميزان توزيع الثروة‪ ،‬وتزايد الهوة بين الطبقات‬
‫االجتماعية المغربية‪ ،‬نتيجة االستمرار يف دعم الفئات الغنية والعائالت النافذة (إعفاءات‬
‫ضريبية‪ ،‬دعم مالي‪ ،‬ريع‪ ،)...‬يف مقابل هتميش وإقصاء فئات اجتماعية عريضة‪ ،‬وقصور‬
‫التدخالت العمومية التي ال تؤثر يف مستويات عيش هذه الفئات‪ ،‬مع غياب اسرتاتيجية‬
‫واضحة لتعزيز وتوسيع الطبقة الوسطى‪.‬‬

‫إن الفوارق الحالية هي نتاج تراكمات تاريخية‪ ،‬وموازين قوى رجحت لصالح فئات‬
‫حاكمة ومن يدور يف فلكها‪ ،‬من رأسماليين خواص محليين وأجانب‪ .‬فطبيعة الفوارق هي‬
‫من طبيعة وضعية موازين القوى‪.‬‬

‫ومما يكرس هذه الفوارق أيضا‪ ،‬اعتماد تقسيم ترابي غير عادل‪ ،‬يركز الخدمات‬
‫والمقومات االجتماعية يف المركز الذي يقتصر على أقطاب عمرانية محدودة‪ ،‬مقابل‬
‫‪131‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫خصاص مهول يف المجاالت الهامشية‪ .‬يساعد على ذلك أيضا السياسات المالية للدولة‬
‫التي تنضبط لتوصيات الحد من اإلنفاق االجتماعي‪.‬‬

‫للتخفيف من حدة هذه الفوارق‪ ،‬وجعل العدالة االجتماعية من صميم السياسات‬


‫العمومية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .490‬إصدار ميثاق اجتماعي يف إطار توافق وطني حقيقي‪ ،‬يحمي المسألة االجتماعية‬
‫من المزايدات السياسية‪ ،‬ويمنح األمان االجتماعي للمغاربة‪ ،‬ويتيح الحد األدنى‬
‫الضروري للحياة الكريمة للمواطنين‪ ،‬ويحدد األهداف االجتماعية ووسائل‬
‫تحقيق ذلك‪ .‬ومن المبادئ الضابطة لهذا الميثاق نذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬الشمولية‪ ،‬إذ يجب أن يغطي كافة الفئات خاصة المعرضة للتهميش‬


‫المؤسسايت ولالمباالة الدولة والمجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬التضامن‪ ،‬وذلك من خالل تشجيع الدولة للتضامن التطوعي‪ ،‬ووضع آليات‬


‫للتضامن اإلجباري يف إطار من العدالة واإلنصاف‪.‬‬

‫‪ -‬باعث الحق والواجب‪ ،‬وذلك باعتبار العدالة االجتماعية حقا وواجبا‪،‬‬


‫وليست خدمة اجتماعية ظرفية أو إحسانا عموميا‪.‬‬

‫‪ -‬المأسسة واالستدامة‪ ،‬وذلك من خالل إبعاد المسألة االجتماعية عن‬


‫المزايدات السياسية الظرفية وجعلها ورشا مستمرا من خالل مبادئ واضحة‬
‫ومؤسسات فاعلة‪.‬‬

‫‪ .491‬وضع برامج إدماج اجتماعية واسعة هتدف تقوية تكافؤ الفرص بين مختلف‬
‫الفئات يف المجتمع سواء يف الصحة أو التعليم أو التكوين أو العمل أو السكن أو‬
‫محاربة األمية‪.‬‬

‫‪ .492‬اعتماد اسرتاتيجية تنموية قائمة على تنمية متوازنة بين الجهات واألقاليم على‬
‫أسس تشاركية واضحة لمواجهة التفاوتات يف المؤشرات االجتماعية التنموية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪132‬‬

‫‪ .493‬منح التمييز اإليجابي االجتماعي لفائدة الجهات واألقاليم التي تعرف مؤشرات‬
‫هتميش كبيرة‪ ،‬عرب برامج وخطط وطنية واضحة‪.‬‬

‫‪ .494‬تمكين السكان من موارد مجالهم‪ ،‬وإحداث آلية للتضامن والتبادل بين الوحدات‬
‫الرتابية المتنوعة‪ ،‬ودعم سكان المجاالت ذات الموارد الضعيفة البتكار مصادر‬
‫جديدة للثروة‪.‬‬

‫‪ .495‬إقرار نظام ضريبي عادل وفعال ومحفز يساعد على تمويل متطلبات العدالة‬
‫االجتماعية من خالل مساهمة الجميع كل على حسب قدرته‪.‬‬

‫‪ .496‬إعادة تأسيس منظومة الدعم على أساس األولويات االجتماعية من خالل‬


‫حصر االستفادة يف الفئات األكثر حاجة‪ ،‬وإنشاء صندوق خاص لفائدة الفئات‬
‫المستهدفة (العاطلون‪ ،‬ذوو الوضعيات الخاصة‪ ،‬األرامل‪ ،‬األيتام)‪.‬‬

‫‪ .497‬تشجيع ودعم مختلف أشكال التطوع التي تصب يف ترسيخ الحماية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ .498‬ضمان التماسك االجتماعي من خالل تحفيز وتشجيع التضامن العفوي‬


‫والمنظم‪ ،‬والتقليل من الفوارق الطبقية عن طريق إيجاد معايير جديدة لتحديد‬
‫الدخل ومراقبته‪ ،‬والعمل على دعم وتنويع مسالك االرتقاء االجتماعي‪ ،‬وذلك‬
‫بتنويع فرص العمل وفسح المجال للتكوين المستمر والمتنوع‪.‬‬

‫‪ .499‬دعم االقتصاد االجتماعي والتضامني لتجاوز قصور التشغيل الرأسمالي‪.‬‬

‫‪ . ..‬أولويات يف التنمية الجهوية الرتابية وإعداد الرتاب‬

‫ينصب الرتكيز أساسا بالمغرب على مستوى إعداد الرتاب الوطني‪ ،‬على سياسة‬
‫المدينة وعلى المجاالت المنتجة‪ ،‬وعلى االستثمارات الكربى‪ ،‬يف مقابل قصور‬
‫التدخالت العمومية يف المجاالت الهامشية‪ .‬فالمحور الرتابي القنيطرة ‪-‬الدار البيضاء ال‬
‫يزال يتمتع باألولوية يف السياسات العمومية‪ ،‬كما ال تزال المجاالت «النافعة» (الساحالن‬
‫األطلسي والمتوسطي‪ ،‬األراضي الخصبة والمسقية‪ ،‬األقطاب الصناعية‪ ،‬المركبات‬
‫السياحية) تستأثر بالحصة الكربى من االستثمار‪ .‬بالمقابل‪ ،‬تعيش العديد من القطاعات‬
‫‪133‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫االجتماعية والخدماتية والمجاالت الرتابية يف الهامش ومجاالت المغرب العميق حالة‬


‫ضعف تنموي حقيقي‪.‬‬

‫إن واقع الفوارق المجالية يف المغرب يعكس الفوارق يف االهتمام‪ ،‬ويف توفير‬
‫التجهيزات والخدمات والتدخالت العمومية الالزمة‪ .‬ويمكن التمييز بين نوعين من‬
‫الفوارق المجالية‪ ،‬إحداها ميكرو مجالية داخل الجماعات الرتابية‪ ،‬وأخرى ماكرو مجالية‬
‫يؤكدها تباين الوحدات الرتابية الكربى فيما بينها‪ .‬ومن أهم هذه الفوارق نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الفوارق بين القرى والمدن‪ ،‬التي تسهم بشكل مباشر يف الهجرة القروية‪ ،‬التي‬
‫ينتج عنها تزايد السكن العشوائي‪ ،‬وتزايد نسبة العاطلين عن العمل‪ ،‬وغياب‬
‫األمن‪ ،‬والتنافر االجتماعي ما بين المقيمين والوافدين وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬الفوارق الحضرية‪ ،‬وهي فوارق ناتجة عن اختالل تصاميم التهيئة الحضرية‪،‬‬
‫فنجد فوارق بين األحياء (أحياء األغنياء‪/‬أحياء الفقراء)‪ ،‬وفوارق يف توزيع‬
‫الخدمات (الطرق‪ ،‬خدمات النظافة‪ ،‬اإلنارة‪ ،‬جودة شبكات الصرف الصحي‪،‬‬
‫تجهيزات أسواق القرب‪ ،‬المؤسسات التعليمية‪ ،‬المجاالت الخضراء والمرافق‬
‫الرتفيهية)‪.‬‬
‫‪ -‬الفوارق القروية‪ :‬يف الوقت الذي كان ينتظر من ضواحي المدن‪ ،‬وهي مصنفة‬
‫يف المجال القروي‪ ،‬القيام بدور الوسيط الرتابي‪ ،‬تحولت إلى مجاالت الغتناء‬
‫بعض الفئات‪ ،‬خاصة عن طريق العقار‪ ،‬فأصبحت بعض األراضي الفالحية‬
‫وأراضي الجموع وبعض أراضي األحباس عبارة عن ملكيات خاصة تستثمرها‬
‫فئات نافذة‪.‬‬
‫‪ -‬الفوارق بين المجاالت المسقية والمجاالت البورية يف األرياف‪ ،‬وهي نتيجة‬
‫لسياسة االستثمار الكبير (سياسة السدود)‪ ،‬حيث االهتمام بالمشاريع الكربى‬
‫وفالحة التصدير واالستثمار الخاص المغربي واألجنبي‪ ،‬يف مقابل استثمارات‬
‫ضعيفة يف المجاالت الهامشية والبورية‪.‬‬
‫‪ -‬الفوارق من حيث توطين األقطاب الصناعية ومناطق التسريع الصناعي‪ ،‬حيث‬
‫أثبتت التجربة أن هذه األقطاب تحدث تحوالت سوسيو اقتصادية بنيوية‪ ،‬لكون‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪134‬‬

‫المستثمرين يفرضون شروطا تدفع الدولة إلى تدخالت غير محسوبة أحيانا‬
‫(خطوط السكك الحديدية المستحدثة‪ ،‬نوع الطرق الرابطة بين القطب الصناعي‬
‫والحواضر القريبة لتسهيل حركة المستثمرين والعمال‪ ،‬الربط بالماء والكهرباء‪،‬‬
‫شبكات اإلنرتنيت)‪ ،‬وتكون هذه التجهيزات أحيانا على حساب االستثمار يف‬
‫مجاالت أخرى ذات أولوية‪.‬‬
‫‪ -‬تباين التوزيع الديمغرايف‪ ،‬حيث توجد مجاالت مكتظة للغاية (الحواضر‬
‫الرئيسية‪ ،‬ومجاالت الشمال الغربي للبالد)‪ ،‬وأخرى شبه فارغة (الشرق‪،‬‬
‫الجنوب الشرقي)‪ .‬ويرجع السبب إلى التباين على مستوى فرص الشغل‬
‫والخدمات األساسية ومتطلبات العيش الكريم‪.‬‬
‫‪ -‬تطابق خريطة الفقر وخريطة الثروات الطبيعية‪ ،‬وهذا ال يحتمل إال استغالل‬
‫الموارد والثروات الوطنية جميعها من قبل فئات نافذة تؤول على مقاسها شعار‬
‫«الوطن ملك للجميع»‪.‬‬
‫من أجل التخفيف من حدة الفوارق المجالية‪ ،‬نقرتح إعادة صياغة مشروع إعداد‬
‫الرتاب الوطني والتنمية الجهوية وفق األولويات التالية‪:‬‬

‫على مستوى التوجهات والتدخالت األفقية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .500‬إضفاء مضمون اجتماعي على قضية إعداد الرتاب‪ ،‬وجعل االندماج والتضامن‬
‫والتآزر مبادئ أساسية للتدبير الرتابي‪ ،‬وذلك بالعمل على توحيد الخدمات‬
‫األساسية‪ ،‬خاصة الصحة والتعليم والسكن‪ ،‬والتقليص إلى أبعد الحدود من‬
‫الفوارق يف الجودة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬والعمل على تحقيق مشروع‬
‫المنظومات الرتابية المنسجمة (جهات وأقطاب ومراكز التنمية)‪ ،‬عوض التقطيع‬
‫الرتابي الحالي المبني على أهداف غير تنموية‪.‬‬

‫‪ .501‬إعداد مواثيق التنمية الجهوية والرتابية من قبل الهيئات المنتخبة‪ ،‬بشراكة مع منتدبين‬
‫عن الهيئات المركزية يف الوحدة الرتابية‪ .‬وينبغي أن تتضمن هذه المواثيق مبادئ‬
‫أساسية وأولويات تنموية وتوجهات يف الشأن االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪.‬‬
‫‪135‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ .502‬اعتماد مقاربة جديدة للتنمية االقتصادية‪ ،‬وذلك عرب األخذ بعين االعتبار‬
‫خصوصيات الوحدات الرتابية‪ ،‬بحيث يجب اعتماد مبدإ المشاريع المتكاملة‬
‫والمنسجمة على مستوى الوحدة الرتابية‪ ،‬والتي تدور حول نوع معين من‬
‫الموارد‪ ،‬كجعل المشاريع الرتابية يف الوحدات الساحلية تتمركز حول اقتصاد‬
‫البحر‪ ،‬والوحدات الجبلية تتمركز حول اقتصاد تثمين الموارد الثقافية مثال‪.‬‬

‫‪ .503‬مراعاة الخصوصيات الثقافية واالجتماعية يف تقسيم الوحدات الرتابية‪ ،‬إضافة‬


‫إلى المؤشرات الرتابية واالقتصادية‪ ،‬وذلك بما ال يتعارض مع وحدة النسيج‬
‫المجتمعي‪.‬‬

‫‪ .504‬وضع حد للتبعية الحاصلة للقرى إلى المدن والحواضر الكبيرة‪ ،‬وتشكيل مناخ‬
‫تنافسي جديد بين الوحدات الرتابية باعتبارها وحدات حرة ومستقلة‪.‬‬

‫‪ .505‬تحمل الدولة والجماعات الرتابية مسؤولية التنمية المحلية‪ ،‬وذلك من خالل‬


‫االلتزام بالتدبير الجيد للخدمات األساسية من صحة وتعليم وسكن وشغل‪.‬‬

‫‪ .506‬إعادة هيكلة مصادر تمويل التنمية‪ ،‬تفعيال لمبدإ العدالة الضريبية واستحضارا‬
‫للبعد الرتابي وحسن تأطير التضامن الرتابي واالجتماعي‪ ،‬بما فيها إدماج الجالية‬
‫المغربية المقيمة بالخارج يف تمويل العملية التنموية‪.‬‬

‫‪ .507‬التزام وحدات التدبير الرتابي (اإلدارة والجماعات الرتابية) بنماذج تنموية‬


‫مستديمة وواعية بحجم المخاطر الرتابية واالجتماعية ومحافظة على الموارد‪،‬‬
‫ويف مقدمتها الماء‪.‬‬

‫بخصوص التهيئة الحضرية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .508‬إعادة النظر يف أشكال التهيئة الحضرية بما يستجيب للتحوالت المستجدة‬


‫(المدن الذكية‪ ،‬مدن التنمية المستديمة‪ ،‬مدن التقنيات الحديثة‪ ،‬مدن االتصال‬
‫والتواصل واإلعالم الجديد) والتحوالت االقتصادية واالجتماعية الداخلية‬
‫(النمو الديمغرايف‪ ،‬طموح الساكنة إلى مستوى عيش أفضل)‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪136‬‬

‫‪ .509‬إعادة النظر يف سياسات المدينة وخاصة تصاميم التهيئة‪ ،‬يف اتجاه تحقيق المحافظة‬
‫على الرتاث والمعالم التاريخية‪ ،‬ومحاربة عزل األحياء الشعبية ومنعها من أن‬
‫تكون أوكارا للرذيلة واالنحراف‪.‬‬

‫بخصوص التهيئة القروية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .510‬االهتمام بالوحدات الرتابية الوسيطة‪ ،‬وخصوصا المراكز الصاعدة‪ ،‬وإحداث‬


‫المزيد منها‪ ،‬وذلك لتحقيق التوازن يف العالقة قرية‪/‬مدينة‪ ،‬حتى تسهم هذه‬
‫الوحدات يف دعم المنظومات الرتابية المنسجمة‪.‬‬

‫‪ .511‬هنج سياسة تنموية تروم المساهمة يف توطين الساكنة القروية يف مجاالهتا‬


‫األصلية‪ ،‬وذلك بتحقيق شروط العيش الكريم‪ ،‬واإلسراع يف توفير شبكات النقل‬
‫الضرورية والخدمات األساسية من تعليم وتشغيل وصحة‪.‬‬

‫‪ .512‬إعداد مشاريع تنموية جديدة تناسب متطلبات المجاالت الهامشية (المجال‬


‫الصحراوي) ومجاالت المغرب العميق (الجبال والواحات)‪.‬‬

‫‪ .513‬إحداث آليات إلدماج الفالحتين المعيشية والتسويقية عرب إحداث آليات‬


‫للتضامن‪ ،‬كإعادة توجيه الضريبة الفالحية إلى القطاع نفسه‪ ،‬وتشجيع االستثمار‬
‫الخاص يف المجاالت المحتاجة‪ ،‬ودعم الشراكات بين الفالحين الصغار فيما‬
‫بينهم‪.)...‬‬

‫‪ .514‬تأمين المجاالت الفالحية من الزحف العمراين الحضري ومن المضاربات‬


‫العقارية المبنية على المصالح الشخصية والفئوية‪.‬‬

‫‪ ....‬أنظمة الحماية االجتماعية‬

‫إذا كان مفهوم الدولة االجتماعية لدى الغرب يحيل على توفير الحماية االجتماعية‪،‬‬
‫وعلى الحق يف الشغل والخدمات العمومية‪ ،‬وعلى انتهاج السياسات االقتصادية‬
‫الداعمة لإلنتاج والتشغيل‪ ،‬فإن الحديث عن هذه األدوار للدولة بالمغرب لم يبدأ إال‬
‫بعدما أظهرت جائحة كوفيد ‪ 19‬وما تالها من أزمات حجم الهشاشة التي تعانيها فئات‬
‫‪137‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫عريضة من المغاربة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن هذا الوضع االجتماعي المتأزم هو نتيجة‬
‫قصور االختيارات والسياسات العمومية المتبعة‪ .‬ولم تفلح برامج األولويات االجتماعية‬
‫والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬يف توفير العيش الكريم والحماية االجتماعية لفئات‬
‫واسعة من المجتمع‪.‬‬

‫على أهمية مبادرات الدولة التي شرعت يف تفعيلها بدءا بسن النصوص القانونية‪،‬‬
‫خاصة تلك المرتبطة بالسجل االجتماعي الموحد أو تعميم التغطية الصحية‪ ،‬مرورا‬
‫بمشاريع تعميم التعويضات العائلية وتقوية المساواة ودعم الربامج المخصصة للمسنين‬
‫وذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬إال أن ذلك لم يقلص من نسب الفقر والتهميش والتفاوتات‬
‫االجتماعية والمجالية‪.‬‬

‫إن ما يسم أنظمة الحماية االجتماعية بالمغرب‪ ،‬خاصة منها أنظمة التغطية الصحية‬
‫والمعاشات والحسابات الخصوصية للخزينة الموجهة لدعم بعض الفئات‪ ،‬هو‬
‫البلقنة وضعف التغطية ومشكل االستدامة المالية‪ ،‬وغياب الحكامة الجيدة يف التدبير‬
‫وضعف آليات المراقبة والتتبع‪ ،‬مما يجعلها عاجزة عن تحقيق التكافل واالدماج‬
‫والتماسك االجتماعي‪.‬‬

‫لتجاوز هذه االختالالت‪ ،‬ومن أجل منظومة ناجعة للحماية االجتماعية‪ ،‬نقترح‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ .515‬وضع سياسة مندمجة ومتكاملة يف مجال الحماية االجتماعية تروم معالجة‬


‫التفاوتات االجتماعية‪ ،‬وضمان العيش الكريم‪ ،‬والتأمين على مخاطر المرض‬
‫والشيخوخة واإلعاقة واليتم والعجز عن العمل وحوادث وفقدان الشغل‪.‬‬

‫‪ .516‬توحيد أنظمة التقاعد وإدماجها يف صندوق واحد‪ ،‬وذلك بسن إصالح منظومي‬
‫يتجاوز اإلصالحات المقياسية الجزئية وتوظيف المدخرات المؤسسية عرب‬
‫استثمارها لصالح مستحقيها وفق اسرتاتيجية مضبوطة‪ ،‬وتحت إشراف هيئة‬
‫استثمارية تابعة للصندوق المذكور‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪138‬‬

‫‪ .517‬تفعيل السجل االجتماعي الموحد‪ ،‬ووضع آليات مضبوطة وشفافة لتحديد‬


‫المستفيدين من الربامج االجتماعية للدولة‪ ،‬مع حث القطاع الخاص والمجتمع‬
‫المدين على المساهمة يف المجهود الوطني للحماية االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .518‬تجميع الحسابات الخصوصية للخزينة الموجهة للمساعدة االجتماعية للفئات‬
‫الهشة أو ذوي الحاجات الخاصة أو المسنين أو المتضررين من الكوارث يف‬
‫صندوق وطني واحد‪.‬‬
‫‪ .519‬ضرورة استمرار الدولة يف تحمل مصاريف الحماية االجتماعية للفئات غير‬
‫القادرة‪.‬‬
‫‪ .520‬تطوير أنظمة التأمين التكافلي وتوسيع خدماهتا لتشمل كل المخاطر المرتبطة‬
‫بالحماية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ ....‬الصحة العامة أساس التنمية‬

‫تعترب الصحة العامة أساس تنمية المجتمعات وأمنها وتطورها‪ ،‬وقد تأكد هذا مع‬
‫جائحة كورونا‪ ،‬إذ أصبحت الصحة العامة من مكونات األمن القومي للدول‪ .‬لكن‬
‫المتأمل يف الخطاب الرسمي المغربي‪ ،‬ويف السياسات العمومية المتبعة‪ ،‬يدرك أن قضية‬
‫الصحة ال تندرج فعليا يف صلب اهتمامات السلطات العمومية‪ ،‬حيث يغلب الطابع التقني‬
‫يف تناولها‪ ،‬وهو ما يفسر الوضعية المزرية التي تعيشها المنظومة الصحية‪.‬‬

‫وتتحدد أبرز االختالالت التي تعانيها منظومتنا الصحية يف اآليت‪:‬‬

‫‪ -‬غياب اإلرادة السياسية‪ ،‬وعدم اعتماد رؤى اسرتاتيجية وسياسات وطنية من قبل‬
‫السلطات العمومية لجعل حفظ الصحة من بين أولويات الدولة األساسية‪.‬‬
‫‪ -‬استمرار اعتبار الصحة العامة قطاعا استهالكيا‪ ،‬مما يتسبب يف استدامة هزالة‬
‫الميزانيات المرصودة له؛ فاإلنفاق العام على الصحة لم يتجاوز معدل ‪ 6%‬من‬
‫الميزانية العامة للتسيير خالل الفرتة الممتدة ما بين ‪ 2014‬و‪ ،2019‬بعيدا عن‬
‫المعيار الدولي الذي تتحدد نسبته يف ‪ ،13%‬وقد تأكد هذا المنحى حتى يف ظل‬
‫جائحة كورونا من خالل قانون المالية التعديلي‪.‬‬
‫‪139‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫‪ -‬نقص الموارد البشرية‪ ،‬حيث يوجد المغرب ضمن البلدان األكثر خصاصا من‬
‫حيث الموارد البشرية الصحية بمعدل يتحدد يف ‪ 0٫74‬طبيب لكل ‪ 1000‬نسمة‪،‬‬
‫أي أقل من العتبة التي أوصت هبا منظمة الصحة العالمية والمحددة يف ‪4٫45‬‬
‫لكل ‪ 1000‬نسمة‪ ،‬مما يجعل نسبة التأطير الطبي دون المعايير المعتمدة من‬
‫لدن منظمة الصحة العالمية‪ .‬يضاف إلى ذلك التفاوت يف توزيع الموارد البشرية‬
‫بين الجماعات الرتابية من جهة‪ ،‬وبين المجال الحضري والمجال القروي من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬إثقال كاهل األسر بالنفقات الصحية‪ ،‬بحيث إن ‪ 38%‬من الساكنة ال تتوفر على‬
‫تغطية صحية‪ ،‬وتتحمل األسر يف المتوسط ما نسبته ‪ 50%‬من نفقات الصحة‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف االلتقائية وغياب التنسيق بين المتدخلين يف المجال الصحي‪ ،‬مما يتسبب‬
‫يف تكرار وتضارب بعض األنشطة الصحية‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف الحكامة وسوء التدبير‪ ،‬ففي سنة ‪ ،2023‬تكون قد مرت عشر سنوات‬
‫على انعقاد المناظرة الوطنية الثانية للصحة التي كان من أهدافها بلورة ميثاق‬
‫وطني للصحة‪ ،‬إال أن هذا الميثاق لم يخرج بعد للوجود‪ ،‬وتم االكتفاء بإصدار‬
‫توصيات المناظرة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم توفر الوزارة الوصية على خريطة صحية‪ ،‬خالفا لما نص عليه القانون‬
‫المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض العالجات‪ .‬ومن أبرز االنعكاسات السلبية‬
‫لهذه الوضعية يف سنة ‪ 2019‬وجود ما يقارب ‪ 151‬مؤسسة للعالجات الصحية‬
‫األساسية جاهزة وغير مشغلة يف المجالين الحضري والقروي‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تقييم الوزارة لمخططاهتا االسرتاتيجية‪ ،‬وغياب نظرة شمولية ومندمجة‬
‫لعمليات هتيئة المؤسسات الصحية‪ ،‬واالكتفاء بتدخالت ظرفية هتدف إلى‬
‫معالجة مشاكل التدهور يف البنايات‪ ،‬وكذا إعادة تأهيل بعض المستشفيات على‬
‫الرغم من كلفتها المرتفعة‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪140‬‬

‫‪ -‬صعوبة ظروف عمل مهنيي الصحة‪ ،‬من أطباء وممرضين وأطباء أسنان وصيادلة‬
‫ومساعدي الصيادلة وإداريين وغيرهم‪ ،‬سواء يف القطاع العام أو القطاع الخاص‪،‬‬
‫ويزيد من ذلك تنامي ظاهرة العنف ضد مهنيي الصحة‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف المؤسسات االستشفائية‪ :‬رغم الزيادة يف عدد هذه المؤسسات الذي‬
‫بلغ ‪ 165‬سنة ‪ ،2021‬إال أن معظمها ينتمي لما يسمى «مستشفيات القرب»‪،‬‬
‫حيث ال يتعدى عدد ِ‬
‫األس ّرة هبا ‪ 45‬سريرا‪ ،‬كما أهنا ال تحرتم الشروط العلمية‬
‫للممارسة الطبية‪ ،‬وال تتوفر على المستلزمات الطبية األساسية والمصالح‬
‫الحيوية كاإلنعاش والعناية المركزة‪ ،‬وتعاين ضعفا على مستوى استمرارية‬
‫العالج‪ ،‬مما يجعلها أقرب إلى مراكز صحية كبيرة مختصة يف إحالة المرضى إلى‬
‫المستشفيات العليا‪ ،‬مع ما يرتتب على ذلك من مشاكل تتعلق بالنقل الصحي‬
‫وتفويت فرص العالج‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف الحكامة الدوائية‪ ،‬وغالء األدوية بالمقارنة مع القدرة الشرائية ألغلب‬
‫المواطنين‪ ،‬وتعرض بعض األدوية األساسية لالنقطاع المتكرر‪ ،‬مما يعرض‬
‫صحة بعض المواطنين للخطر‪.‬‬
‫‪ -‬جشع بعض منتجي العالجات وعدم احرتامهم لألخالقيات‪ ،‬وقد أسهمت‬
‫جائحة كورونا يف كشف ذلك بشكل أكثر وضوحا‪.‬‬
‫لتجاوز هذه االختالالت‪ ،‬ومن أجل بناء منظومة صحية ناجعة‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬
‫‪ .521‬إعادة النظر يف السياسة الصحية‪ ،‬على نحو يجعلها تقوم على اعتبار النهوض‬
‫بالمستوى الصحي للمواطنين من أولويات الدولة الملحة‪ ،‬وذلك بإشراك كل‬
‫الفاعلين من أجل إعداد اسرتاتيجية وطنية ينخرط فيها الجميع‪.‬‬
‫‪ .522‬إعادة بناء منظومة متكاملة للتمويل الصحي من خالل تبني اسرتاتيجية متكاملة‬
‫لدعم قطاع الصحة‪ ،‬بالرفع من الميزانية المخصصة له والبحث عن تمويالت‬
‫مبتكرة وبديلة‪.‬‬
‫‪ .523‬العمل على الزيادة يف عدد المستشفيات والمراكز الصحية وصيانتها وتزويدها‬
‫بالمستلزمات الصحية‪ ،‬والرفع من المناصب المالية المخصصة للقطاع الصحي‬
‫‪141‬‬ ‫املحور االقتصادي واالجتماعي‬

‫من أجل إدماج خريجي كليات الطب ومؤسسات تكوين الممرضين لسد النقص‬
‫الحاد يف الموارد البشرية‪.‬‬
‫‪ .524‬مراجعة السياسة الدوائية عرب تسهيل ولوجية المواطنين لألدوية خاصة المزمنة‬
‫والمكلفة‪.‬‬
‫‪ .525‬إحداث وتطوير أنظمة االستشفاء المنزلي‪ ،‬والطب األسري والطب الوقائي‬
‫واالستعجالي واإلسعايف‪.‬‬
‫‪ .526‬ضمان الولوج العادل للعالج وتوسيع التغطية الصحية للمواطنين وتخليصها من‬
‫التعقيدات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .527‬إعادة النظر يف سياسة تدبير الموارد البشرية يف القطاع تكوينا وتحسينا لمناخ‬
‫التعلم والتدريب الصحي‪ ،‬وتوظيفا وتحفيزا واحتضانا للكفاءات‪ ،‬وتحسينا‬
‫لظروف العمل‪ ،‬واسرتجاعا للطاقات المهاجرة‪.‬‬
‫‪ .528‬اعتماد الالتمركز يف تدبير الموارد البشرية‪ ،‬وتخويل الجماعات الرتابية دورا‬
‫أساسيا يف إدماج األطر الصحية من أجل تقليص الخصاص يف المناطق النائية‪.‬‬
‫‪ .529‬مراجعة الخريطة الصحية لتحقيق العدالة المجالية بين مختلف الجهات‬
‫والمناطق‪ ،‬وتطوير المنظومة الصحية الجهوية وضمان خدمة القرب الصحي‬
‫المتكاملة (بنيات‪ ،‬أطر‪ ،‬تجهيزات‪ ،‬تخصصات)‪.‬‬
‫‪ .530‬دمج البعد الصحي يف مختلف أنظمة التنشئة االجتماعية‪ ،‬ويف كل مناحي المجتمع‪،‬‬
‫وضمن مختلف القطاعات االقتصادية والصناعية والفالحية والخدماتية‪.‬‬
‫‪ .531‬الرتبية على التنشئة الصحية بمختلف أبعادها الوقائية والنفسية والبيئية والعالجية‬
‫بنشر الثقافة والمفاهيم الصحية يف منظومة الرتبية والتعليم والتكوين والتشغيل‪،‬‬
‫ودعم اإلعالم الصحي‪.‬‬
‫‪ .532‬التأسيس لمنظومة التعاقد األخالقي للمهن الطبية وشبه الطبية‪.‬‬
‫‪ .533‬تقنين وتنظيم المهن والممارسات غير المنظمة يف مجال الصحة‪.‬‬
‫‪ .534‬تشجيع البحث العلمي يف المجال الصحي‪ ،‬ويف مجال الصناعات الطبية والدوائية‬
‫ونطاق األجهزة الطبية‪.‬‬
142
‫‪143‬‬

‫املحور املجتمعي‪:‬‬
‫كرامة وتضامن وتربية متوازنة‬
144
‫‪145‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫يحتاج التغيير السياسي واالقتصادي واالجتماعي الذي ننشده إلى تعبئة مجتمعية‬
‫عامة تجمع يف نسق متكامل بين األبعاد األخالقية القيمية والوظائف المعيشية اليومية‪،‬‬
‫يكون مدخلها الرئيس الرتبية التي تروم صياغة الشخصية الفردية وتنمية الذات الجماعية‪،‬‬
‫من أجل بناء مجتمع يكون المالذ األخالقي والسياسي الذي يجد فيه اإلنسان أوال فرصة‬
‫التعرف على معنى وجوده بتمكينه من أقدس حق من حقوقه‪ ،‬أي حقه يف معرفة اهلل عز‬
‫وجل‪ ،‬ويجد فيه ثانيا مجاال للعيش الكريم‪.‬‬

‫إننا ننشد تنمي ًة تحقق العدالة االجتماعية‪ ،‬وتضمن الكرامة اإلنسانية‪ ،‬وتصبو للحرية‬
‫يف إطار نموذج حضاري يصون الهوية المجتمعية ويحافظ عليها‪.‬‬

‫ونرى أن جوهر التنمية يجب أن يؤسس لمجتمع عمران أخوي‪ ،‬يوائم ويالئم يف‬
‫معانيه بين دالالت االزدهار والتقدم والتنمية والتحضر‪ ،‬وبين معاين األخوة والتكافل‬
‫والتعاون على الرب والتقوى‪ .‬فنكون بذلك‪ ،‬إزاء عالقات مجتمعية مبنية على الروح‬
‫الجماعية األخوية تصوهنا األخالق ويضبطها القانون العادل‪ .‬ويعول يف ذلك على التعبئة‬
‫المتواصلة والمشاركة العامة‪ ،‬التي يسهم فيها المسجد بروحانيته‪ ،‬والمدرسة برتبيتها‬
‫وتعليمها‪ ،‬واألسرة بتماسكها‪ ،‬واإلعالم بوظائفه التوعوية والتثقيفية‪ ،‬بما يبعث أجواء‬
‫الثقة العالية والشعور السامي باألخوة واإلحساس الغامر بالتكافل والتضامن‪.‬‬

‫‪ .1‬تدبري الحقل الديني‬

‫إذا كان الفرد والمجتمع معنيين بحفظ الدين وتحقق اإليمان وصالح السلوك‪ ،‬فإن‬
‫مسؤولية تمكين الناس من ممارسة تدينهم تقع على الدولة ومؤسساهتا من خالل سياساهتا‬
‫وتدبيرها للحقل الديني ومرافقه العمومية وشعائره الروحية‪ ،‬مع ما يفرضه ذلك من فسح‬
‫المجال للدعوة وتشجيعها لتمارس وظائفها يف الرتبية اإليمانية المتكاملة والتوجيه‬
‫األخالقي للمجتمع‪ ،‬ولتجدد فهم المسلمين لدينهم بما يحقق االنتقال من إسالم فردي إلى‬
‫إسالم جماعي‪ ،‬ومن إسالم مشتت إلى إسالم جامع‪ ،‬ومن إسالم سكوين إلى إسالم فاعل‪.‬‬

‫إن المتأمل يف واقع السياسة الدينية بالمغرب ليقف على نزوع نحو احتكار السلطة‬
‫للحقل الديني‪ ،‬واستغالله يف إضفاء الشرعية على وجودها وقراراهتا مقابل إقصاء‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪146‬‬

‫المجتمع وقواه الحية‪ ،‬فضال عن محاولة لتحنيط الدين باختزاله يف بعض األحكام‬
‫الضيقة‪ ،‬وممارسة التعتيم على الكثير من مقتضياته يف السياسة واالقتصاد وغيرها من‬
‫مجاالت الحياة‪ ،‬وإشاعة تصورات تخدم توجهات السلطوية واتجاهاهتا‪ ،‬وتربر أخطاءها‬
‫وتقيد من مساحة الرأي والتعبير‪ .‬كما يتم التحكم يف مختلف مجاالت الشؤون الدينية‬
‫خاصة على مستوى تدبير شؤون الحج وإدارة األوقاف‪ ،‬مع ما يواكب ذلك من التضييق‬
‫المباشر وغير المباشر على الفقهاء والعلماء والدعاة والعاملين غير الخاضعين لدائرة‬
‫َت َح ّكمها‪ ،‬ومحاصرهتم وتغييبهم وحرماهنم من وسائل التواصل العمومية وفضاءاته‪.‬‬

‫ويمتد األمر إلى أبعد من ذلك حين تمنع السلطة بعض الشعائر اإلسالمية كاالعتكاف‬
‫يف المساجد‪ ،‬وتغلق المساجد مباشرة بعد أداء الصلوات الخمس بدل جعلها مكانا متعدد‬
‫المهام والوظائف خدمة للمجتمع‪ ،‬وتشجع مظاهر االنحطاط األخالقي والتغريب‬
‫والميوعة‪ ،‬وتسمح بمهاجمة الدين والتهكم على مقتضياته والمس بمقدساته يف فضاءات‬
‫عمومية ومناهج تعليمية‪.‬‬

‫إن إعطاء الدين مكانته الالئقة يف المجتمع يتطلب من منظورنا سن سياسات تيسر‬
‫وتسهل حق األفراد يف التدين‪ ،‬كما يتطلب تجديد الفقه اجتهادا مجددا جامعا بدل أن‬
‫يظل منحبسا دون تفصيل القول يف الفقه السياسي نتيجة ضغط االستبداد وتغول السلطة‪،‬‬
‫أو جامدا غير متفاعل مع واقع الناس وحاجياهتم المستجدة‪.‬‬

‫ال بد من فهم قضية التدين يف اتجاه االنتقال من تدين منعزل عن الشأن العام‪ ،‬إلى‬
‫تدين سلوكي عملي قائم على معاين الرتبية المتوازنة الجامعة بين حركة الفرد وحركة‬
‫المجتمع‪ ،‬وعلى دعوة عامة إلى التوبة إلى اهلل يف إطار الحرية المسؤولة ودون إكراه‪،‬‬
‫بما يحقق لإلنسان طلب السمو والرتقي يف عالم تسيطر فيه أمراض الكراهية والعنف‬
‫والحقد والحروب‪ .‬وتكتمل الرسالة لما نتذكر المشرتك العام الذي لن يعني يف األخير‬
‫إال تقاسم اإلنسانية لوحدة األصل اإلنساين‪ ،‬ووحدة المصير الوجودي‪ ،‬والحاجة إلى‬
‫التعاون لعمارة األرض وبناء اإلنسان‪.‬‬

‫ألجل ذلك كله‪ ،‬ومن منطلقي التحرير والحرية‪ ،‬نؤكد على مبدأين أساسيين‪:‬‬
‫‪147‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫تحرير إرادة اإلنسان وتمكينه من حقه يف معرفة خالقه معرفة واضحة‪ :‬نعترب أن‬
‫أساس حقوق اإلنسان هو توفير كل الشروط الضرورية التي تمكن اإلنسان‬
‫من قرار إخالص عبوديته هلل‪ ،‬فيبدأ تكريم اإلنسان وإنصافه وكشف الظلم عنه‪،‬‬
‫وتحريره من العبودية للعباد واألهواء‪ .‬وإن ذلك كله ال يكون باإلكراه أو اإلجبار‪،‬‬
‫إنما عرب مدخل الحق يف االطالع والمعرفة دون قيود أو تشويش‪.‬‬

‫حرية االختيارات العقدية والدينية باعتبارها مبدأ أصيال يف ديننا‪ :‬إنما ُيعبد اهلل عز‬
‫الد  ِ ˜‪( ﴾¥‬البقرة‪،‬‬‫َ ْ ˜ ّ‬
‫وجل بالحرية ال باإلكراه‪ ،‬حيث جاء يف قوله سبحانه‪ِ ﴿:‬إك َر َاه ِ ™ ِ‬
‫‪ .)255‬وإن حرية اإلنسان وقدرته على البحث يف العقائد هي المنطلق األول‬
‫﴿و ُقل ْ َ‬
‫ا‪Ò Ô‬ق ِمن‬ ‫للتكليف الذي يصدر عن إرادة حرة بعيدة عن القهر واإلجبار‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫َ َْ ْ ُ‬ ‫ ّ ُ ْ َ َ َْ‬
‫‪×َ ˜ ۖ £‬ن ش َاء فل ُي ْؤ ِمن َو َمن ش َاء فل َيكف ْر﴾ (الكهف‪ .)29 ،‬تلك الحرية المسؤولة‬ ‫ر ِب‬
‫التي ينظمها ويحميها القانون يف الفضاء العام بمنطق التعايش المجتمعي‬
‫الفاضل‪ .‬فمثلما ال يحق ألي كان أن يتسور على الناس بيوهتم ليطلع على‬
‫أسرارهم بدعوى الرقابة األخالقية‪ ،‬فإنه ال يحق ألي كان بدعوى الحرية الفردية‬
‫أن ينتهك الفضاء العام المشرتك الذي يفرتض أن يحميه الدستور والقانون‪.‬‬

‫انطالقا من المبدأين السابقين‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .535‬تحرير مؤسسات الشأن الديني‪ ،‬ومنها المساجد‪ ،‬من احتكار السلطة وضمان‬
‫حيادها وعدم توظيفها يف المناكفات السياسية والدعاية الحزبية واالختالفات‬
‫المذهبية‪.‬‬
‫‪ .536‬إعادة االعتبار لمكانة المساجد‪ ،‬وبعث الحياة فيها‪ ،‬باعتبارها مؤسسة جامعة‬
‫ذات إشعاع روحي وتربوي وتثقيفي وتعليمي واجتماعي‪.‬‬
‫‪ .537‬إشاعة قيم اإلسالم وأخالقه يف مختلف أدوات التنشئة االجتماعية ويف الفضاء‬
‫التواصلي العام‪.‬‬
‫‪ .538‬التأكيد على حرية ممارسة الدعوة اإلسالمية بشرط التزام السلمية‪ ،‬واالبتعاد عن‬
‫كل أشكال العنف المادي والرمزي‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪148‬‬

‫‪ .539‬ضمان الحق يف حرية العبادة ألتباع الرساالت السماوية األخرى وفق مقتضيات‬
‫القانون‪.‬‬
‫‪ .540‬إعادة النظر يف األوقاف واألحباس لجعلها مؤسسة مستقلة تساهم يف التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية والرتبوية‪.‬‬
‫‪ .541‬تنظيم اإلفتاء يف شكل مؤسسة لالجتهاد على أصول الرسالة اإلسالمية بفقهها‬
‫التجديدي الجامع المعتدل والمنفتح على مختلف التخصصات‪.‬‬
‫‪ .542‬إنشاء إطار مؤسسايت مستقل ينظم شؤون المساجد ويحدد السياسة العامة يف‬
‫المجال الديني‪ ،‬وذلك وفق مقاربة تشاركية‪.‬‬
‫‪ .543‬عدم إغالق المساجد يف وجه المصلين بسبب الهواجس األمنية المتوهمة يف كثير‬
‫من األحيان‪ ،‬مع مراعاة حرمة المسجد وحمايته من التسيب والفوضى‪.‬‬
‫‪ .544‬تعميم بناء المساجد يف كل بقاع الوطن موازاة مع تعميم المدارس يف إطار تكامل‬
‫رسالي‪.‬‬
‫‪ .545‬االعتناء بالبنية المعمارية للمسجد ليتأهل ألداء وظائفه المختلفة‪ ،‬وهو ما يقتضي‬
‫أن يشمل مرافق متنوعة ومتكاملة تجعل منه فضاء روحيا جذابا‪.‬‬
‫‪ .546‬توقير أئمة المساجد والعلماء‪ ،‬وانتظامهم يف مؤسسة على المستوى الوطني وفق‬
‫قانون يحدد وظائفهم وشروط وطرق انتداهبم ومسؤولياهتم‪ ،‬ويضمن حقوقهم‬
‫المادية والمعنوية‪.‬‬
‫‪ .547‬فتح أنظمة تدريبية تعليمية لتخريج وتأهيل األئمة والدعاة والعلماء‪ ،‬وجعل‬
‫المسجد المؤسسة األولى والمركزية لذلك‪.‬‬
‫‪149‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ .2‬األسرة والطفولة وذوو الوضعيات الخاصة‬

‫يتوقف تشييد المجتمع‪ ،‬الذي تنشده جماعة العدل واإلحسان‪ ،‬على بناء اإلنسان منذ‬
‫طفولته من خالل محضنه األسري الضامن لتماسك النسيج المجتمعي‪ ،‬وعلى االهتمام‬
‫بجميع أفراد المجتمع‪ ،‬خاصة من ذوي الوضعيات الخاصة‪.‬‬

‫‪ ...‬األسرة عماد البناء املتني‬

‫تتعرض األسرة المغربية‪ ،‬يف سياق االستبداد والفساد وسياقات التحوالت العولمية‬
‫الكاسحة‪ ،‬لهزات كربى تمس نسقها القيمي العام وأوضاعها االجتماعية واالقتصادية؛‬
‫وهو ما يجعل أسرنا تعيش مآسي التفكك األسري التي تربز تجلياهتا يف ارتفاع حاالت‬
‫الطالق وتزايد حاالت العنف ضد األصول‪ ،‬وانتشار ظاهرة العنوسة واألطفال المتخلى‬
‫عنهم‪ ،‬ناهيك عن بروز آفات االنتحار واالنحراف والشذوذ‪ ،‬وغير ذلك من المظاهر‬
‫المؤلمة التي يخلفها الظلم السياسي والبؤس االجتماعي والفقر االقتصادي‪.‬‬

‫تحتل األسرة مكانة متميزة ومحورية يف مشروعنا‪ ،‬بالنظر إلى مركزيتها يف أي عملية‬
‫تغييرية حقيقية‪ ،‬إذ هي عماد البناء المجتمعي‪ ،‬والنواة الحية للعمران األخوي‪ ،‬والمنبت‬
‫األساس ألواصر القرابة والدم‪ .‬ونرى أنه ال سبيل لحفظ األسرة من عوامل االهنيار‬
‫وتيارات االنحراف واالنجراف إال باالعتناء باالستقرار األسري‪ ،‬الذي يضمن المودة‬
‫والرحمة بين الزوجين‪ ،‬ويحقق التنشئة السوية لألطفال‪.‬‬

‫لتقوية مؤسسة األسرة والحفاظ على استقرارها ودوام روابطها‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .548‬مراجعة مدونة األسرة عرب تجديد االجتهاد الفقهي الذي يجيب عما استجد من‬
‫قضايا أسرية ونسائية معاصرة متشعبة‪.‬‬

‫‪ .549‬سن التشريعات الوطنية الكفيلة بمحاربة كل أشكال الهجوم على األسرة‬


‫وتقويض مكانتها القيمية ووظائفها المجتمعية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪150‬‬

‫‪ .550‬توفير الحماية الالزمة لألسرة لضمان استقرارها وأدائها لألدوار المنوطة هبا‪،‬‬
‫وذلك عرب الحماية القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وعرب التأهيل النفسي‬
‫والمعريف والمهارايت‪.‬‬
‫‪ .551‬ضمان المكانة االعتبارية للوالدين عرب حوافز تربوية ونصوص قانونية وتنظيمية‪.‬‬
‫‪ .552‬تنمية الرعاية االجتماعية لكل أفراد األسرة‪.‬‬
‫‪ .553‬تنمية مفاهيم العالقات األسرية وأبعاد االستقرار األسري يف المناهج الدراسية‬
‫والمقررات التعليمية‪ ،‬ومركزهتا يف مختلف مؤسسات التنشئة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .554‬تطوير اإلعالم الداعم لقضايا األسرة ولالستقرار األسري‪.‬‬
‫‪ .555‬تشجيع الزواج عرب تحقيق شروط القدرة واالستطاعة المادية والمعنوية‪ ،‬وذلك‬
‫بواسطة إعانات الدولة وتطوع المجتمع المدين ومؤسسة الوقف‪.‬‬
‫‪ .556‬إنشاء مؤسسات تنظيمية رسمية أو أهلية مدنية لتنمية الوعي بالعالقات الزوجية‬
‫يف أبعادها المتعددة‪.‬‬
‫‪ .557‬توفير شروط العمل المالئمة التي تدعم تسهيل تنفيذ المرأة والرجل لمهامهما‬
‫األسرية‪.‬‬
‫‪ .558‬إعادة النظر يف تنظيم قضاء األسرة واألحوال الشخصية بما يحقق التماسك‬
‫العضوي لألسرة‪ ،‬وبما يضمن حقوق الكل على قاعديت العدل واإلنصاف‬
‫وتجاوز البيروقراطية يف معالجة قضايا الخالف األسري‪.‬‬
‫‪ .559‬إعادة النظر يف التشريعات القانونية المنظمة لرخص الحمل والوالدة والرضاعة‪،‬‬
‫والعناية بما يكفل راحة األم والطفل‪ ،‬وكذا إسهام األب يف رعاية األبناء‪.‬‬
‫‪ .560‬تنمية آليات الحوار األسري عرب إنشاء وتفعيل وتثمين مؤسسات الوساطة‬
‫والحكامة األسرية‪.‬‬
‫‪ .561‬ضمان اآلليات المجتمعية والقانونية الكفيلة بالحد من اآلثار السلبية المرتتبة‬
‫عن الطالق بالنسبة لألطراف المتضررة‪.‬‬
‫‪151‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ . .‬الطفولة ثمرة البناء ومستقبل األجيال‬

‫إذا كانت األسرة تشكل الوحدة األولى يف المجتمع واللبنة األساس يف بنائه‪ ،‬فإن‬
‫الطفل هو الثمرة التي تقدمها لهذا المجتمع‪ ،‬والبذرة التي ُي ْط َلب إليه رعايتها وحمايتها‬
‫وتأهيلها للقيام بأدوارها فيه‪ .‬لكن الذي يقرأ واقع الطفولة يف المغرب‪ ،‬سيسجل إخفاقات‬
‫كبيرة للسياسات العمومية المتوالية الموجهة إلى هذه الفئة الحساسة من المجتمع‪.‬‬
‫فقد سجلت تقارير عديدة‪ ،‬وطنية ودولية‪ ،‬سوداوية الواقع الذي تعيشه فئة عريضة من‬
‫الطفولة المغربية‪ ،‬وقدمت مؤشرات تبين مدى هشاشة وضعيتها؛ فإلى جانب ارتفاع‬
‫نسبة الوفيات يف صفوف الرضع واألطفال خاصة يف العالم القروي ويف أوساط األسر‬
‫الفقيرة والمتوسطة‪ ،‬وعدد األطفال المتخلى عنهم والذين يولدون خارج مؤسسة الزواج‬
‫واألطفال المشردين‪ ،‬تشير معطيات أخرى صادمة تتعلق بالرتبية والتعليم إلى مغـادرة‬
‫مـا يتجاوز ‪ 331.000‬تلميـذ ألسالك التعليـم المدرسـي العمومـي فـي سنة ‪ 2022‬دون‬
‫الحصـول علـى شـهادة‪.‬‬

‫يتولد عن هذا الواقع الصادم استغالل براءة الطفولة عن طريق التحرش واالغتصاب‬
‫والقتل وحتى المتاجرة يف األعضاء واالختطاف واالحتجاز‪ ،‬ناهيك عن انتشار ظاهرة‬
‫استغاللهم يف الشغل والتسول والجنس من طرف مافيات منظمة‪ ،‬ويف شبكات ترويج‬
‫المخدرات أو الهجرة السرية‪.‬‬

‫إن الطفولة‪ ،‬يف تصورنا‪ ،‬رهان حقيقي للمستقبل‪ ،‬ويشكل الحفاظ على فطرهتا‬
‫النقية صلب اهتمامنا‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .562‬تفعيل دسرتة حقوق الطفل األساسية يف الحياة ويف التنشئة الصالحة يف مختلف‬
‫مراحل عمره تربية وتعليما ونموا سويا جسما ونفسا وعقال وإرادة‪.‬‬
‫‪ .563‬تطوير اإلطار التشريعي والتنظيمي الخاص بحماية الطفولة من كل أشكال‬
‫العنف واإلهمال‪ ،‬ومنع تشغيل األطفال‪ ،‬وتفعيل مراقبة صارمة لتحقيق ذلك‪.‬‬
‫‪ .564‬توفير أجواء النمو المتكامل السوي داخل األسرة واعتبار ذلك مسؤولية األسرة‬
‫يف المقام األول‪ ،‬مع ما يتطلب ذلك من مساعدة عامة للقيام بتلك المسؤولية‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪152‬‬

‫على أحسن وجه‪ ،‬كما ُتضمن الحاجيات األساسية لكل األطفال من رضاعة‬
‫ونفقة ومسكن وتغذية وصحة جسدية ونفسية وأمان عام وتربية سوية متوازنة‪.‬‬
‫‪ .565‬تطوير وتحديث مجال الصحة اإلنجابية للرفع من مستوى الولوج للرعاية‬
‫الصحية والنفسية للمرأة لتفادي المآسي التي تحدث خصوصا عند الوالدة‪،‬‬
‫وباألخص يف مدن وقرى المغرب العميق‪.‬‬
‫‪ .566‬االهتمام بالبحث العلمي الخاص بعلوم الوراثة لتجنب أسباب اإلعاقة الوراثية‪.‬‬
‫‪ .567‬توفير العالج النفسي للطفولة يف مختلف مراحلها وداخل مختلف المؤسسات‬
‫المجتمعية‪.‬‬
‫‪ .568‬وضع برامج التأهيل ُ‬
‫الخلقي القيمي للطفولة‪ ،‬وتفعيل الربامج الناجعة لمحاربة‬
‫المخدرات والعالج من آفاهتا‪.‬‬
‫‪ .569‬تطوير وتحديث برامج الرعاية االجتماعية والرتبوية والثقافية والنفسية للطفولة‬
‫عموما‪ ،‬وللطفولة يف وضعية االحتياجات الخاصة خصوصا‪.‬‬
‫‪ .570‬ضمان الحق يف تعليم أولي منصف وجيد‪ ،‬مع تنمية وتطوير المحاضن الخاصة‬
‫بالطفولة على مستوى رياض األطفال‪ ،‬وتكفل الجماعات الرتابية بدور حضانة‬
‫لرعاية األطفال الذين يشتغل آباؤهم‪.‬‬
‫‪ .571‬االعتناء بالربامج والمناهج التعليمية الموجهة للطفولة بما يحصن شخصيتها‬
‫ويبني قدراهتا ويقوي اندماجها‪.‬‬
‫‪ .572‬تقوية بنى االستقبال للطفولة مع تطوير ومالءمة الفضاءات الرتبوية والرتفيهية‬
‫لتلبي مختلف حاجيات األطفال من كل الفئات العمرية‪.‬‬
‫‪ .573‬إحداث تخصصات ومعاهد لتخريج مربي رياض األطفال واالعتناء بتكوينهم‬
‫وتدريبهم‪.‬‬
‫‪ .574‬ضمان اآلليات المجتمعية والقانونية للتنشئة السليمة للطفولة يف حالة اهنيار‬
‫مؤسسة الزواج بالطالق أو بالوفاة‪.‬‬
‫‪153‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ .575‬تأسيس نظام اجتماعي لكفالة اليتيم وحماية حقوقه المالية‪ ،‬ترعاه وتدعمه الدولة‬
‫وتدبره منظمات المجتمع المدين‪.‬‬

‫‪ ...‬ذوو الوضعيات الخاصة مسؤولية الجميع‬

‫لقد جعل اهلل معيار التفاضل بين بني البشر معيارا واحدا‪ ،‬هو معيار التقوى‪ .‬وما أحوجنا‬
‫ونحن نتحدث عن ذوي االحتياجات الخاصة إلى استصحاب هذا المبدإ العظيم نعرض‬
‫عليه واقعنا ونجعله أفقا نستشرفه يف مستقبلنا‪ .‬ولئن تعددت مشاكل هذه الفئات وتنوعت‬
‫بسبب غياب تصور متكامل لإلدماج االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬وضعف الدعم النفسي‬
‫والصحي‪ ،‬وسيادة مظاهر الهشاشة واختالالت الحط من الكرامة اإلنسانية‪ ،‬فإن ما تمثله‬
‫هذه الفئة من المجتمع تدعو إلى أن يتحمل الكل مسؤوليته للنهوض بأوضاعها وتجاوز‬
‫معوقات إدماجها يف نسق التنمية المجتمعية العامة المنشودة‪ .‬وهذا يفرض بناء مقاربة‬
‫تشاركية مندمجة‪ ،‬تتضافر فيها جهود كل من األسرة والدولة والمجتمع المدين والمؤسسات‬
‫التعليمية واإلعالمية‪ ،‬لتوفير الحماية الحقوقية والقانونية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫ومن أجل اإلسهام يف رفع الحيف عن هذه الفئة من المجتمع‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .576‬تطوير الرتسانة التشريعية والقانونية بما يضمن حقوق وواجبات هذه الفئات‬
‫ويضمن حمايتها من كل أشكال التمييز‪ ،‬مع مراجعة شاملة للقوانين والتشريعات‬
‫الموجودة من أجل تجاوز ما يعرتيها من ثغرات سواء يف نص القانون أو يف تنزيله‪.‬‬

‫‪ .577‬توفير آليات الرقابة لضمان تطبيق القانون وحماية هذه الفئة من أي انتهاك‬
‫لحقوقها‪.‬‬

‫‪ .578‬تقديم الدعم المادي والنفسي والعالجي لألسر التي تؤوي هذه الفئات وتأهيلها‬
‫للتوعية يف مجال االعتناء هبا‪.‬‬

‫‪ .579‬استحداث وضعية خاصة بأمهات األطفال ذوي االحتياجات الخاصة خصوصا‬


‫العامالت والموظفات لتتاح لهن إمكانية الرعاية الكافية ألطفالهن‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪154‬‬

‫‪ .580‬إحداث بنيات مجتمعية إليواء واحتضان المسنين واألطفال ذوي الوضعيات‬


‫واالحتياجات الخاصة‪ ،‬الذين ليس يف وسع األسرة والعائلة وذوي القرابة‬
‫احتضاهنم‪.‬‬

‫‪ .581‬إحداث شبكات الكفالة االجتماعية دعما واحتضانا ورعاية‪ ،‬واالستفادة من‬


‫عائدات الوقف والزكاة يف مجال الرعاية االجتماعية لهذه الفئات‪.‬‬

‫‪ .582‬تكييف البيئة المحيطة ومراعاة خصوصية هذه الفئات يف التخطيط العمراين‬


‫السكاين وداخل مختلف مرافق الدولة ويف وسائل النقل‪.‬‬

‫‪ .583‬استحداث آليات مؤسساتية لالحتضان الرتبوي والنفسي والتعليمي‪ ،‬وتطوير‬


‫وتثمين عمل منظمات المجتمع المدين المهتمة بالمجال ودعمها‪.‬‬

‫‪ .584‬وضع برامج وحمالت توعوية تعزز الثقة بين ذوي االحتياجات الخاصة‬
‫ومجتمعهم‪.‬‬

‫‪ .585‬فتح الفضاء اإلعالمي من أجل التعريف هبموم وقضايا هذه الفئة‪ ،‬واالعتناء‬
‫باإلعالم الموجه لفئات الصم والبكم والمكفوفين‪.‬‬

‫‪ .586‬ضمان التعليم الجيد المالئم لهذه الفئات مع توفير البنية التعليمية المناسبة‬
‫من جهة الفضاءات‪ ،‬واألطر والكفاءات‪ ،‬والتمويل واالحتضان‪ ،‬واالنتقال من‬
‫مقاربة الرتبية اإلدماجية إلى منطق الرتبية الدامجة ضمن مقاربة شمولية تنسق‬
‫جهود كل المتدخلين‪.‬‬

‫‪ .587‬تطوير آليات الدمج والتكيف االجتماعي واالقتصادي عرب التدريب والتكوين‬


‫المناسبين‪.‬‬

‫‪ .588‬ضمان التمييز اإليجابي لصالح ذوي الوضعيات الخاصة يف مختلف مرافق‬


‫الدولة ويف مختلف الخدمات المقدمة‪ ،‬مع تخصيص نسبة معينة يف التوظيف‬
‫العام لصالح هذه الفئات‪.‬‬
‫‪155‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ .589‬بناء شراكات وتعاقدات بين المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدين‬


‫النشيطة يف هذا المجال‪.‬‬
‫‪ .590‬تأهيل مؤسسات المجتمع المدين للقيام بدورها يف الضغط والرتافع والرقابة يف‬
‫مجال العناية بذوي االحتياجات الخاصة‪.‬‬
‫‪ .591‬إحداث مراكز للبحث والدراسة من أجل توفير المعطيات اإلحصائية حول‬
‫اإلعاقة وتحيينها وتوظيفها بما يسمح بتقييم وضعية هذه الفئة بشكل مستمر‪.‬‬
‫‪ .592‬تطوير البحث العلمي يف المجال الطبي والتعليمي الخاص هبذه الفئات‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪156‬‬

‫‪ .3‬املرأة والشباب فئتان اسرتاتيجيتان‬

‫ال يمكن تصور تغيير ناجع وفاعل ال تشارك فيه المرأة يف مختلف جبهاته‪ ،‬وال يؤدي‬
‫فيه الشباب دورهم الريادي على نحو يجعل منهما عنصرين أساسيين يف بناء مجتمع‬
‫االستقرار والقوة‪.‬‬

‫‪ ....‬املرأة يف قلب التغيري املجتمعي‬

‫تقوم المرأة بدور محوري يف بناء المجتمع‪ ،‬أوال من موقعها المتميز والمعترب يف‬
‫المشاركة الجماعية يف مشروع التغيير المجتمعي الشامل الذي نستشرفه‪ ،‬وثانيا من‬
‫اختصاصها بالجبهة األمامية الحاسمة من خالل رعايتها لألسرة يف مسؤولية مشرتكة بينها‬
‫وبين الرجل‪.‬‬

‫تشكل النساء يف المغرب أكثر من ‪ 50%‬من مجموع الساكنة بحسب معطيات سنة‬
‫‪ .2022‬وعلى الرغم مما يكون قد ُبذل من إصالحات من أجل تحسين واقع المرأة سواء‬
‫على المستوى القانوين أو على المستوى االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬والتي تمت يف سياق‬
‫ضغوطات الهيئات المانحة من جهة‪ ،‬وحركية الفاعلين السياسيين والمجتمع المدين من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬فإن واقع النساء المغربيات لم يربح بعد مكان الهشاشة والهامشية‪.‬‬

‫تشير المعطيات الرسمية إلى أن ‪ 53%‬من النساء أميات وخاصة يف الوسط القروي‪،‬‬
‫وأن معدل وفيات األمهات أثناء الحمل والوالدة يف سنة ‪ 2018‬بلغ ‪ 72٫6‬وفاة لكل‬
‫‪ 100.000‬والدة حية‪ ،‬وذلك بسبب اإلهمال الطبي وتدين الخدمات الصحية‪ ،‬وأن أكثر‬
‫من ‪ 7٫6( 57٫1%‬ماليين امرأة) من النساء تعرضن على األقل لنوع من العنف‪ ،‬وأن‬
‫‪ 80%‬من النساء يبقين خارج سوق الشغل‪ ،‬وأن معدل البطالة قد ارتفع لدى النساء ما‬
‫بين سنتي ‪ 2019‬و‪ 2020‬بالوسطين القروي والحضري‪ .‬أما على المستوى السياسي‪،‬‬
‫فتحظى المرأة المغربية بتمثيلية ضعيفة يف الهيئات المنتخبة الوطنية والمحلية ويف‬
‫المناصب السامية والوظائف اإلدارية العليا‪ ،‬رغم كل اآلليات والمخططات التي يبقى‬
‫الكثير منها حبيس األوراق والخطابات التسويقية دون أثر يف الواقع‪.‬‬
‫‪157‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫إن أي محاولة لمعالجة هذا الواقع القاتم والمتشعب بعيدا عن حل تشاركي شامل‬
‫تعترب ضربا من الخيال‪ .‬فالمرأة تعاين‪ ،‬كالرجل‪ ،‬الظلم البين‪ ،‬وهي تزيد عنه بمعاناة‬
‫مضاعفة متأرجحة بين رمضاء مخلفات االنحطاط القرونية ونيران الدعوات التغريبية‪.‬‬

‫إن إنصاف المرأة‪ ،‬يف نظرنا‪ ،‬ال يتحقق إال من خالل كسب رهانات عديدة‪ ،‬على‬
‫رأسها‪:‬‬

‫الرهان التربوي التعليمي‪ ،‬بالبحث عن أنجع المقاربات النتزاع المرأة من رذيلة‬


‫الجهل وعطالته لتمكين النساء والفتيات يف القرى والبوادي ويف األحياء الهامشية‬
‫للمدن من حقهن يف التعليم‪ .‬تعليم يمحو عنهن األمية بمختلف أنواعها وعلى‬
‫رأسها الدينية واألبجدية‪.‬‬

‫الرهان السياسي‪ ،‬الذي يطرح تحدي هنوض المرأة القتحام عقبات النفس‬
‫والخوف والعادات لالنتفاض ضد الظلم والقهر والقمع‪ ،‬وإعداد القوة‬
‫للمشاركة الفاعلة يف إطار التدافع السلمي المشروع رفضا للطغيان وفضحا‬
‫للفساد والمفسدين وإسهاما يف إقامة دولة العدل‪.‬‬

‫الرهان التجديدي‪ ،‬من خالل بناء رؤية على مستوى العملية االجتهادية تتجاوز‬
‫آفة التجزيء التي ال تقرأ تردي وضع المرأة باعتباره جزءا من الرتدي العام‬
‫للواقع االجتماعي والسياسي واالقتصادي والتعليمي‪ ،‬وآفة المقاربة الصراعية‬
‫ضد الرجل الذي يفرتض أن يكون الصنو الشقيق يف األحكام‪ ،‬وآفة الفقه الضيق‬
‫المنحبس الذرائعي الذي يحبس المرأة ويحد من إنسانيتها وفاعليتها‪ ،‬ثم آفة‬
‫التغريب التي تعكس االنبهار بحضارة الغرب الغالب‪ ،‬وما ينجم عن هذا من‬
‫ضياع الوجهة وفقدان البوصلة بين هوية أصيلة مرجوة وتحرر تغريبي هاجم‪.‬‬

‫تمكن أرضية التجديد من فتح جبهات متعددة تجعل من المرأة شريكا حقيقيا يف‬
‫عملية الرتبية والتعبئة والتغيير والبناء‪ ،‬على رأسها جبهة الكمال الروحي اإليماين‪ ،‬ثم‬
‫جبهة التكريم اآلدمي اإلنساين‪ ،‬فجبهة التعليم المستمر بال قيود‪ ،‬هذا إلى جانب جبهة‬
‫صيانة النسيج األسري والمجتمعي‪ ،‬وجبهة األمومة يف تربية األجيال‪ ،‬وكذا جبهة الحقوق‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪158‬‬

‫الشخصية المحفوظة يف الحرية والزواج والعمل وتحمل المسؤولية االجتماعية والمهنية‬


‫واالستقاللية المالية‪ ،‬وأخيرا جبهة المساهمة والمشاركة يف الحياة العامة‪.‬‬

‫ضمن هذه الجبهات‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .593‬توفير البنيات التنظيمية والقانونية الكفيلة بفسح المجال واسعا للمرأة يف اقرتاح‬
‫وتنفيذ الربامج والمشاريع المجتمعية المرتبطة بالخصوصية النسائية‪.‬‬

‫‪ .594‬ضمان حق المرأة يف التأهيل العلمي والمهني‪ ،‬ويف العمل‪ ،‬ويف االستقالل‬


‫المالي‪ ،‬ويف المشاركة يف الحياة السياسية والحياة العامة‪.‬‬

‫‪ .595‬محو اإلساءة العامة لصورة المرأة يف المناهج الدراسية والربامج التعليمية‪ ،‬وكذا‬
‫يف المجال الثقايف واإلعالمي والفني‪.‬‬

‫‪ .596‬العمل على حفظ الكرامة اإلنسانية للمرأة ضد العنف واالمتهان والتحقير‪،‬‬


‫وتفعيل مقتضيات الحماية القانونية واالجتماعية للمرأة العاملة من كل أشكال‬
‫التمييز والقمع واالنتهاك وهضم الحقوق المادية والمعنوية‪.‬‬

‫‪ .597‬تأسيس نظام للدعم المالي والمعنوي لألمومة وللمرأة ربة البيت‪ ،‬مع ضمان‬
‫التغطية االجتماعية لها عرب نظام مبتكر للحماية االجتماعية يعمل على تثمين‬
‫عمل المرأة داخل البيت‪.‬‬

‫‪ .598‬اعتماد مبدإ تكافؤ الفرص معيارا للولوج للوظائف العامة وللمسؤوليات اإلدارية‬
‫مع االحتفاظ بمبدإ التمييز االيجابي لصالح المرأة مرحليا‪.‬‬

‫‪ .599‬تجهيز اإلدارات العمومية ومقرات الهيئات السياسية والمدنية ببنيات تحتية‬


‫(رياض أطفال‪ ،‬أماكن صحية للرضاعة) لضمان االستقرار النفسي لألم الموظفة‪،‬‬
‫وتوفير الظروف المناسبة النخراطها يف العمل السياسي أو المدين‪.‬‬

‫‪ .600‬إعادة ضبط إيقاعات الحياة العملية لتحقيق التوازن بين دور المرأة يف الواجبات‬
‫األسرية ومتطلبات االشتغال خارج البيت‪ ،‬والسعي ما أمكن إلحداث تمييز‬
‫إيجابي يف عدد ساعات العمل‪.‬‬
‫‪159‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ .601‬استحداث وضعية التفرغ األسري لألمهات لرعاية األطفال مع حفظ الحقوق‬


‫األساسية المرتبطة بتشغيلهن ضمن شروط تعاقدية ومدد زمنية معقولة‪ ،‬دون‬
‫المساس بسير المرفق الوظيفي عاما كان أو خاصا‪.‬‬

‫‪ .602‬االعتناء بالوضع االجتماعي للمرأة القروية تعليما وتثقيفا وتنمية متكاملة متعددة‬
‫األبعاد‪ ،‬مع إيالء اهتمام خاص لتدريس الفتاة يف العالم القروي بتوفير بنية تحتية‬
‫محفزة‪ ،‬من نقل وإيواء وإطعام وصحة‪.‬‬

‫‪ .603‬تثمين عمل المرأة القروية وتعزيز مشاركتها يف المجال االقتصادي من خالل‬


‫جمعيات وتعاونيات إنتاجية‪.‬‬

‫‪ .604‬تطوير عمل الجمعيات النسائية العامة والتعاونيات التنموية من حيث اإلدارة‬


‫والتسيير واإلمكانات التمويلية والحكامة‪.‬‬

‫‪ .605‬وضع اسرتاتيجية وطنية للتشجيع على الزواج وحل مشكلة العنوسة‪.‬‬

‫‪ .606‬ضمان الحق يف اختيار الزوج‪ ،‬ويف اشرتاط المطالب المعقولة أثناء الزواج‪،‬‬
‫وكذا يف ضمان الحقوق المشروعة يف وضعية ما بعد الزواج أو حالة انفراط عقد‬
‫الزوجية‪.‬‬

‫‪ . ..‬الشباب عماد الوطن‬

‫يشكل الشباب يف المغرب ثروة مهمة (‪ 34%‬من مجموع السكان) وتحد كبير‬
‫يف الوقت نفسه‪ ،‬مما يعني أننا أمام فئة عريضة من المجتمع بكل حاجياهتا وانتظاراهتا‬
‫ورهاناهتا الذاتية والمجتمعية‪ ،‬وهذا ما يسائل الدولة اتجاهها‪ ،‬تأهيال وتوجيها وتعليما‬
‫وصحة وتشغيال وإدماجا‪.‬‬

‫لكن الواقع الذي يعيشه الشباب المغربي يعكس حجم اإلهمال والتهميش الذي‬
‫يطاله‪ ،‬وما يرتتب على ذلك من انتشار لليأس وفقدان الثقة‪ ،‬مما يدفع بعضهم إلى االرتماء‬
‫يف أوحال االنحراف والجريمة والمخدرات والدعارة‪ ،‬أو الهجرة يف قوارب الموت بحثا‬
‫عن الحرية والعيش الكريم‪ .‬هذا الوضع المريب تعكسه أرقام الهدر المدرسي والجامعي‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪160‬‬

‫التي بلغت مستويات قياسية‪ ،‬كما تجليه هزالة نسب ارتياد الشباب للفضاءات العمومية‬
‫واستفادهتم من فرص التنشيط الثقايف والرياضي والرتفيهي داخل مقرات دور الشباب‬
‫والثقافة والمخيمات وغيرها‪ ،‬كما يربزه التهميش المدين والسياسي الذي تنطق به النسبة‬
‫المتدنية النخراط الشباب يف الجمعيات المدنية والتنظيمات السياسية التي ال تتعدى‬
‫‪ ،1%‬ومعها ضعف إشراكه ومشاركته يف الحياة العامة اقرتاحا وتدبيرا وتسييرا وتنفيذا‪.‬‬
‫كما أن أعلى معدالت البطالة تسجل يف صفوف الشباب عموما‪ ،‬بحيث إن ‪ 4٫5‬مليون‬
‫شاب مغربي ممن ترتاوح سنهم بين ‪ 15‬و‪ 34‬سنة غير نشيطين‪ ،‬فهم ال يدرسون وال‬
‫يعملون وال يتدربون‪ ،‬وترتفع النسبة وتزداد فداحة يف صفوف حاملي الشهادات‪ ،‬حيث‬
‫إن حوالي ‪ 28%‬من خريجي الجامعات يعانون البطالة‪ .‬ينضاف إلى هذا الواقع الصادم‬
‫ضعف حماية األمن الروحي للشباب‪ ،‬بما هو مرتكز مهم يف االعتزاز بانتمائه وهويته ويف‬
‫فهم أسباب وجوده ورسالة حياته‪ ،‬ويف اكتمال شخصيته ورجولته‪.‬‬

‫ينبني مشروع جماعة العدل واإلحسان على تنشئة الشباب يف بيئة تربوية إيمانية‪،‬‬
‫تودع عقله حكمة‪ ،‬وقلبه رحمة‪ ،‬وجوارحه رفقا‪ .‬ولتحقيق ذلك‪ ،‬ال بد من قواعد تبنى‬
‫عليها السياسات الشبابية نحصر أهمها يف اآليت‪:‬‬

‫القاعدة األولى‪ :‬ينبغي أال نفصل هموم واحتياجات الشباب عن بعضها‪ ،‬فهي كل‬
‫منسجم تفتل يف حبل واحد روحيا ونفسيا واجتماعيا وجسديا ومعرفيا‪ .‬وكلما‬
‫كانت الربامج الشبابية متكاملة ومنسجمة كانت نتائجها أجود وأهدافها قابلة‬
‫للتحقق‪ ،‬وكلما كان الخلل يف الرتكيز على نظرة تجزيئية أو مقاربة انتقائية يف‬
‫التعامل مع المتطلبات الشبابية كان الفشل أقرب‪.‬‬

‫القاعدة الثانية‪ :‬الشباب رهان اسرتاتيجي وفئة متجددة باستمرار‪ ،‬وعليه فقضاياه‬
‫الموضوعة على طاولة المعالجة والتدبير العمومي ال تقبل التأجيل أو التأخير‬
‫أو التوقف عن دعمه وتوفير الشروط المادية والموضوعية إلشباع حاجياته‬
‫والجواب على أسئلته عمليا وآنيا قبل أن يتجاوز جيل ما سن الشباب‪ ،‬فيحمل‬
‫معه تراكما من ضعف أو نقص يف مجال أو مجاالت تطبع بقية حياته‪ ،‬ومعها‬
‫مختلف األدوار االجتماعية التي يفرتض أن يحتلها ويؤديها على الوجه األكمل‪.‬‬
‫‪161‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫القاعدة الثالثة‪ :‬إن تأهيل الشباب يتطلب اإلشراك والمشاركة‪ ،‬واإلدماج يف‬
‫االهتمامات الوطنية ومشاريعها‪ ،‬وتحميله المسؤولية بثقة تامة فيه‪ ،‬وذلك‬
‫بالحرص على توفير كل شروط انخراطه السياسي واالجتماعي والمدين‪ ،‬مع‬
‫تنمية روح التطوع والشعور باالنتماء‪ .‬فال معنى لربامج وسياسات ال يساهم‬
‫الشباب يف اقرتاحها وصياغتها واالقتناع بجدواها واالنخراط فيها والعمل على‬
‫التعبئة لها يف أوساط الشباب‪ .‬فإبعاد الشباب وإقصاؤهم بحجة عدم أهليتهم‬
‫وافتقارهم للتجربة والحنكة مدخل غير سليم للتعاطي مع الشباب وقضاياهم‪.‬‬

‫القاعدة الرابعة‪ :‬ينبغي أن يحظى الشباب بامتيازات تفضيلية يف الصحة والتعليم‬


‫والتنقل والرتفيه‪ ،‬خاصة الفئات الضعيفة ذات الدخل المحدود أو ذات‬
‫االحتياجات الخاصة‪ ،‬امتيازات تمكنه من االستفادة من مرحلته العمرية إلى‬
‫أقصاها‪ ،‬وتكسبه طمأنة وحبا لوطن يرعاه ويعطيه‪ ،‬ويربي فيه قيمة االعرتاف‬
‫بالجميل‪ .‬فمن شأن هذه االمتيازات أن تضمن شروط تحقيق أهداف الربامج‬
‫الموجهة للشباب وتقليص كل احتماالت التهميش وعدم تكافؤ الفرص‪.‬‬

‫القاعدة الخامسة‪ :‬ينبغي أن ُتخصص الفئات المتضررة أكثر من الواقع االجتماعي‬


‫بربامج ترفع عنها الضرر وتحيطها بالعناية الكافية لتجاوز الصعوبات التي تعيشها‪،‬‬
‫الشا ّبات ال ّلوايت يعشن إكراهات إضافية مرتبطة باإلكراهات التي‬
‫ومن أهمها فئة َّ‬
‫تعيشها المرأة عموما داخل مجتمعنا‪ ،‬ثم الشباب القروي الذي له حاجيات‬
‫فرضتها طبيعة العيش يف األوساط القروية وإمكانياهتا الضعيفة وواقعها المعزول‬
‫معرفيا وترفيهيا وسياسيا‪ .‬ويمكن االنفتاح على أي فئة شبابية أخرى متى ظهرت‬
‫خصوصياهتا وعقبات استفادهتا من كامل التأطير والتأهيل واإلشراك‪.‬‬

‫انطالقا من هذه القواعد‪ ،‬ومن أهم مجاالت السياسات الشبابية التي نؤكد على‬
‫التصدي لها‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫التعليم‪ :‬بما يستطيع ترسيخه من قيم ومبادئ‪ ،‬وإغناءه من معارف وعلوم‪،‬‬


‫والتدريب عليه من مهارات وكفايات‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪162‬‬

‫التأهيل المهني‪ :‬تنمية للمهارات المهنية من خالل تدابير تتيح للشاب التجريب‬
‫واكتساب الخربات الميدانية‪.‬‬

‫العمل السياسي والمدين‪ :‬إذ يعد النشاط السياسي والجمعوي من أهم أساليب‬
‫تربية وتأهيل الشباب وإدماجهم يف الحياة العامة وإشراكهم يف قضاياها‪.‬‬

‫المجال الرياضي والثقايف والفني والتنشيطي‪ :‬عرب توفير الفضاءات الشبابية من‬
‫دور الشباب ودور الثقافة والمحرتفات الفنية والمكتبات‪ ،‬والمالعب والنوادي‬
‫الرياضية‪ ،‬والمخيمات والرحالت والمسابقات والمنافسات‪.‬‬

‫المجال اإلعالمي السيبرنيتي‪ :‬وما يرتبط به من مجاالت افرتاضية خاصة على‬


‫مستوى منصات التواصل االجتماعي لما لها من قوة يف بناء الرأي العام الشبيبي‬
‫والتأثير فيه‪.‬‬

‫انطالقا من القواعد السابقة‪ ،‬ولرتجمة مجاالت السياسات الشبابية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .607‬التأسيس لسياسة شبابية مندمجة من منظور مقاربة تشاركية تستهدف تجاوز‬


‫اإلقصاء السوسيوثقايف والسوسيواقتصادي‪.‬‬

‫‪ .608‬تأسيس منظومة قانونية وتشريعية لحماية الشباب‪.‬‬

‫‪ .609‬االعتناء بالرتبية األخالقية للشباب‪ ،‬ومحاربة األسباب المنتجة لالنحراف العام‪،‬‬


‫عرب تنمية برامج االحتضان والتوجيه الرتبويين خاصة من طرف مؤسسات‬
‫التنشئة االجتماعية‪.‬‬

‫‪ .610‬جعل التعليم والتعلم واستدامتهما أولى أوليات الربامج الشبابية‪.‬‬

‫‪ .611‬احتضان المواهب العلمية والفنية واإلبداعية وذوي الطاقات الخاصة وفق‬


‫برامج رعاية التميز‪.‬‬

‫‪ .612‬االحتضان الرياضي والثقايف والعلمي واإلبداعي‪ ،‬وتوفير فضاءات القرب‬


‫المكتملة الشروط‪.‬‬
‫‪163‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ .613‬االعتناء بذوي الوضعيات الخاصة من الشباب‪.‬‬


‫‪ .614‬تنمية برامج التأهيل الذايت من خالل المخ ّيمات والرتبصات واألسفار‬
‫والرحالت‪.‬‬
‫‪ .615‬تنمية وتطوير برامج العمل الجمعوي التطوعي المرتبط بالشباب‪.‬‬
‫‪ .616‬توفير برامج الحماية النفسية للشباب (الدعم النفسي‪ ،‬التوجيه‪ ،‬االستماع‬
‫واإلنصات) خاصة خالل فرتة المراهقة‪.‬‬
‫‪ .617‬توفير الحماية االجتماعية للشباب من خالل برامج الدعم االجتماعي‪ ،‬وتسهيل‬
‫الولوج إلى الصحة والسكن والشغل‪ ،‬مع إعداد برامج التأهيل والتدريب‬
‫المهنيين‪.‬‬
‫‪ .618‬فتح المجال للشباب أمام المشاركة يف تدبير الشأن المجتمعي العام‪.‬‬
‫‪ .619‬وضع منظومة لالستعمال الذكي لوسائل االتصال الحديثة ومنظومة اإلعالم‬
‫واالتصال‪.‬‬
‫‪ .620‬االعتناء بمجال السياحة الشبابية‪.‬‬
‫‪ .621‬وضع إطار مؤسسايت لتعبئة الفاعلين المجتمعيين عموما واالقتصاديين خصوصا‬
‫لتشغيل الشباب‪.‬‬
‫‪ .622‬دعم المقاوالت الشبابية الصغيرة والمتوسطة لتشجيع الشباب على الكسب‬
‫وتنمية برامج الثقافة االقتصادية تنمية للحس المقاواليت‪.‬‬
‫‪ .623‬تأهيل الشباب‪ ،‬يف مختلف مراحل التعليم‪ ،‬يف مجال ريادة األعمال‪.‬‬
‫‪ .624‬تنمية التعارف والتعاون والتبادل الثقايف الدولي يف مجال رعاية الشباب‪،‬‬
‫والحضور يف المنتديات الدولية الشبيبية‪ ،‬وتطوير الشراكة مع االتحادات‬
‫والمنظمات العالمية يف المجال‪.‬‬
‫‪ .625‬تأسيس ودعم جمعيات الزواج الخاصة بالشباب‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪164‬‬

‫‪ .4‬الرتبية والتعليم‬

‫يعترب التعليم من أهم األولويات يف المشروع التغييري الذي تقرتحه جماعة العدل‬
‫واإلحسان‪ .‬يقول اإلمام عبد السالم ياسين رحمه اهلل‪« :‬نظام الرتبية والتعليم هو ال َعمود‬
‫الف َقري للدولة‪ .‬وإعادة ترتيب هذا الجهاز ضرورة الضرورات يف حياة األمة» (العدل‬ ‫ِ‬
‫اإلسالميون والحكم‪ ،‬ص‪ .)520‬ولن يتحقق هذا‪ ،‬يف نظرنا‪ ،‬إال بإصالح السياسة‬
‫واالقتصاد والمجتمع‪ ،‬على نحو يربط التعليم بمنظومة التحول العميق لمختلف‬
‫المؤسسات الرتبوية واالجتماعية والثقافية واإلعالمية يف نسق منسجم‪.‬‬

‫‪ ....‬اختالالت السياسة التعليمية‬

‫ظل قطاع الرتبية والتعليم بالمغرب حبيس الضبط التحكمي‪ ،‬ورهين المؤسسات‬
‫الدولية المالية المانحة‪ ،‬واستمر افتقاد المنظومة الرتبوية لتصور مجتمعي أصيل وواضح‬
‫ونابع من خصوصية المجتمع المغربي ومن حاجياته الملحة‪ .‬وتم اللجوء إلى استيراد‬
‫واستنبات النماذج البيداغوجية الغربية‪ ،‬وغاب التقويم الناجع الذي يقدم تشخيصا‬
‫علميا لواقع المنظومة‪ ،‬و ُغ ِّيب اإلشراك الحقيقي للقوى الوطنية وللفاعلين المجتمعيين‬
‫والرتبويين ذوي الصلة‪ ،‬وافتقدت آليات التدبير والتسيير الناجعين تخطيطا وتنفيذا ومتابعة‬
‫وتقييما وتقويما وتطويرا وتحديثا‪ .‬كل هذا من دون تفعيل آليات المحاسبة للمسؤولين‬
‫عن اإلخفاقات العديدة لإلصالحات المزعومة‪.‬‬

‫لم تكن النتيجة بعد سنوات «اإلصالح» التجريبية المتناسلة هذه إال حصادا واسعا‬
‫للفشل‪ ،‬ابتدأ ذلك منذ شعارات ما بعد االستقالل ليشمل الميثاق الوطني للرتبية والتكوين‪،‬‬
‫واالختالالت الصارخة للربنامج االستعجالي‪ ،‬وتعثرات الرؤية االسرتاتيجية وما تالها‬
‫من تنزيل مرتجل ومستعجل لوثيقة حافظات مشاريع قانون اإلطار رقم ‪ ،51.17‬ومن‬
‫اضطرابات رؤية مشروع إصالح النظام البيداغوجي الجامعي‪ .‬وكانت الحصيلة فقدان‬
‫الثقة يف المدرسة العمومية‪ ،‬وغياب المردودية الداخلية والخارجية للمنظومة‪ ،‬وضياع‬
‫الوظائف الرتبوية والتعليمية والتثقيفية للمدرسة‪ ،‬وتحقير الوضعية االعتبارية لرجال‬
‫ونساء الرتبية والتعليم‪ ،‬وارتفاع نسب األمية المختلفة ونسب الهدر والتسرب والتكرار‬
‫‪165‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫واالنقطاع‪ ،‬وتدن عام يف سلم جودة المكتسبات ومؤشرات المعرفة‪ ،‬وضعف االستجابة‬
‫لمعايير ومؤشرات جودة التعليم العالي‪ ،‬وغياب رؤية اسرتاتيجية واضحة لبحث علمي‬
‫ذي جودة ونجاعة ومردودية‪ ،‬وتفاقم بطالة الخريجين‪ ،‬لتجد المنظومة نفسها يف وضع‬
‫التقهقر الدائم يف مختلف التصنيفات الدولية للتنمية‪ .‬وقد أكدت جائحة كورونا هذا‬
‫الوضع الكارثي‪ ،‬وكشفت أزمته المركبة بما َع َّرته من تنام فظيع لمظاهر التفاوتات‪،‬‬
‫وانعدام التكافؤ وهشاشة ملحوظة يف البنيات الرقمية كما وكيفا‪ ،‬وضعف كبير يف القدرات‬
‫االستباقية لضمان االستمرارية البيداغوجية‪ ،‬ونقص شديد يف جودة التعلمات‪.‬‬

‫‪ . ..‬مدخالن أساسيان للنهوض بالرتبية والتعليم‬

‫إذا كان المت ََح َّصل من تاريخ اإلصالحات التعليمية بالمغرب يكشف وجود آفتين‬
‫أساسيتين اثنتين‪ ،‬هما االستبداد والتغريب‪ ،‬فإنه ال مناص من إنجاز تغيير حقيقي جدي‬
‫لمجال التعليم من خالل مدخلين رئيسيين هما‪:‬‬

‫المدخل السياسي‪ ،‬بتحقيق االستقالل الرتبوي‪ ،‬وجعل التعليم شأنا مجتمعيا‪،‬‬


‫بعيدا عن تحكم السلطة وحدها‪ ،‬وغير مرهتن للمؤسسات الدولية المانحة‪ ،‬التي‬
‫ال ترى يف التعليم إال قطاعا استهالكيا يجب تقليص نفقاته‪.‬‬

‫المدخل التربوي المجتمعي‪ ،‬عرب استجابة المنظومة التعليمية لهوية واحتياجات‬


‫المجتمع اآلنية والمستقبلية على مستوى المعارف والمهارات والقيم واألخالق‪،‬‬
‫وعرب استفادهتا من التجارب اإلنسانية‪.‬‬

‫للتأسيس لهذين المدخلين‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .626‬تأسيس جبهة مجتمعية وطنية للنهوض بالمدرسة المغربية بناء على تعبئة وطنية‬
‫حقيقية عامة وشاملة‪ ،‬تجعل من التعليم شأنا مجتمعيا ال قضية السلطة بمفردها‪.‬‬

‫‪ .627‬إنجاز تشخيص علمي دقيق وشامل يحدد الوضعية الحقيقية لواقع الرتبية‬
‫والتعليم من خالل بيان نقاط الضعف‪ ،‬واستثمار نقاط القوة والفرص المتاحة‪،‬‬
‫واالستفادة المثلى من اإلمكانات المتوفرة بحسب األولويات المستعجلة‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪166‬‬

‫‪ .628‬اعتماد حوار مجتمعي مسؤول محلي ووطني بكل الوسائل الممكنة للتداول‬
‫والنقاش واالقرتاح وإبداء الرأي‪ ،‬يتوج بمناظرة وطنية حول التعليم بإشراك‬
‫حقيقي لكل المعنيين والفاعلين والمفكرين‪ .‬ويؤمل أن تنجم عن هذا النقاش‬
‫المجتمعي العام‪ ،‬توصيات تستقى منها مبادئ كربى تؤسس لتعاقد مجتمعي‬
‫رصين يضمن استقرار المنظومة ويبتعد هبا عن االستقطابات السياسية‬
‫واالحرتابات اإليديولوجية واالرتجاالت التدبيرية واإلمالءات الخارجية‪.‬‬
‫ويمكن صياغة هذه المبادئ يف وثيقة مرجعية‪ ،‬أو تضمينها يف الوثيقة الدستورية‬
‫تثمينا للوضع االعتباري للتعليم ومكانته يف التغيير الحقيقي المنشود‪.‬‬

‫‪ ....‬التعليم‪ :‬الرسالة واملبادئ املوجهة‬

‫غاية الرتبية والتعليم يف تصورنا‪ ،‬هي تربية اإلنسان الحر المتشبث بدينه وهويته‪،‬‬
‫والممتلك للمعرفة والخربة بما يستجيب الحتياجات الفرد والمجتمع‪ .‬وهذا يقتضي‬
‫أربعة مبادئ كربى ناظمة تؤسس لمدرسة عمومية ذات رسالة ومعنى‪ ،‬نحددها يف اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬مدرسة األخالق والقيم‪ ،‬ليست الرتبية والتعليم عملية صناعية صرفة‪ ،‬وليست‬
‫جراء‪ ،‬وال المتعلمون‬ ‫المدرسة مقاولة إنتاجية مادية‪ ،‬وليس المعلمون مجرد ُأ َ‬
‫زبناء‪ ،‬لذا ال بد أن نقطع مع المعنى التسليعي للتعليم لصالح اإلعالء من العائد‬
‫األخالقي القيمي والمعريف للتعليم والتعلم‪ .‬ويف ظل العولمة المادية الهاجمة‬
‫بقيمها االستهالكية المفرغة لإلنسان من السمات الروحية‪ ،‬علينا أن نربح سؤال‬
‫المعنى بأن نمركز الوظيفة الرتبوية للمدرسة‪ ،‬من حيث جانبها األخالقي القيمي‪،‬‬
‫يف الرتبية على اإليمان وحفظ مقومات الهوية واللغة واالنتماء لألمة وللوطن‪،‬‬
‫ويف أداء وظائفها التحريرية والتخليقية والتهذيبية والتثقفية والتنويرية‪.‬‬
‫‪ -‬مدرسة العدالة واإلنصاف‪ ،‬التي تجعل الحق يف الرتبية ويف التعليم واجبا وشأنا‬
‫تقوم به الدولة ويرعاه المجتمع‪ ،‬مع ما يعنيه ذلك األمر من فرض وتقنين‬
‫إلزامية التعليم واستدامة محو األميات بمختلف أنواعها‪ .‬فالعدالة يف مجال‬
‫الرتبية والتعليم تشمل عدالة الولوج إلى تعليم عمومي معمم جيد ومنصف‬
‫ومستدام ومفتوح ومتعدد المسارات بتوفير جودة ظروف التمدرس وجودة‬
‫‪167‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫تعلمات التحصيل العلمي‪ ،‬وبمراعاة االستعدادات والقدرات والجهد المبذول‬


‫والكسب الشخصي‪ ،‬ولتضم اإلنصاف وتكافؤ الفرص والمساواة يف تحقيق‬
‫اإلدماج النفسي واالجتماعي واالقتصادي ويف الرتقي المجتمعي‪ ،‬مع ما يطلبه‬
‫ذلك من عدالة التوزيع للبنيات الرتبوية‪ ،‬والعدالة المجالية‪ ،‬والعدالة الرقمية‪،‬‬
‫والعدالة التمويلية بعدالة الدعم االجتماعي والمادي‪ ،‬وعدالة مراعاة وضعية‬
‫الفتيات وذوي الوضعيات الخاصة وأرباب المواهب المتميزة‪.‬‬
‫‪ -‬مدرسة الجدوى‪ ،‬جودة وحكامة ونجاعة‪ ،‬بجودة المدخالت يف مختلف‬
‫مستويات المنظومة (البنيات المستقبلة‪ ،‬التوظيف والتكوين والتأطير‪ ،‬التدريس‬
‫والتحصيل الدراسي‪ ،‬التقويم والتوجيه)‪ ،‬ثم بحكامة التدبير والتسيير المؤسسين‬
‫على تحمل المسؤولية وفق مبدأي الكفاءة واألمانة‪ ،‬فنجاعة المخرجات القيمية‬
‫والمعرفية والمهارية‪ ،‬والكفايات المؤهلة لسوق الشغل والقدرة اإلدماجية‬
‫المتوازنة والمتكاملة يف الحياة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬مدرسة النبوغ واالبتكار‪ ،‬عرب تشجيع اإلبداع ورعاية المواهب النابغة‪ ،‬واحتضان‬
‫وتوجيه األذكياء المتميزين‪ ،‬وتنمية القدرات اإلبداعية واالبتكارية لدى مختلف‬
‫الفاعلين‪ ،‬وذلك على مستوى التخطيط لتطوير المنظومة‪ ،‬وعلى مستوى احتضان‬
‫التجارب الناجحة وتثمينها وتعميمها‪ ،‬وعلى مستوى ربح رهان توطين وتطوير‬
‫البحث العلمي والتقدم التقني واالبتكار الرقمي المسهم يف خدمة اإلنسان‪.‬‬

‫‪ ....‬أولويات وتدابري‬

‫لكي نكون يف مستوى مجاهبة التحديات واألولويات الملحة‪ ،‬نقرتح جملة من‬
‫التدابير التي تشمل مختلف واجهات وجوانب إدارة وتدبير العملية الرتبوية التعليمية‪.‬‬

‫على مستوى تدبير السياسة التعليمية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .629‬وضع سياسة تعليمية تنبني على أسس االستجابة للحاجيات الحقيقية ذات‬
‫األولوية للمجتمع المغربي وفق منظور يراعي تحقيق مقومات التطوير‬
‫والتحديث وفقا للتقدم العلمي ومقتضيات الخطط التنموية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪168‬‬

‫‪ .630‬وضع إطار قانوين يضبط التعاون والشراكة الدوليين لخدمة جودة التعليم‪،‬‬
‫ويحقق استقالل تدبير الرتبية والتعليم عن المشاريع الخارجية الممالة‪.‬‬

‫‪ .631‬إعادة النظر يف دور المجلس األعلى للرتبية والتعليم ليكون هيكال مؤسساتيا‬
‫استشاريا‪ ،‬وفضاء تنظيميا حرا للتخطيط والتنظير والبحث يف قضايا الرتبية‬
‫والتعليم‪ُ .‬يمثل فيه الفاعلون على قاعديت الكفاءة واألمانة‪ ،‬على أن تبنى اقرتاحاته‬
‫وتوصياته على أساس المخرجات الرصينة للبحث الرتبوي النظري والميداين‪.‬‬

‫‪ .632‬التخطيط وفق برامج عمل متوسطة المدى تخضع للتنفيذ والمتابعة والتقويم‬
‫والتدخل العالجي اآلين والدوري وفق منطق يحدد األولويات ضمن أجندة‬
‫زمنية واقعية‪ ،‬مع تنمية األبعاد االستباقية للنظام الرتبوي ليتمكن من التكيف مع‬
‫الوضعيات الطارئة‪ ،‬وبناء بدائل مالئمة لضمان االستمرارية التعليمية‪.‬‬

‫‪ .633‬تجميع مختلف أسالك التعليم والتكوين وأنواعهما ومستوياهتما يف بنية هيكلية‬


‫واحدة بمنظام دقيق مالئم وظيفي مندمج تجاوزا لكثرة األقطاب وتعدد‬
‫الوزارات‪ ،‬وذلك وفق رؤية شمولية مندمجة تحقق شمولية الربط بين مختلف‬
‫أنواع التعليم وبين مختلف أسالكه من التعليم األولي إلى الجامعة‪ ،‬وكذا شمولية‬
‫الربط بين مختلف جوانب تدبيره‪ ،‬على مستوى المناهج والربامج واإلدارة‬
‫والتجهيز والتقويم والتمويل والهيكلة‪.‬‬

‫‪ .634‬ترشيد نظام تولي مهام المسؤولية بإسناد التدبير والتسيير والتنفيذ اإلداري لجهاز‬
‫جامع بين الكفاءة الخبيرة بآليات التسيير والتدبير وبين المواصفات الشخصية‬
‫المبنية على قيم األمانة والصدق والنزاهة‪ ،‬يف مراعاة تامة آلليات التدبير‬
‫التشاركي‪.‬‬

‫‪ .635‬اعتماد منظور تربوي ناجع يعتمد المقاربة المتوازنة بين األبعاد الكيفية والعناصر‬
‫الكمية بمراعاة القدرات المعرفية للمتعلم وإمكاناته مع الرتكيز على مبادئ تعلم‬
‫التعلم‪ ،‬واستدامة التعلم‪ ،‬وتنويع التعلم مدى الحياة‪ ،‬مع استنبات البيداغوجيات‬
‫‪169‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫والطرائق المناسبة للغايات الرتبوية ولألهداف العلمية والعملية التدريبية‪ ،‬وهو‬


‫ما سيفرض إيالء بنيات البحث والتجديد الرتبوي الوطني وضعا اعتباريا متميزا‪.‬‬

‫‪ .636‬توفير اإلمكانيات المادية والمالية إلنشاء بنيات استقبال مكتملة الشروط تكون‬
‫عبارة عن مركبات للتعليم والتثقيف والتنشيط والتدريب والرتفيه‪ ،‬تجعل من‬
‫المدرسة فضاء جذابا آمنا مالئما للطبيعة المناخية والمجالية‪ ،‬متطورا متجددا‬
‫من الناحية المعمارية والجمالية‪.‬‬

‫على مستوى التمويل واالستقاللية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .637‬تخصيص نسبة مالئمة يف اإلنفاق العام من الميزانية العامة للدولة للتعليم‪.‬‬

‫‪ .638‬تحفيز المشاركة المجتمعية التطوعية لألفراد والجماعات ولمختلف الفاعلين‬


‫االقتصاديين وكذا مؤسسات المجتمع المدين قصد اإلسهام يف تمويل التعليم يف‬
‫إطار مؤسسايت منظم‪.‬‬

‫‪ .639‬ترشيد اإلنفاق على مجال التعليم من خالل بناء منظومة شفافة للتدبير المادي‬
‫والمالي والمحاسبايت‪.‬‬

‫‪ .640‬إرساء منظومة متكاملة وناجعة للدعم االجتماعي والمادي للمتمدرسين وألطر‬


‫الرتبية والتعليم يف مختلف مراحل ومستويات وأنواع التعليم‪.‬‬

‫‪ .641‬اعتماد نظام الحتضان المدرسة والمتمدرسين من طرف المؤسسات الصناعية‬


‫والمقاوالت اإلنتاجية‪ ،‬وذلك وفق آليات وتشريعات تعاقدية واضحة‪.‬‬

‫‪ .642‬اعتماد آليات التطوع للخدمة االجتماعية العمومية يف القطاعات الحيوية مقابل‬


‫الحصول على المنح الدراسية‪.‬‬

‫‪ .643‬تطوير أنظمة تعليمية يرعاها األفراد الذاتيون ومؤسسات المجتمع من‬


‫األوقاف والقروض الحسنة واإلحسان العمومي وذلك وفق دفاتر تحمالت‬
‫يضبطها القانون‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪170‬‬

‫‪ .644‬تثمين مساهمة التعليم الخاص مع تدقيق ضوابط اشتغاله من حيث التقنين‬


‫والجودة والكلفة وااللتزامات الرتبوية والتعليمية لتكون مساهمته ناجعة دون‬
‫آثار سلبية على قدرات األسر أو على تعاقداته مع الوزارة الوصية أو التزاماته‬
‫إزاء الخيارات الوطنية‪.‬‬

‫على مستوى محو األمية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .645‬وضع مخطط اسرتاتيجي وطني لمحو األمية ضمن مشروع مجتمعي متكامل‬
‫قوامه العدل والتنمية الشاملة يقوم على تشخيص دقيق لظاهرة األمية وألنواعها‬
‫المتعددة‪ ،‬ويأخذ بعين االعتبار حاجيات المستفيدين وكفاءة ونزاهة مختلف‬
‫المتدخلين‪ ،‬وخصوصية المناطق والمجال‪.‬‬

‫‪ .646‬إحداث مرصد وطني لمراقبة وتقويم وتتبع أعمال مراكز محو األمية‪ ،‬وإجراء‬
‫التعديالت الالزمة من أجل إنجاح المخطط االسرتاتيجي لمحو األمية‪.‬‬

‫‪ .647‬إعداد الربامج والمناهج المالئمة لحاجيات الفئات المستهدفة والقمينة بإكساهبا‬


‫القيم والمعارف والمهارات والسلوكات القابلة للتحويل يف مختلف مناحي‬
‫الحياة‪.‬‬

‫‪ .648‬إجبارية تأسيس وتطوير وتنمية منظومة محو األمية والتكوين المستمر يف كل‬
‫مؤسسات التعليم والتدريب واإلنتاج الصناعي والمهني‪ ،‬وكذا يف المؤسسات‬
‫السجنية‪ ،‬ويف الخدمة العسكرية‪ ،‬مقابل تحفيزات مالئمة‪.‬‬

‫‪ .649‬تطوير وترشيد جهود مختلف بنيات االستقبال الحالية العاملة يف مجال محو‬
‫األمية خاصة على مستوى الكتاتيب القرآنية‪ ،‬ومؤسسات المجتمع المدين‬
‫والجمعيات الشريكة بما يضمن إسهامها القوي يف تعميم التعليم ومحو األمية‪.‬‬

‫‪ .650‬تنويع مدارس وفرص التعليم واستدامة التعلم عرب تفعيل مؤسسات الدولة‬
‫والمؤسسات المجتمعية وكل الطاقات والمقاوالت التنموية والشركاء‬
‫الصناعيين‪ ،‬والتعاون مع المنظمات الدولية المعتربة على أرضية التشارك‪.‬‬
‫‪171‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ .651‬تفعيل وتطوير أنظمة التعليم المفتوح‪ ،‬والتعليم عن بعد‪ ،‬والتعليم اإللكرتوين‪،‬‬


‫والتعلم الذايت‪ ،‬والتعليم بالمراسلة‪ ،‬والتعليم عرب التناوب مع المهنة‪ ،‬وكل‬
‫ما يضمن استدامة التعلم واستمرار التكوين والتدريب‪ ،‬خصوصا يف القرى‬
‫والمناطق النائية وبالنسبة للحاالت الخاصة‪ ،‬ويف الظروف والطوارئ النازلة‪.‬‬
‫‪ .652‬اعتماد أنظمة تحفيزية لتشجيع الناس على المساهمة يف خطط محو األمية‬
‫خصوصا طلبة الجامعات والمرأة‪ ،‬يف مختلف المراحل العمرية ويف مختلف‬
‫المناطق بالبالد وعلى األخص يف القرى والمناطق النائية‪.‬‬
‫‪ .653‬مراجعة سنوات التمدرس المسموح هبا للحاالت المتعثرة يف التعليم األساسي‬
‫بما يضمن تحصيل الكفايات األساسية والتعلمات الضرورية واستدامتها‬
‫وجودهتا من دون االرهتان لضغط النجاح أو الرسوب أو الخريطة المدرسية‪،‬‬
‫وتوفير الفرص المتجددة لضمان محاربة الهدر والتسرب المدرسيين‪.‬‬
‫‪ .654‬االعتناء بذوي الحاالت والوضعيات الخاصة تعليما وتدريبا وإدماجا كل‬
‫بحسب خصوصيته‪.‬‬
‫‪ .655‬مراعاة خصوصيات النساء المستفيدات من محو األمية‪ ،‬وذلك بإدماج برامج‬
‫محو األمية يف المشاريع ذات العالقة المباشرة بالمرأة‪ ،‬كالفالحة والصحة‬
‫والتعاونيات النسائية‪.‬‬
‫‪ .656‬استثمار الوسائل السمعية البصرية يف إنجاح عمليات مشاريع محو األمية‪.‬‬

‫على مستوى البحث العلمي‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .657‬إحداث مجلس وطني لسياسات البحث العلمي تعهد إليه مهمة وضع السياسة‬
‫الوطنية يف مجال البحث العلمي والتكنولوجيا‪ ،‬وتقويم الربامج والمشاريع يف‬
‫هذا المجال‪ ،‬وتوجيه الربامج الوطنية يف المجال نحو البحوث ذات األولوية‪.‬‬

‫‪ .658‬التأسيس لمشروع برنامج طموح الكتساب الذكاءات الجديدة‪ ،‬وتوطين‬


‫التكنولوجيا‪ ،‬وامتالك العلوم والخربات العلمية المتقدمة‪ ،‬وجعلها قابلة للتنافس‬
‫يف مختلف الميادين‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪172‬‬

‫‪ .659‬توجيه البحث العلمي نحو خدمة الغايات القيمية‪ ،‬واألهداف التنموية العمرانية‪،‬‬
‫إعدادا للقوة الالزمة لتحقيق استقاللنا علما وخربة‪ ،‬ولخدمة التكافل البشري‬
‫والرتاحم اإلنساين‪.‬‬

‫‪ .660‬تخليق البحث العلمي برتسيخ قيم االنضباط لمواصفات الجدية والمسؤولية‬


‫والنجاعة والجدوى العملية‪.‬‬

‫‪ .661‬تحقيق التدبير الجيد للبحث العلمي على مستوى القرار السياسي والتسيير‬
‫اإلداري واإلنفاق المالي على قاعدة التوازن التي تراعي األهداف الوطنية‬
‫الكربى للدولة والمجتمع وكذا متطلبات المقاولة المنتجة‪.‬‬

‫‪ .662‬اإلعفاء من الضريبة على البحث العلمي‪ ،‬والرفع من اإلنفاق المخصص له يف‬


‫ميزانية الدولة ومن الناتج الداخلي الخام‪ ،‬على نحو يحقق التناسب التدريجي‬
‫المالئم لحجم االنتظارات من هذا المجال مع مراعاة التوازن الرشيد يف التمويل‬
‫انطالقا من برامج تعاقدية على أرضية سلم موضوعايت لألولويات‪.‬‬

‫‪ .663‬مراجعة وضع الرتجمة يف المنظومة التعليمية والبحثية‪ ،‬وترجمة مختلف العلوم‬


‫والتكنولوجيات والموسوعات العلمية والتقنية إلى اللغة العربية‪ ،‬وجعل الكتب‬
‫العلمية والتقنية المرتجمة يف متناول الباحثين وطالب الجامعات والمهنيين‬
‫وأرباب الصناعة‪.‬‬

‫‪ .664‬االنفتاح التدريجي على اللغات األقوى انتشارا يف مجال البحث العلمي‪ ،‬على‬
‫أن يكون األفق االسرتاتيجي تأهيل وتطوير اللغة العربية لتصبح أداة اكتساب‬
‫العلوم وإنتاجها‪.‬‬

‫‪ .665‬تشجيع مختلف المؤسسات اإلنتاجية على احتضان البحث العلمي‪ ،‬وتوفير‬


‫البيئة المالئمة لتوطينه وتوجيهه خدمة لألهداف االسرتاتيجية للرتبية والتعليم‬
‫ولما يخدم تقدم اإلنسان ورخاء المجتمع والحفاظ على البيئة‪ ،‬وعلى تخصيص‬
‫‪173‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫ميزانية لمشاريعها البحثية التطويرية ودفعها للدخول يف شراكات مع مراكز‬


‫البحث العلمي‪.‬‬

‫‪ .666‬تقدير الكفاءات العلمية واالعتناء بالطاقات البحثية تحفيزا وتدريبا وتشجيعا‬


‫وتوفيرا لظروف البحث وبنياته المادية والمعنوية‪ ،‬والعمل على اسرتجاع‬
‫األدمغة المهاجرة وفق مشروع تطويري ذي تدابير تشجيعية متنوعة تروم االعتناء‬
‫باإلنسان وتثمين خربته‪.‬‬

‫‪ .667‬ربط البحث بالتنمية المعرفية والصناعية واالقتصادية‪ ،‬وتطوير وتجديد البحث‬


‫يف العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ .668‬توحيد وتقوية مؤسسات الملكية الفكرية وبراءات االخرتاع وإحداث جوائز‬


‫البحث العلمي وتوفير مناخ بحثي محفز‪.‬‬

‫‪ .669‬دمقرطة التعليم العالي والرفع من جودته‪ ،‬وتجميع مؤسساته ومعاهده ومدارسه‬


‫يف بنية تنظيمية واحدة‪ ،‬حتى يتمكن من أداء أدواره يف التكوين والتأهيل والبحث‬
‫والتجديد بنجاعة وفعالية‪.‬‬

‫‪ .670‬اعتماد شراكات مع مراكز البحث العربية واإلسالمية والدولية وفق برنامج وطني‬
‫لتبادل الخربات‪.‬‬

‫على مستوى لغة التدريس واللغات المدرسة‪:‬‬

‫لقد عانت منظومتنا الرتبوية طوال عقود «إصالحاهتا» المتتالية افتقاد سياسة لغوية‬
‫وطنية‪ ،‬والتمكين لخيارات لغوية بعينها يف التعليم واإلدارة واإلعالم ومختلف مرافق‬
‫الدولة‪ ،‬ومحاصرة التعريب والمس بالوضع االعتباري للغة العربية‪ ،‬والتنقيص منها يف‬
‫اإلعالم ومرافق الفضاء العام‪ ،‬والتمكين لدعاة العامية الدارجة والتغريب‪.‬‬

‫ومن أجل التأسيس لسياسة لغوية وطنية تحقق فيها اللغة الوحدة والقوة‪ ،‬نقترح‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪174‬‬

‫‪ .671‬االنفكاك التدريجي من التبعية اللغوية واالزدواجية اللغوية على مستوى لغة‬


‫التدريس يف التعليم ومعاهد البحث ومدارس التكوين الوطنية‪.‬‬
‫‪ .672‬العمل على توحيد لغة التدريس وتنويع اللغات المدرسة‪ ،‬فيكون التدريس‬
‫باللغة العربية يف كل مراحل ومستويات المنظومة التعليمية‪ ،‬مع مراعاة التدرج‬
‫والمرونة‪ ،‬بالموازاة مع امتالك اللغات الحية يف العالم باعتبارها لغة مدرسة‬
‫وبحث علمي ال لغات تدريس‪.‬‬
‫‪ .673‬إعادة بناء الملكة اللغوية السليمة للغة العربية باالستفادة من تقنيات تدريس‬
‫اللغات الحية‪.‬‬
‫‪ .674‬تأهيل اللغة العربية المتالك العلم والتكنولوجيا لتستقل بالقدرة على اكتساب‬
‫هذه العلوم وإنتاجها وتوطين العلوم هبا‪.‬‬
‫‪ .675‬االستثمار المنصف للغة األمازيغية وبالضمن للثقافة األمازيغية بما هي مكون‬
‫أساسي أصيل على نحو يجعل التعدد اللغوي والتنوع الثقايف رافدين إلغناء‬
‫حضارتنا وثراء ثقافتنا‪ ،‬ومصدرين من مصادر قوة وتالحم المجتمع‪ ،‬بعيدا عن‬
‫التوظيفات السياسوية التي تمس وحدة الشعب المغربي وتخدم مخططات‬
‫إضعاف األمة‪.‬‬
‫على مستوى أطر التعليم والعالقات التربوية‪:‬‬

‫يحتل رجل الرتبية مكانة هامة يتم الحفاظ عليها بضمان ثالثة شروط أساسية‪ :‬الشرط‬
‫االجتماعي المبني على ضمان مقومات العيش الكريم ماديا ومعنويا‪ ،‬والشرط األخالقي‬
‫القيمي الذي يعني تحميل مسؤولية التعليم لنخبة المجتمع من ذوي االستعدادات‬
‫الفطرية‪ ،‬ومن ذوي المروءات واألخالق العالية ليكونوا معلمي األجيال‪ ،‬ثم الشرط‬
‫العلمي والمعريف والتدريبي الظاهر يف االمتالك الجيد للكفايات المختلفة لتلقين المادة‬
‫المعرفية المدرسة‪.‬‬
‫ينبغي إعادة بناء األسس الناظمة لقيم العالقات الرتبوية داخل المنظومة الرتبوية‬
‫التعلمية عرب سد الفجوة العاطفية الوجدانية بين المعلم والمتعلم من خالل إعادة تأسيس‬
‫العالقات الرتبوية بين المعلم والمتعلم على قواعد المحبة والحوار والجدية‪ ،‬وإعادة‬
‫‪175‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫روح النظام‪ ،‬واالستقرار‪ ،‬والمسؤولية‪ ،‬وتوفير بيئة للتلقي السليم على قواعد الثقة بين‬
‫المعلم والمتعلم‪ ،‬وبناء على قيم التعارف والتآلف والنصح والتوجيه الحكيم‪ ،‬والمتابعة‬
‫ومراعاة النمو العقلي والجسمي‪ ،‬والرتبية على االستقاللية والحرية‪.‬‬

‫من أجل تحقيق هذه األهداف‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .676‬تثمين مهنة التعليم والتدريس وتحصينها بأنظمة تشريعية وتنظيمية وأخالقية؛‬


‫تولي أطر الرتبية والتعليم مكانة خاصة اختيارا وتكوينا وتوظيفا وترقية وتحفيزا‬
‫وتقويما وتوفيرا لظروف العمل المالئمة بما يحقق الوضع االعتباري المالئم‬
‫لمختلف رجال التعليم‪.‬‬
‫‪ .677‬التأسيس لمنظومة تكوينية تدريبية ألطر الرتبية والتعليم وفق دالئل مرجعية‬
‫لالختيار والتكوين الجيد‪ ،‬واستدامة التكوين العلمي والتدريب البيداغوجي‪.‬‬
‫‪ .678‬تجميع مؤسسات ومراكز تكوين أطر الرتبية والتعليم يف بنيات موحدة‪ ،‬معاهد أو‬
‫كليات بربامج تزاوج بين تقوية الجوانب المعرفية وبين التدريب العملي المهني‬
‫والسلوك القيمي األخالقي يف إطار وضعيات التأهيل العملي‪.‬‬
‫‪ .679‬اختيار أجود العناصر للتعليم األولي واالبتدائي بناء على مواصفات سلوكية‬
‫وكفايات معرفية ومهنية‪ ،‬وإعداد المناهج المناسبة له للمستوى العمري والعقلي‬
‫والنفسي للمتعلمين بما يضمن سالمة الفطرة‪ ،‬وتنشئة الطفل يف بيئة سليمة تنشئة‬
‫صالحة مع توحيد المتدخلين يف بنية تنظيمية واحدة‪.‬‬
‫‪ .680‬إعداد الميثاق الرتبوي األخالقي القيمي المنظم للعالقات الرتبوية داخل مجتمع‬
‫المدرسة ومحيطها وفق دالئل مرجعية تكون غايتها تربوية قيمية وروحها‬
‫أخالقية‪.‬‬
‫على مستوى التخطيط والتوجيه والتقويم‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .681‬تجاوز النظرة التقنوية لعملية التخطيط‪ ،‬واعتماد موجهات الدراسة الميدانية‬


‫المشخصة‪ ،‬واالستشراف التوقعي العلمي‪ ،‬واستثمار الفرص واإلمكانات‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪176‬‬

‫المتوفرة‪ ،‬والتنسيق الدائم بين مختلف المتدخلين‪ ،‬والتحرر من هيمنة الخريطة‬


‫المدرسية‪.‬‬
‫‪ .682‬تطوير وتجديد منظومة التوجيه على نحو يخدم غايات النهوض الحضاري‬
‫المستقبلي لألمة وأهداف التنمية‪ ،‬ويهتم بالمزاوجة بين التنشئة على حب‬
‫النشاط العملي المنتج وبين التفكير النظري العلمي عرب إدماج المصوغات‬
‫المهنية بالتدرج المناسب يف مختلف مستويات التعليم العام تمهيدا للتخصص‬
‫المالئم‪.‬‬
‫‪ .683‬إعادة النظر يف منظومة التوجيه بما يحقق تنويع أشكال التوجيه النفسي‬
‫واالجتماعي والصحي والبيئي والمالي وتدبير الذات وتنظيم الوقت‪ ،‬على نحو‬
‫يضمن استيعاب الحاجيات ومراعاة القدرات واالستعدادات‪ ،‬مع تشجيع التميز‬
‫وتوجيه الطاقات وتنمية الجانب المهني التدريبي‪.‬‬
‫‪ .684‬توفير البيئة المناسبة للتحصيل الجيد على قدم العدل والمساواة‪ ،‬وتنمية قدرات‬
‫االستيعاب التام لمختلف المتعلمين بشكل معقلن كل بحسب استعداداته‬
‫الجسمية والعقلية والفكرية والوجدانية‪ ،‬مع وضع حاجيات البالد ومتطلبات‬
‫االندماج يف المحيط العام موضع حسبان‪.‬‬
‫‪ .685‬العناية بنجابة ذوي القدرات العالية والميوالت النادرة لتوجيههم نحو‬
‫التخصصات المناسبة‪.‬‬
‫‪ .686‬اعتماد سيرورة توجيه تعمل على تربية المتعلم على معرفة نفسه وتقديره‬
‫لآلخرين‪ ،‬وتحمله المسؤولية يف اتخاذ القرار وتبعاته؛ قصد التوجيه المالئم‬
‫للقدرات والمؤهالت واالنخراط التعاوين الواعي والطوعي يف سيرورة البناء‬
‫والتنمية‪ ،‬مع التكيف إيجابا مع التطورات والتغييرات واكتساب الكفايات‬
‫الالزمة لمختلف الوضعيات‪.‬‬
‫‪ .687‬اعتماد التوجيه المستمر‪ ،‬والتطوير المستمر للبنيات الرتبوية والمحتويات بناء‬
‫على رصد سوق الشغل وتطوراته وحاجيات المجتمع‪ ،‬مع ربط التعليم بالتنمية‬
‫‪177‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫العامة وبسوق الشغل وبالتخصصات المحققة للتنمية وامتداداهتا المجتمعية‬


‫وبالم ْهنَنَة الرابطة بين المعرفة والتطبيق‪.‬‬
‫َ‬ ‫واالقتصادية‪،‬‬
‫‪ .688‬تجاوز النظرة التقنوية لالمتحانات بناء وتنظيما وتصحيحا وفرزا للنتائج‪،‬‬
‫والعمل على التأسيس للتقويم الشامل التكاملي لمدى القدرة على دمج مختلف‬
‫المكتسبات من المعارف والمهارات والقيم واألخالق‪ ،‬وتوظيفها واستعمالها‬
‫يف سياق وضعيات الحياة بالنسبة للمتعلم‪ ،‬عوض مركزة تقويم المعارف وما‬
‫ينجم عن ذلك من شحن وملء فقط ألدمغة المتعلمين‪.‬‬
‫‪ .689‬تجاوز نماذج التقويمات القائمة على هواجس االمتحانات‪ ،‬بتعويض االمتحانات‬
‫الجزائية خالل سنوات التعليم االبتدائي بتقييمات األداء بناء على عينات تجريبية‬
‫محددة من كل شريحة عمرية تتخذ منطلقا لتحسين الجودة‪ ،‬والقطع مع سياسة‬
‫المقارنة بين المتعلمين وبين المدارس؛ درءا ألي شبهة منافسة غير مشروعة أو‬
‫مس بشخصية المتعلم النفسية‪.‬‬
‫‪ .690‬بلورة نظرة وظيفية دقيقة لالمتحانات بشكل يقلص من الوقت الذي تستغرقه‬
‫قبل فرتة إجرائها وبعدها‪.‬‬
‫‪ .691‬اعتماد نظام االنتقال التلقائي حتى حدود السنة الرابعة ابتدائي‪ ،‬وبعدها ينجز‬
‫اختبار تقييمي يف المواد األساسية‪ ،‬ثم يف هناية الثالثة إعدادي ينجز امتحان‬
‫الشهادة اإلعدادية‪ ،‬وبناء على النتائج يوجه المتعلمون إلى التخصص المالئم‪.‬‬
‫‪ .692‬تأسيس وترسيم بنيات مؤسساتية تمكن من تجسير تواصل المدرسة مع األسرة‬
‫يف إطار مجلس لألسرة والمدرسة يطور من وظيفة الوالدين واألولياء‪ ،‬مع‬
‫توسيعها لتشمل مختلف المتدخلين على صعيد محيط المدرسة‪.‬‬
‫‪ .693‬دعم خيار التّعليم التّقني المتخصص‪ ،‬ودمج التدريب المهني تطويرا لكفاءة‬
‫الخريجين وتفاعال مع متطلبات سوق الشغل‪ ،‬مع ربط التدريب المهني‬
‫ّ‬
‫والتعليم التقني بالمقاولة اإلنتاجية المحلية على أرضية مشاريع ذات جدوى‬
‫ومتعاقد بشأهنا‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪178‬‬

‫‪ .694‬مالءمة التخصصات المدرجة يف التدريب المهني لواقع النسيج االقتصادي‬


‫المحلي مع تطوير وتنويع وتحيين أنواع التكوين المهني‪.‬‬
‫على مستوى المنهاج التعليمي‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .695‬التأسيس لمنهاج تعليمي موحد يالئم الغايات الرتبوية واألهداف العملية‬


‫التطبيقية‪ ،‬ويكون منطلقا لصياغة الربامج والمقررات وإعداد الكتب والموارد‬
‫وبناء التقويم واخرتاع وابتكار المقاربات واالختيارات البيداغوجية‪.‬‬
‫‪ .696‬تجديد وتطوير المحتويات والمضامين بمراعاة النسقية بين المفاهيم والتجسير‬
‫بين المواد والمالءمة للمستويات العقلية والعمرية‪ ،‬وتعليم التعلم وتنمية‬
‫المهارات من أجل تقييم الذات والعيش يف الحياة واالندماج يف العمل الجماعي‬
‫وتطوير التفاعل الصفي‪ ،‬مع مراعاة الخصوصيات المحلية وتثمينها يف إطار‬
‫االحرتام التام للمشرتك الوطني العام‪ ،‬واستحضار التحوالت الرقمية والكفايات‬
‫الجديدة المناسبة لها‪.‬‬
‫‪ .697‬االهتمام بالقراءة والمطالعة وجعلها جزءا أساسيا من المنهاج الدراسي‪ ،‬وتوفير‬
‫البنى التحتية الخاصة بالمكتبات المدرسية ومراكز التوثيق‪.‬‬
‫‪ .698‬مأسسة األنشطة الثقافية والرياضية وتجسير العالقة بينها وبين مؤسسات الثقافة‬
‫واإلعالم والتنشيط‪ ،‬عرب انفتاح المنهاج الدراسي بما هو مقررات دراسية على‬
‫برامج األنشطة الموازية المتنوعة وأنشطة الحياة المدرسية والمجتمعية‪ ،‬وجعلها‬
‫جزءا مكمال للمنهاج وإلزاميا للمشاركة يف بعضها‪ ،‬وأحد عناصر تقويم األداء‬
‫العام للنشاط المدرسي‪.‬‬
‫‪ .699‬توظيف التقنيات الرقمية يف التعليم والتعلم‪ ،‬والسعي لتأسيس منهاج التعليم‬
‫الرقمي‪.‬‬
‫‪ .700‬االعتناء بالرتبية الجمالية والذوقية والفنية والبدنية والرياضية‪.‬‬
‫‪ .701‬توفير التجهيزات اإلعالمية المالئمة وصيانتها وتوظيفها‪.‬‬
‫‪179‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫على مستوى اإلدارة والحكامة‪:‬‬

‫تعاين إدارتنا التعليمية اختالالت بنيوية عميقة مرتبطة بالتدبير اإلداري السيء‬
‫والحكامة العائقة‪ ،‬وآفات التمركز اإلداري‪ ،‬والبيروقراطية المكتبية‪ ،‬وتدبيج المساطر‬
‫القانونية يف غياب تام عن الواقع‪ ،‬والمقاربة الرقمية التي ترى يف المتعلمين أرقاما كمية‬
‫للحساب‪ .‬ولتجاوز هذه االختالالت‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .702‬إعادة بناء الهيكل التعليمي على قواعد جديدة تعمل على استعادة نسق االنسجام‬
‫العام والتكامل الوظيفي لمختلف آليات وأجهزة التعليم وآليات التنشئة‬
‫االجتماعية وفضاءات التعليم والتعلم‪.‬‬
‫‪ .703‬تطوير شكل المدرسة لتكون مجاال جذابا مع تجديد إيقاعات الحياة المدرسية‬
‫وتطوير اإلدارة لتجمع إلى الخربة التخصصية االستقامة‪.‬‬
‫‪ .704‬اعتماد المركزية وال تمركز حقيقين يف التدبير والتسيير للمرفق العمومي‬
‫التعليمي‪ ،‬يف إطار التنوع العام وخصوصية المجال وآليات اإليقاعات المدرسية‬
‫المحلية‪ ،‬مع مراعاة المشرتك الوطني العام‪.‬‬
‫‪ .705‬وضع منظام أمثل لتدبير القطاع والمنظومة‪ ،‬يحدد االختصاصات ويصف المهام‬
‫ويضبط الهيكلة التي تسهم يف تحقيق الفاعلية والنجاعة تسييرا وتدبيرا‪.‬‬
‫‪ .706‬تقوية أجهزة الرقابة والمتابعة والتقويم والمحاسبة واالفتحاص الداخلي‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪180‬‬

‫‪ .5‬اإلعالم واالتصال‬

‫يكتسي اإلعالم واالتصال أهمية كربى يف العالم المعاصر‪ ،‬حيث يعترب دعامة أساسية‬
‫لتحقيق التقدم السياسي واالقتصادي واالجتماعي‪ ،‬كما يقوم بأدوار يف توعية المجتمع‬
‫وتعليمه وتحصينه ضد كل أشكال االستالب الحضاري‪ .‬لكن يالحظ‪ ،‬بشكل عام‪،‬‬
‫قصور اإلعالم واالتصال يف المغرب على القيام بتلك األدوار بسبب التحكم السلطوي‪،‬‬
‫الذي أفرز العديد من االختالالت الخطيرة على مستوى الممارسة اإلعالمية‪.‬‬

‫‪ ....‬اختالالت الحكامة ومعيقات املهنية‬

‫شهد قطاع اإلعالم واالتصال بالمغرب تحوالت عرب سياسات هدفت إلى إعادة‬
‫هيكلة وسائل اإلعالم وتقنينها‪ ،‬وضبط الممارسة اإلعالمية يف ضوء التحوالت والتطورات‬
‫المتسارعة يف عصر التدفق السريع للمعلومة‪ ،‬وما رافقه من تحوالت رقمية كربى‪ .‬ورغم‬
‫ما تضمنته بعض النصوص التشريعية من إشارات إلى تحول يف الممارسة اإلعالمية نحو‬
‫االنفتاح على المبادرات الخاصة‪ ،‬وضمان للتعدد َّية اإلعالمية‪ ،‬وإهناء احتكار الدولة‬
‫لإلعالم‪ ،‬فإن جل ذلك بقي حبيس النصوص‪ ،‬لتستمر العديد من االختالالت‪ ،‬وفيما‬
‫يلي أبرزها‪:‬‬

‫‪ -‬التحكم يف اإلعالم العمومي وتوظيفه لرتويج أطروحات السلطة وخياراهتا‬


‫السياسية والدعاية لها مع إقصاء تام لألصوات المخالفة‪ ،‬فال تكاد تجد‬
‫صوتا معارضا‪ ،‬وال وجود للتيارات وال للتوجهات وال للفاعلين السياسيين‬
‫واإلعالميين وجمعيات المجتمع المدين الذين يصنفون يف دائرة المغضوب‬
‫عليهم من طرف السلطة‪.‬‬
‫‪ -‬التحكم يف العديد من المنابر اإلعالمية الخاصة‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬عرب‬
‫وسائل اإلخضاع‪ ،‬واستعمال سالح الحرمان من اإلشهار ضد المنابر المتحررة‬
‫من قيود السلطة؛ مما يضعف مداخيلها ويهدد وجودها‪.‬‬
‫‪ -‬توظيف اإلعالم العمومي لتصفية الحسابات السياسية‪ ،‬والمس باألصوات‬
‫المعارضة‪ ،‬والسكوت عن المواقع اإلعالمية التي تكرس ظاهرة «البوليس‬
‫‪181‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫اإلعالمي» وتمارس التشهير وتنشر الميوعة واالبتذال‪ ،‬وتشجيع ظاهرة الذباب‬


‫اإللكرتوين والحمالت اإلعالمية المشبوهة‪.‬‬
‫‪ -‬استمرار االعتقاالت والمتابعات والمحاكمات للصحفيين‪ ،‬وترحيل قضايا‬
‫الرأي والتعبير إلى القانون الجنائي بدل االحتكام إلى قانون الصحافة والنشر‪،‬‬
‫وهو ما فتح الباب واسعا لتكييف قانوين جنائي كان سببا يف الزج ببعض‬
‫اإلعالميين وراء القضبان ولمدد طويلة‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع التفاهة واإلثارة واالبتعاد عن أدوار اإلعالم االسرتاتيجية يف بناء الوعي‬
‫والمساهمة يف التنمية السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ . ..‬من أجل منظومة إعالمية مهنية تعددية وفاعلة‬

‫من أجل النهوض بمجال االعالم واالتصال وتجاوز اختالالته‪ ،‬نحتاج إلى إنشاء‬
‫منظومة تقوم على مبادئ مؤطرة تبني اإلعالم النظيف التعددي المسؤول والفاعل‪،‬‬
‫وذلك عرب‪:‬‬

‫‪ -‬التأسيس لتعاقد إعالمي وطني‪ ،‬ينضبط للقيم األخالقية الفاضلة للمجتمع‪،‬‬


‫ويؤدي وظائفه الرتبوية والتثقيفية والتوعوية والتنشيطية والتوجيهية والرقابية‬
‫على قواعد المسؤولية والمهنية واالحرتافية‪.‬‬
‫‪ -‬احرتام مبدإ الحرية اإلعالمية‪ ،‬والحق يف التعبير‪ ،‬وإيجاد اآلليات لحمايته‬
‫والدفاع عنه‪.‬‬
‫‪ -‬االستقاللية يف إطار المسؤولية‪ ،‬واالبتعاد عن الضغوط السياسية واالقتصادية‬
‫والتجارية‪.‬‬
‫‪ -‬ترسيخ الشراكة والتعاون وتكامل الجهود بين مختلف الفاعلين والمؤسسات‬
‫اإلعالمية‪.‬‬
‫‪ -‬تمثيل كافة فئات المجتمع يف اإلعالم‪ ،‬وتلبية اهتمامات الجمهور المختلفة‪،‬‬
‫ومواكبة مستجدات التحديث التقنية‪.‬‬
‫‪ -‬االلتزام بالميثاق اإلعالمي المبني على القيم وأخالقيات المهنة وميثاق الشرف‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪182‬‬

‫انطالقا من هذه المبادئ‪ ،‬ومن أجل بناء إعالم تعددي ومسؤول وفاعل‪ ،‬نقترح ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ .707‬توفير الضمانات الدستورية والقانونية ألداء سلطة اإلعالم لوظائفها‪ ،‬وإهناء‬


‫االحتكار والتحكم يف السياسة اإلعالمية‪ ،‬وفتح الباب لتأسيس وإنشاء القنوات‬
‫والمنابر والمواقع اإلعالمية بناء على دفاتر تحمالت مضبوطة ومؤطرة قانونيا‬
‫ومحمية قضائيا‪.‬‬
‫‪ .708‬تأسيس هيئة مستقلة تعنى بتتبع الشأن اإلعالمي وتطويره والدفاع عن الحقوق‬
‫والحريات‪.‬‬
‫‪ .709‬احرتام التعدد َّية السياسية وتكريس العدالة المجالية‪ ،‬والتنوع الثقايف والمجتمعي‪،‬‬
‫وضمان المساواة يف الظهور والولوج‪ ،‬وحرية التعبير بموضوعية وبدون أي تح ُّيز‪.‬‬
‫‪ .710‬تشجيع الربامج والمشاريع اإلعالمية الهادفة التي ترسخ القيم والعلم بما يحفظ‬
‫هوية المجتمع ومثله العليا‪.‬‬
‫‪ .711‬حماية الممارسة اإلعالمية من مظاهر التلوث اإلعالمي‪ ،‬وظواهر االرهتان‬
‫واالسرتزاق السياسي‪ ،‬وتخليق الممارسة اإلعالمية يف مختلف شبكات التواصل‬
‫االجتماعي الرقمي‪.‬‬
‫‪ .712‬التشجيع على الممارسات البانية للقيم والمعززة لها والضاربة ألشكال الفساد‬
‫وكشف رموزه‪.‬‬
‫‪ .713‬إعادة تنظيم الصحافة بمختلف أشكالها لتؤدي وظائفها بحرية ومهنية‪.‬‬
‫‪ .714‬الحد من التضييق على حرية اإلعالم واستهداف الصحافيين والفاعلين يف‬
‫اإلعالم‪ ،‬وتعزيز الحريات والحقوق والحد من القوانين السالبة للحرية‪.‬‬
‫‪ .715‬تطوير مهن اإلعالم واالتصال تكوينا وتدريبا‪ ،‬وتوظيفا وتأهيال‪.‬‬
‫‪ .716‬فتح مجال اإلعالم واالتصال للكفاءات على قواعد التنافس الشفاف وبمراعاة‬
‫قواعد القانون‪.‬‬
‫‪183‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ .717‬التأسيس لمنظومة متكاملة للحماية االجتماعية للصحفيين واإلعالميين‪.‬‬


‫‪ .718‬إشراك الفاعلين والمؤثرين‪ ،‬واالستثمار األمثل لموارد الدولة وإمكانياهتا‬
‫وأجهزهتا اإلعالمية‪.‬‬
‫‪ .719‬توفير بيئة إعالمية تواكب التحوالت الرقمية والتطورات السريعة وتتفاعل مع‬
‫قضايا المجتمع‪.‬‬
‫‪ .720‬تيسير مساطر تأسيس المنابر اإلعالمية‪ ،‬وتسهيل أدائها لمهامها وأدوارها‬
‫المنوطة هبا‪.‬‬
‫‪ .721‬التأكيد على مأسسة الولوج‪ ،‬وتسهيل الوصول إلى المعلومات‪ ،‬وضمان تداولها‬
‫بكل حرية‪.‬‬
‫‪ .722‬وضع اسرتاتيجية وطنية لتوطين صناعة وتقنيات االتصال‪ ،‬ودعم مجاالت‬
‫الصناعة اإلعالمية والصناعة المعلوماتية‪.‬‬
‫‪ .723‬تطوير البنية التحتية لشبكات االتصال‪ ،‬تقنية وتجهيزات‪ ،‬وتوسيعها وتحقيق‬
‫العدالة المجالية يف هذا الباب‪.‬‬
‫‪ .724‬المسارعة إلى بناء شبكة وطنية داخلية للخدمات العامة اإللكرتونية‪.‬‬
‫‪ .725‬توحيد وتطوير اإلدارة اإللكرتونية خاصة على مستوى بوابات المواقع اإلدارية‬
‫وتسريع خدماهتا وتطويرها وصيانتها ومصداقيتها وحمايتها‪.‬‬
‫‪ .726‬تطوير مجال األمن المعلومايت بما يضمن خصوصية األفراد‪ ،‬ويوفر الحماية‬
‫األمنية للمعلومات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬وتجريم كل ما يخل هبذه الخصوصية‪.‬‬
‫‪ .727‬إدماج تقنيات اإلعالم واالتصال يف المنظومة الرتبوية التعليمية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪184‬‬

‫‪ .6‬الثقافة والفن‬

‫يعد الحقل الثقايف من المعالم المهمة التي يربز فيها رقي المجتمع من خالل ما يبدعه‬
‫من قيم جمالية وآداب وفنون‪ ،‬إذ يسهم جليا يف أداء وظائف التنشئة االجتماعية تثقيفا‬
‫وهتذيبا وتربية وتأديبا‪ ،‬ويف احتضان الطاقات اإلبداعية‪ ،‬وتطوير المهن الفنية والحفاظ‬
‫على الرتاث الثقايف والتعريف به وتثمينه‪ .‬لذا يعترب االشتغال على االنخراط الجدي‬
‫والمنتظم لتأهيل الفاعل السياسي والمثقف والفنان لتوفير بنية متكاملة تحقق إقالعا‬
‫ثقافيا وفنيا‪ ،‬يسهم يف النهوض المجتمعي العام خاصة يف مستويات تنمية قيم اإلبداع‬
‫والجمال‪ ،‬من التحديات القائمة‪.‬‬

‫يأيت هذا االهتمام اعتبارا للوضع الذي تعرفه وضعية الثقافة والفنون بالمغرب منذ‬
‫االستقالل‪ ،‬بسبب ارهتاهنا للمشروع االستعماري التبخيسي إن على مستوى الرؤية‬
‫التصورية والقيمية‪ ،‬أو على مستوى السياسة الثقافية والفنية وخياراهتا الكربى عموما‪،‬‬
‫أو على مستوى التشريعات والبنيات ومحاضن الفعل الثقايف والفني‪ ،‬وكذا على مستوى‬
‫وضعية الفاعلين التي طالها اإلهمال والتهميش يف برامج الحكومات المختلفة‪ ،‬دون أن‬
‫نغفل جانب الميزانيات المرصودة وحجم اإلنفاق العمومي يف المجال‪.‬‬

‫الم َّطلع على المشهد الثقايف والفني المغربي‪ ،‬ومخرجاته وإفرازاته‪ ،‬والمراقب‬
‫إن ُ‬
‫لما تعانيه الساحة من أعطاب وما تكابده من عوائق‪ ،‬ما يلبث أن يخرج بخالصة أساسية‪،‬‬
‫تتج ّلى يف غياب رؤية اسرتاتيجية عميقة للشأن الثقايف والفني‪ ،‬تحدد أبعاده القيمية‬
‫والحضارية الكربى‪ ،‬يف مقابل توظيفه سياسيا لشرعنة االستبداد ونشر الرداءة والميوعة‪،‬‬
‫واالرهتان لنظرة دونية تعتربه مجاال جزئيا وهامشيا يف عملية التنمية الشاملة المطلوبة‪.‬‬
‫وهو ما ينعكس يف سيادة الطابع التربيري التزييني لواقع الفساد واالستبداد الذي ُيناط‬
‫بإنتاجاته وتظاهراته‪ ،‬ويف تردي الوضع االعتباري للمثقف والفنان لتبقى أدوارهما‬
‫وفاعليتهما محصورة ومحاصرة يف مراتب ال ترقى إلى المكانة والتأثير المنتظر‪.‬‬

‫ويحظى المجال الثقايف والفني بمكانة هامة يف مشروعنا التغييري‪ ،‬وبعنوان معترب‬
‫يف أفقنا الحضاري‪ ،‬وبواجهة أساسية من واجهات برنامجنا السياسي‪ ،‬باعتبار وظيفته‬
‫‪185‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫التنويرية والتوجيهية والتثقيفية ودوره الحاسم يف بناء وتربية الشخصية المتوازنة المتشبعة‬
‫بروح األخالق وجوهر القيم‪.‬‬

‫‪ ....‬الرؤية الثقافية‪ :‬مرتكزات ومحددات‬

‫ينبغي أن تكون ثقافتنا مرآة هو ّيتنا‪ ،‬وجسرنا لإلسهام يف بناء المشرتك الحضاري‬
‫اإلنساين‪ ،‬وعليه نرى أن تتجه الثقافة‪ ،‬بالنظر إلى وظائفها الحاسمة يف الرتبية والتنشئة‪،‬‬
‫إلى االرتكاز على المبادئ التالية‪:‬‬

‫‪ -‬اعتبار الثقافة مرآة الهوية ودعامة حمايتها وتطويرها وصقلها‪ ،‬وإيالؤها أهمية‬
‫قصوى ضمن أولويات المشروع الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬ترسيخ الهوية اإلسالمية بأبعادها الوجودية والرسالية‪ ،‬ودعم العمق اإلسالمي‬
‫لهويتنا الوطنية بأبعاده األصيلة والوسطية المستوعبة لمختلف المكونات‬
‫الثقافية الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬حفظ الهوية الوطنية المغربية بتنوعها الثقايف واللغوي‪ ،‬وبث الشعور الوطني‬
‫البنّاء واالعتزاز بالروافد والمقومات المحلية دون تعصب أو انغالق‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد مقاربة ثقافية تعزز التماسك االجتماعي وتقوي منعة المجتمع ضد‬
‫دعاوى التفتيت والعصبية والعنصرية والصهيونية‪.‬‬
‫التنوع الثقايف‬
‫‪ -‬ترسيخ مبدإ الحق يف االختالف واالعرتاف المتبادل واحرتام ّ‬
‫موازاة مع ترسيخ مبدإ التكامل والتعاون وثقافة التعايش السلمي ونبذ الكراهية‬
‫والعنف‪ ،‬وتعزيز قيم الحوار والتسامح‪.‬‬
‫‪ -‬دعم االنفتاح اإليجابي الواعي على الثقافة اإلنسانية يف بعدها الكوين‪ ،‬واإلسهام‬
‫الفعال يف بلورة المشرتك الحضاري اإلنساين مع مقاومة االستالب واالستتباع‬
‫الثقايف‪.‬‬
‫‪ -‬جعل الثقافة قاطرة للتنمية االجتماعية واالقتصادية المجالية والوطنية‪ ،‬باعتبارها‬
‫ثروة المادية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪186‬‬

‫‪ -‬توفير الحق يف الرتفيه والرتويح باعتبار ذلك من حقوق اإلنسان‪ ،‬مع العمل على‬
‫ترسيخ قيم الحس بالمسؤولية والواجب ودعم ثقافة التطوع‪ ،‬والرتبية على تقدير‬
‫الجمال والذوق السليم وتنمية ملكة النقد واإلبداع‪.‬‬
‫نستند يف هذه المبادئ إلى المحددات التالية‪:‬‬

‫ارتباط الثقافة بالتربية والتنمية‪:‬‬

‫ال يمكن الفصل بين المسألة الثقافية وشقيقتها الرتبوية‪ ،‬وعليه تكون الثقافة يف‬
‫منظورنا آلية بنائية ال أداة إلهاء وتمييع وتطويع وتدجين‪ ،‬وهي هبذا تروم التأسيس لثقافة‬
‫مواطنة متشبعة بقيم الهوية األخالقية المغربية األصيلة معززة للتماسك االجتماعي‪،‬‬
‫ومنفتحة على كل فئات الشعب وحيثياته‪ ،‬ومرسخة للتعايش السلمي الذي يغديه التنوع‬
‫العام‪ ،‬مع االنفتاح على األبعاد اإلنسانية يف المكونات الثقافية العالمية ونبذ ثقافة العنف‬
‫والتمييز والكراهية والتعصب والعنصرية والصهيونية‪ ،‬مع بلورة وعي ثقايف جماعي‬
‫يجابه كل أشكال اخرتاقات االستالب للمجتمع الثقايف والفني ويواجه كل أنماط التمييع‬
‫واإلسفاف‪.‬‬

‫هبذا ستكون الثقافة أيضا رافعة للتنمية‪ ،‬تنمية اإلنسان وتنمية المجتمع‪ ،‬وتنمية‬
‫االقتصاد أيضا‪ ،‬إذ إن الثقافة ومكوناهتا هي عناصر مهمة ينبغي أن تصير مدخال أساسيا‬
‫لتطوير العمل التشاركي بين القطاع العام والمجتمع المدين‪ ،‬للنهوض بقضية التنمية‬
‫المستدامة واالنفتاح على التجارب اإلنسانية الرائدة يف المجال‪.‬‬

‫حرية الفعل الثقايف وفاعلية المثقف‪:‬‬

‫ندعم استقاللية الفعل الثقايف كما ندعم حرية المثقف الضامنة إلبداع األجيال‪ .‬فالثقافة‬
‫المواطنة بالنسبة لنا تستحضر التنوع والتكامل واالنسجام والتعايش السلمي على أساس‬
‫المواطنة الكاملة المحفوظة لكل أبناء الوطن‪ .‬لهذا ندعم مختلف التشريعات والقوانين‬
‫التي تساهم يف النهوض بالمسألة الثقافية‪ ،‬كما ندعم الحرية المسؤولة للمثقف‪ ،‬وندعو‬
‫لجعل المثقف يف صلب اهتمامات وطنه‪ ،‬من خالل إشراكه يف وضع تصورات السياسات‬
‫‪187‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫العمومية يف شقها الثقايف‪ ،‬وذلك عرب المشاركة الفاعلة يف المجالس والمؤسسات الرئيسة‬
‫ذات الصلة ومالءمتها لتستجيب للحاجات الملحة للوطن‪.‬‬

‫الثقافة المواطنة األصيلة المبدعة والمنتجة‪:‬‬

‫إن القول بالثقافة المواطنة األصيلة يقتضي إعمال مبدإ االستثناء الثقايف الذي‬
‫ال استهالكه‪ ،‬كما ال نرى أن‬‫معطى جاهزا وما علينا إ ّ‬
‫ً‬ ‫يعني أننا ال نعتمد المعطى ال ّثقايف‬
‫تكرس منطق‬ ‫المنْت َُج يف البلدان المتقدّ مة فقط‪ ،‬وال نطمئ ّن إلى تلك النّزعة التي ّ‬
‫ذلك هو ُ‬
‫«الثقافة الغالبة» تحت غطاء البعد الكوين العولمي‪ ،‬فنسقط‪ ،‬تحت تأثير عقدة النقص‬
‫أهمية ال ّثقافة الوطنية وروافدها من ال ّثقافات‬
‫ونفسية الهزيمة‪ ،‬يف خطإ نقص التقدير إزاء ّ‬
‫فنكف عن تطويرها أو إغنائها‪ .‬إن االستثناء الثقايف هنا الذي يدعم يف العمق‬ ‫ّ‬ ‫المح ّلية؛‬
‫مسألة الخصوصية‪ ،‬ينبغي أال يؤدي إلى الجمود والتحجر واالنغالق على الذات من دون‬
‫ممارسة واعية ومسؤولة لحرية النقد‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬ينبغي أن تكون الثقافة منتجة‪ ،‬بمعنى أن تساهم المشاريع الثقافية‬
‫يف رفاه المجتمع شرطا للحصول على التمويل الالزم‪ .‬وال يتسنى ذلك إال بقياس األثر‬
‫المادي والالمادي‪ ،‬وتيسير ولوج الفنان والمثقف للمؤسسات المركزية‪ ،‬وتمكينه‬
‫من االستشارات الالزمة لبناء المشاريع الثقافية والفنية‪ ،‬ودعمه ومواكبته لالنتقال من‬
‫المشاريع الثقافية االستهالكية إلى مشاريع منتجة وتنافسية‪ ،‬مع إخضاع الربامج الثقافية‬
‫والفنية للتقييم وإثبات الجدوى‪.‬‬

‫دمقرطة الفعل الثقايف وتخليصه من الريع‪:‬‬

‫إلى جانب اعتماد العصرنة والتحديث مدخال أساسيا ألفق ثقايف محلي منفتح على‬
‫كل شيء جميل وراق ورافض لكل أنواع االستالب الثقايف‪ ،‬نؤسس لدمقرطة المؤسسات‬
‫الثقافية واندماجها واتساقها مع مختلف مؤسسات التنشئة المجتمعية‪ ،‬مع ضرورة تجاوز‬
‫المقاربة الربغماتية الضيقة‪ .‬كما ينبغي منع الريع الثقايف ومحاربته‪ ،‬ودعم اإلنتاج على‬
‫أساس تكافؤ الفرص وتنوعها وتراكم التجربة وتشجيع المبادرات‪ ،‬وأخذا بعين االعتبار‬
‫التوازن المطلوب مجاليا وقطاعيا وفئويا ونوعيا‪ ،‬يف ظل سياسة شفافة ومقاربة تعتمد‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪188‬‬

‫على الحكامة الجيدة‪ ،‬وتطوير اإلطارات القانونية والتشريعية بما يخدم تنظيم المجال‬
‫وتعميم الفائدة‪.‬‬

‫تثمين المنتوج الثقايف الوطني وإعادة االعتبار لآلثار والتراث‪:‬‬

‫ينبغي دعم وتثمين المنتوج الثقايف والفني الوطني‪ ،‬والنهوض بالتظاهرات الثقافية‬
‫والفنية المنتجة والمنفتحة يف إطار التصالح مع الذات الوطنية‪ ،‬كما يجب تثمين اإلرث‬
‫الثقايف المادي والالمادي‪ ،‬وجعلهما يف طليعة الفعل الثقايف‪ ،‬من خالل تأهيل المواقع‬
‫التاريخية واألثرية لتكون قادرة على التنافسية مع نظيراهتا على المستوى العالمي؛ وذلك‬
‫من خالل إعداد خرائط مفصلة لهذه المواقع بعد تطويرها وإعادة هيكلتها وتسهيل الولوج‬
‫إليها وإكساهبا نعت الذكية باستفادهتا من الثورة الرقمية‪ .‬ويعترب هذا اإلجراء السبيل األمثل‬
‫إلى تحقيق الطفرة النوعية يف سياق تثمين الرأسمال المادي والالمادي الثقايف للمغرب‪.‬‬

‫‪ . ..‬مقرتحات عىل مستوى واجهات الفعل الثقايف والفني‬

‫تفرض المحددات السابقة الذكر‪ ،‬االعتناء بالمجاالت والواجهات الكربى التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إعادة االعتبار للثقافة والفنون وجعلها من بين أولويات مشروعنا الوطني‪ ،‬إذ‬
‫ال بد من إعادة النظر يف وضعية الثقافة والفنون ضمن سلم أولويات المشروع‬
‫الوطني بشكل يوليها اهتماما معتربا‪ ،‬ربطا للثقافة والفنون بالتنمية‪ ،‬وجعلها‬
‫قاعدة صلبة لها‪ ،‬لتشكل حلقة أساسية يف البناء ولبنة متينة من لبنات العمران‬
‫األخوي المتماسك‪.‬‬
‫‪ -‬تبني سياسة ثقافية وفنية واضحة‪ ،‬وذلك بدعم اإلنتاج الثقايف والفني وجعل‬
‫الثقافة والفنون قاطرة للتعريف بالمؤهالت الوطنية وخدمة لقضايا الوطن‪ ،‬عرب‬
‫دعم السياحة الثقافية وبناء جسور التواصل الثقايف والفني الف ّعال مع مختلف‬
‫األمم والشعوب‪ ،‬وهذا يفرض دعم وتثمين المنتوج الثقايف والفني الوطني‪،‬‬
‫عرب اسرتاتيجية تجويدية تكوينا وتأهيال‪ ،‬واسرتاتيجية تحفيزية إنتاجا وتسويقا‪،‬‬
‫واسرتاتيجية تقويمية قياسا للجدوى ومالمسة لألثر‪.‬‬
‫‪189‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ -‬اعتبار الفاعل الثقايف مرتكز النهضة الثقافية‪ ،‬إذ يشكل الفنان والمثقف محور‬
‫ٍّ‬
‫وتخل عن‬ ‫الحركية الفنية والثقافية ودعامة نجاحها األساسية‪ ،‬وأي تغييب إلرادته‬
‫إشراكه واإلنصات إلى آرائه واقرتاحاته هو تحليق بغير جناح‪ ،‬ومحاولة إقالع من‬
‫فراغ‪ ،‬ولذلك يجب تجاوز منطق اإلشراك الشكلي االستعراضي‪ ،‬والعمل على‬
‫جعل المشاريع الفنية واآلراء والمقرتحات واالحتياجات‪ ،‬مرتكزا أساسيا يف‬
‫بناء االسرتاتيجيات والمخططات‪ ،‬إضافة إلى إيجاد صيغ يف اإلشراك التدبيري‬
‫الفعلي للفعل الثقايف المؤسسايت‪ ،‬تفعيال للتواصل مع الفعاليات‪ ،‬وتأسيسا‬
‫للشراكات مع الجمعيات والمؤسسات والهيئات‪ ،‬فضال عن االعتناء بالوضع‬
‫القانوين والمادي وبمجال الحماية االجتماعية والصحية للمثقف والفنان‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير البنية المؤسساتية للفعل الثقايف‪ ،‬وذلك نظرا لتسجيل عدة إشكاالت‬
‫بخصوص المؤسسات الثقافية العمومية على مستوى االستقاللية والتدبير‬
‫المالي‪ ،‬والتغطية المجالية‪ ،‬ومستوى الفعالية‪ .‬لذا ينبغي العمل على اتخاذ التدابير‬
‫العمومية الكفيلة بالنهوض هبذه المؤسسات وذلك من خالل العمل على إخراج‬
‫القوانين والنصوص التنظيمية التي تتيح إمكانيات أكرب ومساحة أوسع للفعل‬
‫الثقايف والفني‪ ،‬وتولي اهتماما حقيقيا بالمجال وذلك بالتأسيس لوضعية نظامية‬
‫مؤسساتية قانونية تحمي الفنان وحقوقه وتضمن الحرية النقابية والمهنية‪ ،‬مع‬
‫العمل على تأهيل بنية االستقبال المؤسسايت‪ ،‬عرب اإلنشاء واإلصالح والتطوير‬
‫العمراين والتجهيزي والتأطيري‪ ،‬مع مراعاة التوزيع العادل جغرافيا ومجاليا‪.‬‬
‫من أجل توفير بنية تحقق إقالعا ثقافيا وفنيا‪ ،‬واستنادا إلى المرتكزات والمحددات‬
‫وواجهات العمل اآلنفة الذكر‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .728‬وضع سياسة ثقافية فنية مندمجة على أرضية تشاركية يكون لمؤسسات الرتبية‬
‫والتعليم واإلعالم النصيب الوافر واألساسي فيها‪.‬‬
‫‪ .729‬إحداث مجلس أعلى للثقافة والفنون يضع السياسات واالسرتاتيجيات العامة‪،‬‬
‫ويكون هيئة استشارية مستقلة‪ ،‬يستعين بمجالس جهوية للثقافة تعمل على وضع‬
‫السياسات الثقافية المحلية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪190‬‬

‫‪ .730‬مراجعة التشريعات المتعلقة بتنظيم الثقافة والفن لجعلها أكثر انفتاحا وحرية‪،‬‬
‫وأكثر عدالة وإنصافا‪ ،‬وأكثر إجرائية وبعدا من الروتين والبيروقراطية‪ ،‬مع‬
‫ضرورة الرقمنة‪ ،‬وتحديد االختصاصات والقضاء على تضارب الصالحيات‬
‫بين المؤسسات‪ ،‬وحل إشكال تعدد المتدخلين يف الشأن الثقايف والفني‪.‬‬
‫‪ .731‬تعزيز الالمركزية الثقافية وتأسيس وتطوير المديريات الجهوية للثقافة والفن مع‬
‫تحديد االختصاصات وحصر حاالت ومجاالت التداخل‪.‬‬
‫‪ .732‬هنج سياسة إعالمية من أولوياهتا خدمة البعد الثقايف والفني واالرتقاء به‪ ،‬تشجيعا‬
‫تشجع على اإلبداع‬
‫ّ‬ ‫وإبرازا وترويجا‪ ،‬ضمن مقاربة شفافة متوازنة وتنافسية‬
‫وتجويد اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ .733‬تكريس الشفافية والحكامة الجيدة يف السياسة الثقافية والفنية عرب القطع مع‬
‫منطق الريع والمحسوبية ودمقرطة الفعل الثقايف ومؤسساته‪.‬‬
‫‪ .734‬تبني اسرتاتيجية وطنية فاعلة وطموحة لتشجيع القراءة ودعم التوزيع والنشر‬
‫والكتاب‪.‬‬
‫‪ .735‬وضع اسرتاتيجية مستقبلية شاملة لقطاع الرتجمة والمهن المرتبطة هبا‪.‬‬
‫‪ .736‬النهوض بالمهرجانات والتظاهرات المنتجة والمنفتحة يف إطار التصالح مع‬
‫الهوية الثقافية بأبعادها المتنوعة‪.‬‬
‫‪ .737‬تشجيع المعارض الخاصة بالكتاب‪ ،‬والرسم والتشكيل‪ ،‬وتشجيع المهرجانات‬
‫السينمائية‪ ،‬وتثمين وتنويع المنتوج الوطني المسرحي‪ ،‬وتطوير الجوائز الوطنية‪.‬‬
‫‪ .738‬مراجعة القوانين المتعلقة بالملكية الفكرية لتكون مواكبة للتحوالت الرقمية‬
‫والعولمة الثقافية‪.‬‬
‫‪ .739‬تطوير تقنيات وآليات االحتضان الثقايف والفني ومأسسته‪ ،‬وإنشاء مؤسسة للدعم‬
‫االجتماعي لصالح المثقفين والفنانين‪.‬‬
‫‪ .740‬تقوية الوضع االعتباري واألدائي لنقابة المثقفين والفنانين من خالل هيئة منتخبة‬
‫تحدد االنتماء للمهنة‪ ،‬وتمارس أدوارا رقابية وتأديبية ذاتية مسؤولة تضمن‬
‫الحقوق وتحفظ الواجبات وتصون المشهد الثقايف والفني‪.‬‬
‫‪191‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ .741‬تطوير مختلف فضاءات الفعل الثقايف وبنيات االستقبال واالحتضان‪ ،‬مع تعزيز‬
‫البنيات الثقافية على مستوى األحياء وإنشاء المركبات الثقافية الجامعة‪.‬‬
‫‪ .742‬تأهيل المواقع األثرية واألماكن التاريخية والعمرانية‪ ،‬إصالحا وحماية وتنقيبا‬
‫وتأهيال‪ ،‬وجعلها مركز استقطاب حقيقي للرفع من نسبة السياحة الثقافية‪ ،‬من‬
‫خالل العمل على توسيع قدرهتا االستقطابية‪ ،‬وتأهيلها إلى مستوى التنافسية‬
‫المفصلة والمنظومات والتطبيقات الرقمية المسهلة لعملية‬
‫ّ‬ ‫عرب إعداد الخرائط‬
‫التعريف والتحفيز على الزيارة‪.‬‬
‫‪ .743‬تطوير مناهج معاهد الهندسة والفنون الجميلة للتأكيد على ثقافة االبتكار وغرس‬
‫قيم الجمال يف المجال المعماري‪.‬‬
‫‪ .744‬تطوير المجاالت الثقافية والفنية المرتبطة بالمجال الرقمي‪ ،‬واالهتمام‬
‫بتكنولوجيا المعلومات والتأكيد على دورها يف االرتقاء بالصناعات الثقافية‬
‫والفنية‪ ،‬ودعم مقاوالت وشركات اإلنتاج ومختلف اإلصدارات والمجالت‬
‫الورقية والرقمية والمواقع اإللكرتونية ذات المحتوى الثقايف والفني‪.‬‬
‫‪ .745‬التشجيع على حفظ األرشيف الثقايف والفني صونا للذاكرة الوطنية‪ ،‬والعمل على‬
‫رقمنة المخزون السمعي البصري‪ ،‬ووضعه رهن إشارة الباحثين والمنتجين‪.‬‬
‫‪ .746‬توفير منظومة للدعم المالي لإلنتاجات الثقافية والفنية الخاصة والعامة‬
‫وللمقاوالت المشتغلة يف مختلف مجاالت الفعل الثقايف والفني‪ ،‬على أرضية‬
‫دفاتر تحمالت واضحة‪ ،‬وبناء على ميثاق شفاف لمساطر الدعم المالي‪.‬‬
‫‪ .747‬تشجيع اإلنفاق األسري يف مجال الثقافة والفن والرتفيه العائلي‪.‬‬
‫‪ .748‬توفير الدعم للجمعيات والنوادي الثقافية والفرق المسرحية والغنائية‪.‬‬
‫‪ .749‬االنفتاح على التمويل التطوعي للمؤسسات والفاعلين االقتصاديين وإسقاطه‬
‫من الوعاء الضريبي المفروض عليهم‪.‬‬
‫‪ .750‬إخضاع عملية دعم المشاريع الثقافية والفنية لنظام إثبات الجدوى قبل الدعم‪،‬‬
‫واعتماد تكافؤ الفرص‪ ،‬ومراعاة التنوع والتوازن مجاليا وقطاعيا وفئويا ونوعيا‬
‫يف عملية الدعم‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪192‬‬

‫‪ .751‬إنعاش الصناعة الثقافية والمهن الثقافية‪ ،‬والنهوض بالصناعة الفنية والسينمائية‬


‫الوطنية وتأهيلها وحمايتها تأسيسا القتصاد ثقايف تنموي‪.‬‬
‫‪ .752‬تشجيع االستثمار الثقايف والفني‪ ،‬مع تيسير المساطر بإحداث الشباك الوحيد‪،‬‬
‫وكذا عرب إقرار تسهيالت ضريبية وعقارية وتسويقية‪.‬‬
‫‪ .753‬تشجيع الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص‪ ،‬وتفعيل أدوارهما معا يف دعم‬
‫المجال الثقايف والفني عرب مسارات تحفيزية ومساطر تسهيلية‪.‬‬
‫‪ .754‬تفعيل الشراكات مع الهيئات واإلطارات الثقافية والفنية‪.‬‬
‫‪ .755‬توسيع وعاء الشراكات والدعم الدولي يف مجال الثقافة والفنون وتقوية المشاركة‬
‫يف المنتديات اإلقليمية والدولية‪.‬‬
‫‪ .756‬االعتناء بالتكوين األساسي والمستمر عرب معاهد وطنية وجهوية تعنى بشمولية‬
‫التكوين يف مجالي التنشيط الثقايف والفني‪.‬‬
‫‪ .757‬إنشاء مراكز للبحث يف شتى التخصصات الفنية والثقافية واإلبداعية ودعمها‪،‬‬
‫وتنمية آليات التنشيط الثقايف والفني عرب الندوات والمحاضرات والمؤتمرات‪.‬‬
‫‪ .758‬إعادة االعتبار للشواهد التخصصية يف المجال‪ ،‬رمزيا وماديا‪ ،‬وإيجاد مسارات‬
‫تكوينية تخصصية ترتبط باالحتياجات الميدانية والتطلعات المستقبلية‪.‬‬
‫‪193‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ .7‬الرياضة‪ :‬أخالق وصحة وإشعاع‬

‫أصبحت الرياضة اليوم أكثر من مجرد وسيلة للرتفيه أو الرتبية البدنية‪ ،‬إذ أصبح‬
‫لها دور فعال يف تحقيق الوقاية من األمراض وحفظ الصحة العامة‪ ،‬بل أصبحت صناعة‬
‫ترتبط دوليا بمجاالت التنمية االجتماعية واالقتصادية‪ .‬لذا ينبغي أن ينظر لهذا القطاع‬
‫بمنظور إعداد األجيال‪ ،‬واعتباره رافعة لتدعيم األخالق الفاضلة والمنافسة النزيهة‪ ،‬مع ما‬
‫يتطلب ذلك من بعد استثماري‪ ،‬هبدف حفظ الصحة لعموم المواطنين وتحقيق اإلشعاع‬
‫الحضاري عرب مواهب الشباب يف مختلف األنواع الرياضية‪.‬‬

‫وبالنظر إلى واقع الرياضة المغربية‪ ،‬ويف بلد يزخر بالمواهب والطاقات‪ ،‬تبقى‬
‫الرياضة بعيدة كل البعد عن االندماج يف نسق التنمية الذاتية والمجتمعية‪ ،‬ورغم بعض‬
‫اإلنجازات المهمة يالحظ استمرار االختالالت البنيوية العامة التي يعرفها المجال‪.‬‬
‫وتتجلى أبرز هذه االختالالت يف استشراء المحسوبية والزبونية‪ ،‬وسيادة منطق الريع‪،‬‬
‫وغياب التصور االحرتايف للمجال‪ ،‬واالرتجال وتسلط االنتهازيين‪ ،‬وهشاشة البنيات‬
‫التحتية‪ ،‬وسوء أنظمة الحكامة والتسيير‪ ،‬وغياب الشفافية‪ ،‬وعدم تطور اإلعالم الرياضي‪،‬‬
‫وضعف االعتناء بالمواهب الصاعدة‪ ،‬وعدم كفاية التمويل‪ ،‬وضعف المراقبة والتقييم‪...‬‬

‫لتجاوز هذه االختالالت البنيوية‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬

‫‪ .759‬بلورة سياسة رياضية تجمع بين الجوانب الرتبوية األخالقية واألبعاد الرتفيهية‬
‫والتنموية العامة مع استعمال آليات التسيير الحديثة‪.‬‬
‫‪ .760‬تحيين وتجديد المنظومة القانونية للرياضة عموما ولالستثمار يف الحقل الرياضي‬
‫خصوصا‪ ،‬وبلورة أنظمة مالية قانونية لالستثمار الرياضي واالحتضان الرياضي‬
‫يضع حدا لالرتجال والستغالل االنتهازيين والوصوليين‪.‬‬
‫‪ .761‬محاربة الريع الرياضي والتأسيس لحكامة راشدة للعمل الرياضي وللجمعيات‬
‫العاملة يف الميدان‪ ،‬خاصة على مستوى التدبير المالي واإلداري‪.‬‬
‫‪ .762‬بناء منظومة للرياضة الوطنية بما يضمن سبل الولوج والتكوين والتأهيل وأداء‬
‫الوظائف الرتبوية واألخالقية والجسمية الحركية‪.‬‬
‫الوثيقة السياسية‬ ‫‪194‬‬

‫‪ .763‬تطوير البعد المؤسسايت للجمعيات الرياضية‪ ،‬وتنظيمها بجعلها خاضعة لقانون‬


‫أساسي يضمن أداء وظائفها المختلفة‪.‬‬
‫‪ .764‬فرض توفير بنى االستقبال الرياضية يف سياسة التعمير واإلسكان على نحو يراعي‬
‫األبعاد الجمالية والتقنية والتحديثية‪ ،‬ويدعم خصوصية النساء واألطفال وذوي‬
‫الحاالت الخاصة‪.‬‬
‫‪ .765‬تأسيس الجامعات والمعاهد الرياضية ودعم األندية والجمعيات الرياضية‬
‫وتطوير أبعادها المؤسساتية وآليات تسييرها وحكامتها المالية‪.‬‬
‫‪ .766‬مأسسة األنشطة الرياضية يف المؤسسات التعليمية‪ ،‬وذلك بإعادة النظر يف الوضع‬
‫االعتباري للرتبية البدنية يف المناهج الدراسية من حيث المواد والحصص‬
‫والطرائق واآلليات‪ ،‬وبتعميم الرياضة المدرسية والجامعية‪ ،‬ودعم وتطوير‬
‫الشعب الرياضية والتخصصات المهنية المرتبطة هبا‪.‬‬
‫‪ .767‬تنمية الرتبية الرياضية لتؤدي وظائفها الرتبوية والبدنية والنفسية واالجتماعية‬
‫والعقلية‪.‬‬
‫‪ .768‬تطوير وتعزيز بنيات الرتبية البدنية داخل المؤسسات التعليمية‪ ،‬وتجسير انفتاحها‬
‫على الفضاءات الرياضية بمحيطها العام‪.‬‬
‫‪ .769‬إدماج الرياضة يف مختلف برامج التنمية االجتماعية ويف مؤسسات العمل‪.‬‬
‫‪ .770‬العناية باإلطار الوطني وتوفير الشروط الكفيلة بأداء مهامه وتقاسم خرباته‬
‫وتجاربه‪.‬‬
‫‪ .771‬التأسيس لمشروع وطني الحتضان الكفاءات والمواهب الرياضية‪ ،‬وتثمين‬
‫مجهود المواهب المعتزلة ودمجها يف إطارات مقننة من أجل تنظيم العمل‬
‫وتمكينهم من نقل خرباهتم وتجارهبم للناشئة الرياضية بطرق عقالنية‪.‬‬
‫‪ .772‬تأسيس وتطوير رياضات الحي ضمن رؤية القرب المندمجة‪ ،‬وتطوير مأسسة‬
‫أداء الجماعات الرتابية يف دعم الرياضة المحلية‪.‬‬
‫‪ .773‬التأسيس لبنيات رياضية مجتمعية تدعم الصحة الجسمية والعقلية والنفسية‬
‫والوظائف التثقيفية والرتفيهية‪.‬‬
‫‪195‬‬ ‫املحور املجتمعي‬

‫‪ .774‬بناء اقتصاد رياضي قوي يتمحور حول الصناعة الرياضية‪ ،‬مع التحفيز المناسب‬
‫للقطاع‪.‬‬
‫‪ .775‬تأسيس نظام للحماية الصحية واالجتماعية للرياضيين وتطوير وتأهيل مجال‬
‫الطب الرياضي‪.‬‬
‫‪ .776‬تطوير وتأهيل وتحديث اإلعالم الرياضي ليمارس وظائفه بمهنية واحرتافية‬
‫ومسؤولية‪.‬‬
‫‪ .777‬االعتناء بمراكز التكوين والتأهيل الرياضيين وإلحاقها بالجامعات‪.‬‬

‫والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬


‫الـ ــدائ ـ ـ ـ ــرة الس ـيــاس ـي ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫‪al j am aa.ne t‬‬

You might also like